الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 18 أبريل 2022

الطعن 405 لسنة 21 ق جلسة 10 / 3 / 1955 مكتب فني 6 ج 2 ق 103 ص 796

جلسة 10 من مارس سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: عبد العزيز سليمان، ومحمود عياد، ومحمد أمين زكى، ومحمد فؤاد جابر المستشارين.

-------------------

(103)
القضية رقم 405 سنة 21 القضائية

)أ ) تقادم مكسب. وقف.

له حق التمسك بالتقادم المكسب. دليل مشروعيته.
)ب) تقادم مكسب. وقف.

المدة اللازمة لكى يكتسب الوقف الملك بالتقادم. هى 15 سنة.
)ج) تقادم مكسب. وقف.

لا يمنع من اكتسابه الملك بالتقادم ما نص عليه القانون 48 لسنة 1946 من أن الوقف لا يصح إلا بإشهاد شرعي.
)د) تقادم مكسب. وقف.

حق الوقف في ضم مدة السلف إلى مدة وضع يده.
)هـ) تقادم مكسب. وقف. حكم. قوة الأمر المقضي.

الحكم الصادر ضد ناظر الوقف بصفته الشخصية لا يحوز قوة الأمر المقضي قبل الوقف.
(و) تقادم مكسب.

القضاء بالملك لواضع اليد المدة الطويلة. استظهار السبب المشروع الذي يستند إليه في وضع يده. غير لازم.

-------------------
1 - يجوز للوقف أن يتمسك بالتقادم المكسب شأنه في ذلك شأن الأفراد، ذلك أن الحكمة التي أقيم عليها هذا التقادم في القانون المدني هي أن الملك وإن كان لا يزول عن صاحبه بعدم وضع يده عليه مهما طال الترك إلا أن وضع اليد المستوفى للشروط القانونية يعتبر قرينة على شرعية الملك، وهى قرينة قانونية بسيطة يصح دحضها ولكن إذا تطاول عليها الزمن المدة التي حددها القانون ارتفعت إلى مصاف القرائن القاطعة التي لا تقبل نقضا.
2 - المدة اللازمة لكى يكتسب الوقف الملك بالتقادم هي خمس عشرة سنة أما مدة الثلاث وثلاثين سنة فهي التي تلزم للتمسك قبل الوقف باكتساب ملكيته بالتقادم.
3 - لا يمنع الوقف من التمسك بالتقادم المكسب ما نص عليه القانون رقم 48 لسنة 1946 من أنه بعد التاريخ العمل به لا يصح الوقف إلا بإشهاد ذلك أنه ليس ثمة ما يمنع الوقف بعد قيامه من الانتفاع بقرينة التقادم القاطعة التي تعفيه من تقديم سند ملكيته.
4 - للوقف أن يضم إلى مدة وضع يده مدة وضع يد سلفه.
5 - الحكم الصادر قبل ناظر الوقف بصفته الشخصية لا يؤثر على وضع يد الوقف ولا يحوز قوة الأمر المقضي بالنسبة إليه.
6 - القضاء بالملك لواضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية لا يحتاج إلى استظهار السبب المشروع الذي يستند إليه في وضع يده.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة المحامي عن الطاعنين والنيابة العامة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إنه يبين من التوكيل المقدم من وكيل المطعون عليهما أن عبارته مقصورة على التصريح له بالتقرير بالنقض في قضايا الجنح والمخالفات، ولذا فإنه لا يخوله الحضور عن المطعون عليهما أمام محكمة النقض في القضايا المدنية ومن ثم يتعين استبعاد المذكرة وحافظة المستندات المقدمة من وكيلهما ردا على مذكرة الطاعنين.
وحيث إن وقائع الدعوى كما يستفاد من أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليهما بصفتهما ناظري وقف المرحومة مصطفية تاوضروس غبريال أقاما الدعوى رقم 432 لسنة 1944 أمام محكمة المنيا الابتدائية ضد الطاعنين وطلبا في صحيفتها المعلنة في 17 و24 من يونيه سنة 1944 تثبيت ملكيتهما بصفتهما إلى فدانين و4 قراريط و10 أسهم مملوكة للوقف المشمول بنظارتهما وواقعة بالقطعة رقم 5 بحوض المرج بزمام طوخ الخيل مركز ومديرية المنيا ومحدودة من الجهة الغربية بوقف رائف باشا ومن الجهات الثلاث الأخرى بأطيان ملك ورثة حنا يعقوب (الطاعنين) وكف المنازعة والتسليم وإلغاء محضر التسليم المؤرخ في 18 من مايو سنة 1944 الوارد على هذا المقدار والحاصل بناء على طلب الطاعنين نفاذا للحكم الصادر لهم في 2 من سبتمبر سنة 1937 في الدعوى رقم 265 لسنة 1929 كلى المنيا - واستند المطعون عليهما في دعواهما إلى إشهاد الوقف الصادر في 13 من نوفمبر سنة 1919 من محكمة المنيا الجزئية الشرعية وإلى عقد فك الرهن الحيازي المؤرخ 15 من ديسمبر سنة 1926 ومسجل في 25 من أكتوبر سنة 1929 والصادر من الدائن المرتهن المرحوم اسحق بك برسوم وإلى الكشوف الرسمية قائلين إن المقدار موضوع النزاع داخل فيها. ودفع الطاعنون الدعوى بأن مورثهم حنا يعقوب اشترى هذا المقدار بعقد مسجل في 11 من نوفمبر سنة 1911 من الفونس كحيل الذي كان اشتراه بدوره من عزيز اسحق الذي تملكه بطريق الميراث عن والده المرحوم اسحق سعد وبعقد قسمة مع باقي الورثة مسجل في 20 من مارس سنة 1911 وأن هذا المقدار هو نصف القطعة رقم 5 التي اختص عزيز اسحق بالنصف الشرقي منها واختص أخوه يوسف اسحق بالنصف الغربي وأن يوسف اسحق باع هذا المقدار الذي اختص به في النصف الغربي من القطعة رقم 5 إلى والدته الواقعة ضمن أطيان أخرى فوقفته، وأنهم لا ينازعون الوقف في هذا المقدار الذي يقع في النصف الغربي في القطعة والذى آل إلى الواقفة من يوسف اسحق. فأصدرت المحكمة الابتدائية في 4 من يونيه سنة 1945 حكما بندب خبير لتطبيق مستندات الطرفين على الطبيعة وبيان إن كان المقدار موضوع النزاع يدخل ضمن مستندات الطاعنين أو المطعون عليهما وهل يدخل أو لا يدخل في الحكم الصادر في الدعوى 265 لسنة 1929 كلى المنيا وتحقيق وضع اليد ومدته وتصرفات الطاعنين في المقدار موضوع النزاع إن ظهر أنه لا يدخل في مستنداتهم. وقد باشر الخبير مأموريته وانتهى في تقريره إلى أن النصف الغربي من القطعة رقم 5 يدخل ضمن ما ورد في كتاب الوقف وفى وضع يد الوقف ولا نزاع عليه. وإنما يدور النزاع حول النصف الشرقي من القطعة المذكورة وهو يدخل في مستندات الطاعنين وهى عقد شراء مورثهم وعقد القسمة الحاصل من ورثة اسحق والحكم الصادر لهم في الدعوى 265 لسنة 1929 كلى المنيا ومحضر التسليم المحرر في 18 من مايو ستة 1944 وأنه بتحقيق وضع اليد اتضح له أن القطعة كلها في وضع يد الوقف منذ أكثر من خمس عشرة سنة. فعدل المطعون عليهما طلباتهما بإعلان تاريخه 8 من ديسمبر سنة 1945 طالبين الحكم لهما بصفتهما إلى القطعة رقم 5 بكاملها ومساحتها 4 أفدنة و8 قراريط و20 سهما واستند إلى وضع اليد في 13 من نوفمبر سنة 1911 بدون انقطاع - وفى 7 من يناير سنة 1946 قضت المحكمة الابتدائية بثبوت ملكية الوقف إلى فدانين و4 قراريط و10 أسهم وهي النصف الغربي من القطعة رقم 5 والتي ليس عليها نزاع وبرفض الدعوى بالنسبة للباقي، وأسست قضاءها على أن المطعون عليهما إذ أقاما دعواهما لم يطلبا الحكم لهما إلا بمقدار فدانين و4 قراريط و10 أسهم الداخلة في كتاب الوقف المشمول بنظارتهما وأن باقي القطعة ومقداره فدانان و4 قراريط و10 أسهم بيع لمورث الطاعنين من الفونس كحيل المشترى من عزيز إسحق وأن المطعون عليهما اعترفا صراحة في صحيفة الدعوى بأن المقدار الذي يملكه الطاعنون تصرفوا فيه بالبيع وأن المشترين وضعوا يدهم على ما اشتروه لا ينازعهم فيه أحد، وأنه لما تبين لخبير الدعوى أن المقدار الداخل في عقد الطاعنين تحت يد الوقف دون هؤلاء المشترين، عدل المطعون عليهما طلباتهما إلى كامل القطعة رقم 5 وتناسيا كل ما ذكراه في صحيفتها وذهب مذهبا جديدا في تأييد دعواهما إلى أن الوقف تملك هذا المقدار بمضي المدة، وقالت المحكمة إن النزاع تركز أخيرا في جواز تملك الوقف عينا بالتقادم، وأنها لا تأخذ بالري الذي يجيز ذلك، وأنه متى كان الأمر كذلك ولم ينازع الطاعنون المطعون عليهما في العين الواردة في كتاب الوقف وهي النصف الغربي من القطعة 5 المبينة بتقرير الخبير والذى يبدأ في وقف رائف باشا، فإنه يتعين رفض الدعوى بالنسبة لبقية طلبات المطعون عليهما مع إلزامهما بالمصروفات... وبصحيفة معلنة في 5 من مايو سنة 1946 استأنف المطعون عليهما هذا الحكم طالبين تعديله والقضاء لهما بتثبيت ملكيتهما بصفتهما إلى 4 أفدنة و8 قراريط و20 سهما المبينة بصحيفة تعديل طلباتهما أمام المحكمة الابتدائية فقضت محكمة استئناف القاهرة في أول مايو سنة 1950 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليهما بكافة الطرق القانونية بما فيها البينة وضع يد الوقف على الأطيان المتنازع عليها من تاريخ إنشائه في 13 من نوفمبر سنة 1919 ووضع يد الواقفة عليها بوصفه ملكا حرا من تاريخ شرائها إياه في سنة 1911 من يوسف اسحق ووضع يد هذا من سنة 1911 تاريخ عقد القسمة وبأن وضع اليد كان مؤسسا على الملكية وظاهرا ومستمرا ومتواصلا وهادئا وخاليا من النزاع وصرحت للمطعون عليهما بأن يستخرجا من دفاتر مصلحة المساحة صورا رسمية من الإقرارات المنوه عنها بالأسباب وبعد أن تم التحقيق بسماع شهود الطرفين، ولامتناع مصلحة المساحة عن إعطاء المطعون عليهما صورة رسمية من الإقرارات قررت المحكمة في 8 من يناير سنة 1951 الانتقال إلى مكتب المصلحة بالمنيا للاطلاع على ملف القطعة المتنازع عليها لمعرفة ما جاء به خاصا بوضع اليد. وبعد أن تنفذ هذا القرار قضت في 12 من يونيه سنة 1951 بتعديل الحكم المستأنف وتثبيت ملكية المطعون عليهما بصفتهما إلى 4 أفدنة و8 قراريط و20 سهما المبينة بصحيفة تعديل الطلبات المعلنة في 8 من ديسمبر سنة 1945 وبالزام الطاعنين بجميع المصروفات الاستئنافية وبنصف المصروفات الابتدائية وبمبلغ 20 جنيها مقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين - فقرر الطاعنون الطعن بالنقض في هذا الحكم.
وحيث إن الطعن بنى على ثلاثة أسباب: أولها خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون وفى تأويله وتفسيره وثانيها قصور الحكم في التسبيب، وثالثها خطؤه في الإسناد.
وحيث إنه عن السبب الأول، فإن الطاعنين ينعون به على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون من خمسة أوجه: أولها إذ قرر أن الوقف يجوز له اكتساب الملك بالتقادم. وثانيها - إذ قرر أن المدة اللازمة ليتملك الوقف عينا حرة هى خمس عشرة سنة لا ثلاث وثلاثون. وثالثها - أنه عند احتساب مدة التقادم اللازمة على هذا الأساس أدخل فيها مددا لا يجوز ضمها قانونا وهى المدد السابقة على إنشاء الوقف في سنة 1919 التي كان وضع يد يوسف اسحق فيها على أرض النزاع ووضع يد والدته التي اشترت منه بصفتها الشخصية وبطريق الغصب بقصد التملك بالتقادم، بخلاف الوقف الذي لم تكن حيازته بقصد التملك بل بقصد كسب حق عيني آخر هو الوقف، فضلا عن مساس الحكم المطعون فيه ومخالفته للحكم الصادر في الدعوى رقم 265 لسنة 1929 كلى المنيا التي لم يزعم فيها يوسف اسحق ولا عزيز اسحق أنهما وضعا اليد على ارض النزاع، ولا أنها بيعت من يوسف اسحق لوالدته، ولا أنها وضعت اليد عليها، ولا زعما أن الأرض موقوفة أو أنها التحقت بالوقف وكسبت صفته عن طريق وضع اليد. ورابعها - أن الحكم المطعون فيه اعتمد في قضائه بتملك أرض النزاع بالتقادم على حيازة معيبة بالخفاء وبالغموض، ذلك أن يوسف وعزيز لم يصرحا في الدعوى رقم 265 لسنة 1929 كلى المنيا سالف الذكر بحيازة الوقف أرض النزاع، وكتمانها ذلك أمام المحكمة يجعل حيازة الوقف خفية غير ظاهرة. كما أن الحكم المطعون فيه سلم في أسبابه بأن وضع يد يوسف. كان يشوبه الغموض إذ قال "إن المدة الطويلة كانت قد انقضت قبل موت مصطفيه الواقفة في يونيه سنة 1929 وأنه قد ثبت من التحقيق أن وضع يدها كان مستوفيا الشروط القانونية وأنه لا محل إذن للقول بأن وضع يد يوسف كان يشوبه الغموض". وهذا تسليم من الحكم بأن وضع يد هذا الأخير شابه الغموض، وغاية ما هنالك أن هذا الغموض لا يؤثر على نتيجة الدعوى لأن وضع يد مصطفيه (ممثلة بيوسف) كان قد استوفى المدة قبل وفاتها وخامسها - أن الحكم المطعون فيه خالف قواعد الإثبات إذ قبل شهادة الشهود في إثبات عقد البدل الذي قيل بحصوله بين يوسف وأخيه عزيز مع أن قيمته تزيد عن العشرة جنيهات.
وحيث إن هذا السبب مردود في جميع وجوهه، بأنه يبين من الحكم المطعون فيه أن هذه الدعوى أقيمت من المطعون عليهما بتثبيت ملكية الوقف المشمول بنظرهما للأرض محل النزاع تأسيسا على ما ذكراه والذى انتهيا منه إلى وضع يد الوقف عليها المدة الطويلة المكسبة للملكية، وذلك بناء على أن يوسف إسحق كان واضعا يده منذ حصلت القسمة في سنة 1912 على جميع القطعة رقم 5 بحوض المرج بالحدود الواردة بصحيفة الدعوى الابتدائية التي تتضمن أرض النزاع وكان وضع يده على خلاف ما جاء بكشوف التكليف والعقود والمستندات وأنه استمر واضعا يده عليها إلى أن باعها لوالدته مصطفية تاوضروس غبريال فخلفت البائع لها في وضع يده إلى أن وقفتها مع أطيان أخرى في سنة 1919، وأن وضع يد الوقف استمر على خلاف كشوف التكليف والعقود والمستندات إلى أن بدأ النزاع الحالي. وبعد أن أشار الحكم إلى تقرير الخبير الذي ندبته محكمة أول درجة ومحضر أعماله وما ورد فيهما خاصا بوضع يد الوقف على أرض النزاع وإلى التحقيق الذي أجرته محكمة الاستئناف في وضع اليد وإلى محضر الانتقال الذي أمرت به وذكر الحكم أنه استخلص من التحقيق أن يوسف اسحق بقى واضعا يده على أرض النزاع من سنة 1911 حتى باعها لوالدته مصطفية التي وقفتها وأنه استمر واضعا يده عليها بالنيابة عن والدته إلى أن تولاها منير يوسف اسحق الناظر الحالي حتى انتزعت منه بمقتضى محضر التسليم المؤرخ في 18 من مايو سنة 1944. قال الحكم المطعون فيه بعد ذلك إنه يستخلص من تقرير الخبير ومن نتيجة التحقيق ومن محضر الانتقال أن حنا يعقوب مورث الطاعنين اشترى من الفونس كحيل في سنة 1911 القطعة رقم 5 موضوع النزاع إلا أنه لم يضع يده عليها إطلاقا واستوفى ما اشترى في القطعة رقم 3 وأنه سواء كان ذلك تنفيذا للبدل الذي قرر المطعون عليهما حصوله بين الأخوين عزيز ويوسف اسحق أو أن مورث الطاعنين ارتضى هذا الوضع ونفذه وتخلى عن القطعة المتنازع عليها رقم 5 واستبدل بها القطعة رقم 3 ووضع يده عليها إلى أن توفى وخلفه ورثته المقيدون بتصرفه لأنهم لم يرثوا عنه تكليفا على الورقة وإنما ورثوا أرضا زراعية هى القطعة رقم 3 التي كانت في وضع يده وانتقلت اليهم وحازوها ولم ينازعهم أحد فيها وأن هذا البدل الذي ارتضاه المورث فعلا وأقروه هم قد تنفذ من طرفيه وباع يوسف اسحق القطعة رقم 5 برمتها وحددوها الأربعة الواردة في صحيفة الدعوى لوالدته مصطفية وهذه رهنتها إلى إسحق بك برسوم ثم وقفتها وأنها وضعت اليد عليها باعتبارها من ضمن الوقف ولم يعترض على ذلك حنا يعقوب ولا ورثته من بعده وأن هؤلاء الورثة باعوا بعد ذلك في سنة 1934 القطعة رقم 3 تمشيا مع وضع يدهم وسلموها للمشترين فحازوها ولم ينازعهم أحد فيها كما أنهم لم ينازعوا الوقف في القطعة رقم 5 رغما عن أنها هي التي وردت في عقود شرائهم تمشيا مع التكليف ولم يتمسك به الورثة إلا في سنة 1929 بعد أن هدم يوسف اسحق مباني العزبة وبدأت الدعوى رقم 265 لسنة 1929 كلى المنيا وكان قد مضى على تصرف حنا يعقوب الدال على ارتضائه البدل زهاء 18 سنة استتبت فيها ملكيته ثم ورثته من بعده للقطعة رقم 3 وملكية الوقف للقطعة رقم 5 وأنه ثبت من التحقيق أن وضع يد الواقفة مصطفية كان مستوفيا الشروط القانونية وأنه كان ظاهرا ومستمرا وهادئا وخاليا من النزاع وبنية التملك وأنها استكملت المدة الطويلة قبل وفاتها الحاصلة في سنة 1929... ثم انتهى الحكم إلى القول بأنه بان له من كل ما تقدم أن القطعة المتنازع عليها قد تملكها الوقف فعلا وأن الحكم المستأنف قد جانب الصواب فيما قضى به من رفض الدعوى بالنسبة لباقى المقدار المطلوب - وحاصل ما سبق ذكره أن الحكم المطعون فيه بنى في أساسه على أنه ثبت له من الأدلة والقرائن المقدمة في الدعوى والتي أشار إليها أن الوقف هو ومن تلقى الحق عنه، وضع اليد على أرض النزاع بصفته مالكا، وضع يد استوفى شرائطه القانونية منذ سنة 1911، وأنه مضى على وضع يده المدة الطويلة المكسبة للملك، وأنه يصح له بذلك أن يتحدى بالتقادم المكسب، وهذا الذي حصله الحكم من واقع الدعوى كاف وحده لإقامته. أما ما أورده غير ذلك فإنه من النوافل التي لا يجدى الطعن عليها كما سيبين فيما بعد - وهذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه لا خطأ فيه في القانون، ذلك أن الوقف يجوز له أن يتمسك بالتقادم المكسب شأنه في ذلك شأن الأفراد، وللوقف أيضا أن يتمسك بضم مدد أسلافه أي من تلقى الحق عنهم، ذلك أن الحكمة التي أقيم عليها التقادم المكسب في القانون المدني هي أن الملك وإن كان لا يزول عن صاحبه بعدم وضع يده عليه مهما طال الترك إلا أن وضع اليد المستوفى للشروط القانونية يعتبر قرينة على شرعية الملك وهى قرينة قانونية بسيطة يصح للغير دحضها. ولكن إذا تطاول عليها الزمن المدة التي حددها القانون وهى خمس عشرة سنة ارتفعت هذه القرينة إلى مصاف القرائن القاطعة وأصبحت لا تقبل نقضا. ومرجع ذلك أن استمرار واضع اليد يتصرف في العين تصرف الملاك بلا منازع وبشكل هادئ لا خفاء فيه ولا إبهام طوال هذه المدة التي رأى الشارع أنها كفيلة بتنبيه الغافل عن حقه، أن استمرار وضع اليد بهذه الشروط يدل على سبيل الجزم على أن واضع اليد إنما يستند في وضع يده إلى حق ثابت، فمن العبث بعد هذا اليقين أن يرهق واضع اليد إرهاقا قد يصل في بعض الأحيان إلى حد الاستحالة بأن يحتفظ بما لديه من أدلة على مصدر ملكيته وشرعية يده أمدا لا نهاية له، فلذا أعفاه الشارع من الاحتفاظ بسند ملكيته اكتفاء بهذه القرينة القاطعة. وفى هذا ما يدعم استقرار الأمور على ما قامت به من سبب شرعي ويرد دعاوى المبطلين الذين قد يثيرون النزاع حول شرعية حق واضع اليد. ومن ذلك يبين أن حكمة التقادم المكسب لا تقوم على تبرير الغصب، وإنما مبناها على عكس ذلك وهو دفع الغصب من المعتدين وهذه أيضا هى الحكمة التي من أجلها أجيز الدفع بعدم سماع الدعوى في الشريعة الإسلامية - وبناء على ما تقدم يكون لا محل للتفرقة بين الوقف والأفراد في الانتفاع بهذه القرينة القاطعة التي رتبها القانون لمصلحة واضع اليد المدة الطويلة من إعفائه من تقديم سند ملكيته الأصلي اكتفاء بوضع يده تلك المدة وهى خمس عشرة سنة لا ثلاث وثلاثون كما يذهب الطاعنون، لأن المدة الأخيرة هي التي تلزم لمن يريد التمسك قبل الوقف. ولا يغير من هذا النظر ما نص عليه القانون رقم 48 لسنة 1946 من أنه من تاريخ العمل به لا يصح الوقف إلا بإشهاد، ذلك أنه ليس في القانون ما يمنع الوقف بعد قيامه من التمسك بالتقادم المكسب والانتفاع بالقرينة القاطعة التي تعفيه من تقديم سنده - وكذلك لم يخطئ الحكم المطعون فيه، إذ أجاب المطعون عليهما واحتسب للوقف المشمول بنظرها مدة وضع يد الواقفة قبل الوقف ومدة وضع يد البائع لها من قبلها ذلك أن للخلف أن يضيف إلى مدة وضع يده مدة وضع يد سلفه. والواقع الذي استظهره الحكم، أن التصرفات المتعاقبة وان كان ذكر في أوراقها أن المتصرف فيه هو نصف القطعة رقم 5 ونصف القطعة رقم 3 إلا أن المتصرف كان يسلم المتصرف له جميع القطعة رقم 5 ولا شئ في القطعة رقم 3 وأما الحكم رقم 265 كلى المنيا لسنة 1929 الصادر في 2 من سبتمبر سنة 1937 والذى لم ينفذه الطاعنون بالتسليم في القطعة رقم 5 إلا في 18 من مايو سنة 1944، فإن الثابت منه أن الوقف لم يكن ممثلا فيه، وأنه صدر ضد يوسف اسحق وأخيه عزيز بصفتهما الشخصية لا بصفتهما ناظرين على الوقف، ومن ثم فإنه لا يؤثر على وضع يد الوقف ولا يحوز قوة الأمر المقضي بالنسبة إليه، هذا فضلا عما هو ثابت به من أن الدعوى به لم ترفع إلا في 4 من يونيه سنة 1929 بعد أن كانت مدة التقادم المكسب قد تكاملت للوقف على نحو ما أثبته الحكم المطعون فيه - وأما ما ينعاه الطاعنون في الوجه الرابع من هذا السبب فمردود بأنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى للوقف المشمول بنظر المطعون عليهما بملكية الأرض موضوع النزاع، أقام قضاءه هذا على ما تبينه من التحقيقات من أن الوقف وضع اليد عليها المدة الطويلة بالشروط التي يتطلبها القانون مقررا أن وضع يده كان ظاهرا ومستمرا وهادئا وخاليا من النزاع وبنية التملك. وهذا الذي أورده الحكم ينفى عن وضع يد الوقف عيب الخلفاء إذ وصفه بالظهور، كما ينفى عنه عيب الغموض إذ وصفه بخلوه من النزاع، ولا يجدى الطاعنين تمسكهم بالحكم رقم 265 كلى المنيا لسنة 1929 لأنه لا تأثير له على الوقف لما سبق ذكره وليس بصحيح ما نسبه الطاعنون للحكم المطعون فيه من أنه سلم في أسبابه بأن وضع يد يوسف اسحق كان يشوبه الغموض ذلك أن المفهوم من العبارة التي اقتبسها الطاعنون من الحكم أنه لم ير من حاجة للرد استقلالا على ما نعوه على وضع يد يوسف من غموض بعد ما أثبته من أن وضع يد الوقف كان قد استوفى شرائطه القانونية وتكاملت مدته قبل وفاة الواقفة في سنة 1929 - وأما ما نعاه الطاعنون في الوجه الخامس فمردود، بأن ما أورده الحكم المطعون فيه عن واقعة البدل بين الأخوين يوسف وعزيز اسحق إنما كان تزيدا منه وهو في سبيل التماس العلة في مخالفة وضع اليد لعقود القسمة والبيع والرهن وكتاب الوقف، وقد كان قوام دعوى المطعون عليهما أن الوقف المشمول بنظارتهما تملك الأرض موضوع النزاع بالتقادم المكسب دون غيره من أسباب التملك.
وحيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه شابه القصور في التسبيب من ثلاثة أوجه. الأول تناقضه في مسألة جوهرية هي لب الدعوى وهى وضع اليد إذ سلم في موضع منه أن وضع يد يوسف اسحق كان غامضا ثم استدرك قائلا إن ذلك لا أهمية له لأن وضع يد والدته مصطفية استوفى شرائطه قبل وفاتها في سنة 1929 ثم قال في موضع آخر إن يوسف كان يضع يده نيابة عن والدته ثم قال بعد ذلك إنه ثبت من التحقيقات أن وضع يد مصطفية كان مستوفيا الشروط القانونية وكان ظاهرا وهادئا وخاليا من النزاع وبنية التملك - وهذا القول ينطوي على قصور لأن الحكم لم يبين كيف يكون وضع يد مصطفية مستوفيا الشروط القانونية في نفس الوقت الذي يقول فيه الحكم إنها كانت تضع اليد بطريق إنابة ولدها يوسف وأن وضع يد هذا الأخير كان غامضا - والوجه الثاني - أن الحكم لم يرد على ما دفع به الطاعنون من أن وضع يد الوقف على فرض حصوله كان مشوبا بعيب الخفاء - والوجه الثالث - قول الحكم إن الطاعنين تجردوا من ملكيتهم في هذه الجهة وبذا انتفت مصلحتهم في المطالبة وأنه بما ادعوه من ضمانهم للبيوع التي صدرت منهم لمضى أكثر من خمس عشرة سنة عليها دون أن يرد على دفاع الطاعنين في هذا الصدد مكتفيا بعبارة مجملة هى قوله إنه ثبت من الكشوف المقدمة بحوافظ المطعون عليهم أن الطاعنين باعوا كل ما يملكون في تلك الجهة.
وحيث إن هذا السبب مردود في وجهيه الأول والثاني بما سبق ذكره ردا على الوجه الرابع من السبب الأول، من أن الحكم المطعون فيه، وقد قرر في أسبابه أن الوقف اكتسب ملكية الأرض المتنازع عليها بالتقادم بعد أن أثبت أن وضع يده استوفى شرائطه القانونية وأنه كان ظاهرا ومستمرا وهادئا وخاليا من النزاع وبنية الملك، يكون قد نفى بذلك عن وضع يد الوقف كل شائبة تعيبه من خفاء أو غموض أو غيرهما وبما سبق ذكره من أن الحكم لم يسلم في أسبابه بأن وضع يد يوسف اسحق كان غامضا، وأن العبارة التي اقتبسها الطاعنون للاستدلال بها على هذا النعي لا تفيد المعنى الذي يريدون استنتاجه منها. ومن ثم فلا تناقض في الحكم ومردود في وجهه الثالث بأن ما أورده الحكم عن تجرد الطاعنين من ملكيتهم في تلك الجهة وانتفاء مصلحتهم بذلك في المطالبة إنما هو تزيد لا يعيب الحكم لأن قوام دعوى المطعون عليهما كما سبق قوله هو أن الوقف المشمول بنظارتهما تملك الأرض موضوع النزاع بالتقادم المكسب.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في الإسناد من ثلاثة أوجه: الأول - إذ أثبت واقعة لا أصل لها في الأوراق اعتمد عليها في قضائه وجعلها حجر الأساس فيه وهى مسألة البدل، الذي زعم أنه تم بين الشقيقين يوسف وعزيز اسحق في سنة 1911 والذى بمقتضاه اختص يوسف بكل القطعة رقم 5 وفيها أرض النزاع مقابل اختصاص عزيز بكل القطعة رقم 3 دون أن يبين الحكم كيف يقتسم الشقيقان ملكهما بعقد مسجل في 30 من مارس سنة 1911 ثم يتبادلان فور القسمة أرضهما على خلاف ما جاء بها ودون أن يبين الحكم ما إذا كانت القطعة رقم 5 توازى تماما القطعة رقم 3 حتى يستساغ عقلا ذلك البدل الوهمي الذي لم يقع والذى خلت أوراق الدعوى من دليل عليه حتى يصح تصوره بالاستنتاج أو البينة، وكلاهما لا يقبله القانون دليلا عليه - والوجه الثاني - إذ أورد الحكم وقائع استخلصها خلافا للثابت في الأوراق، فاستخلص من تقرير الخبير ومن نتيجة التحقيق الذي تولته المحكمة ومن محضر الانتقال الذي أجرته أن يوسف إسحق باع القطعة رقم 5 جميعها إلى والدته التي رهنتها بعد ذلك ثم وقفتها، في حين أن هذه المصادر الثلاثة التي استند إليها الحكم ليس فيها ما يؤيده فيما استخلصه بل فيها ما ينقضه، وقد جاء بتقرير الخبير أن أرض النزاع لا تدخل في كتاب الوقف ولا في مستندات تمليك الخصوم وأنها لم تكن في يوم من الأيام مملوكة للوقف أصلا بل أنها تدخل في مستندات تمليك الطاعنين وأن الذي باعه يوسف لوالدته ثم وقفته ضمن ما وقفت في سنة 1919 إنما هو الجزء الغربي من القطعة رقم 5 وهو ذلك الجزء الذي اختص به يوسف في عقد القسمة المسجل في سنة 1911 ومقداره فدانين و4 قراريط و10 أسهم ولو أن أرض النزاع دخلت في كتاب الوقف كما يقول الحكم لما كان هناك من داع لبحث تملك الوقف لها بالتقادم وقد جاء بالتحقيق على لسان خليل إسماعيل من شهود المطعون عليهما أن يوسف لم يبع أرض النزاع لوالدته كما شهد إبراهيم هندي من شهودهما أيضا أن أرض النزاع لم تدخل في الوقف ولم يرد على لسان أحد من الشهود خلافا لما قال الحكم أن مصطفيه رهنت أرض النزاع إلى إسحق بك برسوم وأما محضر الانتقال وقد نقل الحكم بعضه في أسبابه فخال من أية إشارة إلى أن أرض النزاع داخلة فيما باعه يوسف لوالدته أو فيما رهنته هي بعد ذلك أو وقفته بل ولا صلة له ولا ارتباط بالنتيجة التي انتهى الحكم إليه. وقد اعتمد الحكم في قضائه على واقعة أخرى تخالف الثابت في الأوراق وهى أن الطاعنين قدموا مذكرة بجلسة 3 من أبريل سنة 1950 قالوا فيها إن مورثهم حنا يعقوب الذي توفى في 23 من أغسطس سنة 1919 لم يترك أولادا قصرا وأن ولده الدكتور حبيب توفى في سنة 1928 وترك بعض القصر ورتب الحكم على ذلك أن وضع يد الواقفة ومن قبلها البائع لها استمر على أرض النزاع أكثر من سبعة عشر عاما بدون وجود قصر وهى مدة تزيد عن المدة الطويلة المكسبة للملك، مع أنه يبين من الصورة الرسمية المقدمة من هذه المذكرة خلاف ما قاله الحكم عنها في هذا الشأن وجاء فيها أن حنا يعقوب توفى عن أولاد قصرهم فيكتوريا التي بلغت في سنة 1905 والدكتور وديع المولود في سنة 1901 والدكتور شفيق المولود في سنة 1919 ويعقوب المولود في سنة 1906 ووهيب المولود في سنة 1916 وإبراهيم الذي توفى قاصرا في سنة 1930 ولبيب الذي بلغ في سنة 1915. وبذلك يكون الحكم قد أتى بواقعة جوهرية مخالفة لما هو ثابت في الأوراق - والوجه الثالث - إذ استخلص الحكم من التحقيق أن مصطفية استوفت شروط الحيازة ومدتها قبل وفاتها، وهو استخلاص ليس في التحقيق ما يؤدى إليه، وقد أجمعت شهود المطعون عليهما على أن مصطفية لم تكن لها حيازة مباشرة وأن يوسف كان يضع يده كمالك وكناظر وكوارث مما أضفى على حيازته عيب الغموض الذي سلم به الحكم، كما استخلص الحكم من محضر الانتقال بعد مسخه وتلخيصه تلخيصا مشوها مبتورا أنه يتضح منه أن وضع اليد كان من أول الأمر مخالفا للكشوف الرسمية والعقود المسجلة، في حين أنه لا وجود للإقرارات التي صدر حكم الانتقال للاطلاع عليها وفى حين أن المطعون عليهما طعنا على ما جاء بمحضر الانتقال واتهما من موظفي المساحة بمحاولة إخفاء الحقيقة، وفى حين أن شكوى المطعون عليه الثاني للمساحة قدمت في سنة 1942 أي بعد عقود البيع الصادرة من الطاعنين في سنة 1934 وكانت بالتالي بعد الفترة التي وقف عندها الحكم في بحثه لوضع يد الوقف، فضلا عن أن التحقيق الإداري المبهم المدون بالشكوى والذى نقل محضر الانتقال ملخصه ثم نقل الحكم ملخصا مشوها لما في المحضر، هذا التحقيق الإداري لم يحدد فيه بدء وضع اليد على أرض النزاع ولا العناصر المكونة لوضع اليد المكسب، وهو أيضا غير مستكمل لشروط التحقيق القانوني الصحيح وغير منتج في تأييد النتيجة التي انتهى إليها. كما فات الحكم أن محضر وضع الحدايد الذي قامت به المساحة لا حجية له في إثبات ملكيته ولا في إثبات وضع يده وقد أصر الحكم - مع هذا الدفاع الذي تقدم به الطاعنون لمحكمة الموضوع - على اعتبار محضر الانتقال دليلا على أن الوقف وضع يده في سنة 1911 إلى سنة 1929، وضع يد هادئ ظاهر مستمر وبنية التملك، ولو أنه ألقى بالا للرد على دفاع الطاعنين لتغير وجه الرأي في الدعوى.
وحيث إن هذا السبب مردود في وجهه الأول، بأنه غير منتج: ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أن المطعون عليهما أقاما دعواهما على أن الوقف تملك أرض النزاع بوضع اليد المدة الطويلة، فأمرت محكمة الاستئناف في أول مايو سنة 1950، بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليهما بكافة الطرق وضع يد الوقف على الأرض من تاريخ إنشائه في سنة 1919 ووضع يد الواقفة والبائع لها عليها منذ سنة 1911. وقد استند الحكم في قضائه للوقف بملكية الأرض على ما استقاه من التحقيق الذي أمر به وما جاء بتقرير الخبير الذي ندبته محكمة الدرجة الأولى وما جاء بمحضر الانتقال خاصا بوضع اليد وما استخلصه منها من أن التقادم المكسب قد توافر للوقف المشمول بنظر المطعون عليهما بشرائطه القانونية، ومن ثم فإن تحدث الحكم عن بدل حصل بين الأخوين يوسف وعزيز بعد القسمة إنما جاء تزيدا منه وهو في سبيل التماس العلة في مخالفة وضع اليد لما جاء في عقود القسمة والبيع والرهن وكتاب الوقف، مع أنه لا حاجة للقضاء لواضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية إلى استظهار السبب المشروع الذي يستند إليه في وضع يده - ومردود في وجهه الثاني بأن هذه الدعوى، لما سبق بيانه، أقيمت على أساس تملك الوقف أرض النزاع بوضع اليد المخالف للعقود والمستندات ولذا يكون ما جاء بالحكم خارج هذا النطاق تزيدا لا يجدى الخوض فيه أو النعي عليه - أما ما ينعاه الطاعنون على الحكم خاصا بقصر بعض ورثة حنا يعقوب عند وفاته في 23 من أغسطس سنة 1919 فانه غير مقبول لأنه يبين من الأوراق التي قدمها الطاعنون أنهم إذ تمسكوا بذلك أمام محكمة الموضوع لم يقدموا الدليل على صحته رغم تحدى المطعون عليهما، وكان يتعين عليهم تقديم الدليل إذ ذاك. ومن ثم يكون ما ينعون به الآن في هذا الشأن عاريا عن الدليل - ومردود في وجهه الثالث بأن الحكم المطعون فيه إذ قرر تملك الوقف أرض النزاع بوضع اليد الذي استوفى شرائطه القانونية ومدته قبل وفاة الواقفة في سنة 1929 استند في ذلك إلى ما جاء بتقرير الخبير الذي ندبته محكمة الدرجة الأولى والتحقيق الذي أجرته محكمة الدرجة الثانية وإلى محضر الانتقال الذي أمرت به ويبين من تقرير الخبير أنه أورد فيه أن أرض النزاع وإن كانت تدخل في مستندات الطاعنين دون مستندات المطعون عليهما، غير أنه اتضح له أن الوقف وضع يده عليها أكثر من خمس عشرة سنة. وقد أورد الحكم خلاصة أقوال الشهود الذين سمعوا في التحقيق بما لا يتعارض مع أقوالهم الثابتة في محضر التحقيق الذي قدم الطاعنون صورته، وكان استخلاصه منها في خصوص وضع اليد استخلاصا سائغا - ولما كان ما استخلصه الحكم من هذين الأصلين الثابتين وهو مما تستقل به محكمة الموضوع كافيا لحمله في قضائه الذي انتهى إليه دون حاجة إلى استناده إلى شيء آخر، فإنه لم يعد ثمة محل للرد على ما ينعاه الطاعنون خاصا بمحضر الانتقال الذي لم تأمر به المحكمة إلا استزادة في الاستدلال. وأما ما قاله الطاعنون عن إجماع الشهود على أن مصطفية لم يكن لها حيازة مباشرة، فهو غير مجد مع ما أثبته الحكم من أنها كانت تضع يدها بواسطة ابنها يوسف بطريق إنابته وكذلك ما ذكروه عن قول بعض الشهود أن يوسف كان يضع يده كمالك وكناظر وكوارث، فهذا لا يؤثر على سلامة الحكم ولا يتعارض مع ما استخلصه وانتهى إليه في قضائه والثابت منه أن يوسف وضع اليد على أرض النزاع كوارث لوالده ثم كمالك بعض القسمة ثم كنائب عن والدته بعد تصرفه لها بالبيع وبعد الوقف ثم كناظر بعد وفاتها حتى تولى المطعون عليهما النظر.
وحيث إنه لما تقدم جميعه يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه.

الطعن 117 لسنة 21 ق جلسة 28 / 10 / 1954 مكتب فني 6 ج 1 ق 1 ص 32

جلسة 28 من أكتوبر سنة 1954

برياسة السيد الأستاذ عبد العزيز محمد وكيل المحكمة وبحضور السادة الأساتذة: سليمان ثابت وكيل المحكمة ومحمد نجيب أحمد وعبد العزيز سليمان وأحمد العروسي المستشارين.

----------------------
(1)
القضية رقم 117 سنة 21 القضائية

وصية. بيع. حكم. تسبيبه.

اعتباره التصرف الصادر من المورث إلى أحد ورثته وصية وليس بيعا. إقامته على استخلاص موضوعي سائغ. لا خطأ.

--------------------
متى كان الحكم إذ اعتبر العقد الصادر من المورث إلى أحد ورثته وصية وليس بيعا قد قرر أن المورث لم يكن في حاجة لبيع أملاكه وأنه لم يقبض ثمنا وظل واضعا يده على أملاكه التي تصرف فيها حتى وفاته كما احتفظ بالعقد ولم يسلمه للمتصرف إليه حتى لا يتمكن من إشهاره بالتسجيل ونقل الملك والتصرف فيه ببيع الرقبة على الأقل، إذ قرر الحكم ذلك، فإنه يكون قد أقام قضاءه على استخلاص موضوعي سائغ.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير حضرة المستشار المقرر ومرافعة المحاميين عن الطرفين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى على المطعون عليه وآخر يدعى الشيخ محمد عبد الحافظ عامر طالبة الحكم أولا بصحة عقد البيع الابتدائي المؤرخ في 19/ 5/ 1929 الصادر من الشيخ محمد عبد الحافظ عامر إلى المرحوم محمد إبراهيم إسحق مورث الطاعنة والمطعون عليه، ثانيا صحة عقود البيع الثلاثة الصادرة من محمد إبراهيم اسحق المذكور إليها في 27/ 5/ 1935 و12/ 7/ 1940 و12/ 10/ 1944 ببيع منزل وأطيان. فدفع المطعون عليه الأول بأن هذه العقود تعتبر وصية. فقضت المحكمة بإحالة الدعوى على التحقيق لإثبات ونفى هذا الدفاع وذلك بطريق الإثبات كافة. وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين قضت بصحة عقود البيع، فاستأنف المطعون عليه وقيد الاستئناف برقم 73 سنة 1 ق أمام محكمة استئناف المنصورة التي قضت في 7/ 12/ 1950 بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من صحة عقود البيع وبرفض دعوى المستأنف عليها الأولى - الطاعنة - فقررت الطاعنة بالطعن بطريق النقض في هذا الحكم.
ومن حيث إن الطعن بنى على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون إذ أخطأت المحكمة في تحصيل فهم الواقع من شهادة الشهود والأوراق وحرجت عن حقيقة أمرها من ثلاثة أوجه (الأول) - إذ جاء بأسباب الحكم أنه خلص للمحكمة من شهادة الشهود إثباتا ونفيا أن المورث لم يكن في حاجة لبيع جميع أملاكه ولكن بالرجوع إلى أقوال شهود النفي يظهر منها أن المورث كان مدينا لزوجته الطاعنة ولآخرين كما كان في حاجة إلى العلاج كما قدمت الطاعنة إثباتا لذلك أيضا حكما صادرا على المورث بإلزامه بمبلغ 711 قرشا وكذلك سندا محررا على المورث بمبلغ 1122 قرشا (الثاني) إذ جاء بالحكم أنه خلص للمحكمة من شهادة الشهود أن المورث عند بيع أملاكه للطاعنة لم يفرض أي ثمن وقد أجمع الشهود - وقد حضر منهم ثلاثة تحرير العقود - على أنهم لم يروا الطاعنة تدفع الثمن مع أن شهود الإثبات يقررون أنهم لا يعلمون عن عقود البيع شيئا بينما يقرر شهود النفي صراحة أن المورث أقر أمامهم بقبض الثمن مما يستدل منه على أن الثمن دفع عند التعاقد (الثالث) إذ جاء بالحكم أنه إذا أضيف إلى واقعة بقاء المورث واضعا اليد على الأملاك المبيعة لغاية وفاته واقعة بقاء العقود إلى يوم وفاته دون إشهارها بالتسجيل مما يستدل منه على أنه احتفظ بتلك العقود ولم يسلمها للطاعنة وأنه لم يقصد نقل ملك الرقبة إليها ولكن الثابت هو عكس ذلك إذ قدمت الطاعنة عقود البيع بملف الدعوى مما يفيد أن العقود كانت تحت يدها وليس في الأوراق ما يدل على خلاف ذلك.
ومن حيث إن هذا السبب بجميع أوجهه مردود بأن الحكم قد عنى بسرد أقوال شهود الطرفين سردا يطابق ما ثبت على ألسنتهم في الصورة الرسمية لمحضر التحقيق المقدمة من الطاعنة إلى هذه المحكمة، وقد خلص الحكم بعد ذلك إلى ما يأتي: أولا - إن المورث لم يكن في حاجة لبيع أملاكه لإجماع شهود المطعون عليه الأول على ذلك ولتخبط شهود الطاعنة في بيان سبب البيع (ثانيا) إن المورث لم يقبض ثمنا ولا عبرة بقول شهود الطاعنة إن المورث اعترف أمامهم بقبض الثمن قبل تحرير العقود "لأنه مخالف لما نص عليه في كل من هذه العقود من أن الثمن دفع عند البيع... على أن المورث إذا كان قد قصد الإيصاء وحرر الوصايا في صورة عقود بيع مثبتة لدفع الأثمان لا يرى غضاضة في أن يذكر أمام الشهود بأنه قبض هذا الثمن". ثالثا - ثبت وضع يد المورث على الأعيان المبيعة لغاية وفاته من أقوال شهود الطرفين التي تأيدت "بنصوص عقود البيع نفسها التي أبقت للبائع حق الانتفاع طول حياته" وهذا الذي حصله الحكم من أقوال الشهود والأوراق سديد، وليس فيما تنعاه عليه الطاعنة بأوجه هذا السبب جميعا ما يعيبه.
ومن حيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم الخطأ في تطبيق القانون وتأويله إذ جاء به أنه ثبت للمحكمة أن المورث ظل واضعا اليد على أملاكه المبيعة إلى يوم وفاته مع قيامه ببيع جميع أملاكه إلى زوجته دون حاجة ملحة إلى ذلك ودون أن يقبض الثمن مما يدل على أن البيع يستر عقدا من عقود التبرع وهى الهبة أو الوصية، ويخلص للمحكمة من نصوص عقود البيع التي يمنع أولها المشترية من التصرف في الرقبة والانتفاع والتي تستبقى كلها حق الانتفاع للبائع أن التبرع لم يكن منجزا بل مضافا إلى ما بعد الموت وبالتالي وصية مع أنه من المبادئ المتفق عليها أن اشتراط البائع لنفسه بحق الانتفاع بالبيع مدة حياته ومنع المشترى من التصرف فيه طول تلك المدة لا يمنع من اعتبار البيع صحيحا ناقلا للملكية.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم يسلم بأنه ليس في القانون ما يمنع البائع من بيع ملكه بيعا صحيحا مع استبقاء حق الانتفاع، ولكنه استند في أن التصرف في العقود يعد وصية لا بيعا إلى قرائن أحرى استدل بها على تراخى نقل الملكية إلى ما بعد موت المورث من "واقعة بقاء المورث واضعا اليد على أملاكه المبيعة لغاية وفاته، وواقعة بقاء عقود البيع مكتومة إلى يوم وفاة المورث وعدم إشهارها بالتسجيل إلى هذا اليوم مما يدل على أن المورث احتفظ بتلك العقود ولم يسلمها للمستأنف عليها الأولى حتى لا تتمكن من إشهارها بالتسجيل ونقل الملك والتصرف فيه ببيع الرقبة على الأقل..." واستخلاص الحكم من هذه القرائن سائغ ومؤد إلى ما انتهى إليه منها.
ومن حيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم القصور في التسبيب المبطل له إذ أسبابه مجملة قاصرة تضمن معظمها بيانا لوقائع الدعوى ثم استخلصت المحكمة النتيجة التي انتهت إليها من تلك الوقائع في عبارة موجزة لم تتضمن الرد الكافي على ما أثارته الطاعنة من دفاع موضوعي وقانوني وما قدمته من مستندات بل عرضت لكل ذلك عرضا ناقصا فخرجت منه بما لا يتفق والحقيقة والواقع.
ومن حيث إن هذا السبب غير مقبول لما يلابس عباراته من غموض وإبهام لا يكشف عن المقصود منه إذ لم تبين الطاعنة أوجه الدفاع التي أغفلت محكمة الموضوع الرد عليها في أسباب حكمها رغم إثارتها أمامها ولم تحدد العيوب التي تعزوها إلى الحكم في هذا السبب وموضعها منه وأثرها في قضائه وأن كل ذلك لمما يجب أن يحدد ويعرف تعريفا واضحا كاشفا عن المقصود منه كشفا وافيا حتى تستطيع هذه المحكمة أن تعمل رقابتها.
ومن حيث إنه لذلك يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.

الطعن 7 لسنة 17 ق جلسة 22 / 4 / 1948 مج عمر المدنية ج 5 ق 303 ص 602

جلسة 22 من أبريل سنة 1948

برياسة حضرة محمد المفتي الجزايرلي بك وكيل المحكمة وحضور حضرات: سليمان حافظ بك وصادق فهمى بك وأحمد حلمي بك وعبد الرحيم غنيم بك المستشارين.

----------------

(303)
القضية رقم 7 سنة 17 القضائية

اختصاص. وقف:
أ - انحصار النزاع في ملكية عين هل هي لجهة الوقف أم لمدعى ملكيتها. ليس نزاعاًً في أصل الوقف. اختصاص المحاكم المدنية بالفصل فيه.
ب - تقادم مكسب للملك. الوقف يجوز له أن يتملك بالتقادم.
جـ - تقادم. وضع اليد المملك. لا يشترط أن يقصد به الغصب. نية التملك. وضع اليد بصفة مالك. استخلاص انعدام نية التملك من كون واضع اليد يجهل أن العين التي تحت يده ملك لغيره. خطأ.
د - وقف مدة التقادم. الجهل باغتصاب الحق. يكون من الأسباب الموقفة للتقادم إذا لم يكن عن تقصير أو إهمال من صاحب الحق.

----------------
1 - ما دام النزاع منحصراً في ملكية الأطيان المتنازع عليها هل هي لجهة الوقف أم لمدعى ملكيتها، فهو ليس نزاعاً متعلقاً بأصل الوقف، فيكون الفصل فيه للمحاكم المدنية.
2 - الوقف - بحكم كونه شخصاً اعتبارياً - له أن ينتفع بأحكام القانون المدني في خصوص التقادم المكسب للملك، إذ ليس في هذا القانون ما يحرمه من ذلك. وإذ كان التقادم المكسب هو في حكم القانون قرينة قانونية قاطعة على ثبوت الملك لصاحب اليد كان توافر هذه القرينة لمصلحة جهة الوقف دليلاً على أن العين التي تحت يدها موقوفة وقفاً صحيحاً ولو لم يحصل به إشهاد.
3 - إن القانون في صدد التقادم لا يشترط في وضع اليد أن يقصد به غصب ملك الغير بل أن يكون بصفة مالك، سواء أكان واضع اليد يعتقد أن يده هي على ملك نفسه أم على ملك غيره. فمن الخطأ القول بأن نية التملك تكون منعدمة إذا كان واضع اليد لا يعلم أن العين التي تحت يده مملوكة لغيره وأن يده عليها هي باعتقاد أنها ملكه.
4 - الجهل باغتصاب الحق قد يكون من الأسباب الموقفة للتقادم إذا لم يكن ناشئاً عن إهمال صاحب الحق ولا تقصيره. فإذا كان الحكم قد نفى عن صاحب الحق كل إهمال أو تقصير من جانبه في جهله باغتصاب ملكه، فإنه لا يكون مخطئاً إذ اعتبر أن مدة التقادم لا تحتسب في حقه إلا من تاريخ علمه بوقوع الغصب على ملكه.


الوقائع

في 26 من نوفمبر سنة 1946 طعن الطاعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف مصر الصادر يوم 27 من أبريل سنة 1946 في الاستئناف رقم 8 س ق 63 بإلغاء حكم محكمة مصر الابتدائية (في القضية رقم 132 سنة 1944 كلى الصادر في 8 من فبراير سنة 1945) أولاً في الدفع الخاص بعدم قبول الدعوى لعدم وجود صفة للمدعين في المطالبة عن المدة من 6 من أبريل سنة 1913 لغاية 16 من مايو سنة 1916 بقبوله. ثانياً في الدفع الثاني الخاص بسقوط حق المدعين في رفع الدعوى لتركها أكثر من 15 سنة بقبوله أيضاً وسقوط حق المدعين في إقامة هذه الدعوى وإلزامهم بالمصروفات وعشرة جنيهات أتعاب محاماة للمدعى عليه، ورفض الدفعين المقضي فيهما وبإعادة القضية لمحكمة أول درجة للنظر في موضوعها وإلزام المستأنف عليه بالمصروفات وبمبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة للمستأنفين. وطلب إلى هذه المحكمة قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع نقض الحكم المطعون فيه، والقضاء: أولاً - بإلغاء الحكم المطعون فيه وعدم اختصاص المحاكم الأهلية بالنظر في الدعوى. ثانياً - ومن طريق الاحتياط بعدم سماع الدعوى أو رفضها وإلزام المطعون عليهما بجميع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة مع حفظ جميع الحقوق.
وفى 3 و4 من ديسمبر سنة 1946 أعلن المطعون عليهما بتقرير الطعن الخ الخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعن يبنى طعنه على أربعة أسباب يتحصل أولها في أن الحكم المطعون فيه صدر من محكمة لا ولاية لها في إصداره. ذلك أن النزاع بين الطرفين كان يدور حول ما إذا كانت العين المتنازع في شأنها أصبحت بالتقادم تابعة لجهة الوقف أصلها كأصله وشرطها كشرطه أو لم تصبح كذلك، وهذا النزاع متعلق بأصل الوقف ما يمتنع على المحاكم المدنية نظره عملا بالمادة 16 من لائحة ترتيبها.
ومن حيث إن الثابت بالحكم المطعون فيه أنه في 16 من أبريل سنة 1913 أقام ناظر وقف حسن الهجين أمام محكمة مصر الابتدائية الدعوى رقم 964 سنة 1913 كلى مصر على ورثة المرحوم سليمان أفندي فهمى بأنهم اغتصبوا 10 ف و17 ط و14 س من أطيان الوقف المجاورة لأطيانهم طالباً الحكم بتثبيت ملكية الوقف لها. وقد ندبت المحكمة خبراء قرروا صحة تلك الدعوى وقرروا أيضاً أن الوقف من جانبه واضع اليد على 6 ف و14 ط من أطيان الورثة. وفى 11 من يونيه سنة 1929 قضت تلك المحكمة للوقف بطلباته. ثم إنه في 14 من ديسمبر سنة 1939 رفع المطعون عليهما أمام محكمة مصر الابتدائية الدعوى رقم 132 سنة 1944 كلى الجيزة على ناظر الوقف طالبين فيها الحكم بتثبيت ملكيتهما إلى الـ 6 ف و14 ط المغتصبة من أرضهما فدفع ناظر الوقف بسقوط حقهما في الدعوى لتركها بلا عذر شرعي مدة تزيد على خمسة عشر عاماً من أبريل سنة 1913 حتى ديسمبر سنة 1939، وقضت محكمة أول درجة بقبول هذا الدفع. فاستأنف المطعون عليهما وقضى الحكم المطعون فيه بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدفع المشار إليه مؤسساً قضاءه على أن الملكية لا تسقط بالتقادم وأن الوقف لا يستطيع أن يتملك بالتقادم. ويتبين مما تقدم أن النزاع بين الطرفين كان منحصراً في ملكية الأطيان المتنازع عليها لأيهما هي فهو ليس نزاعاً متعلقاً بأصل الوقف. ومن ثم يكون هذا السبب مرفوضاً.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه - إذ اعتبر أن الوقف لا يستطيع أن يتملك بالتقادم بمقولة أن الوقف لا يكون إلا بإرادة الإيقاف من واقف ثابتة بإشهاد شرعي - جاء خاطئاً في القانون، لأن ذلك غير لازم لقيام الوقف في كل الأحوال، ولأن المادة 137 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية لا تشترط وجود الإشهاد إذا كانت الأعيان تحت يد مدعى وقفها، كما هو الحال في الدعوى، ولأنه ليس في القانون ما يمنع الوقف من اكتساب الملك بالتقادم.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قال في ذلك "إن جهة الوقف لا يصح لها التملك بمضي المدة مهما طال وضع يدها على العقار. ذلك لأن صفة الوقف لا تترتب للأعيان إلا بإشهاد خاص وإجراءات خاصة بغيرها، ولا تتحول صفة العقار من ملك إلى وقف". وقد أخطأ الحكم لأن الوقف - بحكم كونه شخصاً اعتبارياً - له أن ينتفع بأحكام القانون المدني في خصوص التقادم المكسب للملك إذ ليس في هذا القانون ما يحرمه من ذلك. ولما كان التقادم المكسب هو في حكم القانون قرينة قانونية قاطعة على ثبوت الملك لصاحب اليد كان توافر هذه القرينة لمصلحة جهة الوقف دليلاً على أن العين التي تحت يدها موقوفة وقفاً صحيحاً.
ومن حيث إن السبب الثالث للطعن يتحصل في أن الحكم أخطأ إذ قال إن وضع يد الوقف على الأطيان موضوع النزاع لم يكن مقروناً بنية التملك، لأن ناظر الوقف كان يعتقد أن العين المغصوبة تابعة للوقف وداخلة في حجته ولم يكن يعلم أنها مغتصبة من ملك الغير. ووجه الخطأ في ذلك هو أن العبرة في وضع اليد بقصد التملك، وهذا القصد يتوافر سواء كان واضع اليد يعلم أنه غاصب ملك غيره أو كان يجهل ذلك متى كان هو قد وضع يده بصفته مالك.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قال في هذا الخصوص "إن كلاً من طرفي الخصومة كان يضع يده على أطيان الآخر دون أن يعلم أنها ملك لغيره وبدون أن يقصد اغتصاب ملك هذا الغير وتملكه بوضع اليد بل باعتقاد أنه ملكه هو، فنية التملك بوضع اليد كانت معدومة من جهة الوقف". وقد أخطأ الحكم لأن القانون في صدد التقادم لا يشترط في وضع اليد أن يقصد به غصب ملك الغير بل كونه بصفة مالك سواء أكان واضع اليد يعتقد أن يده هي على ملك نفسه أم على ملك غيره.
ومن حيث إن السبب الرابع يتحصل في أن الحكم - إذ اعتبر جهل المطعون عليهما باغتصاب ملكهما عذراً موقوفاً لسريان التقادم ورتب على هذا الاعتبار القول بأن مدة التقادم لا تبدأ في حقهما إلا من تاريخ اكتشافها هذا الغصب - يكون قد أخطأ لأن الجهل لا يعد قانوناً من الموانع الموقفة للتقادم.
ومن حيث إن الحكم قال في هذا الصدد "ولم تظهر جلية الأمر إلا من تقارير الخبراء والحكم الذي صدر في دعوى الملكية التي رفعتها جهة الوقف، ولهذا فلم يكن هناك سبب قانوني معلوم لمورث المستأنفين يسوغ له مقاضاة جهة الوقف عن الأطيان موضوع النزاع إذ لم يكن عالماً بوضع يد الوقف على أطيانه... الخ". ولما كان الجهل بالحق المغتصب قد يكون من الأسباب الموقفة لمدة التقادم إذا لم يكن ناشئاً عن إهمال صاحب الحق ولا تقصيره، وكان الحكم المطعون فيه قد نفى كل إهمال أو تقصير من جانب المطعون عليهما في جهلهما باغتصاب ملكهما، كان الحكم لم يخطئ إذ اعتبر أن مدة التقادم لا تحتسب في حقهما إلا من تاريخ علمهما بوقوع الغصب على ملكهما إذ كان يستحيل عليهما، والحالة هذه، أن يطالبا بالحق من قبل.
ومن حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد قرر بحق أن الملكية لا تسقط بالتقادم، وأثبت أن المطعون عليهما كانا معذورين في جهلهما باغتصاب ملكهما حتى انكشفت لهما حقيقة الأمر من تقارير الخبراء في الدعوى السابقة، وأن وضع يد جهة الوقف من ذلك الوقت إلى تاريخ رفع الدعوى الحالية كان محل نزاع مستمر من جانب المطعون عليهما - لما كان ذلك كذلك كان قضاؤه بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دفع جهة الوقف بالتقادم المسقط وبحق المطعون عليهما في رفع الدعوى قضاءً لا مخالفة فيه للقانون. ومن ثم يتعين رفض الطعن على الرغم من خطأ الحكم في إنكاره على جهة الوقف حق التمسك بالتقادم المكسب مما هو موضوع السببين الثاني والثالث من الطعن، فخطؤه هذا غير ضائره متى كانت المدة المقررة قانوناً للتقادم غير موفورة لجهة الوقف.

الأحد، 17 أبريل 2022

الطعن 180 لسنة 18 ق جلسة 19 / 4 / 1951 مكتب فني 2 ج 3 ق 112 ص 674

جلسة 19 إبريل سنة 1951

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك ومصطفى فاضل بك المستشارين.

-------------------

(112)
القضية رقم 180 س 18 ق
(1) إعلان. 
الإعلان الذي تسلم صورته إلى حاكم البلدة أو شيخها. عدم إثبات المحضر في محضره جميع الخطوات التي سبقت تسليم الصورة إلى أيهما من انتقاله إلى محل الخصم ومخاطبته شخصاً له صفة في تسلم الإعلان واسم هذا الشخص الذي لا غنى عنه للثبت من صفته. بطلان الإعلان. مثال "المواد 6/ 7/ 22 من قانون المرافعات - القديم - ".
(2) نقض. طعن. سبب جديد. 
صفة الخصوم. المنازعة فيها لأول مرة أمام محكمة النقض. لا تقبل. مثال. وقف. إشهاد بوقف أطيان على الواقف مدة حياته. اشتراط الواقف أن تكون حصة من الأطيان الموقوفة بعد وفاته وقفاً خيرياً على كنسية وجعل النظر عليه لناظر أوقاف هذه الكنيسة. وقفه باقي الأطيان وقفاً أهلياً وجعل النظر عليها لأحد المستحقين. اختصام الطاعن بصفته ناظراً على الكنيسة أمام محكمة الموضوع. صدور الحكم المطعون فيه في مواجهته بهذه الصفة. طعنه في هذا الحكم. الدفع بعدم قبول طعنه شكلاً استناداً إلى أنه لم يقدم ما يثبت صفته. وجه جديد. لا يقبل. الدفع بعدم قبول طعنه شكلاً لانفراده برفعه دون أن يشترك معه الناظر على الوقف الأهلي. على غير أساس.
(3 - أ) نقض. 
أثره. لا يفيد منه إلا من صدر الحكم المنقوض لمصلحته. لا يغير من ذلك تشابه موضوع الدعويين متى كان المطعون عليه الأول لم يطعن في الحكم بطريق النقض.
(ب) نقض. 
حكم انتهائي فصل في نزاع خلافاً لحكم سابق حاز قوة الأمر المقضي. اتحاد الموضوع والسبب والخصوم. نقضه. مثال.
(المادة 11 من المرسوم بقانون بإنشاء محكمة النقض).
(4) دعوى إبطال التصرفات. 
حق الدائن في طلب إبطال تصرفات مدينه الضارة به. يثبته له متى أصبح دينه محقق الوجود. دعوى بطلب إبطال وقف. حكم بإبطاله. إقامته على أنه وقد قضى بتثبيت ملكية المدعي إلى نصيبه المطالب بريعه في الأطيان المتروكة عن مورثه والتي وقفتها زوجة هذا الأخير فيكون دينه بمتجمد هذا الريع قد أصبح ثابتاً في ذمة الواقفة من تاريخ وفاة مورثه ومن ثم يكون محقق الوجود قبل إنشاء الوقف المطلوب الحكم بإبطاله. لا خطأ.
(المادة 143 من القانون المدني - القديم - ).
(5) وضع يد. 
حسن نية واضع اليد. بيع مورث أطياناً لزوجته. القضاء ببطلان البيع على أساس أن الزوجة اشتركت مع البائع في الاحتيال على قواعد الإرث. تقرير الحكم أنه لا يقبل من الزوجة ولا من ورثتها الزعم بأنها كانت حسنة النية في وضع يدها وأنه ينبني على ذلك أنها تعتبر سيئة النية من يوم أن وضعت يدها عليها. سائغ.
(6) دعوى إبطال التصرفات. 
هي في حقيقتها دعوى بعدم نفاذ تصرف المدين الضار بدائنه في حق هذا الدائن وبالقدر الذي يكفي للوفاء بدينه. حكم. تسبيبه. قضاؤه في منطوقه بإبطال الوقف. إيراده في أسبابه ما يفيد أن هذا الإبطال لا يكون إلا بالقدر الذي يكفي للوفاء بالباقي للدائن من دينه. الطعن عليه بمخالفة القانون استناداً إلى أنه قضى بإبطال الوقف على أساس أن قيمة الأطيان الموقوفة تكاد توازي قيمة الباقي من دين المطعون عليه الثاني. غير منتج.
(المادة 143 من القانون المدني - القديم - ).

--------------------
1 - يبطل الإعلان الذي تسلم صورته إلى حاكم البلدة أو شيخها إذا لم يثبت المحضر في محضره جميع الخطوات التي سبقت تسليم الصورة إلى أيهما من انتقاله إلى محل الخصم ومخاطبته شخصاً له صفة في تسلم الإعلان واسم هذا الشخص الذي لا غنى عنه للتثبت من صفته وإذن فمتى كان الواضح من صيغة محضر إعلان الحكم المطعون فيه أنه ليس فيها ما يفيد أن المحضر قد خاطب عند انتقاله إلى مسكن الطاعن شخصاً له صفة في تسلم الإعلان عنه بعد تأكده من عدم وجوده بمسكنه وكانت عبارة "امتناع تابعه عن الاستلام" التي برر بها المحضر تسليم صورة الإعلان إلى الضابط المنوب بالمحافظة جاءت خلواً من بيان اسم هذا التابع ووجه تبعيته للطاعن وصفته في تسلم الإعلان عنه فإن هذا الإعلان يكون باطلاً.
2 - متى كان يبين من إشهاد الوقف أن الواقفة وإن كانت قد وقفت الأطيان موضوع النزاع على نفسها مدة حياتها إلا أنها اشترطت أن تكون حصة من هذه الأطيان بعد وفاتها وقفاً خيرياً على كنسية وجعلت النظر عليه لناظر أوقاف هذه الكنيسة أما باقي الأطيان فقد وقفتها وقفاً أهلياً وجعلت النظر عليه لأحد المستحقين وكان المطعون عليه الثاني قد اختصم الطاعن أمام محكمة الموضوع بصفته ناظراً على الوقف الخيري وصدر الحكم المطعون فيه بهذه الصفة فإن دفع المطعون عليه الثاني بعدم قبول الطعن شكلاً استناداً إلى أن الطاعن - الناظر على الوقف الخيري - قد انفرد بالطعن في حين أن المطعون عليه الثالث - الناظر على الوقف الأهلي - لم يطعن فيه كما أن الطاعن لم يقدم ما يثبت صفته هذا الدفع بشقيه يكون على غير أساس إذ للطاعن حق تمثيل الوقف الخيري منفرداً كذلك لا يقبل من المطعون عليه الثاني أن ينازعه صفته لأول مرة أمام محكمة النقض.
3 - متى كان الواقع في الدعوى هو أن مورث المطعون عليها أول والثاني - وهما - إخوان - باع أطيانه إلى زوجته - وهي مورثة المطعون عليهما سالفى الذكر أيضاً - فأقام كل منهما دعوى ببطلان البيع لأنه في حقيقته وصية وفي أثناء نظر الدعويين وقف الزوجة الأطيان المبيعة ولما قضى ببطلان البيع وبعد وفاة الواقفة أقام كل من المطعون عليهما الأول والثاني دعوى على الطاعن والمطعون عليه الثالث بصفتيهما ناظرين على الوقف كما اختصم كل منهما أخاه بصفته ممثلاً لتركة الواقفة وطلباً ريع نصيبهما في الأطيان وأجرة حصتهما في منزل للمورث وإبطال الوقف وقضى لكل منهما على حدة بإلزام تركة الواقفة بريع نصيبه في الأطيان وبرفض الدعوى فيما عدا ذلك فطعن المطعون عليه الثاني بطريق النقض في الحكم الصادر في دعواه فإنه لا يفيد من طعن المطعون عليه الثاني - إذ كل من الدعويين تختلف عن الأخرى في موضوعها مما ينفي وجود ارتباط وتبعية وعدم تجزئة ومما ينبني عليه أن يكون أثر حكم النقض المشار إليه مقصوراً على حقوق المطعون عليه الثاني قبل الوقف والتركة دون أن يمتد هذا الأثر إلى حقوق المطعون عليه الأول قبلهما ولا يجعله يفيد من حكم النقض المذكور أنه كان خصماً فيه إذ الفائدة التي تعود منه إنما تكون فقط لمن صدر لمصلحته وهو المطعون عليه الثاني وحده وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه قد قضى في دعوى المطعون عليه الأول ببطلان الوقف استناداً إلى حكم النقض الصادر في دعوى المطعون عليه الثاني فإنه يكون قد جاء مخالفاً لما قضى به الحكم النهائي السابق صدوره في دعوى المطعون عليه الأول برفض طلب إبطال الوقف.
4 - حق الدائن في طلب إبطال تصرفات مدينه الضارة به يثبت له متى أصبح دينه محقق الوجود وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه إذ قضى للمطعون عليه الثاني بإبطال كتاب الوقف قد أقام قضاءه على أنه وقد قضى بتثبيت ملكية المطعون عليه سالف الذكر إلى نصيبه المطالب بريعه في الأطيان المتروكة عن مورثه والتي وقفتها زوجة هذا الأخير إضراراً بدائنيها فيكون دينه بمتجمد هذا الريع قد أصبح ثابتاً في ذمة الواقفة من تاريخ وفاة مورثه ومن ثم يكون محقق الوجود قبل إنشاء الوقف المطلوب الحكم بإبطاله فإن هذا الذي قرره الحكم لا خطأ فيه.
5 - متى كان الواقع في الدعوى هو أن مورث المطعون عليه الثاني باع إلى زوجته أطياناً ثم قضى ببطلان البيع على أساس أن الزوجة اشتركت مع البائع في الاحتيال على قواعد الإرث فإنه يكون سائغاً ما قرره الحكم من أنه لا يقبل من الزوجة ولا من ورثتها بعد ذلك الزعم بأنها كانت حسنة النية في وضع يدها على الأطيان وأنه ينبني على ذلك أنها تعتبر سيئة النية من يوم أن وضعت يدها عليها وبالتالي تكون مسئولة عن ريع نصيب المطعون عليه الثاني.
6 - الدعوى البوليسية ليست في حقيقتها إلا دعوى بعدم نفاذ تصرف المدين الضار بدائنه في حق هذا الدائن وبالقدر الذي يكفي للوفاء بدينه وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه وإن قضى في منطوقه بإبطال الوقف إلا أن ما أورده في أسبابه يفيد أن هذا الإبطال لا يكون إلا بالقدر الذي يكفي للوفاء بالباقي للمطعون عليه الثاني من دينه فإن الطعن على الحكم بمخالفة القانون استناداً إلى أنه قضى بإبطال الوقف على أساس أن قيمة الأطيان الموقوفة تكاد توازي قيمة الباقي من دين المطعون عليه الثاني غير منتج إذ سواء كانت قيمة الأطيان الباقية تزيد أو تنقص عن الباقي من دين المطعون عليه المذكور وسواء أكان تقدير المحكمة لقيمتها مطابقاً للحقيقة أم غير مطابق لها فإن العبرة هي بما يؤول إليه أمر التنفيذ.


الوقائع

في يوم 23 من سبتمبر سنة 1948 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر في 31 من مارس سنة 1948 في الاستئناف رقم 32 سنة 2 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهما الأول والثاني بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 25 و26 و29 من سبتمبر سنة 1948 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن. وفي 11 من أكتوبر سنة 1948 أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته. وفي 30 منه أودع المطعون عليه الثاني مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها أصلياً الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد - واحتياطياً بعدم قبوله لرفعه من غير ذي صفة وعلى سبيل الاحتياط الكلي عدم قبول السببين الثاني والثالث أو رفضهما وإلزام الطاعن في كل حالة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 10 من نوفمبر سنة 1948 أودع الطاعن مذكرة بالرد. وفي 20 منه أودع المطعون عليه الثاني مذكرة بملاحظاته على الرد. ولم يقدم المطعون عليهما الأول والثالث دفاعاً. وفي 31 من يناير سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها برفض الدفعين وقبول الطعن شكلاً وقبول السبب الأول ونقض الحكم المطعون فيه بالنسبة إلى استئناف باسيلي قزمان سواء فيما قضى به من قبوله شكلاً أو فيما قضى في الموضوع ورفض السببين الأخيرين وإلزام المطعون عليه الأول بالمصروفات المناسبة والطاعن بباقي المصروفات. وفي 29 من مارس سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة... إلخ.


المحكمة

من حيث إن المطعون عليه الثاني (واصف قزمان) دفع بعدم قبول الطعن شكلاً لتقريره من الطاعن بعد مضي ثلاثين يوماً من تاريخ إعلانه بالحكم المطعون فيه، إذ قرره في يوم 23 من سبتمبر سنة 1948 في حين أنه أعلن بالحكم في يوم 11 من يوليه سنة 1948.
ومن حيث إنه يبين من محضر إعلان هذا الحكم المقدم من المطعون عليه الثاني أنه جاء فيه أنه في يوم الأحد 11 يوليه سنة 1948 الساعة 11 صباحاً بمصر الجديدة وفي 14 منه بالمحافظة الساعة 3 مساء (هذان التاريخان موضوعان بحبر أزرق غامق) أنا إسماعيل محمد محضر بمحكمة مصر الجديدة (هذه العبارة محشورة بين سطرين بحبر أرزق فاتح) قد انتقلت في تاريخه أعلاه إلى محل إقامة الدكتور كامل منصور نيروز الأستاذ بجامعة فؤاد الأول وساكن بشارع طوتموزيس رقم 1 بمصر الجديدة بصفته ناظراً على وقف المرحومة حنينة جرجس سعد مخاطباً مع الضابط النوبتجي لامتناع تابعه عن الاستلام (العبارة الأخيرة من أول كلمة الضابط مكتوبة بحبر أزرق فاتح).
ومن حيث إن الطاعن أجاب بأنه لم يعلم بهذا الإعلان وأنه إعلان باطل قانوناً.
ومن حيث إنه لما كانت المادة السادسة من قانون المرافعات (القديم) قد نصت على أن يكون تسليم الأوراق المقتضى إعلانها إلى نفس الخصم أو محله كما أوجبت المادة السابعة على المحضر، عندما يتوجه إلى محل الخصم المراد إعلانه فيمتنع هو أو خادمه أو أحد أقاربه الساكنين معه عن تسلم صورة الإعلان، أن يسلمها إلى حاكم البلدة أو شيخها وأن يثبت ذلك كله في أصل ورقة الإعلان وصورتها، وإلا كان الإعلان باطلاً كنص المادة الثانية والعشرين - وقد جرى قضاء هذه المحكمة ببطلان الإعلان الذي تسلم صورته إلى حاكم البلدة أو شيخها إذا لم يثبت المحضر في محضره جميع الخطوات التي سبقت تسليم الصورة إلى أيهما، من انتقاله إلى محل الخصم ومخاطبته شخصاً له صفة في تسلم الإعلان واسم هذا الشخص الذي لا غنى عنه للتثبت من صفته - وكان الواضح من صيغة محضر إعلان الحكم المطعون فيه الآنف بيانها أنه ليس فيها ما يفيد أن المحضر قد خاطب عند انتقاله إلى مسكن الطاعن شخصاً له صفة في تسلم الإعلان عنه بعد تأكده من عدم وجوده بمسكنه هذا فضلاً عن أن عبارة "امتناع تابعه عن الاستلام" التي برر بها المحضر تسليم صورة الإعلان إلى الضابط المنوب بالمحافظة جاءت خلواً من بيان اسم هذا التابع. ووجه تبعيته للطاعن وصفته في تسلم الإعلان عنه - لما كان ذلك يكون الإعلان المشار إليه إعلاناً باطلاً ويكون الدفع بعدم قبول الطعن المؤسس عليه في غير محله ويتعين رفضه.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع الدعوى حسبما يبين من الحكم المطعون فيه والأوراق المقدمة في هذا الطعن والتي كانت تحت نظر محكمة الموضوع تخلص في أن المرحوم يوسف واصف باع إلى زوجته المرحومة حنينة جرجس سعد في 25 من ديسمبر سنة 1909 أطيانه البالغ مقدارها 16 فداناً و14 قيراطاً و12 سهماً كما باعت هي إليه أطيانها البالغ مقدارها 5 أفدنة و3 قراريط و15 سهماً. وفي 22 من يناير سنة 1918 توفى الزوج عن زوجته وابني عمه المطعون عليهما الأولين فرفع المذكوران الدعوى رقم 266 كلي طنطا سنة 1927. بتثبيت ملكيتهما إلى 12 فداناً و10 قراريط و12 سهماً ما يخصهما بالميراث عن ابن عمهما طاعنين في عقد البيع الصادر منه إلى زوجته بأنه عقد باطل وقضت محكمة طنطا الابتدائية في 13 من مارس سنة 1928 برفض تلك الدعوى. وبمقتضى إشهاد محرر بمحكمة محرر بمحكمة شبرا خيت الشرعية في 7 من أغسطس سنة 1928 وقفت الزوجة الأطيان التي اشترتها من زوجها والأطيان التي كانت مملوكة لها ومجموعها 21 فداناً و18 قيراطاً و3 أسهم. وفي 21 من ديسمبر سنة 1928 استأنف المطعون عليهما الأولان الحكم الابتدائي المشار إليه وأثناء نظر هذا الاستئناف توفيت الزوجة في 22 من إبريل سنة 1930 عن ابني عمها المطعون عليهما الأولين اللذين هما ابنا عم زوجها أيضاً فأدخلا ناظري الوقف خصمين في استئنافهما. وفي 21 من يناير سنة 1931 قضت محكمة استئناف مصر باعتبار عقد البيع الصادر من الزوج إلى زوجته وصية وبوقف الدعوى حتى يفصل من الجهة المختصة في صحة ونفاذ هذه الوصية. وطعن المطعون عليهما الأولان في هذا الحكم فقضت محكمة النقض في 14 من يونيه سنة 1934 بنقضه وبطلان عقد البيع المذكور بناء على أن المتعاقدين قصدا به الاحتيال على قواعد الميراث. وفي 27 من نوفمبر سنة 1934 قضت محكمة الاستئناف بتثبيت ملكية المطعون عليهما الأولين إلى أل 12 فداناً و10 قراريط و12 سهماً نصيبهما في أطيان مورثهما. وفي 6 من إبريل سنة 1936 رفع واصف قزمان (المطعون عليه الثاني) دعواه رقم 290 كلي طنطا سنة 1936 على القمص بولس تادرس بصفته ناظراً على وقف حنينة جرجس وعلى المطعون عليه الثالث بصفته ناظراً على هذا الوقف أيضاً كما أدخل في 16 من نوفمبر سنة 1936 أخاه باسيلي قزمان خصماً فيها بصفته ممثلاً لتركة حنينة جرجس وطلب الحكم عليهم بهذه الصفات بأن يدفعوا إليه مبلغ 1484 جنيهاً و322 مليماً منه 1196 جنيهاً و322 مليماً ريع نصيبه في الأطيان المتروكة عن مورثه عن المدة من أول ديسمبر سنة 1918 حتى آخر سنة 1934 و288 جنيهاً أجرة حصته في المنزل المتروك عنه أيضاً والذي وضعت زوجته يدها عليه بعد وفاته عن المدة من يناير سنة 1919 حتى آخر سنة 1935 مع ما يستجد من الأجرة بواقع جنيهين شهرياً والفوائد بواقع خمسة في المائة سنوياً وبإبطال كتاب الوقف الصادر من حنينة جرجس ومحو تسجيله واعتبار الأطيان الموقوفة بموجبه بعد استبعاد نصيبه ونصيب أخيه باسيلي الموروثين لهما عن يوسف واصف تركة عنها. ثم رفع باسيلي قزمان (المطعون عليه الأول) في يناير وفبراير سنة 1937 دعواه رقم 137 كلي طنطا سنة 1937 على القمص بولس تادرس والمطعون عليه الثالث بصفة كل منهما ناظراً على الوقف وعلى أخيه واصف قزمان بصفته ممثلاً لتركة حنينة جرجس وطلب الحكم عليهم بهذه الصفات بأن يدفعوا إليه مبلغ 1628 جنيهاً و322 مليماً منه 1196 جنيهاً و322 مليماً ريع نصيبه في الأطيان المتروكة عن مورثه سالف الذكر عن المدة من أول يناير سنة 1919 حتى آخر سنة 1934 و432 جنيهاً أجرة حصته في المنزل عن المدة من أول يناير سنة 1919 حتى يناير سنة 1936 مع ما يستجد من الأجرة بواقع جنيهين شهرياً والفوائد بواقع خمسة في المائة سنوياً وبإبطال كتاب الوقف ومحو تسجيله واعتبار الأطيان الموقوفة بموجبه بعد استبعاد نصيبه ونصيب أخيه واصف الموروثين لهما عن يوسف واصف تركة عن حنينة جرجس. وفي 15 من مايو سنة 1937 قررت محكمة طنطا ضم دعوى باسيلي رقم 137 إلى دعوى واصف رقم 290 ثم قضت في 29 من يناير سنة 1938 برفضهما بناء على ما ذهبت إليه من أن حنينة جرجس ما كانت تعلم بالعيب الذي كان يشوب عقد شرائها من زوجها فتعتبر حسنة النية في استغلال الأطيان التي اشترتها بموجبه ومن ثم لا تكون مسئولة عن ريع نصيب المطعون عليهما الأولين فيها. فاستأنف واصف قزمان هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 842 سنة 55 قضائية محكمة استئناف مصر وطلب إلغاء الحكم المستأنف والقضاء له بطلباته السابق بيانها. ثم استأنفه باسيلي قزمان وقيد استئنافه برقم 27 سنة 57 قضائية محكمة استئناف مصر وطلب فيه القضاء له بطلباته السابق بيانها. وفي 17 من يناير سنة 1940 فصلت المحكمة في كل من هذين الاستئنافين على حدة بحكم قضى بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلب المستأنف ريع نصيبه في الأطيان وبإلزام تركة حنينة جرجس بأن تدفع إليه مبلغ خمسمائة جنيه مقابل الريع الذي قدرته لهذا النصيب عن المدة من أول يناير سنة 1919 حتى آخر سنة 1934 مع الفوائد بواقع خمسة في المائة سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية وبتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض بقية الطلبات. وقد أقيم كلا الحكمين على أسباب حاصلها أنه بعد أن أثبتت محكمة النقض في حكمها سالف الذكر أن حنينة جرجس اشتركت مع زوجها في الاحتيال على قواعد الميراث وهو غرض غير مشروع لا يكون مقبولاً منها ولا من ورثتها القول بأنها كانت حسنة النية في وضع يدها على الأطيان التي اشترتها بموجب العقد الذي قضى ببطلانه ومن ثم تكون مسئولة عن ريع نصيب المستأنف في هذه الأطيان في المدة التي استغلتها فيها لنفسها كما أنها وتركتها من بعدها تلتزم بالريع الذي ضاع على المستأنف بفعلها عن الفترة التي استغلتها فيها الوقف الذي أنشأته أما عن تقدير الريع فقد اعتمدت المحكمة على ما جاء بكتاب الوقف من أن الأطيان الموقوفة قدرت بسعر مائة وعشرين جنيهاً للفدان ولذا قدرت الريع بواقع خمسة جنيهات للفدان في السنة. وأما فيما يتعلق بطلب أجرة حصة المستأنف في المنزل فقد رفضته المحكمة بناء على ما تبين لها من أنه كان متسامحاً مع زوجة مورثه وضع يدها عليه بغير منازعة منه حتى وفاتها، وأما عن طلب إبطال كتاب الوقف فقد قالت المحكمة أنه وإن كان للدائن حق إبطال الوقف الصادر من مدينه باعتباره من التبرعات متى كان قد ترتب عليه إعساره إلا أنه يشترط لذلك أن يكون الدين موجوداً ومترتباً في ذمة المدين قبل إنشاء الوقف ولما كانت الواقفة مدينة المستأنف أنشأت وقفها في 7 من أغسطس سنة 1928 وكان مجموع المستحق له من ريع نصيبه في الأطيان حتى هذا التاريخ هو ثلاثمائة جنيه فقط وكانت الواقفة قد تركت أموالاً أخرى استولى عليها المستأنف وأخوه منها مالاً تقل قيمته عن ستمائة وخمسة وعشرين جنيهاً، أي ما يزيد على مجموع المستحق لهما من الريع حتى تاريخ إنشاء الوقف فيكون الوقف لم يضربهما. وفي 31 من مايو سنة 1942 طعن واصف قزمان (المطعون عليه الثاني) في الحكم الصادر في استئنافه رقم 842 سنة 55 قضائية ووجه هذا الطعن الذي قيد برقم 34 سنة 12 قضائية إلى القمص بولس تادرس والمطعون عليه الثالث بصفة كل منهما ناظراً على الوقف وإلى أخيه باسيلي قزمان. وفي 18 من فبراير سنة 1943 قضت المحكمة بنقض الحكم المذكور وإحالة الدعوى على محكمة استئناف مصر وذلك بناء على ما ثبت لها من حصول إخلال بدفاع الطاعن واصف قزمان إذ فصلت محكمة الاستئناف في طلب الريع دون أن تمكنه من المرافعة فيه ودون أن تستبين مقداره من عناصر الدعوى ذاتها. وفي 30 من مايو سنة 1945 قضت محكمة استئناف مصر بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة إلى ريع نصيب المستأنف في الأطيان واعتباره مستحقاً لهذا الريع من تركة حنينة جرجس من أول يناير سنة 1919 حتى آخر سنة 1934 وقبل الفصل في الموضوع بندب خبير زراعي لتقديره. وفي 10 من أكتوبر سنة 1945 أحيل هذا الاستئناف على محكمة استئناف الإسكندرية لاختصاصها بنظره وقيد بجدولها برقم 32 سنة 2 قضائية. وبإعلان تاريخه أول يناير سنة 1946 عجل باسيلي قزمان (المطعون عليه الأول) استئنافه السابق طالباً القضاء له بنفس طلباته السالف بيانها وقيد هذا الاستئناف بجدول محكمة استئناف الإسكندرية برقم 267 سنة 2 قضائية. وفي 8 من مايو سنة 1946 قررت المحكمة ضم الاستئنافين المذكورين أحدهما إلى الآخر. وبإعلان تاريخه 26 من يناير سنة 1948 أدخل الطاعن الدكتور كامل منصور بصفته ناظراً على وقف حنينة جرجس حالاً محل القمص بولس تادرس الناظر السابق خصماً فيها. وفي 31 من مارس سنة 1948 فصلت المحكمة في الاستئنافين بحكم واحد هو الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن المطعون عليه الثاني دفع بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة. ذلك أن وقف حنينة جرجس كان ممثلاً في جميع مراحل الدعوى بناظرين هما المطعون عليه الثالث والقمص بولس تادرس الذي حل الطاعن محله أثناء نظر الاستئناف وصدر فيها الحكم المطعون فيه قاضياً بإبطال الوقف في مواجهة هذين الناظرين، ولما كان لا يجوز قانوناً لأحد الناظرين أن ينفرد بتمثيل الوقف في الخصومة فيكون الطعن المرفوع من الطاعن وحده غير مقبول ولا سيما أن المطعون عليه الثالث لم يطعن في الحكم رغم إعلانه به.
ومن حيث إن الطاعن رد على هذا الدفع بأنه لم يبين من حجة وقف حنينة جرجس أنها تضمنت وقفاً على كنيسة الشهيد مار جرجس بناحية كفر الخير بحيرة اشترط أن يكون النظر عليه لمتولي أوقاف هذه الكنيسة وهو غير الوقف الأهلي الذي جعلت الواقفة النظر عليه للسيدة فيكتوريا متى ثم من بعدها للأرشد فالأرشد من أولادها، وبأن الأنبا توماس مطران كرسي البحيرة والغربية وبصفته متولي أوقاف الكنيسة المذكورة قد عين الطاعن ناظراً على ما هو موقوف عليها من وقف حنينة جرجس وذلك بكتاب صادر منه في 9 من أغسطس سنة 1947، وبأن المطعون عليه الثاني قد أقر هذه الصفة إذ أدخله خصماً في الاستئناف بصفته ناظراً على هذا الوقف، ومن ثم يكون ناظراً منفرداً عليه بحق له أن يستقل وحده بالطعن في الحكم الصادر بإبطاله.
ومن حيث إن المطعون عليه الثاني أجاب على ذلك بأن حجة الوقف لا تفيد تعيين الطاعن ناظراً على ما هو موقوف على الكنيسة كما أن كتاب الأنبا توماس المشار إليه لا يصح أن يخوله هذه الصفة ما دام لم يقدم في الأوراق حكم صادر من المحكمة الشرعية المختصة بإقامة الأنبا توماس أو الطاعن ناظراً على الوقف.
ومن حيث إنه لما كان يبين من إشهاد الوقف الصادر في 7 من أغسطس سنة 1928 والمقدمة صورته الرسمية من الطاعن أن الواقفة حنينة جرجس وإن كانت وقفت 21 فداناً و8 قراريط و3 أسهم على نفسها مدة حياتها إلا أنها اشترطت أن تكون من هذه الأطيان بعد وفاتها أربعة أفدنة وقفاً على مصالح كنيسة الشهيد مار جرجس بناحية كفر الخير أما باقي الأطيان فتكون وقفاً على فكتوريا متى وآخرين، كما أنها وإن كانت جعلت النظر على الوقف لنفسها مدة حياتها إلا أنها اشترطت أن يكون النظر بعد وفاتها على ما هو موقوف على الكنيسة لناظر أوقاف هذه الكنيسة أما بقية الأطيان الموقوفة فيكون النظر عليها لفكتوريا متى مدة حياتها ثم من بعدها للأرشد فالأرشد من أولادها، ومن ذلك يتضح أنه بعد وفاة الواقفة أصبح ما هو موقوف على الكنيسة المشار إليها وقفاً قائماً بذاته مستقلاً عن باقي الوقف ومختلفاً عنه سواء في الموقوف أو الموقوف عليه أو النظر، ومن ثم يكون لناظر الوقف حق تمثيله منفرداً... ولما كان الثابت بالأوراق أن المطعون عليه الثاني اختصم في دعواه منذ بدايتها القمص بولس تادرس بصفته ناظراً على الوقف ثم أثناء نظر الاستئناف وبإعلان تاريخه 26 من يناير سنة 1948 أدخل الطاعن خصماً فيها بصفته ناظراً على هذا الوقف حالاً محل القمص بولس الناظر السابق وصدر الحكم المطعون فيه في مواجهته بهذه الصفة، فإنه لا يكون مقبولاً من المطعون عليه الثاني أن ينازعه فيها لأول مرة أمام محكمة النقض - ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة على غير أساس ويتعين رفضه.
ومن حيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه قد شابه البطلان كما خالف القانون - ذلك أن المحكمة قضت بقبول الاستئناف رقم 267 سنة 2 قضائية استئناف الإسكندرية المرفوع من المطعون عليه الأول (باسيلي قزمان) في أول يناير سنة 1946 بحجة أنه يفيد من حكم محكمة النقض الصادر لمصلحة أخيه واصف قزمان في 18 من فبراير سنة 1943 والقاضي بنقض الحكم الصادر في 17 من يناير سنة 1940 في استئنافه رقم 842 سنة 55 قضائية وذلك بناء على ما ذهب إليه من وجود ارتباط وتبعية وعدم تجزئة بين هذا الاستئناف والاستئناف رقم 27 سنة 57 قضائية محكمة استئناف مصر الذي كان مرفوعاً من المطعون عليه الأول عن الحكم الصادر في دعواه ومن أنه لذلك يكون له الحق في تعجيل هذا الاستئناف وإعادة نظره من جديد - مع أنه سبق أن فصل فيه بحكم حاز قوة الأمر المقضي التي تمنع قانوناً من إعادة النظر فيه لأي سبب كان ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد بني على إجراء باطل لصدوره في استئناف غير قائم قانوناً - ومع أن حكم محكمة النقض المشار إليه قد صدر في طعن رفع من المطعون عليه الثاني (واصف قزمان) وحده عن الحكم الاستئنافي الصادر في دعواه فلا يفيد منه سواه ولا يمتد أثره قانوناً إلى المطعون عليه الأول الذي لم يطعن في الحكم الاستئنافي الصادر في دعواه وان ما ذهبت إليه المحكمة من وجود ارتباط وتبعية وعدم تجزئة بين استئناف المطعون عليه الثاني واستئناف المطعون عليه الأول قد بني على خطأ واضح تنفيه الوقائع الثابتة بالأوراق - ومع أن الاستئناف رقم 267 سنة 2 قضائية الصادر فيه الحكم المطعون فيه هو نفسه الاستئناف رقم 27 سنة 57 قضائية محكمة استئناف مصر لاتحادهما في الموضوع والسبب والخصوم، مما يعتبر معه الحكم المطعون فيه وقد قضى بإبطال كتاب الوقف قد جاء مخالفاً للحكم الصادر في الاستئناف السابق فيما قضى به من رفض هذا الطلب، وذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أهدر قوة الأمر المقضي المقررة للحكم السابق وخالف المادة 232 من القانون المدني (القديم).
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه قضى بقبول الاستئناف رقم 267 سنة 2 قضائية المرفوع من المطعون عليه الأول (باسيلي قزمان) استناداً إلى قوله "ومن حيث إنه باستعراض وقائع الاستئنافين السابق رفعهما من واصف قزمان وأخيه باسيلي قزمان يتضح أن الخصومة في الاستئنافين منعقدة بين المستأنفين من جهة وبين ممثلي تركة المرحومة الست حنينة جرجس سعد في شخص المستأنفين ونظار الوقف المطلوب إبطاله من جهة أخرى وفي الاستئنافين بطلب كل من الأخوين الحكم له بريع حصته البالغ قدرها 12 فداناً و10 قراريط و21 سهماً قيمة نصيبهما الشرعي فيما خلفه مورثهما المرحوم يوسف واصف ابتداء من سنة 1919 إلى نهاية سنة 1934 وذلك من تركة الست حنينه جرجس سعد في شخص كل منهما باعتبارهما الوارثين الوحيدين لها، كما يطلب كل منهما إبطال كتاب الوقف الصادر من الست حنينه جرجس سعد باعتبارها مدينة لهما بريع الأطيان المشار إليها في المدة سالفة الذكر على أساس أن هذا الإيقاف قد تسبب عنه إعسار التركة الضامنة لدينهما وقد أضر بحقوقهما - ومن حيث إنه يتضح مما تقدم بيانه أن موضوع الاستئنافين المنقوض منهما وغير المنقوض هو موضوع واحد ويرمي إلى غرض واحد وحقوق المستأنفين فيهما مستمدة من مصدر واحد وأن دفاعهما واحد كما يتضح أيضاً أن مصلحة كل مستأنف مرتبطة بمصلحة الآخر ارتباطاً كلياً بحيث أن الحكم الذي يصدر في أحدهما تتأثر به مصلحة الآخر ومتى تقرر ذلك كان بين مركز رافع الطعن وهو واصف قزمان وبين أخيه باسيلي قزمان ارتباطun lien de de’pendance يتعين معه أن يستفيد باسيلي قزمان من حكم النقض الصادر عن استئناف أخيه واصف قزمان وذلك لاتحاد مصلحتهما ولاعتبار أن كلاً منهما إنما يعمل لمصلحته ومصلحة الآخر سوياً خصوصاً وأن هذا النقض عندما رفعه واصف قزمان إنما رفعه باعتباره مدعياً في الاستئناف المرفوع منه ومدعى عليه في الاستئناف المرفوع من أخيه باسيلي قزمان كما أن حكم النقض قد صدر في مواجهة باسيلي قزمان باعتباره مدعى عليه في الاستئناف المرفوع من واصف قزمان ومتى كان باسيلي قزمان ماثلاً في النقض باعتباره من الخصوم فله أن يستفيد من هذا الحكم ولا يضيره أنه لم يرفع هو شخصياً نقضاً عن استئنافه خاصة وذلك لاتحاد المصلحة كما سلف القول ولاعتبار أن النزاع غير قابل للتجزئة وأنه طرح برمته أمام محكمة النقض بحيث يتعذر معه القول بنقض الحكم المطعون فيه في حق واصف قزمان فحسب ومن حيث إنه مما تقدم يكون الدفع في غير محله ويتعين رفضه وقبول نظر الاستئناف المرفوع من باسيلي قزمان".
ومن حيث إنه لما كان يتضح من الوقائع السابق بيانها أن كلاً من دعويي المطعون عليهما الأولين تختلف عن الأخرى في موضوعها مما ينفي ما ذهبت إليه المحكمة من وجود ارتباط وتبعية وعدم تجزئة بين الاستئناف رقم 842 سنة 55 المرفوع من المطعون عليه الثاني (واصف قزمان) في دعواه رقم 290 كلي طنطا سنة 1936 والاستئناف رقم 27 سنة 57 المرفوع من المطعون عليه الأول (باسيلي قزمان) في دعواه رقم 137 كلي طنطا سنة 1937 - وكان الثابت بحكم محكمة النقض الصادر في 18 من فبراير سنة 1943 في الطعن رقم 34 سنة 12 أن هذا الطعن لم يرفع إلا من المطعون عليه الثاني (واصف قزمان) وحده عن الحكم الصادر في استئنافه وأن المطعون عليه الأول إنما اختصم فيه بوصفه ممثلاً لتركة حنينه جرجس مما يخالف ما قالته المحكمة من أن الطعن المذكور رفع من المطعون عليه الثاني لا بصفته مدعياً في استئنافه فحسب وإنما كذلك بصفته مدعى عليه في استئناف أخيه باسيلي قزمان، ومما ينبني عليه أن يكون أثر حكم النقض المشار إليه مقصوراً على حقوق المطعون عليه الثاني وحده قبل وقف حنينه جرجس وتركتها دون أن يمتد هذا الأثر إلى حقوق المطعون عليه الأول قبل الوقف والتركة المذكورين متى كان لم يطعن في الحكم الصادر في استئنافه رقم 27 سنة 57 خاصة، ولا يجعله يفيد من حكم النقض المذكور أنه كان خصماً فيه إذ الفائدة التي تعود منه إنما تكون فقط لمن صدر لمصلحته وهو المطعون عليه الثاني وحده - وكان كذلك يبين من الأوراق أن الاستئناف رقم 267 سنة 2 قضائية محكمة استئناف الإسكندرية الصادر فيه الحكم المطعون فيه هو نفس الاستئناف رقم 27 سنة 57 ق استئناف مصر لاتحادهما في الموضوع والسبب والخصوم وبذلك يكون الحكم المطعون فيه إذ قد قضى بإبطال الوقف لمصلحة المطعون عليه الأول (باسيلي قزمان) قد جاء مخالفاً لما قضى به ذلك الحكم السابق الحائز لقوة الأمر المقضي والصادر في 17 من يناير سنة 1940 برفض طلب إبطال الوقف - لما كان ذلك كذلك يكون السبب الأول من أسباب الطعن مقبولاً ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به من قبول الاستئناف رقم 267 سنة 2 قضائية محكمة استئناف الإسكندرية والقضاء بعدم جواز نظره لسبق الفصل فيه وذلك عملاً بالمادة 11 من قانون إنشاء محكمة النقض.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن القمص بولس تادرس الذي حل محله الطاعن في الدعوى بصفته ناظراً على وقف حنينه جرجس دفع بعدم قبول طلب إبطال هذا الوقف لرفع الدعوى به قبل الأوان بناء على أن الدين الذي كان يدعي واصف قزمان بترتيبه في ذمة الواقفة وهو ريع نصيبه في الأطيان المتروكة عن مورثه يوسف واصف والذي جعله أساساً لطلب إبطال الوقف هذا الدين كان متنازعاً فيه إذ قام النزاع في الدعوى منذ بدايتها على ما إذا كانت المدينة الواقفة حسنة النية أم سيئة النية في وضع يدها على الأطيان التي اشترتها من زوجها بالعقد الذي حكم ببطلانه حتى أن محكمة الدرجة الأولى قضت برفض الدعوى بناء على ما قررته من أن الواقفة كانت حسنة النية، وهذا النزاع ينبني عليه انعدام أول شرط من شروط الدعوى البوليسية وهو خلو الدين من النزاع ولكن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذا الذي أسس عليه الدفع بعدم قبول طلب إبطال الوقف بل قضى برفضه استناداً إلى أن حق المطعون عليه الثاني في الريع أصبح محققاً بعد أن قضى ببطلان عقد شراء حنينه جرجس للأطيان المذكورة وتثبيت ملكيته إلى نصيبه فيها - مع أن هذا القضاء لا يجعل دينه محقق الوجود متى كان هناك نزاع جدي على صفة وضع يد المدينة على هذه الأطيان.
ومن حيث إن هذا السبب مردود أولاً بما ورد في حكم محكمة استئناف مصر الصادر في 30 من مايو سنة 1945 من أن حنينه جرجس قد اشتركت مع زوجها في الاحتيال على قواعد الميراث فلا يقبل منها ولا من ورثتها بعد ذلك الزعم بأنها كانت حسنة النية في وضع يدها على الأطيان التي اشترتها من زوجها بموجب العقد الذي قضي ببطلانه - وأنه ينبني على ذلك أنها تعتبر سيئة النية من يوم أن وضعت يدها عليها وبالتالي تكون مسئولة عن ريع نصيب المطعون عليه الثاني فيها عن المدة من أول يناير سنة 1919 حتى آخر سنة 1934 ومردود ثانياً بما قرره الحكم المطعون فيه من أنه يكفي للرد على الدفع بعدم قبول طلب إبطال الوقف ما هو مقرر قانوناً من أن حق الدائن في طلب إبطال تصرفات مدينه الضارة به يثبت له متى أصبح دينه محقق الوجود وأنه لما كان الحكم الصادر في 14 من يونيه سنة 1934 (وهو حكم النقض الآنف ذكره) قد قضى بتثبيت ملكية المطعون عليه الثاني إلى نصيبه المطالب بريعه في الأطيان المتروكة عن مورثه فيكون دينه بمتجمد هذا الريع قد أصبح ثابتاً في ذمة حنينة جرجس من تاريخ وفاة مورثه ومن ثم يكون محقق الوجود قبل إنشاء الوقف المطلوب الحكم بإبطاله، وهذا الذي قرره الحكمان المشار إليهما لا خطأ فيه.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق أحكام الدعوى البوليسية - ذلك أن هذه الدعوى ليست دعوى بإبطال تصرف المدين وإنما هي دعوى بعدم نفاذ هذا التصرف بالقدر الذي يكفي للوفاء بدين الدائن ولذا يكون للمدين أو المتصرف إليه أن يوفي الدائن بدينه فيقف أثر الحكم الصادر فيها أما التصرف فيبقى نافذاً إلا بالقدر الذي يجوز للدائن التنفيذ عليه، ولذلك لا يصح للمحكمة أن تفرض مقدماً حصول هذا التنفيذ ثم تقضي بإبطال التصرف كله أو بعضه، ولكن الحكم لم يقف عند حد تقدير الدين وإنما جاوزه إلى تقدير قيمة المال موضوع التصرف ثم أنه قدر هذا المال تقديراً خاطئاً يخالف المعقول والثابت بالأوراق إذ قدر الـ 9 أفدنة و6 أسهم و7 قراريط التي بقيت من الأطيان الموقوفة بعد استبعاد نصيب المطعون عليهما الأولين الموروث لهما عن يوسف واصف بأنها لا تساوي أكثر من 507 جنيهات و648 مليماً أي بسعر الفدان 55 جنيهاً فقط وهذا تقدير لا يطابق الحقيقة ولا أدل على ذلك من أن المطعون عليه الثاني قدرها في محضر أعمال الخبير بسعر 450 جنيهاً للفدان وفي النهاية اعتبر الحكم أن هذه الأطيان الباقية تكاد تكفي للوفاء بدين الدائن وبذلك يكون قد خرج عن نطاق الدعوى التي كانت معروضة عليه.
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة بعد أن قدرت متجمد الريع الذي استحق لكل من المطعون عليهما الأولين في ذمه حنينه جرجس من سنة 1919 حتى آخر سنة 1934 بمبلغ 835 جنيهاً و995 مليماً أخذاً بتقدير الخبير المنتدب قدرت قيمة ما كان لكل منهما من هذا الريع وقد أنشاء الوقف في 7 من أغسطس سنة 1928 بمبلغ 626 جنيهاً و324 مليماً ثم تعرضت لبيان ما تركته المدينة عدا الأطيان الموقوفة من الأموال الأخرى والتي استولى عليها المطعون عليهما الأولان بعد وفاتها وقدرتها بمبلغ 745 جنيهاً، ثم قررت أنه لما كان هذا المبلغ يقل عن مجموع المستحق لهما وقدره 1252 جنيهاً و648 مليماً حتى تاريخ إنشاء الوقف بمبلغ 507 جنيهات و648 مليماً وهو لا يزال باقياً لهما في ذمة مدينتهما فيكون قد ترتب على الوقف إعسارها والإضرار بهما ولذا قضت بإبطاله بالقدر الذي يكفي للوفاء بهذا المبلغ ثم قالت بعد ذلك أنه لما كان لم يبق من الأطيان الموقوفة بعد استنزال ما قضى بتثبيت ملكية المطعون عليهما الأولين إليه سوى 9 أفدنة و6 أسهم و7 قراريط وكانت قيمتها تكاد توازي المبلغ الباقي لما من دينهما فإنه يتعين إجابتهما إلى ما طلباه من إبطال كتاب الوقف واعتبار الأطيان المذكورة من تركتها.
ومن حيث إنه لما كان يؤخذ من هذا الحكم أن المطعون عليه الثاني (واصف قزمان) كان يستحق في ذمة حنينه جرجس وقت إنشاء وقفها في 7 من أغسطس سنة 1928 مبلغ 626 جنيهاً و324 مليماً وكان يستفاد من الحكم الصادر في 17 من يناير سنة 1940 في الاستئناف رقم 27 سنة 75 قضائية محكمة استئناف مصر أن المطعون عليه الأول باسيلي قزمان كان يستحق في ذمتها في ذلك الوقت مبلغ 300 جنيه - وكان الثابت بالحكم المطعون فيه أن قيمة ما تركته المدينة من الأموال الأخرى (غير الأطيان الموقوفة) والتي استولى عليها المطعون عليهما الأولان بعد وفاتها هي 745 جنيهاً وهي تقل عن مجموع المبلغين المذكورين وقدره 926 جنيهاً و324 مليماً بمبلغ 181 جنيهاً و324 مليماً، وبذلك يكون صحيحاً ما قرره الحكم من أن الوقف قد أوجد حالة إعسار عند المدينة الواقفة - وأنه وإن كان الحكم قد قضى في منطوقه بإبطال الوقف إلا أن ما أورده في أسبابه يفيد من هذا الإبطال لا يكون إلا بالقدر الذي يكفي للوفاء بالباقي للمطعون عليه الثاني من دينه بعد استبعاد ما يكون قد حصله من أموال المدينة الأخرى وهو حكم صحيح في القانون، إذ الدعوى البوليسية ليست في حقيقتها إلا دعوى بعدم نفاذ تصرف المدين الضار بدائنه في حق هذا الدائن وبالقدر الذي يكفي للوفاء بدينه، مما يكون معه غير منتج ما ينعاه الطاعن على الحكم من أنه خالف القانون إذ قضى بإبطال الوقف - ولا يغير من هذا النظر ما ورد في الحكم من قوله بأن الـ 9 أفدنة و7 قراريط و6 أسهم الباقية من الأطيان الموقوفة تكاد توازي تقريباً قيمة الباقي من ديني المطعون عليهما في ذمة الواقفة، إذ سواء أكانت قيمة هذه الأطيان الباقية من الأطيان الموقوفة تزيد أم تنقص عن الباقي من دين المطعون عليه الثاني وسواء أكان تقدير المحكمة لقيمتها مطابقاً للحقيقة أم غير مطابق لها فإن العبرة هي بما يؤول إليه أمر التنفيذ عليها - لما كان ذلك كذلك يكون هذا السبب مرفوضاً.