الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 8 ديسمبر 2020

الطعن 41801 لسنة 85 ق جلسة 30 / 5 / 2016 مكتب فني 67 ق 65 ص 570

 جلسة 30 من مايو سنة 2016

برئاسة السيد القاضي / إبراهيم الهنيدي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / نبيه زهران ، أحمد سيد سليمان ، عطية أحمد عطية وأسامة محمود نواب رئيس المحكمة .
------------

(65)

الطعن رقم 41801 لسنة 85 القضائية

(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وإيراده على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رتبه الحكم عليهما . لا قصور .

عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً لتفهم الواقعة وأركانها .

(2) مفرقعات . قصد جنائي . باعث . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض" أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

ما يكفي للعقاب على إحراز مفرقعات أو حيازتها أو صنعها أو استيرادها بغير ترخيص ؟

القصد الجنائي في جريمة إحراز مفرقعات . مناط تحققه ؟

القصد الجنائي لا شأن له بالباعث على الحيازة .

تدليل الحكم على اقتراف الطاعن لجريمتي استيراد وحيازة مواد في حكم المفرقعات بركنيها المادي والمعنوي . لا قصور .

(3) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً .

وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .

أخذ المحكمة بشهادة شاهد . مفاده ؟

الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة أمام النقض . غير جائز .

 مثال .

(4) إثبات " معاينة " . إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

النعي بعدم إجراء معاينة لمكان الضبط . تعييب للإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم .

(5) استدلالات . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .

تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش . موضوعي .

وجود خطأ في اسم المأذون بتفتيشه بالإذن أو خلوه من صناعته أو سنه أو محل إقامته . لا ينال من صحته . ما دام أنه المقصود بالإذن .

(6) دفوع " الدفع ببطلان إذن التفتيش " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

الدفع ببطلان الإذن لصدوره من غير مختص نوعياً . لا يعتبر دفعاً جدياً . الرد عليه . غير لازم .

(7) تفتيش " إذن تفتيش . إصداره . تنفيذه " . مأمورو الضبط القضائي " اختصاصاتهم " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

ندب مأمور الضبط الذي استصدر إذن التفتيش زميله كتابة . غير لازم . كفاية الندب شفاهة .

الدفع بعدم اختصاص القائم بتنفيذ الإذن نوعياً لعدم وجود ندب كتابة أو شفاهة له من المأذون لـه بالتفتيش . دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان . التفات الحكم عنه . لا يعيبه .

(8) إثبات " أوراق رسمية " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

الدفع بنفي التهمة . موضوعي . لا يستوجب رداً صريحاً . استفادة الرد عليه من أدلـة الثبوت التي أوردها الحكم .

بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .

للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها .

(9) مفرقعات . وصف التهمة . محكمة الموضوع " سلطتها في تعديل وصف التهمة " .

إضافة جريمة حيازة مفرقعات دون ترخيص لجريمة استيرادها المُحال للمحاكمة عنها . لا يُعد تعديلاً في وصف التهمة يستوجب لفت نظر الدفاع . علة وأساس ذلك ؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليهما ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها تمحيصاً كافياً وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، ولما كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وكان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، وبه يبرأ الحكم مما رماه به الطاعن مـــن القصور.

2- لما كان من المقرر أنه يكفي للعقاب على إحراز مفرقعات أو حيازتها أو صنعها أو استيرادها بغير ترخيص أن تكون من بين المواد المدرجة بقرار وزير الداخلية رقم 7330 لسنة 1994 الصادر بتاريخ 24/7/1994 بغض النظر عن الغرض من حيازة تلك المواد ، إذ من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة حيازة أو استيراد المفرقعات يتحقق دائماً متى ثبت علم الجاني بأن ــــ ما يحوزه أو يستورده مفرقعات ــــ أو مما يدخل في تركيب المفرقعات ولا ضرورة بعد ذلك في حكم المادة 102/أ من قانون العقوبات لإثبات نيته في استعمال المفرقعات أو ما في حكها في التخريب أو الإتلاف ، كما أن القصد الجنائي لا شأن له بالباعث على الحيازة ، وكان الحكم قد حصّل واقعة الدعوى وأدلتـــها بما يكفى للدلالــــــــة على قيام جريمتي استـــــيراد وحيازة مواد في حكم المفرقعات دون ترخيص وثبوتهما في حق الطاعن بركنيهما المادي والمعنوي ومن ثـــم فإن ما يثيره الطاعــن في هذا الخصوص لا يكون سديداً .

3- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكـان وزن أقوال الشهود وتقديــر الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال ضابط الواقعة وصحة تصويره لها ، فإن ما يثار في هذا الشأن إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض ويكون النعي على الحكم بأنه عوَّل على شاهد الإثبات واعتنق تصويره للواقعة رغم عدم معقولية هذا التصوير وقُصوره في بيان مدى سيطرة الطاعن على مكان الضبط هو في جملته ـــــ نعى غير مقبول.

4- لما كان الطاعن لم يطلب إلى المحكمة إجراء معاينة لمكان الضبط للوقوف على مدى سيطرة الطاعن عليه ، فإن ما يثيره من عدم إجراء النيابة العامة لها لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة ، مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم .

5- لما كان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، وأن القانون لا يشترط شكلاً معيناً لإذن التفتيش فلا ينال من صحته وجود خطأ في اسم المأذون بتفتيشه أو خلوه من صناعته أو سنه أو محل إقامته طالما أنه الشخص المقصود بالإذن ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد تناول الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش على نحو يتفق وصحيح القانون ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً .

6- لما كان البيّن من محضر جلسة المحاكمة أن ما ورد على لسان المدافع عن الطاعن من دفع ببطلان الإذن لصدوره من غير مختص نوعياً - وقد سيق في عبارة مرسلة مجهلة - لا يعد دفعاً جدياً تلتزم المحكمة بالرد عليه ، فضلاً عن أن الحكم رغم ذلك عرض لما أثير واطرحه برد كاف وسائغ وصحيح ، فإن منعي الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .

7- لما كان من المقرر في القانون أنه لا يشترط أن يكون مأمور الضبط الذي استصدر الإذن قد نـدب زميله كتابة أسوة بالأمر الصادر من النيابة نفسها بل يجوز أن يكون الندب شفاهة ، وكان الحكم قد أثبت في مدوناته - بما لا يماري فيه الطاعن - أن المأذون له بالتفتيش قد ندب القائم بتنفيذ الإذن ، فإن الحكم المطعون فيه يكون التزم صحيح القانون ، ومن ثم فإن دفع الطاعن بعدم اختصاص القائم بتنفيذ الإذن نوعياً لعدم وجود ندب كتابة أو شفاهة له من المأذون لـــه بالتفتيش لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونيــاً ظاهر البطلان وبعيداً عن محجـــة الصواب ولا يعيب الحكم المطعون فيه التفاته عنه ، الأمر الذي يكون النعي عليه في هذا الصدد غير سديد .

8- لما كان من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً ما دام كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى الطاعن ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزيئات دفاعه ، لأن مفاده التفاته عنها أنه اطرحها . ولما كان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية موضوعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .

9- لما كان ما ينعاه الطاعن على المحكمة أنها أضافت لجريمة استيراد المفرقعات دون ترخيص المحال لمحاكمته عنها جريمة أخرى ، وهى حيازته هذه المواد بغير ترخيص دون أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك ، فإن ذلك مردود بأن استيراد المفرقعات وجلبها إلى داخل البلاد لا يعدو في واقع الأمر أن يكون حيازة مصحوبة بالنقل عبر الحدود إلى داخل أراضي الجمهورية فهو في مدلوله القانوني الدقيق ينطوي ضمناً على عنصر الحيازة إلى جانب دلالته الظاهرة عليها وقد حدد المشرع في المادة 102/أ عقوبات - التي أخذت المحكمة الطاعن بها - عقوبة السجن المؤبد أو المشدد لأي من الجريمتين السالفتين ، وإذ أوقعت المحكمة على الطاعن عقوبة واحدة عن الجريمتين اللتين أدانته بهما ، فإن نعيه على الحكم في هذا الخصوص يضحى ولا محل له .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : استورد من خارج البلاد مواد تدخل في تركيب وصناعة المفرقعات " ألعاب نارية " وذلك قبل الحصول على ترخيص من الجهة الإدارية المختصة .

وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

والمحكمة قضت حضورياً عملاً بالمادة 102/1 من قانون العقوبات ، والبنود 69، 75، 77 من قرار وزير الداخلية رقم 2225 لسنة 2007 بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه ومصادرة المواد المفرقعات المضبوطة ، وذلك بعد أن عدلت المحكمة الوصف بإضافة الحيازة للاستيراد .

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي استيراد وحيازة مواد تعتبر في حكم المفرقعات " ألعاب نارية " قبل الحصول على ترخيص بذلك قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه لم يدلل على توافر أركان الجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وعلى الأخص القصد الجنائي ولم يأت الحكم بشواهد وأدلة مؤدية إلى توافر جريمة استيراد مواد تعتبر في حكم المفرقعات ، وعوَّل في قضائه بالإدانة على ما جاء بأقوال شاهد الإثبات رغم عدم معقولية تصويره للواقعة وقصورها في وصف مكان الضبط وبيان مدى سيطرة الطاعن عليه لا سيما أن النيابة العامة لم تقم بإجراء معاينة له ، واطرح دفوعه ببطلان إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية لشواهد عددها ولصدوره وتنفيذه من غير مختص نوعياً لعدم وجود ندب للقائم بتنفيذه من المأذون له بالتفتيش بما لا يسوغ اطراحها ، وأغفل إيراداً ورداً دفعه بانتفاء صلته بمكان الضبط ملتفتاً عن المستندات التي قدمها تدليلاً على ذلك الدفع ، وأخيراً أسندت المحكمة إلى الطاعن واقعة جديدة لم ترد بأمر الإحالة وهى حيازة مواد تدخل في تركيب وصناعــة المفرقعات دون أن تلفت نظره أو تنبه الدفاع إلى ذلك ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

     وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليهما ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها تمحيصاً كافياً وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، ولما كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وكان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، وبه يبرأ الحكم ممـــا رماه بـــه الطاعن مـــن القصور ، وكان يكفى للعقاب علــــى إحراز مفرقعات أو حيازتها أو صنعها أو استيرادها بغير ترخيص أن تكون من بين المواد المدرجة بقرار وزير الداخلية رقم 7330 لسنة 1994 الصادر بتاريخ 24/7/1994 بغض النظر عن الغرض من حيازة تلك المواد ، إذ من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة حيازة أو استيراد المفرقعات يتحقق دائماً متى ثبت علم الجاني بأن - ما يحوزه أو يستورده مفرقعات - أو مما يدخل في تركيب المفرقعات ولا ضرورة بعد ذلك في حكم المادة 102/أ من قانون العقوبات لإثبات نيته في استعمال المفرقعات أو ما في حكها في التخريب أو الإتلاف ، كما أن القصد الجنائي لا شأن له بالباعث على الحيازة ، وكان الحكم قد حصّل واقعة الدعوى وأدلتها بما يكفي للدلالة على قيام جريمتي استيراد وحيازة مواد في حكم المفرقعات دون ترخيص وثبوتهما في حق الطاعن بركنيهما المادي والمعنوي ، ومن ثـم فإن ما يثيره الطاعــن في هذا الخصوص لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكـــان وزن أقوال الشهود وتقديـــر الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال ضابط الواقعة وصحة تصويره لها ، فإن ما يثار في هذا الشأن إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض ويكون النعي على الحكم بأنه عوَّل على شاهد الإثبات واعتنق تصويره للواقعة رغم عدم معقولية هذا التصوير وقُصوره في بيان مدى سيطرة الطاعن على مكان الضبط هو في جملته نعي غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لم يطلب إلى المحكمة إجراء معاينة لمكان الضبط للوقوف على مدى سيطرة الطاعن عليه ، فإن ما يثيره من عدم إجراء النيابة العامة لها لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وأن القانون لا يشترط شكلاً معيناً لإذن التفتيش فلا ينال من صحته وجود خطأ في اسم المأذون بتفتيشه أو خلوه من صناعته أو سنه أو محل إقامته طالما أنه الشخص المقصود بالإذن ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد تناول الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش على نحو يتفق وصحيح القانون ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان البيّن من محضر جلسة المحاكمة أن ما ورد على لسان المدافع عن الطاعن من دفع ببطلان الإذن لصدوره من غير مختص نوعياً - وقد سيق في عبارة مرسلة مجهلة - لا يعد دفعاً جدياً تلتزم المحكمة بالرد عليه ، فضلاً عن أن الحكم رغم ذلك عرض لما أثير واطرحه برد كاف وسائغ وصحيح ، فإن منعي الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر في القانون أنه لا يشترط أن يكون مأمور الضبط الذي استصدر الإذن قد نـدب زميله كتابة أسوة بالأمر الصادر من النيابة نفسها بل يجوز أن يكون الندب شفاهة ، وكان الحكم قد أثبت في مدوناته - بما لا يماري فيه الطاعن - أن المأذون له بالتفتيش قد ندب القائم بتنفيذ الإذن ، فإن الحكم المطعون فيه يكون التزم صحيح القانون ومن ثم فإن دفع الطاعن بعدم اختصاص القائم بتنفيذ الإذن نوعياً لعدم وجود ندب كتابة أو شفاهة له من المأذون لـه بالتفتيش لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونيــاً ظاهر البطلان وبعيداً عن محجـــة الصواب ولا يعيب الحكم المطعون فيه التفاته عنه ، الأمر الذي يكون النعي عليه في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً ما دام كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى الطاعن ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزيئات دفاعه ، لأن مفاده التفاته عنها أنه اطرحها . وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية موضوعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان ما ينعاه الطاعن على المحكمة أنها أضافت لجريمة استيراد المفرقعات دون ترخيص المحال لمحاكمته عنها جريمة أخرى ، وهى حيازته هذه المواد بغير ترخيص دون أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك ، فإن ذلك مردود بأن استيراد المفرقعات وجلبها إلى داخل البلاد لا يعدو في واقع الأمر أن يكون حيازة مصحوبة بالنقل عبر الحدود إلى داخل أراضي الجمهورية فهو في مدلوله القانوني الدقيق ينطوي ضمناً على عنصر الحيازة إلى جانب دلالته الظاهرة عليها وقد حدد المشرع في المادة 102/أ عقوبات - التي أخذت المحكمة الطاعن بها - عقوبة السجن المؤبد أو المشدد لأي من الجريمتين السالفتين ، وإذ أوقعت المحكمة على الطاعن عقوبة واحدة عن الجريمتين اللتين أدانته بهما ، فإن نعيه على الحكم في هذا الخصوص يضحى ولا محل له . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 43948 لسنة 85 ق جلسة 28 / 5 / 2016 مكتب فني 67 ق 64 ص 565

 جلسة 28 من مايو سنة 2016

برئاسة السيد القاضي / محمد عيد سالم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عثمان متولي، أحمد الخولي ومحمد عبد الحليم نواب رئيس المحكمة ومحمد عبد السلام.
---------

(64)

الطعن رقم 43948 لسنة 85 القضائية

(1) إعدام . نيابة عامة .

قبول عرض النيابة العامة القضية المحكوم فيها بالإعدام دون التقيد بالميعاد المقرر قانوناً .

(2) خطف . جريمة " أركانها " . قصد جنائي . إكراه . إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " .

جريمة خطف أنثى بالتحيل أو الإكراه المنصوص عليها بالمادة 290 عقوبات . مناط تحققها ؟

ركن التحيّل في جريمة خطف أنثى . ماهيته ؟

تقدير توافر ركن التحيّل أو الإكراه في جريمة خطف أنثى . موضوعي . ما دام سليماً .

القول الكاذب الخالي من استعمال طرق الغش والإيهام . لا يرقى إلى مرتبة التحيّل . علة ذلك ؟

تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟

مثال لتسبيب معيب لحكم صادر بالإدانة بجريمة خطف أنثى بالتحيل .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان البيِّن من الأوراق أن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة المحكوم فيها حضوريًا على الطاعنين بعقوبة الإعدام مشفوعة بمذكرة برأيها دون إثبات تاريخ تقديمها للتثبت من مراعاة حصول العرض في الميعاد المقرر قانوناً إلَّا أن تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة ، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة .

2- لما كان الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما مفاده أن المجني عليها نشب بينها وبين والدها خلاف لتأخرها في العودة للمنزل بعد شراء بعض الاحتياجات المنزلية فغافلت والدها وأشقاؤها وغادرت المنزل متوجهة إلى شقيقتها المقيمة بمنطقة .... فضلت طريقها والتقت بمن يدعى .... الذي قام بالاتصال بالمتهمين .... و .... (الطاعنين) فقروا لها أنها ستواجه الصعاب إذا ما عادت إلى منزل أهليتها وأنها ستبيت رفقة زوجة شقيق أحدهم وتوجهت رفقة المتهمين في شقة تحت الإنشاء حيث مكثت بها فقام الطاعن الأول بطلب معاشرتها جنسيًا إلَّا أنها رفضت فقام بتهديدها بسلاح أبيض حتى تمكن من اغتصابها وفض غشاء بكارتها ثم طلب الثاني معاشرتها أيضًا إلَّا أنها رفضت فغافلتهما وقامت بإلقاء نفسها من شرفة الدور الرابع " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن جريمة خطف أنثى بالتحايل أو الإكراه المنصوص عليها في المادة 290 من قانون العقوبات تتحقق بإبعاد هذه الأنثى عن المكان الذي خطفت فيه أيًا كان هذا المكان بقصد العبث بها ، وذلك عن طريق استعمال طرق احتيالية من شأنها التغرير بالمجنى عليها وحملها على مرافقة الجاني لها أو باستعماله أي وسيلة مادية أو أدبية من شأنها سلب إرادتها ، وكان من المقرر أن مجرد القول الكاذب الخالي من استعمال طرق الغش والإيهام لا يرقى إلى مرتبة التحيل ، وإنما يقصد بالتحيل الذي ساواه المشرع بالإكراه إلى أكثر من الأقوال المجردة التي لا ترتفع إلى حد الغش والتدليس اللذين لا يكفي فيهما القول المجرد من وسائل الخداع التي من شأنها التأثير في إرادة من وجهت إليه ، وإذ كان من المقرر أن تقدير ركن التحيل أو الإكراه في هذه الجريمة مسألة موضوعية تفصل فيه محكمة الموضوع ، إلَّا أن ذلك مشروط بأن يكون استدلالها على ذلك سليمًا . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه إنه استند إلى توافر ركن التحيل إلى مجرد قول الطاعنين للمجني عليها بتوفير مبيت لها مع زوجة شقيق أحدهما دون استعمال طرق احتيالية للتغرير بالمجنى عليها وحملها على مرافقتهم إلى مكان الواقعة ، وأغفل الحكم ما ورد بأقوالها أنها ذهبت مع المتهمين برضاها ، وما جاء بأقوال والد المجنى عليها بمحضر جلسة المحاكمة من سبق هروبها من المنزل مرة قبل حدوث الواقعة ومرة أخرى عقب حدوثها ودلالة ذلك ومدى أثره في الواقعة ، فإن الحكم يكون قد تردى في حومة القصور والفساد في الاستدلال ، هذا ومن ناحية أخرى فإن مفاد ما أورده الحكم أنه استند إلى إدانة الطاعنين - فيما استند إليه - إلى تحريات الشرطة وأقوال مجريها ثم عاد واطرحها وهو في معرض الرد على دفاع الطاعنين بعدم جديتها ، مفصحًا عن عدم استناده إليها ، فإن ذلك يصم استدلال الحكم بالتناقض والاضطراب الذي ينبئ عن اختلال فكرته عن عناصر الواقعة التي استخلص منها الإدانة وعدم استقرارها في عقيدته ، ولا يقدح في ذلك أن يكون الحكم قد استند في إدانة الطاعنين إلى أدلة أخرى ، إذ الأدلة الجنائية متساندة يشد بعضها بعضًا ومنها قد استند في إدانة الطاعنين إلى أدلة أخرى ، إذ الأدلة الجنائية متساندة يشد بعضها بعضًا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث انهار أحدهما أو استبعد تعذر على مدى الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

        اتهمت النيابة الطاعنين بأنهم :

1- خطفا بنفسيهما وبطريق التحايل الأنثى الطفلة .... وذلك بأن استدرجاها إلى مسكن الثاني بحجة توفير مكان لها للمبيت فيه فأبعدوها بذلك عن ذويها على النحو المبين بالتحقيقات وقد اقترنت بتلك الجناية جناية أخرى هي : أنه بذات الزمان والمكان المتهم الأول واقع المجني عليها سالفة الذكر التي لم تبلغ ثمانية عشرة سنة ميلادية كاملة بغير رضاها بأن أشهر في وجهها سلاحًا أبيض " مطواة " فبث الرعب في نفسها وجردها من ملابسها وطرحها أرضًا وجثم فوقها وأولج قضيبه في فرجها فانفضت بكارتها وذلك على النحو المبين بالأوراق .

2- المتهم الثاني : شرع في مواقعة المجني عليها سالفة الذكر بغير رضاها بأن جردها من ملابسها محاولاً التعدي عليها جنسيًا ومعاشرتها إلَّا أن أثر جريمته خاب لسبب لا دخل لإرادته به وهو فرار المجني عليها وإلقائها بنفسها من شرفة مسكن المتهمين .

3- حازا وأحرزا سلاحاً أبيض " مطواة " بغير ترخيص وبغير مسوغ من ضرورة شخصية أو حرفية .

وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

والمحكمة قضت بإحالة أوراق الدعوى لفضيلة المفتي لإبداء الرأي فيما نسب للمتهم الأول وحددت جلسة للنطق بالحكم .

المحكمة قضت حضوريًا عملاً بالمادتين 267، 290 من قانون العقوبات ، والمادتين 1/1، 25 مكرراً أ/1 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم 5 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون والمادة 116 مكرراً من القانون 12 لسنة 1996 المعدل ، وبعد إعمال أحكام المادة 17 من قانون العقوبات في حق المحكوم عليه الثاني ، وإعمال أحكام المادة 32 من قانون العقوبات في حق المحكوم عليهما . أولاً: بمعاقبة .... بالسجن المؤبد عن الاتهام المسند إليه . ثانيًا: وبإجماع الآراء بمعاقبة .... بالإعدام شنقًا عن الاتهام المسند إليه .

 فطعــــن المحكـوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

من حيث إنه يبين من الأوراق أن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة المحكوم فيها حضوريًا على الطاعنين بعقوبة الإعدام مشفوعة بمذكرة برأيها دون إثبات تاريخ تقديمها للتثبت من مراعاة حصول العرض في الميعاد المقرر قانوناً إلَّا أن تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة ، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة .

ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه إذ دانهما بجريمة خطف أنثى بطريق التحايل المقترن بجناية مواقعتها بغير رضاها وإحراز سلاح أبيض بغير مقتضى من الضرورة الشخصية أو الحرفية قد شابه القصور والتناقض في التسبيب ، ذلك أنه لم يبين واقعة الدعوى بياناً كافياً تتحقق به أركان الجريمة ملتفتًا عن دفاعهما بانتفاء ركني الجريمة المادي والمعنوي ، وأورد في موضع منه اطمئنانه إلى التحريات وأقوال مجريها ثم عاد واطرحها في شأن رضاء المجني عليها بمواقعتها مما يصم تدليله بالتناقض ، بما يعيبه ويستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما مفاده أن المجني عليها نشب بينها وبين والدها خلاف لتأخرها في العودة للمنزل بعد شراء بعض الاحتياجات المنزلية فغافلت والدها وأشقاؤها وغادرت المنزل متوجهة إلى شقيقتها المقيمة بمنطقة .... فضلت طريقها والتقت بمن يدعى .... الذي قام بالاتصال بالمتهمين .... و .... (الطاعنين) فقروا لها أنها ستواجه الصعاب إذا ما عادت إلى منزل أهليتها وأنها ستبيت رفقة زوجة شقيق أحدهم وتوجهت رفقة المتهمين في شقة تحت الإنشاء حيث مكثت بها فقام الطاعن الأول بطلب معاشرتها جنسيًا إلَّا أنها رفضت فقام بتهديدها بسلاح أبيض حتى تمكن من اغتصابها وفض غشاء بكارتها ثم طلب الثاني معاشرتها أيضًا إلَّا أنها رفضت فغافلتهما وقامت بإلقاء نفسها من شرفة الدور الرابع " . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن جريمة خطف أنثى بالتحايل أو الإكراه المنصوص عليها في المادة 290 من قانون العقوبات تتحقق بإبعاد هذه الأنثى عن المكان الذي خطفت فيه أيًا كان هذا المكان بقصد العبث بها ، وذلك عن طريق استعمال طرق احتيالية من شأنها التغرير بالمجنى عليها وحملها على مرافقة الجاني لها أو باستعماله أي وسيلة مادية أو أدبية من شأنها سلب إرادتها ، وكان من المقرر أن مجرد القول الكاذب الخالي من استعمال طرق الغش والإيهام لا يرقى إلى مرتبة التحيل ، وإنما يقصد بالتحيل الذي ساواه المشرع بالإكراه إلى أكثر من الأقوال المجردة التي لا ترتفع إلى حد الغش والتدليس اللذين لا يكفى فيهما القول المجرد من وسائل الخداع التي من شأنها التأثير في إرادة من وجهت إليه ، وإذ كان من المقرر أن تقدير ركن التحيل أو الإكراه في هذه الجريمة مسألة موضوعية تفصل فيه محكمة الموضوع ، إلَّا أن ذلك مشروط بأن يكون استدلالها على ذلك سليمًا. لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه إنه استند إلى توافر ركن التحيل إلى مجرد قول الطاعنين للمجنى عليها بتوفير مبيت لها مع زوجة شقيق أحدهما دون استعمال طرق احتيالية للتغرير بالمجنى عليها وحملها على مرافقتهم إلى مكان الواقعة ، وأغفل الحكم ما ورد بأقوالها أنها ذهبت مع المتهمين برضاها ، وما جاء بأقوال والد المجنى عليها بمحضر جلسة المحاكمة من سبق هروبها من المنزل مرة قبل حدوث الواقعة ومرة أخرى عقب حدوثها ودلالة ذلك ومدى أثره في الواقعة ، فإن الحكم يكون قد تردى في حومة القصور والفساد في الاستدلال ، هذا ومن ناحية أخرى فإن مفاد ما أورده الحكم أنه استند إلى إدانة الطاعنين - فيما استند إليه - إلى تحريات الشرطة وأقوال مجريها ثم عاد واطرحها وهو في معرض الرد على دفاع الطاعنين بعدم جديتها، مفصحًا عن عدم استناده إليها ، فإن ذلك يصم استدلال الحكم بالتناقض والاضطراب الذي ينبئ عن اختلال فكرته عن عناصر الواقعة التي استخلص منها الإدانة وعدم استقرارها في عقيدته ، ولا يــقدح في ذلك أن يكون الحكم قد استند في إدانة الطاعنين إلى أدلة أخرى ، إذ الأدلة الجنائية متساندة يشد بعضها بعضًا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث انهار أحدهما أو استبعد تعذر على مدى الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ما تقدم ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 573 لسنة 75 ق جلسة 9 / 9/ 2014 مكتب فني 65 أحوال شخصية ق 137 ص 856

جلسة 9 من سبتمبر سنة 2014
برئاسة السيد القاضي/ أحمد الحسيني يوسف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ موسى محمد مرجان، محمد السيد النعناعي، وائل سعد رفاعي وعثمان مكرم توفيق نواب رئيس المحكمة. 
--------------- 
(137)
الطعن 573 لسنة 75 القضائية "أحوال شخصية"
(1) نقض "الحكم في الطعن: أثر وفاة أحد الخصوم".
وفاة أحد طرفي الخصومة. غير مانع للحكم فيها متى تهيأت الدعوى للحكم في موضوعها. اعتبار الدعوى مهيأة للحكم أمام محكمة النقض. شرطه. استيفاء جميع الإجراءات من إيداع وتبادل المذكرات. لا أثر للوفاة بعد ذلك. ثبوت الوفاة. سبيله. بصورة رسمية من شهادة وفاته أو إعلام وراثته. 
(2) وقف "الاختصاص بدعوى الوقف: لجنة شئون الأوقاف".
النزاع المتعلق بأصل الوقف أو إنشائه أو توافر أركانه أو شخص المستحق فيه أو تفسير شروطه. اختصاص المحاكم العادية بنظره. قصر اختصاص لجنة شئون الأوقاف التي حلت محل مجلس وكلاء وزارة الأوقاف على تقدير وفرز حصة الخيرات في الوقف. اقتضاء النزاع من محكمة الموضوع التعرض لتفسير إشهار التغيير وتحديد المستحقين من ورثة الواقف وتفسير م 24 ق 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف. مؤداه. خروجه عن نطاق اختصاص لجنة شئون الأوقاف واختصاص المحاكم العادية به. 
(3) وقف "أحكام الوقف: قسمة الوقف: لجان القسمة: اختصاصها".
لجان قسمة أعيان الوقف المنشأة بموجب ق 55 لسنة 1960. قصر اختصاصها على رفض طلب القسمة أو إجرائها. عدم اختصاصها بالفصل في أصل الاستحقاق أو مقداره ولا المنازعة حول تحديد مصرف الوقف وما إذا كان أهليا أم خيريا وكذا طلبات تقرير حصة الخيرات فيه. حكمها بالقسمة لا أثر له على الحق محل النزاع. المنازعة حول صفة النصيب الذي شرطه الواقف لصالح الفقراء من أهليته وما إذا كان وقفا أهليا أم خيريا. خروجها عن اختصاص هذه اللجان. اختصاص المحاكم العادية بالفصل فيها. 
(4) وقف "الوقف على غير وجوه الخير: الوقف على وجوه الخير".
الوقف على غير وجوه الخير. لا يكون على سبيل القربى والصدقة وإنما يكون على سبيل البر والصلة كالوقف على الذرية والأقارب وذرية الغير. شرطه. عدم إناطة الاستحقاق فيه بوصف يدخله في الوقف على وجوه الخير. جعل الواقف علة وقفه مصروفة للفقراء منهم. دخوله في نطاق الوقف على وجوه الخير. 
(5) وقف "غرض الواقف".
غرض الواقف. للقاضي استظهاره من مجموع كلامه في كتاب الوقف كوحدة متكاملة. شرطه. عدم الخروج في ذلك لشرط الواقف عن معناه الظاهر إلى معنى آخر يخالفه. اعتبار شرط الواقف كنص الشارع في الفهم والدلالة ووجوب العمل. م 10ق 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف. 
(6) وقف "أنواع الوقف: الوقف الخيري".
جعل الواقف مصرف ريع الحصة الموقوفة على أقاربه منوطا بوصف يدخله في الوقف على وجوه الخير وهو صفة الفقر. مؤداه. وقف ذلك النصيب على سبيل القربى والصدقة وليس البر والصلة. اعتبار الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذه الحصة وقفا أهليا. قصور وخطأ ومخالفة للثابت في الأوراق. 
(7) محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة".
محكمة الموضوع لها السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى من الأدلة المقدمة فيها. خضوعها في تكييف هذا الفهم وفي تطبيق ما ينبغي من أحكام القانون لرقابة محكمة النقض. اطراحها للأوراق والمستندات المؤثرة في حقوق الخصوم دون ترديد أسباب هذا الاطراح. قصور. 
(8) دعوى "إجراءات نظر الدعوى: الدفاع في الدعوى: الدفاع الجوهري".
إغفال الحكم بحث دفاع جوهري أبداه الخصم. قصور في أسباب الحكم الواقعية. مقتضاه. بطلان الحكم. 
(9) حكم "عيوب التدليل: القصور: ما لا يعد كذلك".
أخذ المحكمة بتقرير الخبير الذي انتهى إلى نتيجة لا تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم ولا تصلح ردا على دفاع جوهري. قصور. 
(10) وقف "الاستحقاق الواجب".
الاستحقاق الواجب في الوقف لورثة الواقف الموجودين وقت وفاته. المادتان 24، 30/ 1ق 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف. المحروم من الاستحقاق. حقه في رفع دعوى مطالبة خلال سنتين شمسيتين من تاريخ موت الواقف بشرط التمكن وعدم العذر الشرعي. علة ذلك. تقدير قيام العذر. متروك لمحكمة الموضوع. 
(11) أموال "الأموال عامة".
الأماكن المخصصة للعبادة والبر والإحسان والتي تقوم الدولة بإدارة شئونها والصرف عليها من أموالها والمباني المخصصة للمقابر. من أملاك الدولة العامة. 
(12) حكم "عيوب التدليل: مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه".
تحديد الحكم المطعون فيه حصة الخيرات في الوقف بالثلث وأدخل فيه عقارين أخذا بالنتيجة التي انتهى إليها الخبراء أمام محكمة الموضوع. عدم تمحيصه دفاع الطاعن بصفته بأن الثابت من إشهاد التغيير أن حصة الخيرات تشمل ما شرطه الواقف للصرف على المسجد والمدرسة وما شرط لصالح الفقراء من أهليته وأن العقار الأول هو وقف على المدرسة منذ شراء الواقف له وأن العقار الآخر مقام عليه المسجد والمدرسة المسلمة إلى وزارة التربية والتعليم التي تديرها وتصرف عليها وهما من الأموال العامة ولا ريع لها. قصور وخطأ وإخلال بحق الدفاع ومخالفة للثابت في الأوراق. علة ذلك. 
----------------- 
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن وفاة أحد طرفي الخصومة بعد أن تكون الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها لا يمنع من الحكم فيها على موجب الأقوال والطلبات الختامية، وأن الدعوى تعتبر مهيأة للحكم أمام محكمة النقض بعد استيفاء جميع إجراءات الدعوى من إيداع المذكرات وتبادلها بين الطرفين ولا أثر للوفاة بعد ذلك، ولا تثبت وفاة الخصم إلا بصورة رسمية من شهادة وفاته أو إعلام وراثته. لما كان ذلك، ولما كانت أوراق الطعن قد خلت من أي دليل على وفاة سالف الذكر وأن ما استندت إليه النيابة في رأيها هو ما أورده المحضر بالإعلان المؤرخ 30/ 7/ 2005 بأن المطعون ضده المذكور سلفا لم يتم إعلانه لوفاته دون أن يبين المصدر الذي استقى منه ذلك في حين أن البين من محضر إعلان نفس المطعون ضده بتاريخ 27/ 7/ 2005 أن المحضر القائم بالإعلان أثبت إعلان المطعون ضده المذكور إداريا مخاطبا مع مأمور قسم الزيتون لغيابه وغلق السكن، فإن الدفع المبدى من النيابة يكون عارٍيا عن دليله، ومن ثم غير مقبول. 
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن النزاع المتعلق بأصل الوقف أو إنشائه أو توفر أركانه التي لا يتحقق إلا بها أو شخص المستحق فيه أو تفسير شروطه تختص بنظره المحاكم العادية وأن اختصاص مجلس وكلاء وزارة الأوقاف الذي حل محل لجنة شئون الأوقاف قاصر على تقدير وفرز حصة الخيرات في الوقف. لما كان ذلك، وكان النزاع في الدعوى رقم ... لسنة 1972 أحوال شخصية شمال القاهرة الابتدائية يدور حول تفسير شرط الواقف في إشهاد التغيير المؤرخ 18/ 9/ 1950 لبيان ما إذا كان ما شرطه الواقف على الفقراء من أقاربه هو وقف أهلي ويؤول الاستحقاق إلى مورثه المطعون ضدهم تحت البند رقم (1) من أولا حتى رابعا أم أن هذا الوقف لصالح الخيرات كما تتمسك بذلك وزارة الأوقاف، كما يدور النزاع في الدعوى رقم ... لسنة 1980 كلي أحوال شخصية جنوب القاهرة حول المقدار الذي يستحقه ورثة الواقف في أعيان الوقف وما إذا كانوا يستحقون ثلثي الأعيان الموقوفة استنادا إلى نص المادة 24 من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف وأن الحصة المخصصة للخيرات بما في ذلك حصة أقاربه الفقراء لا تزيد على ثلث الأعيان الموقوفة وبالمخالفة لشروط الواقف في إشهاد التغيير سالف الذكر، وكان الفصل في هذا النزاع يقتضي من محكمة الموضوع التعرض لتفسير إشهاد التغيير وتحديد المستحقين من ورثة الواقف طبقا للمادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء الوقف على غير الخيرات، كما يقتضي الفصل في هذا النزاع أيضا التعرض لتفسير المادة 24 من القانون رقم 48 لسنة 1946 سالفة الذكر وهو ما يخرج عن نطاق اختصاص لجنة شئون الأوقاف وتختص به المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة للفصل في المنازعات كافة ولا يغير من ذلك صدور القرار رقم 46 لسنة 1992 من مجلس وكلاء وزارة الأوقاف لصدوره من جهة خارج حدود ولايتها، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون. 
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مؤدى النص في المادة الرابعة من القانون رقم 55 لسنة 1960 بقسمة الأعيان التي انتهى فيها الوقف أن لجان القسمة المنشأة بموجب هذا القانون لا تختص بالفصل في أصل الاستحقاق أو مقداره عند المنازعة فيه، ولا بالفصل في المنازعة حول تحديد مصرف الوقف وما إذا كان أهليا أم خيريا باعتباره منازعة في أصل الاستحقاق وأيضا طلبات تقدير وفرز حصة الخيرات فيه وإنما تأمر إذا ما أثيرت منازعة في ذلك إما برفض طلب القسمة وإما بإجرائها حسبما تراه ظاهرا من الأوراق ويكون حكمها بالقسمة في هذه الأحوال غير مؤثر على الحق المتنازع فيه وغير مانع من رفع الدعوى به إلى المحكمة المختصة، ويؤكد ذلك ما ورد بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون في التعليق على المادة 13 منه والتي تقضي في فقرتها الأخيرة بأن الحكم الصادر من محكمة الاستئناف في الطعن في القرارات النهائية الصادرة من لجان القسمة يكون نهائيا غير قابل للطعن أمام أي جهة قضائية من أنه "وبديهي أنه إذا كان النزاع على مقدار الاستحقاق فإن لصاحب الشأن أن يرفع بحقه دعوى أمام المحكمة على ما سبقت الإشارة إليه في المادة الرابعة من المشروع "إذ أن مضي اللجنة في إجراء القسمة يكون حسبما تراه ظاهرا من الأوراق إذا اتصل النزاع بأصل الاستحقاق ذاته أو بمقداره. لما كان ذلك، وكانت المنازعة تدور حول صفة النصيب الذي شرطه الواقف لصالح الفقراء من أهليته وما إذا كان وقف أهليا أم وقفا على الخيرات مما تعتبر من المنازعات التي تخرج عن اختصاص لجان قسمة أعيان الوقف المنصوص عليها في القانون رقم 55 لسنة 1960 وتختص المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة في المسائل المدنية بالفصل فيها رغم صدور حكم من لجنة قسمة أعيان الوقف محل النزاع وقضى بعدم قبول تدخل مورثة المطعون ضدهم في البند (1) إذ أنه غير مؤثر على الحق المتنازع فيه وغير مانع من رفع الدعوى به إلى المحكمة المختصة ولا يحوز في هذا الخصوص أي حجية، وإذ التزم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع المبدئ من الطاعن بصفته بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في المادة 1090 من لجنة القسمة بوزارة الأوقاف استنادا إلى أنه لم يفصل في موضوع النزاع فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. 
4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مناط التفريق بين الوقف على غير وجوه الخير والوقف على وجوه الخير هو أن الأول لا يكون على سبيل القربى والصدقة وإنما يكون على سبيل البر والصلة كالوقف على الذرية والأقارب أو ذرية الغير إذ لم يناط فيه الاستحقاق بوصف يدخله في الوقف على وجوه الخير، فإن جعل الواقف غلة وقفه مصروفة للفقراء منهم كان على سبيل القربى والصدقة مما يدخل في نطاق الوقف على وجوه الخير. 
5 - إن المادة العاشرة من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف لم ترسم طريقة خاصة لاستظهار المعنى الذي أراده الواقف من كلامه، وأطلقت للقاضي حرية فهم غرض الواقف من عباراته، إلا أن هذا الحق مقيد في عدم الخروج في هذا الفهم لشرط الواقف عن معناه الظاهر إلى معنى آخر يخالفه، وكان المراد من كلام الواقف مجموع كلامه في كتاب وقفه لا خصوص كلمة بعينها أو عبارة بذاتها، بل ينظر إلى ما تضمنه كتابه كله كوحدة متكاملة ويعمل بما يظهر أنه أراده منه واتجه إليه مقصده، اعتبارا بأن شرط الواقف كنص الشارع في الفهم والدلالة وفي وجوب العمل. 
6 - إذ كان البين من إشهاد التغيير المؤرخ 18 من سبتمبر سنة 1950 أنه نص فيه على "أن الواقف قسم ريع وقفه إلى قسمين الأول مقداره الثلث ويودع خزانة محكمة مصر الشرعية على ذمة التجديد والتعمير بحيث كلما بلغ المتوفر المودع من ريع هذا القسم (وهو الثلث) من ثمانمائة جنيه إلى ألف جنيه وجب على من له الولاية على هذا الوقف أن يشتري به عينا تضم وتلحق بهذا الوقف ويكون حكمها كحكمه وشرطها كشرطه ... والقسم الثاني ومقداره الثلثان ويصرف في الوجوه وبالمقادير المعينة بهذا الإشهاد منها ما يصرف على مسجده الكائن بشارع جسر السويس بمصر الجديدة والمدرسة التي تم إنشاؤها وأطلق عليها اسم مدرسة ...... النموذجية والتي تولت إدارتها وزارة المعارف، ومنها ما شرطه لكل واحد من أولاده ذكرا كان أو أنثى للصرف على الطعام والكسوة والسكنى ونفقات التعليم ومكافآت التفوق وما يصرف لبناته وبنات أولاده عند زواجهن لأول مرة وما يصرف لزوجاته سواء كانت على عصمته وقت وفاته أم طلقت منه في حياته، كما جعل لنظار الوقف عشر ريع القسم الثاني كما نص في هذا الإشهاد على أن ما تبقى من صافي ريع القسم الثاني بعد صرف ما شرط صرفه، يصرف نصفه أي خمسين في المائة لورثته الشرعيين الذين لهم حق الإرث شرعا طبقا لأحكام الميراث الشرعية كأن ذلك تركة مخلفة عنه وينتقل نصيب كل وارث إلى فروعه من الطبقة التي تليه فقط والنصف الثاني يصرف للفقراء من أهل قرابته ويقدم الأقرب الأحوج منهم على غيره ويختار أيام المواسم والأعياد الإسلامية ليصرف ذلك لهم لأنها أنسب الأوقات للتوسعة على أن يضم من النصف الأول لهذا النصف ويصرف مصرفه كل نصيب لوارث مات عن غير فرع وارث له من الطبقة الأولى وكذلك كل نصيب لوارث مات من أهل الطبقة الثانية ولو عن فرع له حتى يؤول ذلك الباقي من صافي ريع القسم الثاني كله إلى الفقراء من أهل قرابته كما سلف". وظاهر هذا الإنشاء يدل على أن الواقف قد جعل مصرف ريع الحصة الموقوفة على أقاربه منوطا بوصف يدخله في الوقف على وجوه الخير وهو صفة الفقر فإن وقف ذلك النصيب يكون على سبيل القربى والصدقة وليس على سبيل البر والصلة، وإذ خالف الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر الحصة الموقوفة على الفقراء من أقارب الواقف وقفا أهليا فإنه يكون قد عابه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق الذي جره إلى الخطأ في تطبيق القانون. 
7 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه وإن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى من الأدلة المقدمة فيها وترجيح بعضها على البعض الآخر إلا أنها تخضع لرقابة محكمة النقض في تكييفها هذا الفهم وفي تطبيق ما ينبغي من أحكام القانون بحيث لا يجوز لها أن تطرح ما يقدم إليها تقديما صحيحا من الأوراق والمستندات المؤثرة في حقوق الخصوم دون أن تدون في حكمها بأسباب خاصة ما يبرر هذا الاطراح وإلا كان حكمها قاصرا. 
8 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهريا ومؤثرا في النتيجة التي انتهى إليها إذ يعتبر ذلك الإغفال قصورا في الأسباب الواقعية يقتضي بطلانه، وبما مؤداه أنه إذ طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى فإن كان منتجا فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسما بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها فإن هي لم تفعل كان حكمها قاصرا. 
9 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه إذا أخذت محكمة الموضوع بتقرير الخبير المقدم في الدعوى وأحالت في بيان أسباب حكمها إليه، وكان ما أورده الخبير لا يؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها بحيث لا تصلح ردا على دفاع جوهري تمسك به الخصوم، كان حكمها معيبا بالقصور. 
10 - إن النص في المادتين 24، 30/ 2 من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف يدل على أن المشرع رأى أن يحد من حرية الواقف في حرمان الوارثين من ذريته وزوجه أو أزواجه الموجودين وقت وفاته من الاستحقاق فيما يوقفه زيادة على ثلث ماله وأن يتم توزيع الاستحقاق عليهم وفقا لأحكام الميراث وأن ينتقل استحقاق كل منهم إلى ذريته من بعده وفقا لأحكام القانون، فإذا حرم الواقف أحدا ممن لهم حق واجب في الوقف بمقتضى أحكام هذا القانون من كل أو بعض ما يجب له، كان له الحق - عند المنازعة - في رفع دعوى المطالبة بحقه وذلك خلال سنتين شمسيتين من تاريخ موت الواقف وذلك بشرط التمكن وعدم العذر الشرعي، فإذا لم يرفع المحروم الدعوى بحقه في خلال الفترة سالفة الذكر فلا يتغير شيء من الاستحقاق. 
11 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الأماكن المخصصة للعبادة والبر والإحسان والتي تقوم الدولة بإدارة شئونها والصرف عليها من أموالها والمباني المخصصة للمقابر تعتبر من أملاك الدولة العامة. 
12 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائي الصادر في الدعوى رقم ... لسنة 1980 أحوال شخصية جنوب القاهرة الابتدائية الذي ذهب إلى تحديد حصة الخيرات في وقف المرحوم/ ... بالثلث وأدخل فيها العقارين رقمي ...، ... شارع جسر السويس أخذا بالنتيجة التي انتهى إليها الخبراء أمام محكمة الاستئناف ومحكمة أول درجة، ودون أن يمحص دفاع الطاعن بصفته بأن الثابت من إشهاد التغيير المؤرخ 18/ 9/ 1950 أن حصة الخيرات تشمل ما شرطه الواقف للصرف على المسجد والمدرسة وما شرطه لصالح الفقراء من أهليته وأن العقار رقم ... شارع جسر السويس هو وقف خيري على المدرسة منذ شراء الواقف له بموجب الحجة المؤرخة 25/ 11/ 1945 وأن العقار ... شارع جسر السويس مقام عليه المسجد والمدرسة وأن المسجد خارج عن دائرة التعامل بطبيعته فلا يصح أن يكون محلا للقسمة وكذلك المدرسة فإنها سلمت في حياة الواقف إلى وزارة التربية والتعليم - المعارف سابقا - وهي التي تتولى إدارتها والصرف عليها وتعد من الأموال العامة ولا ريع لها وهو دفاع جوهري يتغير به - إن صح - وجه الرأي فيه في الدعوى، فإن الحكم يكون - فضلا عن خطئه في تطبيق القانون - قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت في الأوراق. 
---------------- 
الوقائع
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مورثة المطعون ضدهم في البند رقم (1) ...... أقامت الدعوى التي قيدت برقم ..... لسنة 1972 أحوال شخصية شمال القاهرة الابتدائية على الطاعن بصفته بطلب الحكم باستحقاقها لحصة قدرها 9.54427ط في وقف المرحوم/ ....... وقالت بيانا لذلك إنه بموجب شهادات وقف صادرة عن محكمة مصر الابتدائية الشرعية بتاريخ 22/ 11/ 1942، 22/ 11/ 1945 و26/ 6/ 1945 وقف المرحوم/ ...... للأعيان المبينة بها وبين فيها مصارف الوقف وشروطه، وبموجب إشهاد تغيير مؤرخ 18/ 9/ 1950 أمام المحكمة سالفة الذكر غير الواقف في مصارف الوقف بأن قسم ريعه إلى الثلث ويودع خزانة محكمة مصر الشرعية للصرف على تجديد وتعمير أعيان الوقف وشراء أعيان تضم إلى الوقف والثلثان يبدأ بالصرف من ريعه على المسجد والمدرسة وتعليم أولاد الواقف والإنفاق عليهم وتزويج بنات الواقف وبنات أولاده الذكور والباقي من الريع بعد استيفاء البنود السابقة جعل نصفه لأولاده طبقا لقواعد الميراث الشرعي والنصف الآخر للفقراء من أقاربه ويقدم منهم الأقرب الأحوج، وإذ توفى الواقف بتاريخ 24/ 8/ 1952 وصدر المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء الوقف على غير الخيرات وقضى بأن تؤول ملكية ما انتهى فيه الوقف إلى المستحقين فيه كل بقدر حصته في الاستحقاق فإن ملكية النصف الثاني من البند الثامن من إشهاد التغيير تؤول إليها باعتبار أن وقف الأقارب وقف أهلي وهي تستحقه باعتبارها أخته الفقيرة الوحيدة، ومن ثم فقد أقامت الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد أن سمعت الشهود، حكمت بتاريخ 28/ 11/ 1972 برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لسابقة الفصل فيها وبقبولها وباستحقاق المطعون ضدهم في البند (1) لحصة قدرها 9.54427ط في الوقف سالف الذكر. استأنف الطاعن بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 94ق القاهرة، كما استأنفه المطعون ضدهم في البند (2) لدى ذات المحكمة بالاستئناف رقم ... لسنة 94ق، كما أقام ورثة الواقف الدعوى رقم ... لسنة 1980 أحوال شخصية جنوب القاهرة الابتدائية على الطاعن بصفته بطلب الحكم بتحديد حصة الخيرات في وقف المرحوم/ ... بما في ذلك المسجد والمدرسة وأقاربه الفقراء بثلث الأعيان الموقوفة، وقالوا بيانا لدعواهم إنه بموجب إشهادات صادرة عن محكمة مصر الشرعية بتاريخ 22/ 11/ 1942، 22/ 11/ 1945 و26/ 6/ 1945 وقف المرحوم/ ... الأعيان المبينة به وبين في الإشهاد الأول شروط ومصارف الوقف وبموجب إشهاد تغيير مؤرخ 18/ 9/ 1950 غير الواقف في مصارف وقفه على النحو المبين في ذلك الإشهاد، ولما كان الوقف صادرا قبل صدور القانون رقم 48 لسنة 1946 وكان الواقف لازال على قيد الحياة وطبقا لنص المادة 24 من هذا القانون فإن نصيب الخيرات يجب ألا يزيد عن ثلث قيمة الوقف ويؤول الباقي لورثة الواقف، لذا فقد أقاموا الدعوى. ندبت المحكمة خبيرا وبعد أن قدم تقريره أعادت المأمورية لفحص اعتراضات الطاعن بصفته وبعد أن قدم خبير الإعادة تقريره حكمت بتاريخ 31/ 3/ 1990 برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة نوعيا بنظر الدعوى وباختصاصها، وبرفض الدفع بعدم سماع الدعوى وبسماعها، وبتحديد حصة الخيرات بثلث الوقف سالف الذكر وخصصته في العقارات المبينة الحدود والمعالم بالتقرير والبالغ قيمتها بمبلغ 569000 جنيه، استأنف الطاعن بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم ..... لسنة 107ق القاهرة، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافات الثلاثة للارتباط قضت بتاريخ 17 من مايو لسنة 2005 بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بانقطاع سير الخصومة في الطعن لوفاة/ ..... أحد المطعون ضدهم ورفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة المشورة - فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها. 
-------------------- 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من النيابة بانقطاع سير الخصومة في الطعن لوفاة أحد المطعون ضدهم وهو/ ...، فإنه لما كان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن وفاة أحد طرفي الخصومة بعد أن تكون الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها لا يمنع من الحكم فيها على موجب الأقوال والطلبات الختامية، وأن الدعوى تعتبر مهيأة للحكم أمام محكمة النقض بعد استيفاء جميع إجراءات الدعوى من إيداع المذكرات وتبادلها بين الطرفين ولا أثر للوفاة بعد ذلك، ولا تثبت وفاة الخصم إلا بصورة رسمية من شهادة وفاته أو إعلام وراثته. لما كان ذلك، ولما كانت أوراق الطعن قد خلت من ثمة دليل على وفاة سالف الذكر وأن ما استندت إليه النيابة في رأيها هو ما أورده المحضر بالإعلان المؤرخ 30/ 7/ 2005 بأن المطعون ضده المذكور سلفا لم يتم إعلانه لوفاته دون أن يبين المصدر الذي استقى منه ذلك في حين أن البين من محضر إعلان نفس المطعون ضده بتاريخ 27/ 7/ 2005 أن المحضر القائم بالإعلان أثبت إعلان المطعون ضده المذكور إداريا مخاطبا مع مأمور قسم الزيتون لغيابه وغلق السكن، فإن الدفع المبدي من النيابة يكون عاريا عن دليله، ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن الطعن قد أستوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بصفته بالوجه الثالث من السبب الأول والوجه الأول من السبب الثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك بعدم اختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى استنادا إلى أن النزاع يدور حول تقدير وفرز حصة الخيرات في أعيان الوقف وهو ما يختص به مجلس وكلاء وزارة الأوقاف وقد أصدر ذلك المجلس القرار رقم 46 لسنة 1992 بفرز حصة الخيرات في وقف المرحوم/ ... وأصبح هذا القرار نهائيا إلا أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع استنادا إلى قرار لجنة الاعتراضات بأن على ذوي الشأن اللجوء إلى القضاء لتحديد حصة الخيرات، الأمر الذي يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النزاع المتعلق بأصل الوقف أو إنشائه أو توافر أركانه التي لا يتحقق إلا بها أو شخص المستحق فيه أو تفسير شروطه تختص بنظره المحاكم العادية وأن اختصاص مجلس وكلاء وزارة الأوقاف الذي حل محل لجنة شئون الأوقاف قاصر على تقدير وفرز حصة الخيرات في الوقف. لما كان ذلك، وكان النزاع في الدعوى رقم ..... لسنة 1972 أحوال شخصية شمال القاهرة الابتدائية يدور حول تفسير شرط الواقف في إشهاد التغيير المؤرخ 18/ 9/ 1950 لبيان ما إذا كان ما شرطه الواقف على الفقراء من أقاربه هو وقف أهلي ويؤول الاستحقاق إلى مورثه المطعون ضدهم تحت البند رقم (1) من أولا حتى رابعا أم أن هذا الوقف لصالح الخيرات كما تتمسك بذلك وزارة الأوقاف، كما يدور النزاع في الدعوى رقم ... لسنة 1980 كلي أحوال شخصية جنوب القاهرة حول المقدار الذي يستحقه ورثة الواقف في أعيان الوقف وما إذا كانوا يستحقون ثلثي الأعيان الموقوفة استنادا إلى نص المادة 24 من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف، وأن الحصة المخصصة للخيرات بما في ذلك حصة أقاربه الفقراء لا تزيد على ثلث الأعيان الموقوفة وبالمخالفة لشروط الواقف في إشهاد التغيير سالف الذكر، وكان الفصل في هذا النزاع يقتضي من محكمة الموضوع التعرض لتفسير إشهاد التغيير وتحديد المستحقين من ورثة الواقف طبقا للمادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء الوقف على غير الخيرات، كما يقتضي الفصل في هذا النزاع أيضا التعرض لتفسير المادة 24 من القانون رقم 48 لسنة 1946 سالفة الذكر وهو ما يخرج عن نطاق اختصاص لجنة شئون الأوقاف وتختص به المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة للفصل في المنازعات كافة ولا يغير من ذلك صدور القرار رقم 46 لسنة 1992 من مجلس وكلاء وزارة الأوقاف لصدوره من جهة خارج حدود ولايتها، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون، ويضحى النعي عليه في هذا الشأن على غير أساس.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعى بالوجه الرابع من السبب الأول والوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول الطاعن بصفته إنه تمسك بعدم جواز نظر الدعوى رقم ..... لسنة 1972 لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر من لجنة القسمة في المادة 1090 بتاريخ 8/ 11/ 1965 وقضى برفض تدخل مورثة المطعون ضدهم في البند (1) استنادا إلى أن ما شرطه الواقف لصالح أقاربه الفقراء هو وقف على الخيرات وأن الحكم في هذه المسألة يحوز حجية الأمر المقضي ويمنع الخصوم من العودة إلى هذه المسألة، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع استنادا إلى أن حكم لجنة القسمة غير قطعي ولا يمنع من نظر دعوى الاستحقاق الأمر الذي يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مؤدى النص في المادة الرابعة من القانون رقم 55 لسنة 1960 بقسمة الأعيان التي انتهى فيها الوقف أن لجان القسمة المنشأة بموجب هذا القانون لا تختص بالفصل في أصل الاستحقاق أو مقداره عند المنازعة فيه، ولا بالفصل في المنازعة حول تحديد مصرف الوقف وما إذا كان أهليا أم خيريا باعتباره منازعة في أصل الاستحقاق وأيضا طلبات تقدير وفرز حصة الخيرات فيه وإنما تأمر إذا ما أثيرت منازعة في ذلك إما برفض طلب القسمة وإما بإجرائها حسبما تراه ظاهرا من الأوراق ويكون حكمها بالقسمة في هذه الأحوال غير مؤثر على الحق المتنازع فيه وغير مانع من رفع الدعوى به إلى المحكمة المختصة، ويؤكد ذلك ما ورد بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون في التعليق على المادة 13 منه والتي تقضي في فقرتها الأخيرة بأن الحكم الصادر من محكمة الاستئناف في الطعن في القرارات النهائية الصادرة من لجان القسمة يكون نهائيا غير قابل للطعن أمام أي جهة قضائية من أنه "وبديهي أنه إذا كان النزاع على مقدار الاستحقاق فإن لصاحب الشأن أن يرفع بحقه دعوى أمام المحكمة على ما سبقت الإشارة إليه في المادة الرابعة من المشروع" إذ أن مضي اللجنة في إجراء القسمة يكون حسبما تراه ظاهرا من الأوراق إذا اتصل النزاع بأصل الاستحقاق ذاته أو بمقداره. لما كان ذلك، وكانت المنازعة تدور حول صفة النصيب الذي شرطه الواقف لصالح الفقراء من أهليته وما إذا كان وقفا أهليا أم وقفا على الخيرات مما تعتبر من المنازعات التي تخرج عن اختصاص لجان قسمة أعيان الوقف المنصوص عليها في القانون رقم 55 لسنة 1960 وتختص المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة في المسائل المدنية بالفصل فيها رغم صدور حكم من لجنة قسمة أعيان الوقف محل النزاع وقضى بعدم قبول تدخل مورثة المطعون ضدهم في البند (1) إذ أنه غير مؤثر على الحق المتنازع فيه وغير مانع من رفع الدعوى به إلى المحكمة المختصة ولا يحوز في هذا الخصوص أية حجية، وإذ التزم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع المبدئ من الطاعن بصفته بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في المادة 1090 من لجنة القسمة بوزارة الأوقاف استنادا إلى أنه لم يفصل في موضوع النزاع فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، ويضحى هذا النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن بصفته ينعى بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق إذ اعتبر الحصة التي أوقفها الواقف على أقاربه من الفقراء وقفا أهليا في حين أن الوقف على الأقارب لا يكون أهليا إلا إذا كان خاليا من أي وصف يدخله في نطاق الوقف على وجوه الخير، كما أن البين من إشهاد التغيير المؤرخ 18/ 9/ 1950 أن الواقف لم يجعل وقفه على أقاربه مطلقا وإنما ناطه بوصف يدخله في نطاق الوقف على أوجه الخير وهم الفقراء من أقاربه إلا أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، الأمر الذي يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المقرر أن مناط التفريق بين الوقف على غير وجوه الخير والوقف على وجوه الخير هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الأول لا يكون على سبيل القربى والصدقة وإنما يكون على سبيل البر والصلة كالوقف على الذرية والأقارب أو ذرية الغير إذ لم يناط فيه الاستحقاق بوصف يدخله في الوقف على وجوه الخير، فإن جعل الواقف غلة وقفه مصروفة للفقراء منهم كان على سبيل القربة والصدقة مما يدخل في نطاق الوقف على وجوه الخير، وأن المادة العاشرة من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف لم ترسم طريقة خاصة لاستظهار المعنى الذي أراده الواقف من كلامه، وأطلقت للقاضي حرية فهم غرض الواقف من عباراته، إلا أن هذا الحق مقيد في عدم الخروج في هذا الفهم لشرط الواقف عن معناه الظاهر إلى معنى آخر يخالفه، وكان المراد من كلام الواقف مجموع كلامه في كتاب وقفه لا خصوص كلمة بعينها أو عبارة بذاتها، بل ينظر إلى ما تضمنه كتابه كله كوحدة متكاملة ويعمل بما يظهر أنه أراده منه واتجه إليه مقصده، اعتبارا بأن شرط الواقف كنص الشارع في الفهم والدلالة وفي وجوب العمل. لما كان ذلك، وكان البين من إشهاد التغيير المؤرخ 18 من سبتمبر سنة 1950 أنه نص فيه على "أن الواقف قسم ريع وقفه إلى قسمين الأول مقداره الثلث ويودع خزانة محكمة مصر الشرعية على ذمة التجديد والتعمير بحيث كلما بلغ المتوفر المودع من ريع هذا القسم (وهو الثلث) من ثمانمائة جنيه إلى ألف جنيه وجب على من له الولاية على هذا الوقف أن يشتري به عينا تضم وتلحق بهذا الوقف ويكون حكمها كحكمه وشرطها كشرطه ... والقسم الثاني ومقداره الثلثان ويصرف في الوجوه وبالمقادير المعينة بهذا الإشهاد منها ما يصرف على مسجده الكائن بشارع ... بمصر الجديدة والمدرسة التي تم إنشاؤها وأطلق عليها أسم مدرسة ... النموذجية والتي تولت إدارتها وزارة المعارف، ومنها ما شرطه لكل واحد من أولاده ذكرا كان أو أنثى للصرف على الطعام والكسوة والسكنى ونفقات التعليم ومكافآت التفوق وما يصرف لبناته وبنات أولاده عند زواجهن لأول مرة وما يصرف لزوجاته سواء كانت على عصمته وقت وفاته أم طلقت منه في حياته، كما جعل لنظار الوقف عشر ريع القسم الثاني كما نص في هذا الإشهاد على أن ما تبقى من صافي ريع القسم الثاني بعد صرف ما شرط صرفه، يصرف نصفه أي خمسين في المائة لورثته الشرعيين الذين لهم حق الإرث شرعا طبقا لأحكام الميراث الشرعية كأن ذلك تركة مخلفة عنه وينتقل نصيب كل وارث إلى فروعه من الطبقة التي تليه فقط والنصف الثاني يصرف للفقراء من أهل قرابته ويقدم الأقرب الأحوج منهم على غيره ويختار أيام المواسم والأعياد الإسلامية ليصرف ذلك لهم لأنها أنسب الأوقات للتوسعة على أن يضم من النصف الأول لهذا النصف ويصرف مصرفه كل نصيب لوارث مات عن غير فرع وارث له من الطبقة الأولى وكذلك كل نصيب لوارث مات من أهل الطبقة الثانية ولو عن فرع له حتى يؤول ذلك الباقي من صافي ريع القسم الثاني كله إلى الفقراء من أهل قرابته كما سلف".
وظاهر هذا الإنشاء يدل على أن الواقف قد جعل مصرف ريع الحصة الموقوفة على أقاربه منوطا بوصف يدخله في الوقف على وجوه الخير وهو صفة الفقر فإن وقف ذلك النصيب يكون على سبيل القربى والصدقة وليس على سبيل البر والصلة، وإذ خالف الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر الحصة الموقوفة على الفقراء من أقارب الواقف وقفا أهليا فإنه يكون قد عابه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق الذي جره إلى الخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع وأمام الخبراء المنتدبين بأن العقار رقم ... شارع جسر السويس موقوف خيريا على المدرسة منذ أن اشتراه الواقف بموجب الحجة المؤرخة 25/ 11/ 1945، وأن العقار رقم .. شارع جسر السويس مقام عليه المسجد الذي تديره وزارة الأوقاف والمدرسة التي تسلمتها وتديرها وزارة التربية والتعليم، وأن حصة الخيرات في الوقف تشمل ما اشترطه الواقف للصرف على المسجد والمدرسة وحصة الفقراء من أهلية الواقف، وإذ أغفل الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا الدفاع وأقام قضاءه على ما انتهى إليه الخبراء بتقدير حصة الخيرات بثلث الوقف وأدخلوا فيه العقارين رقمي ... و... شارع جسر السويس دون بيان سندهم في ذلك، الأمر الذي يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه وإن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى من الأدلة المقدمة فيها وترجيح بعضها على البعض الآخر إلا أنها تخضع لرقابة محكمة النقض في تكييفها هذا الفهم وفي تطبيق ما ينبغي من أحكام القانون بحيث لا يجوز لها أن تطرح ما يقدم إليها تقديما صحيحا من الأوراق والمستندات المؤثرة في حقوق الخصوم دون أن تدون في حكمها بأسباب خاصة ما يبرر هذا الاطراح وإلا كان حكمها قاصرا، كما أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهريا ومؤثرا في النتيجة التي انتهى إليها إذ يعتبر ذلك الإغفال قصورا في الأسباب الواقعية يقتضي بطلانه، وبما مؤداه أنه إذ طرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى فإن كان منتجا فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته متسما بالجدية مضت إلى فحصه لتقف على أثره في قضائها فإن هي لم تفعل كان حكمها قاصرا، وأنه إذا أخذت محكمة الموضوع بتقرير الخبير المقدم في الدعوى وأحالت في بيان أسباب حكمها إليه وكان ما أورده الخبير لا يؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها بحيث لا تصلح ردا على دفاع جوهري تمسك به الخصوم كان حكمها معيبا بالقصور، وأن النص في المادة 24 من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف على أنه "مع مراعاة أحكام المادة رقم 29، يجب أن يكون للوارثين من ذرية الواقف وزوجه وأزواجه الموجودات وقت وفاته استحقاق في الوقف فيما زاد على ثلث ماله وفقا لأحكام الميراث وأن ينتقل استحقاق كل منهم إلى ذريته من بعده وفقا لأحكام هذا القانون، ولا يجب هذا الاستحقاق لمن يكون الواقف قد أعطاه بغير عوض ما يساوي نصيبه عن طريق تصرف آخر، فإن كان ما أعطاه أقل مما يجب له استحق في الوقف بقدر ما يكمله"، والنص في الفقرة الثانية من المادة 30 من ذات القانون على أنه "ولا يتغير شيء من الاستحقاق إذ لم يرفع المحروم الدعوى بحقه مع التمكن وعدم العذر الشرعي خلال سنتين شمسيتين من تاريخ موت الواقف، أو رضى كتابة بالوقف بعد وفاة الواقف وينفذ رضاه بترك حقه ولا يمس ذلك ما بقى منه" يدل على أن المشرع رأى أن يحد من حرية الواقف في حرمان الوارثين من ذريته وزوجه أو أزواجه الموجودين وقت وفاته من الاستحقاق فيما يوقفه زيادة على ثلث ماله وأن يتم توزيع الاستحقاق عليهم وفقا لأحكام الميراث وأن ينتقل استحقاق كل منهم إلى ذريته من بعده وفقا لأحكام القانون، فإذا حرم الواقف أحدا ممن لهم حق واجب في الوقف بمقتضى أحكام هذا القانون من كل أو بعض ما يجب له، كان له الحق - عند المنازعة - في رفع دعوى المطالبة بحقه وذلك خلال سنتين شمسيتين من تاريخ موت الواقف وذلك بشرط التمكن وعدم العذر الشرعي، فإذا لم يرفع المحروم الدعوى بحقه في خلال الفترة سالفة الذكر فلا يتغير شيء من الاستحقاق، وأن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الأماكن المخصصة للعبادة والبر والإحسان والتي تقوم الدولة بإدارة شئونها والصرف عليها من أموالها والمباني المخصصة للمقابر تعتبر من أملاك الدولة العامة، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائي الصادر في الدعوى رقم ... لسنة 1980 أحوال شخصية جنوب القاهرة الابتدائية الذي ذهب إلى تحديد حصة الخيرات في وقف المرحوم/ ... بالثلث وأدخل فيها العقارين ...، ... شارع جسر السويس أخذا بالنتيجة التي انتهى إليها الخبراء أمام محكمة الاستئناف ومحكمة أول درجة، ودون أن يمحص دفاع الطاعن بصفته بأن الثابت من إشهاد التغيير المؤرخ 18/ 9/ 1950 أن حصة الخيرات تشمل ما شرطه الواقف للصرف على المسجد والمدرسة وما شرطه لصالح الفقراء من أهليته وأن العقار رقم ... شارع جسر السويس هو وقف خيري على المدرسة منذ شراء الواقف له بموجب الحجة المؤرخة 25/ 11/ 1945، وأن العقار ... شارع جسر السويس مقام عليه المسجد والمدرسة وأن المسجد خارج عن دائرة التعامل بطبيعته فلا يصح أن يكون محلا للقسمة وكذلك المدرسة فإنها سلمت في حياة الواقف إلى وزارة التربية والتعليم - المعارف سابقا - وهي التي تتولى إدارتها والصرف عليها وتعد من الأموال العامة ولا ريع لها وهو دفاع جوهري يتغير به - إن صح - وجه الرأي فيه في الدعوى، فإن الحكم يكون فضلا عن خطأه في تطبيق القانون قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت في الأوراق مما يوجب نقضه.

الطعن 11835 لسنة 75 ق جلسة 11 / 11/ 2014 مكتب فني 65 أحوال شخصية ق 143 ص 906

جلسة 11 من نوفمبر سنة 2014
برئاسة السيد القاضي/ أحمد الحسيني يوسف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ موسى محمد مرجان، محمد السيد النعناعي، وائل سعد رفاعي وعثمان مكرم توفيق نواب رئيس المحكمة. 
-------------- 
(143)
الطعن 11835 لسنة 75 القضائية "أحوال شخصية"
(1) نقض "أسباب الطعن: الأسباب المتعلقة بالنظام العام".
الأسباب المتعلقة بالنظام العام. للنيابة العامة وللخصوم ولمحكمة النقض إثارتها ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن. شرطه. توفر عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق السابق عرضها على محكمة الموضوع. 
(2 ، 3) أحوال شخصية "وصية". بطلان "بطلان الحكم". دعوى "دعاوى الأحوال الشخصية". نظام عام. نيابة عامة.
(2) الدعوى بثبوت وصحة ونفاذ الوصية. اختصاص المحاكم الابتدائية بنظرها بعد إلغاء المحاكم الشرعية، مؤداه. وجوب تدخل النيابة العامة فيها لإبداء رأيها في الموضوع. م 1/ 2 ق 1 لسنة 2000. تخلف ذلك. أثره. بطلان الحكم. تعلق ذلك بالنظام العام. 
(3) تدخل النيابة العامة في دعاوى الأحوال الشخصية والوقف. تحققه بتمثيلها أمام المحكمة وإبدائها الرأي بمذكرة أو بتفويض المحكمة بذلك. مؤداه. عدم إبداء النيابة لرأيها وعدم مثولها في الجلسات الأخيرة أمام محكمة الاستئناف. أثره. بطلان الحكم. علة ذلك. 
(4) نقض "أثر نقض الحكم". بطلان "بطلان الحكم". نيابة عامة.
نقض الحكم للمرة الثانية. التزام محكمة النقض بالفصل في الموضوع. م 269/ 4 مرافعات. شرطه. سبق الحكم بالنقض في الدعوى عينها وفصل كلا الحكمين في الموضوع. اعتبار الحكم فاصلا في الدعوى. مناطه. استيفاؤه مقومات وجوده قانونا ومنها مراعاته لإجراءات التقاضي المتعلقة بالنظام العام. صدور الحكم المطعون فيه دون تدخل النيابة العامة حال كون ذلك وجوبيا. مؤداه. بطلان الحكم بطلانا جوهريا ينحدر به إلى حد الانعدام. أثره. عدم الاعتداد به وعدم استنفاد محكمة الاستئناف لولايتها في نظر الدعوى. لازمه. وجوب أن يكون النقض مقرونا بالإحالة إلى محكمة الموضوع. علة ذلك. 
---------------- 
1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه يجوز للنيابة العامة وللخصوم ولمحكمة النقض من تلقاء ذاتها إثارة المسائل المتعلقة بالنظام العام متى كانت واردة على الشق المطعون فيه من الحكم وكانت عناصرها مطروحة على محكمة الموضوع ولو لم يسبق التمسك بها أمامها. 
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الفصل في دعوى صحة ونفاذ الوصية يتناول ثبوت صحة صدور الوصية من الموصي ومدى توفر أركان انعقادها وشروط صحتها ونفاذها في حق الورثة طبقا للأحكام المنصوص عليها في قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 وهو ما كان يدخل في اختصاص المحاكم الشرعية ثم صارت بعد إلغاء تلك المحاكم - وعملا بأحكام القانون رقم 462 لسنة 1955 ومن بعده المادة 10/ 1 من القانون رقم 1 لسنة 2000 بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية - من اختصاص دوائر الأحوال الشخصية بالمحاكم الابتدائية في نطاق التنظيم الداخلي لكل محكمة، فإنه يتعين وفقا لنص الفقرة الثانية من المادة 6 من القانون رقم 1 لسنة 2000 سالف البيان أن تتدخل النيابة العامة في الدعوى لإبداء رأيها في موضوعها وإلا كان الحكم باطلا، وهو بطلان مما تجوز إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة لتعلقه بالنظام العام. 
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه يكفي لتحقق تدخل النيابة العامة في دعاوى الأحوال الشخصية والوقف التي تختص بها المحاكم الابتدائية أو محاكم الاستئناف تمثيلها أمام المحكمة وإبداء الرأي في الدعوى بمذكرة، أو بتفويضها الرأي. لما كان ذلك، وكان الثابت من محاضر جلسات محكمة الاستئناف - بعد تعجيل الاستئناف إثر نقض الحكم السابق - حضور ممثل النيابة العامة بجلسة 22 من مارس سنة 1999 فقط وحتى صدور الحكم المطعون فيه بتاريخ 15 من مايو 2005، وقدمت إلى محكمة الاستئناف عدة مذكرات من النيابة العامة آخرها مذكرة مؤرخة 5 من فبراير 2000 انتهت فيها إلى الإمساك عن إبداء الرأي في الطعن بالتزوير على عقد الوصية موضوع التداعي لخروجه عن مسائل الأحوال الشخصية، وهو مالا يتحقق به غرض المشرع من وجوب تدخل النيابة العامة في دعاوى الأحوال الشخصية، وإذ فصل الحكم المطعون فيه في النزاع دون إبداء النيابة العامة لرأيها في موضوعه ودون حضور ممثلها للجلسات أمام محكمة الاستئناف باعتبارها نائبة عن المجتمع في هذا النوع من القضايا والقول بغير هذا معناه حرمان النيابة من أن تكون آخر من يتكلم في هذه الدعاوى، بما يؤدي إلى الإخلال بوظيفتها في هذا الخصوص، فإنه يكون باطلا. 
4 - إنه وإن كانت المادة 269/ 4 من قانون المرافعات توجب على محكمة النقض عند نقض الحكم للمرة الثانية أن تحكم في الموضوع، إلا أنه لما كان المقرر أنه لا يكفي سبق الطعن في دعوى أمام محكمة النقض لكي تصبح هذه المحكمة مختصة بالفصل في موضوع هذه الدعوى إذا حصل الطعن أمامها مرة ثانية في الدعوى عينها وقبل هذا الطعن، بل يجب فرق ذلك أن يتحقق شرطان أساسيان: أولهما سبق الحكم بالنقض، وثانيهما يكون كلا الحكمين قد فصل في موضوع الدعوى. لما كان ذلك، وكان شرط اعتبار الحكم فاصلا في الدعوى أن يكون قد صدر مستوفيا مقومات وجوده قانونا ومن بينها صدوره وفقا لإجراءات التقاضي المنصوص عليها قانونا والمتعلقة بالنظام العام، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد صدر دون تدخل النيابة العامة في الدعوى - وعلى نحو ما سلف إيراده في أسباب نقض هذا الحكم - ومن ثم يكون قد صدر باطلا وهو بطلان جوهري متعلق بإجراءات التقاضي وهي من النظام العام لا مجرد عيب يشوبه، وهو ما ينحدر به إلى حد الانعدام فلا يعتد به كحكم فاصل في موضوع الدعوى للمرة الثانية ولا تستنفد به محكمة الاستئناف ولايتها في نظر الدعوى والفصل فيها، فإنه يتعين أن يكون النقض مقرونا بالإحالة إلى محكمة الموضوع، وحتى لا يحرم الخصوم من مرحلة من مراحل التقاضي. 
---------------- 
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم ... لسنة 1988 مدني الإسكندرية الابتدائية على ورثة المطعون ضدها الثانية بطلب الحكم - وفقا لطلباته الختامية - بصحة ونفاذ الوصية المؤرخة 18/ 12/ 1978 الصادرة من/ ... وصحة ونفاذ التنازل المؤرخ 8/ 4/ 1983 الصادر له من المطعون ضدها الثانية في ثانيا عن حصتها في الوصية، وأفضلية الوصية على عقد البيع المؤرخ 15/ 10/ 1978 الصادر للطاعنة، وقال بيانا لدعواه إنه بموجب إقرار مؤرخ 18/ 12/ 1978 مصدق عليه من الموثق المختص بمقاطعة برن بسويسرا، أوصت له/ ... والمطعون ضدها الثانية في ثانيا ... بالعقار المبين بالصحيفة قبل وفاتها بتاريخ 28/ 12/ 1980 وبموجب إقرار مؤرخ 8/ 4/ 1983 مصدق عليه من ذات الجهة تنازلت له الأخيرة عن حصتها في العقار الموصي به، تدخلت الطاعنة هجوميا في الدعوى طالبة رفضها تأسيسا على أنه بمقتضى عقد بيع ابتدائي مؤرخ 15/ 10/ 1978 باعت لها ... العقار محل النزاع وقضى بصحته ونفاذة في الدعوى رقم ... لسنة 1985 مدني الإسكندرية الابتدائية واستئنافها رقم ... لسنة 42 ق الإسكندرية، بتاريخ 15/ 4/ 1992 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 48 ق الإسكندرية، وبتاريخ 8/ 6/ 1993 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبصحة ونفاذ الوصية والتنازل سالفي الذكر، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم ... لسنة 63 ق أحوال شخصية، وبتاريخ 13 من أبريل 1998 نقضت محكمة النقض هذا الحكم على سند من أن الدعوى من الدعاوى التي أوجب المشرع على النيابة العامة التدخل فيها ورتب على عدم تدخلها في هذه الدعاوى بطلان الحكم وأحالت القضية إلى محكمة الاستئناف. عجلت الدعوى أمام الدائرة المدنية بمحكمة استئناف الإسكندرية والتي قضت بتاريخ 15/ 5/ 2005 بإلغاء الحكم المستأنف وبصحة ونفاذ الوصية والتنازل المذكورين سلفا. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض لثاني مرة، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة المشورة - فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها. 
---------------- 
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه يجوز للنيابة العامة وللخصوم ولمحكمة النقض من تلقاء ذاتها إثارة المسائل المتعلقة بالنظام العام متى كانت واردة على الشق المطعون فيه من الحكم وكانت عناصرها مطروحة على محكمة الموضوع ولو لم يسبق التمسك بها أمامها. لما كان ذلك، وكان من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الفصل في دعوى صحة ونفاذ الوصية يتناول ثبوت صحة صدور الوصية من الموصي ومدى توفر أركان انعقادها وشروط صحتها ونفاذها في حق الورثة طبقا للأحكام المنصوص عليها في قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946، وهو ما كان يدخل في اختصاص المحاكم الشرعية، ثم صارت بعد إلغاء تلك المحاكم - وعملا بأحكام القانون رقم 462 لسنة 1955 ومن بعده المادة 10/ 1 من القانون رقم 1 لسنة 2000 بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية - من اختصاص دوائر الأحوال الشخصية بالمحاكم الابتدائية في نطاق التنظيم الداخلي لكل محكمة، فإنه يتعين وفقا لنص الفقرة الثانية من المادة 6 من القانون رقم 1 لسنة 2000 سالف البيان أن تتدخل النيابة العامة في الدعوى لإبداء رأيها في موضوعها وإلا كان الحكم باطلا، وهو بطلان مما تجوز إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة لتعلقه بالنظام العام، وكان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه يكفي لتحقق تدخل النيابة العامة في دعاوى الأحوال الشخصية والوقف التي تختص بها المحاكم الابتدائية أو محاكم الاستئناف تمثيلها أمام المحكمة وإبداء الرأي في الدعوى بمذكرة، أو بتفويضها الرأي. لما كان ذلك، وكان الثابت من محاضر جلسات محكمة الاستئناف - بعد تعجيل الاستئناف إثر نقض الحكم السابق - حضور ممثل النيابة العامة بجلسة 22 من مارس سنة 1999 فقط وحتى صدور الحكم المطعون فيه بتاريخ 15 من مايو سنة 2005، وقدمت إلى محكمة الاستئناف عدة مذكرات من النيابة العامة آخرها مذكرة مؤرخة 5 من فبراير سنة 2000 انتهت فيها إلى الإمساك عن إبداء الرأي في الطعن بالتزوير على عقد الوصية موضوع التداعي لخروجه عن مسائل الأحوال الشخصية، وهو ما لا يتحقق به غرض المشرع من وجوب تدخل النيابة العامة في دعاوى الأحوال الشخصية، وإذ فصل الحكم المطعون فيه في النزاع دون إبداء النيابة العامة لرأيها في موضوعه ودون حضور ممثلها للجلسات أمام محكمة الاستئناف باعتبارها نائبة عن المجتمع في هذا النوع من القضايا والقول بغير هذا معناه حرمان النيابة من أن تكون آخر من يتكلم في هذه الدعاوى، بما يؤدي إلى الإخلال بوظيفتها في هذا الخصوص، فإنه يكون باطلا مما يوجب نقضه دون حاجة لبحث أسباب الطعن.
وحيث إنه وإن كانت المادة 269/ 4 من قانون المرافعات توجب على محكمة النقض عند نقض الحكم للمرة الثانية أن تحكم في الموضوع، إلا أنه لما كان المقرر أنه لا يكفي سبق الطعن في دعوى أمام محكمة النقض لكي تصبح هذه المحكمة مختصة بالفصل في موضوع هذه الدعوى إذا حصل الطعن أمامها مرة ثانية في الدعوى عينها وقبل هذ الطعن، بل يجب فوق ذلك أن يتحقق شرطان أساسيان: أولهما: سبق الحكم بالنقض، وثانيهما: يكون كلا الحكمين قد فصل في موضوع الدعوى. لما كان ذلك، وكان شرط اعتبار الحكم فاصلا في الدعوى أن يكون قد صدر مستوفيا مقومات وجوده قانونا ومن بينها صدوره وفقا لإجراءات التقاضي المنصوص عليها قانونا والمتعلقة بالنظام العام، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد صدر دون تدخل النيابة العامة في الدعوى - وعلى نحو ما سلف إيراده في أسباب نقض هذا الحكم - ومن ثم يكون قد صدر باطلا، وهو بطلان جوهري متعلق بإجراءات التقاضي، وهي من النظام العام لا مجرد عيب يشوبه، وهو ما ينحدر به إلى حد الانعدام فلا يعتد به كحكم فاصل في موضوع الدعوى للمرة الثانية ولا تستنفد به محكمة الاستئناف ولايتها في نظر الدعوى والفصل فيها، فإنه يتعين أن يكون النقض مقرونا بالإحالة إلى محكمة الموضوع، وحتى لا يحرم الخصوم من مرحلة من مراحل التقاضي. 

الاثنين، 7 ديسمبر 2020

الطعن 39144 لسنة 85 ق جلسة 21 / 5 / 2016 مكتب فني 67 ق 63 ص 560

 جلسة 21 من مايو سنة 2016

برئاسة السيد القاضي / عاطــف عبد السميع فرج نـائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / مصطفى محمد أحمد ، محمد جمال الشربيني ، جمال حليس ومفتاح سليم نـواب رئيس المحكمة .
----------

(63)

الطعن رقم 39144 لسنة 85 القضائية

(1) حكم " بيانات حكم الإدانة " " بيانات التسبيب " .

بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنة بها وإيراد مؤدى أدلة الثبوت التي عوَّل عليها في بيان كاف . لا قصور .

عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .

(2) سب وقذف . جريمة " أركانها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . قانون " تفسيره " .

الإزعاج المنصوص عليه في المادة 166 مكرراً عقوبات . ماهيته ؟

تعمد الطاعنة إرسال رسائل بالبريد الإلكتروني تنطوي على سب المجني عليه بعبارات شائنة وألفاظ تخدش الاعتبار. يحقق أركان جريمة الإزعاج .

(3) قانون " تفسيره " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

حجية المحررات وإثبات صحتها محله أحكام الإثبات في المواد المدنية والتجارية . ليس في القانون ما يجبر المحاكم الجنائية على ترسمه . علة ذلك ؟

عدم التزام محكمة الموضوع بالرد على الدفاع القانوني ظاهر البطلان . سكوتها عنه. لا إخلال بحق الدفاع .

(4) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

مثال لتسبيب سائغ في الرد على الدفاع القائم على التمسك بالحق في الشكوى كسبب من أسباب الإباحة .

(5) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

 طلب التصريح باستخراج مستندات الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة . دفاع موضوعي . لا تلتزم المحكمة بإجابته .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 1- لما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنة بها وأورد على ثبوتها في حقها أدلة استمدها من أقوال المجني عليه ، ومما ثبت من تقرير الفحص الفني وما قدم من مستندات وأورد مؤداها في بيان كاف يتفق ويتواءم مع ما أورده في بيانه لواقعة الدعوى ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإنه ينحسر عن الحكم قالة القصور .

2- من المقرر أن الإزعاج وفقاً لنص المادة 166 مكرراً من قانون العقوبات لا يقتصر على السب والقذف ؛ لأن المشرع قد عالجها بالمادة 308 مكرراً بل يتسع لكل قول أو فعل تعمده الجاني يضيق به صدر المواطن ، وكان البيّن من مطالعة مدونات الحكم المطعون فيه أن محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى قيام الطاعنة باستخدام خط الـ ADSL المتصل بهاتف شقيقتها في إرسال الرسالتين اللتين تضمنتا عبارات تنطوي على سب المجني عليه ومضايقته وهي عبارات شائنة وألفاظ تخدش الاعتبار وتم توجيهها عن طريق البريد الإلكتروني الذي توافر باستخدامه ركن العلانية وقصد من توجيهها خدش اعتبار المجني عليه وهذه العبارات الشائنة بذاتها تزعج أي إنسان ويضيق بها صدر أي شخص ، وإذ تعمدت الطاعنة إتيان ذلك الفعل واتجهت إرادتها إلى إزعاج المجني عليه مما أرسلته من تلك العبارات الجارحة الأمر الذي يتحقق به أركان الجريمة موضوع الدعوى ، ويضحى ما تنعاه الطاعنة في هذا المنحى غير مقبول.

3- لما كان ما تثيره الطاعنة من قيامها بجحد صور الرسائل محل الاتهام ، فإن ذلك مردود بأن ما جاء في القانون من حجية المحررات وإثبات صحتها إنما محله أحكام الإثبات في المواد المدنية والتجارية حيث عينت أدلة ووضعت أحكاماً لها وألزم القاضي بأن يجرى في أحكامه على مقتضاها ، وليس في القانون ما يجبر المحاكم الجنائية على ترسمه ؛ لأنها في الأصل حرة في انتهاج السبيل الموصل لاقتناعها ولم يرسم القانون في المواد الجنائية طريقاً خاصاً يسلكه القاضي في تحري الأدلة ، وكانت أوجه الدفاع المبينة بوجه الطعن في هذا الشأن من أوجه الدفاع القانونية الظاهرة البطلان مما لا تلتزم محكمة الموضوع أصلاً بالرد عليها ولا يعتبر سكوتها عنها إخلالاً بحق الدفاع ولا قصوراً في حكمها ، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد يكون غير سديد .

4- لما كان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعنة القائم على التمسك بالحق في الشكوى كسبب من أسباب الإباحة في قوله " .... أن ذلك مردود بأن حق الشكوى لا يمكن أن يمتد بحال من الأحوال إلى ارتكاب الجرائم كما أن هذا الحق مكفول للكافة إذا ما كان تقديم الشكوى إلى الجهات المختصة التي خصها القانون بتلقي الشكاوى والتبليغات وفحص واتخاذ اللازم قانوناً حيالها " . وهو رد سائغ يتفق مع صريح نص القانون ، ويضحى ما تثيره في هذا الخصوص غير سديد .

5- لما كانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى أقوال المدعي بالحق المدني وصحة تصويره للواقعة ، فإنه لا محل للنعي على المحكمة عدم إجابتها طلب التصريح للطاعنة باستخراج المستندات الواردة بمذكرة أسبابها ما دام أن هذا الطلب لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة بل المقصود منه إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة ، مما يعد دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنة بها وأورد على ثبوتها في حقها أدلة أستمدها من أقوال المجني عليه ، ومما ثبت من تقرير الفحص الفني وما قدم من مستندات وأورد مؤداها في بيان كاف يتفق ويتواءم مع ما أورده في بيانه لواقعة الدعوى ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإنه ينحسر عن الحكم قالة القصور . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الإزعاج وفقاً لنص المادة 166 مكرراً من قانون العقوبات لا يقتصر على السب والقذف ؛ لأن المشرع قد عالجها بالمادة 308 مكرراً بل يتسع لكل قول أو فعل تعمده الجاني يضيق به صدر المواطن ، وكان البيّن من مطالعة مدونات الحكم المطعون فيه أن محكمة الموضوع قد أطمأنت إلى قيام الطاعنة باستخدام خط الـ ADSL المتصل بهاتف شقيقتها في إرسال الرسالتين اللتين تضمنتا عبارات تنطوي على سب المجني عليه ومضايقته وهي عبارات شائنة وألفاظ تخدش الاعتبار وتم توجيهها عن طريق البريد الإلكتروني الذي توافر باستخدامه ركن العلانية وقصد من توجيهها خدش اعتبار المجني عليه وهذه العبارات الشائنة بذاتها تزعج أي إنسان ويضيق بها صدر أي شخص ، وإذ تعمدت الطاعنة إتيان ذلك الفعل واتجهت إرادتها إلى إزعاج المجني عليه مما أرسلته من تلك العبارات الجارحة الأمر الذي يتحقق به أركان الجريمة موضوع الدعوى ، ويضحى ما تنعاه الطاعنة في هذا المنحى غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان ما تثيره الطاعنة من قيامها بجحد صور الرسائل محل الاتهام ، فإن ذلك مردود بأن ما جاء في القانون من حجية المحررات وإثبات صحتها إنما محله أحكام الإثبات في المواد المدنية والتجارية حيث عينت أدلة ووضعت أحكاماً لها وألزم القاضي بأن يجرى في أحكامه على مقتضاها ، وليس في القانون ما يجبر المحاكم الجنائية على ترسمه ؛ لأنها في الأصل حرة في انتهاج السبيل الموصل لاقتناعها ولم يرسم القانون في المواد الجنائية طريقاً خاصاً يسلكه القاضي في تحري الأدلة ، وكانت أوجه الدفاع المبينة بوجه الطعن في هذا الشأن من أوجه الدفاع القانونية الظاهرة البطلان مما لا تلتزم محكمة الموضوع أصلاً بالرد عليها ولا يعتبر سكوتها عنها إخلالاً بحق الدفاع ولا قصوراً في حكمها ، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعنة القائم على التمسك بالحق في الشكوى كسبب من أسباب الإباحة في قوله " .... أن ذلك مردود بأن حق الشكوى لا يمكن أن يمتد بحال من الأحوال إلى ارتكاب الجرائم كما أن هذا الحق مكفول للكافة إذا ما كان تقديم الشكوى إلى الجهات المختصة التي خصها القانون بتلقي الشكاوى والتبليغات وفحص واتخاذ اللازم قانوناً حيالها " . وهو رد سائغ يتفق مع صريح نص القانون ، ويضحى ما تثيره في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى أقوال المدعى بالحق المدني وصحة تصويره للواقعة ، فإنه لا محل للنعي على المحكمة عدم إجابتها طلب التصريح للطاعنة باستخراج المستندات الواردة بمذكرة أسبابها ما دام أن هذا الطلب لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى إثبات استحالة حصول الواقعة بل المقصود منه إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة ، مما يعد دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع مصادرة الكفالة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ