الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 31 ديسمبر 2020

الطعن 5378 لسنة 74 ق جلسة 3 / 12 / 2014 مكتب فني 65 ق 153 ص 962

جلسة 3 من ديسمبر سنة 2014
برئاسة السيد القاضي/ خالد يحيى دراز نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ نبيل أحمد عثمان، عمرو محمد الشوربجي، أشرف عبد الحي القباني وعمرو ماهر مأمون نواب رئيس المحكمة. 
------------ 
(153)
الطعن 5378 لسنة 74 القضائية
(1) دعوى "أنواع من الدعاوى: دعوى الطرد للغصب".
دعوى الطرد للغصب. تعلقها بأصل الحق. الغرض منها. حماية الحق في استعمال الشيء واستغلاله من واضع اليد عليه بغير حق ابتداء أو بسبب قانوني زال. اختلافها عن دعوى استرداد الحيازة. 
(2) بيع "آثار عقد البيع: التزامات البائع: الالتزام بتسليم المبيع".
التسليم من آثار عقد البيع. اعتباره التزاما على البائع سجل العقد أو لم يسجل. شرطه. 
(3) أحوال شخصية "الحضانة: مسكن الحضانة".
قضاء المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية المادة 18 مكررا ثالثا - المضافة بق 100 لسنة 1985 إلى ق 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية - فيما تضمنته من إلزام المطلق بتهيئة مسكن مناسب لصغاره من مطلقته وحاضنتهم وإن كان لهم مال حاضر. مؤداه. مناط استقلال الحاضنة بمسكن الحضانة ألا يكون الصغار مال حاضر كاف لسكناهم وألا يكون للحاضنة مسكن تقيم فيه. 
(4) نيابة عامة "قرارات النيابة العامة في منازعات الحيازة".
قرارات النيابة العامة في منازعات الحيازة، طبيعتها. قرارات وقتية لا تؤثر في أصل الحق. 
(5) دعوى "الدفاع في الدعوى: الدفاع الذي تلتزم المحكمة بالرد عليه". حكم "عيوب التدليل: القصور".
تمسك الخصم بدفاع وتدليله عليه بأوراق أو مستندات أو وقائع لها دلالة معينة في شأن ثبوته أو نفيه. عدم تعرض المحكمة لما استند إليه ودلالته. قصور. 
(6) أحوال شخصية "حضانة: مسكن الحضانة". دعوى "أنواع من الدعاوى: دعوى الطرد للغصب".
ثبوت تمسك الطاعنات أمام محكمة الموضوع بملكيتهن لعين النزاع وعدم أحقية المطعون ضدها الأولى بوصفها حاضنة في البقاء بها لتهيئة مطلقها مسكنا بديلا لحضانة ولديهما. دفاع جوهري. التفات الحكم المطعون فيه عنه وقضاؤه برفض دعوى الطاعنات استنادا لصدور قرار من النيابة العامة باستمرار حيازتها. خطأ وقصور. علة ذلك. قرارات النيابة في منازعات الحيازة وقتية لا حجية لها أمام محكمة الموضوع. 
----------- 
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن دعوى الطرد للغصب من دعاوى أصل الحق يستهدف بها رافعها أن يحمي حقه في استعمال الشيء واستغلاله فيسترده ممن يضع اليد عليه بغير حق سواء أكان قد وضع اليد عليه ابتداء بغير سند أم كان وضع اليد عليه بسبب قانوني ثم زال هذا السبب واستمر واضعا اليد، وهي بذلك تختلف عن دعوى استرداد الحيازة التي يرفعها الحائز. 
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن التسليم أثر من آثار عقد البيع باعتباره التزاما يقع على عاتق البائع - سجل العقد أو لم يسجل - ما لم يكن التسليم غير ممكن. 
3 - إن مؤدى قضاء المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 5 لسنة 8 ق "دستورية" بتاريخ 6/ 1/ 1996 والمنشور في الجريدة الرسمية بالعدد رقم 3 بتاريخ 18/ 1/ 1996 بعدم دستورية المادة 18 مكررا ثالثا - المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية إلى المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية - وذلك فيما نصت عليه وتضمنته من: أولا: إلزامها المطلق بتهيئة مسكن مناسب لصغاره من مطلقته وحاضنتهم ولو كان لهم مال حاضر يكفي لسكناهم، أو كان لحاضنتهم مسكن تقيم فيه، مؤجرا كان أو غير مؤجر... أنه يتعين لاستقلال الحاضنة بمسكن الحضانة سواء كان مسكن الزوجية أو مسكنا مناسبا يوفره المطلق ألا يكون لصغاره مال حاضر يكفي لسكناهم وألا يكون للحاضنة مسكن تقيم فيه سواء كان هذا المسكن مملوكا لها أو مؤجرا. 
4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن القرارات التي تصدرها النيابة العامة في منازعات الحيازة هي بطبيعتها قرارات وقتية لا تمس أصل الحق، فلا تحوز أية حجية لدى المحكمة التي يعرض عليها النزاع في أصل الحق، ومن ثم فلا تتقيد بها تلك المحكمة. 
5 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن تمسك الخصم بدفاع يترتب عليه تغيير وجه الرأي في الدعوى وتدليله عليه بأوراق أو مستندات أو وقائع لها دلالة معينة في شأن ثبوت هذا الدفاع أو نفيه يوجب على محكمة الموضوع أن تعرض لتلك الأوراق والمستندات والوقائع وتقول كلمتها في شأن دلالتها إيجابا أو سلبا، وإلا كان حكمها قاصر البيان. 
6 - إذ كانت الطاعنة الأولى قد أسست دعواها على عقد البيع الصادر لها من المطعون ضده الثاني وشقيقته وهو ما ينقل إليها - ولو لم يكن مشهرا - جميع الحقوق المتعلقة بالمبيع، وقد انضم إليها في طلباتها باقي الملاك المشتاعين في شقة النزاع، فإن الدعوى تكون من الدعاوى المتعلقة بأصل الحق وليست من دعاوى الحيازة، وكان الثابت في الأوراق أن الطاعنات قد تمسكن أمام محكمة الموضوع بملكيتهن عين النزاع وبعدم أحقية المطعون ضدها الأولى بوصفها حاضنة في البقاء بالشقة محل النزاع بعد أن هيأ لها مطلقها المطعون ضده الثاني مسكنا بديلا لحضانة ولديهما، ولحصولها على مسكن آخر بخلاف شقة النزاع بعد طلاقها منه ورفع الدعوى المبتدأة، ودللن على دفاعهن بالمستندات المشار إليها بوجه النعي، وكان الحكم المطعون فيه قد التفت عن بحث هذا الدفاع ولم يعن بتحقيقه توصلا لبيان مدى أحقية المطعون ضدها الأولى في البقاء بعين النزاع من عدمه، وأقام قضاءه برفض دعوى الطاعنات، تأسيسا على مجرد القول إن المطعون ضدها الأولى تضع يدها على تلك العين استنادا إلى القرار الصادر من النيابة العامة باستمرار حيازتها لها بصفتها حاضنة لولديها، رغم أن هذا القرار مؤقت بطبيعته ولا حجية له أمام محكمة الموضوع عند نظرها الدعوى المتعلقة بأصل الحق، فإن الحكم المطعون فيه يكون - فضلا عن خطئه في تطبيق القانون - مشوبا بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه. 
----------- 
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة الأولى أقامت على المطعون ضدهما الأول والثاني الدعوى رقم ... لسنة 2001 أمام محكمة بورسعيد الابتدائية بطلب طرد المطعون ضدها الأولى من الشقة المبينة بالصحيفة والتسليم، وقالت بيانا لدعواها إنه بموجب عقد بيع ابتدائي مؤرخ 2/ 8/ 1999 تمتلك حصة شائعة في تلك الشقة بالشراء من المطعون ضده الثاني عن نفسه وبصفته وكيلا عن شقيقته، ولما كانت المطعون ضدها الأولى زوجة للأخير وكانت تقيم معه بالشقة محل النزاع وحتى الآن رغم طلاقها منه بتاريخ 7/ 8/ 1999، فإن وضع يدها على تلك العين يكون مفتقرا لسنده القانوني، ومن ثم فقد أقامت الدعوى. تدخلت الطاعنات من الثانية حتى الأخيرة والمطعون ضده الثالث انضماميا للطاعنة الأولى في طلباتها، على سند من أنهم يشاركون الأخيرة في الملكية الشائعة للشقة محل النزاع. ندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن أودع تقريره، أجابت الطاعنة الأولى والخصوم المتدخلين إلى طلباتهم. استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 44 ق لدى محكمة استئناف الإسماعيلية "مأمورية استئناف بورسعيد" التي قضت بتاريخ 11/ 5/ 2004 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعنت الطاعنات في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها. 
------------- 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنات على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقلن إنهن تمسكن أمام محكمة الموضوع بأنهن أصبحن المالكات لشقة النزاع بعد شراء الطاعنة الأولى حصة المطعون ضده الثاني فيها، ويحق لهن الانتفاع بها وطرد الغاصب منها، وبعدم أحقية المطعون ضدها الأولى - بصفتها حاضنة - في البقاء بتلك الشقة بعد أن هيأ لها المطعون ضده الثاني مسكنا بديلا لحضانة ولديهما ولحصولها على مسكن آخر بخلاف شقة النزاع بعد طلاقها ورفع الدعوى المبتدأة، ودللن على ذلك بالإنذار الموجه إليها من المطعون ضده الثاني بتاريخ 1/ 8/ 2001 بشأن تهيئته لمسكن الحضانة البديل، والكتاب الصادر من حي الزهور ببورسعيد بتاريخ 21/ 1/ 2004 المتضمن ترخيص ذلك المسكن البديل باسم المطعون ضده الثاني والطاعنة الأولى، والكتاب الصادر من حي الضواحي ببورسعيد بتاريخ 11/ 5/ 2003 المثبت لتعاقد المطعون ضدها الأولى عن المسكن الآخر اعتبارا من 20/ 1/ 2002، غير أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع وقضى برفض دعواهن، تأسيسا على أن المطعون ضدها الأولى تضع يدها على الشقة محل النزاع استنادا إلى القرار الصادر من النيابة العامة باستمرار حيازتها لتلك الشقة بصفتها حاضنة لولديها، رغم أن هذا القرار له حجية مؤقتة تنتهي بعرض النزاع على محكمة الموضوع، فلا يصح الاستناد إليه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن دعوى الطرد للغصب من دعاوى أصل الحق يستهدف بها رافعها أن يحمي حقه في استعمال الشيء واستغلاله فيسترده ممن يضع اليد عليه بغير حق سواء أكان قد وضع اليد عليه ابتداء بغير سند أم كان وضع اليد عليه بسبب قانوني ثم زال هذا السبب واستمر واضعا اليد، وهي بذلك تختلف عن دعوى استرداد الحيازة التي يرفعها الحائز، وأن التسليم أثر من آثار عقد البيع باعتباره التزاما يقع على عاتق البائع - سجل العقد أو لم يسجل - ما لم يكن التسليم غير ممكن، وكان مؤدى قضاء المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 5 لسنة 8 ق "دستورية" بتاريخ 6/ 1/ 1996 والمنشور في الجريدة الرسمية بالعدد رقم 3 بتاريخ 18/ 1/ 1996 بعدم دستورية المادة 18 مكررا ثالثا - المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية إلى المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض أحكام الأحوال الشخصية - وذلك فيما نصت عليه وتضمنته من: أولا: إلزامها المطلق بتهيئة مسكن مناسب لصغاره من مطلقته وحاضنتهم ولو كان لهم مال حاضر يكفي لسكناهم، أو كان لحاضنتهم مسكن تقيم فيه، مؤجرا كان أو غير مؤجر... أنه يتعين لاستقلال الحاضنة بمسكن الحضانة سواء كان مسكن الزوجية أو مسكنا مناسبا يوفره المطلق ألا يكون لصغاره مال حاضر يكفي لسكناهم وألا يكون للحاضنة مسكن تقيم فيه سواء كان هذا المسكن مملوكا لها أو مؤجرا، كما أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن القرارات التي تصدرها النيابة العامة في منازعات الحيازة هي بطبيعتها قرارات وقتية لا تمس أصل الحق، فلا تحوز أية حجية لدى المحكمة التي يعرض عليها النزاع في أصل الحق، ومن ثم فلا تتقيد بها تلك المحكمة، ومن المقرر - أيضا - أن تمسك الخصم بدفاع يترتب عليه تغيير وجه الرأي في الدعوى وتدليله عليه بأوراق أو مستندات أو وقائع لها دلالة معينة في شأن ثبوت هذا الدفاع أو نفيه يوجب على محكمة الموضوع أن تعرض لتلك الأوراق والمستندات والوقائع وتقول كلمتها في شأن دلالتها إيجابا أو سلبا، وإلا كان حكمها قاصر البيان. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة الأولى قد أسست دعواها على عقد البيع الصادر لها من المطعون ضده الثاني وشقيقته وهو ما ينقل إليها - ولو لم يكن مشهرا - جميع الحقوق المتعلقة بالمبيع، وقد انضم إليها في طلباتها باقي الملاك المشتاعين في شقة النزاع، فإن الدعوى تكون من الدعاوى المتعلقة بأصل الحق وليست من دعاوى الحيازة، وكان الثابت في الأوراق أن الطاعنات قد تمسكن أمام محكمة الموضوع بملكيتهن عين النزاع وبعدم أحقية المطعون ضدها الأولى بوصفها حاضنة في البقاء بالشقة محل النزاع بعد أن هيأ لها مطلقها المطعون ضده الثاني مسكنا بديلا لحضانة ولديهما، ولحصولها على مسكن آخر بخلاف شقة النزاع بعد طلاقها منه ورفع الدعوى المبتدأة، ولكن على دفاعهن بالمستندات المشار إليها بوجه النعي، وكان الحكم المطعون فيه قد التفت عن بحث هذا الدفاع ولم يعن بتحقيقه توصلا لبيان مدى أحقية المطعون ضدها الأولى في البقاء بعين النزاع من عدمه، وأقام قضاءه برفض دعوى الطاعنات، تأسيسا على مجرد القول إن المطعون ضدها الأولى تضع يدها على تلك العين استنادا إلى القرار الصادر من النيابة العامة باستمرار حيازتها لها بصفتها حاضنة لولديها، رغم أن هذا القرار مؤقت بطبيعته ولا حجية له أمام محكمة الموضوع عند نظرها الدعوى المتعلقة بأصل الحق، فإن الحكم المطعون فيه يكون - فضلا عن خطئه في تطبيق القانون - مشوبا بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه.

الطعن 2465 لسنة 72 ق جلسة 7 / 12 / 2014 مكتب فني 65 ق 157 ص 984

جلسة 7 من ديسمبر سنة 2014 
برئاسة السيد القاضي/ منصور العشري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ مصطفى عبد العليم، محمد خلف، خالد مدكور نواب رئيس المحكمة وحسام الدين عبد الرشيد. 
--------- 
(157)
الطعن 2465 لسنة 72 القضائية
(1 ، 2) تأمينات اجتماعية "تعويض الدفعة الواحدة". معاش "تقادم المعاش". حكم "عيوب التدليل: الخطأ في تطبيق القانون".
(1) الدفع بالتقادم. عدم تعلقه بالنظام العام. وجوب التمسك به أمام محكمة الموضوع. 
(2) تعويض الدفعة الواحدة. استحقاقه. شرطه. أن يكون للمؤمن عليه مدة اشتراك في التأمين زائدة على ست وثلاثين سنة. حساب السنوات الزائدة كاملة دون جبر كسر السنة م 26 ق 79 لسنة 1975. لا يغير من ذلك ما نصت م 21 من هذا القانون من جبر كسر الشهر إلى شهر وكسر السنة إلى سنة. علة ذلك. اقتصاره على حالة ما إذا كان سيترتب عليه استحقاق معاش. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. خطأ. 
---------------- 
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الدفع بالتقادم لا يتعلق بالنظام العام وينبغي على كل ذي مصلحة أن يتمسك به أمام محكمة الموضوع في عبارة واضحة لا تحتمل الإبهام، وكان البين من الأوراق أن الطاعنة لم تتمسك أمام محكمة الموضوع بالتقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 140 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975، ومن ثم لا يجوز لها التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض، ومن ثم يكون النعي غير مقبول. 
2 - إن مؤدى نص المادة 26 من القانون رقم 79 لسنة 1975 بإصدار قانون التأمين الاجتماعي بعد تعديله بالقانون رقم 25 لسنة 1977 أن شرط استحقاق المؤمن عليه لتعويض الدفعة الواحدة أن يكون له مدة اشتراك فعلية في التأمين زائدة عن ست وثلاثين سنة. وتحسب السنة أو السنوات الزائدة في هذه الحالة كاملة دون جبر كسر السنة لا يغير من ذلك ما نصت عليه المادة 21 من القانون المشار إليه من أن مدة اشتراك المؤمن عليه في التأمين هي 1- ... 2- ... 3- ... ويجبر كسر الشهر شهرا في مجموع المدد المشار إليها، كما يجبر كسر السنة سنة كاملة في هذا المجموع إذا كان من شأن ذلك استحقاق المؤمن عليه معاشا. فهذا النص واضح وصريح في أن جبر كسر السنة سنة كاملة لا يكون إلا في حالة ما إذا كان سيترتب على هذا الجبر استحقاق المؤمن عليه لمعاش كما هو الحال في معاش الشيخوخة فيستحق إلى جانب بلوغ السن ألا تقل مدة الخدمة عن عشر سنوات فلو كانت أكثر من تسع سنوات فإن كسر السنة يجبر إلى سنة كاملة، وإذ كانت مدة خدمة المطعون ضده هي 36 سنة و3 شهور و27 يوما، فلا يجوز جبر كسر السنة الزائدة إلى 36 سنة إلى سنة كاملة، وبالتالي فإنه لا يستحق تعويض الدفعة الواحدة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون. 
------------- 
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم ... لسنة 2000 مدني بني سويف الابتدائية - مأمورية ببا الكلية - على الطاعنة "الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي" ومورث المطعون ضدهم بالبند ثانيا انتهى فيها إلى طلب الحكم - بإلزام الطاعنة بأن تؤدي له تعويض الدفعة الواحدة عن المدة الزائدة عن مدة اشتراكه لديها ومقدارها 36 سنة، وقال بيانا لها إنه كان يعمل خراطا بالمخبز المملوك لمورث المطعون ضدهم بالبند ثانيا في المدة من 5/ 8/ 1965 حتى 27/ 3/ 1996، ومؤمن عليه عن تلك المدة لدى الطاعنة وقد بلغ سن الستين فصرفت له معاش شهريا اعتبارا من شهر مارس 1996، وإذ كان له مدة خدمة لدى مورث المطعون ضدهم بالبند ثانيا من 1/ 10/ 1959 حتى 4/ 8/ 1965 ومؤمن عليه عنها فيستحق تعديل معاشه بعد ضم تلك المدة أو تعويضا عن المدة الزائدة عن مدة اشتراكه لديها سالفة الذكر، وإذ انتهت لجنة فحص المنازعات إلى رفض تظلمه، فقد أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان. ندبت المحكمة خبيرا، وبعد أن أودع تقريره حكمت بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضده الأول تعويض الدفعة الواحدة عن السنة الزائدة عن مدة اشتراكه لديها استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف بني سويف بالاستئناف رقم ... لسنة 39 ق، وبتاريخ 11/ 9/ 2002 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفضه، وإذ عرض الطعن على المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها. 
--------------- 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إنه قضى بأحقية المطعون ضده الأول في تعويض الدفعة الواحدة عن السنة الزائدة عن مدة اشتراكه لديها رغم سقوط حقه فيه بالتقادم المنصوص عليه في المادة 140 من ذلك القانون لمرور أكثر من خمس سنوات من تاريخ بلوغه سن المعاش وحتى المطالبة في 25/ 6/ 2001 مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الدفع بالتقادم لا يتعلق بالنظام العام وينبغي على كل ذي مصلحة أن يتمسك به أمام محكمة الموضوع في عبارة واضحة لا تحتمل الإبهام، وكان البين من الأوراق أن الطاعنة لم تتمسك أمام محكمة الموضوع بالتقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 140 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975، ومن ثم لا يجوز لها التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض، ومن ثم يكون النعي غير مقبول.
وحيث إن الطاعنة تنعى في سبب الطعن الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول إن مدة خدمة المطعون ضده الأول هي 36 سنة و3 شهور و27 يوما، وبالتالي يكون مقدار المدة الزائدة هي ثلاثة أشهر وسبع وعشرين يوما ولا تجبر هذه المدة الزائدة إلى سنة كاملة، كما اعتبرها الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه بالمخالفة للمادتين 21، 26 من القانون 79 لسنة 1975 واللتين تدلان على أنه يلزم لصرف تعويض الدفعة الواحدة أن تكون مدة اشتراك المؤمن عليه لدى الطاعنة تزيد على 36 سنة ولا يحتسب كسر السنة في هذه الحالة سنة كاملة حسبما انتهى الحكم المطعون فيه، وهو ما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في المادة 26 من القانون رقم 79 لسنة 1975 بإصدار قانون التأمين الاجتماعي بعد تعديله بالقانون رقم 25 لسنة 1977 على أنه إذا زادت مدة الاشتراك في التأمين على ست وثلاثين سنة أو القدر المطلوب لاستحقاق الحد الأقصى للمعاش الذي يتحمل به الصندوق أيهما أكبر استحق المؤمن عليه تعويضا من دفعة واحدة ... عن كل سنة من السنوات الزائدة ..." مؤداه أن شرط استحقاق المؤمن عليه لتعويض الدفعة الواحدة أن يكون له مدة اشتراك فعلية في التأمين زائدة عن ست وثلاثين سنة. وتحسب السنة أو السنوات الزائدة في هذه الحالة دون جبر كسر السنة لا يغير من ذلك ما نصت عليه المادة 21 من القانون المشار إليه من أن مدة اشتراك المؤمن عليه في التأمين هي 1- ... 2- ... 3- ... ويجبر كسر الشهر شهرا في مجموع المدد المشار إليها، كما يجبر كسر السنة سنة كاملة في هذا المجموع إذا كان من شأن ذلك استحقاق المؤمن عليه معاشا. فهذا النص واضح وصريح في أن جبر كسر السنة سنة كاملة لا يكون إلا في حالة ما إذا كان سيترتب على هذا الجبر استحقاق المؤمن عليه لمعاش كما هو الحال في معاش الشيخوخة فيستحق إلى جانب بلوغ السن ألا تقل مدة الخدمة عن عشر سنوات فلو كانت أكثر من تسع سنوات فإن كسر السنة يجبر إلى سنة كاملة، وإذ كانت مدة خدمة المطعون ضده هي 36 سنة و3 شهور و27 يوما، فلا يجوز جبر كسر السنة الزائدة إلى 36 سنة إلى سنة كاملة، وبالتالي فإنه لا يستحق تعويض الدفعة الواحدة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، فإنه يتعين القضاء في موضوع الاستئناف رقم ... لسنة 39 ق بني سويف بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى.

الأربعاء، 30 ديسمبر 2020

الطعن 4270 لسنة 73 ق جلسة 5 / 6 / 2013 مكتب فني 64 ق 103 ص 694

جلسة 5 من يونيو سنة 2013
برئاسة السيد القاضي/ فتحي محمد حنضل "نائب رئيس المحكمة" وعضوية السادة القضاة د/ محسن إبراهيم، محمد عبد الحليم، أسامه أبو العز "نواب رئيس المحكمة" وجمال سعد الدسوقي. 
------------------- 
(103)
الطعن 4270 لسنة 73 القضائية
(1) محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع بالنسبة لتكييف الدعوى".
محكمة الموضوع. التزامها بتكييف الدعوى بما تتبينه من وقائع وإنزال الوصفة القانوني الصحيح عليها تقيدها بالوقائع والطلبات المطروحة عليها. خضوعها في ذلك لرقابة محكمة النقض التي لها أن تعطي الوقائع الثابتة في الحكم المطعون فيه تكييفها الصحيح، شرطه. عدم اعتمادها في تكييفها على غير ما حصلته محكمة الموضوع. 
(2 ، 3) بيع "صورية عقد البيع".
(2) إبطال تصرف المدين. سبيله. دعوى الصورية أو الدعوى البوليصية أو بهما معا. جواز استناد الدائن على الدعوى البوليصية على سبيل الاحتياط. شرطه. إخفاقه في إثبات الصورية علة ذلك. أساس إبطال التصرف فيهما. الإضرار بالغير. اختلافهما من حيث الغرض وتوجيه الطعن، الدعوي البوليصية. الغرض منها. إعادة ملكية العين للمدين لإمكان التنفيذ عليه لاستيفاء الدائن حقه منه. دعوى الصورية. الغرض منها. تقرير علمهم خروج العين من يد المدين. 
(3) البيع بقصد الإضرار بالدائن في ضمان تحصيل دينه من المدين البائع. الدعوى ببطلانه. حقيقتها. طلب صوريته صورية مطلقة. 
(4) صورية "من أنواع الصورية: الصورية المطلقة".
ثبوت إقامة الطاعنة دعواها بطلب إبطال عقدي البيع الصادرين من المطعون ضده الأول بصفته وكيلا عن المطعون ضدهم من الثاني حتى السابعة للمطعون ضدهما الثامنة والتاسعة ولنفسه بصفته ولي شرعي على المطعون ضدها الأخيرة لإتمام البيع بإجراءات صورية بطريق التواطؤ بغية الإضرار بحقوقها وحرمانها من ضمان تحصيل الدين المستحق لها لدي المطعون ضدهم من الثاني حتى السابعة. مؤداه. اعتبارها دعوى بطلب تقرير صورية عقدي البيع مثار النزاع صورية مطلقة. وصف الطاعنة بأنها دعوى بطلان هذين العقدين. لا أثر له. علة ذلك. تكييف الحكم المطعون فيه الطلبات بأنها دعوى بوليصية والقضاء برفضها لعدم توافر شروطها دون أن يفطن لحقيقة الطلبات فيها بطلب تقرير صورية هذين العقدين صورية مطلقة. خطأ.
--------------
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع أن تكليف الدعوى بما تتبينه من وقائعها وأن تنزل عليها وصفها الصحيح في القانون إلا أنها مقيدة في ذلك بالوقائع والطلبات المطروحة عليها فلا تملك التغيير في مضمون هذه الطلبات وهي في ذلك تخضع لرقابة محكمة النقض ، التي يكون لها أن تعطي الوقائع الثابتة في الحكم المطعون فيه تكييفها الصحيح مادامت لا تعتمد في هذا التكييف على غير ما حصلته محكمة الموضوع من هذه الوقائع . 
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه يجوز للدائن أن يطعن على تصرف مدينه لإبطاله إما بدعوي الصورية أو بالدعوى البوليصية أو بالدعويين معا على أن يبدأ بالتمسك بدعوى الصورية فإذا أخفق في إثبات الصورية كان أستناده على الدعوي البوليصية على سبيل الاحتياط، ولا مانع في القانون من التمسك بالدعويين معا، والدعويان وإن كانتا تتفقان من ناحية أن أساس إبطال التصرف فيهما هو الإضرار بالغير إلا أنهما تختلفان من حيث توجيه الطعن ومن حيث الغرض، ففي الدعوى البوليصية يكون الطعن على التصرف من ناحية تأثيره في ثروة المدين المتصرف لا من ناحية جديته ويكون الغرض من الطعن إعادة ملك المدين إليه لإمكان التنفيذ عليه واستيفاء الدائن حقه منه، أما في دعوى الصورية فالطعن يكون بعدم جدية التصرف لمحو العقد الظاهر وإزالة أي أثر له وتقرير أن العين لم تخرج من يد المدين. 
3 - الدعوى بطلب بطلان عقد البيع على أساس أنه تم على سبيل التواطؤ وبإجراءات صورية بقصد الإضرار بالدائن في ضمان تحصيل دينه من المدين البائع وإن وصفت بأنها دعوى بطلان إلا أنها في حقيقتها وبحسب المقصود منها إنما هي دعوى بطلب تقرير صورية هذا العقد صورية مطلقة. 
4 - إذ كان الثابت من الأوراق - وعلى ما حصله الحكم المطعون فيه - أن الطاعنة أقامت دعواها بطلب بطلان عقد البيع المسجلين رقمي. . . في. . / . . / 1999 الصادرين من المطعون ضده الأول بصفته وكيلا عن المطعون ضدهم من الثاني حتى السابعة إلى المطعون ضدهما الثامنة والتاسعة ولنفسه بصفته وليا طبيعيا على المطعون ضدها الأخيرة واستندت في ذلك إلى أن هذا البيع تم بطريق التواطؤ وبإجراءات صورية قصد بها تهريب أموال المطعون ضدهم بقصد الإضرار بحقوقها وحرمانها من ضمان تحصيل الدين المستحق لها لدى المطعون ضدهم من الثاني حتى السابعة بموجب الحكم الصادر في الدعوى رقم. . . لسنة. . . مدني كلي بورسعيد، ويبين من ذلك أن الطاعنة إنما اختارت دعوي الصورية لاستيفاء المال الذي تصرف فيه المطعون ضدهم من الثاني حتى السابعة، ومن ثم فإن تكييف هذه الدعوي وفقا للطلبات المثارة في حقيقتها وبحسب المقصود منها ومرماها والوقائع المطروحة والأسانيد التي تأسست عليها أنها دعوى بطلب تقرير صورية عقد البيع مثار النزاع صورية مطلقة وذلك بصرف النظر عن المسمى الذي وصفتها به الطاعنة من أنها دعوى بطلب بطلان هذين العقدين، ذلك أن محكمة الموضوع ملزمة في كل حال بإعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح دون تقيد بتكييف الخصوم لها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه برفض الدعوي تأسيسا على أنها دعوي بوليصية لم تتوافر شروطها ودون أن يفطن إلى أن الدعوى في حقيقتها - بحسب الوقائع والطلبات المطروحة فيها وما تأسست عليه - إنما تدور حول ما تمسكت به الطاعنة من صورية عقدي البيع محل التداعي وليست دعوي بوليصية بطلب عدم نفاذهما في حق الطاعنة والتفت عن بحث و تمحيص دفاعها المشار إليه مع أنه جوهري فإنه يكون معيبا بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب. 
---------------- 
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق. تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت الدعوى رقم... لسنة... مدني محكمة بورسعيد الابتدائية على المطعون ضدهم بطلب الحكم ببطلان عقد البيع المسجلين رقمي...،... في.......، وقالت بيانا لذلك إن المطعون ضدهم من الثاني حتى السابعة مدينين لها بمبلغ... جنيها بموجب الحكم الصادر في الدعوى رقم.... لسنة... مدني كلي بورسعيد ولأن المطعون ضدهم المذكورين من الأجانب كما أنهم لا يقيمون في مصر وليست لهم أموال أو ممتلكات ظاهرة يمكن التنفيذ عليها سوى العقار المبين بالأوراق موضوع العقدين المشار إليهما، وباشرت الطاعنة بتاريخ........ إجراءات شهر حق اختصاص لصالحها على هذا العقار لدى مصلحة الشهر العقاري وفاء لقيمة الدين محل الحكم سالف الذكر، وتبين لها أن المطعون ضده الأول بصفته وكيلا عن المطعون ضدهم من الثاني حتى السابعة قام ببيع هذا العقار إلى المطعون ضدهما الثامنة والتاسعة ولنفسه بصفته وليا طبيعية على المطعون ضدها الأخيرة وذلك بطريق التواطؤ وبإجراءات صورية في البيع بقصد الإضرار بالطاعنة في خصوص تنفيذ الحكم الصادر لها والتهرب من تحصيل قيمة هذا الدين المحكوم به ومن ثم فقد أقامت الدعوى، حكمت المحكمة برفضها بحكم استأنفته الطاعنة بالاستئناف رقم... لسنة... في الإسماعيلية " مأمورية بورسعيد " وبتاريخ../ ../ .... قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، غرض الطعن على هذه المحكمة في - غرفة مشورة - فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها. 
--------------- 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاع الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إنها أقامت دعواها بطلب الحكم ببطلان عقد البيع المسجلين الواردين على عقار التداعي لصورتهما صورية مطلقة وصدورهما بقصد الإضرار بحقوقها الثابتة في ذمة المطعون ضدهم وتهريب أموالهم تحرمانها من ضمانهم العام وقد تمسكت بذلك أمام محكمة الاستئناف، إلا أن الحكم المطعون فيه ذهب في تكييف الطلبات المطروحة في الدعوى إلى أنها لا تعدو أن تكون دعوى عدم نفاذ العقدين في مواجهتها وأنها دعوي بوليصية لم تتوافر شروطها ورتب على ذلك رفض الدعوى، وتجاوزت المحكمة سلطتها في تكييف الدعوي والوقائع المستندة إليها ولم تفطن إلى أنها في تكييفها الصحيح بحسب الوقائع والطلبات وما تأسست عليه إنما تدور حول صورية العقدين المشار إليهما مما يعيب حكمها المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في أساسه سديد، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع أن تكليف الدعوى بما تتبينه من وقائعها وأن تنزل عليها وصفها الصحيح في القانون إلا أنها مقيدة في ذلك بالوقائع والطلبات المطروحة عليها فلا تملك التغيير في مضمون هذه الطلبات وهي في ذلك تخضع الرقابة محكمة النقض، التي يكون لها أن تعطي الوقائع الثابتة في الحكم المطعون فيه تكييفها الصحيح مادامت لا تعتمد في هذا التكييف على غير ما حصلته محكمة الموضوع من هذه الوقائع، وكان من المقرر أنه يجوز للدائن أن يطعن على تصرف مدينة لإبطاله إما بدعوي الصورية أو بالدعوى البوليصية أو بالدعويين معا على أن يبدأ بالتمسك بدعوى الصورية فإذا أخفق في إثبات الصورية كان استناده على الدعوي البوليصية على سبيل الاحتياط، ولا مانع في القانون من التمسك بالدعويين معا، والدعويان وإن كانتا تتفقان من ناحية أن أساس إبطال التصرف فيهما هو الإضرار بالغير إلا أنهما تختلفان من حيث توجيه الطعن ومن حيث الغرض، ففي الدعوي البوليصية يكون الطعن على التصرف من ناحية تأثيره في ثروة المدين المتصرف لا من ناحية جديته ويكون الغرض من الطعن إعادة ملك المدين إليه الإمكان التنفيذ عليه واستيفاء الدائن حقه منه، أما في دعوى الصورية فالطعن يكون بعدم جدية التصرف لمحو العقد الظاهر وإزالة أي أثر له وتقرير أن العين لم تخرج من يد المدين، وكانت الدعوى بطلب بطلان عقد البيع على أساس أنه تم على سبيل التواطؤ وبإجراءات صورية بقصد الإضرار بالدائن في ضمان تحصيل دينه من المدين البائع وإن وصفت بأنها دعوى بطلان إلا أنها في حقيقتها وبحسب المقصود منها إنما هي دعوي بطلب تقرير صورية هذا العقد صورية مطلقة، ولما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق - وعلى ما حصله الحكم المطعون فيه - أن الطاعنة أقامت دعواها بطلب بطلان عقد البيع المسجلين رقمي... في........ الصادرين من المطعون ضده الأول بصفته وكيلا عن المطعون ضدهم من الثاني حتى السابعة إلى المطعون ضدهما الثامنة والتاسعة ولنفسه بصفته وليا طبيعية على المطعون ضدها الأخيرة واستندت في ذلك إلى أن هذا البيع تم بطريق التواطؤ وبإجراءات صورية قصد بها تهريب أموال المطعون ضدهم بقصد الإضرار بحقوقها وحرمانها من ضمان تحصيل الدين المستحق لها لدى المطعون ضدهم من الثاني حتى السابعة بموجب الحكم الصادر في الدعوى رقم 7 لسنة 1998 مدني كلي بورسعيد، ويبين من ذلك أن الطاعنة إنما اختارت دعوى الصورية لاستيفاء المال الذي تصرف فيه المطعون ضدهم من الثاني حتى السابعة، ومن ثم فإن تكييف هذه الدعوى وفقا للطلبات المثارة في حقيقتها وبحسب المقصود منها ومرماها والوقائع المطروحة والأسانيد التي تأسست عليها أنها دعوي بطلب تقرير صورية عقد البيع مثار النزاع صورية مطلقة وذلك بصرف النظر عن المسمى الذي وصفتها به الطاعنة من أنها دعوى بطلب بطلان هذين العقدين، ذلك أن محكمة الموضوع ملزمة في كل حال بإعطاء الدعوى وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح دون تقيد بتكييف الخصوم لها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه برفض الدعوى تأسيسا على أنها دعوي بوليصية لم تتوافر شروطها ودون أن يفطن إلى أن الدعوى في حقيقتها – بحسب الوقائع والطلبات المطروحة فيها وما تأسست عليه - إنما تدور حول ما تمسكت به الطاعنة من صورية عقد البيع محل التداعي وليست دعوي بوليصية بطلب عدم نفاذهما في حق الطاعنة والتفت عن بحث وتمحيص دفاعها المشار إليه مع أنه جوهري فإنه يكون معيبة بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.

الطعنان 14461 ، 15156 لسنة 81 ق جلسة 5 / 6 / 2013 مكتب فني 64 ق 104 ص 700

جلسة 5 من يونيو سنة 2013 
برئاسة السيد القاضي/ فتحي محمد حنضل "نائب رئيس المحكمة" وعضوية السادة القضاة د/ محسن إبراهيم ، محمد عبد الحليم ، عدلي فوزي محمود ورضا سالمان "نواب رئيس المحكمة". 
----------------
(104)
الطعنان 14461 ، 15156 لسنة 81 القضائية
(1) اختصاص "الاختصاص المتعلق بالولاية".
القضاء العادي صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية، الاستثناء. تقييد هذه الولاية. عدم جواز التوسع في تفسيره. 
(2) اختصاص "الاختصاص المتعلق بالولاية اختصاص المحاكم العادية، ما يخرج من ولاية المحاكم العادية: اختصاص القضاء الإداري".
عدم نص المشرع على تعريف المنازعات الإدارية. مؤداه. وجوب الرجوع للقواعد العامة عند تعيين الاختصاص. أثره. اختصاص المحاكم العادية بنظر المنازعات المتعلقة بالملكية وما يندرج في مضمونها واختصاص محاكم مجلس الدولة بالمنازعات الإدارية. مناط ذلك. طبيعة طلبات الخصوم وتكييفها القانوني الصحيح في ضوء القواعد القانونية المحددة للولاية والاختصاص، مفاده اختصاص القضاء العادي بنظر المنازعات المتعلقة بتصرف الدولة أو إحدى الهينات العامة التابعة لها في الأملاك المملوكة للدولة ملكية خاصة وتحديد الأموال المملوكة للدولة وما يرد عليها من حقوق لها وللغير من الأفراد. شرطه. أن تكون المنازعة ذات طبيعة مدنية. علة ذلك. المنازعات ذات الطبيعة الإدارية. إدراجها في نطاق الولاية العامة المحاكم مجلس الدولة. 
(3) دعوى "أنواع من الدعاوي: دعوى صحة التعاقد".
الدعوى بطلب صحة ونفاذ عقد البيع. ماهيتها. دعوى استحقاق مآلا. علة ذلك. مؤداه. انعقاد الاختصاص بنظرها للمحاكم العادية دون غيرها. فصل الحكم المطعون فيه في موضوع الدعوى. مفاده. تضمنه قضاء ضمني باختصاصه بنظرها. أثره. انتهائه إلى نتيجة صحيحة. النعي عليه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه. على غير أساس. 
(4) أموال "الأموال العامة: صفة المال العام".
التعرف على توافر صفة المال العام. مناطه. تخصيص المال فعليا للمنفعة العامة بقرار أو بقانون. لازمه. تهيئته ليصبح صالحا لتلك المنفعة. 
(5) أموال "الأموال العامة: التصرف فيها".
حظر التصرف في المال العام. تعلقه بالنظام العام. مؤداه. بطلان البيع الوارد على المال العام بطلانا مطلقة. التسجيل لا يصحح العقد الباطل م 87 مدني. 
(6) أموال "الأموال العامة: صفة المال العام: اكتسابها".
صفة المال المخصص للمنفعة العامة. مناطه. التخصيص بأي وجه من الوجوه للنفع العام فعلية أو حكمة طبقا لقرار إنشائه. مؤداه. اتباع الصفة التخصيص نشأة وتعديلا وإلغاء. م 78 مدني. فقده تلك الصفة. سبيله. إحدى الوسائل الواردة في م 88 من ذات القانون. 
(7) أموال "الأموال العامة للدولة: الترخيص بالانتفاع بالمال العام".
الأموال العامة. للدولة حق استعمالها واستثمارها وفقا لأوضاع والإجراءات القانونية. تصرف السلطة الإدارية فيها لانتفاع الأفراد. سبيله. الترخيص. اعتباره مؤقتا غير ملزم لها.
خضوعه لحكم الشروط والقيود الواردة فيه. حقها في رفض أو إعطاء الترخيص أو الرجوع فيه. 
(8 ، 9) دعوى "أنواع من الدعاوي: دعوى صحة التعاقد".
(8) دعوى صحة ونفاذ عقد البيع. دعوى استحقاق مالأ. المقصود بها. تنفيذ التزامات البائع التي من شانها نقل الملكية إلى المشتري تنفيذا عينية والحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد في نقل الملكية. وجوب بحث ما يثار من منازعات بشأن ملكية البائع للمبيع كله أو بعضه. أثره. وجوب تتبع البيوع المتتالية على المبيع الواحد. إجابة المشتري لطلبه. شرطه. إمكانية انتقال الملكية إليه وتسجيل الحكم الصادر فيها. 
(9) دعوى صحة التعاقد، تستلزم أن يكون من شأن البيع موضوع التعاقد نقل الملكية. مقتضى ذلك أن يفصل القاضي في أمر صحة البيع ويتحقق من استيفائه للشروط اللازمة لانعقاده وصحته ثم يفصل في أمر امتناع البائع عن تنفيذ التزامه. اتساع نطاقها لبحث كل ما يتعلق بصحة العقد وبطلانه. 
(10) بيع "أركان عقد البيع وشروطه: المحل: حظر بيع أموال الدولة العامة".
محكمة الموضوع، التزامها بالتحقق من جواز التعامل على الأموال المبيعة أم أنها مخصصة للمنفعة العامة أو انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة وبحث الحقوق التي يدعيها الأفراد عليها. 
(11) أموال "الأموال العامة للدولة: الترخيص بالانتفاع بالمال العام".
ثبوت تخصيص أرض النزاع ضمن مساحة أكبر لصالح الشركة المطعون ضدها الثالثة تحقيقا للمنفعة العامة بموجب قرار جمهوري، مقتضاه. يقاء ملكية تلك الأرض للدولة. انتفاع الشركة بها على سبيل الترخيص. مؤداه. أحقية الدولة في تجريدها منه بانتهاء التخصيص للمنفعة العامة: أثره. عدم جواز تصرف العاملين بها فيها بالبيع. قضاء الحكم المطعون فيه بصحة ونفاذ عقدي بيع أرض النزاع استنادا لانتقال ملكيتها للشركة المطعون ضدها الثالثة دون بحث صدى أحقية الشركة في التصرف فيها بالبيع للعاملين بها حال كونها في دور التصفية. قصور وخطأ ومخالفة للقانون. 
---------------- 
(1) المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن القضاء العادي هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية وأي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية ولا يخالف به أحكام الدستور يعتبر استثناء واردة على أصل عام لا يجوز التوسع في تفسيره. 
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن المشرع لم يضع تعريفا للمنازعات الإدارية يميزها عن المنازعات المدنية والتجارية التي تقع بين الأفراد وأشخاص القانون العام لتهتدي به المحاكم في مجال توزيع الاختصاص الولائي فيما بينها إلا أنه في خصوص المنازعات التي تتعلق بتصرف الدولة أو إحدى الهيئات العامة التابع لها في الأملاك المملوكة للدولة ملكية خاصة ونفى ذلك وتحديد الأموال المملوكة للدولة وما يرد عليها من حقوق لها وللغير من الأفراد فإن المنازعات في هذا الشأن ليست جميعها من طبيعة مدنية مما يدخل في اختصاص القضاء العادي باعتبارها صاحبة الولاية العامة بنظر هذه المنازعات، وإنما يداخلها بعض المنازعات ذات الطبيعة الإدارية ويدخل في نطاقها المنازعات المتعلقة بالقرارات الإدارية النهائية التي تصدرها جهة الإدارة مما يندرج في نطاق الولاية العامة المقررة لمحاكم مجلس الدولة، ومن ثم يتعين الرجوع للقواعد العامة في هذا الخصوص فتختص المحاكم العادية بنظر المنازعات المتعلقة بالملكية وما يندرج في مضمونها ونطاقها ويختص مجلس الدولة بالمنازعات الإدارية ومناط التعرف على ذلك هو ما تحدده طبيعة طلبات الخصوم وفقا للتكيف الصحيح قانونا لطلباتهم حسبما تنتهي إليه المحكمة في ضوء القواعد القانونية المحددة للولاية والاختصاص. 
3 - إذ كانت الدعوى المطروحة بحسب تكييفها القانوني الصحيح أنها من الدعاوي التي تدور بين المتخاصمين حول حق ملكية أرض النزاع بحسبان أن دعوى صحة ونفاذ العقد هي دعوى استحقاق مالا مما تختص بنظره والفصل فيه المحاكم المدنية دون غيرها، وكان الحكم المطعون فيه قد فصل في موضوع الدعوى، بما يعني قضاءه ضمنية باختصاصه ولائية بنظره فإنه يكون قد انتهى إلى النتيجة الصحيحة في القانون في هذا الشأن، ويكون ما أثاره الطاعنان في هذا الخصوص على غير أساس. 
4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن المناط في التعرف على صيغة المال العام طبقا لما هو مستفاد من نص المادة 87 من القانون المدني هو تخصيصه بالفعل للمنفعة العامة ولو كان مملوكة ملكية خاصة للدولة، وهذا التخصيص كما يكون بموجب قانون أو قرار يجوز أن يكون تخصيصا فعليا وذلك بتهيئة هذا المال ليصبح صالحة لهذه المنفعة رصداً عليها. 
5 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن المادة 87 من القانون المدني تحظر التصرف في المال العام، وهذا النص من النظام العام إذ قصد به اعتبارات عامة هي حماية ملكية الدولة العامة فإن البيع الذي يرد على مال من الأموال العامة يكون باطلا بطلانا مطلقا لوقوعه على مال لا يجوز التعامل فيه بحكم القانون وأن التسجيل لا يصحح عقد باطلاً. 
6 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن صفة المال المخصص للمنفعة العامة تدور وجودة وعدما مع وجود التخصيص بوجه من وجوه النفع العام سواء بالفعل أو طبقا لسند إنشائه بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص وذلك على النحو المنصوص عليه في المادة 87 من القانون المدني، وهذه الصفة تتبع هذا التخصيص نشأة وتغييرا وإلغاء، وانقطاع هذه الصفة إنما يتم بإحدى الوسائل المنصوص عليها في المادة 88 من القانون المشار إليه. 
7 - إذ كان للدولة على الأموال العامة حق استعمالها واستثمارها ويجري ذلك وفقا لأوضاع وإجراءات القانون وأن تصرف السلطة الإدارية في الأموال العامة لانتفاع الأفراد بها لا يكون إلا على سبيل الترخيص وهذا بذاته وبطبيعته مؤقتة وغير ملزم وخاضع لحكم الشروط والقيود الواردة فيه وأن لها إعطاء الترخيص ورفضه والرجوع فيه . 
8 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن دعوى صحة ونفاذ عقد البيع هي دعوى استحقاق ما لا يقصد بها تنفيذ التزامات البائع التي من شأنها نقل ملكية المبيع إلى المشتري تنفيذا عينية والحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد في نقل الملكية ويتعين عند الفصل فيها بحث ما عسى أن يثار من منازعات بشأن ملكية البائع للمبيع كله أو بعضه ولا يجاب المشتري إلى طلبه إلا إذا كان انتقال الملكية إليه وتسجيل الحكم الذي يصدر في الدعوى ممكنين، بما يتعين تتبع البيوع المتتالية على مبيع واحد ، واستظهار سند ملكية كل بائع لها . 
9 - هي تستلزم أن يكون من شأن البيع موضوع التعاقد نقل الملكية حتى إذا ما سجل الحكم قام تسجيله مقام تسجيل العقد في نقلها وهذا يقتضي أن يفصل قاضي الموضوع في أمر صحة البيع ثم يفصل في أمر امتناع البائع عن تنفيذ التزاماته ومن ثم فإن تلك الدعوى تتسع لبحث كل ما يثار من أسباب بطلان العقد إذ من شأن هذا البطلان لو صح أن يحول دون الحكم بصحة العقد و نفاذه . 
10 - يتعين على قاضي الموضوع عند المنازعة التحقق من أن الأموال الوارد عليها البيع جائزة التعامل عليها أو أنها مخصصة للنفع العام لا يجوز التصرف فيها بأي وجه من الوجوه والتحقق من انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة وبحك الحقوق التي يدعيها الأفراد عليها. 
11 - إذ كان الثابت من الأوراق أن أرض النزاع خصصت ضمن مساحة أكبر من الدولة للشركة المتحدة للإنتاج الداجني - المطعون ضدها الثالثة - وذلك بموجب القرار الجمهوري رقم 56 لسنة 1964 وذلك تحقيقا للمنفعة العامة التي ارتأت تحقيقها الصالح سائر أفراد المجتمع، وكان من مقتضى هذا التخصيص أن تبقى ملكية الأرض للدولة ولا يكون للشركة إلا الانتفاع بها على سبيل الترخيص وهو بطبيعته غير ملزم للسلطة المرخصة الذي لا يترتب عليه التمليك، ولا يسوغ للشركة المنتفعة وهذه طبيعة العلاقة القائمة بينها وبين الدولة التصرف فيها إلا على سبيل الترخيص للغير بالانتفاع مع أحقية الدولة في تجريدها منها بانتهاء التخصيص للمنفعة العامة، بما لا يجوز معه لها أو للعاملين فيها التصرف فيها بالبيع، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قضي بصحة ونفاذ العقدين المؤرخين 1/ 3/ 1997، 27/ 9/ 2004 بمقولة إن ملكية الأرض قد انتقلت من المحافظة إلى الشركة المطعون ضدها الثالثة، وصارت المحافظة غير مالكة للأرض دون أن يفطن إلى هذه الأمور جميعها ولم يستظهر ذلك بمدوناته والوقوف على حقيقته رغم أن ذلك جوهر مدار البحث فيها، ولم يبحث مدى أحقية الشركة المذكورة في بيع هذه الأرض للعاملين فيها حال أنها في دور التصفية مما يعيبه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه فضلا عن القصور في التسبيب. 
--------------- 
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول في كلا الطعنين أقام على المطعون ضده الثاني في كلا الطعنين، والمطعون ضدها الثالثة في الطعن الأول - الطاعنة في الطعن الثاني - والطاعنين في الطعن الأول - المطعون ضدهما ثالثا في الطعن الثاني الدعوي رقم... لسنة 2007 مدني محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم - وفقا لما انتهت إليه طلباته الختامية - بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخين 1/ 3/ 1997، 27/ 4/ 2004، وخطاب التخصيص المؤرخ 6/ 5/ 2004 وقال بيانا لذلك إنه بموجب العقد المؤرخ 27/ 9/ 2004 باعه المطعون ضده الثاني قطعة الأرض المبينة بالصحيفة وما عليها من بناء والبالغ مساحتها 1722 م 2 وذلك لقاء ثمن قدره 325000 جنيه وقد آلت الملكية للمطعون ضده الثاني بموجب العقد المؤرخ1/ 3/ 1997 وخطاب التخصيص سالف البيان والصادرين له من المطعون ضدها الثالثة - الشركة... - وإذ رفضا إتمام إجراءات تسجيل العقد الخاص به، ومن ثم فقد أقام الدعوى حكمت المحكمة بصحة ونفاذ العقدين المؤرخين 1/ 3/ 1997، 27/ 9/ 2004 ورفضت ما عدا ذلك من طلبات، استأنف الطاعنان في الطعن الأول الحكم بالاستئناف... لسنة 13ق القاهرة، كما استأنفته الطاعنة في الطعن الثاني بالاستئناف... لسنة 12ق، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين، وندبت خبيرا فيهما وبعد أن أودع تقريره، قضت بتاريخ 29/ 6/ 2011 بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم... لسنة. 81 ق، كما طعنت فيه الشركة المستأنفة بالاستئناف 10793 لسنة 12 ق بالطعن رقم 15156 السنة 81 ق، وقدمت النيابة مذكرة في كل طعن أبدت فيها الرأي برفضه، وإذ عرض الطعنان على المحكمة - في غرفة مشورة - أمرت بضمهما وحددت جلسة لنظرهما وفيها التزمت النيابة رأيها. 
--------------- 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفى كل منهما أوضاعه الشكلية.
أولا:- الطعن رقم 14461 لسنة 81 ق:
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنان بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وقالا بيانا لذلك: إن الأرض محل النزاع من الأراضي المملوكة للدولة والتي تم تخصيصها للمنفعة العامة بموجب القرار الجمهوري رقم 56 لسنة 1964 وذلك لإنشاء محطات لتربية الدواجن وإكثارها ولا يجوز للشركة المطعون ضدها الثالثة التصرف فيها بالبيع بما يتعارض مع هذا الترخيص، وهو وفق المنازعة المطروحة من المنازعات الإدارية التي ينعقد الاختصاص بنظرها للقضاء الإداري، وإذ قضى الحكم المطعون فيه في موضوع الدعوى رغم عدم اختصاصه ولائياً بنظرها فإنه يكون معيبة بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن القضاء العادي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات المدنية والتجارية وأي قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية ولا يخالف به أحكام الدستور يعتبر استثناء ورادا على أصل عام لا يجوز التوسع في تفسيره، وكان المشرع لم يضع تعريف المنازعات الإدارية يميزها عن المنازعات المدنية والتجارية التي تقع بين الأفراد وأشخاص القانون العام لتهتدي به المحاكم في مجال توزيع الاختصاص الولائي فيما بينها، إلا أنه في خصوص المنازعات التي تتعلق بتصرف الدولة أو إحدى الهيئات العامة التابع لها في الأملاك المملوكة للدولة ملكية خاصة ونفي ذلك وتحديد الأموال المملوكة للدولة وما يرد عليها من حقوق لها وللغير من الأفراد فإن المنازعات في هذا الشأن ليست جميعها من طبيعة مدنية مما يدخل في اختصاص القضاء العادي باعتبارها صاحبة الولاية العامة ينظر هذه المنازعات، وإنما يداخلها بعض المنازعات ذات الطبيعة الإدارية ويدخل في نطاقها المنازعات المتعلقة بالقرارات الإدارية النهائية التي تصدرها جهة الإدارة مما يندرج في نطاق الولاية العامة المقررة لمحاكم مجلس الدولة، ومن ثم يتعين الرجوع للقواعد العامة في هذا الخصوص فتختص المحاكم العادية بنظر المنازعات المتعلقة بالملكية وما يندرج في مضمونها ونطاقها ويختص مجلس الدولة بالمنازعات الإدارية ومناط التعرف على ذلك هو ما تحدده طبيعة طلبات الخصوم وفقا للتكيف الصحيح قانون لطلباتهم حسبما تنتهي إليه المحكمة في ضوء القواعد القانونية المحددة للولاية والاختصاص، وكانت الدعوى المطروحة بحسب تكييفها القانوني الصحيح أنها من الدعاوى التي تدور بين المتخاصمين حول حق ملكية أرض النزاع بحسبان أن دعوى صحة ونفاذ العقد هي دعوى استحقاق مالا مما تختص بنظره والفصل فيه المحاكم المدنية دون غيرها، وكان الحكم المطعون فيه قد فصل في موضوع الدعوى. بما يعني قضاءه ضمنية باختصاصه ولائيا بنظره فإنه يكون قد انتهى إلى النتيجة الصحيحة في القانون في هذا الشأن، ويكون ما أثاره الطاعنان في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان بباقي سببي الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وقالا بيان لذلك إن أرض النزاع من الأراضي المملوكة للدولة والتي تم تخصيصها للمنفعة العامة في إنشاء محطات تربية و إكثار الدواجن وذلك بموجب القرار الجمهوري رقم 56 لسنة 1964 ومن ثم تخرج عن دائرة التعامل ولا يجوز التصرف فيها بما يتعارض مع هذا التخصيص، وإذ زال الغرض من التخصيص بتصفية الشركة المطعون ضدها فإن ملكيتها تعود للدولة ويضحي كل تصرف من قبل الشركة بشأنها غير جائز ومن ثم باطلا بطلانا مطلقا، وإذ خالف الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بصحة ونفاذ عقدي البيع المؤرخين 1/ 3/ 1997 ، 27/ 9/ 2004 بمقولة إن عقد البيع قد تكاملت لهما شروط صحتهما وأن الأرض انتقلت ملكيتها بالتسجيل للشركة البائعة وذلك دون أن يستظهر من هو المالك الحقيقي لأرض النزاع وسند الشركة في التصرف فيها بالبيع للعاملين لديها مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في أساسه سديد، ذلك أن المناط في التعرف على صفة المال العام طبقا لما هو مستفاد من نص المادة 87 من القانون المدني هو تخصيصه بالفعل للمنفعة العامة ولو كان مملوكة ملكية خاصة للدولة، وهذا التخصيص كما يكون بموجب قانون أو قرار يجوز أن يكون تخصيصا فعلية وذلك بتهيئة هذا المال ليصبح صالحة لهذه المنفعة رصدا عليها، وإذ كانت المادة 87 من القانون المدني تحظر التصرف في المال العام، وهذا النص من النظام العام إذ قصد به اعتبارات عامة هي حماية ملكية الدولة العامة فإن البيع الذي يرد على مال من الأموال العامة يكون باطلا بطلانا مطلقا لوقوعه على مال لا يجوز التعامل فيه بحكم القانون، وكان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن التسجيل لا يصحح عقد باطلا وأن صفة المال المخصص للمنفعة العامة تدور وجودة وعدمه مع وجود التخصيص بوجه من وجوه النفع العام سواء بالفعل أو طبقة لسند إنشائه بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص وذلك على النحو المنصوص عليه في المادة 87 من القانون المدني، وهذه الصفة تتبع هذا التخصيص نشأة وتغييره وإلغاء، وانقطاع هذه الصفة إنما يتم بإحدى الوسائل المنصوص عليها في المادة 88 من القانون المشار إليه، وإذ كان للدولة على الأموال العامة حق استعمالها واستثمارها ويجري ذلك وفقا لأوضاع وإجراءات القانون وأن تصرف السلطة الإدارية في الأموال العامة لانتفاع الأفراد بها لا يكون إلا على سبيل الترخيص وهذا بذاته وبطبيعته مؤقتة وغير ملزم وخاضع لحكم الشروط والقيود الواردة فيه وأن لها إعطاء الترخيص ورفضه والرجوع فيه. وكانت دعوي صحة ونفاذ عقد البيع هي دعوى استحقاق ما لا يقصد بها تنفيذ التزامات البائع التي من شأنها نقل ملكية المبيع إلى المشتري تنفيذا عينية والحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد في نقل الملكية ويتعين عند الفصل فيها بحث ما عسى أن يثار من منازعات بشأن ملكية البائع للمبيع كله أو بعضه ولا يجاب المشتري إلى طلبه إلا إذا كان انتقال الملكية إليه وتسجيل الحكم الذي يصدر في الدعوى ممكنين، بما يتعين تتبع البيوع المتتالية على مبيع واحد، واستظهار سند ملكية كل بائع لها وهي تستلزم أن يكون من شأن البيع موضوع التعاقد نقل الملكية حتى إذا ما سجل الحكم قام تسجيله مقام تسجيل العقد في نقلها وهذا يقتضي أن يفصل قاضي الموضوع في أمر صحة البيع ثم يفصل في أمر امتناع البائع عن تنفيذ التزاماته ومن ثم فإن تلك الدعوي تتسع البحث كل ما يثار من أسباب بطلان العقد إذ من شأن هذا البطلان لو صح أن يحول دون الحكم بصحة العقد و نفاذه وعلى ذلك يتعين على قاضي الموضوع عند المنازعة التحقق من أن الأموال الوارد عليها البيع جائزة التعامل عليها أو انها مخصصة للنفع العام لا يجوز التصرف فيها بأي وجه من الوجوه والتحقق من انتهاء تخصيصها للمنفعة العامة وبحث الحقوق التي يدعيها الأفراد عليها. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن أرض النزاع خصصت ضمن مساحة أكبر من الدولة للشركة... - المطعون ضدها الثالثة - وذلك بموجب القرار الجمهوري رقم 56 لسنة 1964 وذلك تحقيقا للمنفعة العامة التي ارتأت تحقيقها لصالح سائر أفراد المجتمع، وكان من مقتضي هذا التخصيص أن تبقى ملكية الأرض للدولة ولا يكون للشركة إلا الانتفاع بها على سبيل الترخيص وهو بطبيعته غير ملزم للسلطة المرخصة الذي لا يترتب عليه التمليك، ولا يسوغ للشركة المنتفعة وهذه طبيعة العلاقة القائمة بينها وبين الدولة التصرف فيها إلا على سبيل الترخيص للغير بالانتفاع مع أحقية الدولة في تجريدها منها بانتهاء التخصيص للمنفعة العامة، بما لا يجوز معه لها أو للعاملين فيها التصرف فيها بالبيع، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى بصحة ونفاذ العقدين المؤرخين 1/ 3/ 1997، 27/ 9/ 2004 بمقولة إن ملكية الأرض قد انتقلت من المحافظة إلى الشركة المطعون ضدها الثالثة، وصارت المحافظة غير مالكة للأرض دون أن يفطن إلى هذه الأمور جميعها ولم يستظهر ذلك بمدوناته والوقوف على حقيقته رغم أن ذلك جوهر مدار البحث فيها، ولم يبحث مدى أحقية الشركة المذكورة في بيع هذه الأرض للعاملين فيها حال أنها في دور التصفية مما يعيبه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه فضلا عن القصور في التسبيب بما يوجب نقضه

ثانيا:- الطعن رقم 15156 لسنة 81ق:
لما كانت المحكمة قد انتهت إلى نقض الحكم المطعون فيه في خصوص قضائه بصحة ونفاذ عقدي البيع ومن ثم فقد أصبحت أسباب هذا الطعن قائمة على غير محل.

الطعن 2438 لسنة 72 ق جلسة 8 / 6 / 2013 مكتب فني 64 ق 106 ص 715

جلسة 8 من يونيو سنة 2013
برئاسة السيد القاضي/ محمد برهام عجيز "نائب رئيس المحكمة" وعضوية السادة القضاة/ طارق سيد عبد الباقي، أحمد برغش، حاتم عبد الوهاب حمودة وأحمد يوسف أحمد علي "نواب رئيس المحكمة". 
---------------
(106)
الطعن 2438 لسنة 72 القضائية
(1) نقض "أسباب الطعن: الأسباب المتعلقة بالنظام العام".
الأسباب المتعلقة بالنظام العام. للخصوم والنيابة ولمحكمة النقض إثارتها من تلقاء ذاتها ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن. شرطه. توافر عناصر الفصل فيها. 
(2) نظام عام "المسائل المتعلقة بالطعن في الأحكام: بطلان الطعن لعدم إيداع الكفالة".
وجوب إيداع كفالة الطعن بالنقض قبل إيداع صحيفته أو خلال الأجل المقرر له. 254م مرافعات. تخلف ذلك. أثره. بطلان الطعن. تعلقه بالنظام العام. مؤداه. لكل ذي مصلحة طلب توقيعه للمحكمة القضاء به من تلقاء نفسها. علة ذلك. اعتباره أمرا جوهريا. تعلقه بالنظام العام. 
(3) نقض "إجراءات الطعن: إيداع الكفالة".
الإعفاء من أداء كفالة الطعن بالنقض. شرطه. إعفاءه من الرسوم القضائية. اقتصاره على الدعاوى التي ترفعها الحكومة دون غيرها. م 50 ق 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية، مؤداه. نعلم أتساعه لغيرها من أشخاص القانون العام أو الخاص التي لها شخصيتها الاعتبارية وميزانيتها المستقلتين ما لم ينص القانون على إعفائها منها صراحة. 
(4) بطلان "بطلان الطعن: حالات بطلان الطعن: عدم إيداع الكفالة ". نقابات نقابة المهن الفنية التطبيقية".
نقابة المهن الفنية التطبيقية. من أشخاص القانون الخاص يمثلها نقيبها طبقا لق إنشائها رقم 67 لسنة 1974. تمتعها بشخصية اعتبارية وميزانية مستقلة. خلو القانون المشار إليه من نص بإعفائها من رسوم الدعاوى القضائية التي ترفعها. مؤداه. وجوب إيداعها كفالة الطعن بالنقض المقام منها المقررة بالمادة 254 من قانون المرافعات. عدم سدادها الكفالة قبل إيداع صحيفته أو خلال الأجل المقرر. أثره. بطلان الطعن. تمسك الطاعنة بالإعفاء الوارد في المادة 54 ق أنف البيان، غير مجدي. علة ذلك. 
---------------- 
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن للخصوم وللنيابة ولمحكمة النقض من تلقاء ذاتها إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها. 
2- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن المشرع أوجب بنص المادة 254 من قانون المرافعات أمرأ جوهريا في حالات الطعن بالنقض هو إيداع الكفالة خزانة المحكمة قبل إيداع صحيفة الطعن أو خلال الأجل المقرر له وإلا كان الطعن باطلا وكان لكل ذي مصلحة أن يتمسك بهذا البطلان وللمحكمة أن تقضى به من تلقاء ذاتها لأن إجراءات الطعن من النظام العام. 
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه لا يعفى من أداء الكفالة إلا من نص القانون على إعفائه من الرسوم القضائية وإذ كان الإعفاء من الرسوم القضائية المقرر بنص المادة 50 من القانون رقم 90 لسنة 1944 مقصورا على الدعاوى التي ترفعها الحكومة دون غيرها، باعتبار أن الإعفاء استثناء من أصل وجوب أداء الرسوم القضائية فلا يجوز التوسع فيه أو القياس عليه ولا يمتد هذا الإعفاء إلى الدعاوى التي ترفع من أشخاص القانون العام أو الخاص التي لها شخصيتها الاعتبارية المستقلة وميزانيتها إلا إذا نص صراحة على هذا الإعفاء في القانون الصادر بإنشائها أو المتصل بعملها. 
4 - إذ كانت النقابة الطاعنة - نقابة المهن الفنية التطبيقية - التي يمثلها الطاعن بصفته هي من أشخاص القانون الخاص طبقا لقانون إنشائها رقم 67 سنة 1974 ولها شخصيتها الاعتبارية المستقلة في حدود اختصاصها وميزانيتها المستقلة وقد خلا هذا القانون من النص صراحة على إعفائها من رسوم الدعاوى التي ترفعها ، وكان لا يجديها التمسك بذلك الإعفاء - الوارد في المادة 58 من القانون المشار إليه الأخير - التي جرى نصها على أن " تعفي نقابة المهن الفنية التطبيقية والنقابات الفرعية لها من كافة أنواع الضرائب والرسوم التي تفرضها الحكومة أو أية سلطة عامة أخرى مهما كان نوعها أو تسميتها ... " ذلك أن عبارة جميع الضرائب والرسوم المشار إليها في النص سالف البيان لا يدخل في مفهومها الرسوم القضائية باعتبار أن الأصل وجوب أدائها والإعفاء استثناء منها لا يجوز التوسع فيه أو القياس عليه ويلزم أن يكون النص على الإعفاء صريحة جازمة قاطعاي في الدلالة عليه ، ويؤكد ذلك أن المشرع حين عمد إلى إعفاء بعض الأشخاص الاعتبارية من أداء الرسوم القضائية نص صراحة على هذا الإعفاء في قانون إنشائها أو القانون المتصل بعملها كما هو الحال في إعفاء الهيئة العامة لبنك ناصر الاجتماعي من الرسوم القضائية بنص المادة 11 من القانون رقم 66 لسنة 1971 المعدل بالقانون 60 لسنة 1975 ، وإعفاء الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية من الرسوم القضائية بنص المادة 137 من القانون رقم 79 لسنة 1975 في شأن التأمين الاجتماعي ، ومن ثم فإن مفاد ما تقدم أن الإعفاء الوارد بالمادة 58 من قانون إنشاء نقابة المهن الفنية التطبيقية آنف البيان لا ينصرف إلى الرسوم القضائية الأمر الذي تكون معه النقابة الطاعنة ملزمة بإيداع الكفالة المقررة بنص المادة 254 من قانون المرافعات قبل إيداع صحيفة الطعن بالنقض أو خلال الأجل المقرر له وإلا كان طعنها باطلا . 
----------------- 
الوقائع
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت على الطاعن بصفته الدعوى رقم... السنة... أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم - وفقا لطلباتها الختامية - بإلزامه برد 214440.666 جنيها والفوائد، وقالت بيانا لذلك إن الطاعن بصفته تحصل على هذا المبلغ كرسوم على إنتاج كل شيكارة أسمنت زنة... كجم استنادا إلى نص الفقرة الخامسة من المادة 51 من القانون رقم 67 لسنة 1974 بشأن إنشاء نقابة المهن الفنية التطبيقية وإذ قضت المحكمة الدستورية بعدم دستورية هذا النص في القضية رقم 86 لسنة 17 ق "دستورية" بتاريخ 7/ 2/ 1998 فقد أقامت دعواها. ندبت المحكمة خبيرا في الدعوى وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ../ ../ .... بإلزام الطاعن بصفته برد المبلغ المطالب به إلى الشركة المطعون ضدها والفوائد. استأنف الطاعن بصفته هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة برقم... لسنة... ق، وبتاريخ../ ../ .... قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به إلزام النقابة الطاعنة بالمصاريف والتأييد فيما عدا ذلك، طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها. 
----------------- 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
وحيث إنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن للخصوم وللنيابة ولمحكمة النقض من تلقاء ذاتها إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها. وإذ أوجب المشرع بنص المادة 254 من قانون المرافعات أمرأ جوهريا في حالات الطعن بالنقض هو إيداع الكفالة خزانة المحكمة قبل إيداع صحيفة الطعن أو خلال الأجل المقرر له وإلا كان الطعن باطلا وكان لكل ذي مصلحة أن يتمسك بهذا البطلان وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء ذاتها لأن إجراءات الطعن من النظام العام ولا يعفى من أداء الكفالة إلا من نص القانون على إعفائه من الرسوم القضائية، وإذ كان الإعفاء من الرسوم القضائية المقرر بنص المادة 50 من القانون رقم 90 لسنة 1944 مقصورا على الدعاوى التي ترفعها الحكومة دون غيرها، باعتبار أن الإعفاء استثناء من أصل وجوب أداء الرسوم القضائية فلا يجوز التوسع فيه أو القياس عليه ولا يمتد هذا الإعفاء إلى الدعاوى التي ترفع من أشخاص القانون العام أو الخاص التي لها شخصيتها الاعتبارية المستقلة وميزانيتها إلا إذا نص صراحة على هذا الإعفاء في القانون الصادر بإنشائها أو المتصل بعملها، وكانت النقابة الطاعنة - نقابة المهن الفنية التطبيقية - التي يمثلها الطاعن بصفته هي من أشخاص القانون الخاص طبقا لقانون إنشائها رقم 67 سنة 1974 ولها شخصيتها الاعتبارية المستقلة في حدود اختصاصها وميزانيتها المستقلة وقد خلا هذا القانون من النص صراحة على إعفائها من رسوم الدعاوى التي ترفعها، وكان لا يجديها التمسك بذلك الإعفاء - الوارد في المادة 58 من القانون المشار إليه الأخير - التي جرى نصها على أن "تعفي نقابة المهن الفنية التطبيقية والنقابات الفرعية لها من كافة أنواع الضرائب والرسوم التي تفرضها الحكومة أو أية سلطة عامة أخري مهما كان نوعها أو تسميتها..." ذلك أن عبارة جميع الضرائب والرسوم المشار إليها في النص سالف البيان لا يدخل في مفهومها الرسوم القضائية باعتبار أن الأصل وجوب أدائها والإعفاء استثناء منها لا يجوز التوسع فيه أو القياس عليه ويلزم أن يكون النص على الإعفاء صريحا جازما قاطعة في الدلالة عليه، ويؤكد ذلك أن المشرع حين عمد إلى إعفاء بعض الأشخاص الاعتبارية من أداء الرسوم القضائية نص صراحة على هذا الإعفاء في قانون إنشائها أو القانون المتصل بعملها كما هو الحال في إعفاء الهيئة العامة لبنك ناصر الاجتماعي من الرسوم القضائية بنص المادة 11 من القانون رقم 66 لسنة 1971 المعدل بالقانون 60 لسنة 1975، وإعفاء الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية من الرسوم القضائية بنص المادة 137 من القانون رقم 79 لسنة 1975 في شأن التأمين الاجتماعي، ومن ثم فإن مفاد ما تقدم أن الإعفاء الوارد بالمادة 58 من قانون إنشاء نقابة المهن الفنية التطبيقية آنف البيان لا ينصرف إلى الرسوم القضائية الأمر الذي تكون معه النقابة الطاعنة ملزمة بإيداع الكفالة المقررة بنص المادة 254 من قانون المرافعات قبل إيداع صحيفة الطعن بالنقض أو خلال الأجل المقرر له وإلا كان طعنها باطلا. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أنها لم تودع في طعنها تلك الكفالة فمن ثم يتعين القضاء ببطلان الطعن.

الطعن 11754 لسنة 81 ق جلسة 9 / 6 / 2013 مكتب فني 64 ق 107 ص 720

جلسة 9 من يونيو سنة 2013
برئاسة السيد القاضي/ عبد الجواد موسي "نائب رئيس المحكمة" وعضوية السادة القضاة/ حاتم کمال، عامر عبد الرحيم، محمد الجديلي "نواب رئيس المحكمة" وعبد الراضي عبد الرحيم. 
---------------
(107)
الطعن 11754 لسنة 81 القضائية
(1 - 5) محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع بالنسبة للمسئولية العقدية والتقصيرية والتعويض عنها: المسئولية العقدية: استخلاص الخطأ العقدي ورابطة السببية". ملكية فكرية "حق المؤلف: الحماية القانونية للمصنف".
(1) الإجراءات وأساليب العمل وطرق التسجيل والمفاهيم والمبادي، غير مشمولة بحماية قانون حماية الملكية الفكرية. علة ذلك. انتفاء عنصر الابتكار. م 141 من القانون رقم 82 لسنة 2002 والبند الثاني من المادة 9 من اتفاقية تربس. 
(2) انتهاء الحكم المطعون فيه إلى أن تقديم شركة الاتصالات المطعون ضدها خدمة للعملاء بإضافة رصيد عند نفاذ رصيد العميل على أن يتم تحصيلها عند شحن الرصيد لا تشملها حماية القانون. صحيح. علة ذلك، وجوب التعبير عن الفكر المحمي في صورة مادية ملموسة. 
(3) تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه. خضوعه لرقابة محكمة النقض. 
(4) استخلاص الخطأ الموجب للتعويض وعلاقة السببية بينه وبين الضرر. استقلال محكمة الموضوع بتقديره. شرطه. أن يكون سائغا وله معينه من الأوراق. 
(5) انتهاء الحكم المطعون فيه إلى عدم ثبوت خطأ الشركة المطعون ضدها على ما خلص إليه من أن الفكرة المقدمة من الطاعن لا تشملها الحماية القانونية لعدم طرحها في صورة مادية ملموسة. استخلاص سائغ. النعي عليه. جدل موضوعي. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض. 
(6) نقض "أسباب الطعن بالنقض: بيان أسباب الطعن وتقديم الدليل عليها".
التزام الخصوم أنفسهم بتقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون. عدم تقديمه. أثره. نعي غير مقبول. "مثال: بشأن عدم تقديم الدليل على قيام الشركة المطعون ضدها بتقديم خدمة الرصيد الإضافي في حالة نفاذ الرصيد على أن يتم التحصيل عقب ذلك ". 
------------------ 
1 - النص في المادة 141 من قانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 على أنه "لا تشمل الحماية مجرد الأفكار والإجراءات وأساليب العمل وطرق التشغيل والمفاهيم والمبادئ والاكتشافات والبيانات، ولو كان معبرا عنها أو موصوفة أو موضحة أو مدرجة في مصنف ...." يدل على أن المشرع أفصح بجلاء على أن القانون لا يحمي صاحب الفكرة المجردة التي لم تخرج منه إلى حيز الوجود كذلك لا يحمي قانون الملكية الفكرية الإجراءات وأساليب العمل وطرق التشغيل والمفاهيم والمبادئ والاكتشافات والبيانات وسبب استبعاد الحماية هو انتفاء عنصر الابتكار في مثل هذه الأعمال والقانون المصري في هذا الحكم يستخدم ذات العبارات التي استخدمها البند الثاني من المادة التاسعة من اتفاقية (تربس) والتي تنص على أن "تسري حماية حقوق المؤلف على النتاج وليس على الأفكار أو الإجراءات أو أساليب العمل ...". 
2 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض الدعوى على قوله "أن ما قام به المدعي - الطاعن - بإقراره في صحيفة الدعوى هو فكرة عبارة عن خدمة بمقتضاها تقدم شركة الاتصالات رصيدا إضافيا في حالة نفاذ الرصيد على أن يتم تحصيلها في أول شحن بعد ذلك وقرر أيضا على الشركات الراغبة في شراء هذه الفكرة أن تطلب من مهندسيها تجهيز برنامج حاسب آلي لإمكانية تنفيذها... بما يخرجها عن مجال الحماية فضلا عن أن الفكر المحمي هو أي طريقة للتعبير عنها من أشكال وطرق طرحها للجمهور في صورة مادية ملموسة، وكان هذا الذي خلص إليه الحكم يتفق وصحيح القانون فإن النعي عليه في ذلك يكون على غير أساس. 
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه هو من المسائل التي يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض. 
4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع مادام هذا الاستخلاص سائغا مستمدا من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى. 
5 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بعدم ثبوت خطأ الشركة المطعون ضدها على ما خلص إليه من أن الفكرة المقدمة من الطاعن تخرج عن مجال الحماية القانونية وفقا لنصوص قانون حماية الملكية الفكرية وأن الفكر المحمي هو ما يطرح في صورة مادية ملموسة وكان هذا الاستخلاص سائغا له معينه الثابت بالأوراق كافيا الحمل قضائه فإن النعي عليه في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . 
6 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الشارع عد من الإجراءات الجوهرية في الطعن بطريق النقض أن يناط بالخصوم أنفسهم تقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون، وإذ لم يقدم الطاعن رفق طعنه ما يؤيد ما أبداه بسبب النعي حتى يمكن التحقق من صحة ما ينعاه على الحكم المطعون فيه لخلو الأوراق من الدليل على قيام المطعون ضدها بتنفيذ الخدمة محل التداعي فإن نعيه في هذا الخصوص يكون مفتقرا لدليله ومن ثم غير مقبول. 
--------------- 
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم... لسنة 2008 الجيزة الابتدائية على الشركة المطعون ضدها بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي له مبلغ مقداره عشرين مليون جنيه تعويضا له عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به وقال بيانا لذلك إنه أبتكر خدمة جديدة في مجال الاتصالات تهدف إلى عدم انقطاع الاتصال بين العميل والطرف الآخر في حالة انتهاء الرصيد وذلك بإعطاء العميل قيمة مالية تمكنه من معاودة الاتصال على أن يتم تحصيل قيمة تلك المبالغ عند إعادة الشحن وقد أودع ذلك الابتكار وحصل على شهادة من إدارة حقوق المؤلف بالإدارة المركزية بوزارة الثقافة بعد إيداع نسخة مكتوبة وملخص مودع تحت عنوان كمل كلامك خدمة اتصالات وقيدت تحت رقم... إيداع بتاريخ 10/ 9/ 2007 وأنه عرض ابتكاره على شركات المحمول الثلاثة العاملة داخل البلاد إلا أنه فوجئ بقيام المطعون ضدها تقوم بتنفيذ تلك الخصية دون الرجوع إليه فأقام دعواه ندبت المحكمة خبيرا في الدعوى وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 31/ 10/ 2010 بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى محكمة القاهرة الاقتصادية ونفاذا لذلك القضاء قيدت برقم... لسنة 3 ق اقتصادية استئناف القاهرة، وبتاريخ 3/ 5/ 2011 حكمت المحكمة برفض الدعوي. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على دائرة فحص الطعون الاقتصادية بهذه المحكمة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها. 
---------------- 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال إذ استند في قضائه إلى نص المادة 141 من قانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 بقالة إن ما قام به هو فكرة تخرج عن مجال الحماية القانونية في حين أن الفكرة التي ابتكرها هي خدمة متكاملة الأركان تخضع لتلك الحماية وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن النص في المادة 141 من قانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 على أنه لا تشمل الحماية مجرد الأفكار والإجراءات وأساليب العمل وطرق التشغيل والمفاهيم والمبادئ والاكتشافات والبيانات، ولو كان معبرا عنها أو موصوفة أو موضحة أو مدرجة في مصنف... يدل على أن المشرع أفصح بجلاء على أن القانون لا يحمي صاحب الفكرة المجردة التي لم تخرج منه إلى حيز الوجود كذلك لا يحمي قانون الملكية الفكرية الإجراءات وأساليب. العمل وطرق التشغيل والمفاهيم والمبادئ والاكتشافات والبيانات وسبب استبعاد الحماية هو انتفاء عنصر الابتكار في مثل هذه الأعمال والقانون المصري في هذا الحكم يستخدم ذات العبارات التي أستخدمها البند الثاني من المادة التاسعة من اتفاقية ( تربس ) والتي تنص على أن تسري حماية حقوق المؤلف على النتاج وليس على الأفكار أو الإجراءات أو أساليب العمل... . لما كان ذلك، وكان الحكم الطعون فيه قد قضى برفض الدعوي على قوله أن ما قام به المدعي - الطاعن - بإقراره في صحيفة الدعوى هو فكرة عبارة عن خدمة بمقتضاها تقدم شركة الاتصالات رصيدا إضافيا في حالة نفاذ الرصيد على أن يتم تحصيلها في أول شحن بعد ذلك، وقرر أيضا على الشركات الراغبة في شراء هذه الفكرة أن تطلب من مهندسيها تجهيز برنامج حاسب ألي لإمكانية تنفيذها... بما يخرجها عن مجال الحماية، فضلا عن أن الفكر المحمي هو أي طريقة للتعبير عنها من إشكال وطرق طرحها للجمهور في صورة مائية ملموسة، وكان هذا الذي خلص إليه الحكم يتفق وصحيح القانون فإن النعي عليه في ذلك يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ قضى برفض الدعوى تأسيسا على أن الفكرة لا تشملها الحماية المنصوص عليها في قانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 ورتب على ذلك قضاءه برفض طلب التعويض في حين أنه كان على محكمة الموضوع إعمال قواعد المسئولية التقصيرية أو قواعد الإثراء بلا سبب مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تكييف الفعل المؤسس عليه طلب التعويض بأنه خطا أو نفي هذا الوصف عنه هو من المسائل التي يخضع قضاء محكمة الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض، إلا أن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية المحكمة الموضوع مادام هذا الاستخلاص سائغا مستمدا من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوي. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بعدم ثبوت خطأ الشركة المطعون ضدها على ما خلص إليه من أن الفكرة المقدمة من الطاعن تخرج عن مجال الحماية القانونية وفقا لنصوص قانون حماية الملكية الفكرية وأن الفكر المحمي هو ما يطرح في صورة مادية ملموسة وكان هذا الاستخلاص سائغا له معينه الثابت بالأوراق كافيا لحمل قضاءه فإن النعي عليه في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب إذ قدم أمام محكمة الموضوع. ما يفيد قيامه باتخاذ إجراءات تسجيل وإشهار الخدمة التي ابتكرها قبل تاريخ قيام المطعون ضدها بتشغيل هذه الخدمة وتحرير المحضر رقم... لسنة 2008 لإثبات تضرره من قيام الأخيرة بتنفيذ الخدمة سالفة البيان الأمر الذي يثبت مسئوليتها عن استعمال هذه الخدمة المملوكة له مما يحق له إلزامها بالتعويض وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضي برفض الدعوى فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن الشارع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - عد من الإجراءات الجوهرية في الطعن بطريق النقض أن يناط بالخصوم أنفسهم تقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون، وإذ لم يقدم الطاعن رفق طعنه ما يؤيد ما أبداه بسبب النعي حتى يمكن التحقق من صحة ما ينعاه على الحكم المطعون فيه لخلو الأوراق من الدليل على قيام المطعون ضدها بتنفيذ الخدمة محل التداعي فإن نعيه في هذا الخصوص يكون مفتقرا لدليله ومن ثم غير مقبول. 

الطعن 11999 لسنة 89 ق جلسة 28 / 12 / 2020 مكتب فني 70 هيئة عامة ق 1 ص 7

جلسة 28 من ديسمبر سنة 2020
برئاسة السيـد القاضي/ عبد الله عمر رئيس محكمة النقض وعضوية السـادة القضاة/ د. فتحي المصري، فتحي محمد حنضل، حسن محمد منصور، عبد الجواد موسى، عبد العــزيز الطنطاوي، نبيل عمران، نبيل صادق، محمد أبو الليل، صلاح الدين مجاهد، ود. مصطفى سالمان نواب رئيس المحكمة.
-----------------
( )
الطعن رقم 11999 لسنة 89 قضائية "هيئة عامة"
(1- 10) اختصاص " الاختصاص المتعلق بالولاية: اختصاص المحاكم العادية: القضاء العادي صاحب الولاية العامة ". رد غير المستحق" حالاته : اثراء بلا سبب" . دستور " المحكمة الدستورية العليا : حجية أحكامها ". قرار إداري " ما لا يعد كذلك ". جمارك" منازعاتها".
(1) القضاء العادي صاحب الولاية العامة فى نظر المنازعات المدنية والتجارية . تقييد هذه الولاية. استثناء يجب عدم التوسع فى تفسيره . لازمه .
(2) محاكم مجلس الدولة صاحبة الولاية العامة فى الفصل فى المنازعات الإدارية . م 10 ق 47 لسنة 1972.
(3) القرار الإدارى الذى لا تختص جهة القضاء العادى بإلغائه أو تأويله أو تعديله أو التعويض عن الأضرار المترتبة عليه . ماهيته . القرار الذى تفصح به جهة الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين بقصد إحداث مركز قانون معين متى كان ممكنٌا وجائزٌا قانونٌا وكان الباعث عليه مصلحة عامة .
(4) إشابة القرار الإداري بعيب انحدر به إلى درجة الانعدام. مؤداه . أصبح واقعة مادية مما يخرجه عن عداد القرارات الإدارية . أثره . يخضعه لاختصاص المحاكم العادية.
(5) الرسوم . ماهيتها . الفرائض التى تُستأدَى جبرًا مقابل خدمة محددة يقدمها الشخص العام لمن يطلبها عوضًا عن تكلفتها وإن لم يكن فى مقدارها .
(6) إجازة تفويض السلطة التشريعية للسلطة التنفيذية فى تنظيم أوضاع الرسوم. شرطه . تحديد القانون نوع الخدمة والحدود القصوى للرسم وغيرها من القيود التى لا يجوز تخطيها. علة ذلك. قضاء المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص الفِقرتين الأولى والأخيرة من المادة 111 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963وبسقوط الفِقرة الثانية منها وبسقوط قرار وزير الخزانة رقم 58 لسنة 1963 والقرارين المعدلين له رقمى 100 لسنة 1965 و255 لسنة 1993 وكذا قرار وزير المالية رقم 123 لسنة 1994 والقرارين المعدلين له رقمى 1208 لسنة 1996 و752 لسنة 1997. التزامًا لهذا النظر.
(7) رد ما دفع بغير حق . حالاته . الوفاء بدين غير مستحق أصلاً أو بدين زال سببه . التزام المدفوع له بالرد بزوال سبب الوفاء . علة ذلك . الاستثناء . أن ينسب إلى الدافع نية التبرع أو أى تصرف قانونى آخر . المادتان 181 , 182 مدنى .
(8) المطالبة عن طريق دعوى رد غير المستحق . احدى تطبيقات قاعدة الاثراء بلا سبب . ماهيتها. زوال سبب الوفاء يبطل الوفاء كعمل قانونى ولا يبقى قائمًا إلا كواقعة مادية وهى الواقعة التى يترتب عليها إثراء المدفوع له وافتقار الدافع كما أنها هى ذاتها التى ينشأ عنها الالتزام برد ما دُفع بغير حق. مناطها . دعوى ذات طبيعة مدنية محضة ولا يغير من طبيعتها تلك أن يكون قد لابسها عنصر إدارى أضفى عليها شكل المنازعة الإدارية وأن يكون هذا العنصر هو سبب الالتزام قبل زواله . مؤداه . يختص بها القضاء العادى . أثره . طلب استرداد مبالغ مالية دُفعت بغير حق استنادًا إلى نص قانونى قُضى بعدم دستوريته لا يتصل بقرار إدارى ولا يتساند إليه يدخل بحسب طبيعته المدنية المحضة فى نطاق اختصاص القضاء العادى.
(9) ثبوت الحُجية المطلقة الملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة لأحكام المحكمة الدستورية العليا فى الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير. الدعاوى التى تُرفع إليها للفصل فى مسائل تنازع الاختصاص بين جهات القضاء أو فى النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادرين من جهتى قضاء . اقتصارها على تحديد أى الجهات القضائية المتنازعة هى المختصة بالفصل فى النزاع أو أي الحكمين المتناقضين صدر من الجهة التى لها ولاية الحكم فى النزاع فيكون أولى بالتنفيذ. مؤداه . لا يتوافر لها عينية الأثر وإن ثبتت لها الحُجية المطلقة فإنما تثبت فى نطاقها أى بين أطرافها فقط ولا تتجاوزهم إلى سواهم.
(10) طلب استرداد رسوم الخِدمات الجمركية المسددة بغير حق عند الإفراج عن البضائع المحصلة استنادًا إلى المادة 111 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 وقرارات وزير المالية المنفذة لها والمقضى بعدم دستوريتها . مناطها . منازعة ذات طبيعة مدنية محضة يختص بها القضاء العادى صاحب الولاية العامة فى نظر المنازعات المدنية والتجارية . أثره. انتهاء الهيئة العامة بالأغلبية المنصوص عليها فى الفِقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية العدول عن الرأى فى الاحكام المخالفة لهذا النظر وإقرار الأحكام التى التزمت به.
-------------------
1- المقرر فى قضاء محكمة النقض أن القضاء العادى هو صاحب الولاية العامة فى نظر المنازعات المدنية والتجارية وكافة المنازعات التى لم تخرج عن دائرة اختصاصه بنص خاص، وأن أى قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية - ولا يخالف به أحكام الدستور - يعتبر استثناءً واردًا على أصل عام ومن ثم يجب عدم التوسع فى تفسيره، ولازم ذلك أنه إذا لم يوجد نص فى الدستور أو القانون يجعل الاختصاص بالفصل فى النزاع لجهة أخرى غير المحاكم، فإن الاختصاص بالفصل فيه يكون باقيًا للقضاء العادى على أصل ولايته العامة.
2- إذ كان النص فى المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 مؤداه أن محاكم مجلس الدولة هى صاحبة الولاية العامة فى المنازعات الإدارية سواء ما ورد منها على سبيل المثال بالمادة المشار إليها أو ما قد يثور بين الأفراد والجهات الإدارية بصدد ممارسة هذه الجهات لنشاطها فى إدارة أحد المرافق العامة بما لها من سلطة عامة.

3- إذ كان قضاء محكمة النقض قد استقر على أن القرار الإدارى الذى لا تختص جهة القضاء العادى بإلغائه أو تأويله أو تعديله أو التعويض عن الأضرار المترتبة عليه هو ذلك القرار الذى تفصح به الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين بقصد إحداث مركز قانونى معين متى كان ممكنًا وجائزًا قانونًا وكان الباعث عليه مصلحة عامة.
4- إن شاب القرار الإدارى عيب انحدر به إلى درجة الانعدام أصبح واقعة مادية مما يخرجه عن عداد القرارات الإدارية ويخضعه لاختصاص المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة بنظر كافة المنازعات.
5- إذ كانت الرسوم – وفقًا لما قررته المحكمة الدستورية العليا – من الفرائض التى تُستأدَى جبرًا مقابل خدمة محددة يقدمها الشخص العام لمن يطلبها عوضًا عن تكلفتها وإن لم يكن فى مقدارها.
6- لئن كان للسلطة التشريعية تفويض السلطة التنفيذية فى تنظيم أوضاعها إلا أن ذلك مشروط بأن يحدد القانون نوع الخدمة والحدود القصوى للرسم وغيرها من القيود التى لا يجوز تخطيها حتى لا تكون تلك الرسوم مجرد وسيلة جباية لا تقابلها خِدمات حقيقية يحصل عليها من يدفعها. وانطلاقًا من هذا النظر قضت المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 175 لسنة ۲۲ق "دستورية" بتاريخ 5/9/2004 بعدم دستورية نص الفِقرتين الأولى والأخيرة من المادة 111 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963الصادر بقرار رئيس الجمهورية، وبسقوط الفِقرة الثانية منها، وبسقوط قرار وزير الخزانة رقم 58 لسنة 1963 والقرارين المعدلين له رقمى 100 لسنة 1965 و255 لسنة 1993 وكذا قرار وزير المالية رقم 123 لسنة 1994 والقرارين المعدلين له رقمى 1208 لسنة 1996 و752 لسنة 1997.
7- مُفاد النص فى المادتين 181 و182 من القانون المدنى - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن المشرع أورد حالتين يجوز فيهما للموفى أن يسترد ما أوفاه، أولاهما الوفاء بدين غير مستحق أصلًا، وهو وفاء غير صحيح بدين غير مستحق الأداء، وفى هذه الحالة يلتزم المدفوع له بالرد إلا إذا نسب إلى الدافع نية القيام بتبرع أو أى تصرف قانونى آخر. وثانيتهما أن يتم الوفاء صحيحًا بدين مستحق الأداء ثم يزول السبب الذى كان مصدرًا لهذا الالتزام، ولا يتصور فى هذه الحالة أن يكون طالب الرد عالمًا وقت الوفاء بأنه غير ملتزم بما أوفىَ لأنه كان ملتزمًا به قانونًا، وسواء تم الوفاء اختيارًا أو جبرًا فإن الالتزام بالرد يقوم بمجرد زوال السبب.
8- إذ كانت المطالبة بالرد عن طريق دعوى رد غير المستحق وهى إحدى تطبيقات دعوى الإثراء بلا سبب، إذ بزوال سبب الوفاء يبطل الوفاء كعمل قانونى ولا يبقى قائمًا إلا كواقعة مادية، وهى الواقعة التى يترتب عليها إثراء المدفوع له وافتقار الدافع، كما أنها هى ذاتها التى ينشأ عنها الالتزام برد ما دُفع بغير حق، وهذه الدعوى ذات طبيعة مدنية محضة ويختص بها القضاء العادى، ولا يغير من طبيعتها تلك أن يكون قد لابسها عنصر إدارى أضفى عليها شكل المنازعة الإدارية، وأن يكون هذا العنصر هو سبب الالتزام قبل زواله، ذلك أن هذا السبب بمجرده لا يغير من الطبيعة الموضوعية لدعوى رد غير المستحق وهى الطبيعة المدنية المحضة، إذ إنه لا عبرة بسبب الوفاء أيًا كان، طالما أن دعوى رد غير المستحق لا تقوم على هذا السبب ولا على الوفاء المترتب عليه، وإنما تقوم لدى زواله وبطلان الوفاء كعمل قانونى وبقائه كواقعة مادية كما سلف القول، وباعتبار أن هذا هو أساس نشأة الالتزام فى دعوى رد غير المستحق دون النظر إلى السبب الذى زال. وهو ما يترتب عليه، أن موضوع المنازعة الحالية – بطلب استرداد مبالغ مالية دُفعت بغير حق استنادًا إلى نص قانونى قُضى بعدم دستوريته – لا يتصل بقرار إدارى ولا يتساند إليه، ويدخل بحسب طبيعته المدنية المحضة فى نطاق اختصاص القضاء العادى.
9- الحُجية المطلقة الملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة إنما تثبت لأحكام المحكمة الدستورية العليا فى الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير، أما الدعاوى التى تُرفع إليها للفصل فى مسائل تنازع الاختصاص بين جهات القضاء أو فى النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادرين من جهتى قضاء، فإن دورها فيها، وعلى ما جرى به قضاؤها، يقتصر على تحديد أى الجهات القضائية المتنازعة هى المختصة بالفصل فى النزاع، أو أى الحكمين المتناقضين صدر من الجهة التى لها ولاية الحكم فى النزاع فيكون أولى بالتنفيذ، وهى بهذه المثابة لا يتوافر لها عينية الأثر، وإن ثبتت لها الحُجية المطلقة فإنما تثبت فى نطاقها، أى بين أطرافها فقط ولا تتجاوزهم إلى سواهم.

10- إذ كانت بعض أحكام محكمة النقض قد ذهبت فى قضائها إلى اختصاص القضاء الإدارى بنظر المنازعات المتعلقة بطلب استرداد رسوم الخِدمات الجمركية المسددة بغير حق عند الإفراج عن البضائع، فقد رأت الهيئة، بالأغلبية المنصوص عليها فى الفِقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية المشار إليه آنفًا، العدول عن هذا الرأى والأحكام التى اعتدت به، وإقرار الأحكام التى استقر عليها قضاء محكمة النقض والتى انتهت إلى أن المنازعة بشأن رد رسوم الخِدمات المحصلة استنادًا إلى المادة 111 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 وقرارات وزير المالية المنفذة لها والمقضى بعدم دستوريتها ، هى منازعة ذات طبيعة مدنية محضة يختص بها القضاء العادى صاحب الولاية العامة فى نظر المنازعات المدنية والتجارية.
---------------
المحكمـة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر، والمرافعة والمداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل فى أن الشركة المطعون ضدها أقامت على الطاعن بصفته الدعوى رقم 251 لسنة 2018 مدنى دمياط الابتدائية بطلب الحكم بإلزامه رد مبلغ 850‚368‚15 جنيهًا والفوائد القانونية بواقع 5% سنويًا من تاريخ اللجوء إلى لجنة فض المنازعات وحتى تمام السداد، وقالت بيانًا لذلك إنها استوردت عدة رسائل لإنشاء محطة لإنتاج وتوليد الكهرباء، وإذ حصلت مصلحة الجمارك رسوم خِدمات عنها دون وجه حق استنادًا إلى المادة 111 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 وقرارات وزير المالية المنفذة لها والتى قُضى بعدم دستوريتها فكانت الدعوى. وبتاريخ 29/10/2018 حكمت المحكمة بإلزام الطاعن بصفته برد المبلغ المطالب به والفوائد القانونية بواقع 4% سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 1518 لسنة 50ق أمام محكمة استئناف المنصورة "مأمورية دمياط". كما استأنفه الطاعن بصفته بالاستئناف رقم 1604 لسنة 50ق أمام ذات المحكمة، التى ضمت الاستئناف الثانى للأول ثم قضت بتاريخ 9/4/2019 برفضهما وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن بصفته فى هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن، وإذ عُرض الطعن على دائرة المواد التجارية والاقتصادية فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الدائرة التجارية والاقتصادية المختصة تبينت وجود اتجاه ذهبت به بعض الدوائر فى أحكامها إلى أن المنازعة المتعلقة بطلب استرداد رسوم الخِدمات الجمركية المسددة بغير حق عند الإفراج عن البضائع، تعد منازعة إدارية بطبيعتها التزامًا بالحُجية المطلقة لحكمى المحكمة الدستورية العليا الصادرين فى الدعويين رقمى 24 لسنة 39 قضائية "تنازع" و3 لسنة 38 قضائية "تنازع" بجلستى 2/3/2019، 6/7/2019– بعد العمل بدستور عام 2014 الذى نص فى المادة (195) منه على أن " تُنشر فى الجريدة الرسمية الأحكام والقرارات الصادرة من المحكمة الدستورية العليا، وهى ملزمة للكافة وجميع سلطات الدولة، وتكون لها حُجية مطلقة بالنسبة لهم."، ومن ثم تندرج ضمن الاختصاص الولائى لمحاكم مجلس الدولة، وذلك باعتبار أنه قد ورد بأسباب قضاء المحكمة الدستورية العليا فى دعويى التنازع سالفتى البيان أن المنازعة ذات طبيعة إدارية وأنه يجب الالتزام بما ورد بهذه الأسباب. وهو ما يخالف الاتجاه الذى استقر عليه قضاء محكمة النقض من أن المنازعة بشأن رد رسوم الخِدمات المحصلة استنادًا إلى المادة 111 من قانون الجمارك المشار إليه هى منازعة ذات طبيعة مدنية محضة يختص بها القضاء العادى صاحب الولاية العامة فى نظر المنازعات المدنية والتجارية، باعتبار أنها وبعد القضاء بعدم دستورية المادة المذكورة قد أصبحت دينًا عاديًا، وأن الفصل فيها لا يتعلق بقرار إدارى أو طلب التعويض عنه، وأن بقاء ما تم سداده تحت يد محصله يكون بغير سند ويصير دينًا عاديًا يتم اقتضاؤه عن طريق دعوى استرداد ما دُفع بغير حق.
وإزاء هذا الاختلاف قررت الدائرة التجارية والاقتصادية المختصة بجلستها المعقودة بتاريخ 28 من يناير 2020 إحالة الطعن إلى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها عملًا بالفِقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 المعدل للفصل فى هذا الاختلاف وإقرار المبدأ المستقِر فى قضاء هذه المحكمة والعدول عن المبدأ الذى قررته أحكام الاتجاه الآخر من انعقاد الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بطلب استرداد رسوم الخِدمات الجمركية إلى القضاء الإدارى.
وإذ حددت الهيئة جلسة لنظر الطعن أودعت النيابة العامة مذكرة عدلت فيها عن رأيها السابق ورأت نقض الحكم المطعون فيه وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها الأخير.
وحيث إنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن القضاء العادى هو صاحب الولاية العامة فى نظر المنازعات المدنية والتجارية وكافة المنازعات التى لم تخرج عن دائرة اختصاصه بنص خاص، وأن أى قيد يضعه المشرع للحد من هذه الولاية - ولا يخالف به أحكام الدستور - يعتبر استثناءً واردًا على أصل عام ومن ثم يجب عدم التوسع فى تفسيره، ولازم ذلك أنه إذا لم يوجد نص فى الدستور أو القانون يجعل الاختصاص بالفصل فى النزاع لجهة أخرى غير المحاكم، فإن الاختصاص بالفصل فيه يكون باقيًا للقضاء العادى على أصل ولايته العامة. وكان النص فى المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 مؤداه أن محاكم مجلس الدولة هى صاحبة الولاية العامة فى المنازعات الإدارية سواء ما ورد منها على سبيل المثال بالمادة المشار إليها أو ما قد يثور بين الأفراد والجهات الإدارية بصدد ممارسة هذه الجهات لنشاطها فى إدارة أحد المرافق العامة بما لها من سلطة عامة. وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن القرار الإدارى الذى لا تختص جهة القضاء العادى بإلغائه أو تأويله أو تعديله أو التعويض عن الأضرار المترتبة عليه هو ذلك القرار الذى تفصح به الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين بقصد إحداث مركز قانونى معين متى كان ممكنًا وجائزًا قانونًا وكان الباعث عليه مصلحة عامة، فإن شابه عيب انحدر به إلى درجة الانعدام أصبح واقعة مادية مما يخرجه عن عداد القرارات الإدارية ويخضعه لاختصاص المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة بنظر كافة المنازعات. وكانت الرسوم – وفقًا لما قررته المحكمة الدستورية العليا – من الفرائض التى تُستأدَى جبرًا مقابل خدمة محددة يقدمها الشخص العام لمن يطلبها عوضًا عن تكلفتها وإن لم يكن فى مقدارها، وأنه ولئن كان للسلطة التشريعية تفويض السلطة التنفيذية فى تنظيم أوضاعها إلا أن ذلك مشروط بأن يحدد القانون نوع الخدمة والحدود القصوى للرسم وغيرها من القيود التى لا يجوز تخطيها حتى لا تكون تلك الرسوم مجرد وسيلة جباية لا تقابلها خِدمات حقيقية يحصل عليها من يدفعها. وانطلاقًا من هذا النظر قضت المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 175 لسنة ۲۲ق "دستورية" بتاريخ 5/9/2004 بعدم دستورية نص الفِقرتين الأولى والأخيرة من المادة 111 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963الصادر بقرار رئيس الجمهورية، وبسقوط الفِقرة الثانية منها، وبسقوط قرار وزير الخزانة رقم 58 لسنة 1963 والقرارين المعدلين له رقمى 100 لسنة 1965 و255 لسنة 1993 وكذا قرار وزير المالية رقم 123 لسنة 1994 والقرارين المعدلين له رقمى 1208 لسنة 1996 و752 لسنة 1997. وكان مُفاد النص فى المادتين 181 و182 من القانون المدنى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع أورد حالتين يجوز فيهما للموفى أن يسترد ما أوفاه، أولاهما الوفاء بدين غير مستحق أصلًا، وهو وفاء غير صحيح بدين غير مستحق الأداء، وفى هذه الحالة يلتزم المدفوع له بالرد إلا إذا نسب إلى الدافع نية القيام بتبرع أو أى تصرف قانونى آخر. وثانيتهما أن يتم الوفاء صحيحًا بدين مستحق الأداء ثم يزول السبب الذى كان مصدرًا لهذا الالتزام، ولا يتصور فى هذه الحالة أن يكون طالب الرد عالمًا وقت الوفاء بأنه غير ملتزم بما أوفىَ لأنه كان ملتزمًا به قانونًا، وسواء تم الوفاء اختيارًا أو جبرًا فإن الالتزام بالرد يقوم بمجرد زوال السبب. وكانت المطالبة بالرد عن طريق دعوى رد غير المستحق وهى إحدى تطبيقات دعوى الإثراء بلا سبب، إذ بزوال سبب الوفاء يبطل الوفاء كعمل قانونى ولا يبقى قائمًا إلا كواقعة مادية، وهى الواقعة التى يترتب عليها إثراء المدفوع له وافتقار الدافع، كما أنها هى ذاتها التى ينشأ عنها الالتزام برد ما دُفع بغير حق، وهذه الدعوى ذات طبيعة مدنية محضة ويختص بها القضاء العادى، ولا يغير من طبيعتها تلك أن يكون قد لابسها عنصر إدارى أضفى عليها شكل المنازعة الإدارية، وأن يكون هذا العنصر هو سبب الالتزام قبل زواله، ذلك أن هذا السبب بمجرده لا يغير من الطبيعة الموضوعية لدعوى رد غير المستحق وهى الطبيعة المدنية المحضة، إذ إنه لا عبرة بسبب الوفاء أيًا كان، طالما أن دعوى رد غير المستحق لا تقوم على هذا السبب ولا على الوفاء المترتب عليه، وإنما تقوم لدى زواله وبطلان الوفاء كعمل قانونى وبقائه كواقعة مادية كما سلف القول، وباعتبار أن هذا هو أساس نشأة الالتزام فى دعوى رد غير المستحق دون النظر إلى السبب الذى زال. وهو ما يترتب عليه، أن موضوع المنازعة الحالية – بطلب استرداد مبالغ مالية دُفعت بغير حق استنادًا إلى نص قانونى قُضى بعدم دستوريته – لا يتصل بقرار إدارى ولا يتساند إليه، ويدخل بحسب طبيعته المدنية المحضة فى نطاق اختصاص القضاء العادى.
ولا ينال من ذلك، ما ذهبت إليه أحكام الاتجاه الآخر من اختصاص القضاء الإدارى بنظر منازعات استرداد رسوم الخِدمات الجمركية محل الطعن استنادًا إلى ما ورد بأسباب الحكمين الصادرين من المحكمة الدستورية العليا فى دعويى التنازع سالفتى البيان، ومن ثبوت الحجية المطلقة لهما، ذلك بأن الحُجية المطلقة الملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة إنما تثبت لأحكام المحكمة الدستورية العليا فى الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير، أما الدعاوى التى تُرفع إليها للفصل فى مسائل تنازع الاختصاص بين جهات القضاء أو فى النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادرين من جهتى قضاء، فإن دورها فيها، وعلى ما جرى به قضاؤها، يقتصر على تحديد أى الجهات القضائية المتنازعة هى المختصة بالفصل فى النزاع، أو أى الحكمين المتناقضين صدر من الجهة التى لها ولاية الحكم فى النزاع فيكون أولى بالتنفيذ، وهى بهذه المثابة لا يتوافر لها عينية الأثر، وإن ثبتت لها الحُجية المطلقة فإنما تثبت فى نطاقها، أى بين أطرافها فقط ولا تتجاوزهم إلى سواهم.
لما كان ما تقدم، وكانت بعض أحكام هذه المحكمة قد ذهبت فى قضائها إلى اختصاص القضاء الإدارى بنظر المنازعات المتعلقة بطلب استرداد رسوم الخِدمات الجمركية المسددة بغير حق عند الإفراج عن البضائع، فقد رأت الهيئة، بالأغلبية المنصوص عليها فى الفِقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية المشار إليه آنفًا، العدول عن هذا الرأى والأحكام التى اعتدت به، وإقرار الأحكام التى استقر عليها قضاء هذه المحكمة والتى انتهت إلى أن المنازعة بشأن رد رسوم الخِدمات المحصلة استنادًا إلى المادة 111 من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 وقرارات وزير المالية المنفذة لها والمقضى بعدم دستوريتها، على نحو ما سلف بيانه، هى منازعة ذات طبيعة مدنية محضة يختص بها القضاء العادى صاحب الولاية العامة فى نظر المنازعات المدنية والتجارية.
ومن ثم فإن الهيئة وبعد الفصل فى المسألة المعروضة تعيد الطعن إلى الدائرة التى أحالته إليها للفصل فيه وفقًا لما سبق وطبقًا لأحكام القانون.
----------------