الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 3 مايو 2017

الطعن 1730 لسنة 66 ق جلسة 28 / 9 / 2009 مكتب فني 60 ق 133 ص791

برئاسة السيد القاضي/ أحمد محمود مكي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ سيد محمود يوسف، بليغ كمال، شريف سامي الكومي وأحمد رشدي سلام نواب رئيس المحكمة.
-------------
- 1 نقض " الخصوم في الطعن: من يوجه إليه الطعن".
اختصام الطاعن في الدعوى ليصدر الحكم في مواجهته ودون أن توجه إليه طلبات واتخاذه من الخصومة موقفاً سلبياً دون طلب الحكم له بشيء أو منازعته المدعى في طلباته لحين صدوره الحكم المطعون فيه. عدم كفايته لقبول الطعن بالنقض علة ذلك. الطعن بالنقض ليس امتداداً للخصومة المرددة أمام محكمة الموضوع ولا درجة من درجات التقاضي. أثره. عدم أحقية الخصوم في إبداء طلبات ولا إثارة وقائع ومنازعات وأوجه دفاع وتقديم مستندات لم يسبق عرضها على محكمة الموضوع.
فلئن كان من المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه لا يكفي لقبول الطعن بالنقض أن يكون الطاعن قد اختصم في الدعوى ليصدر الحكم في مواجهته دون أن توجه إليه بذاته طلبات فاتخذ من الخصومة موقفاً سلبياً فلم يطلب الحكم لذاته بشيء أو نازع المدعي في طلباته حتى صدور الحكم المطعون فيه إلا أن ذلك مقصور على حق الطعن بالنقض لأن مرحلة الطعن بالنقض ليست امتداداً للخصومة المرددة أمام محكمة الموضوع بدرجتيها ولا هي درجة من درجات التقاضي فلا يكون للخصوم الحق في إبداء طلبات ولا إثارة وقائع ولا منازعات ولا أوجه دفاع ولا تقديم أدلة لم يسبق عرضها من قبل على محكمة الموضوع.
- 2  نقض "الحكم في الطعن: سلطة محكمة النقض".
محكمة النقض. اقتصار مهمتها على بحث مدى صحة الحكم المطعون عليه بالنقض من حيث سلامة تطبيقه للقانون في حدود ما عرض عليه من وقائع وطلبات وأوجه دفاع.
إن مهمة محكمة النقض مقصورة على بحث مدى صحة الحكم المطعون عليه بالنقض من حيث سلامة تطبيقه للقانون في حدود ما عرض عليه من وقائع وطلبات وأوجه دفاع.
- 3  استئناف "آثار الاستئناف: الأثر الناقل للاستئناف: الطلبات الجديدة".
محكمة الاستئناف. جواز طرح الدفوع والدفاع والأدلة والمنازعات الجديدة أمامها. م 233 مرافعات. لازمه. لخصم المواجهة الواقف موقفاً سلبياً من الخصومة أمام محكمة أول درجة استئناف الحكم الصادر منها. علة ذلك. عرض منازعته لأول مرة أمام محكمة الاستئناف. شرطه. إضرار الحكم المستأنف بمصلحته أو المساس بحقوق يدعيها.
إن المشرع أطلق العنان للخصوم في مرحلة الاستئناف ليطرحوا على محكمة الاستئناف ما يشاءون من دفاع ودفوع ووقائع وأدلة ومنازعات وأوجب على هذه المحكمة بصريح نص المادة 233 من قانون المرافعات أن تنظر الاستئناف على أساس ما يقدم إليها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة، ولازم ذلك أنه يجوز لخصم المواجهة الذي وقف موقفاً سلبياً من الخصومة أمام محكمة أول درجة أن يستأنف ليعرض منازعته لأول مرة أمام محكمة الاستئناف متى كان الحكم المستأنف يضر بمصلحة أو يمس حقوقاً يدعيها.
- 4  دعوى "أنواع من الدعاوى: دعوى صحة التعاقد".
الحكم بصحة بيع العقار. تضمنه ملكية البائع له. تعارض ذلك مع مصالح المالك الحقيقي للعقار المختصم ليصدر الحكم في مواجهته. للأخير استئناف الحكم. علة ذلك. الطعن بالنقض ليس امتداداً للخصومة المرددة أمام محكمة الموضوع ولا درجة من درجات التقاضي. أثره. عدم أحقية الخصوم في إبداء طلبات ولا إثارة وقائع ومنازعات وأوجه دفاع وتقديم مستندات لم يسبق عرضها على محكمة الموضوع.
إن الحكم بصحة بيع عقار يتضمن في ثناياه أن البائع مالك وهو ما يتعارض حتماً مع مصالح المالك الحقيقي للعقار متى كان قد اختصم ليصدر الحكم في مواجهته فلا يستقيم أن يمنع من استئناف الحكم حماية لحقه في ملكية العقار لمجرد أنه قد فاتته المنازعة أمام محكمة أول درجة.
- 5 دعوى "أنواع من الدعاوى: دعوى صحة التعاقد".
إقامة الطاعنين دعواهم على البائع بطلب صحة ونفاذ عقد البيع أرض النزاع مختصمين فيها المطعون ضده بصفته ناظراً على الوقف الكائن به المبيع ليصدر الحكم في مواجهته رغم أن حقيقة مرماهم من اختصامه حسر صفة الوقف الخيري عن تلك الأرض وتمكينهم من تسجيل العقد دون اعتراض منه. جواز استئناف الأخير للحكم الصادر بصحة ونفاذ العقد. علة ذلك. اعتبار ذلك الحكم ماساً بحقوقه وضاراً بمصلحته . قضاء الحكم المطعون فيه بقبول استئنافه شكلاً. صحيح.
إذ كان الطاعنون قد أقاموا دعواهم على البائع بطلب صحة ونفاذ عقد بيع الأرض موضوع التداعي واختصموا المطعون ضده بصفته ناظراً على الوقف الكائن به المبيع ليصدر الحكم في مواجهته إلا أن حقيقة مرماهم من اختصامه حسر صفة الوقف الخيري عن تلك الأرض وتمكينهم من تسجيل العقد دون ما اعتراض منه فإن استئنافه للحكم الصادر بصحة ونفاذ العقد جائز باعتبار أن هذا الحكم ماس بحقوقه وضار بمصلحته ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر بقضائه بقبول الاستئناف شكلاً فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
- 6  حكم " بيانات الحكم: أسماء الخصوم وصفاتهم".
الخطأ في أسماء الخصوم وصفاتهم الذي لا يكون من شأنه التشكيك في حقيقة الخصم واتصاله بالخصوم في الدعوى. عدم ترتيبه بطلاناً للحكم .
المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن الخطأ في أسماء الخصوم وصفاتهم الذي لا يكون من شأنه التشكيك في حقيقة الخصم واتصاله بالخصومة في الدعوى لا يترتب عليه بطلان الحكم.
- 7  حكم " بيانات الحكم: أسماء الخصوم وصفاتهم".
خطأ الحكم المطعون فيه في إيراد أسماء الخصوم وفق صحيفة تصحيح شكل الاستئناف بعد وفاة البائع بإيراد أسماء ورثته بحسبانهم المستأنفين للحكم والمطعون ضده بحسبانه مستأنف ضده. ثبوت فصله في الاستئناف باعتبار أن المطعون ضده هو المستأنف . مؤداه. إزالته اللبس والغموض عن صفات الخصوم واتصالهم بالخصومة. النعي عليه بالبطلان لذلك الخطأ. غير صحيح.
إذ كان الحكم المطعون فيه وإن أخطأ في إيراد أسماء الخصوم كما جاء بصحيفة تصحيح شكل الاستئناف بعد وفاة البائع وأورد أسماء ورثته بحسبانهم المستأنفين للحكم والمطعون ضده بحسبانه مستأنف ضده إلا أن البين من مدونات الحكم أنه فصل في الاستئناف باعتبار أن المطعون ضده هو المستأنف بما يزيل اللبس والغموض عن صفات الخصوم واتصالهم بالخصومة على هذا الأساس.
- 8  حكم "حجية الأحكام: ما يحوز الحجية: أجزاء الحكم التي تحوز الحجية".
حجية الحكم. نطاقه. قضاؤه الوارد بالمنطوق دون الأسباب. الاستثناء. اتصال الأسباب بالمنطوق اتصالاً حتمياً بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها . اعتبار الأسباب في تلك الحالة المرجع في تفسير المنطوق وتحديد مداه وفى الوقوف على حقيقة ما فصلت فيه المحكمة. مؤداه. ما لم تنظر فيه المحكمة. عدم اعتباره موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي.
المقرر والمعول عليه في الحكم أن الذي يحوز منه حجية الأمر المقضي هو قضاؤه الذي يرد في المنطوق دون الأسباب إلا أن تكون هذه الأسباب متصلة به اتصالاً حتمياً بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها إذ في هذه الحالة تكون الأسباب هي المرجع في تفسير المنطوق وتحديد مداه وفى الوقوف على حقيقة ما فصلت فيه المحكمة وإن ما لم تنظر فيه المحكمة بالفصل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي.
- 9  حكم "حجية الأحكام: ما يحوز الحجية: أجزاء الحكم التي تحوز الحجية".
اقتصار محكمة القضاء الإداري بمنطوقها بإلغاء قرار لجنة الأوقاف على ما تتضمنه ذلك القرار من وضع يد الوزارة على جميع أعيان الوقف بما يمثل غلاً ليد الحارس القضائي المقيم للدعوى وعدم تمكينه من مباشرة مأموريته الواردة بحكم الحراسة القضائية وعدم تطرق الحكم لتبرير ما يصدق عليه وصف الوقف الأهلي أو الخيري على تلك الأعيان. النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون لصدور الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بإلغاء قرار لجنة الأوقاف معتبراً جميع الأراضي بالقطعة الأولى وقفاً خيرياً وتقدير حصة الخيرات بالحصة الثانية حاسراً صفة الوقف الخيري عن الأطيان محل عقد البيع مهدراً تلك الحجية. غير صحيح.
إذ كان حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في الدعوى رقم ...... لسنة 41 ق وإن قضى في منطوقه بإلغاء قرار لجنة شئون الأوقاف رقم ...... الصادر بتاريخ 16/3/1987 إلا أن البين من أسبابه أن هذا الإلغاء قد اقتصر على ما تضمنه القرار من وضع يد وزارة الأوقاف على جميع أعيان الوقف بما يمثل غلاً ليد الحارس القضائي الذي أقام الدعوى وعدم تمكينه من مباشرة مأموريته الواردة بحكم الحراسة القضائية ولم يتطرق الحكم إلى تحديد ما يصدق عليه وصف الوقف الأهلي أو الخيري في هذه الأعيان ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه يكون على غير أساس.
- 10  حكم " بطلان الأحكام : حالاته".
بناء الحكم على واقعة استخلصها القاضي من مصدر لا وجود له أو موجود ولكنه مناقض لما أثبته أو غير مناقض ولكن يستحيل عقلاً استخلاصها منه. أثره. بطلان الحكم.
المقرر - في قضاء محكمة النقض - إذا بنى القاضي حكمه على واقعة استخلصها من مصدر لا وجود له أو موجود ولكنه مناقض لما أثبته أو غير مناقض ولكن من المستحيل عقلاً استخلاص تلك الواقعة منه كان هذا الحكم باطلاً.
- 11  وقف "الوقف الخيري: أحكامه " .
تضمن حجة الوقف حصتين إحداهما للخيرات. اختصاص المجلس المشكل بالمادة 2 من قرار بق 55 لسنة 1960 المعدلة بق 27 لسنة 1974 وحده بتقدير وفرز حصة الخيرات. مؤداه. صيرورة التصرف الصادر من المستحقين في الحصة الأهلية موقوف لحين صدور قرار بفرز وتجنيب حصة الخيرات في الوقف وخروج محل هذا التصرف مقداراً وحدوداً من تلك الحصة واستقراره ضمن الحصة الأهلية في الوقف.
إن مفاد النصوص في الفقرة الأولى من المادة الثانية والمادة الثالثة من قانون إلغاء الوقف على غير الخيرات الصادر بالمرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 ، والمادة 3 من قانون تنظيم وزارة الأوقاف الصادر بالقرار بقانون رقم 272 لسنة 1959، وفى الفقرة الأولى من المادة 1 والمادة 2 من قانون قسمة الأعيان التي انتهى فيها الوقف الصادر بالقرار بقانون رقم 55 لسنة 1960 المعدلة بالقانون رقم 27 لسنة 1974، والفقرة الثانية من المادة الثالثة من قانون إنشاء هيئة الأوقاف المصرية الصادر بقرار بقانون رقم 80 لسنة 1971 يدل على أنه إذا اشتملت حجة الوقف على حصتين إحداهما للخيرات فإن المجلس المشار إليه آنفاً يكون هو وحده المختص بتقدير وفرز حصة الخيرات، وينبني على ذلك أن أي تصرف من المستحقين في الحصة الأهلية موقوف على صدور قرار بفرز وتجنيب حصة الخيرات في الوقف وخروج محل هذا التصرف مقداراً وحدوداً من تلك الحصة واستقراره ضمن الحصة الأهلية في الوقف.
- 12  وقف "الوقف الخيري: أحكامه".
ثبوت عدم فرز وتجنيب حصة الخيرات في أطيان حجة الوقف الثانية الواقع بها الأرض محل عقد البيع حتى إيداع تقرير الخبير وخلو أوراق الدعوى مما يفيد صدور قرار نهائي بهذا الشأن. استخلاص الحكم المطعون فيه أن تلك الأرض تدخل ضمن حصة الخيرات في تلك الحجة مخالفاً الثابت بالأوراق ودون التفاته لحقيقة ما ورد بقرار لجنة شئون الأوقاف أو تقرير الخبير. فساد.
إذ كان الثابت بتقرير الخبير أنه لم يتم فرز وتجنيب حصة الخيرات في أطيان حجة الوقف الثانية الواقع بها الأرض محل عقد البيع حتى إيداع التقرير وخلت الأوراق مما يفيد صدور قرار نهائي بهذا الشأن، وإذ استخلص الحكم المطعون فيه أن هذه الأرض تدخل ضمن حصة الخيرات في تلك الحجة فإنه يكون قد بني على فهم لا مصدر له ومخالفاً لما هو ثابت في أوراق الدعوى فلم يلتفت إلى حقيقة ما ورد بقرار لجنة شئون الأوقاف أو تقرير الخبير فاعتوره الفساد في الاستدلال.
------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 15042 لسنة 1985 شمال القاهرة الابتدائية على المطعون ضده وآخر بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 13/10/1984 في مواجهة المطعون ضده. حكمت المحكمة بالطلبات. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 6356 لسنة 103 ق القاهرة وبعد أن ندبت المحكمة خبيرا قضت بتاريخ 19/12/1995 بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفضه، وعرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنون بالأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الحكم قضى بقبول استئناف المطعون ضده رغم أنه اختصم في الدعوى ليصدر الحكم في مواجهته وقد وقف من الخصومة أمام محكمة أول درجة موقفا سلبيا فلم ينازع الطاعنون في طلباتهم ولا ساق هو طلبات ومن ثم فلا يقبل منه استئناف الحكم بما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي غير سديد فلئن كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يكفي لقبول الطعن بالنقض أن يكون الطاعن قد اختصم في الدعوى ليصدر الحكم في مواجهته دون أن توجه إليه بذاته طلبات فاتخذ من الخصومة موقفا سلبيا فلم يطلب الحكم لذاته بشيء أو نازع المدعى في طلباته حتى صدور الحكم المطعون فيه إلا أن ذلك مقصور على حق الطعن بالنقض لأن مرحلة الطعن بالنقض ليست امتدادا للخصومة المرددة أمام محكمة الموضوع بدرجتيها ولا هي درجة من درجات التقاضي فلا يكون للخصوم الحق في إبداء طلبات ولا إثارة وقائع ولا منازعات ولا أوجه دفاع ولا تقديم أدلة لم يسبق عرضها من قبل على محكمة الموضوع، ذلك أن مهمة محكمة النقض مقصورة على بحث مدى صحة الحكم المطعون عليه بالنقض من حيث سلامة تطبيقه للقانون في حدود ما عرض عليه من وقائع وطلبات وأجه دفاع. في حين أن المشرع أطلق العنان للخصوم في مرحلة الاستئناف ليطرحوا على محكمة الاستئناف ما يشاءون من دفاع ودفوع ووقائع وأدلة ومنازعات وأوجب على هذه المحكمة بصريح نص المادة 233 من قانون المرافعات أن تنظر الاستئناف على أساس ما يقدم إليها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة، ولازم ذلك أنه يجوز لخصم المواجهة الذي وقف موقفا سلبيا من الخصومة أمام محكمة أول درجة أن يستأنف ليعرض منازعته لأول مرة أمام محكمة الاستئناف متى كان الحكم المستأنف يضر بمصلحة أو يمس حقوقا يدعيها. وكان الحكم بصحة بيع عقار يتضمن في ثناياه أن البائع مالك وهو ما يتعارض حتما مع مصالح المالك الحقيقي للعقار متى كان قد اختصم ليصدر الحكم في مواجهته فلا يستقيم أن يمنع من استئناف الحكم حماية لحقه في ملكية العقار لمجرد أنه قد فاتته المنازعة أمام محكمة أول درجة. لما كان ذلك، وكان الطاعنون قد أقاموا دعواهم على البائع بطلب صحة ونفاذ عقد بيع الأرض موضوع التداعي واختصموا المطعون ضده بصفته ناظرا على الوقف الكائن به المبيع ليصدر الحكم في مواجهته إلا أن حقيقة مرماهم من اختصامه حسر صفة الوقف الخيري عن تلك الأرض وتمكينهم من تسجيل العقد دون ما اعتراض منه فإن استئنافه للحكم الصادر بصحة ونفاذ العقد جائز باعتبار أن هذا الحكم ماس بحقوقه وضار بمصلحته وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر بقضائه بقبول الاستئناف شكلا فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني من أسباب الطعن إيراده لاسم المطعون ضده في ديباجة الحكم كمستأنف ضده رغم أنه المستأنف للحكم بما يوصمه بالبطلان إعمالا لنص المادة 178 من قانون المرافعات ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الخطأ في أسماء الخصوم وصفاتهم الذي لا يكون من شأنه التشكيك في حقيقة الخصم واتصاله بالخصومة في الدعوى لا يترتب عليه بطلان الحكم. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه وإن أخطأ في إيراد أسماء الخصوم كما جاء بصحيفة تصحيح شكل الاستئناف بعد وفاة البائع وأورد أسماء ورثته بحسبانهم المستأنفين للحكم والمطعون ضده بحسبانه مستأنف ضده إلا أن البين من مدونات الحكم أنه فصل في الاستئناف باعتبار أن المطعون ضده هو المستأنف بما يزيل اللبس والغموض عن صفات الخصوم واتصالهم بالخصومة على هذا الأساس ويضحى النعي بهذا السبب جديرا بالرفض
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه بالسبب الثالث من أسباب الطعن الخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 4036 لسنة 41 ق قضى بإلغاء قرار لجنة شئون الأوقاف رقم 10 الصادر بتاريخ 16/3/1987 باتخاذ الإجراءات اللازمة نحو وضع يد وزارة الأوقاف على جميع أعيان الوقف واعتبار جميع الأراضي بالحجة الأولى وقفا خيريا، وتقدير حصة الخيرات بالحجة الثانية بمساحة 21 سهما 7 قراريط 942 فدانا، فانحسرت صفة الوقف الخيري عن الأطيان محل عقد البيع إلا أن الحكم المطعون فيه أهدر تلك الحجية بما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر والمعول عليه في الحكم أن الذي يحوز منه حجية الأمر المقضي هو قضاءه الذي يرد في المنطوق دون الأسباب إلا أن تكون هذه الأسباب متصلة به اتصالا حتميا بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها إذ في هذه الحالة تكون الأسباب هي المرجع في تفسير المنطوق وتحديد مداه وفي الوقوف على حقيقة ما فصلت فيه المحكمة وأن ما لم تنظر فيه المحكمة بالفصل لا يمكن أن يكون موضوعا لحكم يحوز قوة الأمر المقضي. ولما كان ذلك، وكان حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في الدعوى رقم 4036 لسنة 41 ق وإن قضى في منطوقه بإلغاء قرار لجنة شئون الأوقاف رقم 10 الصادر بتاريخ 16/3/1987إلا أن البين من أسبابه أن هذا الإلغاء قد اقتصر على ما تضمنه القرار من وضع يد وزارة الأوقاف على جميع أعيان الوقف بما يمثل غلا ليد الحارس القضائي الذي أقام الدعوى وعدم تمكينه من مباشرة مأموريته الواردة بحكم الحراسة القضائية ولم يتطرق الحكم إلى تحديد ما يصدق عليه وصف الوقف الأهلي أو الخيري في هذه الأعيان، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي يكون على غير أساس
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه بالسبب الرابع من أسباب الطعن الفساد في الاستدلال إذ انتهى إلى أن الأرض محل عقد البيع تدخل ضمن حصة الخيرات في حجة الوقف الثانية استنادا إلى تقرير الخبير وقرار لجنة شئون الأوقاف حال أن كل منهما قد خلا مما يفيد ذلك بما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه - من المقرر في قضاء هذه المحكمة - إذا بنى القاضي حكمه على واقعة استخلصها من مصدر لا وجود له أو موجود ولكنه مناقض لما أثبته أو غير مناقض ولكن من المستحيل عقلا استخلاص تلك الواقعة منه كان هذا الحكم باطلا، وكان النص في الفقرة الأولى من المادة الثانية من قانون إلغاء الوقف على غير الخيرات الصادر بالمرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 على أن "يعتبر منتهيا كل وقف لا يكون مصرفه في الحال خالصا لجهة من جهات البر" والنص في المادة 3 من ذات القانون على أن "يصبح ما ينتهي فيه الوقف على الوجه المبين في المادة السابقة ملكا للواقف إن كان حيا وكان له حق الرجوع فيه. فإن لم يكن آلت الملكية للمستحقين الحاليين كل بقدر حصته في الاستحقاق ..." والنص في المادة 3 من قانون تنظيم وزارة الأوقاف الصادر بقرار بقانون رقم 272 لسنة 1959 على أن "تختص لجنة شئون الأوقاف وحدها بالمسائل الآتية: (أولا) .... وتقدير وفرز حصة الخيرات ...." والنص في الفقرة الأولى من المادة 1 من قانون قسمة الأعيان التي انتهى فيها الوقف الصادر بالقرار بالقانون رقم 55 لسنة 1960 على أن "..... تتولى وزارة الأوقاف ... قسمة الأعيان التي انتهى فيها الوقف طبقا للمرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 كما تتولى الوزارة في هذه الحالة فرز حصة الخيرات الشائعة في تلك الأعيان" والنص في المادة 2 من ذات القانون المعدلة بالقانون رقم 27 لسنة 1974 على أن "تختص بإجراء القسمة لجنة أو أكثر، يصدر بتشكيلها ومكان انعقادها قرار من وزير الأوقاف، برياسة مستشار مساعد بمجلس الدولة يندبه رئيس المجلس وعضوية قاض يندبه وزير العدل ...." والنص في الفقرة الثانية من المادة الثالثة من قانون إنشاء هيئة الأوقاف المصرية الصادر بقرار بقانون رقم 80 لسنة 1971 على أن "وتؤول الاختصاصات الأخرى المخولة للجنة شئون الأوقاف إلى مجلس وكلاء وزارة الأوقاف منضما إليه رئيس مجلس إدارة الهيئة ومستشار من مجلس الدولة ويعتمد وزير الأوقاف قراراته "يدل على أنه إذا اشتملت حجة الوقف على حصتين إحداهما للخيرات فإن المجلس المشار إليه آنفا يكون هو وحده المختص بتقدير وفرز حصة الخيرات، وينبني على ذلك أن أي تصرف من المستحقين في الحصة الأهلية موقوف على صدور قرار بفرز وتجنيب حصة الخيرات في الوقف وخروج محل هذا التصرف مقدارا وحدودا من تلك الحصة واستقراره ضمن الحصة الأهلية في الوقف. لما كان ذلك، وكان الثابت بتقرير الخبير أنه لم يتم فرز وتجنيب حصة الخيرات في أطيان حجة الوقف الثانية الواقع بها الأرض محل عقد البيع حتى إيداع التقرير وخلت الأوراق مما يفيد صدور قرار نهائي بهذا الشأن، وإذ استخلص الحكم المطعون فيه أن هذه الأرض تدخل ضمن حصة الخيرات في تلك الحجة فإنه يكون قد بنى على فهم لا مصدر له ومخالف لما هو ثابت في أوراق الدعوى فلم يلتفت إلى حقيقة ما ورد بقرار لجنة شئون الأوقاف أو تقرير الخبير فاعتوره الفساد في الاستدلال مما يوجب نقضه.

الطعن 4586 لسنة 66 ق جلسة 13 / 7 / 2009 مكتب فني 60 ق 132 ص 787

برئاسة السيد القاضي/ أحمد محمود مكي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ سيد محمود يوسف، بليغ كمال، شريف سامي الكومي وأحمد رشدي سلام نواب رئيس المحكمة.
------------
- 1  دعوى "المسائل التي تعترض سير الخصومة: وقف الدعاوى: الوقف التعليقي".
وجوب وقف الدعوى المدنية لحين الفصل في الدعوى الجنائية ولو كان الضرر المدعى به غير مؤثم أو لم يرد ذكر للمضرور في وصف النيابة للتهمة أو حتى لم يكن المتهم طرفاً في الدعوى المدنية. شرطه. المادتان 265/1، 456 أ. ج، م 102 إثبات. علة ذلك.
متى كان العمل الضار الذي أسس عليه المدعي طلبه التعويض يمثل جريمة رفعت بشأنها دعوى جنائية وكانت هناك مسألة مشتركة بين الدعويين المدنية والجنائية تحتم وقف الدعوى المدنية لحين الفصل في الدعوى الجنائية عملاً بنص المادتين  265/ 1،456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات حتى لو كان الضرر المدعى به غير مؤثم كما في حالة الإتلاف بإهمال للسيارات قبل تعديل المادة 378 عقوبات بالقانون 169 لسنة 1981 أو لم يرد ذكر للمضرور في وصف النيابة للتهمة أو حتى لم يكن المتهم طرفاً في الدعوى المدنية كما هو الحال في شأن الدعوى المباشرة التي يرفعها المضرور على شركات التأمين في حالة التأمين الإجباري من حوادث السيارات إذ العبرة دائماً هي بكون الفعل محل المحاكمة الجنائية هو بذاته أساس دعوى المدعى بطلب التعويض .
- 2  تقادم "التقادم المسقط: التقادم الثلاثي"
التقادم المسقط. وجوب وقف سريانه عند قيام مانع قانوني يمتنع بسببه نظر الدعوى أو السير في إجراءاتها بما في ذلك التقادم الثلاثي المنصوص عليه بالمادة 752 مدني.
إن النص في المادة 382 من القانون المدني يقف التقادم المسقط كلما قام مانع قانوني يمتنع بسببه نظر الدعوى أو السير في إجراءاتها بما في ذلك التقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 752 من القانون المدني بشأن الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين.
- 3  تعويض "التعويض عن الفعل الضار غير المشروع: تقادم دعوى التعويض: مدة التقادم".
ثبوت أن العمل غير المشروع الذي سبب الضرر للطاعن شكل جنحة قيدت قبل قائد السيارة المتسببة في الحادث. مؤداه. وقف سريان تقادم دعوى الطاعن المدنية من تاريخ الحادث وعدم بدء سريانه إلا من تاريخ القضاء في الدعوى بصدور حكم بات فيها أو لأي سبب آخر. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضاؤه بسقوط دعوى الطاعن بالتقادم الثلاثي استناداً لاكتمال مدة تقادم الدعوى من تاريخ وقوع الحادث وحتى تاريخ إقامتها دون الاعتداد بأثر الدعوى الجنائية في وقف سريان التقادم والذي يظل قائماً حتى ولو لم يتضمن وصف النيابة اسم المضرور على قاله أن الطاعن لم يكن خصماً فيها. خطأ .
إذ كان الثابت بالأوراق أن العمل غير المشروع الذي سبب الضرر للطاعن قد شكل جنحة قيدت ضد قائد السيارة المتسببة في الحادث فإن سريان التقادم بالنسبة للدعوى (دعوى الطاعن المدنية) يقف من تاريخ الحادث ولا يبدأ سريانه إلا من تاريخ القضاء في الدعوى الجنائية بصدور حكم بات فيها أو لأي سبب آخر، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بسقوط دعوى الطاعن بالتقادم الثلاثي استناداً إلى اكتمال مدة التقادم للدعوى المدنية من تاريخ وقوع الحادث في 8/3/1990 حتى تاريخ إقامتها في 7/8/1994 دون أن يعتد بأثر الدعوى الجنائية في وقف سريان التقادم - والذي يظل قائماً حتى ولو لم يتضمن وصف النيابة اسم المضرور - بمقولة أن الطاعن لم يكن خصماً فيها فإنه يكون معيباً (بالخطأ في تطبيق القانون).
-------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن وآخر أقاما الدعوى .... لسنة 1994 الفيوم الابتدائية على الشركة المطعون ضدها بطلب الحكم بإلزامها أن تدفع لهما تعويضاً عن الأضرار التي لحقت بهما من إجراء إصابتهما في حادث سيارة مؤمن من مخاطرها لديها وأدين قائدها بحكم بات. محكمة أول درجة حكمت بسقوط دعوى الطاعن بالتقادم الثلاثي وبالتعويض الذي قدرته للآخر. استأنف المدعيان الحكم بالاستئناف .... لسنة 31 ق بني سويف "مأمورية الفيوم", كما استأنفته المطعون ضدها بالاستئناف .... لسنة 31 ق, وبتاريخ 28/2/1996 قضت المحكمة بالتأييد. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض, وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم, وعرِض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره, وفيها التزمت النيابة رأيها.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون, إذ تمسك في دفاعه بأنه كان يتعين احتساب بدء سريان التقادم الثلاثي للدعوى المدنية من تاريخ صيرورة الحكم الصادر في الجنحة ..... لسنة 1990 أطسا واستئنافها نهائياً إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بتأييد الحكم الابتدائي القاضي بسقوط الدعوى بالتقادم باكتمال مدته من تاريخ الحادث في 8/3/1990 حتى رفع الدعوى المدنية في 7/8/1994 بمقولة أن الطاعن لم يكن من خصوم الدعوى الجنائية ولم يرد اسمه في وصف النيابة للتهمة مما يعيبه ويستوجب نقضه
حيث إن هذا النعي سديد, ذلك أنه متى كان العمل الضار الذي أسس عليه المدعى طلبه التعويض يمثل جريمة رفعت بشأنها دعوى جنائية وكانت هناك مسألة مشتركة بين الدعويين المدنية والجنائية تحتم وقف الدعوى المدنية لحين الفصل في الدعوى الجنائية عملاً بنص المادتين 265/1, 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات حتى لو كان الضرر المدعى به غير مؤثم كما في حالة الإتلاف بإهمال للسيارات قبل تعديل المادة 378 عقوبات بالقانون 169 لسنة 1981 أو لم يرد ذكر للمضرور في وصف النيابة للتهمة أو حتى لم يكن المتهم طرفاً في الدعوى المدنية كما هو الحال في شأن الدعوى المباشرة التي يرفعها المضرور على شركات التأمين في حالة التأمين الإجباري من حوادث السيارات إذ العبرة دائماً هي بكون الفعل محل المحاكمة الجنائية هو بذاته أساس دعوى المدعى بطلب التعويض وعملاً بنص المادة 382 من القانون المدني يقف التقادم المسقط كلما قام مانع قانوني يمتنع بسببه نظر الدعوى أو السير في إجراءاتها بما في ذلك التقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 752 من القانون المدني بشأن الدعاوى الناشئة عن عقد التأمين. ولما كان ذلك, وكان الثابت بالأوراق أن العمل غير المشروع الذي سبب الضرر للطاعن قد شكل جنحة قيدت ضد قائد السيارة المتسببة في الحادث فإن سريان التقادم بالنسبة للدعوى يقف من تاريخ الحادث ولا يبدأ سريانه إلا من تاريخ القضاء في الدعوى الجنائية بصدور حكم بات فيها أو لأي سبب آخر, وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بسقوط دعوى الطاعن بالتقادم الثلاثي استناداً إلى اكتمال مدة التقادم للدعوى المدنية من تاريخ وقوع الحادث في 8/3/1990 حتى تاريخ إقامتها في 7/8/1994 دون أن يعتد بأثر الدعوى الجنائية في وقف سريان التقادم - والذي يظل قائماً حتى ولو لم يتضمن وصف النيابة اسم المضرور - بمقولة أن الطاعن لم يكن خصماً فيها فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه.

الطعن 9352 لسنة 66 ق جلسة 7 / 7 / 2009 مكتب فني 60 ق 131 ص 782

برئاسة السيد القاضي/ عبد العال السمان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ جرجس عدلي، مصطفى مرزوق، صلاح الجبالي نواب رئيس المحكمة ومحمد منصور.
--------------
- 1 رهن "الرهن الرسمي".
عقد الرهن الرسمي . يُكسب الدائن المرتهن حقاً عينياً على عقار الراهن المخصص لوفاء الدين. مقتضاه. تقدُم الدائن المرتهن على الدائنين العاديين والتاليين له في المرتبة وتتبع العقار في يد من ينتقل إليه العقار مع بقاء ملكية العقار وحيازته والتصرف فيه للراهن. بطلان الاتفاق على تملك الدائن المرتهن للعقار المرهون نظير ثمن معلوم عند عدم استيفاء حقه ولو كان بعد اتفاق الرهن. علة ذلك. المواد 1030، 1043، 1052 مدني.
إن مؤدى نصوص المواد 1030، 1043، 1052 مدني أن الرهن الرسمي عقد به يكسب الدائن على عقار مخصص لوفاء دينه حقاً عينياً يكون له بمقتضاه أن يتقدم على الدائنين العاديين والدائنين التالين له في المرتبة في استيفاء حقه من ثمن ذلك العقار في أي يد يكون، فالرهن عقد يتم بين الراهن والدائن المرتهن ويعطي لهذا الأخير حقاً عينياً عقارياً على العقار المخصص لوفاء الدين بجميع ما ينتج عن هذا الحق من مزايا وضمانة عينية كما يعطى له حق التتبع في يد من تنتقل إليه ملكية العقار المرهون، والراهن يبقى مالكاً للعقار المرهون وحائزاً له ويحتفظ بحقه في التصرف فيه ولا يتقيد في ذلك إلا بعدم الإضرار بحق الدائن المرتهن، ويستوي في ذلك أن يتصرف الراهن في كل العقار المرهون أو في جزء منه فقط، فإذا باعه أجزاء متفرقة إلى عدد من المشترين فللدائن المرتهن أن يتتبع كل جزء من العقار في يد من اشتراه كما يتتبع كل العقار في يد المشتري، كما يقع باطلاً كل اتفاق يجعل للدائن الحق عند عدم استيفاء الدين وقت حلول أجله في أن يتملك العقار المرهون نظير ثمن معلوم أياً كان، ولو كان هذا الاتفاق قد أُبرم بعد الرهن، فقد أراد المشرع حماية الراهن من هذا الاستغلال المخالف للنظام العام، فنص صراحة على أن هذا الاتفاق يكون باطلا.
- 2  حكم "عيوب التدليل: الفساد في الاستدلال".
الفساد في الاستدلال. ماهيته. انطواء الحكم على عيب يمس سلامة الاستنباط. تحققه بالاستناد إلى أدلة غير صالحة للاقتناع بها أو عدم فهم الواقعة أو استخلاصها من مصدر لا وجود له أو موجود ومناقض لما أثبتته المحكمة.
من المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم الواقعة التي ثبتت لديها أو استخلاص هذه الواقعة من مصدر لا وجود له أو موجود ولكن مناقض لما أثبتته.
- 3  حكم "عيوب التدليل: الفساد في الاستدلال". رهن "الرهن الرسمي".
قضاء الحكم المطعون فيه بإلزام الطاعن الدائن المرتهن والبائع المطعون ضده الثاني بالمبلغ الذي أنفقه المطعون ضده الأول المشتري لترميم العين المبيعة باعتبار أن الطاعن أحد طرفي التعاقد في البيع حال كونه دائناً مرتهناً. فساد.
إذ كان الثابت من عقد البيع المؤرخ 7/2/1989 أنه محرر بين المطعون ضدهما الأول والثاني الأول - بصفته مشترياً - والثاني - بصفته بائعاً - وأن الطاعن طرف ثالث - دائن مرتهن للعقار محل التداعي - وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك وأقام قضاءه بإلزام الطاعن بالمبلغ المقضي به مع المطعون ضده الثاني باعتبار أن الطاعن أحد طرفي التعاقد بصفته بائعاً حال كونه دائناً مرتهناً له حق التتبع فقط على العقار المرتهن فإنه يكون معيباً بالفساد في الاستدلال.
---------
الوقائع
وحيث أن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعن بصفته والمطعون ضده الثاني الدعوى 9599 لسنة 1992 مدني محكمة الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم ببطلان عقد البيع المؤرخ 7/2/1989 للغلط والغش والتدليس وبإلزامهما وعلى سبيل التضامن فيما بينهما بأن يؤديا له مبلغ مائة وثلاثة وثمانين ألف وخمسمائة وثمانين جنيهاً ومائة وسبعين مليماً المبلغ الذي سدده وأنفقه في عين النزاع والتعويض وقال بياناً لها إنه في غضون سنة 1988 أعلن الطاعن بصفته عن رغبته في بيع بعض وحدات العقار المبين بصحيفة الدعوى على أساس أن الأخير يمثل مالك العقار – المطعون ضده الثاني – بموجب توكيل رسمي وأنه دائن مرتهن للعقار. وتقدم المطعون ضده الأول بطلب يفيد رغبته في شراء الشقة محل التداعي وتم إبرام التعاقد بتاريخ 7/2/1989 بين المطعون ضده الأول – مشتري – والمطعون ضده الثاني – بائع – والطاعن – دائن مرتهن – وقام المطعون ضده الأول بسداد كامل الثمن وقيمة الفوائد أقساط الثمن للطاعن بصفته وعقب استلامه للشقة فوجئ بصدور قرار من حي وسط الإسكندرية بإزالتها وبإخلاءها وأن سالفي الذكر قاما بالتدليس عليه وباعا له شقة غير صالحة للانتفاع. فقد أقام الدعوى. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره عدل المطعون ضده الأول طلباته إلى فسخ العقد سند الدعوى وإلزام الطاعن والمطعون ضده الثاني بأن يؤديا له مبلغ مائة وثلاثة وستين ألف وخمسمائة وسبعة وثمانين جنيه كما وجه الطاعن بصفته دعوى فرعية بإلزام المطعون ضده الثاني بأن يؤدي له مبلغ ثلاثة آلاف وخمسمائة وواحد وثمانين جنيهاً وسبعة عشر قرشاً تكلفة ترميم العقار الكائن به شقة التداعي وبجلسة 23/4/1995 قضت محكمة أول درجة في الدعوى الأصلية بفسخ العقد وإلزام المطعون ضده الثاني بأن يؤدي للمطعون ضده الأول مبلغ ثمانية وستين ألف وثمانمائة وخمسين جنيه قيمة الشقة والفوائد القانونية وبرفض الدعوى الفرعية بحكم استأنفه المطعون ضده الأول بالاستئناف 1306 لسنة 51 ق الإسكندرية وبتاريخ 20/7/1996 قضت تلك المحكمة بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بصفته والمطعون ضده الثاني بأن يدفعا للمطعون ضده الأول مبلغ ثلاثة وثمانين ألفا وخمسمائة وواحد وثمانين جنيهاً ومائة وسبعين قرشاً. طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
-------------
المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث أن الطعن أقيم على سبب واحد ينعي به الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال إذ قضى بإلزام الطاعن بصفته- بنك الاستثمار العربي - والمطعون ضده الثاني بالمبلغ المقضي به باعتبار أن الأول أحد طرفي التعاقد محل عقد البيع المؤرخ 7/2/1989 بصفته بائعاً حال كون الطاعن بصفته ليس بائعاً وإنما دائن مرتهن فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه
وحيث أن هذا النعي سديد ذلك أن مؤدى نص المواد 1030، 1043، 1052 مدني أن الرهن الرسمي عقد به يكسب الدائن على عقار مخصص لوفاء دينه حقاً عينياً يكون له بمقتضاه أن يتقدم على الدائنين العاديين والدائنين التالين له في المرتبة في استيفاء حقه من ثمن ذلك العقار في أي يد يكون .... فالرهن عقد يتم بين الراهن والدائن المرتهن ويعطي لهذا الأخير حقاً عينياً عقارياً على العقار المخصص لوفاء الدين بجميع ما ينتج عن هذا الحق من مزايا وضمانة عينية كما يعطي له حق التتبع في يد من تنتقل إليه ملكية العقار المرهون والراهن يبقى مالكاً للعقار المرهون وحائزاً له ويحتفظ بحقه في التصرف فيه ولا يتقيد في ذلك إلا بعدم الإضرار بحق الدائن المرتهن ويستوي في ذلك أن يتصرف الراهن في كل العقار المرهون أو في جزء منه فقط فإذا باعه أجزاء متفرقة إلى عدد من المشترين فللدائن المرتهن أن يتتبع كل جزء من العقار في يد من اشتراه كما يتتبع كل العقار في يد المشتري ..... كما يقع باطلاً كل اتفاق يجعل للدائن الحق عند عدم استيفاء الدين وقت حلول أجله في أن يتملك العقار المرهون في نظير ثمن معلوم أيا كان ...... ولو كان هذا الاتفاق قد أبرم بعد الرهن فقد أراد المشرع حماية الراهن من هذا الاستغلال المخالف للنظام العام فنص صراحة على أن هذا الاتفاق يكون باطلاً ولما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة – أن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم الواقعة التي ثبتت لديها أو استخلاص هذه الواقعة من مصدر لا وجود له أو موجود ولكن مناقض لما أثبتته. لما كان ذلك، وكان الثابت من عقد البيع المؤرخ 7/2/1989 أنه محرر بين المطعون ضدهما الأول والثاني الأول – بصفتهالقاضي مشترياً – والثاني - بصفته بائعاً – وأن الطاعن طرف ثالث – دائن مرتهن للعقار محل التداعي وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك وأقام قضاءه بإلزام الطاعن بالمبلغ المقضي به مع المطعون ضده الثاني باعتبار أن الطاعن أحد طرفي التعاقد بصفته بائعاً حال كونه دائناً مرتهناً له حق التتبع فقط على العقار المرتهن فإنه يكون معيباً بالفساد في الاستدلال مما يوجب نقضه
وحيث أن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين القضاء في الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف.

الطعن 9243 لسنة 66 ق جلسة 7 / 7 / 2009 مكتب فني 60 ق 130 ص 775

برئاسة السيد القاضي/ عبد العال السمان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ جرجس عدلي، مصطفى مرزوق، محمود العيسوي نواب رئيس المحكمة ومحمد منصور.
--------------
- 1 دعوى "شروط قبول الدعوى: الصفة في الدعوى: تمثيل الدولة في التقاضي".
الوزير يمثل وزارته والمصالح والإدارات التابعة لها فيما ترفعه أو يرفع عليها من دعاوى وطعون. الاستثناء. منح القانون الشخصية الاعتبارية لجهة إدارية منها وإسناد صفة النيابة عنه الغير الوزير في الحدود التي يعينها القانون . وزير المالية دون غيره الممثل لمصلحة الضرائب ومأموريتها أمام القضاء . علة ذلك .
المقرر- في قضاء محكمة النقض – أن الأصل أن الوزير هو الذي يمثل وزارته فيما ترفعه الوزارة والمصالح والإدارات التابعة لها أو يرفع عليها من دعاوى وطعون إلا إذا منح القانون الشخصية الاعتبارية لجهة إدارية معينة منها وأسند صفة النيابة عنها إلى غير الوزير فتكون له عندئذ هذه الصفة في الحدود التي يعينها القانون ، ولما كان المشرع لم يمنح الشخصية الاعتبارية لمصلحة الضرائب ولا لمأموريتها ، فإن وزير المالية يكون هو دون غيره من موظفيها الذي يمثلها فيما ترفعه أو يرفع عليها من دعاوى وطعون.
- 2  دعوى "شروط قبول الدعوى: الصفة في الدعوى: تمثيل الدولة في التقاضي".
وزير المالية. الممثل القانوني لوزارته ومصلحة الضرائب العقارية. مؤداه. اختصام المطعون ضدهما الثاني بصفته رئيس مصلحة الضرائب العقارية والثالث. غير مقبول.
إذ كان وزير المالية هو الممثل القانوني لوزارته ومصلحة الضرائب العقارية مما يكون معه اختصام المطعون ضدهم الثاني بصفته (رئيس مصلحة الضرائب العقارية بالمنصورة) والثالث غير مقبول.
- 3  حجز "الحجز الإداري".
تكليف المدين أو الحائز للحراسة رغم رفضه. شرطه. وجود أي منهما في مكان الحجز حتى إتمام المحضر وألا يجد مندوب الحجز من يقبل الحراسة في مكان الحجز. مؤداه. وجوب بحث المندوب قبل تكليف المدين أو الحائز بالحراسة في مكان الحجز عن حارس يقبل الحراسة. تكليف أيهما مباشرة دون بحث. أثره. تصرف معيب. علة ذلك.
إن مفاد نص المادة 11 من القانون رقم 308 لسنة 1955 - في شأن الحجز الإداري - أن تكليف المدين أو الحائز بالحراسة رغم رفضه مشروط بشرطين: أولهما أن يكون أي منهما موجوداً في مكان الحجز وإلى حين إتمام المحضر، ثانيهما: ألا يجد مندوب الحجز في مكان الحجز من يقبل الحراسة، وعلى هذا يجب على المندوب قبل تكليف المدين أو الحائز بالحراسة أن يبحث في مكان الحجز عن حارس يقبل الحراسة فإذا لم يبحث وكلف أيهما مباشرة كان تصرفه هذا معيباً لأن قيام هذا التكليف مرهون - وفقاً للمادة سالفة الذكر- بعدم وجود أي شخص يقبل الحراسة، أما إذا كان هناك من يقبلها غير المدين أو الحائز، فلا يجوز تعيين أحدهما، لأن ذلك استثناء من القاعدة العامة التي توجب توفر الرضا بالحراسة، والاستثناء مرهون بظروفه ولا يجوز التوسع فيه.
- 4  حكم "حجية الحكم: حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية".
الحكم الجنائي الصادر بالبراءة لانتفاء التهمة أو عدم كفاية الدليل أو بالإدانة . حجيته قبل الكافة أمام المحاكم المدنية. شرطه. فصله فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية والوصف القانوني للفعل ونسبته لفاعله. أثره. التزام المحاكم المدنية بتلك المسائل في بحثها الحقوق المدنية المتصلة بها. علة ذلك. المادتان 456 أ. ج، 102 إثبات.
المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن مفاد نص المادتين 456 من قانون الإجراءات الجنائية، 102 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 أن الحكم الصادر في المواد الجنائية بالبراءة أو الإدانة تكون له حجيته قبل الكافة أمام المحاكم المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين المدنية والجنائية وفى الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، ويكون للحكم بالبراءة هذه القوة سواء بني على انتفاء التهمة أو عدم كفاية الأدلة، فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحكمة المدنية أن تعيد بحثها، ويتعين عليها أن تتقيد بها وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها كي لا يكون حكمها مخالفاً للحكم الجنائي السابق صدوره، وليست العلة في ذلك اتحاد الخصوم والموضوع والسبب في الدعويين وإنما هي في الواقع توفر الضمانات التي قررها المشرع في الدعاوى الجنائية ابتغاء الوصول إلى الحقيقة فيها لارتباطها بالأرواح والحريات ، الأمر الذي تتأثر به مصلحة الجماعة لا مصلحة الأفراد مما يقتضى أن تكون الأحكام الجنائية محل ثقة الكافة على الإطلاق وأن تبقى آثارها نافذة على الدوام وهذا يستلزم حتماً ألا تكون هذه الأحكام معرضة في أي وقت لإعادة النظر في الموضوع الذي صدرت فيه حتى لا يجر ذلك إلى تخطئتها من جانب أية جهة قضائية.
- 5  حكم "حجية الحكم: حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية".
براءة الطاعنة من تهمة تبديد المحجوزات لصالح مصلحة الضرائب العقارية استناداً إلى أن الحراسة عقد رضائي يستوجب رضاء الطاعنة. إقامة الأخيرة دعواها الراهنة بطلب إلزام المطعون ضدهم وزير المالية ورئيس مصلحة الضرائب العقارية بالتضامن بالتعويض عن الأضرار نتيجة خطأ المطعون ضده الأخير تابع المطعون ضدهما الأول والثاني بصفتيهما لتوقيعه حجزاً وتعينها حارسة على تلك المحجوزات دون رضاها. مقتضاه. التزام المحكمة المدنية بالحكم الجنائي. مخالفة الحكم المطعون فيه ذلك النظر متحجباً عن بحث طلبات الطاعنة. قصور.
إذ كان البين من الجنحة رقم ...... لسنة 1988 منية النصر أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية ضد الطاعنة لأنها بددت المحجوزات لصالح مصلحة الضرائب العقارية بمنية النصر، وأن محكمة الجنح قضت بتاريخ 5/6/1991 ببراءتها مما أسند إليها استناداً إلى أن الحراسة عقد رضائي يستوجب رضاء من المتهمة الطاعنة، ولما كان طلب الطاعنة في الدعوى الراهنة هو إلزام المطعون ضدهم بالتضامن بالتعويض عن الأضرار التي حاقت بها نتيجة خطأ المطعون ضده الأخير تابع المطعون ضدهما الأول والثاني بصفتيهما لتوقيعه حجزاً وتعيينها حارسة على تلك المحجوزات دون رضاها، مما مقتضاه وجوب تقيّد المحكمة المدنية بما انتهى إليه الحكم الجنائي، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بمقولة أنه ليس في الحكم الجنائي الصادر ببراءة الطاعنة ما يمكن أن يستخلص منه خطأ المطعون ضده الأخير فإنه يكون قد خالف القانون، وقد تحجب بهذا الخطأ عن بحث طلبات الطاعنة مما يعيبه بالقصور.
-------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت على المطعون ضدهم الدعوى .... لسنة 1994 مدني محكمة المنصورة الابتدائية "مأمورية دكرنس" بطلب الحكم بإلزامهم بالتضامن بأن يدفعوا لها مبلغ عشرين ألف جنيه على سبيل التعويض, وقالت لذلك إن المطعون ضده الأخير حرر محضر حجز إداري ضد/ ...... وفاءً لمبلغ 302.58 جنيه, وأثبت بمحضره تعيينها حارسة على المحجوزات ورفضها التوقيع وحرر لها محضر تبديد ضبط عنه الجنحة رقم .... لسنة 1988 منية النصر وقضى فيها غيابياً بحبسها شهر, ثم عارضت في ذلك القضاء, وبجلسة 5/6/1991 قضى ببراءتها, وإذ أصابها أضراراً مادية وأدبية تقدر التعويض الجابر لها بالمبلغ المطالب به, ومن ثم أقامت الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى للتحقيق, وبعد أن استمعت إلى شهود الطرفين حكمت في 25/11/1995 برفضها بحكم استأنفته الطاعنة بالاستئناف ..... لسنة 48 ق المنصورة, وبتاريخ 10/7/1996 قضت بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض, وأودعت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما الثاني بصفته والثالث على سند من أن الوزير هو الممثل القانوني لوزارة المالية ومصلحة الضرائب العقارية, وأبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره, وفيها التزمت النيابة رأيها.
-------------
المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة
وحيث إن الدفع المبدي من النيابة في محله, ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الأصل أن الوزير هو الذي يمثل وزارته فيما ترفعه الوزارة والمصالح والإدارات التابعة لها أو يرفع عليها من دعاوى وطعون إلا إذا منح القانون الشخصية الاعتبارية لجهة إدارية معينة منها وأسند صفة النيابة عنها إلى غير الوزير فتكون له عندئذ هذه الصفة في الحدود التي يعينها القانون, ولما كان المشرع لم يمنح الشخصية الاعتبارية لمصلحة الضرائب ولا لمأموريتها, فإن وزير المالية يكون هو دون غيره من موظفيها الذي يمثلها فيما ترفعه أو يرفع عليها من دعاوى وطعون. لما كان ذلك, وكان وزير المالية هو الممثل القانوني لوزارته ومصلحة الضرائب العقارية مما يكون معه اختصام المطعون ضدهم الثاني بصفته والثالث غير مقبول
وحيث إن الطعن, فيما عدا ما تقدم, استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب, وفي بيان ذلك تقول إنه قضى في الجنحة .... لسنة 1988 منية النصر بجلسة 5/6/1991 ببراءتها على سند من أن القائم بالحجز قد عينها حارسة على المحجوزات دون رضاها, وكان ما قام به المطعون ضده الثالث القائم بالحجز قد ارتكب خطأ في حقها يستوجب معه تعويضها عن الأضرار التي لحقت بها, وإذ قضى الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه برفض دعواها بالتعويض مهدراً حجية الحكم الجنائي الصادر في الجنحة سالفة الذكر ببراءتها من تهمة التبديد فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي سديد, ذلك أن مفاد نص المادة 11 من القانون رقم 308 لسنة 1955 - في شأن الحجز الإداري - أن تكليف المدين أو الحائز بالحراسة رغم رفضه مشروط بشرطين: أولهما أن يكون أي منهما موجوداً في مكان الحجز وإلى حين إتمام المحضر, ثانيهما: ألا يجد مندوب الحجز في مكان الحجز من يقبل الحراسة وعلى هذا يجب على المندوب قبل تكليف المدين أو الحائز بالحراسة أن يبحث في مكان الحجز عن حارس يقبل الحراسة, فإذا لم يبحث وكلف أيهما مباشرة كان تصرفه هذا معيباً لأن قيام هذا التكليف مرهون وفقاً للمادة سالفة الذكر بعدم وجود أي شخص يقبل الحراسة, أما إذا كان هناك من يقبلها غير المدين أو الحائز, فلا يجوز تعيين أحدهما, لأن ذلك استثناء من القاعدة العامة التي توجب توفر الرضا بالحراسة, والاستثناء مرهون بظروفه ولا يجوز التوسع فيه. ولما كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مفاد نص المادتين 456 من قانون الإجراءات الجنائية, 102 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 أن الحكم الصادر في المواد الجنائية بالبراءة أو الإدانة تكون له حجيته قبل الكافة أمام المحاكم المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين المدنية والجنائية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله ويكون للحكم بالبراءة هذه القوة سواء بنى على انتفاء التهمة أو عدم كفاية الأدلة فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور, فإنه يمتنع على المحكمة المدنية أن تعيد بحثها, ويتعين عليها أن تتقيد بها وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها كي لا يكون حكمها مخالفاً للحكم الجنائي السابق صدوره, وليست العلة في ذلك اتحاد الخصوم والموضوع والسبب في الدعويين وإنما هي في الواقع توفر الضمانات التي قررها المشرع في الدعاوى الجنائية ابتغاء الوصول إلى الحقيقة فيها لارتباطها بالأرواح والحريات, الأمر الذي تتأثر به مصلحة الجماعة لا مصلحة الأفراد, مما يقتضي أن تكون الأحكام الجنائية محل ثقة الكافة على الإطلاق وأن تبقى آثارها نافذة على الدوام وهذا يستلزم حتماً ألا تكون هذه الأحكام معرضة في أي وقت لإعادة النظر في الموضوع الذي صدرت فيه حتى لا يجر ذلك إلى تخطئتها من جانب أية جهة قضائية. لما كان ذلك, وكان البين من الجنحة رقم .... لسنة 1988 منية النصر أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية ضد الطاعنة لأنها بددت المحجوزات لصالح مصلحة الضرائب العقارية بمنية النصر, وأن محكمة الجنح قضت بتاريخ 5/6/1991 ببراءتها مما أسند إليها استناداً إلى أن الحراسة عقد رضائي يستوجب رضاء من المتهمة - الطاعنة - ولما كان طلب الطاعنة في الدعوى الراهنة هو إلزام المطعون ضدهم بالتضامن بالتعويض عن الأضرار التي حاقت بها نتيجة خطأ المطعون ضده الأخير تابع المطعون ضدهما الأول والثاني بصفتيهما لتوقيعه حجزاً وتعيينها حارسة على تلك المحجوزات دون رضاها, مما مقتضاه وجوب تقيّد المحكمة المدنية بما انتهى إليه الحكم الجنائي, وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بمقولة أنه ليس في الحكم الجنائي الصادر ببراءة الطاعنة ما يمكن أن يستخلص منه خطأ المطعون ضده الأخير, فإنه يكون قد خالف القانون, وقد تحجب بهذا الخطأ عن بحث طلبات الطاعنة مما يعيبه بالقصور بما يوجب نقضه.

امتناع الكنيسة عن التصريح بالزواج قرار سلبي قابل للإلغاء

الطعن 12244 لسنة 55 ق جلسة 29 / 5 / 2010 مكتب فني 55 ص512
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أحمد الحسيني رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة 
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أحمد محمد صالح الشاذلي وعادل سيد عبد الرحيم حسن بريك وصلاح الدين عبد اللطيف الجرواني ومجدي محمود بدوي العجرودي نواب رئيس مجلس الدولة 
بحضور السيد الأستاذ المستشار/ مصطفى حسين السيد أبو حسين نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة 
وحضور السيد/ كمال نجيب مرسيس سكرتير المحكمة
------------
الوقائع
في يوم الثلاثاء الموافق 17/3/2009, أودعت الأستاذة ......... المحامية المقبولة للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا بصفتها وكيلة عن الطاعن قلم كتاب المحكمة تقريراً بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 12244 لسنة 55 ق عليا في الحكم المشار إليه القاضي أولاً: بعدم قبول تدخل ......... خصماً منضماً إلى المدعي في الدعوى وألزمته مصروفات هذا الطلب. ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار, وألزمت الجهة الإدارية المدعى عليها مصروفات الطلب العاجل, وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعها
والتمس الطاعن بصفته - لما ورد بتقرير طعنه من أسباب - الحكم بقبوله شكلاً, وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به, والقضاء مجدداً
أصلياً: بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ولائياً بنظر الدعوى, وعدم قبولها لانتفاء القرار الإداري واحتياطياً: برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 4/5/2009 حيث قررت إحالته إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني فيه وعينت لنظره جلسة 5/7/2009 حيث أودعت الهيئة المذكورة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بصفته المصروفات. وقد استأنفت دائرة فحص الطعون نظر الطعن وتدوول أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات, وبجلسة 7/12/2009 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى - موضوع) لنظره بجلستها المنعقدة بتاريخ 26/12/2009 حيث نظر بهذه الجلسة, وبجلسة 30/1/2010 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 17/4/2010 وبها قررت مد أجل النطق به لجلسة 22/5/2010 ثم لجلسة اليوم لاستكمال المداولة وبجلسة اليوم صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.

--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق, وسماع الإيضاحات, والمداولة قانوناً
ومن حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه المقررة قانوناً فمن ثم يكون مقبول شكلاً
ومن حيث إن واقعات الطعن تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن المطعون ضده أقام الدعوى - محل الطعن الماثل - بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بتاريخ 5/5/2008 اختصم فيها الطاعن بصفته, و........ والتمس في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً, وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار المدعى عليه الثاني بصفته في مواجهة المدعى عليه الأول بصفته بالامتناع عن التصريح له بالزواج الثاني مع تنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان, وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار, وإلزام المدعى عليهما بصفتيهما المصروفات
وبسط المدعي دعواه موضحاً أنه بتاريخ 1/9/2002 تزوج من السيدة .......... وفقاً لطقوس طائفة الأقباط الأرثوذكس ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج بيد أن الزوجة ومنذ فجر زواجهما وهي دائمة الإساءة إليه والتعدي عليه بالسب والقذف وبألفاظ نابية أمام الأهل والجيران مما أصابه بأضرار نفسية جسيمة ولم تفلح معها كافة محاولات الإصلاح أو نصائح رجال الدين المسيحي مما حدا به إلى إقامة الدعوى رقم 13 لسنة 2002 أمام محكمة طنطا الكلية للأحوال الشخصية (ملي) التي قضت بجلستها المنعقدة بتاريخ 28/10/2003 بتطليق زوجته منه للضرر, وإذ لم يتم استئناف ذلك الحكم وصار نهائياً وحائزاً لقوة الأمر المقضي به فقد تقدم المدعي لنيافة المدعى عليه الثاني بطلب التصريح له بالزواج الثاني بيد أن المذكور رفض ذلك دون سند من الدستور أو لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادر في التاسع من مايو سنة 1938 أو القوانين الكنسية, فضلاً عن إهداره لحجية الأحكام القضائية. ولما كان القرار الطعين مرجح الإلغاء وكان الحق في الزواج من الحقوق التي كفلها الدستور ومواثيق حقوق الإنسان وقد حثت عليه الأديان السماوية بما في ذلك شريعة الأقباط الأرثوذكس وأن حرمان المدعي من الزواج قد يسبب له الوقوع في الفتنة وهو ما نهت عنه الأديان السماوية وأنه يتوافر به كذلك ركن الاستعجال في دعواه ومن ثم يكون طلب المدعي وقف تنفيذ القرار المطعون فيه قد قام على ركنيه
وقد تدوولت الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة حيث تدخل الأستاذ .......... انضمامياً إلى جانب المدعي. وبجلسة 3/2/2009 أصدرت المحكمة المذكورة حكمها بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه - وأقامت قضاءها على أنه بالنسبة للدفع المبدى من المدعى عليه بصفته بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى فإن المحكمة الإدارية العليا قد استقر قضاؤها على أن بطريركية الأقباط الأرثوذكس هي شخص من أشخاص القانون العام, ومن ثم فإن المنازعات التي تكون طرفاً فيها ينعقد الاختصاص بنظرها لمحاكم مجلس الدولة باعتباره صاحب الولاية بالفصل في المنازعات الإدارية لذلك يكون الدفع المشار إليه غير قائم على أساس من القانون متعين طرحه جانباً وعدم الاعتداد به. أما عن الدفع بعدم قبول تدخل الأستاذ ......…. خصماً منضماً إلى جانب المدعي, فإن المادة (12) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تقضي بعدم قبول الطلبات المقدمة من أشخاص ليست لهم فيها مصلحة شخصية, وإذ كان التدخل الانضمامي إلى جانب أحد الخصوم جائز قانوناً وفقاً لنص المادة ( 126) من قانون المرافعات إلا أنه يتعين أن يكون للمتدخل مصلحة جدية وظاهرة في هذا التدخل بأن يستهدف به الحفاظ على حقوقه التي قد يمسها الحكم الصادر في الدعوى. ولما كان ذلك وكان المدعي يدين بالديانة المسيحية بينما يدين المتدخل بالديانة الإسلامية ولن يترتب على الحكم الصادر لصالح أو ضد المدعي في الدعوى المساس بأي حق من حقوق المتدخل فمن ثم لا تكون له مصلحة في طلب التدخل إلى جانب المدعي مما يتعين معه الحكم بعدم قبول هذا الطلب
وتضيف المحكمة أنه يشترط للحكم بوقف تنفيذ القرار الإداري وفقاً لأحكام المادة (49) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 توافر ركنين مجتمعين: الأول: ركن الجدية بأن يكون ادعاء الطالب بحسب الظاهر من الأوراق ودون مساس بأصل طلب الإلغاء قائماً على أسباب يرجح معها الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه عند الفصل في الموضوع. والثاني: ركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضي بإلغائه بعد ذلك. أما عن مدى توافر ركن الجدية فإن أحكام القضاء الإداري قد جرت على أنه إذا لم تفصح جهة الإدارة عن عنصر السبب في القرار الإداري فأنه يفترض قيامه على السبب المبرر له قانوناً, وعلى من يدعي خلاف ذلك أن يقيم الدليل على صحة ادعائه, إلا أنه متى أفصحت جهة الإدارة عن السبب الذي استندت إليه في إصدار قرارها المطعون فيه خضع هذا السبب لرقابة المشروعية التي يتولاها القضاء الإداري للتحقق من صحة هذا السبب ومدى مطابقته لأحكام القانون. ولما كان البادي من ظاهر الأوراق أن الجهة الإدارية المدعى عليها لم تمتنع عن إصدار تصريح للمدعي بالزواج الثاني إلا أنها قيدت هذا التصريح بضرورة إحضار الخطيبة وإعلامها بالظروف الصحية للمدعي وذلك دون الاعتصام بأي سند قانوني يخولها فرض هذا القيد وهو ما يعد التفافاً إن لم يكن مصادرة لحق المدعي الشرعي والقانوني في الزواج بأخرى بعد أن طلق زوجته الأولى بناء على حكم قضائي نهائي وحائز لقوة الأمر المقضي سيما وأنه قدم ما يفيد خلوه من الأمراض التي قد تعوق الزواج. ومن ثم يتوافر ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه. كما يتوافر ركن الاستعجال من أن استمرار تنفيذ القرار المطعون فيه من شأنه تعطيل ممارسة المدعي لحق من حقوقه المشروعة والحيلولة دون ارتباطه بزوجة في الوقت المناسب لتعينه على متاعب الحياة وهي نتائج يتعذر تداركها بفوات الوقت. وبذلك يستقيم طلب وقف التنفيذ على ركنيه ويتعين القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار. دون محاجة بأن الزواج عند طائفة الأقباط الأرثوذكس هو نظام ديني, ويجب أن يفحص المجلس الأكليريكي شروط انعقاد الزواج وخلوه من الموانع ذلك أن جهة الإدارة لم تفصح عن ثمة موانع شرعية أو طبية تحول دون الزواج من المدعي حتى يمكن مواجهة الخطيبة بها. كما أن تخلف شروط انعقاد الزواج أو قيام الموانع من إتمامه لا يرتبط بوجود الخطيبة ولا يتوقف على رأيها أو إرادتها, كذلك فأن سابقة زواج المدعي من أخرى وتطليقها من البيانات التي لا تخفى عن الزوجة حيث يحتم القانون على الموثق إعلام الطرفين بها ويغدو لكل منهما حرية إبرام العقد من عدمه
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وذلك حين أسبغ على قرار المجلس الأكليريكي بإخطار الخطيبة لإعلامها بظروف المطعون ضده من أنه سبق له الزواج بأخرى إذ لا يعدو هذا القرار أن يكون قراراً تمهيدياً في هذا الخصوص ومن ناحية أخرى فإن المجلس الأكليريكي سلطاته دينية ولا يخضع في قراراته سوى للرئاسة الدينية التي تبدي رأيها وفقاً لنصوص الإنجيل المقدس وتعاليمه وبالتالي يكون مجلس الدولة غير مختص ولائياً بنظر الدعوى لانتفاء القرار الإداري. كما أن القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مخالف للواقع والمستندات إذ أن جهة الإدارة قد صرحت للمطعون ضده بالزواج حال إحضار الخطيبة وإعلامها بظروفه. وهو ما لا يمثل قيداً على حق المطعون ضده الشرعي في الزواج لأن الأصل أن الزواج طبقا لشريعة الأقباط الأرثوذكس لا يتم إلا مرة واحدة والاستثناء أن يوافق المجلس على منحه تصريح بالزواج للمرة الثانية, وهو ليس حقاً شرعياً للمطعون ضده. ولما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أصابه العوار ومحقق الإلغاء فإن الطاعن بصفته يطلب وقف تنفيذه لحين الفصل في موضوعه
ومن حيث إنه عن دفع الطاعن بصفته بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ولائياً بنظر الدعوى محل الطعن بسند من أن موضوعها يتعلق بالتصريح للمطعون ضده بالزواج ثانية وهو قرار للمجلس الأكليريكي يصدره وفقاً لسلطته الدينية ولا يخضع في قراراته سوى للرئاسة الدينية التي تبدي رأيها وفقاً لنصوص الإنجيل المقدس وتعاليمه ومن ثم ينتفي القرار الإداري وتبعاً لذلك ينتفي الاختصاص الولائي لمجلس الدولة.
ومن حيث إن الحكم الطعين قد تصدى في مدوناته للدفع المشار إليه إيراداً ورداً بأسباب سائغة قانوناً تتخذها هذه المحكمة أسباباً لها, وتضيف إليها أن الكنسية الأرثوذكسية تقوم بحسب الأصل على رعاية الأقباط الأرثوذكس كافة, وهي في سبيل ذلك خولها القانون السلطات اللازمة بموافقة الأقباط وحسن سيرها وتقديم الخدمات اللازمة لهم, وهذه المهمة هي من مهام الدولة, ومن ثم فإن ما تمارسه الكنيسة في هذا الخصوص إنما هو نشاط إداري دعت إليه اعتبارات الصالح العام وتغدو القرارات الصادرة منها على هذا النحو قرارات إدارية تتعلق بتنفيذ القوانين واللوائح تخضع لرقابة القضاء من حيث مدى مشروعيتها. ولذلك فإن التصريح بالزواج ثانية كنسياً حسبما ورد النص عليه في المادة 69 من لائحة الأقباط الأرثوذكس الصادرة سنة 1938 لا يغدو في حقيقته أن يكون قرار إداري يخضع لرقابة القضاء الإداري ويدخل الاختصاص بطلب إلغائه في الاختصاص المعقود لذلك القضاء بمقتضى المادة (10) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 ولا يمس المعتقد المسيحي ولا يتصادم مع أصل من أصوله طالما استكمل شرائط صحته وضوابط نفاذه للتيقن من أن الرئيس الديني وهو يباشر اختصاصه في منح أو منع التصريح المشار إليه لم يتجاوز سلطاته المنوطة به بموجب قواعد شريعة الأرثوذكس وهو ما لا يعد تدخلاً من القضاء في المعتقد الديني وإنما هو إعلاء له لتحقيق مقاصد تلك الشريعة دون خروج عليها أو تجاوز لها, الأمر الذي يغدو معه الدفع بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى محل الطعن لانتفاء ولايته أو لانتفاء القرار الإداري لا سند لهما من القانون يتعين طرحهما والالتفات عنهما
ومن حيث إنه عن موضوع المنازعة فإنه يتعين التقرير بداءة بأن التشريع المصري, وفي الصدارة منه - الدستور قد حرص على حماية الأسرة - بغض النظر عن العقيدة التي تدين بها - وأقر المشرع لكل مواطن حقه الدستوري في تكوين أسرته بما يتفق والعقيدة التي ينتمي إليها, وفي إطار منظومة تشريعية تتخذ من أحكام الدستور والقانون السند لحماية حقوق والحريات مع تحديد للواجبات اللازمة في ذلك التنظيم الأسري. ومن ثم لا يسوغ لأي جهة دينية أن تلتحف بخصوصية بعض الأحكام الدينية لديها مما قد يختلف الرأي بشأنها لدى آخرين ممن يتبعون تلك العقيدة خاصة وأن التنظيم التشريعي لذلك الأمر أينما يكون وليد إرادة شاركت فيه الجهات الدينية المختلفة بالرأي والقرار قبل إصدار مثل ذلك التشريع. ومتى كان ذلك وكانت لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس التي أقرها المجلس الملي العام في التاسع من مايو سنة 1938 وعمل بها اعتباراً من الثامن من يوليو من السنة ذاتها بما تضمنته من قواعد وعلى ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 1 لسنة 2000 بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية تعتبر تلك اللائحة شريعتهم التي تنظم مسائل أحوالهم الشخصية, فقد عنيت تلك اللائحة بالأحكام التفصيلية للزواج باعتباره سراً مقدساً يتم وفقاً لطقوس كنسية مرعية بقصد تكوين أسرة جديدة, فنظمت اللائحة أحكام الخطبة وأحكام عقد الزواج وبينت شروطه وموانعه والمعارضة فيه والإجراءات التي يتم بها وحقوق الزوجين وواجبات كل منهما تجاه الآخر. كما نظمت اللائحة أحكام الطلاق وحالاته وإجراءاته ثم الآثار المترتبة عليه, فأوجبت اللائحة في المادة (6) منها على الكاهن قبل تحرير عقد الخطبة أن يتحقق من عدم وجود مانع شرعي يحول دون الزواج سواء من جهة القرابة أو المرض أو وجود رابطة زواج سابق. كما لم تجز المادة (25) لأحد الزوجين أن يتخذ زوجاً ثانياً ما دام الزواج قائماً. ورتبت المادة (68) من اللائحة المذكورة على الطلاق انحلال رابطة الزوجين من تاريخ الحكم النهائي الصادر به فتزول بمقتضاه حقوق كل من الزوجين وواجباته قبل الآخر ولا يرث أحدهما الآخر عند موته. وأجازت المادة (69) من ذات اللائحة لكل من الزوجين بعد الحكم بالطلاق أن يتزوج من شخص آخر إلا إذا نص الحكم على حرمان أحدهما أو كليهما من الزواج وفي هذه الحالة لا يجوز لمن قضي بحرمانه أن يتزوج إلا بتصريح من المجلس الأكليريكي
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده وهو مسيحي أرثوذكسي قد تزوج بتاريخ 1/9/2002 من السيدة ........ بعقد زواج كنسي للطوائف متحدي الملة والمذهب ودخل بها على فراش الزوجية وعاشرها معاشرة الأزواج, بين أن المذكورة دأبت على الإساءة إليه والتعدي عليه بالسب والشتم أمام الأهل والجيران واستحكم الخلاف بينهما وبعدت الشقة على نحو استحالت معه ديمومة العشرة وذهبت محاولات الأهل ورجال الكنيسة من أجل إصلاح ذات البين أدراج الرياح الأمر الذي حدا بالمطعون ضده إلى إقامة الدعوى رقم 13 لسنة 2002 أمام محكمة طنطا الكلية للأحوال الشخصية (ملي) واستصدر حكماً بتاريخ 28/10/2003 بتطليق زوجته للضرر. وقد صار ذلك الحكم نهائياً حائزاً لقوة الأمر المقضي بعد استغلاق طرق الطعن فيه. ومن ثم تزوجت مطلقة المطعون ضده المذكورة من المدعو ......... بموجب عقد زواج للطوائف متحدي الملة والمذهب مؤرخ 27/4/2006
ومن حيث إن من المبادئ الأصولية في الشريعة المسيحية أنها تقوم على وحدانية الزوجة بما لا يجوز معه للمسيحي أن يكون له سوى زوجة واحدة, فإذا انفصمت عقد الزواج زال المانع منه وجاز له الزواج ثانياً. ولما كان الثابت أن الكنيسة الأرثوذكسية قد اعتدت بطلاق زوجة المطعون ضده وأجازت لها الزواج ثانية باعتبار أن العلاقة الزوجية بينهما قد انفصمت بطلاق بائن. فمن ثم لا يسوغ لها من بعد حرمان الطاعن من الزواج ثانية كنسياً على اعتبار أن سند الأحكام القضائية الصادرة في تلك المنازعات ليست مستمدة من الشرائع السماوية بصفة مباشرة وإنما ما اختاره المشرع منها من أحكام تشريعية صادرة عن جهات الاختصاص معبرة عن الضمير العام للمجتمع. ومن ثم يكون امتناع الكنيسة عن التصريح للمطعون ضده بالزواج قد جاء مميزاً بين أصحاب المراكز المتماثلة على خلاف حكم القانون ومكوناً لقرار سلبي يتعين إلغاؤه ويقوم به ركن الجدية. كما يتوافر ركن الاستعجال من أن استمرار امتناع جهة الإدارة عن إصدار التصريح له بالزواج الثاني يحول دون إحصانه وقد يدفع به إلى ولوج طريق الرذيلة, كما يحول بينه وبين ممارسته لحقه الإنساني والشرعي والدستوري في الزواج وتكوين أسرة التي هي اللبنة الأولى للمجتمع ووفقاً لأحكام شريعته التي يدين بها وهي نتائج يتعذر تداركها ومن ثم يستقيم لطلب وقف تنفيذ القرار الطعين ركناه وفقاً لحكم المادة (10) من قانون مجلس الدولة المشار إليه آنفاً. ودون محاجة في هذا الشأن بأن قرار المجلس الأكليريكي هو قرار تمهيدي, ذلك أن المجلس المذكور هو المنوط به دون غيره إصدار تصريح الزواج دون أن يتوقف ذلك على موافقة أي جهة أخرى وفقاً لحكم المادة (69) من لائحة الأحوال الشخصية للأقباط المشار إليها. كما لا يجوز الحجاج بأن المجلس المذكور اتخذ قراراً بالتصريح للمطعون ضده بالزواج ثانية شريطة استقدام خطيبته للمجلس لإعلامها بظروفه, ذلك أن موثق عقد الزواج ملزم بموجب أحكام اللائحة المذكورة آنفاً بالتثبت من خلو كل من الزوجين من الموانع الشرعية والقانونية للزواج, كما أن نموذج وثيقة الزواج التي يبرمها الموثق المنتدب تتضمن ضرورة تحققه من ذلك إضافة إلى إقرار كل من الزوجين فيها من خلوه من الأمراض التي تجيز التفريق وما إذا كانا قد سبق لهما أو لأحدهما الزواج من قبل الأمر الذي يغدو معه ما ورد بكتاب وكيل عام بطريركية الأقباط الأرثوذكس المؤرخ 3/10/2008 بأن المجلس الأكليريكي قد اتخذ قراراً للتصريح للمطعون ضده بالزواج في حالة إحضار الخطيبة وإعلامها بظروفه ما هو إلا محاولة لعرقلة إصدار ذلك التصريح وإفراغه من مضمونه بوقف ترتيب أثره سيما وأن المجلس المذكور لم يفصح عن تلكم الظروف التي ينبغي إعلام خطيبة المطعون ضده بها فضلاً عما يمثله من المساس بحجية الأحكام القضائية التي تعلو اعتبارات النظام العام وذلك بالنكول عن إعمال مقتضاها وترتيب أثارها. وإذ قضى الحكم الطعين بذلك فإنه يكون قد أصاب الحق فيما انتهى إليه وقضى به ويغدو الطعن عليه متعين الرفض
ومن حيث إن من أصابه الخسر في طعنه يلزم بالمصروفات
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً, وألزمت الطاعن بصفته المصروفات عن درجتي التقاضي.