جلسة أول نوفمبر سنة 1949
برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حسن بك وكيل المحكمة وحضور حضرات: أحمد فهمي إبراهيم بك وأحمد حسني بك وإبراهيم خليل بك ومحمد غنيم بك المستشارين.
---------------
(9)
القضية رقم 880 سنة 19 القضائية
أ - إثبات.
جناية وجنحة قدمتا لمحكمة الجنايات. فصل الجنحة عن الجناية. سماع المتهمين في الجنحة شاهدين في الجناية بعد تحليفهما اليمين. لا مخالفة في ذلك للقانون ولا إخلال بحق الدفاع. اليمين ضمانة للمتهم.
ب - حكم. تسبيبه.
الإشارة فيه صراحة إلى عدم أخذه بأقوال شهود النفي (غير لازمة)
ج - حكم. تسبيبه.
بيان واقعة الدعوى وإيراد الأدلة على إدانة المتهم. النعي على الحكم بزعم استناده في إطراح قول للشاهد والأخذ بقول آخر له إلى أمور كان يجب استشارة الطبيب الشرعي فيها. ولا يقبل.
2 - ليست محكمة الموضوع ملزمة أصلاً بأن تشير صراحة في حكمها إلى عدم أخذها بما قرره شهود النفي، ويكفي أن يتبين من الحكم، ولو ضمناً، أنها لم تطمئن إلى أقوال أولئك الشهود فاطرحتها.
3 - ما دامت المحكمة قد بينت واقعة الدعوى وأوردت الأدلة التي اعتمدت عليها في إدانة المتهم فلا يقبل منه النعي على حكمها بأنها استندت في إهدار أحد أقوال المجني عليه والأخذ بقول آخر له إلى أمور يرى هو أنه كان يجب استشارة الطبيب الشرعي فيها، إذ ذلك منه يكون مجادلة موضوعية لتعلقه بتقدير أدلة الثبوت في الدعوى مما لا شأن لمحكمة النقض به.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة هذا الطاعن بأنه ضرب سليمان وهبه عسل عمداً فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي تخلف لديه عن إحداها عاهة مستديمة يستحيل برؤها وهي فقد جزء من عظام الجبهة اليسرى مما ينشأ عنه حالات مرضية خطيرة مضاعفة لهذا الفقد كالالتهابات والسحايا وبنوبات الصرع والشلل والجنون وهذا يقلل من قدرة المصاب وكفاءته على العمل بنسبة 12 %.
وطلبت من قاضي الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادة 240/1 من قانون العقوبات، فقرر إحالته إليها لمعاقبته بالمادة سالفة الذكر.
وقد ادعى كل من: 1- سيدة محمد المغربي 2- حميدة الشامي 3- حنفي وهبه عسل 4- علي وهبه عسل 5- فاطمة وهبه عسل بحق مدني قدره 100 جنيه على سبيل تعويض قبل المتهم.
وفي أثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنايات شبين الكوم دفع الحاضر مع المتهم بعدم قول الدعوى المدنية لأنها ليست مرفوعة من المجني عليه شخصياً. والمحكمة المذكورة بعد أن أتمت سماعها قضت فيها حضورياً عملاً بمادة الاتهام (أولاً) برفض الدفع وبقبول الدعوى المدنية. (وثانياً) بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وإلزامه بأن يدفع إلى المدعين بالحق المدني مائة جنيه والمصاريف المدنية وخمسماية قرش مقابل أتعاب المحاماة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض الخ الخ.
المحكمة
وحيث إن محصل الوجه الأول من أوجه الطعن أن الحكم المطعون فيه أثبت في مقدمة أسبابه "أن سليمان وهبه عسل المجني عليه قرر في البوليس والنيابة أن خطاب محمد سيد أحمد (الطاعن) اعتدى عليه بالعصا على رأسه مرتين في الجهة اليسرى وأن هذا الاعتداء على مرأى من محمدي محمد عبد العال وعامر محمد السيد". ويقول الطاعن إن الثابت من التحقيقات أن المجني عليه لم يسأل في البوليس مطلقاً، وبهذا يكون ما أورده الحكم في هذا الصدد ليس له مرجع صحيح من الأوراق وإن ما ثبت في صدر محضر البوليس هو تلخيص للإشارة التليفونية المرسلة من نائب العمدة إلى المركز ومع ذلك فما جاء في هذه الإشارة على لسان العمدة هو أن المجني عليه إنما قرر أن ضاربه هو منصور سيد أحمد وليس خطاباً الطاعن، وإن العبارة سالفة الذكر والتي نقلها الحكم المطعون فيه من أقوال المجني عليه قد تضمنت أن من رأى الاعتداء هما محمد عامر عبد العال وعامر السيد محمد وقد استند الحكم على أقوال الشاهد الأول ولم يشر إطلاقاً إلي أقوال الشاهد الثاني على حين أن هذا الشاهد الثاني قد سئل فكذب المجني عليه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه صريح في الفقرة الأولي منه في أن ضابط بوليس النقطة إذ انتقل إلي مكان الحادث عقب البلاغ، كانت عربة الإسعاف قد سبقته إليه ونقلت المصاب إلي المستشفي من قبل وصوله وإن محضر البوليس الذي قام الضابط بتحريره إنما اقتصر على سؤال المتهمين والشهود، وأن النيابة قد حضرت على الأثر فتولت هي التحقيق وندبت الطبيب الشرعي للكشف على المصاب. وبذلك يكون ما أشار إليه الحكم بعدئذ بصدد عرض أقوال المجني عليه من أنه قررها في البوليس والنيابة إنما نشأ عن خطأ غير مقصود. أما فيما يتعلق بأن المجني عليه قد أشهد على رؤية الحادث شاهدين أخذت المحكمة بأقوال أحدهما ولم تشر مطلقاً إلى أقوال الثاني في حين أن هذا الثاني قد كذب المجني عليه فإنه لما كان المقرر في القانون أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ من أقوال الشهود بما تطمئن إليه وأن تطرح ما عداه فإن في أخذها بأقوال الشاهد الذي أشارت إليه ما يتضمن بذاته أنها أطرحت أقوال الشاهد الآخر.
وحيث إن محصل الوجه الثاني من أوجه الطعن أن محكمة الجنايات لم تجد ما يؤيد أقوال محمد عامر عبد العال شاهد الرؤية الوحيد في الدعوى، إذ كان باقي الشهود شهود سماع، فرأت سماع أقوال كل من ناصر عبد الحميد سيد أحمد وعبد الله عبد الحميد سيد أحمد المتهمين في ذات الدعوى بتهمة جنحة، وقد سمعتهما كشاهدين بعد تحليفهما اليمين، ثم بنت حكمها على شهادتهما باعتبارهما شاهدي رؤية مؤيدين لشاهد الرؤية الوحيد سالف الذكر وإنه ما كان يحوز للمحكمة أن تفعل ذلك ولو أنها قررت فصل الجناية عن الجنحة ونظرت في الجناية وحدها.
وحيث إن هذا الوجه مدفوع بما قرره الطاعن نفسه من أن محكمة الجنايات قد فصلت الجناية من الجنحة وقصرت نظرها على قضية الجناية، فلا مخالفة إذن في سماعها للمتهمين في دعوى الجنحة كشاهدين بعد تحليفهما اليمين. وإذ كانت
اليمين قد فرضت على الشاهد كضمانة للمتهم المشهود ضده فإنه لا يكون هناك وجه لما ينعاه الطاعن من إخلالها بحق دفاعه، ومن جهة أخرى فإن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير أدله الدعوى سواءً استخلصتها من أقوال الشهود أم من أقوال المتهمين.
وحيث إن محصل الوجه الثالث هو أن الحكم المطعون فيه قد أثبت أن كلا من حبيب قطب خليفة نائب عمدة القرية وعبد المجيد ناجي شيخ خفرائها قد شهد بأن المجني عليه أخبره عقب الحادث بأن منصور أحمد سيد أحمد هو الذي اعتدى عليه فلم يذكر الطاعن وأن الدفاع عن الطاعن قد تمسك بشهادة هذين الشاهدين، ولكن الحكم المطعون فيه أهدرها بقوله إن المجني عليه عند ما قرر هذه الأقوال للشاهدين المذكورين كان في شدة التعب، وإنه كان على المحكمة في مثل هذه المسألة الطبية الفنية أن تستعين برأي الطبيب الشرعي.
وحيث إن هذا الوجه مردود بأن محكمة الموضوع ليست ملزمة أصلا بأن تشير صراحة في حكمها إلي عدم أخذها بما قرره شهود النفي، فإنه يكفي أن يتبين من الحكم و لو ضمنا أنها لم تطمئن إلى أقوال أولئك الشهود فاطرحتها. كما أن المحكمة وقد بينت واقعة الدعوى وأوردت الأدلة التي اعتمدت عليها في إدانة الطاعن من بينها أقوال المجني عليه نفسه وهي أدله من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبته عليها، فإن ما يثيره الطاعن بشأن استناد المحكمة إلى أمور يرى هو أنه كان يجب استشارة الطبيب الشرعي فيها يكون مجادلة موضوعية لتعلقها بتقدير أدلة الثبوت مما لا شأن لمحكمة النقض به.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق