الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 6 أكتوبر 2020

الطعن 11655 لسنة 83 ق جلسة 11 / 11 / 2015 مكتب فني 66 ق 115 ص 768

 جلسة 11 من نوفمبر سنة 2015

برئاسة السيد القاضي/ يحيى خليفة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / رفعت طلبه ، علي نور الدين الناطوري ، أحمد فرحان وهشام فرغلي نواب رئيس المحكمة .
----------

(115)

الطعن رقم 11655 لسنة 83 القضائية

(1) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".

بيان الواقعة بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم واستعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً . لا قصور .

مثال .

(2) إثبات "بوجه عام". اشتراك . تزوير " أوراق رسمية " . جريمة " أركانها " . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . دفوع " الدفع بانتفاء القصد الجنائي " . محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

الاشتراك في جرائم التزوير . تمامه : دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة . كفاية اعتقاد المحكمة توافره من ظروف الدعوى وملابساتها . مادام سائغاً .

القصد الجنائي في جرائم التزوير . مناط تحققه ؟

القصد الجنائي في جريمة التزوير أو الاشتراك فيه . موضوعي . التحدث عنه أو أي ركن من أركانها صراحة واستقلالاً في الحكم . غير لازم . شرط ذلك ؟

إثبات الحكم اشتراك الطاعن بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب جريمة التزوير واطراحه دفعه بانتفاء القصد الجنائي بأسباب سائغة . النعي عليه بشأن ذلك . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .

(3) نيابة عامة . أمر حفظ . أمر بألَّا وجه . إجراءات " إجراءات التحقيق " . قانون " تفسيره ". دعوى جنائية " تحريكها " .

المادة 211 من قانون الإجراءات الجنائية . مفادها ؟

الأمر الصادر من النائب العام بإلغاء الأمر بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية . وجوب أن يكون صريحاً ومكتوباً . استنتاجه من تصرف أو إجراء آخر . جائز . حد ذلك ؟

موافقة المحامي العام الأول لنيابة الاستئناف على حفظ الأوراق إداريًا بعد تحقيقها من النيابة العامة . تظلم المجني عليه للنائب العام وأمر الأخير بتقديم الطاعن للمحاكمة الجنائية في الميعاد المحدد قانونًا . مفاده : إلغاء النائب العام أمر الأول .

(4) إثبات " بوجه عام " "شهود " " قرائن " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . تزوير . اشتراك . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

العبرة في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه . عدم جواز مطالبته بالأخذ بدليل معين . حد ذلك ؟

عدم اشتراط القانون الجنائي طريقاً خاصاً لإثبات جرائم الاشتراك في التزوير التي دين بها الطاعن . للقاضي الأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه .

تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟

استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . مادام سائغاً .

وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .

أخذ محكمة الموضوع بشهادة الشهود . مفاده ؟

وجود خلافات سابقة بين الطاعن والمجنى عليها . لا يمنع من الأخذ بشهادة الأخيرة . متى اقتنعت المحكمة بصدقها .

اطمئنان المحكمة لأقوال شهود الإثبات وتقرير الطب الشرعي في استخلاص سائغ . النعي عليه بشأن ذلك . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .

(5) دفوع " الدفع بكيدية الاتهام" " الدفع بتلفيق التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

الدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه . موضوعي . لا يستوجب ردا ً صريحا ً. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .

(6) إثبات "بوجه عام " " أوراق رسمية ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ".

الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . شرط ذلك ؟

مثال .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم الاشتراك في تزوير محررات رسمية وعرفية واستعمالهما مع العلم بتزويرهما والبلاغ الكاذب التي دان الطاعن بها ، وساق على صحة الواقعة وإسنادها إليه أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات ، ومن تقرير الطب الشرعي ، وأورد مؤدى كل دليل منها في بيان واف ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلي ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لهذه الأدلة على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي ، وألمت بالواقعة وبأدلتها إلماماً شاملاً ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا المقام لا يكون صائباً .

2- من المقرر أن الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ، ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها ، وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي بينها الحكم ، ويتحقق القصد الجنائي في جرائم التزوير في الأوراق الرسمية أو الاشتراك فيه متى تعمد الجاني تغيير الحقيقة في محرر رسمي - أو اشترك في ذلك - مع انتوائه استعماله في الغرض الذي أعد من أجله ، وكان القصد الجنائي في هذه الجرائم من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الأمور المعروضة عليها ، وليس أمراً لازماً التحدث صراحة واستقلالاً في الحكم عن توافر هذا الركن ، أو أي ركن من أركان جريمة التزوير أو الاشتراك فيه ، مادام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه . لما كان ذلك ، وكان البيّن من الحكم المطعون فيه أنه في سرده لوقائع الدعوى ، ومؤدى أدلة الثبوت فيها التي اطمأنت إليها المحكمة ، وما أورده بمدوناته ، وفي معرض رده على دفع الطاعن بانتفاء القصد الجنائي لديه ، وعدم علمه بالتزوير قد أثبت في تدليل سائغ ومنطق سليم قيام الطاعن بالاشتراك بطريق الاتفاق والمساعدة - مع موظف حسن النية - في ارتكاب جريمة التزوير ، وهو ما يكفي ويسوغ ما رتبه الحكم عليه ، ويصح استدلاله به عــلى ثــبوت عــناصر الاشتراك في التزوير والتدليل عليها في حق الطاعن ، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى ، وتقدير أدلتها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، ويكون النعي عليه في هذا الخصوص في غير محله .

3 - لما كانت المادة 211 من قانون الإجراءات الجنائية تُجيز للنائب العام أن يلغي الأمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية في مدة الثلاثة أشهر التالية لصدوره ، مالم يكن قد صدر قرار من محكمة الجنايات أو من محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة مشورة بحسب الأحوال برفض الطعن المرفوع في هذا الأمر ، وإنه ولئن كان الأصل أن الأمر الصادر من النائب العام بإلغاء الأمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية كصدور ذلك الأمر يجب أن يكون صريحاً ومدوناً بالكتابة ، إلَّا أنه قد يستفاد استنتاجاً من تصرف أو إجراء آخر إذا كان هذا التصرف أو الإجراء يترتب عليه حتماً وبطريق اللزوم العقلي ذلك الأمر ، وهو الحال في الدعوى المطروحة . لما كان ذلك ، وكان البيّن من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لهذا الوجه من الطعن أن النيابة العامة بعد أن حققت الواقعة أرسلت الأوراق إلي المحامي العام الأول لنيابة استئناف .... ، والذي وافق على حفظ الأوراق إدارياً ، وبناءً على تظلم المجني عليها للنائب العام فقد أمر الأخير بتاريخ .... بتقديم الطاعن للمحاكمة الجنائية ، وهو ما يفصح بجلاء عن أن النائب العام قد ألغى الأمر الصادر بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية الصادر من المحامي الأول لنيابة استئناف .... في الميعاد المحدد قانوناً - خلافاً لما يزعمه الطاعن - مما يكون معه النعي على الحكم في هذا الخصوص غير قويم .

4- من المقرر أن العبرة في المحاكمة الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه ، ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل بعينه فيما عدا الأحوال التي قيده القانون فيها بذلك ، ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم الاشتراك في تزوير محررات رسمية وعرفية واستعمالهما مع العلم بتزويرهما والبلاغ الكاذب طريقاً خاصاً ، فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينه أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه ، ولا يلزم أن تكون الأدلة التي أعتمد عليها الحكم بحيث يُنبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي ، ولا ينظر إلي دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحده مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ، ومنتجه في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، كما أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ، ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود ، وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم ، وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن ، وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها ، وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهاداتهم ، فإن ذلك يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان وجود خلافات سابقة بين الطاعن والمجني عليها لا تمنع من الأخذ بشهادة وأقوال الأخيرة متى اقتنعت المحكمة بصدقها ، ولما كانت المحكمة في الدعوى المطروحة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة بجانب ما اطمأنت إليه من تقرير الطلب الشرعي ، واستخلصت الحقيقة من ذلك استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في القوة الدليلية لأقوال شهود الإثبات ، أو محاولة تجريحها ، وفي صورة الواقعة إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل ، وفي حق محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة ، مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع ، ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .

5- لما كان الدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم ، مادام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلي أدلة الثبوت التي أوردها ، فلا وجه لما يثيره الطاعن في هذا الصدد.

6- لما كان لا ينال من سلامة الحكم اطراحه للمستندات المقدمة من الطاعن ، والتي يتساند إليها للتدليل على كيدية الاتهام وتلفيقه ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية إقناعيه ، فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ، مادام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى ، ومن ثم فبحسب المحكمة أن أقامت الأدلة على مقارفة الطاعن للجرائم التي دين بها بما يحمل قضاءها ، وهو ما يفيد ضمناً أنها لم تأخذ بدفاعه .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :

 1 - وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية اشترك بطريق المساعدة مع موظف عمومي حسن النية هو .... - أمين شرطة بمركز شرطة .... - في ارتكاب تزوير في محررات رسمية هي محاضر الشرطة أرقام .... ، .... ، .... لسنة .... جنح .... ، وذلك بجعله وقائع مزورة في صورة وقائع صحيحة مع علمه بتزويرها بأن أبلغ في محاضر الشرطة المشار إليها بيانات مخالفة للحقيقة وهى أن موكله المدعو/ .... سلَّم لـ .... مبالغ نقدية على سبيل الأمانة ، والمحرر عنها ثلاثة إيصالات أمانة ، فاختلستها لنفسها إضراراً بموكله ، وكان ذلك دون علم موكله الذي لا يداين المشكو في حقها بثمة مبالغ نقدية فأثبت الموظف العمومي سالف الذكر تلك البيانات غير حقيقية بالمحاضر المشار إليها فوقعت الجريمة بناءً على هذه المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات .

2 - وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية اشترك بطريق المساعدة مع موظف عمومي حسن النية هو رئيس القلم المدني بمحكمة ... الجزئية في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو صحيفة الدعوى المدنية رقم ..... لسنة .... صحة توقيع .... ، بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها ، بأن أثبت بالمخالفة للحقيقة أن موكله المدعو/ .... تزوج عرفياً .... بموجب عقد عرفي مؤرخ .... طالباً منه القضاء بصحة توقيعها على عقد الزواج سالف البيان ، وكان ذلك دون علم موكله الذي لم يتزوج بالمجني عليها ، فأثبت الموظف العمومي سالف الذكر تلك البيانات غير الحقيقية بدفتر قيد القضايا المدنية ، فوقعت الجريمة بناءً على هذه المساعدة على النحو الموضح بالتحقيقات .

3- اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في محررات عرفية هي عقد زواج عرفي مؤرخ .... ، وثلاث إيصالات أمانة موضوع الجنح أرقام .... ، .... ، .... لسنة .... جنح ... ، وكان ذلك بأن اتفق مع المتهم المجهول على ارتكابها ، وساعده بأن أمده بالبيانات اللازمة ، ووقع عليها بتوقيعات عزاها زوراً إلي كل من .... و.... على النحو المبين بالتحقيقات .

4- استعمل المحررات المزورة آنفة البيان فيما زورت من أجله ، بأن قدمهم في الدعاوى أرقام ....، ....، ..... لسنة .... جنح .... ، والدعوى المدنية رقم .... لسنة .... صحة توقيع ... للاحتجاج بما دوِّن فيها ، وهو يعلم بتزويرها على النحو المبين بالتحقيقات .

5- أخبر بأمر كاذب مع سوء قصد ، بأن أبلغ في الجنح أرقام .... ، .... ، .... لسنة ... جنح ... كذباً بأن .... قامت بتبديد مبالغ مالية ، وقدرها .... جنيه ، المسلمة لها على سبيل الأمانة من موكله .... لتوصيلهم لآخر ، وكذا الدعوى رقم .... لسنة .... مدني .... ، كذباً أن موكله ..... تزوج عرفياً ..... طالباً القضاء بصحة توقيعها على عقد زواج عرفي مؤرخ .... قاصداً من ذلك الإضرار بالمجني عليهما سالفي الذكر على النحو المبين بالتحقيقات .

وأحالته إلى محكمة جنايـات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالـــة.

وادعى المجني عليه قبل المتهم بمبلغ 10001 جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 30 ، 40/ ثانياً ، ثالثاً ، 41 ، 211، 212، 213 ، 214، 215، 303 ، 305 من قانون العقوبات ، وعملاً بالمادتين 17 ، 32 من القانون ذاته ، بمعاقبة المتهم/ .... بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أسند إليه وألزمته بالمصروفات الجنائية ، ومصادرة المحررات المزورة وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقـض ، ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً ، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة .

ومحكمة الإعادة بهيئة مغايرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 17 ، 32 ، 30 ،40/ ثانياً ، ثالثاً ، 41 ، 211، 212، 213 ، 214، 215، 303 ، 305 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أسند إليه ومصادرة المحررات المزورة وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة .

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية .... إلخ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمة

 حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاشتراك في تزوير محررات رسمية وعرفية واستعمالها مع العلم بتزويرها والبلاغ الكاذب ، قد شابه القصور في التسبيب ، والخطأ في تطبيق القانون ، والفساد في الاستدلال ، ذلك بأن خلا من بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة وظروفها ، واعتوره الغموض والإبهام ، وعدم الإلمام بعناصر الدعوى ، ولم يدلل تدليلاً سائغاً على توافر عناصر الاشتراك في التزوير في حق الطاعن ، ورد بما لا يصلح رداً على دفعه بعدم توافر القصد الجنائي في حقه ، وانتفاء علمه بالتزوير أو مساهمته فيه ، كما تمسك الطاعن بأن الأمر بألَّا وجه لإقامة الدعوى الصادر من المحامي العام الأول لنيابة استئناف .... بتاريخ .... مازال قائماً لعدم إلغائه من النائب العام ، غير أن الحكم رد على ذلك الدفع بما يخالف صحيح القانون ، وعول في إدانته على أقوال المجني عليها رغم وجود خلافات سابقة ، وكذلك على أقوال الشاهد الثاني رغم تمسكه بكذبه ومخالفة أقواله للحقيقة والواقع ، وأخيراً لم يحفل الحكم بالرد على دفاعه المؤيد بالمستندات بكيدية الاتهام ، كل ذلك يعيبه ويستوجب نقضه .

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم الاشتراك في تزوير محررات رسمية وعرفية واستعمالهما مع العلم بتزويرهما والبلاغ الكاذب التي دان الطاعن بها ، وساق على صحة الواقعة وإسنادها إليه أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات ، ومن تقرير الطب الشرعي ، وأورد مؤدى كل دليل منها في بيان واف ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلي ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لهذه الأدلة على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي ، وألمت بالواقعة وبأدلتها إلماماً شاملاً ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا المقام لا يكون صائباً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ، ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها ، وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي بينها الحكم ، ويتحقق القصد الجنائي في جرائم التزوير في الأوراق الرسمية أو الاشتراك فيه متى تعمد الجاني تغيير الحقيقة في محرر رسمي - أو اشترك في ذلك - مع انتوائه استعماله في الغرض الذي أعد من أجله ، وكان القصد الجنائي في هذه الجرائم من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الأمور المعروضة عليها ، وليس أمراً لازماً التحدث صراحة واستقلالاً في الحكم عن توافر هذا الركن ، أو أي ركن من أركان جريمة التزوير أو الاشتراك فيه ، مادام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه . لما كان ذلك ، وكان البيّن من الحكم المطعون فيه أنه في سرده لوقائع الدعوى ، ومؤدى أدلة الثبوت فيها التي اطمأنت إليها المحكمة ، وما أورده بمدوناته ، وفي معرض رده على دفع الطاعن بانتفاء القصد الجنائي لديه ، وعدم علمه بالتزوير قد أثبت في تدليل سائغ ومنطق سليم قيام الطاعن بالاشتراك بطريق الاتفاق والمساعدة - مع موظف حسن النية - في ارتكاب جريمة التزوير ، وهو ما يكفي ويسوغ ما رتبه الحكم عليه ، ويصح استدلاله به على ثبوت عناصر الاشتراك في التزوير والتدليل عليها في حق الطاعن ، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى ، وتقدير أدلتها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، ويكون النعي عليه في هذا الخصوص في غير محله . لما كان ذلك ، وكانت المادة 211 من قانون الإجراءات الجنائية تُجيز للنائب العام أن يلغي الأمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية في مدة الثلاثة أشهر التالية لصدوره ، مالم يكن قد صدر قرار من محكمة الجنايات أو من محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة مشورة بحسب الأحوال برفض الطعن المرفوع في هذا الأمر ، وإنه ولئن كان الأصل أن الأمر الصادر من النائب العام بإلغاء الأمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية كصدور ذلك الأمر يجب أن يكون صريحاً ومدوناً بالكتابة ، إلَّا أنه قد يستفاد استنتاجاً من تصرف أو إجراء آخر إذا كان هذا التصرف أو الإجراء يترتب عليه حتماً وبطريق اللزوم العقلي ذلك الأمر ، وهو الحال في الدعوى المطروحة . لما كان ذلك ، وكان البيّن من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لهذا الوجه من الطعن أن النيابة العامة بعد أن حققت الواقعة أرسلت الأوراق إلي المحامي العام الأول لنيابة استئناف .... ، والذي وافق على حفظ الأوراق إدارياً ، وبناءً على تظلم المجني عليها للنائب العام فقد أمر الأخير بتاريخ .... بتقديم الطاعن للمحاكمة الجنائية ، وهو ما يفصح بجلاء عن أن النائب العام قد ألغى الأمر الصادر بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية الصادر من المحامي الأول لنيابة استئناف .... في الميعاد المحدد قانوناً - خلافاً لما يزعمه الطاعن - مما يكون معه النعي على الحكم في هذا الخصوص غير قويم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن العبرة في المحاكمة الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه ، ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل بعينه فيما عدا الأحوال التي قيده القانون فيها بذلك ، ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم الاشتراك في تزوير محررات رسمية وعرفية واستعمالهما مع العلم بتزويرهما والبلاغ الكاذب طريقاً خاصاً ، فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينه أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه ، ولا يلزم أن تكون الأدلة التي أعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي ، ولا ينظر إلي دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحده مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ، ومنتجه في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، كما أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ، ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود ، وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم ، وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن ، وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها ، وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهاداتهم ، فإن ذلك يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان وجود خلافات سابقة بين الطاعن والمجني عليها لا تمنع من الأخذ بشهادة وأقوال الأخيرة متى اقتنعت المحكمة بصدقها، ولما كانت المحكمة في الدعوى المطروحة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة بجانب ما اطمأنت إليه من تقرير الطلب الشرعي ، واستخلصت الحقيقة من ذلك استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في القوة الدليلية لأقوال شهود الإثبات ، أو محاولة تجريحها ، وفي صورة الواقعة إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل ، وفي حق محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة ، مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع ، ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم مادام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلي أدلة الثبوت التي أوردها، فلا وجه لما يثيره الطاعن في هذا الصدد . لما كان ذلك ، وكان لا ينال من سلامة الحكم اطراحه للمستندات المقدمة من الطاعن ، والتي يتساند إليها للتدليل على كيدية الاتهام وتلفيقه ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية إقناعيه ، فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ، مادام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى ، ومن ثم فبحسب المحكمة أن أقامت الأدلة على مقارفة الطاعن للجرائم التي دين بها بما يحمل قضاءها ، وهو ما يفيد ضمناً أنها لم تأخذ بدفاعه . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

            ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق