جلسة 8 من نوفمبر سنة 1949
برياسة حضرة أحمد حسن بك وكيل المحكمة وحضور حضرات: أحمد فهمي إبراهيم بك وأحمد حسني الهضيبي بك ومحمد غنيم بك المستشارين.
----------------
(19)
القضية رقم 915 سنة 19 القضائية
دفاع.
طلب المتهم استيضاح الطبيب الشرعي عن مبلغ إدراك المجني عليه وتمييزه بعد إصابته. اطراحه اعتماداً على رواية منقولة عن المجني عليه نفسه بعد إصابته. إخلال بحق الدفاع. كان يجب تحقيق ذلك الدفاع عن طريق فني.
الوقائع
اتهمت النيابة العمومية هذا الطاعن بأنه ضرب عمداً فرج محمود درباله بفأس في رأسه فأحدث به الإصابة الموضحة بالكشف الطبي والتي تخلفت لديه بسببها عاهة مستديمة يستحيل برؤها وهي فقد جزء من عظام الرأس يصبح معه المصاب عرضة لمضاعفات موصوفة في التقرير الطبي الشرعي تقلل من قوة جلده على العمل بما يقدر بحوالي10% إلى 12%، وطلبت من حضرة قاضي الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادة 240/1 من قانون العقوبات، فقرر إحالته إليها لمحاكمته بالمادة المذكورة.
سمعت محكمة جنايات شبين الكوم الدعوى، وقضت حضورياً بمعاقبة المتهم بالسجن أربع سنوات عملا بمادة الاتهام المذكورة أنفاً.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.
المحكمة
وحيث إن مما يعيبه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه أخل بحقه في الدفاع لأن محاميه طلب من المحكمة استدعاء الطبيب الشرعي لاستيضاحه عما إذا كان المجني عليه ظل بعد إصابته محتفظا بإدراكه بحيث استطاع رؤية ضاربه، فرفضت المحكمة هذا الطلب بناء على ما ذكرته في حكمها من أنها لا ترى له محلا لأن المستفاد من شهادة الشهود جميعاً أن المجني عليه كان حافظاً لقواه العقلية أثناء الحادث وبعده، في حين أن هذا غير صحيح إذ أن إصابة المجني عليه لا بد وأن تفقده ذاكرته وتسلمه إلى غيبوبة فلا يفيق إلا بعد زمن، كما أن المجني عليه مقر في أقواله بأنه أغمى عليه عقب الإصابة، هذا وذاك فضلا عن أن ما طلبه محامي الطاعن إنما يتعلق بمسألة فنية لا تغني فيها شهادة الشهود.
وحيث إنه يتضح من مراجعة الحكم المطعون فيه أن المجني عليه في الدعوى كان هو شاهد الرؤية الوحيد فيها، وأن إصابته قد حصلت بضربة من جسم ثقيل راض كخرزة الفأس وجهها إليه الجاني من خلفه، فأحدثت بمؤخرة رأسه جرحاً رضياً ذا ثلاث شعب يبلغ طول كل منها ثلاثة سنتيمترات ومصحوباً بكسر شرخي مما ترتب عليه عملية تربنة ورفع عظام وتخلف عنه العاهة المستديمة المبينة بوصف الاتهام، وأن المجني عليه سقط في أثر الإصابة بدليل قوله إن أخاه إبراهيم حمله من مكانه إلى غرفة التليفون وتأكد الشاهد عبد الفتاح أحمد منصور بأنه إذ أبصر به مصاباً في رأسه بإصابة دامية رآه راقداً في مكان بعيد عن أقرب شجرة بقصبتين أو بثلاث، وإذ عرض للأسباب التي استند إليها في إدانة الطاعن قال "وحيث إن المتهم أنكر التهمة كما أنكر المضاربة السابقة ونفي وجود ضغائن بينه وبين المجني عليه وأنكر ذهابه إلى الغيط يوم الحادث بسبب وجوده في مأتم عمه عشري وتمسك الحاضر عنه بما ورد ببلاغ حكيمباشى المستشفى من أن المجني عليه قرر أمامه أن إصابته نتيجة سقوط جسم ثقيل على رأسه. وطلب استيضاح الطبيب الشرعي فيما إذا كان المجني عليه يستطيع بعد إصابته أن يحصر ذاكرته ويري ضاربه، وحيث إن ما قرره المجني عليه لطبيب المستشفي مرده أنه كان يظن أن الإصابة قد يجوز أن تكون بسيطة تمهيداً للصلح، ويؤيد ذلك أنه وذويه لم يبلغوا بالحادث وكان طبيب المستشفى هو أول من بلغ به، وقد سئل المجني عليه ثاني يوم الحادث بالمستشفى وقرر أن المتهم ضربه على رأسه بالفأس كما شهد كل من عبد الفتاح أحمد منصور وعطية إبراهيم دربالة وإبراهيم محمد دربالة أن المجني عليه أخبرهم عقب الحادث مباشرة أن المتهم سعد مصطفي زويع ضربه بالفأس على رأسه، ولا ترى المحكمة بعد ذلك محلا لاستيضاح الطبيب الشرعي كما طلب محامي المتهم، فالمستفاد من شهادة الشهود جميعاً أن المجني عليه كان حافظاً لقواه العقلية أثناء الحادث وبعده".
وحيث إنه يؤخذ مما تقدم أن محكمة الموضوع حين اطرحت ما طلبه محامي الطاعن من استيضاح الطبيب الشرعي، وهو دفاع جوهري للطاعن قد يترتب عليه تأثر مركزه من التهمة المسندة إليه، قد اعتمدت في ذلك على رواية منقولة عن المجني عليه نفسه بعد إصابته وهو الذي طعن الدفاع عن الطاعن في مقدرته على الإدراك والتمييز بعد الإصابة، مع أنه كان من الممكن لها تحقيق هذا الدفاع والوصول إلى غاية الأمر فيه عن طريق المختص فنياً به وهو الطبيب الشرعي. ومتى كان الأمر كذلك، وكان المقام مقام إدانة يجب أن تبني على اليقين، فإن حكمها يكون معيباً متعيناً نقضه لإخلاله بحق دفاع المتهم، وذلك من غير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق