الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 6 يونيو 2018

رفض طلب إعادة تعيين المستشارة / تهاني الجبالي في وظيفة نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا


الطعن 1 لسنة 35 ق " طلبات أعضاء "جلسة 5 / 5 / 2018
الجريدة الرسمية العدد 19 مكرر ب في 13 / 5 / 2018 ص 180
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من مايو سنة 2018 م، الموافق التاسع عشر من شعبان سنة 1439 هـ
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفي علي جبالي ومحمد خيري طه النجار وسعيد مرعي عمرو والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبد العزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار/ طارق عبد العليم أبو العطا رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 1 لسنة 35 قضائية "طلبات أعضاء".

-----------
الوقائع
وحيث إن وقائع الدعوى تتحصل – على نحو ما يتبين من صحيفة الطلب وسائر الأوراق والمستندات – في أن المدعية كانت تعمل نائبا لرئيس المحكمة الدستورية العليا اعتبارا من ديسمبر سنة 2002، وأنه بصدور دستور سنة 2012 بتاريخ 25 ديسمبر 2012، ناصا في المادة (233) منه على أن: "تؤلف أول هيئة للمحكمة الدستورية العليا، عند العمل بهذا الدستور، من رئيسها الحالي وأقدم عشرة من أعضائها، ويعود الأعضاء الباقون إلى أماكن عملهم التي كانوا يشغلونها قبل تعيينهم بالمحكمة"، فقد تم فصلها من عملها كقاضية وستة آخرين من زملائها، وأنها تنعى على الوثيقة الدستورية جميعها بالبطلان لعدم استيفائها نسبة القبول اللازمة، استنادا إلى أن عدد من أدلوا بأصواتهم في الاستفتاء بلغ 32.19% من مجموع الناخبين، على حين أن من وافق على الدستور منهم هو 63.8% بمعدل 20% ممن لهم الحق في التصويت، بما يكشف عن عدم موافقة أغلبية الشعب على هذا الدستور، على نحو ما جاء بالمادة (60) من الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس 2011، كما تنعى على عجز نص المادة (233) من ذلك الدستور بالبطلان، لعدم موافقة الجمعية التأسيسية التي أعدت الدستور على ما ورد بعجز هذه المادة من عودة الأعضاء الباقين – بعد رئيس المحكمة وأقدم عشرة من أعضائها – إلى أماكن عملهم التي كانوا يشغلونها قبل تعيينهم بالمحكمة، الأمر الذي يصم إجراءات إصدار هذه المادة ببطلان لا يصححه موافقة أغلبية المقترعين في الاستفتاء على أحكامه، كما تنعى على هذه المادة التناقض مع نص المادة (170) من الدستور ذاته، التي أكدت على مبدأ عدم قابلية القضاة للعزل، والمواد (74, 168, 169) من الدستور ذاته، التي كرست مبدأ سيادة القانون واستقلال القضاة وحصانتهم، وقيام كل جهة أو هيئة قضائية على شئونها، وكان مؤدى تناقض الحكم الوارد بعجز المادة (233) مع هذه المبادئ - في ضوء ما استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا من وجوب تفسير أحكام الدستور باعتبارها متكاملة – أن يضحى عجز نص المادة (233) نصا باطلا لما أصابه من عيب الانحراف الذي يصل به إلى درجة الانعدام، وأن التوفيق بين هذا النص والسياق العام للدستور يستوجب إهدار هذا الحكم، وعودة الطالبة إلى عملها
وبجلسة 24/ 9/ 2017, قدمت الطالبة صحيفة تعديل طلبات، قصرت فيها طلباتها على طلب الحكم بإلغاء القرار الصادر من رئيس الجمهورية رقم 449 لسنة 2012 بعزل المدعية من وظيفتها كقاضية ونائب رئيس للمحكمة الدستورية العليا لانعدامه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها عودتها إلى منصبها القضائي، وأسست طلباتها استنادا إلى مبدأ استقلال القضاة وعدم جواز عزلهم، المردد في جميع الدساتير المصرية والعالمية، الأمر الذي يكون معه القرار المطعون فيه الصادر بناء على القرار التمهيدي للجمعية العمومية للمحكمة الدستورية العليا بتاريخ 26 ديسمبر سنة 2012، قرارا مشوبا بمخالفة جسيمة تصل به إلى حد الانعدام، بما يخول جهة الإدارة الحق في سحبه في أي وقت تشاء، دون التقيد بمواعيد، بحسبانه واقعة مادية، وأضافت أنه وإذ قامت ثورة 30 يونيو سنة 2013، فقد تغيرت الأوضاع السياسية بما سمح بإعادة معظم الزملاء الذين شملهم العزل بموجب نص القرار رقم 449 لسنة 2012 المطعون عليه، بحسبانه غير قابل للتجزئة، فإن المواءمة القضائية لا تقبل التجزئة، لذلك انتهت إلى طلب إلغاء هذا القرار
بتاريخ السادس من يناير سنة 2013، أقامت المدعية الدعوى المعروضة، بإيداع صحيفتها قلم كتاب هذه المحكمة، طلبا للحكم أصليا بانعدام الشرعية الدستورية للوثيقة المسماة بدستور جمهورية مصر العربية، التي عرضت على هيئة الناخبين للاستفتاء بدءا من الخامس عشر من شهر ديسمبر سنة 2012، وعدم الاعتداد بالآثار المترتبة عليها وعدم دستورية نفاذها، واحتياطيا بعدم دستورية الإجراءات والقرارات التنفيذية للتفسير الظاهر للنص الانتقالي رقم (233) من الوثيقة المستفتى عليها والآثار المترتبة عليها من عزل الطالبة من وظيفتها كقاضية ونائب رئيس المحكمة الدستورية العليا وستة آخرين من نواب رئيس المحكمة، واستمرار كل منهم في شغل منصب نائب رئيس المحكمة وفقا لأقدمياتهم
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، حددت فيها طلباتها الختامية في الحكم؛ أصليا: بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة، واحتياطيا: برفضها
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
وحيث إن المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 449 لسنة 2012 – المطعون عليه – تنص على أن "يعود إلى العمل بهيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا في الوظيفة المبينة قرين اسمه، كل من
السيد المستشار/ رجب عبد الحكيم سليم رئيسا لهيئة المفوضين 
السيد المستشار الدكتور/ حمدان حسن فهمي رئيسا لهيئة المفوضين 
السيد المستشار/ محمود محمد علي غنيم رئيسا لهيئة المفوضين 
السيد المستشار/ حاتم حمد عبد الله بجاتو رئيسا لهيئة المفوضين 
وتحدد أقدميتهم في وظائفهم على النحو الذي كانت عليه قبل تعيينهم أعضاء بالمحكمة الدستورية العليا". 
وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول طلب إلغاء القرار المطعون فيه لانتفاء شرط المصلحة، فهو دفع سديد، ذلك أن هذا القرار قد صدر تنفيذا لنص المادة (233) من الدستور الصادر سنة 2012، متضمنا إعادة أربعة أعضاء ممن لم يشملهم التشكيل الأول لهيئة المحكمة بعد العمل بهذا الدستور إلى هيئة المفوضين بالمحكمة، باعتبارها جهة عملهم التي كانوا يعملون بها قبل العمل به، ومن ثم فإن القضاء بإلغاء هذا القرار لن يحقق أية فائدة عملية للطالبة، لتنتفي بذلك مصلحتها في الطعن عليه، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول هذا الطلب
وحيث إن التكييف القانوني الصحيح لباقي الطلبات المطروحة من قبل الطالبة، أنها تنصب على طلب إعادة تعيينها في وظيفة نائب لرئيس المحكمة الدستورية العليا، أسوة بزملائها الذين شملهم العزل وعادوا إلى العمل بالمحكمة. متى كان ما تقدم، وكانت مصلحتها الشخصية المباشرة متحققة في هذا الطلب، ومن ثم يكون هذا الطلب قد توافرت له شروط قبوله
وحيث إن الطالبة ترتكن في دعواها إلى عدم مشروعية قرار عزلها من وظيفتها لإخلاله بمبدأ استقلال القضاة وعدم جواز عزلهم المردد في جميع الدساتير المصرية والعالمية، ووجوب شمولها بقرار إعادة تعيينها أسوة بمن جرى إعادة تعيينهم من الأعضاء الآخرين الذين سبق عزلهم إعمالا لحكم المادة (233) من دستور سنة 2012، طبقا لقاعدة المساواة
وحيث إن دستور سنة 2012، قد انتهج في المادة (176) منه منهجا حاصله تحديد عدد قضاة المحكمة الدستورية العليا حصرا في رئيس وعشرة أعضاء، ونص في المادة (233) من الأحكام الانتقالية على أن تؤلف أول هيئة للمحكمة, الدستورية العليا، عند العمل بهذا الدستور، من رئيسها الحالي وأقدم عشرة من أعضائها، ويعود الأعضاء الباقون إلى أماكن عملهم التي كانوا يشغلونها قبل تعيينهم بالمحكمة، وإذ صدر الدستور الحالي في سنة 2014 وعدل عن هذا المنهج، فنصت المادة (193) منه على أن تؤلف المحكمة من رئيس، وعدد كاف من نواب الرئيس، تاركا تحديد الحد الأقصى لأعضائها إلى الجمعية العامة المحكمة باعتبارها القائمة على شئون المحكمة بصريح نص المادة (191) من الدستور، وقد عمد الدستور القائم إلى معالجة الآثار التي ترتبت على المادة (233) من الدستور الملغي، فنصت المادة (246) منه على أن: "يلغى الإعلان الدستوري الصادر في الخامس من يوليه سنة 2013، والإعلان الدستوري الصادر في الثامن من يوليه سنة 2013، وأي نصوص دستورية أو أحكام وردت في الدستور الصادر سنة 2012 ولم تتناولها هذه الوثيقة الدستورية، تعتبر ملغاة من تاريخ العمل بها، ويبقى نافذا ما ترتب عليها من آثار." الأمر الذي يكون معه المشرع الدستوري قد أفصح على نحو قاطع عن اعتداده بسائر الآثار القانونية التي ترتبت إبان العمل بنصوص وأحكام دستور سنة 2012، وعدم إلغائها، تقديرا منه إلى أن العصف بهذه الآثار القانونية بعد استقرارها من شأنه أن يحدث خلخلة في مراكز قانونية استقرت واكتسب ذووها شرعية في ظل العمل بذلك الدستور، اكتفاء منه بفتح أبواب الإصلاح القانوني والدستوري من خلال تفعيل آلية العمل بأحكام الدستور الجديد، فكان إلغاؤه قاعدة القيد العددي الحصري لأعضاء المحكمة في المادة (193) منه، وجعل اختيار رئيس المحكمة ونواب رئيس المحكمة حقا خالصا للجمعية العامة للمحكمة، على أن يصدر بما انتهى إليه اختيارها قرار بتعيينهم من رئيس الجمهورية، إيذانا بافتتاح سبيل معالجة الأوضاع التي ترتبت في ظل العمل بالأحكام السابقة عليه، ليبقى للجمعية العامة وحدها السلطة التقديرية في إعادة تعيين من سبق استبعادهم من أعضائها بمقتضى أحكام الدستور الملغي، في ضوء تقديرها لاحتياجاتها الفعلية، ومتطلبات العمل بالمحكمة
وحيث إن من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن التعيين في وظيفة نائب رئيس بالمحكمة الدستورية العليا مرده إلى اجتماع نوعين من الشروط، أولهما: شروط تتصل بالضوابط القانونية التي تتطلبها المادة (193) من الدستور، والمادة الرابعة من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 لتعيين عضو جديد بها، وجميعها شروط مصدرها المباشر نصوص الدستور والقانون، ولا يجوز الانتقاص منها ولو في بعض جوانبها، وليس للجمعية العامة للمحكمة أن تترخص في تقديرها، بل عليها إعمالها بالكيفية التي ضبطها بها المشرع باعتبار أن سلطتها في شأنها مقيدة، وثانيهما: شروط تدور حول عناصر واقعية جامعها طبيعة الولاية التي تباشرها المحكمة الدستورية العليا في مجالاتها المختلفة، وقيامها بوجه خاص بمهمة إرساء الشرعية الدستورية على صعيد النصوص التشريعية جميعها، ومكانتها الرفيعة التي دل عليها موقعها من التنظيم القضائي في جمهورية مصر العربية، وهو ما حدا بالدستور الحالي إلى أن يفردها بفصل خاص ضمنه جوهر أحكامها، التي لا يجوز التغيير فيها إلا بتعديل الدستور ذاته، بما مؤداه أن اختيار الجمعية العامة لنائب رئيس المحكمة، سواء كان ذلك بتعيين مبتدأ أم في حالة إعادة التعيين، يقتضيها بالإضافة إلى تثبتها من توافر الشروط التي يتطلبها الدستور وقانون المحكمة للتعيين فيها أن تدخل في اعتبارها مجموعة من العناصر الواقعية التي تترخص في تقديرها، تقتضيها وتبلورها طبيعة الوظيفة التي يتولاها عضو المحكمة، وخطورة المهام المرتبطة بها، واتصالها بوجه خاص بالرقابة القضائية على الدستورية التي تتبوأ مرتبة الصدارة من الشرعية في مدارجها المختلفة، وأخصها الاحتياجات الفعلية للمحكمة، وطبيعة العمل بها ومتطلباته، والتي تتحراها الجمعية العامة بلوغا لغاية الأمر فيها، غير مقيدة بعنصر معين دون غيره، وهي في كل ذلك تتمتع بسلطة تقديرية لا يحدها سوى إساءة استعمالها لسلطتها
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان إلغاء نص المادة (233) من الدستور الصادر سنة 2012 بمقتضى نص المادة (246) من الدستور الحالي لا يكسب الطالبة حقا في إعادة تعيينها في وظيفة نائب رئيس المحكمة، إذ المرد في ذلك إلى تقدير الجمعية العامة للمحكمة لاحتياجاتها الفعلية من الخبرات والكفاءات التي تعينها على الاضطلاع بمهامها التي ناطها بها الدستور والقانون، متى خلا قرارها في هذا الشأن من إساءة استعمال السلطة، وهو عيب قصدي، ينال من الغاية التي توختها جهة الإدارة في مجال إصدار قرارها، ومن ثم فهو لا يفترض، وإنما يتعين أن يقوم الدليل عليه من الأوراق، إذ الأصل في القرارات الإدارية هو صدورها مستوفية أوضاعها الشكلية مطابقة في محلها للقانون، وأنها بريئة في بواعثها وأهدافها من كل مطعن عليها، وإذ خلت الأوراق من دليل على إساءة استعمال السلطة في الحالة المعروضة، فمن ثم يضحى طلب الطالبة إعادة تعيينها في وظيفة نائب رئيس المحكمة فاقدا سنده القانوني السليم حقيقا بالقضاء برفضه
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة برفض الطلب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق