الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 21 نوفمبر 2021

الطعن 3389 لسنة 82 ق جلسة 26 / 5 / 2013 مكتب فني 64 ق 96 ص 652

جلسة 26 من مايو سنة 2013
برئاسة السيد القاضي/ محمد شهاوي عبد ربه "نائب رئيس المحكمة" وعضوية السادة القضاة/ عبد العزيز فرحات، أيمن يحيى الرفاعي، خالد مصطفى وإيهاب إسماعيل عوض "نواب رئيس المحكمة".
-------------
(96)
الطعن 3389 لسنة 82 ق
(1) وكالة "التوكيل في الخصومة: التوكيل في دعوى المخاصمة".
دعوى مخاصمة أحد مستشاري محكمة النقض. رفعها بتقرير يودع قلم كتاب محكمة النقض يوقعه المخاصم أو من يوكله في ذلك توكيلا خاصا. المادتان 495، 496/ 2 مرافعات.
اشتمال توكيل المخاصم للمحامي رافع دعوى المخاصمة على كون الأول يوكل الثاني في رفع دعوى مخاصمة ضد محكمة النقض مصدرة الطعن مع بيان رقمه وسنته القضائية وتاريخ جلسته. اعتباره بيانا كافيا في تعيين أشخاص المخاصمين بأنهم أعضاء الدائرة التي فصلت في الطعن المبين به. مؤداه. توافر صفة الوكيل في رفع الدعوى. الدفع بعدم قبولها استنادا إلى أن التوكيل الخاص المودع من المحامي الموقع على تقرير المخاصمة ورد في صيغة عامة خلت من اسم القاضي المخاصم أو الدائرة المطلوب مخاصمتها. على غير أساس.
(2 ، 3) قضاة "دعوى المخاصمة: ماهيتها" "من أسبابها: الخطأ المهني الجسيم".
(2) دعوى المخاصمة. ماهيتها. دعوى مسئولية ترمي إلى تعويض ضرر أصاب المخاصم. استنادها إلى قيام القاضي بعمل أو إصداره حكما مشوبا بعيب يجيز قبول المخاصمة وهو الغش أو الخطأ المهني الجسيم.
(3) وقوع خطأ مهني جسيم في حكم صادر من دائرة. وجوب توجيه دعوى المخاصمة لجميع أعضاء الدائرة. اعتبارها دعوى على هذا النحو غير قابلة للتجزئة بالنسبة لأعضاء الدائرة المخاصمين. علة ذلك.
(4) قضاة "دعوى المخاصمة: إيداع الكفالة عند التقرير بالمخاصمة: عدم تعددها بتعدد قضاة الدائرة المخاصمين".
دعوى المخاصمة. دعوى تعويض موضوعية. تعلقها بعمل القاضي. مؤداه. عدم تعدد الكفالة بتعدد قضاة الدائرة المخاصمين. م 495 مرافعات. تعدد الكفالة بتعدد القضاة المطلوب ردهم في حالات رد القضاة. لا أثر له. علة ذلك. الدفع بعدم قبول دعوى المخاصمة لعدم إيداع المخاصم كفالة بعدد القضاة أعضاء الدائرة المخاصمين ووزير العدل ورئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بصفتيهما. في غير محله.
(5) مسئولية "من صور المسئولية التقصيرية: مسئولية القاضي".
الأصل عدم مسئولية القاضي عما يصدر منه من تصرفات أثناء عمله. الاستثناء. حالاته. م 494 مرافعات. الخطأ المهني الجسيم. ماهيته. تحصيل القاضي لفهم الواقع في الدعوى وتقديره للأدلة والمستندات فيها واستنباط الحلول القانونية للمسألة المطروحة عليه ولو بالمخالفة لأحكام القضاء أو إجماع الفقهاء. خروجه عن دائرة الخطأ.
(6 ، 7) نقض "حجية حكم النقض" "قرارات غرفة المشورة".
(6) الأحكام الصادرة من محكمة النقض باتة. لا سبيل للطعن فيهما بأي طريق. م 272 مرافعات. الاستثناء. حالة الطعن ببطلان الحكم الصادر من محكمة النقض لقيام سبب من أسباب عدم الصلاحية بأحد القضاة الذين أصدروه. م 146، 147/ 2 مرافعات.
(7) قرار محكمة النقض في غرفة المشورة بعدم قبول الطعن. حقيقته. رفضه موضوعا. عدم جواز الطعن فيه بأي طريق مثل الحكم الصادر منها.
(8) قضاة "دعوى المخاصمة: من أسبابها: الخطأ المهني الجسيم: ما لا يعد كذلك".
قضاء محكمة الاستئناف بعد إحالة الدعوى إليها تنفيذا للحكم الناقض بذات القضاء السابق بتأييد الحكم المستأنف بعد تناولها دفاع الشركة الذي أغفله الحكم المنقوض والذي كان سببا لنقضه. إصدار دائرة محكمة المخاصمة قرارا في غرفة مشورة بعدم قبول الطعن بالنقض على ذلك الحكم استنادا إلى أنه أقيم على أسباب صحيحة وتكفي لحمله. نعى المخاصم بصدور القرار بالمخالفة للحكم الناقض السابق وأنه كان يتعين على الدائرة التي أصدرته التصدي للموضوع بحكم بالقبول أو الرفض. عدم اعتباره خطأ مهنيا جسيما مما يندرج ضمن أسباب المخاصمة المنصوص عليها حصرا في المادة 494 مرافعات. مؤداه. عدم جواز المخاصمة.
(9) دعوى "الطلبات في الدعوى: الطلبات العارضة".
طلب التعويض عن دعوى المخاصمة لدى محكمة المخاصمة. خضوعه للقاعدة العامة في تقديم الطلبات العارضة في المادة 123 مرافعات. مؤداه. إبداء المخاصم الثاني طلبه بالتعويض عن دعوى المخاصمة في مذكرة لم يطلع عليها المخاصم بصفته وعدم حضوره بالجلسة المقدمة بها. أثره. وجوب القضاء بعدم قبوله. علة ذلك.
----------------
1 - إنه لما كان مؤدى نص المادتين 495، 496/ 2 من قانون المرافعات أن دعوى المخاصمة التي ترفع ضد أحد مستشاري محكمة النقض تكون بتقرير يودع قلم كتاب هذه المحكمة يوقعه المخاصم أو من يوكله في ذلك توكيلا خاصا، وإذ كانت الدعوى قد رفعت بتقرير أودع قلم كتاب هذه المحكمة موقع من الأستاذ/ ..... المحامي بصفته وكيلا عن المخاصم بصفته وقد أرفق توكيلا خاصا صادرا إليه من الأخير في تاريخ لاحق على صدور قرار المحكمة محل المخاصمة ورد به أنه يوكله في "رفع دعوى مخاصمة ضد محكمة النقض التي أصدرت الطعن رقم ... لسنة ... ق الصادر بجلسة .../ .../ ..." وهو بيان كاف في تعيين شخص المخاصمين بأنهم أعضاء الدائرة التي فصلت في الطعن المشار إليه في التاريخ آنف الذكر بما تتوافر صفته في رفع الدعوى، ومن ثم فإن الدفع بعدم قبولها لرفعها بغير الطريق القانوني (استنادا إلى أن التوكيل الخاص المودع من المحامي الموقع على تقرير المخاصمة ورد في صيغة عامة خلت من اسم القاضي المخاصم أو الدائرة المطلوب مخاصمتها) يكون على غير أساس.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن دعوى المخاصمة هي دعوى مسئولية ترمي إلى تعويض ضرر أصاب المخاصم وتستند إلى قيام القاضي بعمل أو إصدار حكم مشوب بعيب يجيز قبول المخاصمة وهو الغش أو الخطأ المهني الجسيم.
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه إذا كان هذا الخطأ (الخطأ المهني الجسيم في دعوى المخاصمة) قد وقع في حكم صادر من دائرة فالمخاصمة توجه في هذه الحالة إلى جميع أعضاء الدائرة باعتبار أن الحكم منسوب إلى الهيئة بأكملها وأنه قد صدر بعد مداولة تمت بينهم، وهي على هذا النحو دعوى غير قابلة للتجزئة بالنسبة لأعضاء الدائرة المخاصمين.
4 - متى كانت هذه الدعوى (دعوى المخاصمة) هي دعوى تعويض موضوعية تتعلق بعمل القاضي فإن الكفالة المنصوص عليها في المادة 495 من قانون المرافعات والتي أوجب المشرع على المخاصم إيداعها عند التقرير بتلك الدعوى لا تتعدد بتعدد قضاة الدائرة المخاصمين طالما أن العمل الصادر منهم محل المخاصمة واحد، وذلك بخلاف حالات رد القضاة التي تتعدد فيها الكفالة بتعدد القضاة المطلوب ردهم وذلك لتعلق تلك الحالات بشخص القاضي المطلوب رده وحده وحيدته وبقصد ضمان جدية طلبات الرد على نحو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 95 لسنة 1976 بشأن تعديل بعض أحكام قانون المرافعات، ومما يؤكد ذلك خلو المادة 499 من قانون المرافعات من النص على تعدد الغرامة التي يحكم بها على المخاصم بتعدد القضاة المخاصمين عند القضاء بعدم جواز المخاصمة أو برفضها على عكس ما نصت عليه صراحة المادة 159 من ذات القانون بتعدد الغرامة التي يحكم بها على طالب الرد - في الحالات المنصوص عليها فيها - بتعدد القضاة المطلوب ردهم، ومن ثم فإن هذا الدفع (بعدم قبول المخاصمة لعدم إيداع كفالة بعدد القضاة أعضاء الدائرة المخاصمين والسيد وزير العدل بصفته والسيد رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بصفته) يكون في غير محله ويتعين رفضه.
5 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الأصل هو عدم مسئولية القاضي عما يصدر منه من تصرف أثناء عمله لأنه يستعمل في ذلك حقا خوله له القانون وترك له سلطة التقدير فيه ولكن المشرع رأى أن يقرر مسئوليته على سبيل الاستثناء إذا انحرف عن واجبات وظيفته وأساء استعمالها فنص في المادة 494 من قانون المرافعات على أحوال معينة أوردها على سبيل الحصر ومن بينها إذا وقع منه خطأ مهني جسيم وهو الخطأ الذي يرتكبه القاضي لوقوعه في غلط فاضح ما كان ليساق إليه لو اهتم بواجباته الاهتمام العادي أو لإهماله في عمله إهمالا مفرطا مما وصفته المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات السابق بالخطأ الفاحش الذي لا ينبغي أن يتردى فيه بحيث لا يفرق هذا الخطأ في جسامته عن الغش سوى كونه أوتي بحسن نية فيخرج عن دائرة هذا الخطأ تحصيل القاضي لفهم الواقع في الدعوى وتقديره للأدلة والمستندات فيها وكل رأي أو تطبيق قانوني يخلص إليه بعد إمعان النظر والاجتهاد في استنباط الحلول القانونية للمسألة المطروحة عليه ولو خالف في ذلك أحكام القضاء أو إجماع الفقهاء.
6 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مفاد النص في المادة 263 من قانون المرافعات - بعد استبدالها بالقانون رقم 76 لسنة 2007 - والمادة 272 من ذات القانون أن محكمة النقض هي خاتمة المطاف في مراحل التقاضي، وأحكامها باتة، ولا سبيل إلى الطعن فيها وأن المشرع اغتنى عن النص على منع الطعن في أحكام محكمة النقض بسائر طرق الطعن العادية وغير العادية لعدم إمكان تصور الطعن بها على أحكام هذه المحكمة، ولم يستثن المشرع من ذلك الأصل إلا ما أورده في الفقرة الثانية من المادة 147 من قانون المرافعات من جواز الطعن ببطلان الحكم الصادر من محكمة النقض إذا قام بأحد القضاة الذين أصدروه سبب من أسباب عدم الصلاحية المنصوص عليها في المادة 146 من هذا القانون.
7 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن قرار المحكمة في غرفة مشورة بعدم قبول الطعن متروك لتقديرها وهو في حقيقته رفض للطعن حال إقامته على أسباب موضوعية لا يجوز الطعن فيه أيضا بأي طريق مثله مثل الحكم الصادر منها سواء بسواء.
8 - إذ كان البين من مطالعة أسباب الطعن رقم ... لسنة 81 ق الذي أقامه المخاصم طعنا في هذا الحكم (حكم محكمة الاستئناف بعد أن أحيلت إليها الدعوى تنفيذا للحكم الناقض السابق) أنها لا تنال من سلامته فيما انتهى إليه صحيحا من قضاء بعد أن حقق دفاع المخاصم بصفته الذي أشار إليه الحكم الناقض ... فإن المخاصمين إذ أصدروا القرار محل المخاصمة بعدم قبول الطعن رقم ... لسنة 81 ق على سند من أن الحكم المطعون فيه أقيم على أسباب صحيحة وسائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وتكفي لحمله، فإن هذا القرار يكون مبرأ من أي خطأ بعد أن استعملت المحكمة سلطتها التقديرية المخولة لها بموجب المادة 263 من قانون المرافعات سالفة الذكر، ومن ثم فإن ما ينعاه المخاصم بسبب المخاصمة من وجهة نظر أخرى للمسألة القانونية التي أثارها فيه - أيا كان وجه الرأي فيه - لا يعتبر خطأ مهنيا جسيما مما يندرج ضمن أسباب المخاصمة المنصوص عليها تحديدا وحصرا في المادة 494 سالفة الذكر.
9 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مفاد النص في المادة 499 من قانون المرافعات يدل على أن طلب التعويض عن دعوى المخاصمة لدى محكمة المخاصمة يخضع للقاعدة العامة التي استنها المشرع في تقديم الطلبات العارضة في المادة 123 من قانون المرافعات والتي نصت على أن "تقدم الطلبات العارضة من المدعي أو من المدعى عليه إلى المحكمة بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاهة في الجلسة في حضور الخصم ويثبت في محضرها ..." وكان الثابت أن المخاصم الثاني قد أبدى طلبه بالتعويض في مذكرته دون أن يطلع عليها المخاصم بصفته كما لم يحضر بالجلسة ومن ثم لم يتصل علمه به مما يتعين معه القضاء بعدم قبوله.
--------------
الوقائع
وحيث إن وقائع الدعوى - على ما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المخاصم بصفته أقام دعوى المخاصمة المطروحة بتقرير في قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 3/ 3/ 2012 مختصما فيها الدائرة المدنية بمحكمة النقض المؤلفة من السادة القضاة نواب رئيس المحكمة/ ... رئيسا"، ...، ...، ... و..." أعضاء الذين أصدروا في ... من ... سنة 2011 قرارا في غرفة مشورة بعدم قبول الطعن المرفوع منه رقم ... لسنة 81 ق وذلك بطلب الحكم بقبول المخاصمة وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ ذلك القرار وفي الموضوع ببطلانه والتعويض وإعادة الفصل في الطعن بالنقض سالف الإشارة إليه، وأرفق محامي المخاصم بتقرير المخاصمة توكيلا خاصا من المخاصم بصفته وحافظة مستندات، وقال بيانا لدعواه إنه أقام على هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ونقابة المهن التطبيقية الدعوى رقم ... لسنة 1997 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يؤديا إليه مبلغ 33736.5 جنيه والفوائد القانونية على سند من أنهما قاما بخصم ذلك المبلغ من مستحقاته لدى الأولى كدمغة مهن تطبيقية بالمخالفة للقانون. وجهت إليه النقابية المشار إليها دعوى فرعية بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي إليها مبلغ 183182 جنيه. حكمت المحكمة برفض الدعوى الأصلية وبمطلوب الدعوى الفرعية. استأنف المخاصم بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 119 ق لدى محكمة استئناف القاهرة التي قضت بالتأييد. طعن المخاصم بصفته في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم ... لسنة 74 ق، وبتاريخ ../ ../ 2005 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة التي عادت وقضت بتاريخ ../ ../ 2010 بتأييد الحكم المستأنف. طعن المخاصم بصفته في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية بالطعن رقم ... لسنة 81 فأصدرت بشأنه الهيئة المخاصمة قرارها محل دعوى المخاصمة المطروحة التي تأسست على وقوع المخاصمين في خطأ مهني جسيم. أودع المخاصم الثاني مذكرة بالرد واجه فيها سبب المخاصمة ودفع بعدم قبولها لعدم تقديم توكيل خاص بمخاصمته وباقي السادة القضاة المخاصمين ولعدم إيداع كفالة متعددة بتعدد المخاصمين فيها وانتهى إلى طلب الحكم بعدم جوازها وبإلزام المخاصم بأن يؤدي إليه تعويضا مؤقتا قدره مائة وعشرة آلاف جنيه، وقدم المخاصمان ثانيا وثالثا بصفتيهما مذكرة طلبا فيها رفض الدعوى، كما أودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم جواز المخاصمة وإجابة المخاصم الثاني لطلب التعويض. عرضت الدعوى على المحكمة فحددت جلسة لنظرها في غرفة مشورة وفيها لم يحضر الطرفان والتزمت النيابة رأيها.
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
وحيث إن مبنى الدفع الأول من المخاصم الثاني بعدم قبول الدعوى أن التوكيل الخاص المودع من المحامي الموقع على تقرير المخاصمة ورد في صيغة عامة خلت من اسم القاضي المخاصم أو الدائرة المطلوب مخاصمتها.
وحيث إن هذا الدفع مردود، ذلك أنه لما كان مؤدى نص المادتين 495، 496/ 2 من قانون المرافعات أن دعوى المخاصمة التي ترفع ضد أحد مستشاري محكمة النقض تكون بتقرير يودع قلم كتاب هذه المحكمة يوقعه المخاصم أو من يوكله في ذلك توكيلا خاصا، وإذ كانت الدعوى قد رفعت بتقرير أودع قلم كتاب هذه المحكمة موقع من الأستاذ/ ... المحامي بصفته وكيلا عن المخاصم بصفته وقد أرفق توكيلا خاصا صادرا إليه من الأخير في تاريخ لاحق على صدور قرار المحكمة محل المخاصمة ورد به أنه يوكله في "رفع دعوى مخاصمة ضد محكمة النقض التي أصدرت الطعن رقم ... لسنة 81 ق الصادر بجلسة ../ ../ 2011" وهو بيان كاف في تعيين شخص المخاصمين بأنهم أعضاء الدائرة التي فصلت في الطعن المشار إليه في التاريخ آنف الذكر بما تتوافر صفته في رفع الدعوى، ومن ثم فإن الدفع بعدم قبولها لرفعها بغير الطريق القانوني يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى الدفع الثاني المبدى من ذات المخاصم بعدم قبول الدعوى أن المخاصم لم يودع كفالة بعدد المخاصمين في الدعوى وهم السادة القضاة أعضاء الدائرة المخاصمين ووزير العدل ورئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بصفتيهما.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله، ذلك أن دعوى المخاصمة هي دعوى مسئولية ترمي إلى تعويض ضرر أصاب المخاصم وتستند إلى قيام القاضي بعمل أو إصدار حكم مشوب بعيب يجيز قبول المخاصمة وهو الغش أو الخطأ المهني الجسيم، فإذا كان هذا الخطأ قد وقع في حكم صادر من دائرة فالمخاصمة توجه في هذه الحالة إلى جميع أعضاء الدائرة باعتبار أن الحكم منسوب إلى الهيئة بأكملها وأنه قد صدر بعد مداولة تمت بينهم، وهي على هذا النحو دعوى غير قابلة للتجزئة بالنسبة لأعضاء الدائرة المخاصمين، ومتى كانت هذه الدعوى هي دعوى تعويض موضوعية تتعلق بعمل القاضي فإن الكفالة المنصوص عليها في المادة 495 من قانون المرافعات والتي أوجب المشرع على المخاصم إيداعها عند التقرير بتلك الدعوى لا تتعدد بتعدد قضاة الدائرة المخاصمين طالما أن العمل الصادر منهم محل المخاصمة واحد، وذلك بخلاف حالات رد القضاة التي تتعدد فيها الكفالة بتعدد القضاة المطلوب ردهم وذلك لتعلق تلك الحالات بشخص القاضي المطلوب رده وحده وحيدته وبقصد ضمان جدية طلبات الرد على نحو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 95 لسنة 1976 بشأن تعديل بعض أحكام قانون المرافعات. ومما يؤكد ذلك خلو المادة 499 من قانون المرافعات من النص على تعدد الغرامة التي يحكم بها على المخاصم بتعدد القضاة المخاصمين عند القضاء بعدم جواز المخاصمة أو برفضها على عكس ما نصت عليه صراحة المادة 159 من ذات القانون بتعدد الغرامة التي يحكم بها على طالب الرد - في الحالات المنصوص عليها فيها - بتعدد القضاة المطلوب ردهم، ومن ثم فإن هذا الدفع يكون في غير محله ويتعين رفضه.
وحيث إن المخاصم بصفته يستند في تقرير المخاصمة إلى أن السادة القضاة المخاصمين قد وقعوا في خطأ مهني جسيم، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الناقض السابق صدوره في الطعن رقم ... لسنة ... ق بنقض الحكم الذي ألزمه بأداء دمغة المهن التطبيقية المتنازع عليها قد تأسس على أن ما استند إليه ذلك الحكم لا يواجه دفاعه بعدم تحقق الواقعة المستوجبة لاستحقاق تلك الدمغة لعدم اشتراك أي من أعضاء نقابة المهن التطبيقية في الإشراف على الأعمال التي أسندت إليه، وإذ عادت محكمة الإحالة وقضت بتأييد الحكم المستأنف القاضي بإلزامه بتلك الدمغة دون تحقيق دفاعه السابق وهو ذات السبب الذي نقض الحكم من أجله فطعن فيه بطريق النقض للمرة الثانية بالطعن رقم ... لسنة 81 ق وعاود التمسك بهذا السبب إلا أن المخاصمين أصدروا قرارا بعدم قبول الطعن بالمخالفة للحكم الناقض السابق واستندوا في ذلك إلى نص المادة 263/ 3 من قانون المرافعات رغم عدم انطباقها وكان يتعين عليهم التصدي للموضوع بحكم بالقبول أو بالرفض إعمالا لنص المادتين 248، 249 من ذات القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الأصل هو عدم مسئولية القاضي عما يصدر منه من تصرف أثناء عمله لأنه يستعمل في ذلك حقا خوله له القانون وترك له سلطة التقدير فيه ولكن المشرع رأى أن يقرر مسئوليته على سبيل الاستثناء إذا انحرف عن واجبات وظيفته وأساء استعمالها فنص في المادة 494 من قانون المرافعات على أحوال معينة أوردها على سبيل الحصر ومن بينها إذا وقع منه خطأ مهني جسيم وهو الخطأ الذي يرتكبه القاضي لوقوعه في غلط فاضح ما كان ليساق إليه لو اهتم بواجباته الاهتمام العادي أو لإهماله في عمله إهمالا مفرطا مما وصفته المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات السابق بالخطأ الفاحش الذي لا ينبغي أن يتردى فيه بحيث لا يفرق هذا الخطأ في جسامته عن الغش سوى كونه أوتي بحسن نية فيخرج عن دائرة هذا الخطأ تحصيل القاضي لفهم الواقع في الدعوى وتقديره للأدلة والمستندات فيها وكل رأي أو تطبيق قانوني يخلص إليه بعد إمعان النظر والاجتهاد في استنباط الحلول القانونية للمسألة المطروحة عليه ولو خالف في ذلك أحكام القضاء أو إجماع الفقهاء. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن نزاعا نشب بين الشركة التي يمثلها المخاصم ونقابة المهن التطبيقية حول عدم استحقاق الأخيرة لدمغة المهن التطبيقية عن الأعمال التي باشرتها الشركة لصالح هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وكانت محكمة الاستئناف بعد أن أحيلت إليها الدعوى تنفيذا للحكم الناقض السابق صدوره في الطعن رقم ... لسنة 74 ق قد قضت بتاريخ ../ ../ 2010 بتأييد الحكم المستأنف القاضي بأحقية تلك النقابة للدمغة موضوع النزاع بعد أن تناولت دفاع الشركة الذي أغفله الحكم المنقوض من عدم أحقية تلك النقابة للدمغة موضوع النزاع لعدم تنفيذ أعضاء بتلك النقابة للأعمال التي أسندت إليها وخلصت المحكمة سائغا إلى تحقق الواقعة المنشئة لاستحقاق تلك الدمغة وعولت في ذلك على ما ثبت بتقرير الخبير الذي أعادت ندبه من أن تنفيذ الشركة لأمري الإسناد المستحق بشأنهما الدمغة تم عن طريق فنيين أعضاء بالنقابة سالف الإشارة إليها ويعملون بالشركة التي يمثلها المخاصم.
وكان البين من مطالعة أسباب الطعن رقم ... لسنة 81 ق الذي أقامه المخاصم طعنا في هذا الحكم أنها لا تنال من سلامته فيما انتهى إليه صحيحا من قضاء بعد أن حقق دفاع المخاصم بصفته الذي أشار إليه الحكم الناقض، وإذ كان النص في المادة 263 من قانون المرافعات - بعد استبدالها بالقانون رقم 76 لسنة 2007 - على أنه "... ويعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فإذا رأت أن الطعن غير جائز أو غير مقبول لسقوطه أو لبطلان إجراءاته أو لإقامته على غير الأسباب المبينة في المادتين 248، 249 أو على أسباب تخالف ما استقر عليه قضاؤها أمرت بعدم قبوله بقرار يثبت في محضر الجلسة مع إشارة موجزة لسببه ..."، والنص في المادة 272 من ذات القانون على أنه "لا يجوز الطعن في أحكام محكمة النقض بأي طريق من طرق الطعن" مؤداه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن محكمة النقض هي خاتمة المطاف في مراحل التقاضي، وأحكامها باتة، ولا سبيل إلى الطعن فيها وأن المشرع اغتنى عن النص على منع الطعن في أحكام محكمة النقض بسائر طرق الطعن العادية وغير العادية لعدم إمكان تصور الطعن بها على أحكام هذه المحكمة، ولم يستثن المشرع من ذلك الأصل إلا ما أورده في الفقرة الثانية من المادة 147 من قانون المرافعات من جواز الطعن ببطلان الحكم الصادر من محكمة النقض إذا قام بأحد القضاة الذين أصدروه سبب من أسباب عدم الصلاحية المنصوص عليها في المادة 146 من هذا القانون، كما وأن قرار المحكمة في غرفة مشورة بعدم قبول الطعن متروك لتقديرها وهو في حقيقته رفض للطعن حال إقامته على أسباب موضوعية لا يجوز الطعن فيه أيضأ بأي طريق مثله مثل الحكم الصادر منها سواء بسواء، فإن المخاصمين إذ أصدروا القرار محل المخاصمة بعدم قبول الطعن رقم ... لسنة ... ق على سند من أن الحكم المطعون فيه أقيم على أسباب صحيحة وسائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وتكفي لحمله، فإن هذا القرار يكون مبرأ من أي خطأ بعد أن استعملت المحكمة سلطتها التقديرية المخولة لها بموجب المادة 263 من قانون المرافعات سالفة الذكر، ومن ثم فإن ما ينعاه المخاصم بسبب المخاصمة من وجهة نظر أخرى للمسألة القانونية التي أثارها فيه - أيا كان وجه الرأي فيه - لا يعتبر خطأ مهنيا جسيما مما يندرج ضمن أسباب المخاصمة المنصوص عليها تحديدا وحصرا في المادة 494 سالفة الذكر، ولما تقدم فإنه يتعين القضاء بعدم جواز المخاصمة وبتغريم المخاصم بصفته ومصادرة الكفالة عملا بنص المادة 499 من قانون المرافعات، وهو ما يستتبع عدم التعرض لطلبه التعويض. وحيث إنه عن طلب التعويض بناء على طلب المخاصم الثاني فإن النص في المادة 499 من قانون المرافعات على أنه "إذا قضت المحكمة بعدم جواز المخاصمة أو برفضها حكمت على الطالب بغرامة لا تقل عن أربعمائة جنيه ولا تزيد على أربعة آلاف جنيه وبمصادرة الكفالة مع التعويضات إن كان لها وجه" يدل على أن طلب التعويض عن دعوى المخاصمة لدى محكمة المخاصمة يخضع للقاعدة العامة التي استنها المشرع في تقديم الطلبات العارضة في المادة 123 من قانون المرافعات والتي نصت على أن "تقدم الطلبات العارضة من المدعي أو من المدعى عليه إلى المحكمة بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاهة في الجلسة في حضور الخصم ويثبت في محضرها..." وكان الثابت أن المخاصم الثاني قد أبدى طلبه بالتعويض في مذكرته دون أن يطلع عليها المخاصم بصفته كما لم يحضر بالجلسة ومن ثم لم يتصل علمه به مما يتعين معه القضاء بعدم قبوله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق