الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 27 يوليو 2023

الطعن 223 لسنة 25 ق جلسة 15 / 10 / 1959 مكتب فني 10 ج 3 ق 87 ص 574

جلسة 15 من أكتوبر سنة 1959

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت، ومحمود القاضي المستشارين.

---------------

(87)
الطعن رقم 223 لسنة 25 القضائية

(أ) دعوى "حق الالتجاء إلى القضاء". مسئولية "المسئولية عن إساءة استعمال حق الالتجاء إلى القضاء".
اعتبار الانحراف في مباشرة حق الالتجاء إلى القضاء واستعماله استعمالاً كيدياً ابتغاء مضارة الغير موجب للمسئولية. سواء اقترن هذا القصد بنية جلب المنفعة أو لم تقترن به تلك النية، طالما كان الهدف بالدعوى مضارة الخصم. حسب الحكم استخلاصه نية الإضرار. وقصد الكيد ليقوم على أساس سليم.
(ب) حكم "تسبيبه" "ما لا يعيب التسبيب".
لا يعيب الحكم الإشارة إلى وقائع منازعة في دعوى أخرى كانت بالضرورة لازمة للفصل في طلب التعويض طالما أنه لم يستند في قضائه إلى وقائع أو دفاع خارج عن أوراق الدعوى ولا يستلزمه الفصل فيها.
(ج) حكم "تسبيبه" "بيان نص القانون".
لا يعيب الحكم إغفال ذكر مواد القانون التي طبقها على وقائع الدعوى متى كانت النصوص الواجب إعمالها مفهومة من الوقائع التي أوردها.

----------------
1 - حق الالتجاء إلى القضاء هو من الحقوق العامة التي تثبت للكافة، إلا أنه لا يسوغ لمن يباشر هذا الحق الانحراف به عما وضع له واستعماله استعمالاً كيدياً ابتغاء مضارة الغير وإلا حقت المساءلة بالتعويض - وسواء في هذا الخصوص أن يقترن هذا القصد بنية جلب المنفعة لنفسه أو لم تقترن به تلك النية، طالما أنه كان يستهدف بدعواه مضارة خصمه، فإذا كان الحكم المطعون فيه قد استخلص توفر نية الإضرار وقصد الكيد لدى الطاعن بطلبه إشهار إفلاس المطعون عليه - فحسبه ذلك ليقوم قضاؤه في هذا الخصوص على أساس سليم.
2 - لا يعيب الحكم - وهو بسبيل الفصل في طلب تعويض عن رفع دعوى إفلاس قضى برفضها - إشارته إلى وقائع منازعة قامت بين الطرفين في دعوى أخرى، ما دام أن ذلك كان بالضرورة لازماً للكشف عن حقيقة ما استهدفه الطاعن بطلب إشهار إفلاس المطعون عليه، طالما أن الحكم لم يستند في قضائه إلى وقائع وأوجه دفاع خارجة عن أورق الدعوى ولا يستلزمه الفصل فيها.
3 - العبرة في صحة الحكم هي بصدوره موافقاً للقانون، وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه قد بين أساس التعويض المقضى به على الطاعن ووجه المسئولية فإنه لا يبطله عدم ذكر مواد القانون التي طبقها على واقعة الدعوى متى كان النص الواجب الإنزال مفهوماً من الوقائع التي أوردها.


المحكمة

حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن المطعون عليه أقام على الطاعن الدعوى رقم 225 لسنة 1950 تجاري كلي الإسكندرية - بمحكمة الإسكندرية الابتدائية - وطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع له تعويضاً مبلغ 1000 جنيه والمصاريف والأتعاب... وذكر بدعواه أنه اشترى من الطاعن صفقة من البصل في 8 من مايو سنة 1949 على مقتضى عينة وصنف معين صالح للتصدير ثم لما تبين له أن البضاعة التي سلمت له ونقلت إلى مخازنه لا تطابق العينة وأنها تالفة أبرق للطاعن بذلك وطلب إليه استرجاع تلك البضاعة وتدخلت في الأمر لجنة تحكيم في 9/ 5/ 1949، ولكن كان تدخلها بغير جدوى وأنذره في 14/ 5/ 1949 لاسترداد البضاعة وأعقب ذلك بإنذار آخر ولم يحرك ساكناً - ثم رفع دعوى لإثبات حالة البضاعة وبيعها وإيداع ثمنها - إلى أن الطاعن رفع عليه الدعوى رقم 24 لسنة 1949 تجاري كلي الإسكندرية طالباً فيها الحكم بإشهار إفلاسه فقضى فيها بالرفض وثبت بالحكم أن المطعون عليه لم يكن في حالة توقف عن الدفع. ولما كانت دعوى الإفلاس لم ترفع من الطاعن إلا بقصد الكيد له والإضرار به وبمركزه المالي والتجاري وقد ألحقت به ضرراً مادياً وأدبياً مما يستحق معه التعويض الذي قدره، فقد أقام دعواه على الطاعن طالباً الحكم عليه بالمبلغ السالف ذكره.
وبتاريخ 26 نوفمبر سنة 1950 حكمت محكمة الإسكندرية الابتدائية بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليه مبلغ 150 جنيهاً والمصاريف المناسبة ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة مع النفاذ بشرط الكفالة. فاستأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف المقيد بجدول محكمة استئناف الإسكندرية برقم 23 لسنة 7 ق طالباً إلغاء هذا الحكم ورفض دعوى المطعون عليه. كما استأنفه المطعون عليه - بالاستئناف رقم 4 لسنة 7 ق طالباً تعديل الحكم المستأنف برفع مبلغ التعويض إلى 1000 جنيه - وبتاريخ 16/ 11/ 1951 قررت محكمة الاستئناف ضم الاستئنافين، وفي 23 مارس سنة 1955 حكمت بقبولهما شكلاً وفي الموضوع برفض استئناف الطاعن وإلزامه بمصروفاته - وفي استئناف المطعون عليه قضت بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يدفع له مبلغ 300 جنيه والمصروفات المناسبة لهذا المبلغ عن الدرجتين ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة عنهما، وفي 8 مايو سنة 1955 قرر الطاعن الطعن بالنقض في هذا الحكم، وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها طلبت فيها رفض الطعن، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وصممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها، وقررت دائرة الفحص بجلسة 3 مايو سنة 1959 إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السالف ذكره.
ومن حيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون - وفي ذلك ذكر الطاعن أن محكمة الموضوع قد استندت في قضائها على الطاعن بالتعويض - إلى ما ثبت من أنه حين أقدم على طلب إشهار إفلاس المطعون عليه قد توافر لديه قصد النكاية والإضرار به - واستمدت هذا القصد من أنه لم يثبت أن الدين الذي رفعت به دعوى الإفلاس محقق الوجود حال الأداء خال من النزاع - أو أن المدين قد عجز عن أدائه لاضطرابه المالي - وأنه كان على الطاعن أن يلجأ ابتداء إلى محكمة الموضوع لتقول كلمتها في هذا المدين قبل أن يتخذ منه سبيلاً وسبباً لإشهار إفلاس المطعون عليه، وهذا القول لا يصلح أساساً للتعويض - ذلك أنه لا بد في هذه الحالة من توفر قصد خاص - هو أن يقتصر قصد المدعي على الرغبة في الكيد وأن يصدر في تصرفه عن شهوة الإضرار فحسب، وهذا هو ما يستلزمه نص الفقرة الأولى من المادة الخامسة من القانون المدني - التي اتخذ منها الحكم المطعون فيه سنده فيما قضاه وليس في الوقائع التي حصلها الحكم المطعون فيه ما يؤدي إلى توفر هذا القصد ولا ما يكفي لإثباته - والطاعن في لجوئه إلى طلب إشهار إفلاس المطعون عليه لم يكن يبغي إلا الوصول إلى حقه عن طريق القضاء - مختاراً أقصر الطرق - وليس في هذا الاختيار ما يستوجب المساءلة - حتى لو كان قد أخطأ في ذلك.
وحيث إن النعي بهذا السبب عقيم - ذلك أن الحكم المطعون فيه بعد أن سرد ما قام بين الطرفين من نزاع حول صفقة البصل التي اشتراها المطعون عليه من الطاعن، وما ادعاه المطعون عليه في هذا الخصوص من شرائها على مقتضى عينة خاصة وعدم مطابقتها لها - وما قام به على أثر ذلك من الإبراق للطاعن بهذا المعنى. عرض للتصرفات التي بدرت من الطاعن حيال ذلك فقال "وحيث إنه وقد ثبت أن المستأنف أعلن المستأنف ضده في 30/ 5/ 1949 ببروتستو عدم الدفع مطالباً إياه بقيمة البضاعة كما لاحقه في 20/ 6/ 1949 طالباً إشهار إفلاسه قبل تصفية النزاع بينهما وبغير الالتجاء إلى القضاء ليقول كلمته بشأن مديونية المستأنف ضده بالثمن، فإن تصرفه على هذا النحو لا يتصور صدوره منه عن مجرد رعونة وعدم ترو ولكنه ينم عن سوء القصد والرغبة المبينة لديه في الإضرار بالمستأنف ضده والكيد له، إذ أن علمه بكافة الظروف والملابسات التي أحيط بها تنفيذ الصفقة من شأنه أن يبعد من حسبانه اعتبار دينه من الديون المحققة الوجود والحالة الأداء والخالية من كل نزاع، وأن امتناع المستأنف ضده عن دفع ثمن الصفقة كان بسبب اضطراب مالي وقع فيه لا لسبب النزاع الجدي المتعلق بها والذي أثير فور التعاقد عليها، وعلى ذلك فإنه لا شبهة في أن تصرف المستأنف قبل المستأنف ضده برفع الدعوى بإشهار إفلاسه كان تصرفاً كيدياً اتخذه بسوء قصد للإضرار به" ومن ذلك يبين أن الحكم المطعون فيه - قد عرض ضمن ما عرض له في خصوص المطالبة بالتعويض لما ادعاه المطعون عليه من توفر نية الإضرار وقصد الكيد لدى الطاعن، وقد استخلص الحكم المطعون فيه توفر هذه النية وذلك القصد لديه، وحسبه ذلك ليقوم قضاؤه في هذا الخصوص على أساس سليم، ذلك أنه وإن كان حق الالتجاء إلى القضاء هو من الحقوق العامة التي تثبت للكافة إلا أنه لا يسوغ لمن يباشر هذا الحق الانحراف به عما وضع له واستعماله استعمالاً كيدياً ابتغاء مضارة الغير، وإلا حقت المساءلة بالتعويض، وسواء في هذا الخصوص أن يقترن هذا القصد بنية جلب المنفعة لنفسه أو لم تقترن به تلك النية، طالما أنه كان يستهدف بدعواه مضارة خصمه - ذلك فضلاً عن أنه يبين من عبارات الحكم المطعون فيه السالف إيرادها - أنه استبعد أن يكون للطاعن من طلب إشهار الإفلاس هدفاً إلا الكيد للمطعون عليه والإضرار به.
وحيث إن محصل ما ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني أنه قد اقتصر في رده على ما أدلى به الطاعن في مذكرته المقدمة لمحكمة الاستئناف - نفياً لقصد النكاية والإضرار - على القول بأن هذا الدفاع لم يكن إلا ترديداً لما ذكره أمام محكمة الدرجة الأولى، كما عاب عليه أنه قد استند في قضائه إلى وقائع ليس لها سند من أوراق الدعوى من ذلك استناده في التدليل على توافر قصد الإساءة والتشهير إلى القول بأن النزاع بين الطرفين حول الصفقة قد عرض على مجلس تحكيم وأن هذا المجلس انعقد واشترك فيه الطالب بعمل إيجابي هو مرافقته لبعض السماسرة في التوجه لمكان البضاعة لمعاينتها - ذلك مع تمسك الطاعن لدى المحكمة الاستئنافية - بأنه لا يتوافر في وقائع هذه الدعوى شيء من شرائط التحكيم وأركانه - ومن ذلك أيضاً أنه استند فيما قضى به على الطاعن من تعويض إلى وقائع استمدها من دعوى أخرى كانت مرفوعة من الطاعن للمطالبة بثمن الصفقة المبيعة للمطعون عليه وقضى فيها بالرفض، وهو ما لا يصح قانوناً لاختلاف السند في كل من الدعويين، كذلك أغفل الحكم المطعون فيه الرد على ما تمسك به الطاعن في مذكرته أمام محكمة الاستئناف من دفاع جوهري - أبداه في مقام الاعتراض على ما قضت به محكمة الدرجة الأولى - وما ذكرته في أسبابها من القول بأن المطعون عليه قد أصابه ضرر مادي وأدبي من التشهير به وعدم الثقة فيه من جانب التجار. إذ قد بين الطالب في تلك المذكرة أن هذا القول من جانب محكمة الدرجة الأولى - هو قول مرسل لا سند له في الأوراق - ولكن محكمة الاستئناف أغفلت هذا الدفاع ولم ترد عليه - بل أنها رفعت مبلغ التعويض وسوغت قضاءها في هذا الخصوص بأن المبلغ المحكوم به لا يتكافأ مع الضرر الذي لحق بالمطعون عليه من حيث زعزعة الثقة به، ولا أثر لذلك ولا دليل عليه أيضاً في الأوراق - ويبدو من حكمها أنها في قضائها بالتعويض لم تواجه ضرراً واقعاً فعلاً وحالاً - وقد خالفت بذلك ما هو مقرر قانوناً من أن التعويض لا يكون عن ضرر احتمالي - وقد شابت العيوب المتقدمة الحكم المطعون فيه كما شابه أنه جاء خالياً من السند القانوني ومن النص الذي قضى بموجبه بالتعويض.
وحيث إن النعي بما ورد في هذا السبب مردود في جميع ما اشتمل عليه. أولاً - بأن الطاعن لم يقدم إلى هذه المحكمة صورة رسمية من المذكرة التي يقول أنه تقدم بها إلى المحكمة الاستئنافية وأورد فيها من الأدلة ما يدحض توفر قصد النكاية والإضرار بالمطعون عليه وينفي توافر شرائط التحكيم وأركانه، وعلى ذلك يكون النعي على الحكم المطعون فيه بما ورد في هذا الوجه غير مقبول لأنه عارض الدليل وثانياً - بأنه يبين من استعراض أسباب الحكم المطعون فيه أنه لم يستند في قضائه على الطاعن بالتعويض إلى وقائع ودفاع خارج عن أوراقها ولا يستلزمه الفصل فيها ولا وجه لتعييب الحكم بما تضمنه من الإشارة إلى وقائع المنازعة التي قامت بين الطرفين خاصة بصفقة البصل فإن ذلك كان بالضرورة أمراً لازماً للكشف عن حقيقة ما استهدفه الطاعن بطلب إشهار الإفلاس توصلاً للفصل في التعويض المطلوب. وثالثاً بأن العبرة في صحة الحكم هي بصدوره موافقاً للقانون، وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه قد بين أساس التعويض المقضى به على الطاعن ووجه المسئولية فإنه لا يبطله عدم ذكر مواد القانون التي طبقها على واقعة الدعوى متى كان النص الواجب الإنزال مفهوماً من الوقائع التي أوردها. ورابعاً بأن الحكم المطعون فيه لم يقم قضاءه بإلزام الطاعن بالمبلغ الذي قضى به عليه على أساس أنه تعويض عن ضرر احتمالي كما يزعم الطاعن في طعنه - بل واقع الأمر أنه إنما قضى بالتعويض عن ضرر لحق فعلاً بالمطعون عليه كما هو مفهوم صراحة من العبارات المدونة في أسبابه.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق