الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 10 مايو 2017

الطعن 10108 لسنة 78 ق جلسة 21 / 3 / 2010 مكتب قني 61 ق 36 ص 287

جلسة 21 من مارس سنة 2010
برئاسة السيد المستشار / د. سري صيام نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / محمد طلعت الرفاعي وعادل الشوربجي وعادل الحناوي وهاني عبد الجابر نواب رئيس المحكمة .
------------
(36)
الطعن 10108 لسنة 78 ق
(1) استيلاء على أموال أميرية . تسهيل استيلاء على أموال أميرية . اختلاس أموال أميرية. تربح. رشوة . اشتراك . تزوير " أوراق عرفية " . استعمال محرر مزور . قصد جنائي . إثبات " بوجه عام" . حكم " تسبيبه. تسبيب معيب " " بيانات حكم الإدانة " . موظفون عموميون . جريمة "أركانها".
وجوب اشتمال حكم الإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بما يحقق أركان الجريمة وظروفها وأدلتها . المادة 310 إجراءات.
وجوب ألا يكون الحكم مشوباً بإجمال أو إبهام . متى يكون كذلك ؟
الجريمة المنصوص عليها بالمادة 122 عقوبات . مناط تحققها ؟
العقاب في المادة 112 عقوبات . شرطه ؟
جناية الاستيلاء أو ما في حكمها أو تسهيل ذلك للغير المنصوص عليها في المادة 113 عقوبات . ماهيتها ؟
وجوب بيان الحكم في جريمة الاستيلاء أو ما في حكمها أو تسهيل ذلك للغير صفة المتهم وكونه موظفاً عاماً وكون الوظيفة طوعت له تسهيل استيلاء الغير على المال وكيفية الإجراءات المتخذة بما تتوافر به أركان تلك الجريمة .
تحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في جريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على المال العام . غير لازم . شرط ذلك ؟
  اختصاص الموظف بالعمل الذي حصل على الربح أو المنفعة من خلاله لنفسه أو لغيره أياً كان نصيبه فيه . ركن أساسي في جريمة التربح المنصوص عليها بالمادة 115 عقوبات . أثر ذلك؟
     وجوب تعيين الحكم بالإدانة في جرائم تزوير المحررات المحرر المقول بتزويره وبياناته وإلا كان باطلاً . علة ذلك ؟
     اختصاص الموظف بالعمل الذي طلب أداؤه أياً كان نصيبه فيه حقيقياً أو مزعوماً أو معتقداً فيه . ركن في جريمة الارتشاء المنصوص عليها بالمادتين 103،103 مكرراً عقوبات .
     مثال لتسبيب معيب لحكم صادر بالإدانة في جرائم الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء واختلاس أموال أميرية والاشتراك فيها والرشوة والتربح والتزوير في محررات عرفية واستعمالها .
(2) إجراءات " إجراءات التحقيق " " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره ". محكمة الجنايات " الإجراءات أمامها " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب ". نقض "أسباب الطعن . ما يقبل منها" "أثر الطعن".
وجوب تحقيق المحكمة للدليل الذي ترى أن الفصل في الدعوى يتطلب تحقيقه أو تضمين حكمها أسباب عودتها عنه بعد تقديرها حاجتها إليه . إغفالها ذلك . يعيب حكمها بالغموض . أثره : نقض الحكم المطعون فيه الصادر من محكمة الجنايات في مواد الجنايات والإعادة للطاعنين دون المحكوم عليهم غيابياً . علة وأساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه اقتصر في بيانه لواقعة الدعوى على تحصيل ما ورد بقرار الاتهام لجميع المتهمين ، ثم حصل مضمون الأدلة التي عول عليها في الإدانة ، وانتهى في مجال الإسناد إلى ارتكاب الطاعن الأول لجرائم الاختلاس والاشتراك فيه ، وتسهيل الاستيلاء على المال العام ومحاولة الحصول لنفسه على ربح ، والحصـول على ربـح للغيـر،  والتزوير واستعمال محررات مزورة وارتكاب الطاعن الثاني لجرائم الاستيلاء على المال العام والتربح والاشتراك فيه وأعمل في حقهما أحكام المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع على الطاعن الأول عقوبة الجريمة الأشد ، إلا أنه أوقـع على الطاعن الثاني عقوبتين عما أسند إليه من اتهام ، كما أسند للطاعن الثالث جريمة طلب والحصول على رشوة وأوقع عليه عقوبتها . لما كان ذلك ، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم الصادر بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ، وكان من المقرر أنه ينبغي ألا يكون الحكم مشوباً بإجمال أو إبهام مما يتعذر معه تبين مدى صحة الحكم من فساده في التطبيق القانوني على واقعة الـدعوى ، وهو يكون كذلك كلما جاءت أسبابه مجملة أو غامضة فيما أثبتته أو نفته من وقائع سواء كانت متعلقة ببيان توافر أركان الجريمة أو ظروفها أو كانت بصدد الرد على أوجه الدفاع الهامة أو كانت متصلة بعناصر الإدانة على وجه العموم أو كانت أسبابه يشوبها الاضطراب الذي ينبئ عن اختلال فكرته من حيث تركيزها في موضوع الدعوى وعناصر الواقعة مما لا يمكن معه استخلاص مقوماته سواء ما تعلق منها بواقعة الدعوى أو بالتطبيق القانوني ويعجز بالتالي محكمة النقض عن إعمال رقابتها على الوجه الصحيح . لما كـان ذلك ، وكانت الجريمة المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات لا تتحقق إلا إذا كان تسلم المال المختلس من مقتضيات العمل ويدخل في اختصاص المتهم الوظيفي استناداً إلى نظام مقرر أو أمر إداري صادر ممن يملكه أو مستمداً من القوانين واللوائح ، وقد فرض الشارع العقاب في المادة المار ذكرها على عبث الموظف بما يؤتمن عليه مما يوجد بين يديه بمقتـضى وظيفتـه بشرط انصراف نيته باعتباره حـائزاً له إلى التصـرف فيه على اعتبـار أنه مملوك له وهو معنى مركب من فعل مادي ـ هو التصرف في المال ـ ومن عامل معنوي يقترن به هو نية إضاعة المال على ربه . كما أنه من المقرر أن جناية الاستيلاء أو ما في حكمها أو تسهيل ذلك للغير المنصوص عليها في المادة 113 من قانون العقوبات قد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها ، على أن جناية الاستيلاء على مال الدولة بغير حق تقتضي وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه أياً كان بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة . ولا يعتبر المال قد دخل في ملك الدولة إلا إذا كان قد آل إليها بسبب صحيح ناقل للملك ، وتسلمه من الغير موظف مختص بتسلمه على مقتضى وظيفته أو أن يكون الموظف المختص قد سهل لغيره ذلك ويشترط انصراف نية الجاني وقت الاستيلاء إلى تملكه أو تضييعه على ربه في تسهيل الاستيلاء ، وعليه يكون وجوباً على الحكم أن يبين صفة المتهم وكونه موظفاً وكون وظيفته قد طوعت له تسهيل استيلاء الغير على المال وكيفية الإجراءات التي اتخذت بما تتـوافر به أركان تلك الجريمة ، كما أنه من المقرر أنه ولئن كان لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في جريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على المال العام إلا أن شرط ذلك أن يكون فيما أورده الحكم من وقائع وظروف ما يدل على قيامه ، كما أنه من المقرر أن اختصاص الموظف بالعمل الذي حصل على الربح أو المنفعة من خلاله أياً كان نصيبه فيه سواء حصل التربح لنفسه أو تظفير الغير به ركن أساسي في جريمة التربح المنصوص عليها في المادة 115 من قانون العقوبات مما يتعين إثبات ذلك الاختصاص بما ينحسم به أمره ، كما أنه من المقرر أنه يجب للإدانة في جرائم تزوير المحررات أن يعرض الحكم لتعيين المحرر المقول بتزويره وما انطوى عليه من بيانات ليكشف عن ماهية تغيير الحقيقة فيه وإلا كان باطلاً ، ومن المقرر ـ أيضاً ـ أن اختصاص الموظف بالعمل الذي طلب أداؤه أياً كان نصيبه فيه ، وسواء كان حقيقياً أو مزعوماً أو معتقداً فيه ركناً في جريمة الارتشاء المنصوص عليها في المادتين 103 ، 103 مكرراً من قانون العقوبات فإنه يتعين على الحكم إثباته بما ينحسم به أمره ، وخاصة عند المنازعة فيه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه ـ كما سبق البيان ـ قد دان الطاعن الأول بجرائم الاختلاس والاشتراك فيه ، وتسهيل الاستيلاء على المال العام ، ومحاولة الحصول لنفسه على ربح ، والحصول على ربح للغير ، والتزوير في محررات الجمعية واستعمال تلك المحررات، كما دان الطاعن الثاني بجرائم الاستيلاء على المال العام والتربح والاشتراك فيه ، دون أن يستظهر بالنسبة لجريمة الاختلاس ما إذا كان من عمل الطاعن الأول واختصاصه الوظيفي استلامه للسلع الواردة إلى الجمعية التي يعمل بها والتصرف فيها على نحو معين طبقاً للأنظمة الموضوعة لهذا الغرض أو أنها أودعت عهدته بسبب وظيفته كما لم يستظهر انصراف نيته إلى التصرف في هذه السلع والظهور عليها بمظهر المالك بقصد إضاعتها على الجمعية المالكة لها، كما أنه تناقض فيما أثبته في مدوناته من قيمة للسلع المختلسة وما قضى به من عقوبتي الرد والغرامة في منطوقه ولم يبين الأساس الذي احتسب بناءً عليه تلك المبالغ التي ألزم بها المتهمين متضامنين ، كما أنه لم يستظهر عناصر اشتراكه مع المتهم الأول في جريمة الاختلاس المنسوبة إليه وطريقته وأن يبين الأدلة الدالة على ذلك بياناً يوضحها ، ويكشف عن قيامها وذلك من واقع الدعوى وظروفها . هذا إلى أن الحكم لم يبين كيف أن وظيفة كل من الطاعنين الأول والثاني قد طوعت للأول تسهيل استيلاء الغير واستيلاء الثاني على مال الدولة ، ولم يستظهر نية كل طاعن وأنها انصرفت إلى تـضييعه على الجمعية المجني عليها لمصلحته ولمصلحة الغير وقت حصول تلك الجريمة فيكون الحكم قاصراً في التدليل على توافر أركان جرائم الاختلاس والاشتراك فيها ، وتسهيل الاستيلاء على المال العام بالنسبة للطاعن الأول وجريمة الاستيلاء بالنسبة للطاعن الثاني ، وكذلك بالنسبة لجرائم محاولة حصول الطاعن الأول على ربح لنفسه وحصوله على ربح للغير ، وحصول الطاعن الثاني على ربح لنفسه والاشتراك في التـربح إذ لم يستظهر الحكم اختصاص كل منهما بالعمل الذي حصل على التربح أو المنفعة من خلاله أو ظَفّر الغير بهذا الربح والدليل على توافر ركني الجريمة المادي والمعنوي ، وعناصر اشتراك الطاعن الثاني مع المتهمين الثلاثة الأول في جريمة التربح وطريقته وأن يبيـن الأدلـة الدالة على ذلك بياناً يوضحها ، ويكشف عن قيامها ، فإنه يكون معيباً بالقصور الذي يبطله ، كما أنه بالنسبة لجريمة تزوير المحررات واستعمالها المسندة إلى الطاعن الأول فقد خلت مدونات الحكم من تفاصيل كل محرر من المحررات موضوع الجريمة وموطن التزوير فيها وقوفاً على دور الطاعن والمتهمين الأول والثاني والأفعال التي أتاها كل من زور ورقة بعينها أو بياناً أو توقيعاً وإيراد الدليل على أنه قام بشخصه بتزوير البيان المطعون فيه ، ولم يـــدلل على ثبوت العلم بالتزوير في حق كل متهم بالتزوير الذي قام به غيره من المتهمين ونسب إليه استعمال المحررات المزورة ، إذ اكتفى الحكم في ذلك كله بعبارات عامة مجملة ومجهلة لا يبين منها حقيقة مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض لما نسب للطاعنين الأول والثاني من جرائم الذي هو مدار الأحكام ولا يحقق بها الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيبها من الوضوح والبيان . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يثبت - كذلك - في حق الطاعن الثالث والذي دانه بجريمة الرشوة اختصاصه بالعمل الذي دفـع الجعـل مقـابلاً لأدائه ، سواء كان حقيقياً أو مزعوماً أو معتقداً فيه مع أنه ركن في جريمة الرشوة فإن الحكم يكون معيباً بالقصور الذي يبطله.
2- لما كان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المحكمة استجلاء لواقعة الدعوى قبل الفصل فيها ندبت مكتب الخبراء بوزارة العدل لتحقيق عناصر الدعوى وفقاً لما ورد بأسباب الحكم ، وبعد أن قدم مكتب الخبراء تقريره ، قضت المحكمة في الدعوى دون أن تشير كلية إلى ذلك التقرير فلم يورد الحكم فحواه ولم يعرض لما انتهى إليه من نتيجة ، فإن ذلك مما ينبئ بأن المحكمة لم تواجه عناصر الدعوى ولم تلم بها على وجه يفصح عن أنهـا فطنت لهـا ووازنت بينهـا ، ولا يحمـل قضاؤها على أنه عدول عن تحقيق الدعوى عن طريق مكتب الخبراء اكتفاء بالأسباب التي تضمنها حكمها ، ذلك أنه من المقرر أنه إذا كانت المحكمة قد رأت أن الفصل في الدعوى يتطلب تحقيق دليل بعينه فواجب عليها أن تعمل على تحقيق هذا الدليل أو تضمن حكمها الأسباب التي دعتها إلى أن تعود فتقرر عدم حاجة الدعوى ذاتها إلى هذا التحقيق، أما هي ولم تفعل ـ بعد أن قدرت أن الدعوى في حاجة لهذا التحقيق ـ فإن حكمهـا يكـون معيبـاً ، ويبين من جماع ما تقدم أن الحكم المطعون فيه أصابه العوار واكتنفه الكثير من الغموض والإبهام فضلاً عن قصوره في التسبيب بما يوجب نقضه والإعادة بالنسبة للطاعنين جميعاً  دون المحكوم عليهم الأول والثاني ومن الخامس إلى السابع ، ومن التاسع إلى الثالث عشر لكون الحكم صدر بالنسبة لهم غيابياً من محكمة الجنايات في مواد الجنايات إذ يبطل حتماً إذا حضر المحكوم عليه في غيبته أو قبض عليه قبل سقوط الحكم بمضي المدة ويعاد نظر الدعوى من جديد أمام المحكمة إعمالاً لنص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية وذلك دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
   اتهمـت النيابة العامة كلاً من: 1-....2-....3-....( طاعن ) 4-....( طاعن ) 5-... 6- ... 7-.... 8-.....( طاعن) 9-... 10-.... 11-.... 12-..... 13-..... بأنهم: أولاً : المتهمين الثلاثة الأول : 1ـ بصفتهم موظفين عموميين ومـن الأمناء على الودائع الأول "رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية للعاملين بشركة ...." والثاني "أمين صندوق الجمعية" والثالث "مفوض الجمعية لدى شركة ....." اختلسوا السلع المعمرة المبينة بالتحقيقات والبالغ قيمتها 7919410 جنيه " سبعة آلاف وتسعمائة وتسعة عشر جنيهاً وأربعمائة وعشر مليماً " والمملوكة للجمعية المذكورة والمسلمة إليهم بسبب وظائفهم وصفاتهم آنفة البيان .
2ـ سهلوا للمتهمين من الرابع حتى الأخير عدا الثامن الاستيلاء وبغير حق على السلع المعمرة المبينة القدر والوصف بالتحقيقات والبالغ قيمتها 630024420 جنيه " ستمائة وثلاثين ألفاً وأربعة وعشرين جنيهاً وأربعمائة وعشرين مليماً " والمملوكة لشركة بيع .....بأن طلبوا وبالتواطؤ مع هؤلاء المتهمين من هذه الشركة كميات من السلع المذكورة بمقتضى العقدين المؤرخين .....، ...... تفيض عن الاحتياجات الفعلية لأعضاء الجمعية التي يمثلونها وأسهم باقي المتهمين معهم في دفع مقدمات شرائها عامدين بتلك الأساليب إلى إسقاط الحظر القائم عليها والمتمثل في عدم خضوعها لنظام البيع الآجل ، وقد ارتبطت هذه الجــناية بجريمتي تزوير في محررات للجمعية واستعمالها ارتباطاً لا يقبل التجزئة على النحو المبين بالوصفين التاليين .
3ـ ارتكبوا أثناء تأديتهم وظيفتهم تزويراً في محررات للجمعية التعاونية للعاملين بشركة ...... وهي كافة الطلبات والأوراق المبينة بالتحقيقات والمرفقة بها وكان ذلك بجعلهم واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهم بتزويرها بأن ضمنوا تلك المستندات وعلى خلاف الحقيقة احتياج أعضاء هذه الجمعية دون غيرهم للسلع المعمرة موضوع جناية التسهيل المنسوبة إليهم فمكنوا بهذه الوسيلة المتهمين من الرابع حتى الأخير عدا الثامن من الاستحصال عليها دون حق . 
4ـ استعملوا المحررات المزورة المذكورة فيما زورت من أجله مع علمهم بتزويرها بأن قدموها للمختصين بشركة .....حيث تم بموجبها الاستيلاء بغير حق على السلع المعمرة موضوع التهمة الثانية المنسوبة إليهم .
5ـ حصلوا للغير على ربح من عمل من أعمال وظائفهم بأن مكنوا وبطريق الحيلة المتهمين من الرابع حتى الأخير ـ عدا الثامن من شراء السلع المعمرة " موضوع التهمة السابقة " وفق نظام البيع بالآجل عامدين إلى مخالفة القواعد المقررة في هذا الشأن والتي تحظر على شركة ...التعامل مع الغير طبقاً لهذا النظام فكانوا أن حققوا لهؤلاء المتهمين أرباحاً ومنافعاً تمثلت في حصولهم على الفروق المالية بين البيع الآجل والبيع العاجل للسلع المذكورة .
6ـ حاولوا الحصول لأنفسهم على ربح من عمل من أعمال وظائفهم بأن باعوا للمتهمين من الرابع حتى الأخير عدا الثامن السلع المعمرة المبينة بالتحقيقات بقيمة تزيد عن قيمة شراء الجمعية لها بنسبة قدرها (5%) من قيمتها عامدين في هذا الصدد إلى إخفاء هذا التعامل وعدم إدراجه بسجلات الجمعية وذلك بهدف الاستئثار لأنفسهم بما يوازيها من مبالغ نقدية .
ثانياً: المتهم الأول : بصفته موظفاً عاماً ومن الأمناء على الودائع " رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية للعاملين بشركة ....." اختلس جهازي التليفزيون موضوع القسيمتين رقمي ....، .... والبالغ قيمتها 1495 جنيه " ألف وأربعمائة وخمسة وتسعون جنيهاً " والمملوكين للجمعية السابق ذكرها والمسلمين إليه بسبب وظيفته وصفته آنفة البيان .
ثالثاً : المتهمين من الرابع حتى السابع : بصفتهم موظفين عموميين " الرابع مدير المناطق بشركة .....والخامس مدير فرع هذه الشركة بالصف والسادس موظف بشركة ..... والسابع أمين شرطة بمديرية أمن ..." استولوا بغير حق على السلع المعمرة المبينة الوصف بالتحقيقات والبالغ قيمتها 348862200 جنيه " ثلاثمائة وثمانية وأربعون ألفاً وثمانمائة واثنان وستون جنيهاً ومائتي مليم " والمملوكة لشركة .....بأن تواطئوا مع المتهمين الثلاثة الأول وبطريق التحايل على إسقاط الحظر القائم بهذه الشركة بشأن التعامل في تلك السلع وفق نظام البيع بالآجل واتخذوا من الجمعية ستاراً تمكنوا من خلاله الاستحصال على كميات من السلع المعمرة آنفة الذكر بقصد الاتجار فيها لحسابهم الشخصي .
رابعاً : المتهمين الرابع والخامس : بصفتهما آنفة الذكر حصلا لنفسيهما على ربح ومنفعة من عمل من أعمال وظيفتهما بأن استغلا صلاحياتهما في الإشراف على المناطق التابعة لشركة .....من بينها فرع ....وحصلا على كميات السلع المعمرة المبينة الوصف بالتحقيقات عامدين في ذلك إلى مخالفة النظم المقررة بشأن التعامل فيها وكان ذلك على التفصيل المبين بالتهمة السابقة .
خامساً : المتهم الثامن : بصفته موظفاً عاماً " أمين مخزن ....بــ ... التابع لشركة ... " طلب وأخذ رشوة للإخلال بواجبات وظيفته بأن طلب من المتهم السابع والتاسع مبالغ نقدية على سبيل الرشوة حددها بمقدار يتراوح بين عشرة جنيهات وخمسة عشر جنيهاً عن كل وحدة من السلع المعمرة نادرة التداول التي يحددها المتهمان المذكوران نوعاً ووصفاً ويتولى هو صرفها من المخزن الرئيسي التابع للشركة سالفة الذكر .
سادساً : المتهمين الثاني والسابع : عرضا رشوة على موظف عمومي للإخلال بواجبات وظيفيه ولم تقبل منهما بأن عرضا على .....مدير فرع ..... التابع لشركة..... مبلغاً قدره مائة جنيه مقابل قيامه بتسهيل إجراءات صرف السلع المعمرة لهما بكميات كبيرة وبالمخالفة للنظام المتبع بهذه الشركة غير أن الموظف المذكور قد رفض هذا العرض .
سابعاً : المتهمين السابع والتاسع : قدما للمتهم الثامن رشوة للإخلال بواجبات وظيفته بأن دفعا له المبالغ النقدية " موضوع التهمة رابعاً " المنسوبة إليه على سبيل الرشوة مقابل قيامه بتسهيل إجراءات صرف السلع المعمرة نادرة التداول على خلاف النظم المقررة .
ثامناً : المتهم الثاني : اشترك بطريق الاتفاق مع المتهمين السابع والثامن والتاسع في ارتكاب جناية الرشوة المنسوبة إليهم " موضوع التهمتين رابعاً وسادساً " بأن اتفق معهم على ارتكابها فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق .
تاسعاً : المتهم التاسع : اشترك بطريق الاتفاق مع المتهمين الثاني والسابع في ارتكاب جناية عرض الرشوة المنسوبة إليهما " موضوع التهمة خامساً " بأن اتفق معهما على ارتكابها فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق .
عاشراً : المتهمين من التاسع وحتى الأخير : اشتركوا بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الأول والثاني والثالث في ارتكاب جناية تسهيل الاستيلاء بغير حق على المال العام المنسوبة إليهم " موضوع التهمة أولاً 2 ، 3 ، 4 " بأن اتفقوا معهم على ارتكابها وساعدوهم في ذلك بتقديمهم مقدمات شراء هذه السلع وإبرام العقود الخاصة بها معهم والمتضمنة شرائهم تلك السلع وفق نظام الآجل وتوقيعهم جميعاً على المستندات التي تفيد استلامهم لها فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة .
حادي عشر : المتهمين الثاني والثالث والخامس : اشتركوا بطريق الاتفاق مع المتهم الأول في ارتكاب جناية الاختلاس المنسوبة إليه " موضوع التهمة أولاً /7 " بأن اتفقوا معه على ارتكابها فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق .
ثاني عشر: المتهمين من الرابع وحتى الأخير عدا الثامن : اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الأول والثاني والثالث في ارتكاب جنايتي التربح المنسوبتين إليهم موضوع التهمتين  " أولاً 5 ، 6 " بأن اتفقوا معهم على ارتكابها وساعدوهم في ذلك على النحو المبين بالتهمة " تاسعاً " فوقعت الجريمتان المذكورتان بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة.     
وأحالتهم إلى محكمة جنايات.... لمعاقبتهم طبقاً للقـيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للثالث والرابع والثامن وغيابياً للباقين عملاً بالمواد 40 /2ـ3، 41 ، 103 ، 104 ، 109 مكرراً/1، 110 ، 111 /6، 112 /1ـ2 أ، 113 /1ـ2، 115 ، 118 مكرراً ، 119/ب ، 119 مكرراً/أـ هـ ، 213 ، 214 مكرراً/1 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 30 /1 ، 32 من القانون ذاته : أولاً : بمعاقبة الأول والثاني والثالث بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليهم بالبند أولاً وما نسب للثاني والثالث بالبند عاشراً وإلزامهم بأن يردوا مبلغ 13718232 جنيه " مائة وسبعة وثلاثين ألف ومائة واثنين وثمانين جنيهاً واثنين وثلاثين قرشاً " وتغريمهم مبلغاً مساوياً له بالتضامن فيما بينهم وبمصادرة المحررات المزورة .
ثانياً : بمعاقبة الرابع والخامس بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليهما بالبند ثانياً وثالثاً وعاشراً وإلزام الخامس برد مبلغ 58090 جنيه " ثمانية وخمسين ألف جنيه وتسعين جنيهاً " وتغريمهما مبلغ " ستة وثمانين ألف وثمانية وثمانين ونصف جنيه " بالتضامن فيما بينهما .
ثالثاً : بمعاقبة المتهم الثامن بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ألفين جنيهاً عما أسند إليه بالبند رابعاً .
رابعاً : بمعاقبة الثاني والسابع والتاسع بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمهم ألف جنيه عما أسند إليهم بالبنود خامساً وسادساً وسابعاً وثامناً .
خامساً : بمعاقبة الرابع والخامس والسادس والسابع والتاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وإلزام السادس برد مبلغ 2709530 جنيه وتغريمه مبلغاً مساوياً له وتغريم السابع مبلغ 1763887 جنيه وتغريم التاسع مبلغ 21438985 جنيه وإلزام العاشر برد مبلغ 46668 جنيه وتغريمه مبلغاً مساوياً له وإلزام الحادي عشر برد مبلغ 6257350 جنيه وتغريمه مبلغاً مساوياً له وإلزام الثاني عشر برد مبلغ 10058 جنيه وتغريمه مبلغاً مساوياً له وإلزام الثالث عشر برد مبلغ 541120 جنيه وتغريمه مبلغاً مساوياً له عما أسند إليهم بالبندين تاسعاً وحادي عشر.
فطعن المحكوم عليهم الرابع والثامن والعاشر في هذا الحكم بطريق النقض ....إلخ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان أولهم بجرائم الاختلاس والاشتراك فيه ، وتسهيل الاستيلاء على المال العام ، ومحاولة الحصول لنفسه على ربح ، والحصول على ربح للغير ، والتزوير ، واستعمال محررات مزورة ، ودان الثاني بجرائم الاستيلاء على المال العام ، والتربح ، والاشتراك فيه ، ودان الثالث بجريمة طلب رشوة والحصول عليها ، قد شابه القصور في التسبيب ، ذلك أن أسبابه حررت في عبارات عامة  معماة لا يبين منها دور كل من الطاعنين فيما أسند إليه من جرائم ولم يستظهر أركان كل منها ومدى توافرها في حقه ، وعناصر الاشتراك في الجرائم التي دان الأول والثاني بالاشتراك فيها كما لم يبين الأساس الذي احتسب بناءً عليه المبالغ التي ألزم المتهمين متضامنين بردها  واكتفى بالنسبة إلى الطاعن الثاني بتحصيل مضمون أدلة الدعوى دون أن يبين وجه استدلاله بها على ارتكابه للجريمتين المسندتين إليه ، وأهدر تقرير الخبير المنتدب من قبل المحكمة والذي أثبت انتفاء صلته بالوقائع المسندة إليه ، كما ينعى الطاعن الثالث بأن الحكم أجمل أدلة الإدانة التي عول عليها لجميع المتهمين رغم اختلاف الوقائع المشهـود عليها من كل شاهد ودون أن يبين الدليل المتصل والمثبت للاتهام المسند إلى كل منهم على حدة ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
       وحيث إن الحكم المطعون فيه اقتصر في بيانه لواقعة الدعوى على تحصيل ما ورد بقرار الاتهام لجميع المتهمين ، ثم حصل مضمون الأدلة التي عول عليها في الإدانة، وانتهى في مجال الإسناد إلى ارتكاب الطاعن الأول لجرائم الاختلاس والاشتراك فيه ، وتسهيل الاستيلاء على المال العام ومحاولة الحصول لنفسه على ربح ، والحصول على ربـح للغيـر ، والتزوير واستعمال محررات مزورة وارتكاب الطاعن الثاني لجرائم الاستيلاء على المال العام ، والتربح والاشتراك فيه وأعمل في حقهما أحكام المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع على الطاعن الأول عقوبة الجريمة الأشد ، إلا أنه أوقع على الطاعن الثاني عقوبتين عما أسند إليه من اتهام ، كما أسند للطاعن الثالث جريمة طلب والحصول على رشوة وأوقع عليه عقوبتها . لما كان ذلك ، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم الصادر بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم  وكان من المقرر أنه ينبغي ألا يكون الحكم مشوباً بإجمال أو إبهام مما يتعذر معه تبين مدى صحة الحكم من فساده في التطبيق القانوني على واقعة الـدعوى ، وهو يكون كذلك كلما جاءت أسبابه مجملة أو غامضة فيما أثبتته أو نفته من وقائع سواء كانت متعلقة ببيان توافر أركان الجريمة أو ظروفها أو كانت بصدد الرد على أوجه الدفاع الهامة أو كانت متصلة بعناصر الإدانة على وجه العموم أو كانت أسبابه يشوبها الاضطراب الذي ينبئ عن اختلال فكرته من حيث تركيزها في موضوع الدعوى وعناصر الواقعة مما لا يمكن معه استخلاص مقوماته سواء ما تعلق منها بواقعة الدعوى أو بالتطبيق القانوني ويعجز بالتالي محكمة النقض عن إعمال  رقابتها على الوجه الصحيح . لما كان ذلك ، وكانت الجريمة المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات لا تتحقق إلا إذا كان تسلم المال المختلس من مقتضيات العمل ويدخل في اختصاص المتهم الوظيفي استناداً إلى نظام مقرر أو أمر إداري صادر ممن يملكه أو مستمداً من القوانين واللوائح ، وقد فرض الشارع العقاب في المادة المار ذكرها على عبث الموظف بما يؤتمن عليه مما يوجد بين يديه بمقتـضى وظيفتـه بشرط انصراف نيته باعتباره حـائزاً له إلى التصـرف فيه على اعتبـار أنه مملوك له وهو معنى مركب من فعل مادي ـ هو التصرف في المال ـ ومن عامل معنوي يقترن به هو نية إضاعة المال على ربه . كما أنه من المقرر أن جناية الاستيلاء أو ما في حكمها أو تسهيل ذلك للغير المنصوص عليها في المادة 113 من قانون العقوبات قد دلت في صريح عبارتها وواضح دلالتها ، على أن جناية الاستيلاء على مال الدولة بغير حق تقتضى وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه أياً كان بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة . ولا يعتبر المال قد دخل في ملك الدولة إلا إذا كان قد آل إليها بسبب صحيح ناقل للملك، وتسلمه من الغير موظف مختص بتسلمه على مقتضى وظيفته أو أن يكون الموظف المختص قد سهل لغيره ذلك ويشترط انصراف نية الجاني وقت الاستيلاء إلى تملكه أو تضييعه على ربه في تسهيل الاستيلاء ، وعليه يكون وجوباً على الحكم أن يبين صفة المتهم وكونه موظفاً وكون وظيفته قد طوعت له تسهيل استيلاء الغير على المال وكيفية الإجراءات التي اتخذت بما تتـوافر به أركان تلك الجريمة ، كما أنه من المقرر أنه ولئن كان لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في جريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على المال العام إلا أن شرط ذلك أن يكون فيما أورده الحكم من وقائع وظروف ما يدل على قيامه، كما أنه من المقرر أن اختصاص الموظف بالعمل الذي حصل على الربح أو المنفعة من خلاله أياً كان نصيبه فيه سواء حصل التربح لنفسه أو تظفير الغير به ركن أساسي في جريمة التربح المنصوص عليها في المادة 115 من قانون العقوبات مما يتعين إثبات ذلك الاختصاص بما ينحسم به أمره ، كما أنه من المقرر أنه يجب للإدانة في جرائم تزوير المحررات أن يعرض الحكم لتعيين المحـرر المقول بتزويره وما انطوى عليه من بيانات ليكشف عن ماهية تغيير الحقيقة فيه وإلا كان باطلاً ، ومن المقرر ـ أيضاً ـ أن اختصاص الموظف بالعمل الذي طلب أداؤه أياً كان نصيبه فيه ، وسواء كان حقيقياً أو مزعوماً أو معتقداً فيه ركناً في جريمة الارتشاء المنصوص عليها في المادتين 103 ، 103 مكرراً من قانون العقوبات فإنه يتعين على الحكم إثباته بما ينحسم به أمره ، وخاصة عند المنازعة فيه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه ـ كما سبق البيان ـ قد دان الطاعن الأول بجرائم الاختلاس والاشتراك فيه ، وتسهيل الاستيلاء على المال العام ، ومحاولة الحصول لنفسه على ربح ، والحصول على ربح للغير والتزوير في محررات الجمعية واستعمال تلك المحررات ، كما دان الطاعن الثاني بجرائم الاستيلاء على المال العام والتربح والاشتراك فيه ، دون أن يستظهر بالنسبة لجريمة الاختلاس ما إذا كان من عمل الطاعن الأول واختصاصه الوظيفي استلامه للسلع الواردة إلى الجمعية التي يعمل بها والتصرف فيها على نحو معين طبقاً للأنظمة الموضوعة لهذا الغرض أو أنها أودعت عهدته بسبب وظيفته كما لم يستظهر انصراف نيته إلى التصرف في هذه السلع والظهور عليها بمظهر المالك بقصد إضاعتها على الجمعية المالكة لها ، كما أنه تناقض فيما أثبته في مدوناته من قيمة للسلع المختلسة وما قضى به من عقوبتي الرد والغرامة في منطوقه ولم يبين الأساس الذي احتسب بناءً عليه تلك المبالغ التي ألزم بها المتهمين متضامنين ، كما أنه لم يستظهر عناصر اشتراكه مع المتهم الأول في جريمة الاختلاس المنسوبة إليه وطريقته وأن يبين الأدلة الدالة على ذلك بياناً يوضحها ، ويكشف عن قيامها ، وذلك من واقع الدعوى وظروفها . هذا إلى أن الحكم لم يبين كيف أن وظيفة كل من الطاعنين الأول والثاني قد طوعت للأول تسهيل استيلاء الغير واستيلاء الثاني على مال الدولة ، ولم يستظهر نية كل طاعن وأنها انصرفت إلى تضييعه على الجمعية المجني عليها لمصلحته ولمصلحة الغير وقت حصول تلك الجريمة فيكون الحكم قاصراً في التدليل على توافر أركان جرائم الاختلاس والاشتراك فيها ، وتسهيل الاستيلاء على المال العام بالنسبة للطاعن الأول وجريمة الاستيلاء بالنسبة للطاعن الثاني ، وكذلك بالنسبة لجرائم محاولة حصول الطاعن الأول على ربح لنفسه وحصوله على ربح للغير ، وحصول الطاعن الثاني على ربح لنفسه والاشتراك في التـربح إذ لم يستظهر الحكم اختصاص كل منهما بالعمل الذي حصل على التربح أو المنفعة من خلاله أو ظَفّر الغير بهذا الربح والدليل على توافر ركني الجريمة المادي والمعنوي ، وعناصر اشتراك الطاعن الثاني مع المتهمين الثلاثة الأول في جريمة التربح وطريقته وأن يبيـن الأدلـة الدالة على ذلك بياناً يوضحها ، ويكشف عن قيامها ، فإنه يكون معيباً بالقصور الذي يبطله ، كما أنه بالنسبة لجريمة تزوير المحررات واستعمالها المسندة إلى الطاعن الأول فقد خلت مدونات الحكم من تفاصيل كل محرر من المحررات موضوع الجريمة وموطن التزوير فيها وقوفاً على دور الطاعن والمتهمين الأول والثاني والأفعال التي أتاها كل من زور ورقة بعينها أو بيــاناً  أو توقيعاً وإيراد الدليل على أنه قام بشخصه بتزوير البيان المطعون فيه ، ولم يدلل على ثبوت العلم بالتزوير في حق كل متهم بالتزوير الذي قام به غيره من المتهمين ونسب إليه استعمال المحررات المزورة ، إذ اكتفى الحكم في ذلك كله بعبارات عامة مجملة ومجهلة لا يبين منها حقيقة مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض لما نسب للطاعنين الأول والثاني من جرائم الذي هو مدار الأحكام ولا يحقق بها الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيبها من الوضوح والبيان . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يثبت ـ كذلك ـ في حق الطاعن الثالث والذي دانه بجريمة الرشوة اختصاصه بالعمل الذي دفـع الجعـل مقـابلاً لأدائه ، سواء كان حقيقياً أو مزعوماً أو معتقداً فيه مع أنه ركن في جريمة الرشوة فإن الحكم يكون معيباً بالقصور الذي يبطله. لما كان ذلك ، وكان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المحكمة استجلاء لواقعة الدعوى قبل الفصل فيها ندبت مكتب الخبراء بوزارة العدل لتحقيق عناصر الدعوى وفقاً لما ورد بأسباب الحكم ، وبعد أن قدم مكتب الخبراء تقريره ، قضت المحكمة في الدعوى دون أن تشير كلية إلى ذلك التقرير فلم يورد الحكم فحواه ولم يعرض لما انتهى إليه من نتيجة ، فإن ذلك مما ينبئ بأن المحكمة لم تواجه عناصر الدعوى ولم تلم بها على وجه يفصح عن أنهـا فطنت لهـا ووازنت بينهـا ، ولا يحمـل قضاؤها على أنه عدول عن تحقيق الدعوى عن طريق مكتب الخبراء اكتفاء بالأسباب التي تضمنها حكمها ، ذلك أنه من المقرر أنه إذا كانت المحكمة قد رأت أن الفصل في الدعوى يتطلب تحقيق دليل بعينه فواجب عليها أن تعمل على تحقيق هذا الدليل أو تضمن حكمها الأسباب التي دعتها إلى أن تعود فتقرر عدم حاجة الدعوى ذاتها إلى هذا التحقيق ، أما هي ولم تفعل ـ بعد أن قدرت أن الدعوى في حاجة لهذا التحقيق ـ فإن حكمها يكون معيباً ، ويبين من جماع ما تقدم أن الحكم المطعون فيه أصابه العوار واكتنفه الكثير من الغموض والإبهام فضلاً عن قصوره في التسبيب بما يوجب نقضه والإعادة بالنسبة للطاعنين جميعاً دون المحكوم عليهم الأول والثاني ومن الخامس إلى السابع ، ومن التاسع إلى الثالث عشر لكون الحكم صدر بالنسبة لهم غيابياً من محكمة الجنايات في مواد الجنايات إذ يبطل حتماً إذا حضر المحكوم عليه في غيبته أو قبض عليه قبل سقوط الحكم بمضي المدة ويعاد نظر الدعوى من جديد أمام المحكمة إعمالاً لنص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية وذلك دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن . 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 36145 لسنة 77 ق جلسة 21 / 3 / 2010 مكتب قني 61 ق 35 ص 284

جلسة 21 من مارس سنة 2010
برئاسة السيد المستشار/ حسين الشافعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي عبد العظـيم وسعـيد فنجري وسيد الدليل وصفوت أحمد عـبد المجـيد نواب رئيس المحكمة .
-----------
(35)
الطعن 36145 لسنة 77 ق
 اختصاص "الاختصاص النوعي" . محكمة الجنايات "اختصاصها". وصف التهمة . حكم "تسبيبه. تسبيب معيب" . نقض "ما يجوز الطعن فيه من الأحكام " "حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون".
وجوب فصل محكمة الجنايات في الدعوى الجنائية المحالة إليها أياً كان الوصف القانوني للواقعة جناية أو جنحة تم تحقيقها بالجلسة . قضاؤها بعدم اختصاصها بنظرها باعتبارها جنحة بعد تلاوة أقوال الشهود وإدلاء الدفاع مرافعته . منه للخصومة ومخالف للقانون. الطعن فيه بالنقض . جائز. أثره : وجوب نقضه والإعادة . علة وأساس ذلك؟ 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة الجنايات أن الدعوى أحيلت إليها بوصف جناية السرقة ليلاً بالطريق العام من شخصين حالة كون أحدهما حاملاً سلاحاً ، وجنحة إحراز سلاح أبيض بغير ترخيص ، وهي لم تقض بعدم اختصاصها بنظرها وباعتبارها جنحة إلا بعد أن تُليت أقوال الشهود وأدلى الدفاع بمرافعته بجلسة ...... مما كان يقتضي منها أن تحكم في الدعوى حتماً وإن رأت أنها جنحة إعمالاً للمادة 382 من قانون الإجراءات الجنائية التي تنص على أنه " إذا رأت محكمة الجنايات أن الواقعة كما هي مبينة بأمر الإحالة وقبل تحقيقها بالجلسة تُعد جنحة فلها أن تحكم فيها بعدم الاختصاص وتُحيلها إلى المحكمة الجزئية ، أما إذا لم تر ذلك إلا بعد التحقيق تحكم فيها " . لما كان ذلك، وأياً كان الوصف القانوني للواقعة التي أقيمت بها الدعوى أمام محكمة الجنايات فهي مُختصة حتماً بنظرها والفصل فيها سواء بوصفها جناية وذلك لاندراجها – بهذا الوصف – ضمن اختصاصها الأصيل المقرر في المادة السابعة من القانون رقم 46 لسنة 1974 بشأن السلطة القضائية أو باعتبارها جنحة تم تحقيقها بالجلسة مما كان يتعين معه أن تحكم فيها إعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة 382 من قانون الإجراءات الجنائية ، وإذ قضت بعدم اختصاصها فإن حكمها يكون مخالفاً للقانون . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد جاء منهياً للخصومة على خلاف ظاهره اعتباراً بأن محكمة الجنح سوف تحكم بعدم اختصاصها بنظر الدعوى فيما لو رفعت إليها، فإن الطعن في هذا الحكم يكون جائزاً وقد استوفى الشكل المقرر في القانون . لما كان ما تقدم ، وكانت المحكمة قد أخطأت في قضائها بعدم الاختصاص مع أن القانون يجعل لها ولاية الفصل في الدعوى وقد حجبها هذا الخطأ عن نظر موضوع الدعوى، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما ..... بأنهما : 1- سرقا الهاتف الجوال المملوك لــ ...... وكان ذلك ليلاً في إحدى الطرق العامة حال كون الأول حاملاً لسلاح أبيض " مطواة قرن غزال " .2- المتهم الأول : أحرز سلاحاً أبيض " مطواة قرن غزال " حال كونه مما لا يجوز له الترخيص بحيازة أو إحراز سلاح أبيض . 
وأحالتهما إلى محكمة جنايات ...لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وبإحالتها للنيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها مع استمرار حبس المتهمين على ذمة الدعوى.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض....إلخ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن مبنى طعن النيابة العامة هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم اختصاص محكمة الجنايات بنظر الدعوى وبإحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها قد أخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأن انتهى على غير سند من القانون بأن الاختصاص بنظر هذه الدعوى لمحكمة الجنح الجزئية ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة الجنايات أن الدعوى أحيلت إليها بوصف جناية السرقة ليلاً بالطريق العام من شخصــين حالة كون أحدهما حاملاً سلاحاً ، وجنحة إحراز سلاح أبيض بغير ترخيص ، وهي لم تقض بعدم اختصاصها بنظرها وباعتبارها جنحة إلا بعد أن تُليت أقوال الشهود وأدلى الدفاع بمرافعته بجلسة ..... مما كان يقتضي منها أن تحكم في الدعوى حتماً وإن رأت أنها جنحة إعمالاً للمادة 382 من قانون الإجراءات الجنائية التي تنص على أنه " إذا رأت محكمة الجنايات أن الواقعة كما هي مبينة بأمر الإحالة وقبل تحقيقها بالجلسة تُعد جنحة فلها أن تحكم فيها بعدم الاختصاص وتُحيلها إلى المحكمة الجزئية ، أما إذا لم تر ذلك إلا بعد التحقيق تحكم فيها " . لما كان ذلك ، وأياً كان الوصف القانوني للواقعة التي أقيمت بها الدعوى أمام محكمة الجنايات فهي مُختصة حتماً بنظرها والفصل فيها سواء بوصفها جناية وذلك لاندراجها – بهذا الوصف – ضمن اختصاصها الأصيل المقرر في المادة السابعة من القانون رقم 46 لسنة 1974 بشأن السلطة القضائية أو باعتبارها جنحة تم تحقيقها بالجلسة مما كان يتعين معه أن تحكم فيها إعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة 382 من قانون الإجراءات الجنائية ، وإذ قضت بعدم اختصاصها فإن حكمها يكون مخالفاً للقانون . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد جاء منهياً للخصومة على خلاف ظاهره اعتباراً بأن محكمة الجنح سوف تحكم بعدم اختصاصها بنظر الدعوى فيما لو رفعت إليها، فإن الطعن في هذا الحكم يكون جائزاً وقد استوفى الشكل المقرر في القانون . لما كان ما تقدم ، وكانت المحكمة قد أخطأت في قضائها بعدم الاختصاص مع أن القانون يجعل لها ولاية الفصل في الدعوى وقد حجبها هذا الخطأ عن نظر موضوع الدعوى ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 60179 لسنة 73 ق جلسة 20 / 3 / 2010 مكتب قني 61 ق 34 ص 281

جلسة 20 من مارس سنة 2010
برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم عبد المطلب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / وجيـه أديب ومحمود خضر ورضا بسيوني وبدر خليفة نواب رئيس المحكمة .
-----------
(34)
الطعن 60179 لسنة 73 ق

(1) نقض "التقرير بالطعن " "المصلحة في الطعن ". طفل .
تقرير الطاعن المحكوم عليه الطفل بشخصه بالطعن بالنقض في الحكم . جائز . علة ذلك ؟
(2) إثبات "بوجه عام" . حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه . تسبيب معيب" . بطلان . نقض "أسباب الطعن . ما يقبل منها".
وجوب إيراد الأدلة التي تستند إليها المحكمة وبيان مؤداها بطريقة وافية . علة ذلك ؟
خلو الحكم المطعون فيه من بيان مؤدى ما اشتمل عليه تقرير المعامل الكيماوية بشأن كنه المادة المضبوطة والقطع بحقيقتها . قصور يبطله . أثر ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكوم عليه ..... لم يبلغ سنه ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة ومن ثم لازال طفلاً وقت التقرير بالطعن بالنقض . وكان الثابت من الأوراق أنه قد قرر بشخصه من السجن بالطعن بالنقض إلا أنه لما كان ما قام به هو من الأعمال النافعة نفعاً محضاً وله مصلحة فيه فإنه يتعين إجازاته ومن ثم يكون الطعن المقدم منه ومن المحكوم عليه الأول ... قد استوفى الشكل المقرر في القانون .
2- لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن بين واقعة الدعوى عرض إلى بيان الأدلة التي استخلص منها ثبوتها في حق الطاعن في قوله : " وحــيث إن الواقعة على هذه الصورة قد استقرت في يقين المحكمة وقامت الأدلة الكافية على صحتها ونسبتها إلى المتهم من شهادة العقيد ......والنقيب ......وما ثبت من تقرير قسم المعامل الكيماوية ". وحصل الحكم مؤدى الأدلة المستمدة من أقوال الشاهدين – المار ذكرهما – دون أن يورد مؤدى تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي وما انتهى إليه في شأن تحليل المادة المضبوطة . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب إيراد الأدلة التي تستند إليها المحكمة وبيان مؤداها في الحكم بياناً كافياً فلا تكفي مجرد الإشارة إليها بل ينبغي سرد مضمون الدليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتفاقه مع باقي الأدلة التي أقرها الحكم حتى يتضح وجه استدلاله بها،  وإذ فات الحكم المطعون فيه بيان مؤدى ما اشتمل عليه تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي . فإنه يكون قد خلا من بيان الدليل الفني الذي يستقيم به قضاؤه في الكشف عن كنه المادة المضبوطة والقطع بحقيقتها بما يعيبه بالقصور الذي يبطله ويوجب نقضه والإعادة وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما : حازا وأحرزا بقصد الاتجار " جوهر الحشيش المخدر " في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
وأحالتهما إلى محكمة جنايات ... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر  الإحالة.
      والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/1 ، 2 ، 38 /1 ، 42 /1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند رقم 56 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق والمواد 95 ، 112/1 ، 122/2 من القانون رقم 12 لسنة 1996 بمعاقبة الأول بالسجن المشدد لمدة خمسة عشر عاماً وبمعاقبة الثاني بالسجن لمدة خمس سنوات وتغريم كل منهما مائة ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الإحراز مجرداً من القصود المسماة .
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض ....إلخ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إنه وإن كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكوم عليه ..... لم يبلغ سنه ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة ومن ثم لازال طفلاً وقت التقرير بالطعن بالنقض . وكان الثابت من الأوراق أنه قد قرر بشخصه من السجن بالطعن بالنقض إلا أنه لما كان ما قام به هو من الأعمال النافعة نفعاً محضاً وله مصلحة فيه فإنه يتعين إجازاته ومن ثم يكون الطعن المقدم منه ومن المحكوم عليه الأول ...... قد استوفى الشكل المقرر في القانون .
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة إحرازهما جوهر الحشيش المخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه القصور في التسبيب، ذلك أنه لم يبين مضمون الأدلة استند إليها في الإدانة ، مما يعيبه ويستوجب نقضه .
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن بين واقعة الدعوى عرض إلى بيان الأدلة التي استخلص منها ثبوتها في حق الطاعن في قوله : " وحيث إن الواقعة على هذه الصورة قد استقرت في يقين المحكمة وقامت الأدلة الكافية على صحتها ونسبتها إلى المتهم من شهادة العقيد .....والنقيب ....وما ثبت من تقرير قسم المعامل الكيماوية " . وحصل الحكم مؤدى الأدلة المستمدة من أقوال الشاهدين – المار ذكرهما – دون أن يورد مؤدى تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي وما انتهى إليه في شأن تحليل المادة المضبوطة . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب إيراد الأدلة التي تستند إليها المحكمة وبيان مؤداها في الحكم بياناً كافياً فلا تكفى مجرد الإشارة إليها بل ينبغي سرد مضمون الدليل وذكر مؤداه بطريقة وافية يبين منها مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتفاقه مع باقي الأدلة التي أقرها الحكم حتى يتضح وجه استدلاله بها ،  وإذ فات الحكم المطعون فيه بيان مؤدى ما اشتمل عليه تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي . فإنه يكون قد خلا من بيان الدليل الفني الذي يستقيم به قضاؤه في الكشف عن كنه المادة المضبوطة والقطع بحقيقتها بما يعيبه بالقصور الذي يبطله ويوجب نقضه والإعادة وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 9481 لسنة 78 ق جلسة 18 / 3 / 2010 مكتب قني 61 ق 33 ص 263

جلسة 18 من مارس سنة 2010
برئاسة السيد المستشار / أنور جبري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / نير عثمان ، أحمد عبد القوي أحمد ونجاح موسى نواب رئيس المحكمة وأشرف المغلي .
--------------
(33)
الطعن 9481 لسنة 78 ق
 (1) تفتيش " إذن التفتيش . تنفيذه". دفوع " الدفع ببطلان القبض ". مأمورو الضبط القضائي "اختصاصاتهم". اختصاص " الاختصاص المكاني" . قبض . نيابة عامة . إجراءات " إجراءات التحقيق". 
  بدء وكيل النيابة المختص في إجراءات التحقيق بدائرة اختصاصه المكاني واستيجاب ظروف التحقيق ومقتضياته متابعة الإجراءات وامتدادها خارج تلك الدائرة . أثره : صحة هذه الإجراءات منه أو ممن يندبه لها.
   مثال لتسبيب سائغ لاطراح دفع الطاعن ببطلان القبض عليه لتجاوز مأمور الضبط القضائي اختصاصه المكاني .
(2) رد . حكم "تسبيبه . تسبيب غير معيب" "حجية الحكم" " ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
   إيراد الحكم جزء من المبالغ المالية المسلمة من المجني عليهم للطاعن بشكل إجمالي . لا ينال من سلامته . مادام قد أورد بأسبابه أسماء المجني عليهم وذكر تلك المبالغ .
قضاء الحكم في منطوقه بمبلغ الرد جملة . لا ينال من سلامته . مادام قد أحال في تفصيلاته وأسماء أصحابه إلى ما ورد بأسبابه في هذا الخصوص . علة ذلك ؟
(3) إثبات " بوجه عام " " قرائن " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
الأصل في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه . له تكوين عقديته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها . حد ذلك ؟
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
(4) إثبات " بوجه عام" " قرائن " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل" " تسبيبه . تسبيب غير معيب ". نقض" أسباب الطعن . ما لا يقبل منها".
صراحة الدليل في المواد الجنائية ودلالته مباشرة على الواقعة المراد إثباتها . غير لازم. كفاية أن يستخلص ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما يتكشف من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات.
خطأ الحكم في الإسناد . لا يعيبه . مادام لم يؤثر في عقيدة المحكمة .
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى وسلطة محكمة الموضوع في استنباط معتقدها. غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال.
(5) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره" . حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يتمسك به أمامها . غير جائز.
مثال.
(6) إثبات "بوجه عام" " اعتراف". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". حكم "تسبيبه . تسبيب غير معيب ". دفوع " الدفع ببطلان الاعتراف".
الاعتراف في المسائل الجنائية . من عناصر الاستدلال . تقدير صحته وقيمته في الإثبات. موضوعي . أخذ محكمة الموضوع به . مفاده ؟
للمحكمة الأخذ باعتراف المتهم وإن عدل عنه بعد ذلك . متى اطمأنت إلى صحته وهي ليست ملزمة بنص الاعتراف وظاهره . لها تجزئته واستنباط الحقيقة منه كما كشفت عنها.
ورود الاعتراف على الواقعة بكافة تفاصـــيلها . غير لازم . كفاية وروده على وقائع تستنتج منها المحكمة ومن باقي عناصر الدعوى اقتراف الجاني للجريمة.
مثال لتسبيب سائغ لاطراح الدفع ببطلان الاعتراف لكونه وليد إكراه.
(7) تزوير " الادعاء بالتزوير". دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره" . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل" " تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن . ما لا يقبل منها".    
الطعن بالتزوير في ورقة من أوراق الدعوى . من وسائل الدفاع الموضوعي . خضوعه لتقدير المحكمة . مؤدى ذلك ؟
الجدل الموضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى . غير جائز أمام محكمة النقض .
مثال.
(8) تزوير "الادعاء بالتزوير". دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ". نقض "أسباب الطعن . ما لا يقبل منها".
إثارة أساس جديد للدفع بالطعن بالتزوير لأول مرة أمام محكمة النقض . غير مقبول . علة ذلك ؟
(9) إثبات " بوجه عام ". محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . مادام سائغاً.
(10) إثبات " شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير أقوال الشهود".
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي.
أخذ محكمة الموضوع بشهادة الشهود . مفاده ؟
(11) إثبات " شهود ". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير أقوال الشهود". نقض "أسباب الطعن . ما لا يقبل منها".
 تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها . لا يعيب الحكم . مادام استخلاص الحقيقة من تلك الأقوال بما لا تناقض فيه .
   الجدل الموضوعي في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها . غير جائز أمام محكمة النقض .
(12) إثبات " بوجه عام" " شهود". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
     لمحكمة الموضوع الإعراض عن قالة شاهد النفي . مادامت لا تثق بما شهد به . قضاؤها بالإدانة لأدلة الثبوت التي بينتها. دلالته : اطراحها.
(13) حكم" ما لا يعيبه في نطاق التدليل" " تسبيبه. تسبيب غير معيب".
      التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته ؟
      مثال لما لا يعد تناقضاً في الحكم .
(14) توظيف أموال . إثبات " بوجه عام". محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في تقدير الدليل". حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".
     نعي الطاعن بعدم تلقيه الأموال بقصد توظيفها . منازعة في صورة الواقعة كما اقتنعت بها المحكمة . دفاع موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. علة ذلك ؟
(15) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" . نقض" أسباب الطعن . ما لا يقبل منها".
الجدل الموضوعي في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة . غير جائز.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن ببطلان القبض عليه لتجاوز مأمور الضبط القضائي اختصاصه المكاني واطرحه بقوله " ومن حيث إنه عن الدفع ببطلان القبض على المتهم الأول لحصوله بمعرفة مأمور ضبط قضائي خارج نطاق اختصاصه المكاني فمردود بأنه ولئن كان الأصل أن اختصاص مأمور الضبط القضائي مقصور على الجهات التي يؤدون فيها وظائفهم طبقاً للمادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية إلا أنه لما كان الأمر بالضبط والإحضار الصادر بتاريخ ... صدر من وكيل النيابة المختص بمكان ارتكاب جريمة تلقى الأموال بالمخالفة للقانون قد روعيت فيه هـذه الاعتبارات ومن ثم فإن ما أجراه مأمور الضبط القضائي في الدعوى من ضبط المتهم الأول خارج دائرة اختصاصه المكاني إنما كان في صدد الدعوى ذاتها التي بدأ تحقيقها على أساس وقوع واقعتها في دائرة اختصاصه فإن اختصاصه يمتد إلى جميع من اشتركوا فيها واتصلوا بها أينما كانوا ويجعل له الحق في مباشرة كل ما يخوله القانون من إجراءات سـواء في حق المتهم أو في حق غيره من المتصلين بالجريمة استناداً إلى نظرية الضـرورة الإجرائية إذ قد لا يستطاع مباشرة الإجراء بعد ذلك على الإطلاق أو لا يستطاع مباشرته على الوجه المحقق لغرضه . لما كان ذلك، فإن هذه المحكمة تقر ما أجراه مأمور الضبط القضائي من تنفيذ أمر الضبط والإحضار خارج نطاق اختصاصه المكاني استناداً إلى نظرية امتداد الاختصاص الذي تمليه نظرية الضرورة الإجرائية ومن ثم يكون ذلك الدفع في غير محله " . لما كان ذلك ، وكان من المـقرر في صحيح القانون أنه متى بدأ وكيل النيابة المختص في إجراءات التحقيق بدائرة اختصاصه المكاني ثم استوجبت ظروف التحقيق ومقتضياته متابعة الإجراءات وامتدادها خارج تلك الدائرة فإن هذه الإجراءات منه أو ممن يندبه لها تكون صحيحة لا بطلان فيها ، ولما كان الطاعن لا يماري في صحة صدور الأمر بضبطه وإحضاره من المختص به مكانياً للضابط الذي نفذه فإن للأخير أن ينفذ هذا الأمر على من صدر عليه أينما وجده طالما أن ظروف التحقيق ومقتضياته قد استوجبت ذلك، وكان الحكم قد استنتج في منطق سليم وتدليل سائغ قيام حالة الضرورة التي أملت على مأمور الضبط القضائي الصادر له الأمر بضبط وإحضار الطاعن أن يقبض عليه خارج نطاق اختصاصه المكاني وأن هذا الإجراء منه قد جاء صحيحاً موافقاً للقانون – وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره – فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.
2- لما كان الحكـم قد أورد بأسبابه أسماء المجني عليهم تحديداً كما ذكر المبالغ المالية التي سلموها للطاعن فإنه لا ينال من سلامته إيراد جزء من المبلغ بشكل إجمالي طالما أنه ذكر أسماء من دفعوا هذا المبلغ بشكل محدد كما لا ينال من سلامته قضاؤه في منـــطوقه بمبلغ الرد جملة ما دام قد أحال في تفصيلاته وأسماء أصحابه إلى ما ورد بأسبابه في هذا الخصوص إذ إن حجية الشيء المحكوم فيه كما ترد على منطوق الحكم ترد كذلك على ما يكمله ويوضحه ويدعمه من الأسباب. لما كانت الأسباب متصلة بالمنطوق اتصالاً وثيقاً لا ينقطع – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون عـلى غير أساس.
3- لما كان الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بنـاء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحـــيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه .
4- من المقرر أنه لا يشترط في الدليل في المواد الجنائية أن يكون صريحاً ودالاً مباشرة على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما يتكشف من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ، وكان البين من أقوال كافة المودعين – المجني عليهم – ومنهم من ذكرهم الطاعن بأسباب طعنه – حسبما أبان الحكم – أنهم حصلوا منه على إيصالات أمانة مقابل المبالغ التي سلموها إليه فإنه وعلى فرض صحة ما ذكره الطاعن بأسباب طعنه – من أن بعض من استشهد الحكم بأقوالهم في الإدانة قد ذكروا بمحضر الاستدلال أن الطاعن تسلم منهم أموالهم على سبيل الأمانة فإن ذلك لا ينفى تسلمه إياها بقصد توظيفها لهم ويكون ما أورده الحكم على ألسنتهم من أنه تسلمها منهم لتوظيفها هو استخلاص المحكمة من ظروف الدعوى وقرائنها ومن ترتيب النتائج على المقدمات للغرض الحقيقي من تلقى الطاعن لتلك الأموال من المجني عليهم حتى وإن كانت بموجب إيصالات أمانة كضمان لأموالهم وهو ما لا يُعد خطأ في الإسناد إذ ليس له أثر في عقيدة المحكمة وما انتهت إليه فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلـــة  الدعوى وسلطة محكمة الموضوع في استنباط معتقدها منها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
5- لما كان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطـاعن قـد أثـار ما يدعيه في أسباب طعنه بشأن المجني عليهما .... و.... فلا يقبل منه النعي على المحكمة بإغفال الرد على دفاع لم يتمسك به أمامها.
6- لما كان الحكم قد عرض لدفع الطاعن ببطلان اعترافه بالتحقيقات لكونه وليد إكراه واطرحه بقوله " ... وكان ما أثاره دفاع المتهم الأول بشأن بطلان اعترافه في تحقيقات النيابة العامة لوقوع إكراه عليه مردوداً بأن المتهم الأول ما أن مثل أمام النيابة العامة للتحقيق بتاريخ... أخبره وكيل النيابة المحقق أن النيابة العامة هي التي تقوم بالتحقيق وأحاطه علماً بالتهمة المسندة إليه وعقوبتها المقررة في القانون وأثر ما عساه يدلى به من أقوال دفعاً لها ، وثبوت قيام وكيل النيابة بفحص جسمه عله يجد به ثمة آثار تفيد التحقيق الذي ثبت خلوه من ثمة إصابات أو علامات ، وأدلى أمامه باعترافات تفصيلية عن وقائع تلقيه الأموال من الجمهور لتوظيفها واستثمارها في نشاطه في شراء وبيع كروت الشحن وبعدم قدرته على رد الأموال التي تلقاها وأقر أمامه بتوقيعه على إيصالات الأمانة والشيكات التي حررها ووقع عليها ضماناً للأموال التي تلقاها كما أقر حتى بتلقيه أموال دون أن يحرر بها إيصالات لتوظيفها واستثمارها في نشاطه ولم يذكر في اعترافاته التي تمت في حضور محاميه أن هذا الاعتراف أملى عليه أو أكره على الإدلاء به ومن ثم فإن القول ببطلان هذا الاعتراف للإكراه المادي والمعنوي يضحى قولاً عارياً من الدليل لاسيما وأن الدفاع لم يوضح كيفية إملاء هذه الأقوال عليه وماهية المصلحة المراد تحقيقها من ذلك ، وقد جاء اعترافه في مجمله متفقاً مع ما شهد به شهود الإثبات بالتحقيقات بما يؤكد ويجزم بمطابقة اعترافه للحقيقة والواقع ويدحض ما أثاره الدفاع في هذا الخصوص . لما كان ما تقدم، فإن المحكمة ترى أن الاعتراف سليم مما يشوبه وتطمئن إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع وأن ما أثاره الدفاع بشأن بطلان هذا الاعتراف إنما هو قول مرسل عار من الدليل وليس في الأوراق ما يظاهره أو يسانده ومن ثم فإن المحكمة تطرح هذا الدفاع وتعول على اعترافه كدليل عليه ". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ومتى خلصت إلى سلامة الدليل المستمد من الاعتراف – كالحال في الدعوى المطروحة – فإن مفاد ذلك أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ به، وللمحكمة سلطة مطلقة في الأخذ به وإن عدل عنه المتهم بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقـته للحقيقـة والـواقع، كما أنها ليست ملزمة في أخذها باعتراف المتهم أن تلتزم نصه وظاهره بل لها أن تجزئه وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشفت عنها ، ولا يلزم في الاعتراف أن يرد على الواقعة بكافة تفاصيلها بل يكفي فيه أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية والاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة ، ولما كان الطاعن لا يماري في أن ما حصله الحكم من اعترافه له أصله في الأوراق  وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى صحة ذلك الاعتراف ومطابقته للحقيقة والواقع فإن كافة ما يثيره الطاعن حول صحة اعترافه ومضمون ما انصب عليه لا يكون له محل .
7- من المقرر أن الطعن بالتزوير في ورقة من أوراق الدعوى هو من وسائل الدفاع التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع التي لا تلتزم بإجابته فيجوز لها ألا تحقق بنفسها الطعن بالتزوير وألا تحيله للنيابة العامة لتحقيقه إذا ما قدرت أن الطعن غير جدى وأن الدلائل عليه واهية ، ومع ذلك فقد أبان الحكم المطعون فيه أن المحكمة أجرت تحقيقاً في شأن ما أثاره الطاعن من أن التوقيع المنسوب إليه على إيصالات الأمانة التي قدمها المودعون ليس توقيعه وذلك في قوله "ومن حيث إن المحكمة تحقيقاً لدفاع المتهم في شأن إنكاره لتوقيعه على إيصالات الأمانة التي قدمها المودعون الذين تلقى منهم الأموال لتوظيفها واستثمـارها – رغم إقراره بتحقيقات النيابة العامة بتوقيعه عليها – عرضت المحكمة عليه بعضها عشوائياً فجحد توقيعه عليها فندبت المحكمة مدير عام أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لمضاهاة صلب بيانات إيصالات الأمانة والتوقيعات الثابتة بها على استكتابه لبعض بيانات صلب الإيصالات وتوقيعاته أمام المحكمة فباشر الخبير المأمورية وقدم تقريراً انتهى فيه إلى أن المتهم الأول " الطاعن " ، وهو الكاتب لإيصالات الأمانة الثمانية موضوع البحث صلباً وتوقيعاً فيما عدا الأسماء التي تسلم منها المبالغ الثابتة بها والأسماء الثابتة بخانة ( وذلك لتوصيلهم إلى السيد .....) وهذا الذي أورده الحكم كاف وسائغ للرد على دفاع الطاعن في هذا الشأن ولدحض ادعائه بأن المحكمة لم تجر تحقيقاً بشأن ذلك الدفاع ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل في حقيقته إلى جـدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
8- لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطـاعن بجلسة .... وإن دفع بالطعن بالتزوير على التوقيع المنسوب إليه والثابت بإيصالات الأمانة المقدمة من المجني عليه .... إلا أنه لم يدفع بالطعن بالتزوير على الأساس الذي يتحدث عنه بوجه الطعن – أي لكونه إكراه على التوقيع على الإيصالات – فلا يقبل منه أن يثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض لكونه يستلزم تحقيقاً موضوعياً تنحسر عنه وظيفتها.
9- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية مادام ذلك سليماً متفقاً مع حكم العقل والمنطق – كما هي الحال في الدعوى المطروحة.
10- من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغـير معقب ومتى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
11- من المقرر أن تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه – كالحال في الدعوى الماثلة – فإن كافة ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
12- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شاهد النفي ما دامت لا تثق بما شهد به ودون أن تكون ملزمة بالإشارة إلى أقواله أو الرد عليها رداً صريحاً، فقضاؤها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي بينتها يفيد دلالة أنها لم تطمئن إلى أقواله فاطرحتها، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل.
13- من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضهـا ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه وإن أورد في مدوناته اسم .... ضمن الأشخاص الذين قرروا بمحاضر جمع الاستدلالات أن الطاعن تلقى منهم أموالاً إلا أنه انتهى – من بعد – إلى أن المال الذي تلقاه منه لم يكن بقصد توظيفها أو استثمارها وإنما كان مقابل بضاعة داخل إطار معاملات تجارية بينهما وهو ما يبرر ما تناهت إليه المحكمة من استبعاد هذا المبلغ – تبعاً لذلك – من نطاق الأفعال المؤثمة التي دانت الطاعن بها واستتبع ذلك بالضرورة عـدم الاعتداد به فيما تضمنه الحكم من قضاء بالنسبة للأشخاص المجني عليهم الذين ألزمت المحكمة الطاعن برد أموالهم المنصوص عليها في منطوق الحكم ، ومن ثم تنتفى عـن الحكم قالة التناقض بشقيها التي رماه بها الطاعن .
14- لما كان ما يثيره الطـاعن من أنه لم يتلق الأموال بقصد توظيفها لا يعدو أن يكون منازعة في صورة الواقعة كما اقتنعت بها المحكمة وهو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل – في الأصل – رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم إذ حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها.
15- لما كان النعي بأن الواقعة – بفرض صحتها – لا تشكل سوى جنحة خيانة أمانة أو إعطاء شيك بدون رصيد لا يعدو أن يكون من قبيل المنازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
     اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما: أولاً : تلقيا أموالاً من الجمهور بلغ قدرها اثنين مليون وخمسمائة وثمانية وثمانين ألف جنيه مصري لتوظيفها واستثمارها في مجال شراء وبيع كروت شحن التليفون المحمول والمنزلية مقابل أرباح (9%) من أصل المبلغ المودع بعد العمل بأحكام القانون رقم 146 لسنة 1988 بإصدار قانون الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها على خلاف الأوضاع المقررة وحال كونهما غير مرخص لهما بمزاولة هذا النشاط على النحو المبين بأقوال محامي الهيئة العامة لسوق المال وعلى النحو المبين بالتحقيقات .
ثانياً: امتنعا عن رد الأموال المبينة سلفاً بالتهمة الأولى والمستحقة للمجني عليهم والتي تلقياهـا منهم بعد العمل بأحـكام القانون رقم 146 لسنة 1988 بشأن الشركات العامة في مجال تلقى الأموال لاستثمارها على النحو المبين بالتحقيقات.
وأحالتهما إلى محكمة جنايات "...." لمعاقبتهما طبقـاً للقـيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. 
والمحكمة المذكورة قضـت حضورياً للأول والثاني عملاً بالمواد 1/1 ، 21 /4،1، 26 من القانون رقم 146 لسنة 1988 بشأن الشركـات العاملة في مجال تلقى الأموال لاستثمارها مع إعمال المادة 32/2 مـن قانـون العقوبـات أولاً : بمعاقبة ..... الطاعن بالسجن لمدة سبع سنوات وبتغريمه خمسمائة ألف جنيه وبإلزامه برد مبلغ مليون وواحد ألف جنيه مصري للمودعين الواردة أسماؤهم بأسباب هذا الحكم وبنشر منطوق هذا الحكم بجريدة يومية واسعة الانتشار على نفقته وبإلزامه بأن يؤدي لكل من المودعين بالحقوق المدنية عدا.... مبلغ ألفين وواحد جنيه على سبيـل التعويض المؤقت . ثانياً: ببراءة المتهم ... مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية المقامة من ....
فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي تلقى أموال لتوظيفها على خلاف أحكام القانون والامتناع عن ردها إلى أصحابها قد شابه البطلان والقصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد وانطوى على إخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه اطرح بما لا يسوغ دفع الطاعن ببطلان القبض عليه لوقوعه خارج دائرة الاختصاص المكاني لمأمور الضبط القضائي ، وجاءت أسبابه مجهلة بالنسبة للرد المقضي به إذ أغفل تحديد المبالغ المطلوب ردها لكل ، وقد حصل الحكم أقوال الشهود - المجني عليهم - في الجملة بأن الطاعن تسلم أموالهم على سبيل توظيفها لحسابهم على الرغم من مخالفة ذلك للثابت من أقوال - بعضهم - بمحضر جمع الاستدلالات من أنهم سلموه أموالهم على سبيل الأمانة ، وهو ما قرر به بعضهم بجلسة المحاكمة ، وأغفل الدفع باستبعاد كل من ...و... المجني عليهما وكشاهدي إثبات لإقرارهما بمحضر الشرطة أن ما أخذه الطـــاعن منهما من نقود كان على سبيل القرض ، واطرح بما لا يصلح دفع الطاعن ببطلان اعترافه بالتحقيقات لأنه جاء نتيجة إكراه بعد إهـدار النيابة لكافة تظلماته ، وعول الحكم على ذلك الاعتراف رغم أنه لم ينصب على تلقيه أموالاً لتوظيفها وإنما تضمن أن تلقيه الأموال كان من خلال شركة بينه وبين زملائه الذين يعملون معه لدى إحدى الشركات التي تمارس تجارة كروت الشحن ورد بما لا يصلح على دفع الطاعن بأن توقيعاته على الإيصالات والشيكات جاءت وليدة إكراه بدلالة أقوال شاهد النفي ولم تعن المحكمة بتحقيق هذا الدفع واعتمد الحكم في اطراحه للدفع المذكور على نتيجـة الطعن بالتزوير على جزء من الإيصالات بشأن ما إذا كان التوقيع مطابقاً من عدمه رغم ما ورد بتقرير أبحاث التزييف والتزوير من أنه لم يكتب بخطه خانة الأسماء التي تسـلم منها المبالغ الثابتة بها وهو وما يؤيد أن توقيعاته على تلك الإيصالات جاءت كرهاً عنه، وجاءت أقوال الشهود متناقضة بشأن قيمة المبالغ التي دفعوها للطاعن بين ما قرره بمحاضر الشرطة قبل القبض عليه وبالتحقيقات بعد القبض عليه إذ ذكروا في الحالة الأخيرة مبالغ أكبر مما ذكروه في الحالة الأولى ، وتناقض الحكم في أسبابه حين استبعد في مستهلها اسم المودع ..... من الأسماء التي ألزم الطاعن برد أموالهم ثم عاد في موضوع آخر منها وأظهر له الحق في استرداد مبلغ لم يحدد قيمته ضمن مبلغ إجمالي قدره 435 ألف جنيه وتناقضت أسباب الحكم مع منطوقه حينما قضى للمودع سالف الذكر بالحصول على مبلغ مالي من الطاعن عندما ألزم الأخير برد مبلغ مليون وألف جنيه للمودعين المذكورين بالأسباب، وأخيراً فإن الواقعة لا تعدو أن تكون جنح خيانة أمانة وإعطاء شيكات بدون رصيد، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافـر به كافة العناصـر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن ببطلان القبض عليه لتجاوز مأمور الضبط القضائي اختصاصه المكاني واطرحه بقوله "ومن حيث إنه عن الدفع ببطلان القبض على المتهم الأول لحصوله بمعرفة مأمور ضبط قضائي خارج نطاق اختصاصه المكاني فمردود بأنه ولئن كان الأصل أن اختصاص مأمور الضبط القضائي مقصور على الجهات التي يؤدون فيها وظائفهم طبقاً للمادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية إلا أنه لما كان الأمر بالضبط والإحضار الصادر بتاريخ .... صدر من وكيل النيابة المختص بمكان ارتكاب جريمة تلقى الأموال بالمخالفة للقانون قد روعيت فيه هـذه الاعتبارات ومن ثم فإن ما أجراه مأمور الضبط القضائي في الدعوى من ضبط المتهم الأول خارج دائرة اختصاصه المكاني إنما كان في صدد الدعوى ذاتها التي بدأ تحقيقها على أساس وقوع واقعتها في دائرة اختصاصه فإن اختصاصه يمتد إلى جميع من اشتركوا فيها واتصلوا بها أينما كانوا ويجعل له الحق في مباشرة كل ما يخوله القانون من إجراءات سـواء في حق المتهم أو في حق غيره من المتصلين بالجريمة استناداً إلى نظرية الضـرورة الإجرائية إذ قد لا يستطاع مباشرة الإجراء بعد ذلك على الإطلاق أو لا يستطاع مباشرته على الوجه المحقق لغرضه . لما كان ذلك، فإن هذه المحكمة تقر ما أجراه مأمور الضبط القضائي من تنفيذ أمر الضبط والإحضار خارج نطاق اختصاصه المكاني استناداً إلى نظرية امتداد الاختصاص الذي تمليه نظرية الضرورة الإجرائية ومن ثم يكون ذلك الدفع في غير محله ". لما كان ذلك ، وكان من المقرر في صحيح القانون أنه متى بدأ وكيل النيابة المختص في إجراءات التحقيق بدائرة اختصاصه المكاني ثم استوجبت ظروف التحقيق ومقتضياته متابعة الإجراءات وامتدادها خارج تلك الدائرة فإن هذه الإجراءات منه أو ممن يندبه لها تكون صحيحة لا بطلان فيها ، ولما كان الطاعن لا يماري في صحة صدور الأمر بضبطه وإحضاره من المختص به مكانياً للضابط الذي نفذه فإن للأخير أن ينفذ هذا الأمر على من صدر عليه أينما وجده طالما أن ظروف التحقيق ومقتضياته قد استوجبت ذلك ، وكان الحكم قد استنتج في منطق سليم وتدليل سائغ قيام حالة الضرورة التي أملت على مأمور الضبط القضائي الصادر له الأمر بضبط وإحضار الطاعن أن يقبض عليه خارج نطاق اختصاصه المكاني وأن هذا الإجراء منه قد جاء صحيحاً موافقاً للقانون – وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره – فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك، وكان الحكـم قد أورد بأسبابه أسماء المجني عليهم تحديداً كما ذكر المبالغ المالية التي سلموها للطاعن فإنه لا ينال من سلامته إيراد جزء من المبلغ بشكل إجمالي طالما أنه ذكر أسماء من دفعوا هذا المبلغ بشكل محدد كما لا ينال من سلامته قضاؤه في منطوقه بمبلغ الرد جملة ما دام قد أحال في تفصيلاته وأسماء أصحابه إلى ما ورد بأسبابه في هذا الخصوص إذ إن حجية الشيء المحكوم فيه كما ترد على منطوق الحكم ترد كذلك على ما يكمله ويوضحه ويدعمه من الأسباب. لما كانت الأسباب متصلة بالمنطوق اتصالاً وثيقاً لا ينقطع – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون عـلى غير أساس. لما كان ذلك، وكان الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بنـاء على الأدلة المطروحة عليه فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه ، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، كما أنه لا يشترط في الدليل في المواد الجنائية أن يكون صريحاً ودالاً مباشرة على الواقعة المراد إثباتها بل يكفي أن يكون استخلاص ثبوتها منه عن طريق الاستنتاج مما يتكشف من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ، وكان البين من أقوال كافة المودعين – المجني عليهم – ومنهم من ذكرهم الطاعن بأسباب طعنه – حسبما أبان الحكم – أنهم حصلوا منه على إيصالات أمانة مقابل المبالغ التي سلموها إليه فإنه وعلى فرض صحة ما ذكره الطاعن بأسباب طعنه – من أن بعض من استشهد الحكم بأقوالهم في الإدانة قد ذكروا بمحضر الاستدلال أن الطاعن تسلم منهم أموالهم على سبيل الأمانة فإن ذلك لا ينفي تسلمه إياها بقصد توظيفها لهم ويكون ما أورده الحكم على ألسنتهم من أنه تسلمها منهم لتوظيفها هو استخلاص المحكمة من ظروف الدعوى وقرائنها ومن ترتيب النتائج على المقدمات للغرض الحقيقي من تلقى الطاعن لتلك الأموال من المجني عليهم حتى وإن كانت بموجب إيصالات أمانة كضمان لأموالهم وهو ما لا يُعد خطأ في الإسناد إذ ليس له أثر في عقيدة المحكمة وما انتهت إليه فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى وسلطة محكمة الموضوع في استنباط معتقدها منها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك، وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن قد أثار ما يدعيه في أسباب طعنه بشأن المجني عليهما .... و.... فلا يقبل منه النعي على المحكمة بإغفال الرد على دفاع لم يتمسك به أمامها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفع الطاعن ببطلان اعترافه بالتحقيقات لكونه وليد إكراه واطرحه بقوله " ... وكان ما أثاره دفاع المتهم الأول بشأن بطلان اعترافه في تحقيقات النيابة العامة لوقوع إكراه عليه مردوداً بأن المتهم الأول ما أن مثل أمام النيابة العامة للتحقيق بتاريخ ... أخبره وكيل النيابة المحقق أن النيابة العامة هي التي تقوم بالتحقيق وأحاطه علماً بالتهمة المسندة إليه وعقوبتها المقررة في القانون وأثر ما عساه يدلى به من أقوال دفعاً لها ، وثبوت قيام وكيل النيابة بفحص جسمه عله يجد به ثمة آثار تفيد التحقيق الذي ثبت خلوه من ثمة إصابات أو علامات ، وأدلى أمامه باعترافات تفصيلية عن وقائع تلقيه الأموال من الجمهور لتوظيفها واستثمارها في نشاطه في شراء وبيع كروت الشحن وبعدم قدرته على رد الأموال التي تلقاها وأقر أمامه بتوقيعه على إيصالات الأمانة والشيكات التي حررها ووقع عليها ضماناً للأموال التي تلقاها كما أقر حتى بتلقيه أموال دون أن يحرر بها إيصالات لتوظيفها واستثمارها في نشاطه ولم يذكر في اعترافاته التي تمت في حضور محاميه أن هذا الاعتراف أملى عليه أو أكره على الإدلاء به ومن ثم فإن القول ببطلان هذا الاعتراف للإكراه المادي والمعنوي يضحى قولاً عارياً من الدليل لاسيما وأن الدفاع لم يوضح كيفية إملاء هذه الأقوال عليه وماهية المصلحة المراد تحقيقها من ذلك، وقد جاء اعترافه في مجمله متفقاً مع ما شهد به شهود الإثبات بالتحقيقات بما يؤكد ويجزم بمطابقة اعترافه للحقيقة والواقع ويدحض ما أثاره الدفاع في هذا الخصوص . لما كان ما تقدم، فإن المحكمة ترى أن الاعتراف سليم مما يشوبه وتطمئن إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع وأن ما أثاره الدفاع بشأن بطلان هذا الاعتراف إنما هو قول مرسل عار من الدليل وليس في الأوراق ما يظاهره أو يسانده ومن ثم فإن المحكمة تطرح هذا الدفاع وتعول على اعترافه كدليل عليه ". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات ومتى خلصت إلى سلامة الدليل المستمد من الاعتراف – كالحال في الدعوى المطروحة – فإن مفاد ذلك أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ به، وللمحكمة سلطة مطلقة في الأخذ به وإن عدل عنه المتهم بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقـته للحقيقة والواقع، كما أنها ليست ملزمة في أخذها باعتراف المتهم أن تلتزم نصه وظاهره بل لها أن تجزئه وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشفت عنها ، ولا يلزم في الاعتراف أن يرد على الواقعة بكافة تفاصيلها بل يكفي فيه أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية والاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة ، ولما كان الطاعن لا يمارى في أن ما حصله الحكم من اعترافه له أصله في الأوراق ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى صحة ذلك الاعتراف ومطابقته للحقيقة والواقع فإن كافة ما يثيره الطاعن حول صحة اعترافه ومضمون ما انصب عليه لا يكون له محل . لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطعن بالتزوير في ورقة من أوراق الدعوى هو من وسائل الدفاع التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع التي لا تلتزم بإجابته فيجوز لها ألا تحقق بنفسها الطعن بالتزوير وألا تـحيله للنيابة العامة لتحقيقه إذا ما قدرت أن الطعن غير جدى وأن الدلائل عليه واهية ، ومع ذلك فقد أبان الحكم المطعون فيه أن المحكمة أجرت تحقيقاً في شأن ما أثاره الطاعن من أن التوقيع المنسوب إليه على إيصالات الأمانة التي قدمها المودعون ليس توقيعه وذلك في قوله " ومن حيث إن المحكمة تحقيقاً لدفاع المتهم في شأن إنكاره لتوقيعه على إيصالات الأمانة التي قدمها المودعون الذين تلقى منهم الأموال لتوظيفها واستثمارها – رغم إقراره بتحقيقات النيابة العامة بتوقيعه عليها – عرضت المحكمة عليه بعضها عشوائياً فجحد توقيعه عليها فندبت المحكمة مدير عام أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لمضاهاة صلب بيانات إيصالات الأمانة والتوقيعات الثابتة بها على استكتابه لبعض بيانات صلب الإيصالات وتوقيعاته أمام المحكمة فباشر الخبير المأمورية وقدم تقريراً انتهى فيه إلى أن المتهم الأول "الطاعن" ، وهو الكاتب لإيصالات الأمانة الثمانية موضوع البحث صلباً وتوقيعاً فيما عدا الأسماء التي تسلم منها المبالغ الثابتة بها والأسماء الثابتة بخانة ( وذلك لتوصيلهم إلى السيد... ) وهذا الذي أورده الحكم كاف وسائغ للرد على دفاع الطاعن في هذا الشأن ولدحض ادعائه بأن المحكمة لم تجر تحقيقاً بشأن ذلك الدفاع ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل في حقيقته إلى جـدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أن البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطـاعن بجلسة .... وإن دفع بالطعن بالتزوير على التوقيع المنسوب إليه والثابت بإيصالات الأمانة المقدمة من المجني عليه .... إلا أنه لم يدفع بالطعن بالتزوير على الأساس الذي يتحدث عنه بوجه الطعن – أي لكونه أكره على التوقيع على الإيصالات – فلا يقبل منه أن يثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض لكونه يستلزم تحقيقاً موضوعياً تنحسر عنه وظيفتها. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقــل والمنطق وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليماً متفقاً مع حكم العقل والمنطق – كما هي الحال في الدعوى المطروحة – وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغـير معقب ومتى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيـــد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه – كالحال في الدعوى الماثلة – فإن كافة ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شاهد النفي ما دامت لا تثق بما شهد به ودون أن تكون ملزمة بالإشارة إلى أقواله أو الرد عليها رداً صريحاً، فقضاؤها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي بينتها يفيد دلالة أنها لم تطمئن إلى أقواله فاطرحتها، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضهـا ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه وإن أورد في مدوناته اسم .... ضمن الأشخاص الذين قرروا بمحاضر جمع الاستدلالات أن الطاعن تلقى منهم أموالاً إلا أنه انتهى – من بعد – إلى أن المال الذي تلقاه منه لم يكن بقصد توظيفها أو استثمارها وإنما كان مقابل بضاعة داخل إطار معاملات تجارية بينهما وهو ما يبرر ما تناهت إليه المحكمة من استبعاد هذا المبلغ – تبعاً لذلك – من نطاق الأفعال المؤثمة التي دانت الطاعن بها واستتبع ذلك بالضرورة عدم الاعتداد به فيما تضمنه الحكم من قضاء بالنسبة للأشخاص المجني عليهم الذين ألزمت المحكمة الطاعن برد أموالهم المنصوص عليها في منطوق الحكم  ومن ثم تنتفى عـن الحكـم قالة التناقض بشقيها التي رماه بها الطاعن . لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطـاعن من أنه لم يتلق الأموال بقصد توظيفها لا يعدو أن يكون منازعة في صورة الواقعة كما اقتنعت بها المحكمة وهو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل – في الأصل – رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم إذ حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها. لما كان ذلك، وكان النعي بأن الواقعة – بفرض صحتها – لا تشكل سوى جنحة خيانة أمانة أو إعطاء شيك بدون رصيد لا يعدو أن يكون أيضاً من قبيل المنازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 24542 لسنة 73 ق جلسة 15 / 3 / 2010 مكتب قني 61 ق 32 ص 260

جلسة 15 من مارس سنة 2010
برئاسة السيد القاضي/ أحمد جمال الدين عبد اللطيف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / نبيه زهران نائب رئيس المحكمة ، وعطية أحمد عطية ، وحسين النخلاوي ونصر ياسين .
-----------
(32)
الطعن 24542 لسنة 73 ق
(1) نقض "أسباب الطعن . إيداعها " .
التقرير بالطعن بالنقض دون إيداع أسبابه . أثره : عدم قبول الطعن شكلاً .
(2) مواد مخدرة . عقوبة " العقوبة التكميلية " . قانون " تفسيره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ". مصادرة .
   نص المادة 42 من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 . دلالته ؟
 تقدير استخدام الأدوات ووسائل النقل في ارتكاب الجريمة . موضوعي.
   عدم قضاء المحكمة بمصادرة السيارة المضبوطة وخلو مدونات حكمها مما يرشح استخدامها في ارتكاب الجريمة . مفاده : أن المحكمة لم تر لها دوراً في ارتكاب الجريمة . صحيح.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الطاعن وإن قرر بالطعن بالنقض ، إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه فيكون غير مقبول شكلاً .
   2- من المقرر أن ما تضمنه نص المادة  42 من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مُكافحة المُخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها من أن يُحكم في جميع الأحوال بمُصادرة الأدوات ووسائل النقل المضبوطة التي تكون قد استُخدِمَت في ارتكاب الجريمة ، يَدل على أن الشارع يريد بالأدوات ووسائل النقل المضبوطة التي تكون قد استُخدِمَت في ارتكاب الجريمة ، تلك الأدوات ووسائل النقل التي استخدمها الجاني لكي يستزيد من إمكاناتـه لتنفيذ الجريمة أو تيسير ارتكابها أو تخطي عقبات تعترض تنفيذها ، وكان تقدير ما إذا كانت الأدوات ووسائل النقل قد استُخدِمَت في ارتكاب الجريمة ، بهذا المعنى ، أم لا ، إنما يُعَد من إطلاقات قاضي الموضوع ، فإن المحكمة، في الدعوى الماثلة ، إذ لم تقض بمُصادرة السيارة المضبوطة ، وخلت مدونات حكمها مما يرشح أنها قد استُخدِمَت كي يستزيد الجاني من إمكاناته لتنفيذ الجريمة ، فإن مفاد ذلك ولازمه أنها لم تر أن للسيارة دوراً أو شأناً في ارتكاب الجريمة، ولا تكون قد جانبت التطبيق القانوني السليم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
    اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه : أحرز نبات الحشيش المخدر وكان ذلك بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً.
  وأحالته إلى محكمة جنايات ... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمـواد 29، 38/1 ، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المُعَدَّل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم (1) من الجدول رقم (5) المُرفق بمُعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وتغريمه خمسين ألف جُنيه ومُصادرة النبات المخدر المضبوط ، باعتبار أن الإحراز مُجرد من القصود المسماة .
فطعن المحكوم عليه والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعن وإن قرر بالطعن بالنقض ، إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه فيكون غير مقبول شكلاً .
وحيث إن طعن النيابة العامة قد استوفى الشكل المقرر في القانون .
وحيث إنها تنعى على الحكم المطعون فيه مُخالفة القانون ، ذلك بأنه غفل عن القضاء بمُصادرة السيارة المضبوطة بالمُخالفة لنص المادة 42 من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مُكافحة المُخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها .
وحيث إن ما تضمنه نص المادة 42 من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مُكافحة المُخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها من أن يُحكم في جميع الأحوال بمُصادرة الأدوات ووسائل النقل المضبوطة التي تكون قد استُخدِمَت في ارتكاب الجريمة، يَدل على أن الشارع يريد بالأدوات ووسائل النقل المضبوطة التي تكون قد استُخدِمَت في ارتكاب الجريمة تلك الأدوات ووسائل النقل التي استخدمها الجاني لكي يستزيد من إمكاناته لتنفيذ الجريمة أو تيسير ارتكابها أو تخطي عقبات تعترض تنفيذها ، وكان تقدير ما إذا كانت الأدوات ووسائل النقل قد استُخدِمَت في ارتكاب الجريمة ، بهذا المعنى، أم لا ، إنما يُعَد من إطلاقات قاضي الموضوع ، فإن المحكمة ، في الدعوى الماثلة، إذ لم تقض بمُصادرة السيارة المضبوطة  وخلت مدونات حكمها مما يرشح أنها قد استُخدِمَت كي يستزيد الجاني من إمكاناته لتنفيذ الجريمة ، فإن مفاد ذلك ولازمه أنها لم تر أن للسيارة دوراً أو شأناً في ارتكاب الجريمة ، ولا تكون قد جانبت التطبيق القانوني السليم . وحيث إنه لما تقدم ، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه .
 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ