جلسة 26 من نوفمبر سنة 1959
برياسة السيد محمد عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت، ومحمود القاضي المستشارين.
--------------------
(108)
الطعن رقم 212 لسنة 25 القضائية
(أ) إعلان "كيفية الإعلان".
إغفال المحضر إثبات عدم وجود المطلوب إعلانه عند تسليم ورقة الإعلان إلى من ذكروا بالم 12 مرافعات يبطل الورقة. م 24 مرافعات. مثال لإعلان إخوة وزوجة.
(ب) نقض "إجراءات الطعن" "تقرير الطعن" "الخصوم في الطعن".
لا يجوز أن يكون خصماً في الطعن بالنقض من لم يكن خصماً أمام محكمة الدرجة الثانية ولو كان خصماً أمام محكمة الدرجة الأولى.
(جـ) حكم "بياناته". دعوى "نظر الدعوى أمام المحكمة" "تلاوة تقرير التلخيص". تقرير التلخيص.
خلو الحكم من بيان حصول تلاوة تقرير التلخيص لا يبطله إلا إذا كانت محاضر جلسات الدعوى التي صدر فيها هي الأخرى خالية من إثبات حصول هذه التلاوة. م 349 مرافعات. علة ذلك؟
(د) تقادم "التقادم المكسب" "التقادم الخمسي" "السبب الصحيح".
المقصود بالسبب الصحيح هو التصرف الصادر من غير مالك. ثبوت أن المقدار المدعي تملكه بالتقادم الخمسي لا يدخل في سند تملك الحائز. لا يجيز تملكه بهذا النوع من التقادم. اعتباره مغتصباً من وضع يده يجري في حقه بشأنه أحكام التقادم الطويل.
(هـ)، (و)، (ز) محكمة الموضوع.
سلطتها في تقدير شهادة الشهود واستخلاص الواقع منها.
عدم التزامها تتبع الخصوم في كافة مناحي دفاعهم.
سلطتها في تعرف نية واضع اليد وتقصيها من جميع عناصر الدعوى المدونة في حكمها.
(ح) تقادم مكسب "إثبات التقادم".
جواز الاعتماد في إثبات وضع اليد على أقوال وردت في شكوى إدارية.
المحكمة
من حيث إن وقائع هذا الطعن على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتلخص في أن الطاعن الأول وأخاه شاكر فراج مورث باقي الطاعنين رفعا الدعوى رقم 428 سنة 1940 مدني جزئي أسيوط ضد المطعون عليهم الأربعة الأول والمطعون عليه الأخير وآخرين بطلب الحكم بتثبيت ملكيتهما إلى 158 متراً مع إزالة ما عليها من المباني اغتصبها المطعون عليهم من ضمن 1243 م و92 س يمتلكها الطاعن الأول وأخوه شاكر فرج بمقتضى حكمي مرسى مزاد صادرين لهما في القضيتين رقمي 3232 سنة 1928 و5055 سنة 50 أسيوط الجزئية تنفذا بالتسليم ورفعا بموجبهما دعوى قسمة رقم 878 سنة 1930 مدني جزئي أسيوط خصصا فيها بهذا المقدار وتسلماه بمقتضى محضر تسليم مؤرخ 14/ 7/ 1934، وإزاء منازعة المطعون عليهم ندبت المحكمة أحد الخبراء الحكوميين في الدعوى لتحقيق ملكية الطرفين ووضع اليد على المساحة المتنازع عليها فقدم الخبير تقريره بأن الأرض التي خصص بها الطاعن الأول وأخوه شاكر فرج عبارة عن 109.96 متراً مربعاً مقام عليها سور وجزء من حديقة ورثة أبو زيد على (المطعون عليهم الثلاثة الأول) و16.42 متراً مربعاً تدخل ضمن منزل كامل عبد العاطي (المطعون عليه الأخير) و22.54 متراً مربعاً تدخل ضمن مباني منزل علي حسانين (المطعون عليه الرابع) و1095 متراً مربعاً متروكة فضاء. لم ينازع المطعون عليه الرابع المدعين في طلباتهم فأدخل الطاعن الأول وأخوه شاكر فرج ابنته المطعون عليها الخامسة في الدعوى بدلاً من والدها المطعون عليه الرابع - وإزاء ادعاء المطعون عليه الأول وضع يده على الأرض الفضاء البالغ مساحتها 1095 متراً مربعاً عدل الطاعن الأول وأخوه شاكر طلباتهما إلى طلب الحكم بتثبيت ملكيتهما إلى المساحة التي اختصا بها في دعوى القسمة ومقدارها - 1243.92 م مربعاً وإزالة ما عليها من مباني وأشجار وتسليمها إليهما ثم أحالت المحكمة الجزئية الدعوى إلى المحكمة الكلية لاختصاصها وبتاريخ 30 من مايو سنة 1946 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليهم وضع يدهم على الأرض المتنازع عليها وضع يد مستوفياً للشروط القانونية المدة الطويلة بالنسبة للمطعون عليه الأول ومدة خمس سنوات بالنسبة لمن عداه ممن اشترى من الشركاء. وليثبت الطاعن الأول وأخوه في الوقت نفسه وضع يدهما على ما رسى مزاده عليهما ولينفي كل طرف ما يثبته الآخر وذلك بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة والمستندات. وبعد سماع الشهود حكمت المحكمة بتاريخ 18/ 12/ 1950 برفض الدعوى مع إلزام رافعيها بالمصاريف، لما ثبت لها بعد التحقيق الذي أجرته من وضع يد المطعون عليهم على الأرض موضوع النزاع المدة القانونية المكسبة للملكية. فاستأنف الطاعن الأول وورثة أخيه شاكر فرج هذا الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط برقم 141 سنة 26 ق طالبين إلغاءه والحكم لهم بطلباتهم السابقة، وبتاريخ 3 من مايو سنة 1955 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وبرفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف مع إلزام المستأنفين بالمصروفات ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة، فطعن الطاعنون بطريق النقض في هذا الحكم بتاريخ 3 من مايو سنة 1955، وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة مذكرة طلبت فيها عدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة للمطعون عليهم الثاني والثالثة والرابع والخامسة وطلبت رفض الطعن بالنسبة للمطعون عليه الأول ونقض الحكم في خصوص السبب الثاني من أسباب الطعن - وبتاريخ 7/ 6/ 1959 عرض الطعن على دائرة فحص الطعون وصممت النيابة على رأيها فقررت الدائرة إحالته إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 12 من نوفمبر سنة 1959 وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن ما أبدته النيابة من دفع بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة للمطعون عليهم الثاني والثالثة والرابع والخامسة مبناه أنه المطعون عليهم الثاني والثالثة والخامسة لم يعلنوا بتقرير الطعن شخصياً وإنما أعلنوا في مواجهة آخرين ولم يثبت المحضر في محضر الإعلان أنه لم يجد المطلوب إعلانهم في موطنهم وأن الأشخاص الذين سلمهم صور الإعلانات الخاصة بهؤلاء يقيمون معهم كما تقضي بذلك المادة 12 من قانون المرافعات، وبذا يقع هذا الإعلان باطلاً طبقاً لنص المادة 24 من قانون المرافعات ويحق لمحكمة النقض - إذا لم يحضر هؤلاء لإيداع مذكراتهم ومستنداتهم - أن تعتبرا إعلانهم باطلاً وأن ترتب على ذلك بطلان الطعن ذاته في حقهم. كما وأن المطعون عليه الرابع قرر أمام محكمة أول درجة بعدم المنازعة وأن المدعين إذ ذاك أدخلا ابنته سكينة (المطعون عليها الخامسة) خصماً في الدعوى بمقولة إنها هي المالكة للمنزل دونه، كما أنهما لم يختصماه أمام محكمة الاستئناف فلا يجوز أن يختصم أمام محكمة النقض لأن الخصومة في الطعن بالنقض لا تكون إلا بين من كانوا خصوماً أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على أصل إعلان تقرير الطعن أن المطعون عليهما الثاني والثالثة يقيم كل منهما في محل يختلف عن محل إقامة الآخر كما يختلف عن محل إقامة أخيهما السيد عبد العزيز أبو زيد، ولم يعلن أي منهما شخصياً بتقرير الطعن كنص المادة 11 من قانون المرافعات وإنما أعلنا به في مواجهة أخيهما عبد العزيز أبو زيد دون أن يثبت المحضر في محضره أن المطعون عليهما المذكورين غير موجودين في محل إقامتهما وأن من استلم عنهما صورة الإعلان مقيم معهما. كما أن المطعون عليها الخامسة لم تعلن هي الأخرى شخصياً بتقرير الطعن وإنما أعلنت به في مواجهة زوجها السيد علي السمكري ولم يوضح المحضر في محضره أن المطعون عليها المذكورة غير موجودة في محل إقامتها. ولما كان الأصل في إعلان أوراق المحضرين وفقاً للمادة 11 من قانون المرافعات أن تسلم الأوراق المطلوب إعلانها إلى الشخص نفسه أو في موطنه، فإذا لم يجده المحضر في موطنه جاز أن تسلم الأوراق إلى وكيله أو خادمه أو لمن يكون ساكناً معه من أقاربه أو أصهاره وفقاً للمادة 12 من ذلك القانون، فإذا أغفل المحضر إثبات عدم وجود المطلوب إعلانه كمقتضى الفقرة الأخيرة من المادة 12 من قانون المرافعات فإنه يترتب على ذلك بطلان ورقة الإعلان عملاً بالمادة 24 من ذلك القانون على ما جرى به قضاء هذه المحكمة. لما كان ذلك فإن إعلان المطعون عليهم الثاني والثالثة والخامسة بتقرير الطعن يكون باطلاً.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم الابتدائي أن المطعون عليه الرابع قرر بعدم منازعته المدعيين في طلباتهما فأدخلا بدلاً منه ابنته سكينة علي حسانين المطعون عليها الخامسة، ولما استأنف الطاعنون الحكم الابتدائي لم يختصموا المطعون عليه الرابع في الاستئناف، ولما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى بأنه لا يجوز أن يكون خصماً في الطعن بالنقض من لم يكن خصماً في الدعوى أمام محكمة الاستئناف وإن كان قد اختصم أمام محكمة أول درجة وإلا كان الطعن غير مقبول شكلاً بالنسبة له، فمن ثم يكون الطعن غير مقبول شكلاً بالنسبة للمطعون عليه الرابع.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للمطعون عليهما الأول والسادس.
وحيث إن الطعن يقوم على خمسة أسباب يتلخص أولهما في وقوع بطلان جوهري في الإجراءات يترتب عليه بطلان الحكم، ذلك أنه لم تحصل تلاوة تقرير بالجلسة طبقاً لنص المادة 116 مرافعات. ولما كانت تلاوة التقرير بجلسة المرافعة إجراء لازماً نص عليه القانون فيكون الحكم وقد أغفل هذا الإجراء باطلاً من هذه الناحية، ويتخلص السبب الثاني في قصور التسبيب والخطأ في تطبيق القانون. ذلك أن تقرير الخبير الذي أخذ به الحكم الابتدائي والحكم الاستئنافي المؤيد له وأصبح بذلك جزءاً من الحكم قد ورد فيه أن كامل عبد العاطي (المطعون عليه السادس) واضع يده على 16.42 متراً من ملك الطاعنين منها 10.3 متراً داخلة ضمن عقد مشتراه وضمن حكم مرسى المزاد و6.39 متراً خارجة عن عقد مشتراه كما ورد في التقرير أيضاً أن 22.54 متراً موضوع اليد عليها من علي حسانين أو ابنته سكينة علي حسانين وهي ضمن الأرضي الراسي مزادها على المدعين ولكنه لم يستطع تطبيق عقد مشترى علي حسانين لأنه لم يقدم له، وقد قضت المحكمة برفض الدعوى في هذا الشطر من النزاع استناداً إلى أن كلاً من سكينة علي حسانين وكامل عبد العاطي تملكا المقدار الذي يضعان يديهما عليه بالتقادم الخمسي في حين أن التقادم الخمسي يقتضي أن يكون الشراء من غير مالك. ومع التسليم جدلاً بأن هناك وضع يد فعلي لمدة خمس سنوات على رفع الدعوى من كل من كامل عبد العاطي وسكينة علي حسانين فإن الأول لم يشتر من غير مالك إلا القدر 10.3 متراً، أما سكينة علي حسانين فلم يحصل تطبيق عقدها إطلاقاً بمعرفة الخبير حتى يمكن أن تستبين منه المحكمة إذا كان المقدار 22.54 متراً دخل ضمن عقدها فتعتبر مشترية من غير مالك أو أنه لم يدخل. ويكون الحال بالنسبة لها حينئذ أنها اغتصبت من الأرض المجاورة هذا المقدار وفي هذه الحالة لا تستفيد من التقادم الخمسي. ويبدو قصور الحكم في هذا الشطر منه واضحاً من اعتماده على أقوال الشهود بالنسبة للبناء مع أن هذا البناء واقعة تثبت دائماً بالطرق الرسمية وهي الرخصة أولاً ثم ربط العوائد ثانياً - وملخص ما ينعى به الطاعنون في السبب الثالث خطأ الحكم في تطبيق القانون ذلك أن المحكمة قضت برفض الدعوى بالنسبة للأرض الفضاء التي تبلغ مساحتها 1095 متراً والتي تقع غربي السور الذي بناه السيد عبد العزيز أبو زيد وإخوته ليفصل بين أرضهم وأرض أولاد عمهم "سيد عبد العال" وذلك على أساس أن السيد عبد العزيز أبو زيد قد تملك قطعة الأرض المذكورة بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية في حين أن القانون يشترط أن تكون هناك حيازة هادئة وظاهرة ومستمرة وألا تكون غامضة، ولم يرد في أقوال شهود السيد عبد العزيز أبو زيد أو في الحكم شيء من ذلك. بل الثابت من الأوراق الرسمية المقدمة في الدعوى أن محضري التسليم المؤرخين 23/ 7/ 1929 و1/ 7/ 1934 اللذين تما تنفيذاً لحكمي مرسى مزاد الأرض المتنازع عليها على الطاعن الأول وأخيه شاكر وكذلك تقرير خبير دعوى القسمة رقم 878 سنة 1930 الذي عاين أرض النزاع في سنة 1934 وتقرير الخبير المقدم في الدعوى الحالية والذي عاين أرض النزاع في سنة 1942. الثابت من هذه الأوراق أن الأرض المذكورة لم يكن بها قماين طوب أو مصنع طوب وإن كان قد ثبت في تقرير الخبير الأخير أنه حصل دق طوب في تلك الأرض في وقت ما فإنه لا يظهر من الحكم أن هذا النوع من الانتفاع - على فرض صحة أقوال شهود السيد عبد العزيز أبو زيد - كان مستمراً لمدة خمس عشرة سنة كاملة دون انقطاع ولا أن وضع اليد تناول المساحة كلها دون أن ينقص شيء منها، إذ أن كل ما استطاع المطعون عليه الأول إثباته على لسان شهوده هو أنه كان يستغل الأرض موضوع النزاع بدق الطوب وحرق الجير، في حين أن هذا النوع من الانتفاع لم يكن قائماً وقت رفع الدعوى وبذا يكون ركن الاستمرار غير متوافر فيها. ولا يكفي أن تقول المحكمة في عبارة مرسلة مبهمة بتوافر أركان وضع اليد المملك. ومن الخطأ في تطبيق القانون القول بأن الجار الذي يستعمل مساحة صغيرة من أرض جاره بدق الطوب وحرق الجير يصبح مالكاً لهذه الأرض بوضع اليد المدة الطويلة، بل إن هذا يعتبر من قبيل التسامح المعترف به بين الملاك المجاورين، ولم يتعرض الحكم الابتدائي لما أثاره الطاعنون في هذا الوجه من الدفاع كما أن ما أورده الحكم الاستئنافي في هذا الصدد لا يكفي لحمله. وينعى الطاعنون في السبب الرابع بالخطأ في تطبيق القانون ومخالفة قواعد الإثبات، ذلك أن محكمة أول درجة لم تستند في قضائها بالتقادم المكسب لصالح المطعون عليه الأول إلى أقوال شهوده فحسب. بل إلى أسباب أخرى كان لها أثر في تكوين عقيدتها، منها قول الحكم أن المدعين لم يتمكنوا من إثبات أنهم وضعوا اليد على أرض النزاع يوماً ما في حين أن الـ 1095 متراً التي تقع غرب السور الذي بناه المطعون عليه الأول وأخوته أرض فضاء، ومن ثم لا يؤخذ على مالكيها عدم وضع يدهم عليها. وقد استند الحكمان الابتدائي والاستئنافي إلى ما شهد به شهود المطعون عليه الأول في الشكوى رقم 213 لسنة 1945 إداري بندر أسيوط، في حين أن الإثبات في القانوني المدني لا يسمح بالاستناد إلى أقوال الشهود في الشكوى الإدارية حيث تسمع أقوالهم في غياب أصحاب الشأن وبدون حلف يمين - ويقوم نعي الطاعنين في السبب الخامس على قصور التسبيب، ذلك أن الطاعنين تمسكوا في صحيفة الاستئناف وفي المذكرة المقدمة منهم للمحكمة بأن ادعاء المطعون عليه الأول تملكه قطعة الأرض البالغ مساحتها 1095 متراً بالتقادم المكسب يتناقض مع إقرارات صريحة صادرة منه (1) في قضية القسمة رقم 3465 لسنة 1926 مدني جزئي أسيوط التي أقامها ضد أخوته في 17/ 8/ 1926 (2) وفي عقد الاتفاق المؤرخ 16/ 2/ 1928 الموقع عليه منه ومعه إخوته والذي ذكر أن الحد الغربي فيه مملوك لورثة سيد محمد عبد العال (3) وفي مذكرة المطعون عليه الأول المقدمة منه في القضية رقم 1797 سنة 1935 مدني جزئي أسيوط. وهذه اعترافات صدرت من المطعون عليه الأول في خلال مدة الخمسة عشر عاماً التي زعم أنه كان واضع اليد فيها على الأرض الفضاء.
وحيث إن النعي في خصوص السبب الأول مردود، ذلك أن مجرد خلو الحكم الاستئنافي في بيان حصول تلاوة تقرير التلخيص لا يبطله إلا إذا كانت محاضر جلسات الدعوى التي صدر فيها هي الأخرى خالية من إثبات حصول هذه التلاوة، لأن تلاوة التقرير ليس من البيانات الجوهرية التي توجب المادة 349 مرافعات أن يتضمنها الحكم. ولما كان الطاعنون لم يقدموا صور محاضر جلسات المرافعة في هذه الدعوى أمام المحكمة الاستئنافية لمعرفة ما إذا كان تقرير التلخيص قد تلي أو لم يتل فإن هذا النعي يكون عارياً عن الدليل متعين الرفض.
ومن حيث إن السبب الثاني من أسباب النعي ينصب على قضاء الحكم برفض الدعوى قبل كل من المطعون عليهما الخامسة والسادس وإذ كان قد تقرر فيما سبق بطلان إعلان المطعون عليهما الخامسة بتقرير الطعن فإن النعي الوارد في هذا السبب لا يتناول قضاء الحكم بالنسبة لها وإنما يتناول قضاءه بالنسبة للمطعون عليه السادس، فقط وهو نعي في محله، ذلك أن الحكم المطعون فيه قضى بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من رفض دعوى الطاعنين بالنسبة للمطعون عليه السادس بمقولة إن شهوده قد أيدوا دعواه في وضع يده على منزله بحالته منذ مدة تزيد على خمس سنوات سابقة على رفع الدعوى بالسبب الصحيح. هو عقد شرائه المعترف به المقترن بحسن النية وما يضع المطعون عليه المذكور يده عليه من الأرض موضوع النزاع هي كما ورد في الحكم نقلاً عن تقرير الخبير المنتدب في هذه الدعوى بمعرفة محكمة أسيوط الجزئية 16.42 متراً ضمن منزله. وقد جاء في تقرير هذا الخبير المقدمة صورته الرسمية من الطاعنين ضمن ملف الطاعن نتيجة لمعاينة أرض النزاع - وتطبيق مستندات الخصوم عليها. أنه بتطبيق عقد مشترى كامل عبد العاطي (المطعون عليه السادس) على وضع يده اتضح أن قطعة الأرض مشتراه مساحتها 404.85 متراً مربعاً وإن جملة مساحة الأرض المقام عليها منزله 411.24 متراً مربعاً أي بزيادة مقدارها 6.39 متراً مربعاً عما ورد بعقد مشتراه. ومؤدى ذلك أن المطعون عليه السادس يضع يده على 6.39 متراً مربعاً بدون عقد صادر إليه عنها لأنها خارجة عن عقد مشتراه كما قرر الخبير. ولما كان التملك بالتقادم الخمسي يستلزم أن يكون السبب الصحيح الذي يستند إليه واضع اليد صادراً له من غير مالك، وكان المقدار الذي يضع المطعون عليه السادس. يده عليه من أرض النزاع ومقداره 6.39 متراً مربعاً خارجاً عن عقد مشتراه، فلا يمكن أن يعتبر مشترياً له من غير مالك فيستفيد تبعاً لذلك من أحكام التقادم الخمسي بالنسبة لهذه المساحة. وإنما يعتبر مغتصباً لهذا المقدار من وضع يده يجرى في حقه بشأنه أحكام التقادم الطويل على ما جرى به قضاء هذه المحكمة. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه وقد أجرى أحكام التقادم الخمسي بالنسبة للمقدار سالف الذكر يكون مخالفاً للقانون بما يتعين معه نقضه في هذا الخصوص.
ومن حيث إن النعي بما ورد في السبب الثالث مردود. ذلك أنه يبين من الاطلاع على الحكم الابتدائي والحكم الاستئنافي المؤيد له أن الحكمين بعد أن استعرضا أقوال شهود طرفي الخصومة رجحا أقوال شهود المطعون عليه الأول على شهود الطاعنين واستخلصا منها أنه هو وإخوته يضعون يدهم على الحديثة ومن قبلهم والدهم منذ خمس وثلاثين سنة سابقة على رفع الدعوى وأن المطعون عليه الأول يضع يده على الأرض الفضاء الأخرى موضوع الدعوى مدة خمسة عشر عاماً سابقة على رفع الدعوى وينتفع بها بصفته مالكاً ظاهراً بغير إنابة أو تسامح، وأن أقوال شهوده قد تأيدت بأقوال شهوده في الشكوى رقم 213 سنة 1945 إداري بندر أسيوط، ويبين من الاطلاع على محضر التحقيق المقدمة صورته الرسمية ضمن الأوراق أن مضمون شهادة شهود المطعون عليه الأول في التحقيق تؤدي إلى ما استخلصه الحكمان من أقوالهما عن وضع اليد ومدته ومظهره. وحسب الحكم المطعون فيه ذلك لإقامة قضائه في هذا الخصوص، إذ أن تقدير شهادة الشهود واستخلاص الواقع منها أمر يستقل به قاضي الموضوع. ولا يغض من ذلك خلو الحكم من الإشارة إلى ما تمسك به الطاعنون من عدم ثبوت وضع يد المطعون عليه الأول على الأرض موضوع النزاع في محضري التسليم ومحضر المعاينة وتقرير الخبير المشار إليها في سبب النعي، ذلك أن محكمة الموضوع ليست مكلفة بأن تتبع الخصوم في كافة مناحي دفاعهم - واستناد الحكم المطعون فيه في ثبوت وضع يد المطعون عليه الأول على الأرض موضوع النزاع إلى أقوال شهوده يفيد اطراح دفاع الطاعنين في هذا الخصوص، كما أن تعييب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون إذ لم يعتبر أن انتفاع المطعون عليه الأول بأرض النزاع المجاور كان من قبيل التسامح مردود بأن الحكم المطعون فيه قد قرر أن وضع يد المطعون عليه الأول على تلك الأرض لم يكن بطريق الإنابة أو التسامح. وإذ كان تعرف نية واضع اليد مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع تتقاصاها من جميع عناصر الدعوى دون رقابة عليها في ذلك لمحكمة النقض ما دامت هذه العناصر مدونة في حكمها، فإن هذا النعي يكون في غير محله ويتعين رفضه.
وحيث إن النعي بما ورد في السبب الرابع مردود، ذلك أنه يبين من الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه المؤيد له أن كلا الحكمين قد اعتمد في قضائه برفض دعوى الطاعنين بالنسبة للأرض التي يضع المطعون عليه الأول يده عليها إلى وضع يد هذا الأخير على تلك الأرض المدة الطويلة المكسبة للملكية. واستند الحكمان في ذلك إلى ما استخلصاه من أقوال شهود المطعون عليه المذكور استخلاصاً له سنده من أقوال هؤلاء الشهود في محضر التحقيق - على ما سبق الإشارة إليه في الرد على السبب السابق. وما أقام الحكم المطعون فيه قضاءه عليه برفض دعوى الطاعنين في هذا الصدد كاف لحمله دون حاجة لما ورد فيه - تزيداً - بعد ذلك من قول بأن الطاعنين لم يثبتوا وضع يدهم على الأرض المذكورة. لا ينال هذا التزيد من قضاء الحكم في هذا الخصوص كما أن ما ورد في الحكم المطعون فيه من استناد إلى أقوال شهود المطعون عليه الأول في الشكوى رقم 213 سنة 45 إداري بندر أسيوط. إنما كان من قبيل الاستناد إلى قرينة تؤيد أقوال شهود المطعون عليه المذكور في التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة، ولا مخالفة لقواعد الإثبات في ذلك، لأن وضع اليد واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات من أي مصدر يستقي القاضي منه دليله ولو كان هذا المصدر أقوالاً وردت في شكوى إدارية - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ويتعين لذلك رفض هذا النعي.
وحيث إن النعي في خصوص السبب الخامس مردود. ذلك أن الطاعنين لم يقدموا صوراً رسمية من الأوراق التي تتضمن الإقرارات المدعى بصدورها من المطعون عليه الأول والتي يستندون إليها في هذا النعي، مما يجعل هذا السبب عارياً عن الدليل، ولا يجدي الطاعنين التحدي بما ورد عن تلك الأوراق ومضمونها في الحكم رقم 59 لسنة 1941 استئناف أسيوط المقدمة صورته الرسمية منهم بملف الطعن طالما أنه لم يثبت أن تلك الصورة من الحكم كانت مودعة في ملف الدعوى لدى محكمة الموضوع، ويتعين لذلك رفض هذا النعي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق