الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 31 ديسمبر 2023

الطعن 3709 لسنة 33 ق جلسة 31 / 1 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 64 ص 620

جلسة 31 من يناير سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد وعبد القادر هاشم النشار وإدوارد غالب سيفين ود. منيب محمد ربيع - نواب رئيس مجلس الدولة.

-----------------

(64)

الطعن رقم 3709 لسنة 33 القضائية

دعوى - وقف التنفيذ - ركناه - المنازعات التي تدور حول حقوق مالية.
المادة 49 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972.
للمحكمة أن تأمر بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه بالإلغاء إذا كان من شأن تنفيذ القرار ترتيب نتائج يتعذر تداركها - سلطة وقف التنفيذ مشتقة من سلطة الإلغاء ونوع منها مردها إلى الرقابة القانونية التي يسلطها القضاء الإداري على القرار على أساس وزنه بميزان القانون وزناً مناطه مبدأ المشروعية - يجب على القضاء الإداري ألا يوقف قراراً إلا إذا تبين له أن طلب وقف التنفيذ يقوم على ركنين أولهما: ركن الاستعجال. ثانيهما: ركن الجدية - كلا الركنين من الحدود القانونية التي تحد سلطة محكمة القضاء الإداري وتخضع في ذلك لرقابة المحكمة الإدارية العليا - المنازعات التي تدور حول حقوق مالية ينتفي تصور وقوع نتائج يتعذر تداركها من جراء تنفيذ ما قد يصدر من قرارات في هذه المنازعات - أساس ذلك: أن الأمر يؤول بعد حسم موضوع هذه المنازعات إلى أن يسترد كل صاحب حق حقه - مؤدى ذلك: انتفاء ركن الاستعجال في طلب وقف التنفيذ - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 18 من يوليو سنة 1987 أودع الأستاذ/ أحمد محمد حلمي المحامي بالنقض بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 936 لسنة 41 ق والذي قضى برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعي المصروفات. وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الأمر بوقف تنفيذ الحكم الطعين وبقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد تم إعلان الطعن على النحو المقرر قانوناً وعلى نحو ما هو ثابت في الأوراق وقدم السيد المستشار علي رضا مفوض الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني لهيئة مفوضي الدولة ارتأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
وحددت جلسة 24/ 9/ 1990 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة وتدوول نظره أمام تلك الدائرة التي قررت بجلسة 6/ 5/ 1991 إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي نظرته بجلسة 25/ 5/ 1991 وبالجلسات التالية إلى أن تقرر النطق بالحكم بجلسة 17/ 1/ 1993 وذلك كله على النحو المبين بمحاضر الجلسات حيث تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 31/ 1/ 1993 وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 24/ 11/ 1986 أقيمت الدعوى رقم 936 لسنة 41 ق بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بطلب الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من رئيس الوحدة المحلية بسنهور القبلية فيما تضمنه من مطالبة المدعي بصفته صاحب فندق أوبرج الفيوم بمبلغ 7692.500 مليمجـ المسمى بالرسوم المحلية المربوطة على الفندق حتى 30/ 6/ 1986 واعتباره كأن لم يكن وبكف منازعة المدعى عليه الثالث للمدعي ومنعه من المطالبة بالرسوم المحلية مستقبلاً.
وقال المدعي شارحاً دعواه أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 9/ 1980 ومبرم بينه وبين محافظ الفيوم استئجار فندق أو برج الفيوم الكائن بناحية سنهور مركز سنورس محافظة الفيوم لمدة (25 عاماً) تبدأ من 1/ 9/ 1980 حتى 31/ 8/ 2005 قابلة التجديد بأجرة سنوية قدرها سبعة عشر ألف جنيه مصري يتم سدادها على قسطين متساويين بالشروط التي تضمنتها عريضة الدعوى، وتم تسليم مباني ومنشآت الفندق للشركة المستأجرة، وتم تسليم مساحة {2 س 21 ط 2 ف} من الأرض الفضاء المحيطة بالفندق، وبدأت الشركة في مباشرة أعمال هدم وبناء جميع المباني والمنشآت وتصميمها من جديد على أحدث أنواع الطرق المعمارية بتكلفة عشرة مليون جنيه مصري، وفي 25/ 12/ 1984 افتتح فندق أوبرج الفيوم رسمياً وبدأت مرحلة التشغيل.
واستطرد المدعي قائلاً أنه فوجئ بخطاب موجه له من رئيس الوحدة المحلية بسنهور يطالبه فيه بدفع مبلغ 7692.500 جنيهاً مقابل رسوم محلية مربوطة على الفندق حتى 30/ 6/ 1986، ولما تظلم من ذلك أبلغ برفض تظلمه وتنبه عليه بضرورة سداد الرسوم المستحقة، ونعى المدعي على القرار المطعون فيه صدوره مخالفاً لأحكام القانون رقم 1 لسنة 1973 بشأن المنشآت الفندقية والسياحية.
وبجلسة 23/ 6/ 1987 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعي المصروفات وأقامت قضاءها على أن مقتضى تنفيذ القرار المطعون فيه هو سداد مبلغ المطالبة ولا يعدو ذلك من النتائج التي يتعذر تداركها فيما لو قضى بإلغاء قرار المطالبة إذ سوف يسترد المدعي ما يكون قد دفعه في هذا الشأن الأمر الذي ينتفي معه ركن الاستعجال في الدعوى.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب ذلك أن ثمة استعجالاً متوافراً يتمثل في استمرار الطاعن مكرهاً على الوفاء للجهة الإدارية بقيمة الرسوم المزعومة في السنة الواحدة، ويظل ذلك لسنوات طويلة لحين الفصل في موضوع الدعوى. خاصة وأن الطاعن تقع على عاتقه أعباء التزامات مالية كثيرة، ومن ناحية أخرى فإن عدم الوفاء بالمبالغ المطالب بها يستتبع توقيع الحجز الإداري على معدات ومنقولات الفندق المخصصة للاستقبال السياحي وحق بيعها بطريق المزاد العلني، فضلاً عن عدم إمكانية استرداد الرسوم التي يدفعها وأخيراً فإن القرار المطعون فيه صدر فاقداً لأساسه القانوني الصحيح ومغتصباً لسلطة وزير السياحة، وخلص الطاعن لما تقدم ولكل ما جاء بتقرير الطعن إلى طلب الحكم له بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إنه طبقاً للمادة 49 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 فإنه للمحكمة أن تأمر بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه بالإلغاء. إذا كان من شأن تنفيذ القرار ترتيب نتائج يتعذر تداركها، وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن سلطة وقف التنفيذ مشتقة من سلطة الإلغاء ونوع منها مردها إلى الرقابة القانونية التي يسلطها القضاء الإداري على القرار، على أساس وزنه بميزان القانون وزناً مناطه مبدأ المشروعية فوجب على القضاء الإداري ألا يوقف قراراً إلا إذا تبين له أن طلب وقف التنفيذ يقوم على ركنين أولهما: ركن الاستعجال. وثانيهما: ركن الجدية وكلا الركنين من الحدود القانونية التي تحد سلطة محكمة القضاء الإداري وتخضع في ذلك لرقابة المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إن الطلب المستعجل - في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه - يستهدف أساساً وقف تنفيذ قرار الوحدة المحلية بالمطالبة بدفع 7692.500 جنيهاً رسوم محلية على فندق أوبرج الفيوم عن السنتين الماليتين 84/ 1985، 85/ 1986 وبكف منازعة المدعى عليه الثالث للمدعي ومنعه من المطالبة بالرسوم المحلية مستقبلاً، وذلك حتى يفصل في موضوع الدعوى.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أنه في المنازعات التي تدور حول حقوق مالية يتنازعها أطراف الدعوى ينتفي تصور وقوع نتائج يتعذر تداركها من جراء تنفيذ ما قد يصدر من قرارات في هذه المنازعات إذ يؤول الأمر بعد حسم موضوع هذه المنازعات إلى أن يسترد كل صاحب حق حقه. ولما كان الثابت أن الطاعن يستهدف أساساً وقف تنفيذ مطالبته بدفع مبلغ نحو سبعة آلاف وستمائة جنيه كرسوم محلية تم ربطها على الفندق {أوبرج الفيوم} الذي يرأس مجلس إدارة الشركة التي تديره والذي تم تأجيره من الجهة الإدارية المختصة اعتباراً من 1/ 9/ 1980 وأن المبلغ المطالب به تم ربطه كرسوم محلية حتى 30/ 6/ 1986 فإن قيام الطاعن بصفته بأداء قيمة الرسوم المطلوبة لا يعتبر من قبيل النتائج التي يتعذر تداركها في مفهوم حكم المادة 49 من قانون مجلس الدولة لأنه بوسع صاحب الفندق - فيما لو قضي لصالحه في موضوع الدعوى - أن يسترد ما سبق أن دفعه من رسوم، وكون إجراءات التقاضي يستطيل أمدها حتى يفصل في الموضوع نهائياً ليس من شأنه - في الحالة الماثلة - مع ضآلة حجم المبلغ المطلوب دفعه نسبياً أن يؤدي إلى نتائج يتعذر تداركها أو إلى أضرار يصعب تداركها، لذلك ومهما يكن من أمر الطاعن التي يوجهها الطاعن إلى موضوع القرار المطعون فيه، ومن ثم فإن القدر المتيقن أن طلب وقف التنفيذ فاقد لركن الاستعجال ومن المتعين رفضه دون حاجة إلى بحث ركن الجدية في خصوص هذا الطلب، وإذ خلص الحكم الطعين إلى النتيجة التي انتهت إليها هذه المحكمة فإن الطعن يغدو حقيقاً بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بنص المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.

الطعن 3448 لسنة 31 ق جلسة 31 / 1 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 63 ص 612

جلسة 31 من يناير سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد ومحمد عبد الغني حسن وأحمد عبد العزيز أبو العزم ود. منيب محمد ربيع - نواب رئيس مجلس الدولة.

---------------

(63)

الطعن رقم 3448 لسنة 31 القضائية

عقد - عقد إداري - عقد المساهمة في مشروع ذي نفع عام - خصائصه - (القرارات المنفصلة عن العقد).
عقد المساهمة في نفقات مشروع ذي نفع عام هو عقد إداري يتعهد بمقتضاه شخص برضائه واختياره بأن يشترك في نفقات مشروع من مشروعات الأشغال العامة أو المرافق العامة - مهما اختلفت صور هذا العقد وتباينت أوصافه فهو يقوم على المساهمة الاختيارية في مشروع ذي نفع عام - لهذا العقد خصيصتان أساسيتان الأولى: أنه عقد متميز عن الاستيلاء وعن نزع الملكية للمنفعة العامة إذ كلاهما يتم جبراً والعقد يتكون من عرض من جانب المتعهد يصادف قبولاً من جانب الإدارة - والثانية: أنه عقد إداري ويترتب على ذلك أن العقد لا يسقط بوفاة المتعهد قبل قبول الإدارة وعلة التشدد في العقد الإداري هو اتصاله بالمصلحة العامة - يترتب على هذه الخصيصة أيضاً أنه يجوز للإدارة أن تتحلل من قبولها للعرض إذا قدرت بعد هذا القبول أنه لا يتفق مع الصالح العام - ينبغي التمييز في مقام التكييف بين العقد الذي تبرمه الإدارة وبين الإجراءات التي يمهد بها لإبرام هذا العقد - مثل هذه الإجراءات ما يتم بقرار إداري من الجهة الإدارية المختصة كوضع الإدارة لشروط المناقصة أو المزايدة وقرارات لجنة البت والقرار بإرساء المناقصة أو المزايدة ومثلها في مجال تحديد شخص المتعاقد مع الإدارة في عقد المساهمة في نفقات مشروع ذي نفع عام وقرار تخصيص قطعة الأرض التي سيقام عليها المشروع وكلها قرارات إدارية منفصلة عن العقد يجوز الطعن فيها بالإلغاء استقلالاً - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 6 من أغسطس سنة 1985 أودع الأستاذ الدكتور/ محمد عصفور المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعنة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 3448 لسنة 31 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة في الدعوى رقم 618 لسنة 5 ق بجلسة 4/ 7/ 1985 فيما قضى به من قبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعية المصروفات. وطلبت الطاعنة - للأسباب المبينة في تقرير الطعن - القضاء بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الحكومة المصروفات عن الدرجتين، وقد أعلن الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو المقرر قانوناً.
قدم السيد المستشار/ محمود عادل الشربيني مفوض مجلس الدولة تقريراً بالرأي القانوني رأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه بشقيه العاجل والموضوعي مع إلزام الطاعنة المصروفات.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 17 من ديسمبر سنة 1990 وتداولت نظره بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر، وبجلسة 6 من يوليو سنة 1992 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي نظرته بجلسة 4 من أكتوبر سنة 1992 وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 15 من نوفمبر سنة 1992 ثم مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 31/ 1/ 1993 وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تتلخص - حسبما يبين من أوراق الطعن ومما حصله الحكم المطعون فيه - في أن المدعية أقامت الدعوى المطعون على حكمها ابتداءً بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة بورسعيد الابتدائية بتاريخ 20 من يناير سنة 1983 طالبة الحكم بصفة مستعجلة بعدم الاعتداد بالقرار اللاحق فيما تضمنه من سحب القرار الصحيح السابق صدوره بتاريخ 30/ 3/ 1982 فيما قرره من الموافقة على تخصيص قطعة الأرض الواقعة بامتداد شارع محمد سرحان (الأمين سابقاً) والكائنة بالجهة القبلية الغربية لمبنى اللاسلكي بحي المناخ ببورسعيد وإلزام الجهة الإدارية المصروفات وقالت بياناً لدعواها أنها تقدمت بطلب لمحافظة بورسعيد لمنحها أرض لبناء مسجد عليها، وفي 25/ 7/ 1981 تشكلت لجنة بإدارة أملاك حي المناخ مكونة من المدعية والسيد المهندس مدير أملاك المناخ والمهندس مندوب التخطيط ومندوب أملاك المحافظة لمعاينة واختيار قطعة أرض فضاء للمدعية لإقامة مسجد عليها طبقاً لما جاء بكتابها المؤشر عليه من محافظ بورسعيد بالموافقة، وبعد أن قامت اللجنة بمعاينة عدة مواقع استقر الرأي على قطعة الأرض المشار إليها والسابق تسليمها إلى مديرية الأوقاف لأن المديرية لم تشرع في بنائها حتى الآن، وقد انتقلت اللجنة لمديرية الأوقاف لأخذ رأيها في مدى إمكان تسليم هذه الأرض للمدعية، وقد أفاد المهندس...... بأن المديرية المذكورة لا مانع لديها من قيام المدعية ببناء مسجد على نفقتها أو المساهمة في بنائه. وبتاريخ 17/ 5/ 1982 أخطرت المدعية بموافقة لجنة الشئون الدينية بالمجلس الشعبي المحلي بجلسة 30/ 3/ 1982 على تخصيص قطعة الأرض المشار إليها. وفي 26/ 5/ 1982 تحرر محضر باستلام المدعية الأرض على أن تودع مبلغ خمسون ألفاً من الجنيهات بالبنك لحساب بناء المسجد المذكور وتعهدت المدعية بالشروع في البناء خلال ستة أشهر من تاريخ استلامها الأرض استلاماً نهائياً وعلى أن تحصل قبل البناء على موافقة المجلس التنفيذي وموافقة سلاح الإشارة والمخابرات الحربية وأضافت المدعية أنها أخطرت سلاح الإشارة والمخابرات الحربية كما أسست جمعية لإنشاء مسجد عصفور للخدمات الدينية والاجتماعية أشهرت برقم 186 في 13/ 12/ 1982، وأودعت لحساب المشروع بالبنك الأهلي مبلغ (47000 دولار) بما يعادل (53600 جنيه مصري) وذلك بالحساب رقم 2257، وعندما توجهت إلى مديرية الأوقاف لأخذ الرسم الذي سبق أن وضع لهذه الأرض رفض المهندس بحجة أن هذه الأرض قد منحت لآخر، وقالت المدعية أنها اتصلت بالسيد رئيس المجلس الشعبي المحلي فأفاد بأن الأرض التي سبق أن أصدر المجلس قراره بشأنها في 30/ 3/ 1982 قد منحت لآخر على أن تمنح المدعية قطعة أخرى وأوضحت المدعية أنه نظراً لصدور قرار بتسليمها الأرض وأصبح هذا القرار نهائياً لعدم الطعن عليه خلال ستين يوماً من تاريخ صدوره فيكون قراراً صحيحاً، ويكون القرار اللاحق منعدماً فهو لا يشكل إلا عقبة مادية يجوز إزالتها في أي وقت، ومن ثم أقامت دعواها للحكم لها بطلباتها.
وبجلسة 28/ 2/ 1983 حكمت محكمة بورسعيد الابتدائية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الإدارية المختصة بمجلس الدولة حيث أحيلت إلى محكمة القضاء الإداري بالمنصورة وقيدت برقم 618 لسنة 5 ق والتي قضت بجلسة 4/ 7/ 1985 بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وإلزام المدعية المصروفات. وقد أقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن قطعة الأرض التي وردت حدودها بقراري المجلس الشعبي ببورسعيد بتاريخ 13/ 4/ 1982، 5/ 12/ 1982 قد خصصتها المحافظة منذ 16/ 8/ 1979 لإقامة مسجد عليها وسلمت فعلاً إلى مديرية الأوقاف ببورسعيد بتاريخ 12/ 9/ 1979 ولكن المديرية لم تشرع في بناء المسجد إلى أن تقدمت المدعية بطلب متضمناً رغبتها في بناء المسجد على قطعة الأرض المذكورة ووافق المجلس الشعبي المحلي على ذلك وسلمت الأرض للمدعية على أن تقوم بإيداع مبلغ خمسون ألفاً من الجنيهات في أحد البنوك لحساب المشروع ولما كان مشروع إقامة مسجد على تلك الأرض هو مشروع ذي نفع عام فإن تقدم المدعية بعرض إقامة هذا المسجد وموافقة جهة الإدارة على هذا العرض يتضمن عقد مساهمة في مشروع ذي نفع عام، وعلى ذلك فموافقة المجلس الشعبي المحلي في 13/ 4/ 1982 هي قبول لعرض المدعية المساهمة في بناء المسجد على قطعة الأرض المذكورة وبهذا القبول يكون قد انعقد عقد المساهمة في مشروع ذي نفع عام (هو إقامة المسجد) بين المدعية والإدارة، وهذا هو نفس الوضع بالنسبة لعرض المواطن الكويتي الجنسية ..... بإقامة هذا المسجد وقبول المحافظ لهذا العرض في 5/ 12/ 1982 يتضمن أيضاً عقد مساهمة في مشروع ذي نفع عام بين المذكور والمحافظة. وأنه لا تعارض بين كلا العقدين حيث يمكن للمدعية مع تمسكها بأن يكون محل تنفيذ التزامها المساهمة منصباً على المسجد الذي سيقام على قطعة الأرض المبينة بقرار المجلس المحلي ببورسعيد في 13/ 4/ 1982 أن تنفذ هذا الالتزام وهذه المساهمة في الحدود التي تقدمت بها في نفس الوقت الذي يقوم فيه المتعهد الآخر بتنفيذ التزاماته بالمساهمة في إتمام هذا المشروع فالأمر لا يتعلق بتخصيص قطعة الأرض سالفة الذكر للمدعية أو للمواطن الكويتي إذ أن هذه الأرض خصصت بصفة مجردة منذ سنة 1979 لإقامة مسجد عليها أما موقف المدعية والمواطن الكويتي فهو ينحصر في ارتباطهما برضائهما واختيارهما في المساهمة في إقامة هذا المسجد على الأرض المذكورة كل منهما في حدود المبالغ المالية اللذان عرضاها وليس للمدعية الحق في أن تقصر تنفيذ هذا المشروع عليها ولجهة الإدارة باعتبارها القائمة على المرافق أو بالمشروعات العامة والمسئولة عن إتمامها وحسن سيرها وتنفيذها - أن تقبل مساهماً أو أكثر في تنفيذ المشروع ذي النفع العام طالما أن ذلك لا يؤثر على تنفيذ المشروع ولا يؤدي إلى تعطيله أو سرعة الانتفاع به. وإذا كانت منازعة المدعية بهذه الدعوى تستهدف في جوهرها كما ورد بالصحيفة قصر تنفيذ هذا المسجد على تلك الأرض على المدعية وحدها وهو ما ليس لها حق فيه باعتبار أن هذا المسجد وهو مشروع ذي نفع عام تساهم فيه المدعية وغيرها ممن تقبل الجهة الإدارية مساهمتهم فيه بما لا يتعارض مع إتمامه وسرعة إنجازه على الوجه الأكمل وبالتالي تكون الدعوى على غير أساس من القانون متعينة الرفض مع إلزام المدعية بالمصروفات.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه يشترط لقيام عقد المساهمة في مشروع ذي نفع عام أن يكون لدى الإدارة مشروع من مشروعات الأشغال العامة أو المرافق العامة ويتقدم أحد المواطنين برضائه واختياره متعهداً بالمساهمة في نفقات هذا المشروع، والحالة المعروضة مختلفة تماماً فنحن أمام تعهد من جهة الإدارة بمعاونة الطاعنة في مشروع من المشروعات الفردية النابع من الطاعنة الذي تبتغي به مرضاة الله تعالى لا مرضاة الدولة، فقرار الإدارة في هذا الشأن قرار إداري شأنه شأن القرارات التي تصدرها الإدارة بمنح الجمعيات الخاصة أعانت تأسيساً على ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون عندما انتهى إلى تكييف الدعوى بأنها عقد مساهمة في مشروع ذي نفع عام. وأنه بافتراض أن ثمة عقد إداري فإن القرار الصادر بسحب قرار التخصيص قد صدر في المراحل التمهيدية للتعاقد في وقت لم يكن التعاقد قد تم لعدم صدور موافقة المجلس التنفيذي وسلاح الإشارة والمخابرات الحربية فإنه يكون قراراً إدارياً نهائياً من القرارات الإدارية المنفصلة مما يجوز الطعن عليه بالإلغاء، ولذلك فإن سحبه لا يجوز.
ومن حيث إن المستقر عليه فقهاً وقضاءً أن العقد المسمى عرض المساهمة في نفقات مشروع ذي نفع عام وهو عقد إداري يتعهد بمقتضاه شخص برضائه واختياره بأن يشترك في نفقات مشروع من مشروعات الأشغال العامة أو المرافق العامة، وقد يكون المتعهد ذا مصلحة في تعهده أو غير ذي مصلحة فيه، وقد يكون بعوض أو يتمخض تبرعاً، وقد يكون مبتدأ من تلقاء المتعهد أو مثاراً من جانب الحكومة، كما لو عرضت على إحدى المدن إنشاء مدرسة بها بشرط مساهمتها في نفقاتها فساهمت فيها، وقد تكون المساهمة بمبلغ من المال أو بشيء عيني كأرض أو غيرها، وقد يكون التعهد منجزاً وقد يكون مشروطاً. ولكن مهما اختلفت صور هذا العقد وتباينت أوصافه فهو يقوم على المساهمة الاختيارية في مشروع ذي نفع عام. ومن هنا تظهر خصيصتاه الأساسيتان: الأولى: أنه عقد يتميز بذلك عن الاستيلاء وعن نزع الملكية للمنفعة العامة إذ كلاهما يتم جبراً والعقد يتكون من عرض من جانب المتعهد يصادف قبولاً من جانب الإدارة وإلى أن يتم هذا القبول يجوز للعارض سحب عرضه فإذا تم بتلاقي القبول بالإيجاب نشأ التزام على جانب المتعهد بأن ينفذ تعهده بالمساهمة في النفقات بحسب موضوعها، وكان الالتزام من جانبه وحده. وإذا كان العرض لا يتضمن سوى قيام الحكومة بالمشروع ذي النفع العام، إذ هي لا تلزم بتنفيذ هذا المشروع أن ارتأت في تقديرها ملاءمة عدم تنفيذه ولا يكون ذلك عندئذٍ خطأً تعاقدياً، وغاية الأمر أن التعهد يسقط لأنه بطبيعته معلق على شرط هو القيام بالمشروع فإن تخلف هذا الشرط سقط التعهد تبعاً، أما إذا اشترط المتعهد في عرضه اشتراطات ثانوية وقامت الإدارة بتنفيذ المشروع ذاته فإنها تلتزم بتنفيذ هذه الاشتراطات فإن لم تنفذها كان ذلك خطأً تعاقدياً من جانبها. والثانية: هي أنه عقد إداري ويترتب على ذلك أن العرض لا يسقط بوفاة المتعهد قبل قبول الإدارة، وعلة التشدد في العقد الإداري هو اتصاله بالمصلحة العامة ويترتب على هذه الخصيصة أيضاً أنه يجوز للإدارة أن تتحلل من قبولها للعرض إذا قدرت بعد هذا القبول أنه لا يتفق مع المصالح العام كما لو ظهر لها أن تنفيذ المشروع يكلفها نفقات طائلة أو أنه عديم النفع أو لا يحقق الصالح العام على خير الوجوه أو أن المشروع على وجه آخر أوفى بهذا الغرض على أنه ينبغي التمييز في مقام التكييف بين العقد الذي تبرمه الإدارة وبين الإجراءات التي يعهد بها لإبرام هذا العقد فإن من هذه الإجراءات ما يتم بقرار إداري من الجهة الإدارية المختصة كوضع الإدارة لشروط المناقصة أو المزايدة وقرارات لجنة البت والقرار بإرساء المناقصة أو المزايدة، ومثلها في مجال تحديد شخص المتعاقد مع الإدارة في عقد المساهمة في نفقات مشروع ذي نفع عام قرار تخصيص قطعة الأرض التي سيقام عليها المشروع وكلها قرارات إدارية منفصلة عن العقد يجوز الطعن فيها بالإلغاء استقلالاً.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه صدر قرار المجلس المحلي لمحافظة بورسعيد بتاريخ 16/ 8/ 1979 بالموافقة على تخصيص قطعة الأرض موضوع النزاع لإقامة مسجد عليها وقد تسلمت مديرية الأوقاف الأرض بموجب محضر تسليم مؤرخ 12/ 9/ 1979 ووضع وزير الأوقاف حجر الأساس للمسجد في 29/ 2/ 1980 وبجلسة المجلس الشعبي المحلي لمحافظة بورسعيد المؤرخة 13/ 4/ 1982 وافق المجلس على تخصيص ذات قطعة الأرض للطاعنة على أن تقوم مديرية الأوقاف بالاشتراك مع مديرية الإسكان بإعداد الرسم المناسب للأرض والارتباط مع الطاعنة لتمويل هذا المشروع وموافاة المجلس بما يتم، وتحرر محضر بتسليمها الأرض بتاريخ 26/ 5/ 1982 أفاد فيه مندوب الأوقاف أن على الطاعنة إيداع مبلغ خمسون ألفاً من الجنيهات وقد تعهدت في المحضر بالشروع في البناء خلال ستة أشهر من تاريخ استلام الأرض استلاماً نهائياً، وإذ لم تقم الطاعنة بأي إجراء تنفيذي خلال الستة شهور التالية لتاريخ استلامها الأرض في 26/ 5/ 1982 ومن ثم صدر قرار المجلس الشعبي المحلي بجلسة 5/ 12/ 1982 بإلغاء القرار الأول الصادر بالتخصيص للطاعنة وإعادة تخصيص الأرض للمواطن الكويتي..... بالشروط الواردة من وزارة الأوقاف، وذلك تحقيقاً للصالح العام بالاستفادة من الإمكانيات المتاحة لبناء المسجد كمركز متكامل بناءً على ما عرضه المواطن الكويتي، ثم صدر قرار آخر من ذات المجلس بتخصيص قطعة أرض بديلة للطاعنة لبناء مسجد عليها وفق إمكانياتها إلا أنها رفضت تنفيذ هذا القرار. وإذ يبين مما سبق أن ثمة قرار إداري منفصل يتمثل في تخصيص قطعة الأرض المشار إليها وقبل إتمام عقد المساهمة في مشروع ذي نفع عام بين المجلس الشعبي المحلي ومديرية الأوقاف والمتبرع بالمال، وقرار التخصيص للأوقاف ثم للطاعنة ثم للمواطن الكويتي إنما هو لتحديد شخص من يتولى المساهمة مع المحافظة ومعها ومع الأوقاف في بناء المسجد وهو قرار سابق على عقد المساهمة وقد اشترط المجلس المحلي في قرار التخصيص على الطاعنة بعد إيداع مبلغ خمسون ألفاً من الجنيهات أن تشرع في البناء خلال ستة أشهر من تاريخ استلامها الأرض في 26/ 5/ 1982 وهو ما لم تقم به الطاعنة خلال المهلة المشار إليها بل أنها قامت بإشهار جمعية مسجد عصفور للخدمات الاجتماعية والدينية برقم 186 في 13/ 12/ 1982 لإنشاء وإدارة المسجد، ومن ثم تكون قد خالفت الشرط المعلق على تحقيقه نهائية واستقرار ونفاذ قرار تخصيص الأرض لها لبناء مسجد عليها فإذا لم يتحقق الشرط كان لجهة الإدارة عدم التقيد بالتخصيص وبناءً على ذلك أعاد المجلس الشعبي المحلي لمحافظة بور سعيد تخصيص الأرض للمواطن الكويتي لبناء المسجد عليها مع تحمله بكافة نفقات البناء. ومن ثم فإن القرار الذي عدل به المجلس عن التخصيص للطاعنة هو قرار سليم ومتفق وأحكام القانون، إلا أنه ولما كانت الطاعنة قد أظهرت رغبة في المساهمة في بناء مسجد وأن المساجد لله وتتحقق تلك المساهمة أياً كان موقع المسجد فقد قام المجلس المحلي بتخصيص موقع آخر للطاعنة لبناء مسجد عليه وهو قرار آخر سليم. وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى ذات النتيجة وإن اختلفت أسبابه عن الأسباب سالفة الذكر فإن الطعن عليه يكون غير قائم على سند صحيح من القانون أو الواقع مما يتعين معه القضاء برفضه وإلزام الطاعنة المصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعنة بالمصروفات.

اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ / مَادَّة 89 : تَمَامُ اَلْعَقْدِ بِتَبَادُلِ طَرَفَيْهِ اَلتَّعْبِيرِ عَنْ إِرَادَتَيْهِمَا

  عودة إلى صفحة : اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ


مادة 89  (1)

يتم العقد بمجرد أن يتبادل طرفان التعبير عن إرادتين متطابقتين، مع مراعاة ما يقرره القانون فوق ذلك من أوضاع معينة لانعقاد العقد.

التقنين المدني السابق :

لا مقابل لها.

المشروع التمهيدي : (2)

المادة 135 - " يتم العقد بمجرد أن يتبادل الطرفان التعبير عن إرادتين متطابقتين ، ما لم يقرر القانون أوضاعًا معينة لانعقاد العقد " .

في الشريعة الإسلامية :

مرشد الحيران م 345 و المجلة م 102 و 177 و 178 والبدائع ج 5 ص 136 و 250 .

مذكرة المشروع التمهيدي :

1 - قطع المشروع بإيثار مذهب الإرادة الظاهرة بصورة واضحة في هذا النص, فلم يتطلب لانعقاد العقد توافق إرادتين ، بل استلزم تبادل التعبير عن إرادتين متطابقتين.

2 - وفي الغالبية العظمى من الأحوال يبدأ أحد المتعاقدين بالإيجاب ، ثم يتلوه قبول المتعاقد الأخر, ولكن ليس من الضروري أن يلي القبول الإيجاب. فقد يتم العقد بتلاقي تعبيرين متعاصرين عن إرادتين متطابقتين, كما هو الشأن في الرهان على سباق الخيل. (3)

المشروع في لجنة المراجعة :

اقترح معالي السنهوري باشا نظراً لحذف المواد 121 و 122 و 123 من المشروع التمهيدي أن يبدأ هذا الفصل بالمادة 135 لتحل محل تعريف العقد .

ثم اقترح أن يضاف إلى نص هذه المادة عبارة " فوق ذلك " ، فيصبح النص كما يأتي : " يتم العقد بمجرد أن يتبادل الطرفان التعبير عن إرادتين متطابقتين ما لم يقرر القانون فوق ذلك أوضاعا معينة لانعقاد العقد " .

وسبب هذا التعديل أن يكون مفهوماً أن اشتراط أوضاع معينة لانعقاد العقد لا يغني عن تطابق الإرادتين .

فوافقت اللجنة على هذا التعديل.

ثم قدمت بالنص الآتي : " يتم العقد بمجرد أن يتبادل طرفان التعبير عن إرادتين متطابقتين مع مراعاة ما يقرره القانون فوق ذلك من أوضاع معينة لانعقاد العقد " .

وأصبح رقم المادة 91 في المشروع النهائي .

المشروع في مجلس النواب :

وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 91 .

المشروع في مجلس الشيوخ

مناقشات لجنة القانون المدني :

محضر الجلسة الثانية

تليت المادة ۹۱ فقال الدكتور حسن بغدادي إن هذه المادة ليس لها مقابل في التشريع القائم الذي استهل باب العقد بالمادة ۱۲۸ وهي معيبة لأنها لم تبين أركان العقد وإنما هي توحي بأن الرضا والأهلية من أركانه وما كانت الأهلية شرطا لانعقاد العقد بل هي شرط لصحته .

واستطرد قائلا إن المادة ۹۱ أبرزت أركان العقد فالتشريع الجديد بدأ بداية موفقة ، هذه البداية لا نظير لها في القانون القائم الذي لم يتكلم عن انعقاد العقد وهذا نوع من أنواع الاجتهاد الذي سلكه المشرع في تلافي الإشكالات الحاصلة.

وقد أيد سعادة الرئيس وسعادة العشماوي باشا هذا الرأي . أما بالنسبة لصياغة المادة فقد اعترض خيرت راضي بك على كلمة « طرفان » وقال يجب الاستعاضة عنها

بكلمة « الطرفان » لأن التعاقد لا يتم إلا بين شخصين لهما صفة فيه ولذلك يجب إضافة « ال » التعريف إلى « طرفان » .

ولكن لم توافق اللجنة على ذلك لأن عقد الفضولي مثلاً كما قال بذلك سعادة العشماوي باشا له اعتبار في القانون وأضاف إليه الدكتور حسن بغدادي قائلا إن المسألة التي يثيرها خيرت بك معروفة في الشريعة الإسلامية بالولاية في العقد والولاية في الشريعة شرط للنفاذ وليست شرطا للانعقاد .

فأخذ الرأي على بقاء المادة كما هي فوافقت اللجنة على ذلك ما عدا حضرة الشيخ المحترم خيرت راضي بك

وأصبح رقم المادة ٨٩ .

مناقشات المجلس :

وافق المجلس على المادة كما أقرتها اللجنة



(1) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 2 ص 8 .

(2) ثلاث مواد محذوفة من المشروع التمهيدي :

المادة ۱۲۱ - الالتزام حالة قانونية بمقتضاها يجب على الشخص أن ينقل حقاً عينياً ، أو أن يقوم بعمل أو أن يمتنع عن عمل.

التقنين المدني السابق :

المادة ٩٠ / ١٤٤ - التعهد هو ارتباط قانوني الغرض منه حصول منفعة لشخص بإلزام المتعهد بعمل شيء معين أو بامتناعه عنه

الشريعة الإسلامية :

مرشد الخيران م ١٦٨ .

مذكرة المشروع التمهيدي :

1 - كان في الوسع تعريف الالتزام بأنه « علاقة قانونية » أو « رابطة من روابط القانون » ولاسيما أن هذا هو التعريف التقليدي الذي ورد في التقنين المصري الحالي ( المادة 9٠ / ١٤٤ ) ، بيد أنه يخشى من سياق التعريف على هذا الوجه ، أن يكون في ذلك قطع برأي معين في مسألة حظها من الخلاف في الفقه الحديث غير قليل . والواقع أن تعريف الالتزام بأنه رابطة قانونية ، إنما هو اعتناق للمذهب الشخصي ، مع أن الطابع المادي للالتزام أخذ يتزايد نصيبه من البروز في التشريع الحديث . وقد آثر المشروع أن يعرف الالتزام بأنه « حالة قانونية » تأكيداً لهذه النزعة الحديثة . وهي بعد نزعة الشريعة الغراء ، في تصويرها لفكرة الالتزام .

۲ - ويراعى من ناحية أخرى ، أن ذكر الدائن قد أغفل في التعريف إغفالاً تاماً ، ولم يذكر إلا المدين ، وهذا وجه آخر من وجوه التصوير المادي للالتزام ، فالالتزام ، مجرداً من الدائن ، مرتبطاً بالمدين وحده ، إنما يكون عنصراً سلبياً من عناصر الذمة المالية ، أكثر منه علاقة قانونية تربط ما بين شخصين . وينهض لتوجيه هذا النظر ما استقر عليه العمل . فمن الميسور عملاً تصور التزام ليس له دائن وقت نشوئه والاشتراط لمصلحة الغير حافل بالتطبيقات التي يمكن أن تساق في هذا الصدد.

3 - على أن الطابع الشخصي لم يهمل إهمالاً تاماً . فالالتزام ، كما هو مذكور في التعريف ، يستتبع بالضرورة وجود « شخص ملزم » هو « المدين » ومؤدى ذلك ، أن لكل التزام مديناً يعتبر شخصه عنصراً جوهرياً من عناصره ، وهذا هو نصيب الطابع الشخصي من فكرة الالتزام .

المشروع في لجنة المراجعة

تليت المادة ۱٢١ من المشروع ، واقترح حذفها ، حتى يتجنب التعريفات بقدر الإمكان فيما لا ضرورة لتعريفه .

فوافقت اللجنة على ذلك وتقرر حذف المادة .

المادة ١٢٢ : العقد اتفاق ما بين شخصين أو أكثر على إنشاء رابطة قانونية ، أو تعديلها ، أو إنهائها .

الشريعة الإسلامية :

مرشد الحيران م ٢٦٢ والمجلة م ١٠١ - ١٠٤ وتفسير الألوسي ج ۲ ص ۲۳۹ ومفتاح الكرامة ج ٤ ص ٣ .

مذكرة المشروع التمهيدي :

1 - هذا هو تعريف المشروع الفرنسي الإيطالي في المادة الأولى منه . وقد خلا التقنين المدني المصري من تعريف العقد ، في حين عرفه التقنين المدني الفرنسي بأنه اتفاق ، يلتزم بمقتضاه شخص أو أكثر بإعطاء شيء ، أو بالقيام بعمل ، أو بالامتناع عنه . بيد أن هذا التعريف يستهدف للنقد من ناحيتين : فهو يخلط بين تعريف العقد وتعريف الالتزام ، من ناحية ، وهو يفرق بين العقد والاتفاق على أساس إنزال الأول من الثاني منزلة النوع من الجنس ، من ناحية أخرى . وقد هجرت التقنينات الحديثة هذه التفرقة لخلوها من الفائدة العملية ، ومن الواضح أن التعريف المأخوذ من المشروع الفرنسي الإيطالي قد برئ من العيبين المتقدمين ، وسلم بذلك من النقد الذي تقدمت الإشارة إليه . وإذا كان لم يذكر بين آثار العقد أنه ينقل الرابطة القانونية ، فيرجع ذلك إلى أن هذا النقل ليس إلا نتيجة لإنشاء الرابطة. فالعقد الذي يقصد منه إلى نقل التزام لا ينقله مباشرة ، وإنما ينشئ التزاماً بنقله ، وينفذ هذا الالتزام بمجرد نشوئه .

2 - ويراعى أن التعريف الذي أخذ به المشروع ، رغم اعتداده بالإرادة المشتركة للمتعاقدين أكثر من اعتداده بالإرادة الفردية لكل منهما ، لا يتشيع لأحد المذهبين اللذين يتنازعان الغلبة في نطاق تنظيم العقود : وهما المذهب اللاتيني في الإرادة الباطنة والمذهب الجرماني في الإرادة الظاهرة . فالتعريف لا يذكر أن العقد « اتفاق إرادتين » بل يقرر أنه « اتفاق ما بين شخصين » .

3 - وليس يبقى بعد ذلك سوى أمر البحث في ضرورة التعريف بالعقد في التقنين . فالتقنين الألماني ، والتقنين السويسري ، والتقنين البولوني، والتقنين البرازيلي ، والتقنين الصيني ، والتقنين المراكشي ، وتقنين كويبيك ، كلها خلو من التعريف . وعلى النقيض من ذلك ، أورد التقنين الإيطالي تعريفا ، يكاد يكون مماثلاً للتعريف الذي أخذ به المشروع الفرنسي الإيطالي. وعرف التقنين اللبناني العقد والاتفاق وفرق بينهما . وتضمنت نصوص التقنين الإسباني، والتقنين البرتغالي ، والتقنين الهولندي ، والتقنين الأرجنتيني والتقنين النمساوي ، تعريفات تتفاوت بينها أوجه الخلاف . ومهما يكن من أمر ، فقد رؤي من المفيد إيراد تعريف للعقد ، ولو لم يكن من وراء ذلك ، سوى نفي كل تفرقة بين العقد والاتفاق وجعلهما شيئاً واحداً ( انظر فيما يتعلق بنفي التفرقة بين العقد والاتفاق المادة 1 من المشروع الفرنسي الإيطالي ، والمادة ۱۰۹۸ من التقنين الإيطالي ، والمادة ١٤٤٩ من التقنين الهولندي ، والمادة ۱۱۱۱ من التقنين الأرجنتيني . وفيما يتعلق بالتفرقة بين العقد والاتفاق المادة ۱۱۰۱ من التقنين الفرنسي ، والمادة ١٦٥ من التقنين اللبناني ، والمادة ١٢٥٤ من التقنين الإسباني ، والمادة ٦٤١ من التقنين البرتغالي ، والمادة ٨٦١ من التقنين النمساوي ، وانظر فيما يتعلق بالقانون الإنجليزي ، سالمون ، أصول قانون العقود ۱۹۲۷ ، ص ۱۰ - وجنكس ج ۱ ، م ۱۸۲) .

المشروع في لجنة المراجعة

تليت المادة ١٣٢ من المشروع واقترح حذفها أيضا لنفس أسباب حذف المادة ١٢١.

فوافقت اللجنة على ذلك وتقرر حذف المادة.

المادة ١٢٣ :

1 - تسري على العقود ، المسماة منها وغير المسماة ، القواعد العامة التي يشتمل عليها هذا الفصل .

2 - أما القواعد التي ينفرد بها بعض العقود المدنية فتقررها الأحكام الواردة في الفصول المعقودة لها وتقرر قوانين التجارة القواعد الخاصة بالعقود التجارية .

الشريعة الإسلامية :

البدائع ج 5 ص ۲٥٩ و ۲۸۲ ومفتاح الكرامة ج ٤ ص ١٦١ و ١٦٢ وابن القيم ج ٢ ص ٣٤ وفتاوى ابن تيمية ج ۲ ص ٢٣٢ و ٢٣٦ .

مذكرة المشروع التمهيدي :

أخذ هذا النص عن المادة 9 من المشروع الفرنسي الإيطالي . وليس يقصد به إلى ترك يد الفقه والقضاء طليقة في تمييز أنواع أو أنماط مختلفة من العقود فحسب ، بل أريد به ، بوجه خاص ، تقرير المبدأ الأساسي الذي يقضي بأن القواعد المتعلقة بالعقود بوجه عام ، تسري على العقود المسماة كالبيع والإجارة والشركة . وغني عن البيان ، أن بعض الأحكام الخاصة بهذه العقود قد ينطوي على استثناء من القواعد العامة . ولكن الأصل هو تطبيق القواعد العامة على العقود جميعاً ، دون تفريق بين العقود المسماة وغير المسماة ، مالم يرد نص خاص بشأن الاستثناء . وقد تعمد المشروع إغفال تقسيمات العقود التي توجد في أكثر التقنينات اللاتينية النزعة ، لأن العناية بها من شأن الفقه . ولذلك رؤي من الأحوط أن تهمل في النصوص التشريعية .

المشروع في لجنة المراجعة

تليت المادة ١٢٣ من المشروع واقترح حذفها أيضا لعدم الحاجة إليها .

فوافقت اللجنة على ذلك .

(3) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 2 ص 10 .

اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ / 1 - أَرْكَانُ اَلْعَقْدِ اَلرِّضَاءِ

 عودة إلى صفحة : اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ


الرضـاء  (1)

 المذكرة الإيضاحية :

أولا وجود الرضاء : (نظرة عامة) : (2)

1 – التعبير عن الإرادة : ترتكز نظرية العمل القانوني في المشروع على الإرادة الظاهرة أي على التعبير عن الإرادة لا على الإرادة الباطنة كما هو الشأن في التقنين الحالي . فالعقد لا يتم بمجرد توافق الإرادتين ولكن عند تبادل التعبير عن إرادتين متطابقتين (المادة 91) . على أن التعبير عن الإرادة قد يكون ضمنياً (المادة 92) وهو على أية حال لا يشترط فيه شكل خاص ما لم يقرر القانون أوضاعاً معينة لانعقاد العقد ( المادة 91) .

ومن نتائج الأخذ بهذه النزعة المادية الجديدة أن يكون للتعبير اثره حتى بعد موت من صدر منه التعبير أو فقده الأهلية (المادة 94) ولا ينتج هذا الأثر إلا إذا وصل التعبير إلى علم من وجه إليه ( المادة 92) ، وفي هذا كله ما يجعل للمعاملات نصيباً أوفر من الاستقرار .

2 – الإيجاب والقبول : يتم العقد بالإيجاب والقبول ولابد أن يكونا متطابقين (المادة 98) على أنه في حالة الاتفاق على المسائل الجوهرية فإن العقد يتم ويتولى القاضي أمر البت في المسائل التفصيلية التي أرجئ الاتفاق عليها . وهذا من شأنه أن يوسع من سلطة القاضي ، فلا تكون مهمته مقصورة على تفسير إرادة المتعاقدين بل هو قد يستكمل ما نقص منها (المادة 157) .

ثم إن المشروع قد جعل الإيجاب ملزما للموجب ، فلا يجوز العدول عنه إلا استثناء ، كما إذا كان خيار العدول مستفاداً من عبارة الإيجاب أو من طبيعة التعامل أو من ظروف الحال . وقد اتبع المشروع هذا المذهب لأنه ادعى إلى استقرار الروابط القانونية ولم ير متابعة القضاء المصري في مسايرة المذهب التقليدي . ومع ذلك فقد اقتبس المشروع عن الشريعة الإسلامية نظرية " مجلس العقد" وجعل للموجب أن يتحلل من إيجابه إذا كان الإيجاب صادراً لحاضر ولم يصدر من هذا الحاضر قبول قبل أن ينفض مجلس العقد (المادة 96) . أما فيما بين الغائبين ، فقد اختار المشروع مذهب " العلم بالقبول" ولم يجعل من وصول القبول سوى قرينة بسيطة على حصول العلم به . ومذهب العلم هو الذي يستقيم دون غيره مع المبدأ القاضي بأن التعبير عن الإرادة لا ينتج أثره إلا إذا وصل إلى من وجه إليه على نحو يتوفر معه إمكان العلم بمضمونه .

أما القبول فقد عرض المشروع لبعض صوره ، فاعتبر السكوت قبولاً في بعض الفروض وجعل لهذه الفروض ضابطاً مرناً ينطبق على الحالات التي ذكرها وعلى غيرها (المادة 100) وعلق القبول في العقد الذي يتم من طريق المزايدة على رسو المزاد أو على إقفال المزاد دون  أن يرسو على احد (المادة 101) وهو بذلك يحسم خلافا طال عهد الفقه به . وأخيراً عرض المشروع لعقد الإذعان حيث يكون القبول مقصورا على مجرد التسليم بشروط مقررة يضعها الموجب ولا يقبل مناقشة فيها (المادة 102) وبهذا النص يكون المشروع قد اعتبر تسليم العاقد ضرباً من ضروب القبول ، ومع ذلك فقد وضع المشروع قاعدة خاصة لتفسير هذه العقود افرد لها نصاً خاصاً روعي فيه ما هو ملحوظ في إذعان العاقد من معنى التسليم (المادة 153).

3 – حالات خاصة في إبرام العقود : وضع المشروع أحكاماً للوعد بالتعاقد وجعله صحيحاً متى تعينت المسائل الأساسية في التعاقد والمدة التي يتم فيها (المادة 103) وللقاضي أن يصدر حكماً يقوم مقام العقد الموعود به عند عدم الوفاء بالوعد (المادة 104) . وإذا كان هناك عربون قد دفع عند إبرام العقد فانه لا يكون لاحد الطرفين أن يستقل بنقض العقد إلا إذا اتفق صراحة على أن يكون له خيار العدول فلا يعتبر العربون إذن قرينة على ثبوت الخيار ، والمشروع قد جارى في هذا أحكام المحاكم المصرية (المادتان 105 و 106).

4 – نظرية النيابة : رسم المشروع القواعد الأساسية لنظرية عامة في النيابة في التعاقد لا نظير لها في التقنينات الراهنة . وقد رؤي الاكتفاء في هذا الشأن بإيراد نصوص يتسع عمومها لضروب النيابة جميعاً ، اتفاقية كانت أو قانونية . أما القواعد الخاصة بالنيابة الاتفاقية وحدها ، فقد وردت بصدد عقد الوكالة . وقد اختص المشروع هذا العقد بطائفة من القواعد لها دون شك منزلتها من النظرية العامة في النيابة ، ولكنه اثر أن يجمعها في صعيد واحد ، تجنباً للتكرار . وعلى ذلك ، اقتصر الأمر في الأحكام العامة : على (3) التفرقة بين النيابة الاتفاقية والقانونية وبيان آثار النيابة على وجه الإجمال . وإيراد القاعدة الخاصة بتعاقد الشخص مع نفسه . ويكمل هذه الأحكام ما ورد في عقد الوكالة من نصوص .

ويراعى أن الأحكام التي تضمنها المشروع في شأن النيابة ، تعتبر مثالا فريدا لما يمكن استخلاصه من مقارنة الشرائع . فقد أتيح إحكام التوفيق بين المذهب اللاتيني والمذهب الجرماني ، رغم اقتباس نصوص مختلفة من تقنينات كل من المذهبين . بل ولم تعن الحاجة إلى تهذيب هذه النصوص تهذيباً قد يقتضيه اختلاف المصادر في بعض الأحيان .

على أن المشروع لم يوفق إلى بلوغ هذه الغاية ـ من طريق العناية باختيار النصوص التي نقلها ، بقدر ما تيسر له ذلك من طريق استبعاد النصوص التي رؤي الإعراض عنها . وعلى هذا النحو تم التناسق بين أحكام متباينة المصادر بصورة تكاد تخفى معها حقيقة هذا التباين .



(1) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 2 ص 5 .

(2) هذه النظرة مطابقة للنظرة العامة في مذكرة المشروع التمهيدي.

(3) جاء هنا بمذكرة المشروع التمهيدي عبارة « التفرقة بين النيابة الاتفاقية والقانونية وبيان آثار النيابة .... إلخ ».

اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ / مَصَادِرَ اَلِالْتِزَامِ اَلْفَصْلِ اَلْأَوَّلِ اَلْعَقْدَ

عودة إلى صفحة : اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ


الباب الأول

مصادر الالتزام (1)

الفصل الأول

العقد (2)

المذكرة الإيضاحية :

نظرة عامة :

عمد المشروع نسجا على منوال أحدث التقنينات إلى البدء بأحكام العقد ، ولم ير النص على تعريف للالتزام ( المادة 91 من التقنين الحالي) ولا على تقسيم لمصادر الالتزام ( المادة 93 ) لأن ذلك كله ادخل في الفقه منه في التشريع .

إلا أنه عند تناوله لأحكام العقد قد أورد نصوصا مهملة في ركن التراضي كان التقنين الحالي خلوا منها ، فهو قبل الكلام في شروط صحته ، (انظر المواد 128 وما بعدها من التقنين الحالي) قد تناول الرضاء في ذاته ، فأظهر ما للتعبير عن الإرادة من اثر في انعقاد العقد وميز ما بين الإيجاب والقبول فوضع أحكامهما الخاصة . وعرض للحالة التي يكون فيها تبادل الرضاء قد تم من طريق المراسلة بين الغائبين وللحالة التي يكون القبول قد اتخذ فيها صورة الإذعان ، وأخيرا تتبع المشروع مختلف المراحل التي قد يمر بها العقد قبل أن يصير عقداً نهائياً في حالتي الوعد بالتعاقد ودفع العربون .




(1) مذكرة المشروع التمهيدي :

مصادر الالتزام :

أوردت المادة 93 / 147 من التقنين المدني المصري تقسيماً لمصادر الالتزام ، إذ نصت على أن الالتزامات إما أن تكون ناشئة عن اتفاق أو عن فعل أو عن نص القانون " واختار التقنين المدني الفرنسي التقسيم التقليدي ، الذي اتبعه بوتييه ، فنص في المادة 1370 على أن مصادر الالتزام  هي العقد وشبه العقد والجنحة وشبه الجنحة والقانون . وقد وجه إلى هذا التقسيم نقد شديد ، وانتهى الأمر أخيرا إلى تركه ، والواقع أن أحدث التقنينات ، ولا سيما ما كان منها جرماني النزعة ، لا يورد في النصوص تقسيماً للمصادر . بل إن المشروع الفرنسي الإيطالي ذاته ، على شدة تأثره بالنزعة اللاتينية ، انتهى إلى الإعراض عن كل تقسيم فقهي ونعى على التقسيم الذي اتبعه التقنين الفرنسي قصوره وفساده ومجانبته للمعقول . وقد برر واضعوا المشروع الفرنسي الإيطالي إعراضهم عن كل تقسيم ، ونبذهم للأحكام الحالية الواردة في المادة 1370 من التقنين المدني الفرنسي والمادة 1097 من التقنين المدني الإيطالي " بأن التقسيم الذي اتبعه هذان النصان أليق بأغراض التعليم منه بأغراض النصوص التشريعية ". واستطرد التقرير الخاص بالمشروع المتقدم ذكره قائلاً : " والخلاصة أن الفقه بوسعه أن يجري على التقسيم التقليدي ، أو أن يحل محله تقسيماً أكثر اتفاقاً مع المعقول . والنتيجة أن إسقاط التقسيم من المشروع قد أزال من النصوص عقبة تحول دون حرية اجتهاد الفقه في الإبداء والتصوير ".

وقد رؤي من الأنسب اقتفاء اثر المشروع الإيطالي الفرنسي وتقنينات حديثة أخرى ، فلم يقتصر  الأمر على الإعراض عن التقسيم البالي الذي اتبعه التقنين الفرنسي العتيق ، بل جاوز ذلك إلى العدول عن إقرار أي تقسيم رسمي في النصوص ، وعلى هذا النحو ، قنع المشروع بعرض مصادر الالتزام المختلفة ، دون أن يجهد في ردها إلى أقسام جامعة شاملة في نص خاص ، فعمد ، نسجا على منوال احدث التقنينات ، إلى البدء بأحكام العقد والإرادة المنفردة ، ثم تناول العمل غير المشروع والإثراء بلا سبب ، وانتهى بالالتزامات التي تنشأ مباشرة عن نص القانون .

(2) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 2 ص 3 

السبت، 30 ديسمبر 2023

الطعن 11698 لسنة 76 ق جلسة 6 / 3 / 2018

برئاسة السيد المستشار / جرجس عدلى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ معتز أحمد مبروك ، محمد منصور حازم شوقى و منصور الفخرانى " نواب رئيس المحكمة "

بحضور السيد رئيس النيابة / محمد سيف النصر .

والسيد أمين السر / ماجد عريان .

------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر / حازم شوقى " نائب رئيس المحكمة " والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعنين وباقى المطعون ضدهم الدعوى التي أقيمت برقم 1302 لسنة 2000 محكمة المحلة الكبرى الابتدائية بطلبات ختامية هي الحكم بإعادة الطريق المبين بالصحيفة الى ما كان عليه قبل الهدم وجعله بطول مائة متر وبعرض ثلاثة أمتار وتمكينه من المرور منه لأطيانه لعدم وجود طريق أخر . ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت بإعادة الطريق الى ما كان عليه قبل الهدم بحكم استأنفه الطاعنان والمطعون ضدهم متن الخامس الى العاشرة بالاستئناف رقم 1816 لسنة 52 ق طنطا . ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره قضت بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه . عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم قيد صحيفتها بالسجل العينى على أنها أقيمت بطلب إعادة الطريق الى ما كان عليه حال أن الطريق محل النزاع لم يثبت وجود ما بخرائط المساحية أو على الطبيعة فتكون حقيقة طلبات المطعون ضده الأول هي تقرير حق ارتفاق بالمرور من أرضهما وباقى المطعون ضدهم وهو حق عينى عقارى مما كان يتعين معه الطلبات فيها إجراء التغيير في بيانات السجل العينى والتأشير بمضمونها والسجل عملاً بنص المادة 32 من القانون رقم 142 لسنة 1964 بنظام السجل العينى وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى في محله ، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفاد النص في الفقرة الأولى من المادة 1015 من القانون المدنى على أن الارتفاق حق يحد من منفعة عقار لفائدة عقار غيره أن حق الارتفاق حق عينى عقارى وهو تابع للعقار المرتفق به وينتقل معه إلى أى يد ينتقل إليها العقار ، وأن النص فى المادة 32 من القانون رقم 142 لسنة 1964 بنظام السجل العينى على أن " الدعاوى المتعلقة بحق عينى عقارى أو بصحة أو نفاذ تصرف من التصرفات الواجب قيدها يجب أن تتضمن الطلبات فيها إجراء التغيير في بيانات السجل العينى ولا تقبل الدعوى إلا بعد تقديم شهادة دالة على حصول التأشير في السجل غضون هذه الطلبات " يدل على أن المشرع فرض على المدعى في الدعاوى المشار إليها بهذه المادة بالنسبة للجهات التي يسرى عليها نظام السجل العينى اتخاذ إجراء معين هو تضمين الطلبات الواردة في الدعوى طلباً إضافياً هو إجراء التغيير في بيانات السجل العينى والتأشير في السجل العينى بمضمون تلك الطلبات وتقديم شهادة تدل على حصول التأشير بمضمون الطلبات على أوجه المتقدم . ومن المقرر أن العبرة في تكييف الطلبات في الدعوى ليس بمعرفة عباراتها أو الألفاظ التي تصاغ بها هذه الطلبات وإنما بحقيقة المقصود بما عناه المدعى فيها أخذاً في الاعتبار ما يطرحه واقعاً مبرراً لها وأن محكمة الموضوع تكييف الدعوى بما تتنبه من وقائعها في حدود طلبات الخصوم وسببها لتنزل عليها وضعها الصحيح في القانون غير مقيدة في ذلك إلا بالوقائع والطلبات المطروحة عليها لا يقيدها في ذلك تكييف الخصوم للدعوى ولا يمنعها من فهم الواقع فيها على حقيقته ثم تنزل عليها التكييف القانوني الصحيح . لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق وتقرير الخبير أن الطريق محل النزاع لا وجود له بالخرائط المساحية ولا على الطبيعة ومن ثم تكون حقيقة طلبات المطعون ضده الأول هي تقرير حق أرتفاق بالمرور لأطيانه على الأراضى المملوكة للطاعنين وباقى المطعون ضدهم وكانت قرية أبوصير نبا مركز سمنود محافظة الغربية الكائن بها الطريق محل النزاع وخضعت لنظام السجل العينى بقرار وزير العدل رقم 2377 لسنة 1991 وسرى عليها إعتباراً من 1 / 11 / 1996 طعناً لكتاب الإدارة العامة للسجل العينى بمصلحة الشهر العقارى وقبل رفع الدعوى بتاريخ 15 / 2 / 2000 ولم يضمن المطعون ضده الأول طلباته إجراء التغيير في بيانات السجل العينى وخلت الأوراق مما يفيد تقديمه شهادة من السجل العينى بمضمون ذلك فإن الدعوى تكون غير مقبولة وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم قيدها بالسجل العينى على أن الطلبات هي إعادة الطريق أي ما كان عليه ولا تعد بطلب تقرير حق عينى بالارتفاق وتأييد الحكم المستأنف فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن .
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم .
لذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وألزمت المطعون ضده الأول المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة وحكمت في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى وألزمت المستأنف ضده الأول بالمصروفات عن درجتى التقاضى ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

الطعن 1572 لسنة 77 ق جلسة 6 / 6 / 2015

برئاسة السيد المستشار /عبدالله لبيب خلف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/محمود محمد العيسوى ، زكريا إسماعيل على د/أحمد مصطفى الوكيل ، " نواب رئيس المحكمة " و محمد أمين عبد النبى

وبحضور السيد رئيس النيابة / عبد الرحيم ثابت أمين .

وأمين السر السيد / محمد نصر كامل .

-------------

" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر / محمد أمين عبد النبى ، والمرافعة ، وبعد المداولة .
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 1801 لسنة 2001 مدنى محكمة سوهاج الابتدائية على الطاعنين وباقى المطعون ضدهم بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يؤدوا له مبلغ مائة جنيه قيمة الريع عن مساحة قيراط وثمانية عشر سهماً والتسليم وتقرير حق مرور له ، وقال بياناً لذلك إنه يمتلك قطعة الأرض الزراعية المبينة بالصحيفة وإذ وضع الطاعنان وباقى المطعون ضدهم يدهم على المساحة المذكورة من ملكه دون سند قانونى فأصبحت ملكيته محتبسة عن الطريق العام فقد أقام الدعوى ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن أودع تقريره حكمت برفض طلب الريع والتسليم وقبل الفصل فى طلب تقرير حق المرور بإعادة ندب خبير فى الدعوى وبعد أن أودع تقريره وجه الطاعن الأول والمطعون ضدهم من الثانى إلى الخامس دعوى فرعية بطلب الحكم بإلزام المطعون ضده الأول بأن يؤدى لهم مبلغ خمسين ألف جنيه تعويضاً عن تقرير حق المرور أعادت المحكمة ندب خبير فى الدعوى وبعد أن أودع تقريره حكمت فى الدعوى الأصلية بتقرير حق المرور للمطعون ضده الأول وفى الدعوى الفرعية بإلزام المطعون ضده الأول بأداء تعويض قدره ألفى جنيه ، استأنف الطاعن الأول والمطعون ضدهم من الثانى وحتى الخامس هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط مأمورية سوهاج بالاستئناف رقم 876 لسنة 81 ق ، كما استأنفه المطعون ضده الأول لدى ذات المحكمة بالاستئناف رقم 894 لسنة 81 ق ، ضمت المحكمة الاستئنافين وبتاريخ 26 / 11 / 2006 قضت بتأييد الحكم المستأنف ، طعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض ، وأودعت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذى صفة بالنسبة للطاعن الثانى وأبدت الرأى فى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للطاعن الثانى أنه لم يستأنف الحكم الابتدائى ومن ثم فإن هذا الحكم يكون قد حاز قوة الأمر المقضى فى حقه ولا يكون له حق فى الطعن عليه بالنقض .
وحيث إن هذا الدفع فى غير محله ذلك أنه لما كانت المادة 248 من قانون المرافعات إذ نصت على أن " للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض فى الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف فى الأحوال الأتية : 1.... 2 ..... " قد قصدت وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة أنه يجوز الطعن من كل من كان طرفاً فى الخصومة حتى صدور الحكم ضده سواء كان مستأنفاً أو مستأنفاً عليه خصماً أصلياً أو ضامناً لخصم أصلى أو مدخلاً فى الدعوى أو متدخلاً فيها للاختصام أو الانضمام لأحد طرفى الخصومة فيها ، وكان الطاعن الثانى قد أدخل فى الدعوى الأصلية للقضاء عليه مع الطاعن الأول والمطعون ضدهم من الثانى وحتى الأخير بالطلبات الواردة فيها وهى إلزامهم بالريع والتسليم وتقرير حق المرور للمطعون ضده الأول وكان الحكم الابتدائى قد حكم بتقرير حق المرور فأستأنفه المطعون ضده الأول واختصم الطاعن الثانى فى استئنافه فإنه يكون خصماً أصلياً فى الحكم الاستئنافى المطعون فيه ولا يغير من ذلك ألا يكون قد استأنف الحكم الابتدائى أو لم توجه إليه بالذات طلبات معينة أو حتى ولو لم يحضر لإبداء دفاعه فى الاستئناف ما دام ماثلاً فى النزاع أمام المحكمة الاستئنافية ولم يتخل عن منازعته مع خصمه المطعون ضده الأول حتى صدور الحكم المطعون فيه لمصلحه هذا الأخير ضده ومن ثم يكون الطعن منه جائزاً ويكون هذا الدفع على غير أساس .
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفه القانون ، وفى بيان ذلك يقولان إن الطلبات الختامية فى الدعوى الأصلية تضمنت تقرير حق مرور للمطعون ضده الأول وهو حق عينى عقارى مما كان يتعين معه لقبول الدعوى تضمين الطلبات فيها إجراء التغيير فى بيانات السجل العينى والتأشير بمضمونها فى السجل وتقديم الشهادة الدالة على حصول هذا التأشير وهو أمر يتعلق بالنظام العام ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى في محله ، ذلك أن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن مفاد النص فى الفقرة الأولى من المادة 1015 من القانون المدنى على أن الارتفاق حق يحد من منفعة عقار لفائدة عقار غيره أن حق الارتفاق حق عينى عقارى وهو تابع للعقار المرتفق به وينتقل معه إلى أى يد ينتقل إليها العقار ، وأن مفاد نص المادة 253 من قانون المرافعات أنه يجوز للخصوم كما هو الشأن بالنسبة للنيابة العامة ولمحكمة النقض إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو فى صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التى سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم ، وأن النص فى المادة 32 من القانون رقم 142 لسنة 1964 بنظام السجل العينى على أن " الدعاوى المتعلقة بحق عينى عقارى أو بصحة أو نفاذ تصرف من التصرفات الواجب قيدها يجب أن تتضمن الطلبات فيها إجراء التغيير فى بيانات السجل العينى ولا تقبل الدعوى إلا بعد تقديم شهادة دالة على حصول التأشير فى السجل بمضمون هذه الطلبات " يدل على أن المشرع فرض على المدعى فى الدعاوى المشار إليها بهذه المادة بالنسبة للجهات التى يسرى عليها نظام السجل العينى اتخاذ إجراء معين هو تضمين الطلبات الواردة فى الدعوى طلباً إضافياً هو إجراء التغيير فى بيانات السجل العينى والتأشير في السجل العينى بمضمون تلك الطلبات وتقديم شهادة تدل على حصول التأشير بمضمون الطلبات على الوجه المتقدم . لما كان ذلك ، وكان البين من الأوراق أن طلبات المطعون ضده الأول فى الدعوى الأصلية قد تضمنت طلب تقرير حق ارتفاق بالمرور لأطيانه المحتبسة على أرض النزاع وكانت قرية شندويل الكائن بها هذه الأطيان قد خضعت لأحكام قانون السجل العينى بقرار وزير العدل رقم 2011 لسنة 1984 والذى بدء سريانه بتاريخ 1 / 6 / 1998 قبل رفع الدعوى ولم يضمن المطعون ضده الأول طلباته إجراء التغيير فى بيانات السجل العينى وخلت الأوراق مما يفيد تقديمه شهادة من السجل بمضمون ذلك وهو إجراء متعلق بالنظام العام فإن الدعوى بشأن هذا الطلب تكون غير مقبولة وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بتأييد الحكم المستأنف فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن .
وحيث إنه لما كان من المقرر أنه إذا كان الحكم المطعون فيه متعدد الأجزاء فنقضه فى أحد أجزائه يترتب عليه نقض كل ما تأسس على هذا الجزء من الأجزاء الأخرى ما طعن عليه وما لم يطعن ، وكانت المحكمة قد خلصت إلى نقض الحكم المطعون فيه فيما يتعلق بطلب المطعون ضده الأول تقرير حق ارتفاق بالمرور لأطيانه المحتبسة وعدم قبول الدعوى بشأنه فإن من شأن ذلك نقضه بالتبعية فيما تطرق إليه من إلزام المطعون ضده المذكور بالتعويض باعتبار أن ذلك تأسس على الجزء المنقوض من الحكم وذلك عملاً بالمادة 271 / 2 من قانون المرافعات .
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم فإنه يتعين القضاء بإلغاء الحكم المستأنف وعدم قبول الدعوى .
لذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وألزمت المطعون ضده الأول المصروفات ومائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة ، وحكمت فى موضوع الاستئنافين 876 ، 894 بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى وألزمت المستأنف عليهم فى كل منهما المصاريف عن درجتى التقاضى ومائة وخمسة وسبعين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة .