الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 23 يونيو 2023

الطعن 893 لسنة 49 ق جلسة 23 / 6 / 1980 مكتب فني 31 ج 2 ق 343 ص 1846

جلسة 23 من يونيه سنة 1980

برئاسة السيد المستشار مصطفى الفقي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: د. سعيد عبد الماجد، عاصم المراغي، محمد فتح الله وسيد عبد الباقي.

---------------

(343)
الطعن رقم 893 لسنة 49 القضائية

(1، 2) اختصاص. تأميم "لجان التقييم". قرار إداري. ضرائب.
(1) اختصاص لجان تقييم المنشآت المؤممة. نطاقه. لا حجية لقراراتها فيما يجاوز اختصاصها قبل الدولة أو أصحاب الشأن. فصلها في نزاع لا يتقدم بالتقييم في ذاته. لا يمنع المحاكم من نظره والفصل فيه. لا يعد ذلك طعناً في قرار إداري متمتع بالحصانة.
(2) تأميم المنشأة. أثره. وفاء المنشأة بدين ضريبة التركات المستحق على أصحابها السابقين. أثره. حقها في الرجوع عليهم لاسترداد ما دفع زائداً عما هو مستحق لهم من صافي موجودات المشروع
(3) التزام "الوفاء". دعوى.
الموفي بدين مستًحق على الغير. جواز الرجوع عليه بدعوى شخصيه لا ستراد ما دفعه ما لم يكن متبرعاً. م 324 / 2 مدني.

-----------------
1 - اختصاص لجان التقييم كما بينه القانون رقم 118 سنة 1961 هو تقييم رؤوس أموال المنشآت التي أممت بالقانون المذكور. وتقييم رأس مال المنشأة إنما يكون بتحديده على أساس من العناصر المكونة له، وهي الحقوق والأموال المملوكة للمنشأة وقت التأميم، وليس لها أن تضيف إلى الأموال والحقوق المؤممة شيئاً أو أن تستبعد منها شيئاً لأن ذلك يخرج عن اختصاص لجان التقييم وتختص به السلطة التشريعية وحدها، ويترتب على ذلك أنه لا يجوز للجان التقييم أن تقييم ما لم يقصد المشرع إلى تأميمه أو أن تستبعد بعض العناصر التي أدخلها المشرع في نطاق التأميم فإن هي فعلت شيئاً من ذلك فلا يكون لقرارها من أثر في شأن هذا التجاوز ولا يكتسب أية حصانة ولا يكون حجة قبل الدولة أو أصحاب الشأن، كما أنه ليس للجان التقييم أن تفصل في أي نزاع بشأن الأموال والحقوق المتنازع عليها بين المنشآت المؤممة وبين الغير أو في أي نزاع أخر لا يتعلق بالتقييم في ذاته، ذلك أن تحقيق المنازعات والفصل فيها من اختصاص المحاكم صاحبة الولاية العامة، فإن هي تعرضت للفصل في المنازعات التي لا تتصل بالتقييم في ذاته فإنه لا تكون لقراراتها أية حجية تحول دون المحاكم المختصة والنظر في هذه المنازعات والفصل فيها، ويكون للدولة وأصحاب الشأن من ملاك المنشآت المؤممة قبل تأميمها وللغير أن يتقدموا إلى المحاكم المختصة بمنازعاتهم لتحقيقها والفصل فيها، ولا يكون ذلك طعناً قي قرارات لجان التقييم، وإنما هو سعى للحصول على قضاء يحسم تلك المنازعات، لما كان ذلك، وكانت المطعون ضدها الأولى - باعتبارها قد آلت إليها المنشأة المؤممة - تنازع في التزامها بسداد رسم الأيلولة وضريبة التركات المستحقة على تركة مورث للطاعنين وفي تخصيص لجنة التقييم النصفي لجزء من أموال المنشأة لحساب ذلك الرسم وتلك الضريبة، فإن هذه المنازعة لا تنطوي على طعن في قرار إداري بل تحسم خلافاً حول المسئول عن سداد دين ضريبة التركات ورسم الأيلولة، والأمر الذي يدخل في اختصاص لجان التقييم، فإذا جاوزت لجنة التقييم النصفي اختصاصها وقررت أن دين الضريبة يقع على عاتق المنشأة المؤمن وأدرجت للوفاء به مبلغ 18250 ج ضمن خصوم المنشأة فإن قرار اللجنة في هذا المنصوص لا يحوز أية حجية ولا يتمتع بما تتمتع به القرارات الإدارية من حصانة.
2 - يترتب على التأميم نقل ملكية المشروع إلى ملكية الدولة مقابل تعويض صاحبه بسندات على خزانة الدولة، فإن المشروع المؤمم إذا أوفى بدين ضريبة التركات ورسم الأيلولة يكون قد أوفى بدين شخصي على الملاك السابقين للمشروع المؤمم - ويحق له باعتباره من الغير - الرجوع عليهم لاسترداد ما قام بالوفاء به عنهم زائداً عن المبلغ المستحق لهم مما آل إلى الدولة من صافي موجودات المشروع المؤمم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 1822 لسنة 72 مدني كلي المنصورة انتهت فيها إلى طلب الحكم بإلزام الطاعنين والمطعون ضدهما الثاني بأن يدفعوا لها متضامنين مبلغ 18250 ج والفوائد القانونية، وقالت في بيان ذلك أن الدولة أممت مطحن القاضي المملوك لمورث الطاعنين تأميماً نصفياً بموجب القانون 42 لسنة 62 بإضافته للجدول المرفق للقانون 118 سنة 61 وأدرجت لجنة التقييم مبلغ 1850 ج قيمة ضريبة التركات ورسم الأيلولة المستحق على تركة المورث في جانب الخصوم، وبتاريخ 12/ 10/ 1967 أوقعت مأمورية ضرائب المنصورة (شعبة التركات) حجزاً تنفيذياً تحت يد الشركة المطعون ضدها الأولى التي قررت بما في ذمتها ثم قامت بسداد المبلغ المشار إليه في 26/ 11/ 1967، وكان قد صدر القانون رقم 51 لسنة 1963 بتاريخ 7/ 5/ 63 بتأميم المنشأة تأميماً كلياً ولم يدرج لجنة التقييم الخاصة بالتأميم الكلي ذلك المبلغ في جانب خصوم المنشأة على أساس أنه لا يتعلق بنشاط المنشأة المؤممة وإنما يتحمل به الورثة أنفسهم كل بحسب نصيبه ولذا فقد أقامت الشركة المطعون ضدها الأولى الدعوى الحالية بمطالبة الطاعنين بما سددته عنهم لمصلحة الضرائب دفع المطعون ضدهما الثاني والثالث بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر النزاع، وبجلسة 1/ 5/ 1972 قضت محكمة المنصورة الابتدائية برفض الدفع وبرفض الدعوى، فاستأنفته الشركة المطعون ضدها الأولى بالاستئناف رقم 271 لسنة 24 ق وبجلسة 30/ 1/ 1979 قضت محكمة استئناف المنصورة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنين بأن يؤدوا إلى الشركة المطعون ضدها الأولى مبلغ 18250 ج والفوائد القانونية، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدم المطعون ضدهما الثاني والثالث مذكرة دفعا فيها بعدم قبول الطعن قبلهما وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفع وفي موضوع الطعن بنقض الحكم نقضاً جزئياً، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من المطعون ضدهما الثاني والثالث بعدم قبول الطعن بالنسبة لهما أنهما اختصما في الدعوى ليصدر الحكم في مواجهتهما ولم يقضي عليهما بشيء كما أن الطعن بالنقض بني على أساس لا تتعلق بهما، ومن ثم يكون اختصامهما في هذا الطعن غير مقبول.
وحيث إن هذا الدفع غير صحيح، ذلك أن الثابت من الحكم المطعون وباقي أوراق الطعن أن الشركة المطعون ضدها الأولى انتهت في طلباتها الختامية أمام محكمة أول درجة إلى طلب الحكم بإلزام الطاعنين والمطعون ضدهما الثاني والثالث بصفتهما متضامنين بأن يدفعوا لها المبلغ المطالب به، وإذ قضى الحكم الابتدائي برفض الدعوى فقد استأنفته الشركة بغية الحكم لها بذات الطلبات ومن ثم يكون المطعون ضدهما الثاني والثالث لم يختصما ليصدر الحكم في مواجهتهما بل اختصمتهما الشركة للحكم بإلزامهما متضامنين مع الطاعنين بالمبلغ موضوع التداعي، ومن ثم يعتبران خصمين حقيقيين في الدعوى وجاوز اختصامهما في الطعن وبالتالي يكون الدفع في غير محله.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنون بأولها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون من وجهين حاصل أولهما أن قرار لجنة التقييم يعتبر قراراً إدارياً أفصحت فيه الإدارة عن إرادتها الملزمة بناء على سلطتها العامة بقصد إنشاء مركز قانوني معين فلا يختص القضاء العادي بالتصدي له وتأويله لاختصاص مجلس الدولة وحده ودون غيره برقابة مشروعية القرارات الإدارية التي يحظر على القضاء العادي تأويلها عملاً بنص المادة 17 من قانون السلطة القضائية، وتجاوز لجان التقييم لمهمتها لا يفقد قراراتها صفتها الإدارية ولا يخضعها لرقابة القضاء العادي، إذ لا يعدو هذا التجاوز أن يكون أمراً متعلقاً بمشروعية قرار اللجنة الإداري مما يدخل في اختصاص القضاء الإداري، هذا فضلاً عن أن قرار لجنة التقييم يكتسب حصانة تماثل حصانة قوة الأمر المقضي لعدم قابليته للطعن عليه بأي وجه من أوجه الطعن عملاً بنص المادة الثالثة من القانون 118 لسنة 61، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وتعرض لمشروعية قرار لجنة التقييم رغم نهائيته وعدم اختصاصه بنظره يكون قد خالف قواعد الاختصاص الولائي المتعلقة بالنظام العام بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن اختصاص لجان التقييم كما بينه القانون رقم 118 سنة 1961 هو تقييم رؤوس أموال المنشآت التي أممت بالقانون المذكور. وتقييم رأس مال المنشأة إنما يكون بتحديده على أساس من العناصر المكونة له، وهي الحقوق والأموال المملوكة للمنشآت وقت التأميم، وليس لها أن تضيف إلى الأموال والحقوق المؤممة شيئاً أو أن تستبعد منها شيئاً لأن ذلك يخرج عن اختصاص لجان التقييم وتختص به السلطة التشريعية وحدها، ويترتب على ذلك أنه لا يجوز للجان التقييم أن تقييم ما لم يقصد المشرع إلى تأميمه أو أن تستبعد بعض العناصر التي أدخلها المشرع في نطاق التأميم فإن هي فعلت شيئاً من ذلك فلا يكون لقرارها من أثر في هذا التجاوز ولا يكتسب أية حصانة ولا يكون حجة قبل الدولة أو أصحاب الشأن، كما أنه ليس للجان التقييم أن تفصل في أي نزاع بشأن الأموال والحقوق المتنازع عليها بين المنشآت المؤممة وبين الغير أو في أي نزاع أخر لا يتعلق بالتقييم في ذاته، ذلك أن تحقيق المنازعات والفصل فيها من اختصاص المحاكم صاحبة الولاية العامة، فإن هي تعرضت للفصل في المنازعات التي لا تتصل بالتقييم في ذاته فإنه لا تكون لقراراتها أية حجية تحول دون المحاكم المختصة والنظر في هذه المنازعات والفصل فيها، ويكون للدولة وأصحاب الشأن من ملاك المنشآت المؤممة قبل تأميمها وللغير أن يتقدموا إلى المحاكم المختصة بمنازعاتهم لتحقيقها والفصل فيه، ولا يكون ذلك طعناً قي قرارات لجان التقييم، وإنما هو سعى للحصول على قضاء يحسم تلك المنازعات، لما كان ذلك، وكانت المطعون ضدها الأولى - باعتبارها قد آلت إليها المنشأة المؤممة - تنازع في التزامها بسداد رسم الأيلولة وضريبة التركات المستحقة على تركة مورث للطاعنين وفي تخصيص لجنة التقييم النصفي لجزء من أموال المنشأة لحساب ذلك الرسم وتلك الضريبة، فإن هذه المنازعة لا تنطوي على طعن في قرار إداري بل تحسم خلافاً حول المسئول عن سداد دين ضريبة التركات ورسم الأيلولة، والأمر الذي يدخل في اختصاص جهة القضاء العادي صاحبة الولاية العامة ويخرج عن اختصاص لجان التقييم، فإذا جاوزت لجنة التقييم النصفي اختصاصها وقررت بأن دين الضريبة يقع على عاتق المنشأة المؤممة وأدرجت للوفاء به مبلغ 18250 ج ضمن خصوم المنشأة فإن قرار اللجنة في هذا الخصوص لا يحوز أية حجية ولا يتمتع بما تتمتع به القرارات الإدارية من حصانة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثاني من السبب الأول مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن المنشأة المؤممة قد آلت إليهم إرثاً عن مورثهم فتكون هي وأعيان التركة ضامنة الوفاء بديونها العادية وغير العادية إذ لا تركة إلا بعد سداد الديون، ولا يلتزم الورثة بديون المورث وأولها رسم الأيلولة وضريبة التركات إلا من مال التركة وفي حدودها ولا يلزم الوارث بوفائها من ماله الخاص، ومن ثم فإن قرار لجنة التقييم النصفي بإدراج هذا الدين في جانب خصوم المنشأة المؤممة قرار صحيح، إذ تلزم الدولة بالتزامات المنشاة المؤممة في حدود ما آل إليها من أموالها وحقوقها في تاريخ التأميم، ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير منتج، ذلك أن البين من مدونات الحكم المطعون فيه وتقارير مكتب الخبراء المقدمة لمحكمة الاستئناف - والمودع صورها ملف هذا الطعن - إن المضرب المؤمم الذي كان مورث قد خلفه قيم في 26/ 10/ 1969 بمبلغ 19416ج و224 تم سداده لهم بموجب سندات على الدولة وهو ما يزيد عن قيمته عن دين رسم الأيلولة وضريبة التركات محل النزاع، ومن ثم يكون ما قضى به الحكم المطعون فيه بإلزام الطاعنين به لا يجاوز حدود التركة التي آلت إليهم عن مورثهم مما يكون معه النعي بهذا الوجه في غير محله.
وحيث إن حاصل النعي بالوجهين الأولين من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ فيه في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون أن الشركة المطعون ضدها الأولى لم تف عنهم بالمبلغ المقضي لها به، بل أوفت به التزاماً لأحكام قوانين التأميم وتنفيذاً لقرار لجنة التقييم الذي أضاف هذا الدين إلى جانب خصوم المنشأة المؤممة، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بإلزامهم به إعمالاً لقواعد الوفاء عن الغير المنصوص عليها في المادتين 323، 324 من القانون المدني وإعمالاً لقواعد الإثراء بلا سبب المنصوص عليها في المادة 179 من القانون المشار إليه فأخطأ بذلك في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في شقة الأول في غير محله، ذلك أنه لما كانت ضريبة التركات المنصوص عليها في المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 159 تستحق من وقت الوفاة على صافي قيمة التركة ويؤول ما بقي من أموال التركة إلى الورثة كل بحسب نصيبه الشرعي، وكان رسم الأيلولة يستحق على صافي نصيب كل وراث عملاً بحكم المادة الأولى من القانون رقم 142 سنة 1944، وكان الطاعنون ملزمين وفقاً لذلك بسداد ضريبة التركات من صافي عناصر التركة عن مورثهم وسداد رسم الأيلولة من صافي النصيب المستحق لكل منهم من التركة، لما كان ذلك. وكان يترتب على التأميم نقل ملكية المشروع إلى ملكية الدولة مقابل تعويض صاحبه بسندات على خزانة الدولة، فإن المشروع المؤمم، إذ أوفى بدين ضريبة التركات ورسم الأيلولة - يكون قد أوفى بدين شخصي على الملاك السابقين للمشروع المؤمم - ويحق له باعتباره من الغير - الرجوع عليهم لاسترداد ما قام بالوفاء به عنهم زائداً عن المبلغ المستحق لهم مما آل إلى الدولة من صافي موجودات المشروع المؤمم، ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر الصحيح في القانون، وانتهى بقضائه إلى إلزام الطاعنين بما أوفته الشركة المطعون ضدها الأولى عنهم - زائداً عما هو في ذمتها لهم - سداداً لدين ضريبة التركات ورسم الأيلولة المستحق عليهم تطبيقاً لقواعد الوفاء عن الغير وعملاً بحكم المادة 324/ 1 من القانون المدني التي تجعل للموفي عن الغير الحق في الرجوع على هذا الغير بالدعوى الشخصية يسترد بها مقدار ما دفعه عنه سواء كانت له مصلحة في الوفاء أو لم تكن له مصلحة في ذلك ما لم يكن متبرعاً وهو ما لم يقل به أحد من الخصوم وكانت هذه الدعامة كافية تحمل قضائه فإن النعي على الدعامة الثانية التي أقام الحكم قضاءه عليها وهي قواعد الإثراء بلا سبب المنصوص عليها في المادة 179 من القانون المدني - وأياً كان وجه الرأي في هذا النعي - يضحي غير منتج، ويكون النعي بهذا السبب في وجهيه الأولين على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تأويل القانون من وجهين حاصل أولهما الخطأ في تأويل القانون، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم المطعون فيه أسبغ النهائية على قرارات لجان التقييم بالنسبة للمنشآت المتخذة شكل الشركات المساهمة فقط دون غيرها من المنشآت تأسيساً على أن حكم عدم قابلية قرارات لجان التقييم للطعن ورد في نهاية الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانونين 117، 118 لسنة 1961 في شأن التأميم، ولم يرد في نهاية الفقرة الثالثة منها وعلى الرغم من أن نص تلك المادة قد أناط بالجان واحدة تقييم المنشآت المؤممة ولم يفرق بين ما إذا كانت المنشأة المؤممة من الشركات المساهمة أو غيرها، إذ الحكمة من إسباغ النهائية على قرارات تلك اللجان هو استقرار الأوضاع والمراكز المترتبة على قوانين التأميم، ومتى كان ذلك وكانت لجنة التقييم الأولى - في شأن التأميم النصفي - قد حددت أصول وخصوم المنشأة المؤممة وأدرجت ضريبة التركات ورسم الأيلولة المستحقين على تركة مورثهم في جانب الخصوم باعتبار أن المنشأة تمثل التركة فإن قرار تلك اللجنة يكون نهائياً غير قابل للطعن فيه وهو ما لم يلزمه الحكم المطعون فيه، وحاصل الوجه الثاني أن الحكم المطعون فيه ذهب خطأ إلى أن الشركة المطعون ضدها الأولى قامت بسداد المبلغ المحكوم لها به إلى مصلحة الضرائب جبراً عنها تنفيذاً لحجز ما للمدين لديها في حين أن هذا الحجز يوجب عليها أن تقرر بما في ذمتها لهم، وكان بإمكانها أن تقرر بعدم وجود شيء لهم لديها، وإذ أقرت بهذا الدين فقد أقرت به لعلمها بالتزام المنشأة المؤممة به وعدم التزام الطاعنين شخصياً ويكون وفاؤها به بمحض اختيارها وليس بطريق الجبر كما جاء بأسباب الحكم المطعون فيه وهو ما يعيبه بالخطأ في تأويل القانون ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في وجهه الأول غير منتج، ذلك أن النزاع المائل - وعلى ما خلصت إليه المحكمة في صدد الرد على الوجه الأول من السبب الأول من أسباب الطعن - لا ينطوي على طعن في قرار لجنة التقييم النصفي، بل يدور حول الملزم بسداد ضريبة التركات ورسم الأيلولة المستحق على تركة مورث الطاعنين وهل تسأل عنها المنشأة المؤممة أم أصحابها السابقون، وإذ خلص الحكم المطعون فيه صحيحاً إلى التزام الطاعنين بسداد ضريبة التركات ورسم الأيلولة باعتبارها ديناً شخصياً عليهم فإنه لا يعيبه ما استطرد إليه في أسبابه تزيداً من عدم إسباغ الحصانة على قرارات لجان تقييم المنشآت التي لا تتخذ شكل شركات مساهمة، إذ يستقيم الحكم بدونه ولا تأثير له فيما انتهى إليه الحكم صحيحاً كما أن النعي في وجهه الثاني غير مقبول، إذ يتضمن دفاعاً يخالطه واقع ولم يقدم الطاعنون ما يدل على سبق تمسكهم به أمام محكمة الموضوع مما يعتبر معه سبباً جديداً لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام هذه المحكمة، ومن ثم يكون النعي بهذا السبب في وجهيه غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثالث من السبب الثاني والسبب الرابع بوجهيه على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقولون إنه بفرض انطباق قواعد الإثراء بلا سبب فإنه لا يجوز الرجوع بمقتضاها إلا بمقدار ما أثرى به الثري وليس بأكثر منه إذ أن الثابت من تقارير الخبراء أمام محكمة الاستئناف أن المبلغ الذي عرضوا به زائداً عن المستحق لهم في صورة سندات على الدولة نتيجة لاستبعاد هذا المبلغ من الخصوم بمعرفة التقييم الأخيرة - بعد التأميم التكامل - هو مبلغ 9125 ج فقط وهو ما كان يجب الحكم بإلزامهم به مسايرة لمنطق الحكم لأنه كان قد أنقص من حقهم في التعويض عند التأميم النصفي ما يوازى نصف المبلغ المدرج في جانب الخصوم بمعرفة لجنة التقييم الأولى - أي نصف مبلغ 18250 ج المدرج في جانب الخصوم - وإن الحكم المطعون فيه قد ألزمهم بكامل هذا المبلغ على أساس أنه سداد من الشركة المطعون ضدها الأولى لمصلحة الضرائب من رأس مال الشركة وأن الطاعنين تم تعويضهم عن نصيبهم في رأس المال كاملاً طبقاً للقانون، وهذا من الحكم مخالف للثابت في تقارير خبراء الدعوى من أن مبلغ الـ 18250 ج المسددة بمعرفة الشركة المطعون ضدها الأولى يتكون من شقين الأول منهما مبلغ 9125 ج والذي كان قد انتقص من التعويض المستحق للطاعنين بمناسبة التأميم النصفي وقد أصبحت ذمتهم بريئة منه، والثاني عرض الطاعنون عنه بمناسبة التأميم الكامل بملغ 9125 ج وهو ما طلبت الشركة المطعون ضدها الأولى احتياطياً الحكم لها به، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وخالف الثابت بالأوراق بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله. ذلك أنه لما كان مؤدى نص المادة 324/ 2 من القانون المدني التي تنص على أنه "إذا قام الغير بوفاء الذين كان له حق الرجوع على المدين بقدر ما دفعه" أنه يجوز لمن أوفى بدين غيره أن يرجع - ما لم يكن متبرعاً - بدعوى شخصية على المدين يسترد بها مقدار ما دفعه عنه، وكان الثابت بتقارير مكتب الخبراء المقدمة لمحكمة الاستئناف والمودعة صوراً رسمية منها ملف الطعن أن لجنة التقييم الأولى في شأن التأميم النصفي قد أدرجت مبلغ 18250 ج في جانب خصوم المنشأة المؤممة لسداد ضريبة التركات ورسم الأيلولة على تركة مورث الطاعنين فترتبت على ذلك إنقاص رأس مال المنشأة المؤممة بقيمة هذا المبلغ وبالتالي إنقاص التعويض المستحق صرفه للطاعنين آنذاك مبلغ 9125 ج وأن قرار لجنة التقييم الأخيرة بمناسبة التأميم الكامل باستبعاد مبلغ 18250 من جانب خصوم المنشأة ترتب عليه زيادة رأسمالها بمقدار هذا المبلغ واستحق الطاعنون نتيجة له بحق النصف مبلغ 19419 ج و224 م تم تعويضهم عنه بسندات على الدولة وبذلك يكون الطاعنون قد عرضوا بالزيادة عما يستحقونه بمبلغ 9125 ج وهو ما قامت الشركة المطعون ضدها الأولى بوفائه عنهم ويحق لها الرجوع به عليهم عملاً بنص المادة 324/ 1 من القانون المدني سالف الذكر، وإذ استخلص الحكم المطعون فيه من أوراق الدعوى وعلى خلاف الثابت فيها أن المبلغ الذي أوفته الشركة المطعون ضدها الأولى لمصلحة الضرائب وقدره (18250 ج) يعتبر مدفوعاً بالكامل من رأسمال الشركة الخاص فيلتزم الطاعنون بأدائه كاملاً فإنه يكون قد خالف الثابت بالأوراق مما أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون بما يتوجب نقضه نقضاً جزئياً فيما زاد على مبلغ 9125 ج وفوائده القانونية.
وحيث إن موضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم فإنه يتعين رفض الاستئناف فيما جاوز المبلغ سالف البيان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق