الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 13 سبتمبر 2020

دستورية قرينة اعتبار مسجل العلامة التجارية مالكا لها

القضية رقم 209 لسنة 23 ق " دستورية " جلسة 7 / 3 / 2004

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 7 مارس سنة 2004 م ، الموافق 16 من المحرم سنة 1425 هـ  .

برئاسة السيد المستشار / ممدوح مرعى                       رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين : ماهر البحيري وعدلي محمود منصور وعلى عوض محمد صالح وعبد الوهاب عبد الرازق وإلهام نجيب نوار والدكتور عادل عمر شريف

وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما                رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن           أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 209 لسنة 23 قضائية " دستورية " .

المقامة من

السيد / مجدى محمود أحمد محمود

ضد

1 -  السيد رئيس مجلس الوزراء

2 - السيد وزير التموين والتجارة بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة العلامات والبيانات التجارية

3 - السيد / أحمد سيد أحمد مصطفى

الإجراءات

بتاريخ  الواحد والثلاثين من يوليو سنة 2001 ، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طالباً الحكم بعدم دستورية نص المادة الثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1939 بشأن العلامات التجارية .

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً : بعدم قبول الدعوى ، واحتياطياً : برفضها .

وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .

حيث إن الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل في أن المدعى عليه الثالث كان قد أقام الدعوى رقم 1092 لسنة 99 تجارى أمام محكمة جنوب القاهرة ضد المدعى ، طالباً الحكم بتثبيت ملكية العلامة التجارية ( الأريزونا ) باسمه ( أحمد سيد أحمد مصطفى ) تأسيساً على استعماله لهذه العلامة اعتباراً من 2/4/1975 في مجال صناعة الحلوى ؛ وأنه عند تقدمه في 21/10/1997 بطلب تسجيل علامته التجارية المذكورة فوجئ برفض الجهة المختصة لتعارض طلبه مع الطلب المقدم من المدعو / مجدى محمود أحمد المدعى في الدعوى الماثلة بتاريخ 1/10/1997 ، وبجلسة 28/2/2001 قضت تلك المحكمة بإجابته لطلباته ، وحيث لم يرتض المحكوم ضده هذا القضاء المدعى في الدعوى الراهنة فقد أقام الاستئناف رقم 692 لسنة 118 قضائية أمام محكمة استئناف القاهرة ، وأثناء نظره دفع بعدم دستورية نص المادة الثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1939 بشأن العلامات التجارية وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع ، وصرحت للمدعى برفع الدعوى الدستورية ، فقد أقام الدعوى الماثلة .

وحيث إن المدعى يطعن بعدم دستورية نص المادة الثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1939 بشأن العلامات التجارية ، وإذ صدر قانون حماية حقوق الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 المنشور بالجريدة الرسمية العدد (22 مكرر) في 2/6/2002 بتنظيم جديد للعلامات والبيانات التجارية في الباب الأول من الكتاب الثاني منه بما يحمله من إلغاء لنصوص القانون رقم 57 لسنة 1939 ومن بينها المادة الثالثة الطعينة وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إلغاء المشرع لقاعدة قانونية بذاتها لا يحول دون الطعن عليها من قبل من طبقت عليه خلال فترة نفاذها ، وترتبت بمقتضاها أثار قانونية بالنسبة إليه تتحقق بإبطالها مصلحته الشخصية .

وحيث إن مناط المصلحة الشخصية المباشرة وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الفصل في المطاعن الدستورية لازماً للفصل في النزاع الموضوعي .

ولما كان نص المادة الثالثة المطعون عليها سالفة الذكر قد جرى على أن :- " يعتبر من قام بتسجيل العلامة التجارية مالكاً لها دون سواه ولا تجوز المنازعة في ملكية العلامة إذا استعملها من قام بتسجيلها بصفة مستمرة خمس سنوات على الأقل من تاريخ التسجيل دون ان ترفع بشأنها دعوى حكم بصحتها " ، وهو النص الذى استند إليه المدعى عليه الثالث في الدعوى الموضوعية التي قضى له فيها في مواجهة المدعى بتثبيت ملكيته للعلامة التجارية المتنازع عليها ؛ ومن ثم تتوافر للمدعى والحال كذلك مصلحة شخصية مباشرة في الطعن على تلك المادة .

ومن حيث إن المدعى ينعى على نص المادة الثالثة المشار إليه منافاته للعدل وعدم الاستغلال ، ويؤدي للقضاء على الكثير من فرص العمل وزيادة حجم البطالة ، وتعارضه مع الوظيفة الاجتماعية لحق الملكية وضرورة استخدامها لتحقيق الخير العام للشعب ، حيث أعطى الأفضلية في تملك العلامة التجارية لمن لم يقم بتسجيل العلامة أصلاً واستطاع إثبات استعماله لها في تاريخ سابق على تسجيلها ، وبالتالي يكون النص الطعين مخالفاً لأحكام المواد ( 4 ، 23 ، 32 ، 49 ) من الدستور .

وحيث إن هذا النعي مردود في جملته بأن الأصل في سلطة المشرع في موضوع تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية يتمثل جوهرها وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة في المفاضلة بين البدائل المختلفة وفق تقديره لتنظيم موضوع محدد ، فلا يختار من بينها إلا ما يكون منها عنده مناسباً أكثر من غيره لتحقيق الأغراض التي يتوخاها ، وكلما كان التنظيم التشريعي مرتبطاً منطقياً بهذه الأغراض وبافتراض مشروعيتها كان هذا التنظيم موافقاً للدستور ، وإذ كان الثابت أن المشرع قد ضمن النص الطعين قرينة قانونية ، مؤداها الاعتداد بتسجيل العلامة التجارية لمن سلك سبيل تسجيلها على النحو الذى بينه القانون ، واعتبره مالكاً لها دون سواه ، شريطة استعما له لها بصفة مستمرة لمدة خمس سنوات على الأقل من تاريخ التسجيل ، دون أن ترفع بشأنها دعوى حكم بصحتها ، وعلى ذلك فليس ثمة إهدار البتة للأسبقية في تسجيل العلامة ، وإنما عمد المشرع من خلال هذا النص إلى إقامة توازن مبرر وسائغ بين مصلحة من بادر بتسجيل العلامة التجارية ومصلحة من قام باستعمالها في تاريخ سابق على تسجيلها ، جاعلاً حسم هذا الأمر حال وجود تنازع بيد القضاء لتكون له الكلمة النهائية .

وحيث إن التنظيم الذى تبناه المشرع في القانون الطعين لتسجيل العلامات التجارية ، يهدف إلى تحقيق غاية مشروعة باعتبارها وسيلة لتمييز المنتجات والسلع بهدف المغايرة بينها رفعاً لأى لبس ؛ وقد التزم المشرع باختيار النسق التشريعي الذى رآه مرتبطاً منطقياً بالأغراض التي توخاها بما لا مخالفة فيه لأحكام الدستور .

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى ، وبمصادرة الكفالة ، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .


دستورية إجراءات الحجز الإداري لتحصيل إيجارات أملاك الدولة الخاصة ، ومقابل الانتفاع بأملاكها العامة

القضية رقم 335 لسنة 23 ق " دستورية " جلسة 7 /3 /2004

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

        بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 7 مارس سنة 2004 م ، الموافق 16 من المحرم سنة 1425 هـ  .

برئاسة السيد المستشار / ممدوح مرعى                       رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين : ماهر البحيرى وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلى عوض محمد صالح ومحمد عبد العزيز الشناوى والسيد عبد المنعم حشيش

وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما           رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن               أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

     في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 335 لسنة 23 قضائية " دستورية " .

المقامة من

السيد / طه عيد طه حسن

ضد

1 -  السيد رئيس الجمهورية

2 -  السيد رئيس مجلس الوزراء

3 - محافظ بنى سويف

4 - مدير عام هيئة أملاك الدولة بمحافظة بنى سويف

" الإجراءات "

بتاريخ الثامن والعشرين من نوفمبر سنة 2001، أودع المدعى قلم كتاب المحكمة صحيفة هذه الدعوى ، طالباً الحكم بعدم دستورية نص البند (هـ) من المادة (1)، والمادة (2) من القانون رقم 308 لسنة 1955 في شأن الحجز الإداري .

وقدمت هيئة قضايا الدولة ثلاث مذكرات انتهت فيها إلى طلب الحكم أصلياً: بعدم قبول الدعوى لانتفاء صفة المدعى ومصلحته، واحتياطياً: بعدم قبولها في شأن المادة الثانية المطعون عليها لانتفاء المصلحة ، ورفض الدعوى بالنسبة للنص الآخر.

وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .

ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .

حيث إن الوقائع -على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل في أن المدعى عليه الرابع كان قد اتخذ إجراءات الحجز الإداري ضد عيد طه حسن في مواجهة المدعى ، وذلك لعدم سداده إيجار أطيان مملوكة للدولة ملكية خاصة ، وإذ تخلف المدعى بصفته حارساً على المال المحجوز عليه عن تقديمه في اليوم المحدد للبيع، فقد تحرر ضده محضر أُتهم فيه بتبديد ذلك المال، مما حدا به إلى إقامة الدعوى رقم 395 لسنة 2001 مدنى ببا الجزئية ضد المدعى عليهما الأخيرين، بطلب الحكم بعدم الاعتداد بمحضر الحجز المؤرخ 13/2/2000 وما يترتب عليه من آثار، وأثناء نظر الدعوى دفع بعدم دستورية نص البند (ه) من المادة الأولى والمادة الثانية من القانون رقم 308 لسنة 1955 بشأن الحجز الإداري ، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع بعدم دستورية نص البند (ه) من المادة الأولى وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية ، فقد أقام الدعوى الماثلة .

وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة أصلياً بعدم قبول الدعوى لانتفاء مصلحة المدعى ، فهو مردود، ذلك أنه لما كان الثابت من الأوراق أن المدعى قد عين حارساً على المال المحجوز عليه إدارياً ثم وجه إليه اتهام بتبديد ذلك المال لعدم تقديمه في اليوم المحدد للبيع، وكان الفصل في المسألة الدستورية المثارة في الدعوى الماثلة له أثر جوهري على مدى صحة إجراءات الحجز الإداري - محل الدعوى الموضوعية - بما من شأنه أن ينعكس على ما سيؤول إليه التصرف في جريمة التبديد المتهم بها المدعى مما تتحقق به مصلحته في إقامة الدعوى الدستورية الماثلة ، ويضحى الدفع تبعاً لذلك غير قائم على أساس ويتعين القضاء بعدم قبوله .

وحيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمادة الثانية من القانون رقم 308 لسنة 1955 في شأن الحجز الإداري ، فهو سديد، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن نطاق الدعوى الدستورية يتحدد بنطاق الدفع الذى أثير أمام محكمة الموضوع وفى الحدود التي تقدر فيها تلك المحكمة جديته. إذ كان ذلك، وكان التصريح بإقامة الدعوى الدستورية قد اقتصر على نص البند (ه) من المادة رقم (1) من قانون الحجز الإداري ، فإن نطاق الدعوى ينحصر في ذلك النص فيما تضمنه من جواز اتباع إجراءات الحجز الإداري عند عدم الوفاء بإيجارات أملاك الدولة الخاصة ، وتغدو الدعوى فيما جاوز نطاقها المتقدم غير مقبولة لعدم اتصالها بالمحكمة اتصالاً مطابقاً للأوضاع التي رسمها القانون.

وحيث إن المادة (1) من قانون الحجز الإداري المشار إليه تنص على أنه "يجوز أن تتبع إجراءات الحجز الإداري المبينة بهذا القانون عند عدم الوفاء بالمستحقات الآتية في مواعيدها المحددة بالقوانين والمراسيم والقرارات الخاصة بها وفى الأماكن وللأشخاص الذين يعينهم الوزراء المختصون: ...ه. إيجارات أملاك الدولة الخاصة ، ومقابل الانتفاع بأملاكها العامة سواء في ذلك ما كان بعقد أو مستغلاً بطريق الخفية ".

وحيث إن المدعى ينعى على النص الطعين -محدداً نطاقاً على النحو المتقدم- أنه إذ أجاز للدولة اتخاذ إجراءات الحجز الإداري في حالة عدم الوفاء بقيمة الأجرة المستحقة عن أملاكها الخاصة ، فإنه يكون قد جعل منها خصماً وحكماً ومنفذاً في نطاق علاقة قانونية مدنية ، هي بحسب طبيعتها تخضع لأحكام القانون الخاص، وتتساوى فيها الدولة كشخص عام مع سائر أشخاص القانون الخاص في وجوب الالتجاء إلى القضاء لتقرير الحقوق واستدائها طبقاً لقواعد التنفيذ الجبري المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية ، وإذ لم يتقيد النص الطعين بذلك فإنه يكون قد انطوى على المساس بالحماية المقررة لحق الملكية ، وأخل بحق التقاضي ، وأهدر مبدأي المساواة وسيادة القانون وخضوع الدولة له بالمخالفة للمواد (34، 40، 64، 65، 68) من الدستور.

وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه ولئن كان الأصل المقرر في قانون المرافعات المدنية والتجارية أن اقتضاء الحقوق عن طريق التنفيذ جبراً على أموال المدين، لا يكون إلا بسند تنفيذي استظل به دائنه قبل التنفيذ، ولم يبلغه إلا بطريق تحقق به دينه وصحته وصار حقيقة قانونية أو قضائية يجوز التنفيذ بمقتضاها. إلا أن المشرع قد خرج على هذا الأصل في قانون الحجز الإداري رقم 308 لسنة 1955، بأن أجاز في المادة (2) منه لفئات معينة تمثل أشخاص القانون العام، إصدار أمر كتابي باتباع إجراءات الحجز الإداري عند عدم الوفاء بالمستحقات المالية المشار إليها في المادة (1) من ذلك القانون، ومن بينها ما تضمنه النص الطعين بشأن إيجارات أملاك الدولة الخاصة ، من أن الأمر الصادر منها يكون معادلاً للسند التنفيذي الذى يجوز التنفيذ به وفقاً لأحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية ، وهو استثناء يهدف المشرع من تقريره أن يكون بيد أشخاص القانون العام وسائل ميسرة تمكنها من تحصيل حقوقها بما من شأنه أن يساهم في وفاء الدولة بالتزاماتها تجاه المواطنين. ومن ثم فهو تنظيم تشريعي يتغيا بلوغ أغراض بعينها تعكس مشروعيتها إطاراً لمصلحة عامة يقوم عليها هذا التنظيم .

وحرصاً من المشرع على أن يقيم توازناً بين حق الدولة في اقتضاء حقوقها على النحو المتقدم، وبين حق المدين المحجوز عليه أو الغير ممن تتأثر مصالحه بذلك الحجز، أجاز المنازعة أمام القضاء في أصل الدين، أو في صحة إجراءات الحجز، أو في ملكية الأشياء المحجوز عليها، فرتب بنص المادة (27) من ذات القانون على مجرد إقامة الدعوى في هذا الشأن وقف إجراءات الحجز والبيع الإداريين إلى أن يفصل نهائياً في النزاع .

وحيث إنه عن النعي بمخالفة النص الطعين لمبدأ المساواة المنصوص عليه في المادة (40) من الدستور، فإنه مردود بأن تخويل الشخص العام اقتضاء حقوقه الناشئة عن إيجار أملاكه الخاصة عن طريق الحجز الإداري ، باعتباره طريقاً ميسراً لاقتضاء تلك الحقوق، وذلك على خلاف القواعد المقررة في قانون المرافعات بشأن التنفيذ الجبري الواجب اتباعها لاقتضاء حقوق سائر الدائنين، فإنه ولئن كان ذلك يتضمن تمييزاً للشخص العام في هذا الصدد، إلا أن هذا التمييز مرده تمكين الشخص العام من استئداء حقوقه من مدينيه للوفاء بالتزاماته في إشباع الحاجات العامة ، ومن ثم يقوم هذا التنظيم على أسس موضوعية تبرره ولا ينطوي بالتالي على مخالفة لمبدأ المساواة .

وحيث إنه عن النعي بمخالفة النص الطعين للحماية المقررة لحق الملكية ومخالفته مبدأ سيادة القانون، فإنه مردود بأن قانون الحجز الإداري قد كفل للمحجوز عليه الحق في المنازعة في أصل الدين وفى صحة إجراءات الحجز، وقضى بوقفها وجوباً وبقوة القانون إلى أن يفصل نهائياً في تلك المنازعة ، الأمر الذى يمثل تأكيداً لمبدأ سيادة القانون وخضوع الدولة له، كما أن الدين باعتباره يمثل الجانب السلبى للذمة المالية للشخص فأن اقتضاءه طبقاً لقواعد الحجز الإداري بعد الامتناع عن الوفاء به اختياراً لا ينطوي على مساس بالحماية المقررة لحق الملكية .

وحيث إن النص الطعين لا يخالف أى حكم آخر من أحكام الدستور .

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى ، وبمصادرة الكفالة ، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .


عدم دستورية حظر فتح أكثر من دفتر توفير بريدي لأنه اعتداء على حرية الاستثمار إحدى مكونات الحرية الشخصية

القضية رقم 105 لسنة 24 ق " دستورية " جلسة 7 / 3 / 2004

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

          بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 7 مارس سنة 2004 م ، الموافق 16 من المحرم سنة 1425 ه

برئاسة السيد المستشار / ممدوح مرعى              رئيس المحكمة

وبحضور السادة المستشارين : ماهر البحيري وعدلي محمود منصور وعلى عوض محمد صالح وعبد الوهاب عبد الرازق ومحمد عبد العزيز الشناوي والدكتور عادل عمر شريف .

وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما            رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن                        أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 105 لسنة 24 قضائية " دستورية " .

المقامة من

السيد / ناصر محمد الليثى

ضد

1  السيد رئيس جمهورية مصر العربية

2  السيد رئيس مجلس الوزراء

3  السيد وزير الاتصالات والمعلومات

4  السيد رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للبريد

5  السيد مدير عام صندوق التوفير

6  السيد مدير عام منطقة بريد أسوان

7  السيد وكيل مكتب بريد كوم امبو

" الإجراءات "

بتاريخ الحادي والعشرين من مارس سنة 2002، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طالباً الحكم بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة (15) من القانون رقم 16 لسنة 1970 بنظام البريد .

وقدمت كل من هيئة قضايا الدولة والهيئة القومية للبريد مذكرتين طلبتا فيهما الحكم برفض الدعوى .

وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .

حيث إن الوقائع- على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل في أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 2 لسنة 2000 مدنى كوم أمبو ضد المدعى عليهم من الثالث حتى الأخير (في الدعوى الماثلة ) بطلب الحكم بالتصريح له باتخاذ إجراءات الطعن بعدم دستورية المادة (15) من القانون رقم 16 لسنة 1970 بنظام البريد، وإلزام المدعى عليهم بأداء مبلغ (280ر10681 جنيه) قيمة ما تم خصمه منه والعائد المستحق عليه، وإلزامهم متضامنين فيما بينهم بأن يؤدوا إليه(15000 جنيه) تعويضاً أدبياً ومادياً عن الأضرار التي أصابته. وقال بياناً لدعواه أنه أودع أمواله في دفتر توفير برقم 9748/372 لدى مكتب بريد كوم امبو، وأصبح رصيده فيه بتاريخ 30/6/1999 مبلغ (280ر31666 جنيه)، وكان قد سبق لوالده بصفته ولياً طبيعياً عليه أن فتح له دفتر توفير باسمه يحمل رقم 2533/372 بذات مكتب البريد وبرصيد مائة مليم، وبقى هذا الدفتر دون تعامل فيه منذ عام 1989، وعند ما تقدم بالدفترين للمراجعة في 22/11/1999، قامت الإدارة العامة بصندوق التوفير بإلغاء الدفتر الجديد وكان رصيده فيه (230ر28500 جنيه) وخصم منه مبلغ (280ر10681 جنيه) قيمة العائد المستحق له، مع توحيد الدفترين، وأصبح رصيده بذلك في الدفتر الأول (830ر18247 جنيه) فقط، وقد تقدم بشكوى من هذا الإجراء، تم رفضها، مما حدا به إلى إقامة دعواه. قضت المحكمة بجلسة 19/8/2000 بإلزام المدعى عليه الرابع (في الدعوى الماثلة ) بصفته وفى مواجهة المدعى عليهم من الخامس إلى السابع بصفاتهم برد مبلغ (280ر10681 جنيه) إلى رصيد المدعى القائم لدى مكتب بريد كوم امبو مضافاً إليه العائد عن الفترة من 28/12/1999، وإلزام المدعى عليه المذكور بصفته بأن يؤدى للمدعى مبلغ ألف جنيه تعويضاً أدبياً. وإذ لم يرتض المدعى عليه الرابع بصفته هذا الحكم، فلقد أقام الاستئناف رقم 1092 لسنة 19 قضائية أمام محكمة استئناف قنا. ولدى تداول الدعوى دفع المدعى بعدم دستورية نص المادة (15) من القانون رقم 16 لسنة 1970 بنظام البريد، وبعد تقدير المحكمة لجدية دفعه وتصريحها له بإقامة دعواه الدستورية ، فقد أقام الدعوى الماثلة .

وحيث إن المادة (15) من القانون رقم 16 لسنة 1970 بنظام البريد وبإلغاء القانون رقم 86 لسنة 1954 بشأن صندوق توفير البريد والقانون رقم 107 لسنة 1963 في شأن البريد تنص على أنه "لكل شخص طبيعي أو اعتباري الحق في التعامل مع الصندوق، ولمجلس إدارة الهيئة تحديد أنواع الحسابات والحدين الأول والأقصى للوديعة في نطاق السياسة العامة للادخار .

ولا يجوز أن يكون للشخص الواحد أكثر من دفتر توفير، فإذا ظهر في أي وقت أن له أكثر من دفتر فإن المبالغ المودعة في غير الدفتر الأول لا يحسب عليها عائد ولا تسري عليها أحكام المادة (18)".

وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة -وهى شرط قبول الدعوى الدستورية - مناطها توافر ارتباط مباشر بينها وبين المصلحة القائمة في النزاع الموضوعي ، وذلك بأن يكون الفصل في المسائل الدستورية لازماً للفصل فيما يرتبط بها من طلبات في الدعوى الموضوعية ، وإذ كان مبنى النزاع الموضوعي يدور حول مطالبة المدعى برد المبلغ الذى خصم من رصيده بدفتر توفير البريد بناء على نص الفقرة الثانية من المادة (15) من القانون رقم 16 لسنة 1970 سالف الذكر، مع تعويضه عن الأضرار التي حاقت به، فإن القضاء بعدم دستورية هذا النص سيؤدى إلى إجابة طلبات المدعى الموضوعية ، ومن ثم تكون له مصلحة شخصية في الطعن عليه، وبه وحده يتحدد نطاق الدعوى الدستورية .

وحيث إن المدعى ينعى على النص الطعين الإخلال بالحماية التي كفلها الدستور للملكية الخاصة ، ومصادرة أمواله بلا مقتض ودون حكم قضائي بذلك، فضلاً عن إهداره على نحو بين مبدأ الادخار الذى تحميه الدولة وتحث عليه، بما يشكل مخالفة للمواد (34، 36، 39) من الدستور .

وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة ، أن الحماية التي كفلها الدستور للملكية الخاصة تمتد إلى كل أشكالها، وتقيم توازناً دقيقاً بين الحقوق المتفرعة عنها، والقيود التي يجوز فرضها عليها، فلا ترهق هذه القيود تلك الحقوق بما ينال من محتواها أو يقلص من دائرتها، ولذا لم يجز الدستور المساس بالملكية إلا استثناءً، باعتبارها في الأغلب الأعم من الحالات ثمرة جهد صاحبها، حرص على إنمائها وصونها، آملاً أن يتفيأ ثمارها، متطلعاً أن تكون ردءاً له وذويه في يومه وغده، مهيمناً عليها ليختص دون غيره بغلتها، ولذا كان لزاماً أن توفر الحماية بوجه عام للأموال بما يعينها على أداء دورها، ويكفل حصد نتاجها، ويقيها تعرض الأغيار لها سواء بنقضها أو بانتقاصها، فلم يعد جائزاً أن ينال المشرع من عناصرها ولا أن يغير من طبيعتها، أو يتدخل بتنظيم أوضاع أموال معينة على نحو يودى ببعض أجزائها، أو يقيد مباشرة الحقوق التى تتفرع عنها في غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية ، ودون ذلك تفقد الملكية ضماناتها الجوهرية ، ويكون العدوان عليها غصباً أدخل إلى مصادرتها. وإذا كان الدستور -إمعاناً في حماية الملكية الخاصة وصونها من الاعتداء عليها بغير حق- حظر المصادرة العامة حظراً مطلقاً، وأوجب أن تكون المصادرة الخاصة بحكم قضائي وليس قرار إداري ، وذلك كي تتوافر لصاحب الحق إجراءات التقاضي وضماناته التي تنتفى بها مظنة العسف والافتئات، ولذا جاء نص المادة (36) من الدستور -الذى حظر المصادرة الخاصة للأموال إلا بحكم قضائي - مطلقاً من كل قيد حتى يعمم حكمه ليشمل المصادرة الخاصة في صورها كافة ، وفضلاً عن ذلك، فإذا كان الدستور قد عهد للدولة بحماية الادخار -إدراكاً لأهميته القصوى - ونص على الحث عليه، فليس من الجائز أن يخالف المشرع هذه السيرة ، ويغلو في النيل من الادخار بهدم أطره واغتيال حقوق المودعين .

وحيث إن نص الفقرة الثانية من المادة (15) من القانون رقم 16 لسنة 1970 بنظام التوفير -المطعون عليه- ينتقص دون مقتضى من أموال المخاطبين بحكمه، ويوقع بهم جزاء باهظاً لقاء قيامهم بفتح أكثر من دفتر توفير بريدي ، وهو ما يتنافى مع الحماية التي كفلها الدستور لحق الملكية الخاصة كلما كان مصدرها مشروعاً، ذلك أن ضمان الدستور للحق في الملكية لا يقتصر على صون ما يكون قائماً منها فعلاً، وإنما تمتد حمايته إلى فرص كسبها، والأصل فيها الإطلاق، فلا يجوز تقييدها دون ما ضرورة تقتضيها مصلحة مشروعة ، وإذ كان نماء الأموال التي استولت عليها الهيئة القومية للبريد نتج عن مشاق تكبدها أصحابها مع صبرهم على لأواء العيش، وبالتالي فإنه يتمحض عدواناً جلياً على ملكيتهم الخاصة ومصادرة لها ومساساً بحريتهم في اختيار الطريق الأفضل -وفق تقديرهم- لاستثمار أموالهم، وهو ما يناقض إحدى مكونات الحرية الشخصية التي اعتبرها الدستور حقاً طبيعياً لا يقبل التنازل، كما يمثل انصرافاً عن مفهوم الادخار الذى اعتبره الدستور تكليفاً وطنياً يستوجب الحماية والتشجيع، ويحول بذلك دون تراكم رؤوس الأموال رغم مسيس الحاجة إليها لبناء القاعدة النقدية اللازمة للتطور الاقتصادي المنشود .

وحيث إنه لما تقدم، يكون النص المطعون فيه قد خالف أحكام المواد (34، 36، 39) من الدستور.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (15) من القانون رقم 16 لسنة 1970 بنظام البريد، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .


الحصة الشائعة في الوقف الخيري لا تكون في كامل الملكية

القضية رقم 295 لسنة 29 ق "دستورية " جلسة 11 / 4 / 2015

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الحادي عشر من إبريل سنة 2015م، الموافق الثاني والعشرين من جمادى الآخرة سنة 1436هـ.

برئاسة السيد المستشار / عدلي محمود منصور رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين/ الدكتور حنفي على جبالي ومحمد عبد العزيز الشناوي وسعيد مرعى عمرو ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمى إسكندر والدكتور حمدان حسن فهمى .                                 نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار/محمود محمد غنيم      رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع         أمين السر

 

أصدرت الحكم الآتى

في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 295 لسنة 29 قضائية "دستورية " بعد أن أحالت محكمة القضاء الإداري بالقاهرة "الدائرة الأولى "

بجلسة 24/4/2007 ملف الدعوى رقم 3343 لسنة 51 قضائية

 

المقامة من

السيد/ عصمت مصطفى محمد حسن الحكيم


ضد

1 – السيد وزير الأوقاف

2 – السيد رئيس لجنة شئون الأوقاف

3 – السيد رئيس لجنة القسمة الثانية لوزارة الأوقاف

 

"الإجراءات"

بتاريخ السادس والعشرين من ديسمبر سنة 2007، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، ملف الدعوى رقم 3343 لسنة 51 قضائية ، بعد أن قضت محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة " الدائرة الأولى " فيها بجلسة 24/4/2007 بوقف الدعوى ،وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا، للفصل في دستورية الفقرة الثانية من المادة (2) من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات.


      وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .

      وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.    

      ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

"المحكمة "

              بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .

       حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أنه سبق أن أنشأ المرحوم عمر مكرم وقفًا لبعض أملاكه، واشترط أن يصرف ريعه على مسجده بأسيوط، ومدفنه، وصيانة الأعيان الموقوفة ، وصرف مرتبات شهرية للأزهر، ويصرف الباقي على ذريته ونسلهم من بعدهم، وعلى أثر صدور القانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات، ثار نزاع حول تحديد حصة الخيرات على وجه مستقر، وبعرض الأمر على الإدارة العامة للأوقاف والمحاسبة بوزارة الأوقاف رأت أن جملة ريع أعيان الوقف تقدر بمبلغ 816.044 جنيهًا ، في حين أن الخيرات المشروطة فيه يلزم لها ريع سنوى مقداره 2435.380 جنيهًا، ومن ثم ارتأت تلك الإدارة أن أعيان الوقف جميعها خيرية وليس لأحد استحقاق فيها، وبعرض هذا الرأى على لجنة شئون الأوقاف قررت بجلستها المنعقدة في 4/10/1987 بمذكرتها رقم (34) "خيرية الوقف جميعه" . وإذ لم يرتض المدعى في الدعوى الموضوعية هذا القرار باعتباره أحد المستحقين في الوقف الأهلي ، فقد أقام الدعوى رقم 3343 لسنة 51 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة "الدائرة الأولى " بطلب الحكم بإلغاء القرار الصادر من لجنة شئون الأوقاف سالف الذكر، وبجلسة 24/4/2007 قضت تلك المحكمة بوقف الدعوى ، وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية الفقرة الثانية من المادة (2) من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات، وذلك لما تراءى لها من أن النص المحال قيد حقوق ورثة الواقف في ممارسة ملكيتهم كاملة على أعيان الوقف ، كما منح أفضلية لحصة الخيرات بجعلها حصة شائعة في كامل أعيان الوقف، وهو ما يتضمن إهدارًا لحق الملكية بالمخالفة لنص المادة (34) من الدستور الصادر عام 1971.

 

       وحيث إن المادة (1) من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات المعدلة بالمرسوم بقانون رقم 342 لسنة 1952 تنص على أنه " لا يجوز الوقف على غير الخيرات".

       كما تنص المادة (2) على أن "يعتبر منتهيًا كل وقف لا يكون مصرفه في الحال خالصًا لجهة من جهات البر.

   فإذا كان الواقف قد شرط في وقفه لجهة بر خيرات أو مرتبات دائمة معينة المقدار أو قابلة للتعيين مع صرف باقى الريع إلى غير جهات البر، أُعتبر الوقف منتهيًا، فيما عدا حصة شائعة تضمن غلتها الوفاء بنفقات تلك الخيرات أو المرتبات ........." .

       وتنص المادة (3) على أن "يصبح ما ينتهى فيه الوقف على الوجه المبين في المادة السابقة ملكًا للواقف إن كان حيًّا وكان له حق الرجوع فيه. فإن لم يكن آلت الملكية للمستحقين الحاليين كل بقدر حصته في الاستحقاق. وإن كان الوقف مرتب الطبقات آلت الملكية للمستحقين الحاليين ولذرية من مات من ذوى الاستحقاق من طبقتهم كل بقدر حصته أو حصة أصله في الاستحقاق......." .

       وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قد سبق لها أن قضت بجلسة 4/5/2008 ، في الدعوى رقم 33 لسنة 23 قضائية "دستورية "بعدم دستورية المادة (3) من المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات، فيما نصت عليه من أيلولة أعيان الوقف – بعد وفاة الواقف – إلى المستحقين الحاليين، ولذرية من مات من ذوى الاستحقاق من طبقتهم كل بقدر حصته، أو حصة أصله في الاستحقاق، دون باقي ورثة الواقف.

       وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية ، بما مؤداه: أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة من جوانبها العملية وليس من معطياتها النظرية أو تصوراتها المجردة ، وهو ما يقيد تدخلها في تلك الخصومة القضائية ويرسم تخوم ولايتها، فلا تمتد لغير المطاعن التي يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعي ، وبالقدر اللازم للفصل فيه، والمحكمة الدستورية العليا وحدها هي التي تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعوى المقامة أمامها للتثبت من هذا الشرط اللازم لقبولها، وليس لجهة أخرى أن تنازعها ذلك أو تحل محلها فيه، ومن ثم، فإنه لا تلازم بين اتصال الدعوى بهذه المحكمة عن طريق الإحالة من إحدى محاكم الموضوع، وتوافر شرط المصلحة في الدعوى الدستورية ، فالأولى لا تغنى عن الثانية ، فإذا انتهت هذه المحكمة إلى أن النص المحال الذى تراءى لمحكمة الموضوع عدم دستوريته، ليس له من أثر مباشر على الطلبات المبداة في النزاع الموضوعي ، فإن الدعوى الدستورية تضحى غير مقبولة .

       وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الخطأ في تأويل أو تطبيق النصوص القانونية لا يوقعها في دائرة المخالفة الدستورية ، إذا كانت صحيحة في ذاتها، وأن الفصل في دستورية النصوص القانونية المدعى مخالفتها للدستور، لا يتصل بكيفية تطبيقها عملاً، ولا بالصورة التي فهمها القائمون على تنفيذها، وإنما مرد اتفاقها مع الدستور أو خروجها عليه إلى الضوابط التي فرضها الدستور على الأعمال التشريعية جميعها.

       وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة كذلك، أنه متى كان الضرر المدعى به ليس مرده إلى النص المطعون بعدم دستوريته وإنما مرده إلى الفهم الخاطئ له، والتطبيق غير الصحيح لأحكامه، غدت المصلحة في الدعوى الدستورية منتفية .

 

       وحيث إن نصوص المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات تعتبر كلاًّ واحدًا يكمل بعضها البعض، ويتعين أن تفسر نصوصه بما يمنع التعارض بينها، ذلك أن الأصل في النصوص القانونية التي تنتظمها وحدة الموضوع، هو امتناع فصلها عن بعضها، باعتبار أنها تكون فيما بينها وحدة عضوية تتكامل أجزاؤها، وتتضافر معانيها، وتتحدد توجهاتها لتكون نسيجًا متآلفًًا.

 

       وحيث إنه يتبين من استعراض أحكام المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات، أنه بعد أن نص في مادته الأولى على حظر الوقف على غير الخيرات، ونص في مادته الثانية على أن يعتبر منتهيًا كل وقف لا يكون مصرفه في الحال خالصًا لجهة من جهات البر ......، قضى في مادته الثالثة ، مقروءة في ضوء قضاء المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 4/5/2008، في القضية رقم 33 لسنة 23 قضائية "دستورية "، بأن يصبح ما ينتهى فيه الوقف على الوجه المبين في المادة السابقة ، ملكًا للواقف إن كان حيًّا، وكان له حق الرجوع فيه، فإن لم يكن، آلت الملكية لورثته وللمستحقين في الوقف كل بقدر حصته في الاستحقاق. ومؤدى ما تقدم، أنه بصدور المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 أضحى نظام الوقف على غير الخيرات ملغيًا، ولتحقيق هذا الأمر، يتعين النظر في كل حجة من حجج الأوقاف للوقوف على شروط الواقف، فإذا كان الواقف قد شرط في وقفه أن يصرف جزء من ريعه على جهة خيرات أو مرتبات دائمة ، سواءً كانت معينة المقدار أو قابلة للتعيين، وأن يصرف باقي الريع على غير جهات البر، فإن هذا الوقف يعتبر منتهيًا على النحو الذى فصلته المادة (3) من القانون ذاته، وهو أن تعود ملكية أعيان الوقف إلى الواقف إن كان حيًّا وكان له حق الرجوع فيه، وإلا آلت ملكيته إلى ورثة الواقف وللمستحقين في الوقف كل بقدر حصته في الاستحقاق، عدا حصة شائعة تضمن غلتها الوفاء بنفقات تلك الخيرات أو المرتبات. وقد أوضحت الفقرة الثالثة من المادة (2) من القانون المذكور كيفية تقدير وإفراز هذه الحصة الشائعة بأن يتم ذلك على النحو المبين بالمادة (41) من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف، والتي قضت بأنه إذا شرط الواقف في وقفه خيرات أو مرتبات دائمة معينة المقدار أو في حكم المعينة ، وطُلبت القسمة ، فرزت المحكمة حصة تضمن غلتها ما لأرباب هذه المرتبات بعد تقديرها طبقًا للمواد (36، 37، 38) من القانون ذاته على أساس متوسط غلة الوقف في خمس السنوات الأخيرة ، أما بالنسبة لغلة الأراضي الزراعية فتقدر طبقًا لأحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 الخاص بالإصلاح الزراعي . وقد أوضحت المادة (36) من قانون الوقف كيفية توزيع غلة الحصة الشائعة على النحو الذي لا تستغرق المرتبات والخيرات غلة كل الوقف وتحرم باقي المستحقين فيه.

 

       وحيث إن قرار لجنة شئون الأوقاف المؤرخ 4/10/1987، بخيرية وقف السيد /عمر مكرم جميعه صدر استنادًا إلى التفسير الخاطئ الذي تبنته الإدارة العامة للأوقاف والمحاسبة بكتابها رقم 280 المؤرخ 16/1/1986، من أن جملة ريع أعيان وقف السيد/ عمر مكرم الكائنة بأسيوط والقاهرة قبل عام 1952 هي مبلغ 816.044 جنيهًا، في حين أن الخيرات المشروطة في وقفه طبقًا لأسعار سنة 1952 يلزم لها ريع سنوي مقداره 2435.380 جنيه، وهو ما يؤدى إلى تحول الوقف المذكور إلى وقف خيري خالص.

       وحيث إن ما انتهت إليه لجنة شئون الأوقاف على النحو المتقدم يعد تطبيقًا خاطئًا لأحكام القانون رقم 180 لسنة 1952، ذلك أن نص المادة (2) منه قضى في عبارة واضحة جلية ،بأنه إذا كان الواقف قد شرط في وقفه لجهة بر خيرات أو مرتبات دائمة معينة المقدار أو قابلة للتعيين مع صرف باقي الريع إلى غير جهات البر، اعتبر الوقف منتهيًا فيما عدا حصة شائعة تضمن غلتها الوفاء بنفقات تلك الخيرات أو المرتبات، وأنه يتعين في تقدير تلك الحصة وإفرازها اتباع أحكام المادة (41) من قانون الوقف 48 لسنة 1946،فإذا ما انتهى الوقف على النحو المتقدم، عادت أعيانه إلى ملكية الواقف إن كان حيًّا وكان له حق الرجوع فيه، فإن  لم يكن آلت الملكية إلى ورثته وللمستحقين في الوقف كل بقدر حصته في الاستحقاق.

 

       وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الضرر الذى توهمت محكمة الموضوع أن مرجعه إلى النص المحال، يستند إلى التفسير الخاطئ لحكمه الذى تبنته لجنة شئون الأوقاف، وكان الأصل أنه إذا صدر قانون ما لتنظيم موضوع معين، فإن نصوص هذا القانون تعتبر كلاًّ واحدًا يكمل بعضها بعضًا، وأنه يتعين تفسير هذه النصوص على نحو يمنع التعارض بينها، وكان تفسير نصوص المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 مجتمعة بحسبانها وحدة عضوية تتكامل أجزاؤها، لا يؤدى إلى التفسير الذى انتهى إليه قرار لجنة شئون الأوقاف الصادر بتاريخ 4/10/1987، المطعون عليه أمام محكمة الموضوع، وسايرتها في ذلك المحكمة الأخيرة توهمًا منها أن النص المحال قد قيد حقوق ورثة الواقف في ممارسة ملكيتهم كاملة على أعيان الوقف، كما منح أفضلية لحصة الخيرات بجعلها حصة شائعة في كامل الملكية ، ذلك أنه – وكما سبق القول – كان يتعين على محكمة الموضوع تفسير النص المحال في ضوء التنظيم المتكامل الذى أتى به المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952، والذى أنهى المشرع بمقتضاه كل وقف لا يكون مصرفه في الحال خالصًا لجهة من جهات البر.

 

       وحيث إنه متى كان ما تقدم وكان الضرر الذى نسبته محكمة القضاء الإداري إلى النص المحال، لا يعود– في واقع الأمر – إليه، وإنما مرده إلى الفهم الخاطئ والتطبيق غير الصحيح لأحكام المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952، فإن المصلحة في الدعوى الماثلة تغدو منتفية ،مما يتعين معه القضاء بعدم قبول هذه الدعوى .

فلهذه الأسباب

       حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى .

الخميس، 10 سبتمبر 2020

الطعن 776 لسنة 52 ق جلسة 11 / 2 / 1986 مكتب فني 37 ج 1 ق 47 ص 204

جلسة 11 من فبراير سنة 1986

برئاسة السيد المستشار: هاشم محمد قراعة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: مرزوق فكري، صلاح محمد أحمد، حسين محمد حسن ومحمد هاني محمد مصطفى.

-----------------

(47)
الطعن رقم 776 لسنة 52 القضائية "أحوال شخصية"

اختصاص "اختصاص ولائي". وقف.
مجلس وكلاء وزارة الأوقاف. اختصاصه وحده بطلب تقدير وفرز حصة الخيرات في الوقف والبت فيه بغير الرجوع إلى المحكمة. م 3 ق 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف ولائحة إجراءاتها و م 3 ق 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية.

----------------
لما كانت المادة الثالثة من القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف ولائحة إجراءاتها قد نصت على أن تختص لجنة شئون الأوقاف وحدها بطلب تقدير وفرز حصة الخيرات في الوقف والبت فيها بغير الرجوع إلى المحكمة، وكانت المادة الثالثة من القانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية قد نصت على أن يؤول هذا الاختصاص إلى مجلس وكلاء وزارة الأوقاف منضماً إليه رئيس مجلس إدارة الهيئة ومستشار من مجلس الدولة، فإن مؤدى ذلك أن يكون هذا المجلس قد صار المختص وحده بغير الرجوع إلى المحكمة بالفصل في ذلك الطلب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 348 لسنة 1979 مدني كلي سوهاج ضد وزير الأوقاف ورئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف (الطاعنين) للحكم بتعيين مساحة الأطيان التي يصرف ريعها على دار الضيافة من بين الأطيان الموقوفة بمقتضى إشهاد الوقف المسجل برقم 10 للسنة 1938 - 1939 لدى محكمة... الشرعية وقال بياناً للدعوى أنه بموجب هذا الإشهاد المؤرخ 16 شعبان سنة 1358 هـ الموافق 25/ 9/ 1939 وقف والد المرحوم.... أطياناً زراعية مساحتها سبعة أفدنة مبنية الحدود والمعالم بالإشهاد على نفسه مدة حياته ومن بعده على دار الضيافة المملوكة له بزمام ناحية المساودة وما يتبقى من الريع يصرف على أولاده وأولاد أولادهم وهكذا للذكر مثل حظ الأنثيين وإذ كان الريع يزيد كثيراً على حاجة دار الضيافة الموقوفة ويحق له بصفته مستحقاً في الوقف طلب تعيين الأطيان التي يكفي ريعها للإنفاق عليها فقد أقام الدعوى. ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن قدم تقريره حكمت في 12/ 10/ 1980 بتحديد نفقة المضيفة المبينة بحجة الوقف بمبلغ 120 جنيه القيمة الإيجارية لقطعة الأرض الزراعية البالغ مساحتها 2 ف و4 ط و14 س شائعة في الأطيان الزراعية المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى. استأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط (مأمورية سوهاج) بالاستئناف رقم 114 لسنة 55 ق وبتاريخ 28/ 1/ 1982 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنان بالسبب الثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان أنهما دفعا بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى لأن النزاع فيها إذ دار حول تقدير فرز حصة الخيرات في الوقف فإن لجنة شئون الأوقاف تكون هي المختصة وحدها بنظره طبقاً للمادة الثالثة من القانون 272 لسنة 1959 وإذ رفض الحكم المطعون فيه هذا الدفع بمقولة أن المطعون عليه لم يطلب القسمة وأن النزاع فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي في محله ذلك أنه لما كانت المادة الثالثة من القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف ولائحة إجراءاتها قد نصت على أن تختص لجنة شئون الأوقاف وحدها بطلب تقدير وفرز حصة الخيرات في الوقف والبت فيها بغير الرجوع إلى المحكمة، وكانت المادة الثالثة من القانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية قد نصت على أن يؤول هذا الاختصاص إلى مجلس وكلاء وزارة الأوقاف منضماً إليه رئيس مجلس إدارة الهيئة ومستشار من مجلس الدولة، فإن مؤدى ذلك أن يكون هذا المجلس قد صار المختص وحده وبغير الرجوع إلى المحكمة بالفصل في ذلك الطلب، لما كان ذلك وكان النزاع في الدعوى يدور حول تقدير حول تقدير وفرز حصة الخيرات في الأطيان الموقوفة فإن القضاء العادي يكون غير مختص بالفصل فيه وإنما يختص به - وعلى ما تقدم مجلس وكلاء وزارة الأوقاف ويكون الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر وقضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إنه على ما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بعدم الاختصاص دون موجب للإحالة طبقاً لنص المادة 269/ 1 من قانون المرافعات.