الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 27 يونيو 2023

الطعن 668 لسنة 47 ق جلسة 8 / 4 / 1979 مكتب فني 30 ج 2 ق 198 ص 72

جلسة 8 من أبريل سنة 1979

برئاسة السيد المستشار محمد فاضل المرجوشي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد شيبه الحمد؛ إبراهيم هاشم، عبد السلام إبراهيم القرش وعبد الوهاب أحمد حسن سليم.

--------------

(198)
الطعن رقم 668 لسنة 47 القضائية

عمل. "تسكين العمال".
العاملون بشركة المجمعات الاستهلاكية. سريان قواعد التسكين عليهم الصادرة باللائحة 3546 لسنة 1962. علة ذلك.

--------------
نصت المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 1956 لسنة 1963 على أن "تسري أحكام لائحة نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة الصادر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 3546 لسنة 1962 على العاملين في الجمعيات التعاونية التي تساهم فيها الدولة"، كما نصت المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 2274 لسنة 1964 بتعديل القرار الجمهوري رقم 1956 لسنة 1963 على أن "تسري أحكام لائحة نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة الصادر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 3546 لسنة 1964 على العاملين في الجمعيات التعاونية التي تساهم فيها الدولة والتي يصدر بتحديدها قرار من الوزير المختص" وإذ أصدر وزير التموين القرار رقم 380 لسنة 1964 بسريان هذه اللائحة على الجمعية التعاونية الاستهلاكية المركزية، فإنه يتعين الالتزام بتطبيق أحكامها في خصوص تسكين العاملين لدى الشركة الطاعنة المنسلخة عن الجمعية التعاونية الاستهلاكية المركزية على أساس أنها خضعت لأحكام اللائحة الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 3546 لسنة 1962 بموجب القرارات المشار إليها، لما كان ذلك. وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، ولم يعمل في شأن تسكين المطعون ضده أحكام اللائحة السالفة الذكر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الشركة الطاعنة الدعوى رقم 1002 سنة 1972 عمال كلي جنوب القاهرة بطلب الحكم بتسكينه بالفئة المالية الخامسة اعتباراً من 1/ 7/ 1967 مع ما يترتب على ذلك من آثار وقال بياناً لها أنه التحق بالعمل كمحام لدى الجمعية التعاونية الاستهلاكية المركزية في 5/ 8/ 1963 بأجر شهري قدره 20 جنيهاً وإذ انسلخت الشركة الطاعنة عن تلك الجمعية فقد أجرت توصيف وتقييم وتعادل وظائفها بالتطبيق للقرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 وتم اعتماد الجداول من مجلس الوزراء في 24/ 9/ 1966 بعد سريان القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966، وتنفيذاً لذلك سوت حالته بتسكينه بالفئة المالية السادسة اعتباراً من 1/ 7/ 1964 في حين أنه كان يتعين أن تسوى حالته على الفئة المالية الخامسة اعتباراً من 1/ 7/ 1967 بالإعمال لأحكام القرار الجمهوري رقم 3309 لسنة 1966، فأقام دعواه بطلباته المتقدمة - وبتاريخ 16/ 11/ 1972 قضت المحكمة بندب مكتب الخبراء لأداء المأمورية المبينة بمنطوق الحكم، وبعد أن أودع الخبير تقريره قضت في 20/ 1/ 1975 بإعادة المأمورية إلى المكتب السابق ندبه لاستكمال ما توضح بالحكم، وبعد أن قدم الخبير تقريره الأخير، حكمت في 22/ 3/ 1966 بأحقية المطعون ضده في التسكين بالفئة المالية الخامسة اعتباراً من 1/ 7/ 1967 وبإلزام الطاعنة بأن تؤدي إليه 357 ج و250 م استأنفت الطاعنة ذلك الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 603 سنة 93 ق، وبتاريخ 9/ 4/ 1977 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف - طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها نقض الحكم، وعرض الطعن على غرفة المشورة، وتحدد لنظره جلسة 11/ 3/ 1979 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة بالسبب الأول من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك تقول أنه بتاريخ 5/ 8/ 1963 التحق المطعون ضده بالجمعية التعاونية الاستهلاكية المركزية التي خضعت لأحكام اللائحة رقم 3546 لسنة 1962 بموجب القرار الجمهوري رقم 1956 لسنة 1963 الصادر بتاريخ 28/ 8/ 1963 وقرار وزير التموين رقم 380 لسنة 1964، وأنه عملاً بالمادتين 63، 64 من اللائحة 3546 لسنة 1962 قامت الجمعية التعاونية الاستهلاكية المركزية بوصف وتقييم وظائفها في جداول اعتمدها رئيس مجلس إدارة المؤسسة في 29/ 6/ 1966 وصدق عليها مجلس الوزراء في 24/ 9/ 1966 وقد قامت بتسكين المطعون ضده بالفئة المالية السادسة اعتباراً من 1/ 7/ 1964، لما أوجبه قرار رئيس الجمهورية رقم 2709 لسنة 1966 من رد أقدمية جميع العاملين الخاضعين لأحكام اللائحة رقم 3546 لسنة 1962 عند تسكينهم إلى ذلك التاريخ، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى تسكين المطعون ضده بالفئة الخامسة اعتباراً من 1/ 7/ 1967 قولاً بأن جداول تعادل وظائف الجمعية التعاونية الاستهلاكية المركزية تم التصديق عليها من مجلس الوزراء في 24/ 9/ 1966 بعد صدور اللائحة رقم 3309 لسنة 1966 بتاريخ 28/ 8/ 1966، ومن ثم تكون اللائحة الأخيرة هي دون غيرها الواجبة التطبيق مما يتعين معه أن تكون تسوية حالة المطعون ضده اعتباراً من 1/ 7/ 1971 وهو تاريخ أول السنة المالية التالية لتاريخ تصديق مجلس الوزراء على جداول التعادل بالشركة الطاعنة في 24/ 9/ 1966، فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كانت المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 1956 لسنة 1963 الصادر في 28/ 8/ 1963 قد نصت على أن "تسري أحكام لائحة نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة الصادر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 3546 لسنة 1962 على العاملين في الجمعيات التعاونية التي تساهم فيها الدولة". كما نصت المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 2274 لسنة 1964 بتعديل القرار الجمهوري رقم 1956 لسنة 1963 على أن "تسري أحكام لائحة نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة الصادر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 3546 لسنة 1964 على العاملين في الجمعيات التعاونية التي تساهم فيها الدولة والتي يصدر بتحديدها قرار من الوزير المختص "وإذ أصدر وزير التموين القرار رقم 380 لسنة 1964 في 12/ 12/ 1964 بسريان هذه اللائحة على الجمعية التعاونية الاستهلاكية المركزية، فإنه يتعين الالتزام بتطبيق أحكامها في خصوص تسكين العاملين لدى الشركة الطاعنة المنسلخة عن الجمعية التعاونية الاستهلاكية المركزية على أساس أنها خضعت لأحكام اللائحة الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 3546 لسنة 1962 بموجب القرارات المشار إليها، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، ولم يعمل في شأن تسكين المطعون ضده أحكام اللائحة السالفة الذكر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 699 لسنة 45 ق جلسة 8 / 4 / 1979 مكتب فني 30 ج 2 ق 197 ص 67

جلسة 8 من إبريل سنة 1979

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد فاضل المرجوشي وعضوية السادة المستشارين: أحمد شيبه الحمد، أحمد شوقي المليجي، عبد السلام إبراهيم القرش وعبد الوهاب أحمد حسن سليم.

----------------

(197)
الطعن رقم 699 لسنة 45 القضائية

(1، 2) تأمينات اجتماعية "المعاش". عمل "الأجر الإضافي".
(1) ملحقات الأجر غير الدائمة. ماهيتها. الأجر الإضافي مقابل الزيادة في ساعات العمل المقررة. أجر متغير مرتبط بالظروف الطارئة.
(2) الأجر الإضافي مقابل تشغيل للعامل ساعات إضافية. عدم دخوله في حساب المعاش المستحق له. لا يغير من ذلك حصوله عليه طوال مدة عمله.

----------------
1 - الأصل في استحقاق الأجر وعلى ما جرى به نص المادة الثالثة من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 أنه لقاء العمل الذي يقوم به العامل، وأما ملحقات الأجر فمنها ما لا يستحقه العامل إلا إذا تحققت أسبابها فهي ملحقات غير دائمة وليس لها صفة الثبات والاستقرار - أما - الأجر الإضافي إنما يقابل زيادة طارئة في ساعات العمل المقررة لمواجهة حاجة العمل وفق ظروفه، وهو بهذه المثابة يعتبر أجراً متغيراً مرتبطاً بالظروف الطارئة للإنتاج بما تقتضيه من زيادة ساعات العمل عن المواعيد القانونية.
2 - النص في المادة 76 من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون رقم 63 لسنة 1964 - الذي يحكم واقعة الدعوى - على أن "تربط المعاشات والتعويضات التي تستحق وفقاً لأحكام هذا الباب على أساس متوسط الأجر الشهري الذي سدد عنه الاشتراك خلال السنتين الأخيرتين أو مدة الاشتراك في التأمين إن قلت عن ذلك......"، يواجه الغالب الأعم من صور تحديد الأجر على وجه ثابت لا يبنى على احتمال ولا يرتبط بظروف أخرى تقرره، فلا يتأتى تطبيقه على الأجر الإضافي الذي هو في طبيعته القانونية يرتبط بحاجة العمل ذاته إلى تشغيل العمال ساعات إضافية إلى جانب ساعات العمل المحدودة قانوناً. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وقضى برفض دعوى الطاعنين فإنه لا يكون قد خالف القانون، ولا ينال منه ما أثبته الخبير عن منح الطاعنين الأجر الإضافي طول مدة عملهم بالشركة، إذ تبقى لهذا الأجر مع ذلك طبيعته القانونية باعتباره أجراً متغيراً لا يدخل بوصفه هذا في حساب المؤمن عليهم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنتين أقاموا الدعوى رقم 1262 سنة 1970 عمال كلي الإسكندرية على المطعون ضدهما، وطلبوا الحكم بإلزام المطعون ضدها الأولى - الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية - بإعادة تسوية المعاش المستحق لكل منهم على أساس إضافة الأجر الإضافي الذي كانوا يتقاضونه أثناء مدة عملهم لدى المطعون ضدها الثانية - الشركة..... - إلى أجورهم الأصلية، وبفروق المعاش من تاريخ انتهاء خدمة كل منهم وحتى السداد، وقالوا بياناً لدعواهم أنهم كانوا يعملون لدى الشركة المطعون ضدها الثانية ويتقاضون أجوراً إضافية مستمرة ومنتظمة مع أجورهم الأصلية، إلا أن الشركة كانت تسدد اشتراكات التأمين للهيئة المطعون ضدها الأولى محسوبة على أساس أجورهم الأصلية فقط، وعندما طالبتها الهيئة بسداد اشتراكات التأمين عن الأجور الإضافية التي تدفعها للعاملين لديها أقامت ضدها النزاع رقم 1260 سنة 1968 تحكيم عام بطلب عدم أحقية الهيئة في مطالبتها بهذه الاشتراكات، وقضي برفض طلبها، وإذ رفضت الهيئة تسوية معاشاتهم على أساس ما يتقاضونه من أجور إضافية وقامت بتسويتها على أساس أجورهم الأصلية فقط، فقد أقاموا الدعوى بطلباتهم السالف البيان. وبتاريخ 27/ 4/ 1971 قضت المحكمة بندب خبير لأداء المهمة المبينة بمنطوق الحكم، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت في 28/ 2/ 1974 بإعادة المأمورية إليه لاستكمالها على الوجه المبين بالحكم وبعد أن قدم الخبير تقريره الأخير حكمت في 27/ 6/ 1974 بتسوية معاش الطاعن الأول الشهري باعتباره 49 جنيه و59 مليم ومعاش الطاعن الثاني الشهري باعتباره 36 جنيه و288 مليم ومعاش الطاعن الثالث الشهري باعتباره 38 جنيه و545 مليم وبإلزام المطعون ضدها الأولى بأن تؤدي إلى الطاعن الأول مبلغ 140 جنيه و712 مليم وإلى الطاعن الثاني مبلغ 36 جنيه و288 مليم وإلى الطاعن الثالث مبلغ 50 جنيه و446 مليم استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية وقيد استئنافها برقم 609 سنة 30 ق، كما استأنفته المطعون ضدها الثانية أمام ذات المحكمة وقيد استئنافها برقم 615 سنة 30 ق، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين حكمت في 12/ 4/ 1975 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت لنظره أخيراً جلسة 4/ 3/ 1979 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنون بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون من ثلاثة أوجه، وفي بيان الوجهين الثاني والثالث منهما يقولون أن الهيئة المطعون ضدها الأولى أقرت في محضر أعمال الخبير بأنها لا تمانع في إعادة تسوية معاشاتهم على أساس حساب الأجر الإضافي مع حفظ حقها في الرجوع على الشركة باشتراكات التأمين وفقاً للحكم الصادر في النزاع رقم 1260 سنة 1968 تحكيم عام، وهو إقرار تحاج به الهيئة، وإذ أطرح الحكم المطعون فيه هذا الإقرار وقضى برفض دعوى الطاعنين على خلاف حكم هيئة التحكيم المشار إليه الذي قضى في النزاع بين الهيئة والشركة على تحصيل اشتراكات التأمين من الأجور الإضافية برفض طلب الشركة على سند من القول بأن الأجر في حكم قانون التأمينات الاجتماعية هو كل ما يحصل عليه العامل لقاء عمله مهما كان نوعه، فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان الطاعنين لم يقدموا صورة رسمية من محضر أعمال الخبير أو حكم هيئة التحكيم السالف الذكر، فإن هذا النعي يضحى بغير دليل.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الأول من السبب الأول وبالسبب الثاني للطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقولون أن المادة الأولى من قانون التأمينات رقم 63 لسنة 1964 والمادتين 3، 42 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 والمادة 683 من القانون المدني حددت الأجر بأنه كل ما يحصل عليه العامل لقاء عمله سواء أكان هذا العمل أصلياً أم إضافياً، وطالما كان العمل الإضافي متصفاً بالدوام والاستمرار فإنه يتعين إدخاله في حساب الأجر الذي يسوي عليه المعاش، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى في قضائه على أن الأجر الإضافي الذي أثبت خبير الدعوى أن الطاعنين كانوا يتقاضونه بصفة مستمرة ومنتظمة لا يعتبر عنصراً أساسياً من عناصر الأجر الذي يدخل في تسوية المعاش بمقولة أنه لا يتميز بالثبات والاستقرار، فإنه يكون قد خالف القانون وشابه الفساد في الاستدلال لمخالفته الثابت بتقرير الخبير.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان الأصل في استحقاق الأجر وعلى ما جرى به نص المادة الثالثة من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 - لسنة 1959 أنه لقاء العمل الذي يقوم به العامل، أما ملحقات الأجر فمنها ما لا يستحقه العامل إلا إذا تحققت أسبابها فهي ملحقات غير دائمة وليس لها صفة الثبات والاستقرار، وكان الأجر الإضافي إنما يقابله زيادة طارئة في ساعات العمل المقررة لمواجهة حاجة العمل وفق ظروفه، وهو بهذه المثابة يعتبر أجراً متغيراً - مرتبطاً بالظروف الطارئة للإنتاج بما قد تقتضيه من زيادة ساعات العمل عن المواعيد القانونية، وكان النص في المادة 76 من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون رقم 63 لسنة 1964 - الذي يحكم واقعة الدعوى - على أن "تربط المعاشات والتعويضات التي تستحق وفقاً لأحكام هذا الباب على أساس متوسط الأجر الشهري الذي سدد عنه الاشتراك خلال السنتين الأخيرتين أو مدة الاشتراك في التأمين إن قلت عن ذلك......" يواجه الغالب الأعم من صور تحديد الأجر على وجه ثابت لا يبنى على احتمال ولا يرتبط بظروف أخرى تقرره، فلا يتأتى تطبيقه على الأجر الإضافي الذي هو في طبيعته القانونية يرتبط بحاجة العمل ذاته إلى تشغيل العمال ساعات إضافية إلى جانب ساعات العمل المحددة قانوناً. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأقام قضاءه برفض دعوى الطاعنين على قوله "أن الأجر الإضافي باعتباره مرتبطاً بما يقرر نظيراً له من عمل وجوداً وعدماً لا يعتبر بطبيعة عنصراً أساسياً من عناصر الأجر الذي يتعين في مجال احتساب المعاش أن يتميز بالثبات والاستقرار إلا فيما يطرأ عليه زيادات منتظمة مثل علاوات الترقية أو العلاوات الدورية، وذلك كله حتى يمكن بسهولة احتساب ما يسدد عن هذا الأجر من اشتراكات تقوم جهة العمل بسداد جزء منها بينما تخصم الجزء الآخر من أجر العامل". فإنه لا يكون قد خالف القانون. ولا ينال منه ما أثبته الخبير عن منح الطاعنين الأجر الإضافي مدة عملهم بالشركة إذ تبقى لهذا الأجر مع ذلك طبيعته القانونية باعتباره أجراً متغيراً لا يدخل بوصفه هذا في حساب معاش المؤمن عليهم.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 688 لسنة 48 ق جلسة 7 / 4 / 1979 مكتب فني 30 ج 2 ق 196 ص 63

جلسة 7 من أبريل سنة 1979

برئاسة السيد المستشار الدكتور مصطفى كيرة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: حسن السنباطي، رأفت عبد الرحيم، محمد حسب الله وحسن البكري.

----------------

(196)
الطعن رقم 688 لسنة 48 القضائية

تأمينات اجتماعية. "إصابة العمل". قانون.
استشهاد العامل في العمليات الحربية أثناء فترة تجنيده لا تعد إصابة عمل وفقاً لأحكام قانون التأمينات الاجتماعية سريان أحكام القانون 116 لسنة 1964 بشأن معاشات القوات المسلحة دون القانون 47 لسنة 1974 بشأن إصابة العمال المدنيين في العمليات الحربية.

----------------
إذ كانت المادة الأولى من القانون رقم 116 لسنة 1964 في شأن المعاشات والمكافآت والتأمين والتعويض للقوات المسلحة قد نصت على أن تسري أحكامه على الجنود المجندين والجنود الاحتياط المستدعون للخدمة بالقوات المسلحة، وقد نظم هذا القانون أحكام تقريرات منح ومعاشات ومكافآت لمن يصاب من هؤلاء خلال فترة تجنيدهم أو يستشهد في العمليات الحربية أو بسبب الخدمة العسكرية، ولما كان الثابت من تقريرات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أن مورث المطعون ضدهما قد استشهد في العمليات الحربية أثناء فترة تجنيده بالقوات المسلحة، فقررت لهما الحقوق المستحقة وفقاً لأحكام ذلك القانون ومنها معاش الاستشهاد. ولما كان ذلك، فإن استشهاد مورثهما أثناء فترة تجنيده لا تعتبر إصابة عمل وفقاً لأحكام قانون التأمينات الاجتماعية استناداً إلى حكم القانون رقم 47 لسنة 1974 الذي ينص في مادته على اعتبار الإصابة التي تقع للعاملين المنتفعين بأي من قوانين التأمين والمعاشات أو التأمينات الاجتماعية بسبب الاعتداءات العسكرية إصابة عمل في تطبيق أحكام هذه القوانين، إذ يبين من مذكرته الإيضاحية أن نطاق تطبيقه مقصوراً على العاملين المدنيين الذين تحدث إصابتهم بسبب الاعتداءات العسكرية ولو كانوا في أماكن خارج أماكن عملهم، ولا يمتد حكم هذا القانون إلى العاملين المدنيين المجندين بالقوات المسلحة والذين يصابون أو يستشهدون في العمليات الحربية أو بسبب الخدمة العسكرية إذ أن هؤلاء يخضعون لحكم القانون رقم 116 لسنة 1964 والذي حل محله القانون رقم 90 لسنة 1975.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهما أقاما الدعوى رقم 145 سنة 1975 عمال كلي طنطا على الهيئة الطاعنة طالبين الحكم بأحقيتهما في صرف معاش إصابة عمل المستحق لهما عن مورثهما المرحوم....... منذ وفاته في 10/ 1/ 1971، وقالا بياناً لدعواهما أن ابنهما المذكور كان يعمل بشركة طنطا للكتان والزيوت منذ عام 1963 واستدعى للخدمة بالقوات المسلحة واستشهد في 10/ 1/ 1971 وكان مؤمناً عليه لدى الهيئة الطاعنة وفقاً لأحكام قانون التأمينات الاجتماعية، وأنه لما كان القانون رقم 47 لسنة 1974 اعتبر الإصابة التي تقع للمنتفعين بأحكام قانون التأمينات الاجتماعية بسبب الاعتداءات العسكرية إصابة عمل إلا أن الطاعنة تقاعست عن صرف المعاش المستحق لهما عن مورثهما سالف الذكر لذلك فقد أقاما دعواهما بطلباتهما آنفة البيان، وبتاريخ 29/ 12/ 1975 قضت المحكمة بندب خبير لأداء المأمورية المبينة بالمنطوق وبجلسة 27/ 6/ 1977 حكمت المحكمة بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضدهما معاشاً شهرياً على أساس 80% من متوسط أجر مورثهما في السنة الأخيرة اعتباراً من 10/ 1/ 1971، استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف طنطا وقيد استئنافهما برقم 152/ 27، وبتاريخ 16/ 2/ 1978 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن على غرفة المشورة فحددت لنظره جلسة 17/ 3/ 1979 وفيها التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، وفي بيان ذلك تقول إن كان الأصل طبقاً للمادة الأولى من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 سنة 1964 أن الإصابة التي تحدث للعامل بسبب الاعتداءات العسكرية لا تعتبر إصابة عمل إلا إذا حدثت أثناء العمل المدني أو بسببه ثم صدر القانون رقم 47/ 1974 واعتبر إصابة العامل المدني بسبب الاعتداءات العسكرية إصابة عمل حتى ولو حدثت خارج مكان العمل أما الإصابة التي تحدث للعامل المدني أثناء فترة تجنيده بالقوات المسلحة فتعتبر إصابة عمل طبقاً للقانون رقم 116/ 1964 المعدل بالقانون رقم 90/ 1975، ولكن هذه الإصابة لا تعتبر في نفس الوقت إصابة عمل طبقاً لقانون التأمينات الاجتماعية الخاضع له أصلاً العامل أثناء فترة التجنيد أو ذلك باعتبارها لم تنتج عن حادث أثناء العمل المدني أو بسببه كما أننا لا نعتبر كذلك طبقاً للقانون رقم 47/ 1974 الذي طبقه حكم محكمة أول درجة المؤيد بالحكم المطعون فيه لأن هذا القانون إنما صدر كما قررت مذكرته الإيضاحية لمواجهة حالة الإصابة الناجمة عن الاعتداءات العسكرية التي تقع خارج العمل الذي لم يشترك في العمليات الحربية، فهو قانون صدر لمعالجة حالات كانت لا تعتبر قبله إصابة عمل طبقاً لأي قانون وأنه لما كان الثابت من مدونات الحكم المستأنف أن مورث المطعون ضدهما استشهد أثناء فترة استدعائه من الاحتياط للعمل بالقوات المسلحة فإن استشهاده يخول ورثته الحقوق المقررة في القانون رقم 116 سنة 1964 وقد ثبت من تقرير خبير الدعوى أنهما منحا هذه الحقوق بما فيها معاش الاستشهاد، ولكن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله باعتباره استشهاد مورث المطعون ضدهما إصابة عمل طبقاً لقانون التأمينات الاجتماعية.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه لما كانت المادة الأولى من القانون رقم 116 سنة 1964 في شأن المعاشات والمكافآت والتأمين والتعويض للقوات المسلحة قد نصت على أن تسري أحكامه على الجنود المجندين والجنود الاحتياط المستدعون للخدمة بالقوات المسلحة، وقد نظم هذا القانون أحكام تقرير منح ومعاشات ومكافآت لمن يصاب من هؤلاء خلال فترة تجنيدهم أو يستشهد في العمليات الحربية أو بسبب الخدمة العسكرية، ولما كان الثابت من تقريرات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أن مورث المطعون ضدهما قد استشهد في العمليات الحربية أثناء فترة تجنيده بالقوات المسلحة وتقررت لهما الحقوق المستحقة وفقاً لأحكام ذلك القانون منهما معاش الاستشهاد. ولما كان ذلك، فإن استشهاد مورثهما أثناء فترة تجنيده لا تعتبر إصابة عمل وفقاً لأحكام قانون التأمينات الاجتماعية استناداً إلى حكم القانون رقم 47 لسنة 1974 الذي يقضي في مادته على اعتبار الإصابة التي تقع للعاملين المنتفعين بأي من قوانين التأمين والمعاشات أو التأمينات الاجتماعية بسبب الاعتداءات العسكرية إصابة عمل في تطبيق أحكام هذه القوانين، إذ يبين من مذكرته الإيضاحية أن نطاق تطبيقه مقصور على العاملين المدنيين الذين تحدث إصابتهم بسبب الاعتداءات العسكرية ولو كانوا في أماكن خارج عملهم ولا يمتد حكم هذا القانون إلى العاملين المدنيين المجندين بالقوات المسلحة والذين يصابون أو يستشهدون في العمليات الحربية أو بسبب الخدمة العسكرية إذ أن هؤلاء يخضعون لحكم القانون رقم 116 سنة 1964 والذي حل محله القانون رقم 90 لسنة 1975 ولما كان ما تقدم وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في قضائه على أن إصابة مورث المطعون ضدهما في العمليات الحربية أثناء فترة تجنيده بالقوات المسلحة تعتبر إصابة عمل في تطبيق أحكام قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون رقم 63/ 1964 وذلك استناداً إلى ما نص عليه القانون رقم 47/ 1974، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث السبب الثاني من أسباب الطعن.

الطعن 744 لسنة 47 ق جلسة 7 / 4 / 1979 مكتب فني 30 ج 2 ق 195 ص 55

جلسة 7 من أبريل سنة 1979

برئاسة السيد المستشار عدلي مصطفى بغدادي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد جلال الدين زغو، الدكتور إبراهيم علي صالح، وعبد العزيز عبد العاطي إسماعيل وحسن عثمان حسن عمار.

----------------

(195)
الطعن رقم 744 لسنة 47 القضائية

(1، 2) إيجار. "إيجار الأماكن". اختصاص. دعوى "تقدير قيمة الدعوى".
(1) عقود إيجار الأماكن الخاضعة للتشريعات الاستثنائية. امتدادها لمدة غير محدودة بعد انتهاء مدتها الاتفاقية. الدعوى بطلب فسخ العقد. غير مقدرة القيمة. اختصاص المحكمة الابتدائية بنظرها.
(2) إيجار الأرض الفضاء. عدم خضوعها لقوانين الإيجار الاستثنائية. طلب فسخ العقد. خضوعه للقواعد العامة في تقدير قيمة الدعوى.
(3) نقض "السبب الجديد". دفوع. اختصاص "الاختصاص النوعي". نظام عام.
الدفع بعدم الاختصاص القيمي. متعلق بالنظام العام. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض متى كان مختلطاً بواقع.
(4 - 6 ) إيجار. "إيجار الأماكن". عقد "انتهاء العقد". إثبات.
(4) عقد الإيجار لا ينتهي كأصل بوفاة المستأجر. لورثته دون المؤجر حق إنهائه متى أبرم بسبب حرفة المستأجر. لهم وللمؤجر هذا الحق إذا عقد لاعتبارات متعلقة بشخص المستأجر. المادتان 601، 602 مدني.
(5) النص في عقد الإيجار على حرفة المستأجر أو الغرض من الإيجار. لا يدل بذاته على أن العقد أبرم بسبب حرفة المستأجر أو لاعتبارات شخصية.
(6) طلب المؤجر إنهاء العقد لوفاة المستأجر. عبء إثبات أن العقد حرر لاعتبارات متعلقة بشخص المستأجر. وقوعه على عاتق المؤجر. لا يكفي في ذلك النص في العقد على الغرض من الإيجار.

----------------
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا كان المكان المؤجر مما يخضع لحكم المادة الأولى من القانون رقم 121 لسنة 1947 ومن بعدها المادة الأولى من القانون رقم 52 لسنة 1969، فإن عقد إيجاره يمتد بعد انتهاء مدته الاتفاقية لمدة غير محدودة، وتضحى الدعوى المقامة بطلب فسخه غير مقدرة القيمة ومن ثم زائدة على مائتين وخمسين جنيهاً إتباعاً لحكم المادة 41 من قانون المرافعات وداخله بذلك في اختصاص المحكمة الابتدائية عملاً بحكم المادة 47 منه، بغض النظر عن عدم استناد طلب الفسخ إلى سبب من الأسباب الواردة في قانون إيجار الأماكن، ولما كان المحلان مثار النزاع من الأماكن التي تسري عليها المادة الأولى من القانون رقم 121 لسنة 1947 فإن مدة إيجارهما تكون بعد انتهاء المدة الاتفاقية ممتدة بقوة القانون، ومن ثم تختص المحكمة الابتدائية بنظر الدعوى المقامة بطلب فسخ العقد المتعلق بها وفقاً لأحكام قانون المرافعات.
2 - عدم سريان أحكام القانونين رقمي 121 لسنة 1947، 52 لسنة 1969 على إيجار الأراضي الفضاء وخضوع الدعوى المقامة بطلب فسخ عقد إيجار قطعة الأرض مثار النزاع الراهن لقواعد الاختصاص المقررة في قانون المرافعات والمؤسسة على تقدير قيمة الدعوى وفقاً للقواعد المبينة في المادة 37 منه لا يستتبع بذاته عدم اختصاص المحكمة الابتدائية بنظر الدعوى إذ لا يسلبها الاختصاص العام المقرر لها إلى اختصاص محكمة المواد الجزئية بنظرها لعدم مجاوزة قيمتها مائتين وخمسين جنيهاً عملاً بحكم المادتين 42، 47 من قانون المرافعات.
3 - إذ كان الطاعنان لم يقدما ما يثبت سبق منازعتهما في تقدير طلب فسخ عقد إيجار قطعة الأرض الفضاء، وتمسكهما أمام محكمة الموضوع باختصاص المحكمة الجزئية بنظره، كما لم يقدما عقد الإيجار المشار إليه للوقوف على ما إذا كان قد تم الاتفاق على مدة أو أنه عقد لمدة غير معينة وللتعرف على مدته السارية ومداها وكان الحكم المطعون فيه لم يتناول هذا الأمر بالبيان أو يعرض له بالمناقشة فإن ما يثيره الطاعنان بشأن الاختصاص في هذا الصدد، يكون على الرغم من تعلقه بالنظام العام عملاً بالمادة 109 من قانون المرافعات، مختلطاً بواقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع ولا يجوز من ثم إثارته أمام محكمة النقض لأول مرة.
4 - مفاد نص المادتان 601، 602 من القانون المدني أن الأصل هو أن الإيجار لا ينتهي بموت المستأجر، وأن الحقوق الناشئة عن العقد والالتزامات المترتبة عليه تنتقل إلى ورثته، وإن كان يحق لهم طلب إنهائه إذا كان لم يعقد إلا بسبب حرفة مورثهم أو لاعتبارات أخرى متعلقة بشخصه، إذ قد يكون في استمرار الإيجار رغم عدم توفر القدرة لدى ورثته على استعمال الشيء المؤجر فيما أجر لتحقيقه من أغراض إعنات لهم رأى المشرع إعفاءهم منه، كما يحق للمؤجر طلب الإنهاء إذا كانت الاعتبارات الشخصية في المستأجر هي التي دفعت المؤجر إلى التعاقد معه بحيث لا يصلح ورثته للحلول محله في تحقيق الغرض من الإيجار.
5 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يكفي لاعتبار أن العقد لم يعقد إلا بسبب حرفة المستأجر أو لاعتبار شخصي فيه، مجرد النص في العقد على الحرفة أو الغرض من الإيجار إذ لا يعدو ذلك أن يكون بياناً واقعياً لا يدل بذاته على تلاقي نية الطرفين على اعتبار الإيجار منعقداً بسبب الحرفة أو الاعتبارات الشخصية.
6 - يجب على المؤجر في حالة طلبه إنهاء الإيجار لوفاة المستأجر أن يقيم الدليل على أن العقد إنما حرر لاعتبارات متعلقة بشخص المستأجر وأن استمرار الورثة في استعمال العين يفوت على المؤجر مصلحة كانت هي الدافع له على التعاقد، ولما كان الحكم المطعون فيه قد خلط بين الغرض من الإيجار وبين اعتبارات معينة في شخص المستأجر باتخاذه من أولها دليلاً على تحقيق الأخرى، مع انتفاء التلازم بينهما قانوناً، كما أجاز للمؤجر إنهاء الإيجار استناداً إلى المادة 602 من القانون المدني لمجرد وفاة المستأجر وعدم مزاولة ورثته للعمل الذي كان يزاوله في المكان المؤجر دون أن تكون المطعون عليها قد أقامت الدليل على توافر مقومات معينة في شخصية مورث الطاعنين بالذات كانت هي السبب الدافع لمورثها في التعاقد معه، لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 857 سنة 1976 مدني كلي جنوب القاهرة ضد الطاعنين للحكم بإخلاء المحلين وقطعة الأرض الفضاء المبينة بصحيفتها وقالت شرحاً لدعواها أنه بموجب عقدي إيجار مؤرخين 1/ 7/ 1960 استأجر مورث الطاعنين من مورثها الأعيان آنفة الذكر لاستعمالها مقهى، وإذ عقدت الإجارة بسبب حرفة المستأجر وقد توفى فإنه يحق للمطعون عليها طلب إنهاء العقدين، ولذلك أقامت دعواها. قضت المحكمة برفضها. استأنفت المطعون عليها الحكم بالاستئناف رقم 3042 سنة 93 ق القاهرة. وبتاريخ 21/ 3/ 1977 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإنهاء عقدي الإيجار وإخلاء المحلين وقطعة الأرض. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنان بثالثها على الحكم المطعون فيه مخالفة قواعد الاختصاص المتعلقة بالنظام العام، وفي بيان ذلك يقولان أنه لما كان الحكم قد استند في قضائه إلى نص المادتين 601، 602 من القانون المدني دون أحكام القانون رقم 52 لسنة 1969، وكان مناط اختصاص المحكمة الابتدائية بنظر الدعوى وفقاً لنص المادة 40 من هذا القانون الأخير هو انطباق أحكامه على النزاع، فإن الاختصاص بنظر الدعوى الماثلة تحكمه قواعد قانون المرافعات، وإذ كانت الأجرة الشهرية للأعيان المؤجرة بعقدي الإيجار آنفي الذكر بمبلغ 17 ج و500 م وكانت مدة الإيجار شهراً، فإن قيمة الدعوى تقدر بهذا المبلغ استناداً إلى حكم المادة 37 من قانون المرافعات، وتكون من ثم من اختصاص المحكمة الجزئية ويكون حكمها فيها نهائياً، مما كان يتعين معه على المحكمة الابتدائية القضاء بعدم اختصاصها بنظر الدعوى، وإذ كان هذا الاختصاص متعلق
بالنظام العام فقد كان على الحكم المطعون فيه القضاء بذلك، وإذ لم يفعل فإنه يكون قد خالف القانون، ويحق للطاعنين إثارة ذلك أمام محكمة النقض لأول مرة.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا كان المكان المؤجر مما يخضع لحكم المادة الأولى من القانون رقم 121 لسنة 1947 ومن بعدها المادة الأولى من القانون رقم 52 لسنة 1969، فإن عقد إيجاره يمتد بعد انتهاء مدته الاتفاقية لمدة غير محدودة، وتضحى الدعوى المقامة بطلب فسخه غير مقدرة له القيمة، ومن ثم زائدة على مائتين وخمسين جنيهاً إتباعاً لحكم المادة 41 من قانون المرافعات وداخله بذلك في اختصاص المحكمة الابتدائية عملاً بحكم المادة 47 منه، بغض النظر عن عدم استناد طلب الفسخ إلى سبب من الأسباب الواردة في قانون إيجار الأماكن، ولما كان المحلات مثار النزاع من الأماكن التي تسري عليها المادة الأولى من القانون رقم 121 لسنة 1947 فإن مدة إيجارهما تكون بعد انتهاء المدة الاتفاقية ممتدة بقوة القانون، ومن ثم تختص المحكمة الابتدائية بنظر الدعوى المقامة بطلب فسخ العقد المتعلق بهما وفقاً لأحكام قانون المرافعات، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يخرج على هذا النهج في قضائه فإن النعي عليه بمخالفة قواعد الاختصاص بالنسبة لهذا الشق من النزاع يكون على غير أساس. هذا ولما كان عدم سريان أحكام القانونين رقمي 121 لسنة 1947 و52 لسنة 1969 على إيجار الأراضي الفضاء، وخضوع الدعوى المقامة بطلب فسخ عقد الإيجار قطعة الأرض مثار النزاع الراهن لقواعد الاختصاص المقررة في قانون المرافعات والمؤسسة على تقدير الدعوى وفقاً للضرائب المبينة في المادة 37 منه، لا يستتبع بذاته عدم اختصاص المحكمة الابتدائية بنظر الدعوى إذ لا يسلبها الاختصاص العام المقرر لها إلى اختصاص محكمة المواد الجزئية بنظرها لعدم مجاوزة قيمتها مائتين وخمسين جنيهاً عملاً بحكم المادتين 42، 47 من قانون المرافعات - ولما كان الطاعنان لم يقدما ما يثبت سبق منازعتهما في تقدير قيمة طلب فسخ عقد إيجار قطعة الأرض الفضاء، وتمسكهما أمام محكمة الموضوع باختصاص المحكمة الجزئية بنظره، كما لم يقدما عقد الإيجار المشار إليه، للوقوف على ما إذا كان قد تم الاتفاق على مدة أو أنه عقد لمدة غير معينة، وللتعرف على مدته السارية ومداها، وكان الحكم المطعون فيه لم يتناول هذا الأمر بالبيان أو يعرض له بالمناقشة فإن ما يثيره الطاعنان بشأن الاختصاص في هذا الصدد يكون على الرغم من تعلقه بالنظام العام عملاً بحكم المادة 109 من قانون المرافعات، مختلطاً بواقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع ولا يجوز من ثم إثارته أمام محكمة النقض لأول مرة وبذلك يكون النعي على الحكم المطعون فيه بشأن هذا الشق من النزاع غير مقبول.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم الخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم أقام قضاءه بالإخلاء نتيجة لوفاة المستأجر، على سند من حكم المادة 602 من القانون المدني باعتباره يكفل صالح المؤجر في حين أنه قصد به حماية مصالح ورثة المستأجر بما يخوله لهم من حق إنهاء عقد الإيجار في حالة وفاة مورثهم إذا كان العقد لا يعقد إلا بسبب حرفته أو لاعتبارات أخرى متعلقة بشخصه غير متحققة فيهم وإذ كان استئجار العين لاستعمالها مقهى لا ينطبق عليه شيء من ذلك فإن الحكم بإخلاء العين المؤجرة لمجرد وفاة مورث الطاعنين رغم عدم تغيير الغرض من الإيجار يكون خاطئاً.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن النص في المادة 601 من القانون المدني على أنه لا ينتهي الإيجار بموت المؤجر ولا بموت المستأجر وفي المادة التالية لها - 602 - على أنه إذا لم يعقد الإيجار إلا بسبب حرفة المستأجر أو لأي اعتبارات أخرى تتعلق بشخصه ثم مات جاز لورثته وللمؤجر أن يطلبوا إنهاء العقد" يدل على أن الأصل هو أن الإيجار لا ينتهي بموت المستأجر. وأن الحقوق الناشئة عن العقد والالتزامات المترتبة عليه تنتقل إلى ورثته، وإن كان يحق لهم طلب إنهائه إذا كان لم يعقد إلا بسبب حرفة مورثهم أو لاعتبارات أخرى متعلقة بشخصه، إذ قد يكون في استمرار الإيجار رغم عدم توفر القدرة لدى ورثته على استعمال الشيء المؤجر فيما أجر لتحقيقه من أغراض، إعنات لهم رأى المشرع إعفاءهم منه، كما يحق للمؤجر طلب الإنهاء إذا كانت الاعتبارات الشخصية في المستأجر هي التي دفعت المؤجر إلى التعاقد معه بحيث لا يصلح ورثته للحلول محله في تحقيق الغرض من الإيجار، هذا إلى أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يكفي لاعتبار أن العقد لم يعقد إلا بسبب حرفة المستأجر أو لاعتبار شخصي فيه، مجرد النص في العقد على الحرفة أو الغرض من الإيجار إذ لا يعدو ذلك أن يكون بياناً واقعياً لا يدل بذاته على تلاقي نية الطرفين على اعتبار الإيجار منعقداً بسب الحرفة أو الاعتبارات الشخصية بل يجب على المؤجر في حالة طلبه إنهاء الإيجار لوفاة المستأجر، أن يقيم الدليل على أن العقد إنما حرر لاعتبارات متعلقة بشخص المستأجر وأن استمرار الورثة في استعمال العين يفوت على المؤجر مصلحة كانت هي الدافع له على التعاقد، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على قوله: أن عقدي الإيجار موضوع النزاع قد حررا لاستغلالهما مقهى الأمر الذي يتطلب دراية خاصة لاستغلال هذا النشاط شأنها شأن أي حرفة أو مهنة أخرى مما يتعين معه القول بأن الإيجار قد عقد لاعتبار يتعلق بشخص المستأجر. وإذ كان ذلك ولم يقدم أحد من المستأنف عليهما - "الطاعنين" - الدليل المقنع على أنه يزاول نفس المهنة التي كان يزاولها مورثهما....... فيتعين لذلك إنزال حكم المادة 602 من القانون المدني والتي قصد بها الشارع حماية المؤجر من وجود شخص ينتفع بالعين ولا تتوفر فيه الاعتبارات التي عول عليها المؤجر عند التأجير" وكان مفاد ذلك أن الحكم قد خلط ما بين الغرض من الإيجار وبين اعتبارات في شخص المستأجر، باتخاذه من أولهما دليلاً على تحقق الأخرى، مع انتفاء التلازم بينهما قانوناً، كما أجاز للمؤجر إنهاء الإيجار استناداً إلى المادة 602 من القانون المدني لمجرد وفاة المستأجر وعدم مزاولة ورثته للعمل الذي كان يزاوله في المكان المؤجر. دون أن تكون المطعون عليها قد أقامت الدليل على توافر مقومات معينة في شخصية مورث الطاعنين بالذات كانت هي السبب الدافع لمورثها إلى التعاقد معه، لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.
ولما كان موضوع الدعوى صالحاً للفصل فيه، وكان البين مما سلف عدم استناد دعوى المطعون عليها إلى أساس من القانون، فإن في ذلك ما يستوجب رفضها، على نحو ما انتهى إليه الحكم الابتدائي. ومن ثم تقضي هذه المحكمة رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف.

الطعن 762 لسنة 45 ق جلسة 7 / 4 / 1979 مكتب فني 30 ج 2 ق 194 ص 48

جلسة 7 من إبريل سنة 1979

برئاسة السيد المستشار عدلي مصطفى بغدادي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد صلاح الدين زغو، محمود حسن رمضان، عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل وحسن عثمان عمار.

----------------

(194)
الطعن رقم 762 لسنة 45 القضائية

(1) إيجار. "إيجار الأماكن". محكمة الموضوع. نقض. "السبب الجديد".
تقويم ميزة التصريح بالتأجير من الباطن بواقع 70% استناداً إلى العرف. واقع. استقلال محكمة الموضوع بتجربة والتثبت من قيامه. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(2) إثبات.
عدول المحكمة عما أمرت به من إجراءات الإثبات. كفاية بيان أسباب ذلك بمحضر الجلسة. بيانه بأسباب الحكم. أكثر تحقيقاً لمراد المشرع.
(3) إيجار. "إيجار الأماكن".
أجرة الأساس للأماكن الخاضعة للمادة 40 ق 121 لسنة 1947. ماهيتها. تحديد الأجرة استناداً إلى اتفاق الطرفين على حقيقة أجرة الأساس. لا خطأ.

----------------
1 - المقرر أنه لا يجوز التمسك أمام محكمة النقض لأول مرة بسبب لم يسبق إبداءه أمام محكمة الموضوع، ما لم يكن سبباً قانونياً صرفاً لا يخالطه واقع، وتحدي العرف في ذاته والتثبت من قيامه هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من أمور الواقع التي تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب عليها من محكمة النقض، وإذ كان الخبير المنتدب في الدعوى قد قيم ميزة التصريح للطاعن بتأجير محلات النزاع من الباطن بنسبة 70% من القيمة الإيجارية استناداً إلى أن العرف قد جرى تقديرها بتلك النسبة، وكان الطاعنان لم يقدما ما يثبت أنهما تمسكا أمام محكمة الموضوع، بما أثاراه في سبب النعي، فإن النعي على الحكم بهذا السبب يضحى غير مقبول.
2 - النص في المادة 9 من قانون الإثبات على أن "للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات بشرط أن تبين أسباب العدول بالمحضر ويجوز ألا تأخذ بنتيجة الإجراء بشرط أن تبين أسباب ذلك في حكمها" يدل على أن المشرع إنما قصد من الاكتفاء ببيان أسباب العدول بمحضر الجلسة - خلافاً لما أوجبته في حالة عدم الأخذ بنتيجة الإجراءات من تبيان أسباب ذلك في الحكم إلى مراعاة جانب التيسير مما مؤداه أن إبداء سبب العدول عن الإجراء بأسباب الحكم يكون أكثر تحقيقاً لمراد المشرع.
3 - النص في المادة الرابعة من القانون 121 لسنة 1947 على أنه "لا يجوز أن تزيد الأجرة المتفق عليها في عقود الإيجار التي أبرمت من أول مايو 1941 على أجرة شهر أبريل 1941 أو أجرة المثل لهذا الشهر إلا بمقدار ما يأتي......" يدل على أن القانون اتخذ أساساً لحساب الحد الأقصى لأجرة هذه الفئة من الأماكن الأجرة الفعلية التي كانت العين مؤجرة بها في شهر أبريل 1941 فإذا لم تكن العين مؤجرة في هذا التاريخ وجب التعويل على أجرة المثل عن ذلك الشهر، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عول في تحديد أجرة المحل رقم 7 على ما ثبت من أنه كان موضوع عقد إيجار مستقل مؤرخ 1/ 4/ 1941 وأن طرفي الدعوى قد تلاقيا على أن أجرته كانت عشرة جنيهات مما مؤداه أن هذا الأمر لم يكن محل نزاع يقتضي من الحكم فصلاً فيه، وكان لا وجه لافتراض مخالفة ما تلاقيا عليه للقانون لأن الأصل في التصرفات هو المشروعية، فإن الحكم يكون قد التزم صحيح القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 2698 لسنة 1971 م مدني كلي شمال القاهرة ضد الشركة المطعون عليها للحكم بتخفيض القيمة الإيجارية للعين المؤجرة إليهما بالعقد المؤرخ 21/ 12/ 1961 بنسبة 35% وقالا بياناً للدعوى أنهما استأجرا من شركة الجمهورية للتأمين التي اندمجت في الشركة المطعون عليها محلات ثلاثة بالعقار المبين بصحيفة الدعوى بأجرة شهرية قدرها 81 ج و600 م ونص في العقد تبريراً لزيادة الأجر على تخويلها حق التأجير من الباطن باعتبار أن هذا الحق ميزة لم تكن مخولة للمستأجرة السابقة التي كانت تستأجر هذه المحلات ضمن أحد عشر محلاً وأنه لما كانت المطعون عليها قد أدخلت على المحلات الثلاثة موضوع العقد تعديلات جوهرية غيرت من معالمها في حكم المنشأة حديثاً وتوجب تقدير أجرتها وفق أحكام القانون رقم 7 لسنة 1965 فقد أقاما دعواهما الماثلة بعد أن كانا قد أقاما الدعوى رقم 2719 سنة 1963 مدني كلي القاهرة لتخفيض أجرة هذه المحلات إلى 48 ج شهرياً استناداً إلى صورية شرط التصريح لها بالتأجير من الباطن وقضي برفضها. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره أمرت باستجواب المطعون عليها ثم قضت برفض الدعوى. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 193 سنة 90 ق - القاهرة وبتاريخ 29/ 4/ 1975 م قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنان بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون وفي بيان ذلك يقولان أنه لما كان قانون إيجار الأماكن قد جاء خلواً من قاعدة تقدير ميزة التأجير من الباطن بأنه يتعين الالتجاء في ذلك إلى العرف عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون المدني مما كان ينبغي معه على محكمة الموضوع أن تتحقق من أن الزيادة البالغة 70% من القيمة الإيجارية نظير ميزة التأجير عرفاً ملزماً، ولما كان الحكم المطعون فيه لم يشر إلى المصدر الذي استقى منه هذا العرف فإنه يكون قد أنزل على واقعة الدعوى قاعدة لا وجود لها وأخطأ من ثم في القانون.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول لما هو مقرر من أنه لا يجوز التمسك أمام محكمة النقض لأول مرة بسبب لم يسبق إبداؤه أمام محكمة الموضوع ما لم يكن سبباً قانونياً صرفاً لا يخالطه واقع، ولما كان تحري العرف في ذاته والتثبت من قيامه - هو على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من أمور الواقع الذي تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب عليها من محكمة النقض وكان الخبير المنتدب في الدعوى قد قيم ميزة التصريح للطاعنين بتأجير محلات النزاع من الباطن بنسبة 70% من القيمة الإيجارية استناداً إلى أن العرف قد جرى على تقديرها بتلك النسبة وكان الطاعنان لم يقدما ما يثبت أنهما تمسكا أمام محكمة الموضوع بما أثاره في سبب النعي، فإن النعي على الحكم بهذا السبب يضحى غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان أن رقم الدعوى 2719 لسنة 1963 م مدني كلي القاهرة التي كانا قد أقاماها لتخفيض أجرة المحلات موضوع النزاع لبطلان شرط التأجير من الباطن لصوريته بغرض إخفاء رفع القيمة الإيجارية تختلف في موضوعها عن موضوع الدعوى الماثلة لأن النزاع في الأولى كان حول مدى صحة شرط التأجير من الباطن في حين أن النزاع في الثانية يدور حول تقدير قيمته المالية. وإذا أخذ الحكم المطعون فيه بحجية الحكم الصادر في الدعوى رقم 2719 سنة 1963 م، فإنه يكون قد أخطأ تطبيق المادة 101 من قانون الإثبات.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك إن الثابت من الأوراق أن النزاع في الدعوى الماثلة بخصوص شرط التأجير من الباطن إنما دار حول صحة هذا الشرط لا حول تقدير قيمته المالية إذ كان ما تمسك به الطاعنان أمام محكمة الاستئناف هو أن من حقها أن تعود إلى مناقشة ما أثاراه حول صورية هذا الشرط رغم نهائية الحكم الصادر في الدعوى رقم 2719 لسنة 1963 مدني كلي القاهرة، ولما كان الحكم المطعون فيه قد حصل فهم الواقع في الدعوى بما لا يخرج عما تقدم والتزم في قضائه في هذا الخصوص بحجية الحكم الصادر بين ذات الخصوم في الدعوى سالفة البيان فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه البطلان في الإجراءات ومخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولان أن محكمة الدرجة الأولى عدلت عما أمرت به من استجواب المطعون عليها دون أن تبين أسباب العدول في المحضر وفق ما تقضي به المادة 9 من قانون الإثبات وأن ما أورده الحكم الابتدائي في أسبابه لا يعتبر سبباً للعدول هذا إلى أن الحكم المطعون فيه لم يضف جديداً إلى تقدير أجرة المحل رقم 7 - وهو أحد المحلات موضوع الدعوى - على اتفاق الخصوم بشأنه مما يعتبر منه تقريراً فاسداً لأن تحديد الأجرة أمر متعلق بالنظام العام.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول مردود ذلك أن النص في المادة 9 من قانون الإثبات على أن "للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات بشرط أن تبين أسباب العدول بالمحضر ويجوز ألا تأخذ بنتيجة الإجراء بشرط أن تبين أسباب ذلك في حكمها" يدل على أن المشروع إنما قصد من الاكتفاء ببيان أسباب العدول بمحضر الجلسة خلافاً لما أوجبه في حالة عدم الأخذ بنتيجة الإجراء من بيان أسباب ذلك في الحكم - إلى مراعاة جانب التيسير مما مؤداه أن إبداء سبب العدول عن الإجراء بأسباب الحكم يكون أكثر تحقيقاً لمراد المشرع، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن محكمة الدرجة الأولى قضت في 6/ 6/ 1963 م باستجواب الشركة المطعون عليها في شأن ما ورد بصحيفة دعوى الإخلاء التي أقامتها شركة الجمهورية للتأمين ضد الحارس القضائي على المستأجر السابق من أن الإيجار الشهري لعشرة محلات هو مبلغ 157 جنيه و91 مليم ثم عدلت عن هذا الحكم وأصدرت حكمها الابتدائي - الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه وأوردت بأسبابه قولها "وحيث إنه في شأن استجواب الشركة المدعى عليها عما ورد بعريضة الدعوى على النحو المبين فهو مردود بأن الخبير أبان في ملحق تقريره أن أجرة الأساس للدكانين 8 و9 جاءت من واقع الأجرة المتفق عليها في عقد الإيجار المبرم مع محلات "لوك" على ضوء أوصاف كل منها وموقعه بالنسبة إلى باقي الدكاكين التي سجلها هذا التعاقد لا على أساس عدد الدكاكين" كما أضاف الحكم المطعون فيه إلى ذلك قوله "وحيث إن ما ينعاه المستأنفان على محكمة أول درجة من أنها عدلت عن تنفيذ حكمها الصادر باستجواب المستأنف عليها بشأن ما ورد بصورة عريضة دعوى الإخلاء ضد الحارس القضائي على محلات لوك من أن الإيجار الشهري لعشرة حوانيت هو 157 جنيه و90 مليم دون أن يفصح عن سبب هذا العدول - هذا الذي ينعاه المستأنفان غير منتج ذلك لأن الثابت من الأوراق وتقرير الخبير المنتدب أن الدكانين 8 و9 دخلت ضمن عقد الإيجار المؤرخ يناير 1940 الذي شمل اثني عشر دكاناً وقد تم تقدير أجرتها من واقع المتفق عليه بالعقد المذكور على ضوء أوصاف كل منها وموقعه بالنسبة لباقي الدكاكين التي شملها عقد الإيجار المذكور وخلص الخبير المنتدب إلى نتيجة أخذت بها محكمة أول درجة وتقرها عليها هذه المحكمة، أما بالنسبة للدكان رقم 7 فقد كان موضوع عقد إيجار مستقل مؤرخ 1/ 4/ 1941 واتفق الخصوم على أن أجرته في 1940 كانت 10 جنيه شهرياً. لما كان ذلك فإن استجواب المستأنف عليها فيما ورد بصحيفة الدعوى المشار إليها يكون أمراً غير منتج" وكان هذا الذي قرره الحكمان يدل على أن محكمة الموضوع رأت من أوراق الدعوى والأدلة القائمة فيها ما يغني عن تنفيذ حكم الاستجواب المذكور ويكفي لتكوين عقيدتها ويعد ذلك تسبيباً كافياً للعدول عن هذا الحكم، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالبطلان في الإجراءات ومخالفة القانون يكون على غير أساس. والنعي في شقه الثاني مردود بأن النص في المادة الرابعة من القانون رقم 121 لسنة 1947 واجب التطبيق على أنه "لا يجوز أن تزيد الأجرة المتفق عليها في عقود الإيجار التي أبرمت من أول مايو سنة 1941 على أجرة شهر أبريل 1941 أو أجرة المثل لهذا الشهر إلا بمقدار ما يأتي......" يدل على أن القانون اتخذ أساساً لحساب الحد الأقصى لأجرة هذه الفئة من الأماكن، الأجرة الفعلية التي كانت العين مؤجرة بها في شهر أبريل سنة 1941 فإذا لم تكن مؤجرة في هذا التاريخ وجب التعويل على أجرة المثل عن ذلك الشهر، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عول في تحديد أجرة المحل رقم 7 على ما ثبت من أنه كان موضوع عقد إيجار مستقل مؤرخ 1/ 4/ 1941 وأن طرفي الدعوى قد تلاقيا على أن أجرته كانت عشرة جنيهات مما مؤداه أن هذا الأمر لم يكن محل نزاع يقتضي من الحكم فصلاً فيه وكان لا وجه لافتراض مخالفة ما تلاقيا عليه للقانون لأن الأصل في التصرفات هو المشروعية، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا الشق في غير محله.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 304 لسنة 41 ق جلسة 7 / 4 / 1979 مكتب فني 30 ج 2 ق 192 ص 33

جلسة 7 من إبريل سنة 1979

برئاسة السيد المستشار الدكتور مصطفى كيره نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسن السنباطي، رأفت عبد الرحيم، محمد حسب الله وحسن البكري.

----------------

(192)
الطعن رقم 304 لسنة 41 القضائية

(1 و2) عمل. شركات "شركات القطاع العام".
(1) شركات القطاع العام. تشكيل مجلس إدارة مؤقت لمباشرة أعمال معينة. أثره. استحقاق الأعضاء المكافأة والبدل المقررين طول مدة العضوية دون الفترة التالية لزوال هذه الصفة.
(2) تسوية حالة العاملين بشركات القطاع العام. اللائحة 3546 لسنة 1962. سريانها على العاملين ذوي الوظائف الدائمة في 30/ 6/ 1964. أصحاب الوظائف الموقوتة المعينون في تاريخ لاحق. عدم سريان هذه الأحكام عليهم.

---------------
1- إذ كان قرار وزير النقل رقم 43 لسنة 1964 الذي عين الطاعن بموجبه عضواً بأول مجلس إدارة للشركة المطعون ضدها قد نص على تشكيل مجلس مؤقت لم يحدد له فترة عمل وناط به مهمة معينة هي متابعة إجراءات تأسيس الشركة واستلام الحصص العينية واستصدار القرارات اللازمة للترخيص بإنشائها، وهو ما ينبئ عن أن عمل هذا المجلس محدد بالمهمة الموكولة إليه، وإذ ارتضى الطاعن عضويته بهذا المجلس الموقوت - منذ أول يوليو سنة 1964 - فإن استحقاقه في المكافأة والبدل المقررين لعضو المجلس رهن باستمرار عضويته في ذلك المجلس، ولما كانت هذه العضوية قد زالت عنه بقرار وزير النقل رقم 61 لسنة 1965 فلا يكون له الحق في المطالبة بالمكافئة والبدل المقررين لعضو مجلس الإدارة.
2- فرضت المادتان 63، 64 من لائحة نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 3546 لسنة 1962 على الشركات أن تقوم بوصف وظائفها وتحديد واجباتها ومسئولياتها والاشتراطات الواجب توافرها فيمن يشغلها وتقييمها وتصنيفها في جدول يعتمده مجلس إدارة المؤسسة وأن تعادل وظائفها بالوظائف الواردة بهذا الجدول بقرار يصدره هذا المجلس يصدق عليه من مجلس الوزراء وأن تسوى حالات العاملين بها طبقاً لهذا التعادل، وهو ما مؤداه أن الأحكام التي أفصح عنها المشرع في هاتين المادتين إنما تسري على العاملين ذوي الوظائف الدائمة في 30 من يونيو سنة 1964 الذين تتم تسوية حالاتهم وفقاً لجداول التصنيف والتقييم والتعادل المنظمة لهذه الوظائف الدائمة مما يجعل أصحاب الوظائف الموقوتة الذين عينوا في تواريخ لاحقة له - كالطاعن - بمنأى عن هذه الأحكام وبالتالي عن القاعدة التي أفصحت عنها المادة 64 من القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 في الفقرتين الساسة والسابعة منها بنصها على أن "يستمر العاملون في تقاضي مرتباتهم الحالية بما فيها إعانة الغلاء وذلك بصفة شخصية حتى تتم تسوية حالاتهم طبقاً للأحكام السابقة، على أنه بالنسبة للعاملين الذين يتقاضون مرتبات تزيد على المرتبات المقررة لهم بمقتضى التعادل المشار إليه فيمنحون مرتباتهم التي يتقاضونها فعلاً بصفة شخصية على أن تستهلك الزيادة مما يحصل عليه العامل في المستقبل من البدلات أو علاوات الترقية" ذلك لأن المخاطبين بهذه المادة هم العمال ذوي الوظائف الدائمة مما يستحقون إعانة غلاء المعيشة وعلاوات الترقية ويجرى تثبيتهم على فئات جداول التوصيف والتقييم والتعادل وليس أصحاب الوظائف الموقوتة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 746 سنة 1965 عمال كلي القاهرة ضد الشركة المطعون ضدها بطلب الحكم - أولاً - بصحة ونفاذ عقد العمل المبرم بينه وبينها بتاريخ أول يوليو سنة 1964 - ثانياً - بعدم الاعتداد بعقد العمل المحرر بينهما في 11 من أغسطس سنة 1965 فيما تضمنه من شروط متعلقة بأجره وبدء عمله لدى الشركة - ثالثاً - بأحقيته في اقتضاء مرتب مقداره 150 جنيهاً شهرياً وقال بياناً للدعوى أنه كان يعمل بالمؤسسة المصرية العامة للتجارة وبتاريخ أول يوليو سنة 1964 أصبح عضواً بمجلس الإدارة المؤقت للشركة المطعون ضدها مقابل أجر شهري مقداره 150 جنيهاً وفي 8 من إبريل سنة 1965 استبدل مجلس مؤقت جديد بذلك المجلس لم يكن من بين أعضائه فأصدر بتاريخ 29 من يونيو سنة 1965 قرار بتعينه لدى الشركة بمرتب شهري مقداره 78 جنيهاً عدل إلى مبلغ 85 ج و800 م بالعقد المؤرخ 11 من أغسطس سنة 1965 الذي وقع عليه تحت تأثير الإكراه ولذلك فقد أقام دعواه بطلباته سالفة البيان. وبتاريخ 21 من نوفمبر سنة 1966 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي عناصرها، وبعد أن أجرت التحقيق بسماع شهود الطرفين حكمت في 20 من مايو سنة 1968 برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم باستئنافه المقيد برقم 271 سنة 85 ق مدني أمام محكمة استئناف القاهرة فقضت في 15 من يناير سنة 1969 بندب خبير لأداء المهمة التي أفصحت عنها بمنطوق حكمها، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت في 25 من فبراير سنة 1971 بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، وحددت أخيراً لنظره جلسة 3 من مارس سنة 1979، وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع. ويقول بياناً له أنه قدم إلى المحكمة الاستئنافية مذكرة ضمنها اعتراضاته على تقرير الخبير طالباً إعادة المهمة إليه لاستكمالها على ضوئها، لكن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذه الاعتراضات الجوهرية ولم يجبه إلى ذلك الطلب.
وحيث إن هذا النعي مردود. ذلك أنه متى كان الطاعن لم يورد في سبب النعي ماهية الاعتراضات التي ساقها أمام محكمة الاستئناف على تقرير الخبير ووجه قصور الحكم في الرد عليها للوقوف على صحة ما يتحدى به بشأنها واكتفى بالإشارة إلى مذكرته أمام تلك المحكمة، فإن النعي في هذا الخصوص يكون مجهلاً غير مقبول. كما أن المحكمة غير ملزمة بإجابة طلب إعادة المهمة إلى الخبير متى رأت في تقريره وفي أوراق الدعوى الأخرى ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون. وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقر الشركة المطعون ضدها على انتقاص أجره الذي تحدد بمبلغ 150 جنيهاً شهرياً مع أن الشارع بسط لهذا الأجر الحماية طبقاً لنص المادة 52 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959، كما خالف الحكم المادة 64 من القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 التي أكدت حق العاملين بشركات القطاع العام في تقاضي مرتباتهم المحددة وقت صدوره بصفة شخصية ولو زادت على المرتبات المقررة لهم بمقتضى التعادل، وكذلك اعتد الحكم بما ذهب إليه تقرير الخبير في الدعوى من أن عقد العمل المؤرخ 1/ 7/ 1964 لا ينبغي التعويل عليه لأنه غير مكتوب في حين أن المادة 43 من قانون العمل لم تجعل الكتابة شرطاً لانعقاد العقد.
وحيث إن هذا النعي مردود. ذلك أنه لما كان قرار وزير النقل رقم 43 لسنة 1964 الذي عين الطاعن بموجبه عضواً بأول مجلس إدارة للشركة المطعون ضدها قد نص على تشكيل مجلس مؤقت لم يحدد له فترة عمل وناط به مهمة معينة هي متابعة إجراءات تأسيس الشركة واستلام الحصص العينية واستصدار القرارات اللازمة للترخيص بإنشائها، وهو ما ينبئ عن أن عمل هذا المجلس محدد بالمهمة الموكولة إليه، وإذ ارتضى الطاعن عضويته بهذا المجلس الموقوت - منذ أول يوليو سنة 1964 - فإن استحقاقه في المكافأة والبدل المقررين لعضو المجلس -ومقدارها 150 جنيهاً شهرياً رهن باستمرار عضويته في ذلك المجلس، ولما كانت هذه العضوية قد زالت عنه بقرار وزير النقل رقم 61 لسنة 1965 اعتباراً من 26 إبريل سنة 1965، فلا يكون له الحق في المطالبة بالمكافئة والبدل المقررين لعضو مجلس الإدارة. ولا يجدي الطاعن التحدي بالمادة 64 من لائحة نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 3546 لسنة 1962، وذلك أنه لما كانت المادتان 63 و64 من هذه اللائحة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قد فرضتا على هذه الشركات أن تقوم بوصف وظائفها وتحديد واجباتها ومسئولياتها والاشتراطات الواجب توافرها فيمن يشغلها وتقييمها وتصنيفها في جدول يعتمده مجلس إدارة المؤسسة وأن تعادل وظائفها بالوظائف الواردة بهذا الجدول بقرار يصدره هذا المجلس يصدق عليه من مجلس الوزراء وأن تسوى حالات العاملين بها طبقاً لهذا التعادل، وهو ما مؤداه أن الأحكام التي أفصح عنها المشرع في هاتين المادتين إنما تسري على العاملين ذوي الوظائف الدائمة في 30 من يونيو سنة 1964 الذين تتم تسوية حالاتهم وفقاً لجداول التصنيف والتقييم والتعادل المنظمة لهذه الوظائف الدائمة مما يجعل أصحاب الوظائف الموقوتة الذين عينوا في تواريخ لاحقة له - كالطاعن - بمنأى عن هذه الأحكام وبالتالي عن القاعدة التي أفصحت عنها المادة 64 من القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 في الفقرتين الساسة والسابعة منها بنصها على أن "يستمر العاملون في تقاضي مرتباتهم الحالية بما فيها إعانة الغلاء وذلك بصفة شخصية حتى تتم تسوية حالاتهم طبقاً للأحكام السابقة، على أنه بالنسبة للعاملين الذين يتقاضون مرتبات تزيد على المرتبات المقررة لهم بمقتضى التعادل المشار إليه فيمنحون مرتباتهم التي يتقاضونها فعلاً بصفة شخصية على أن تستهلك الزيادة مما يحصل عليه العامل في المستقبل من البدلات أو علاوات الترقية" وذلك لأن المخاطبين بهذه المادة هم العمال ذوي الوظائف الدائمة ممن يستحقون إعانة غلاء المعيشة وعلاوات الترقية ويجرى تثبيتهم على فئات جداول التوصيف والتقييم والتعادل وليس أصحاب الوظائف الموقوتة. كما لا يجدي الطاعن التحدي بأن الحكم المطعون فيه قد ساير تقرير الخبير فيما خلص إليه من إهدار عقده المؤرخ أول يوليو سنة 1964 لعدم ثبوته بالكتابة، ذلك أن الخبير أثبت في تقريره أن الطاعن عين بمجلس الإدارة المؤقت للشركة المطعون ضدها بمقتضى القرار الوزاري رقم 43 لسنة 1964 منذ أول يوليو سنة 1964 وهو ما يتفق والثابت بالأوراق. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم النظر متقدم البيان، فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون غير سديد.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال. ويقول في بيان ذلك أن الحكم اعتد بما ذهب إليه الخبير المنتدب من أن القرار رقم 43 لسنة 1964 يدل على أن وظيفته مؤقتة زالت بتشكيل مجلس الإدارة الجديد للشركة المطعون ضدها مما يجعل العقد المؤرخ أول يوليو سنة 1964 غير واجب النفاذ، في حين أن مفاد القرار المذكور وحكم التحقيق الصادر من محكمة الدرجة الأولى وفتوى مجلس الدولة الصادرة في 14/ 12/ 1964 باعتبار أعضاء مجلس الإدارة المتفرغين من العاملين بالشركة منذ العمل بالقرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 أن العلاقة بينه وبين المطعون ضدها علاقة عمل دائمة وليست مؤقتة وأنها بدأت بتعيينه لديها تعييناً جديداً في أول يوليو سنة 1964 بالأجر المحدد في هذا التاريخ بمبلغ 150 ج شهرياً.
وحيث إن هذا النعي مردود. ذلك أنه لما كان لمحكمة الموضوع -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - السلطة المطلقة في تفسير الإقرارات والاتفاقات والمشارطات وسائر المحررات بما تراه أوفى إلى نية عاقديها أو أصحاب الشأن فيها مستهدية بوقائع الدعوى وظروفها دون رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك ما دامت لم تخرج في تفسيرها عن المعنى تحتمله عبارات المحرر وما دام ما انتهت إليه سائغاً مقبولاً بمقتضى الأسباب التي بنته عليها، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما خلص إليه الخبير في تقريره من عدم أحقية الطاعن في اقتضاء مبلغ 150 ج شهرياً لأن هذا المبلغ تقرر له مؤقتاً بوصفه عضواً في مجلس الإدارة المؤقت للشركة المطعون ضدها بالتطبيق للقرار الوزاري رقم 43 لسنة 1964 الذي عمل بمقتضاه في هذا المجلس المؤقت منذ أول يوليو سنة 1964 ولأن هذه العضوية قد زالت عنه اعتباراً من 26 إبريل سنة 1965 بالقرار الوزاري رقم 61 لسنة 1965، وكان هذا الذي انتهى إليه الحكم المطعون فيه لم تخرج فيه محكمة الموضوع عن المعنى الذي تحتمله عبارات القرارين الوزاريين المشار إليهما على ضوء ما استظهرته في استخلاص سائغ مقبول من أوراق الدعوى، فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 618 لسنة 45 ق جلسة 7 / 4 / 1979 مكتب فني 30 ج 2 ق 193 ص 40

جلسة 7 من أبريل سنة 1979

برئاسة السيد المستشار عدلي مصطفى بغدادي نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: أحمد صلاح الدين زغو، محمود حسن رمضان، وعبد العزيز عبد العاطي إسماعيل وحسن عثمان عمار.

--------------

(193)
الطعن رقم 618 لسنة 45 القضائية

(1) نقض. "الخصوم في الطعن". إيجار. "إيجار الأماكن".
اختصام المؤجر للمستأجر والمستأجر من الباطن في دعواه بالإخلاء. تصدي المستأجر من الباطن للدعوى طالباً رفضها وطعنه للاستئناف على الحكم الصادر بالإخلاء. انفراده بالطعن بالنقض. صحيح.
(2) إثبات "الكتابة" "البينة".
الإثبات بالبينة فيما يجب إثباته بالكتابة. فقد الدليل الكتابي لسبب أجنبي لا يد للخصم فيه. أثره. جواز الإثبات بالبينة. م 63 إثبات.
(3، 4) إيجار. "إيجار الأماكن". بيع. حوالة.
(3) حوالة البائع عقود إيجار العقار المبيع للمشتري ونفاذها في حق المستأجرين بإعلانهم بها. للمشتري حق إقامة دعوى الإخلاء بالتأجير من الباطن.
(4) جواز إبقاء الإيجار في حالة بيع المتجر أو المصنع بالجدك. 594/ 2 مدني. استثناء من الأصل العام. لا محل لإعماله في حالة تأجير الجدك من الباطن.

---------------
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يجوز الطعن من كل من كان طرفاً في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه ولم يتخلف عن منازعته مع خصمه حتى صدر الحكم ضده وإذ كان البين من الأوراق أن الطاعن لم يقف من الخصومة التي كان طرفاً فيها موقفاً سلبياً، بل طلب رفض دعوى الإخلاء الموجهة إليه ومورث المطعون عليهم - الثانية إلى الأخير، وإذ صدر الحكم بالإخلاء طعن فيه بالاستئناف طالباً إلغاءه لأسباب متعلقة به وتتسنى له حقاً مباشراً في استئجار العين المؤجرة من بينها شراؤه لها بالجدك، ولم يتخل عن منازعته حتى صدور الحكم المطعون فيه فإنه يكون من ثم خصماً حقيقياً تتوافر له المصلحة في الطعن في الحكم بغض النظر عن عدم طعن ورثة المستأجر الأصلي فيه.
2 - النص في المادة 63 من قانون الإثبات على أنه "يجوز كذلك الإثبات بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بدليل كتابي....... (ب) إذا فقد الدائن سنده الكتابي بسبب أجنبي لا يد له فيه". يدل على أن المشرع استهدف مواجهة حالة ما إذا كانت القواعد المتعلقة باستلزام الحصول على الدليل الكتابي الكامل قد روعيت، بيد أن الإثبات بالكتابة قد امتنع بسبب فقد هذا الدليل فيجوز عندئذ أن تحل شهادة الشهود محل الدليل الكتابي، شريطة أن يكون هذا الفقد راجعاً إلى سبب لا يد للمدعي فيه ومؤدى هذا أن يكون الفقد قد نشأ من جراء حادث جدي أو قوة قاهرة، فتستبعد إذن صور الفقد بسبب يتصل بفعل مدعي الدليل - ولو كان خطأ أو إهمالاً - بقطع السبيل إلى التواطؤ مع الشهود.
3 - المقرر أنه إذا بيعت العين المؤجرة وحول المالك البائع عقد إيجارها إلى المشتري كان ذلك كافياً لتخويل الأخير حق رفع دعوى الإخلاء باسمه. على المستأجر بسبب التأجير من الباطن، ذلك أنه إذا كانت الحوالة نافذة في حق المدين لإعلانه بها فإنه للمحال له أن يقاضيه في شأن الحقوق المحال بها دون حاجة إلى اختصام المحيل لأن الحق المحال به ينتقل إلى المحال له مع الدعاوى التي تؤكده. لما كان ذلك وكان الثابت في الدعوى أن ممثل المالك البائع لعين النزاع قد حول إلى مشتريها - المطعون عليه الأول - عقد تأجيرها إلى مورث المطعون عليهم من الثانية إلى الأخير، وكان قد تم إعلان المستأجر الأصلي بهذه الحوالة بمقتضى إعلانه بصحيفة افتتاح الدعوى الماثلة مما يجعل الحوالة نافذة قبله تطبيقاً لنص المادة 215 من القانون المدني، وقبل المستأجر من باطنه - الطاعن - بحكم تلقيه الحق في الإيجار منه، وينتقل بذلك إلى المطعون عليه الأول الحق المحال به شاملاً حقه في إقامة دعوى الإخلاء للتأجير من الباطن، فإن الدعوى تكون بذلك قد أقيمت من ذي صفة.
4 - مؤدى نص الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني، أن الحكم الوارد بها استثناء من الأصل العام، وأن مجال إعماله مقصور على الحالة التي تقوم فيها لدى المستأجر ضرورة تفرض عليه بيع المصنع أو المتجر الذي أنشأه في العقار المؤجر إليه مع قيام الشرط المانع من التأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار، وذلك بهدف تسهيل البيع الاضطراري للمحل، الأمر المنتفي في حالة احتفاظ المستأجر بالمحل واستغلاله له بطريق تأجيره إلى الغير، وإذ كان الاستثناء لا يجوز التوسع فيه فإنه لا وجه لإعمال حكم المادة 594/ 2 آنف الذكر على حالة تأجير المحل من الباطن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 631 لسنة 1973 مدني كلي جنوب القاهرة ضد الطاعن ومورث المطعون عليهم من الثانية إلى الأخير للحكم بإخلائهما من العين المبينة بصحيفة الدعوى، وقال بياناً لدعواه أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 7/ 1938 استأجر المورث سالف الذكر دكاناً من الحارس على الوقف التابع له العقار الواقع به ذلك الدكان وإذ آلت ملكيته إلى المطعون عليه الأول وقام الحارس بتسليمه العقار في 29/ 12/ 1972 وتحويل عقود الإيجار المتعلقة به إليه، ثم تبين له أن المستأجر المشار إليه قد قام بتأجير عين النزاع من باطنه إلى الطاعن بدون إذن كتابي مخالفاً بذلك شروط عقد الإيجار فقد أقام عليهما دعواه. قضت المحكمة بالإخلاء. استأنف الطاعن والمطعون عليه الأول عليهم من الثانية إلى الأخير الحكم بالاستئناف رقم 5502 لسنة 60 ق القاهرة، بتاريخ 8/ 5/ 1975 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، دفع المطعون عليه الأول بعدم قبول الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض هذا الدفع في الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم قبول الطعن، أن المطعون عليهم من الثانية إلى الأخير - وهم ورثة المستأجر الأصلي في عقد الإيجار - قد قبلوا الحكم المطعون فيه وانفسخ بذلك عقدا استئجار مورثهم لعين النزاع فلا يجوز للطاعن باعتباره مستأجراً من الباطن، أن يطعن في هذا الحكم إلى أنه لا تربطه بالمطعون عليه الأول علاقة عقدية، وأنه وإن كان قد اختصم أمام محكمة الدرجة الأولى بوصفه مستأجراً من الباطن، إلا أن ذلك لم يكن لازماً إذ أن انتهاء عقد المستأجر الأصلي يمتد إلى كل من تلقى عنه حقاً.
وحيث إن الدفع مردود، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يجوز الطعن من كل من كان طرفاً في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه ولم يتخل عن منازعته مع خصمه حتى صدر الحكم ضده. وكان البين من الأوراق أن الطاعن لم يقف من الخصومة التي كان طرفاً فيها موقفاً سلبياً، بل طلب رفض دعوى الإخلاء الموجهة إليه ومورث المطعون عليهم من الثانية إلى الأخير وإذ صدر الحكم بالإخلاء وطعن فيه بالاستئناف طالباً إلغاءه لأسباب متعلقة به وتنشئ له حقاً مباشراً في استئجار العين المؤجرة من بينها شراؤه لها ولم يتخل عن منازعته حتى صدور الحكم المطعون فيه، فإنه يكون من ثم خصماً حقيقياً تتوافر له المصلحة في الطعن بغض النظر عن عدم طعن ورثة المستأجر الأصلي فيه، ويكون الدفع بعدم قبول الطعن على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى الطاعن بالسبب الأول بالوجهين الثاني والثالث من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بسبق صدور موافقة كتابية من الحارس القضائي على العين المؤجرة إلى المستأجر الأصلي على تأجيرها من الباطن بيد أن هذا السند قد فقد، وطلب من المحكمة إحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت صدور تلك الموافقة الكتابية وفقدها إعمالاً لنص الفقرة "ب" من المادة 63 من قانون الإثبات، إلا أن المحكمة التفتت عن تحقيق هذا الدفاع الجوهري وواجهته بما لا يصلح رداً عليه، حين استندت في رفضها إحالة الدعوى إلى التحقيق على إقرار مورث المطعون عليهم من الثانية إلى الأخير أمام محكمة الدرجة الأولى بأنه قام بتأجير دكان النزاع بالجدك إلى الطاعن وأن الأخير أيده في ذلك رغم خلو عقد الإيجار من التصريح بالتأجير من الباطن مما رتبت عليه قولها أنها "ترى عدم إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات واقعة التأجير من الباطن" وهو ما يعيب حكمها بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 63 من قانون الإثبات على أنه "يجوز كذلك الإثبات بشهادة الشهود فيما كان يجب إثباته بدليل كتابي....... (ب) إذا فقد الدائن سنده الكتابي بسبب أجنبي لا يد له فيه،" يدل على أن المشرع قد استهدف به مواجهة حالة ما إذا كانت القواعد المتعلقة باستلزام الحصول على الدليل الكتابي الكامل قد روعيت، بيد أن الإثبات بالكتابة قد امتنع بسبب فقد هذا الدليل، فيجوز عندئذ أن تحل شهادة الشهود محل الدليل الكتابي، شريطة أن يكون هذا الفقد راجعاً إلى سبب لا يد للمدعي فيه، ومؤدى هذا أن يكون الفقد قد نشأ من جراء حادث جبري أو قوة قاهرة، فتستبعد إذن صور الفقد بسبب يتصل بفعل مدعي الدليل - ولو كان خطأ أو إهمالاً - لقطع السبيل إلى التواطؤ مع الشهود، لما كان ذلك وكان ما نقله الحكم المطعون فيه عن الطاعن من قوله في صحيفة الاستئناف في هذا الصدد بأنه "سبق صدور موافقة كتابية من الحارس في الوقف لمورث المستأنفين الأول - المطعون عليهم من الثانية إلى الأخير - على تأجيره محل النزاع إلى المستأنف الأخير - الطاعن - في أغسطس سنة 1970 وقد فقدت منه هذه الموافقة ويجوز إثبات صدورها بكافة طرق الإثبات القانونية ومنها البينة" يدل على أن الطاعن لم يدع أن هذا الفقد راجع إلى سبب أجنبي لا يد له فيه، وأنه لم يبد للمحكمة بالتالي المظاهر المؤيدة لهذا السبب، الأمر لذي يتخلف معه أحد شروط انطباق حكم الفقرة (ب) من المادة 63 سالفة البيان، وتضحي الواقعة المطلوب إثباتها وهي مجرد الفقد غير مؤدية إلى تغيير وجه الرأي في الدعوى، ومن ثم غير منتجة في النزاع، فلا على محكمة الموضوع إزاء ذلك إن هي التفتت عن الاستجابة إلى طلبه إحالة الدعوى إلى التحقيق أو الرد عليه لعدم التزامها إلا بالرد على أوجه الدفاع الجوهرية، وهي التي من شأنها تغيير وجه الرأي في الحكم. لما كان ذلك وكان لا يعيب الحكم المطعون فيه إزاء ما تقدم رفضه إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات واقعة التأجير من الباطن إذ يعتبر ما ورد به في هذا الشأن ناقلة تستقيم بدونها النتيجة التي خلص إليها، ويكون النعي عليه بما جاء بهذا السبب في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الأول من السبب الثاني - الطعن على الحكم الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أنه دفع أمام محكمة الموضوع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، تأسيساً على أن المطعون عليه الأول غير مالك لعين النزاع، والمقرر أن دعوى الإخلاء للتأجير من الباطن لا ترفع إلا من المالك، غير أن الحكم المطعون فيه قضى برفض هذا الدفع تأسيساً على أن الإجارة قد حولت للمطعون عليه الأول الذي رسا عليه مزاد العقار الكائنة به عين النزاع، وهو خطأ لأن الحوالة لا تعتبر دليلاً على ثبوت الملكية.
وحيث إن النعي مردود، لما هو مقرر من أنه إذا بيعت العين المؤجرة وحول المالك البائع عقد إيجارها إلى المشتري كان ذلك كافياً لتخويل الأخير حق رفع دعوى الإخلاء باسمه على المستأجر بسبب التأجير من الباطن، ذلك أنه إذا كانت الحوالة نافذة في حق المدين لإعلانه بها فإن للمحال له أن يقاضيه في شأن الحقوق المحال بها دون حاجة إلى اختصام المحيل، لأن الحق المحال به ينتقل إلى المحال له مع الدعاوى التي تؤكده. لما كان ذلك وكان الثابت في الدعوى أن ممثل المالك البائع لعين النزاع قد حول إلى مشتريها - المطعون عليه الأول - عقد تأجيرها إلى مورث المطعون عليهم من الثانية إلى الأخير، وكان قد تم إعلان المستأجر الأصلي بهذه الحوالة بمقتضى إعلانه بصحيفة افتتاح الدعوى الماثلة مما يجعل الحوالة نافذة قبله تطبيقاً لنص المادة 305 من القانون المدني، وقبل المستأجر من باطنه - الطاعن - بحكم تلقيه الحق في الإيجار منه، وينتقل بذلك إلى المطعون عليه الأول الحق المحال به شاملاً حقه في إقامة دعوى الإخلاء للتأجير من الباطن، فإن الدعوى تكون بذلك قد أقيمت من ذي صفة. هذا ولا ينال من الحكم المطعون فيه قوله في مقام رفضه الدفع بعدم قبول الدعوى أن "هذه الإيجارة قد حولت لمالك العقار الجديد - المطعون عليه الأول - الذي رسا عليه مزاد هذا العقار جلسة 1/ 3/ 1972 ومذيلة بتوقيع ناظر الوقف وبصمة ختم إدارة وقف........ ومن ثم فإن الدعوى تكون قد رفعت من مالك العقار وبعد أن رسا عليه مزاده الأمر الذي يضحى معه هذا الدفع على غير أساس سليم من القانون", ذلك أنه وإن كان وصف المطعون عليه الأول بأنه مالك ينطوي على تقرير خاطئ إلا أنه غير مؤثر في صحة النتيجة التي انتهى إليها الحكم مما يضحى معه النعي عليه بهذا الوجه غير منتج.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الرابع من السبب الثاني الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم المطعون فيه إنما أخطأ إذ اعتنق أسباب الحكم الابتدائي فيما ذهبت إليه من أن إجارة الجدك التي صدرت من المستأجر الأصلي - مورث المطعون عليهم من الثانية حتى الأخير - إلى الطاعن لا ينطبق عليها حكم الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني التي أجازت للمحكمة بالرغم من وجود الشرط المانع من التأجير من الباطن أن تقضي بإبقاء الإيجار في حالة اضطرار المستأجر لبيع المصنع أو المتجر المنشأ بالعين المؤجرة، ذلك أن تأجير المحل التجاري اضطراراً يماثل بيعه مما يقتضي الإبقاء عن الإيجار في الحالتين. هذا إلى أنه قد تم بيع المحل التجاري فعلاً من ورثة المستأجر الأصلي إلى الطاعن أثناء نظر الاستئناف وقبل صدور الحكم المطعون فيه، مما يوفر مجال إعمال نص المادة 594/ 2 سالفة البيان.
وحيث إن النعي في شقه الأول مردود، ذلك أن النص في الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني على أنه "إذا كان الأمر خاصاً بإيجار عقار أنشئ به مصنع أو متجر واقتضت الضرورة أن يبيع المستأجر هذا المصنع أو المتجر، جاز للمحكمة بالرغم من وجود الشرط المانع أن تقضي بإبقاء الإيجار إذا قدم المشتري ضماناً كافياً ولم يلحق المؤجر من ذلك ضرر محقق - يدل على أن الحكم الموجه بهذا النص إنما هو استثناء من الأصل العام وأن مجال إعماله مقصور في الحالة التي تقوم فيها لدى المستأجر ضرورة تفرض عليه بيع المصنع أو المتجر الذي أنشأه في العقار المؤجر إليه مع قيام الشرط المانع من التأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار، وذلك بهدف تسهيل البيع الاضطراري للمحل الأمر المنتفي في حالة احتفاظ المستأجر بالمحل واستغلاله له بطريقة تأجيره إلى الغير، وإذ كان الاستثناء لا يجوز التوسع فيه فإنه لا وجه لإعمال حكم المادة 594/ 2 آنف الذكر على حالة تأجير المحل من الباطن. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون، يكون في غير محله. هذا والنعي في شقه الأخير غير مقبول، إذ خلت الأوراق مما يدل على سبق تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بما يدعيه من بيع المتجر إليه، مما يعتبر معه هذا الوجه من النعي سبباً موضوعياً جديداً لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 113 لسنة 46 ق جلسة 5 / 4 / 1979 مكتب فني 30 ج 2 ق 191 ص 27

جلسة 5 من إبريل سنة 1979

برئاسة السيد المستشار عز الدين الحسيني نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد سيف الدين سابق، وسعد العيسوي، وأحمد صبري أسعد؛ وجلال الدين أنسي.

----------------

(191)
الطعن رقم 113 لسنة 46 القضائية

(1) حيازة. إرث. وصية. إثبات.
القرينة المنصوص عليها في المادة 917 مدني. شرط إعمالها. أن يكون المتصرف إليه وارث للمتصرف. عدم استفادة المورث من هذه القرينة.
(2) التزام. عقد. محكمة الموضوع.
استخلاص الفسخ الضمني للعقد. من مسائل الواقع. استقلال قاضي الموضوع به.
(3) صلح. حكم. دعوى.
تصديق القاضي على الصلح. ماهيته. انحسام النزاع بالصلح. أثره. عدم جواز تجديده بين المتصالحين.

---------------
1- دلت المادة 917 من القانون المدني على أنه من بين شروط إعمال هذا النص أن يكون المتصرف إليه وارثاً للمتصرف وإذ كانت هذه الصفة لا تتحدد إلا بوفاة المتصرف، مما لا يصح معه وصف المتصرف إليه بأنه وارث للمتصرف ما دام الأخير على قيد الحياة، فإن المورث لا يفيد من القرينة التي أقامتها هذه المادة (1).
2 - استخلاص الفسخ الضمني للعقد هو مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع متى كان استخلاصه سائغاً.
3- القاضي وهو يصدق على محضر الصلح لا يكون قائماً بوظيفة الفصل في خصومة لأن مهمته تقتصر على إثبات ما حصل أمامه من اتفاق، ولا يعدو هذا الاتفاق أن يكون عقداً ليس له حجية الشيء المحكوم فيه، إلا أن المادة 553 من القانون المدني نصت على أن تنحسم بالصلح المنازعات التي يتناولها، ويترتب عليه انقضاء الحقوق والادعاءات التي نزل عنها أي من المتعاقدين نزولاً نهائياً" مما مؤداه أنه إذا انحسم النزاع بالصلح لا يجوز لأي من المتصالحين أن يجدد هذا النزاع لا بإقامة دعوى به ولا بالمضي في الدعوى التي كانت مرفوعة مما حسمه الطرفان صلحاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1325 لسنة 1963 مدني كلي المنصورة ضد المطعون عليهم طالباً الحكم باعتبار العقد المؤرخ 1/ 1/ 1961 المتضمن بيعه للمطعون عليه الأول العقار المبين بصحيفة الدعوى، هو عقد وصية وبرجوعه فيها، تأسيساً على أنه بموجب العقد المشار إليه أوصى لابنه المطعون عليه الأول بهذا العقار وأفرغا الوصية في صورة عقد بيع ذكرا فيه أن المشتري دفع ثمناً قدره 1000 جنيه وفي ذات تاريخ العقد حرر المطعون عليه المذكور إقراراً بعدم أحقيته في التصرف في المبيع أو في اقتضاء ريعه أو اتخاذ إجراءات نقل الملكية طوال حياة البائع. وبتاريخ 25/ 4/ 1974 حكمت المحكمة للطاعن بطلباته، استأنف المطعون عليه الأول بالاستئناف رقم 293 سنة 63 ق المنصورة وفي 4/ 12/ 1975 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 229 لسنة 1967 مدني جزئي المطرية. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليها الثاني والثالث وبرفضه بالنسبة للمطعون عليه الأول. وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها تمسكت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى دفع النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليهما الثاني والثالث، أن النزاع ينحصر بين الطاعن والمطعون عليه الأول وأنه لم يحكم بشيء ضد المطعون عليهما الثاني والثالث ولا تتعلق أسباب الطعن بهما.
وحيث إن هذا الدفع في محله ذلك أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يكفي لقبول الطعن بالنقض مجرد أن يكون المطعون عليه طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، بل يجب أن يكون قد نازع خصمه أمامها في طلباته أو نازعه خصمه في طلباته هو، ولما كان الثابت من الأوراق أن المطعون عليهما الثاني والثالث قد وقفا من الخصومة موقفاً سلبياً ولم يكن للطاعن أي طلبات قبلهما ولم يحكم عليهما بشيء، وكان الطاعن قد أسس طعنه على أسباب لا تتعلق بهما، فإنه لا يقبل منه اختصامهما في الطعن أو يتعين لذلك الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة لهما.
وحيث إن الطعن بالنسبة للمطعون عليه الأول استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الثاني وبالشق الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك بأن عقد البيع المؤرخ 1/ 1/ 1963 الصادر منه لابنه المطعون عليه الأول يخفي وصية، واستدل على ذلك بورقة الضد المحررة في ذات تاريخ العقد والتي أقر فيها المطعون عليه المذكور بعدم التصرف في العقار المبيع أو اتخاذ إجراءات نقل ملكيته إلا بموافقة البائع (الطاعن) وأحقية الأخير في الانتفاع بالعقار مدى حياته، كما استند الطاعن إلى القرينة القانونية الواردة بالمادة 917 من القانون المدني لاحتفاظه بحيازة العين وبحقه في الانتفاع بها مدى حياته، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض اعتبار العقد وصية تأسيساً على أن الإقرار المؤرخ 1/ 1/ 1963 لم يتناول وجود عقد البيع وأن تلك القرينة لا يستفيد منها الطاعن لأنه غير وارث، في حين أن اشتراط الطرفين في ورقة الضد عدم نقل ملكية المبيع إلى المشتري يتعارض مع طبيعة عقد البيع المنجز، لأن نقل الملكية التزام أساسي وجوهري فيه، كما أنه ليس في نص المادة 917 من القانون المدني ما يمنع المورث (الطاعن) من التمسك بالقرينة القانونية المقررة به. من ناحية أخرى فقد ذهب الحكم المطعون فيه إلى أن الاتفاق الذي تضمنته ورقة الضد قد فسخ بالصلح الذي انتهت به الدعوى رقم 229 لسنة 1963 مدني المطرية والذي أقر فيه الطاعن بصحة العقد موضوع النزاع، وهو ما يعيب الحكم بالفساد في الاستدلال لأن الصورية تستلزم وجود عقد ظاهر وعقد آخر مستتر، فلا يعدو ذلك الصلح أن يكون إعلاناً عن العقد الظاهر لا فسخاً للعقد المستتر.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المادة 917 من القانون المدني إذ نصت على أنه "إذا تصرف شخص لأحد ورثته واحتفظ بأية طريقة كانت بحيازة العين التي تصرف فيها، وبحقه في الانتفاع بها مدى حياته، اعتبر التصرف مضافاً إلى ما بعد الموت وتسري عليه أحكام الوصية ما لم يقم دليل يخالف ذلك" فقد دلت على أنه من بين شروط إعمال هذا النص أن يكون المتصرف إليه وارثاً للمتصرف، وإذ كانت هذه الصفة لا تتحدد إلا بوفاة المتصرف، مما لا يصح معه وصف المتصرف إليه بأنه وارث للمتصرف ما دام الأخير على قيد الحياة، فإن المورث لا يفيد من القرينة القانونية التي أقامتها هذه المادة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وإذ كان ذلك وكان تفسير العقد والمستندات واستظهار نية طرفيها هو مما تستقل به محكمة الموضوع ما دام قضاؤها في ذلك يقوم على أسباب سائغة وطالما كان تفسيرها تحتمله عبارات تلك الأوراق، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد "أن الإقرار المؤرخ 1/ 1/ 1963 لم يتناول وجود عقد البيع موضوع الدعوى فيهدروه ولم يتضمن عقداً حقيقياً آخر يختلف عن العقد الظاهر وهو عقد البيع إذ هو لم يتضمن تقريراً بأن عقد البيع إنما هو عقد صوري لا حقيقة له كما لم يتضمن ما يقطع بأنه وصية وأن ثمناً لم يدفع بل اقتصر الأمر على تضمنه شرط المنع من التصرف طوال حياة البائع وتقرير حق البائع في الانتفاع بالعقار مدى حياته وشرط المنع من التصرف أمر جائز لا ينال من صحة العقد بوصفه عقد بيع كما أن مجرد احتفاظ البائع بحق الانتفاع بالعقار لا يكفي بذاته دليلاً على صورية عقد البيع" وكان هذا الذي أورده الحكم سائغاً تحتمله عبارات ذلك الإقرار، فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون مجرد جدل موضوعي في تقرير الدليل مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. إذ كان ذلك وكان استخلاص الفسخ الضمني للعقد هو من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع متى كان استخلاصه سائغاً، وكان الحكم المطعون فيه قد قرر "أن الصلح الذي تم في الدعوى رقم 229 لسنة 1963 مدني جزئي المطرية المتفق فيه على إعطاء المشتري (المطعون عليه) الحق في التصرف في العقار المبيع بسائر التصرفات القانونية وباعتباره أصبح مالكاً يكون هذا الصلح قد فسخ الاتفاق الذي تضمنه الإقرار المؤرخ 1/ 1/ 1963" وهي تقريرات موضوعية سائغة وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم ويكون النعي عليه بالفساد في الاستدلال على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالشق الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أن الحكم قضى بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 229 - لسنة 1963 مدني جزئي المطرية، مع أن تلك الدعوى انتهت بأن تقدم الطاعن والمطعون عليه بعقد صلح صدقت المحكمة عليه في 30/ 10/ 1963 مما لا يعتبر حكماً يحوز حجية الشيء المحكوم فيه، لأن - المحكمة لم تقض في خصومة وإنما قامت بعمل ولائي، فضلاً عن المطعون عليه لم يكن قد تمسك بهذا الدفع أمام محكمة الموضوع.
وحيث إنه وإن كان القاضي وهو يصدق على محضر الصلح لا يكون قائماً بوظيفة الفصل في خصومة لأن مهمته تقتصر على إثبات ما حصل أمامه من اتفاق، ويعدو هذا الاتفاق أن يكون عقد ليس له حجية الشيء المحكوم فيه، إلا أن المادة 553 من القانون المدني نصت على "تنحسم بالصلح المنازعات التي يتناولها، ويترتب عليه انقضاء الحقوق في الادعاءات التي تنزل عنها أي من المتعاقدين نزولاً نهائياً" مما مؤداه أنه إذا انحسم النزاع بالصلح لا يجوز لأي من المتصالحين أن يجدد هذا النزاع لا بإقامة دعوى به ولا بالمضي في الدعوى التي كانت مرفوعة بما حسمه الطرفان صلحاً. ولما كان الواقع أن الطاعن أقام الدعوى طالباً الحكم بصورية عقد البيع المؤرخ 1/ 1/ 1963 الصادر منه للمطعون عليه تأسيساً على أنه يستر وصية، ورد الأخير بأن العقد حقيقي منجز وأن النزاع قد انتهى بالصلح الذي تم في الدعوى رقم 229 لسنة 1963 مدني جزئي المطرية والذي أقر فيه الطاعن بصحة ونفاذ عقد البيع، وكان الحكم المطعون فيه - على ما يبين من أسبابه - بعد أن ناقش أوجه الدفاع التي قدمها طرفا الخصومة، خلص إلى أن عقد البيع موضوع الدعوى عقداً حقيقياً وأن الصلح الذي تم في الدعوى رقم 229 لسنة 1963 مدني جزئي المطرية أعطى المشتري الحق في التصرف في العقار المبيع بسائر التصرفات القانونية، ثم قرر أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 229 لسنة 1963 مدني جزئي المطرية وقد انتفت صحة الطعن بصورية العقد يكون مانعاً من إعادة طرح النزاع بشأن صحة البيع وصلاحيته لنقل الملكية بدعوى جديدة، ثم انتهى الحكم إلى القضاء بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، فإن هذا القضاء يكون متساوياً في نتيجته مع ما تؤدي إليه أسباب الحكم في مجموعها وهو القضاء برفض الدعوى. لما كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الصدد لا تتحقق به للطاعن إلا مصلحة نظرية بحتة وهي لا تصلح أساساً للطعن، فيكون هذا النعي غير مقبول.


(1) نقض 14/ 11/ 1968 مجموعة المكتب الفني السنة 19 ص 1362.

الطعن 550 لسنة 46 ق جلسة 4 / 4 / 1979 مكتب فني 30 ج 2 ق 190 ص 21

جلسة 4 من إبريل سنة 1979

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمد الباجوري، محمد طه سنجر، إبراهيم فراج وصبحي فرج.

-----------------

(190)
الطعن 550 لسنة 46 القضائية

إيجار. "إيجار الأماكن".
ترك المستأجر العين المؤجرة. لزوجه وأولاده ووالديه للبقاء بها أياً كانت مدة إقامتهم معه. لأقاربه حتى الدرجة الثالثة ذات الحق. شرطه. إقامتهم معه مدة سنة سابقة مباشرة على الترك. لا مبرر للتفرقة بين حالتي الترك والوفاة. م 21 ق 52 لسنة 1969.

---------------
مؤدى نص المادة 21 من القانون 52 لسنة 1969 في شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين - المنطبق على واقعة الدعوى - أن المشرع أجاز لبعض أقارب المستأجر البقاء في المسكن المؤجر حتى لو تركه المستأجر وأقام في مسكن آخر، وميز بين طائفة زوج المستأجر وأولاده ووالديه فلم يشترط لبقائهم في المسكن المؤجر سوى أن يكونوا مقيمين مع المستأجر وقت الترك أياً كانت مدة إقامتهم معه فيه، وبين باقي أقارب المستأجر فشرط ألا تتعدى قرابتهم له الدرجة الثالثة وأن تكون مدة إقامتهم سنة على الأقل سابقة مباشرة على تاريخ ترك المستأجر للمسكن، أو مدة شغله له إن قلت عن سنة. ولا مساغ للقول أن الفقرة الثانية من المادة حين تناولت فريق الأقارب حتى الدرجة الثالثة لم تذكر حالة الترك واقتصرت على أن تكون إقامتهم في المسكن مدة سنة على الأقل سابقة على وفاة المستأجر أو مدة شغله للمسكن أيهما أقل، إذ أن ذلك لا يعدو أن يكون عيباً في الصياغة ويتنافى مع ما صرح به في صدر المادة من أنه لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو بتركه العين مما يستأهل الاستهداء بمحكمة التشريع والرجوع إلى الأعمال التحضيرية لمشروع القانون وكلها مؤدية إلى أن المشرع إنما قصد به التسوية بين حالتي الترك والوفاة بالنسبة إلى كل من طائفتي الأقارب على سواء. يؤيد هذا النظر ما جلته المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون من أنه نص على عدم انتهاء عقد الإيجار بوفاة المستأجر أو تركه العين المؤجرة إذا بقى من كانوا يقيمون معه من ورثته أو أقاربه حتى الدرجة الثالثة، بشرط أن تكون الإقامة مستمرة في السنة السابقة مباشرة على الوفاة أو الترك أو مدة شغل المكان أيهما أقل. يساند هذا القول أن المشرع كان لا يفرق أصلاً بين طائفتي الأقارب وكان يجعل منها فريقاً واحداً، وأن التعديل الذي أجرته اللجنة التشريعية المشتركة من لجنتي الشئون التشريعية والخدمات إنما استهدف التفرقة بينهما في مدة الإقامة السابقة وقصرها على الطائفة الثانية دون الأولى، ولم يقصد على الإطلاق تمييزاً بين حالتي الوفاة والترك. يظاهر هذا الرأي ما ورد على لسان ممثل الحكومة بمجلس الأمة عند مناقشة هذا النص من أن "هناك توسعة لتشمل المادة كثيراً من الأقارب واشترط فيها شرط بسيط حتى تكون الفائدة أعم هو مجرد الإقامة لمدة سنة قبل الوفاة أو الترك". وما لبث المشرع أن أفصح عن اتجاهه السابق متداركاً هذا العيب في الصياغة إذ نص صراحة في العبارة الأخيرة من الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن تأجير وبيع الأماكن - الذي حل محل القانون السابق - على أنه يشترط في الفريق الثاني من الأقارب إقامتهم في المسكن مدة سنة سابقة على وفاة المستأجر أو تركه العين أو مدة شغله المسكن أيهما أقل، واقتصرت المذكرة الإيضاحية في شأنها على بيان أنها تقابل المادة 21 من القانون السابق مما مفاده أن الهدف هو مجرد أحكام الصياغة وليس إنشاء لحكم مستحدث مغاير تأكيداً بأن مراد المشرع هو استقرار الأوضاع في هذه المسألة التي استحدث بموجب القانون رقم 52 لسنة 1969 ومنع البلبلة في صددها تبعاً لقصر الفترة الفاصلة بين القانونين. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بالإخلاء على سند من أن نص المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969 لا يبيح لأقارب المستأجرين حتى الدرجة الثالثة البقاء مهما كانت مدة استقرارهم في العين قبل الترك فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 1043 سنة 1974 مدني أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد الطاعنين بطلب إخلائهم من الشقة المبينة بالصحيفة وقال في بيانها إنه بموجب عقد مؤرخ 1/ 4/ 1953 استأجر منه الطاعن الثالث شقة بالعقار رقم....... قسم....... بالقاهرة، وإذ تنازل المستأجر عن الإجارة إلى الطاعنة الأولى وزوجها الطاعن الثاني دون إذن كتابي منه وبالمخالفة لنصوص العقد وأحكام قانون إيجار الأماكن فقد أقام الدعوى. وبتاريخ 10/ 11/ 1974 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنون أن الطاعنة الأولى وزوجها الطاعن الثاني كانا يقيمان مع الطاعن الثالث مدة سنة سابقة على تركه العين وصلة قرابتهما به. وبعد سماع شهود الطرفين عادت وحكمت بتاريخ 30/ 3/ 1975 برفض الدعوى. استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 1840 لسنة 92 ق القاهرة بطلب إلغائه والحكم له بطلباته. وبتاريخ 3/ 5/ 1976 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبإخلاء الطاعنين من الشقة المؤجرة. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم أقام قضاءه بالإخلاء على سند من أن المادة 21 من القانون 52 لسنة 1969 لا تجيز لأقارب المستأجر من الدرجة الثالثة البقاء في العين المؤجرة بعد ترك المستأجر لها مهما استطالت مدة إقامتهم معه قبل الترك، ورتب على ذلك عدم إفادة الطاعنة الأولى منها، في حين أن مؤدى المشار إليها أن عقد الإيجار لا ينتهي بترك المستأجر للعين إذا بقى فيها أقرباء له من الدرجة الثالثة، وثبتت إقامتهم معه فيها مدة سنة على الأقل سابقة على الترك؛ وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي صحيح، ذلك أن النص في المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969 في شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين - المنطبق على واقعة الدعوى - على أنه "مع عدم الإخلال بحكم المادة الخامسة من هذا القانون لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين، إذا بقى فيها زوجه أو أولاده أو والداه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك، وفيما عدا هؤلاء من أقارب المستأجر حتى الدرجة الثالثة، يشترط لاستمرار عقد الإيجار إقامتهم في المسكن مدة سنة على الأقل سابقة على وفاة المستأجر أو مدة شغله للمسكن أيهما أقل ويلتزم المؤجر بتحرير عقد إيجار لهم" يدل على أن المشرع أجاز لبعض أقارب المستأجر البقاء في المسكن المؤجر حتى لو تركه المستأجر وأقام في مسكن آخر، وميز بين طائفة زوج المستأجر وأولاده ووالداه، فلم يشترط لبقائهم في المسكن المؤجر سوى أن يكونوا مقيمين مع المستأجر وقت الترك أياً كانت مدة إقامتهم معه فيه، وبين باقي أقارب المستأجر فشرط ألا تتعدى قرابتهم له الدرجة الثالثة، وأن تكون مدة إقامتهم سنة على الأقل سابقة مباشرة على تاريخ ترك المستأجر للمسكن، أو مدة شغله له إن قلت عن سنة. ولا مساغ للقول إن الفقرة الثانية من المادة حين تناولت فريق الأقارب حتى الدرجة الثالثة لم تذكر حالة الترك، واقتصرت على أن تكون إقامتهم في المسكن سنة على الأقل سابقة على وفاة المستأجر أو مدة شغله للمسكن أيهما أقل، إذ أن ذلك لا يعدو أن يكون عيباً في الصياغة، ويتنافى مع ما صرح به صدر المادة من أنه لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين فيما يستأهل الاستهداء بحكمة التشريع والرجوع إلى الأعمال التحضيرية لمشروع القانون وكلها مؤدية إلى أن المشرع إنما قصد التسوية بين حالتي الترك والوفاة بالنسبة إلى كل من طائفتي الأقارب على سواء يؤيد هذا النظر ما جلته المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون من أنه نص على عدم انتهاء عقد الإيجار بوفاة المستأجر أو تركه العين المؤجرة إذا بقى من كانوا يقيمون معه من ورثته أو أقاربه حتى الدرجة الثالثة، بشرط أن تكون الإقامة مستمرة في السنة السابقة مباشرة على الوفاة أو الترك أو مدة شغل المكان أيهما أقل. يساند هذا القول أن المشروع كان لا يفرق أصلاً بين طائفتي الأقارب وكان يجعل منهما فريقاً واحداً، وأن التعديل الذي أجرته اللجنة التشريعية المشتركة من لجنتي الشئون التشريعية والخدمات إنما استهدف التفرقة بينهما في مدة الإقامة السابقة، وقصرها على الطائفة الثانية دون الأولى ولم يقصد على الإطلاق تمييزاً بين حالتي الوفاة أو الترك، يظاهر هذا الرأي ما ورد على لسان ممثل الحكومة بمجلس الأمة عند مناقشة هذا النص من أن "هناك توسعة لتشمل المادة كثيراً من الأقارب واشترط فيها شرط بسيط حتى تكون الفائدة أعم هو مجرد الإقامة معه لمدة سنة قبل الوفاة أو الترك". وما لبث المشرع أن أفصح عن اتجاهه السابق متداركاً هذا العيب في الصياغة إذ نص صراحة في العبارة الأخيرة من الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن تأجير وبيع الأماكن الذي حل محل القانون السابق على أنه يشترط في الفريق الثاني من الأقارب إقامتهم في المسكن مدة سنة سابقة على وفاة المستأجر أو تركه العين أو مدة شغله المسكن أيهما أقل، واقتصرت المذكرة الإيضاحية في شأنها على بيان أنها تقابل المادة 21 من القانون السابق، مما مفاده أن الهدف هو مجرد أحكام الصياغة وليس إنشاء لحكم مستحدث مغاير، تأكيداً بأن مراد المشرع هو استقرار الأوضاع في هذه المسألة التي استجدت بموجب القانون رقم 52 لسنة 1969، ومنع البلبلة في صددها تبعاً لقصر الفترة الفاصلة بين القانونين. لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بالإخلاء على سند من أن نص المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969 لا يبيح لأقارب المستأجر حتى الدرجة الثالثة - البقاء مهما كانت مدة استقرارهم في العين قبل الترك، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، بما يستوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة.


(1) نقض 16/ 11/ 1977 مجموعة المكتب الفني السنة 28 ص. ونقض 20/ 12/ 1978 مجموعة المكتب الفني السنة 29 ص.

الطعن 117 لسنة 46 ق جلسة 4 / 4 / 1979 مكتب فني 30 ج 2 ق 189 ص 16

جلسة 4 من إبريل سنة 1979

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمد الباجوري، محمد طه سنجر، صبحي رزق ومحمد أحمد حمدي.

----------------

(189)
الطعن رقم 117 لسنة 46 القضائية

(1) استئناف. حكم. "الطعن في الحكم". بطلان.
الأحكام الصادرة بصفة انتهائية من محاكم الدرجة الأولى. صدورها مشوبة بالبطلان للقصور في الأسباب الواقعية. أثره. جواز الطعن فيها بطريق الاستئناف.
(2) حكم. "تسبيب الحكم". بطلان.
إغفال الحكم الرد على دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى. أثره. بطلانه للقصور في أسبابه الواقعية.

----------------
1 - مفاد نص المادة 221 من قانون المرافعات، أن المشرع رأى أن الحكم الباطل أو المبني على إجراءات باطلة، وإن صدر أيهما بصفه انتهائية من محاكم الدرجة الأولى، ليسا جديرين بأن يحوزا حجية الشيء المحكوم به، فاعتبر فتح باب الاستئناف فيهما رغم انعدام وسيلة الطعن بمثابة ضمانة، ومؤدى المادة 178 من قانون المرافعات معدلة بالقانون رقم 13 لسنة 1973 أن المشرع لم يرتب بطلان الحكم صراحة إلا على القصور في أسبابه الواقعية دون الأسباب القانونية، ومن ثم فإن المادة 221 آنفة الإشارة إنما تجيز على سبيل الاستثناء استئناف الأحكام الانتهائية الصادرة من محاكم الدرجة الأولى متى شابها البطلان للقصور في أسباب الحكم الواقعية ولم تجزه إذا بني على مخالفة القانون.
2- إغفال المحكمة الرد على أوجه دفاع أبداها الخصم لا يعدو من قبيل القصور في أسباب الحكم الواقعية بحيث يترتب عليه بطلانه، إلا إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهى إليها، بحيث أن المحكمة لو كانت قد محصته لجاز أن يتغير وجه الرأي فيها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 1455 لسنة 1972 مدني أمام محكمة سوهاج الابتدائية ضد الطاعن بعد رفض أمر الأداء - بطلب إلزامه بأن يدفع له مبلغ 312 ج و200 م. وقال بياناً لدعواه إنه بعقد مؤرخ 1/ 6/ 1966 استأجر الطاعن من المالكة السابقة أطياناً زراعية مساحتها 4 ف و19 ط بناحية المنشأة محافظة سوهاج والمبينة الحدود والمعالم بالصحيفة لقاء أجرة قدرها 33 ج و350 م للفدان الواحد. وإذ تأخر عن سداد أجرة سنتي 1971، 1972 الزراعيتين، فقد أقام الدعوى - دفع الطاعن بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة لانتهاء العلاقة الإيجارية بينه والمطعون عليه بموجب قرار صادر من لجنة الفصل في المنازعات الزراعية. أجاب المطعون عليه بأن الطاعن لا زال يضع اليد على أطيان النزاع. وبتاريخ 27/ 2/ 1973 حكمت المحكمة بندب مكتب الخبراء لبيان واضع اليد على عين النزاع خلال سنتي 1971، 1972 الزراعيتين وسنده في ذلك وقيمة ما يستحقه المطعون عليه من أجرة عنها قبل الطاعن، وبعد أن قدم الخبير تقريره عدل المطعون عليه طلباته إلى الحكم بما أسفر عنه التقرير وهو مبلغ 17 ج و700 م، وعادت المحكمة فحكمت بتاريخ 13/ 5/ 1975 بإلزام الطاعن بأن يؤدي إلى المطعون عليه مبلغ 17 ج و700 م. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 169 سنة 50 ق أسيوط "مأمورية سوهاج" طالباً إلغاءه والحكم بعدم قبول الدعوى واحتياطياً رفضها، وبتاريخ 4/ 12/ 1975 - حكمت محكمة الاستئناف بعدم جواز الاستئناف لقلة النصاب. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض، قدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه بعدم جواز الاستئناف لقلة النصاب على سند من أن مناط تطبيق المادة 221 من قانون المرافعات التي تجيز استئناف الأحكام الصادرة من محاكم الدرجة الأولى بصفة انتهائية بسبب وقوع بطلان في الحكم هو مخالفة الأوضاع المحددة لإصداره وتحريره، ولا يمتد إلى خطئه في تحصيل الوقائع أو فهم القانون ورتب على ذلك أنه طالما لم يخالف حكم محكمة أول درجة هذه الأوضاع واشتمل على الأسباب التي بني عليها وفق المادة 176 من ذات القانون فلا محل لجواز الاستئناف استثناء من القاعدة العامة، في حين أن بطلان الحكم لا يقتصر على ما يصيبه من عيوب شكلية وإنما ينصرف أيضاً إلى ما يعتوره من عيوب التسبيب، ومنها القصور للإخلال بدفاع جوهري لو صح لتغير به وجه الرأي في الدعوى، وإذ الثابت أن الطاعن قد بنى استئنافه على بطلان الحكم الابتدائي لإغفاله واقعاً جوهرياً في الدعوى ثابتاً بقرارات من لجنة الفصل في المنازعات الزراعية وحكم قضائي حازت جميعها قوة الشيء المقضي، مؤداها انعدام العلاقة الإيجارية بينه والمطعون عليه في سنتي المطالبة، غير أن الحكم اعتمد في قضائه على تقرير الخبير مغفلاً الرد على هذا الدفاع، رغم أن تقرير الخبير لم يواجهه ولم يكن من اختصاصه الفصل فيه، وكان هذا القصور يجيز استئناف حكم محكمة أول درجة استثناء لما شابه من بطلان فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب.
وحيث إن النعي في محله، ذلك أن النص في المادة 221 من قانون المرافعات على أنه "يجوز استئناف الأحكام الصادرة بصفة انتهائية من محاكم الدرجة الأولى بسبب وقوع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم..." يدل على أن المشرع رأى أن الحكم الباطل أو المبني على إجراءات باطلة، وإن صدر أيهما بصفة انتهائية من محاكم الدرجة الأولى، ليسا جديرين بأن يحوزا حجية الشيء المحكوم به، فاعتبر فتح باب الاستئناف فيها رغم انعدام وسيلة الطعن بمثابة ضمانة. ولما كان مؤدى المادة 178 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون رقم 13 لسنة 1973 أن المشرع لم يرتب بطلان الحكم صراحة إلا على القصور في أسبابه الواقعية دون الأسباب القانونية فإن المادة 221 آنفة الإشارة إنما تجيز على سبيل الاستثناء استئناف الأحكام الانتهائية الصادرة من محاكم الدرجة الأولى متى شابها البطلان للقصور في أسباب الحكم الواقعية، ولم تجزه إذا بني على مخالفة القانون. لما كان ذلك وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة. أن إغفال الحكم الرد على أوجه دفاع أبداها الخصم لا يعد من قبيل القصور في أسباب الحكم الواقعية بحيث يترتب عليه بطلانه، إلا إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهى إليها، بحيث أن المحكمة لو كانت قد محصته لجاز أن يتغير وجه الرأي فيها وكان الواقع في الدعوى أخذاً من مدونات الحكم الابتدائي أن دفاع الطاعن قام أساساً على أن النزاع بصدد حقيقة المساحة المؤجرة وإنهاء العلاقة الإيجارية بينه والمطعون عليه حسمها قراران صادران من لجنة الفصل في المنازعات الزراعية، بموجبهما استلم المطعون عليه الأطيان المؤجرة فعلاً مما لا يجوز معه اختصامه، في حين دار دفاع المطعون عليه حول خطأ قراري اللجنة وأن جزءاً من الأطيان المؤجرة لا يزال في وضع يد الطاعن، وكان البين من المستندات المقدمة من الطاعن أمام محكمة أول درجة أن الطاعن وآخر تقدما للجنة الفصل في المنازعات الزراعية بناحية المنشأة بطلب تعديل المساحة المؤجرة إليهما من 6 ف و6 ط إلى 5 ف 23 ط طبقاً للوارد في تكليف المالك، وصدر قرار باستجابة طلبهما، وتأيد في التظلم منه، وأن المطعون عليه استصدر ضد الطاعن قراراً من اللجنة بطرده من مساحة 1 ف و11 ط ثبت أنها كل ما يحوزه الطاعن بالإيجار من أطيان المطعون عليه وتأيد هذا القرار أيضاً ونفذ فعلاً في 29/ 4/ 1971 كالثابت في الشكوى رقم 1054 لسنة 1971 إداري المنشأة، وبإقرار المطعون عليه في الدعوى 197 لسنة 1972 مدني المنشأة التي أقامها ضد الطاعن بطلب إيجار المساحة التي طرد منها عن ثلثي سنة 1970 المتداخلة في سنة 1971، لما كان ما تقدم وكان الحكم الابتدائي جعل عمدته في قضائه على تقرير الخبير المودع في 6/ 4/ 1975 من أن الطاعن يضع يده على مساحة 6 ف 6 ط من أرض النزاع خلال فترة المطالبة عن سنتي 1971، 1972 الزراعيتين، وأغفل الرد على دفاع الطاعن وتمسكه بحجية القرارين الصادرين من لجنة الفصل في المنازعات الزراعية بتحديد المساحة المؤجرة وانتهاء عقد الإيجار بشأنها قبل سنتي المطالبة، رغم أنه دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى وكان الطاعن قد أقام استئنافه على أسباب من بينها النعي على الحكم الابتدائي بالبطلان لإغفاله بحث دفاعه الجوهري ولاعتماده على تقرير الخبير الذي خالف حجية قراري لجنة الفصل في المنازعات الزراعية، وكان الحكم المطعون فيه قد رفض الدفع ببطلان الحكم المستأنف على سند من أن بطلان الحكم إنما يقع بسبب مخالفة الأوضاع المحددة لإصداره وخلو من الأسباب، متحجباً بذلك عن بحث ما أورده الطاعن بأسباب استئنافه من نعي على الحكم الابتدائي بالبطلان لقصور في أسباب الحكم الواقعية، الوقوف على مدى تأثير ذلك على سلامة الحكم فإنه يكون مشوباً بالخطأ في تطبيق القانون فضلاً عن القصور في التسبيب بما يستوجب نقضه دون بحث باقي الأسباب على أن يكون مع النقض الإحالة.