الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 7 سبتمبر 2021

الطعن 5938 لسنة 85 ق جلسة 14 / 11 / 2017 مكتب فني 68 ق 135 ص 879

جلسة 14 من نوفمبر سنة 2017
برئاسة السيد القاضي/ نبيل عمران نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمود التركاوي، محمد القاضي وصلاح عصمت نواب رئيس المحكمة ود. محمد رجاء.
---------------
(135)
الطعن رقم 5938 لسنة 85 قضائية
(1) نقض" الطعن بالنقض: الطعن لمصلحة القانون".
الدعاوى الاقتصادية المستأنفة أمام المحكمة الاقتصادية بهيئة استئنافية. عدم جواز الطعن عليها بالنقض. الطعن لمصلحة القانون. حق للنائب العام في الأحكام الانتهائية. غايته. مواجهة الصعوبات التي تعرض في العمل وتؤدي إلى تعارض أحكام القضاء في المسألة القانونية الواحدة. عدم اقتصاره على حالة تفويت الخصوم ميعاد الطعن أو نزولهم عنه. شرطه. أن يكون مبنيا على مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه. المادة 250 مرافعات.

(2) مسئولية "المسئولية التقصيرية: من صور المسئولية التقصيرية: مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة".
علاقة التبعية. قيامها كلما توافرت الولاية في الرقابة والتوجيه. شرطها. وجوب أن يكون هناك سلطة فعلية في إصدار الأوامر للتابع بأداء عمل معين لحساب المتبوع وفي الرقابة عليه في تنفيذها ومحاسبته على الخروج عليها. الإشراف العام على عمل التابع. لا يعد من قبيل التبعية. مؤدى ذلك. ضرورة التدخل الإيجابي من المتبوع في تنفيذ هذا العمل وتسييره. علة ذلك. م 174/2 مدني.

(3) شركات "الشخصية المعنوية للشركة".
الشركات التجارية والمدنية. اكتسابها الشخصية الاعتبارية. خصائصها. تمتعها بكافة مميزات الشخصية القانونية. المادتان 52، 53 مدني.

( 4، 5) سوق الأوراق المالية "عدم تبعية شركات السمسرة للبورصة المصرية". هيئات "الهيئة العامة للرقابة المالية".
(4) البورصة المصرية. ماهيتها. سوق لقيد وتداول الأوراق المالية. حدود سلطتها. ما تخوله المادة 21 ق 95 لسنة 1992. خلو القانون من سلطتها في الإشراف أو التوجيه أو الرقابة أو إصدار الأوامر لشركات السمسرة. مؤداه. انتفاء علاقة التبعية بينها وبين شركات السمسرة. المواد 15/1، 18/2، 68ق سوق رأس المال رقم 95 لسنة 1992 والمواد 90، 96 من اللائحة التنفيذية الصادرة بقرار وزير الاقتصاد والتجارة رقم 135 لسنة 1993. مثال.

(5) الهيئة العامة للرقابة المالية. ماهيتها. شخص اعتباري عام يتبع وزير الاستثمار. م 1 من قرار رئيس الجمهورية رقم 192 لسنة 2009. منح الهيئة سلطة منح وإلغاء الترخيص لشركات السمسرة. غرضه. التحقق من مراعاة الشركات للاشتراطات التي يتطلبها القانون لإنشائها واستمرارها كوكيل بالعمولة ووسيط عن عملائها. مؤدى ذلك. عدم توفر علاقة التبعية بين الهيئة وشركات السمسرة. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. خطأ.
-----------------
1 - إذ كان الحكم المطعون فيه انتهائيا لا يجوز الطعن فيه وفقا للمادة 11 من القانون رقم 120 لسنة 2008 بشأن المحاكم الاقتصادية لصدوره من محكمة القاهرة الاقتصادية بهيئة استئنافية، إلا أنه لما كان من المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن قابلية الأحكام للطعن فيها أو عدم قابليتها وقيام الطعن على الأسباب التي حددها القانون وتخلف ذلك من المسائل المتعلقة بالنظام العام التي يتعين على المحكمة أن تقضي بها من تلقاء نفسها، وكان النص في المادة 250 من قانون المرافعات المدنية والتجارية على أنه "للنائب العام أن يطعن بطريق النقض لمصلحة القانون في الأحكام الانتهائية - أيا كانت المحكمة التي أصدرتها- إذا كان الحكم مبنيا على مخالفة للقانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله وذلك في الأحوال الآتية: 1- الأحكام التي لا يجيز القانون للخصوم الطعن فيها. 2- الأحكام التي فوت الخصوم ميعاد الطعن فيها أو نزلوا فيها عن الطعن، ويرفع هذا الطعن بصحيفة يوقعها النائب العام وتنظر المحكمة الطعن في غرفة المشورة بغير دعوة الخصوم، ولا يفيد الخصوم من هذا الطعن" يدل- وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون- على أن المشرع استحدث نظام الطعن من النائب العام لمصلحة القانون في الأحكام الانتهائية- أيا كانت المحكمة التي أصدرتها– التي استقرت حقوق الخصوم فيها إما بسبب عدم جواز الطعن عليها أو لتفويت الخصوم لميعاده أو نزولهم عنه، وذلك لمواجهة الصعوبات التي تعرض في العمل وتؤدي إلى تعارض أحكام القضاء في المسألة القانونية الواحدة مما يحسن معه أن تقول المحكمة العليا كلمتها فيها فتضع حدا لتضارب الأحكام، وقد قصر المشرع حق النائب العام في الطعن في الأحكام التي تكون مبنية على مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله دون باقي الأحوال التي يكون للخصوم في الأحكام أن يطعنوا فيها بطريق النقض والتي أوردتها المادتان 248 و249 من قانون المرافعات وهو ما يتفق ومصلحة القانون التي تغياها المشرع، ومن ثم فإنه يجوز الطعن في هذا الحكم عن طريق النائب العام لمصلحة القانون.

2 - المستقر عليه- في قضاء محكمة النقض– أن مؤدى نص الفقرة الثانية من المادة 174 من القانون المدني أن رابطة التبعية لا تقوم إلا بتوافر الولاية في الرقابة والتوجيه بأن تكون للمتبوع سلطة فعلية في إصدار الأوامر إلى التابع في طريقة أداء عمل معين يقوم به التابع لحساب المتبوع وفي الرقابة عليه في تنفيذ هذه الأوامر ومحاسبته على الخروج عليها، وبالتالي فلا يكفي أن يكون هناك مطلق رقابة أو توجيه، بل لابد أن تكون هذه الرقابة وذلك التوجيه في عمل معين يقوم به التابع لحساب المتبوع، ولا يعد من هذا القبيل مجرد الإشراف العام على عمل التابع- حتى ولو كان فنيا- بل لابد من التدخل الإيجابي من المتبوع في تنفيذ هذا العمل وتسييره كما شاء، وهو الأمر الذي تقوم به سلطة التوجيه والرقابة في جانب المتبوع ويؤدي إلى مساءلته عن الفعل الخاطئ الذي وقع من التابع.

3 - المقرر- في قضاء محكمة النقض- أن النص في المادتين 52، 53 من القانون المدني يدل على أنه متى اكتسبت الشركات التجارية والمدنية الشخصية الاعتبارية فإن القانون يخولها كافة مميزات الشخصية القانونية من ذمة مالية مستقلة وأهلية في الحدود التي يعينها سند إنشائها لاكتساب الحقوق والالتزام بالواجبات وإرادة يعبر عنها نائبها الذي يمثلها أمام القضاء والغير.

4 - إذ كان الثابت بالأوراق أن شركة/ ... لها شخصيتها الاعتبارية باعتبارها إحدى أشخاص القانون الخاص، ويقوم بتصريف شئونها ويمثلها أمام القضاء والغير رئيس مجلس إدارتها- المطعون ضده السادس والذي أدين بتلك الصفة بحكم جنائي صار باتا عما ارتكبه من جرائم تزوير أوامر العملاء وقد كان مرخصا لها بمزاولة أعمال السمسرة في الأوراق المالية على نحو ما هو ثابت من تقرير هيئة سوق المال المرفق بالأوراق والمؤرخ 10/1/2002، وهي شركة تعمل لحساب نفسها، وأنها المسئولة عن تعهداتها والتزاماتها قبل الغير، وليس للمطعون ضدهم من الثاني حتى الرابع بصفاتهم أي سلطة فعلية عليها في توجيهها ورقابتها، وأن ما خوله لهم قانون سوق رأس المال رقم 95 لسنة 1992 من رقابة وإشراف لا يعدو أن يكون من قبيل الإشراف العام على عمل الشركات المتعاملة في سوق المال، والذي ليس من شأنه على أي نحو ضبط جريمة فور وقوعها أو كشف واقعة تزوير فور ارتكابها، إذ إن ذلك لا يتأتى أبدا إلا بتقديم بلاغ من المجني عليه، ومن ثم فليس بين هذه الشركة وبين المطعون ضدهم من الثاني إلى الرابع رابطة تبعية بالمعنى الذي عناه المشرع في المادة 174 سالفة الذكر، ويظاهر هذا النظر أن المادة 18/2 من قانون سوق رأس المال نصت صراحة على أن الشركات المرخص لها تضمن سلامة العمليات التي تتم بواسطتها، كما نصت المادة 90 من قرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 35 لسنة 1993 بشأن إصدار اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال المشار إليه– المستبدلة بقرار وزير الاقتصاد رقم 39 لسنة 1998- على أن "يحظر على شركة السمسرة إتباع سياسة أو إجراء عمليات من شأنها الإضرار بالمتعاملين معها أو الإخلال بحقوقهم، كما يحظر عليها عقد عمليات لحسابها الخاص"، ونصت المادة 96 من ذات اللائحة على أنه "تلتزم شركة السمسرة التي نفذت عملية على خلاف أوامر العميل أو على ورقة مالية غير جائز تداولها قانونا أو محجوز عليها بتسليم ورقة غيرها خلال أسبوع من تاريخ المطالبة وإلا وجب عليها تعويض العميل، وذلك دون إخلال بحقها في الرجوع على المتسبب بالتعويض "وتقطع كل هذه النصوص بتوافر مسئولية شركات السمسرة عن الأضرار التي تلحق بالمتعاملين معها وبأحقيتهم في الرجوع عليها بدعوى مباشرة للمطالبة بالتعويض، وتأكيدا لهذه المسئولية فقد نصت المادة 68 من قانون سوق رأس المال رقم 95 لسنة 1992 على معاقبة المسئول عن الإدارة الفعلية بالشركة بالعقوبات المقررة عن الأفعال التي ترتكب بالمخالفة لأحكام هذا القانون، وأن تكون أموال الشركة ضامنة في جميع الأحوال للوفاء بما يحكم به من غرامات مالية، ولا محل للقول بتوافر مسئولية البورصة المصرية عن شركات السمسرة وفقا لمسئولية المتبوع عن أعمال تابعه، ذلك أن البورصة وفقا للمادة 1/ 15 من قانون سوق رأس المال رقم 95 لسنة 1992 هي سوق يتم فيه قيد وتداول الأوراق المالية وقد خلا هذا القانون من النص على أية سلطات للبورصة في الإشراف أو التوجيه أو الرقابة على شركات السمسرة وتداول الأوراق المالية، كما أنها لا تملك سلطة إصدار الأوامر إلى هذه الشركات، وليس للبورصة المصرية من سلطات على شركات السمسرة حال عملها بالسوق سوى ما تخوله المادة 21 من ذات القانون لرئيس البورصة من سلطة في وقف عروض وطلبات التداول التي ترمي إلى التلاعب في الأسعار، وإلغاء العمليات التي تعقد بالمخالفة لأحكام القوانين واللوائح والقرارات الصادرة تنفيذا لها أو التي تتم بسعر لا مبرر له ووقف التعامل على أية ورقة مالية إذا كان من شأن استمرار التعامل بها الإضرار بالسوق أو المتعاملين فيه، وبهذه المثابة فلا يمكن أن تعد شركات السمسرة تابعة للبورصة المصرية.

5 - إذ كان الثابت أنه ليس ثمة علاقة تبعية بين شركات السمسرة وبين الهيئة العامة للرقابة المالية وهي شخص اعتباري عام يتبع وزير الاستثمار وفقا للمادة الأولى من النظام الأساسي للهيئة الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 192 لسنة 2009، وقد حلت محل كل من الهيئة المصرية للرقابة على التأمين والهيئة العامة لسوق المال والهيئة العامة لشئون التمويل العقاري بموجب القانون رقم 10 لسنة 2009 بشأن تنظيم الرقابة على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية، ولا يغير من ذلك أن تكون نصوص قانون سوق رأس المال قد منحت هذه الهيئة قسطا من الرقابة على شركات السمسرة، بأن جعلت لها سلطة منح ووقف وإلغاء الترخيص لهذه الشركات أو منعها من مزاولة كل أو بعض الأنشطة المرخص لها بمزاولتها أو حل مجلس إدارة الشركة وتعيين مفوض لإدارتها مؤقتا عند مخالفة أحكام القانون أو لائحته التنفيذية أو قرارات مجلس إدارة الهيئة أو فقدان أي شرط من شروط الترخيص أو أن تكون- تلك النصوص- قد جعلت للهيئة حق تنظيم ومراقبة سوق رأس المال للتأكد من أن التعامل يتم على أوراق مالية سليمة وأنه غير مشوب بالغش أو النصب أو الاحتيال أو الاستغلال أو المضاربات الوهمية أو خولت لبعض موظفي الهيئة الذين يصدر بتحديد أسمائهم أو وظائفهم قرار من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير صفة الضبطية القضائية في ضبط الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام هذا القانون ولائحته التنفيذية وذلك على نحو ما ورد بنصوص المواد 27 و28 و30 و 31 و43 و49 من القانون آنف الذكر لأن المشرع لم يستهدف من هذا الإشراف وتلك الرقابة سوى التحقق من مراعاة هذه الشركات للاشتراطات التي يتطلبها القانون لإنشائها واستمرارها في عملها كوكيل بالعمولة ووسيط بين عملائها والبورصة في تنفيذ عمليات شراء وبيع الأوراق المالية وعدم خروجها عن الغرض الذي أنشئت من أجله فحسب، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وذهب إلى قيام رابطة التبعية بين وزير الاستثمار والهيئة العامة للرقابة المالية والبورصة المصرية وبين شركة/ ... للسمسرة وتداول الأوراق المالية - شركة المطعون ضده السادس- وألزمهم بالتضامن معه في أداء التعويض المحكوم به على ما افترضه من توافر عناصر مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة رغم انتفاء هذا التضامن قانونا بانتفاء رابطة التبعية، فإن الحكم يكون مشوبا بالفساد في الاستدلال الذي جره إلى الخطأ في تطبيق القانون.
---------------
الوقائع
حيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن- تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على المطعون ضدهم من الثاني حتى التاسع الدعوى رقم .... لسنة 2009 أمام محكمة القاهرة الاقتصادية بطلب الحكم بإلزامهم بالتضامن أن يؤدوا له مبلغا إجماليا مقداره 2.000.850 جنيه، على سند من أنه يمتلك عدد 1000 سهم من أسهم شركة ...... وعدد 1250 سهم من أسهم ..... وقام بحفظ أوراقه المالية لدى شركة المطعون ضده السادس، غير أن الأخير باعها دون موافقته واستولى على مقابلها المادي وذلك لغياب الإشراف الرقابي من قبل المطعون ضدهم من الثاني حتى الرابع بصفاتهم، وإذ لحقته أضرار مادية وأدبية من جراء ذلك قدرها بالمبلغ المطالب به أقام الدعوى. تدخل المطعون ضدهم من التاسع حتى الأخير انضماميا في الدعوى وأدخل المطعون ضدهما السابع والثامن بصفتيهما. ندبت المحكمة خبيرا في الدعوى وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 19 يوليو 2010 بعدم قبول إدخال المطعون ضدهما السابع والثامن بصفتيهما في الدعوى، وعدم قبول تدخل المطعون ضدهم الحادي عشر، ورفض تدخل المطعون ضدهما تاسعا، وبإلزام المطعون ضدهم من الثاني حتى الرابع بصفاتهم بالتضامن مع المطعون ضده السادس أن يؤدوا للمطعون ضدهم الأول والعاشر والثاني عشر والثالث عشر مبالغ التعويض المقضي بها. استأنف المطعون ضده بصفته الثاني هذا الحكم أمام محكمة القاهرة الاقتصادية الاستئنافية بالاستئناف رقم .... لسنة 2ق، كما استأنفه المطعون ضده الرابع بصفته بالاستئناف رقم .... لسنة 2ق، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئناف الثاني للأول قضت بتاريخ 20 مايو 2014 بتأييد الحكم المستأنف. طعن النائب العام على هذا الحكم بطريق النقض لمصلحة القانون، وأودعت النيابة العامة لدى محكمة النقض مذكرة رأت فيها نقض الحكم المطعون فيه جزئيا، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة لنظره- في غرفة مشورة- رأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة لنظره بذات الغرفة التزمت النيابة رأيها.
----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، وبعد المداولة.

وحيث إنه ولئن كان الحكم المطعون فيه انتهائيا لا يجوز الطعن فيه وفقا للمادة 11 من القانون رقم 120 لسنة 2008 بشأن المحاكم الاقتصادية لصدوره من محكمة القاهرة الاقتصادية بهيئة استئنافية، إلا أنه لما كان من المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن قابلية الأحكام للطعن فيها أو عدم قابليتها وقيام الطعن على الأسباب التي حددها القانون وتخلف ذلك من المسائل المتعلقة بالنظام العام التي يتعين على المحكمة أن تقضي بها من تلقاء نفسها، وكان النص في المادة 250 من قانون المرافعات المدنية والتجارية على أنه "للنائب العام أن يطعن بطريق النقض لمصلحة القانون في الأحكام الانتهائية – أيا كانت المحكمة التي أصدرتها – إذا كان الحكم مبنيا على مخالفة للقانون أو خطأ في تطبيقه أو في تأويله وذلك في الأحوال الآتية: 1- الأحكام التي لا يجيز القانون للخصوم الطعن فيها. 2- الأحكام التي فوت الخصوم ميعاد الطعن فيها أو نزلوا فيها عن الطعن. ويرفع هذا الطعن بصحيفة يوقعها النائب العام وتنظر المحكمة الطعن في غرفة المشورة بغير دعوة الخصوم ولا يفيد الخصوم من هذا الطعن"، يدل – وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون – على أن المشرع استحدث نظام الطعن من النائب العام لمصلحة القانون في الأحكام الانتهائية – أيا كانت المحكمة التي أصدرتها– التي استقرت حقوق الخصوم فيها إما بسبب عدم جواز الطعن عليها أو لتفويت الخصوم لميعاده أو نزولهم عنه، وذلك لمواجهة الصعوبات التي تعرض في العمل وتؤدي إلى تعارض أحكام القضاء في المسألة القانونية الواحدة مما يحسن معه أن تقول المحكمة العليا كلمتها فيها فتضع حدا لتضارب الأحكام، وقد قصر المشرع حق النائب العام في الطعن في الأحكام التي تكون مبنية على مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله دون باقي الأحوال التي يكون للخصوم في الأحكام أن يطعنوا فيها بطريق النقض والتي أوردتها المادتان 248 و249 من قانون المرافعات وهو ما يتفق ومصلحة القانون التي تغياها المشرع، ومن ثم فإنه يجوز الطعن في هذا الحكم عن طريق النائب العام لمصلحة القانون.

وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.

وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله، ذلك بأنه أقام قضاءه بإلزام المطعون ضدهم من الثاني حتى الرابع بصفاتهم أن يؤدوا بالتضامن مع المطعون ضده السادس مبالغ التعويض المقضي بها تأسيسا على إخلالهم بواجبهم القانوني في الرقابة والإشراف على الشركات المتعاملة في سوق الأوراق المالية ومنها شركة المطعون ضده السادس مع أن تلك الشركة تعمل لحساب نفسها وليس لهم عليها سلطة رقابة أو إشراف بالمعنى الذي يقيم رابطة التبعية بين المتبوع وتابعه.

وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأنه من المستقر عليه- في قضاء هذه المحكمة- أن مؤدى نص الفقرة الثانية من المادة 174 من القانون المدني أن رابطة التبعية لا تقوم إلا بتوافر الولاية في الرقابة والتوجيه بأن تكون للمتبوع سلطة فعلية في إصدار الأوامر إلى التابع في طريقة أداء عمل معين يقوم به التابع لحساب المتبوع وفي الرقابة عليه في تنفيذ هذه الأوامر ومحاسبته على الخروج عليها، وبالتالي فلا يكفي أن يكون هناك مطلق رقابة أو توجيه بل لابد أن تكون هذه الرقابة وذلك التوجيه في عمل معين يقوم به التابع لحساب المتبوع، ولا يعد من هذا القبيل مجرد الإشراف العام على عمل التابع– حتى ولو كان فنيا– بل لابد من التدخل الإيجابي من المتبوع في تنفيذ هذا العمل وتسييره كما شاء وهو الأمر الذي تقوم به سلطة التوجيه والرقابة في جانب المتبوع ويؤدي إلى مساءلته عن الفعل الخاطئ الذي وقع من التابع، وكان من المقرر كذلك أن النص في المادتين 52 و53 من القانون المدني يدل على أنه متى اكتسبت الشركات التجارية والمدنية الشخصية الاعتبارية فإن القانون يخولها كافة مميزات الشخصية القانونية من ذمة مالية مستقلة وأهلية في الحدود التي يعينها سند إنشائها لاكتساب الحقوق والالتزام بالواجبات وإرادة يعبر عنها نائبها الذي يمثلها أمام القضاء والغير. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن شركة/ .... للسمسرة وتداول الأوراق المالية لها شخصيتها الاعتبارية باعتبارها إحدى أشخاص القانون الخاص ويقوم بتصريف شئونها ويمثلها أمام القضاء والغير رئيس مجلس إدارتها– المطعون ضده السادس- والذي أدين بتلك الصفة بحكم جنائي صار باتا عما ارتكبه من جرائم تزوير أوامر العملاء – وقد كان مرخصا لها بمزاولة أعمال السمسرة في الأوراق المالية على نحو ما هو ثابت من تقرير هيئة سوق المال المرفق بالأوراق والمؤرخ 10/ 1/ 2002، وهي شركة تعمل لحساب نفسها وأنها المسئولة عن تعهداتها والتزاماتها قبل الغير وليس للمطعون ضدهم من الثاني حتى الرابع بصفاتهم أي سلطة فعلية عليها في توجيهها ورقابتها، وأن ما خوله لهم قانون سوق رأس المال رقم 95 لسنة 1992 من رقابة وإشراف لا يعدو أن يكون من قبيل الإشراف العام على عمل الشركات المتعاملة في سوق المال والذي ليس من شأنه على أي نحو ضبط جريمة فور وقوعها أو كشف واقعة تزوير فور ارتكابها، إذ إن ذلك لا يتأتى أبدا إلا بتقديم بلاغ من المجني عليه، ومن ثم فليس بين هذه الشركة وبين المطعون ضدهم من الثاني إلى الرابع رابطة تبعية بالمعنى الذي عناه المشرع في المادة 174 سالفة الذكر. ويظاهر هذا النظر أن المادة 18/ 2 من قانون سوق رأس المال نصت صراحة على أن الشركات المرخص لها تضمن سلامة العمليات التي تتم بواسطتها، كما نصت المادة 90 من قرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 135 لسنة 1993 بشأن إصدار اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال المشار إليه– المستبدلة بقرار وزير الاقتصاد رقم 39 لسنة 1998– على أن "يحظر على شركة السمسرة إتباع سياسة أو إجراء عمليات من شأنها الإضرار بالمتعاملين معها أو الإخلال بحقوقهم، كما يحظر عليها عقد عمليات لحسابها الخاص"، ونصت المادة 96 من ذات اللائحة على أن "تلتزم شركة السمسرة التي نفذت عملية على خلاف أوامر العميل أو على ورقة مالية غير جائز تداولها قانونا أو محجوز عليها بتسليم ورقة غيرها خلال أسبوع من تاريخ المطالبة وإلا وجب عليها تعويض العميل وذلك دون إخلال بحقها في الرجوع على المتسبب بالتعويض"، وتقطع كل هذه النصوص بتوافر مسئولية شركات السمسرة عن الأضرار التي تلحق بالمتعاملين معها وبأحقيتهم في الرجوع عليها بدعوى مباشرة للمطالبة بالتعويض، وتأكيدا لهذه المسئولية فقد نصت المادة 68 من قانون سوق رأس المال رقم 95 لسنة 1992 على معاقبة المسئول عن الإدارة الفعلية بالشركة بالعقوبات المقررة عن الأفعال التي ترتكب بالمخالفة لأحكام هذا القانون، وأن تكون أموال الشركة ضامنة في جميع الأحوال للوفاء بما يحكم به من غرامات مالية، ولا محل للقول بتوافر مسئولية البورصة المصرية عن شركات السمسرة وفقا لمسئولية المتبوع عن أعمال تابعه، ذلك أن البورصة وفقا للمادة 15/ 1 من قانون سوق رأس المال رقم 95 لسنة 1992 هي سوق يتم فيه قيد وتداول الأوراق المالية، وقد خلا هذا القانون من النص على أية سلطات للبورصة في الإشراف أو التوجيه أو الرقابة على شركات السمسرة وتداول الأوراق المالية، كما أنها لا تملك سلطة إصدار الأوامر إلى هذه الشركات، وليس للبورصة المصرية من سلطات على شركات السمسرة حال عملها بالسوق سوى ما تخوله المادة 21 من ذات القانون لرئيس البورصة من سلطة في وقف عروض وطلبات التداول التي ترمي إلى التلاعب في الأسعار وإلغاء العمليات التي تعقد بالمخالفة لأحكام القوانين واللوائح والقرارات الصادرة تنفيذا لها أو التي تتم بسعر لا مبرر له، ووقف التعامل على أية ورقة مالية إذا كان من شأن استمرار التعامل بها الإضرار بالسوق أو المتعاملين فيه، وبهذه المثابة فلا يمكن أن تعد شركات السمسرة تابعة للبورصة المصرية، ومن ناحية أخرى فليس ثمة علاقة تبعية بين شركات السمسرة وبين الهيئة العامة للرقابة المالية وهي شخص اعتباري عام يتبع وزير الاستثمار وفقا للمادة الأولى من النظام الأساسي للهيئة الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 192 لسنة 2009، وقد حلت محل كل من الهيئة المصرية للرقابة على التأمين والهيئة العامة لسوق المال والهيئة العامة لشئون التمويل العقاري بموجب القانون رقم 10 لسنة 2009 بشأن تنظيم الرقابة على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية، ولا يغير من ذلك أن تكون نصوص قانون سوق رأس المال قد منحت هذه الهيئة قسطا من الرقابة على شركات السمسرة بأن جعلت لها سلطة منح ووقف وإلغاء الترخيص لهذه الشركات أو منعها من مزاولة كل أو بعض الأنشطة المرخص لها بمزاولتها أو حل مجلس إدارة الشركة وتعيين مفوض لإدارتها مؤقتا عند مخالفة أحكام القانون أو لائحته التنفيذية أو قرارات مجلس إدارة الهيئة أو فقدان أي شرط من شروط الترخيص أو أن تكون – تلك النصوص – قد جعلت للهيئة حق تنظيم ومراقبة سوق رأس المال للتأكد من أن التعامل يتم على أوراق مالية سليمة وأنه غير مشوب بالغش أو النصب أو الاحتيال أو الاستغلال أو المضاربات الوهمية أو خولت لبعض موظفي الهيئة الذين يصدر بتحديد أسمائهم أو وظائفهم قرار من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير صفة الضبطية القضائية في ضبط الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام هذا القانون ولائحته التنفيذية وذلك على نحو ما ورد بنصوص المواد 27 و28 و30 و31 و43 و49 من القانون آنف الذكر، لأن المشرع لم يستهدف من هذا الإشراف وتلك الرقابة سوى التحقق من مراعاة هذه الشركات للاشتراطات التي يتطلبها القانون لإنشائها واستمرارها في عملها كوكيل بالعمولة ووسيط بين عملائها والبورصة في تنفيذ عمليات شراء وبيع الأوراق المالية وعدم خروجها عن الغرض الذي أنشئت من أجله فحسب، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وذهب إلى قيام رابطة التبعية بين وزير الاستثمار والهيئة العامة للرقابة المالية والبورصة المصرية وبين شركة/ .... للسمسرة وتداول الأوراق المالية – شركة المطعون ضده السادس – وألزمهم بالتضامن معه في أداء التعويض المحكوم به على ما افترضه من توافر عناصر مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة رغم انتفاء هذا التضامن قانونا بانتفاء رابطة التبعية، فإن الحكم يكون مشوبا بالفساد في الاستدلال الذي جره إلى الخطأ في تطبيق القانون، بما يوجب نقضه جزئيا في هذا الخصوص.

وإذ كان الطعن الراهن قد أقيم من النائب العام لمصلحة عليا هي مصلحة القانون إعمالا لنص المادة 250 من قانون المرافعات المدنية والتجارية لإرساء المبادئ القانونية الصحيحة على أساس سليم كيما تتوحد أحكام القضاء فيها، في حين لا يفيد الخصوم من هذا الطعن وفقا للفقرة الأخيرة من هذه المادة حتى يخلص لوجه القانون، وبالتالي لا يؤثر في حقوقهم أو مراكزهم القانونية، وهو ما يوجب على هذه المحكمة أن تقف عند حد القضاء بنقض الحكم المطعون فيه بصدد المسألة القانونية التي اتخذ منها قواما لقضائه مع بقاء الحكم منتجا لآثاره.

هناك تعليق واحد: