الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 30 مايو 2018

المغايرة بين المحكمة الدستورية العليا وباقي المحاكم بشأن التصدي لشبهة عدم دستورية نص قانوني

الطعن 27  لسنة 37  ق " منازعة تنفيذ  جلسة 5 / 5 / 2018
الجريدة الرسمية العدد 19 مكرر ب في 13 / 5 / 2018 ص 116
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من مايو سنة 2018 م، الموافق التاسع عشر من شعبان سنة 1439 هـ
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: سعيد مرعي عمرو وبولس فهمي إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبد العزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار/ طارق عبد العليم أبو العطا رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 27 لسنة 37 قضائية "منازعة تنفيذ".
----------
الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن النيابة العامة كانت قد قدمت المدعي – كمتهم أول – وثلاثة آخرين، للمحاكمة الجنائية أمام محكمة جنايات بني سويف، في القضية رقم 10757 لسنة 2012 جنايات مركز بني سويف، المقيدة برقم 978 لسنة 2012 كلي بني سويف، بوصف أنهم في يوم 7/ 12/ 2011: (1) قتلوا المجني عليه "......" عمدا مع سبق الإصرار والترصد، (2) المتهمون الثلاث الأول: أحرزوا أسلحة بيضاء (مطواة، كتر، جنزير) بغير مصوغ من الضرورة الحرفية أو الشخصية، وطلبت عقابهم بالمواد (230, 231, 232) من قانون العقوبات، والمواد المطبقة من قانون الأسلحة والذخائر الصادر بالقانون رقم 394 لسنة 1954 وتعديلاته، وبجلسة 8/ 4/ 2014، قضت المحكمة حضوريا بمعاقبة المدعي بالسجن المؤبد، عما أسند إليه من اتهام، ومصادرة السلاح المضبوط (مطواة)، وغيابيا ببراءة باقي المتهمين، وقد طعن المدعي على ذلك الحكم أمام محكمة النقض، بموجب الطعن رقم 27969 لسنة 84 قضائية، وبجلسة 6/ 3/ 2017، قضت المحكمة برفض الطعن، وإذ ارتأى المدعي أن هذا الحكم يمثل عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 4/ 5/ 1985في القضية رقم 20 لسنة 1 قضائية "دستورية"، فقد أقام دعواه المعروضة، على سند من أنه بتاريخ 4/ 3/ 2013، قبل صدور الحكم بإدانته، تم عقد مجلس عرفي بديوان مركز شرطة بني سويف، بين عائلته وعائلة المجني عليه، انتهى فيه المحكمون إلى تغريم عائلته مبلغ مائة وأربعين ألف جنيه، تسلمتها عائلة المجني عليه، وتنازلوا عن حق القصاص من القاتل، ويطلب المدعي تطبيق أحكام المواد (2, 7/ 1, 54, 95, 96) من دستور سنة 2014، تطبيقا مباشرا، باعتبارها من قبيل القانون الأصلح للمتهم زمانيا، لكون تنازل أولياء حق الدم عن القصاص منه، من أحكام الشريعة الإسلامية الواجبة الإعمال في حقه، وفقا لما تنص عليه المادة (7) من قانون العقوبات من أنه "لا تخل أحكام هذا القانون في أي حال من الأحوال بالحقوق الشخصية المقررة في الشريعة الغراء"، وأختصم شيخ الأزهر في الدعوى لإبداء الرأي في هذا الخصوص، باعتبار أن الأزهر الشريف، وفقا للمادة (7/ 1) من الدستور، هو المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشئون الإسلامية". 
بتاريخ السادس عشر من يونيه سنة 2015، أقام المدعي هذه الدعوى، بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلبا للحكم، أولا: بقبول المنازعة شكلا. ثانيا: بصفة عاجلة، بوقف تنفيذ وإنهاء الآثار الجنائية للحكم الصادر من محكمة جنايات بني سويف، بجلسة 8/ 4/ 2014، في الجناية رقم 10757 لسنة 2012 (المقيدة برقم 978 لسنة 2012 كلي بني سويف)، بمعاقبته بالسجن المؤبد، ثالثا: بالاستمرار في تنفيذ مقتضى الحكمين الصادرين في القضيتين رقمي 48 لسنة 17 قضائية "دستورية"، و118 لسنة 21 قضائية "دستورية" بشأن وجوب تطبيق القانون الأصلح للمتهم، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أهمها تطبيق القانون الأصلح زمانيا
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
هذا وقد دفع المدعي بعدم دستورية نص المادة 18 مكررا (أ) من قانون الإجراءات الجنائية، والمواد (230, 231, 232) من قانون العقوبات، أو أن تعمل هذه المحكمة رخصة التصدي المخولة لها بموجب نص المادة (27) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، بالنسبة لهذه النصوص، على سند من أن الحكم الصادر في القضية الدستورية رقم 20 لسنة (1) قضائية، بجلسة 4/ 5/ 1985, قد ورد به أنه اعتبارا من 22/ 5/ 1980, تاريخ تعديل المادة الثانية من دستور سنة 1971، صار المشرع ملزما فيما يسنه من تشريعات جديدة أو معدلة لتشريعات سابقة، أن تكون متفقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية"، وأنه كان يتعين على المشرع عند إضافته المادة 18 مكررا (أ) إلى قانون الإجراءات الجنائية بموجب القانون رقم 174 لسنة 1998، ثم استبدالها بالقانون رقم 145 لسنة 2006، مراعاة توافقها وأحكام الشريعة الإسلامية، بإضافة جريمة القتل العمد، أسوة بجريمة القتل الخطأ المعاقب عليها بالمادة (238/ 1, 2) من قانون العقوبات، ضمن الجرائم التي تنقضي فيها الدعوى الجنائية بتصالح المجني عليه أو ورثته، مع المتهم، ولو كان الحكم الصادر فيها قد صار باتا، وذلك إعمالا لأثر تنازل أولياء حق الدم عن القصاص من القاتل، باعتباره من أحكام الشريعة الإسلامية، وهو ما لم يلتزم به المشرع في النصوص المذكورة
وحال تحضير الدعوى أمام هيئة المفوضين بتاريخ 8/ 11/ 2015, قدم محامي المدعي مذكرة، ضمنها دفعا بعدم دستورية المادة 18 مكررا (أ) من قانون الإجراءات الجنائية، المضافة بالقانون رقم 174 لسنة 1998، والمستبدلة بالقانون رقم 145 لسنة 2006، فيما لم تتضمنه من سريان حكمها – بشأن أثر تصالح المجني عليه أو ورثته مع المتهم، في الجرائم التي عددتها حصرا – على جريمة القتل العمد، لمخالفتها الشريعة الإسلامية، وطلب تصدي المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية تلك المادة، إعمالا للمادة (27) من قانونها. وبتاريخ 10/ 1/ 2016، قدم محامي المدعي مذكرة، ضمنها أولا: إدخال خصمين جديدين، هما: رئيس مجلس النواب، ووزير الشئون القانونية وشئون مجلس النواب. ثانيا: تعديل الطلبات، لتكون: وقف تنفيذ الحكم الجنائي الصادر بإدانة المدعي، وإنهاء آثاره الجنائية، المطعون عليه أمام محكمة النقض بالطعن رقم 27969 لسنة 84 قضائية "جنائي بأوجه"، والاستمرار في تنفيذ مقتضي الحكم الصادر بجلسة 4/ 5/ 1985, في القضية رقم 20 لسنة (1) قضائية "دستورية"، في شأن التزام المشرع فيما يصدره أو يعدله من تشريعات، بعد تعديل المادة (2) من دستور سنة 1971 بتاريخ 22/ 5/ 1980, بأن تكون متفقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أهمها تطبيق أحكام المواد (2, 7/ 1, 97, 192, 195, 224) من دستور سنة 2014، تطبيقا مباشرا، باعتبارها من قبيل القانون الأصلح للمتهم – المدعي - زمانيا
هذا وقد قدم محامي شيخ الأزهر – المدعى عليه الثالث – مذكرة طلب فيها إخراجه من الدعوى بلا مصاريف، وحافظة مستندات طويت على الفتوى رقم 340 لسنة 2015، الصادرة من مفتي الجمهورية جاء بها أنه "إذا تنازل ولي الدم عن القصاص من القاتل على الدية أو بالعفو مطلقا، فإن ذلك يسقط القصاص عن القاتل، ويجوز لولي الأمر إذا رأى أن المصلحة في إنزال العقوبة بالجاني، أن يفعله على وجه التعزير، ولو كان ذلك بعد عفو أولياء الدم". 
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قوام منازعة التنفيذ التي تختص المحكمة الدستورية العليا بالفصل فيها وفقا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن تعترض تنفيذ حكمها عوائق تحول قانونا – بمضمونها - دون اكتمال مداه، أو تقيد اتصال حلقاته، بما يعرقل جريان آثاره كاملة أو يحد منها، ومن ثم تكون هذه العوائق هي محل منازعة التنفيذ التي تستهدف إنهاء الآثار القانونية الناشئة عنها أو المترتبة عليها، وتتدخل المحكمة الدستورية العليا لإزاحة هذه العوائق التي يفترض أن تكون قد حالت فعلا، أو من شأنها أن تحول، دون تنفيذ أحكامها تنفيذا صحيحا مكتملا، وسبيلها في ذلك الأمر بالمضي في تنفيذ أحكامها، وعدم الاعتداد بذلك الحائل الذي عطل مجراها. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا لهدم عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين جميعهم ودون تمييز، يفترض أمرين: (أولهما) أن تكون هذه العوائق – سواء بطبيعتها أم بالنظر إلى نتائجها – حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. (ثانيهما) أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام وربطها منطقيا بها، ممكنا. فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها
وحيث إن الخصومة في الدعوى الدستورية – وهي بطبيعتها من الدعاوي العينية – قوامها مقابلة النصوص التشريعية المطعون عليها بأحكام الدستور؛ تحريا لتطابقها معها؛ إعلاء للشرعية الدستورية، ومن ثم تكون هذه النصوص ذاتها هي موضوع الدعوى الدستورية أو هي بالأحرى محلها، وإهدارها بقدر تهاترها مع أحكام الدستور هي الغاية التي تبتغيها هذه الخصومة، وأن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة في تلك الدعوى يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التي كانت مثارا للمنازعة حول دستوريتها وفصلت فيها المحكمة فصلا حاسما بقضائها، ولا تمتد إلى غير تلك النصوص، حتى ولو تطابقت في مضمونها، كما أن قوة الأمر المقضي لا تلحق سوى منطوق الحكم وما يتصل به من الأسباب اتصالا حتميا بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها، فلا يجوز نزع أسباب الحكم من سياقها، أو الاعتداد بها بذاتها دون المنطوق للقول بأن هناك عقبات تحول دون سريان تلك الأسباب
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق لها أن قضت بحكمها الصادر بجلسة 4/ 5/ 1985, في القضية رقم 20 لسنة 1 قضائية "دستورية" برفض الدعوى المقامة طعنا على نص المادة (226) من القانون المدني، وقد نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بالعدد رقم (20) بتاريخ 16/ 5/ 1985، وقد انصبت طلبات المدعي الختامية في الدعوى المعروضة على القضاء بالاستمرار في تنفيذ مقتضي هذا الحكم، وإنهاء الآثار الجنائية وعدم الاعتداد بالحكم الصادر بمعاقبته بالسجن المؤبد، لارتكابه جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، إعمالا لأثر تنازل أولياء حق الدم عن القصاص منه، الحاصل بتاريخ 4/ 3/ 2013، باعتباره من أحكام الشريعة الإسلامية واجبة الإتباع وفقا لنص المادة (7) من قانون العقوبات، في ضوء الفتوى الصادرة من مفتي الجمهورية المقدمة من الأزهر الشريف، وباعتبارها ملزمة إعمالا للمادة (7/ 1) من الدستور الحالي، فذلك مردود بأن تلك المسألة لم تعرض لها المحكمة الدستورية العليا في حكمها المشار إليه، ومن ثم لا تمتد إليها الحجية المطلقة الثابتة لحكمها، بمقتضى نص المادة (195) من الدستور، والمادتين (48, 49) من قانونها المشار إليه، وليس لها من صلة بقضاء هذه المحكمة، وترتيبا على ذلك لا يعد حكم محكمة جنايات بني سويف المار ذكره عقبة في تنفيذ حكم هذه المحكمة سالف الذكر، الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى بالنسبة لهذا الطلب
وحيث إنه عن الدفع المبدى من المدعي بعدم دستورية نص المادة 18 مكررا (أ) من قانون الإجراءات الجنائية، والمواد (230, 231, 232) من قانون العقوبات، وطلبه إعمال رخصة التصدي المقررة لهذه المحكمة بمقتضى نص المادة (27) من قانونها بالنسبة لهذه النصوص، وذلك لمخالفتها مبادئ الشريعة الإسلامية، فذلك مردود بأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن دستور سنة 1971 وسد بمقتضى نص المادة (175) منه، والمقابلة لنص المادة (192) من الدستور الحالي، للمحكمة الدستورية العليا وحدها سلطة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، كما حرص على أن يفوض السلطة التشريعية في أن تنظم كيفية مباشرة المحكمة الدستورية العليا لرقابتها هذه، دون أن تنال من محتواها، وفي حدود هذا التفويض، صدر قانون المحكمة الدستورية العليا مفصلا القواعد الإجرائية التي تباشر من خلالها، وعلى ضوئها، رقابتها على الشرعية الدستورية، فرسم لاتصال الخصومة الدستورية بها طرائق بذاتها حددتها المادتان (27) و(29) من هذا القانون باعتبار أن ولوجها من الأشكال الجوهرية التي ينبغي إتباعها حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية في إطارها وبمراعاة أحكامها، فلا يتحلل أحد منها، وباستقراء هاتين المادتين يتبين أن أولاهما تخول المحكمة الدستورية العليا أن تعمل بنفسها نظرها في شأن دستورية النصوص القانونية التي تعرض لها بمناسبة ممارسة جميع اختصاصاتها، وذلك بعد اتخاذ الإجراءات المقررة لتحضير الدعاوى الدستورية، بينما لا تثار دستورية النصوص القانونية، عملا بثانيتهما، إلا من أحد مدخلين: فإما أن تمنح محكمة الموضوع خصما، أثار أمامها دفعا بعدم دستورية نص قانوني لازم للفصل في النزاع المعروض عليها، وبعد تقديرها لجدية مناعيه، أجلا لا يجاوز ثلاثة أشهر يقيم خلالها الدعوى الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا، وإما أن تحيل بنفسها إلى المحكمة الدستورية العليا نصوصا قانونية يثور لديها شبهة مخالفتها الدستور، ولا يتصور في المنطق السديد، ولوج المحكمة الدستورية العليا أحد المدخلين المنصوص عليهما في المادة (29) من قانونها، لتمارس اختصاصها المنفرد برقابة دستورية ما يعرض لها من نصوص بمناسبة مباشرة عملها القضائي، ذلك أن علة ما ورد بهذه المادة هو امتناع الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على أي من جهات القضاء خلا المحكمة الدستورية العليا، فكان لزاما، إذا ما عرض لأي من محاكم هذه الجهات، بمناسبة مباشرتها لعملها، شبهة عدم دستورية نص قانوني، أن تسعى لاستنهاض ولاية المحكمة الدستورية العليا؛ إما إحالة وإما تصريحا للخصوم بإقامة الدعوى الدستورية، ثم توقف من بعد الدعوى المعروضة عليها، حتى يأتيها قول المحكمة الدستورية العليا الفصل في شأن ما ارتأته من مظنة عدم الدستورية، وهو ما لا يسوغ القول به في شأن المحكمة الدستورية العليا، إذ تملك ممارسة اختصاصاتها بالرقابة الدستورية مباشرة أثناء نظرها أي من الدعاوى المعروضة عليها، لتفصل في دستورية ما عرض لها من نصوص وفي موضوع الدعوى بحكم واحد، ومن ثم؛ تكون رخصة التصدي هي الوسيلة الوحيدة لممارسة المحكمة الدستورية العليا اختصاصها بالفصل في دستورية النصوص التي تعرض لها أثناء نظرها للدعاوى المعروضة عليها، وترتيبا على ما تقدم، ينحل الدفع المبدى بعدم الدستورية في الدعوى المعروضة، في حقيقته، طلبا من المدعي يتغيا حث المحكمة الدستورية العليا على استعمال رخصة التصدي، المخولة لها بمقتضى نص المادة (27) من قانونها، هذا وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن إعمالها لرخصة التصدي المنصوص عليها في المادة (27) من قانونها، التي تخولها الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة يعرض لها بمناسبة ممارستها لاختصاصاتها، ويتصل بالنزاع المعروض عليها، يفترض وجود خصومة أصلية طرح أمرها عليها وفقا للأوضاع المنصوص عليها في قانون إنشائها، وأن ثمة علاقة منطقية تقوم بين هذه الخصومة وما قد يثار عرضا من تعلق الفصل في دستورية بعض نصوص القانون بها، فإذا لم تستوف الخصومة الأصلية شرائط قبولها ابتداء، فلا مجال لإعمال رخصة التصدي. متى كان ذلك، وكانت المحكمة قد انتهت في قضائها إلى عدم قبول الدعوى المعروضة، فإن طلب مباشرة المحكمة لسلطتها في التصدي المقرر لها بالمادة (27) من قانونها لا يكون له محل
وحيث إن طلب وقف تنفيذ حكم محكمة جنايات بني سويف المشار إليه يعد فرعا من أصل النزاع حول منازعة التنفيذ، وإذ تهيأ النزاع المعروض للفصل فيه وقضت المحكمة بعدم قبوله، فإن قيام هذه المحكمة – طبقا لنص المادة (50) من قانونها – بمباشرة اختصاص البت في طلب وقف التنفيذ يكون قد بات غير ذي موضوع
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعي المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

عدم اختصاص المحكمة الدستورية بفض التنازع بين المحكمة التجارية والمحكمة الاقتصادية


الطعن 19 لسنة 39 ق "تنازع جلسة 5 / 5 / 2018
الجريدة الرسمية العدد 19 مكرر ب في 13 / 5 / 2018 ص 107
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من مايو سنة 2018 م، الموافق التاسع عشر من شعبان سنة 1439 هـ
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: سعيد مرعي عمرو وبولس فهمي إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبد العزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار/ طارق عبد العليم أبو العطا رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 19 لسنة 39 قضائية "تنازع".

------------
الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعية كانت قد أقامت الدعوى رقم 303 لسنة 2005 تجاري كلي الإسكندرية، ضد المدعى عليهما الثالث والرابع، طلبا للحكم بندب خبير لتدقيق حساباتها ومعاملاتها مع البنك الذي يمثله المدعى عليهما الثالث والرابع، وتحقيق مديونيتها وبراءة ذمتها من المديونية المدعاة من البنك، على النحو المفصل بصحيفة تلك الدعوى، وبجلسة 25/ 12/ 2008, قضت المحكمة – في مادة تجارية – بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى المحكمة الاقتصادية، فقيدت أمام المحكمة الأخيرة برقم 349 لسنة 2009 قضائية اقتصادية الإسكندرية، وبجلسة 5/ 4/ 2005, قضت هذه المحكمة بعدم اختصاصها قيميا بنظر الدعوى وإحالتها إلى الدائرة الأولى الاستئنافية بالمحكمة الاقتصادية، وقيدت أمامها برقم 181 لسنة 1 قضائية، وأثناء نظرها إدعى البنك فرعيا بطلب إلزام المدعية بأن تؤدي إليه مبلغ 10525983.44 جنيها، ولا تزال الدعوى متداولة، كما أقامت المدعية ضد المدعى عليهما سالفي الذكر الدعوى رقم 238 لسنة 2017 تجاري کلي الإسكندرية، طلبا للحكم بانعدام الحكم الصادر في الدعوى رقم 303 لسنة 2005 تجاري كلي الإسكندرية، والذي قضى بعدم اختصاص المحكمة نوعيا بنظر الدعوى، وبإحالتها إلى المحكمة الاقتصادية للاختصاص، وقد تحدد لنظر الدعوى جلسة 19/ 9/ 2017, ثم أقامت المدعية الدعوى رقم 59653 لسنة 71 قضائية، أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، ضد المدعى عليهم الثلاثة الأول، طلبا للحكم: بوقف تنفيذ القرارات الإدارية المستمرة الصادرة من وزير العدل بأرقام 6928 لسنة 2008 و6929 لسنة 2008 و6751 لسنة 2008, والمتضمنة إنشاء الهيكل العام للمحاكم الاقتصادية، وعدم دستورية قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية الصادر بالقانون رقم 120 لسنة 2008, وإلغاء القرارات المطعون عليها بكل ما يترتب على ذلك من آثار، وإذ تراءى للمدعية أن ثمة تنازعا على الاختصاص بين المحاكم التي تنظر الدعاوى سالفة الذكر، وهي خصومات قائمة في وقت واحد أمام جهات القضاء، مما يستلزم تدخل المحكمة الدستورية العليا لتحديد المحكمة المختصة بنظره، فقد أقامت الدعوى المعروضة
بتاريخ العاشر من أغسطس سنة 2017, أودعت المدعية صحيفة هذه الدعوى، قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم بتعيين جهة القضاء المختصة للفصل في النزاع المطروح أمام محكمة جنح باب شرق الجزئية بالإسكندرية في الدعاوى أرقام 181 لسنة 1 قضائية اقتصادية الإسكندرية، 238 لسنة 2017 تجاري كلي الإسكندرية، 59653 لسنة 71 قضائية قضاء إداري القاهرة
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
وحيث إن مناط قبول دعوى تنازع الاختصاص وفقا لنص البند ثانيا من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – على ما جرى به قضاؤها – هو أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، ولا تتخلى إحداهما عن نظرها أو تتخلى كلتاهما عنها، وشرط انطباقه بالنسبة للتنازع الإيجابي أن تكون الخصومة قائمة في وقت واحد أمام الجهتين المتنازعتين، وأن تكون كل منهما قد تمسكت باختصاصها بنظرها عند رفع الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا، مما يبرر الالتجاء إلى هذه المحكمة لتعيين الجهة المختصة بنظرها والفصل فيها، وهو ما حدا بالمشرع إلى النص في الفقرة الثالثة من المادة (31) من قانون هذه المحكمة على أنه يترتب على تقديم الطلب وقف الدعاوى القائمة المتعلقة به حتى الفصل فيه، ومن ثم يتحدد وضع دعوى تنازع الاختصاص الإيجابي أمام المحكمة الدستورية العليا بالحالة التي تكون عليها الخصومة أمام كل من جهتي القضاء المدعي بتنازعهما على الاختصاص في تاريخ تقديم طلب تعيين جهة القضاء المختصة إلى هذه المحكمة". 
وحيث إنه متى كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن المدعية أقامت أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية الدعوى رقم 238 لسنة 2017 تجاري کلي الإسكندرية، طلبا للحكم بانعدام حكم المحكمة ذاتها الصادر بجلسة 25/ 12/ 2008، بعدم اختصاصها بنظر الدعوى 303 لسنة 2005 تجاري کلي الإسكندرية وإحالتها إلى محكمة الإسكندرية الاقتصادية، وتحدد لنظرها جلسة 19/ 9/ 2017, وكانت الدعوى رقم 181 لسنة 1 قضائية اقتصادية منظورة أمام محكمة الإسكندرية الاقتصادية ومعادة للمرافعة بجلسة 13/ 8/ 2017، وكانت المحكمتان المذكورتان تتبعان جهة قضائية واحدة هي جهة القضاء العادي، ومن ثم ينتفي وجود نزاع على الاختصاص مما تختص بالفصل فيه المحكمة الدستورية العليا، طبقا لنص البند (ثانيا) من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا
وحيث إنه بالنسبة للدعوى رقم 59653 لسنة 71 قضائية، المقامة أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، وإذ لم ترفق المدعية بطلب تعيين جهة القضاء المختصة ما يدل على أن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة قد قضت باختصاصها بنظر الدعوى المشار إليها، أو مضت في نظرها بما يفيد عدم تخليها عنها حتى يمكن القول بتمسكها باختصاصها، ومن ثم فلا يمكن القول بأن ثمة تنازعا إيجابيا على الاختصاص قد تحقق، مما يستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا للفصل فيه، دون أن ينال من ذلك تقديم المدعية شهادة من جدول محكمة القضاء الإداري تفيد إقامتها تلك الدعوى، ذلك أن المنازعة الإدارية لا تعتبر مطروحة على تلك المحكمة إلا بعد أن تتولى هيئة مفوضي الدولة بها تحضيرها وتهيئتها للمرافعة وإحالتها إلى المحكمة وتحديد جلسة لنظرها، وهو ما لم يقم الدليل على تمامه وقت إقامة الدعوى المعروضة
وحيث إنه متى كان ما تقدم، فإن الدعوى المعروضة تكون فاقدة مناط قبولها، مما يتعين معه القضاء بعدم قبولها
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى

اختصاص مجلس الدولة بمنازعات الشهر العقاري بعدم السير في إجراءات طلب التسجيل (للأراضي الصحراوية والمستصلحة)


الطعن 36 لسنة 38 ق "تنازع جلسة 5 / 5 / 2018
الجريدة الرسمية العدد 19 مكرر ب في 13 / 5 / 2018 ص 87
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من مايو سنة 2018م، الموافق التاسع عشر من شعبان سنة 1439هـ
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة  وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفي علي جبالي ومحمد خيري طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمي إسكندر والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبد العزيز محمد سالمان نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار/ طارق عبد العليم أبو العطا رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 36 لسنة 38 قضائية "تنازع".

-------------
الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أنه بتاريخ 7/ 9/ 1996 تم تحرير عقد بيع ابتدائي بين مدير الزراعة بمحافظة القاهرة، والمدعى عليهم من الأول حتى الخامسة، تضمن بيع مساحة قدرها (1386000م2) أملاك دولة خاصة، بناحية تفريعة جنيفة، مركز السلام محافظة القاهرة، وقد تقدم المشترون إلى مأمورية الشهر العقاري بالنزهة بالطلب رقم 1553 لسنة 1999 المعدل للطلب رقم 1875 لسنة 1998 عقاري النزهة، لشهر عقد البيع، وبتاريخ 5/ 10/ 1999 قرر الشهر العقاري عدم السير في إجراءات طلب التسجيل، فأقاموا الدعوى رقم 1445 لسنة 54 قضائية، أمام محكمة القضاء الإداري، ضد المدعى عليهم من السادس إلى الثامن، بطلب وقف تنفيذ ثم إلغاء هذا القرار، وما يترتب على ذلك من آثار. وبجلسة 15/ 8/ 2000 قضت المحكمة برفض الدعوى، على سند من قيام القرار المطعون فيه على سببه الصحيح المبرر له، وذلك للتوقيع على عقد البيع محل طلب الشهر رقم 1553 لسنة 1999 من غير من أختصه المشرع بالتصرف في الأرض محل هذا العقد، إذ تم التوقيع على العقد من مدير مديرية الزراعة بمحافظة القاهرة، بناء على التفويض الصادر له من محافظ القاهرة بالقرار رقم 291 لسنة 1994، والمفوض من قبل وزير الزراعة بمقتضى القرار رقم 514 لسنة 1994 بالتصرف في الأراضي الخاضعة لولاية الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية في حدود محافظة القاهرة، وذلك بالمخالفة لأحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية، والقانون رقم 7 لسنة 1991 في شأن بعض الأحكام المتعلقة بأملاك الدولة الخاصة، ولتجاوز البيع حدود النسب المسموح التصرف فيها كأرض بور أو أرض فضاء تصلح للبناء طبقا لقانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966، والتي لا تجاوز (2%) من جملة المساحة، وفقا لقرار وزير الزراعة رقم 211 لسنة 1990 والقرارات والمنشورات اللاحقة، وآخرها منشور وزارة الزراعة رقم 1 لسنة 1998 في شأن تنظيم عمليات إقامة المباني على الأراضي الصحراوية والأراضي المستصلحة الجديدة. وإذ لم يرتض المحكوم ضدهم القضاء المتقدم فقد طعنوا عليه أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 12022 لسنة 46 قضائية عليا، وبجلسة 22/ 3/ 2008 قضت المحكمة برفض الطعن، والذي قبلت فيه المحكمة تدخل كل من شركة .... الجديدة للإسكان والتعمير وشركة ميناء القاهرة الجوي انضماميا للجهة الإدارية المدعى عليها في تلك الدعوى، وبتاريخ 17/ 9/ 2009، أقام المدعى عليهم من الأول إلى الخامسة الدعوى رقم 637 لسنة 2009 مدني كلي حكومة الجيزة، أمام محكمة الجيزة الابتدائية، ضد وزير الزراعة بصفته الرئيس الأعلى لمجلس إدارة الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المشار إليه والتسليم، وبجلسة 21/ 11/ 2009 قضت المحكمة "بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 7/ 9/ 1996 لما هو بيع المدعى عليه بصفته للمدعين (في تلك الدعوى) ما هو قطعة الأرض المبينة الحدود والمعالم بصدر الصحيفة والخريطة المساحية والعقد، وإلزام المدعى عليه بصفته بتسليم الأرض محل العقد المقضي بصحته ونفاذه للمدعين"، على سند من توافر أركان عقد البيع وشروطه في هذا العقد من رضا ومحل وثمن، وصدوره ممن يملك التصرف فيه، وقد أصبح هذا الحكم باتا، بعدم الطعن عليه في الميعاد المقرر قانونا، وبتاريخ 9/ 6/ 2010، طعن النائب العام على هذا الحكم أمام محكمة النقض بالطعن رقم 10584 لسنة 80 قضائية، وبجلسة 23/ 2/ 2013 قضت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه، لأسباب أجملتها في بطلان عقد البيع محل الدعوى بطلانا مطلقا متعلقا بالنظام العام، لإبرام هذا العقد من قبل مدير مديرية الزراعة بمحافظة القاهرة بناء على التفويض الصادر له من محافظ القاهرة رقم 291 لسنة 1994، وموافقة وزير الزراعة، بالمخالفة لأحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 والقانون رقم 7 لسنة 1991 المشار إليهما، وذلك لكون الأرض محل هذا العقد مملوكة ملكية خاصة للدولة، ومخصصة لأغراض الاستصلاح والاستزراع، وخاضعة لأحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 سالف الذكر، وأن الجهة الوحيدة التي تتولى ممارسة سلطات المالك على تلك الأرض، هي الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية دون غيرها، باعتبارها نائبة عن الدولة مالكة هذه الأرض، والجهاز المسئول عن استغلالها والتصرف فيها، طبقا لأحكام هذا القانون، الذي خلا من الإشارة إلى جواز إنابة هذه الهيئة غيرها في إجراء هذه التصرفات، بما يضحى معه تصرف غيرها في الأراضي الخاضعة لولايتها وتوقيع عقود البيع بشأنها باطلا بطلانا مطلقا متعلقا بالنظام العام، وهو بطلان تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها، وذلك رعاية لمصلحة اقتصادية للبلاد، وقد أشارت المحكمة في أسباب حكمها إلى نقضها للحكم المطعون فيه، مع بقائه منتجا لآثاره، وبتاريخ 17/ 4/ 2010 أقامت شركة .... الجديدة للإسكان والتعمير، ضد المدعى عليهم من الأول حتى السادس وآخرين، الدعوى رقم 1016 لسنة 2010 تنفيذ القاهرة، أمام محكمة جنوب القاهرة للأمور المستعجلة، بطلب وقف تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى رقم 637 لسنة 2009 مدني حكومة الجيزة، وبجلسة 
30/ 6/ 2010 قضت المحكمة بوقف تنفيذ هذا الحكم، مع ما يترتب على ذلك من آثار، ومنها وقف إجراءات الشهر والتسجيل، وتأيد هذا القضاء بالحكم الصادر بجلسة 27/ 11/ 2010 من محكمة جنوب القاهرة الابتدائية في الاستئنافات أرقام 215، 217، 219 لسنة 2010 مستأنف مستعجل القاهرة، وأصبح هذا الحكم باتا بعد أن قضت محكمة النقض بجلسة 5/ 3/ 2015 في الطعن رقم 1103 لسنة 81 قضائية، المقام من المدعى عليهم من الأول إلى الخامسة طعنا على هذا الحكم، بعدم قبول الطعن، وإذ ارتأت الهيئة المدعية أن ثمة تناقضا بين الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 22/ 3/ 2008 في الطعن رقم 12022 لسنة 46 قضائية عليا، والحكم الصادر من محكمة الجيزة الابتدائية بجلسة 21/ 11/ 2009 في الدعوى رقم 637 لسنة 2009 مدني كلي حكومة الجيزة، والحكم الصادر من محكمة النقض بجلسة 23/ 2/ 2013 في الطعن رقم 10584 لسنة 80 قضائية، فقد أقامت دعواها المعروضة بطلباتها المتقدمة، وأثناء تحضير الدعوى قدمت الهيئة المدعية مذكرة حددت فيها طلباتها في الدعوى، في الاعتداد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 22/ 3/ 2008 في الطعن رقم 12022 لسنة 46 قضائية عليا، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة الجيزة الابتدائية بجلسة 
21/ 11/ 2009 في الدعوى رقم 637 لسنة 2009 مدني كلي حكومة الجيزة. كما قدم المدعى عليهم من الأول حتى الخامسة مذكرات، خلصت جميعها إلى طلب الحكم أصليا: بعدم قبول الدعوى لانتفاء صفة الهيئة المدعية؛ لكونها ليست خصما في الدعوى الصادر فيها الحكم من جهة القضاء الإداري، وكذلك لعدم انطباق الشروط التي حددتها المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 بالنسبة للدعوى المعروضة، ولانتفاء التناقض بين الأحكام محلها، واحتياطيا: الاعتداد بالحكم الصادر في الدعوى رقم 637 لسنة 2000 مدني كلي حكومة الجيزة، دون الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 12022 لسنة 46 قضائية عليا
كما دفع المدعى عليهما الأول والثانية بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليهما الثانية والرابع. وقدم المدعى عليهم من الأول إلى الخامسة عدد (54) حافظة مستندات، طويت على صور من الأحكام والقرارات والشهادات والتقارير والخرائط والمكاتبات التي تتصل بموضوع الدعوى والأرض محل النزاع، والتي يستندون إليها لتدعيم وجه دفاعهم فيها، وكذا سندات الوكالة، وشهادة تفيد وفاة المدعى عليها الثالثة بتاريخ 3/ 4/ 2016، وشهادة ميلاد .....، مدون بها 
تاريخ ميلاده في 27/ 5/ 1993. وبجلسة 7/ 4/ 2018 قرر الحاضر عن الهيئة المدعية تصحيح شكل الدعوى باختصام طارق ...... بشخصه، ....... نجل المرحومة ....... المدعى عليها الثالثة والوريث الوحيد لها، وذلك في مواجهة وكيلهما الحاضر بالجلسة، كما قدم الحاضر عن الحكومة صحيفة ضمنها كذلك اختصام كل من المذكورين، وذلك في مواجهة وكيلهما الحاضر بالجلسة الذي باشر الدعوى نيابة عنهما، وطلب القضاء أصليا: بالاعتداد بالحكم الصادر في الدعوى رقم 637 لسنة 2009 مدني كلي حكومة الجيزة، واحتياطيا: بعدم قبول الدعوى. كما قدم المدعى عليهم الأول والثانية والرابع والخامسة مذكرة طلبوا فيها القضاء أصليا: بأولوية تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى رقم 637 لسنة 2009 مدني كلي حكومة الجيزة، واحتياطيا: بعدم قبول الدعوى لانتفاء صفة الهيئة المدعية، ومصلحتها فيها، ولعدم توافر الشروط المقررة بنص المادة (25) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979
وحيث إن حقيقة طلبات الهيئة المدعية تنصب على الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 15/ 8/ 2000 في الدعوى رقم 1445 لسنة 54 قضائية، المؤيد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 22/ 3/ 2008 في الطعن رقم 12022 لسنة 46 قضائية عليا، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة الجيزة الابتدائية بجلسة 21/ 11/ 2009 في الدعوى 
رقم 637 لسنة 2009 مدني كلي حكومة الجيزة
بتاريخ العشرين من نوفمبر سنة 2016، أودعت الهيئة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، بطلب تحديد الحكم الواجب النفاذ من بين الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 12022 لسنة 46 قضائية عليا، والحكم الصادر من محكمة الجيزة الابتدائية في الدعوى رقم 637 لسنة 2009 مدني كلي حكومة الجيزة، والحكم الصادر من محكمة النقض في الطعن رقم 10584 لسنة 80 قضائية
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصليا: بالاعتداد بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 15/ 8/ 2000 في الدعوى رقم 1445 لسنة 54 قضائية، المؤيد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 22/ 3/ 2008 في الطعن رقم 12022 لسنة 46 قضائية عليا، دون الحكم الصادر من محكمة الجيزة الابتدائية بجلسة 21/ 11/ 2009 في الدعوى رقم 637 لسنة 2009 مدني كلي حكومة الجيزة، وما تفرع عنه من أحكام صادرة في دعاوى وقتية أو موضوعية، واحتياطيا: بعدم قبول الدعوى
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
وحيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء صفة الهيئة المدعية، ومصلحتها فيها، لكونها ليست خصما في الدعوى الصادر فيها حكم جهة القضاء الإداري، فهو مردود أولا: بأن مؤدى نص المادة (32) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 أنه ينبغي فيمن يرفع دعوى التنازع بشأن تنفيذ حكمين نهائيين أن يكون من ذوي الشأن، أي له صفة في رفع الدعوى، وهو لا يكون كذلك إلا إذا كان طرفا في أي من المنازعات التي صدرت بشأنها الأحكام النهائية المتناقضة، ومردود ثانيا: بأن شرط المصلحة من الشروط الجوهرية التي لا تقبل دعوى تناقض الأحكام في غيبتها، وهو يعد شرط تقرر بقانون المحكمة الدستورية العليا بما نص عليه في المادة (28) منه من أنه "فيما عدا ما نص عليه في هذا الفصل تسري على قرارات الإحالة والدعاوى والطلبات التي تقدم إلى المحكمة، الأحكام المقررة في قانون المرافعات المدنية والتجارية بما لا يتعارض وطبيعة اختصاص المحكمة والأوضاع المقررة أمامها". متى كان ذلك، وكان نص المادة (3) من قانون المرافعات المدنية والتجارية مؤداه ألا تقبل دعوى لا تكون لرافعها فيها مصلحة قائمة يقرها القانون، أو مصلحة محتملة بالشروط التي بينها، فإن المصلحة في دعوى التناقض تبقى دوما شرطا لقبولها، والتي يجب أن تتمثل غايتها النهائية، في اجتناء منفعة يقرها القانون
وحيث إن الثابت من الأوراق أن الهيئة المدعية كانت طرفا في الدعوى رقم 637 لسنة 2009 مدني كلي حكومة الجيزة، الصادر فيها الحكم من جهة القضاء العادي، والذي يمثل الحد الثاني من التناقض المعروض، ومن ثم فإنها تعد من ذوي الشأن الذين يحق لهم رفع طلب الفصل في النزاع القائم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين، توصلا إلى تحديد أي الحكمين أحق بالاعتداد به عند التنفيذ، لتتوافر للهيئة بذلك الصفة والمصلحة في الدعوى المعروضة، الأمر الذي يكون معه الدفع بعدم قبول الدعوى سالف الذكر في غير محله، متعينا القضاء برفضه
وحيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم توافر الشروط التي حددها نص المادة (25) من قانون هذه المحكمة لقبول دعوى تناقض الأحكام، فذلك مردود بأن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن التناقض الذي يستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا للفصل فيه وفقا لنص البند ثالثا من المادة (25) من قانونها المشار إليه، هو ذلك الذي يقوم بين حكمين نهائيين صادرين من جهتين قضائيتين مختلفتين، إذا كانا متعامدين على محل واحد، وحسما موضوع النزاع في جوانبه كلها أو بعضها، وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معا
وحيث إن الحد الأول من التناقض المعروض والمتمثل في الحكم الصادر في الدعوى رقم 1445 لسنة 54 قضائية، المقامة أمام محكمة القضاء الإداري من المدعى عليهم من الأول حتى الخامسة، ضد المدعى عليهم من السادس إلى الثامن في الدعوى المعروضة، بطلب وقف تنفيذ وإلغاء قرار مأمورية الشهر العقاري بالنزهة الصادر بتاريخ 5/ 10/ 1999 بعدم السير في إجراءات تسجيل عقد بيع الأرض محل طلب الشهر رقم 1553 لسنة 1999 النزهة، والذي قضت فيه المحكمة بجلسة 15/ 8/ 2000 برفض الدعوى، على سند من مشروعية القرار المطعون فيه، لوقوع العقد محل طلب الشهر المذكور باطلا، وحظر شهره، لصدوره من غير المالك الذي اختصه المشرع دون غيره بالتصرف في الأرض محل هذا العقد، وممارسة سلطات المالك بالنسبة لها بمقتضى أحكام القانونين رقمي 143 لسنة 1981، 7 لسنة 1991 المشار إليهما، ولتجاوز النسبة المسموح التصرف فيها في هذه الأرض طبقا للقانون، وقد تأيد هذا القضاء من المحكمة الإدارية العليا بحكمها الصادر بجلسة 22/ 3/ 2008 في الطعن رقم 12022 لسنة 46 قضائية عليا، وهما يمثلان الحد الأول من التناقض المعروض، والذي على إثر صدورهما، وصيرورة الحكم الصادر من جهة القضاء الإداري باتا، أقام المدعى عليهم من الأول إلى الخامسة ضد وزير الزراعة بصفته رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية الدعوى رقم 637 لسنة 2009 مدني كلي حكومة الجيزة، توصلا للقضاء بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 7/ 9/ 1996 والتسليم، وبجلسة 21/ 11/ 2009 قضت محكمة الجيزة الابتدائية في تلك الدعوى بصحة ونفاذ ذلك العقد، لاستيفائه شروطه وأركانه القانونية، بما فيها صدوره ممن يملك التصرف في الأرض محله، مع إلزام المدعى عليه في تلك الدعوى بتسليم الأرض محل العقد، إلى المدعي فيها كأثر للحكم بصحة ونفاذ هذا العقد، سواء سجل العقد أم لم يسجل، وقد أصبح هذا الحكم باتا، وهو ما حدا بالنائب العام إلى الطعن عليه أمام محكمة النقض بالطعن رقم 10584 لسنة 80 قضائية لمصلحة القانون، استخداما منه للرخصة المقررة له بمقتضى نص المادة (250) من قانون المرافعات المدنية والتجارية التي تنص على أن "للنائب العام أن يطعن بطريق النقض لمصلحة القانون في الأحكام الانتهائية - أيا كانت المحكمة التي أصدرتها - إذا كان الحكم مبنيا على مخالفة للقانون أو خطأ في تطبيقه أو تأويله وذلك في الأحوال الآتية: (1) الأحكام التي لا يجيز القانون للخصوم الطعن فيها. (2) الأحكام التي فوت الخصوم ميعاد الطعن فيها أو نزلوا فيها عن الطعن
ويرفع الطعن بصحيفة يوقعها النائب العام، وتنظر المحكمة الطعن في غرفة المشورة بغير دعوة الخصوم
ولا يفيد الخصوم من هذا الطعن". 
وقد أوضحت المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات المدنية والتجارية أن المشرع استحدث نظام الطعن من النائب العام لمصلحة القانون، لمواجهة صعوبات تعرض في العمل وتؤدي إلى تعارض أحكام القضاء في المسألة القانونية الواحدة، بما يحسن معه لمصلحة القانون والعدالة أن تعرض هذه المسائل على محكمة النقض، لتقول كلمتها فتضع حدا لتضارب الأحكام، لإرساء المبادئ القانونية الصحيحة على أساس سليم، كما تتوحد أحكام القضاء فيها، ولما كان الخصم الحقيقي في هذا الطعن هو الحكم المطعون فيه، وكان أساس الفكرة تحقيق مصلحة عليا، هي كما تقدم، مصلحة القانون، فكان مقتضى ذلك ألا يفيد الخصوم من هذا الطعن في جميع الحالات، حتى يخلص هذا الطعن لوجه القانون، خاصة أن الحكم الصادر فيه لا يؤثر على مراكزهم القانونية أو حقوقهم المحكوم بها، وإذا كان هذا هو الوضع القانوني للحكم الصادر من محكمة النقض في طعن النائب العام على الأحكام الانتهائية في الأحوال المذكورة، طبقا لنص المادة (250) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، وكان الحكم الصادر من محكمة النقض بجلسة 23/ 2/ 2013 في الطعن رقم 10584 لسنة 80 قضائية، قد انتهى إلى القضاء بنقض الحكم المطعون فيه، لبطلان عقد البيع محل الدعوى بطلانا مطلقا متعلقا بالنظام العام، لإبرام العقد ممن لا يملك التصرف في الأرض، بالمخالفة لأحكام القانون، على التفصيل السابق بيانه، إلا أنه لا يؤثر في المراكز القانونية للخصوم، والحقوق المحكوم لهم بها، التي قررها الحكم الصادر بجلسة 21/ 11/ 2009 في الدعوى رقم 637 لسنة 2009 مدني كلي حكومة الجيزة، كما لا ينال من ذلك الحكم الصادر من محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بجلسة 30/ 6/ 2010 في الدعوى رقم 1016 لسنة 2010 تنفيذ القاهرة، القاضي في مادة تنفيذ وقتية بوقف تنفيذ ذلك الحكم، وما يترتب على ذلك من آثار، ومنها وقف تنفيذ إجراءات الشهر والتسجيل، والمؤيد بالحكم الصادر من محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بجلسة 27/ 11/ 2010 في الاستئنافات أرقام 215، 217، 219 لسنة 2010 مستأنف مستعجل القاهرة، والذي صار باتا، ذلك أنه من المقرر أن الأحكام الصادرة في مادة تنفيذ وقتية تكون لها حجية وقتية تزول بصدور حكم في الموضوع، وفي هذا الشأن قضت محكمة الجيزة الابتدائية بحكمها الصادر بجلسة 30/ 11/ 2010 في الدعوى رقم 612 لسنة 2010 مدني كلي شمال الجيزة، وحكم محكمة استئناف القاهرة - مأمورية استئناف الجيزة - الصادر بجلسة 16/ 4/ 2014 في الاستئنافات أرقام 28302، 28828 لسنة 127 قضائية، 1237، 1336 لسنة 128 قضائية، المقامة طعنا على هذا الحكم، بعدم الاعتداد بالحكم الصادر في الدعوى رقم 637 لسنة 2009 مدني كلي حكومة الجيزة، في مواجهة شركة ... الجديدة للإسكان والتعمير، ووزير العدل بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الشهر العقاري والتوثيق - مأمورية شهر عقاري النزهة - وبرفض طلبي محو وشطب تسجيل صحيفة الدعوى المشار إليها، ومحو التأشير على هامش المشهر رقم 2682 بتاريخ 13/ 7/ 1996 شمال القاهرة، المشهر به القرار الجمهوري رقم 193 لسنة 1995، ورفض طلب الطرد والتسليم لأرض النزاع خالية من الأشخاص والشواغل، وارتكن هذا القضاء إلى جملة أسباب، أخصها أن وضع يد المدعى عليهم من الأول إلى الخامسة على أرض النزاع لم يتم بعمل من أعمال الغصب، وإنما استنادا إلى عقد بيع ابتدائي صحيح ونافذ بين طرفيه وخلفهما العام والخاص، وقد طعنت شركة ... الجديدة للإسكان والتعمير على هذا الحكم أمام محكمة النقض بالطعن رقم 11557 لسنة 84 قضائية، ولم يتم الفصل فيه بعد. بما لازمه بقاء الحكم الصادر بجلسة 21/ 11/ 2009 في الدعوى رقم 637 لسنة 2009 مدني كلي حكومة الجيزة مكونا للحد الثاني من التناقض المعروض، الذي يتعامد مع حده الأول المتمثل في حكمي جهة القضاء الإداري على محل واحد، ذلك أن المقصود بدعوى صحة ونفاذ عقد البيع هو تنفيذ التزامات البائع التي من شأنها نقل الملكية إلى المشتري تنفيذا عينيا، والحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد في نقل الملكية، ومن ثم تمتد سلطة محكمة الموضوع بشأنها إلى الفصل في استيفاء البيع للشروط اللازمة لانعقاده وصحته، بما في ذلك وجوب أن يكون البائع متمتعا بسلطات المالك على العين المبيعة، وله حق التصرف فيها قانونا، حتى يكون التصرف الصادر منه ناجزا، ومنتجا لآثاره القانونية في نقل ملكيتها إلى المشتري، فإذا ما سجل العقد أو الحكم الصادر بصحته ونفاذه، غدا سندا قاطعا على وقوع البيع مستوفيا شرائطه القانونية، شاملة صدوره ممن يملك قانونا التصرف في العين محله، وذلك سواء فيما بين المتعاقدين أم في مواجهة الغير، وناقلا لملكية المبيع إلى المشتري، ذلك أن الملكية في التصرفات العقارية لا تنتقل إلا بأمرين أولهما: العقد الصحيح الناقل للملكية، وثانيهما: وهو التسجيل، الذي لا يغني عن وجوب تحقق أولهما، لتعلقه بصحة انعقاد العقد ذاته، وتوافر الشروط المقررة قانونا لذلك فيه، وصلاحيته - من ثم - للتسجيل، ونقل ملكية المبيع إلى المشتري، وهي المسألة التي تناقضت في شأنها أحكام جهتي القضاء العادي والإداري، على نحو يجعل تنفيذها معا متعذرا، ليتحقق بالتالي في طلب فض التناقض المعروض شروط قبوله، بما يستنهض ولاية هذه المحكمة للفصل فيه، الأمر الذي يضحى معه الدفع بعدم قبول الدعوى المشار إليه في غير محله، حقيقا بالرفض


وحيث إن اختصاص المحكمة الدستورية العليا بالفصل في التناقض بين حكمين نهائيين وفقا للبند ثالثا من المادة (25) من قانونها - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ليس مقررا لها بوصفها جهة طعن تفصل فيما يعرض عليها من الطعون، ذلك أن النزاع الموضوعي لا ينتقل إليها لتجيل بصرها في العناصر التي قام عليها - واقعية كانت أم قانونية - ولكنها، وأيا كانت الأخطاء التي يمكن نسبتها إلى الحكمين المدعي تناقضهما أو أحدهما، لا تفصل في شأن التناقض بينهما إلا على ضوء قواعد الاختصاص الولائي التي ضبطها الدستور والقانون، لتحدد لكل جهة قضاء قسطها أو نصيبها من المنازعات التي اختصها المشرع بالفصل فيها، ولتحدد على ضوئها أيهما أحق بالاعتداد به عند التنفيذ
وحيث إن المسألة الأولية التي يطرحها الفصل في هذا التناقض هي تحديد الطبيعة القانونية للعقد محل الدعويين الصادر فيهما الحكمان موضوع التناقض المعروض، ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن العقود التي تكون الإدارة طرفا فيها لا تعتبر جميعها من العقود الإدارية، ولا هي من العقود المدنية بالضرورة، وإنما مرد الأمر في تكييفها إلى مقوماتها، وبوجه خاص إلى ما إذا كانت شروطها تدل على انتهاجها وسائل القانون الخاص أو أسلوب القانون العام. وكان المسلم به كذلك أن هذه العقود لا تنتظمها مراحل واحدة تبرم بعد انتهائها، بل تتداخل في مجال تكوينها مراحل متعددة، يمهد كل منها لما يليه، ليكون خاتمتها العقد في صورته النهائية، ذلك أن الإدارة لا تتمتع في مجال إبرامها لعقودها بالحرية التي يملكها أشخاص القانون الخاص في نطاق العقود التي يدخلون فيها، بل عليها أن تلتزم طرقا بعينها توصلا لاختيار المتعاقد معها، مع تقيدها في كل ذلك بالقواعد التي تمثل الإطار العام المنظم للعلاقة العقدية التي تبرمها. هذا ويتعين لاعتبار العقد من العقود الإدارية - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون أحد أطرافه شخصا معنويا عاما، وأن يتعاقد بوصفه سلطة عامة، وأن يتصل العقد بنشاط مرفق عام بقصد تسييره أو تنظيمه، وأن يتسم بالطابع المميز للعقود الإدارية، وهو انتهاج أسلوب القانون العام فيما تتضمنه من شروط استثنائية غير مألوفة في روابط القانون الخاص
إذ كان ذلك، وكان القانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية قد أسند بمقتضى نص المادتين (2، 3) منه، والمادة الثانية من القانون رقم 7 لسنة 1991 في شأن بعض الأحكام المتعلقة بأملاك الدولة الخاصة، إلى الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية - وهي هيئة عامة ذات طابع اقتصادي أنشئت بمقتضى قرار رئيس الجمهورية رقم 3316 لسنة 1962 بشأن المؤسسة المصرية لتعمير الأراضي المعدل بالقرار رقم 452 لسنة 1969 بشأن تحويل المؤسسة المصرية العامة لتعمير الأراضي إلى هيئة عامة، والقرار رقم 2429 لسنة 1971 بشأن الهيئة العامة للتعمير والمشروعات الزراعية، والقرار رقم 269 لسنة 1975 في شأن الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية - إدارة الأراضي التي تشملها خطة ومشروعات استصلاح الأراضي، وكذا التصرف فيها واستغلالها في أغراض الاستصلاح والاستزراع دون غيرها من الأغراض، وبعد أخذ رأي وزارة الدفاع، وبمراعاة ما تقرره في هذا الشأن من شروط وقواعد تتطلبها شئون الدفاع عن الدولة، وذلك باعتبارها جهاز الدولة المسئول عن ذلك، والتي يدخل ضمن دائرة اختصاصها المقرر قانونا ممارسة سلطات المالك على تلك الأراضي، شاملة التصرف فيها، والتي يدخل ضمنها الأرض موضوع عقد البيع محل التداعي، الخاضعة لأحكام القانون رقم 143 لسنة 1981 المشار إليه، بصريح نص البند التمهيدي من العقد، وهو القانون الحاكم لهذا العقد، والذي تسري عليه أحكامه، وكذا لائحته التنفيذية الصادرة بقرار وزير التعمير والدولة للإسكان واستصلاح الأراضي رقم 198 لسنة 1982، لتكمل أحكامه، فيما لم يرد به نص خاص في هذا العقد، طبقا لصريح نص البند الرابع عشر من عقد البيع المار ذكره، وقد تضمن هذا القانون العديد من الأحكام التي تندمج بحكم الإحالة إليها سالفة الذكر ضمن شروط العقد الضابطة له، والتي تعد شروطا استثنائية غير مألوفة في مجال عقود القانون الخاص، وتعكس انتهاج الهيئة وسائل القانون العام، وظهورها في العقد بمظهر السلطة العامة، فنصت الفقرة الأخيرة من المادة (2) من القانون رقم 143 لسنة 1981 المشار إليه على أن "يحظر استخدام هذه الأراضي في غير الغرض المخصصة من أجله إلا بموافقة الوزير المختص بالاستصلاح وبالشروط التي يحددها وبعد أخذ رأي وزارة الدفاع"، كما نصت الفقرة الأخيرة من المادة (4) من هذا القانون على أن "وللهيئة في سبيل اقتضاء حقوقها اتخاذ إجراءات الحجز الإداري طبقا لأحكام القانون المنظم لذلك"، ونصت المادة (13/ 1) منه على أن "يكون تصرف الهيئة في الأراضي الخاضعة لأحكام هذا القانون أو تأجيرها أو استغلالها لغرض استصلاحها واستزراعها فقط، ووفقا للقواعد والشروط والأوضاع التي يضعها مجلس إدارة الهيئة وتتضمنها العقود المبرمة مع ذوي الشأن"، وهو ما نص عليه البند الرابع من عقد البيع في الحالة المعروضة، والذي يقضي بأن "يتعهد الطرف الثاني بعدم استغلال الأرض المبيعة موضوع هذا العقد في غير الغرض المخصصة من أجله وهو الاستغلال الزراعي". وقد أكدت المادة الخامسة من القانون رقم 7 لسنة 1991 المشار إليه على ذلك الالتزام فنصت على أن "يحظر استخدام الأراضي الخاضعة لأحكام هذا القانون في غير الأغراض المخصصة من أجلها ......." وقد حددت الفقرة الأخيرة من المادة (13) من القانون رقم 143 لسنة 1981 سالف الذكر الأسلوب الواجب اتباعه في التصرف في هذه الأراضي، واختيار المتعاقد فنصت على أنه ".... وفي جميع الأحوال يكون استغلال الأرض عن طريق تأجيرها لمدة ثلاث سنوات فإذا ثبتت الجدية في الاستصلاح خلالها تملك الأرض لمستأجرها بقيمتها قبل الاستصلاح والاستزراع مع خصم القيمة الإيجارية المسددة من ثمن الأرض، وإذا لم تثبت الجدية اعتبر عقد الإيجار مفسوخا من تلقاء ذاته دون حاجة إلى إجراءات، وتسترد الأرض إداريا ممن كان قد استأجرها". هذا وفي خصوص تحديد ثمن الأرض، جعل نص المادة (15) من القانون، والمادة (45) من اللائحة التنفيذية لهذا القانون، مجلس إدارة الهيئة هو الجهة صاحبة الاختصاص بتحديد أثمان الأراضي التي يتم التصرف فيها، بعد استطلاع رأي اللجنة العليا لتثمين أراضي الدولة، وهو الأسلوب الذي تم به تقدير ثمن الأرض محل العقد في الحالة المعروضة، إذ نص البند التمهيدي منه على أن تحديد الثمن - وهو أحد أركان عقد البيع - يتم طبقا لقرار لجنة تثمين الأراضي المعتمد من اللجنة العليا لتثمين أراضي الدولة بتاريخ 13/ 8/ 1996. وقد حظرت المادة (16) من القانون استخدام الأراضي المبيعة في غير الغرض المخصصة له، كما حظرت التصرف في هذه الأراضي أو جزء منها أو تقرير أي حق عيني أصلي أو تبعي عليها أو تمكين الغير منها إلا بعد استصلاحها أو استزراعها أو موافقة الهيئة على التصرف قبل تمام ذلك - وهو ما ردده البند الثاني عشر من العقد - ورتبت البطلان على مخالفة هذه الأحكام، وخولت مجلس إدارة الهيئة إزالة أسباب المخالفة إداريا على نفقة المخالف واسترداد الأرض محل المخالفة إذا لم يقم المخالف بإزالة أسباب المخالفة خلال المدة التي تحددها له الهيئة، كما رتبت المادة (17) من القانون على عدم قيام المشتري بالنسبة للأراضي التي يتوفر لها مصدر ري بالاستصلاح والاستزراع خلال مدة خمس سنوات من تاريخ توفر مصدر الري أو ثلاث سنوات من تاريخ العمل بالقانون، اعتبار عقد البيع مفسوخا من تلقاء ذاته دون حاجة إلى إجراء قضائي، مع استرداد الأرض بالطريق الإداري، وقد حددت اللائحة التنفيذية للقانون المذكور في المواد من 53 حتى 61 منها القواعد والإجراءات التي تتبع في فسخ العقود واسترداد الأراضي، وحساب مقابل الانتفاع عن المدة من تاريخ تسليم الأرض حتى التاريخ المحدد لاستردادها، والتأشير بالسجلات بالقرار الخاص باعتماد فسخ البيع، وكذلك تنفيذ هذا القرار باسترداد الأرض، وإيداع نسخة رسمية من قرار الفسخ بمكتب الشهر العقاري المختص للتأشير بموجبه على العقد في حالة شهره، هذا وقد نص البند السابع من عقد البيع على أنه "إذا لزم العقار لأي جهة حكومية خلال الخمس سنوات التالية لتاريخ التوقيع على هذا العقد يعتبر العقد منتهيا بالنسبة للمساحة المطلوبة من تاريخ استردادها من الطرف الثاني أو يكون للطرف الثاني الرجوع على الجهة الحكومية الطالبة للمساحة بقيمة ما أقامه من منشآت أو أعمال وغراس عن الفترة السابقة بالوسائل القانونية دون الرجوع على الطرف الأول بذلك". كما نص البند العاشر من العقد على أن "يتعهد الطرف الثاني بتسليم الأرض موضوع التعاقد بما عليها من منشآت وأعمال إلى الطرف الأول في حالة فسخ التعاقد عند استرداد الأرض منه دون إحداث أي تلف متعمد بها، ولا يلتزم الطرف الأول بتعويض الطرف الثاني عن هذه المنشآت والأعمال أو ما أدخله عليها من تحسينات تزيد من قيمتها". 
وحيث إنه يتضح من الأحكام المتقدمة سواء تلك التي تضمنها العقد، أم القانون رقم 143 لسنة 1981 المشار إليه ولائحته التنفيذية - باعتبارها القواعد التي تحكم هذا العقد وتكمل أحكامه على ما أكدته الإحالة عليها الواردة بنص البند الرابع عشر من العقد - أنها تضمنت شروطا استثنائية غير مألوفة في عقود القانون الخاص، فلا يكون إيراد هذه الشروط في العقد إلا تعبيرا عن خصائص السلطة العامة، وانتهاج الهيئة في شأنه وسائل القانون العام، فضلا عن اتصال موضوع هذا العقد بنشاط الهيئة المدعية، وهي هيئة عامة ذات طابع اقتصادي، أوكل إليها المشرع الاختصاص بإدارة واستغلال والتصرف في الأراضي التي تخصص لأغراض الاستصلاح والاستزراع، والتي تشملها خطة ومشروعات الدولة في مجال استصلاح الأراضي الهادفة إلى زيادة الرقعة الزراعية، وتنمية الإنتاج الزراعي، والذي يعد إشراك الملكية الخاصة والقطاع الخاص فيها، من خلال عقود البيع التي يكون محلها تلك الأراضي، وتخصيصها لهذه الأغراض، أحد وسائلها لبلوغ هذه الغايات والأهداف، التي تتعلق بأحد القطاعات المهمة الذي يعد مقوما أساسيا للاقتصاد القومي، وهو قطاع الزراعة، بما لازمه اعتبار هذا العقد من العقود الإدارية؛ وبالتالي فإن المنازعة في صحة انعقاده، وصدوره ممن يملك قانونا التصرف في الأرض محله، وصحة تمثيله في العقد، هو مما يدخل في الاختصاص الولائي المقرر لجهة القضاء الإداري دون غيرها، والتي ينعقد لها كذلك الاختصاص دون غيرها بالفصل في مشروعية القرار الإداري الصادر بتاريخ 5/ 10/ 1999 من مأمورية الشهر العقاري بالنزهة بعدم السير في إجراءات طلب التسجيل رقم 1553 لسنة 1999 النزهة - ومحله عقد البيع المار ذكره - وذلك كله طبقا لنص المادة (10) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة، والمادة (172) من الدستور الصادر سنة 1971 - وتقابلها المادة (190) من الدستور الحالي - التي عهدت لمحاكم مجلس الدولة الاختصاص بالفصل في المنازعات الإدارية، شاملة طلبات إلغاء القرارات الإدارية النهائية، والمنازعات الخاصة بالعقود الإدارية، وهو الاختصاص الذي حسمته المحكمة الدستورية العليا بحكمها الصادر بجلسة 1/ 2/ 2009 في القضية رقم 101 لسنة 26 قضائية "دستورية"، القاضي "بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (22) من القانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية"، والذي كان يعقد الاختصاص لمحاكم جهة القضاء العادي (المحكمة الابتدائية المختصة) دون غيرها بالفصل في المنازعات التي تنشأ عن تطبيق أحكام القانون المذكور، وقد نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بالعدد رقم 7 مكرر (أ) بتاريخ 15/ 2/ 2009، والذي يلزم الكافة وجميع سلطات الدولة، بما فيها السلطة القضائية، وتكون له الحجية المطلقة بالنسبة لهم، طبقا لنص المادة (195) من الدستور، والمادتين (48، 49) من قانون هذه المحكمة، الأمر الذي يكون معه الحكم الصادر بجلسة 21/ 11/ 2009 من محكمة الجيزة الابتدائية في الدعوى رقم 637 لسنة 2009 مدني كلي حكومة الجيزة، بصحة ونفاذ هذا العقد وتسليم الأرض محله، قد صدر من محكمة لا ولاية لها بنظر الدعوى والفصل فيها، مما يتعين معه القضاء بعدم الاعتداد به، والاعتداد بالحكم الصادر من جهة القضاء الإداري، وما يترتب على ذلك من آثار
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بالاعتداد بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 15/ 8/ 2000 في الدعوى رقم 1445 لسنة 54 قضائية، المؤيد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 22/ 3/ 2008 في الطعن رقم 12022 لسنة 46 قضائية عليا، دون الحكم الصادر من محكمة الجيزة الابتدائية بجلسة 21/ 11/ 2009 في الدعوى رقم 637 لسنة 2009 مدني كلي حكومة الجيزة، وما يترتب على ذلك من آثار.

عدم اختصاص المحكمة الدستورية بفض التنازع بين محكمة الجنح (تبديد منقولات زوجية) ومحكمة الأسرة (خلع)

الطعن 17 لسنة 38 ق "تنازع جلسة 5 / 5 / 2018
الجريدة الرسمية العدد 19 مكرر ب في 13 / 5 / 2018 ص 84
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من مايو سنة 2018م، الموافق التاسع عشر من شعبان سنة 1439هـ
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: سعيد مرعي عمرو وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبد العزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار/ طارق عبد العليم أبو العطا رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 17 لسنة 38 قضائية "تنازع".
----------
الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن النيابة العامة كانت قد أسندت إلى المدعي في القضية رقم 8218 لسنة 2014 جنح أهناسيا، قيامه بتبديد منقولات الزوجية المملوكة للمدعي عليها الرابعة، وقدمته للمحاكمة الجنائية، أمام محكمة جنح أهناسيا، وبجلسة 3/ 9/ 2014 
قضت المحكمة فيها غيابيا بحبس المدعي ستة أشهر، وكفالة خمسون جنيها. وقد عارض المدعي في هذا الحكم وتحدد لنظر المعارضة جلسة 27/ 7/ 2016، ومن جهة أخرى أقامت المدعى عليها الرابعة، دعوى قيدت برقم 357 لسنة 2016 أسرة أهناسيا، أمام محكمة الأسرة بأهناسيا، بطلب تطليقها خلعا من المدعي، وقد حجزت للحكم بجلسة 25/ 7/ 2016، وإذ ارتأى المدعي وجود تنازع إيجابي في الاختصاص بين القضاء الجنائي الذي ينظر الجنحة المقامة ضده، ومحكمة الأسرة التي تنظر دعوى الخلع المقامة ضده أيضا، فقد أقام الدعوى المعروضة
بتاريخ الرابع والعشرين من يوليو سنة 2016، أقام المدعي هذه الدعوى، بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبا الحكم بالاعتداد بالحكم الصادر في الجنحة رقم 8218 لسنة 2014 جنح أهناسيا، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر في الدعوى رقم 357 لسنة 2016 أسرة أهناسيا
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مناط قبول دعوى تنازع الاختصاص وفقا لنص البند (ثانيا) من المادة (25) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، ولا تتخلى إحداهما عن نظرها، أو تتخليان معا عنها، فإذا كان تنازعهما إيجابيا؛ لزم أن تكون المنازعة قائمة في وقت واحد أمام تلك الجهتين القضائيتين أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، وأن تظل كل منهما متمسكة باختصاصها إلى وقت رفع الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا، فإذا كان التنازع واقعا بين محكمتين تابعتين لجهة قضائية واحدة، كان لمحاكم هذه الجهة - وحدها - أن تفض هذا التنازع وفقا للقواعد المعمول بها في نطاقها
وحيث كان ما تقدم، وكان التنازع المدعى به - بفرض وجوده - واقعا بين محكمتين تابعتين لجهة قضاء واحدة، هي جهة القضاء العادي، الأمر الذي ينتفي معه مناط قبول الدعوى المعروضة، ومن ثم تقضي المحكمة بعدم قبولها
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.