جلسة 10 من يناير سنة 1999
برئاسة السيد المستشار/ طلعت الاكيابي نائب رئيس المحكمة وعضويه السادة المستشارين/ أنور محمد جبري وأحمد جمال الدين عبد اللطيف وناجي أحمد عبد العظيم نواب رئيس المحكمة وعادل السيد السعيد الكناني.
-------------------
(4)
الطعن رقم 1669 لسنة 67 القضائية
(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
التقرير بالطعن في الميعاد. دون إيداع أسبابه. أثره. عدم قبول الطعن شكلاً. أساس لذلك؟
(2) تزوير "أوراق رسمية". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
إغفال المحكمة الاطلاع على الأوراق محل تزوير في حضور الخصوم. يعيب إجراءات المحاكمة. أساس ذلك؟
(3) تزوير "أوراق رسمية". جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها" "أثر الطعن".
القصد الجنائي في جريمة التزوير. مناط تحققه؟
مجرد قيام الطاعن بشراء الأرض من المحكوم عليه الثاني وتقديمه العقد المزور الصادر للبائع له والتوكيل المزور في دعوى مدنية وتمسكه بهما وكونه صاحب مصلحة. لا يوفر في حقه ركن العلم. أساس ذلك؟
اتصال وجه الطعن ووحدة الواقعة وحسن سير العدالة. يوجب امتداد أثر الطعن بالنسبة لمحكوم عليه لم يقبل طعنه شكلاً.
2 - لما كان إغفال المحكمة الاطلاع على الأوراق محل التزوير وإطلاع الخصوم عليها عند نظر الدعوى يعيب إجراءات المحاكمة، لأن إطلاع المحكمة بنفسها على الورقة المزورة إجراء جوهري من إجراءات المحاكمة في جرائم التزوير يقتضيه واجبها في تمحيص الدليل الأساسي في الدعوى على اعتبار أن تلك الورقة هي الدليل الذي يحمل أدلة التزوير. ومن ثم، يجب عرضها على بساط البحث والمناقشة في الجلسة في حضور الخصوم ليبدي كل منهم رأيه فيها ويطمئن إلى أن الورقة موضوع الدعوى هي التي دارت مرافعته عليها، الأمر الذي فات المحكمة إجراؤه، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يبطله.
3 - يجب لتوافر القصد الجنائي في جريمة التزوير أن يكون المتهم وهو عالم بحقيقة الواقعة المزورة قد قصد تغيير الحقيقة في الورقة المزورة، فإذا كان علم المتهم بتغبير الحقيقة لم يكن ثابتاً بالفعل، فإن مجرد إهماله في تحريها مهما كان درجته لا يتحقق به هذا الركن، وإذ كان الحكم قد خلا مما يبرر اقتناعه بأن الطاعن اتفق مع المحكوم عليه الثاني على التزوير وبالتالي على علمه بتزوير المحررين موضوع الدعوى، ذلك بأن ما أورده لا يؤدى عقلاً إلى علم الطاعن بالتزوير، ولا هو كاف للرد على دفاع القائم على حسن نيته، إذ أن مجرد شراء الأرض من المحكوم عليه الثاني، وتقديمه العقد المزور الصادر للبائع له والتوكيل المزور في دعوى مدنية وتمسكه بهما، وكونه صاحب مصلحة، لا يقطع بعلمه بالحقيقة، كما أن إهماله تحريها قبل الشراء مما بلغت درجته لا يتحقق به ركن العلم، ومن ثم فإن الحكم يكون - فوق بطلانه - قد تعيب بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن وذلك بالنسبة للطاعن وللمحكوم عليه الآخر ولو لم يقبل طعنه شكلاً لاتصال وجه الطعن به لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بوصف أنهما: أولاً: وهما ليسا من أرباب الوظائف العمومية ارتكبا وآخر مجهول تزويراً في محرر رسمي هو التوكيل الرسمي العام رقم.... لسنة.... عام الزيتون المنسوب صدوره من مكتب توثيق الزيتون النموذجي وكان ذلك بطريق الاصطناع بأن اصطنعوه على غرار المحررات الصحيحة التي تصدرها تلك الجهة على النحو المبين بالتحقيقات. ثانياً: استعملا وذلك المجهول المحرر المزور موضوع التهمة الأولى مع علمهم بتزويره بأن ما قدموه إلى الدائرة.... مدني بمحكمة شمال القاهرة الابتدائية في الدعوى رقم.... لسنة...... مدني كلى شمال وحصلوا بموجبه على حكم منها بصحة ونفاذ عقد البيع موضوع المتهم التالية. ثالثاً: ارتكبا تزويراً في محررات أحد الناس وهو عقد البيع العرفي في المؤرخ 5/ 9/ 1980 بأن نسباً صدوره إلى...... المتوفى بتاريخ 1951 وذيلاه بتوقيع نسباه زوراً إليه واستعملاه بأن قدماه في الدعوى رقم.... لسنة..... مدني كلى شمال القاهرة مع علمها بتزويره على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالتهما إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى المدعى بالحقوق المدنية مدنياً قبل المتهمين بإلزامهما بأن يؤديا له مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 211، 212، 214، 215 من قانون العقوبات، مع إعمال المادة 32 من ذات القانون - بمعاقبة كل منهما بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وإلزامهما بأن يؤديا إلى المدعى بالحق المدني مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق.... إلخ.
المحكمة
حيث إن المحكوم عليه الثاني وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه مما يتعين معه القضاء بعدم قبول طعنه شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
وحيث إن طعن الطاعن الأول قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي تزوير محرر رسمي ومحرر عرفي، واستعمالهما، قد شابه البطلان في الإجراءات والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن المحكمة لم تطلع على المحررين المقول بتزويرهما في حضور الطاعن، وساق الحكم على توافر العلم لدى الطاعن ما لا يوفره أو يدحض دفاعه القائم على حسن نيته، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
من حيث إنه لا يبين من محاضر جلسات المحكمة أو من الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد اطلعت على المحررين المقول بتزويرهما في حضور الخصوم في الدعوى. لما كان ذلك، وكان إغفال المحكمة الاطلاع على الأوراق محل تزوير واطلاع الخصوم عليها عند نظر الدعوى يعيب إجراءات المحاكمة. لأن اطلاع المحكمة بنفسها على الورقة المزورة إجراء جوهري من إجراءات المحاكمة في جرائم التزوير يقتضيه واجبها في تمحيص الدليل الأساسي في الدعوى على اعتبار أن تلك الورقة هي الدليل الذي يحمل أدلة التزوير. ومن ثم يجب عرضها على بساط البحث والمناقشة في الجلسة في حضور الخصوم ليبدي كل منهم رأيه فيها ويطمئن إلى أن الورقة موضوع الدعوى، هي التي دارت مرافعته عليها، الأمر الذي فات المحكمة إجراؤه، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يبطله, لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه رد على دفاع الطاعن القائم على حسن نيته وانتفاء علمه بالتزوير بلوغاً إلى قيام القصد الجنائي في حقه بقوله: "إن الطاعن هو الذي أقام الدعوى وإن الحكم الذي سيصدر فيها سيكون لصالحه وإن محاميه وقع على عقد الصلح المقدم للمحكمة لتوثيقه وإقراره وإنه كان في مكنته التحري بكل دقه عما إذا كان المتهم الثاني يملك الأرض المبيعة له من عدمه، ولما كان ما أورده الحكم فيما تقدم لا يكفى لتوافر القصد الجنائي في جريمة التزوير، إذ يجب لتوافر هذا القصد في تلك الجريمة أن يكون المتهم وهو عالم بحقيقة الواقعة المزورة قد قصد تغيير الحقيقة في الورقة المزورة، فإذا كان علم المتهم بتغبير الحقيقة لم يكن ثابتاً بالفعل فإن مجرد إهماله في تحريرها مهما كان درجته لا يتحقق به هذا الركن، وإذ كان الحكم قد خلا مما يبرر اقتناعه بأن الطاعن اتفق مع المحكوم عليه الثاني على التزوير وبالتالي على علمه بتزوير المحررين موضوع الدعوى، ذلك بأن ما أورده لا يؤدى عقلاً إلى علم الطاعن بالتزوير, ولا هو كاف للرد على دفاع القائم على حسن نيته، إذ أن مجرد قيامه بشراء الأرض من المحكوم عليه الثاني، وتقديمه العقد المزور الصادر للبائع له والتوكيل المزور في دعوى مدنية وتمسكه بهما، وكونه صاحب مصلحة، لا يقطع بعلمه بالحقيقة، كما أن إهماله تحريها قبل الشراء مهما بلغت درجته لا يتحقق به ركن العلم. ومن ثم، فإن الحكم يكون فوق بطلانه قد تعيب بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن وذلك بالنسبة للطاعن وللمحكوم عليه الآخر ولو لم يقبل طعنه شكلاً لاتصال وجه الطعن به ولوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق