جلسة 15 من مارس سنة 1975
برياسة السيد المستشار محمد صادق الرشيدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية
السادة المستشارين: أديب قصبجي، ومحمد فاضل المرجوشي، وحافظ الوكيل، وممدوح عطية.
------------------
(119)
الطعن
رقم 130 لسنة 39 القضائية
(1)تأمينات اجتماعية "تأمين العجز الكلي".
تأمين العجز الكلي
بالتطبيق لأحكام ق 419 لسنة 1955. مناط استحقاقه. عدم استطاعة المؤمن عليه القيام
بأي مهنة أو عمل يكتسب منه.
(2)محكمة الموضوع
"سلطتها في مسائل الإثبات". إثبات.
محكمة الموضوع. عدم
التزامها بإجابة طلب الإحالة إلى التحقيق متى رأت من أدلة الدعوى ما يكفي لتكوين
عقيدتها.
-------------------
1 - مؤدى نص المادة 25 من القانون رقم 419 لسنة 1955 بإنشاء صندوق
للتأمين وآخر للادخار للعمال الخاضعين لأحكام المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952
بشأن عقد العمل الفردي والذي أبرم عقد التأمين الجماعي - الذي ينتفع به الطاعن -
تطبيقاً له، أن العجز لا يعتبر كاملاً، متى كان المؤمن عليه يستطيع القيام بأي
مهنة أو عمل يكتسب منه وهو ما أكده المشرع بعد ذلك في المادة الأولى من قانوني
التأمينات الاجتماعية الصادرين بالقانونين رقمي 92 لسنة 1959، 63 لسنة 1964. لما
كان ذلك وكانت الشركة المطعون ضدها الأولى بعد أن تبينت عدم قدرة الطاعن على
القيام بعمله كسائق، قد أسندت إليه عملاً آخر بها يستطيع أن يؤديه، فإنه يخرج بذلك
عن مدلول عبارة العجز الكامل الذي يستحق عنه قيمة التأمين، وإذ التزم الحكم
المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.
2 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن طلب الإحالة إلى التحقيق أمر
متروك لتقدير محكمة الموضوع لها أن ترفضه متى رأت من ظروف الدعوى وملابساتها
والأدلة المقدمة فيها ما يكفي لتكوين عقيدتها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى
رقم 356 سنة 1961 مدني كلي الزقازيق على كل من شركة النيل العامة لأتوبيس شرق
الدلتا التي اندمجت فيها شركة أمنيبوس الشرقية، وشركة مصر للتأمين الدامجة لشركة
الجمهورية للتأمين، طالباً الحكم بإلزام الأولى بأن تدفع له مبلغ 432 ج و125 م
وبإلزام الثانية بأن تؤدي له مبلغ 300 جنيه، وقال بياناً لدعواه إنه في سنة 1950
عين سائقاً بشركة أمنيبوس الشركة فرع الزقازيق وظل يؤدي عمله بها حتى أوائل يونيه
سنة 1960 عندما اصطدم قطار بسيارة الشركة التي يقودها ونتج عن ذلك إصابة بعض
ركابها وقيدت الواقعة ضده جنحة إصابة خطأ برقم 2993 سنة 1960 منيا القمح، فقامت
الشركة بوقفه عن العمل، ولما حكم نهائياً في 13/ 11/ 1960 بتغريمه خمسة جنيهات
فصلته من عمله فتظلم من قرارها، إلا أن إدارة الشركة أخطرته في 2/ 4/ 1961 بأنها
رأت تصفية حسابه عن مدة عمله كسائق وإعادة تعيينه في الخدمة السايرة "رأفة
لضعف صحته وبصره"، ولما كان يستحق لدى الشركة المطعون ضدها الأولى الدامجة
لشركة أمنيبوس الشرقية مبلغ 125 ج و625 م مكافأة عن مدة خدمته وخمسين جنيهاً قيمة
مدخراته وخمسة جنيهات دفعها تأميناً للآلات و150 قرشاً ثمن أسهم تعاون ومبلغ 250
جنيهاً تعويضاً عن فصله التعسفي ومجموعها 432 ج و125 م وكان ينتفع بعقد التأمين
الجماعي الذي أبرمته الشركة طبقاً للقانون رقم 419 لسنة 1955 مع شركة الجمهورية
للتأمين التي اندمجت في الشركة المطعون ضدها الثانية ويستحق بمقتضاه تعويض العجز
الكلي وقدره 300 جنيه فقد أقام دعواه بطلباته السالف بيانها وبتاريخ 17/ 6/ 1965
حكمت المحكمة برفض الدعوى بالنسبة لطلبي المكافأة والتعويض استناداً إلى أن فسخ
العقد تم تطبيقاً للمادة 76/ 6 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959
نتيجة لما ارتكبه الطاعن من خطأ جسيم في القيام بعمله أسفر عنه حادث التصادم،
وبإحالة الدعوى إلى مكتب خبراء وزارة العدل بالنسبة لباقي الطلبات لبيان ما يستحقه
منها وأساس المطالبة بها. استأنف الطاعن الشق القطعي في هذا الحكم وقضى بعدم جواز
استئنافه، وبعد أن قدم الخبير تقريره لمحكمة أول درجة حكمت في 15/ 4/ 1968 برفض
طلبي المدخرات وتأمين الآلات وبعدم قبول طلب قيمة أسهم التعاون وبالنسبة لطلب
تأمين الادخار بإلزام الشركة المطعون ضدها الثانية بأن تدفع له مبلغ 37 ج و28 م
عبارة عن جملة أقساط الادخار التي خصمت من مرتبه طبقاً لعقد التأمين وفائدتها
البسيطة. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة (مأمورية الزقازيق)
وقيد الاستئناف برقم 71 سنة 11 ق، بتاريخ 28/ 1/ 1969 حكمت المحكمة بتأييد الحكم
المستأنف طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت
فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت لنظره جلسة 8/ 2/ 1975
وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل السبب الأول
من سببي الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه أقام قضاءه
برفض طلب تأمين العجز الكلي على أنه لا يستحق إلا في حالة الوفاة أو العجز الكلي
النهائي الذي يصبح به العامل غير صالح للعمل على الإطلاق، ولما كانت الشركة
المطعون ضدها الأولى قد أعادت تعيين الطاعن في "الخدمة السايرة" فإنه لا
يصح قانوناً القول بعجزه عن العمل كلياً ونهائياً. هذا في حين أن المقصود من
التأمين على العامل ضد العجز الكلي النهائي هو تأمينه من أخطار العمل الذي تخصص
فيه. يتقاضى أجرة عنه، ولما كان الطاعن قد عمل بالشركة المطعون ضدها الأولى سائقاً
منذ التحاقه بها وكانت قد فصلته من هذا العمل لعجزه كلياً ونهائياً عن القيام به،
فإنه يكون مستحقاً لقيمة التأمين ويكون الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر قد
أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير
سديد ذلك أنه يبين من أوراق الطعن أنه بموجب شهادة التأمين رقم 977 ينتفع الطاعن
بعقد التأمين الجماعي رقم 685000 المبرم بين شركة أمينبوس الشرقية وشركة الجمهورية
للتأمين بالتطبيق لأحكام القانون رقم 419 لسنة 1955 بإنشاء صندوق للتأمين وآخر
للادخار للعمال الخاضعين لأحكام المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 بشأن عقد العمل
الفردي، ولما كان البند الثالث من هذه الشهادة ينص على أن يدفع تأمين الوفاة في
حالة الوفاة قبل بلوغ خمسة وستين عاماً وفي حالة العجز الكلي النهائي قبل بلوغ سن
الستين وكانت المادة 25 من القانون رقم 419 لسنة 1955 المشار إليه والذي أبرم عقد
التأمين الجماعي تطبيقاً له - بعد أن عددت بعض أحوال العجز الكامل - نصت على أن
تعتبر "...... كذلك كل حالة عجز كامل يصيب العامل نتيجة حادث أو مرض يكون من
شأنه أن يحول كلية أو بصفة مستديمة بينه وبين مزاولة مهنة أو عمل يكتسب
منه......" فإن مؤدى ذلك أن العجز لا يعتبر كاملاً - وهو ما عبرت عنه شهادة
التأمين بالعجز الكلي النهائي - إذا كان المؤمن عليه يستطيع القيام بأي مهنة أو
عمل يكتسب منه، وهو ما أكده المشرع بعد ذلك في المادة الأولى من كل من قانوني
التأمينات الاجتماعية الصادرين بالقانونين رقمي 92 لسنة 1959، 63 لسنة 1964. لما
كان ذلك، وكانت الشركة المطعون ضدها الأولى بعد أن تبينت عدم قدرة الطاعن على
القيام بعمله كسائق، قد أسندت إليه عملاً آخر بها يستطيع أن يؤديه، فإنه يخرج بذلك
عن مدلول عبارة العجز الكامل الذي يستحق عنه قيمة التأمين، وإذ التزم الحكم
المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.
وحيث إن الطاعن ينعى
بالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان
ذلك يقول إنه طلب الحكم له بمبلغ خمسين جنيهاً قيمة مدخراته لدى الشركة المطعون
ضدها الأولى ومبلغ خمسة جنيهات دفعها عند بدء عمله بها تأميناً للآلات المسلمة
إليه، وإذ لم تقدم الشركة للخبير المنتدب للدفاتر السابقة على سنة 1961 فقد طلب
إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات أحقيته في هذين المبلغين،إلا أن الحكم المطعون
فيه أيد الحكم المستأنف في رفض طلبيه قولاً بأنه لم يقدم الدليل على دفعه هذين
المبلغين، وأن طلب الإحالة إلى التحقيق غير منتج في الدعوى وذلك دون أن يورد سبباً
لما انتهى إليه، مع أن الأثر المترتب على التحقيق ومدى إنتاجه في الدعوى لا يبين
إلا بعد سماع الشهود وهو ما يصم الحكم بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود
بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن طلب الإحالة إلى التحقيق أمر متروك لتقدير
محكمة الموضوع لها أن ترفضه متى رأت من ظروف الدعوى وملابساتها والأدلة المقدمة
فيها ما يكفي لتكوين عقيدتها، ولما كان الثابت من أوراق الطعن أن محكمة أول درجة
ندبت خبيراً لبيان أحقية الطاعن في هذين المبلغين وصرحت له بسماع شهوده وأن الخبير
انتهى إلى أن الطاعن لم يستطيع إثبات حقه فيهما، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص
من اطلاعه على محاضر أعمال الخبير أن الطاعن غير محق في طلبه وأن طلب الإحالة إلى
التحقيق غير منتج فإن النعي عليه بالقصور يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين
رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق