الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 6 مارس 2019

الطعن 11754 لسنة 61 ق جلسة 16 / 3 / 1993 مكتب فني 44 ق 36 ص 275


جلسة 16 من مارس سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ حسن غلاب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم نائب رئيس المحكمة وبدر الدين السيد ومصطفى عبد المجيد وعبد الرحمن أبو سليمه.
---------
(36)
الطعن رقم 11754 لسنة 61 القضائية

(1) سلاح. ذخيرة. مواد مخدرة. تفتيش "إذن التفتيش. تنفيذه". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
ضبط مخدر عرضاً مع متهم مأذون بتفتيشه للبحث عن ذخيرة وسلاح بعد عدم العثور على سلاح. صحيح. أساس ذلك؟
 (2)تفتيش "تنفيذه". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير القصد". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير القصد من التفتيش. موضوعي.
 (3)دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان إذن التفتيش لانعدام التحريات. لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. علة ذلك؟ 
 (4)دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان إذن التفتيش. يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه
(5) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". مواد مخدرة. استدلال. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي
 (6)إثبات "بوجه عام". تفتيش "إذن التفتيش". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". قصد جنائي. استدلال. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
أخذ الحكم بالتحريات مسوغاً للإذن بالتفتيش. لا يمنعها من عدم الأخذ بها في خصوص قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي.
 (7)مواد مخدرة. وصف التهمة. قصد جنائي. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تعديل وصف التهمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في تعديل وصف التهمة. دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الأولى.
مثال في جريمة إحراز مواد مخدرة.
 (8)إثبات "بوجه عام". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
خطأ الحكم فيما لا أثر له في منطقه. لا يعيبه.
(9) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. ما دام استخلاصها سائغاً.
 (10)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". مواد مخدرة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشاهد. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال الشاهد. مفاده: إطراح جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
 (11)إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". مواد مخدرة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليه. ما دام الرد عليه يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة.

-----------
1 - إن المادة 50 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن "لا يجوز التفتيش إلا للبحث عن الأشياء الخاصة بالجريمة الجاري جمع الاستدلالات أو حصول التحقيق بشأنها ومع ذلك إذا ظهر عرضاً أثناء التفتيش وجود أشياء تعد حيازتها جريمة أو تفيد في كشف الحقيقة في جريمة أخرى جاز لمأمور الضبط أن يضبطها". ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن قطعتين المخدر قد ضبطتا في جيب صديري الطاعن الأيسر والمطواة التي نصلها ملوث بآثار المخدر في جيب الصديري الأيمن تم ضبطها أيضاً مع الطاعن عرضاً أثناء تفتيش شخصه نفاذاً للإذن الصادر بذلك بحثاً عن الذخائر والسلاح المأذون بالتفتيش من أجلهما فإن مأمور الضبط القضائي يكون حيال جريمة متلبس بها ويكون من واجبه ضبط ما كشف عنه هذا التفتيش فإذا كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن ضبط المخدر لدى الطاعن وقع أثناء التفتيش عن الذخائر ولم يكن نتيجة سعي رجل الضبط القضائي للبحث عن جريمة إحراز المخدر أن أمر ضبطه كان عرضاً ونتيجة لما يقتضيه أمر البحث عن الذخائر ذلك أن عدم ضبطه للسلاح لا يستلزم حتماً الاكتفاء بذلك من التفتيش لما عسى أن يراه مأمور الضبط من ضرورة استكمال تفتيش المتهم بحثاً عن الذخائر المأذون بالتفتيش من أجلها.
2 - إن تقدير القصد من التفتيش أمراً موكولاً إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها ما دام سائغاً ولها أن تستشفه من ظروف الدعوى وقرائن الأحوال فيها دون معقب.
3 - لما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان إذن التفتيش لانعدام التحريات وكان هذا الدفع من الدفوع القانونية المختلفة بالواقع التي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة.
4 - إن الثابت أن المدافع عن الطاعن قد أبدى في مرافعته أن "مدة التحري غير كافية للتحقيق والتثبت عما هو مثبت لديهم ثم تساؤل الدفاع بقوله "إذا كانت التحريات السابقة جدية لذكر فيها الضابط معلومات كافية عن نشاطات المتهم الإجرامية" إذ أن هاتين العبارتين المرسلتين لا تفيد أن الدفع ببطلان الإذن الذي يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه
5 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون
6 - ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يسوغ الإذن بالتفتيش ويكفي لإسناد واقعة إحراز الجوهر المخدر إلى الطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار أو بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي.
7 - الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة ودارت حولها المرافعة وهى واقعة إحراز الجوهر المخدر هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به، وكان مرد التعديل هو عدم قيام الدليل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن واستبعاد هذا القصد باعتباره ظرفاً مشدداً للعقوبة، دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الأولى، فإن الوصف الذي نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت إحراز الطاعن للمخدر مجرداً عن أي من قصدي الاتجار أو التعاطي، إنما هو تطبيق سليم للقانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها - المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 - الذي يستلزم إعمال المادة 38 منه إذا ما ثبت لمحكمة الموضوع أن الإحراز مجرد من أي من القصدين اللذين عليها أن تستظهر أيهما وتقيم على توافره الدليل ومن ثم فلا على المحكمة أن تنبه الدفاع إلى ما أسبغته من وصف قانوني صحيح للواقعة المادية المطروحة عليها.
8 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطقه، فإنه لا يجدي الطاعن ما يثيره - بفرض صحته - عن خطأ الحكم فيما نقله عن تقرير معامل التحليل من أن عدد قطع المخدر المضبوط ثلاث قطع وليس قطعتين ما دام أن ما أورده الحكم من ذلك لم يكن له أثر في منطقه ولا في النتيجة التي انتهى إليها
9 - من المقرر أن حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق
10 - لمحكمة الموضوع وزن أقوال الشاهد والتعويل عليها مهما وجه إليها من مطاعن، ومتى أخذت بشهادته، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
11 - لما كانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفى كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات سوهاج قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقوانين أرقام 40 لسنة 1966، 61 لسنة 1977، 22 لسنة 1989 والبند 57 من القسم الثاني من الجدول رقم واحد الملحق بالقانون الأخير مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ست سنوات وبتغريمه مبلغ خمسين ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط. باعتبار أن الإحراز مجرد من القصود. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.

المحكمة
ومن حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحراز جوهراً مخدراً "حشيشاً" بغير قصد من القصود قد شابه قصور وتناقض في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت في الأوراق. ذلك بأن الطاعن دفع ببطلان التفتيش لتجاوزه الغرض المحدد بإذن النيابة العامة وهو البحث عن أسلحة وذخائر مما لا يقتضي البحث عن مثل كمية المخدر التي عثر عليها بجيب صديري الطاعن والذي لا يصلح لوضع سلاح أو ذخيرة بداخله بيد أن الحكم رد على هذا الدفع بما لا يصلح رداً. كما أغفل الحكم الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات لخلوها من بيان نشاط الطاعن في الاتجار بالمواد المخدرة ورغم أن التحريات التي اطمأن الحكم إلى جديتها أسفرت عن توافر قصد الاتجار بالمخدر لدى الطاعن فإنه عاد فلم يسند هذا القصد إليه. وكان على المحكمة أن تنبه الدفاع إلى الوصف الجديد المغاير لما قدم به الطاعن للمحاكمة الجنائية وأثبت نقلاً عن تقرير المعامل أن قطعتين مخدر تم ضبطهما حال أن الثابت بالتقرير ثلاث قطع. واعتنق صورة الواقعة حسب رواية الضابط رغم مخالفتها لواقع الحال في الدعوى والتفت الحكم عن دفاعه المبدى بشأن حقيقة الواقعة وعدم صحة أقوال الضابط. هذا جميعه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن النيابة العامة أذنت بتفتيش شخص ومنزل المتهم - الطاعن لضبط ما يحرزه من أسلحه وذخائر بغير ترخيص، وضبط ما قد يظهر عرضاً أثناء التفتيش من أشياء تعد حيازتها جريمة، فتوجه الضابط إلى مسكن المتهم وعثر بجيب صديري الطاعن الأيسر على قطعة مخدر ملفوفة بورقة سلوفانية وأخرى ملفوفة بقطعة قماش وعثر بجيب الصديري الأيمن على مطواة نصلها ملوث بآثار مخدر الحشيش، وبعد أن أورد الحكم الأدلة التي قام عليها قضاءه عرض لما دفع به الطاعن من بطلان التفتيش لأن أجراه تعسف بأن تعدى الغرض المحدد بإذن التفتيش بقوله: "إن إذن النيابة العامة بتفتيش شخص ومسكن وملحقات مسكن المتهم لم يقتصر على ضبط ما يحوزه أو يحرزه من أسلحة وذخائر بدون ترخيص وامتد نطاقه لضبط ما قد يظهر عرضاً أثناء التفتيش من أشياء يعد حيازتها أو إحرازها جريمة معاقب عليها قانوناً وقد التزم الضابط مجرى تفتيش شخص المتهم بالغرض المحدد بالإذن وخلت إجراءات التنفيذ لإذن التفتيش لشخص المتهم من ثمة عسف وتم له ضبط المخدر بجيب المتهم إبان التفتيش الظاهري لذات شخص المتهم وفى معرض بحثه عما يكون في حيازته من ذخائر غير مرخص له بحيازتها الأمر الذي يتهاوى به الدفع المبدى ببطلان التفتيش". وما أورده الحكم من ذلك صحيح في القانون وكاف للرد على الدفع المبدى من الطاعن، ذلك أن المادة 50 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن "لا يجوز التفتيش إلا للبحث عن الأشياء الخاصة بالجريمة الجاري جمع الاستدلالات أو حصول التحقيق بشأنها ومع ذلك إذا ظهر عرضاً أثناء التفتيش وجود أشياء تعد حيازتها جريمة أو تفيد في كشف الحقيقة في جريمة أخرى جاز لمأمور الضبط أن يضبطها". ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن قطعتين المخدر قد ضبطتا في جيب صديري الطاعن الأيسر والمطواة التي نصلها ملوث بآثار المخدر في جيب الصديري الأيمن تم ضبطها أيضاً مع الطاعن عرضاً أثناء تفتيش شخصه نفاذاً للإذن الصادر بذلك بحثاً عن الذخائر والسلاح المأذون بالتفتيش من أجلها فإن مأمور الضبط القضائي يكون حيال جريمة متلبس بها ويكون من واجبه ضبط ما كشف عنه هذا التفتيش فإذا كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن ضبط المخدر لدى الطاعن وقع أثناء التفتيش عن الذخائر ولم يكن نتيجة سعي رجل الضبط القضائي للبحث عن جريمة إحراز المخدر أن أمر ضبطه كان عرضاً ونتيجة لما يقتضيه أمر البحث عن الذخائر ذلك أن عدم ضبطه للسلاح لا يستلزم حتماً الاكتفاء بذلك من التفتيش لما عسى أن يراه مأمور الضبط من ضرورة استكمال تفتيش المتهم بحثاً عن الذخائر المأذون بالتفتيش من أجلها. لما كان ذلك، وكان تقدير القصد من التفتيش أمراً موكولاً إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها ما دام سائغاً ولها أن تستشفه من ظروف الدعوى وقرائن الأحوال فيها دون معقب فإن ما يثيره الطاعن لا يكون له محل إذ هو لا يعدو جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة. لما كان ذلك وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان إذن التفتيش لانعدام التحريات وكان هذا الدفع من الدفوع القانونية المختلفة بالواقع التي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته لأن يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة ولا يقدح في ذلك أن يكون المدافع عن الطاعن قد أبدى في مرافعته أن "مدة التحري غير كافية للتحقق والتثبت عما هو مثبت لديهم ثم تساؤل الدفاع بقوله "إذا كانت التحريات السابقة جدية لذكر فيها الضابط معلومات كافية عن نشاطات المتهم الإجرامية" إذ أن هاتين العبارتين المرسلتين لا تفيد أن الدفع ببطلان الإذن الذي يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه، هذا فضلاً عن أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. لما كان ذلك، وكان ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يسوغ الإذن بالتفتيش ويكفي لإسناد واقعة إحراز الجوهر المخدر إلى الطاعن ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار أو بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي. لما كان ذلك، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة ودارت حولها المرافعة وهى واقعة إحراز الجوهر المخدر هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به، وكان مرد التعديل هو عدم قيام الدليل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن واستبعاد هذا القصد باعتباره ظرفاً مشدداً للعقوبة، دون أن يتضمن التعديل إسناداً واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الأولى، فإن الوصف الذي نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت إحراز الطاعن للمخدر مجرداً على أي من قصدي الاتجار أو التعاطي، إنما هو تطبيق سليم للقانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها - المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 - الذي يستلزم إعمال المادة 38 منه إذا ما ثبت لمحكمة الموضوع أن الإحراز مجرد من أي من القصدين اللذين عليها أن تستظهر أيهما وتقيم على توافره الدليل ومن ثم فلا على المحكمة أن تنبه الدفاع إلى ما أسبغته من وصف قانوني صحيح للواقعة المادية المطروحة عليها وبذلك لا يكون هناك محل لما يثيره الطاعن في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطقه، فإنه لا يجدي الطاعن ما يثيره - بفرض صحته - عن خطأ الحكم فيما نقله عن تقرير معامل التحليل من أن عدد قطع المخدر المضبوط ثلاث قطع وليس قطعتين ما دام أن ما أورده الحكم من ذلك لم يكن له أثر في منطقه ولا في النتيجة التي انتهى إليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان لمحكمة الموضوع وزن أقوال الشاهد والتعويل عليها مهما وجه إليها من مطاعن، ومتى أخذت بشهادته، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفى كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، وما دامت المحكمة - في الدعوى الماثلة قد أطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى أقوال شاهد الإثبات فلا تثريب عليها إذ هي لم تتعرض في حكمها إلى دفاع الطاعن الموضوعي الذي ما قصد به سوى إثارة الشبهة في الدليل المستمد من تلك الأقوال، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا المقام يكون في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق