الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 8 فبراير 2018

الطعن 24010 لسنة 64 ق جلسة 16 / 12 / 1996 مكتب فني 47 ق 195 ص 1355

جلسة 16 من ديسمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمد زايد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سرى صيام ومحمد شتا نائبي رئيس المحكمة وأسامة توفيق وعبد الرحمن هيكل.

----------------

(195)
الطعن رقم 24010 لسنة 64 القضائية

(1) قانون "تفسيره" "سريانه من حيث المكان". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". اختلاس.
مفاد نص المادة 3 من قانون العقوبات؟
التمسك بتشريع أجنبي. مجرد واقعة تستدعى التدليل عليها.
سريان قانون العقوبات المصري على واقعة تمت بالخارج. يستوجب أن يتحقق قاضي الموضوع من أن الفعل معاقب عليه بمقتضى قانون البلد الذي ارتكب فيه.
(2) اختلاس. جريمة "أركانها". موظفون عموميون. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
مناط العقاب طبقاً للمادة 112 من قانون العقوبات؟
(3) اختلاس. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
مجرد وجود عجز في حساب الموظف العمومي. لا يمكن أن يكون بذاته دليلاً على حصول الاختلاس. علة ذلك؟
(4) إثبات "بوجه عام". حكم "بيانات حكم الإدانة". "تسبيبه. تسبيب معيب". اختلاس.
الأحكام الجنائية. وجوب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال.
حكم الإدانة. بياناته؟ المادة 310 إجراءات جنائية.
المراد بالتسبيب المعتبر؟
عدم بيان الحكم بوضوح. وتفصيل مفردات الأشياء التي اقتنعت المحكمة باختلاسها. والمنتجة للمبلغ. واكتفائه بالإحالة إلى محاضر الجرد دون إيراد مضمونها واتخاذه من العجز بذاته دليلاً على وقوع الاختلاس. يعيب الحكم.

-----------------
1 - لما كانت المادة 3 من قانون العقوبات تنص على أن "كل مصري ارتكب وهو خارج القطر فعلاً يعتبر جناية أو جنحة في هذا القانون يعاقب بمقتضى أحكامه إذا عاد إلى القطر وكان الفعل معاقباً عليه بمقتضى قانون البلد الذي ارتكب فيه". فإن مؤدى هذا النص أن شرط عقاب الطاعن لدى عودته هو أن تكون الجريمة التي أقيمت عليه الدعوى الجنائية من أجلها والتي وقعت بالخارج معاقباً عليها طبقاً لقانون روسيا. وإذ ما كان الطاعن يجحد العقاب على هذا الفعل في هذه الدولة، وكان الأصل أن التمسك بتشريع أجنبي لا يعدو أن يكون مجرد واقعة تستدعي التدليل عليها، إلا أنه في خصوص سريان قانون العقوبات المصري خارج الإقليم المصري عملاً بحكم المادة الثالثة من هذا القانون، فإنه من المتعين على قاضي الموضوع - وهو بصدد إنزال حكم القانون على الواقعة المطروحة عليه - أن يتحقق من أن الفعل معاقب عليه بمقتضى قانون البلد الذي ارتكب فيه لا أن يعتد في هذا الخصوص إلى الشهادة المقدمة من سفارة روسيا.
2 - من المقرر أن القانون قد فرض العقاب في المادة 112 من قانون العقوبات على عبث الموظف بما يؤتمن عليه مما يوجد بين يديه بمقتضى وظيفته بشرط انصراف نيته باعتباره حائزاً له إلى التصرف فيه على اعتبار أنه مملوك له وهو معنى مركب من فعل مادي هو التصرف في المال ومن عامل معنوي يقترن به وهو نية إضاعة المال على ربه.
3 - من المقرر أن مجرد وجود عجز في حساب الموظف العمومي لا يمكن أن يكون بذاته دليلاً على حصول الاختلاس لجواز أن يكون ذلك ناشئاً عن خطأ في العمليات الحسابية أو لسبب أخر.
4 - لما كانت الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً. والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد والحجج المبنى عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون. ولكي يتحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به. فلا يكفي مجرد الإشارة إلى الأدلة بل ينبغي سرد مضمون الدليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتفاقه مع الأدلة الأخرى التي أقرها الحكم حتى يتضح وجه استدلاله بها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يبين بوضوح وتفصيل مفردات الأشياء التي اقتنعت المحكمة باختلاسها، والمنتجة للمبلغ الذي حدده أعضاء اللجنة، واكتفى في ذلك بالإحالة إلى محاضر الجرد دون أن يورد مضمونها، واتخذ من العجز بذاته دليلاً على وقوع الاختلاس دون أن يكون في وقائع الدعوى وظروفها كما أوردها الحكم ما يدل على تصرف الطاعن في المال تصرفاً يتوافر به القصد الجنائي لديه. لما كان ذلك، فإن الحكم يكون معيباً بما يوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدولة روسيا الاتحادية: بصفته مديراً بإحدى الشركات المساهمة - شركة...... بجمهورية مصر العربية - اختلس البضائع البالغ قيمتها 53576 دولار أمريكي (ثلاثة وخمسون ألف وخمسمائة وستة وسبعون دولاراً أمريكياً" بما يعادل مبلغ 180.840.69 جنيه مصري (مائه وثمانون ألفاً وثمانمائة وأربعون جنيهاً وتسعة وستون قرشاً) والمملوكة للشركة سالفة الذكر والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالزقازيق لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 113 مكرراً/ 1، 118، 118 مكرراً، 119/ جـ، 119 مكرراً/ هـ من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ وقدرة 180840.690 جنيه (مائة وثمانون ألف وثمانمائة وأربعون جنيهاً وتسعة وستون قرشاً) وألزمته برد مثل هذا المبلغ وأمرت بعزله من وظيفته.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاختلاس قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، ذلك بأنه دفع بعدم جواز محاكمته استناداً إلى نص المادة الثالثة من قانون العقوبات لثبوت جريمة الاختلاس في روسيا الاتحادية، وهو فعل غير معاقب عليه بمقتضى قانون ذلك البلد، ومن ثم فلا تجوز محاكمة الطاعن عنها في جمهورية مصر العربية، وقد أطرح الحكم هذا الدفع بقوله أن الثابت من مطالعة الشهادة المقدمة من سفارة روسيا أن جريمة خيانة الأمانة معاقب عليها في القانون الجنائي الروسي بعقوبة السجن في حين أن هذه الشهادة لا تعد قانوناً لهذا البلد ومن ثم لزاماً على المحكمة أن تتحقق بنفسها أن الفعل معاقب عليه بمقتضى قانون البلد الذي ارتكبت فيه هذه الجريمة، كما أن الحكم أقام قضاءه بالإدانة على مجرد وجود عجز في عهدته، ولم يعن باستظهار أركان الجريمة التي دانه بها مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله: "أن شركة....... الكائن مقرها بمدينة العاشر من رمضان بمحافظة الشرقية وهي شركة مساهمة مصرية وفق القانون رقم 159 لسنة 1981 والذي اعتبر أموال هذه الشركات أموالاً عامة وقد قامت تلك الشركة بإنشاء فرع لها بمدينة موسكو بجمهورية روسيا تحت ما يسمى بشركة ...... وتم تجهيز هذا الفرع وأرسلت إليه منتجات الشركة الأم وصدر قرار رئيس مجلس إدارة الشركة الأخيرة بتعيين المتهم...... مديراً لهذا الفرع وأميناً لعهدته وتبين لإدارة الشركة المذكورة أن التدفقات النقدية لمبيعات هذا الفرع لا تتفق في حجم مبيعاته وما يرسل إليه من منتجات فأوفدت إدارة الشركة لجنة لجرد عهدة المتهم المذكورة فشكلت برئاسة..... المدير المالي للشركة وعضوية..... مدير فرع الشركة الجديد وبحضور المتهم ذاته وتبين من الجرد وبعد خصم المصروفات المثبتة بالمستندات الرسمية وجود عجز يقدر بمبلغ 111.198.91 دولاراً أمريكياً وقد رأت الشركة بعد ذلك إقرار أوجه الصرف الأخرى والتي تمت بغير مستندات رسمية أن إجمالي المبلغ المختلس بمعرفة المتهم المذكور هو مبلغ 53576 ثلاثة وخمسون ألف وخمسمائة وستة وسبعين دولاراً أمريكياً ووقع المتهم على محضر تلك المراجعة وحرر شيكاً بقيمة هذا المبلغ ولما لم يمتثل المتهم في سداد المبلغ المختلس قدمت الشركة بلاغاً ضده بمعرفة وكيلها القانوني .... تم تحقيقه بمعرفة النيابة العامة على النحو الوارد بالأوراق". وعرض الحكم إلى ما أثاره الطاعن من عدم جواز محاكمته على اعتبار أن الجريمة وقعت في روسيا - الاختلاس - وهي غير معاقب عليها في روسيا، فرد عليه في قوله: "وجه الدفاع الأول: الدفع بعدم اختصاص هذه المحكمة بنظر الدعوى لكون أن الفعل غير معاقب عليه بروسيا فإن الثابت من مطالعة الشهادة المقدمة من سفارة روسيا أن جريمة خيانة الأمانة معاقب عليها في القانون الجنائي الروسي بعقوبة السجن وأن تلك الجريمة تقوم في حالة اختلاس شخص مال يخص غيره ويسلم إليه بعقد من عقود الأمانة وإن كان ذلك وكان مفاد نص المادة الثالثة من قانون العقوبات أن كل مصري ارتكب وهو خارج القطر فعلاً يعتبر جناية أو جنحة في هذا القانون يعاقب بمقتضى أحكامه إذا عاد إلى القطر وكان الفعل معاقباً عليه بمقتضى قانون البلد الذي ارتكب فيه ومن ثم يكون هذا الدفع قد أتى على غير سند من الواقع والقانون خليق برفضه خاصة وأن المتهم لم يقدم دليلاً من دولة روسيا يناهض الشهادة السابقة. لما كان ذلك، وكان ما انتهى إليه الحكم فيما تقدم غير سديد، ذلك بأن المادة 3 من قانون العقوبات تنص على أن "كل مصري ارتكب وهو خارج القطر فعلاً يعتبر جناية أو جنحة في هذا القانون يعاقب بمقتضى أحكامه إذا عاد إلى القطر وكان الفعل معاقباً عليه بمقتضى قانون البلد الذي ارتكب فيه"، فإن مؤدى هذا النص أن شرط عقاب الطاعن لدى عودته هو أن تكون الجريمة التي أقيمت عليه الدعوى الجنائية من أجلها والتي وقعت بالخارج معاقباً عليها طبقاً لقانون روسيا. وإذ ما كان الطاعن يجحد العقاب على هذا الفعل في هذه الدولة، وكان الأصل أن التمسك بتشريع أجنبي لا يعدو أن يكون مجرد واقعة تستدعى التدليل عليها، إلا أنه في خصوص سريان قانون العقوبات المصري خارج الإقليم المصري عملاً بحكم المادة الثالثة من هذا القانون، فإنه من المتعين على قاضي الموضوع - وهو بصدد إنزال حكم القانون على الواقعة المطروحة عليه - أن يتحقق من أن الفعل معاقب عليه بمقتضى قانون البلد الذي ارتكب فيه لا أن يتعد في هذا الخصوص إلى الشهادة المقدمة من سفارة روسيا، هذا إلى أن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بعد أن نقل الحكم من أقوال وكيل الشركة وعضوي لجنة الجرد أن عمل اللجنة أسفر عن اختلاس الطاعن لهذا المبلغ انتهى إلى ثبوت التهمة قبل الطاعن من أنه هو الذي يستلم البضاعة ويوقع على أذونها ويكلف بتوريد أثمانها ووقع على محاضر الجرد المثبتة للعجز ولم يبد ثمة اعتراض أمام لجنة الجرد فضلاً عن أنه حرر شيكاً بقيمة المبلغ المختلس. لما كان ذلك، وكان القانون قد فرض العقاب في المادة 112 من قانون العقوبات على عبث الموظف بما يؤتمن عليه مما يوجد بين يديه بمقتضى وظيفته بشرط انصراف نيته باعتباره حائزاً له إلى التصرف فيه على اعتبار أنه مملوك له وهو معنى مركب من فعل مادي هو التصرف في المال ومن عامل معنوي يقترن به وهو نية إضاعة المال على ربه، وكان من المقرر أن مجرد وجود عجز في حساب الموظف العمومي لا يمكن أن يكون بذاته دليلاً على حصول الاختلاس لجواز أن يكون ذلك ناشئاً عن خطأ في العمليات الحسابية أو لسبب آخر، وكانت الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً. والمراد بالتسبيب المعتبر تحديد الأسانيد والحجج المبنى عليها والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو من حيث القانون. ولكي يتحقق الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يستطاع الوقوف على مسوغات ما قضى به. فلا يكفي مجرد الإشارة إلى الأدلة بل ينبغي سرد مضمون الدليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتفاقه مع الأدلة الأخرى التي أقرها الحكم حتى يتضح وجه استدلاله بها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يبين بوضح وتفصيل مفردات الأشياء التي اقتنعت المحكمة باختلاسها، والمنتجة للمبلغ الذي حدده أعضاء اللجنة، واكتفى في ذلك بالإحالة إلى محاضر الجرد دون أن يورد مضمونها، واتخذ من العجز بذاته دليلاً على وقوع الاختلاس دون أن يكون في وقائع الدعوى وظروفها كما أوردها الحكم ما يدل على تصرف الطاعن في المال تصرفاً يتوافر به القصد الجنائي لديه. لما كان ذلك، فإن الحكم يكون معيباً بما يوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي ما أثاره الطاعن في طعنه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق