الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 7 أبريل 2024

الطعن 878 لسنة 46 ق جلسة 29 / 12 / 1979 مكتب فني 30 ج 3 ق 416 ص 412

جلسة 29 من ديسمبر سنة 1979

برئاسة السيد المستشار عدلي مصطفى بغدادي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ د. إبراهيم على صالح، عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل، حسن عثمان عمار، رابح لطفى جمعة.

---------------

(416)
الطعن رقم 878 لسنة 46 القضائية

(1، 2) وكالة "الوكالة الظاهرة".
(1) عقد الوكالة. جواز تلاقى إرادة طرفيه على عناصر الوكالة وحدودها صراحة أو ضمنا. خضوع العلاقة بينهما لأحكام هذا الاتفاق.
(2) الوكالة الظاهرة. ماهيتها. تصرفات الوكيل الظاهر مع الغير حسن النية. نفاذها قبل الموكل. علة ذلك.
(3) إيجار. إثبات. وكالة. "الوكالة الظاهرة".
قيام محام بتأجير جميع شقق العقار الواقع به شقة النزاع وتسليمها إلى المستأجرين وتحصيل الأجرة منهم واعتباره وكيلاً ظاهراً عن المؤجر. لا خطأ. جواز إثبات الوكالة الظاهرة بالقرائن.

---------------
1 - الأصل هو قيام المتعاقد نفسه بالتعبير عن إرادته في إبرام التصرف إلا أنه يجوز أن يتم بطريق النيابة بأن يقوم شخص نيابة عن الأصل بإبرام التصرف باسم هذا الأخير ولحسابه بحيث تنصرف آثاره إليه وفى غير الأحوال التي نص فيها القانون على قيام هذه النيابة فإنها تقوم أساساً باتفاق إرادة طرفيها على أن يحل أحدهما - وهو النائب - محل الآخر - وهو الأصيل فى إجراء العمل القانونى الذى يتم لحسابه - وتقتضى - تلك النيابة الاتفاقية ممثلة فى عقد الوكالة تلاقى إرادة طرفيها - الأصيل والنائب - على عناصر الوكالة وحدودها، وهو ما يجيز التعبير عنه صراحة أو ضمناً بما من شأنه أن يصبح الوكيل فيما يجريه من عمل مع الغير نائباً عن الموكل وتنصرف آثاره إليه. وتخضع العلاقة - بين الموكل والوكيل فى هذا الصدد من حيث مداها وآثارها لأحكام الاتفاق المبرم بينهما وهو عقد الوكالة.
2 - الغير المتعامل مع الوكيل يعتبر أجنبياً عن تلك العلاقة بين الوكيل والموكل - مما يوجب عليه في الأصل أن يتحقق من صفة من يتعامل معه بالنيابة عن الأصل ومن انصراف أثر التعامل تبعاً لذلك إلى هذا الأخير. إلا أنه قد يغنيه عن ذلك أن يقع من الأصيل ما ينبئ في ظاهر الأمر عن انصراف إرادته إلى إنابته لسواه في التعامل باسمه كأن يقوم مظهر خارجي منسوب إليه يكون من شأنه أن يوهم الغير ويجعله معذورا في اعتقاده بأن ثمة وكالة قائمة بينهما، إذ يكون من حق الغير حسن النية في هذه الحالة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة(1) - أن يتمسك بانصراف أثر التعامل - الذى أبرمه مع من اعتقد بحق أنه وكيل - إلى الأصيل لا على أساس وكالة حقيقية قائمة بينهما - وهى غير موجودة في الواقع بل على أساس الوكالة الظاهرة ذلك لأن ما ينسب إلى الأصيل في هذا الصدد يشكل في جانبه صورة من صور الخطأ الذي من شأنه أن يخدع الغير حسن النية في نيابة المتعامل معه عن ذلك الأصيل ويحمله على التعاقد معه بهذه الصفة وهو ما يستوجب من ثم إلزام الأصيل بالتعويض عن هذا الخطأ من جانبه، ولما كان الأصل فى التعويض أن يكون عينياً. كلما كان ممكناً. فإن سبيله فى هذه الحالة يكون بجعل التصرف الذى أجراه الغير حسن النية نافذاً فى حق الأصيل - وإذ كان ذلك وكان مؤداه أنه يترتب على قيام الوكالة الظاهرة ما يترتب على قيام الوكالة الحقيقية من آثار فيما بين الموكل والغير، بحيث ينصرف - إلى الموكل - أثر - التصرف الذى عقده وكيله الظاهر مع الغير.
3 - إذ يبين من مطالعة أوراق الطعن - أن محكمة الموضوع قد استخلصت من الوقائع الثابتة بالأوراق ومن القرائن المقدمة إليها وظروف الأحوال أن عقد الإيجار المحرر للمطعون عليه عن شقة النزاع صادر له من محام كان هو الوكيل عن الطاعن فى التأجير وأنه هو الذى قام فعلاً بتأجير جميع شقق العقار الواقع به شقة النزاع إلى مستأجريها وتحصيل أجرتها - ورتبت المحكمة على ذلك أن المحامي المذكور هو وكيل ظاهر عن الطاعن في تأجير شقة النزاع إلى المطعون عليه ومن ثم ينصرف أثر العقد إلى الطاعن - وكان قيام الوكالة الظاهرة في هذا الخصوص مما يجوز إثباته بالقرائن. ولما كان ما استخلصته محكمة الموضوع من ذلك وعلى نحو ما سلف بيانه - قيام مظهر خارجي منسوب للطاعن كان من شأنه أن أوهم المطعون عليه وجعله معذوراً في اعتقاده بأن هناك وكالة قائمه بين المؤجر له وبين الطاعن، وكان هذا الاستخلاص منها وفي حدود سلطتها الموضوعية - سائغاً ومؤدياً لما انتهت إليه وكافياً لحمل قضائها. فإنها لا تكون قد أخطأت في تطبيق القانون، ويكون النعي على الحكم المطعون فيه على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1348 سنة 1975 مدنى كلى جنوب القاهرة ضد المطعون عليه للحكم بطرده من العين المبينة بصحيفة الدعوى بمقولة أنه يضع يده عليها دون سند بأن اقتحمها دون علم الطاعن وهو ما حرر عنه المحضر رقم 274 سنة 1975 إدارى مصر القديمة الذى قرر فيه المطعون عليه أنه استأجر عين النزاع من وكيل عن الطاعن، ولما كان الطاعن ينكر هذه الوكالة ولم يقر ذلك التعاقد فإن يد المطعون عليه تضحى غاصبة ومن ثم فقد أقام دعواه. قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن الحكم بالاستئناف رقم 2948 سنة 92 ق القاهرة. وبتاريخ 8/ 6/ 1976 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد حاصله النعى على الحكم المطعون فيه بالخطأ فى تطبيق القانون، وفى بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم الابتدائى - المؤيد بالحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن المؤجر المطعون عليه يعتبر وكيلاً ظاهراً عن الطاعن له حق التأجير، ومن ثم فإن العقد الذى أبرمه ينصرف أثره إلى الموكل كما لو كانت هناك وكالة حقيقية فى حين أن الوكالة - وعلى ما جرى به نص المادة 699 من القانون المدنى - عقد يلتزم فيه الوكيل بأن يقوم بعمل قانونى لحساب الموكل مما مقتضاه وجود عقد بين الموكل والوكيل تتلاقى فيه إرادتهما، هذا فضلاًًًًً عما يشترط بالنسبة لعقود ايجار الأماكن التى أضحت غير محددة المدة بحكم قوانين الإيجارات - من أن تكون الوكالة فيها وكالة خاصة على نحو ما تقضى به المادة 702 من القانون المدنى، ولما كان المؤجر للمطعون عليه لم يصدر له أى توكيل من الطاعن، فإن عقد الإيجار الصادر منه لا يعدو أن يكون إيجاراً لملك الغير ومن ثم غير نافذ فى حق الطاعن. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر المؤجر المذكور وكيلاً عن الطاعن فى التأجير مفترضاً قيام وكالة بينهما تشابه الوكالة الحقيقية، فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعى غير سديد، ذلك أن الأصل هو قيام المتعاقد نفسه بالتعبير عن إرادته فى إبرام التصرف، إلا أنه يجوز أن يتم بطريق النيابة بأن يقوم شخص نيابة عن الأصيل بإبرام التصرف باسم هذا الأخير ولحسابه بحيث تنصرف آثاره إليه، وفى غير الأحوال التى نص فيها القانون على قيام هذه النيابة فإنها تقوم أساساً باتفاق إرادتى طرفيها على أن يحل أحدهما، وهو النائب - محل الآخر - وهو الأصيل - فى إجراء العمل القانونى لحسابه وأنه وإن كانت تلك النيابة الاتفاقية - ممثلة فى عقد الوكالة - تقتضى تلاقى إرادة طرفيها - الأصيل والنائب - على عناصر الوكالة وحدودها - وهو ما يجيز التعبير عنه صراحة أو ضمناً -بما من شأنه أن يصبح الوكيل فيما يجريه من عمل مع الغير نائباً عن الموكل وتصرف آثاره إليه. وكانت العلاقة بين الموكل والوكيل فى هذا الصدد خاضعة من حيث مداها وآثارها لأحكام الاتفاق المبرم بينهما - وهو عقد الوكالة - وكان الغير المتعامل مع الوكيل يعتبر أجنبيا عن تلك العلاقة مما يوجب عليه فى الأصل أن يتحقق من صفة من يتعامل معه بالنيابة عن الأصل ومن انصراف أثر التعامل تبعاً لذلك إلى هذا الأخير، إلا أنه قد يغنيه عن ذلك أن يقع من الأصيل ما ينبئ فى ظاهر الأمر عن انصراف إرادته إلى إنابته لسواه فى التعامل باسمه كأن يقوم مظهر خارجى منسوب إليه يكون من شأنه أن يوهم الغير ويجعله معذوراً فى اعتقاده بأن ثمة وكالة قائمة بينهما، إذ يكون من حق الغير حسن النية فى هذه الحالة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يتمسك بانصراف أثر التعامل الذى أبرمه مع من اعتقد بحق أنه وكيل إلى الأصيل لا على أساس وكالة حقيقية قائمة بينهما - وهى غير موجودة فى الواقع - بل على أساس الوكالة الظاهرة، ذلك لأن ما ينسب إلى الأصيل فى هذا الصدد يشكل فى جانبه صورة من صور الخطأ الذى من شأنه أن يخدع الغير حسن النية فى نيابة المتعامل معه عن ذلك الأصيل ويحمله على التعاقد معه بهذه الصفة وهو ما يستوجب من ثم إلزام الأصيل بالتعويض عن هذا الخطأ من جانبه، ولما كان الأصل فى التعويض أن يكون عينياً كلما كان ممكناً. فإن سبيله فى هذه الحالة يكون بجعل التصرف الذى أجراه الغير حسن النية نافذاً فى حق الأصيل، وإذ كان ذلك وكان مؤداه أنه يترتب على قيام الوكالة ما يترتب على قيام الوكالة الحقيقية من آثار فيما بين الموكل والغير، بحيث ينصرف - إلى الموكل - أثر التصرف الذى عقده وكيله الظاهر - مع الغير. لما كان ما تقدم، وكان يبين من مطالعة أوراق الطعن أن محكمة الموضوع قد استخلصت من الوقائع الثابتة بالأوراق ومن القرائن المقدمة اليها وظروف الأحوال أن عقد الإيجار المحرر للمطعون عليه عن شقة النزاع صادر له من محام كان هو الوكيل عن الطاعن فى التأجير وأنه هو الذى قام فعلاً بتأجير جميع شقق العقار الواقع به شقة النزاع إلى مستأجريها وتحصيل أجرتها منهم. ورتبت المحكمة على ذلك أن المحامى المذكور هو وكيل ظاهر عن الطاعن فى تأجير شقة النزاع إلى المطعون عليه ومن ثم ينصرف أثر العقد إلى الطاعن. ولما كان قيام الوكالة الظاهرة فى هذا الخصوص مما يجوز إثباته بالقرائن، وكان ما استخلصته محكمة الموضوع من ذلك وعلى نحو ما سلف بيانه قيام مظهر خارجى منسوب للطاعن كان من شأنه أن أوهم المطعون عليه وجعله معذوراً فى اعتقاده بأن هناك وكالة قائمة بين المؤجر له وبين الطاعن، وكان هذا الاستخلاص منها وفى حدود سلطتها الموضوعية سائغاً ومؤدياً لما انتهت إليه وكافياً لحمل قضائها، فإنها لا تكون قد أخطأت فى تطبيق القانون، ويكون النعى على الحكم المطعون فيه على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 22/ 11/ 1975 مجموعة المكتب الفنى السنة 26 صـ 1462.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق