جلسة 12 من ديسمبر سنة 2007
برئاسة
السيد المستشار / حامد عبد الله نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / عاطف عبد السميع ، محمد عيد
سالم ومصطفي حسان نواب رئيس المحكمة ومحمد سليمان .
---------------
(148)
الطعن 19830 لسنة 77 ق
(1) إعدام . نيابة
عامة . محكمة النقض " سلطتها " . نقض " التقرير بالطعن وإيداع
الأسباب . ميعاده " .
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة في قضايا الإعدام . غير
لازم . اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها دون
التقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها . علة ذلك ؟
(2) قتل عمد . قصد جنائي . جريمة " أركانها " . سلاح . حكم
" تسبيبه . تسبيب معيب " .
تميز جناية القتل العمد بعنصر خاص . هو قصد إزهاق الروح .
اختلافه عن القصد العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم . وجوب التحدث عنه
استقلالاً واستظهاره بإيراد الأدلة التي تثبت توافره.
استعمال سلاح قاتل وإصابة المجني عليه في مقتل . غير كاف
بذاته لثبوت نية القتل . ما لم يكشف الحكم عنها .
مثال لتسبيب معيب في استظهار نية القتل في جريمة القتل العمد
.
(3) سبق إصرار . ظروف مشددة . اتفاق . قتل عمد . حكم
" تسبيبه . تسبيب معيب".
سبق الإصرار . ماهيته ومناط تحققه ؟
البحث في توافر ظرف سبق الإصرار . موضوعي . ما دام سائغاً.
إيراد الحكم ما يفيد اتفاق المحكوم عليهما على الاعتداء
على المجني عليه . لا يقطع في ذاته بقيام القصد المصمم لديهما على قتله . انتهاؤه لتوافر ظرف سبق
الإصرار على ارتكاب جريمة القتل وخلو الأوراق من دليل يقيني على توافره . قصور .
مثال لتسبيب معيب على توافر سبق الإصرار في جريمة القتل العمد.
(4) إثبات " خبرة " " شهود " . قتل عمد . دفاع "
الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " .
نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .
إغفال الحكم المطعون فيه الرد على الدفع بالتناقض في وقت
وفاة المجني عليه بين ما حدده شهود الإثبات وما جاء بتقرير الصفة التشريحية .
إخلال بحق الدفاع . علة ذلك ؟
(5) إثبات " شهود " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع
" الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب
" . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها ".
وجوب سماع شاهد الإثبات الذي طلب دفاع الطاعنين مناقشته أمام المحكمة . ما
لم تقضي بالبراءة . تعويل الحكم بالإدانة على أقواله دون الاستجابة لطلب الدفاع في
هذا الشأن . إخلال بحق الدفاع .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كانت النيابة
العامة وإن عرضت القضية على محكمة النقض عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات
وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة
برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليهما ... و ... دون إثبات
تاريخ تقديمها للتحقق من أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين
بالمادة 34 من ذلك القانون المعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992 إلا أنه لما كان
تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - لا يترتب عليه عدم قبول
عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين
- من تلقاء نفسها ودون أن تتقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها - ما عسى أن
يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوى في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد أو بعد
فواته فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية .
2- لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى
وأدلتها تحدث عن نية القتل في قوله : " وحيث إن جريمة القتل العمد تستلزم
قصداً جنائياً خاصاً هو اتجاه إرادة المتهمين إلى إزهاق روح المجني عليه وقد حفلت
أوراق الدعوى بما لا يدع مجالاً للشك أن المتهمين اتجهت إرادتهم إلى إزهاق روح المجني
عليه ويؤكد ذلك استعمالهم أدوات قاتلة بطبيعتها وتكرار استخدامها وتعدد تصويب
الضربات للمجنى عليه وكلها في مواضع من جسده قاتلة مما يؤكد اتجاه إرادة المتهمين
وانتواءهم إزهاق روح المجني عليه " . لما كان ذلك ، وكانت جناية القتل العمد تتميز قانوناً عن غيرها من جرائم التعدي
على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكاب الفعل الجنائي إزهاق روح المجني
عليه وهذا العنصر ذو طابع خاص ويختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في
سائر الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه ، ومن ثم فإن الحكم الذي يقضى بإدانة المتهم في هذه الجناية يجب أن يعنى بالتحدث عن هذا الركن
استقلالا واستظهاره بإيراد الأدلة التي تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجاني حين
ارتكب الفعل المادي المسند إليه كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجني عليه وحتى
تصلح تلك الأدلة أساساً تبنى عليه النتيجة التي يتطلب القانون تحققها يجب أن
يبينها الحكم بياناً واضحاً ويرجعها إلى أصولها في أوراق الدعوى ، ولما كان ما
أورده الحكم لا يفيد سوى الحديث عن الأفعال المادية التي قارفها الطاعنان وأن ما استدل
به الحكم على توافر نية القتل لديهما من استعمالهما سلاحاً من شأنه إحداث القتل
وإصابة المجني عليه في مقتل لا يفيد سوى مجرد تعمد الطاعنين ارتكاب الفعل المادي
وهو ما لا يكفي بذاته لثبوت نية القتل ما لم يكشف الحكم عن قيام هذه النية بنفسهما
بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي تدل على القصد الخاص وتكشف عنه ومن ثم يكون
الحكم معيباً في هذا الصدد بالقصور.
3- لما كان
الحكم المطعون فيه قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين والمتهم
المجهول في قوله : " وحيث إنه عن سبق الإصرار فهو القصد المصمم عليه قبل
الفعل لارتكاب جنحة أو جناية يكون غرض المصر منها إيذاء شخص معين أو غير معين وجده
أو صادفه سواء كان ذلك القصد معلقاً على حدوث أمر أو موقوفاً على شرط وقد حفلت
أوراق الدعوى بما يؤكد أن المتهمين عقدوا العزم وبيتوا النية على إزهاق روح المجني
عليه وذلك بعد أن ترصدوا خطاه وجمعوا أمرهم وأسلحتهم وانهالوا بها عليه في مواضع
قاتلة من جسده فأحدثوا إصاباته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته
" وكان سبق الإصرار - كما هو معرف به في القانون - يقتضي أن يكون الجاني قد
قام لديه القصد المصمم على ارتكاب جريمته بعد أن تسنى له التفكير في عمله في هدوء
وروية ، وكان البحث في توافر هذا الظرف ولئن كان من إطلاقات محكمة الموضوع تستنتجه
من ظروف الدعوى وملابساتها إلا أن ذلك مشروط بأن يكون موجب تلك الظروف والملابسات
غير متنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج ، وإذ كان ما ساقه الحكم المطعون فيه استظهاراً
لتوافر سبق الإصرار في حق المحكوم عليهما وإن كان يوحى في ظاهره بتوافر هذا الظرف
إلا أنه لا يعدو في حقيقته أن يكون ترديداً لما أسلف الحكم بيانه من وقائع الحادث وبسطا لمعنى سبق الإصرار وشروطه مما لا
يفيد سوى اتفاق المحكوم عليهما على الاعتداء على المجني عليه وهو ما لا يقطع في
ذاته بقيام القصد المصمم لديهما على قتله وأن ما حصله الحكم من أدلة تمثلت في
أقوال رئيس المباحث وباقي شهود الإثبات قد خلا مما يدل يقيناً على توافر ظرف سبق
الإصرار على ارتكاب جريمة القتل الأمر الذي كان يتعين معه على الحكم أن يوضح كيف
انتهى على الرغم من ذلك إلى توافر ظرف سبق الإصرار لدى المحكوم عليهما وإذ فاته
ذلك فإنه يكون قد تعيب أيضاً بالقصور .
4- لما كان
دفاع الطاعنين قد قام على أن المجني عليه قتل في وقت سابق على الوقت الذي حدده
شهود الإثبات ودلل على ذلك بما جاء بتقرير الصفة التشريحية من أن جثة المجني
عليه وجدت في دور تمام التيبس الرمي رغم حصول التشريح في ذات اليوم الذي
حدده الشهود للوفاة ، وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل كلية دفاع الطاعنين رغم
جوهريته لتعلقه بالدليل المقدم في الدعوى والمستمد من أقوال شهود الإثبات وينبى
عليه - لو صح - تغير وجه الرأي فيها فإنه يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع .
5- لما كان
البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين طلب مناقشة شاهد الإثبات الثاني...
فأجلت المحكمة الدعوى أكثر من مرة لإعلانه لسؤاله وبجلسة ... التي حجزت فيها
الدعوى للحكم طلب الدفاع في ختام مرافعته أصلياً الحكم بالبراءة احتياطياً استدعاء
شاهد الإثبات لمناقشته ، وكان من المقرر أن طلب الدفاع في هذا الصدد يعد طلباً
جازماً تلتزم المحكمة بإجابته متى كانت لم تنته إلى القضاء بالبراءة وكانت المحكمة
لم تجب الدفاع إلى طلبه سماع الشاهد المذكور - كما أوردت في مدونات حكمها -
استناداً إلى تنازل الدفاع عن الطاعنين عن سماع شهادته بما لا أصل له في الأوراق ،
فإن الحكم المطعون فيه إذ عول في الإدانة على أقوال شاهد الإثبات الثاني دون
الاستجابة إلى طلب سماعه فإنه يكون معيباً أيضاً بالإخلال بحق الدفاع فضلاً عن
مخالفة الثابت بالأوراق .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائــع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر في قضية الجناية بأنهما ...:1- قتلا وثالث
مجهول عمداً ... مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على ذلك
وأعدو لذلك الغرض سلاحين أبيضين " سكينتين " وأنبوباً حديدياً وكمنوا له
في المكان الذي أيقنوا سلفاً مروره به وما إن ظفروا به إلا وانهال عليه المتهم
الأول والثاني طعناً في أجزاء متفرقة من جسده بينما قام الثالث بالتعدي عليه
بالأنبوب الحديدي قاصدين من ذلك قتله فحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة
التشريحية والتي أودت بحياته . 2- أحرز كل منهما سلاحاً أبيض " سكينتين
" دون أن يكون لإحرازهما مسوغ من الضرورة الحرفية أو الشخصية ، وأحالتهما إلى
محكمة جنايات ... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة ، وادعى
ورثة المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بمبلغ ألفي جنيه وواحد على سبيل التعويض
المؤقت والمحكمة المذكورة قضت حضورياً ... عملاً بالمواد 230 من قانون العقوبات
1/1 ، 25 مكرراً /1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون 165 لسنة 1981
والبند رقم (11) من الجدول رقم (1) المستبدل بقرار وزير الداخلية رقم 7726 لسنة
1998 بمعاقبتهما بالإعدام شنقاً لما أسند إليهما وبإلزامهما بأن يؤديا للمدعين
بالحقوق المدنية مبلغ ... على سبيل التعويض المؤقت .
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
من حيث إن النيابة العامة وإن عرضت القضية على محكمة النقض عملاً بنص
المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57
لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم
عليهما ... و... دون إثبات تاريخ تقديمها للتحقق من أنه روعي فيها عرض القضية في
ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون المعدل بالقانون رقم 23 لسنة
1992 إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض
تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها ودون أن
تتقيد بالرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب
يستوى في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد أو بعد فواته فإنه يتعين قبول عرض
النيابة العامة للقضية .
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه
أنه إذ دانهما بجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وإحراز سلاح أبيض بدون
مسوغ قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ومخالفة
الثابت بالأوراق ؛ ذلك بأن ما أورده بياناً لنية القتل لا يكفي لاستظهارها
والاستدلال على توافرها ودلل على توافر ظرف سبق الإصرار بما لا ينتجه أو يؤدى
لثبوته وأغفل الحكم الرد على دفاع الطاعنين بأن المجني عليه قتل في وقت سابق على
زمان الحادث الذي حدده شهود الإثبات بدلالة ما جاء بتقرير الصفة التشريحية من أن
الجثة وجدت في دور تمام التيبس الرمي رغم انتقال الطبيب الشرعي لتشريحها في ذات
اليوم الذي حدده الشهود للوفاة ، وأخيراً اختتم المدافع عن الطاعنيـــن مرافعته
طالباً أصلياً القضاء ببراءتهما واحتياطياً سماع شاهد الإثبات الثاني بيد أن
المحكمة لم تجبه إلى طلبه بدعوى تنازله عن سماع شهادته بما لا أصل له في الأوراق
كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
من حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى
وأدلتها تحدث عن نية القتل في قوله : " وحيث إن جريمة القتل العمد تستلزم
قصداً جنائياً خاصاً هو اتجاه إرادة المتهمين إلى إزهاق روح المجني عليه وقد حفلت
أوراق الدعوى بما لا يدع مجالاً للشك أن المتهمين اتجهت إرادتهم إلى إزهاق روح المجني
عليه ويؤكد ذلك استعمالهم أدوات قاتلة بطبيعتها وتكرار استخدامها وتعدد تصويب
الضربات للمجنى عليه وكلها في مواضع من جسده قاتلة مما يؤكد اتجاه إرادة المتهمين
وانتواءهم إزهاق روح المجني عليه " . لما كان ذلك ، وكانت جناية القتل العمد
تتميز قانوناً عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من
ارتكاب الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه وهذا العنصر ذا طابع خاص ويختلف عن
القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في
نفسه ، ومن ثم فإن الحكم الذي يقضى بإدانة المتهم في هذه الجناية يجب أن يعنى
بالتحدث عن هذا الركن استقلالا واستظهاره بإيراد الأدلة التي تكون المحكمة قد
استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه كان في الواقع يقصد
إزهاق روح المجني عليه وحتى تصلح تلك الأدلة أساساً تبنى عليه النتيجة التي يتطلب
القانون تحققها يجب أن يبينها الحكم بياناً واضحاً ويرجعها إلى أصولها في أوراق
الدعوى ، ولما كان ما أورده الحكم لا يفيد سوى الحديث عن الأفعال المادية التي
قارفها الطاعنان وأن ما استدل به الحكم على توافر نية القتل لديهما من استعمالهما
سلاحاً من شأنه إحداث القتل وإصابة المجني عليه في مقتل لا يفيد سوى مجرد تعمد الطاعنين
ارتكاب الفعل المادي وهو ما لا يكفي بذاته لثبوت نية القتل ما لم يكشف الحكم عن
قيام هذه النية بنفسهما بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي تدل على القصد الخاص
وتكشف عنه ومن ثم يكون الحكم معيباً في هذا الصدد بالقصور . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار
في حق الطاعنين والمتهم المجهول في قوله : " وحيث إنه عن سبق الإصرار فهو القصد
المصمم عليه قبل الفعل لارتكاب جنحة أو جناية يكون غرض المصر منها إيذاء شخص معين
أو غير معين وجده أو صادفه سواء كان ذلك القصد معلقاً على حدوث أمر أو موقوفاً على
شرط وقد حفلت أوراق الدعوى بما يؤكد أن المتهمين عقدوا العزم وبيتوا النية على
إزهاق روح المجني عليه وذلك بعد أن ترصدوا خطاه وجمعوا أمرهم وأسلحتهم وانهالوا
بها عليه في مواضع قاتلة من جسده فأحدثوا إصاباته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية
والتي أودت بحياته " لما كان ذلك ، وكان سبق الإصرار - كما هو معرف به في
القانون - يقتضى أن يكون الجاني قد قام لديه القصد المصمم على ارتكاب جريمته بعد
أن تسنى له التفكير في عمله في هدوء وروية ، وكان البحث في توافر هذا الظرف ولئن
كان من إطلاقات محكمة الموضوع تستنتجه من ظروف الدعوى وملابساتها إلا أن ذلك مشروط
بأن يكون موجب تلك الظروف والملابسات غير متنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج ، وإذ كان
ما ساقه الحكم المطعون فيه استظهاراً لتوافر سبق الإصرار في حق المحكوم عليهما وإن
كان يوحى في ظاهره بتوافر هذا الظرف إلا أنه لا يعدو في حقيقته أن يكون ترديداً لما أسلف الحكم بيانه من وقائع الحادث
وبسطا لمعنى سبق الإصرار وشروطه مما لا يفيد سوى اتفاق المحكوم عليهما على
الاعتداء على المجني عليه وهو ما لا يقطع في ذاته بقيام القصد المصمم لديهما على
قتله وأن ما حصله الحكم من أدلة تمثلت في أقوال رئيس المباحث وباقي شهود الإثبات
قد خلا مما يدل يقيناً على توافر ظرف سبق الإصرار على ارتكاب جريمة القتل الأمر الذي
كان يتعين معه على الحكم أن يوضح كيف انتهى على الرغم من ذلك إلى توافر ظرف سبق
الإصرار لدى المحكوم عليهما وإذ فاته ذلك فإنه يكون قد تعيب أيضاً بالقصور . لما كان
ذلك ، وكان دفاع الطاعنين قد قام على أن المجني عليه قتل في وقت سابق على الوقت الذي
حدده شهود الإثبات ودلل على ذلك بما جاء بتقرير الصفة التشريحية من أن جثة المجني
عليــــــه وجدت في دور تمام التيبس الرمي رغم حصول التشريح في ذات اليوم الذي
حدده الشهود للوفاة ، وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل كلية دفاع الطاعنين رغم جوهريته
لتعلقه بالدليل المقدم في الدعوى والمستمد من أقوال شهود الإثبات وينبني عليه - لو
صح - تغير وجه الرأي فيها فإنه يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع . لما كان ذلك ،
وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين طلب مناقشة شاهد
الإثبات الثاني ... فأجلت المحكمة الدعوى أكثر من مرة لإعلانه لسؤاله وبجلسة ...
التي حجزت فيها الدعوى للحكم طلب الدفاع في ختام مرافعته أصلياً الحكم بالبراءة
احتياطياً استدعاء شاهد الإثبات لمناقشته ، وكان من المقرر أن طلب الدفاع في هذا
الصدد يعد طلباً جازماً تلتزم المحكمة بإجابته متى كانت لم تنته إلى القضاء
بالبراءة وكانت المحكمة لم تجب الدفاع إلى طلبه سماع الشاهد المذكور - كما أوردت
في مدونات حكمها - استناداً إلى تنازل الدفاع عن الطاعنين عن سماع شهادته بما لا
أصل له في الأوراق ، فإن الحكم المطعون فيه إذ عول في الإدانة على أقوال شاهد
الإثبات الثاني دون الاستجابة إلى طلب سماعه فإنه يكون معيباً أيضاً بالإخلال بحق الدفاع فضلاً عن مخالفة الثابت
بالأوراق . لما كان ما تقدم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة وذلك بغير
حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق