الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 6 يوليو 2014

الطعن 12152 لسنة 75 ق جلسة 24 /11/ 2005 مكتب فني 56 ق 96 ص 630

جلسة 24 من نوفمبر سنة 2005

برئاسة السيد المستشار/ حسام عبد الرحيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فريد عوض، على فرجاني، حمدي ياسين نواب رئيس المحكمة ومحمد أحمد عبد الوهاب.

----------------

(96)
الطعن رقم 12152 لسنة 75 القضائية

 (1)دعوى جنائية "قيود تحريكها". دعوى مباشرة. دفوع "الدفع بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لرفعهما بعد الميعاد".
عدم جواز رفع الدعوى الجنائية في جريمتي السب والقذف. إلا بناء على شكوى المجنى عليه أو وكيله الخاص خلال ثلاثة أشهر من يوم علمه بالجريمة ومرتكبها. المادة 3 إجراءات.
تقديم الشكوى خلال ذلك الأجل. ينفى القرينة القانونية بالتنازل عنها.
القضاء بعدم الاختصاص والإحالة. لا يبطل صحيفة الدعوى ولا ينفى إعلانها في الميعاد. أثر ذلك؟

(2)
دعوى جنائية "انقضاؤها بالتنازل". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
القانون لم يرسم طريقًا للتنازل عن الشكوى أو الطلب. المادة 10 إجراءات.
تقدير التنازل عن الشكوى أو الطلب. موضوعي. ما دام سائغًا.
تصحيح شكل الدعوى باختصام الطاعن الأول باعتباره مسئولاً عن الحقوق المدنية لا يعد تنازلاً.
مثال
.
 (3)
نشر. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر تهمة القذف.
(4)
نشر. أسباب الإباحة وموانع العقاب "استعمال الحق".
حصانة النشر. مقصورة على الإجراءات القضائية العلنية والأحكام التي تصدر علنا دون إجراءات التحقيق الابتدائي أو الأولى أو الإداري. المادة 189 عقوبات.
 (5)
قذف. جريمة "أركانها ". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حرية الصحفي جزء من حرية الفرد العادي. لا يجوز تجاوزها إلا بتشريع خاص.
القصد الجنائي في جريمة القذف. مناط تحققه؟
الدفع بحسن النية. لا محل له. ما دام المجنى عليه ليس من الموظفين العموميين أو من في حكمهم.
(6)
إجراءات "إجراءات المحاكمة". نظام عام. بطلان. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
أوجه البطلان المتعلقة بإجراءات التكليف بالحضور. ليست من النظام العام. أساس وأثر ذلك؟
عدم جواز النعي ببطلان إجراءات التكليف بالحضور لأول مرة أمام محكمة النقض
.
(7)
مسئولية تقصيرية. تعويض. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قذف.
إحاطة الحكم بأركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية. مؤداه؟

-----------------
1 - لما كان من المقرر بنص المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية أنه لا يجوز رفع الدعوى الجنائية إلا بناء على شكوى شفاهية أو كتابية من المجنى عليه أو من وكيله الخاص إلى النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي في الجرائم المنصوص عليها فيها ومن بينها جريمتي القذف والسب وانه لا تقبل الشكوى بعد ثلاثة شهور من يوم علم المجنى عليه بالجريمة ومرتكبها، وكان الشارع قد جعل من مضى هذا الأجل قرينة قانونية لا تقبل إثبات العكس على التنازل، ومن ثم فإن تقديمها خلاله إنما ينفيها ويحفظ لهذا الإجراء أثره القانوني. لما كان ذلك، وكان الطاعنان لا يماريان في أن المدعى بالحق المدني قد أقام دعواه المباشرة قبلهما خلال الميعاد المنصوص عليه في المادة الثالثة سالفة البيان وأعلنت صحيفته إليهم فيه فإن قضاء محكمة جنح.... بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى وإحالتها إلى النيابة العامة التي تولت تحقيقها وإحالتها لمحكمة الجنايات المختصة والتي أصدرت الحكم المطعون فيه، فإن ذلك لا يبطل صحيفتها ولا ينفى عنها أنها قد أعلنت في الميعاد القانوني لذلك ومن ثم فإن الدفع بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لرفعهما بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية يكون دفعًا ظاهر البطلان، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لهذا الدفع وأطرحه تأسيسًا على أن الطاعنين قد أقاما دعواهما وأعلنت صحيفتها خلال الميعاد المذكور، فإن ما يثيراه في هذا الخصوص يكون غير سديد.
2 - لما كان نص في الفقرة الأولى من المادة 10 من قانون الإجراءات الجنائية على أن "لمن قدم الشكوى أو الطلب في الأحوال المشار إليها في المواد السابقة أن يتنازل عنها في أي وقت إلى أن يصدر في الدعوى حكم نهائي وتنقضي الدعوى العمومية بالتنازل". لم يرسم طريقًا لهذا التنازل فيستوى أن يقرر به الشاكي كتابة أو شفهًا كما يستوى أن يكون صريحًا أو ضمنيا ينم عنه تصرف يصدر من صاحب الشكوى ويفيد في غير شبهة أنه أعرض عن شكواه، ولما كان تقدير التنازل من المسائل الواقعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب متى كانت المقومات التي أسست عليها حصول التنازل أو عدم حصوله تؤدى إلى النتيجة التي خلصت إليها، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ اعتبر أن ما قام به المدعى بالحقوق المدنية من تصحيح شكل الدعوى باختصام الطاعن الأول باعتباره مسئولاً عن الحقوق المدنية لا يعد تنازلاً عن شكواه، فإن ما رد به يكون صحيحًا ويكون النعي في خصوصه غير مقبول.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله:" إن المدعى بالحق المدني عن نفسه وبصفته وليًا طبيعيًا على ابنته..... أقام دعوى بالطريق المباشر بصحيفة قال فيها أنه عقيد شرطة ويعمل مأمورًا لقسم شرطة بور فؤاد أول ومشهود له بالنزاهة والخلق وأن ابنته...... طالبة بالمرحلة الثاني للثانوية العامة القسم العلمي بمدرسة......، وأنه بتاريخ...... نشرت جريدة..... التي يرأس مجلس إدارتها وتحريرها المدعى عليه الأول الطاعن الأول على لسان المتهم الثاني الطاعن الثاني نقلاً عن المتهم الثالث والذى قضى ببراءته خبرًا يفيد بأن ابنته المذكورة تمارس الغش علنا داخل لجان الامتحان وذلك على غير الحقيقة إذ أن ابنته من المتفوقات دراسيًا في كل مراحلها السابقة مما يكون ما قام به المدعى عليهم يعد سبًا وقذفًا في حقه وابنته لما فيه من إساءة وتشهير بهما في المجتمع الذي يعيشان به وبين أقرانهما وهو ما أثر في نفسيتهما ونال من شخصيتهما " ثم استعرض واقعة الدعوى وخلص إلى القول بأن تهمة القذف في حق المدعيين بالحقوق المدنية ثابتة قبل الطاعن الثاني وقضى عليه بالعقوبة والتعويض مع الطاعن الأول بوصفه رئيس لمجلس الإدارة ورئيسًا لتحرير الجريدة التي حصل فيها النشر.
4 - لما كانت المادة 189 من قانون العقوبات قد نصت على ما يأتي: " يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من نشر بإحدى الطرق المتقدم ذكرها ما جرى في الدعاوى المدنية أو الجنائية التي قررت المحاكم سماعها في جلسة سرية أو في الدعاوى المتعلقة بالجرائم المنصوص عليها في هذا الباب أو في الباب السابع من الكتاب الثالث من هذا القانون، ولا عقاب على مجرد نشر موضوع الشكوى أو على مجرد نشر الحكم. مع ذلك ففي الدعوى التي لا يجوز فيها إقامة الدليل على الأمور المدعى بها يعاقب على إعلان الشكوى أو على نشر الحكم بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرة الأولى من هذه المادة ما لم يكن نشر الحكم أو الشكوى قد حصل بناء على طلب الشاكي أو بإذنه ". فقد دل الشارع بذلك أن حصانة النشر مقصورة على الإجراءات القضائية العلنية والأحكام التي تصدر علنا وأن هذه الحصانة لا تمتد إلى ما يجرى في الجلسات غير العلانية ولا إلى ما يجرى في الجلسات التي قرر القانون أو المحكمة الحد من علانيتها، كما أنها مقصورة على إجراءات المحاكمة ولا تمتد إلى التحقيق الابتدائي ولا إلى التحقيقات الأولية أو الإدارية لأن هذه كلها ليست علانية إذ لا يشهدها غير الخصوم ووكلائهم فمن ينشر وقائع هذه التحقيقات أو ما يقال فيها أو ما يتخذ في شأنها من ضبط وحبس وتفتيش وإتهام وإحالة على المحاكم فإنما ينشر ذلك على مسئوليته ويجوز محاكمته جنائيًا عما يتضمنه النشر من قذف وسب وإهانة.
5 - لما كانت العبارة موضوع الاتهام تشتمل على نسبة أمور إلى المدعيين بالحقوق المدنية تتضمن مساسًا بشرفهما واعتبارهما لو كانت صادقة لأوجبت عقابهما واحتقارهما عند أهل وطنهما، وكانت حرية الصحفي هي جزء من حرية الفرد العادي ولا يمكن أن تتجاوزها إلا بتشريع خاص، وكان القانون لا يتطلب في جريمة القذف قصدًا خاصًا بل يكتفى بتوافر القصد العام الذي يتحقق متى نشر القاذف الأمور المتضمنة للقذف، وهو عالم أنها لو كانت صادقة لأوجبت عقاب المقذوف أو احتقاره، وهذا العلم مفترض إذا كانت العبارات موضوع القذف كما هو الحال في الدعوى شائنه بذاتها ومقذعه، ومتى تتحقق القصد الجنائي في جرائم القذف والسب فلا محل للخوض في مسألة النية أو صحة وقائع القذف إلا في صورة ما يكون الطعن موجها إلى موظف أو من في حكمه، ففي هذه الصورة إذا أفلح المتهم في إقناع المحكمة بسلامة نيته في الطعن بأن كان يبغى به الدفاع عن مصلحة عامة، واستطاع مع ذلك أن يثبت حقيقة كل فعل أسنده إلى المجنى عليه، فلا عقاب عليه برغم ثبوت سوء القصد، أما إذا تبين أن قصده من الطعن إنما هو مجرد التشهير والتجريح فالعقاب واجب ولو كان في استطاعته أن يثبت حقيقة كل فعل أسنده إلى المجني عليه، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أن الطاعنين لم يفلحا في إقناع المحكمة بسلامة نيتهما في الطعن ولم يستطعا التدليل على حقيقة الواقعة التي أسندها إلى المجنى عليهما، فإن منعاهما في هذا الشأن لا يكون له محل.
6 - من المقرر أن أوجه البطلان المتعلقة بإجراءات التكليف بالحضور وميعاده ليست من النظام العام، فإذا حضر المتهم بنفسه أو بوكيل عنه، فليس له أن يتمسك بهذا البطلان، وإنما له طبقًا لما تنعى عليه المادة 334 من قانون الإجراءات الجنائية أن يطلب تصحيح التكليف أو استيفاء أي نقص فيه وإعطائه ميعادًا لتحضير دفاعه قبل البدء في سماع الدعوى، ولما كان الطاعنان قد حضرا جلسة المحاكمة الأول بمحام عنه باعتباره مسئولاً عن الحقوق المدنية والثاني بشخصه ومعه محام دون أن يدفع أيهما ببطلان إجراءات التكليف بالحضور فلا يقبل منهما أن يتمسكا لأول مرة أمام محكمة النقض ببطلان إجراء إعلانهما لعدم ذكر أسم أحدهما ثلاثيًا الذي صححه حضورهما جلسة المحاكمة، ومن ثم يكون منعى الطاعنين في هذا الصدد غير قويم.
7 - لما كان مؤدى ما أورده الحكم في مدوناته يفيد أن نشر ذلك المقال كان من شأنه خدش شرف المجنى عليه والمساس باعتباره والحط من قدره في أعين الناس لما تضمنه من الطعن في نزاهته واستقامته، وكان هذا البيان يتضمن في ذاته الإحاطة بأركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية مما يستوجب الحكم على مقارفه بالتعويض. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الوجه لا يكون مقبولا ً.


الوقائع

أقام المدعى بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر ضد الطاعنين وآخر بعريضة أعلنت إليهم قانونًا قال فيها أنه عقيد شرطة ويعمل مأمورًا لقسم شرطة...... ومشهود له بالنزاهة والخلق وأن نجلته .... طالبة بالمرحلة الثانية للثانوية العامة القسم العلمي بمدرسة ..... وباطلاعه على جريدة...... الصادرة يوم 23 من يونيه سنة 2002 والتي يرأس مجلس إدارتها وتحريرها الأول تبين نشر الثاني نقلاً عن الثالث خبر يفيد بأن نجلته المذكورة تمارس الغش علانية داخل لجان الامتحان وذلك على غير الحقيقة إذا أن نجلته من المتفوقات دراسيًا في كل مراحلها السابقة وآخرها المرحلة الأولى للثانوية العامة فحصلت على مجموع ....... مما يكون ما قام به المدعى عليهم يعد سبًا وقذفًا في حق نجلته لما فيه من إساءة وتشهير بهما في المجتمع الذي يعيشان به وبين أقرانهما وهو ما أثر في نفسيتهما ونال من شخصيتهما وطلب معاقبتهم بالمواد 171، 185، 302، 305 من قانون العقوبات وإلزامهم بأن يؤدوا له مبلغ ألفين واحد جنيهًا على سبيل التعويض المؤقت.
ومحكمة جنايات..... قضت حضوريًا عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة..... بتغريمه عشرة آلاف جنيه وببراءة..... مما أسند إليه. ثانيًا: في الدعوى المدنية بإلزام المدعى عليهما...... و..... بأن يؤديا للمدعى بالحق المدني...... مبلغ وقدرة ألفين واحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت ورفضت ما عدا ذلك من طلبات.
فطعن الأستاذ....... المحامي عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض فى...... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الطاعن الثاني في تهمة القذف بطريق النشر والزمه والطاعن الأول المسئول عن الحقوق المدنية بالتعويض قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأنهما دفعا بعدم قبول الدعوى الجنائية لرفعها بعد الميعاد المقرر في المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية لأن إعلانهما بالدعوى تم بعد مضى ثلاثة أشهر من تاريخ الواقعة إلا أن الحكم رد على الدفع بما لا يتفق وصحيح القانون، كما دفع بانقضاء الدعوى الجنائية لتنازل المدعى بالحقوق المدنية عن اختصام أحد المتهمين عملاً بالمادة العاشرة من قانون الإجراءات الجنائية إلا أن المحكمة لم تعمل أثره وقضت في الدعوى، فضلاً عن انتفاء مسئولية الجريدة عن النشر طبقًا لنص المادة 189 من قانون العقوبات وقد تمسك بإباحة النشر وحسن نيته عملاً بالمادة 60 من قانون العقوبات بالإضافة إلى أن صحيفة الادعاء المباشر التي أعلنت إليهما قد خلت من أسم المتهم كاملاً، وأخيرًا قضى بإلزام الطاعنين بالتعويض رغم انتفاء الخطأ، مما يعيبه ويوجب نقضه.
ومن حيث إنه من المقرر بنص المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية أنه لا يجوز رفع الدعوى الجنائية إلا بناء على شكوى شفاهية أو كتابية من المجنى عليه أو من وكيله الخاص إلى النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي في الجرائم المنصوص عليها فيها ومن بينها جريمتي القذف والسب وأنه لا تقبل الشكوى بعد ثلاثة شهور من يوم علم المجنى عليه بالجريمة ومرتكبها، وكان الشارع قد جعل من مضى هذا الأجل قرينة قانونية لا تقبل إثبات العكس على التنازل، ومن ثم فإن تقديمها خلاله إنما ينفيها ويحفظ لهذا الإجراء أثره القانوني. لما كان ذلك، ذلك لا يبطل صحيفتها ولا ينفى عنها أنها قد أعلنت في الميعاد القانوني لذلك ومن ثم فإن الدفع بعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لرفعهما بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية يكون دفعًا ظاهر البطلان، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لهذا الدفع وأطرحه تأسيسًا على أن الطاعنين قد أقاما دعواهما وأعلنت صحيفتها خلال الميعاد المذكور، فإن ما يثيراه في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الشارع إذ نص في الفقرة الأولى من المادة 10 من قانون الإجراءات الجنائية على أن " لمن قدم الشكوى أو الطلب في الأحوال المشار إليها وكان الطاعنان لا يماريان في أن المدعى بالحق المدني قد أقام دعواه المباشرة قبلهما خلال الميعاد المنصوص عليه في المادة الثالثة سالفة البيان وأعلنت صحيفته إليهم فيه فإن قضاء محكمة جنح الشرق بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى وإحالتها إلى النيابة العامة التي تولت تحقيقها وإحالتها لمحكمة الجنايات المختصة والتي أصدرت الحكم المطعون فيه، فإن في المواد السابقة أن يتنازل عنها في أي وقت إلى أن يصدر في الدعوى حكم نهائي وتنقضي الدعوى العمومية بالتنازل ". لم يرسم طريقًا لهذا التنازل فيستوى أن يقرر به الشاكي كتابة أو شفها كما يستوى أن يكون صريحًا أو ضمنيا ينم عنه تصرف يصدر من صاحب الشكوى ويفيد في غير شبهة أنه أعرض عن شكواه، ولما كان تقدير التنازل من المسائل الواقعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب متى كانت المقومات التي أسست عليها حصول التنازل أو عدم حصوله تؤدي إلى النتيجة التي خلصت إليها، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ أعتبر أن ما قام به المدعى بالحقوق المدنية من تصحيح شكل الدعوى باختصام الطاعن الأول باعتباره مسئولاً عن الحقوق المدنية لا يعد تنازلاً عن شكواه، فإن ما رد به يكون صحيحًا ويكون النعي في خصوصه غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله:" إن المدعى بالحق المدني عن نفسه وبصفته وليًا طبيعيًا على ابنته..... أقام دعوى بالطريق المباشر بصحيفة قال فيها أنه عقيد شرطة........ ومشهود له بالنزاهة والخلق وأن ابنته...... طالبة بالمرحلة الثانية للثانوية العامة القسم العلمي بمدرسة.....، وأنه بتاريخ...... نشرت جريدة...... التي يرأس مجلس إدارتها وتحريرها المدعى عليه الأول الطاعن الأول على لسان المتهم الثاني - الطاعن الثاني - نقلاً عن المتهم الثالث - والذى قضى ببراءته - خبرًا يفيد بأن ابنته المذكورة تمارس الغش علنا داخل لجان الامتحان وذلك على غير الحقيقة إذ أن ابنته من المتفوقات دراسيًا في كل مراحلها السابقة مما يكون ما قام به المدعى عليهم يعد سبًا وقذفًا في حقه وابنته لما فيه من إساءة وتشهير بهما في المجتمع الذي يعيشان به وبين أقرانهما وهو ما أثر في نفسيتهما ونال من شخصيتهما " ثم استعرض واقعة الدعوى وخلص إلى القول بأن تهمة القذف في حق المدعيين بالحقوق المدنية ثابتة قبل الطاعن الثاني وقضى عليه بالعقوبة والتعويض مع الطاعن الأول بوصفه رئيس لمجلس الإدارة ورئيسًا لتحرير الجريدة التي حصل فيها النشر، لما كان ذلك، وكانت المادة 189 من قانون العقوبات قد نصت على ما يأتي: " يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من نشر بإحدى الطرق المتقدم ذكرها ما جرى في الدعاوى المدنية أو الجنائية التي قررت المحاكم سماعها في جلسة سرية أو في الدعاوى المتعلقة بالجرائم المنصوص عليها في هذا الباب أو في الباب السابع من الكتاب الثالث من هذا القانون، ولا عقاب على مجرد نشر موضوع الشكوى أو على مجرد نشر الحكم. مع ذلك ففي الدعوى التي لا يجوز فيها إقامة الدليل على الأمور المدعى بها يعاقب على إعلان الشكوى أو على نشر الحكم بالعقوبات المنصوص عليها في الفقرة الأولى من هذه المادة ما لم يكن نشر الحكم أو الشكوى قد حصل بناء على طلب الشاكي أو بإذنه ". فقد دل الشارع بذلك أن حصانة النشر مقصورة على الإجراءات القضائية العلنية والأحكام التي تصدر علنا وأن هذه الحصانة لا تمتد إلى ما يجرى في الجلسات غير العلانية ولا إلى ما يجرى في الجلسات التي قرر القانون أو المحكمة الحد من علانيتها، كما أنها مقصورة على إجراءات المحاكمة ولا تمتد إلى التحقيق الابتدائي ولا إلى التحقيقات الأولية أو الإدارية لأن هذه كلها ليست علانية إذ لا يشهدها غير الخصوم ووكلائهم فمن ينشر وقائع هذه التحقيقات أو ما يقال فيها أو ما يتخذ في شأنها من ضبط وحبس وتفتيش وإتهام وإحالة على المحاكم فإنما ينشر ذلك على مسئوليته ويجوز محاكمته جنائيًا عما يتضمنه النشر من قذف وسب وإهانة، لما كان ذلك، وكانت العبارة موضوع الاتهام تشتمل على نسبة أمور إلى المدعيين بالحقوق المدنية تتضمن مساسًا بشرفهما واعتبارهما لو كانت صادقة لأوجبت عقابهما واحتقارهما عند أهل وطنهما، وكانت حرية الصحفي هي جزء من حرية الفرد العادي ولا يمكن أن تتجاوزها إلا بتشريع خاص، وكان القانون لا يتطلب في جريمة القذف قصدًا خاصًا بل يكتفى بتوافر القصد العام الذي يتحقق متى نشر القاذف الأمور المتضمنة للقذف، وهو عالم أنها لو كانت صادقة لأوجبت عقاب المقذوف أو احتقاره، وهذا العلم مفترض إذا كانت العبارات موضوع القذف كما هو الحال في الدعوى شائنة بذاتها ومقذعة، ومتى تتحقق القصد الجنائي في جرائم القذف والسب فلا محل للخوض في مسألة النية أو صحة وقائع القذف إلا في صورة ما يكون الطعن موجها إلى موظف أو من في حكمه، ففي هذه الصورة إذا أفلح المتهم في إقناع المحكمة بسلامة نيته في الطعن بأن كان يبغى به الدفاع عن مصلحة عامة، وأستطاع مع ذلك أن يثبت حقيقة كل فعل أسنده إلى المجنى عليه، فلا عقاب عليه برغم ثبوت سوء القصد، أما إذا تبين أن قصده من الطعن إنما هو مجرد التشهير والتجريح فالعقاب واجب ولو كان في استطاعته أن يثبت حقيقة كل فعل أسنده إلى المجنى عليه، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أن الطاعنين لم يفلحا في إقناع المحكمة بسلامة نيتهما في الطعن ولم يستطيعا التدليل على حقيقة الواقعة التي أسندها إلى المجنى عليهما، فإن منعاهما في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن أوجه البطلان المتعلقة بإجراءات التكليف بالحضور وميعاده ليست من النظام العام، فإذا حضر المتهم بنفسه أو بوكيل عنه، فليس له أن يتمسك بهذا البطلان، وإنما له طبقًا لما تنعى عليه المادة 334 من قانون الإجراءات الجنائية أن يطلب تصحيح التكليف أو استيفاء أي نقص فيه وإعطائه ميعادًا لتحضير دفاعه قبل البدء في سماع الدعوى، ولما كان الطاعنان قد حضرا جلسة المحاكمة الأول بمحام عنه باعتباره مسئولاً عن الحقوق المدنية والثاني بشخصه ومعه محام دون أن يدفع أيهما ببطلان إجراءات التكليف بالحضور فلا يقبل منهما أن يتمسكا لأول مرة أمام محكمة النقض ببطلان إجراء إعلانهما لعدم ذكر أسم أحدهما ثلاثيًا الذي صححه حضورهما جلسة المحاكمة، ومن ثم يكون منعى الطاعنين في هذا الصدد غير قويم. لما كان ذلك، وكان مؤدى ما أورده الحكم في مدوناته يفيد أن نشر ذلك المقال كان من شأنه خدش شرف المجنى عليه والمساس باعتباره والحط من قدره في أعين الناس لما تضمنه من الطعن في نزاهته واستقامته، وكان هذا البيان يتضمن في ذاته الإحاطة بأركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية مما يستوجب الحكم على مقارفه بالتعويض. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الوجه لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم جميعه فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا مع مصادرة الكفالة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق