الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 4 أغسطس 2020

الطعن 6840 لسنة 60 ق جلسة 3 / 10 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 133 ص 958

جلسة 3 من أكتوبر سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ محمد الصوفي عبد الجواد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد زايد وأحمد عبد الرحمن وحسين الشافعي نواب رئيس المحكمة ومحمد طلعت الرفاعي.

------------

(133)
الطعن رقم 6840 لسنة 60 القضائية

(1) حكم "بياناته" "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". قتل عمد.
القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها.
(2) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قول متهم على آخر. حقيقته شهادة. للمحكمة التعويل عليها.
تقدير أقوال متهم على آخر إثر إجراء باطل. وتحديد صلتها بهذا الإجراء. موضوعي.
مثال:
 (3)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام" "اعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
خطأ المحكمة في تسمية أقوال المتهم اعترافاً. لا ينال من سلامة الحكم. طالما أنها لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني للاعتراف.
 (4)دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثارة أساس جديد للدفع ببطلان الاعتراف لأول مرة أمام النقض. غير مقبول. علة ذلك؟
النعي على المحكمة عدم ردها على دفاع لم يثر أمامها. غير جائز.
 (5)مأمورو الضبط القضائي. استدلالات. قبض. نيابة عامة. تحقيق. إثبات "بوجه عام". دعوى جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". قتل عمد.
الاستدعاء الذي يقوم به مأمور الضبط القضائي إبان جمع الاستدلالات ليس قبضاً.
مباشرة النيابة التحقيق. عدم اقتضائها قعود مأموري الضبط عن القيام بواجباتهم. المادة 24 إجراءات. عليهم إرسال محاضرهم للنيابة لتكون عنصراً من عناصر الدعوى.
(6) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة تقديرها لأدلة الدعوى ومصادرتها في عقيدتها. عدم جواز إثارته أمام النقض.
(7) قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. أمر خفي. لا يدرك بالحس الظاهر. إنما بالظروف المحيطة بالدعوى والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره.
مثال لتسبيب سائغ لاستظهار نية القتل في حق الطاعن.
 (8)قتل عمد. قصد جنائي. جريمة "أركانها". سبق إصرار.
لا تلازم بين قيام القصد الجنائي وتوافر سبق الإصرار.
جواز نشوء نية القتل. إثر مشادة وقتية.
 (9)حكم "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "المصلحة في الطعن" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". ظروف مشددة. قتل عمد. اقتران.
خطأ الحكم في ذكر مادة الترصد ضمن المواد التي دان الطاعن بمقتضاها رغم عدم توافر هذا الظرف. لا يعيبه. علة ذلك؟
النعي بخطأ الحكم في ذكر مادة تعريفية ضمن مواد العقاب التي دان الطاعن بموجبها. عدم جدواه. ما دامت العقوبة التي أوقعها الحكم تدخل في الحدود المقررة لجريمة القتل العمد المقترن بجناية السرقة في الطريق العام ليلاً مع حمل السلاح التي أثبتها في حقه.
 (10)حكم "بيانات حكم الإدانة". محكمة النقض "سلطتها".
لمحكمة النقض تصحيح الخطأ الذي وقع في أسباب الحكم المطعون فيه باستبدال مادة العقاب التي أغفلها بمادة أخرى أوردها دون مقتضى. أساس ذلك؟

-------------
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون. ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم بالإجمال والتجهيل لا يكون له محل.
2 - من المقرر أن قول متهم على آخر هو في حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها في الإدانة وأن تقدير الأقوال التي تصدر من متهم على آخر إثر إجراء باطل وتحديد صلة هذه الأقوال بهذا الإجراء وما ينتج عنه هو من شئون محكمة الموضوع تقدره حسبما يتكشف لها من ظروف الدعوى بحيث إذا قدرت أن هذه الأقوال صدرت منه صحيحة غير متأثر فيها بهذا الإجراء الباطل جاز لها الأخذ بها وكان الحكم المطعون فيه فيما أورده رد على ما أثاره المدافع عن الطاعن من بطلان اعتراف المتهم الثاني قد خلص إلى صحة ما أدلى به - المتهم الثاني من أقوال في حق نفسه وفي حق الطاعن وخلوها مما يشوبها واستقلال هذه الأقوال عن التحريات والاستدلالات التي يزعم الطاعن بطلانها وكان ما أورده الحكم من أقوال المتهم الثاني لا يماري الطاعن في أن له معينه الصحيح من الأوراق فإنه لا تثريب على الحكم إذا هو استمد من تلك الأقوال ما يدعم الأدلة الأخرى التي أقام عليها قضاءه بالإدانة.
3 - لا يقدح في سلامة الحكم خطأ المحكمة في تسمية أقوال المتهم الثاني اعترافاً طالما أن المحكمة لم ترتب عليه وحدة الأثر القانوني للاعتراف.
4 - البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان الاعتراف المنسوب إلى المتهم الثاني على الأساس الذي يتحدث عنه في وجه طعنه لكونه وليد وعد وإغراء فليس له أن ينعى على المحكمة عدم ردها على دفاع لم يثر أمامها كما لا يصح له أن يثير أساساً جديداً للدفع ببطلان الاعتراف لأول مرة أمام محكمة النقض لكونه من أوجه الدفاع الموضوعية التي تتطلب تحقيقاً يخرج عن وظيفة هذه المحكمة ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.
5 - من الواجبات المفروضة قانوناً على مأموري الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم أن يقبلوا التبليغات والشكاوى التي ترد إليهم بشأن الجرائم وأن يقوموا بأنفسهم أو بواسطة مرؤوسيهم بإجراء التحريات اللازمة عن الوقائع التي يعلمون بها بأي كيفية كانت وأن يستحصلوا على جميع الإيضاحات والاستدلالات المؤدية لثبوت أو نفي الوقائع المبلغ بها إليهم أو التي يشاهدونها بأنفسهم، كما أن المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية تخول مأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها وأن يسألوا المتهم عن ذلك كما أن قيام النيابة العامة بإجراء التحقيق بنفسها لا يقتضي قعود مأموري الضبط القضائي عن القيام إلى جانبها في الوقت ذاته بواجباتهم التي فرض الشارع عليهم أداءها بمقتضى المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية وكل ما في الأمر أن ترسل هذه المحاضر إلى النيابة لتكون عنصراً من عناصر الدعوى تحقق النيابة ما ترى وجوب تحقيقه منها ولما كان استدعاء مأمور الضبط القضائي للطاعن بسبب اتهامه في جريمة قتل لا يعدو أن يكون توجيه الطلب إليه لسؤاله عن الاتهام الذي حام حوله في نطاق يتطلبه جمع الاستدلال والتحفظ عليه منعاً من هروبه حتى يتم عرضه على النيابة العامة في خلال الوقت المحدد قانوناً. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في الرد على الدفع المبدى من الطاعن ببطلان القبض عليه واطمأنت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية إلى أن استدعاء الطاعن لم يكن مقروناً بإكراه ينتقص من حريته فإن رفضها للدفع ببطلان القبض يكون سليماً بما تنتفي معه قالة الخطأ في تطبيق القانون.
6 - لما كانت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية قد اطمأنت إلى سلامة التحريات والإجراءات التي قام بها مأمور الضبط وصحتها فإن ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى ومصادرتها في عقيدتها مما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض.
7 - لما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية - ولما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعن بقوله "وحيث إنه عن نية القتل فإنها قائمة في حق المتهم الأول من استعمال سلاح قاتل بطبيعته (طبنجة) وتصويبه إلى أماكن قاتلة من جسد المجني عليه وهي منطقة الرأس بما أحدثه فيها من إصابات على مرمى قريب يصل إلى بضعة سنتيمترات حسبما جاء بتقرير الصفة التشريحية من وجود أسوداد بارودي ومن تثنية الإطلاق على المجني عليه كل ذلك تتوافر به لدى المحكمة يقيناً أن المتهم كان يبغي من إطلاق الرصاص على المجني عليه قتلاً وقد تحقق مبتغاه" فإن هذا حسبه للتدليل على نية القتل كما هي معرفة به في القانون.
8 - يعيب الحكم من بعد أن تكون المحكمة قد استبعدت ظرف سبق الإصرار لما هو مقرر من أنه لا تلازم بين قيام القصد الجنائي وسبق الإصرار فلكل مقوماته فقد يتوافر القصد الجنائي وينتفي في الوقت ذاته سبق الإصرار لأنه لا مانع قانوناً من اعتبار نية القتل إنما نشأت لدى الجاني إثر مشادة وقتية وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع بانتفاء نية السرقة وأطرحه بقوله "وحيث إنه عن الدفع بانتفاء نية السرقة لعدم ضبط النقود بمسكن المتهم أو مسكن أحد أقاربه فإنه من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة السرقة ينحصر في قيام العلم لدى الجاني وقت ارتكاب الجريمة أنه يختلس المنقول المملوك للغير رغم إرادة مالكه بنية امتلاكه لنفسه ولما كان ذلك وكان المتهم بعد أن قتل المجني عليه استولى على الحقيبة وما بها من نقود وظل يحتفظ بها حتى مساء يوم 5/ 8/ 1989ثم أودعها لدى المتهم الثاني إلى أن تم ضبطها فإن هذا السلوك من جانب المتهم قاطع في الدلالة على أن اختلاسه للنقود كان بقصد تملكها، وكان ما أورده الحكم رداً على دفاع الطاعن بانتفاء نية السرقة وإثباتاً لتوافرها كافياً وسائغاً فإن ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
9 - لما كانت المادة 232 من قانون العقوبات ليست من مواد العقاب إنما هي مادة تعريفية لظرف الترصد وكان خطأ الحكم في إيرادها ضمن المواد التي دان الطاعن بمقتضاها رغم عدم توافر هذا الظرف لا أثر له في عقيدة المحكمة - ليس للطاعن مصلحة في التمسك بهذا الخطأ ما دامت العقوبة التي أوقعها الحكم تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة القتل العمد المقترن بجناية السرقة في الطريق العام ليلاً مع حمل السلاح التي أثبت الحكم توافرها في حق الطاعن ومن ثم فلا جدوى مما يثيره الطاعن نعياً على الحكم في هذا الخصوص.
10 - لمحكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع في أسباب الحكم المطعون فيه وذلك باستبدال المادة 239 من قانون العقوبات والتي أغفلها الحكم بالمادة 232 من ذات القانون التي أوردها الحكم دون مقتضى وذلك عملاً بالمادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: قتل...... عمداً مع سبق الإصرار بأن عقد العزم وبيت النية على قتله وأعد لهذا الغرض سلاحاً نارياً مششخناً "مسدسه الميري رقم 78862" واصطحبه إلى مكان الحادث وما أن تهيأت له فرصة الإجهاز عليه حتى أطلق عليه عيارين ناريين من السلاح سالف الذكر قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابتين الموصوفتين بتقرير الصفة التشريحية واللتين أوديتا بحياته وقد اقترنت بهذه الجناية جناية أخرى هي أنه في ذات الزمان والمكان سرق مبلغ النقود المبين قدراً بالتحقيقات المملوك للمجني عليه سالف الذكر وكان ذلك في الطريق العام ليلاً حال كونه حاملاً سلاحاً نارياً "مسدس". ثانيا: أحرز بغير ترخيص ودون مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية سلاحاً أبيض "سكين". ثالثاً: أخفى ومحكوم عليه آخر - جثة المجني عليه سالف الذكر بأن ألقيا بالجسد في مجرى مائي ووضعا الرأس في إحدى الحفر وهالا عليها التراب. وأحالته إلى محكمة جنايات طنطا لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى والد المجني عليه عن نفسه وبصفته ولياً طبيعياً على أبنائه مدنياً قبل المتهم بمبلغ مائتي ألف جنيه على سبيل التعويض.
والمحكمة المذكور قضت حضورياً عملاً بالمواد 232، 234/ 1 - 2 من قانون العقوبات، 1/ 1، 1/ 25 مكرراً من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 165 لسنة 1981 والجدول رقم (1) المرفق مع تطبيق المادتين 32، 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة عما أسند إليه وفي الدعوى المدنية بإحالتها إلى محكمة طنطا الابتدائية.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطرق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد المقترن بجناية السرقة في الطريق العام ليلاً مع حمل سلاح وإحراز سلاح أبيض بغير ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه جاء مجملاً في بيانه لواقعة الدعوى ومجهلاً للأدلة التي أقام عليها قضاءه، وعول في قضائه - من بين ما عول - على ما أسماه اعترافاً من المتهم الثاني رغم أن ما ذكره لا يعتبر اعترافاً بالمعنى الذي يعنيه القانون، وأطرح الدفع المبدى من الطاعن ببطلان هذا الاعتراف بقالة انتفاء الإكراه المادي دون أن يتفهم ما قصد إليه الطاعن من أن هذا الاعتراف يخالف الحقيقة والواقع وأنه كان وليد وعد وإغراء دلالة ذلك أن المتهم الثاني لم تنسب إليه الجنحة المنصوص عليها في المادة 145 من قانون العقوبات، ورد الحكم على الدفع ببطلان القبض على الطاعن بما لا يصلح، هذا فضلاً عن أن الحكم لم يبين كيف خلص إلى سلامة التحريات وسنده في ذلك ودون أن يعرض لما ساقه الطاعن من قرائن على عدم صحتها، ورد على دفاعه بانتفاء نية القتل واستدل على توافرها بما لا يسوغ خاصة بعد أن استبعدت المحكمة ظرف سبق الإصرار وأن الواقعة كما رواها الشهود ودلت عليها التحريات كانت وقتية، كما أن ما أورده الحكم تدليلاً على توافر نية السرقة ورداً على دفاع الطاعن بانتفائها غير كاف، وأخيراً فقد أورد الحكم المادة 232 من قانون العقوبات الخاصة بتعريف الترصد ضمن مواد القانون التي أنزل بموجبها العقاب على الطاعن رغم أنه وصف التهمة قد خلا من هذا الظرف مما ينبئ عن اختلال فكرة الدعوى في عقيدة المحكمة وعدم استقرارها لديها، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.

وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "إنه في يوم الجمعة 4/ 8/ 1989 توجه المجني عليه...... إلى بور سعيد رفقة المتهم نقيب شرطة....... يستقلان سيارة الأخير لتغيير عملات أجنبية بعملة مصرية وتحصيل قيمة شيك سياحي بالدولار ولدى عودتهما إلى طنطا في ليلة السبت 5/ 8/ 1989 حدثت مشادة بينهما لخلافهما على قيمة ما يستحقه المتهم...... من عمولة لقاء مرافقته للمجني عليه بسيارته الملاكي 103 غربية واحتدم الأمر فاستعمل المتهم سلاحه الأميري وأطلق على رأس المجني عليه عيارين ناريين أثناء تواجدهما بالسيارة قاصداً من ذلك قتله فأصابتاه بالرأس من اليسار لليمين وأحدثتا إصاباته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية واللتين أودتا بحياته. وفي الطريق بين سمنود والمحلة الكبرى تخلص المتهم من الجثة بإلقائها إلى جوار الطريق وتوجه إلى صديقه المتهم...... بمسكنه بطنطا فبلغه في نحو الساعة 1 من صباح نفس اليوم وأنهى إليه أنه قتل المجني عليه بإطلاق عيارين ناريين على رأسه وصحبه إلى مكان السيارة وقاما بتنظيفها مما بها من دماء ثم اتجها إلى مكان الجثة إلى أن عثرا عليها فلفاها ببطانية ووضعاها بحقيبة السيارة واتجها إلى طنطا حيث اتجه المتهم....... إلى طريق فرعي على ترعة القاصد وأنزلا الجثة وقام المتهم....... بفصل الرأس بسكين كان قد أحضره من مسكن المتهم....... ووضعه بكيس بلاستيك ثم وضعه بحقيبة السيارة والقيا الجثة بمجرى الترعة ثم سار في طريق طنطا شبين الكوم على طريق ترعة الملاحة وقام المتهم....... بحفر حفرة على يمين الطريق بالجزء الترابي ودفن بها الرأس، وقد تم العثور على الجثة عصر يوم 5/ 8/ 1989 والعثور على الرأس يوم 8/ 8/ 1989 وتعرف عليها شقيق المجني عليه وفي صباح يوم الحادث 5/ 8/ 1989 توجه المتهم...... رفقة المتهم...... إلى مقر عمل الأخير بميناء القاهرة الجوي لبعض الوقت ثم توجها إلى ورشة سروجي السيارة...... بالقاهرة لاستبدال فرش السيارة الملوث بالدماء بآخر وفي مساء ذات اليوم عادا إلى طنطا وتوجها إلى ورشة إصلاح زجاج السيارة حيث تم تركيب زجاج للباب الأمامي الأيمن بدلاً من الزجاج المهشم وخلال فترة إعداد الزجاج سلم...... حقيبة سامسونايت........ مقرراً له أن بها نقود المجني عليه فأخفاها بمسكنه وإذ علمت والدته بأمرها حطمت الحقيبة ووضعت ما بها من نقود بكيس نايلون سلمته للمقدم...... رئيس مباحث شرطة قسم ثان طنطا وتبين أن به مبلغ واحد وثلاثين ألف جنيه وثبت من تقرير الصفة التشريحية أن الرأس المبتورة وما يتصل بها من جزء من العنق تتحد في الجنس والسن مع جثة المجني عليه وثبت من تشريح الرأس وجود إصابتين ناريتين حيويتين حدثتا من الإصابة بعيار ناري بمقذوف مفرد باتجاه أساسي من اليسار لليمين وكان الإطلاق على مسافة قريبة في حدود ربع متر وقد تصل إلى بضع سنتيمترات وقد حدثت الوفاة نتيجة الإصابتين الناريتين الموصوفتين بالرأس وما صاحبهما من كسور بعظام الجمجمة وتهتك ونزيف دموي بجوهر المخ. ومن الجائز حدوث إصابتي المجني عليه من مثل السلاح الأخير للمتهم والطلقات المضبوطين. وقد استدل الحكم على ثبوت الواقعة وصحة إسنادها للطاعن بأدلة مستمدة من أقوال العميد.....، المقدم......، ......، ......، ......، ...... النقيب، ......، النقيب.....، ومما ثبت من تقرير الصفة التشريحية ومما اعترف به المتهم..... بتحقيقات النيابة العامة. لما كان ذلك، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو كاف وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون. ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم بالإجمال والتجهيل لا يكون له محل. لما كان ذلك وكان من المقرر أن قول متهم على آخر هو في حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها في الإدانة وأن تقدير الأقوال التي تصدر من متهم على آخر إثر إجراء باطل وتحديد صلة هذه الأقوال بهذا الإجراء وما ينتج عنه هو من شئون محكمة الموضوع تقدره حسبما يتكشف لها من ظروف الدعوى بحيث إذا قدرت أن هذه الأقوال صدرت منه صحيحة غير متأثر فيها بهذا الإجراء الباطل جاز لها الأخذ بها وكان الحكم المطعون فيه فيما أورده رداً على ما أثاره المدافع عن الطاعن من بطلان اعتراف المتهم الثاني قد خلص إلى صحة ما أدلى به - المتهم الثاني من أقوال في حق نفسه وفي حق الطاعن وخلوها مما يشوبها واستقلال هذه الأقوال عن التحريات والاستدلالات التي يزعم الطاعن بطلانها وكان ما أورده الحكم من أقوال المتهم الثاني لا يماري الطاعن في أن له معينه الصحيح من الأوراق، فإنه لا تثريب على الحكم إذا هو استمد من تلك الأقوال ما يدعم الأدلة الأخرى التي أقام عليها قضاءه بالإدانة، كما لا يقدح في سلامة الحكم خطأ المحكمة في تسمية أقوال المتهم الثاني اعترافاً طالما أن المحكمة لم ترتب عليه وحدة الأثر القانوني للاعتراف. لما كان ذلك وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان الاعتراف المنسوب إلى المتهم الثاني على الأساس الذي يتحدث عنه في وجه طعنه لكونه وليد وعد وإغراء فليس له أن ينعى على المحكمة عدم ردها على دفاع لم يثر أمامها كما لا يصح له أن يثير أساساً جديداً للدفع ببطلان الاعتراف لأول مرة أمام محكمة النقض لكونه من أوجه الدفاع الموضوعية التي تتطلب تحقيقاً يخرج عن وظيفة هذه المحكمة ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من الواجبات المفروضة قانوناً على مأموري الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم أن يقبلوا التبليغات والشكاوي التي ترد إليهم بشأن الجرائم وأن يقوموا بأنفسهم أو بواسطة مرؤوسيهم بإجراء التحريات اللازمة عن الوقائع التي يعلمون بها بأي كيفية كانت وأن يستحصلوا على جميع الإيضاحات والاستدلالات المؤدية لثبوت أو نفي الوقائع المبلغ بها إليهم أو التي يشاهدونها بأنفسهم، كما أن المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية تخول مأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها وأن يسألوا المتهم عن ذلك كما أن قيام النيابة العامة بإجراء التحقيق بنفسها لا يقتضي قعود مأموري الضبط القضائي عن القيام إلى جانبها في الوقت ذاته بواجباتهم التي فرض الشارع عليهم أداءها بمقتضى المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية وكل ما في الأمر أن ترسل هذه المحاضر إلى النيابة لتكون عنصراً من عناصر الدعوى تحقق النيابة ما ترى وجوب تحقيقه منها ولما كان استدعاء مأمور الضبط القضائي للطاعن بسبب اتهامه في جريمة قتل لا يعدو أن يكون توجيه الطلب إليه لسؤاله عن الاتهام الذي حام حوله في نطاق يتطلبه جمع الاستدلالات والتحفظ عليه منعاً من هروبه حتى يتم عرضه على النيابة العامة في خلال الوقت المحدد قانوناً. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في الرد على الدفع المبدى من الطاعن ببطلان القبض عليه واطمأنت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية إلى أن استدعاء الطاعن لم يكن مقروناً بإكراه ينتقص من حريته فإن رفضها للدفع ببطلان القبض يكون سليماً بما تنتفي معه قالة الخطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك وكانت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية قد اطمأنت إلى سلامة التحريات والإجراءات التي قام بها مأمور الضبط وصحتها فإن ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى ومصادرتها في عقيدتها مما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية - ولما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعن بقوله "وحيث إنه عن نية القتل فإنها قائمة في حق المتهم الأول من استعمال سلاح قاتل بطبيعته (طبنجة) وتصويبه إلى أماكن قاتلة من جسد المجني عليه وهي منطقة الرأس بما أحدثه فيها من إصابات على مرمى قريب يصل إلى بضعة سنتيمترات حسبما جاء بتقرير الصفة التشريحية من وجود اسوداد بارودي ومن تثنية الإطلاق على المجني عليه كل ذلك تتوافر به لدى المحكمة يقيناً أن المتهم كان يبغي من إطلاق الرصاص على المجني عليه قتلاً وقد تحقق مبتغاه" فإن هذا حسبه للتدليل على نية القتل كما هي معرفة به في القانون. ولا يعيب الحكم من بعد أن تكون المحكمة قد استبعدت ظرف سبق الإصرار لما هو مقرر من إنه لا تلازم بين قيام القصد الجنائي وسبق الإصرار فلكل مقوماته فقد يتوافر القصد الجنائي وينتفي في الوقت ذاته سبق الإصرار لأنه لا مانع قانوناً من اعتبار نية القتل إنما نشأت لدى الجاني إثر مشادة وقتية. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع بانتفاء نية السرقة وأطرحه بقوله "وحيث إنه عن الدفع بانتفاء نية السرقة لعدم ضبط النقود بمسكن المتهم أو مسكن أحد أقاربه فإنه من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة السرقة ينحصر في قيام العلم لدى الجاني وقت ارتكاب الجريمة أنه يختلس المنقول المملوك للغير رغم إرادة مالكه بنية امتلاكه لنفسه ولما كان ذلك وكان المتهم بعد أن قتل المجني عليه استولى على الحقيبة وما بها من نقود وظل يحتفظ بها حتى مساء يوم...... ثم أودعها لدى المتهم الثاني إلى أن تم ضبطها فإن هذا السلوك من جانب المتهم قاطع في الدلالة على أن اختلاسه للنقود كان بقصد تملكها، وكان ما أورده الحكم رداً على دفاع الطاعن بانتفاء نية السرقة وإثباتاً لتوافرها كافياً وسائغاً فإن ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد لما كان ذلك وكانت المادة 232 من قانون العقوبات ليست من مواد العقاب إنما هي مادة تعريفية لظرف الترصد وكان خطأ الحكم في إيرادها ضمن المواد التي دان الطاعن بمقتضاها رغم عدم توافر هذا الظرف لا أثر له في عقيدة المحكمة - ليس للطاعن مصلحة في التمسك بهذا الخطأ ما دامت العقوبة التي أوقعها الحكم تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة القتل العمد المقترن بجناية السرقة في الطريق العام ليلاً مع حمل السلاح التي أثبت الحكم توافرها في حق الطاعن ومن ثم فلا جدوى مما يثيره الطاعن نعياً على الحكم في هذا الخصوص. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً، وحسب المحكمة أن تصحح الخطأ الذي وقع في أسباب الحكم المطعون فيه وذلك باستبدال المادة 239 من قانون العقوبات والتي أغفلها الحكم بالمادة 232 من ذات القانون التي أوردها الحكم دون مقتض وذلك عملاً بالمادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق