باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثامن من يوليه سنة 2023م،
الموافق العشرين من ذي الحجة سنة 1444 هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة
المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد
الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن
سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 223 لسنة 36
قضائية دستورية
المقامة من
بنك بلوم مصر (مصر رومانيا سابقًا)
ضــــد
1ــــ رئيس الجمهوريــة
2ــــ رئيس مجلس الوزراء
3ــــ وزيـر العــــدل
-------------------
" الإجراءات "
بتاريخ السابع عشر من ديسمبر سنة 2014، أودع البنك المدعي صحيفة هذه
الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص المادتين
(343) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، و(32) من القانون رقم 308 لسنة 1955
في شأن الحجز الإداري.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أولًا: بعدم قبول
الدعوى بالنسبة لنص المادة (32) من القانون رقم 308 لسنة 1955 في شأن الحجز
الإداري. ثانيًا: برفضها بالنسبة لنص المادة (343) من قانون المرافعات المدنية
والتجارية.
وقدم البنك المدعي مذكرتين، طلب فيهما الحكم، أصليًّا: بالطلبات
الواردة بصحيفة الدعوى، واحتياطيًّا: بعدم دستورية المادتين المطعون فيهما، فيما
تضمنتاه من جواز مطالبة المحجوز لديه بأداء المبلغ المحجوز من أجله إذا لم يقدم
المحجوز لديه الإخطار المنصوص عليه فيهما، وفيما نصّتا عليه من إلزام المحجوز لديه
بمصاريف الدعوى والتعويضات المترتبة على تأخيره أو عدم تقديمه الإقرار بما في
الذمة. وعلى سبيل الاحتياط الكلي: بعدم دستورية نص المادتين المشار إليهما فيما لم
يتضمناه من وجوب إعذار المحجوز لديه قبل اللجوء إلى المحكمة في حالة عدم تقديم الإقرار،
أو التأخير في تقديمه قبل توقيع الجزاء.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة
إصدار الحكم بجلسة اليوم.
---------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق -
في أن وزير المالية أقام أمام قاضي التنفيذ بمحكمة شمال القاهرة الابتدائية الدعوى
رقم 852 لسنة 2014 تنفيذ، ضد البنك المدعى، طالبًا الحكم بإلزامه بأداء مبلغ
136663,76 جنيهًا، قيمة الدين المحجوز لأجله، عملًا بنص المادة (32) من القانون
رقم 308 لسنة 1955 في شأن الحجز الإداري. وذلك على سند من أنه صدر أمر حجز إداري
من مأمورية ضرائب مبيعات رأس غارب، بتوقيع الحجز على أموال أحد المسجلين لدي مصلحة
الضرائب نظير المبلغ محل التداعي، والذي يمثل قيمة المستحـــق عليـــه من ضريبة
المبيعات، وضريبة إضافية تحسـب عند السداد، وإذ صدر إذن محكمة استئناف القاهرة
بالكشف عن سرية حسابات المدين، فقد تم توقيع الحجز الإداري تحت يد البنك المدعي،
وإعلانه بمحضر الحجز بموجب خطاب مسجل بعلم الوصول، بوصفه المحجوز لديه، إلا أنه لم
يقرر بما في ذمته من أموال المدين في الميعاد المحدد قانونًا، وامتنع عن توريد
المبلغ المحجوز عليه، ومن ثم أقام الدعوى. وبجلسة 1/ 12/ 2014، دفع المدعي بعدم
دستورية نص المادتين (343) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، و(32) من
القانون رقم 308 لسنة 1955 في شأن الحجز الإداري، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع على
دستورية نص المادة (343) من قانون المرافعات، وصرحت للمدعي بإقامة الدعوى
الدستورية، فأقام الدعـــوى المعروضة.
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن نطاق الدعوى الدستورية التي
أتاح المشرع للخصوم إقامتها، يتحدد بنطاق الدفع بعدم الدستورية الذى أثير أمام
محكمة الموضوع، وفى الحدود التي تقدر فيها تلك المحكمة جديته. إذ كان ذلك، وكان
الدفع بعدم الدستورية المبدى من البنك المدعي قد انصب على نص المادة (343) من
قانون المرافعات المدنية والتجارية، ونص المادة (32) من القانون رقم 308 لسنة 1955
في شأن الحجز الإداري، إلا أن تقدير محكمة الموضوع لجدية هذا الدفع وتصريحها برفع
الدعوى الدستورية، قد اقتصر على نص المادة (343) من قانون المرافعات، فأقام البنك
المدعي دعواه المعروضة، وحدد طلباته الختامية الواردة فى صحيفة دعواه فى الطعن على
النصين المشار إليهما، الأمر الذى يضحى معه الطعن بالنسبة لنص المادة (32) من
القانون رقم 308 لسنة 1955 في شأن الحجز الإداري، بمثابة دعوى دستورية أصلية أقيمت
بالطريق المباشر، بالمخالفة لنص المادة (29/ ب) من قانون هذه المحكمة الصادر
بالقانون رقم 48 لسنة 1979، مما يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى في هذا الشق
منها.
وحيث إن نص المادة (343) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، يجري
على أنه إذا لم يقرر المحجوز لديه بما في ذمته على الوجه وفي الميعاد المبينين في
المادة (339) أو قرر غير الحقيقة أو أخفى الأوراق الواجب عليه إيداعها لتأييد
التقرير جاز الحكم عليه للدائن الذي حصل على سند تنفيذي بدينه بالمبلغ المحجوز من
أجله وذلك بدعوى ترفع بالأوضاع المعتادة.
ويجب في جميع الأحوال إلزام المحجوز لديه بمصاريف الدعوى والتعويضات
المترتبة على تقصيره أو تأخيره.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مناط المصلحة فى الدعوى
الدستورية - وهى شرط لقبولها - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى
الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازمًا للفصل فى
الطلبات المرتبطة بها، والمطروحة على محكمة الموضوع؛ وأن الدعوى الدستورية، وإن
كانت تستقل بموضوعها عن الدعوى الموضوعية، باعتبار أن أولاهما تتوخى الفصل فى
التعارض المدعى به بين نص تشريعى، وقاعدة فى الدستور، في حين تطرح ثانيتهما - في
صورها الأغلب وقوعًا - الحقــوق المدعى بها في نزاع موضوعي يدور حولها إثباتًا أو
نفيًا، إلا أن هاتين الدعويين لا تنفكان عن بعضهما من زاويتين، أولاهما: أن
المصلحة في الدعوى الدستورية مناطها ارتباطها بالمصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك
بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية مؤثرًا في الطلب الموضوعي المرتبـــط بها،
وثانيتهما: أن يصبح الفصل في الدعوى الموضوعية متوقفًا على الفصل في الدعوى
الدستورية، بما مقتضاه أن يكون النزاع الموضوعي ما زال قائمًا عند الفصل في الدعوى
الدستورية، وإلا أصبح قضاء المحكمة الدستورية العليا دائرًا فى فلك الحقوق النظرية
البحتة بزوال المحل الموضوعي الذي يمكن إنزاله عليه.
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يكفي توافر شرط المصلحة
عند رفع الدعوى الدستورية، وإنما يتعين أن تظل هذه المصلحة قائمة حتى الفصل في
الدعوى الدستورية، فإذا زالت المصلحة بعد رفع الدعوى الدستورية وقبل الفصل فيها،
فلا سبيل للتطرق إلى موضوعها.
متى كان ذلك، وكان النزاع المردد أمام محكمة الموضوع، يتحدد في طلب
وزير المالية الحكم بإلزام البنك المدعي بأداء مبلغ 136663,76 جنيهًا، قيمة الدين
المحجوز لأجله، تحت يده، لعدم إقراره بما في ذمته من أموال المدين في الميعاد
المحدد قانونًا، وكان الثابت من الأوراق، أن محكمة الجيزة الابتدائية بهيئة
استئنافية، قضت - في تاريخ لاحق على إقامة هذه الدعوى - بجلسة 28/ 4/ 2016، في
الاستئناف رقم 738 لسنة 2014 بإلغاء الحكم المستأنف، وبرفض الدعوى قِبل البنك
المدعي عن المطالبة ذاتها، وقد صار هذا الحكم باتًّا، وفقًا للشهادة الصادرة عن
إدارة الجدول المدني بمحكمة النقض، والمتضمنة عدم حصول طعن بالنقض على ذلك الحكم،
الذي تعامد محلًا مع الطلبات في الدعوى الموضوعية التي أقيمت بمناسبتها الدعوى
الدستورية المعروضة، مما مؤداه زوال مصلحة البنك المدعي في هذه الدعوى، ولزامه
القضاء بعدم قبولها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت البنك المدعي
المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق