الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 30 مايو 2015

الطعن 19840 لسنة 65 ق جلسة 19 / 10 / 1997 مكتب فني 48 ق 169 ص 1123

جلسة 19 من أكتوبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ طلعت الأكيابي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ حسن عشيش وبدر الدين السيد ومحمد شعبان باشا نواب رئيس المحكمة، وناجي عبد العظيم.

---------------

(169)
الطعن رقم 19840 لسنة 65 القضائية

(1) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي. تزيد الحكم فيما لا يؤثر على منطقه. لا يعيبه.
(2) مواد مخدرة. تفتيش "إذن التفتيش. تنفيذه" "تفتيش الأنثى". دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تفتيش مأمور الضبط القضائي لأنثى في موضع يعد عورة. يوجب إعمال المادة 46 إجراءات جنائية.
اصطحاب مأمور الضبط القضائي أنثى عند انتقاله لتنفيذ إذن بتفتيش أنثى غير واجب. حد ذلك.
إثبات الحكم سقوط بعض المخدر من ملابس الطاعنة حال رؤيتها. الضابط وعثوره على بعضها الآخر بمخدعها. قضاؤه برفض الدفع ببطلان التفتيش لعدم اصطحاب أنثى وقت تنفيذه. صحيح.
(3) إثبات "شهود". "قصد جنائي". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إيراد الحكم في بيانه لأقوال الشهود ما يفيد توافر قصد الاتجار. انتهاؤه من بعد إلى اقتناعه بعدم توافر هذا القصد. لا يعيبه. التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته.
(4) إثبات "شهود". إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً المادة 289 إجراءات.
النعي على المحكمة قعودها عن سماع شاهد الإثبات. غير جائز. ما دام أقواله طرحت على بساط البحث وتنازل المدافع عن الطاعنة - دون اعتراض منها - عن سماعه.
(5) دفوع "الدفع بشيوع التهمة".
الدفع بشيوع التهمة. موضوعي. لا يستأهل رداً خاصاً.
(6) مواد مخدرة. قصد جنائي. حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر. قوامه: العلم بكنه المادة المخدرة. تحدث الحكم عنه استقلالاً. غير لازم متى كان ما أورده كافياً في الدلالة عليه.

----------------
1 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت رقابة محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بتوافر مسوغات إصدار هذا الأمر، فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض. أما قالة الحكم استدلالاً على جدية التحريات من أن التفتيش قد انتهى إلى ضبط المتهمة بمحل إقامتها تحوز وتحرز مخدر الهيروين فهو تزيد لا يؤثر فيما أثبته الحكم من أن الأمر بالتفتيش قد بني على تحريات جدية سبقت صدوره.
2 - من المقرر أن مجال إعمال حكم المادة 46/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية أن يكون ثمة تفتيش قد وقع من مأمور الضبط القضائي على شخص الأنثى في موضع من جسمها لا يجوز لرجل الضبط القضائي الاطلاع عليه، ومشاهدته باعتباره من عورات المرأة التي يخدش حياءها إذا مس، وكان القانون لم يوجب على مأمور الضبط القضائي اصطحاب أنثى عن انتقاله لتنفيذ إذن بتفتيش أنثى إذ أن هذا الالتزام مقصور على إجراء التفتيش ذاته في المواضع سالفة البيان، وكانت المحكمة قد أثبتت في حكمها - في حدود سلطتها التقديرية - أن المخدر بعضه سقط من ملابس الطاعنة وقت رؤيتها دخول الضابط للمسكن وبعضها الآخر عثر عليه بحجرة نومها. فإنه لا تثريب عليها إن هي رفضت الدفع ببطلان التفتيش المؤسس على عدم اصطحاب الضابط لأنثى وقت تنفيذ إذن التفتيش. ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد لا يكون له محل.
3 - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يورد في بيانه لواقعة الدعوى أن الطاعنة تتجر بالمادة المخدرة، وإن أورد على لسان الضابطين شاهدي الإثبات أن الطاعنة تتجر بالمادة المخدرة إلا أن البين من أسبابه أنه حصل مؤدى أدلة الثبوت في الواقعة كما هي قائمة في الأوراق، ثم أورد بعد ذلك ما قصد إليه في اقتناعه من عدم توافر قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي في حق الطاعنة، فإن ذلك يكون استخلاصاً موضوعياً للقصد من الحيازة والإحراز ينأى عن قالة التناقض في التسبيب، ذلك أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته بعضها الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة وهو ما لم يتردى الحكم فيه، ومن ثم كان هذا النعي غير سديد.
4 - لما كان نص المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديله بالقانون رقم 113 لسنة 1957 يجيز للمحكمة الاستغناء عن سماع شهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، يستوي في ذلك أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه، أو يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنة وإن استهل طلباته بطلب سماع شاهد الإثبات إلا أنه عاد وتنازل عن طلبه ثم ترافع في موضوع الدعوى طالباً الحكم ببراءة الطاعنة، ولم تبد هذه الأخيرة اعتراضاً على تصرف المدافع، فليس لها من بعد أن تنعى على المحكمة قعودها عن سماع أقوال الشاهد، ولا تكون المحكمة مخطئة إذا عولت على أقواله في التحقيقات ما دامت تلك الأقوال كانت مطروحة على بساط البحث في الجلسة، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد.
5 - من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة ووجدان المحكمة من انبساط سلطان الطاعنة على جوهر الهيروين المضبوط تأسيساً على أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله.
6 - لما كان القصد الجنائي في جريمة إحراز جوهر مخدر يتحقق بعلم المحرز بأن ما يحرزه هو من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحقق استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحرزه مخدر، وإذ كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنة لم تدفع بانتفاء هذا العلم، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته كافياً في الدلالة على حيازة وإحراز الطاعنة لجوهر الهيروين المضبوط وعلى علمها بكنهه، فإن ما تنعاه على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون غير قويم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة لأنها حازت وأحرزت بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "هيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالتها إلى محكمة جنايات بنها لمحاكمتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7/ 1، 38، 42 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 122 لسنة 1989 والبند رقم 2 من القسم الأول من الجدول رقم (1) الملحق به مع تطبيق نص المادتين 17 عقوبات، 36 من قانون مكافحة المخدرات بمعاقبة المتهمة بالأشغال الشاقة لمدة ست سنوات وتغريمها مائة ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الحيازة والإحراز مجردة من القصود.
فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنة بجريمة حيازة وإحراز جوهراً مخدراً "هيروين" بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الطاعنة دفعت ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات التي بني عليها، بدلالة عدم وجود سوابق لها إلا أن الحكم رد على هذا الدفع رداً معيباً اتخذ فيه من ضبط المخدر مع الطاعنة دليلاً على جدية التحريات، كما دفعت ببطلان القبض والضبط والتفتيش لأن الضابط لم يصطحب معه أنثى عند انتقاله لتنفيذ إذن التفتيش بمعرفتها طبقاً لحكم المادة 46/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية. هذا إلى أن الحكم في تحصيله للواقعة ولأقوال الرائد محمد خالد بدوي أثبت أن الطاعنة تتجر في المواد المخدرة ثم انتهى إلى أن الأوراق خلت من دليل يقيني على توافر قصد الاتجار لديها. كما أن المحكمة التفتت عن طلب الدفاع وسماع شاهد الإثبات رغم تأجيل الدعوى لهذا السبب عدة جلسات ودون بيان سبب عدولها عن سماعه وأخيراً فإن الحكم رد رداً قاصراً على ما أثاره الدفاع من شيوع التهمة بين الطاعنة وزوجها وأولادها، وأن المخدر دس عليها، ولا تعلم كنهه. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة حيازة وإحراز مخدر الهيروين بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي التي دان بها الطاعنة، وأورد على ثبوتها في حقها أدلة سائغة مستقاة من أقوال شاهدي الإثبات، ومن تقرير المعامل الكيماوية. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات التي بني عليها ورد عليه في "قوله أن الواقع في الاتهام الماثل أن تحريات الرائد.... السرية دلت وأكدت أن المتهمة البالغة من العمر أربعين عاماً والمولودة... والمقيمة.... والسابق اتهامها في الجناية رقم.... لسنة 1988..... تحوز وتحرز كمية من مخدر الهيروين وقد صدر الإذن بناء على هذه التحريات، وتم ضبط المتهمة تحوز وتحرز المخدر في المكان الذي حددته التحريات، كما ثبت من شهادة الميلاد المقدمة منها أن عمرها وميلادها على النحو الثابت بمحضر التحريات، ومن ثم فإن المعلومات كافية وجدية وسائغة لإصدار الإذن ويكون الدفع في غير محله". لما كان ذلك وكان ما انتهى إليه الحكم فيما تقدم سائغاً وسديداً في القانون ذلك بأن الأصل أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت رقابة محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بتوافر مسوغات إصدار هذا الأمر، فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض. أما قالة الحكم استدلالاً على جدية التحريات من أن التفتيش قد انتهى إلى ضبط المتهمة بمحل إقامتها تحوز وتحرز مخدر الهيروين فهو تزيد لا يؤثر فيما أثبته الحكم من أن الأمر بالتفتيش قد بني على تحريات جدية سبقت صدوره. لما كان ذلك وكان من المقرر أن مجال إعمال حكم المادة 46/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية أن يكون ثمة تفتيش قد وقع من مأمور الضبط القضائي على شخص الأنثى في موضع من جسمها لا يجوز لرجل الضبط القضائي الاطلاع عليه، ومشاهدته باعتباره من عورات المرأة التي يخدش حياءها إذا مس، وكان القانون لم يوجب على مأمور الضبط القضائي اصطحاب أنثى عن انتقاله لتنفيذ إذن بتفتيش أنثى إذ أن هذا الالتزام مقصور على إجراء التفتيش ذاته في المواضع سالفة البيان، وكانت المحكمة قد أثبتت في حكمها - في حدود سلطتها التقديرية - أن المخدر بعضه سقط من ملابس الطاعنة وقت رؤيتها دخول الضابط للمسكن والبعض الآخر عثر عليه بحجرة نومها فإنه لا تثريب عليها إن هي رفضت الدفع ببطلان التفتيش المؤسس على عدم اصطحاب الضابط لأنثى وقت تنفيذ إذن التفتيش. ومن ثم فإن ما تثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يورد في بيانه لواقعة الدعوى أن الطاعنة تتجر بالمادة المخدرة، ولئن أورد على لسان الضابطين شاهدي الإثبات أن الطاعنة تتجر بالمادة المخدرة إلا أن البين من أسبابه أنه حصل مؤدى أدلة الثبوت في الواقعة كما هي قائمة في الأوراق، ثم أورد بعد ذلك ما قصد إليه في اقتناعه من عدم توافر قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي في حق الطاعنة، فإن ذلك يكون استخلاصاً موضوعياً للقصد من الحيازة والإحراز ينأى عن قالة التناقض في التسبيب، ذلك أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة وهو ما لم يتردى الحكم فيه، ومن ثم كان هذا النعي غير سديد. لما كان ذلك، وكان نص المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديله بالقانون رقم 113 لسنة 1957 يجيز للمحكمة الاستغناء عن سماع شهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، يستوي في ذلك أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع بما يدل عليه، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنة وإن استهل طلباته بطلب سماع شاهد الإثبات، إلا أنه عاد وتنازل عن طلبه ثم ترافع في موضوع الدعوى طالباً الحكم ببراءة الطاعنة، ولم تبد هذه الأخيرة اعتراضاً على تصرف المدافع، فليس لها من بعد أن تنعى على المحكمة قعودها عن سماع أقوال الشاهد، ولا تكون المحكمة مخطئة إذا عولت على أقواله في التحقيقات ما دامت تلك الأقوال كانت مطروحة على بساط البحث في الجلسة، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضائه على ما استقر في عقيدة ووجدان المحكمة من انبساط سلطان الطاعنة على جوهر الهيروين المضبوط تأسيساً على أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز جوهر مخدر يتحقق بعلم الإحراز بأن ما يحرزه هو من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحقق استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحرزه مخدر، وإذ كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنة لم تدفع بانتفاء هذا العلم، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته كافياً في الدلالة على حيازة وإحراز الطاعنة لجوهر الهيروين المضبوط وعلى علمها بكنهه، فإن ما تنعاه على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون غير قويم، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 2855 لسنة 63 ق جلسة 19 / 10 / 1997 مكتب فني 48 ق 167 ص 1113

جلسة 19 أكتوبر سنة 1997 
برئاسة السيد المستشار / عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / حسام عبد الرحيم وسمير أنيس والبشري الشوربجي وعبد المنعم منصور نواب رئيس المحكمة .
--------------
(167)
الطعن 2855 لسنة 63 ق

(1) دعوى مدنية . معارضة . نقض " ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام ".

صدور الحكم بالبراءة في غيبة المعارض غير ضار به . الطعن فيه بطريق النقض من المدعي بالحقوق المدنية بصفته . جائز.

(2) دعوى مدنية . دعوى جنائية. نقض " الصفة والمصلحة في الطعن ".

القضاء بالبراءة لكون الاتهام غير مؤثم يتلازم معه الحكم برفض الدعوى المدنية ولو لم ينص على ذلك في منطوق الحكم . للمدعي بالحقوق المدنية الطعن في هذا الحكم بطريق النقض . أساس ذلك؟

(3) استئناف " نطاقه" " نظره والحكم فيه". دعوى جنائية " نظرها والحكم فيها". نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها".

نطاق الاستئناف يتحدد بصفة رافعه. 

استئناف المدعي بالحق المدني . نطاقه ؟

تصدي المحكمة الاستئنافية للدعوى الجنائية والقضاء ببراءة المطعون ضده بعد صيرورة القضاء فيها نهائيا لعدم الطعن عليه ممن يملكه . غير جائز . علة ذلك؟

(4) استئناف " نظره والحكم فيه". نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون". عقوبة " تطبيقها".

عدم جواز إضارة الطاعن بناء على الاستئناف المرفوع منه وحده في الدعوى الجنائية . سريان ذلك على الدعوى المدنية التابعة لها . المادة 266 إجراءات . مخالفة ذلك خطأ في القانون يوجب النقض والإعادة.

--------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه وان صدر في غيبة المطعون ضده إلا انه وقد قضى بالبراءة لا يعتبر انه قد اضر به حتى يصح له أن يعارض فيه ومن ثم فان الطعن المقدم من المدعى بالحقوق المدنية بصفته فيه بالنقض من تاريخ صدوره جائز .
2 - لما كان مبنى البراءة حسبما جاء بمدونات الحكم المطعون فيه أن الاتهام المسند الى المطعون ضده على غير أساس إذ لم يعد مؤثما طبقا للقانون رقم 11 لسنة 1991 بشأن الضريبة على المبيعات فانة ينطوي ضمنا على الفصل في الدعوى المدنية بما يؤدى الى رفضها ، و لو لم ينص على ذلك في منطوق الحكم ، فان الطاعن - المدعي بالحقوق المدنية - والذي كان طرفا في الخصومة الاستئنافية أمام محكمة ثاني درجة - تتوافر له الصفة والمصلحة في الطعن ، وإن لم ينص منطوق الحكم المطعون فيه على رفض دعواه المدنية .
3 - لما كان من المقرر ان نطاق الاستئناف يتحدد بصفة رافعة فان استئناف المدعي بالحقوق المدنية - وهو لا صفة له في التحدث إلا عن الدعوى المدنية ولا شأن له بالدعوى الجنائية - لا ينقل النزاع أمام المحكمة الاستئنافية إلا في خصوص الدعوى المدنية دون غيرها طبقا لقاعدة الأثر النسبي للطعن ، ولما كانت الدعوى الجنائية قد انحسم الأمر فيها بإدانة المتهم وصيرورة هذا القضاء نهائيا بعدم الطعن عليه ممن يملكه وهما النيابة العامة والمتهم فان تصدي المحكمة الاستئنافية للدعوى الجنائية والقضاء ببراءة المطعون ضده يكون تصديا منها لما لا تملك القضاء فيه وفضلا فيما لم ينقل إليها ولم يطرح عليها .
4 - لما كان الثابت أن المدعي بالحقوق المدنية هو وحده - دون النيابة العامة أو المتهم - الذي استأنف الحكم الصادر من محكمة أول درجة الذي قضى بإدانة المطعون ضده والزامه بالتعويض ، وكان من المقرر انه لا يصح أن يضار المستأنف بناء على الاستئناف المرفوع منه وحده وذلك وفقا لحكم الفقرة الثالثة من المادة 417 من قانون الإجراءات الجنائية التي جرى نصها على انه إذ كان الاستئناف مرفوعا من غير النيابة العامة فليس للمحكمة إلا أن تؤيد الحكم أو تعدله لمصلحة رافع الاستئناف ، وهو حكم ينطبق على الدعوى المدنية التابعة للدعوى الجنائية تطبيقا للمادة 266 من قانون الإجراءات الجنائية - لما كان ما تقدم ، فان الحكم المطعون فيه - بقضائه ضمنيا برفض الدعوى المدنية - يكون مشوبا بالبطلان ومخطئا في القانون بما يتعين معه نقضه والإعادة فيما قضى به في الدعوى المدنية .
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه حاز بضائع أجنبية بقصد الإتجار فيها وغير خالصة الرسوم ورسم الاستهلاك مع علمه بذلك وطلبت عقابه بمواد القانون رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980 والمواد 1 ، 5 ، 13 ، 120 ، 124 ، 124 مكرر من القانون رقم 133 لسنة 1981 المعدل بالقانون رقم 102 لسنة 1982 والقرار 66 لسنة 1982 وأدعى وزير المالية بصفته بالتعويض بمبلغ 1820 جنيه (ألف وثمانمائة وعشرون جنيها) ومحكمة جنح دمنهور قضت غيابيا عملا بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر وكفالة عشرين جنيها وأداء الضريبة المستحقة وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ 1820 جنيها على سبيل التعويض والمصادرة للشرائط المضبوطة استأنف ومحكمة دمنهور الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابيا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه .
فطعنت هيئة قضايا الدولة نيابة عن وزير المالية بصفته فى هذا الحكم بطريق النقض ....إلخ .
-------------
المحكمة 
من حيث إن الحكم المطعون فيه وإن صدر في غيبة المطعون ضده إلا أنه وقد قضى بالبراءة لا يعتبر أنه قد أضر به حتى يصح له أن يعارض فيه ومن ثم فإن الطعن المقدم من المدعي بالحقوق المدنية بصفته فيه بالنقض من تاريخ صدوره جائز. 
ومن حيث إن مبنى البراءة حسبما جاء بمدونات الحكم المطعون فيه أن الاتهام المسند إلى المطعون ضده على غير أساس إذ لم يعد مؤثما طبقا للقانون رقم 11 لسنة 1991 بشأن الضريبة على المبيعات فإنه ينطوي ضمنا على الفصل في الدعوى المدنية مما يؤدي إلى رفضها, ولو لم ينص على ذلك في منطوق الحكم, فإن الطاعن - المدعي بالحقوق المدنية - والذي كان طرفا في الخصومة الاستئنافية أمام محكمة ثاني درجة - تتوافر له الصفة والمصلحة في الطعن, وإن لم ينص في منطوق الحكم المطعون فيه على رفض دعواه المدنية. 
ومن حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون. 
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن - المدعي بالحقوق المدنية بصفته - على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإلغاء الحكم المستأنف - القاضي بإدانة المطعون ضده وإلزامه بالتعويض المدني - وببراءة المطعون ضده فقد شابه البطلان والخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه انطوى على قضاء ضمني برفض دعواه المدنية رغم أنه المستأنف وحده دون النيابة العامة أو المتهم مما أساء إلى مركزه وأضر به بالمخالفة لنص الفقرة الثالثة من المادة رقم 417 من قانون الإجراءات الجنائية, مما يعيبه ويستوجب نقضه. 
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن قوام الاتهام المسند إلى المطعون ضده هو حيازته سلعة - شرائط فيديو كاسيت - بقصد الاتجار دون أن تكون مصحوبة بالمستندات الدالة على سداد ضريبة الاستهلاك عنها وفق ما تقضي به المادتان 53, 54/4 من القانون رقم 133 لسنة 1981, ومحكمة أول درجة قضت غيابيا بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وإلزامه بأداء كامل الضريبة المستحقة وأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ 1820 جنيها على سبيل التعويض ومصادرة الشرائط المضبوطة, فاستأنف الطاعن - المدعي بالحقوق المدنية بصفته - وحده هذا الحكم فقضت محكمة ثاني درجة غيابيا بالحكم المطعون فيه بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن نطاق الاستئناف يتحدد بصفة رافعه فإن استئناف المدعي بالحقوق المدنية - وهو لا صفة له في التحدث إلا عن الدعوى المدنية ولا شأن له بالدعوى الجنائية - لا ينقل النزاع أمام المحكمة الاستئنافية إلا في خصوص الدعوى المدنية دون غيرها طبقا لقاعدة الأثر النسبي للطعن, ولما كانت الدعوى الجنائية قد أنحسم الأمر فيها بإدانة المتهم وصيرورة هذا القضاء نهائيا بعدم الطعن عليه ممن يملكه وهما النيابة العامة والمتهم, فإن تصدي المحكمة الاستئنافية للدعوى الجنائية والقضاء ببراءة المطعون ضده يكون تصديا منها لما لا تملك القضاء فيه وفصلا فيما لم ينقل إليها ولم يطرح عليها. لما كان ذلك, وكان الثابت أن المدعي بالحقوق المدنية هو وحده - دون النيابة العامة أو المتهم - الذي استأنف الحكم الصادر من محكمة أول درجة الذي قضى بإدانة المطعون ضده وإلزامه بالتعويض, وكان من المقرر أنه لا يصح أن يضار المستأنف بناء على الاستئناف المرفوع منه وحده وذلك وفقا لحكم الفقرة الثالثة من المادة 417 من قانون الإجراءات الجنائية التي جرى نصها على أنه إذ كان الاستئناف مرفوعا من غير النيابة العامة فليس للمحكمة إلا أن تؤيد الحكم أو تعدله لمصلحة رافع الاستئناف, وهو حكم ينطبق على الدعوى المدنية التابعة للدعوى الجنائية تطبيقا للمادة 266 من قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ما تقدم, فإن الحكم المطعون فيه - بقضائه ضمنيا برفض الدعوى المدنية - يكون مشوبا بالبطلان ومخطئا في القانون بما يتعين معه نقضه والإعادة فيما قضى به في الدعوى المدنية دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 29751 لسنة 59 ق جلسة 19 / 10 / 1997 مكتب فني 48 ق 166 ص 1108

جلسة 19 من أكتوبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم وسمير أنيس والبشري الشوربجي نواب رئيس المحكمة، وإيهاب عبد المطلب.

-----------------

(166)
الطعن رقم 29751 لسنة 59 القضائية

شهادة سلبية. نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. ميعاد". حكم "إيداعه".
ابتداء ميعاد الطعن بالنقض وإيداع الأسباب المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام النقض. شرطه وأساسه؟
الشهادة السلبية التي يعتد بها. ماهيتها؟
الشهادة الصادرة في اليوم الثلاثين. حتى نهاية العمل لا تنفي إيداع الحكم بعد ذلك. علته.
التأشير على الحكم بما يفيد إيداعه في تاريخ لاحق على الثلاثين يوماً لا ينفي حصول الإيداع خلال الأجل المحدد قانوناً.
استناد النيابة العامة. في تبرير تجاوزها الميعاد المقرر قانوناً للطعن بالنقض. إلى شهادة سلبية صادرة في اليوم الثلاثين وتأشيرة قلم الكتاب على الحكم المطعون فيه بتاريخ إيداعه. أثره.

-----------------
لما كان البين من الأوراق أن الحكم المطعون فيه صدر حضورياً في.... ببراءة المطعون ضدهم من تهمة الاختلاس - فقررت النيابة العامة بالطعن فيه بطريق النقض بتاريخ.... وقدمت الأسباب في ذات التاريخ متجاوزة في الأمرين الميعاد الذي حددته المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا يجدي النيابة الطاعنة الاستناد في تبرير تجاوزها هذا الميعاد إلى الشهادة المقدمة منها الصادرة من قلم الكتاب في..... متضمنة عدم إيداع الحكم حتى هذا التاريخ، كما لا يجديها قولها بأن الحكم قد أودع في.... وفقاً لما تأشر به من قلم الكتاب على الحكم ذاته، ذلك بأن ابتداء ميعاد الطعن وتقديم الأسباب المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 34 سالفة البيان مشروط - على ما نصت عليه الفقرة الثانية من هذه المادة - بأن تكون الطاعنة قد حصلت على شهادة بعدم إيداع الحكم الصادر بالبراءة قلم الكتاب خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدوره، وعندئذ يقبل الطعن وأسبابه خلال عشرة أيام من تاريخ إعلان الطاعنة بإيداع الحكم قلم الكتاب. وقد جرى قضاء محكمة النقض على أن الشهادة التي يعتد بها في هذا الشأن هي التي تصدر بعد انقضاء الثلاثين يوماً المقررة في القانون متضمنة أن الحكم لم يكن وقت تحريرها قد أودع ملف الدعوى موقعاً عليها برغم انقضاء هذا الميعاد، وأن الشهادة الصادرة في اليوم الثلاثين حتى نهاية ساعات العمل لا تنفي إيداع الحكم بعد ذلك لأن تحديد ميعاد العمل في أقلام الكتاب ليس معناه أن هذه الأقلام يمتنع عليها أن تؤدي عملاً بعد انتهاء الميعاد، كما استقر قضاء محكمة النقض على حساب مضي الثلاثين يوماً كاملة من اليوم التالي للتاريخ الذي صدر الحكم فيه. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الشهادة الأولى السلبية المؤرخة.... محررة في اليوم الثلاثين من تاريخ صدور الحكم، وأن الشهادة الأخرى المؤرخة.... محررة بعد انقضاء ميعاد الطعن وإيداع الأسباب فضلاً عن أنها ليست سلبية بل تتضمن تحديد تاريخ إيداع الحكم وهو ما لم تعد الشهادة لإثباته فإن هاتين الشهادتين لا تكسبان الطاعنة حقاً في امتداد الميعاد، ولا يعتبر من ذلك ما هو مؤشر به على هامش الحكم من وروده في.... لأن التأشير على الحكم بما يفيد إيداعه ملف الدعوى في تاريخ لاحق على ميعاد الثلاثين يوماً التالية لصدوره لا يجدي بدوره - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - في نفي حصول هذا الإيداع في الميعاد القانوني، لما كان ما تقدم، وكانت النيابة الطاعنة لم تقرر بالطعن بالنقض وتقديم أسباب طعنها إلا بعد انتهاء الميعاد المحدد في القانون، فإن الطعن يكون غير مقبول شكلاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم بصفتهم موظفين عموميين ومن الأمناء على الودائع (أمناء قسم الصادر جامع البنات التابع لشركة..... (إحدى شركات وحدات القطاع العام) اختلسوا مالاً عاماً وجد في حيازتهم بسبب وظيفتهم إذ تسلموا جميعهم من أمين المخزن طرد الأقمشة الصوفية رقم "4" والفاتورة الخاصة به رقم 72827 والبالغ قيمتها 2067.733 جنيه ألفان وسبعة وستون جنيهاً وسبعمائة وثلاثة وثلاثون مليماً وتسلم الأول والثاني طرد الأقمشة الصوفية رقم "11" والفاتورة الخاصة به رقم 72356 والبالغ قيمتها 2805.965 جنيه ألفان وثمانمائة وخمسة جنيهات وتسعمائة وخمسة وستون مليماً والمملوكة للشركة سالفة الذكر والمسلمة إليهم بسبب وظيفتهم لتصدير إلى الجهات المرسلة إليها فاختلسوها لأنفسهم على النحو المبين بالأوراق وأحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في 27 من ديسمبر سنة 1988 ببراءة المتهمين من التهمة المسندة إليهم فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض في 29 من مارس سنة 1989... إلخ.


المحكمة

من حيث إن البين من الأوراق أن الحكم المطعون فيه صدر حضورياً في..... ببراءة المطعون ضدهم من تهمة الاختلاس - فقررت النيابة العامة بالطعن فيه بطريق النقض بتاريخ.... وقدمت الأسباب في ذات التاريخ متجاوزة في الأمرين الميعاد الذي حددته المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان لا يجدي النيابة الطاعنة الاستناد في تبرير تجاوزها هذا الميعاد إلى الشهادة المقدمة منها الصادرة من قلم الكتاب في... متضمنة عدم إيداع الحكم حتى هذا التاريخ، كما لا يجديها قولها بأن الحكم قد أودع في..... وفقاً لما تأشر به من قلم الكتاب على الحكم ذاته، ذلك بأن ابتداء ميعاد الطعن وتقديم الأسباب المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 34 سالفة البيان مشروط - على ما نصت عليه الفقرة الثانية من هذه المادة - بأن تكون الطاعنة قد حصلت على شهادة بعدم إيداع الحكم الصادر بالبراءة قلم الكتاب خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدوره، وعندئذ يقبل الطعن وأسبابه خلال عشرة أيام من تاريخ إعلان الطاعنة بإيداع الحكم قلم الكتاب. وقد جرى قضاء محكمة النقض على أن الشهادة التي يعتد بها في هذا الشأن هي التي تصدر بعد انقضاء الثلاثين يوماً المقررة في القانون متضمنة أن الحكم لم يكن وقت تحريرها قد أودع ملف الدعوى موقعاً عليها رغم انقضاء هذا الميعاد، وأن الشهادة الصادرة في اليوم الثلاثين حتى نهاية ساعات العمل لا تنفي إيداع الحكم بعد ذلك لأن تحديد ميعاد العمل في أقلام الكتاب ليس معناه أن هذه الأقلام يمتنع عليها أن تؤدي عملاً بعد انتهاء الميعاد، كما استقر قضاء محكمة النقض على حساب مضي الثلاثين يوماً كاملة من اليوم التالي للتاريخ الذي صدر الحكم فيه. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الشهادة الأولى السلبية المؤرخة.... محررة في اليوم الثلاثين من تاريخ صدور الحكم، وأن الشهادة الأخرى المؤرخة.... محررة بعد انقضاء ميعاد الطعن وإيداع الأسباب فضلاً عن أنها ليست سلبية بل تتضمن تحديد تاريخ إيداع الحكم وهو ما لم تعد الشهادة لإثباته فإن هاتين الشهادتين لا تكسبان الطاعنة حقاً في امتداد الميعاد، ولا يعتبر من ذلك ما هو مؤشر به على هامش الحكم من وروده في..... لأن التأشير على الحكم بما يفيد إيداعه ملف الدعوى في تاريخ لاحق على ميعاد الثلاثين يوماً التالية لصدوره لا يجدي بدوره - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - في نفي حصول هذا الإيداع في الميعاد القانوني، لما كان ما تقدم، وكانت النيابة الطاعنة لم تقرر بالطعن بالنقض وتقديم أسباب طعنها إلا بعد انتهاء الميعاد المحدد في القانون فإن الطعن يكون غير مقبول شكلاً.

الطعن 15541 لسنة 65 ق جلسة 20 / 10 / 1997 مكتب فني 48 ق 170 ص 1132

جلسة 20 من أكتوبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمد زايد نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ سري صيام ومحمد حسام الدين الغرياني ومحمد شتا وأحمد عبد القوي نواب رئيس المحكمة.

------------------

(170)
الطعن رقم 15541 لسنة 65 القضائية

(1) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
المحاكمة هي وقت المتهم المناسب الذي كفل فيه القانون له الحق في الإدلاء بأوجه دفاعه وألزم المحكمة النظر فيها وتحقيقها وتجلية أمرها. استمرارها هذا الحق ما دامت المرافعة في الدعوى دائرة لم يقفل بابها.
(2) محاماة إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها" دستور. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
حتمية الاستعانة بمحام لكل متهم بجناية حتى يكفل له دفاعاً حقيقياً لا شكلياً. أساس ذلك وعلته؟
التفات المحكمة عند طلب أحد المحامين الموكلين تأجيل نظر الدعوى لحضور زميله دون أن يترافع في موضوع الدعوى وبغير تنبيهه إلى رفض طلبه. إخلال بحق الدفاع.

----------------
1 - لما كانت المحاكمة هي وقت المتهم المناسب الذي كفل القانون له فيه الحق في أن يدلي بما يعن له من أوجه الدفاع وألزم المحكمة النظر فيها وتحقيقها وتجلية أمرها، ويظل هذا الحق قائماً ما دامت المرافعة في الدعوى دائرة لم يقفل بابها.
2 - من المقرر أنه من القواعد الأساسية التي يوجبها الدستور والقانون أن يكون لكل متهم بجناية محام يدافع عنه دفاعاً حقيقياً لا دفاعاً شكلياً تقديراً بأن الاتهام بجناية أمر له خطره، ولا تتحقق ثمة هذا الضمان إلا بحضور محام أثناء المحاكمة ليشهد إجراءاتها وليعاون المتهم معاونة إيجابية بكل ما يرى تقديمه من وجوه الدفاع عنه، فإن المحكمة بالتفاتها عن طلب أحد المحامين الموكلين تأجيل نظر الدعوى لحضور زميله والذي اقتصر عليه دون أن يترافع في موضوع الدعوى وبغير أن تنبهه إلى رفض طلب التأجيل حتى يبدي ما قد يعن له من إيضاح أو إضافة لوجوه دفاعه التي سبقت إثارتها ما دام باب المرافعة ما زال مفتوحاً لم يوصد، وبقضائها في نهاية الجلسة بإدانة الطاعن تكون قد فوتت على المحامي الحاضر فرصة الدفاع عن الطاعن، وحالت بين المحامي الغائب وبين القيام بمهمته مما يعيب حكمها بالإخلال بحق الدفاع.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين سبق الحكم عليهم بأنهم قتلوا..... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعدوا لهذا الغرض أدوات راضة وحادة "عصا وفأس وسكين وبلطة" وترصدوه في الطريق الذي أيقنوا سلفاً مروره فيه وما أن ظفروا به حتى انهالوا عليه ضرباً قاصدين من ذلك قتله فحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنهم في المكان والزمان سالفي الذكر قتلوا عمداً..... مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعدوا لهذا الغرض الأدوات الراضة والحالة سالفة الذكر وترصدوه في الطريق الذي أيقنوا سلفاً مروره فيه وما أن ظفروا به حتى انهالوا عليه ضرباً قاصدين من ذلك قتله فحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته..... وأحالته إلى محكمة جنايات أسيوط لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 231، 232، 234، من قانون العقوبات مع أعمال المادة 17 من ذات القانون - بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات لما نسب إليه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد المقترن بجناية أخرى قد شابه الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب ذلك بأن المحكمة رفضت دون تعليل طلب أحد محاميين الطاعن الموكلين بالجلسة التي صدر بها الحكم المطعون فيه تأجيل نظر الدعوى لحضور زميله الآخر. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن حضر معه محاميان موكلان ترافعا بجلسة.... مرافعة تفصيلية أبديا فيها أوجه دفاعهما في موضوع الدعوى واختتمت بطلب براءة الطاعن مما أسند إليه، إلا أن المحكمة أصدرت بنهاية تلك الجلسة قراراً بندب النيابة العامة لإجراء معاينة تصويرية لواقعة الحادث وحددت لنظر الدعوى جلسة 26 من ديسمبر من العام ذاته وذلك حتى تتم هذه المعاينة، وقد حضر بهذه الجلسة أحد المحاميين الموكلين وطلب التأجيل لإتمام المعاينة ولحضور زميله الآخر فاستجابت المحكمة لطلبه وأجلت نظر الدعوى لجلسة....، وبها حضر المحامي نفسه وأعاد طلب التأجيل لحضور زميله وصمم عليه دون أن يترافع في موضوع الدعوى غير أن المحكمة أصدرت بالجلسة ذاتها حكمها المطعون فيه. لما كان ذلك، ولئن كانت المحكمة ذات الهيئة التي أصدرت الحكم قد أفسحت المجال للمحاميين الموكلين كليهما للدفاع عن الطاعن وقد ترافع كل منهما بجلسة.... مرافعة تفصيلية في موضوع الدعوى اختتمت بطلب براءة الطاعن، إلا أنه لما كانت المحكمة لم تصدر حكمها في الجلسة المذكورة بل أصدرت - من تلقاء نفسها - قرار التحقيق التحضيري المشار إليه سلفاً واستمرت في نظر الدعوى دون أن ينفذ هذا القرار جلستين متتاليتين تخلف عن حضورهما أحد المحاميين الموكلين وأصر زميله الحاضر على طلب التأجيل لحضوره دون مرافعة في موضوع الدعوى، وكانت المحاكمة هي وقت المتهم المناسب الذي كفل القانون له فيه الحق في أن يدلي بما يعن له من أوجه دفاع وألزم المحكمة النظر فيها وتحقيقها وتجلية أمرها، ويظل هذا الحق قائماً ما دامت المرافعة في الدعوى دائرة لم يقفل بابها، وكان من القواعد الأساسية التي يوجبها الدستور والقانون أن يكون لكل متهم بجناية محام يدافع عنه دفاعاً حقيقياً لا دفاعاً شكلياً تقديراً بأن الاتهام بجناية أمر له خطره، ولا تتحقق ثمة هذا الضمان إلا بحضور محام أثناء المحاكمة ليشهد إجراءاتها وليعاون المتهم معاونة إيجابية بكل ما يرى تقديمه من وجوه الدفاع عنه، فإن المحكمة بالتفاتها عن طلب أحد المحامين الموكلين تأجيل نظر الدعوى لحضور زميله والذي اقتصر عليه دون أن يترافع في موضوع الدعوى وبغير أن تنبهه إلى رفض طلب التأجيل حتى يبدي ما قد يعن له من إيضاح أو إضافة لوجوه دفاعه التي سبقت إثارتها ما دام باب المرافعة ما زال مفتوحاً لم يوصد، وبقضائها في نهاية الجلسة بإدانة الطاعن، تكون قد فوتت على المحامي الحاضر فرصة الدفاع عن الطاعن، وحالت بين المحامي الغائب وبين القيام بمهمته مما يعيب حكمها بالإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث الوجه الآخر للطعن.

الطعن 16231 لسنة 65 ق جلسة 21 / 10 / 1997 مكتب فني 48 ق 172 ص 1142

جلسة 21 من أكتوبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ الصاوي يوسف نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم نائبي رئيس المحكمة، وفرحان بطران وعبد التواب أبو طالب.

-----------------

(172)
الطعن رقم 16231 لسنة 65 القضائية

(1) إثبات "اعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محضر الجلسة.
عدم ادعاء الطاعنين أن اعترافهما بمحضر الجلسة جاء على خلاف ما تضمنته مدونات الحكم النعي عليه بالقصور في هذا الشأن. غير مقبول.
(2) دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". استدلالات. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
لا تثريب على المحكمة التفاتها عن الرد على الدفع بعدم جدية التحريات. ما دام الطاعن لم يبين أساس هذا الدفع ومقصده ومرماه منه.
الدفع ببطلان إذن التفتيش. وجوب إبدائه في عبارة صريحة.
(3) إثبات "اعتراف". إكراه. دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات. موضوعي.
تقدير محكمة الموضوع صحة ادعاء الطاعن بأن اعترافه كان وليد إكراه. لا معقب عليها. ما دامت تقيمه على أسباب سائغة.
مثال لتسبيب سائغ لإطراح الدفع ببطلان الاعتراف لكونه وليد الإكراه.
(4) قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر التي تنبئ عنه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ في استظهار قصد القتل في جريمة قتل عمد.
(5) ظروف مشددة. سبق إصرار. قتل عمد.
سبق الإصرار. حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني. يستخلصها القاضي من وقائع وظروف خارجية.
مثال لتسبيب سائغ في استظهار ظرف سبق الإصرار في جريمة قتل عمد.
(6) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
المنازعة في تاريخ الحادث ومكانه وفي تصوير المحكمة للواقعة. جدل موضوعي. غير جائز أمام النقض.
مثال لتسبيب سائغ في الرد على منازعة الطاعن في تاريخ ومكان الحادث.
(7) دفوع "الدفع بنفي التهمة". إثبات "بوجه عام".
نفي التهمة. دفاع موضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(8) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. غير مقبول.
(9) حريق عمد. قصد جنائي.
وضع الجاني النار عمداً في المكان المسكون أو المعد للسكنى أو في أحد ملحقاته المتصلة به. يحقق القصد الجنائي في جريمة الحريق العمد المنصوص عليها في المادة 252 عقوبات.
(10) قتل عمد. ظروف مشددة. اقتران. عقوبة "تطبيقها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير قيام الاقتران".
ثبوت استقلال الجريمة المقترنة عن جريمة القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما. كاف لتطبيق عقوبة المادة 234/ 2 عقوبات.
المصاحبة الزمنية. مقتضاها. ارتكاب الجنايتين في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن. تقدير تحققها. موضوعي.

----------------
1 - لما كان الحكم قد أشار إلى اعتراف الطاعنين بمحضر الجلسة التي نظر فيها تجديد أمر حبسهما وعول عليه ضمن أدلة الثبوت في الدعوى ولم يدع الطاعنان أن اعترافهما بمحضر تلك الجلسة كان مفصلاً أو جاء على خلاف ما تضمنته مدونات الحكم فإن ما ورد بشأنه يعتبر كافياً ويحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة، ويكون منعى الطاعنين في هذا الشأن غير سديد.
2 - لما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن الثاني وإن دفع بعدم جدية التحريات إلا أنه لم يبين أساس دفعه ومقصده ومرماه منه، بل أطلقه في عبارة مرسلة لا تحمل على الدفع الصريح ببطلان إذن التفتيش، الذي يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه، ومن ثم فلا على المحكمة إن هي التفتت عن الرد عليه.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعنين ببطلان اعترافهما لصدوره وليد إكراه وأطرحه في قوله: "..... وليس في أوراق الدعوى ما يشير من قريب أو بعيد إلى وقوع إكراه عليهما أثناء إدلائهما باعترافهما أمام النيابة العامة ولا عند قيامهما بتمثيل كيفية ومراحل ارتكابهما الحادث في المعاينة التصويرية التي أجرتها النيابة العامة، ولا أثناء سماع أقوالهما أمام قاضي المعارضات بجلسة....، وترى المحكمة أن الاعتراف الصادر من المتهمين في تحقيقات النيابة العامة والذي أصرا عليه بجلسة سماع أقوالهما يوم..... هو اعتراف سليم صدر منهما عن طواعية واختيار بصريح عباراته في هذا الخصوص، وليس في الأوراق دليل يطمأن إليه يدل على أنهما تعرضا لأي نوع من أنواع الإكراه المادي كما يدعيان، كما وأن مجرد الخشية والخوف من رجال الشرطة لا يعد قرينة الإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكماً، كما ترى المحكمة فيما ادعاه المتهمان وسايرهما عليه الدفاع معهما من تعرضهما لإكراه مادي وأدبي - كان بمرسل القول عارياً من دليل مقنع يطمأن إليه مما يرسخ عقيدة المحكمة إلى أن الاعترافات التفصيلية التي صدرت من المتهمين في تحقيقات النيابة وإصرارهما عليها في المعاينة التصويرية وبجلسة سماع الأقوال.... إنما جاءت متفقة مع حقيقة الواقع، وعلى ذلك فلا تعول المحكمة على إنكارهما بعد ذلك بجلسة المحاكمة ولا تقيم وزناً لادعائهما بأنهما رغباً في إبعاد شقيقتهما - زوج المجني عليها عن دائرة الاتهام أمام الشرطة أو بحدوث تهديد وضرب عليهما، ومن ثم ترى المحكمة أن اعترافهما إنما جاء منهما طواعية واختياراً غير مشوب بشائبة ما. وهو رد سائغ وكاف في مجموعه في إطراح هذا الدفع، لما هو مقرر من أن الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحققت أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بلا معقب عليها ما دامت تقيم ذلك على أسباب سائغة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن منعى الطاعنين في هذا الخصوص يكون في غير محله.
4 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخفية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل في قوله: "وحيث إنه عن قصد القتل فهو أمر قد دلت على توافره لدى المتهمين الملابسات والظروف التي أحاطت بالواقعة والأعمال المحسوسة التي صدرت عنهما، فالصلة بين المتهمين بوصفهما شقيقين يقيمان معاً في منزل واحد جمعت بينهما في المكان والزمان والتقاء إراداتهما لمقارفة الجريمة عن باعث واحد هو مجرد الشك في مسلك المجني عليها زوجة شقيقهما والتمثيل بجثتها بإشعال النار فيها داخل مسكنها واتجاه المتهمين وجهة واحدة في تنفيذ الجريمة وإعدادهما أدوات ارتكابها وتحينهما الفرصة المواتية لتنفيذ جريمتهما وتحايلهما في تنفيذها بجعلها تبدو من قبيل القضاء والقدر وانفرادهما بالمجني عليها والتي لا حول لها ولا قوة بمفردها بمسكنها بعيداً عن أعين ومرمى وسمع الناس واعتدائهما عليها بطريقة وحشية سجلها التقرير الطبي الشرعي وتقرير الحرائق بوجود إصابات كسر شرخي بالرأس، مستهدفين مقتلاً منها نتيجة ارتطام الرأس بشدة بأرضية صلبة بعد أن قاما بكتم أنفاسها ومحاولة خنقها ولم يتركا فريستهما إلا بعد أن صارت جثة هامدة والتأكد من أنها أسلمت الروح بتحسس نبض قلبها وتردد أنفاسها، ولم يكتفيا بقتلها بل أشعلا النار في جثتها، كل ذلك يكشف بيقين عن أن اعتداءهما على المجني عليها إنما كان بقصد قتلها وإزهاق روحها وقد كان لهما ما ابتغيا". وإذ كان هذا الذي استخلصته المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها هو استخلاص سائغ وكاف في التدليل على ثبوت توافر نية القتل لدى الطاعنين.
5 - لما كان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة، وإنما تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر توافر ظرف سبق الإصرار بقوله: "وحيث إنه عن ظرف سبق إصرار فهو قائم في حق المتهمين من إعدادهما خطة للانفراد بالمجني عليها بمسكنها وتحينهما هذه الفرصة منذ أن انتويا قتلها منذ شهر سابق على الجريمة وذلك بطريقة تبدو أن وفاتها من قبيل القضاء والقدر، وبعد إعمال الفكر في هدوء نفس وروية وذلك خلال الفترة الزمنية التي استغرقها المتهمان حتى تنفيذ ما أقدما عليه الذي استغرق وقتاً كافياً منذ أن عرضا أمر الشك في مسلكها على زوجها ثم على شقيقهما الأكبر ولم يجدا حلاً، وتحينهما الفرصة للانفراد بالمجني عليها بمسكنها بعد إعداد أدوات الجريمة ومنها المفتاح الذي اصطنعه المتهم الأول لفتح بوابة منزل المجني عليها والرباط الضاغط وأوراق الصحف التي استخدمت في حرقها بعد قتلها وانقضاضهما بغتة على المجني عليها بصالة مسكنها وبوحشية خنقاً وضربا رأسها بشدة عدة ضربات بأرضية الصالة التي صبت بالخرسانة المسلحة حتى قضيا عليها بإحداث كسر شرخي في رأسها ثم التمثيل بجثتها حرقاً بعد وفاتها ومتى تحقق ظرف سبق الإصرار على هدي ما سبق فإنه يرتب بين المتهمين تضامناً في المسئولية الجنائية....". وما ساقه الحكم مما سلف سائغ ويتحقق به توافر ظرف سبق الإصرار حسبما هو معرف به في القانون.
6 - لما كانت المحكمة قد عرضت لما أثاره الطاعنان من منازعة في تاريخ الحادث ومكانه وأطرحته في قولها: "إن التقرير الطبي الشرعي أثبت أن التشريح كان في يوم... الساعة الحادية عشرة صباحاً وانتهى إلى أنه كان قد مضى على وفاة المجني عليها لحين الصفة التشريحية مدة تقدر بحوالي يوم وهي مدة تقديرية تعتمد على التغييرات الرمية المشاهدة بالجثة التي وجدت في دور زوال التيبس الرمي ولا يمكن تمييز الرسوب الدموي لانتشار الحروق النارية بالجثة. ولما كان ذلك ما تقدم جميعه يتفق مع ما اعترف به المتهمان من تحديدهما لوقت الجريمة ما بين الساعة السابعة والسابعة وخمس وأربعين دقيقة من صباح يوم..... ويكون الجدل في وقت الوفاة في غير محله". وأضاف الحكم في رده على منازعة الطاعنين بشأن مكان الحادث - قوله: "إنه مردود عليه بما شهد به الدكتور.... الطبيب الشرعي الذي تطمئن إليه المحكمة لأنه أجرى التشريح لجثة المجني عليها، بأن حالة المجني عليها الإصابية وهي ذات طبيعة رضية لا يستلزم بالضرورة وجود جروح نازفة ينشأ عنها دماء تلوث الأرضية ومن ثم أضحى قول الدفاع في هذا الصدد لا سند له. وإذ كان ما أورده الحكم - رداً على دفاع الطاعنين سالف البيان - سائغاً في العقل والمنطق ومقبولاً في كيفية وقوع الحادث، ولا تثريب على المحكمة فيما اقتنعت به من إمكان حصوله على الصورة التي اعترف بها الطاعنان والتي تأيدت بالتقرير الفني وأقوال الطبيب الشرعي. فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة في تاريخ الحادث ومكانه وفي صورة الواقعة ينحل إلى جدل موضوعي مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
7 - لما كان الدفع بعدم ارتكاب الجريمة وأن مرتكبها شخص آخر مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
8 - لما كان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين طلبا استدعاء كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته، فليس لهما من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي جانبها لزوماً لإجرائه بما تنحسر معه عن الحكم في هذا الشأن قالة الإخلال بحق الدفاع. ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد.
9 - من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة الحريق العمد المنصوص عليها في المادة 252 عقوبات والتي دين الطاعنان بها - وعول الحكم على ثبوتها في توافر ظرف الاقتران - يتحقق بمجرد تعمد وضع الجاني النار عمداً في المكان المسكون أو المعد للسكن أو في أحد ملحقاته المتصلة به، فمتى ثبت للقاضي أن الجاني تعمد وضع النار على هذا الوجه وجب تطبيق تلك المادة.
10 - من المقرر أنه يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل العمد وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن، وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع. وإذ كان ما أورده الحكم في مدوناته يتحقق به توافر القصد الجنائي في جناية الحريق العمد، كما يتوفر به ظرف الاقتران كما هو معرف به في القانون. فإن هذا حسبه، ويضحى منعى الطاعنين في هذا الخصوص غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: قتلا..... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتا النية وعقدا العزم على قتلها وأعدا لذلك أدوات وسلاحاً أبيض "مطواة قرن غزال" توجها لمسكنها الذي أيقنا سلفاً وجودها به وما أن ظفرا بها حتى قاما بتطويق عنقها بغطاء رأسها وقام المتهم الثاني بكتم أنفاسها بيده وأمسك برأسها ودفعها أرضاً عدة مرات قاصدين من ذلك قتلها فأحدث إصابتها الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر وضعا النار عمداً بمسكن المجني عليه.... على النحو المبين بالتحقيقات. المتهم الثاني: أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض مطواة قرن غزال" وأحالتهما إلى محكمة جنايات طنطا لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بإلزامهما بأن يؤديا له مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 231، 234/ 2 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرراً/ 1، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند 10 من الجدول رقم (1) المرفق مع إعمال المادتين 17، 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة عما أسند إليهما وبمصادرة الأدوات المضبوطة وبإلزامهما بأن يؤديا للمدعي بالحق المدني مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار المقترنة بجناية الحريق العمد، كما دان ثانيهما بجريمة إحراز سلاح أبيض بغير ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه عول في قضائه - ضمن ما عول عليه - على اعتراف الطاعنين بالتهمة المسندة إليهما بجلسة... التي نظر فيها تجديد حبسهما - دون أن يورد مضمون ذلك الاعتراف، ودفع الطاعنان بعدم جدية التحريات التي بني عليها أمر ضبطهما، بيد أن الحكم أغفل هذا الدفع إيراداً ورداً وأطرح دفعهما ببطلان اعترافهما لكونه وليد إكراه بما لا يسوغ إطراحه واستظهر نية القتل وظرف سبق الإصرار بما لا يسوغ توافرهما، ونازع الطاعنان في كيفية وقوع الحادث ومكانه وزمانه، ودفعا بأن مرتكبه شخص آخر، فأطرح الحكم هذا الدفاع بما لا يسوغ إطراحه ودون أن تجري محكمة تحقيقاً في هذا الشأن، وتستعين بخبير وصولاً إلى وجه الحق فيه وأعملت المحكمة المادة 17 من قانون العقوبات دون أن تسبغ الوصف الصحيح على الواقعة باستبعاد ظرف سبق الإصرار، هذا إلى أن القصد الجنائي في جريمة الحريق العمد غير متوافر مما ينفي ركن الاقتران في حق الطاعنين، وهذا كله يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها فضلاً عن جريمة إحراز سلاح أبيض التي دان بها ثانيهما وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أشار إلى اعتراف الطاعنين بمحضر الجلسة التي نظر فيها تجديد أمر حبسهما وعول عليه ضمن أدلة الثبوت في الدعوى ولم يدع الطاعنان أن اعترافهما بمحضر تلك الجلسة كلاً مفصلاً أو جاء على خلاف ما تضمنته مدونات الحكم فإن ما ورد بشأنه يعتبر كافياً ويحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة، ويكون منعى الطاعنين في هذا الشأن غير سديد.
لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن الثاني وإن دفع بعدم جدية التحريات إلا أنه لم يبين أساس دفعه ومقصده ومرماه منه، بل أطلقه في عبارة مرسلة لا تحمل على الدفع الصريح ببطلان إذن التفتيش، الذي يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه، ومن ثم فلا على المحكمة إن هي التفتت عن الرد عليه، ويضحى ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص غير سديد.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعنين ببطلان اعترافهما لصدوره وليد إكراه وأطرحه في قوله: ".... وليس في أوراق الدعوى ما يشير من قريب أو بعيد إلى وقوع إكراه عليهما أثناء إدلائهما باعترافهما أمام النيابة العامة ولا عند قيامهما بتمثيل كيفية ومراحل ارتكابهما الحادث في المعاينة التصويرية التي أجرتها النيابة العامة، ولا أثناء سماع أقوالهما أمام قاضي المعارضات بجلسة....، وترى المحكمة أن الاعتراف الصادر من المتهمين في تحقيقات النيابة العامة والذي أصرا عليه بجلسة سماع أقوالهما يوم.... هو اعتراف سليم صدر منهما عن طواعية واختيار بصريح عباراته في هذا الخصوص، وليس في الأوراق دليل يطمأن إلى يدل على أنهما تعرضا لأي نوع من أنواع الإكراه المادي كما يدعيان، كما وأن مجرد الخشية والخوف من رجال الشرطة لا يعد قرينة الإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكماً، كما ترى المحكمة فيما ادعاه المتهمان وسايرهما عليه الدفاع معهما من تعرضهما لإكراه مادي وأدبي - كان بمرسل القول عارياً عن دليل مقنع يطمأن إليه مما يرسخ عقيدة المحكمة إلى أن الاعترافات التفصيلية التي صدرت من المتهمين في تحقيقات النيابة وإصرارهما عليها في المعاينة التصويرية وبجلسة سماع الأقوال.... إنما جاءت متفقة مع حقيقة الواقع، وعلى ذلك فلا تعول المحكمة على إنكارهما بعد ذلك بجلسة المحاكمة ولا تقيم وزناً لادعائهما بأنهما رغباً في إبعاد شقيقتهما - زوج المجني عليها عن دائرة الاتهام أمام الشرطة أو بحدوث تهديد وضرب عليهما، ومن ثم ترى المحكمة أن اعترافهما إنما جاء منهما طواعية واختياراً غير مشوب بشائبة ما" وهو رد سائغ وكاف في مجموعه في إطراح هذا الدفع، لما هو مقرر من أن الاعتراف في المسائل الجنائية من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، ولها دون غيرها البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو قد انتزع منه بطريق الإكراه، ومتى تحققت أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت إليه كان لها أن تأخذ به بلا معقب عليها ما دامت تقيم ذلك على أسباب سائغة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن منعى الطاعنين في هذا الخصوص يكون في غير محله.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخفية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل في قوله: "وحيث إنه عن قصد القتل فهو أمر قد دلت على توافره لدى المتهمين الملابسات والظروف التي أحاطت بالواقعة والأعمال المحسوسة التي صدرت عنهما، فالصلة بين المتهمين بوصفهما شقيقين يقيمان معاً في منزل واحد جمعت بينهما في المكان والزمان والتقاء إراداتهما لمقارفة الجريمة عن باعث واحد هو مجرد الشك في مسلك المجني عليها زوجة شقيقهما والتمثيل بجثتها بإشعال النار فيها داخل مسكنها واتجاه المتهمين وجهة واحدة في تنفيذ الجريمة وإعدادهما أدوات ارتكابها وتحينهما الفرصة المواتية لتنفيذ جريمتهما وتحايلهما في تنفيذها بجعلها تبدو من قبيل القضاء والقدر وانفرادهما بالمجني عليها والتي لا حول لها ولا قوة بمفردها بمسكنها بعيداً عن أعين ومرمى وسمع الناس واعتدائهما عليها بطريقة وحشية سجلها التقرير الطبي الشرعي وتقرير الحرائق بوجود إصابات كسر شرخي بالرأس) مستهدفين مقتلاً منهما نتيجة ارتطام الرأس بشدة بأرضية صلبة بعد أن قاما بكتم أنفاسها ومحاولة خنقها ولم يتركا فريستهما إلا بعد أن صارت جثة هامدة والتأكد من أنها أسلمت الروح بتحسس نبض قلبها وتردد أنفاسها، ولم يكتفيا بقتلها بل أشعلا النار في جثتها، كل ذلك يكشف بيقين عن أن اعتداءهما على المجني عليها إنما كان بقصد قتلها وإزهاق روحها وقد كان لهما ما ابتغيا"، وإذ كان هذا الذي استخلصته المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها هو استخلاص سائغ وكاف في التدليل على ثبوت توافر نية القتل لدى الطاعنين، فإنه لا محل للنعي على الحكم في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة، وإنما تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر توافر ظرف سبق الإصرار بقوله: "وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فهو قائم في حق المتهمين من إعدادهما خطة للانفراد بالمجني عليها بمسكنها وتحينهما هذه الفرصة منذ أن انتويا قتلها منذ شهر سابق على الجريمة وذلك بطريقة تبدو أن وفاتها من قبيل القضاء والقدر، وبعد إعمال الفكر في هدوء نفس وروية وذلك خلال الفترة الزمنية التي استغرقها المتهمان حتى تنفيذ ما أقدما عليه والذي استغرق وقتاً كافياً منذ أن عرضا أمر الشك في مسلكها على زوجها ثم على شقيقهما الأكبر ولم يجدا حلاً، وتحينهما الفرصة للانفراد بالمجني عليها بمسكنها بعد إعداد أدوات الجريمة ومنها المفتاح الذي اصطنعه المتهم الأول لفتح بوابة منزل المجني عليها والرباط الضاغط وأوراق الصحف التي استخدمت في حرقها بعد قتلها وانقضاضهما بغتة على المجني عليها بصالة مسكنها وبوحشية خنقاً وضربا رأسها بشدة عدة ضربات بأرضية الصالة التي صبت بالخرسانة المسلحة حتى قضيا عليها بإحداث كسر شرخي في رأسها ثم التمثيل بجثتها حرقاً بعد وفاتها ومتى تحقق ظرف سبق الإصرار على هدي ما سبق فإنه يرتب بين المتهمين تضامناً في المسئولية الجنائية....". وما ساقه الحكم مما سلف سائغ ويتحقق به توافر سبق الإصرار حسبما هو معرف به في القانون، ومن ثم فإن نعي الطاعنين في هذا الخصوص يكون غير سديد.
لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد عرضت لما أثاره الطاعنان من منازعة في تاريخ الحادث ومكانه وأطرحته في قولها: "إن التقرير الطبي الشرعي أثبت أن التشريح كان في يوم.... الساعة الحادية عشرة صباحاً وانتهى إلى أنه كان قد مضى على وفاة المجني عليها لحين إجراء الصفة التشريحية مدة تقدر بحوالي يوم وهي مدة تقديرية تعتمد على التغييرات الرمية المشاهدة بالجثة التي وجدت في دور زوال التيبس الرمي ولا يمكن تمييز الرسوب الدموي لانتشار الحروق النارية بالجثة، ولما كان ذلك ما تقدم جميعه يتفق مع ما اعترف به المتهمان من تحديدهما لوقت الجريمة ما بين الساعة السابعة والسابعة وخمس وأربعين دقيقة من صباح يوم.... ويكون الجدل في وقت الوفاة في غير محله". وأضاف الحكم في رده على منازعة الطاعنين بشأن مكان الحادث - قوله أنه مردود عليه "بما شهد به الدكتور.... الطبيب الشرعي الذي تطمئن إليه المحكمة لأنها أجرى التشريح لجثة المجني عليها، بأن حالة المجني عليها الإصابية وهي ذات طبيعة رضية لا يستلزم بالضرورة وجود جروح نازفة ينشأ عنها دماء تلوث الأرضية ومن ثم أضحى قول الدفاع في هذا الصدد لا سند له. وإذ كان ما أورده الحكم - رداً على دفاع الطاعنين سالف البيان - سائغاً في العقل والمنطق ومقبولاً في كيفية وقوع الحادث، ولا تثريب على المحكمة فيما اقتنعت به من إمكان حصوله على الصورة التي اعترف بها الطاعنان والتي تأيدت بالتقرير الفني وأقوال الطبيب الشرعي. فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة في تاريخ الحادث ومكانه وفي صورة الواقعة ينحل إلى جدل موضوعي مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
لما كان ذلك، وكان الدفع بعدم ارتكاب الجريمة وأن مرتكبها شخص آخر مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. لما كان ذلك، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين طلبا استدعاء كبير الأطباء الشرعيين لمناقشته، فليس لهما من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه بما تنحسر معه عن الحكم في هذا الشأن قالة الإخلال بحق الدفاع. ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أسبغ على الواقعة الوصف القانوني الصحيح - وأقر الوصف الذي رفعت به الدعوى - وكشف عن توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين وساق لإثباته قبلهما من الأدلة والقرائن ما يكفي لتحققه قانوناً - على نحو ما سلف بيانه - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن يكون في غير محله. ولما كان ذلك، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة الحريق العمد المنصوص عليها في المادة 252 عقوبات والتي دين الطاعنان بها - وعول الحكم على ثبوتها في توافر ظرف الاقتران - يتحقق بمجرد تعمد وضع الجاني النار عمداً في المكان المسكون أو المعد للسكن أو في أحد ملحقاته المتصلة به، فمتى ثبت للقاضي أن الجاني تعمد وضع النار على هذا الوجه وجب تطبيق تلك المادة، وكان من المقرر أنه يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل العمد وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما بأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن، وتقدير ذلك مما يستقل به قاضي الموضوع، وإذ كان ما أورده الحكم في مدوناته يتحقق به توافر القصد الجنائي في جناية الحريق العمد، كما يتوفر به ظرف الاقتران كما هو معرف به في القانون. فإن هذا حسبه، ويضحى منعى الطاعنين في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 7730 لسنة 63 ق جلسة 27 / 10 / 1997 مكتب فني 48 ق 173 ص 1158

جلسة 27 من أكتوبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ سري صيام نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد حسام الدين الغرياني ومحمد شتا وأحمد عبد القوي ومحمد الصيرفي نواب رئيس المحكمة.

----------------

(173)
الطعن رقم 7730 لسنة 63 القضائية

إجراءات "إجراءات المحاكمة". استئناف "نظره والحكم فيه" "سقوطه". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها" "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
سقوط الاستئناف. مناطه؟
مثول المحكوم عليه أمام المحكمة وقت النداء على قضية في يوم الجلسة. مفاده: وضع نفسه تحت تصرف السلطة المهيمنة على التنفيذ. دون إعداد باتخاذ إجراءات التنفيذ قبله قبل الجلسة أو بعدها.
قضاء الحكم المطعون فيه بسقوط استئناف الطاعن لعدم سداد الكفالة رغم مثوله أمام المحكمة قبل نظر استئنافه. خطأ في تطبيق القانون.
لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت حضور الطاعن المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية مع تقدير كفالة لوقف التنفيذ بالجلسة التي تحددت لنظر استئنافه قضى بسقوط هذا الاستئناف على سند من قوله: "فإن المحكمة ترى سقوط الحق في الاستئناف لعدم سداد المتهم الكفالة".

-----------------
ومن حيث إن المادة 412 من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت على أنه "يسقط الاستئناف المرفوع من المتهم المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية واجبة التنفيذ إذا لم يتقدم للتنفيذ قبل الجلسة" قد جعلت سقوط الاستئناف منوطاً بعدم تقديم المحكوم عليه للتنفيذ قبل الجلسة، فأفادت بذلك ألا يسقط استئنافه متى كان قد مثل أمام المحكمة وقت النداء على قضيته في يوم الجلسة لأنه بمثوله هذا يكون قد وضع نفسه تحت تصرف السلطة المهيمنة على التنفيذ دون اعتداد بما إذا كانت هذه السلطة قد اتخذت قبله إجراءات التنفيذ قبل الجلسة أو بعدها. ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بسقوط استئنافه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون خطأ حجب المحكمة عن نظر موضوع الاستئناف.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قدم مشروبات كحولية بدون ترخيص خاص بذلك في محل عام وطلبت عقابه بالمواد 1، 2، 5، من القانون رقم 63 لسنة 1976. ومحكمة جنح بولاق الدكرور قضت حضورياً اعتبارياً - عملاً بمواد الاتهام - بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة خمسمائة جنيه والمصادرة. استئناف المحكوم عليه. ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بسقوط الاستئناف.
فطعن الأستاذ/..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بسقوط استئنافه رغم مثوله بالجلسة التي حددت لنظره يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت حضور الطاعن المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية مع تقدير كفالة لوقف التنفيذ بالجلسة التي تحددت لنظر استئنافه قضى بسقوط هذا الاستئناف على سند من قوله: "فإن المحكمة ترى سقوط الحق في الاستئناف لعدم سداد المتهم الكفالة".
ومن حيث إن المادة 412 من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت على أنه "يسقط الاستئناف المرفوع من المتهم المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية واجبة التنفيذ إذا لم يتقدم للتنفيذ قبل الجلسة" قد جعلت سقوط الاستئناف منوطاً بعدم تقدم المحكوم عليه للتنفيذ قبل الجلسة، فأفادت بذلك ألا يسقط استئنافه متى كان قد مثل أمام المحكمة وقت النداء على قضيته في يوم الجلسة لأنه بمثوله هذا يكون قد وضع نفسه تحت تصرف السلطة المهيمنة على التنفيذ دون اعتداد بما إذا كانت هذه السلطة قد اتخذت قبله إجراءات التنفيذ قبل الجلسة أو بعدها. ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بسقوط استئنافه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون خطأ حجب المحكمة عن نظر موضوع الاستئناف، ومن ثم يتعين القضاء بنقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 2250 لسنة 63 ق جلسة 28 / 10 / 1997 مكتب فني 48 ق 174 ص 1161

جلسة 28 من أكتوبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ جابر عبد التواب نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أمين عبد العليم وعمر بريك ورشاد قذافي نواب رئيس المحكمة وعبد التواب أبو طالب.

---------------

(174)
الطعن رقم 2250 لسنة 63 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه. ما دام له مأخذه من الأوراق.
(2) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال الشهود. مفاده: إطراحها جميع الاعتبارات لحملها على عدم الأخذ بها.
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة. غير جائز أمام النقض.
(3) تقرير تلخيص. تزوير "الادعاء بالتزوير". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم جواز جحد ما أثبته الحكم من تلاوة تقرير التلخيص إلا بالطعن بالتزوير.
(4) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". استئناف "نظره والحكم فيه".
اعتناق الحكم المطعون فيه لأسباب الحكم الابتدائي الذي أشار إلى مادة الاتهام التي انتهى إلى معاقبة الطاعن بها. كفايته لبيان مادة القانون التي عاقبه بمقتضاها.
(5) فك أختام.
الأختام المعاقب على كسرها في المادة 147 عقوبات. ماهيتها؟
الزعم أن السلطة الحكومية ليس لها حق في وضع الأختام. لا يبرر المساس بها.

----------------
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق.
2 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن من خلو الأوراق من محضر الغلق وتعويل الحكم على أقوال المحضر لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
3 - لما كان الثابت من ديباجة الحكم المطعون فيه تلاوة تقرير التلخيص مما مفاده وجود ذلك التقرير ضمن أوراق الدعوى، ومن ثم فلا يجوز للطاعن أن يجحد ما أثبته الحكم من وجود ذلك التقرير إلا بالطعن بالتزوير وهو ما لم يفعله فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.
4 - لما كان الثابت من حكم محكمة أول درجة أنه أشار إلى مادة الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها، وخلص إلى معاقبة الطاعن طبقاً لها، وقد اعتنق الحكم المطعون فيه أسباب الحكم المستأنف، وفي ذلك ما يكفي لبيان مادة القانون التي عاقبه بمقتضاها ومن ثم يكون النعي عليه في هذا الخصوص في غير محله.
5 - من المقرر أن الأختام التي يعاقب على كسرها بالمادة 147 وما بعدها من قانون العقوبات، هي الأختام التي تضعها السلطة الحكومية عملاً بنص قانوني أو قياماً بأمر قضائي أو بما تراه هو واجباً عليها للمحافظة على الأماكن أو الأوراق أو الأمتعة الأخرى ومتى كانت الأختام قد وضعت بمعرفة السلطة الحكومية - قضائية كانت أو إدارية - فلا يجوز لأي إنسان المساس بها حتى ولو كان يزعم أن لا حق لها في وضع تلك الأختام.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قام بفك الأختام الموجودة على باب العقار المبين بالأوراق وطلبت عقابه بالمادة 150/ 1 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح قسم... قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم شهراً وكفالة خمسين جنيهاً لإيقاف التنفيذ. استأنف. ومحكمة طنطا الابتدائية "مأمورية المحلة الكبرى الاستئنافية" قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن من خلو الأوراق من محضر الغلق وتعويل الحكم على أقوال المحضر لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الثابت من ديباجة الحكم المطعون فيه تلاوة تقرير التلخيص مما مفاده وجود ذلك التقرير ضمن أوراق الدعوى، ومن ثم فلا يجوز للطاعن أن يجحد ما أثبته الحكم من وجود ذلك التقرير إلا بالطعن بالتزوير وهو ما لم يفعله فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.
لما كان ذلك، وكان الثابت من حكم محكمة أول درجة أنه أشار إلى مادة الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها، وخلص إلى معاقبة الطاعن طبقاً لها، وقد اعتنق الحكم المطعون فيه أسباب الحكم المستأنف، وفي ذلك ما يكفي لبيان مادة القانون التي عاقبه بمقتضاها ومن ثم يكون النعي عليه في هذا الخصوص في غير محله.
لما كان ذلك وكان من المقرر أن الأختام التي يعاقب على كسرها بالمادة 147 وما بعدها من قانون العقوبات، هي الأختام التي تضعها السلطة الحكومية عملاً بنص قانوني أو قياماً بأمر قضائي أو بما تراه هو واجباً عليها للمحافظة على الأماكن أو الأوراق أو الأمتعة الأخرى ومتى كانت الأختام قد وضعت بمعرفة السلطة الحكومية قضائية كانت أو إدارية فلا يجوز لأي إنسان المساس بها حتى ولو كان يزعم أن لا حق لها في وضع تلك الأختام. ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن في هذا الشأن.

الطعن 5874 لسنة 63 ق جلسة 30 / 10 / 1997 مكتب فني 48 ق 175 ص 1166

جلسة 30 من أكتوبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ أحمد عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عاطف عبد السميع وأحمد عبد القوي نائبي رئيس المحكمة، ورضا القاضي والسعيد برغوت.

---------------

(175)
الطعن رقم 5874 لسنة 63 القضائية

قضاة "صلاحيتهم". حكم "بطلانه". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
قيام القاضي بعمل يجعل له رأياً في الدعوى. وجوب امتناعه عن نظرها تلقائياً. وإلا كان حكمه باطلاً. أساس ذلك وعلته؟
التحقق في مفهوم المادة 247 إجراءات. معناه؟
مباشرة القاضي عملاً من أعمال التحقيق بوصفه وكيلاً للنيابة في الدعوى. وجوب امتناعه عن نظرها والحكم فيها مخالفة ذلك يبطل الحكم.

-----------------
من المقرر أن المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية قد حددت الأحوال التي يمتنع فيها على القاضي الحكم في الدعوى لما بينها وبين وظيفة القضاء من تعارض ومن هذه الأحوال أن يكون القاضي قد قام في الدعوى بعمل من أعمال التحقيق، وهو نص مقتبس مما ورد في المادة 313 من قانون المرافعات. الملغى الصادر به القانون رقم 77 لسنة 1949 والمطابقة لنص المادة 146 من قانون المرافعات القائم - ومتعلق بالنظام العام فيتعين على القاضي في تلك الأحوال أن يمتنع من تلقاء نفسه عن الحكم في الدعوى ولو لم يطلب أحد الخصوم رده، وإلا وقع قضاؤه باطلاً بحكم القانون لتعلقه بأصل من أصول المحاكمة، مقرر للاطمئنان إلى توزيع العدالة بالفصل بين أعمال التحقيق والقضاء، إذ أساس وجوب هذا الامتناع هو قيام القاضي بعمل يجعل له رأياً في الدعوى يتعارض مع ما يشترط في القاضي من خلو الذهن عن موضوعها ليستطيع أن يزن حجج الخصوم وزناً مجرداً، وكان معنى التحقيق في مفهوم حكم المادة 247 سالفة الذكر كسبب لامتناع القاضي عن الحكم، هو ما يجريه القاضي في نطاق تطبيق قانون الإجراءات الجنائية بصفته سلطة تحقيق. لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على المفردات المضمومة أن السيد عضو اليسار بالهيئة التي أصدرت الحكم المطعون فيه قد باشر عملاً من أعمال التحقيق الابتدائي في الدعوى بوصفه وكيلاً للنيابة العامة وهي السلطة الأصلية صاحبة الاختصاص العام بالتحقيق الابتدائي، وذلك قبل تعيينه قاضياً، مما كان لزومه أن يمتنع عن نظر الدعوى تلك والحكم فيها، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون باطلاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بوصف أنه أقام بناء بغير ترخيص وخارج نطاق خط التنظيم، وطلبت معاقبته بالمواد 4، 13، 22/ 1، 22 مكرراً من القانون رقم 106 لسنة 1976 المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 1982. ومحكمة جنح.... قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم ألفين ومائة جنيه والإزالة. عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. استأنف ومحكمة بني سويف الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/.... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إقامة بناء بدون ترخيص وخارج نطاق خط التنظيم قد شابه بطلان ذلك أن أحد أعضاء الهيئة التي أصدرته قام بعمل من أعمال التحقيق في الدعوى إبان عمله وكيلاً للنائب العام، بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية قد حددت الأحوال التي يمتنع فيها على القاضي الحكم في الدعوى لما بينها وبين وظيفة القضاء من تعارض ومن هذه الأحوال أن يكون القاضي قد قام في الدعوى بعمل من أعمال التحقيق. وهو نص مقتبس مما ورد في المادة 313 من قانون المرافعات - الملغي الصادر به القانون رقم 77 لسنة 1949 والمطابقة لنص المادة 146 من قانون المرافعات القائم - ومتعلق بالنظام العام فيتعين على القاضي في تلك الأحوال أن يمتنع من تلقاء نفسه عن الحكم في الدعوى ولو لم يطلب أحد الخصوم رده، وإلا وقع قضاؤه باطلاً بحكم القانون لتعلقه بأصل من أصول المحاكمة، مقرر للاطمئنان إلى توزيع العدالة بالفصل بين أعمال التحقيق والقضاء، إذ أساس وجود هذا الامتناع هو قيام القاضي بعمل يجعل له رأياً في الدعوى يتعارض مع ما يشترط في القاضي من خلو الذهن عن موضوعها ليستطيع أن يزن حجج الخصوم وزناً مجرداً، وكان معنى التحقيق في مفهوم حكم المادة 247 سالفة الذكر كسبب لامتناع القاضي عن الحكم، هو ما يجريه القاضي في نطاق تطبيق قانون الإجراءات الجنائية بصفته سلطة تحقيق. لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على المفردات المضمومة أن السيد عضو اليسار بالهيئة التي أصدرت الحكم المطعون فيه قد باشر عملاً من أعمال التحقيق الابتدائي في الدعوى بوصفه وكيلاً للنيابة العامة وهي السلطة الأصلية صاحبة الاختصاص العام بالتحقيق الابتدائي. وذلك قبل تعيينه قاضياً، مما كان لزومه أن يمتنع عن نظر الدعوى تلك والحكم فيها، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون باطلاً متعين النقض والإعادة وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي وجوه الطعن.

الطعن 19925 لسنة 65 ق جلسة 2 / 11 / 1997 مكتب فني 48 ق 176 ص 1170

جلسة 2 من نوفمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ طلعت الأكيابي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ حسن عشيش وبدر الدين السيد ومحمد شعبان باشا نواب رئيس المحكمة وعادل الكناني.

-----------------

(176)
الطعن رقم 19925 لسنة 65 القضائية

(1) قتل عمد "نية القتل". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". جريمة "أركانها".
القصد الخاص في القتل العمد هو قصد إزهاق روح المجني عليه. وجوب تحدث حكم الإدانة عن هذا الركن استقلالاً واستظهاره بإيراد الأدلة التي تدل عليه وتكشف عنه.
اقتصار الحكم على الحديث على الفعل المادي الذي قارفه كل من الطاعنين بإطلاق كل متهم النار على خصمه قاصداً إزهاق روحه لا يكفي لثبوت نية القتل. علة ذلك؟
إزهاق الروح هو القصد الخاص المطلوب استظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي رأت المحكمة أنها تدل عليه وتكشف عنه.
(2) ارتباط. عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة في الطعن". قتل عمد. سلاح.
لا محل لتطبيق نظرية العقوبة المبررة وبعدم الجدوى في الطعن في الحكم باعتبار أن العقوبة المقضي بها مقررة قانوناً لإحدى الجرائم التي دين بها الطاعنين. ما دامت المنازعة في الواقعة بأكملها التي اعتنقها الحكم. علة ذلك؟
(3) عقوبة "العقوبة المبررة". ظروف مخففة. شروع.
التزام المحكمة الحد الأدنى لعقوبة جناية الشروع في القتل رغم استعمالها المادة 17 من قانون العقوبات لا يعتبر عقوبة مبررة لتهمة إحراز سلاح ناري وذخائر. أساس ذلك؟
(4) قتل عمد. شروع. ارتباط. عقوبة "توقيعها". ظروف مخففة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير العقوبة".
العقوبة المقررة لجريمة الشروع في القتل وفق نص المادتين 46، 234/ 1 عقوبات هي الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن.
إجازة المادة 17 عقوبات النزول بعقوبة السجن إلى عقوبة الحبس الذي لا يجوز أن ينقص عن ثلاثة أشهر.
إفصاح المحكمة عن أخذها المتهم بالرأفة ومعاملته طبقاً للمادة 17 عقوبات. وجوب ألا توقع العقوبة إلا مع الأساس الوارد بها. علة ذلك؟
(5) قتل عمد. شروع. عقوبة "توقيعها". ظروف مخففة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير العقوبة". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
معاملة الطاعن بإحدى العقوبتين التخييريتين للجريمة التي دين بها رغم إفصاح المحكمة عن معاملته بالمادة 17 عقوبات. خطأ في القانون.
(6) نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
العيب الذي لم يقتصر على الخطأ في القانون بل يتعداه إلى القصور في التسبيب. يوجب نقضه.

------------------
1 - لما كانت جناية القتل العمد والشروع فيه تتميز قانوناً عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه، وكان هذا القصد ذا طابع خاص يختلف عن القصد الجنائي الذي يتطلبه القانون في سائر تلك الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه، فإن الحكم الذي يقضي بإدانة متهم في هذه الجناية يجب أن يعني بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً واستظهاره بإيراد الأدلة التي تدل عليه وتكشف عنه، ولما كان ما أورده الحكم لا يفيد سوى الحديث عن الفعل المادي الذي قارفه كل من الطاعنين وهو خروجه من بيته يحمل سلاحاً نارياً مناسباً وإطلاقه النار على خصمه، دون أن يكشف الحكم عن قيام نية القتل بنفس أي من الطاعنين، ولا يغير من ذلك ما قاله الحكم من أن الإطلاق كان بقصد إزهاق روح الخصم، إذ أن قصد إزهاق الروح إنما هو القصد الخاص المطلوب استظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي رأت المحكمة أنها تدل عليه وتكشف عنه، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور.
2 - لما كان لا محل لتطبيق نظرية العقوبة المبررة والقول بعدم الجدوى من الطعن على اعتبار أن الطاعنين الأول والثاني دينا بجريمة إحراز أسلحة نارية مششخنة وذخيرتها بغير ترخيص وأن العقوبة المقضى بها على كل منهما مقررة قانوناً لهذه الجريمة، ولا محل لذلك لأن الطاعنين ينازعان في طعنهما في الواقعة - التي اعتنقها الحكم - بأكملها سواء فيما يتعلق بتواجدهما بمكان الحادث حاملين سلاحيهما أو فيمن أطلق النار على المجني عليه الأول، وإذ كان مؤدى الطعن على هذا النحو متصلاً بتقدير الواقع، فإنه يتعين استظهار الواقعة برمتها وتقدير العقوبة على ضوئها.
3 - من المقرر أنه لا محل لتطبيق نظرية العقوبة المبررة والقول بعدم الجدوى من الطعن على اعتبار أن العقوبة المقضى بها عليه وهي السجن ثلاث سنوات مبررة في القانون حتى مع عدم توافر هذا القصد، ذلك لأن الواضح من الحكم أن المحكمة مع استعمال الرأفة عملاً بالمادة 17 من قانون العقوبات قد التزمت الحد الأدنى لجناية الشروع في القتل العمد، وهو ما يشعر بأنها إنما وقفت عند حد التخفيف الذي وقفت عنده ولم تستطع النزول إلى أدنى مما نزلت مقيدة بهذا الحد الأمر الذي يحتمل معه أنها كانت تنزل بالعقوبة عما حكمت به لولا هذا القيد القانوني.
4 - لما كانت العقوبة المقررة لجريمة الشروع في القتل العمد هي الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن طبقاً للمادتين 46، 234/ 1 من قانون العقوبات، وكانت المادة 17 من القانون آنف الذكر - التي أعملها الحكم في حق الطاعن الثالث تبيح النزول بعقوبة السجن إلى عقوبة الحبس الذي لا يجوز أن تنقص مدته عن ثلاثة شهور، وأنه وإن كان هذا النص يجعل النزول بالعقوبة المقررة للجريمة إلى العقوبة التي أباح النزول إليها جوازياً، إلا أنه يتعين على المحكمة، إذا ما رأت أخذ المتهم بالرأفة ومعاملته طبقاً للمادة 17 المشار إليها ألا توقع العقوبة على الأساس الوارد في هذه المادة باعتبار أنها حلت بنص القانون محل العقوبة المنصوص عليها فيه للجريمة محل الاتهام.
5 - لما كان الحكم قد أفصح عن معاملة الطاعن الثالث طبقاً للمادة 17 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات، وهي إحدى العقوبتين التخييريتين المقررتين لجريمة الشروع في القتل العمد التي دين الطاعن بها طبقاً للمادتين 46، 234/ 1 من قانون العقوبات، فإنه يكون قد خالف القانون، إذ كان عليه أن ينزل بعقوبة السجن إلى عقوبة الحبس لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر.
6 - لما كان العيب الذي شاب الحكم له يقتصر على الخطأ في تطبيق القانون بل تعداه إلى القصور في التسبيب الذي يتصل بالطاعنين جميعاً فإنه يتعين نقض الحكم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وأخريين قضي ببراءتهما بوصف أنهم المتهمان الأول والثاني: (1) قتلا.... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتا النية وعقدا العزم على قتله وأعدا لهذا الغرض سلاحين ناريين وترصدا في المكان الذي أيقنا سلفاً مروره فيه وما أن ظفرا به حتى أطلقا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فحدثت به الإصابات الموضحة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. (2) أحرز كل منهما بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً "بندقية آلية". (3) أحرز كل منهما ذخائر (عدة طلقات) مما تستعمل على السلاحين الناريين سالفي البيان دون أن يكون أياً منهما مرخصاً له بحيازته أو إحرازه. المتهم الثالث شرع في قتل..... عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً من مسدسه الأميري قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابة الموصوفة بتقرير الطب الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج، وأحالتهم إلى محكمة جنايات أسيوط لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى كل من.... و... مدنياً قبل المتهمين الأول والثاني بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملاً بالمواد 45/ 1، 46، 234/ 1 عقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 2 - 5 من القانون رقم 394 لسنة 54 المعدل والبند (ب) من القسم الأول من الجدول رقم "3" المرفق مع تطبيق المادتين 17، 32 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من الأول والثاني بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة خمسة عشر عاماً والثالث بالسجن مدة ثلاث سنوات وفي الدعوى المدنية بإلزام المتهمين الأول والثاني بأن يؤديا للمدعيين بالحق المدني مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان أولهما وثانيهما بجرائم القتل العمد وإحراز أسلحة نارية مششخنة وذخيرتها بغير ترخيص، ودان الثالث بجريمة الشروع في القتل العمد، قد شابه القصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال. ذلك بأن ما أورده الحكم بياناً لنية القتل لا يكفي لاستظهارها والاستدلال على توافرها في حق الطاعنين جميعاً. مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأدلتها تحدث عن نية القتل في قوله: "ومن حيث إنه عن نية القتل فهي متوافرة في حق الطرفين فقد خرج كلاهما من بيته يحمل سلاحاً نارياً مناسباً بقصد إزهاق روح الطرف الآخر، فلما التقيا أطلق كل منهما على الخصم بقصد قتله فقد فجرت أحداث اليوم السابق ما بينهما من ضغائن وأحقاد فتدبرا الأمر وأعدا له عدته فكان عزمهما على القتل انتصاراً للنفس وانتقاماً من الخصم". لما كان ذلك، وكانت جناية القتل العمد والشروع فيه تتميز قانوناً عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه، وكان هذا القصد ذا طابع خاص يختلف عن القصد الجنائي الذي يتطلبه القانون في سائر تلك الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه، فإن الحكم الذي يقضي بإدانة متهم في هذه الجناية يجب أن يعني بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً واستظهاره بإيراد الأدلة التي تدل عليه وتكشف عنه. ولما كان ما أورده الحكم لا يفيد سوى الحديث عن الفعل المادي الذي قارفه كل من الطاعنين وهو خروجه من بيته يحمل سلاحاً نارياً مناسباً وإطلاقه النار على خصمه، دون أن يكشف الحكم عن قيام نية القتل بنفس أي من الطاعنين، ولا يغير من ذلك ما قاله الحكم من أن الإطلاق كان بقصد إزهاق روح الخصم، إذ أن قصد إزهاق الروح إنما هو القصد الخاص المطلوب استظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي رأت المحكمة أنها تدل عليه وتكشف عنه، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور متعيناً نقضه. لما كان ذلك، وكان لا محل - في خصوصية هذه الدعوى - لتطبيق نظرية العقوبة المبررة والقول بعدم الجدوى من الطعن على اعتبار أن الطاعنين الأول والثاني دينا بجريمة إحراز أسلحة نارية مششخنة وذخيرتها بغير ترخيص وأن العقوبة المقضى بها على كل منهما مقررة قانوناً لهذه الجريمة، ولا محل لذلك لأن الطاعنين ينازعان في طعنهما في الواقعة - التي اعتنقها الحكم - بأكملها سواء فيما يتعلق بتواجدهما بمكان الحادث حاملين سلاحيهما أو فيمن أطلق النار على المجني عليه الأول، وإذ كان مؤدى الطعن على هذا النحو متصلاً بتقدير الواقع، فإنه يتعين استظهار الواقعة برمتها وتقدير العقوبة على ضوئها. كما أنه لا محل أيضاً بالنسبة للطاعن الثالث - في خصوصية هذه الدعوى - لتطبيق نظرية العقوبة المبررة والقول بعدم الجدوى من الطعن على اعتبار أن العقوبة المقضى بها عليه وهي السجن ثلاث سنوات مبررة في القانون حتى مع عدم توافر هذا القصد، ذلك لأن الواضح من الحكم أن المحكمة مع استعمال الرأفة عملاً بالمادة 17 من قانون العقوبات قد التزمت الحد الأدنى لجناية الشروع في القتل العمد، وهو ما يشعر بأنها إنما وقفت عند حد التخفيف الذي وقفت عنده ولم تستطع النزول إلى أدنى مما نزلت مقيدة بهذا الحد الأمر الذي يحتمل معه أنها كانت تنزل بالعقوبة عما حكمت به لولا هذا القيد القانوني، هذا فضلاً عن أنه لما كانت العقوبة المقررة لجريمة الشروع في القتل العمد هي الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن طبقاً للمادتين 46، 234/ 1 من قانون العقوبات، وكانت المادة 17 من القانون آنف الذكر - التي أعملها الحكم في حق الطاعن الثالث تبيح النزول بعقوبة السجن إلى عقوبة الحبس الذي لا يجوز أن تنقص مدته عن ثلاثة شهور، وأنه وإن كان هذا النص يجعل النزول بالعقوبة المقررة للجريمة إلى العقوبة التي أباح النزول إليها جوازياً، إلا أنه يتعين على المحكمة، إذا ما رأت أخذ المتهم بالرأفة ومعاملته طبقاً للمادة 17 المشار إليها، ألا توقع العقوبة إلا على الأساس الوارد في هذه المادة باعتبار أنها حلت بنص القانون محل العقوبة المنصوص عليها فيه للجريمة محل الاتهام. وإذ كان ذلك، وكان الحكم قد أفصح عن معاملة الطاعن الثالث طبقاً للمادة 17 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات، وهي إحدى العقوبتين التخييريتين المقررتين لجريمة الشروع في القتل العمد التي دين الطاعن بها طبقاً للمادتين 46، 234/ 1 من قانون العقوبات، فإنه يكون قد خالف القانون، إذ كان عليه أن ينزل بعقوبة السجن إلى عقوبة الحبس لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر. لما كان ما تقدم، وكان العيب الذي شاب الحكم لم يقتصر على الخطأ في تطبيق القانون بل تعداه إلى القصور في التسبيب الذي يتصل بالطاعنين جميعاً فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة، وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 2617 لسنة 65 ق جلسة 3 / 11 / 1997 مكتب فني 48 ق 177 ص 1179

جلسة 3 من نوفمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمد زايد نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد حسام الدين الغرياني ومحمد شتا وأحمد عبد القوي نواب رئيس المحكمة وأسامة توفيق.

----------------

(177)
الطعن رقم 2617 لسنة 65 القضائية

(1) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(2) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(3) إثبات "بوجه عام" "شهادة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
اتفاق مضمون وفحوى أقوال المجني عليها مع ما استخلصه الحكم منها. لا خطأ في الإسناد.
(4) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال أحدهم. لا يعيبه. ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
(5) دفوع "الدفع ببطلان القبض" "الدفع ببطلان الاعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم تعويل الحكم على الدليل المستمد من القبض والاعتراف. ينحسر معه الالتزام بالرد على الدفع ببطلانهما.
(6) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بتلفيق التهمة. دفاع موضوعي. الرد عليه صراحة. غير لازم. استفادته ضمناً من القضاء بالإدانة. استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(7) خطف. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جناية خطف أنثى بغير رضاها. لا تستلزم قصدا خاصاً اكتفاء بالقصد العام. التحدث عن هذا الركن استقلالاً. غير لازم. كفاية ما أورده الحكم من وقائع وظروف للتدليل عليه.
(8) عقوبة "تقديرها".
معاقبة الطاعن عن جريمة خطف أنثى في حدود نص المادة 290/ 1 عقوبات ووفق ما جرى به نص المادة 46/ 2 منه. صحيح.

----------------
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة الواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
2 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع بغير معقب، وكان لا يعيب الحكم تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه وكانت المحكمة قد بينت في حكمها واقعة الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤدية إليها. ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة. واقتنعت بها ولا في تعويله في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات بدعوى تضارب أقوالهم ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في ذلك إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه ولا مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض.
3 - لما كان البين من المفردات المضمومة تحقيقاً لوجه الطعن أن ما أورده الحكم المطعون فيه عند تحصيله لأقوال المجني عليها له في الأوراق صداه وما استخلصه منها لم يخرج عن مضمونها وفحواها، فإن ما يعيبه الطاعن على الحكم من خطأ في الإسناد لا يكون له محل.
4 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم مع ما استند إليه الحكم منها.
5 - لما كان ما يثيره الطاعن من نعي على الحكم لعدم رده على الدفع ببطلان القبض أو الاعتراف مردوداً بأن الحكم قد بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ولم يعول على أي دليل مستمد من هذا القبض أو الاعتراف ولم يشر إليه في مدوناته، ومن ثم فقد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على هذا الدفع.
6 - لما كان ما يثيره الطاعن بشأن تلفيق التهمة وقدم إصابة الشاهد الثاني من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
7 - لما كان القانون لا يستلزم قصداً خاصاً في جناية خطف أنثى بغير رضاها التي دان الطاعن بها اكتفاءً بالقصد العام ولا يلزم في القانون أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه.
8 - لما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات في حدود نص المادة 290/ 1 من قانون العقوبات المنطبق على واقعة الدعوى ووفق ما جرى به نص المادة 46/ 2 من القانون سالف الذكر، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: (1) شرع في خطف الأنثى.... وكان ذلك بطريق الإكراه بأن قام بجذبها وثنى ذراعها وطرحها أرضاً وأخرج سلاحاً أبيض" مطواة قرن غزال" وقام بتهديدها وحال خطفها عنده فقاومته واستغاثت وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو حضور المارة على أثر استغاثة المجني عليها على النحو المبين بالأوراق. (2) أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض "مطواة قرن غزال". (3) ضرب.... بأداة حادة المطواة سالفة الذكر فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الابتدائي والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد عن عشرين يوماً. وأحالته إلى محكمة جنايات طنطا لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45، 46، 242/ 1 - 3، 290 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرر/ 1 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم 10 من الجدول رقم 1 مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات عما أسند إليه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الشروع في خطف أنثى بطريق الإكراه قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الحكم اعتنق تصويراً لواقعة الدعوى استمده من أقوال المجني عليها وباقي شهود الإثبات رغم ما شاب تلك الأقوال من تناقض، وأسند إلى المجني عليها القول بأن الطاعن هددها بمطواة رغم خلو أقوالها بالتحقيقات من ذلك القول، وأحال في بيان مؤدى أقوال الشاهد.... إلى أقوال المجني عليها رغم أن أقوالها تخالف ما شهد به بالتحقيقات، وأغفل الحكم بيان مضمون أقوال الرائد..... وأغفل دفاعه بشأن بطلان القبض والاعتراف وأن التهمة ملفقة وأن إصابة الشاهد الثاني سابقة على الحادث. ولم يعن ببيان القصد الجنائي وأوقع عليه عقوبة جريمة الخطف دون عقوبة جريمة الشروع فيها التي أحيل للمحاكمة من أجلها وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الشروع في خطف أنثى بطريق الإكراه التي دان الطاعن بها وأقام عليها في حقه أدلة مستمدة من أقوال المجني عليها وشاهدي الإثبات والتقرير الطبي الخاص بالشاهد الثاني وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع بغير معقب، وكان لا يعيب الحكم تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه وكانت المحكمة قد بينت في حكمها واقعة الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤدية إليها. ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة. واقتنعت بها ولا في تعويله في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات بدعوى تضارب أقوالهم ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في ذلك إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه ولا مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان البين من المفردات المضمومة تحقيقاً لوجه الطعن أن ما أورده الحكم المطعون فيه عند تحصيله لأقوال المجني عليها له في الأوراق صداه وما استخلصه منها لم يخرج عن مضمونها وفحواها، فإن ما يعيبه الطاعن على الحكم من خطأ في الإسناد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها وإذ كان الثابت على نحو ما سلف أن ما أورده الحكم من أقوال المجني عليها له أصله الثابت بالأوراق ولم يخرج عن الحكم عن مدلول شهادتها فلا ضير على الحكم من بعد إحالته في بيان أقوال الشاهد الثاني إلى ما أورده من أقوال المجني عليها أو إحالته في بيان شهادة الرائد... إلى أقوال المجني عليها وأقوال الشاهد الثاني ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من نعي على الحكم لعدم رده على الدفع ببطلان القبض أو الاعتراف مردوداً بأن الحكم قد بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ولم يعول على أي دليل مستمد من هذا القبض أو الاعتراف ولم يشر إليه في مدوناته، ومن ثم فقد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على هذا الدفع، لما كان ذلك وكان ما يثيره الطاعن بشأن تلفيق التهمة وقدم إصابة الشاهد الثاني من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان القانون لا يستلزم قصداً خاصاً في جناية خطف أنثى بغير رضاها التي دان الطاعن بها اكتفاءً بالقصد العام ولا يلزم في القانون أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خلص في بيان كاف إلى توافر أركان الجريمة التي دان الطاعن بها وتوافر الدليل عليها فلا يعيبه عدم تحدثه صراحة عن القصد الجنائي ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات في حدود نص المادة 290/ 1 من قانون العقوبات المنطبق على واقعة الدعوى ووفق ما جرى به نص المادة 46/ 2 من القانون سالف الذكر، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.