الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 12 ديسمبر 2023

الطعن 860 لسنة 7 ق جلسة 24 / 1 / 1965 إدارية عليا مكتب فني 10 ج 1 ق 51 ص 506

جلسة 24 من يناير سنة 1965

برئاسة السيد الأستاذ/ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ الدكتور أحمد موسى وعلي محسن مصطفى وعبد الفتاح نصار وحسنين رفعت حسنين المستشارين.

----------------

(51)

القضية رقم 860 لسنة 7 القضائية

(أ) موظف - ترقية بالاختيار

- مقتضى تعديل الفقرة الثانية من المادة 40 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة بالقانون رقم 73 لسنة 1957 - لا إلزام على لجنة شئون الموظفين بمراعاة ترتيب الأقدمية فيما بين المرشحين للترقية بالاختيار - لا إلزام على لجنة شئون الموظفين بأن تضع لنفسها قاعدة أو معياراً تلتزمه عند إجراء الترقية بالاختيار اكتفاء بتقدير كل حالة بخصوصها - لا يجوز النعي على اللجنة بأنها لم تلتزم ترتيب الأقدمية - في ذلك إضافة قيد رخص القانون للجنة التحلل منه - الطعن في قراراتها لا يكون إلا لعيب إساءة استعمال السلطة إذا قام الدليل.
(ب) موظف - ترقية بالاختيار 

- المؤهلات الدراسية وحدها ليست مدار رجحان الكفاية.

---------------
1 - كان نص الفقرة الثانية من المادة 40 من القانون 210 لسنة 1951 بشأن موظفي الدولة قبل تعديلها بالقانون رقم 73 سنة 1957 يجري كالآتي "أما النسبة المخصصة للترقية بالاختيار فلا يرقى إليها إلا الحائزون على درجة جيد في العامين الأخيرين من مدة وجودهم في الدرجة التي يرقون منها وتكون ترقيتهم بالأقدمية فيما بينهم, ومن هذا النص يبين أنه إذا كانت الدرجات المخصصة للترقية بالاختيار تقل عن عدد المرشحين ذوي الكفاية فلا مناص عند الترقية من إتباع ترتيب الأقدمية فيما بينهم: ثم جاء المشرع بالقانون رقم 73 لسنة 1957 وعدل نص تلك الفقرة على الوجه الآتي:
"أما النسبة المخصصة للترقية بالاختيار فتكون خاضعة لتقدير لجنة شئون الموظفين دون التقيد بترتيب الأقدمية في ذات مرتبة الكفاية على أن يكون الاختيار أولاً من الحائزين على مرتبة ممتاز... إلخ".
وقد جاء في المذكرة الإيضاحية تعليقاً على النص الجديد أنه رؤى "جعل مرد التقدير في هذه الترقية إلى لجنة شئون الموظفين تجريه دون قيد عليها من الأقدمية فيما بين المرشحين" وغني عن البيان أن الاختيار في هذه المنطقة أيضاً لا يقيد بقيود الأقدمية بين المرشحين.
ومن حيث إن الذي تستخلصه المحكمة في ضوء النص الجديد أن لجنة شئون الموظفين لا إلزام عليها بمراعاة ترتيب الأقدمية فيما بين المرشحين للترقية بالاختيار فإن أخلت بهذا الترتيب فلا تكون بذلك قد خالفت القانون فلا يجوز النعي عليها بهذا الوجه من وجوه الطعن "والمشرع إذ وسع في سلطة لجنة شئون الموظفين في هذا الشأن إنما هدف إلى رعاية اعتبارات مشروعة تقع في حس تلك اللجنة وقد لا تنطق بها الأرقام, وإلا لو ثبت أنها جرت على غير هذا النهج لاتسمت قرارات اللجنة في هذا الصدد بعيب إساءة استعمال السلطة وخضعت لرقابة مجلس الدولة وينبني على ذلك القول بأن الأصل هو أن لجنة شئون الموظفين ليست ملزمة إطلاقاً بأن تضع لنفسها قاعدة أو معياراً تلتزمه عند إجراء الترقية بالاختيار اكتفاء بتقدير كل حالة بخصوصها وعندئذ لا يجوز النعي عليها بأنها لم تلتزم في قراراتها ترتيب الأقدمية فيما بين المرشحين إذ في ذلك إضافة لقيد رخص لها القانون صراحة في التحلل منه ولا يجوز الطعن في قراراتها في هذه الحالة بعيب مخالفة القانون وإن كان يجوز الطعن عليها بعيب إساءة استعمال السلطة إذا قام الدليل على ذلك. فإذا ما جاءت اللجنة ووضعت قاعدة تنظيمية عامة تجري على سننها عند الترقية بالاختيار فلا جناح في ذلك ما دامت تلك القاعدة تهدف إلى تحقيق مصلحة عامة وإلا وقعت في عيب الانحراف وخضعت القاعدة ذاتها لرقابة مجلس الدولة.
2 - إن المؤهلات ليست وحدها مدار رجحان الكفاية عند الترقية بالاختيار بل هناك عناصر أخرى تراعيها اللجنة وتستخلص منها استخلاصاً معقولاً هذه الأفضلية عند الاختيار وتقديرها في كل ذلك سليم سائغ ما دام قد تبين لهذه المحكمة أنه محمول على عناصر وقرائن تسمح به وأنه مستند إلى اعتبارات مقبولة تسانده, وما دام أن المدعي لم يستطيع إثبات أن تقدير لجنة شئون الموظفين كان صادراً عن الغرض والهوى.


إجراءات الطعن

بتاريخ 20 من فبراير سنة 1961 أودع الدكتور عبد الغني محمود داعس عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 19/ 5/ 1960 في الدعوى رقم 1196 لسنة 13 القضائية المرفوعة من الدكتور عبد الغني محمود داعس ضد وزارة التربية والتعليم القاضي برفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات - وطلب الطاعن للأسباب المبينة بعريضة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء القرار الإداري المؤرخ 6/ 4/ 1959 الصادر به الأمر التنفيذي رقم 221 بتاريخ 15/ 4/ 1959 فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية بالاختيار للدرجة الثانية بالكادر العالي مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة ومع حفظ كافة الحقوق الأخرى. وقد أعلن الطعن للوزارة في 26 من فبراير سنة 1961 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 23 من نوفمبر سنة 1963 وأخطرت الحكومة والمدعي في 21 من أكتوبر سنة 1963 بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى المحكمة الإدارية العليا وحددت لذلك جلسة 3 من مايو سنة 1964 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من ملاحظات ذوي الشأن على الوجه المبين بالمحضر قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن في أن المدعي أقام دعواه طالباً الحكم بإلغاء قرار الترقية إلى الدرجة الثانية بالاختيار الصادر في 6/ 4/ 1959 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى هذه الدرجة وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل الأتعاب. وقال في بيان المدعي إنه حاصل على بكالوريوس من كلية العلوم بالجامعة وعلى درجة الماجستير في الكيمياء الطبيعية ومسجل في 8/ 10/ 1956 رسالة للتحضير لدرجة الدكتوراه في الكيمياء الكهربائية وهو على وشك الانتهاء منها كما أنه حاصل على الدرجة الثالثة العالية اعتباراً من 29/ 4/ 1954 ويعمل أستاذاً مساعداً بكلية المعلمين من هذا التاريخ وقد نقل إليها منذ إنشائها عام 1952 وكان من الطبيعي أن يرقى إلى الدرجة الثانية بيد أن حركة الترقيات الصادرة في 2/ 4/ 1959 تخطته في الترقية إلى هذه الدرجة بالاختيار على الرغم من شمولها اثنين من زملائه في الكلية هما السيدان محمد أحمد التوبهى ومحيي الدين عبد الله أبو النجار وعلى الرغم من وجود أسباب عدة تجعله أحق منهما بالترقية ولهذا تظلم من القرار المطعون فيه في 7/ 4/ 1959 وانقضت المواعيد القانونية دون أن يصله رد ومن ثم أقام دعواه للطعن في القرار المذكور لمخالفة القانون, إذ يستفاد من نص المادة 38 من القانون رقم 210 لسنة 1951 أن أساس الترقية بالاختيار هو الكفاية سواء أخذ بالأقدمية أم بالاختيار فإنه كان من المتعين ترقيته لأن أقدميته في الدرجة الثالثة ترجع إلى 29/ 4/ 1954 في حين أن زميليه المذكورين أحدث منه في أقدمية هذه الدرجة ومن ثم يكون تخطيه في الترقية وترقيتهما مخالفاً لنص المادة 38 من القانون وهو ما جرى عليه القضاء الإداري إذ قضت المحكمة الإدارية العليا بأن الشارع قيد سلطة الإدارة في الترقية لغاية الدرجة الثانية بقيود هي التزام نسبة معينة للأقدمية والبدء بهذه النسبة وعدم تخطي صاحب الدور بالأقدمية إلا إذا قدم عنه تقريران بدرجة ضعيف وأن تكون الترقية على هذا الأساس - وأضاف المدعي أنه فيما يتعلق بالاختيار فإنه يمتاز على زميليه المذكورين فقد نقل إلى كلية المعلمين قبلهما بحوالي عامين ويشغل بها وظيفة أستاذ مساعد ويحمل فوق البكالوريوس درجة الماجستير في الكيمياء والطبيعة وزميلاه لا يحملان سوى البكالوريوس ولأن اسمه مسجلاً منذ 8/ 10/ 1956 للتحضير لدرجة الدكتوراه في الكيمياء الكهربائية وهذه من العلوم النادرة في مصر وقد أوشك على الانتهاء منها حسبما هو ثابت من خطاب مدير عام المركز القومي للبحوث إلى عميد كلية المعلمين في 14/ 10/ 1958 برقم 4873 كما طلب المركز منحه إجازة دراسية لإتمام بحوثه العلمية للحصول على الدكتوراه ووافق على ذلك مجلس الكلية في 22/ 10/ 1958 كما وافقت إدارة الأبحاث واستطرد المدعي يقول إنه نشرت به أبحاث في السجلات العلمية بأوروبا وأمريكا فضلاً عن بحوث أخرى نشرت له في المجلة العلمية المصرية وأنه اشترك مع بعض أساتذة الجامعة في تأليف أول مراجع باللغة العربية في الكيمياء يرجع إليها طلبة الجامعات والمعاهد العليا - ولما كانت الجامعات تضع دائماً مثل هذه البحوث الجديدة موضع الاعتبار عند ترقية أساتذتها إلى الوظائف الأعلى, لكن وزارة التربية لم تعن لذلك وإنما أغفلت كل هذه الاعتبارات ومما يوضح مدى مخالفتها للقانون أنه سبق أن تخطت الوزارة الطالب وزميليه في حركة الترقيات إلى الدرجة الثانية السابقة على الحركة المطعون فيها فرفع عميد الكلية مذكرة إلى وكيل الوزارة المساعد في 24/ 9/ 1958 بناء على تظلم مقدم من المدعي وزميليه ورفعها وكيل الوزارة إلى الوزير في 29/ 9/ 1958 مؤكداً أحقيتهم في الترقية بالاختيار ووافق عليها السيد الوزير وأشر عليها بترقيتهم في أقرب حركة قادمة ورغم ذلك تخطته لجنة شئون الموظفين بالوزارة دون زميليه بدون حق أو مسوغ قانوني مما يجعل قرارها مشوباً بعيب سوء استعمال السلطة وانتهى المدعي إلى طلب الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الثانية بالاختيار وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل الأتعاب. وقد أجابت الوزارة على الدعوى بأن المادة 40 من قانون التوظف نصت على أنه "أما النسبة المخصصة للاختيار فتكون خاضعة لتقدير لجنة شئون الموظفين دون التقيد بترتيب الأقدمية في ذات مرتبة الكفاية على أن يكون الاختيار أولاً من بين الحائزين على مرتبة ممتاز في العامين الأخيرين..." ومفهوم هذا أن العبرة في الترقية بالاختيار هو حصول الموظف على مرتبة ممتاز في التقرير السري عن العامين السابقين على الترقية وأن يقع عليه اختيار لجنة شئون الموظفين ولا اعتداد بما يذكره المدعي من أقدمية في الدرجة أو في الوظيفة ولما كان المدعي والمطعون في ترقيتهما وهما من ذكرهما في عريضة الدعوى قد حصلوا على مرتبة ممتاز عن العامين السابقين على الترقية وللجنة شئون الموظفين مطلق التقدير في الترقية بالاختيار من الحائزين على هذه المرتبة فإذا ما وقع اختيارها على المطعون في ترقيتهما ولم يقع على المدعي فإن اختيارها يكون قد صادف وجه القانون ولذلك تطلب الوزارة الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات.
وبجلسة 19 من مايو سنة 1960 قضت المحكمة برفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات وأقامت المحكمة قضاءها على أن الترقية بالاختيار المطعون فيها قد قدمت في ظل القانون رقم 73 لسنة 1957 الذي عدل المادة 40 من القانون 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة على الوجه الآتي:
أما النسبة المخصصة (للترقية) بالاختيار تكون خاضعة (لتقرير) لجنة شئون الموظفين دون التقيد بترتيب الأقدمية في ذات مرتبة الكفاية على أن يكون الاختيار أولاً من الحائزين على مرتبة ممتاز في العامين الأخيرين وفي حالة عدم توافر عددهم بالنسبة إلى الدرجات الخالية يكون الاختيار في الدرجات الباقية من الحائزين على مرتبة جيد...." وأنه يستفاد من هذا النص أن رأي المشرع إعطاء لجنة شئون الموظفين سلطة الاختيار في ذات مرتبة الكفاية الواحدة دون التقيد بالأقدمية ولا يرد على سلطتها هذه من قيد سوى التزام البدء بترقية الحائزين على درجة ممتاز في العامين الأخيرين ثم إن بقيت بعد ذلك درجات يختار لها من بين الحائزين لمرتبة (جيد) ويلحق بهؤلاء الحائزين على مرتبة ممتاز في العامين الأخيرين. ومتى كان الأمر كذلك فإن الرقابة القضائية تقتصر على مجرد التحقق من أن اللجنة وهي تباشر اختصاصها التقديري قد (استمدت) اختيارها من عناصر قائمة وأنها لم تنحرف بسلطاتها عن الهدف الذي رسمه القانون - ولما كانت التقارير السرية الموضوعة عن المدعي والمطعون في ترقيتهما عن عامي سنة 1957, سنة 1958 وهما العامان السابقان على إجراء الحركة المطعون فيها يبين أنها استوفت جميع مراحلها القانونية التي نصت عليها المادة 31 من قانون التوظف بعد تعديلها بالقانون رقم 73 لسنة 1957 والتي تقضي بأن "يقدم التقرير السري عن الموظف من رئيسه المباشر ثم يعرض على المدير المحلي للإدارة فرئيس المصلحة لإبداء ملاحظاتهما ثم يعرض بعد ذلك على لجنة شئون الموظفين لتقدير درجة الكفاية التي تراها..." ويبين من مطالعة التقارير المذكورة أنهم حصلوا جميعاً على مرتبة ممتاز. ولما كان الثابت من محضر لجنة شئون الموظفين الخاص بالقرار المطعون فيه أن اللجنة قد اطلعت على التقارير السرية المذكورة وانتهت في تقريرها إلى اختيار المطعون عليهما ولم يقدم المدعي دليلاً على أن الإدارة أساءت استعمال السلطة أو انحرفت بها ولا يجوز التحدي بأن اللجنة لم تراعي الأقدمية في الدرجة الثالثة إذ أنه وإن كان المدعي أسبق من المطعون في ترقيتهما في أقدمية الدرجة الثالثة إلا أنهما يسبقانه في جميع الدرجات السابقة وفي تاريخ التخرج والتعيين كما أنه لا يجوز التحدي بأنه يفوقهم في المؤهلات الدراسية إذ أنهما يسبقانه في الحصول على المؤهل الدراسي الأعلى وهو بكالوريوس العلوم إذ حصلا عليه في سنتي 1931, 1933 في حين أن المدعي حصل عليه سنة 1937 كما أن أحدهما حصل على دبلوم معهد التربية العالي سنة 1935 وعلى كل فالمؤهل ليس هو العنصر الوحيد للترقية بل هناك عناصر أخرى تراعيها اللجنة عند الاختيار ولها فيها مطلق التقدير ما دام يجئ هذا التقدير منسقاً مع الواقع وبعيداً عن الغرض والهوى ولذلك انتهت محكمة القضاء الإداري إلى القضاء برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المدعي يمتاز عن المرقيين في القرار المطعون فيه من جميع العناصر التي تراعى في الترقية بالاختيار ذلك أنه فضلاً عن حصوله على تقدير ممتاز في السنتين السابقتين على حركة الترقيات المطعون فيها فهو يفوق الباقين من ناحية مسئولية الوظيفة والمؤهلات الدراسية العالية وباقي العناصر الشخصية الأخرى وأن لجنة شئون الموظفين وقد انتهت من حيث المبدأ في ترقية الحائزين على 90 درجة فأكثر بالاختيار وتركت إلى مراقبة المستخدمين تحضير الكشوف بذلك فإنها تكون بذلك حددت سلطتها في هذا المبدأ ويجب عليها أن تلزم حدوده وكان يتعين تبعاً لذلك أن ترتب الأسماء حسب الأقدمية في الدرجة ومجموع درجات التقدير عن السنتين وهو ما لم يحصل, هذا فضلاً عن أن الوزير سبق أن قرر في سبتمبر سنة 1958 ضرورة ترقية الطاعن في أول حركة ترقيات تالية بالاختيار وذلك بعد فحص حالته، وهذا القرار يعتبر قراراً نهائياً موقوف تنفيذه على شرط خلو درجات تشغل بالاختيار, وقد خلت هذه الدرجات فعلاً في أول حركة كما نفذ قرار للسيد الوزير بالنسبة لزميلي الطاعن دونه هو وأضاف الطاعن في طعنه أن الحكم المطعون فيه خالف ما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا من وجوب قيام الترقية بالاختيار على أسس سليمة وأن تكون لجنة شئون الموظفين قد استمدت اختيارها من عناصر صحيحة مؤدية إلى صحة النتيجة التي انتهت إليها وإذا لم يقع الأمر على هذا الوجه فسد الاختيار وفسد القرار الذي اتخذ على أساسه. وأن الطاعن ينفرد دون سائر زملائه بأبحاثه الهامة ومواهبه كما يمتاز بكفايته وحسن دراسته والقدرة على الاضطلاع بمسئولياته وأن لجنة شئون الموظفين لم تعمل أي مفاضلة بينه وبين زملائه بل اقتصرت على مبدأ ترقية الممتازين فحسب مع تكليف مراقب المستخدمين بوضع كشف بأسمائهم مرتباً حسب عناصر الاختيار وهو ما لم يحصل فيما ترتب عليه أن وقع الاختيار على غير أسس محددة.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قدمت تقريراً برأيها في هذه المنازعة انتهت فيه إلى أن لجنة شئون الموظفين لم تراع بقية العناصر التي يتميز بها الطاعن لاختياره للترقية ولم تبرر اختيارها لهم دونه بأي عنصر مرجح, هذا فضلاً عن أنه لو طبقت أحكام القرار الجمهوري الخاص باللائحة الأساسية للكليات والمعاهد العليا التابعة لوزارة التربية والتعليم والذي لم تطبقه الإدارة للأسباب التي ذكرتها لكانت الشروط التي تتطلبها اللائحة متوافرة في حالة الطاعن دون المطعون فيهم ولذلك ترى هيئة المفوضين إلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء قرار وزير التربية والتعليم الصادر في 2/ 4/ 1959 فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية بالاختيار للدرجة الثانية بالكادر الفني العالي مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة المصروفات.
ومن حيث إن دفاع الحكومة يقوم على أن أحكام اللائحة الأساسية للكليات والمعاهد العالية التابعة لوزارة التربية والتعليم لا تطبق على حركة الترقية المطعون فيها لأنها ليست خاصة بشغل وظائف هيئة التدريس بل هي خاصة بالتعيين في درجات مالية داخلة في حدود هذه الوظائف ولذلك فإنها تخضع للأحكام الواردة في القانون رقم 210 لسنة 1951. هذا فضلاً عن أنه لم يكن مخصصاً للمعاهد والكليات العالية في ميزانية 58/ 59 درجات مستقلة بها وإنما كانت درجاتها مندمجة مع درجات الديوان العام بالوزارة والمحافظات الأمر الذي يؤكد خضوع التعيين في هذه الدرجات المالية أو الترقية إليها إلى أحكام قانون التوظف دون سواه. أما عن سلامة تطبيق حكم المادة 40 من قانون التوظف فإن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحقيقة فيما انتهى إليه من رفض دعوى الطاعن تأسيساً على أن لجنة شئون الموظفين لم تنحرف بسلطتها عند اختيارها للمطعون ضدهما دون الطاعن للترقية بالاختيار.
ومن حيث إن هذه المحكمة ترى سلامة دفاع الحكومة في الشق الخاص بعدم سريان أحكام اللائحة الأساسية للكليات والمعاهد العالية التابعة لوزارة التربية والتعليم على النزاع المطروح أمامها للأسباب التي ساقتها في هذا الشأن دون حاجة إلى الإفاضة في تفصيلها.
كان نص الفقرة الثانية من المادة 40 من القانون 210 لسنة 1951 بشأن موظفي الدولة قبل تعديلها بالقانون رقم 73 سنة 1957 يجري كالآتي "أما النسبة المخصصة للترقية بالاختيار فلا يرقى إليها إلا الحائزون على درجة جيد في العامين الأخيرين من مدة وجودهم في الدرجة التي يرقون منها وتكون ترقيتهم بالأقدمية فيما بينهم" ومن هذا النص يبين أنه إذا كانت الدرجات المخصصة للترقية بالاختيار تقل عن عدد المرشحين ذوي الكفاية فلا مناص عند الترقية من اتباع ترتيب الأقدمية فيما بينهم "ثم جاء المشرع بالقانون رقم 73 لسنة 1957 وعدل نص تلك الفقرة على الوجه الآتي "أما بالنسبة المخصصة للترقية بالاختيار فتكون خاضعة لتقدير لجنة شئون الموظفين دون التقيد بترتيب الأقدمية في ذات مرتبة الكفاية على أن يكون الاختيار أولاً من الحائزين على مرتبة ممتازة..... إلخ.
وقد جاء في المذكرة الإيضاحية تعليقاً على النص الجديد أنه رؤى "جعل مرد التقدير في هذه الترقيات إلى لجنة شئون الموظفين تجريه دون قيد عليها من الأقدمية فيما بين المرشحين" وغني عن البيان أن الاختيار في هذه المنطقة أيضاً لا يقيد بقيود الأقدمية بين المرشحين.
ومن حيث إن الذي تستصلحه المحكمة في ضوء النص الجديد أن لجنة شئون الموظفين لا إلزام عليها بمراعاة ترتيب الأقدمية فيما بين المرشحين للترقية بالاختيار فإن أخلت بهذا الترتيب فلا تكون بذلك قد خالفت القانون فلا يجوز النعي عليها بهذا الوجه من وجوه الطعن. والمشرع إذ وسع في سلطة لجنة شئون الموظفين في هذا الشأن إنما هدف إلى رعاية اعتبارات مشروعة تقع في حس تلك اللجنة وقد لا تنطق بها الأرقام, وإلا لو ثبت أنها جرت على غير هذا النهج لاتسمت قرارات اللجنة في هذا الصدد بعيب إساءة استعمال السلطة وخضعت لرقابة مجلس الدولة، ينبني على ذلك القول بأن الأصل هو أن لجنة شئون الموظفين ليست ملزمة إطلاقاً بأن تضع لنفسها قاعدة أو معياراً تلتزمه عند إجراء الترقية بالاختيار اكتفاء بتقدير كل حالة بخصوصها وعندئذ لا يجوز النعي عليها بأنها لم تلتزم في قراراتها ترتيب الأقدمية فيما بين المرشحين إذ في ذلك إضافة لقيد رخص لها القانون صراحة في التحلل منه ولا يجوز الطعن في قراراتها في هذه الحالة بعيب مخالفة القانون وإن كان يجوز الطعن عليها بعيب إساءة استعمال السلطة إذ قام الدليل على ذلك. فإذا ما جاءت اللجنة ووضعت قاعدة تنظيمية عامة تجري على سننها عند الترقية بالاختيار فلا جناح في ذلك ما دامت تلك القاعدة تهدف إلى تحقيق مصلحة عامة وإلا وقعت في عيب الانحراف وخضعت القاعدة ذاتها لرقابة مجلس الدولة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه ردد في أسبابه أن لجنة شئون الموظفين قد اطلعت على التقارير السرية الخاصة بالطاعن والمطعون فيهما وانتهت في تقريرها إلى اختيار المطعون فيهما ولم يقدم المدعي دليلاً على أن الإدارة قد أساءت استعمال السلطة بهذا الاختيار, ولا يجوز التحدي بأن اللجنة لم تراع الأقدمية في الدرجة الثالثة إذ أنه ولئن كان المدعي سبق المطعون في ترقيتهما في أقدمية الدرجة الثالثة إلا أنهما يسبقانه في جميع الدرجات السابقة وفي تاريخ التخرج والتعيين كما أنه لا يجوز التذرع بأنه يفوقهما في المؤهلات الدراسية إذ أنهما يسبقانه في الحصول على المؤهل الجامعي الأصلي وهو بكالوريوس العلوم إذ حصلا عليه في سنة 1931 و1933 في حين أن المدعي حصل عليه في سنة 1937 كما أن أحدهما حصل على دبلوم المعهد العالي للتربية سنة 1935 فالمؤهلات ليست وحدها مدار رجحان الكفاية عند الترقية بالاختيار مع ذلك بل إن هناك عناصر أخرى تراعيها اللجنة وتستخلص منها استخلاصاً معقولاً هذه الأفضلية عند الاختيار وتقديرها في كل ذلك سليم سائغ ما دام قد تبين لهذه المحكمة أنه محمول على عناصر وقرائن تسمح به وأنه مستند إلى اعتبارات مقبولة تسانده وما دام أن المدعي لم يستطع إثبات أن تقدير لجنة شئون الموظفين كان صادراً عن الغرض والهوى.
ومن حيث إنه لم تثبت أية مخالفة للقانون في القرار محل الطعن كما لم يقم أي دليل على إساءة استعمال السلطة فيكون الحكم المطعون وقد ذهب هذا المذهب سديداً مستوفي الأسباب ويتعين تأييده ورفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت المدعي بالمصروفات..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق