الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 20 ديسمبر 2018

الطعن 661 لسنة 49 ق جلسة 6 / 2 / 1984 مكتب فني 35 ج 1 ق 77 ص 389


برياسة السيد المستشار الدكتور/ سعيد عبد الماجد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: د. أحمد حسني، يحيى الرفاعي، زكي المصري، منير توفيق.
-------------
- 1  محكمة الموضوع. نقض "أسباب الطعن".
إثارة الطاعن أمام محكمة النقض وجه دفاع لم يسبق له التمسك به أمام محكمة الموضوع . غير مقبول
لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن أن الطاعنة لم تتمسك أمام محكمة الموضوع بأعمال نص البند السادس من ملحق العقد المؤرخ 4/5/1968 وإنما جرى دفاعها - من بين ما جرى به - على أن تلف الجبن المخزون كان مرجعه سوء التصنيع وليس سوء التخزين . وهو دفاع يغاير ما جاء بوجه الطعن . فإن النعي بهذا السبب على الحكم المطعون فيه يكون على غير أساس .
- 2  عقد "الوديعة بأجر". التزام. مسئولية. خبرة.
تكييف العقد بأنه وديعة بأجر . مؤداه . التزام المودع لديه ببذل عناية الشخص العادي في المحافظة علي الشيء المودع . عدم تنفيذ هذا الالتزام . خطأ يرتب المسئولية . نفي المسئولية لا يكون إلا بإثبات السبب الأجنبي
- 3  عقد "الوديعة بأجر". التزام. مسئولية. خبرة.
أخذ محكمة الموضوع بتقرير الخبير محمولا على أسبابه . عدم التزامها بالرد استقلالاً على الطعون الموجهة إليه .
انتهاء الحكم إلى أن التزام الشركة الطاعنة بحفظ الجبن المودع لديها في ثلاجتها من الالتزامات الجوهرية وأنه التزام ببذل عناية هي عناية الشخص العادي - لأن الشركة مأجورة على هذا الالتزام مؤداه أنه كيف العقد بأنه عقد وديعة مأجورة متفقاً في ذلك مع عبارات العقد ودون أن تجادل الطاعنة في هذا التكييف، لما كان ذلك وكان مقتضى عقد الوديعة أن يلتزم المودع لديه - أساساً - بالمحافظة على الشيء المودع لديه وأن يبذل في سبيل ذلك - إذا كان مأجوراً - عناية الشخص العادي - ويعتبر عدم تنفيذه لهذا الالتزام خطأ في حد ذاته يرتب مسئوليته التي لا يدرأها عنها إلا أن يثبت السبب الأجنبي الذي تنتفي به علاقة السببية وكان الخبير المنتدب بعد أن عاين الثلاجة والجبن المخزون فيها واطلع على دفاتر الثلاجة المعدة لإثبات درجات الحرارة وأطرحها لعدم سلامتها ولعدم مطابقتها الواقع ورجح من واقع فحصه للجبن المخزون ومعاينته الثلاجة من الداخل - أن تلف الجبن يرجع إلى الارتفاع الكبير والمتكرر في درجات الحرارة - استناداً إلى ما لاحظه من تكثف الماء على سطح الجبن والأجولة التي تحتويه ومن تراب الجبن المبلل على أرضية الثلاجة، وإذ اطمأنت محكمة الموضوع إلى تقرير الخبير - في هذا الشأن - لسلامة أسسه واستخلصت منه في حدود سلطتها التقديرية أن الشركة الطاعنة لم تبذل العناية الواجب اقتضاؤها من مثلها في حفظ الجبن المودع لديها مما أدى إلى تلفه ورتبت على ذلك مسئولياتها عن هذا التلف - فإنها لا تكون ملزمة بعد ذلك، بالرد استقلالاً على الطعون التي وجهتها الشركة الطاعنة إلى ذلك التقرير لأن في أخذها به محمولاً على أسبابه السائغة ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليها بأكثر مما تضمنه التقرير.
- 4  مسئولية. تعويض "تقدير التعويض". محكمة الموضوع.
التعويض الجابر للضرر . حق محكمة الموضوع في تقديره ما دام لا يوجد نص في القانون أو العقد يلزمها باتباع معايير معينة في خصوصه
تقدير التعويض الجابر للضرر من سلطة قاضى الموضوع ما دام لا يوجد نص في القانون أو العقد يلزمه بإتباع معايير في خصوصه .
- 5  مسئولية. تعويض "تقدير التعويض". محكمة الموضوع.
الاتفاق مقدما علي تقدير التعويض الذي يلتزم به المسئول . التزام محكمة الموضوع بالقضاء به عند ثبوت المسئولية ، ما لم يكن مبالغا فيه أو لم يثبت تحقق الضرر .
البين من ملحق العقد المؤرخ أنه نص في البند الخامس منه على أنه ..... ومفاد هذا النص أن الطرفين اتفقا مقدماً على مقدار التعويض الذى تلتزم به الشركة الطاعنة - وحدداه بثمن شراء الجبن - مما مؤداه أن تلتزم محكمة الموضوع بالقضاء به عند ثبوت مسئولية الشركة الطاعنة عن التلف الذى أصاب الجبن - ما لم تثبت عدم وقوع ضرر للمطعون ضده الأول - أو - أن التعويض المتفق عليه كان مبالغاً فيه ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن الشركة الطاعنة قد أخلت بالتزامها بالحفظ ولم تبذل في سبيل ذلك عناية الشخص العادي واعتبرها مسئولة عن التعويض فإنه كان يتعين عليه عند تقديره التعويض - عن الجبن التالف - أن يلتزم في ذلك بالثمن الذى دفعه الأخير للحصول عليه بحساب التعويض المتفق عليه مقدماً . وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك رغم إشارته في مدوناته إلى نص البند الخاص - فإنه يكون فضلاً عن تناقضه قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه .
--------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن المطعون ضدهما أقاما الدعوى رقم 467 لسنة 1976 تجاري كلي شمال القاهرة على الشركة الطاعنة بطلب الحكم إلزامها بأن تدفع لهما مبلغ عشرين ألف جنيه – على سبيل التعويض – وبياناً لذلك قالا أن كلاً منهما تعاقد مع الشركة الطاعنة على إيداع كمية من الجبن الرومي في ثلاجتها لحفظه تحت درجات حرارة متفق عليها – وإذ تقدما لسحب جزء من الجبن المخزون وتبين لهما تلفه فقد أقاما الدعويين رقمي 7814، 7815 لسنة 1976 مستعجل القاهرة لإثبات حالته. وفيهما قدم الخبير المنتدب تقريراً انتهى فيه إلى مسئولية الشركة الطاعنة عن تلف الجبن نتيجة الإهمال وسوء التخزين لذلك فقد أقاما الدعوى بطلب التعويض عما أصابهما من أضرار. وبتاريخ 15/2/1978 قضت محكمة شمال القاهرة بإلزام الشركة الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضده الأول مبلغ 4995 جنيه وللمطعون ضده الثاني مبلغ 5180 جنيه. استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 227 لسنة 95ق. وبتاريخ 28/1/1979 قضت محكمة استئناف القاهرة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الشركة الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها نقض الحكم المطعون فيه وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره. وفيها التزمت النيابة رأيها.
--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب - تنعي الطاعنة بالوجه الأول من السبب الأول منها - على الحكم المطعون فيه - الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع. وفي بيان ذلك تقول أنها دفعت بعدم مسئوليتها عن التلف كليا أو جزئيا بسبب ما يطرأ من تغيير على درجات الحرارة والرطوبة المتفق عليها نتيجة عمليات إزالة الثلج أو فتح أبواب الثلاجة لإدخال وإخراج بضاعة المطعون ضدهما وغيرهما أو بسبب إدخال بضائع تالفة أو حامضة أو متخمرة. وذلك طبقا لما تضمنه البند السادس من ملحق العقد المؤرخ 4/5/1968 وإذ التفت الحكم عن الرد على هذا الدفاع وانتهى إلى مسئوليتها عن تلف الجبن المخزون لعدم توفير درجات الحرارة المتفق عليها فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وأخل بحقها في الدفاع
وحيث إن هذا النعي مردود - ذلك أنه لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن - أن الطاعنة لم تتمسك أمام محكمة الموضوع بأعمال نص البند السادس من ملحق العقد المؤرخ 4/5/1968 وإنما جرى دفاعها - من بين ما جرى به - على أن تلف الجبن المخزون كان مرجعه سوء التصنيع وليس سوء التخزين - وهو دفاع يغاير ما جاء بوجه الطعن. فإن النعي بهذا السبب على الحكم المطعون فيه يكون على غير أساس
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الثالث من السبب الأول وبالأوجه الأول والثالث والرابع من السبب الرابع وبالسبب الخامس - على الحكم المطعون فيه - القصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق والإخلال بحق الدفاع - وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت في دفاعها بأن المطعون ضدهما تاجران جلبا الجبن من مصادر مختلفة وأودعاه في ثلاجتهما بالحالة التي وجد عليها وقت المعاينة وأن فساده يرجع إلى سوء تصنيعه لأنه لو كان بسبب التخزين لفسد معه جبن سائر العملاء الذين أودعوا بضائعهم بالثلاجة في ذات الوقت - كما أنها اعترضت على تقرير الخبير لعدم إفصاحه عن المصدر الذي استقى منه ارتفاع درجات الحرارة عن الحد المتفق عليه وعدم تعويله في هذا الشأن على الدفاتر المعدة لهذا الغرض بالثلاجة واقتصاره في فحص الجبن المخزون على بعضه دون الآخر مما يشكك في صحة ما أثبته من تلفه كليا - وإذ التفت الحكم عن هذا الدفاع اكتفاء بالإحالة إلى تقرير الخبير- فإنه يكون قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع فضلا عن مخالفة الثابت في الأوراق
وحيث إن هذا النعي برمته مردود - ذلك أنه لما كان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسبابه قد اعتبر التزام الشركة الطاعنة بحفظ الجبن المودع لديها في ثلاجتها من الالتزامات الجوهرية وأنه التزام ببذل عناية - هي عناية الشخص العادي- لأن الشركة المذكورة مأجورة على هذا الالتزام. وكان مؤدى هذا الذي انتهى إليه الحكم المطعون فيه أنه كيف العقد المؤرخ 4/ 5/ 1968 وملحقه والعقد المؤرخ 17 /2 /1974- وهما اللذان ينظمان علاقة المطعون ضدهما بالشركة الطاعنة بأن الجبن المودع منهما بثلاجتها – بأنهما عقدا وديعة مأجورة – ولما كانت الطاعنة لا تجادل فيما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من تكييف علاقتها بالمطعون ضدهما على هذا الأساس - وكان هذا التكييف سديد في القانون ومتفقا مع عبارات العقدين سالفي الذكر - وكان من مقتضى عقد الوديعة أن يلتزم المودع لديه - أساساً - بالمحافظة على الشيء المودع لديه وأن يبذل في سبيل ذلك - إذا كان مأجوراً - عناية الشخص العادي - ويعتبر عدم تنفيذه لهذا الالتزام خطأ في حد ذاته يرتب مسئوليته التي لا يدرأها عنه إلا أن يثبت السبب الأجنبي الذي تنتفي به علاقة السببية. لما كان ذلك وكان الثابت من تقرير الخبير المنتدب في دعويي إثبات الحالة رقمي 7814، 8715 لسنة 1976 مستعجل القاهرة - والمرفق صورته بملف الطعن - أن الخبير المذكور - بعد أن عاين ثلاجة الشركة الطاعنة والجبن المخزون فيها - والخاص بالمطعون ضدهما - اطلع على دفاتر الثلاجة المعدة لإثبات درجات الحرارة وأطرحها لعدم سلامتها ولعدم مطابقتها الواقع ورجح من واقع فحصه للجبن المخزون ومعاينته الثلاجة من الداخل - أن تلف الجبن يرجع إلى الارتفاع الكبير والمتكرر في درجات الحرارة - استنادا إلى ما لاحظه من تكثف الماء على سطح الجبن والأجولة التي تحتويه ومن تراب الجبن المبلل على أرضية الثلاجة، وإذ اطمأنت محكمة الموضوع إلى تقرير الخبير - في هذا الشأن - لسلامة الأسس التي بني عليها واستخلصت منه في حدود سلطتها التقديرية. أن الشركة الطاعنة لم تبذل العناية الواجب اقتضاؤها من مثلها في حفظ الجبن المودع لديها مما أدى إلى تلفه ورتبت على ذلك مسئوليتها عن هذا التلف - فإنها لا تكون ملزمة بعد ذلك بالرد استقلالاً على الطعون التي وجهتها الشركة الطاعنة إلى ذلك التقرير لأن في أخذها به محمولاً على أسبابه السائغة ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليها بأكثر مما تضمنه التقرير ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق والإخلال بحق الدفاع على غير أساس
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الأول من السبب الأول وبالسببين الثاني والثالث وبالوجه الثاني من السبب الرابع - على الحكم المطعون فيه - الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع والتناقض - وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت في دفاعها بأن الجبن - عندما تسلمه المطعون ضدهما - لم يكن تالفا بدرجة تخرجه عن دائرة التعامل بل كان صالحا وله قيمة سوقية وأن المطعون ضدهما باعاه مما يعتبر إثراء على حسابها نتيجة للجمع بين الثمن والتعويض المستحق - كما أنها اعترضت على الخبير لتقديره التعويض على أساس السعر الذي كان من المحتمل بيع الجبن به فيما لو كان صالحا وقدره 125 قرشا للكيلوجرام - في حين كان يجب حسابه على أساس سعر شرائه - نفاذا للبند الخامس من ملحق العقد المؤرخ 4 /5 /1968- وإذ كان ثمن الشراء على ما أثبته الخبير في تقريره هو 90 قرشا للكيلوجرام - فإنه كان يتعين الالتزام بهذا السعر عند تقدير التعويض، وإذ اعتنق الحكم مذهب الخبير في تقدير التعويض والتفت عن الرد على اعتراضها عليه وعلى دفاعها بإثراء المطعون ضدهما على حسابها بالجمع بين الثمن والتعويض المستحق - فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وأخل بحقها في الدفاع - هذا بالإضافة إلى تناقضه لأنه بعد أن أورد في أسبابه نص البند الخامس من ملحق العقد المؤرخ 4 /5 /1968 عاد وأخذ بتقدير الخبير للتعويض
وحيث إن هذا النعي غير سديد في جملته - بالنسبة لما قضى به الحكم المطعون فيه من تعويض للمطعون ضده الثاني - ذلك أنه لما كان الثابت في الدعوى أن كلا من المطعون ضدهما تعاقد بمفرده ولحسابه مع الشركة الطاعنة - وكان عقد المطعون ضده الثاني - المؤرخ 17 /2 /1974- والمودع ملف الطعن - قد خلا من النص على تقدير التعويض مقدما أو الالتزام بإتباع معايير معينة في خصوصه - فلا تثريب على محكمة الموضوع أن هي استعملت سلطتها في تقدير التعويض المستحق عن تلف الجبن على أساس السعر الذي كان من المحتمل بيعه به فيما لو كان صالحا للاستهلاك - وقدره 125 قرشا للكيلو جرام - على نحو ما جاء بتقرير الخبير - طالما أنها رأت في تقدير التعويض على هذا الأساس ما يكفي لجبر الضرر الناشئ عن تلف الجبن - إذ من المقرر - في قضاء هذه المحكمة – أن تقدير التعويض الجابر للضرر - من سلطة قاضي الموضوع ما دام لا يوجد نص في القانون أو العقد يلزمه بإتباع معايير معينة في خصوصه - وليس صحيحا ما ذهبت إليه الطاعنة من أن المطعون ضده الثاني قد جمع بين الثمن والتعويض المستحق – لأن الثابت من تقرير الخبير – المرفق صورته بملف الطعن أن الخبير - بعد أن عاين الجبن المخزون - قام بتصنيفه – طبقا لدرجة تلفه - إلى أربعة أصناف وافترض لكل من الأصناف الثلاثة الأولى سعرا يمكن بيعه به بحالته ثم قام بخصم هذا السعر من السعر الذي قدره لبيعه فيما لو كان صالحا واعتبر الفرق بين السعرين خسارة محققه - وهو ما يعني أن الخبير قد راعى في تقدير التعويض عن هذه الأصناف ما يمكن الحصول عليه من ثمن في حالة بيعها. أما الصنف الرابع من الجبن - فقد رأى الخبير - لشدة تلفه - أنه لا يمكن بيعه ولذلك اعتبر قيمته كلها خسارة محققة وكسبا فائقا
وإذ لم تقدم الطاعنة ما يثبت أن المطعون ضده الثاني قد باع الصنف الرابع من الجبن التالف فإن ما يثيره من إثرائه على حسابها بالجمع بين الثمن والتعويض يكون في غير محله، أما ما تنعى به الطاعنة من تناقض الحكم المطعون فيه - فإنه مردود - ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن التناقض الذي يعيب الحكم ويفسده هو ما تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه ولا يعتبر تناقضا أن يكون في عبارات الحكم ما يوهم بوقوع مخالفة بين الأسباب بعضها مع البعض ما دام قصد المحكمة ظاهرا ورأيها واضحا فيه. لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم المطعون فيه - أن محكمة الموضوع قصدت - عند قضائها للمطعون ضده الثاني بالتعويض - استعمال سلطتها في تقدير هذا التعويض لعدم وجود نص في عقده أو في القانون يلزمها بإتباع معايير معينة في خصوصه - وكانت إشارة الحكم في مدوناته إلى نص البند الخامس من ملحق العقد المؤرخ 4 /5 /1968 تتعلق بالمطعون ضده الأول لأن هذا الملحق خاص بعقده وحده ولا علاقة للمطعون ضده الثاني به فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه من تناقض يكون في غير محله - ويكون الطعن برمته على غير أساس بالنسبة لما قضى به الحكم المطعون فيه من تعويض للمطعون ضده الثاني
وحيث إنه بالنسبة لما قضى به الحكم المطعون فيه للمطعون ضده الأول - فليس صحيحا ما ذهبت إليه الطاعنة من أن المطعون ضده الأول قد جمع بين الثمن والتعويض المستحق - لذات الأسباب التي سلف بيانها في الرد على الإدعاء المماثل في حق المطعون ضده الثاني - وفيما عدا ذلك - فإن النعي سديد - ذلك أن البين من محلق العقد المؤرخ 4 /5 /1968- أنه نص في البند الخامس منه على أنه – في حالة وقوع ضرر جزئي أو كلي للبضاعة بسبب عدم توفير درجة الحرارة والرطوبة المتفق عليها في الأجل القانوني فإن مسئولية الشركة تقتصر فقط على القيمة الحقيقية للنسبة التالفة من البضاعة على أساس الثمن الذي دفعه العميل للحصول عليها ولا تتعداها إلى أية تعويضات أخرى - ومفاد هذا النص أن الطرفين اتفقا مقدماً على مقدار التعويض الذي تلتزم به الشركة الطاعنة - وحدداه بثمن شراء الجبن - مما مؤداه أن تلتزم محكمة الموضوع بالقضاء به عند ثبوت مسئولية الشركة الطاعنة عن التلف الذي أصاب الجبن - ما لم تثبت عدم وقوع ضرر للمطعون ضده الأول - أو - أن التعويض المتفق عليه كان مبالغاً فيه، وإذ كان الحكم المطعون فيه - وعلى ما سلف بيانه في الرد على وجوه الطعن السابقة - قد انتهى إلى أن الشركة الطاعنة قد أخلت بالتزامها بالحفظ وأنها لم تبذل في سبيل ذلك عناية الشخص العادي واعتبرها لذلك مسئولة عن التعويض فإنه كان يتعين على الحكم المطعون فيه - عند تقديره التعويض المستحق للمطعون ضده الأول - عن الجبن التالف - أن يلتزم في ذلك - بالثمن الذي دفعه الأخير للحصول عليه بحسبانه التعويض المتفق عليه مقدماً. وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك رغم إشارته في مدوناته إلى نص البند الخامس من ملحق عقد المطعون ضده الأول – والذي يوجب الالتزام بالأساس المتقدم في تقدير التعويض - فإنه يكون فضلاً عن تناقضه قد أخطأ في تطبيق القانون وأخل بحق الطاعنة في الدفاع - مما يوجب نقضه نقضا جزئيا - فيما قضى به من تعويض للمطعون ضده الأول.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق