الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 18 أكتوبر 2014

عدم دستورية حرمان الورثة غير المستحقين في الوقف من انصبتهم

قضية رقم 23 لسنة 23 قضائية المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الرابع من مايو سنة 2008م، الموافق الثامن والعشرين من ربيع الآخر سنة 1429ه.
برئاسة السيد المستشار / ماهر عبد الواحد رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : ماهر البحيرى وأنور رشاد العاصى وماهر سامى يوسف ومحمد خيرى طه وسعيد مرعى عمرو وتهانى محمد الجبالى
وحضور السيد المستشار الدكتور / حمدان حسن فهمى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر 
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 33 لسنة 23 قضائية " دستورية ". والمحالة من محكمة استئناف بنى سويف " مأمورية المنيا" فى الاستئناف رقم 84 لسنة 33 قضائية " نفس"
المقامة من
ورثة المرحوم / إبراهيم حسين محمد سعد جاويش وهم:
1 – السيد/ مصطفى إبراهيم حسين محمد سعد جاويش
2 – السيدة / عزيزة إبراهيم حسين محمد سعد جاويش
وورثة المرحومة / فوزية إبراهيم حسين محمد سعد جاويش
3 – السيد / عاطف مصطفى صبرى 4 – السيد / يحيى مصطفى صبرى
5 – السيد / حسين مصطفى صبرى 6 – السيدة / هدى مصطفى صبرى
7 – السيد/ مصطفى صبرى عبد العظيم
8 – السيدة/ أمينة إبراهيم حسين سعد جاويش
9 – السيد / أحمد إبراهيم حسين سعد جاويش
10 – السيد / محمد إبراهيم حسين سعد جاويش
11 – السيد / على إبراهيم حسين سعد جاويش
ورثة المرحومة بهية على حسن وهم : 
12 – السيد / محمد إبراهيم حسين
13 – السيدة / سعاد عبد الرحمن على
ورثة المرحومة / سعاد إبراهيم حسين وهم:
14 – السيدة / فاطمة محمد بدوى دسوقى
15 – السيدة / منيرة محمد بدوى دسوقى
16 – السيدة / نبيلة محمد بدوى دسوقى
17 – السيد / رضا محمد بدوى دسوقى
18 – السيد / على محمد بدوى دسوقى
19 – السيدة / زينب محمد بدوى دسوقى
20 – السيد / محمد محمد بدوى دسوقى
21-السيدة/ وداد حسن إبرهيم
22-السيدة/نعيمة حسن إبراهيم
ضد
ورثة المرحوم / عبد الرءوف عبد الحميد جاويش وهم:
1 – السيد / عبد الحميد عبد الرءوف عبد الحميد جاويش عن نفسه وبصفته حارساً على ورثة المرحوم/ حسين محمد سعد.
2 – السيد / علاء الدين عبد السلام عبد الغنى
3 – السيدة / عائشة عبد الغنى حسين جاويش
4 – السيدة / عليه عبد الغنى حسين جاويش
5 – السيد / عبد الغنى عبد الفتاح
6 – السيد وزير الأوقاف
7 – السيد رئيس الوحدة المحلية لمجلس مركز ومدينة المنيا
8 – السيد وكيل وزارة التربية والتعليم
9 – السيدة / كاميليا حسين إبراهيم
10 – السيد / محمد حازم حسين إبراهيم
11 – السيد / حسن حسين إبراهيم 
12 – السيد رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية
ورثة المرحوم / حسين عبد الحميد جاويش وهم:
13 – السيدة / رينيه فهيم سلامة
14 – السيد / تامر حسين حسين عبد الحميد جاويش
15 – السيد رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للقطن والتجارة والتنمية 
16 – السيدة / زكية السيد محمد
ورثة المرحوم / عبد السلام عبد الغنى حسين جاويش وهم: 
17 – السيدة / عزة عبد السلام عبد الغنى حسين جاويش
18 – السيد / عادل عبد السلام عبد الغنى حسين جاويش
19 – السيد / محمود الصغير حمدى عبد السلام عبد الغنى حسين جاويش
20 – السيدة / فاطمة عبد السلام عبد الغنى حسين جاويش
21 – السيد / السيد عبد السلام عبد الغنى حسين جاويش
22 – السيد / محمد عبد السلام عبد الغنى حسين جاويش

الإجراءات
بتاريخ الرابع والعشرين من يناير سنة 2001، ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الاستئناف رقم 84 لسنة 33 قضائية أحوال شخصية " نفس " بعد أن قضت محكمة استئناف بنى سويف " مأمورية المنيا" بوقف الاستئناف واحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية نصوص المواد (3) و (5) و (9) من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات، ونص المادتين (17) و (18) من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف.
وقدم المستأنفون – فى الدعوى الموضوعية، مذكرتين، طلبوا فيهما الحكم بعدم دستورية النصوص السالفة البيان، كما قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً: بعدم قبول الدعوى، واحتياطياً: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع - حسبما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - تتحصل فى أن ورثة المرحومين/ إبراهيم حسين محمد سعد جاويش وحسن إبراهيم حسين، وسعاد إبراهيم حسين، كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 243 لسنة 1990 أحوال شخصية "نفس" أمام محكمة المنيا الابتدائية ضد كل من المرحوم/عبد الرءوف عبد الحميد جاويش – عن نفسه وبصفته حارساً على تركة المرحوم/ حسين محمد سعد جاويش، ووزير الأوقاف، ورئيس هيئة الأوقاف المصرية، بطلب الحكم بأحقيتهم فى حصة مقدارها الخمس فى جميع أعيان الوقف المبينة بصحيفة الدعوى، وحصة أخرى مقدارها الربع من نصيب المرحوم/ عبد الرحمن حسين محمد سعد جاويش، وفرز وتجنيب هاتين الحصتين والتسليم. وقالوا بياناً لدعواهم إنه بتاريخ 16/12/1923- بموجب الحجة رقم 8 متتابعة محكمة المنيا الجزئية الشرعية – أوقف المرحوم/ حسين محمد سعد جاويش مورثهم ومورث المدعى عليه الأول- الأعيان المبينة بالحجة، وصحيفة الدعوى، على أولاده إبراهيم وعبد الرحمن وحسن بالتساوى بينهم، ثم على أولادهم ونسلهم جيلاً بعد جيل، ونسلاً بعد نسل، الطبقة العليا منهم تحجب الطبقة السفلى، واشترط لنفسه النظر على الوقف مدة حياته، ومن بعده للأرشد من أولاده، وبعد وفاة الموقوف عليه الأخير سنة 1924، قام الواقف بتعديل الحجة من حصة مقدارها قيراطان لكل منهما، وأوقف الحصة التي أخرجها ومقدارها 12 قيراطاً على نفسه، ومن بعده على ولديه عبد الحميد وعبد الغنى مناصفة بينهما، ثم عاد سنة 1927 بموجب الحجة رقم 15 متتابعة، باخراج ولديه عبد الرحمن وإبراهيم كلية، وأصبح الوقف مقصوراً – بعد وفاة الواقف الأصلى – على أولاده عبد الحميد بحق 15 قيراطاً وعبد الغنى بحق 9 قراريط، ثم توفى الواقف فى 26/1/1928، وطبقاً للمرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات، آلت الملكية إلى المستحقين الحاليين الموجودين على قيد الحياة وقت صدور القانون كل حسب حصته في الاستحقاق، ثم توفى المرحوم/ عبد الحميد مورث المدعى عليه الأول سنة 1959، ثم توفى المرحوم/ عبد الرحمن حسين جاويش سنة 1959 أيضاً ومورثهم سنة 1960، وإذ كان حق المدعيين ثابتاً وصلتهم بالواقف ثابتة بموجب إشهادات الوراثة الشرعية، ومن حقهم المطالبة بميراثهم، فقد أقاموا الدعوى للحكم لهم بطلباتهم السالفة الذكر، وبجلسة 26/5/1997 قضت المحكمة برفض الدعوى تأسيساً على أنه ليس لمورثى المدعين أى استحقاق فى أعيان الوقف، لأن الواقف أخرجهم من الاستحقاق بموجب الحجة رقم 15 متتابعة سنة 1927، وأن الأعيان التى يطالبون باستحقاقهم فيها بوضع يد المدعى عليهم وآخرين استناداً إلى شهر قائمة إلغاء الوقف. طعن المدعون على هذا الحكم بالاستئناف رقم 84 لسنة 33 قضائية " أحوال شخصية نفس " أمام محكمة استئناف بنى سويف "مأمورية المنيا"، وإذ تراءى لتلك المحكمة عدم دستورية نصوص المواد (3) و (5) و (9) من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات، ونص المادتين (17) و (18) من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف، فقد قضت بجلسة 16/1/2001 بوقف الاستئناف وإحالته إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية هذه النصوص.
وحيث إن المادة (17) من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف تنص على أن : "إذا انتهى الوقف في جميع ما هو موقوف على ذوى الحصص الواجبة طبقاً للمادة 42 أو في بعضه أصبح ما انتهى فيه الوقف ملكاً للواقف إذا كان حيا، فإن لم يكن حيا صار ملكا للمستحقين أو لذرية الطبقة الأولى أو الثانية حسب الأحوال، فإن لم يكن منهم أحد صار ملكا لورثة الواقف يوم وفاته، وإلا كان للخزانة العامة.
وإن انتهى الوقف فى جميع ما هو موقوف على غيرهم، أو فى بعضه أصبح ما انتهى فيه الوقف ملكا للواقف إن كان حيا، أو لورثته يوم وفاته، فإن لم يكن له ورثه أو كانوا انقرضوا، ولم يكن لهم ورثة كان للخزانة العامة".
كما تنص المادة (18) من القانون ذاته على أن "إذا تخربت أعيان الوقف كلها أو بعضها، ولم تكن عماره المتخرب، أو الاستبدال به على وجه يكفل للمستحقين نصيباً في الغلة غير ضئيل، ولا يضرهم بسبب حرمانهم من الغله وقتاً طويلاً انتهى الوقف فيه، كما ينتهي الوقف في نصيب أي مستحق يصبح ما يأخذه من الغلة ضئيلاً، ويكون الانتهاء بقرار من المحكمة؛ بناء على طلب ذوى الشأن، ويصير ما انتهى فيه الوقف ملكا للواقف، إن كان حيا، وإلا فلمستحقه وقت الحكم بانتهائه".
وتنص المادة (56) من القانون ذاته على أن " تطبق أحكام هذا القانون على جميع الأوقاف الصادرة قبل العمل به عدا أحكام الفقرات الثلاث الأولى من المادة (5) والمادة (8) والشرط الخاص بنفاذ التغيير في المادة (11) وبنفاذ الشروط العشرة فى المادة (12) وأحكام المادتين (16) و (17)".
وحيث إن المادة (3) من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات تنص على أن "يصبح ما ينتهى فيه الوقف على الوجه المبين فى المادة السابقة ملكاً للواقف إن كان حيا، وكان له حق الرجوع فيه، فإن لم يكن آلت الملكية للمستحقين الحاليين كل بقدر حصته فى الاستحقاق، وإن كان الوقف مرتب الطبقات آلت الملكية للمستحقين الحاليين، ولذرية من مات من ذوى الاستحقاق من طبقتهم كل بقدر حصته، أو حصة أصله فى الاستحقاق
ويتبع فى تعيين تلك الحصة الأحكام المنصوص عليها فى المواد (36) و (37) و(38 ) و (39) من القانون رقم 48 لسنة 1946 السالف الذكر" •
وتنص المادة (5) من القانون ذاته على أن" تسرى القواعد المنصوص عليها فى المواد السابقة على أموال البدل المودعة خزائن المحاكم وعلى ما يكون محتجزاً من صافى ربح الوقف لأغراض العمارة أو الإصلاح.
وتسلم هذه الأموال، وكذلك الأعيان التى كانت موقوفة إلى مستحقيها بناء على طلب أى منهم، وتكون صفة المستحق السابقة، ونصيبه فى الاستحقاق حجة على ناظر الوقف عند مطالبته بالتسليم، وإذا كان فى العين حصة موقوفة للخيرات اشترك ناظر الوقف مع باقى الملاك فى تسلم العين.
وإلى أن يتم تسلم هذه الأعيان تبقى تحت يد الناظر لحفظها، ولإدارتها وتكون له صفة الحارس.
وتسرى فى جميع الأحوال أحكام الشيوع الواردة فى المواد من 825 إلى 850 من القانون المدنى مع مراعاة أحكام الفقرة السابقة".
وتنص المادة (9) من القانون ذاته على أن " يلغى كل نص يخالف أحكام هذا القانون".
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة- وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية- مناطها أن تتوافر علاقة منطقية بينها، وبين المصلحة التي يقوم بها النزاع الموضوعي، وذلك بأن يكون الفصل في المسائل الدستورية التي تدعى هذه المحكمة لنظرها لازماً للفصل فيما يرتبط بها من الطلبات الموضوعية، ولما كان جوهر طلبات المدعين في الدعوى الموضوعية هي المطالبة بحصتهم الميراثية في الوقف الذي تم بموجب حجة حررها الواقف الأصلي عام 1923 وعدلت عام 1927، وتوفى الواقف سنة 1928، وقد حرموا من حصتهم الميراثية بعد إلغاء الأوقاف على غير الخيرات، وأيلولة أعيان الوقف إلى المستحقين فيه وحدهم دون باقي ورثة الواقف الأصلي، ومن ثم فإن مصلحة المدعين تقتصر على ما ورد بنص المادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 فيما نصت عليه من أيلولة الأعيان التي انتهى فيها الوقف – بعد وفاة الواقف الأصلي- إلى المستحقين الحاليين، ولذرية من مات من ذوى الاستحقاق من طبقتهم كل بقدر حصته، أو حصة أصله في الاستحقاق، دون غيرها من أحكام أخرى تضمنها النص السالف الذكر، كما تنتفي مصلحة المدعين في الطعن على باقي النصوص، إذ إن المادة (17) من القانون 48 لسنة 1946 لا تطبق على الأوقاف السابقة على صدور ذلك القانون وفقاً لما نص عليه في المادة (56) من القانون ذاته، كما أنه لا يبين من الدعوى الموضوعية أن أعيان الوقف قد تخربت كلها أو بعضها، أو أن هناك أموال بدل مودعة خزائن المحاكم، ومن ثم فلا انطباق لأحكام المادة (18) من القانون الأخير، أو أحكام المادة (5) من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952- على التوالي- على النزاع الموضوعي، كما أن أحكام المادة (9) من القانون الأخير لا تتضمن حكماً يصلح للخضوع لتقييمه موضوعياً من الناحية الدستورية.
وحيث إن الدفع المبدي من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى انبنى على أسباب ثلاثة: أولها: عدم بيان النص الدستوري المدعى مخالفته، إذ أرجعه حكم الإحالة إلى مخالفة أحكام المادة التاسعة من دستور سنة 1923 الذي تم إلغاؤه، وثانيها: إلى أن المادة (24) من القانون رقم 48 لسنة 1946 هي التي تحكم الواقعة لوفاة الواقف الأصلي سنة 1949، وثالثها: إلى أن المحكمة الدستورية العليا سبق أن قضت برفض الدعوى بعدم دستورية نص المادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 في الدعويين رقمي (67) و (68) لسنة 17 قضائية "دستورية" بجلسة 7/6/1996.
وحيث إن هذا الدفع مردود في الشق الأول منه، ذلك أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة- أن ما نصت عليه المادة (30) من قانون المحكمة الدستورية العليا، من أن القرار الصادر من محكمة الموضوع بإحالة مسألة دستورية بذاتها إلى هذه المحكمة للفصل في مطابقة النصوص القانونية التى تثيرها للدستور، أو خروجها عليه، وكذلك صحيفة الدعوى التى يرفعها إليها خصم للفصل فى بطلان النصوص المطعون عليها أو صحتها، يتعين أن يتضمنا بيان النصوص القانونية المدعى مخالفتها للدستور ومواقع بطلانها، إنما يتغيا ألا يكون هذا القرار، أو تلك الصحيفة منطويين على التجهيل بالمسائل الدستورية التى تدعى هذه المحكمة للفصل فيها؛ ضمانا لتحديدها تحديداً كافياً يبلور مضمونها ونطاقها، فلاتثير –بماهيتها أو مداها- خفاء يحول دون إعداد ذوى الشأن جميعا- ومن بينهم الحكومة- لدفاعهم بأوجهه المختلفة خلال المواعيد التى حددتها المادة (37) من قانون المحكمة الدستورية العليا، بل يكون بيانها لازماً لمباشرة هيئة المفوضين –بعد انقضاء هذه المواعيد – لمهامها فى شأن تحضير جوانبها، ثم ابدائها رأياً محايدا يكشف عن حكم الدستور والقانون بشأنها، ولما كان التجهيل بالمسائل الدستورية يفترض أن يكون بيانها قد غمض فعلاً بما يحول عقلاً دون تجليتها، فإذا كان إعمال النظر فى شأنها – ومن خلال الربط المنطقى للوقائع المؤدية إليها- يفصح عن حقيقتها، وما قصد إليه الطاعن أو حكم الإحالة – حقاً من إثارتها، فإن القول بمخالفة نص المادة (30) المشار إليها، يكون لغوا، متى كان ذلك، وكانت المادة (3) من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952- وفى النطاق المحدد سلفاً- هى التى تحول بين المدعين، وبين إجابتهم لطلبهم فى الدعوى الموضوعية من الحكم بأحقيتهم فى ملكية حصتهم الميراثية بعد إلغاء نظام الوقف على غير الخيرات، وهو ما ارتأت معه محكمة الموضوع أن النص الطعين يخل بحق الملكية المنصوص عليه فى المادة التاسعة من دستور سنة 1923- والذى كان سارياً عند صدور النص الطعين السالف الذكر، فإن قضاء الإحالة يكون كاشفاً عن حقيقة العوار الدستورى الذى ارتأته محكمة الموضوع، خاصة وأن كافة الدساتير المصرية المتعاقبة – وآخرها الدستور القائم – قد حرصت على تأكيد حماية الملكية الخاصة، وعدم المساس بها إلا على سبيل الاستثناء، وفى الحدود والقيود التى وردت بتلك الدساتير، ومن ثم يتحدد موضع البطلان المدعى عليه على أساس إهداره مبدأ حماية الملكية الخاصة المنصوص عليه فى المادة (34) من الدستور الحالى، ويكون الدفع- فى شقه الأول – خليقاً بالرفض.
وحيث إن الدفع فى شقه الثانى غير صحيح، إذ الثابت أن الواقف الأصلى قد توفى سنة 1928 – وليس سنة 1949، كما ورد بالدفع، ومن ثم فإن الدفع فى هذا الخصوص يكون قائماً على غير أساس.
وحيث إن الدفع فى شقه الأخير غير سديد، ذلك أن البين من قضاء المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 7/9/1996 فى الدعويين رقمى 67 و68 لسنة 17 قضائية " دستورية " والتى اقتصر النعى فيها على مخالفة نص المادة (3) من المرسوم بالقانون رقم 180 لسنة 1952 لمبادئ الشريعة الإسلامية، أن المحكمة اقتصرت فى قضائها المذكور على التصدى لهذا النعى باعتباره مبنى الطعن الوحيد، وخلصت إلى رفض الدعوى؛ تأسيساً على أن القيد المقرر بمقتضى المادة الثانية من الدستور بعد تعديلها بتاريخ 22 مايو سنة 1980، والمتضمن إلزام المشرع بعدم مخالفة مبادئ الشريعة الإسلامية، لايتأتى إعماله بالنسبة للتشريعات السابقة عليه، وإذ كانت المادة المذكورة، قد صدرت بتاريخ 14/9/1952 – ضمن أحكام المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات- ولم يلحقها أى تعديل بعد التاريخ المشار إليه، فإن النعى عليها بمخالفة المادة الثانية من الدستور يكون فى غير محله، مما مؤداه أن قضاء المحكمة فى هذه الدعوى وعلى ما استقر عليه قضاؤها لا يعتبر مطهراً لذلك النص مما قد يكون عالقاً به من مثالب أخرى، ولا يحول بين كل ذى مصلحة واعادة طرحها على هذه المحكمة.
وحيث إن حكم الإحالة ينعى على النص المطعون عليه- وفى النطاق المحدد سلفاً- إخلاله بالحماية المقررة لحق الملكية المقرر بنص المادة (34) من الدستور.
وحيث إن الدستور - إعلاء من جهته لدور الملكية الخاصة وتوكيداً لإسهامها فى صون الأمن الاجتماعى- كفل حمايتها لكل فرد، ولم يجز المساس بها إلا على سبيل الاستثناء وفى الحدود التى يقتضيها تنظيمها، من أجل ذلك حظر الدستور فى المادة (34) منه فرض الحراسة عليها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون، وبحكم قضائى، ثم قضى بألا تنزع من يد صاحبها إلا للمنفعة العامة، مع تعويضه عن ذلك وفقاً للقانون، كما مد نطاق حمايته لها فكفل حق الإرث فيها.
وحيث إن كفالة الدستور لحق الإرث، تعنى أن حق الورثة الشرعيين فى تركة مورثهم يجب أن يؤول إلى أصحابه كل بحسب نصيبه دون نقصان، كما تعنى فى الوقت ذاته أن مورثهم لايملك أن يخص واحداً منهم بنصيب منها يجور به على حق غيره فى التركة عينها، إلا إذا كان ذلك فى القدر الذى تجوز فيه الوصية للوارث – أو غيره – فإن خالف المشرع ذلك عد مسلكه هذا عداوناً على الملكية الخاصة لكل وارث فى نصيبه المحدد فى تركة مورثه، الأمر الذى يخالف نص المادة (34) من الدستور التى كفلت حق الإرث.
وحيث إنه ولما تقدم فإن نص المادة (3) من المرسوم بقانون 180 لسنة 1952 – وفى النطاق المحدد سلفاً- فيما تضمنه من أيلولة ملكية الأعيان التى انتهى فيها الوقف على غير الخيرات – بعد وفاة الواقف الأصلى- إلى المستحقين الحاليين فيه، ولذرية من مات من ذوى الاستحقاق من طبقتهم كل بقدر حصته أو حصة أصله فى الاستحقاق، يكون مخالفاً لنص المادة (34) من الدستور، لحرمانه الورثة غير المستحقين فى الوقف من حصتهم الميراثية.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة (3) من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات، فيما نصت عليه من أيلولة أعيان الوقف- بعد وفاة الواقف الأصلى- إلى المستحقين الحاليين، ولذرية من مات من ذوى الاستحقاق من طبقتهم كل بقدر حصته، أو حصة أصله فى الاستحقاق، دون باقي ورثة الواقف

سقوط موانع المطالبة القضائية بالتعويض عن استيلاء الدولة على الأراضي

قضية رقم 68 لسنة 35 قضائية المحكمة الدستورية العليا "منازعة تنفيذ"
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد، الأول من يونيه سنة 2014م، الموافق الثالث من شعبان سنة 1435 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى        نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين :محمد عبدالعزيز الشناوى والسيد عبدالمنعم حشيش ومحمد خيرى طه النجار وسعيد مرعى عمرو والدكتور عادل عمر شريف ورجب عبد الحكيم سليم                                         نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار/محمود محمد على غنيم                رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع                                   أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 68 لسنة 35 قضائية " منازعة تنفيذ " .
المقامة من
ورثة المرحوم زايد محمد كامل جلال ،والمرحومة هدية عبدالوهاب عبدالرازق، وهم:
1ـ السيد/ فاضل زايد محمد كامل جـلال
2ـ السيد / كامل زايد محمد كامل جـلال
3ـ السيدة / شهيرة زايد محمد كامل جلال
4ـ السيدة / شرين زايد محمد كامل جلال
ضـــــد
1ـ السيد رئيس مجلـــس إدارة
الهيئة العامة للإصلاح الزراعى
2ـ السيد وزير الماليـــــــة
الإجـــــــــراءات
          بتاريخ 21 أكتوبر سنة 2013، أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلبًا للحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة النقض، بجلسة24/2/2013، فى الطعنين رقمى 7486 و7633 لسنة 81 قضائية، باعتباره عقبة فى تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا، الصادر بجلسة 6/6/1998، فى القضية رقم 28 لسنة 6القضائية " دستورية "، مع الاستمرار فى تنفيذ ذلك الحكم الأخير .
          وأودعت هيئة قضايا الدولة مذكرتين، طلبت فيهما الحكم بعدم قبول الدعوى .
          وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها .
          ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمـــــة
          بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
          حيث إن الوقائع – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسـائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعين كانوا قد أقاموا بتاريخ 4/5/2008،الدعوى رقم 233 لسنة 2008 مدنى كلى، أمام محكمة المنيا الابتدائية "مأمورية بنى مزار"، بطلب الحكم بإلزام الهيئة العامة للإصلاح الزراعى ووزير المالية –المدعى عليهما فى الدعوى المعروضة – بأن يؤديا لهم مبلغ أحد عشر مليونًا وثمانمائة وثمانين ألف جنيه، قيمة أرضهم الزراعية المستولى عليها، وتعويض عن ما لحقهم من خسارة وفاتهم من كسب، وذلك على سند من أنه بتاريخ 26/11/1964 قامت الهيئة المشار إليها بالاستيلاء على الأطيان الزراعية المبينة الحدود والمساحة بالصحيفة، والمملوكة لمورثهم، نفاذًا لأحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعى، لكون تلك المساحة من الأراضى تزيد على القدر المسموح بتملكه . وقامت الهيئة بنقل ملكية تلك الأراضى لها بتاريخ 24/3/2004، بموجب العقد المشهر برقم 244لسنة 2004 شهر عقارى المنيا . ولما كانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بتاريخ6/6/1998، فى القضية رقم 28 لسنة 6 القضائية " دستورية "، بعدم دستورية المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 127 لسنة 1961 المعدل لقانون الإصلاح الزراعى، وسقوط المادة الخامسة منه، فيما كانا يحددانه من تعويض عن الاستيلاء على أسس تحكمية غير عادلة؛ الأمر الذى يعيد للمدعين حقهم فى تقدير التعويض العادل وفقًا للقواعد العامة، وذلك عـن قيمة الأرض المسـتولى عليها، وما حرموا من ثمارها منذ الاستيلاء وحتى رفع الدعوى . وبعد أن ندبت المحكمة خبيرًا فى الدعوى، قضت بجلسة 11/4/2010 بإلزام المدعى عليهما، ضامنين متضامنين، بأن يؤديا للمدعين مبلغ ستة ملايين وثمانمائة وسبعة وستين ألفًا ومائتى وواحد وتسعين جنيهًا وستة وخمسين قرشًا، كل بحسب نصيبه الشرعى . ولم يصادف هذا القضاء قبول أطراف تلك الدعوى، فطعنوا عليه أمام محكمة استئناف بنى سويف " مأمورية المنيا "، وقيد طعن الهيئة العامة للإصلاح الزراعى برقم 990 لسنة 46 قضائية، واستئناف المدعين برقم 1151لسنة 46 قضائية، واستئناف وزير المالية برقم 1156 لسنة 46 قضائية . وبعد أن ضمت محكمة الاستئناف تلك الاستئنافات الثلاثة، قضت فيها بجلسة 6/3/2011 بقبولها شكلاً، ورفضها موضوعًا، وتأييد الحكم المستأنف . ولم يلق هذا القضاء قبول الهيئة العامة للإصلاح الزراعى، فطعنت عليه أمام محكمة النقض بموجب الطعن رقم 7486 لسنة 81قضائية، كما طعن عليه وزير المالية، أمام المحكمة ذاتها، بموجب الطعن رقم 7633لسنة 81 قضائية. وبعد أن ضمت المحكمة الطعنين، قضت بجلسة 24/2/2013 فى الطعنرقم7486 لسنة 81 قضائية بنقض هذا الحكم فيما قضى به من إلزام الهيئة العامة للإصلاح الزراعى بالتعويض ، وفى موضوع الاستئناف رقم 990 لسنة 46 قضائية، المقام من تلك الهيئة، بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به بالنسبة لها، وعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة . وقضت المحكمة فى الطعن بالنقض رقم 7633 لسنة 81 قضائية، بنقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلزام وزير المالية بالتعويض، وفى موضوع الاستئناف رقم 1156 لسنة 46 قضائية – المقام منه – بإلغاء الحكم المستأنف، وبسقوط حق المستأنف ضدهم – المدعين فى الدعوى المعروضة – فى التعويض بالتقادم الطويل .وإذ ارتأى المدعون أن حكم محكمة النقض المنازع فى شأنه يمثل عقبة فى تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 28 لسنة 6 القضائية "دستورية" سالف الإشارة، ويتضمن إهدارًا له، فقد أقاموا دعواهم المعروضة توصلاً للقضاء لهم بطلباتهم المتقدمة .
          وحيث إن حكم محكمة النقض المنازع في تنفيذه، والصادر بجلسة 24/2/2013، فى الطعن رقم 7633 لسنة 81 قضائية، قد أسس قضاءه بسقوط حق المدعين فى مطالبة وزير المالية بالتعويض بالتقادم الطويل على أسباب حاصلها أن الأطيان الزراعية المملوكة لمورث المدعين قد تم الاستيلاء عليها بتاريخ26/11/1964، فى ظل العمل بأحكام القرار بقانون رقم 104 لسنة 1964، الذى نص في مادته الأولى على أيلولة ملكية الأراضى الزراعية المستولى عليها إلى الدولة دون مقابل، الأمر الذى يكون معه ذلك القرار بقانون مانعًا قانونيًا يحول دون مطالبة أصحاب تلك الأراضى بالتعويض عنها، ويوقف سريان الحق فى هذا التعويض منذ تاريخ سريان هذا القرار بقانون، وحتى زواله . وإذ صدر حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 3 لسنة 1 القضائية " دستورية "، بجلسة 25/6/1983، بعدم دستورية ذلك القرار بقانون، وتم نشر هذا الحكم بالعدد رقم (27) من الجريدة الرسمية بتاريخ 7/7/1983، فإنه اعتبارًا من اليوم التالى لنشر الحكم ينفتح الميعاد الذى يجوز فيه لأصحاب الأراضى المستولى عليها المطالبة بحقهم فى التعويض عنها، وفقًا للأسس التى حددتها المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعى، والمعدل بالقرار بقانون رقم 127 لسنة 1961، والتى تحددت مراكزهم النهائية فى التعويض المستحق عنها فى هذا التاريخ، والذى يبدأ منه سريان مدة التقادم فى حقهم . وإذ أقام المدعون دعواهم الموضوعية للمطالبة بالتعويض بتاريخ4/5/2008، بعد مضى أكثر من خمسة عشر عاماً من اليوم التالى لنشر الحكم الصادر في القضية الدستورية المشار إليها، فإن حقهم فى المطالبة بالتعويض يكون قد سقط بالتقادم الطويل . ولا يغير من سلامة هذه النتيجة صدور حكم المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 28 لسنة 6 القضائية " دستورية "، بجلسة 6/6/1998،بعدم دستورية المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعى، وبسقوط المادة السادسة منه، وبعدم دستورية المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 127 لسنة 1961 المعدل لبعض أحكامه، وبسقوط المادة الخامسة منه فى مجال تطبيقها فى شأن التعويض المقدر على أساس الضريبة العقارية، والمنشور بالعدد (25تابع ) من الجريدة الرسمية بتاريخ 18/6/1988 . ذلك أن المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952، والمادة الرابعة من القرار بقانون رقم 127 لسنة 1961،لم تكن مانعًا من المطالبة بالتعويض إلا فيما جاوز قيمة التعويض المقدر وفقًالهما، دون أصل الحق فى هذا التعويض، الذى تحددت مراكز الخصوم فيه فى هذا الوقت بموجب القانونين المشار إليهما، والذى انفتح لهم ميعاد المطالبة به بصدور الحكم في القضية رقم 3 لسنة 1 القضائية " دستورية " بجلسة 25/6/1983  .
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا بمالها من هيمنة على الدعوى هى التى تعطيها وصفها الحق، وتكييفها الصحيح، متقصية في سبيل ذلك الطلبات المطروحة فيها، مستظهرة حقيقة مراميها وأبعادها . وكان المدعون إنما يهدفون من دعواهم المضى فى تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 28 لسنة 6 القضائية " دستورية "، بجلسة 6/6/1998، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة النقض، بجلسة 24/2/2013، فى الطعن رقم 7633 لسنة81 قضائية، بنقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلزام وزير المالية بالتعويض، وفى موضوع الاستئناف رقم 1156 لسنة 46 قضائية مستأنف بنى سويف " مأمورية بنى مزار "، بإلغاء الحكم المستأنف، وبسقوط حق المستأنف ضدهم فى التعويض بالتقادم قبل وزير المالية . ومن ثم، فإن دعواهم المعروضة تندرج فى عداد المنازعات المتعلقة بتنفيذ الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا فى مفهوم نص المادة (50) منقانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 .
          وحيث إن قوام منازعة التنفيذ التى تختص المحكمة الدستورية العليا وحدها بالفصل فيها وفقًا للمادة (50) من قانونها – وعلى ما جرى به قضاؤها – أن تعترض تنفيذ أحكامها عوائق تحول قانونًا – بمضمونها أو أبعادها – دون اكتمال مداه، وتعطل- تبعًا لذلك - أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها، بما يعرقل جريان آثاره بتمامها أو يحد من مداها . ومن ثم، تكون عوائق التنفيذ القانونية هى ذاتها موضوع منازعة التنفيذ، تلك الخصومة التى تتوخى فى غايتها النهائية إنهاء الآثار القانونية المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها . وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صادر فى دعوى دستورية، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التى احتواها، والآثار المتولدة عنها، هى التى تحدد جميعها شكل التنفيذ، وتبلور صورته الإجمالية، وتعين كذلك ما يكون لازمًا لضمان فاعليته . بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا لإزاحة عوائق التنفيذ التى تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها فى مواجهة الكافة، ودون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها فى تأمين الحقوق للأفراد، وصون حرياتهم، إنما يفترض أن تكون هذه العوائق – سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها – حائلة فعلاً دون تنفيذ أحكامها تنفيذًا صحيحًا مكتملاً أو مقيدة لنطاقها .
          وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول منازعة التنفيذ المعروضة استنادًا إلى أن الحكم الصادر عن المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 28 لسنة 6 القضائية " دستورية " يختلف فى موضوعه عن حكم محكمة النقض، محل المنازعة فى التنفيذ، الصادر فى الطعنين رقمـى 7486 و7633لسنة 81 قضائية، مما لا وجه معه لقيام منازعة فى التنفيذ، ذلك أن الحكم الأول اقتصر على بيان مخالفة النصوص الطعينة المتعلقة بقواعد التعويض فى قانون الإصلاح الزراعى للدستور، دونما بحث فى مسألة سقوط الحق فى التعويض بالتقادم من عدمه، وهو أمر يختص به قضاء الموضوع، أما حكم محكمة النقض وقد قضى بسقوط حق المدعين في التعويض بالتقادم - تبعًا لذلك - فإنه لم يتعارض مع الحكم الأول، وإنما قرر أن النصوص المقضى بعدم دستوريتها فى الدعوى رقم 28 لسنة 6 القضائية " دستورية" لم تكن مانعًا من المطالبة بالتعويض إلا فيما جاوز قيمة التعويض المقرر وفقًالها، دون أصل الحق فى هذا التعويض، والذى انفتح للمدعين الحق فى المطالبة به بصدور حكم المحكمة الدستورية العليا فى القضية رقم 3 لسنة 1 القضائية " دستورية"، ومنه يبدأ حساب سريان التقادم .
          وحيث إن هذا الدفع مردود، ذلك أن شرط الارتباط المنطقى فى مجال عقبات التنفيذ المقامة طبقًا لنص المادة (50) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 المشار إليه، يكون متحققًا متى كان حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التى نظمها، والآثار المتولدة عنها فى سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التى تقوم بينها، هى التى تحدد جميعها شكل التنفيذ، وصورته الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمانة فعاليته .
          متى كان ما تقدم، وكانت المنازعة المعروضة تتجلى – من وجهة نظر المدعين – فى إهدار حكم محكمة النقض فى الطعنين رقمى7486 و7633 لسنة 81 قضائية لآثار حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر فى القضية رقم 28 لسنة 6 القضائية " دستورية "، على نحو ينال من حقهم فى المطالبة بالتعويض عما لحقهم من أضرار ترتبت على استيلاء الحكومة على أرضهم وتحديد التعويض المستحق لهم طبقًا للنصوص التى قضى هذا الحكم بعدم دستوريتها. ومن ثم، فإن الرابطة المنطقية، والصلة الحتمية بين الحكمين تكون قائمة، ويضحى الدفع المقدم من هيئة قضايا الدولة فى هذا الخصوص فى غير محله، متعينًا الالتفات عنه .
          وحيث إنه لما كان حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 25/6/1983، فى القضية رقـم 3 لسنة 1 القضائية " دستورية"، والمنشـور بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 27 بتاريخ 7/7/1983، قد انتهى إلى أن أحكام القرار بقانون رقم 104 لسنة 1964 بأيلولة ملكية الأراضى الزراعية التى تم الاستيلاء عليها طبقًا لأحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعى المعدل بالقرار بقانون رقم 127 لسنة 1961 إلى الدولة دون مقابل، قد جاءت فى مجملها مخالفة للدستور . ومن ثم، قضت المحكمة بعدم دستوريتها؛ وهو ما يسقط معه مانع المطالبة بالتعويض لمن استولت الدولة على أراضٍ مملوكة له دون تعويض، وينفتح به طريق الطعن القضائى للمطالبة بهذا التعويض؛ وكان الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا فى القضية الدستورية رقم 28 لسنة 6 قضائية، قد قضى بجلسة6/6/1998، أولاً : بعدم دستورية ما نصت عليه المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعى، من أن " يكون لمن استولت الحكومة على أرضه وفقًا لأحكام هذا القانون الحق فى تعويض يعادل عشرة أمثال القيمة الإيجارية لهذه الأرض، وأن تقدر القيمة الإيجارية بسبعة أمثال الضريبة الأصلية المربوطة بها الأرض "، وبسقوط المادة (6) من هذا المرسوم بقانون فى مجال تطبيقها فى شأن التعويض المقدر على أساس الضريبة العقارية، ثانياً : بعدم دستورية ما نصت عليه المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 127 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعى من أن " يكون لمن استولت الحكومة على أرضه تنفيذًا لأحكام هذا القانون الحق فى تعويض يُقدر وفقًا للأحكام الواردة فى هذا الشأن بالمرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 المشار إليه، وبمراعاة الضريبة السارية فى 9 سبتمبر سنة1952 "، وبسقوط المادة الخامسة من هذا القرار بقانون فى مجال تطبيقها فى شأن التعويض المقدر على أساس الضريبة العقارية . وقد نشر هذا الحكم فى العدد (25 تابع) من الجريدة الرسمية بتاريخ 18/6/1998، وكانت هذه النصوص هي الحاكمة لتقدير التعويض، والتى يكتمل بالقضاء بعدم دستوريتها إزالة سائر القيود والموانع التي تحول بين من استولت الحكومة على أرضه والمطالبة بالتعويض العادل عنها وفقًا لأحكام الدستور؛ وكان من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الحكم الصادر بإبطال نص قانونى لمخالفته أحكام الدستور ينسحب أثره إلى الأوضاع والعلائق السابقة على صدوره طالما قد مسها وأثر فى بنيانها، فهو تقرير لزوال ذلك النص نافيًا وجوده منذ ميلاده . وإذ لم يلتزم حكم محكمة النقض فى الطعن رقم 7633 لسنة 81 قضائية المنازع فى تنفيذه، هذا النظر، واعتمد فهمًا مناقضًا لحقيقة الآثار القانونية المترتبة على حكم المحكمة الدستورية العليا سالف الإشارة، ويتضمن إهدارًا لها وتغييرًا لمحتواها؛ وبذلك، فإنه يكون قد شكل فى حقيقة الأمر عقبة فى تنفيذ ذلك الحكم تقتضى تدخل هذه المحكمة للقضاء بإزالتها .
فلهـــذه الأسبـــاب

    حكمت المحكمة بالمضى فى تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 6/6/1998 فى القضية رقم 28 لسنة 6القضائية " دستورية "، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر بجلسة 24/2/2013 من محكمة النقض فى الطعن رقم 7633 لسنة 81 قضائية، وألزمت الحكومة المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .