الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 26 فبراير 2019

الطعن 3306 لسنة 61 ق جلسة 9 / 2 / 1993 مكتب فني 44 ق 20 ص 173


جلسة 9 من فبراير سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ حسن غلاب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم نائب رئيس المحكمة وحسن أبو المعالي أبو النصر ومصطفى عبد المجيد وعبد الرحمن أبو سليمة.
---------
(20)

الطعن رقم 3306 لسنة 61 القضائية

(1) رشوة. جريمة "أركانها". موظفون عموميون. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".

كفاية أن يكون للموظف المرشو علاقة بالعمل المتصل بالرشوة أو أن يكون له فيه نصيب من الاختصاص يسمح له بتنفيذ الغرض من الرشوة
بيان الحكم لهذه العناصر. انحسار عيوب التسبيب عنه.
 (2)إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بالرد على أوجه الدفاع الموضوعية. استفادة الرد عليه دلالة من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(3) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". استدلالات.
تقدير جدية التحريات اللازمة لإصدار إذن التفتيش. أمر متروك لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع. مصادرة المحكمة في عقيدتها أو مجادلتها فيما انتهت إليه. غير جائز
 (4)دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام الحكم بالرد على دفاع يتصل بدليل لم يأخذ به
 (5)إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال أحدهم. لا يعيبه. ما دامت أقوالهم متفقة مع ما أستند إليه الحكم منها.
 (6)إثبات "بوجه عام". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
خطأ الحكم في الإسناد. لا يعيبه. ما دام لم يتناول ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
 (7)إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
إسناد الحكم أقوال شاهد إلى آخر. من قبيل الخطأ المادي. لا يؤثر فيه ولا يعيبه.
(8) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". استدلالات.
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
إطراح الحكم للدليل المستمد من التسجيلات فحسب وليس لعدم جدية التحريات. لا تناقض.
(9) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير أقوال الشهود وصلتها بالتسجيلات المدعي ببطلانها. موضوعي.
 (10)مصادرة. عقوبة "عقوبة تكميلية". رشوة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
المصادرة في حكم المادة 30/ 2 عقوبات. ماهيتها؟.
الغرض من إجراء المصادرة؟.
المصادرة عقوبة تكميلية في الجنايات والجنح. إلا إذا نص القانون على غير ذلك.
المقصود بالآلات التي استعملت في الجريمة؟.
عقوبة المصادرة المقررة بالمادة 110 عقوبات. نطاقها؟.
مصادرة السيارة التي لم يثبت استخدامها في ارتكاب الجريمة. خطأ في تطبيق القانون.
 (11)نقض "المصلحة في الطعن". رشوة.
لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم باستبعاد الملف الضريبي ومبلغ الرشوة من المصادرة.

---------

1 -  من المقرر إنه لا يلزم في جريمة الرشوة أن يكون الموظف المرشو أو الذي عرضت عليه الرشوة هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتصل بالرشوة بل يكفي أن يكون له علاقة به أو أن يكون له فيه نصيب من الاختصاص يسمح أيهما له بتنفيذ الغرض من الرشوة وكان الثابت مما أورده الحكم المطعون فيه وعلى ما سلف بيانه - أن عمل الطاعن مأمور ضرائب مختص بفحص الملف الضريبي للممول...... ومحاسبته ضريبياً لا يشاركه أحداً في هذا الاختصاص فإن مقتضى ذلك ولازمة أن له نصيب من الاختصاص بالعمل يسمح له بتنفيذ الغرض من الرشوة وكان ما أورده الحكم ينطوي على الرد على دفاع الطاعن القائم على عدم اختصاصه بالعمل الذي من أجله طلب الرشوة ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يكون سديداً
2 - لما كانت المحكمة قد استخلصت من الأدلة السائغة التي أوردتها أن المبلغ الذي طلبه الطاعن من المبلغ كان على سبيل الرشوة للإخلال بواجبات وظيفته ولم يكن لسداده من الضرائب المستحقة على المبلغ فإن الحكم لم يكن بحاجة إلى أن يرد استقلالاً على هذا الدفاع لأنه لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بمتابعة المتهم في مناحيها المختلفة طالما أن الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم
3 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات متروكاً لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى أقرتها عليه فلا يجدي المتهم نعيه أن إذن التفتيش صدر بناء على تحريات غير جدية مما لا يجوز معه مصادرة المحكمة في عقيدتها أو محاولتها فيما انتهت إليه.
4 - لما كان الحكم قد أطرح التسجيلات ولم يأخذ بالدليل المستمد منها وبني قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها فقد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على أي دفاع يتصل بهذه التسجيلات.
5 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
6 - من المقرر أن خطأ الحكم في الإسناد لا يعيبه ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
7 - لما كان الحكم إذ حصل أقوال الشاهد....... وأسندها إلى الشاهد...... فإنه لا يعدو من قبيل الخطأ المادي يؤكد ذلك أن الحكم وهو يعدد أدلته على قيام الجريمة التي دان الطاعن بها ذكر الشاهد...... قبل الشاهد....... وفى معرض إيراده مؤدى هذين الدليلين حصل أقوال الشاهد الأول منهما وأسندها خطأ إلى الثاني ثم حصل أقوال الشاهد الثاني كما هي قائمة في الأوراق وإذ كان الطاعن لا يدعي خلاف فإن هذا الخطأ لا يؤثر في الحكم ولا يعيبه ولا يقدح في صحته.
8 - من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة لما كان ذلك، وكان الحكم قد أطرح التسجيلات ولم يأخذ بالدليل المستمد منها فحسب وليس لعدم جدية التحريات كما ذهب إلى ذلك الطاعن ومن ثم فإن دعوى التناقض لا يكون لها محل
9 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أخذ بأقوال الشاهدين...... و..... باعتبارها دليلاً مستقلاً عن التسجيلات التي أطرحها الحكم ولم يعول عليها في قضائه وكان تقدير هذه الأقوال وتحديد مدى صلتها بالتسجيلات هو من شئون محكمة الموضوع تقدره حسبما ينكشف لها من ظروف الدعوى بحيث إذا قدرت أن هذه الأقوال تمت منهم غير متأثرة بالتسجيلات المدعي ببطلانها - جاز لها الأخذ بها
10 - لما كانت الفقرة الثانية من المادة 30 من قانون العقوبات قد نصت على أنه يجوز للقاضي إذا حكم بعقوبة جناية أن جنحة أن يحكم بمصادرة الأشياء المضبوطة التي تحصلت من الجريمة وكذلك الآلات المضبوطة التي استعملت أو التي من شأنها أن تستعمل فيها وكان من المقرر أن المصادرة إجراء الغرض منه تمليك الدولة أشياء مضبوطة ذات صلة بجريمة قهراً عن صاحبها وبغير مقابل وهى عقوبة اختيارية تكميلية في الجنايات والجنح إلا إذا نص القانون على غير ذلك وكان المقصود بالآلات التي استعملت في الجريمة كل أداة استخدمها الجاني ليزيد من إمكانياته لتنفيذها أو لتخطى عقبة تعترض تنفيذها وكانت المادة 110 من قانون العقوبات الواردة في باب الرشوة لا توجب سوى القضاء بمصادرة ما يدفعه الراشي أو الوسيط على سبيل الرشوة وإذ كان الثابت أن السيارة المضبوطة لم تستخدم في الجريمة التي دين بها الطاعن فإن الحكم إذ قضى بمصادرة هذه السيارة يكون قد جانب التطبيق القانوني الصحيح ويتعين تصحيحه بإلغاء ما قضى به من مصادرة السيارة المضبوطة.
11 - لما كانت المحكمة قد استبعدت من نطاق المصادرة الملف الضريبي للممول ومبلغ الرشوة فإن منعى الطاعن في هذا الشأن فضلاً عن انعدام مصلحته فيه يكون وارداً على غير محل.



الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: بصفته موظفاً عمومياً (مأمور ضرائب) طلب وأخذ لنفسه رشوة للإخلال بواجبات وظيفته بأن طلب من....... مبلغ خمسة عشر ألف جنيه على سبيل الرشوة مقابل تخفيض تقدير قيمة الضرائب المستحقة عليه بإثبات وقف نشاط بعض معاملاته التجارية على خلاف الحقيقة وتمكينه بهذه الوسيلة من استرداد شيك بمبلغ خمسين ألف جنيه سبق له تقديمه لمأمورية ضرائب مصر الجديدة وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات أمن الدولة العليا بالقاهرة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 103، 104 من قانون العقوبات والمادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وبتغريمه خمسة آلاف جنيه والعزل من وظيفته ومصادرة المضبوطات. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ....... إلخ.


المحكمة
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الرشوة قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على خطأ في تطبيق القانون وفى الإسناد، ذلك أن الطاعن دفع تهمة الرشوة بأن العمل الذي قيل بدفع مبلغ الرشوة من أجله لا يدخل في اختصاصه ولا هو زعم باختصاصه به لأن عمله قاصر على حصر نشاط الممول وتقدير أرباحه التي تتخذ وعاءً للضريبة وأن الاتفاق بينه وبين المبلغ كان يقضي بسداد المبلغ محل الاتفاق كجزء من الضريبة المستحقة على الأخير وليس على سبيل الرشوة كما دفع ببطلان إذن التفتيش لعدم وجود تحريات جدية سابقة على صدوره وببطلان التسجيلات التلفزيونية لأنها غير مأذون بها من النيابة العامة وأيضاً لبطلان التسجيلات الصوتية لحصولها بمعرفة المبلغ وهو ليس من مأموري الضبط القضائي إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لبعض هذه الأوجه من الدفاع ورد على البعض الآخر منها رداً قاصراً لا يتفق وصحيح القانون وأحال الحكم في تحصيله لشهادة الشاهد...... إلى أقوال الشاهد....... على الرغم من الخلاف الجوهري بين الشهادتين حول كيفية ضبط مبلغ الرشوة وتناقض الحكم إذ رفض الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات اطمئناناً إلى جديتها في حين أنه أهدر الدليل المستمد من التسجيلات لعدم جدية هذه التحريات وأعتمد الحكم على أقوال الشاهدين...... و...... اللذين قاما بإجراء التسجيلات وإذ كان الحكم لم يعول على هذه التسجيلات مما مؤداه التسليم ببطلانها مما كان يجوز للمحكمة أن تعتمد على أقوال الشاهدين المنسوب إليهما العمل الباطل هذا إلى أن الحكم خالف في تحصيله لمؤدى بعض الأدلة التي ساقها ما هو ثابت بالأوراق وأخيراً فإن الحكم قضى بمصادرة المضبوطات وهى سيارة الطاعن ومبلغ الرشوة المملوك للمبلغ وملف الضرائب مع إنها لا علاقة لها بموضوع الجريمة ولا يجوز الحكم بمصادرتها مما يعيبه ويستوجب نقضه

وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الرشوة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه ما ينتجه من وجود الأدلة ثم عرض الحكم إلى ما دفع به الطاعن من تخلف ركن الاختصاص ورد عليه بقوله "وحيث إنه عن الدفع بعدم توافر جريمة الرشوة لتخلف ركن الاختصاص فإن الثابت من شهادة....... مدير عام ضرائب مصر الجديدة وهو الرئيس المباشر للمتهم فإنه قرر باختصاص المتهم بفحص الملف الضريبي للممول....... وأنه المختص وحده بفحص هذا النشاط....... كما أنه انتقل لصالة مزادات الممول بمصر الجديدة مرات عديدة وقام بمعاينة وفحص موجوداتها وأنه اصطحب الممول إلى مأمورية ضرائب مصر الجديدة عند تقديمه الشيك بمبلغ خمسون ألف جنية تحت حساب الضرائب المستحقة عليه". لما كان ذلك وكان من المقرر أنه لا يلزم في جريمة الرشوة أن يكون الموظف المرشو أو الذي عرضت عليه الرشوة هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتصل بالرشوة بل يكفى أن يكون له علاقة به أو أن يكون له فيه نصيب من الاختصاص يسمح أيهما له بتنفيذ الغرض من الرشوة وكان الثابت مما أورده الحكم المطعون فيه وعلى ما سلف بيانه - أن عمل الطاعن مأمور ضرائب مختص بفحص الملف الضريبي للممول...... ومحاسبته ضريبياً لا يشاركه أحداً في هذا الاختصاص فإن مقتضي ذلك ولازمه أن له نصيب من الاختصاص بالعمل يسمح له بتنفيذ الغرض من الرشوة وكان ما أورده الحكم ينطوي على الرد على دفاع الطاعن القائم على عدم اختصاصه بالعمل الذي من أجله طلب الرشوة ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يكون سديداً. لما كان ذلك وكانت المحكمة قد استخلصت من الأدلة السائغة التي أوردتها أن المبلغ الذي طلبه الطاعن من المبلغ كان على سبيل الرشوة للإخلال بواجبات وظيفته ولم يكن لسداده من الضرائب المستحقة على المبلغ فإن الحكم لم يكن بحاجة إلى أن يرد استقلالاً على هذا الدفاع لأنه لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بمتابعة المتهم في مناحيها المختلفة طالما أن الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم. لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض لما دفع به المدافع عن الطاعن من بطلان إذن النيابة العامة بالتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية فأطرحه مقراً النيابة على ما ارتأته من جديتها وصلاحيتها لإصدار هذا الأذن وكان تقدير جدية التحريات متروكاً لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى أقرتها عليه فلا يجدي المتهم نعيه أن إذن التفتيش صدر بناء على تحريات غير جدية مما لا يجوز معه مصادرة المحكمة في عقيدتها أو مجادلتها فيما انتهت إليه. لما كان ذلك وكان الحكم قد أطرح التسجيلات ولم يأخذ بالدليل المستمد منها وبني قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها فقد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على أي دفاع يتصل بهذه التسجيلات لما كان ذلك وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها وكان البين من مطالعة المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن ما نقله الحكم من أقوال الشاهدين.... و... له أصله الثابت من الأوراق ولم يخرج الحكم عن مدلول شهادتهما وإنها يتفق مع ما أستند إليه الحكم منها فلا ضير على الحكم من بعد إحالته في بيان أقوال الشاهد....... إلى ما أورده من أقوال الشاهد....... وأما ما ينعاه الطاعن من دعوى خطأ الحكم الإسناد في تحصيله لمؤدى بعض الأدلة منها ما نسبه إلى رئيس مأمورية الضرائب بخصوص انفراد الطاعن بالاختصاص بمحاسبته الممول (المبلغ) وعدم اتخاذه أي إجراء في الإقرارات الضريبية الخاصة به وما أسنده إلى المبلغ بشأن حقيقة المبلغ المطالب به وما إذ كان يمثل قيمة الضريبة أن يمثل قيمة الربح الذي تقرر الضريبة على أساسه وما نقله من محضر التحريات بشأن تاريخ اتصال الطاعن به فمردود مما هو ثابت - بالمفردات المضمومة من أن ما أورده الحكم في مدوناته في هذا الخصوص له معينه الصحيح من الأوراق ومن ثم فإنه ينحسر عنه قاله الخطأ في الإسناد هذا فضلاً من أنه بفرض قيام هذا الخطأ فإنه لا يعيبه لما هو مقرر من أن خطأ الحكم في الإسناد لا يعيبه ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة ولما كان هذا الخطأ على فرض وجوده لم يكن له أثر في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون في غير محله أما بالنسبة لخطأ الحكم إذ حصل أقوال الشاهد...... وأسندها إلى الشاهد....... - فإنه لا يعدو من قبيل الخطأ المادي يؤكد ذلك أن الحكم وهو يعدد أدلته على قيام الجريمة التي دان الطاعن بها ذكر الشاهد...... قبل الشاهد...... وفى معرض إيراده مؤدي هذين الدليلين حصل أقوال الشاهد الأول منهما وأسندها خطأ إلى الثاني ثم حصل أقوال الشاهد الثاني كما هي قائمة في الأوراق وإذ كان الطاعن لا يدعي خلاف ذلك فإن هذا الخطأ لا يؤثر في الحكم ولا يعيبه ولا يقدح في صحته. لما كان ذلك وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة لما كان ذلك، وكان الحكم قد أطرح التسجيلات ولم يأخذ بالدليل المستمد منها فحسب وليس لعدم جدية التحريات كما ذهب إلى ذلك الطاعن ومن ثم فإن دعوى التناقض لا يكون لها محل لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بأقوال الشاهدين.... و..... باعتبارها دليلاً مستقلاً عن التسجيلات التي أطرحها الحكم ولم يعول عليها في قضائه وكان تقدير هذه الأقوال وتحديد مدى صلتها بالتسجيلات هو من شئون محكمة الموضوع تقدره حسبما ينكشف لها من ظروف الدعوى بحيث إذا قدرت بأن هذه الأقوال تمت منهم غير متأثرة بالتسجيلات المدعي ببطلانها كما هو الشأن في الدعوى المطروحة جاز لها الأخذ بها لما كان ذلك وكانت الفقرة الثانية من المادة 30 من قانون العقوبات قد نصت على أنه يجوز للقاضي إذا حكم بعقوبة جناية أن جنحة أن يحكم بمصادرة الأشياء المضبوطة التي تحصلت من الجريمة وكذلك الآلات المضبوطة التي استعملت أو التي من شأنها أن تستعمل فيها وكان من المقرر أن المصادرة إجراء الغرض منه تمليك الدولة أشياء مضبوطة ذات صلة بجريمة قهراً عن صاحبها وبغير مقابل وهى عقوبة اختيارية تكميلية في الجنايات والجنح إلا إذا نص القانون على غير ذلك وكان المقصود بالآلات التي استعملت في الجريمة كل أداة استخدمها الجاني ليزيد من إمكانياته لتنفيذها أو لتخطي عقبة تعترض تنفيذها وكانت المادة 110 من قانون العقوبات الواردة في باب الرشوة لا توجب سوى القضاء بمصادرة ما يدفعه الراشي أو الوسيط على سبيل الرشوة وإذ كان الثابت أن السيارة المضبوطة لم تستخدم في الجريمة التي دين بها الطاعن فإن الحكم إذ قضى بمصادرة هذه السيارة يكون قد جانب التطبيق القانوني الصحيح ويتعين تصحيحه بإلغاء ما قضى به من مصادرة السيارة المضبوطة لما كان ذلك وكانت المحكمة قد استبعدت من نطاق المصادرة الملف الضريبي للممول ومبلغ الرشوة فإن منعى الطاعن في هذا الشأن فضلاً عن انعدام مصلحته فيه يكون وارداً على غير محل.

الطعن 8564 لسنة 61 ق جلسة 2 / 2 / 1993 مكتب فني 44 ق 18 ص 163


جلسة 2 من فبراير سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فتحي خليفه وجابر عبد التواب وأمين عبد العليم نواب رئيس المحكمة ومحمد شعبان.
-------------
(18)
الطعن رقم 8564 لسنة 61 القضائية

 (1)نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. ميعاده".
التقرير بالطعن. دون إيداع الأسباب. أثره. عدم قبول الطعن شكلاً
(2) مواد مخدرة. قانون "تفسيره". عقوبة "تطبيقها". ظروف مخففة. نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
العقوبة المقررة لإحراز المخدر بغير قصد من القصود. هي الأشغال الشاقة المؤقتة والغرامة من خمسين ألف جنيه إلى مائتي ألف جنيه. المادة 38 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل.
المادة 17 عقوبات، 36 من القانون 182 لسنة 1960 تجيزان إبدال عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة بالسجن الذي لا يجوز أن تقل مدته عن ست سنوات بالإضافة إلى عقوبة الغرامة. أساس ذلك؟
إغفال الحكم لعقوبة الغرامة المنصوص عليها في المادة 38 بالإضافة إلى عقوبة السجن والمصادرة المقضي بها. خطأ في القانون. وجوب النقض الجزئي والتصحيح. علة ذلك؟.

-------------
1 - لما كان المحكوم عليه وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه ومن ثم يتعين عدم قبول طعنه شكلاً
2 - لما كانت العقوبة المقررة لجريمة إحراز المخدر بغير قصد من القصود طبقاً لما تنص عليه الفقرة الأولى من المادة 38 سالفة البيان هي الأشغال الشاقة المؤقتة وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائتي ألف جنيه وكان مقتضى تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات والمادة 36 من القانون رقم 182 لسنة 1960 آنف الذكر جواز تعديل عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة بالسجن الذي لا يجوز أن تقل مدته عن ست سنوات بالإضافة إلى عقوبة الغرامة التي يجب الحكم بها، لما هو مقرر من أن تلكما المادتين إنما تجيزان بتبديل العقوبات المقيدة للحرية وحدها بعقوبة مقيدة للحرية أخف منها إذا اقتضت الأحوال رأفة القضاة. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بعقوبة الغرامة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 38 سالفة الذكر بالإضافة إلى عقوبة السجن والمصادرة المقضى بهما يكون قد خالف القانون مما يتعين معه نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه وفقاً للقانون، ما دام تصحيح الخطأ لا يقتضي التعرض لموضوع الدعوى.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وأحالته إلى محكمة جنايات شبين الكوم لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/ 1، 2، 38/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 60 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 89 والبند رقم 57 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق. "مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات" بمعاقبته بالسجن لمدة ست سنوات ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن إحراز المخدر كان مجرداً من القصود.
فطعن المحكوم عليه والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ.


المحكمة
من حيث إن المحكوم عليه وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه ومن ثم يتعين عدم قبول طعنه شكلاً.
ومن حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجريمة إحراز مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد أخطأ في تطبيق القانون، إذ لم يقض بعقوبة الغرامة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد أدلة ثبوتها في حق المطعون ضده انتهى إلى عقابه طبقاً للمواد 1/ 1، 2، 38/ 1، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 57 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق ثم أوقع عليه عقوبة السجن لمدة ست سنوات وبمصادرة المخدر المضبوط بالتطبيق للمادة 17 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكانت العقوبة المقررة لجريمة إحراز المخدر بغير قصد من القصود طبقاً لما تنص عليه الفقرة الأولى من المادة 38 سالفة البيان هي الأشغال الشاقة المؤقتة وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائتي ألف جنيه وكان مقتضى تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات والمادة 36 من القانون رقم 182 لسنة 1960 آنف الذكر جواز تعديل عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة بالسجن الذي لا يجوز أن تقل مدته عن ست سنوات بالإضافة إلى عقوبة الغرامة التي يجب الحكم بها، لما هو مقرر من أن تلكماً المادتين إنما تجيزان بتبديل العقوبات المقيدة للحرية وحدها بعقوبة مقيدة للحرية أخف منها إذا اقتضت الأحوال رأفة القضاة. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بعقوبة الغرامة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 38 سالفة الذكر بالإضافة إلى عقوبة السجن والمصادرة المقضى بهما يكون قد خالف القانون مما يتعين معه نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه وفقاً للقانون، ما دام تصحيح الخطأ لا يقتضي التعرض لموضوع الدعوى.

الطعن 2352 لسنة 61 ق جلسة 1 / 2 / 1993 مكتب فني 44 ق 17 ص 160


جلسة الأول من فبراير سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد يحيى رشدان ومقبل شاكر ومصطفى كامل نواب رئيس المحكمة ومحمد عبد العزيز محمد.
------------
(17)
الطعن رقم 2352 لسنة 61 القضائية

مواد مخدرة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". 
مجرد حيازة المخدر مادياً، لا يتحقق بها توافر القصد الجنائي في جريمة إحرازه.
دفع المتهم بعدم علمه بوجود المخدر. على المحكمة أن تورد في حكمها بالإدانة ما يبرر توافر هذا العلم.
القصد الجنائي ركن في الجريمة. وجوب إثباته فعلياً لا افتراضياً

------------
من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر لا يتوافر بمجرد تحقق الحيازة المادية، بل يجب أن يقوم الدليل على علم الجاني بأن ما يحرزه هو من المواد المخدرة والمحظور إحرازها قانوناً، وإذ كان الطاعن قد دفع بأنه لا يعلم بوجود المخدر بالجوال المضبوط بالسيارة، فإنه كان يتعين على الحكم المطعون فيه أنه يورد ما يبرر اقتناعه بعلم الطاعن بوجود المخدر بالجوال، أما استناده إلى مجرد ضبط الجوال وبه المخدر أسفل مقعد القيادة بالسيارة التي كان يجوزها - دون أن يرد على دفاع الطاعن في هذا الشأن - فإن فيه إنشاء لقرينة قانونية مبناها افتراض العلم بالجوهر المخدر من واقع حيازته وهو مالا يمكن إقراره قانوناً ما دام أن القصد الجنائي من أركان الجريمة ويجب أن يكون ثبوته فعلياً لا افتراضياً.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر قضي ببراءته بأنه حاز ونقل بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناًً. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/ 1، 2/ 1، 34/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين 11 لسنة 1977، 122 لسنة 1989 والبند رقم 52 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمستبدل بالقانون الأخير والمادتين 40/ ثالثاً، 41/ 1 من قانون العقوبات بحبس المتهم "الطاعن" بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وبتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.

المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر - حشيش - بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، قد شابه قصور في التسبيب، ذلك أن دفاعه انبنى على أنه لا يعلم بوجود المخدر بالجوال المضبوط بالسيارة، ومع ذلك فقد أطرح الحكم هذا الدفاع دون أن يرد عليه مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إنه من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر لا يتوافر بمجرد تحقق الحيازة المادية، بل يجب أن يقوم الدليل على علم الجاني بأن ما يحرزه هو من المواد المخدرة والمحظور إحرازها قانوناً، وإذ كان الطاعن قد دفع بأنه لا يعلم بوجود المخدر بالجوال المضبوط بالسيارة، فإنه كان يتعين على الحكم المطعون فيه أن يورد ما يبرر اقتناعه بعلم الطاعن بوجود المخدر بالجوال، أما استناده إلى مجرد ضبط الجوال وبه المخدر أسفل مقعد القيادة بالسيارة التي كان يحوزها - دون أن يرد على دفاع الطاعن في هذا الشأن - فإن فيه إنشاء لقرينة قانونية مبناها افتراض العلم بالجوهر المخدر من واقع حيازته وهو ما لا يمكن إقراره قانوناً ما دام أن القصد الجنائي من أركان الجريمة ويجب أن يكون ثبوته فعلياً لا افتراضياً. لما كان ما تقدم، فإن منعى الطاعن يكون في محله، ويتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة دون حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.

الطعن 8637 لسنة 61 ق جلسة 19 / 1 / 1993 مكتب فني 44 ق 12 ص 115


جلسة 19 من يناير سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ حسن غلاب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود رضوان ورضوان عبد العليم ووفيق الدهشان نواب رئيس المحكمة ومصطفى عبد المجيد.
-----------
(12)
الطعن رقم 8637 لسنة 61 القضائية

 (1)نقض "ميعاده". نيابة عامة. إعدام.
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام. دون التقيد بميعاد محدد. أساس ذلك؟.
 (2)إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. وإطراح ما يخالفها من صور. ما دام استخلاصها سائغاً.
(3) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على الحكم أخذه بتصوير معين للحادث وإطراحه تصويراً آخر. كفاية تدليل الحكم على التصوير الذي اقتنع به. رداً عليه.
 (4)إثبات "اعتراف". إكراه. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع في تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات. والأخذ باعتراف المتهم ولو عدل عنه.
(5) مسئولية جنائية. موانع العقاب "فقدان الشعور والاختيار. الغيبوبة الناشئة عن عقاقير مخدرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
شروط الغيبوبة المانعة من المسئولية؟
تقدير موانع المسئولية الناشئة عن فقدان الشعور. موضوعي.
 (6)إثبات "بوجه عام" "قرائن". قتل عمد. قصد جنائي. سبق إصرار. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالأمارات والمظاهر التي تنبئ عنه. استخلاص توافره. موضوعي
البحث في توافر سبق الإصرار. موضوعي
(7) جريمة "أركانها". حريق عمد. مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". 
كفاية وضع النار عمداً في الملابس الموجودة أمام الباب المؤدي للحجرة النوم. لقيام المسئولية الجنائية عن جريمة الحريق العمد
(8) قتل عمد. سرقة. اقتران. ارتباط. عقوبة "توقيعها". ظروف مشددة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
عقوبة المادة 234/ 2 عقوبات. يكفي لتطبيقها ثبوت استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما
توقيع العقوبة المنصوص عليها في المادة 234/ 3 عقوبات. شرطه؟
 (9)قتل عمد. إعدام. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". 
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟

-----------
1 - إن النيابة العامة عرضت القضية على محكمة النقض بمذكرة برأيها في الحكم بالنسبة للمحكوم عليه الأول عملاً بالمادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 وطلبت فيها إقراره فيما قضى به من إعدام المحكوم عليه الأول وإن كانت قد جاوزت في هذا العرض الميعاد المنصوص عليه في المادة 34 من هذا القانون إلا أن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن تجاوز هذا الميعاد لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة.
2 - من المقرر أنه من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق
3 - لما كان الحكم المعروض قد استخلص في تدليل سائغ ومنطق مقبول من وقائع الدعوى وأدلة الثبوت فيها أن المتهم اقترف الجرائم المسندة إليه فإن ما أثاره الدفاع بمحضر جلسة المحاكمة من أن زوج المجني عليها الأولى هو مرتكب الحادث عندما فاجأها متلبسة بجريمة الزنا مع المتهم الأول لا يعدو أن يكون دفاعاً في شأن تصوير وقوع الحادث مما يكفي في الرد عليه ما أوردته المحكمة تدليلاً على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها استقرت في وجدانها هذا إلى أن الحكم عرض لهذا الدفاع ورد عليه بما يفنده
4 - من المقرر أنه يجوز للمحكمة أن تأخذ باعتراف المتهم ولو عدل عنه فإن الحكم يكون قد برئ من أي شائبة في هذه الخصوص.
5 - الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية على مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هي التي تكون ناشئة من عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهراً عنه أو على غير علم بحقيقة تناولها بحيث تفقده الشعور والاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل وكان تقدير حالة المتهم وقت ارتكاب الجريمة فيما يتعلق يفقدان الشعور أو التمتع به والفصل في امتناع مسئوليته تأسيساً على وجوده في حالة سكر وقت الحادث أمر يتعلق بوقائع الدعوى يقدره قاضي الموضوع دون معقب عليه.
6 - من المقرر أن قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية كما أنه من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج.
7 - إن الثابت أن الحكم قد عرض لجريمة الحريق العمد الذي نشأ عنه وفاة شخص فدلل عليها تدليلاً سديداً إذ أثبت في حق المتهمين أنهما وضعا النار عمداً في الملابس الموجودة أمام الباب الخشبي المؤدي إلى حجرة النوم وكرسي الصالون الموجود بحجرة صالون الشقة وأتت النار على بعض محتوياتها ونتج عن ذلك وفاة الرضيع........ مختنقاً نتيجة استنشاقه غاز أول أكسيد الكربون كما أورى بذلك تقرير الصفة التشريحية
8 - يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما ولما كان شرط إنزال العقوبة المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من المادة 234 المذكورة هو أن يكون وقوع القتل لأحد المقاصد المبينة بها ومن بينها التأهب لفعل جنحة أو تسهيلها أو ارتكابها بالفعل.
9 - لما كان يبين من الاطلاع على الأوراق أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما يتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين بها المحكوم عليه بالإعدام وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها كما أن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً للقانون وصدر الحكم بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية وقد جاء الحكم سليماً من عيب مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون لها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعتها يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه طبقاً لما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات فإنه يتعين لذلك إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده وأخرى بأنهما: أولاً: قتلا..... عمداً مع سبق الإصرار بأن عقدا العزم على قتلها وتنفيذاً لهذا الغرض سعياً إلى مسكنها وما أن واتتهما الفرصة حتى انهال عليها المتهم الأول ضرباً بأداة راضه (زجاجات فارغة) وطعناً بآلة حادة (سكين) في حين كانت المتهمة الأخرى ترقب المكان وتشد من أزره قاصدين قتلها فأحدثا بها الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي والتي أودت بحياتها، وقد اقترنت بهذه الجناية جنايتان أخرتان الأولى: بأنهما في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر. قتلا الطفلة...... شقيقة المجني عليها السابقة عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتا النية على قتل الأخيرة وقصدا مسكنها لتنفيذ هذا الغرض وإذ صادفا الطفلة المذكورة به. بادر المتهم الأول بخنقها ثم ذبحها بالسلاح آنف البيان بينما كانت المتهمة الأخرى ترقب المكان وتشد من أزره قاصدين قتلها فأحدثا بها الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي والتي أودت بحياتها. ثانياً: وضعا النار عمداً في مكان مسكون ونشأ عن ذلك موت شخص كان موجوداً به بأن قام المتهم الأول بمؤازة المتهمة الأخرى بإضرام النيران ببعض محتويات مسكن المجني عليها....... على مقربة من جثتها وشقيقتها فما كان أن احترقت جوانب منها ونشأ عن ذلك حدوث إصابة الطفل....... ابن المجني عليها الأولى بالإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي والتي أودت بحياته. وكان القصد من ارتكاب جناية القتل العمد الموصوف بالإصرار والمقترنة بالجنايتين الأخرتين هو السرقة وذلك أن المتهمين في ذات الزمان والمكان سرقا المبلغ المبين قدراً بالتحقيقات والحلي الموضحة وصفاً وقيمة بها والمملوكة للمجني عليها..... من مسكنها. وأحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعي زوج المجني عليها..... قبل المتهمان بمبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات الجيزة قررت حضورياً بجلسة....... وبإجماع الآراء إرسال أوراق القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لاستطلاع رأيه فيها وحدت جلسة....... للنطق بالحكم وبالجلسة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 234، 252/ 9، 257 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32/ 2 من ذات القانون بمعاقبة المتهم....... بالإعدام وبمعاقبة المتهمة الأخرى بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض قيد بجدول المحكمة برقم (...... لسنة 58 القضائية). ومحكمة النقض قضت أولاً: بعدم قبول الطعن المقدم من المحكوم عليها الثانية شكلاً. ثانياً: بقبول الطعن المقدم من المحكوم عليه الأول شكلاً وقبول عرض النيابة العامة للقضية وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات الجيزة لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى بالنسبة للطاعنين. ومحكمة الإعادة "بهيئة أخرى" قضت عملاً بذات مواد الاتهام وبإجماع الآراء بمعاقبة المتهم....... بالإعدام شنقاً عما أسند إليه وبمعاقبة المتهمة الثانية....... بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات عما أسند إليها، وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة.
وعرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض (للمرة الثانية) مشفوعة بمذكرة بالرأي.


المحكمة
وحيث إن النيابة العامة عرضت القضية على محكمة النقض بمذكرة برأيها في الحكم بالنسبة للمحكوم عليه الأول عملاً بالمادة 46 من قانون رقم 57 لسنة 1959 وطلبت فيها إقراره فيما قضى به من إعدام المحكوم عليه الأول وإن كانت قد جاوزت في هذا العرض الميعاد المنصوص عليه في المادة 34 من هذا القانون إلا أن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن تجاوز هذا الميعاد لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة.
وحيث إن الحكم المعروض بين واقعة الدعوى في قوله أنها "تخلص في أنه يوم...... وأثناء توجه المتهمة الثانية..... لزيارة المجني عليها الأولى..... لتهنئتها بزواجها ومولودها قابلها المتهم الأول....... وإذ علم بوجهتها اصطحبها لذات الغرض واسترعاه ما كانت تتحلى به المجني عليها من مصاغ وحلى ذهبية ونظراً للضائقة المالية التي كانت تحيط به انعقدت لديه نية سرقتها عن طريق تخدير صاحبتها بأقراص مخدرة من تلك التي يتم إذابتها بالمشروبات وكاشف المتهمة الثانية بما انتواه وعرض عليها أن تقاسمه تنفيذه في زيارة تالية محدداً لها دورها بأن تصعد بمفردها إلى شقة المجني عليها على حين ينتظر هو بالشارع أمام العقار الذي تقيم به المجني عليها فإذا ما تيقنت من عدم تواجد زوجها تخبرها بأن تشير له بالصعود إذ أنها تعرفه من قبل وعندئذ يحتال بوضع ما يكون قد أخضره من أقراص مخدرة في كوب شاي المجني عليها الأولى ليسهل له بذلك سرقة مصوغاتها الذهبية فوافقته على ذلك وفى يوم الخميس الموافق...... حوالي الساعة الخامسة مساء وتنفيذاً لما اتفقا عليه توجها سوياً إلى شقة المجني عليها الأولى...... وصعدت المتهمة الثانية بمفردها ولما لم تجد زوج المجني عليها طلبت منها أن تخرج إلى شرفة الشقة وتشير للمتهم الأول بالصعود ففعلت ولدى صعوده جلس ثلاثتهم والمجني عليها الثانية..... بحجرة الصالون وطلب منها إعداد مشروب الشاي وبعد إعداده احتال بحاجته لمزيد من السكر وغادر مكان تواجدهم بالصالون وأذاب ما أحضره من أقراص مخدرة بكوب المجني عليها الأولى والتي انتابها بعد احتسائه دوار شديد فساعدتها المتهمة الثانية على الانتقال إلى غرفة نومها وفي تلك الأثناء كان المتهم الأول منفرداً بالمجني عليها الثانية...... بغرفة الصالون فقام بخنقها ثم أحضر سكيناً من المطبخ وطعنها به عدة طعنات بالصدر والظهر ثم ذبحها قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية الخاص بها والتي أودت بحياتها ولدى سماع المتهمة الثانية صرخات وأنين المجني عليها الثانية خرجت من حيث كانت لاستطلاع الأمر فشاهدت المتهم الأول يغادر حجرة الصالون ويديه ملوثتين بالدماء وعندئذ تظاهرت بأنها تقوم بتأمين باب الشقة وعندما دلف المتهم الأول إلى غرفة النوم حيث توجد المجني عليها الأولى فتحت باب الشقة وغادرتها للخارج بينما كان المتهم الأول يجهز على المجني عليها الأولى بضربها على رأسها بزجاجات فارغة وطعنها بسكين عدة طعنات في صدرها وحول رقبتها قاصداً من ذلك قتلها واستمر في الاعتداء عليها إلى أن تحقق أنها لفظت أنفاسها فقام بالاستيلاء على مصوغاتها وحليها الذهبية وقبل مغادرته الشقة أشغل النيران بأماكن عديدة منها خاصة مكان تواجد جثتي المجني عليهما الأولى والثانية بهدف طمس معالم الجريمة مما نتج عنه وفاة الطفل الرضيع......... ابن المجني عليها الأول نتيجة اختناقه من استنشاق غاز أول أكسيد الكربون السام المتخلف من الاحتراق وفر المتهم الأول هارباً من مكان الحادث تاركاً خلفه غطاء الرأس الخاص به (برية القوات الجوية) وذهب بالمصوغات التي استولى عليها والتي وضعها داخل كيس بلاستيك وتحفظ عليها لدى خالته بشبرا الخيمة والتي أخبرت زوجها بذلك بعد القبض على المتهم الأول بمسكنها فسارع بتسليم المسروقات إلى الشرطة وساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق المتهم أدلة مستمدة من أقوال الشهود ومن اعتراف المتهمين بالتحقيقات ومما ثبت من تقارير الصفة التشريحية وتقرير المعمل الجنائي ومناظرة النيابة العامة للمتهم ومعاينتها لمحل الحادث وحصل الحكم مؤدى هذه الأدلة بما يتطابق مع ما أورده عنها بواقعة الدعوى وبما يتفق والثابت بأوراقها على ما يبين من المفردات المضمومة - لما كان ذلك وكان من المقرر أنه من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وإذ كان الحكم المعروض قد استخلص في تدليل سائغ ومنطق مقبول من وقائع الدعوى وأدلة الثبوت فيها أن المتهم اقترف الجرائم المسندة إليه فإن ما أثاره الدفاع بمحضر جلسة المحاكمة من أن زوج المجني عليها الأول هو مرتكب الحادث عندما فاجأها متلبسة بجريمة الزنا مع المتهم الأول لا يعدو أن يكون دفاعاً في شأن تصوير وقوع الحادث مما يكفي في الرد عليه ما أوردته المحكمة تدليلاً على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها واستقرت في وجدانها هذا إلى أن الحكم عرض لهذا الدفاع ورد عليه بما يفنده. لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض لما أثاره الطاعنان من أن اعترافهما بتحقيق النيابة كان وليد إكراه ورد عليه تفصيلاً مدللاً على صحة اعتراف المحكوم عليهما أمام النيابة وخلو اعترافهما من شوائب الرضا وأخصها الإكراه ومطابقته للحقيقة مستنداً في ذلك إلى أدلة صحيحة لها أصولها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها وكان يجوز للمحكمة أن تأخذ باعتراف المتهم ولو عدل عنه فإن الحكم يكون قد برئ من أي شائبة في هذا الخصوص. لما كان ذلك وكان الحكم قد محص أقوال المحكوم عليه الأول بالتحقيقات من أنه "كان مبرشم" تأدياً من ذلك إلى القول بانعدام الإرادة لديه وانتهى للأسباب السائغة التي أوردها إلى توافر الإدراك لديه وقت مقارفة الجرائم التي ثبتت في حقه وكان الأصل أن الغيبوبة المانعة من المسئولية على مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هي التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهراً عنه أو على غير علم بحقيقة أمورها بحيث تفقده الشعور والاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل وكان تقدير حالة المتهم وقت ارتكاب الجريمة فيما يتعلق بفقدان الشعور أو التمتع به والفصل في امتناع مسئوليته تأسيساً على وجوده في حالة سكر وقت الحادث أمر يتعلق بوقائع الدعوى يقدره قاضى الموضوع دون معقب عليه. لما كان ذلك وكان الحكم قد استظهر نية القتل في حق المحكوم عليهما في قوله"وحيث إنه عن نية إزهاق الروح فإن المحكمة ترى قيامها في الدعوى من أنه أثناء تواجد المتهم الأول مع المجني عليها الثانية..... بحجرة الصالون جثم عليها وخنقها ثم أحضر سكيناً من المطبخ وطعنها في صدرها ورقبتها عدة طعنات ثم ذبحها واتجه بعد إتمام ذلك إلى حيث ترقد المجني عليها الأولى بغرفة النوم وضربها على رأسها عدة ضربات بزجاجات فارغة كانت موجودة بالحجرة ثم طعنها بسكين في صدرها ورقبتها عدة طعنات قطعية ونافذة وكانت الطعنات جميعها بالنسبة للمجني عليهما من القوة وموجهة في مقتل من المجني عليهما فضلاً عن قوله إنه استمر في الاعتداء على المجني عليها الأولى إلى أن تحقق من وفاتها ومن استعماله أداتين قاتلتين بطبيعتهما سكينان وتكرار الضرب المحدث للجروح النافذة والذبحية كل ذلك بما يتوافر معه نية إزهاق الروح". كما استظهر الحكم توافر ظرف سبق الإصرار في قوله "لما كان الثبات من ظروف الدعوى وملابساتها ومن إقرار المتهمين التفصيلي الذي أورده بالتحقيقات واطمئنان المحكمة إلى ما أشارت إليه تحريات الشاهد الأول من أن المتهم الأول كان يمر بضائقة مالية دفعته إلى التفكير في ارتكاب جريمته بالاتفاق مع المتهمة الثانية بالإضافة إلى ما ثبت في يقين المحكمة من أنه ارتكب جريمته وهو هادئ البال وبعد إعمال فكر وروية فقد قصد المتهمين إلى مسكن المجني عليهما وقد انتوى كل منهما ارتكاب الحادث بالصورة التي اتفقا عليها سوياً وإذ صعدا إلى مسكنها بالترتيب السابق طلب إعداد الشاي وتحايل المتهم الأول في إذابة المخدر بكوب شاي المجني عليها الأولى والتي لم تشفع لديه ما آلت إليه بعد احتسائها الشاي المذاب به المخدر فاصطحبتها المتهمة الثانية لحجرة النوم وقام المتهم في هذه الأثناء بقتل المجني عليها الثانية........ حتى لا تكون شاهداً على جرائمه والمتهمة الثانية ثم انتقل إلى حيث ترقد المجني عليها الأولى وانهال عليها ضرباً وطعناً حتى أزهق روحها في توال يقطع بأنه كان أبان مقارفته تلك الأفعال هادئ البال ومتروي..... ومن كان ذلك يتوافر لدى المحكمة قناعة كاملة يتوافر سبق الإصرار". ولما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية كما أنه من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج وكان ما أورده الحكم فيما سلف يكفي في استظهار نية القتل ويتحقق به ظرف سبق الإصرار حسبما هو معرف به في القانون هذا وبعد أن عرض الحكم لجريمة الحريق العمد الذي نشأ عنه وفاة شخص فدلل عليها تدليلاً سديداً إذ أثبت في حق المتهمين أنهما وضعا النار عمداً في الملابس الموجودة أمام الباب الخشبي المؤدي إلى حجرة النوم وكرسي الصالون الموجود بحجرة صالون الشقة وأتت النار على بعض محتوياتها ونتج عن ذلك وفاة الرضيع...... مختنقاً نتيجة استنشاقه غاز أول أكسيد الكربون كما أورى بذلك تقرير الصفة التشريحية عرض لظرف الاقتران والارتباط وأثبتهما في حق الطاعن في قوله "إن المتهمين قتلا........ عمداً مع سبق الإصرار بأن عقدا العزم على قتلها وتنفيذاً لهذا الغرض سعياً إلى منزلها وما إن واتتهما الفرصة لذلك حتى انهال عليها المتهم الأول ضرباً بأداة راضة....... وطعنا بسلاح حاد...... في حين كانت المتهمة الثانية ترقب المكان وتشد من أزره قاصدين قتلها فأحدثا بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية التي أودت بحياتها وقد اقترنت هذه الجناية بجنايتين أخرتين هي أن المتهمين في ذات الزمان والمكان قتلا كلاً من....... و....... ووضعا النار عمداً في مكان مسكون نشأ عنه موت شخص وكل جناية من الجنايتين الأخيرتين قائمة بذاتها وذات كيان مستقل عن جناية القتل الأولى متعاصرة معها وارتكبت كل منها بفعل مستقل وفى فترة وجيزة من الزمن وعلى مسرح واحد فتوافرت بذلك الرابطة الزمنية بما يتوافر به ظروف الاقتران........ وحيث إن الثابت من التحقيقات أن المتهم الأول انتوى أصلاً سرقة مصوغات المجني عليها الأولى وإذ صادف وجود شقيقتها المجني عليها الثانية..... عمد إلى قتلها واتجه إلى المجني عليها الأولى..... وقتلها واستولى على مصاغها وحليها فكان القتل العمد لتسهيل ارتكاب السرقة وارتكابها بالفعل" وما ذهب إليه الحكم من ذلك صحيح في القانون إذ يكفي لتغليظ العقاب عملاً بالفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما ولما كان شرط استنزال العقوبة المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من المادة 234 المذكورة هو أن يكون وقوع القتل لأحد المقاصد المبينة بها ومن بينها التأهب لفعل جنحة أو تسهيلها أو ارتكابها بالفعل وعلى محكمة الموضوع في حالة ارتباط القتل بجنحة سرقة أن تبين غرض المتهم من القتل وأن تقيم الدليل على توافر رابطة السببية بين القتل والسرقة وكان ما أورده الحكم فيما سلف يتحقق به ظرفاً الاقتران والارتباط المشددان لعقوبة القتل العمد كما هما معرفان به في القانون فإنه يكون قد أصاب في تطبيق الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 234 من قانون العقوبات هذا إلى أن توافر أي هذين الظرفين أو جريمة الحريق عمداً الذي نشأ عنه موت شخص كاف لتوقيع عقوبة الإعدام. لما كان ذلك وكان الحكم قد تناول دفاع المحكوم عليه الموضوعي الذي أثاره فأقسطه حقه ورد عليه بما يفنده وكان يبين من الاطلاع على الأوراق أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما يتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين بها المحكوم عليه بالإعدام وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها كما أن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً للقانون وصدر الحكم بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية وقد جاء الحكم سليماً من عيب مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون لها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعتها يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه طبقاً لما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات فإنه يتعين لذلك إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.

الطعن 8237 لسنة 61 ق جلسة 19 / 1 / 1993 مكتب فني 44 ق 11 ص 108


جلسة 19 من يناير سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم نواب رئيس المحكمة وفتحي حجاب وعلي شكيب.
--------------
(11)
الطعن رقم 8237 لسنة 61 القضائية

(1) حكم "بيانات حكم الإدانة".
بيانات حكم الإدانة؟.
(2) سرقة. مسئولية جنائية "المسئولية المفترضة" قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
الأصل وجوب ثبوت القصد الجنائي من الجريمة فعلياً دون القول بالمسئولية المفترضة. حد ذلك؟
عدم مساءلة الشخص شريكاً كان أو فاعلاً إلا بقيامه بالفعل أو الامتناع المجرم قانوناً. افتراض المسئولية استثناء. قصره في الحدود التي نص عليها القانون.
(3) قتل خطأ. جريمة. رابطة سببية. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
رابطة السببية مؤداها إسناد النتيجة إلى خطأ الجاني.
متى يقطع خطأ الغير رابطة السببية؟
إطراح الحكم دفاع الطاعن القائم على نفي رابطة السببية جملة دون تفنيده بما ينفيه. قصور.

--------------
1 - المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ومؤدى تلك الأدلة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وإلا كان قاصراً
2 - لما كان الحكم المطعون فيه عندما عرض للقصد الجنائي أورد ما نصه: "وحيث إن الركن المعنوي لجريمة المادة 116/ ج من قانون العقوبات يقوم على العمدية وهو ما يتوافر في حق المتهمين فكلاهما بحكم عمله وخبرته ومهنته يعلم بالرابطة التعاقدية بين هندسة ري الفيوم وبنوع الالتزامات الناشئة عن هذا العقد وبنوده واشتراطاته ولا بد والحال كذلك أن ينصرف قصده إلى الإخلال بتنفيذ هذا العقد في صورته سالفة الذكر بحسبان أنه يقوم بتوريد مواد الإنشاء ويشرف على خلطها وصبها بالنسب التي تمت بها ويعد كل من المتهمين مسئولاً عن الإخلال بكل هذه الالتزامات التعاقدية......" لما كان ذلك وكان الأصل أن القصد الجنائي من ارتكاب الجريمة يجب أن يكون ثبوته فعلياً ولا يصح القول بالمسئولية المفترضة إلا إذا نص عليها الشارع صراحة أو كان استخلاصها سائغاً عن طريق استقراء نصوص القانون وتفسيرها بما يتفق وصحيح القواعد والأصول المقررة في هذا الشأن إذ من المقرر في التشريعات الجنائية الحديثة أن الإنسان لا يسأل بصفته فاعلاً أو شريكاً إلا عما يكون لنشاطه دخل وقوعه من الأعمال التي نص القانون على تجريمها سواء كان بالقيام بالفعل أو الامتناع الذي يجرمه القانون، ولا مجال للمسئولية المفترضة في العقاب إلا استثناء وفى الحدود التي نص عليها القانون. ولما كان الحكم المطعون فيه لم يورد الظروف التي استخلص منها ثبوت القصد الجنائي لدى الطاعنين أو يدلل على ذلك تدليلاً سائغاً، وإنما أطلق القول بأن الطاعنين بحكم عملهما وخبرتهما يعلمان بشروط العقد ولا بد أن ينصرف قصدهما إلى الإخلال بتنفيذه - مع ما في ذلك من إنشاء قرينة لا أصل لها في القانون مبناها افتراض توافر القصد الجنائي لدى الطاعنين لمجرد إنهما من العاملين في مجال المقاولات ومن ذوى الخبرة فيها فإن الحكم يكون معيباً بما يوجب نقضه.
3 - لما كانت رابطة السببية تتطلب إسناد النتيجة إلى خطأ الجاني ومساءلته عنها طالما كانت تتفق والسير العادي للأمور ومن المقرر أن خطأ الغير يقطع رابطة السببية متى استغرق خطأ الجاني وكان كافياً بذاته لإحداث النتيجة لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين قد أثار دفاعاً مؤداه أن آله ميكانيكية قوية قد اصطدمت بحائط دورة فتحة الري موضوع عقد المقاولة - مما أدى إلى انهياره وسقوطه في البحر وهو دفاع جوهري لما يستهدفه من نفي عنصر أساسي من عناصر الجريمة من شأنه لو صح أن تندفع به التهمة فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يتفهم مرماه ولم يقسطه حقه بما ينحسم به أمره ولم يعن بتحقيقه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه بل اطرحه جملة دون أن يرد عليه بما ينفيه ويكون معيباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أخلا عمداً بالالتزامات المفروضة بموجب عقد مقاولة ارتبط به المتهم الأول مع إحدى جهات الحكومة (مديرية ري......) وقام بتنفيذه المتهم الثاني وذلك بأن خالفا الأصول الفنية والهندسية على النحو المبين بالتحقيقات. (ب) المتهم الثاني: - تسبب بخطئه في موت كلاً من الطفلين...... و...... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله ورعونته وعدم احترازه وعدم مراعاته للقوانين وإخلاله الجسيم بما تفرضه عليه أصول مهنته بأن قام بتنفيذ عملية إخلال وتجديد الكوبري المنوه عنه بالأوراق والمخالفة للأصول الفنية على النحو الوارد بالوصف الأول فانهارت دورة الكوبري على المجني عليهما فأحدثت بهما الإصابات المبينة بالتقارير الطبية المرفقة والتي نتج عنها وفاتهما وأحالتهما إلى محكمة جنايات الفيوم لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة وادعت والدتا المجني عليهما قبل المتهمين مدنياً بمبلغ 60 ألف جنيه على سبيل التضامن والتعويض والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 116 مكرراً/ جـ، 119/ أ من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من ذات القانون أولاً: بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما هو منسوب إليهما وتغريمهما بمبلغ 55330.695 جنيهاً (خمسة وخمسين ألف جنيه وثلاثمائة وثلاثين جنيهاً وستمائة وخمسة وتسعون مليماً) ثانياً: - بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة.
فطعن كلاً من المحكوم عليه الأول والأستاذ/..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه الثاني في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانهما بجريمة الإخلال العمدي بتنفيذ الالتزامات التي يفرضها عقد مقاولة مع جهة حكومية كما دان الطاعن الثاني أيضاً بجريمة القتل الخطأ قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه خلا من بيان شروط عقد المقاولة التي وقع الإخلال بها، ولم يدلل على توافر القصد الجنائي لدى المتهمين كما لم يرد الحكم على دفاع الطاعنين أن سبب انهيار دورة فتحة الري - موضوع العقد - هو اصطدام جرار زراعي بها بما يقطع رابطة السببية. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه حصل واقعة الدعوى في قوله (أن هندسة ري الفيوم أسندت إلى المتهم...... مقاول مباني وإنشاءات - عملية إقامة فتحة الحميدية على بحر..... بسنهور القبلية وحررت معه عقداً بذلك للانتهاء من هذه العملية في موعد أقصاه 9/ 8/ 1986 وقد تضمن هذا العقد الاشتراطات الخاصة بالأعمال المطلوبة من حيث مناسيب الأساسات وأنواع الأسمنت التي يحق للمقاول استخدامها وهي الحديدي والبورتلاندي وكيفية صيانة الخرسانة وتركيب الألواح الحديدية والنسب المختلفة للحديد والرمل والزلط والأسمنت المستخدم في العملية وقد ألحق بهذا العقد قائمة توضح الكميات لإقامة فتحة الحميدية محل العقد وتبين بها بيان الأعمال وأبعادها "أساس الحائط والبيارة والمواسير والعتب والبلوكات....... إلخ" وتبلغ قيمة هذه الأعمال وفق هذا العقد مبلغ 6980 جنيهاً، وبلغت حسب الحساب الختامي لها مبلغ 55330.695 جنيهاً - وفق كتاب الإدارة العامة لري الفيوم المؤرخ 27/ 12/ 1986 وقد أسند المتهم الأول الأشراف الهندسي والتنفيذي للمهندس....... وبدأ العمل الفعلي في 29/ 7/ 1986 وانتهى في 4/ 8/ 1986 وبعد حوالي عام انهار حائط الكوبري الغربي وسقط في المياه فأصاب الطفلين المجني عليها......، ...... مما أدى إلى وفاتهما وقد ثبت أن سبب انهيار الحائط هو عدم وجود أساسات له، كما أن الخرسانة المصنوع منها دون المستوى بسبب قلة الأسمنت وعدم جودة الدمج للمواد المستخدمة به وعدم جودة المواد الركامية المستعملة هذا فضلاً عن تصدع الحائط الشرقي للكوبري لشروخ به واعوجاج مرده إلى عيوب في الصب) لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ومؤدى تلك الأدلة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وإلا كان قاصراً وإذ كان ما أورده الحكم - على نحو ما تقدم في شأن بيان شروط العقد المبرم بين هندسة ري الفيوم وبين الطاعن الأول - لا يكفى بياناً لها إذ لا يبين منه شروط العقد التي وقع الإخلال بها كما أن الحكم لم يبين ما تضمنته القائمة الملحقة بذلك العقد من اشتراطات والتزامات الأمر الذي يصم الحكم بالقصور في البيان بما يوجب نقضه
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه عندما عرض للقصد الجنائي أورد ما نصه: "وحيث إن الركن المعنوي لجريمة المادة 116/ ج من قانون العقوبات يقوم على العمدية وهو ما يتوافر في حق المتهمين فكلاهما بحكم عمله وخبرته ومهنته يعلم بالرابطة التعاقدية بين هندسة ري الفيوم وبنوع الالتزامات الناشئة عن هذا العقد وبنوده واشتراطاته ولا بد والحال كذلك أن ينصرف قصده إلى الإخلال بتنفيذ هذا العقد في صورته سالفة الذكر بحسبان أنه يقوم بتوريد مواد الإنشاء ويشرف على خلطها وصبها بالنسب التي تمت بها ويعد كل من المتهمين مسئولاً عن الإخلال بكل هذه الالتزامات التعاقدية........." لما كان ذلك وكان الأصل أن القصد الجنائي من ارتكاب الجريمة يجب أن يكون ثبوته فعلياً ولا يصح القول بالمسئولية المفترضة إلا إذا نص عليها الشارع صراحة أو كان استخلاصها سائغاً عن طريق استقراء نصوص القانون وتفسيرها بما يتفق وصحيح القواعد والأصول المقررة في هذا الشأن إذ من المقرر في التشريعات الجنائية الحديثة أن الإنسان لا يسأل بصفته فاعلاً أو شريكاً إلا عما يكون لنشاطه دخل وقوعه من الأعمال التي نص القانون على تجريمها سواء كان بالقيام بالفعل أو الامتناع الذي يجرمه القانون، ولا مجال للمسئولية المقترضة في العقاب إلا استثناء وفى الحدود التي نص عليها القانون. ولما كان الحكم المطعون فيه لم يورد الظروف التي استخلص منها ثبوت القصد الجنائي لدى الطاعنين أو يدلل على ذلك تدليلاً سائغاً، وإنما أطلق القول بأن الطاعنين بحكم عملهما وخبرتهما يعلمان بشروط العقد ولا بد أن ينصرف قصدهما إلى الإخلال بتنفيذه - مع ما في ذلك من إنشاء قرينة لا أصل لها في القانون مبناها افتراض توافر القصد الجنائي لدى الطاعنين لمجرد إنهما من العاملين في مجال المقاولات ومن ذوي الخبرة فيها فإن الحكم يكون معيباً بما يوجب نقضه
لما كان ذلك وكانت رابطة تتطلب إسناد النتيجة إلى خطأ الجاني ومساءلته عنها طالما كانت تتفق والسير العادي للأمور ومن المقرر أن خطأ الغير يقطع رابطة السببية متى استغرق خطأ الجاني وكان كافياً بذاته لإحداث النتيجة لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين قد أثار دفاعاً مؤداه أن آله ميكانيكية قوية قد اصطدمت بحائط دورة فتحة الري موضوع عقد المقاولة - مما أدى إلى انهياره وسقوطه في البحر وهو دفاع جوهري لما يستهدفه من نفي عنصر أساسي من عناصر الجريمة من شأنه لو صح أن تندفع به التهمة فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يتفهم مرماه ولم يقسطه حقه بما ينحسم به أمره ولم يعن بتحقيقه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه بل أطرحه جملة دون أن يرد عليه بما ينفيه ويكون معيباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع لما كان ما تقدم فإن يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.