بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 28-08-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 1028 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ه. س. ع. س. ا.
مطعون ضده:
ا. م. ل. ش.
ا. ا. ل. ا. ذ.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2025/1109 استئناف تجاري بتاريخ 26-06-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بجلسة المرافعة القاضي المقرر/أحمد عبد القوى سلامة وبعد المداولة : ــ
حيث استوفى الطعن شروط قبوله الشكلية .
وحيث إن الوقائع ــ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ــ تتحصل في أن المطعون ضدها الثانية أقامت الدعوى رقم 3382 لسنة 2024 تجاري على الطاعن والمطعون ضدها الأولى بطلب الحكم بإلزام الطاعن بأن يؤدي إليها مبلغ 1.085.565 درهم والفائدة القانونية 12% من تاريخ الاستحقاق وبإلزام الطاعن والمطعون ضدها الأولى برد شيكات الضمان المسلمة لهما منها بقيمة 34.460 درهم ، شيك الدفعة المقدمة وشيك حسن التنفيذ ، وذلك على سند أن الطاعن أسند إليها بموجب عقد المقاولة المؤرخ 26/3/2023 القيام بإنجاز وصيانة الفيلا العائدة له على قطعة الأرض المبينة بالصحيفة وفقاً للشروط الواردة بهذا العقد والمواصفات والتصاميم الواردة بالوثائق والمستندات الصادرة من الاستشاري ــ المطعون ضدها الأولى ــ وشروط بلدية دبي مقابل مبلغ 2.930.000 درهم ، وعلى إثر ذلك باشرت البدء في تنفيذ الأعمال المتعاقد عليها وأنجزت نسبة تجاوزت 90% من تلك الأعمال وتم اعتمادها من قبل الاستشاري ومؤسسة محمد بن راشد للإسكان ، وقدرت المؤسسة الأخيرة الأعمال المنجزة بمبلغ 2.651.650 درهم من إجمالي قيمة العقد ، وإذ كان الطاعن والمطعون ضدها الأولى قد توقفا عن سداد الدفعة الثانية ، وبتاريخ 21/4/ 2024 وجهت إليهما خطاباً بالتوقف عن العمل وأنها استلمت مبلغ 1.566.085 درهم وترصد لها بذمة الطاعن المبلغ المطالب به وجرت مطالبته بالسداد دون جدوى ، ومن ثم كانت الدعوى . وإذ نظرت الدعوى أمام مكتب إدارة الدعوى وندب القاضي المشرف خبيراً أودع تقريره . أبدى الطاعن دعوى متقابلة قبل المطعون ضدها الثانية بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي إليه مبلغ 976,812 درهم والفائدة القانونية بواقع 12% من تاريخ المطالبة حتى السداد وإلزامها بأن تؤدى غرامات التأخير المستحقة طبقا للبند التاسع من العقد من تاريخ انتهاء مدته وحتى تاريخ السداد تأسيساً على إخلالها بواجباتها وتقاعسها عن تنفيذ التزاماتها العقدية بعدم تنفيذ الأعمال المكلفة بها طبقا للشروط والمواصفات المتفق عليها ، مما تسبب ذلك بأضرار جسيمة له يستحق عنها التعويض ، كما قدم المطعون ضده الأول دعوى متقابلة بطلب الحكم بإلزام الطاعن والمطعون ضدها الثانية بالتضامن والتضامم فيما بينهما بأن يسددوا إليه مبلغ 270,000 درهم والتعويض المناسب عن الأضرار التي لحقت به والكسب الفائت وما لحقه من خسائر نتيجة المسئولية التعاقدية والتأخر من كليهما ، وذلك على سند أن تقرير الخبرة النهائي انتهى إلى أن مسئولية التأخير في الإنجاز مشتركة بين الطرفين ــ الطاعن والمطعون ضدها الثانية ــ وذلك لبطء تقدم سير الأعمال من المقاول وتأخر صرف الدفعات . حكمت المحكمة بتاريخ 27/3/2025 في الدعوى المتقابلة المقامة من المطعون ضدها الأولى بعدم قبولها شكلاً وبقبول الدعوى المتقابلة المقامة من الطاعن وفى الموضوع برفضها ، وفى موضوع الدعوى الأصلية بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضدها الثانية مبلغ 212,278 درهم والفائدة القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة حتى تمام السداد وإلزامهما برد شيكات الضمان شيك الدفعة المقدمة وشيك حسن التنفيذ بقيمة 34,460 درهم للمطعون ضدها الثانية . استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 1109 لسنة 2025 تجاري ، وبجلسة 26/6/2025 قضت المحكمة برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف . طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعن الراهن بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى بهذه المحكمة بتاريخ 25/7/2025 بطلب نقضه ، قدمت المطعون ضدها الثانية مذكرة بالرد . وإذ عرض الطعن في غرفة مشورة ورأت المحكمة أنه جدير بالنظر حددت جلسة لنظره وفيها قررت حجزه للحكم بجلسة اليوم .
وحيث إن حاصل ما ينعي به الطاعن بأسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع والتناقض حين اعتد بتقرير الخبير وعول عليه في قضائه لوجود تأخير من جانب الطاعن في صرف الدفعات المستحقة للمطعون ضدها الثانية رغم تأكيد شهادة مؤسسة محمد بن راشد على قيام الطاعن بصرف الدفعات المستحقة لها في مواعيدها ، كما وأن التقرير احتسب لصالح المطعون ضدها الثانية قيمة إنجاز غير واقعية وأعمال لم تنفذها الأخيرة بل نفذها الطاعن بعد انسحابها من الموقع ، وأن استشاري المشروع أكد على إخلال المطعون ضدها الثانية بالتزاماتها وانسحابها من المشروع دون إنجازه ، وأنه ــ الطاعن ــ أبدى اعتراضاته على هذا التقرير ، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعن بمناقشة تلك الاعتراضات الجوهرية وأهدر تقرير الاستشاري الذى استدل به على إخلال المطعون ضدها الثانية بالتزاماتها ، فضلاً عن تناقضه فيما انتهى إليه بقضائه إذ أثبت الخبير أن المسئولية مشتركة بين الطرفين ووجود نواقص وعيوب في التنفيذ من قبل المطعون ضدها الثانية ، ورغم ذلك حمل الطاعن المسئولية وألقى التبعات على عاتقه و قضى بمبالغ غير مستحقة للمطعون ضدها الثانية ، هذا إلى جانب إغفاله المطالبة المستحقة للطاعن بالتعويض المادي الناتج عن تعطيل المشروع وغرامات التأخير ، وهو مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي مردود ، ذلك أن من المقرر وفق ما تقضي به المواد 872 ، 873 ، 877 ، 885 من قانون المعاملات المدنية أن عقد المقاولة هو العقد الذي يتعهد فيه أحد طرفيه بأن يصنع شيئاً أو يؤدي عملاً لقاء بدل يتعهد به الطرف الآخر ، ويجوز أن يتعهد المقاول بتقديم العمل فقط أو المادة والعمل ، ويجب على المقاول إنجاز العمل وفقاً لشروط العقد كما يلتزم صاحب العمل بدفع البدل عند تسليم المعقود عليه إلا إذا نص الاتفاق أو جرى العرف على غير ذلك ، وأن مناط إلزام المقاول بغرامة التأخير المتفق عليها في عقد المقاولة هو أن يكون قد قام بإنجاز كل الأعمال المكلف بها ولكنه تأخر عن تسليمها إلى صاحب العمل عن الميعاد المحدد له بما مؤداه أنه لا مجال لإلزام المقاول بغرامة التأخير إذا لم ينفذ أصلاً أعمال المقاولة المكلف بها أو نفذ بعضها ولم ينفذ البعض الآخر ، ولا يكون لصاحب العمل عندئذ إلا مطالبة المقاول بالتعويض إذا كان لحقته أضراراً من عدم التنفيذ الكلي أو الجزئي ، وكان لمحكمة الموضوع سلطة تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداه ، ولها تقدير الالتزامات المتقابلة وتقدير قيام المقاول بتنفيذ أعمال المقاولة طبقاً للشروط والمواصفات المتفق عليها وفى الميعاد المحدد للتنفيذ ونفى ذلك ، والأخذ بتقرير الخبير متى اطمأنت إليه وإلى الأسباب التي أُقيم عليها وأنها متى رأت الأخذ به محمولاً على أسبابه فإنها لا تكون ملزمة من بعد بالاعتراضات التي يوجهها الخصوم إليه متى كان التقرير قد تولى الرد عليها ومتى وجدت المحكمة في تقريره وفي باقي أوراق الدعوى ما يكفى لتكوين عقيدتها في الدعوى ، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد خلص من أوراق الدعوى ومستنداتها وتقرير الخبير إلى أن مسئولية التأخير في الإنجاز مشتركة بين الطرفين وذلك لبطء تقدم سير الأعمال من المقاول وتأخر صرف الدفعات للمطعون ضدها الثانية ــ المقاول ، وأن المترصد في ذمة الطاعن لصالح المطعون ضدها الثانية مبلغ 212.278 وأضاف الحكم المطعون فيه أن التأخير في إنجاز الأعمال كان بسبب من المطعون ضدها والطاعن وكان لتأخر الأخير في سداد الدفعات المستحقة للمطعون ضدها أن قررت معه التوقف عن العمل ومن ثم فلا يستحق الطاعن تعويضاً أو غرامات تأخير منها وقضى بتأييد الحكم الابتدائي فيما انتهى إليه في قضائه بإلزامه بأن يؤدى للمطعون ضدها المبلغ المقضي به و رفض دعوى الطاعن المتقابلة المقامة منه في مواجهة المطعون ضدها الثانية ، ولا عليه إن هو أطرح تقرير استشاري المشروع إذ أن الأمر مرده إلى سلطته التقديرية ، وكان هذا الذى أورده الحكم المطعون فيه سائغاً وله مأخذه الصحيح من الأوراق وفيه الرد الضمني المسقط لما عداه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره واستخلاصه من واقع الأدلة والمطروحة عليها وهو مما لا تقبل إثارته أمام محكمة التمييز . وغير صحيح ما يتحدى به الطاعن أن الحكم المطعون فيه أغفل مطالبته للمطعون ضدها الثانية بالتعويض وغرامات التأخير لثبوت أن الحكم المطعون فيه المؤيد للحكم الابتدائي رفض دعواه المقابلة المقامة في هذا الشأن ، والنعي بهذا الوجه على غير أساس .
وحيث أنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : برفض الطعن وألزمت الطاعن المصروفات ومبلغ ألفين درهم مقابل أتعاب المحاماة مع مصادرة التأمين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق