جلسة 12 من نوفمبر سنة 1960
برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة مصطفى كامل إسماعيل وحسني جورجي ومحمد مختار العزبي وأبو الوفا زهدي محمد المستشارين.
-----------------
(19)
القضية رقم 1075 لسنة 5 القضائية
(أ) لجنة شئون الموظفين
- اختصاصها بالنظر في نقل وترقية الموظفين وفقاً للمادة 28 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - ما تقرره في هذا الشأن لا يعدو أن يكون مجرد اقتراحات - الرأي النهائي للوزير - له الموافقة عليها صراحة أو ضمناً أو إبداء اعتراضه عليها - الاعتراض مشروط بتسبيبه.
(ب) قرار إداري - مناسبات إصداره
- ترقية - إجراؤها أو عدم إجرائها في وقت معين - مسألة ملاءمة - استقلال الإدارة بتقديرها - إرجاء الوزير شغل درجة ما ترخصه - في ذلك - لا يغير من هذا الحق اقتراح لجنة شئون الموظفين شغلها.
(جـ) لجنة شئون الموظفين
- اقتراحها شغل درجة ما - إرجاء الوزير شغلها - لا ضرورة لتسبيبه - اعتراض الوزير فقط هو الواجب التسبيب قانوناً - أساس ذلك.
----------------
1 - إن المادة 28 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بنظام موظفي الدولة تنص على أن: "تختص اللجان المنصوص عليها في المادة السابقة بالنظر في نقل الموظفين لغاية الدرجة الأولى وفي ترقياتهم بما في ذلك الترقية بالاختيار طبقاً لأحكام هذا القانون وترفع اللجنة اقتراحاتها إلى الوزير لاعتمادها. فإذا لم يعتمدها الوزير ولم يبين اعتراضه عليها خلال شهر من تاريخ رفعها اعتبرت معتمدة وتنفذ - أما إذا اعترض الوزير على اقتراحات اللجنة كلها أو بعضها فيتعين أن يبدي كتابة الأسباب المبررة لذلك ويعيد ما اعترض عليه للجنة للنظر فيه على ضوء هذه الأسباب ويحدد لها أجلاً للبت فيه فإذا مر هذا الأجل دون أن ترفع اللجنة رأيها للوزير اعتبر رأي الوزير نهائياً، أما إذا تمسكت اللجنة برأيها خلال الأجل المحدد فترفع اقتراحاتها للوزير لاتخاذ ما يراه بشأنه ويعتبر قراره في هذه الحالة نهائياً" ويتضح من هذا النص أن ما تقرره لجنة شئون الموظفين لا يعدو أن يكون مجرد اقتراحات ترفعها للوزير الذي إما أن يوافق عليها صراحة أو ضمناً. وتستفاد الموافقة الضمنية من انقضاء شهر على رفع هذه الاقتراحات إليه دون أن يعتمدها، كذلك عالجت المادة المذكورة الحالة التي يكون فيها لدى الوزير اعتراض على هذه الاقتراحات كلها أو بعضها فأوجبت على الوزير أن يبدي كتابة أسباب هذا الاعتراض ويعيدها للجنة لإعادة النظر فيها على ضوء هذه الأسباب وفي أجل سيحدده لها بحيث إذا انقضى هذا الأجل دون أن ترفع اللجنة رأيها للوزير اعتبر رأيه نهائياً - ومؤدى هذا كله أن القول الفصل في اقتراحات اللجنة هو للوزير فله أن يوافق عليها صراحة أو ضمناً وله أن يعترض عليها ويطلب إلى اللجنة إعادة النظر فيها على ضوء أسباب اعتراضه ويكون رأيه نهائياً سواء لم تعد اللجنة النظر فيها أو أعادت النظر فيها وتمسكت برأيها.
2 - إن القرار الصادر من الوزير بتأجيل ترقية المدعي إن هو إلا قرار بعدم ملاءمة إجراء الترقية في الوقت الذي اقترحت اللجنة إجراءها فيه، وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن إجراء أو عدم إجراء الترقية في وقت معين هو مسألة ملاءمة تستقل جهة الإدارة بتقديرها حسب ظروف الأحوال ومقتضيات الصالح العام وحاجة العمل، باعتبار ذلك من مناسبات إصدار القرار الإداري، ومن ثم فإنه إذا رأى الوزير إرجاء شغل درجة أو أكثر فهذه مسألة يترخص في تقديرها بلا معقب عليه، كما أن مجرد صدور اقتراح من اللجنة بشغل الوظيفة لا يغير من الموقف ولا يسلب الوزير سلطة الإرجاء.
3 - إن القول بأنه كان على الوزير أن يبدي أسباب هذا الإرجاء كتابة وأن يعيد الأمر إلى اللجنة لإعادة النظر في اقتراحاتها على ضوء هذه الأسباب هذا القول مردود بأن قرار الوزير بإرجاء شغل درجة فضلاً عن أنه ليس من القرارات التي أوجب القانون تسبيبها فإن مثل هذا القرار يحمل في طياته أسباب إصداره وهي عدم ملاءمة شغل الدرجة في الوقت الذي اقترحته اللجنة وتقدير هذه الملاءمة - كما سلف البيان - مما تترخص فيه الإدارة وحدها - أما القول أن الوزير كان عليه أن يعيد الاقتراحات إلى اللجنة مشفوعة بأسباب هذا الإرجاء فهذه الإعادة إجراء أوجبه القانون في حالة اعتراض الوزير على اقتراحات اللجنة لأسباب معينة تبرر هذا الاعتراض، أما إذا كان قرار الوزير ليس اعتراضاً على مقترحات اللجنة وإنما مجرد إرجاء لها فليس ثمة حاجة لإعادة المقترحات إلى اللجنة لإعادة النظر فيها.
إجراءات الطعن
في 9 من يوليه سنة 1959 أودعت إدارة قضايا الحكومة بالنيابة عن السيد وزير التربية والتعليم باعتباره رئيساً لمؤسسة الطاقة الذرية سكرتيرية المحكمة عريضة طعن قيد بجدول المحكمة تحت رقم 1075 لسنة 5 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية ووزارات الداخلية والخارجية والعدل بجلسة 12 من مايو سنة 1959 في الدعوى رقم 221 لسنة 5 القضائية المقامة من السيد/ محمد أنسى أحمد الدمرداش ضد السيد وزير التربية والتعليم بصفته رئيساً لمؤسسة الطاقة الذرية، والقاضي "برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً وبقبولها وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة المصروفات وبأن تدفع للمدعي مبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة" وطلبت إدارة قضايا الحكومة للأسباب التي استندت إليها في عريضة طعنها الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده (المدعي) مع إلزامه المصروفات عن الدرجتين ومقابل أتعاب المحاماة. وقد أعلن هذا الطعن إلى المدعي في 21 من يوليه سنة 1959 وعرض على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 15 من أكتوبر سنة 1960 وفي هذه الجلسة سمعت المحكمة ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات على النحو المبين بمحضر الجلسة ثم قررت إرجاء إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 221 لسنة 5 القضائية أمام المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية ضد السيد وزير التربية والتعليم بصفته رئيساً لمؤسسة الطاقة الذرية طلب فيها "الحكم باستحقاقه لأن يعتبر في الدرجة السادسة الكتابية اعتباراً من أول مارس سنة 1958 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المؤسسة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة"، وقال شرحاً لدعواه إنه في 12 من يناير سنة 1958 أصدرت لجنة شئون موظفي المؤسسة قراراً بترقية المدعي إلى الدرجة السادسة الكتابية بالأقدمية المطلقة ورفعت قرارها إلى المدعى عليه للموافقة ولكن سيادته وافق على ترقيات أخرى كانت اللجنة قد قررتها وأشر قرين قرار ترقية المدعي بكلمة "يرجأ" وكان ذلك يوم 29 من يناير سنة 1958. ولما كانت هذه التأشيرة مؤدية إلى تعطيل تنفيذ قرار إداري إلى أجل غير مسمى مما لا يملكه السيد المدعى عليه بحكم المادة 28 من القانون رقم 210 لسنة 1951 فقد تظلم المدعي من ذلك ولكنه لم يتلق أي رد على تظلمه، وأتى المدعي في عريضة دعواه بنص المادة 28 سالفة الذكر وقال إن المشرع في هذه المادة واجه حالة عدم اعتماد الوزير لقرارات لجنة شئون الموظفين وعدم بيان اعتراضه عليها خلال شهر وجعل جزاء ذلك أن تصبح قرارات اللجنة معتمدة ونافذة بقوة القانون، وواجه المشرع بعد ذلك حالة اعتراض الوزير على اقتراحات اللجنة كلها أو بعضها ورسم لهذا الاعتراض الطريق الذي يجب سلوكه وهو إبداء أسباب الاعتراض كتابة وإعادة القرارات محل الاعتراض إلى اللجنة لإعادة النظر فيها في ضوء الأسباب التي أبداها الوزير مع تحديد أجل تبت اللجنة خلاله في الموضوع بحيث إذا انقضى هذا الأجل دون أن تبت اللجنة اعتبر رأي الوزير نهائياً أما إذا تمسكت اللجنة برأيها خلال الأجل المحدود ورفعت اقتراحاتها بذلك للوزير فإن الكلمة الأخيرة تكون عندئذ للوزير. وخلص المدعي من ذلك إلى أن السيد الوزير لم يوافق على قرار اللجنة بترقية المدعي ولم يعترض عليه في الشكل الذي رسمه القانون وهو إبداء مبررات الاعتراض كتابة وإعادة الاقتراح إلى اللجنة للنظر فيه في ضوء أسباب الاعتراض وتحديد أجل تبت فيه اللجنة في المسائل المعترض عليها وإنما اكتفى السيد الوزير بكلمة "يرجأ" دون أن يحدد مدة هذا الإرجاء وأهدافه والأسباب المبررة له ودون أن يطلب من اللجنة أن تتداول في هذا الإرجاء ويحدد لها أجلاً للبت فيه. ويترتب على ذلك أنه ما دام الوزير لم يوافق على القرار ولم يعترض عليه فإنه بانقضاء شهر على صدور القرار يعتبر معتمداً وينفذ بقوة القانون. ثم قدم المدعي مذكرة يصحح فيها طلباته بحيث تصبح كالآتي: بصفة أصلية الحكم باعتبار المدعي في الدرجة السادسة من 29 من يناير سنة 1958، واحتياطياً الحكم بإلغاء قرار الوزير بالامتناع عن الموافقة على قرار اللجنة.
وقد ردت مؤسسة الطاقة الذرية على الدعوى بأنه في 29 من يناير سنة 1958 عرض محضر لجنة شئون الموظفين على السيد الوزير متضمناً سبعة قرارات فأشر الوزير أمام أربعة من هذه القرارات بالاعتماد وأشر أمام الثلاثة الباقية ومن بينها قرار بترقية المدعي إلى الدرجة السادسة بالتأجيل. وفي 25 من يناير سنة 1959 رقي المدعي إلى الدرجة السادسة وظل ترتيب أقدميته هو نفس الترتيب الذي كان يصبح فيه فيما لو رقي بالقرار المطعون فيه أي أنه لم يترتب على التأجيل أن تخطاه غيره في الترقية. ودفعت المؤسسة بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد، وقالت في ذلك أن قرار الوزير بالتأجيل صدر في 29 من يناير سنة 1958 وعلق بمجرد صدوره بلوحة النشر المعدة بالمؤسسة ليعلن بها مثل القرار المطعون فيه، وقد تظلم المدعي من هذا القرار في 25 من مارس سنة 1958 ولذلك كان يجب أن يرفع دعواه في ميعاد أقصاه 23 من يوليه سنة 1958 وهو نهاية مضي 120 يوماً على تقديم التظلم ولكن المدعي لم يرفع دعواه إلا في 26 من يوليه سنة 1958 أي بعد الميعاد - وقالت المؤسسة أنه فيما يتعلق بالموضوع فإن تقدير ملاءمة إجراء الترقية في وقت معين هو من إطلاقات الإدارة تستقل فيه بما لها من سلطة تقديرية والإرجاء هو تقرير بعدم ملاءمة إجراء الترقية في الوقت المعروض فيه الاقتراح، والإدارة في هذا إنما تعمل في مجال الملاءمة لا في مجال المشروعية، ومن ثم فلا رقابة عليها في ذلك من القضاء ما دام صاحب الشأن لم يثبت الانحراف أو سوء استعمال السلطة، ولم يثبت المدعي أي انحراف بالسلطة أو إساءة في استعمالها عندما قرر السيد الوزير إرجاء شغل الدرجة التي اقترحت لجنة شئون الموظفين ترقية المدعى إليها. والواقع أن السيد الوزير قد رأى عدم ملاءمة شغل الدرجة التي اقترحت لجنة شئون الموظفين ترقية المدعى إليها وأفصح عن ذلك بكلمة (يرجأ)، والسبب واضح وهو عدم الرغبة في شغل هذه الدرجة، وهذا في حد ذاته سبب كاف ومشروع للاعتراض على قرار اللجنة وهذا الاعتراض تم في خلال مدة الشهر المحددة في المادة 28 من القانون رقم 210 لسنة 1951 وهو مكتوب ومسبب. وأضافت المؤسسة أنه بالنسبة لعدم إعادة ما اعترض عليه الوزير من قرارات اللجنة إليها لإعادة النظر فيه فإن القانون لم ينص على جزاء على عدم إعادة العرض، وعلى أية حال فإنه عندما يكون اعتراض الوزير قائماً على أساس عدم ملاءمة القرار المقترح فإن الوزير في هذه الحالة لا يتقيد بإعادة العرض على اللجنة لأن رأيه في تقدير الملاءمة يكون حاسماً بمقتضى سلطته الرئاسية. وانتهت المؤسسة في دفاعها إلى طلب الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع برفضها مع إلزام المدعي المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبجلسة 12 من مايو سنة 1958 قضت المحكمة الإدارية برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً وبقبولها وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار، وقالت في رفض الدفع أن التكييف الصحيح للدعوى هو أنها طعن بالإلغاء في قرار الوزير بامتناعه عن الموافقة على قرار لجنة شئون الموظفين، وثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه صدر بتاريخ 29 من يناير سنة 1958 وتظلم منه المدعي في 25 من مارس سنة 1958 وأرسل تظلمه بالبريد المسجل وثابت أنه وصل إلى الجهة الإدارية في 29 منه، وعلى ذلك فإن المدعي، وقد رفع دعواه في 26 من يوليه سنة 1958، يكون رفعها في الميعاد المقرر. وأما عن الموضوع فقد أقامت المحكمة قضاءها على أن قرار الوزير بالإرجاء جاء خلواً من الأسباب ومن إعادة العرض على اللجنة لإعادة النظر في اقتراحها على ضوء هذه الأسباب، ولذلك فإن قرار الوزير لا يشكل اعتراضاً بالمعنى المقصود في المادة 28 سالفة الذكر، ولما كان الوزير لا يملك في هذه الحالة سوى أن يعتمد الاقتراحات أو أن يعترض عليها بالصورة المبينة في المادة المذكورة فإن قراره بتأجيل الترقية يخرج عن كلا الأمرين ويكون باطلاً لمخالفته القانون ويترتب على ذلك اعتبار أن الوزير لم يعترض على الاقتراح بترقية المدعي فتكون الترقية نافذة بعد مرور شهر على عرضها على الوزير أي اعتباراً من 29 من فبراير سنة 1958.
وقد طعنت المؤسسة في هذا الحكم طالبة إلغاءه ورفض الدعوى ولم تتعرض لما قضى به الحكم من رفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً، وحصرت الطعن في موضوع الدعوى مستندة في طعنها إلى ذات الأسباب التي أبدتها أمام المحكمة الإدارية.
ومن حيث إن لجنة شئون الموظفين بمؤسسة الطاقة الذرية اجتمعت في يوم 12 من يناير سنة 1958 واتخذت القرارات الآتية:
أولاً - ترقية السيد/ محمد عبد الحميد عفيفي من الدرجة السادسة الكتابية إلى الدرجة الخامسة الكتابية الخالية بالميزانية.
ثانياً - ترقية السيد/ أحمد محمد حسن علوان من الدرجة السادسة الكتابية إلى الدرجة الخامسة الكتابية المقيد عليها بالميزانية.
ثالثاً - ترقية السيد/ محمد أنسى أحمد الدمرداش (المدعي) من الدرجة السابعة الكتابية إلى الدرجة السادسة الكتابية التي خلت بترقية محمد عبد الحميد عفيفي.
رابعاً - ترقية السيد/ صلاح الدين حسين الموظف من الدرجة الثامنة الفنية إلى الدرجة السابعة الفنية الخالية بالميزانية.
خامساً - ترقية السيد/ كمال الدين محمد الزمر من الدرجة الثامنة الكتابية إلى الدرجة السابعة الكتابية الخالية بالميزانية.
سادساً - تأجيل النظر في ترقية السيد/ حسين سيد عبد الجواد لحين سؤال رئيس قسم الطبيعة التابع له.
سابعاً - تعديل تاريخ نقل وترقية السيد/ أسعد عمر علي المساعد الفني بكلية طب القصر العيني إلى المؤسسة وجعلها اعتباراً من 30 من يونيه سنة 1957 بدلاً من 11 من مايو سنة 1957 - وقد عرضت هذه القرارات على السيد وزير التربية والتعليم بصفته رئيس لجنة الطاقة الذرية فأشر عليها في 29 من يناير سنة 1958 بما يأتي: "يعتمد ما جاء في أولاً ورابعاً وسادساً وسابعاً ويؤجل ما جاء بثانياً وثالثاً وخامساً" وكانت ترقية المدعي إلى الدرجة السادسة الكتابية هي الواردة في الاقتراح الثالث وهو من ضمن الاقتراحات التي رأى سيادة الوزير تأجيلها ومن ثم فيكون محل البحث هو ما إذا كان للوزير أن يقرر تأجيل الترقية بعد إذ اقترحتها لجنة شئون الموظفين على النحو المتقدم.
ومن حيث إن المادة 28 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بنظام موظفي الدولة تنص على أن: "تختص اللجان المنصوص عليها في المادة السابقة بالنظر في نقل الموظفين لغاية الدرجة الأولى وفي ترقياتهم بما في ذلك الترقية بالاختيار طبقاً لأحكام هذا القانون وترفع اللجنة اقتراحاتها إلى الوزير لاعتمادها فإذا لم يعتمدها الوزير ولم يبين اعتراضه عليها خلال شهر من تاريخ رفعها اعتبرت معتمدة وتنفذ - أما إذا اعترض الوزير على اقتراحات اللجنة كلها أو بعضها فيتعين أي يبدي كتابة الأسباب المبررة لذلك ويعيد ما اعترض عليه للجنة للنظر فيه على ضوء هذه الأسباب ويحدد لها أجلاً للبت فيه فإذا مر هذا الأجل دون أن ترفع اللجنة رأيها للوزير اعتبر رأي الوزير نهائياً أما إذا تمسكت اللجنة برأيها خلال الأجل المحدد فترفع اقتراحاتها للوزير لاتخاذ ما يراه بشأنه ويعتبر قراره في هذه الحالة نهائياً". ويتضح من هذا النص أن ما تقرره لجنة شئون الموظفين لا يعدو أن يكون مجرد اقتراحات ترفعها للوزير الذي إما أن يوافق عليها صراحة أو ضمناً، وتستفاد الموافقة الضمنية من انقضاء شهر على رفع هذه الاقتراحات إليه دون أن يعتمدها، كذلك عالجت المادة المذكورة الحالة التي يكون فيها لدى الوزير اعتراض على هذه الاقتراحات كلها أو بعضها فأوجبت على الوزير أن يبدي كتابة أسباب هذا الاعتراض ويعيدها للجنة لإعادة النظر فيها على ضوء هذه الأسباب وفي أجل يحدده لها بحيث إذا انقضى هذا الأجل دون أن ترفع اللجنة رأيها للوزير اعتبر رأيه نهائياً أما إذا تمسكت اللجنة برأيها فترفع اقتراحاتها ويعتبر قراره في هذه الحالة نهائياً - ومؤدى هذا كله أن القول الفصل في اقتراحات اللجنة هو للوزير فله أن يوافق عليها صراحة أو ضمناً وله أن يعترض عليها ويطلب إلى اللجنة إعادة النظر فيها على ضوء أسباب اعتراضه ويكون رأيه نهائياً سواء لم تعد اللجنة النظر فيها أو أعادت النظر فيها وتمسكت برأيها.
ومن حيث إن القرار الصادر من الوزير بتأجيل ترقية المدعي إن هو إلا قرار بعدم ملاءمة إجراء الترقية في الوقت الذي اقترحت اللجنة إجراءها فيه، وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن إجراء أو عدم إجراء الترقية في وقت معين هو مسألة ملاءمة تستقل جهة الإدارة بتقديرها حسب ظروف الأحوال ومقتضيات الصالح العام وحاجة العمل، باعتبار ذلك من مناسبات إصدار القرار الإداري، ومن ثم فإنه إذا رأى الوزير إرجاء شغل درجة أو أكثر فهذه مسألة يترخص في تقديرها بلا معقب عليه، كما أن مجرد صدور اقتراح من اللجنة بشغل الوظيفة لا يغير من الموقف ولا يسلب الوزير سلطة الإرجاء.
ومن حيث إن القول بأنه كان على الوزير أن يبدي أسباب هذا الإرجاء كتابة وأن يعيد الأمر إلى اللجنة لإعادة النظر في اقتراحاتها على ضوء هذه الأسباب، هذا القول مردود بأن قرار الوزير بإرجاء شغل درجة ما فضلاً عن أنه ليس من القرارات التي أوجب القانون تسبيبها فإن مثل هذا القرار يحمل في طياته أسباب إصداره وهي عدم ملاءمة شغل الدرجة في الوقت الذي اقترحته اللجنة وتقدير هذه الملاءمة - كما سلف البيان - مما تترخص فيه الإدارة وحدها - أما أن الوزير كان عليه أن يعيد الاقتراحات إلى اللجنة مشفوعة بأسباب هذا الإرجاء فهذه الإعادة إجراء أوجبه القانون في حالة اعتراض الوزير على اقتراحات اللجنة لأسباب معينة تبرر هذا الاعتراض أما إذا كان قرار الوزير ليس اعتراضاً على مقترحات اللجنة وإنما مجرد إرجاء لها فليس ثمة حاجة لإعادة المقترحات إلى اللجنة لإعادة النظر فيها. وما دام لم يترتب على إرجاء ترقية المدعي أن شغل غيره الدرجة التي اقترحت لجنة شئون الموظفين ترقيته إليها، والواقع أن هذه الدرجة ظلت شاغرة إلى أن رقي المدعي إليها في 25 من يناير سنة 1959 دون أن يتخطاه غيره.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ ذهب غير هذا المذهب يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله، مما يتعين معه الحكم بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي المصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.