الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 21 نوفمبر 2021

الطعن 668 لسنة 43 ق جلسة 13 / 11 / 1973 مكتب فني 24 ج 3 ق 204 ص 978

جلسة 13 من نوفمبر سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوي رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ نصر الدين حسن عزام، ومحمود كامل عطيفة، وطه الصديق دنانة، ومصطفى محمود الاسيوطي.

-------------

(204)
الطعن رقم 668 لسنة 43 القضائية(1)

 (1)تبغ. دخان. تهريب. جريمة. "أنواعها". قصد جنائي.
جرائم المادة 2 من القانون 92 سنة 1964 بشأن تهريب التبغ جرائم عمدية. توفر القصد الجنائي فيها بالعلم بنوع التبغ الذى انصب عليه فعل الجاني.
(2) قصد جنائي. مسؤولية جنائية. تبغ. دخان. تهريب.
القصد الجنائي من أركان الجريمة. ثبوته يجب أن يكون فعلياً. المسئولية الافتراضية لا يصح القول بها إلا إذا نص عليها صراحة أو كان استخلاصها بالاستقراء والتفسير الصحيح لنصوص القانون. القانون 92 لسنة 1964 بشأن تهريب التبغ لم يخرج عن الأحكام العامة للمسؤولية الجنائية. اعتباره في المادة الثانية منه خلط التبغ على غير ما يسمح به القانون من حالات التهريب. المسئولية الافتراضية بالنسبة للصانع في هذه الحالة هي استثناء تستند إلى المادة 7 من القانون 74 لسنة 1933 بتنظيم صناعة وتجارة الدخان.
 (3)قصد جنائي. تبغ. دخان. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
توافر القصد الجنائي. تقديره موضوعي. مثال لتسبيب سائغ في جريمة تهريب تبغ.
(4) مسئولية جنائية. دخان. تبغ. تهريب. دعوى مدنية. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". قصد جنائي.
شرط مساءلة الشخص جنائياً فاعلاً أو شريكاً أن يكون لنشاطه المؤثم دخل فيما وقع.
المسئولية الافتراضية أو التضامنية استثناء بنص القانون. وفى حدوده. إثبات الحكم أن المتهم الأول هو صاحب الأمر في المنشأة دون بقية الشركاء وأن له وحده حق الإشراف الفعلي عليها ومنوط به تنفيذ ما فرضه القانون - رفضه الدعوى المدنية ضد هؤلاء الشركاء. صحيح.
 (5)نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الجدل في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في استنباط معتقدها وفى وزن عناصر الدعوى لا يجوز أمام محكمة النقض.

--------------
1 - الجرائم المنصوص عليها في المادة الثانية من القانون رقم 92 لسنة 1964 في شأن تهريب التبغ – ومنها جريمة حيازة التبغ الليبي المعروف بالطرابلسي مثار الطعن - هى جرائم عمدية مما يتعين لتوفر القصد الجنائي فيها العلم بالوقائع التي تدخل في تكوين الجريمة، وهو في صورة الدعوى العلم بنوع التبغ الذى انصب عليه فعل الجاني.
2 - لما كان القصد الجنائي من أركان الجريمة فيجب أن يكون ثبوته فعلياً، ولا يصح القول بالمسئولية الافتراضية إلا إذا نص الشارع عليها صراحة أو كان استخلاصها سائغا عن طريق استقراء نصوص القانون أو تفسيرها بما يتفق وصحيح القواعد والأصول المقررة في هذا الشأن. وإذ كانت نصوص القانون رقم 92 لسنة 1964 لم يرد فيها ما يفيد الخروج على الأحكام العامة في المسئولية الجنائية باعتناق نظرية المسئولية الافتراضية، فإن القول بأن ذلك القانون قد أنشأ نوعاً من هذه المسئولية يكون غير سديد، إذ لو أراد الشارع إنشاءها لنص على ذلك على سنته في المادة السابعة من القانون رقم 74 لسنة 1933 بتنظيم صناعة وتجارة الدخان. ولا يقدح في ذلك اعتبار الشارع حيازة التبغ أو خلطه - على غير ما يسمح به القانون - من حالات التهريب عملاً بالمادة الثانية من القانون رقم 92 لسنة 1964، ذلك لأن المسئولية الافتراضية بالنسبة للصانع في هذه الحالة إنما هي استثناء تستند إلى المادة السابعة من القانون رقم 74 لسنة 1933.
3 - لما كان توافر القصد الجنائي مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع والتي تنأى عن رقابة محكمة النقض متى كان استخلاصها سليما مستمدا من أوراق الدعوى، وكان الحكم - للأسباب السائغة التي أوردها - قد استخلص من ظروف الدعوى وما توحى به ملابساتها أن علم المطعون ضده الأول بنوع التبغ المضبوط وبأنه من التبغ الطرابلسي محل شك، ورتب على ذلك قضاءه بالبراءة ورفض الدعوى المدنية، فإن ذلك حسبه ليستقيم قضاؤه لما هو مقرر من أنه يكفى في المحاكمات الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكى تقضى له بالبراءة ورفض الدعوى المدنية إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما تطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام، ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في عناصر الإثبات.
4 - من المقرر أن الشخص لا يسأل جنائياً بصفته فاعلاً أو شريكاً إلا عما يكون لنشاطه المؤثم دخل في وقوعه، ولا مجال للمسئولية الافتراضية أو المسئولية التضامنية في العقاب إلا استثناء بنص القانون وفى حدود ما استنه، وإذ كان الحكم قد أثبت أن المطعون ضده الأول - دون بقية الشركاء - هو صاحب الأمر في المنشأة حسب النظام الموضوع لها، وأن له وحده حق الإشراف الفعلي عليها وأنه المنوط به الاختصاص بتنفيذ ما فرضه القانون، فإن الحكم إذ خلص إلى رفض الدعوى المدنية قبل المطعون ضدهم الشركاء في المنشأة يكون قد أصاب محجة الصواب ويعدو ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن جدلاً في مسائل واقعية تملك محكمة الموضوع التقدير فيها بلا معقب.
5 - إذ كان الحكم قد أقام قضاءه على أسباب سائغة تكفى لحمله، وكان ملاك الأمر يرجع إلى وجدان المحكمة وما تطمئن إليه ما دام الثابت أنها أحاطت بالدعوى عن بصر وبصيرة، فإن منعى الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في استنباط معتقدها وفى وزن عناصر الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم الأربعة الأول ومورث الباقين بأنهم في يوم 27 ديسمبر سنة 1965 بدائرة قسم أول المنصورة محافظة الدقهلية: حازوا أدخنة مهربة من الرسوم الجمركية على النحو المبين بالمحضر، وطلبت معاقبتهم بالمواد 1 و2 و4 من القانون رقم 623 لسنة 1955 والمواد 1 و4 و5 و10 و20 من القرار الوزاري رقم 91 لسنة 1933 و3 من القانون رقم 87 لسنة 1948 و3 من القانون رقم 92 لسنة 1964، وادعى مدنياً وزير الخزانة بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الجمارك طالباً القضاء له قبل المتهمين بمبلغ 13744 ج و500 مليم على سبيل التعويض، ومحكمة قسم أول المنصورة الجزئية نظرت الدعوى وأثناء نظرها أمامها توفى مورث المطعون ضدهم الأخيرين فقضت المحكمة بجلسة 31/ 5/ 1970 بانقضاء الدعوى الجنائية بوفاته، فطلب ممثل المدعية بالحق المدعى إدخال ورثته مطالبا إلزامهم بأن يدفعوا بالتضامن مع باقي المتهمين مبلغ التعويض المطلوب. وبتاريخ 28 مارس سنة 1971 قضت محكمة قسم أول المنصورة الجزئية حضورياً ببراءة المتهمين مما أسند إليهم ورفض الدعوى المدنية قبلهم وإلزام المدعى بالحق المدني المصروفات ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم، كما استأنفه المدعى بالحق المدني، ومحكمة المنصورة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 4 يونيه سنة 1972 بقبول الاستئنافين شكلاً وفى الموضوع برفضهما وبتأييد الحكم المستأنف والزمت المدعى بالحق المدني المصاريف المدنية الاستئنافية و500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعنت إدارة قضايا الحكومة عن وزير الخزانة في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببراءة المطعون ضدهم الأربعة الأول من تهمة حيازة أدخنة مهربة من الرسوم الجمركية (تبغ طرابلسي) وبرفض الدعوى المدنية قبلهم وقبل باقي المطعون ضدهم - ورثة المرحوم..... - قد شابه خطأ في تطبيق القانون وفساد في الاستدلال، ذلك بأنه استدل على عدم علم المطعون ضده الأول بنوع الدخان المضبوط بعدم تبين مفتش الإنتاج نوع الدخان إلا بعد تحليل العينة مع أن هذا الإجراء واجب قانوناً، ولا يلزم عنه انتفاء مسئولية ذلك المطعون ضده خاصة مع ثبوت اشتغاله بصناعة الدخان التي توفر له دراية بأنواعه المختلفة. فضلا عن أن المشرع عندما اعتبر حيازة التبغ الليبي المعروف بالطرابلسي تهريباً قد أنشأ نوعاً من المسئولية الافتراضية مبنية على افتراض قانوني بتوافر القصد الجنائي لدى الجاني. كما أن الحكم أقام قضاءه بالنسبة إلى المطعون ضدهم الشركاء في المنشأة على أن المطعون ضده الأول هو المسئول عن إدارة الشركة مع أن ثبوت صفتهم كشركاء متضامنين يلزم عنه مساءلتهم عن حيازة الدخان المضبوط. وأخيراً فإن الحكم بنى قضاءه بالنسبة إلى المطعون ضدهما الثالث والرابع على تطرق الشك إلى التهمة لعدم أخذ عينة من أدخنتهما لتحليلها ومقارنتها بتلك المأخوذة من أدخنة المطعون ضده الأول، وهو تسبيب غير سائغ لا يؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم.
وحيث إن الجرائم المنصوص عليها في المادة الثانية من القانون رقم 92 لسنة 1964 في شأن تهريب التبغ (ومنها جريمة حيازة التبغ الليبي المعروف بالطرابلسي مثار الطعن) هي جرائم عمدية، مما يتعين لتوفر القصد الجنائي فيها العلم بالوقائع التي تدخل في تكوين الجريمة، وهو في صورة الدعوى العلم بنوع التبغ الذى انصب عليه فعل الجاني. ولما كان القصد الجنائي من أركان الجريمة فيجب أن يكون ثبوته فعلياً، ولا يصح القول بالمسئولية الافتراضية إلا إذا نص الشارع عليها صراحة أو كان استخلاصها سائغاً عن طريق استقراء نصوص القانون أو تفسيرها بما يتفق وصحيح القواعد والأصول المقررة في هذا الشأن. وإذ كانت نصوص القانون رقم 92 لسنة 1964 لم يرد فيها ما يفيد الخروج على الأحكام العامة في المسئولية الجنائية باعتناق نظرية المسئولية الافتراضية، فإن القول بأن ذلك القانون قد أنشأ نوعاً من هذه المسئولية يكون غير سديد، إذ لو أراد الشارع إنشاءها لنص على ذلك على سنته في المادة السابعة من القانون رقم 74 لسنة 1933 بتنظيم صناعة وتجارة الدخان. ولا يقدح في ذلك اعتبار الشارع حيازة التبغ أو خلطه - على غير ما يسمح به القانون - من حالات التهريب عملاً بالمادة الثانية من القانون رقم 92 لسنة 1964، ذلك لأن المسئولية الافتراضية بالنسبة للصانع في هذه الحالة إنما هي استثناء تستند إلى المادة السابعة من القانون رقم 74 لسنة 1933. لما كان ذلك، وكان توافر القصد الجنائي مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع والتي تنأى عن رقابة محكمة النقض متى كان استخلاصها سليماً مستمداً من أوراق الدعوى، وكان الحكم - للأسباب السائغة التي أوردها - قد استخلص من ظروف الدعوى وما توحى به ملابساتها أن علم المطعون ضده الأول بنوع التبغ المضبوط وبأنه من التبغ الطرابلسي محل شك، ورتب على ذلك قضاءه بالبراءة ورفض الدعوى المدنية، فإن ذلك حسبه ليستقيم قضاؤه لما هو مقرر من أنه يكفى في المحاكمات الجنائية أن تتشكك محكمة الموضوع في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكى تقضى له بالبراءة ورفض الدعوى المدنية إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما تطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام، ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في عناصر الإثبات. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الشخص لا يسأل جنائياً بصفته فاعلاً أو شريكاً إلا عما يكون لنشاطه المؤثم دخل في وقوعه، ولا مجال للمسئولية الافتراضية أو المسئولية التضامنية في العقاب إلا استثناء بنص القانون وفى حدود ما استنه، وكان الحكم قد أثبت أن المطعون ضده الأول - دون بقية الشركاء - هو صاحب الأمر في المنشأة حسب النظام الموضوع لها، وأن له وحده حق الإشراف الفعلي عليها وأنه المنوط به الاختصاص بتنفيذ ما فرضه القانون، فإن الحكم إذ خلص إلى رفض الدعوى المدنية قبل المطعون ضدهم الشركاء في المنشأة يكون قد أصاب محجة الصواب ويعدو ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن جدلاً في مسائل واقعية تملك محكمة الموضوع التقدير فيها بلا معقب. لما كان ذلك، و كان الحكم قد أقام قضاءه بالنسبة إلى المطعون ضدهما الثالث والرابع على أسباب سائغة تكفى لحمله، وكان ملاك الأمر يرجع إلى وجدان المحكمة وما تطمئن إليه ما دام الثابت أنها أحاطت بالدعوى عن بصر وبصيرة، فإن منعى الطاعنة في هذا الصدد ينحل إلى جدل في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في استنباط معتقدها وفى وزن عناصر الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعا.


(1) ذات المبادئ مقررة في الطعنين 669 لسنة 43 ق و670 لسنة 43 ق بذات الجلسة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق