الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 5 أغسطس 2021

إمكانية الطعن على قرارات قاضي التفليسة حال تجاوزه نطاق اختصاصه

الدعوى رقم 14 لسنة 42 ق " منازعة تنفيذ " جلسة 3 / 7 / 2021
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث من يوليه سنة 2021م، الموافق الثاني والعشرين من ذى القعدة سنة 1442 ه.

برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر


أصدرت الحكم الآتى

فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 14 لسنة 42 قضائية " منازعة تنفيذ ".

المقامة من

1 - عمرو أمين حمزة النشرتى

2 - محمد عبد الحليم لبنة، بصفته أمين التفليسة في الدعوى رقم 32 لسنة 2002 إفلاس كلى الجيزة

ضد

1- رئيس الجمهورية

2- رئيس مجلس الوزراء

3- أمين عام محكمة القاهرة الاقتصادية

4- قاضى تفليسة شركة المجموعة المصرية للتوزيع (إيدج)

5- رئيس مجلس إدارة بنك التجارى وفا بنك (بنك باركليز مصر سابقًا)

الإجراءات

بتاريخ الحادي عشر من يوليه سنة 2020، أودع المدعيان صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبين الحكم، أولاً: بالاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى رقم 273 لسنة 25 قضائية "دستورية". ثانياً: بعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة، في الاستئنافين رقمي 1313 لسنة 126 قضائية و1006 لسنة 127قضائية، والأحكام الصادرة من محكمة النقض في الطعون أرقام 18373 و18390 و18402 لسنة 84 قضائية، واعتبار تلك الأحكام كأن لم تكن.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.

وقدم البنك المدعى عليه الخامس مذكرة، طلب فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر جلسة 5/6/2021، ومثل فيها محام عن المدعى الأول وقدم مذكرة، وبالجلسة ذاتها قررت المحكمة إصدار الحكم في الدعوى بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل– على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعى الأول كان يمتلك 95% من أسهم شركة المجموعة المصرية للتوزيع (إيدج)، وخلال عام 2001، أودع مبلغ ثلاثمائة مليون جنيه، لدى البنك المدعى عليه الخامس، قيمة الزيادة في رأس مال تلك الشركة، ونظرًا لمرور الشركة بضائقة مالية تم إشهار إفلاسها بموجب الحكم الصادر في الدعوى رقم 32 لسنة 2002 إفلاس كلى جنوب الجيزة، وتعيين المدعى الثاني أمينا للتفليسة، فقام الأخير بمطالبة البنك المدعى عليه الخامس بأداء المبلغ المودع لديه وتسليمه له بصفته، فامتنع البنك، فتقدم أمين التفليسة بطلب إلى قاضى التفليسة لإلزام البنك بأداء ذلك المبلغ، وبتاريخ 15/9/2008، أصدر قاضى التفليسة أمرًا بإلزام البنك بتقديم شيك مقبول الدفع إلى محكمة الإفلاس باسم تفليسة عمرو النشرتى – بمبلغ ثلاثمائة مليون جنيه وإيداعه خزينة المحكمة، وتقديم شهادة بكيفية إيداع ذلك المبلغ، وتاريخ الإيداع، والفوائد القانونية المستحقة عليه اعتبارًا من تاريخ الإيداع حتى تقديم هذه الشهادة، فتظلم البنك من هذا الأمر أمام محكمة الجيزة الابتدائية، بالتظلم المقيد برقم 126 لسنة 2008 إفلاس كلى الجيزة، وقضى فيه بجلسة 24/6/2009، بعدم جواز التظلم، استنادًا إلى أن الأمر المتظلم منه يدخل في حدود اختصاص قاضى التفليسة، ومن ثم فلا يجوز الطعن عليه إعمالاً لحكم المادة (580/1) من قانون التجارة. وإزاء عدم تنفيذ البنك الأمر المشار إليه، أصدر قاضى التفليسة بتاريخ 18/7/2009، أمرًا بالاستمرار في تنفيذ الأمر السابق، وقيد تظلمه برقم 82 لسنة 2009 تجارى كلى جنوب الجيزة، وقضت فيه المحكمة بجلسة 31/3/2010، بعدم قبول التظلم، استنادًا إلى التقرير به بعد الميعاد القانونى، فاستأنف البنك ذلك القضاء أمام محكمة استئناف القاهرة " مأمورية استئناف الجيزة " بالاستئنافين رقمى 1313 لسنة 126 قضائية و 1006 لسنة 127 قضائية، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين ليصدر فيهما حكم واحد، قضت بجلسة 10/8/2014، بقبول التظلم رقم 82 لسنة 2009 تجارى جنوب الجيزة شكلاً وفى موضوع التظلمين: بإلغاء الحكمين المستأنفين رقمى 126 لسنة 2008 و82 لسنة 2009 إفلاس كلى الجيزة، والقضاء مجددًا بإلغاء الأمرين المتظلم منهما الصادرين من قاضى التفليسة رقم 32 لسنة 2002 إفلاس كلى جنوب الجيزة بتاريخى 15/9/2008 و18/7/2009، واعتبارهما كأن لم يكونا. وشيدت قضاءها على سند من أن قاضى التفليسة أصدر الأمرين المتظلم منهما دون التحقق من صحة الدين، خروجًا عن حدود اختصاصه، وأن قراره بإلزام البنك المستأنف تقديم شيك مقبول الدفع إلى محكمة الإفلاس بمبلغ ثلاثمائة مليون جنيه، لإيداعه خزينة المحكمة على ذمة القضية، وكذا تقديم شهادة مبين فيها كيفية إيداع المبلغ وتاريخ الإيداع والفوائد المستحقة عليه، يُعد فصلاً في حق موضوعي يخرج عن الاختصاص المحدد لقاضى التفليسة، ومن ثم يتعين القضاء بإلغائه واعتباره كأن لم يكن. لم يصادف هذا القضاء قبولاً لدى المدعى الأول، فطعن عليه أمام محكمة النقض بالطعن رقم 18402 لسنة 84 قضائية، وبجلسة 14/5/2017، قضت المحكمة – في غرفة مشورة – بعدم قبول الطعن. وشيدت قضاءها على سند من أن سلطة قاضى التفليسة هى الإشراف على أمين التفليسة ومراقبة سير أعمال التفليسة بطريق إصدار الأوامر تعتبر من قبيل الأعمال الولائية، ما لم يكن الأمر فاصلاً في نزاع فإنه يعتبر حكمًا يجاوز اختصاصه، يجوز التظلم منه، ويكون القضاء الصادر في التظلم قابلا للطعن بالطرق المقررة قانونًا إعمالاً لنص المادة (580/1) من قانون التجارة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون. ومن جانب آخر، طعن المدعيان على حكم محكمة الاستئناف الصادر في الاستئنافين المار بيانهما، أمام محكمة النقض بالطعنين رقمى 18373 و 18390 لسنة 84 قضائية، وبجلسة 23/12/2018، قضت محكمة النقض – في غرفة مشورة – بعدم قبول الطعنين، استنادًا الى أن الحكم المطعون فيه قد استخلص من أوراق الدعوى أن قرار قاضى التفليسة يخرج عن نطاق اختصاصه، ومن ثم يجوز الطعن عليه، ورتب على ذلك وعلى ما حصله من تقرير الخبراء قضاءه بإلغاء هذا الأمر، وكان ذلك بأسباب سائغة لها معينها الثابت في الأوراق وكافيًا لحمل قضائه .

وإذ ارتأى المدعيان أن الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة في الاستئنافين رقمى 1313 لسنة 126 قضائية و 1006 لسنة 127 قضائية، المؤيد بالحكمين الصادرين من محكمة النقض – في غرفة مشورة - في الطعون أرقام 18373 و18390 و18402 لسنة 84 قضائية، المؤيدة له، تُمثل عقبة في تنفيذ الحكم الصادر عن هذه المحكمة بجلسة 6/5/2012، في الدعوى رقم 273 لسنة 25 قضائية " دستورية "، ومن ثم أقاما دعواهما المعروضة بطلباتهما السالفة البيان.

وحيث إن منازعة التنفيذ - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – قوامها أن التنفيذ قد اعترضته عوائق تحول قانونًا- بمضمونها أو أبعادها- دون اكتمال مداه، وتعطل أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان، ومن ثم، تكون عوائق التنفيذ القانونية هى ذاتها موضوع منازعة التنفيذ أو محلها، تلك المنازعة التى تتوخى في ختام مطافها إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا، بشأن مدى دستورية نص تشريعى، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التى يضمها، والآثار المتولدة عنها في سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التى تقوم بينها، هى التى تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا - وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - لهدم عوائق التنفيذ التى تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين جميعهم، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق- سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها- ولو كانت تشريعًا أو حكمًا قضائيًّا أو قرارًا إداريًّا أو عملاً ماديًّا، حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام، وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعة التنفيذ لا تعد طريقًا للطعن في الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.

وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق لها أن قضت بحكمها الصادر بجلسة 6/5/2012، في الدعوى رقم 273 لسنة 25 قضائية "دستورية"، برفض الدعوى المقامة طعنًا على دستورية نصى المادتين (567/ب) و(580/1) من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999. وقد نُشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بالعدد رقم 20 مكرر (أ) بتاريخ 20 مايو سنة 2012. وشيدت المحكمة قضاءها على أن ما تضمنه النصان الطعينان من تقييد الطعن على قرارات قاضى التفليسة، وكذا على الأحكام الصادرة في الطعن على قرارات قاضى التفليسة، إنما قد جاء متّسقًا مع ما يتطلبه التنظيم التشريعى للإفلاس من خصوصية أوضاع التقاضى في حسم المنازعات التى تثور خلال سير إجراءات التفليسة على النحو الذى يحقق الأهداف المرجوة من هذا التنظيم، نظرًا لاصطباغ نظام الإفلاس بالسمات العامة لأحكام القانون التجارى التى تتمثل في خاصية الائتمان التى تقوم عليها المعاملات التجارية، وما تتطلبه من سرعة في حسم المنازعات الناشئة عنها، الأمر الذى يكون معه النصان الطعينان قد وقعا في إطار السلطة التقديرية للمشرع في تنظيم حق التقاضى، إذ لم يترتب على هذين النصين أى خطر أو إهدار لهذا الحق، بل جاء نتيجة اختيار المشرع للإجراءات الأكثر اتفاقًا مع طبيعة منازعة الإفلاس دونما إخلال بضماناتها الرئيسية التى تكفل إيصال الحقوق لأصحابها وفق قواعد منصفة، وبمراعاة ما يقتضيه الصالح العام؛ ومن ثم تكون قالة إهدارهما لحق التقاضى على غير أساس من صحيح القانون. وغير سديد كذلك ما نعاه المدعون من مخالفة النصين الطعينين لمبدأ المساواة أمام القانون، ذلك أن المشرع قد أفرد تنظيمًا قضائيًا لحسم النزاع محددًا قواعده وإجراءاته وفق أسس موضوعية لا تقيم في مجال تطبيقها تمييزًا من أى نوع بين المخاطبين بها المتكافئة مراكزهم القانونية بالنسبة إليها، مستهدفًا المصلحة العامة متمثلة في سرعة إنهاء المنازعات الدائرة بين أطرافها، دون إخلال بما تقتضيه دراستها وفحصها من تهيئة الأسس الكافية للفصل فيها، ومن ثم فإن القواعد التى يقوم عليها هذا التنظيم تعتبر مرتبطة بأغراضه النهائية المشروعة ومؤدية إليها بما لا مخالفة فيه لمبدأ المساواة أمام القانون.

وحيث إن حكم محكمة استئناف القاهرة، الصادر بجلسة 10/8/2014، في الاستئنافين رقمى 1313 لسنة 126 قضائية و 1006 لسنة 127 قضائية، قد تأسس على" ... أن قاضى التفليسة أصدر الأمرين المتظلم منهما دون التحقق من صحة الدين خروجًا عن حدود اختصاصه، وأن قراره بإلزام البنك تقديم شيك مقبول الدفع إلى محكمة الإفلاس بمبلغ ثلاثمائة مليون جنيه، وإيداعه خزينتها وكذا تقديم شهادة مبيّنًا فيها كيفية إيداع المبلغ وتاريخ الإيداع والفوائد المستحقة عليه، يُعد فصلاً في حق موضوعي يخرج عن الاختصاص الولائي المحدد لقاضي التفليسة، ومن ثم يتعين القضاء بإلغائه واعتباره كأن لم يكن". وقد تم تأييد هذا الحكم من محكمة النقض - في غرفة مشورة – بجلستى 14/5/2017 و23/12/2018، بعدم قبول الطعون أرقام 18373 و 1839 و18402 لسنة 84 قضائية، وكان هذا القضاء يُعد تطبيقًا لأحكام المادة (580/1) من قانون التجارة المشار إليه، فيما أجازه من إمكان الطعن على قرارات قاضي التفليسة حال تجاوزه نطاق اختصاصه، الأمر الذى ينتفى معه القول بأن حكم محكمة استئناف القاهرة المؤيد من محكمة النقض، والحال كذلك – في خصوصية الحالة المعروضة – قد جاء مصادمًا أو ماسًا بالحجية الثابتة لقضاء المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 273 لسنة 25 قضائية "دستورية"، سواء في أسبابه أو منطوقه، وهو ما تضحى معه الدعوى المعروضة - في حقيقتها - طعن على حكم محكمة استئناف القاهرة وأحكام محكمة النقض المشار إليها، يستهدف إهدار ما انتهت إليه تلك الأحكام من قضاء في شأن النزاع الموضوعى، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة، كما أن تلك الأحكام المطلوب عدم الاعتداد بها لا تُشكل أى عائق أو عقبة في سبيل تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في الدعوى المشار إليها سلفًا، الأمر الذى تقضى معه المحكمة بعدم قبول الدعوى المعروضة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعيين المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق