الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 28 أغسطس 2014

الطعن 1792 لسنة 55 ق جلسة 27 / 11 / 1997 مكتب فني 48 ج 2 ق 246 ص 1327

جلسة 27 من نوفمبر سنة 1997
برئاسة السيد المستشار/ محمد حسن العفيفي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ لطفي عبد العزيز, محمد محمد محمود, عبد الرحمن العشماوي نواب رئيس المحكمة ورمضان أمين اللبودي.
------------------
(246)
الطعن رقم 1792 لسنة 55 القضائية
(1 ، 2) أهلية "وقف الأهلية: المحكوم عليه بعقوبة جناية" "القوامة". دعوى "الصفة في الدعوى: الصفة الإجرائية". بطلان. استئناف "ميعاد الاستئناف". نيابة عامة.
 (1)الحكم بعقوبة جناية يستتبع عدم أهلية المحكوم عليه للتقاضي أمام المحاكم مدعٍ أو مدعى عليه. عدم تعيينه قيماً تقره المحكمة. التزام المحكمة المدنية التابع لها محل إقامته في غرفة مشورتها بتعيين القيّم بناء على طلب النيابة العامة أو من له مصلحة. مؤداه. اختصام المحكوم عليه أو مخاصمته بشخصه في الدعوى خلال فترة تنفيذه للعقوبة دون القيّم عليه. أثره. بطلان إجراءات الخصومة. عدم ترتيب هذا الأثر إذا ما تحققت الغاية من الإجراء. م 20 مرافعات.
(2) اختصام المطعون ضده الأول المحكوم عليه بعقوبة جناية بشخصه في الدعوى. أثره. بطلان إجراءات مخاصمته. حضور القيّم عليه جلسات المحاكمة إلى أن صدر الحكم الابتدائي يصحح هذا البطلان. مؤداه. بدء ميعاد استئناف هذا الحكم من تاريخ صدوره. احتساب الحكم المطعون فيه بدء الميعاد من تاريخ إعلان الحكم الابتدائي لعدم اختصام القيمة دون أن يعوّل على حضورها ومباشرتها للدعوى. خطأ.
 (3)نقض "أثر نقض الحكم".
نقض الحكم في خصوص قضائه برفض الدفع بسقوط الحق في الاستئناف. أثره. إلغاء قضاؤه في موضوع الادعاء بالتزوير وفي موضوع الاستئناف. علة ذلك.
-----------------------
1 - إن كان مؤدى المادتين 24 و25 من قانون العقوبات أن كل حكم يصدر بعقوبة جناية يستتبع حتماً وبقوة القانون عدم أهلية المحكوم عليه للتقاضي أمام المحاكم سواء بصفته مدعياً أو مدعى عليه بما يوجب إن لم يعين هو قيماً تقره المحكمة أن تتولى المحكمة المدنية التابع لها محل إقامته في غرفة مشورتها تعيين هذا القيم بناء على طلب النيابة العامة أو من له مصلحة في ذلك بما مؤداه أنه إذا اختصم أو خاصم بشخصه في الدعوى خلال فترة تنفيذه للعقوبة الأصلية المقضي بها عليه دون القيم الذي يمثله قانوناً من قبل المحكمة فإن إجراءات هذه الخصومة تكون باطلة بقوة القانون، إلا أن المشرع في قانون المرافعات القائم اتجه إلى الإقلال من دواعي البطلان فعنى ـ وعلى ما ورد في المذكرة الإيضاحية ـ بمعالجة نظرية البطلان عناية تتفق وأثرها البالغ على إجراءات التقاضي، وصدر في تنظيمه لها عن اعتباره الإجراءات وسيلة لتحقيق الغاية المقصودة منها، واعتباره الشكل أداة نافعة في الخصومة وليس مجرد شكل يحجب العدالة عن تقصي الحقيقة، فتناول في المادة 20 منه تنظيم حالات البطلان بسبب العيوب الشكلية التي تعيب الإجراءات وقدر أن الشكل ليس سوى وسيلة لتحقيق غاية معينة في الخصومة فإذا ثبت تحقق الغاية رغم تخلف هذا الشكل، فإن من التمسك بالشكليات الاعتداد بالبطلان.
2 - لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه وبما لا خلاف فيه بين الخصوم أن المطعون ضده الأول كان وقت مخاصمة الطاعن له شخصياً في الدعوى الراهنة محكوماً عليه بعقوبة جناية بما يشوب إجراءات مخاصمته ابتداء بالبطلان، إلا أن حضور زوجته..... جلسات المحاكمة إلى أن صدر الحكم الابتدائي بصفتها قيمة نصبت لإدارة أشغاله الخاصة وتمثيله بذلك قانوناً من شأنه أن يصحح البطلان المشار إليه لتحقق الغاية التي تغياها المشرع لصالح المحكوم عليه بعقوبة جناية من وجوب اختصامه في شخص القيم باعتبار أنه خلال فترة تنفيذ العقوبة المقضي بها عليه لا يكون في حال تمكنه من إدارة أمواله وبالتالي يعتبر المطعون ضده الأول ماثلاً في الخصومة أمام محكمة الدرجة الأولى ومن ثم ميعاد استئناف الحكم الصادر فيها في حقه من تاريخ صدوره الحاصل في 16/5/1983 عملاً بالمادة 213/1 من قانون المرافعات، وإذ كان الاستئناف طبقاً لاحتساب بدء ميعاده على هذا الأساس قد رفع بتاريخ 7/11/1983 أي بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة 227 من ذات القانون فإن الحق فيه يكون قد سقط طبقاً للمادة 215 منه، ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر محتسباً بدء ميعاد الاستئناف من تاريخ إعلان الحكم الابتدائي على سند من عدم اختصام القيمة من أجل تصحيح شكل الخصومة دون أن يعول على حضورها ومباشرتها لها، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
3 - نقض الحكم في خصوص قضائه بتاريخ..... برفض الدفع بسقوط الحق في الاستئناف..... يترتب عليه إلغاء القضاء الصادر فيه في موضوع الادعاء بالتزوير..... وكذلك إلغاء الحكم الصادر في موضوع الاستئناف بتاريخ 7/4/1985 بتعديل الحكم المستأنف.... وذلك باعتبارهما مؤسسين على قضاء الحكم المنقوض بقبول الاستئناف عن الحكم الابتدائي الصادر بتاريخ 16/5/1983، فإنه يتعين نقضهما.
-----------------------
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 32 لسنة 1979 مدني الإسكندرية الابتدائية على المطعون ضدهم طلباً للحكم بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 5/1/1976 المتضمن بيع المطعون ضدها الثانية إليه العقار الموضح بالصحيفة مقابل ثمن مقداره 10000 جنيه وبطلان العقد المؤرخ 2/11/1976 والمسجل برقم 4463 لسنة 1976 المتضمن بيعها إلى المطعون ضده الأول حصة مقدارها 12 ط من هذا العقار، ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن قدم تقريره أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق لإثبات إدعاء المطعون ضدها الثانية تزوير العقد المسجل المشار إليه المنسوب صدوره منها إلى المطعون ضده الأول ثم حكمت برده وبطلانه وبتاريخ 16/5/1983 عادت وقضت للطاعن بصحة ونفاذ عقده المؤرخ 5/1/1976 آنف الذكر فاستأنفت .... هذا الحكم بصفتها قيمة على زوجها المطعون ضده الأول المحكوم عليه بعقوبة جناية بالاستئناف رقم 963 لسنة 39 ق الإسكندرية وفيه رفضت المحكمة بجلسة 7/1/1985 دفع الطاعن بسقوط الحق في الاستئناف لرفعه بعد الميعاد وقضت بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الإدعاء بتزوير عقد البيع المؤرخ 2/11/1976 والمسجل برقم 4463 سنة 1976 وبصحة توقيع المطعون ضدها الثانية عليه ثم حكمت بجلسة 5/4/1985 بتعديل الحكم المستأنف إلى الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 5/1/1976 بالنسبة لحصة مقدارها 12 ط شائعة في كامل أرض وبناء عقار التداعي مقابل 5000 جنيه. طعن الطاعن في هذا الحكم والحكم السابق عليه الصادر بجلسة 7/4/1985 بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره التزمت فيها النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وذلك حين قضى برفض الدفع الذي تمسك به بسقوط الحق في الاستئناف لرفعه بتاريخ 7/11/1983 بعد الميعاد قولاً من الحكم بأن ميعاده يبدأ من تاريخ إعلان الحكم الابتدائي مع أن القيمة المستأنفة كانت قد حضرت أمام محكمة الدرجة الأولى اعتباراً من جلسة 23/3/1981 عن زوجها المطعون ضده الأول والمحكوم عليه بعقوبة جناية مصححة بذلك إجراءات الخصومة والتي كانت قد بدأت مشوبة بالبطلان باختصامه شخصياً دونها بما ينبني عليه أن يبدأ ميعاد الاستئناف من تاريخ صدور الحكم الابتدائي عملاً بالقاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 213/1 من قانون المرافعات بما يعيب الحكم المطعون فيه إذ التفت عن ذلك وعول على إعلان الحكم الابتدائي كإجراء يبدأ به ميعاد الاستئناف ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأنه وإن كان مؤدى المادتين 24، 25 من قانون العقوبات أن كل حكم يصدر بعقوبة جناية يستتبع حتماً وبقوة القانون عدم أهلية المحكوم عليه للتقاضي أمام المحاكم سواء بصفته مدعياً أو مدعي عليه بما يوجب إن لم يعين هو قيماً تقره المحكمة أن تتولى المحكمة المدنية التابع لها محل إقامته في غرفة مشورتها تعيين هذا القيم بناء على طلب النيابة العامة أو من له مصلحة في ذلك بما مؤداه أنه إذا اختصم أو خاصم بشخصه في دعوى خلال فترة تنفيذه للعقوبة الأصلية المقضي بها عليه دون القيم الذي يمثله قانوناً من قبل المحكمة فإن إجراءات هذه الخصومة تكون باطلة بقوة القانون، إلا أن المشرع في قانون المرافعات القائم أتجه إلى الإقلال من دواعي البطلان فعنى - وعلى ما ورد في المذكرة الإيضاحية - بمعالجة نظرية البطلان عناية تتفق وأثرها البالغ على إجراءات التقاضي، وصدر في تنظيمه لها عن اعتباره الإجراءات وسيلة لتحقيق الغاية المقصودة منها، واعتباره الشكل أداة نافعة في الخصومة وليس مجرد شكل يحجب العدالة عن تقصي الحقيقة، فتناول في المادة 20 منه تنظيم حالات البطلان بسبب العيوب الشكلية التي تعيب الإجراءات وقدر أن الشكل ليس سوى وسيلة لتحقيق غاية معينة في الخصومة فإذا ثبت تحقق الغاية رغم تخلف هذا الشكل فإن من التمسك بالشكليات الاعتداد بالبطلان. إذ كان ما تقدم وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه وبما لا خلاف فيه بين الخصوم أن المطعون ضده الأول كان وقت مخاصمة الطاعن له شخصياً في الدعوى الراهنة محكوماً عليه بعقوبة جناية بما يشوب إجراءات مخاصمته ابتداء بالبطلان، إلا أن حضور زوجته ...... جلسات المحاكمة إلى أن صدر الحكم الابتدائي بصفتها قيمة نصبت لإدارة أشغاله الخاصة وتمثيله بذلك قانوناً من شأنه أن يصحح البطلان المشار إليه لتحقق الغاية التي تغياها المشرع لصالح المحكوم عليه بعقوبة جناية من وجوب اختصامه في شخص القيم باعتبار أنه خلال فترة تنفيذه العقوبة المقضي بها عليه لا يكون في حالة تمكنه من إدارة أمواله وبالتالي يعتبر المطعون ضده الأول ماثلاً في الخصومة أمام محكمة الدرجة الأولى ومن ثم يبدأ ميعاد استئناف الحكم الصادر فيها في حقه من تاريخ صدوره الحاصل في 16/5/1983 عملاً بالمادة 213/1 من قانون المرافعات، وإذ كان الاستئناف طبقاً لاحتساب بدء ميعاده على هذا الأساس قد رفع بتاريخ 7/11/1983 أي بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة 227 من ذات القانون فإن الحق فيه يكون قد سقط طبقاً للمادة 215 منه، ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر محتسباً بدء ميعاد الاستئناف من تاريخ إعلان الحكم الابتدائي على سند من عدم اختصام القيمة من أجل تصحيح شكل الخصومة دون أن يعول على حضورها ومباشرتها لها، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه في خصوص قضائه بتاريخ 7/1/1985 برفض الدفع بسقوط الحق في الاستئناف. وإذ كان نقض الحكم في خصوص ذلك يترتب عليه إلغاء القضاء الصادر فيه في موضوع الإدعاء بالتزوير وبصحة توقيع المطعون ضدها الثانية على عقد البيع المؤرخ 2/11/1976 والمسجل برقم 4463 لسنة 1976 وكذلك إلغاء الحكم الصادر في موضوع الاستئناف بتاريخ 7/4/1985 بتعديل الحكم المستأنف إلى صحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 5/1/1976 المتضمن بيع المطعون ضدها الثانية إلى الطاعن 12 ط مشاعاً في عقار النزاع مقابل 5000 جنيه وذلك باعتبارهما مؤسسين على قضاء الحكم المنقوض بقبول الاستئناف عن الحكم الابتدائي الصادر بتاريخ 16/5/1983، فإنه يتعين نقضهما.
وحيث إن الاستئناف صالح للفصل فيه بالنسبة للدفع بالسقوط فإنه ولما تقدم يتعين القضاء بسقوط الحق فيه.

الطعن 8361 لسنة 64 ق جلسة 29 / 11 / 1997 مكتب فني 48 ج 2 ق 252 ص 1356

جلسة 29 من نوفمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ د. رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد خيري الجندي، علي محمد علي، عبد العزيز محمد ومحمد درويش نواب رئيس المحكمة.

--------------

(252)
الطعن رقم 8361 لسنة 64 القضائية

(1، 2) دعوى "المسائل التي تعترض سير الخصومة: شطب الدعوى" "اعتبار الدعوى كأن لم تكن". استئناف. نظام عام. دفوع "الدفوع الشكلية" "التنازل عن الدفع الشكلي". حكم "عيوب التدليل: الخطأ في تطبيق القانون: ما يُعد كذلك".
 (1)
الدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم تجديدها من الشطب لأول مرة خلال الميعاد المنصوص عليه في الشق الأول من المادة 82/ 1 مرافعات المعدل بق 23 لسنة 1992. دفع شكلي. عدم تعلقه بالنظام العام. وجوب التمسك به من قبل الخصم تقرير لمصلحته.
 (2)
تنازل المطعون ضدهم عن الدفع المبدى منهم باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم تجديده من الشطب في الميعاد القانوني لأول مرة. أثره. سقوط حقهم في الدفع. التزام المحكمة بالمضي في نظر الاستئناف. اعتبار الحكم المطعون فيه هذا الدفع قد أضحى متعلقاً بالنظام العام بعد صدور القانون 23 لسنة 1992 مما لا يجوز النزول عنه وقضاؤه من بعد باعتبار الاستئناف كأن لم يكن. خطأ في تطبيق القانون حجبه عن نظر موضوع الاستئناف.

--------------
1 - مفاد الشق الأول من الفقرة الأولى من المادة 82 من قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1968 وبعد تعديلها بالقانون 23 لسنة 1992 أن الدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم تجديدها من الشطب في المرة الأولى خلال الميعاد الذي نص عليه في ذلك الشق لا يزال من قبيل الدفوع الشكلية غير المتعلقة بالنظام العام، ومن ثم فلا تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها وإنما يجب أن يتمسك به الخصم الذي تقرر لمصلحته.
2 - الثابت بالأوراق أن الأستاذ/ ....... المحامي الحاضر عن المطعون ضدهم قد مثل أمام محكمة الاستئناف بجلسة 7/ 2/ 1994 وقرر بتنازله عن الدفع المبدى من موكله بجلسة 7/ 12/ 1993 باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم التجديد من الشطب في الميعاد القانوني لأول مرة، ومن ثم فقد أسقطوا حقهم في هذا الدفع صراحة ويتعين على محكمة الاستئناف المضي في نظر الاستئناف، وإذ اعتبر الحكم المطعون فيه هذا الدفع قد أضحى متعلقاً بالنظام العام بعد صدور القانون رقم 23 لسنة 1992..... ورتب على ذلك عدم جواز النزول عنه وعلى المحكمة إثارته من تلقاء نفسها، وقضى على هدى من ذلك باعتبار الاستئناف كأن لم يكن فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه مما حجبه عن بحث موضوع الاستئناف.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا على الشركة الطاعنة الدعوى رقم 6214 لسنة 1990 جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي مبلغ 50000 جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية والموروثة التي لحقت بهم نتيجة وفاة مورثهم، وقالوا بياناً لها إن سائق السيارة رقم...... نقل دقهلية تسبب في قتل مورثهم خطأ أثناء قيادته السيارة المذكورة بحالة خطرة، وقيدت الواقعة برقم 1514 لسنة 1980 جنح قليوب وفيها قضى بإدانته بحكم صار باتاً، وإذ أصابتهم من جراء ذلك أضرار مادية وأدبية ومورثة يقدرون التعويض عنها بالمبلغ المطالب به فقد أقاموا الدعوى، وبتاريخ 15/ 11/ 1992 حكمت المحكمة بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضدهم 3500 ج يقسم بالسوية بينهم تعويضاً عن الأضرار الأدبية، ومبلغ 700 ج تعويضاً موروثاً يوزع بينهم طبقاً للفريضة الشرعية. استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 11103 لسنة 109 ق القاهرة، كما استأنفته الشركة الطاعنة بالاستئناف رقم 11840 لسنة 109 ق أمام ذات المحكمة، وبعد أن ضمنت المحكمة الاستئناف الأخير إلى الأول للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد قضت بتاريخ 6/ 7/ 1994 باعتبار الاستئناف كأن لم يكن. طعنت الشركة المحكوم ضدها في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة لعدم تقديم رافع الطعن أصل سند الوكالة أو صورة رسمية منه وأبدت الرأي في موضوع الطعن بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه عن الدفع المبدي من النيابة بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة لتقديم المحامي رافع الطعن صورة ضوئية من سند وكالته دون أصله فهو غير صحيح، فهو غير صحيح، وذلك أن الثابت من أوراق الطعن أنه قد أرفق بها سند الوكالة رقم..... عام قصر النيل الصادر من الشركة الطاعنة للأستاذ/ ...... المحامي الموقع على صحيفة الطعن وهي صورة رسمية مطابقة للأصل ومن ثم يضحى الدفع غير مقبول.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتفسيره، وذلك أنه قضى باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لتجديده من الشطب بعد انقضاء أكثر من ستين يوماً تأسيساً على أن هذا الجزاء قد أصبح وجوبياً بعد صدور القانون رقم 23 لسنة 1992 الذي عدل صياغة المادة 82 منه في حين أن الدفع المذكور لا يزال من قبيل الدفوع الشكلية غير المتعلقة بالنظام العام لأنه يستهدف مصلحة الخصم الذي تقرر لمصلحته هذا الدفع ومن ثم يجوز له النزول عنه صراحة أو ضمناً ولما كان المطعون ضدهم قد تنازلوا عن هذا الدفع صراحة بجلسة 7/ 2/ 1994 فإن الحكم المطعون فيه وقد قضى من تلقاء نفسه باعتبار الاستئناف كأن لم يكن رغم نزول المطعون ضدهم عنه فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن مفاد الشق الأول من الفقرة الأولى من المادة 82 من قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1986 وبعد تعديلها بالقانون 23 لسنة 1992 أن يدفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم تجديدها من الشطب في المرة الأولى خلال الميعاد الذي نص عليه في ذلك الشق لا يزال من قبيل الدفوع الشكلية غير المتعلقة بالنظام العام، ومن ثم فلا تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها وإنما يجب أن يتمسك به الخصم الذي تقرر لمصلحته. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الأستاذ/ ...... المحامي الحاضر عن المطعون ضدهم قد مثل أمام محكمة الاستئناف بجلسة 7/ 2/ 1994 وقرر بتنازله عن الدفع المبدي من موكليه بجلسة 7/ 12/ 1993 باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم التجديد من الشطب في الميعاد القانوني لأول مرة، ومن ثم فقد أسقطوا حقهم في هذا الدفع صراحة ويتعين على محكمة الاستئناف المضي في نظر الاستئناف، وإذ اعتبر الحكم المطعون فيه هذا الدفع قد أضحي متعلقاً بالنظام العام بعد صدور القانون رقم 23 لسنة 1992 سالف الذكر ورتب على ذلك عدم جواز النزول عنه وعلى المحكمة إثارته من تلقاء نفسها، وقضى على هدى من ذلك باعتبار الاستئناف كأن لم يكن فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه مما حجبه عن بحث موضوع الاستئناف. بما يوجب نقضه.

الطعن 4105 لسنة 61 ق جلسة 29 / 11 / 1997 مكتب فني 48 ج 2 ق 251 ص 1349

جلسة 29 من نوفمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ د. رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد خيري الجندي، وعلي محمد علي، محمد درويش وعبد المنعم دسوقي نواب رئيس المحكمة.

------------------

(251)
الطعن رقم 4105 لسنة 61 القضائية

(1،2 ) دعوى "إجراءات رفع الدعوى" "الخصوم فيها". بطلان "بطلان الإجراءات". دفوع "الدفوع الشكلية". نظام عام.
 (1)
الدفع ببطلان الإجراءات أمام محكمة أول درجة لنقص أهلية أحد الخصوم. دفع شكلي. عدم التمسك به في صحيفة الاستئناف. أثره. سقوط الحق في إبدائه.
 (2)
بطلان الإجراءات المبني على انعدام الصفة. غير متعلق بالنظام العام
.
 (3)
دعوى "ضم الدعاوي". استئناف.
ضم دعويين تختلفان سبباً وموضوعاً تسهيلاً للإجراءات. لا يفقدهما استقلالهما ولا يؤثر على مركز الخصوم فيهما.
 (4)
حكم "عيوب التدليل: ما يُعد قصوراً". دعوى "الدفاع الجوهري".
إغفال الحكم بحث دفاع جوهري أبداه الخصم. قصور في أسبابه. مقتضاه. بطلان الحكم.
(5)
كسب غير مشروع.
أمر رئيس المحكمة المختصة بناءً على طلب هيئة الفحص والتحقيق بإدارة الكسب غير المشروع بتكليف الغير بعدم التصرف فيما لديه للمتهم أو زوجه أو أولاده القصّر. مقتضاه. منعه من الوفاء بما تحت يده من ديون أو أجرة أو قيم منقولة لأي منهم أو تسليمه لهم. مقصوده. اقتضاء الدولة حقها من المال محل المنع أو من ثمنه بعد بيعه متى تحققت موجباته. أساس ذلك. م 12 ق 62 لسنة 1975.
 (6)
حكم "عيوب التدليل: القصور". دعوى " "الدفاع في الدعوى: الدفاع الجوهري".
تمسك الطاعنة أمام محكمة الاستئناف بعدم أحقية المطعون ضدهما الأولين في طلب تسليم السيارتين محل النزاع لسبق صدور أمر من هيئة الفحص والتحقيق بإدارة الكسب غير المشروع المؤيد بحكم محكمة الجنايات بتكليفها بعدم التصرف فيما تحت يدها من مال ودللت على ذلك بكتاب إدارة الكسب غير المشروع في هذا الشأن وما يفيد أنه ساري المفعول. دفاع جوهري. عدم تعرض الحكم المطعون فيه لهذه المستندات ودلالتها في تأكيد دفاعها. قصور.

-------------
1 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الدفع ببطلان الإجراءات أمام محكمة أول درجة لنقص أهلية أحد الخصوم دفع شكلي يجب التمسك به في صحيفة الاستئناف وإلا سقط الحق في إبدائه.
2 - الدفع ببطلان الإجراءات المبني على انعدام صفة أحد الخصوم لا يتعلق بالنظام العام.
3 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه يجوز ضم دعويين يختلفان سبباً وموضوعاً لنظرهما معاً تسهيلاً للإجراءات وأن هذا لا يؤدي إلى دمج إحداهما في الأخرى بحيث تفقد كل منهما استقلالها أو يؤثر على مركز الخصوم فيها.
4 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلانه إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في أسباب الحكم.
5 - النص في المادة الثانية عشر من القانون 62 لسنة 1975 في شأن الكسب غير المشروع على أنه "يجوز لرئيس المحكمة المختصة بنظر الدعوى إذا قامت دلائل كافية على الحصول على كسب غير مشروع أن يصدر بناء على طلب هيئة الفحص والتحقيق أمراً بتكليف الغير بعدم التصرف فيما لديه للمتهم أو أي شخص آخر من المذكورين في المادة 18 من هذا القانون من ديون أو أجرة أو قيم منقولة أو غير ذلك ويترتب على هذا الأمر كل ما يترتب على حجز ما للمدين لدى الغير من أثار دون حاجة إلى إجراءات أخرى" مفاده أن الأمر الصادر من رئيس المحكمة المختصة بناء على طلب هيئة الفحص والتحقيق بإدارة الكسب غير المشروع بتكليف الغير بعدم التصرف فيما لديه للمتهم أو زوجه أو أولاده القصّر يقتضي منعه من الوفاء بما تحت يده من ديون أو أجره أو قيم منقولة لأي منهم أو تسليمه لهم وذلك تمهيداً لاقتضاء حق الدولة من المال محل المنع أو من ثمنه بعد بيعه متى تحققت موجباته.
6 - الثابت في الأوراق أن الطاعنة كانت قد تمسكت في دفاعها أمام محكمة الاستئناف بعدم أحقية المطعون ضدهما الأولين في طلب تسليم السيارتين محل النزاع لسبق صدور أمر من هيئة الفحص والتحقيق بإدارة الكسب غير المشروع المؤيد بحكم محكمة الجنايات بتكليفها بعدم التصرف في كامل المبلغ المدفوع من المطعون ضده الأول ثمناً للسيارة الخاصة وفي مقدم حجز السيارة الخاصة بالمطعون ضدها الثانية وقدمت تأكيداً لدفاعها أمام تلك المحكمة الخطاب المبلغ لها من إدارة الكسب غير المشروع بهذا الشأن رفق حافظة مستنداتها المقدمة منها بجلسة 8/ 3/ 1988 ثم كررت. إبداءه أيضاً بجلسة 18/ 4/ 1988 وأشفعت ذلك بتقديم خطاب صادر من تلك الإدارة مؤرخ 28/ 5/ 1989 يتضمن أن أمر المنع من التصرف سالف الذكر ما زال ساري المفعول وذلك بحافظة مستنداتها المقدمة بجلسة..... وإذ لم يعرض الحكم المطعون فيه لهذه المستندات ودلالتها في تأكيد دفاع الطاعنة بعدم أحقية المطعون ضدهما الأولين في طلب إلزامها بتسليمهما السيارتين محل النزاع رغم أنه دفاع جوهري من شأنه أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون معيباً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 16058 لسنة 1985 مدني شمال القاهرة الابتدائية على الشركة الطاعنة والمطعون ضده الثالث بصفته بطلب الحكم بإلزامهما بتسليمه سيارة الركوب "....." لوفائه بكامل ثمنها ومقداره 5810 جنيهاً ورفضهما تسليمها له في الأجل المحدد وأقامت المطعون ضدها الثانية الدعوى رقم 16057 لسنة 1985 مدني شمال القاهرة الابتدائية على نفس الخصمين للحكم لها بالطلب السابق عن سيارة أخرى من ذات النوع بعد أن أوفت بمعجل ثمنها ومقداره 2510 جنيهاً بعد أن رفضت الطاعنة استلام باقي الثمن المؤجل وتسليمها السيارة بتاريخ 27/ 12/ 1986 حكمت محكمة أول درجة في الدعويين بالطلبات. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئنافين رقمي 1728, 1733 لسنة 104 ق لدى محكمة استئناف القاهرة وبعد أن ضمت أولهما إلى الثاني قضت بتاريخ 22/ 5/ 1991 بتأييد الحكمين المستأنفين. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه, عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعنه تنعي بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ قضى في الدعوى رقم 16057 لسنة 1985 مدني شمال القاهرة الابتدائية المقامة من المطعون ضدها الثانية بالطلبات ولم يحكم بعدم قبولها لبطلان إجراءاتها لمباشرتها بشخصها وهي قاصر بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الدفع ببطلان الإجراءات أمام محكمة أول درجة لنقص أهلية أحد الخصوم دفع شكلي يجب التمسك به في صحيفة الاستئناف وإلا سقط الحق في إبدائه كما وأن الدفع ببطلان الإجراءات المبني على انعدام صفة أحد الخصوم لا يتعلق بالنظام العام. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن الطاعنة لم تتمسك أمام محكمة الموضوع بدرجتيها ببطلان إجراءات الدعوى رقم 16057 لسنة 1985 مدني شمال القاهرة الابتدائية لنقص أهلية المطعون ضدها الثانية فلا يقبل منها التحدي به لأول مرة أمام هذه المحكمة ويضحى النعي بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بضم الاستئنافين رقميّ 1728, 1733 لسنة 104 ق القاهرة وأصدر فيهما حكم واحد رغم عدم توافر الارتباط بينهما الموجب لهذا الضم لاختلافهما موضوعاً وخصوماً وسبباً فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه يجوز ضم دعويين يختلفان سبباً وموضوعاً لنظرهما معاً تسهيلاً للإجراءات وأن هذا لا يؤدي إلى دمج إحداهما في الأخرى بحيث تفقد كل منهما استقلالها أو يؤثر على مركز الخصوم فيها. لما كان ذلك، وكان البيّن من الأوراق أن محكمة الاستئناف ضمت الاستئنافين رقمي 1728, 1733 لسنة 104 ق القاهرة المقامين من الشركة الطاعنة على المطعون ضدهما الأولين تسهيلاً للإجراءات وانتهت في حكمها المطعون فيه إلى رفضهما وتأييد الحكمين المستأنفين بما لا يفقد استقلالية كل منهما عن الآخر أو يؤثر على مراكز الخصوم فيها فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه ويغدو النعي بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ذلك أنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بعد أحقية المطعون ضدهما الأولين في طلبهما استلام السيارتين محل النزاع بعد أن أصدرت إدارة الكسب غير المشروع قرارها المبلغ لها باعتبار المبلغ المسدد من المطعون ضده الأول ثمناً للسيارة الخاصة به ومقدم الثمن المدفوع من المطعون ضدها الثانية متحفظاً عليه والمؤيد بالحكم الصادر من محكمة الجنايات بجلسة 26/ 2/ 1986 والذي أضحى نهائياً لعدم الطعن عليه منهما مما لازمه أنها لا تجبر على تسليم السيارتين للمطعون ضدهما الأولين وإذ لم يعرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفاع رغم تقديم الطاعنة لدليله ويقسطه حقه من البحث والتمحيص فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلانه إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهت إليها المحكمة إذ يعتبر ذلك الإغفال قصوراً في أسباب الحكم، وكان النص في المادة الثانية عشر من القانون 62 لسنة 1975 في شأن الكسب غير المشروع على أنه "يجوز لرئيس المحكمة المختصة بنظر الدعوى إذا قامت دلائل كافية على الحصول على كسب غير مشروع أن يصدر بناء على طلب هيئة الفحص والتحقيق أمراً بتكليف الغير بعدم التصرف فيما لديه للمتهم أو أي شخص آخر من المذكورين في المادة 18 من هذا القانون من ديون أو أجرة أو قيم منقولة أو غير ذلك ويترتب على هذا الأمر كل ما يترتب على حجز ما للمدين لدى الغير من آثار دون حاجة إلى إجراءات أخرى" مفاده أن الأمر الصادر من رئيس المحكمة المختصة بناء على طلب هيئة الفحص والتحقيق بإدارة الكسب غير المشروع بتكليف الغير بعدم التصرف فيما لديه للمتهم أو زوجه أو أولاده القصّر يقتضي منعه من الوفاء بما تحت يده من ديون أو أجره أو قيم منقولة لأي منهم أو تسليمه لهم وذلك تمهيداً لاقتضاء حق الدولة من المال محل المنع أو من ثمنه بعد بيعه متى تحققت موجباته، لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن الطاعنة كانت قد تمسكت في دفاعها أمام محكمة الاستئناف بعدم أحقية المطعون ضدهما الأولين في طلب تسليم السيارتين محل النزاع لسبق صدور أمر من هيئة الفحص والتحقيق بإدارة الكسب غير المشروع المؤيد بحكم محكمة الجنايات بتكليفها بعدم التصرف في كامل المبلغ المدفوع من المطعون ضده الأول ثمناً للسيارة الخاصة وفي مقدم حجز السيارة الخاصة بالمطعون ضدها الثانية وقدمت تأكيداً لدفاعها أمام تلك المحكمة الخطاب المبلغ لها من إدارة الكسب غير المشروع بهذا الشأن رفق حافظة مستنداتها المقدمة منها بجلسة 8/ 3/ 1988 ثم كررت إبداءه أيضاً بجلسة 18/ 4/ 1988 وأشفعت ذلك بتقديم خطاب صادر من تلك الإدارة مؤرخ 28/ 5/ 1989 يتضمن أن أمر المنع من التصرف سالف الذكر ما زال ساري المفعول وذلك بحافظة مستنداتها المقدمة بجلسة 18/ 11/ 1989، وإذ لم يعرض الحكم المطعون فيه لهذه المستندات ودلالتها في تأكيد دفاع الطاعنة بعدم أحقية المطعون ضدهما الأولين في طلب إلزامها بتسليمهما السيارتين محلا النزاع رغم أنه دفاع جوهري من شأنه أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه - ولما تقدم - وكانت الأوراق قد خلت مما يفيد عدول هيئة الفحص والتحقيق بإدارة الكسب غير المشروع عن الأمر الصادر بمنع المستأنف عليه الأول من التصرف في المبلغ المدفوع منه ثمناً للسيارة المخصصة له وفي مقدم ثمن السيارة المدفوع من الثانية وما يتبعه من التزام منها بتسليم سيارة الأول لسداد كامل الثمن وسيارة الثانية فور سدادها باقي ثمنها أو صدور حكم من محكمة الجنايات بإلغاء هذا الأمر فإن دعوى كل من المذكورين بطلب إلزام المستأنفة بتسليم سيارته تكون قد أقيمت قبل الأوان. وإذ خالف الحكم المستأنف في كل من الدعويين رقما 16058 لسنة 1985, 16075 لسنة 1985 مدني شمال القاهرة الابتدائية هذا النظر فإنه يتعين إلغاؤهما والقضاء برفض الدعويين بحالتهما.

الطعن 6908 لسنة 66 ق جلسة 30 / 11 / 1997 مكتب فني 48 ج 2 ق 255 ص 1374

جلسة 30 من نوفمبر سنة 1997
برئاسة السيد المستشار/ محمد فتحي الجمهودي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى حسيب، خيري فخري، حسين نعمان نواب رئيس المحكمة وفتحي محمد حنضل.
------------------
(255)
الطعن رقم 6908 لسنة 66 القضائية
 (6 - 1)نقض "الخصوم في الطعن" "المصلحة في الطعن، الصفة في الطعن". حكم "الطعن في الحكم". شفعة "دعوى الشفعة، موانع الأخذ بالشفعة". دعوى "دعوى الشفعة". بيع. ملكية. تسجيل "محو التسجيلات". شهر عقاري.
 (1)المصلحة في الطعن. مناط توافرها. أن يكون الحكم المطعون فيه قد أضر بالطاعن. وأن يكون طرفاً في الخصومة ولم يتخل عن منازعة خصمه حتى صدور الحكم المطعون فيه. زوال المصلحة بعد ذلك لا يحول دون قبول الطعن.
 (2)الأخذ بالشفعة. مقتضاه. حلول الشفيع قبل البائع محل المشتري في جميع حقوقه والتزاماته الناشئة عن عقد البيع المشفوع فيه. تحمل المشتري غرم الشفعة لخروجه من الصفقة عند إجابة الشفيع إلى طلبه. خصومة الشفعة. استقامتها في جميع مراحلها ومنها النقض باختصام أطرافها الثلاثة المشتري والبائع والشفيع. علة ذلك.
 (3)
اختصام المطعون عليه للطاعن بصفته مشترياً للعقار المشفوع فيه ومنازعة كل منهما للآخر حتى صدور الحكم المطعون فيه بحلول المطعون عليه محل الطاعن في عقار الشفعة. مؤداه. توافر المصلحة للطاعن في الطعن على الحكم. لا ينال من ذلك تصرفه في العقار المشفوع فيه. علة ذلك.
 (4)
طلب محو التسجيلات موجه لمصلحة الشهر العقاري. أثره. وزير العدل يعد خصماً حقيقياً في الدعوى. اختصامه في الطعن بالنقض. صحيح. رئيس مأمورية الشهر العقاري تابع لوزير العدل ولا يمثل مصلحة الشهر العقاري أمام القضاء. عدم جواز اختصامه في الطعن بالنقض.
 (5)
الأخذ بالشفعة. مناطه. ألا يقوم مانع من موانعها أو يتخلف شرط من شروطها أو يتحقق سبب من أسباب سقوطها.
(6)
بيع العقار المشفوع به ليجعل محل عبادة أو لإلحاقه بمحل عبادة. اعتباره مانعاً من موانع الأخذ بالشفعة. م 939 مدني. علة ذلك
. 

(7،  8 ) وقف. مساجد "شروط المسجدية". أموال "أموال عامة". ملكية "أسباب كسب الملكية".
(7)
 ثبوت المسجدية للمكان. شرطه. خلوصه لله تعالى وانقطاع حقوق العباد عنه. وجود مسكن أو مستغل فوقه أو تحته. عدم اعتباره مسجداً.
 (8)الأماكن المخصصة للعباد والبر والإحسان. اعتبارها من أملاك الدولة. شرطه. أن تكون في رعايتها وتدبير شئونها وتقوم بالصرف عليها من أموالها.
 (9)شفعة "أثار الحكم بالشفعة" "موانع الأخذ بالشفعة". بيع. مساجد. 
حق الشفيع في الأخذ بالشفعة. نشوؤه بالبيع مع قيام المسوغ. العين المشفوعة لا تعتبر ملكاً للشفيع - في غير حالة التراضي - إلا بحكم نهائي قاضٍ بالشفعة. لازمه. صيرورة العين المشفوع فيها مسجداً سلم للأوقاف لإدارته قبل صدور الحكم النهائي المثبت للشفعة. أثره. عدم جواز أخذها بالشفعة.
----------------
1 - يكفي لتوافر المصلحة في الطعن أن يكون الحكم المطعون فيه قد أضر بالطاعن، وأن يكون طرفاً في الخصومة الصادر فيها الحكم المطعون فيه الذي قضى لخصمه بما طلب كله أو بعضه طالما لم يتخل عن منازعته حتى صدور الحكم المطعون فيه، ولا يحول دون قبول الطعن زوالها بعد ذلك.
2 - إذ كان من مقتضي الأخذ بالشفعة - وفقاً لحكم المادة 945 من القانون المدني - حلول الشفيع قبل البائع محل المشتري في جميع حقوقه والتزاماته الناشئة عن عقد البيع المشفوع فيه ويتحمل المشتري فيها غُرم الشفعة لخروجه من الصفقة عند إجابة الشفيع إلى طلبه، ولا تستقيم خصومة الشفعة في جميع مراحلها ومنها الطعن بالنقض إلا باختصام أطرافها الثلاثة - المشتري والبائع والشفيع - كيما يفصل في حلول الشفيع قبل البائع محل المشتري ولو كان العقار خرج عن ملك المشتري بأي وجه من وجوه التصرف.
3 - لما كان الوقائع في الطعن أن المطعون عليه الأول اختصم الطاعن بصفته مشترياً للعقار المشفوع فيه، ونازع كل منهما الآخر في طلباته حتى صدور الحكم المطعون فيه ملزماً له بحلول المطعون عليه الأول محله في العقار موضوع الشفعة قبل المطعون عليه الثاني فإنه بذلك تتوافر للطاعن المصلحة المعتبرة قانوناً للطعن فيه، ولا يغيّر من هذا أن يكون الطاعن قد تصرف في العقار المشفوع فيه إذ لا ينال ذلك التصرف من صفته كمشترٍ له.
4 - طلب المطعون عليه الأول محو ما تم من تسجيلات بشأن أرض التداعي إنما هو موجه إلى مصلحة الشهر العقاري التي قامت أصلاً بإجراء تلك التسجيلات وهي المنوط بها تنفيذ الحكم بمحوها بما يجعل المطعون عليه الرابع وزير العدل بصفته خصماً حقيقياً في الدعوى يصح اختصامه في هذا الطعن. أما عن المطعون عليه الخامس بصفته فهو تابع للمطعون عليه الرابع ولا يمثل مصلحة الشهر العقاري أمام القضاء ومن ثم يكون اختصامه في الطعن غير جائز.
5 - مناط الأخذ بالشفعة في جميع الأحوال ألا يقوم مانع من موانعها أو يتخلف شروط من شروطها، أو يتحقق سبب من أسباب سقوطها.
6 -  إذ كان من موانع الأخذ بالشفعة وعلى ما أوردته المادة 939 من القانون المدني أنه لا يجوز الأخذ بالشفعة إذا كان العقار بيع ليجعل محل عبادة أو ليلحق بمحل عبادة بما مفاده أن المشرع حفاظاً منه وتقديراً لهذا الغرض الديني الذي تم البيع من أجله منع الأخذ بالشفعة في هذا بالشفعة في هذا البيع لأن الشفعة ما شرعت أصلاً إلا لدفع المضار التي تلحق بالشفيع ولا يسوغ التضرر من دار للعبادة وفي القضاء بالشفعة في هذه الحالة ما ينافي طبيعة العقد وتفويت للأغراض المنشودة منه.
7 - يشترط في المسجد - على أرجح الأقوال في مذهب أبي حنيفة - خلوصه لله تعالي وانقطاع حق العباد عنه، بحيث إذا كان علواً تحته سفل مملوك أو كان سفلاً فوقه علو مملوك لا يصير مسجداً لأنه لم يخلص لله لتعلق حقوق العباد به بغير الصلاة فيه ولأن في وجود مسكن أو مستغل فوقه أو تحته ما ينافي تعظيمه.
8 - الأماكن المخصصة للعبادة والبر والإحسان شرط اعتبارها من أملاك الدولة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو أن تكون في رعاية الحكومة تدير شئونها وتقوم بالصرف عليها من أموال الدولة.
9 - لما كان قيام حق الشفيع في طلب الأخذ بالشفعة إنما ينشأ بالبيع مع قيام المسوغ، إلا أن العين المشفوعة لا تصير في ملك الشفيع - في غير حالة التراضي - إلا بالحكم النهائي القاضي بالشفعة بما لازمه أنه ما صارت العين المشفوعة مسجداً تسلمته وزارة الأوقاف لإدارة شئونها قبل صدور الحكم النهائي المثبت للشفعة امتنع على الشفيع أخذها بالشفعة بعد أن خرجت من ملك العباد عموماً إلى ملك الله تعالي.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 7265 سنة 1991 مدني الإسكندرية الابتدائية ضد الطاعن وباقي المطعون عليهم بطلب الحكم بأحقيته في أخذ الأرض موضوع التداعي بالشفعة نظير الثمن المودع خزينة المحكمة وكل ما يترتب على ذلك من محو أي قيود سابقة والتسليم. وقال بياناًً لذلك إنه علم أن المطعون عليه الثاني باع للطاعن هذه الأرض بالعقد العرفي المؤرخ 19/ 5/ 1980 لقاء ثمن مقداره 28320 جنيه، ولأنه يمتلك الأرض المجاورة للأرض المشفوع فيها فضلاً عن أنه مالك على الشيوع فيها فقد أعلنهما برغبته في أخذها بالشفعة، وأودع الثمن خزينة المحكمة ثم أقام الدعوى ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت في 8/ 12/ 1994 ببطلان إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة. استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 133 سنة 51 ق وبتاريخ 15/ 6/ 1996 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبأحقية المستأنف - المطعون عليه الأول - في أخذ عقار التداعي بالشفعة لقاء الثمن المودع خزينة المحكمة والتسلم، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدم المطعون عليه الأول مذكرة دفع فيها قبول الطعن لانتفاء مصلحة الطاعن، وقدم كل من المطعون عليهم الثالث والرابع والخامس مذكرة دفع فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة له. قدمت النيابة مذكرة ارتأت فيها عدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليهم المذكورين، ونقض الحكم المطعون فيه، وعُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدي من المطعون عليه الأول بعدم قبول الطعن أن الطاعن وقد تمسك بأنه بني على أرض التداعي مسجداً تسلمته هيئة الأوقاف المصرية بما يخرجه عن ملكه فإن مصلحته في الطعن بالنقض تكون منعدمة.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله، وذلك أنه يكفي لتوافر المصلحة في الطعن أن يكون الحكم المطعون فيه قد أضر بالطاعن، ولأن يكون طرفاً في الخصومة الصادر فيها الحكم المطعون فيه الذي قضي لخصمه بما طلب كله أو بعضه طالما لم يتخل عن منازعته حتى صدور الحكم المطعون فيه، ولا يحول دون قبول الطعن زوالها بعد ذلك. وإذ كان من مقتضى الأخذ بالشفعة - وفقاً لحكم المادة 945 من القانون المدني - حلول الشفيع قبل البائع محل المشتري في جميع حقوقه والتزاماته الناشئة عن عقد البيع المشفوع فيه، ويتحمل المشتري فيها غُرم الشفعة لخروجه من الصفقة عند إجابة الشفيع إلى طلبه، ولا تستقيم خصومة الشفة في جميع مراحلها ومنها الطعن بالنقض إلا باختصام أطرافها الثلاثة - المشتري والبائع والشفيع - كيما يفصل في حلول الشفيع قبل البائع محل المشتري ولو كان العقار خرج عن ملك المشتري بأي وجه من وجوه التصرف، وكان الوقائع في الطعن أن المطعون عليه الأول اختصم الطاعن بصفته مشترياً للعقار المشفوع فيه، ونازع كل منهما الآخر في طلباته حتى صدور الحكم المطعون فيه ملزماً له بحلول المطعون عليه الأول محله في العقار موضوع الشفعة قبل المطعون عليه الثاني فإنه بذلك تتوافر للطاعن المصلحة المعتبرة قانوناً للطعن فيه، ولا يغير من هذا أن يكون الطاعن قد تصرف في العقار المشفوع فيه إذ لا ينال ذلك التصرف من صفته كمشترٍ له, ويكون هذا الدفع على غير سند.
وحيث إن مبنى الدفع المبدي بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليهم الثالث والرابع والخامس أنهم لم توجه إليهم طلبات ولم يقض لهم أو عليهم بشيء.
وحيث إن هذا الدفع لمن عدا المطعون عليه الخامس مردود ذلك أنه ولئن كان البيّن من الأوراق أن الطاعن اختصم المطعون عليه الثالث بصفته - وزير الأوقاف - لكي يقدم ما لديه من مستندات خاصة بالمسجد - الذي بناه الطاعن على الأرض المشفوع فيها - دون أن توجه إليه من الطاعن ثمة طلبات, كما لم توجه منه هو أي طلبات إلاّ أن أسباب الطعن - في شق منها - وفي خصوص تسلمه المسجد للأشراف عليه تعلقت به بما تتوافر للطاعن مصلحة جدية في اختصامه ويكون خصماً حقيقياً في الدعوى ويضحى الدفع على غير أساس, وكان طلب المطعون عليه الأول محو ما تم من تسجيلات بشأن ارض التداعي إنما هو موجه إلى مصلحة الشهر العقاري التي قامت أصلاً بإجراء تلك التسجيلات وهي المنوط بها تنفيذ الحكم بمحوها بما يجعل المطعون عليه الرابع - وزير العدل بصفته خصماً حقيقياً في الدعوى يصح اختصامه في هذا الطعن أما عن المطعون عليه الخامس بصفته فهو تابع للمطعون عليه الرابع ولا يمثل مصلحة الشهر العقاري أمام القضاء ومن ثم يكون اختصامه في الطعن غير جائز, ويكون الدفع محله بالنسبة له.
وحيث إن الطعن - فيما عدا ما سبق - استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال, وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بعدم جواز أخذ العقار بالشفعة استناداً إلى أنه تبرع بالمسجد الذي أقامه قربة لله وتسلمته وزارة الأوقاف للإشراف عليه فصار من المال العام قبل ثبوت الحق في الشفة بحكم نهائي, وقدم المستندات المؤيدة لذلك, غير أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع الجوهري وواجهه بما لا يصلح رداً عليه بقاله إنه قول غير صحيح, وأن المادة 946 من القانون المدني نظمت هذا الأمر الذي محله دعوى مستقلة عن الخصومة الماثلة, وأن الأرض المشفوع فيها لم تتوافر فيها أي حالة من الحالات التي لا يجوز أخذها بالشفة المنصوص عليها في المادتين 939, 948 من القانون المذكور. هذا إلى أن الحكم أقام قضاءه على ما افترضه من أن أرض النزاع لم تبع لإقامة مسجد عليها بالمخالفة للثابت في الأوراق أن الأرض موضوع الشفعة صارت مسجداً بالفعل تسلمته وزارة الأوقاف ويقصده عباد الله للصلاة فيه وهو مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله, ذلك أن مناط الأخذ بالشفعة في جميع الأحوال ألا يقوم مانع من موانعها أو يتخلف شروط من شروطها أو يتحقق سبب من أسباب سقوطها، وإذ كان من موانع الأخذ بالشفعة وعلى ما أوردته المادة 939 من القانون المدني أنه لا يجوز الأخذ بالشفعة إذا كان العقار بيع ليجعل محل عبادة أو ليلحق بمحل عبادة بما مفاده أن المشرع حافظاً منه وتقديراً لهذا الغرض الديني الذي تم البيع من أجله منع الأخذ بالشفعة في هذا البيع لأن الشفعة ما شرعت أصلاً إلا لدفع المضار التي تلحق بالشفيع ولا يسوغ التضرر من دار للعبادة وفي القضاء بالشفعة في هذه الحالة ما ينافي طبيعة العقد وتفويت للأغراض المنشودة منه. وإذ يشترط في المسجد - على أرجح الأقوال في مذهب أبي حنيفة - خلوصه لله تعالى وانقطاع حق العباد عنه، بحيث إذا كان علواً تحته سفل مملوك أو كان سفلا فوقه علو مملوك لا يصير مسجداً لأنه لم يخلص لله لتعلق حقوق العباد به بغير الصلاة فيه ولأن في وجود مسكن أو مستغل فوقه أو تحته ما ينافي تعظيمه، كما أن شرط اعتبار الأماكن المخصصة للعبادة والبر والإحسان من أملاك الدولة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو أن تكون في رعاية الحكومة تدير شئونها وتقوم بالصرف عليها من أموال الدولة، وكان قيام حق الشفيع في طلب الأخذ بالشفعة إنما ينشأ بالبيع مع قيام المسوغ، إلا أن العين المشفوعة لا تصير في ملك الشفيع - في غير حالة التراضي - إلا بالحكم النهائي القاضي بالشفعة، بما لازمه أنه ما صارت العين المشفوعة مسجداً تسلمته وزارة الأوقاف لإدارة شئونها قبل صدور الحكم النهائي المثبت للشفعة امتنع على الشفيع أخذها بالشفعة بعد أن خرجت من ملك العباد عموماً إلى ملك الله تعالي. فإنه إذا ما ادعى الشفيع عدم صحة الغرض الذي تمسك به المشتري من أنه قصد من شرائه العقار المبيع جعله محلاً للعبادة - مسجداً - لمخالفته الحقيقة والواقع فإن عليه إثبات ذلك, لما كان ما تقدم وكان البيّن من الأوراق أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بدفاعه محل النعي وقدم ما يتساند إليه في أن العين المشفوعة مقام عليها مسجداً يقصده المصلون وتسلمته وزارة الأوقاف للإشراف عليه, وكان الحكم المطعون فيه قد واجه هذا الدفاع بأنه قول غير صحيح, ومردود عليه بأن المادة 946 من القانون المدني نظمت هذا الأمر, وأن الأرض لم تتوافر فيها أي حالة من الحالات المانعة من أخذها بالشفعة.... وأن الأرض لم تبع لإقامة مسجد عليها..... على نحو ما سلف بيانه, وكان هذا الذي ذهب إليه الحكم المطعون فيه وأقام قضاءه عليه لا يواجه دفاع الطاعن ولا يصلح رداً عليه وبه حجب الحكم نفسه عن التثبيت مما آلت إليه العين المشفوعة وبحث وتمحيص دفاع الطاعن الذي من شأنه لو أنه عنى ببحثه وتمحيصه وصح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 2219 لسنة 66 ق جلسة 30 / 11 / 1997 مكتب فني 48 ج 2 ق 254 ص 1370

جلسة 30 من نوفمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد جمال الدين شلقاني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ كمال محمد مراد، خلف فتح الباب متولي، حسام الدين الحناوي ومحمد شهاوي عبد ربه نواب رئيس المحكمة.

--------------

(254)
الطعن رقم 2219 لسنة 66 القضائية

(1، 2) إيجار "إيجار الأماكن" "الطعن على قرارات لجنة المنشآت الآيلة للسقوط". حكم "الطعن في الحكم". تجزئة "أحوال عدم التجزئة". بطلان.
(1) تمثيل الجهة الإدارية القائمة على شئون التنظيم في الطعن على قراراتها بشأن المنشآت الآيلة للسقوط. واجب بقوة القانون لاعتبارات المصلحة العامة. المواد 56، 59/ 2، 3، 60 ق 49 لسنة 1977.
(2) الطعن على قرار لجنة المنشآت الآيلة للسقوط. موضوع غير قابل للتجزئة. وجوب اختصام جميع الخصوم فيه. تخلف ذلك. أثره. بطلان الحكم الصادر فيه.

----------------
1 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن مؤدى نصوص المواد 56، 59/ 2، 3، 60 من القانون رقم 49 لسنة 1977 أن الشارع أوجب تمثيل الجهة الإدارية في الطعن على قراراتها بإعلان قلم الكتاب لها بالطعن وبالجلسة المحددة لنظره حتى تدافع عن هذه القرارات الصادرة للمصلحة العامة وتكون على بينة من نتيجة الفصل فيها وخوّل لها معاينة وفحص المباني والمنشآت وتقرير ما يلزم اتخاذه للمحافظة على الأرواح والأموال سواء بالهدم الكلي أو الجزئي أو الترميم كما لها تنفيذ تلك القرارات على نفقة صاحب الشأن في حالة امتناعه عن تنفيذها في الميعاد المحدد فإذا طعن ذوو الشأن في هذه القرارات طبقاً للمادة 59 سالفة الذكر فإن اختصام الجهة الإدارية القائمة على شئون التنظيم لتمثل في الطعن أمراً أوجبه القانون لاعتبارات المصلحة العامة.
2 - خصومة الطعن على قرار لجنة المنشآت الآيلة للسقوط والترميم والصيانة موضوع غير قابل للتجزئة لأن الفصل فيه لا يحتمل غير حل واحد بعينه يكون له أثره في حق جميع الخصوم، فيتعين من ثم اختصامهم جميعاً وإلا كان الحكم الصادر فيها باطلاً. لما كان ذلك، وكان البيّن من الأوراق أن الجهة الإدارية القائمة على شئون التنظيم والصادر عنها قرار اللجنة المطعون فيه لم تختصم في الطعن ولم تمثل فيه ولم يتول قلم الكتاب إعلانها بالدعوى وبالجلسة المحددة لنظرها فإن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه إذ فصل في موضوع الدعوى بتأييد القرار المطعون فيه يكون باطلاً، ويستطيل هذا البطلان إلى الحكم المطعون فيه.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 1384 لسنة 1991 مدني كلي دمياط الابتدائية على المطعون ضده طعناً في القرار الهندسي رقم 338 لسنة 1984 مجلس مدينة دمياط في شقه الخاص بإزالة الجزء القبلي من العقار محل هذا القرار والمكوّن من المحلات المؤجرة لهم وذلك بطلب إلغائه وتمكينهم من ترميم هذه المحلات. ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى، وبعد أن أودع تقريره قضت برفضها وتأييد القرار المطعون فيه. استأنف الطاعنون الحكم بالاستئناف رقم 167 لسنة 27 قضائية المنصورة "مأمورية دمياط " وبتاريخ 17 من يناير سنة 1996 حكم بتأييده. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ذلك أن الجهة الإدارية مصدرة القرار الهندسي لم تمثل في خصومة الطعن المقامة عنه أمام محكمة أول درجة خلافاً لما توجبه نصوص المواد 56، 59، 60 من قانون إيجار الأماكن رقم 49 لسنة 1977 والتي جعلت اختصامها أمراً متعلقاً بالنظام العام لاتصاله بمصلحة عامة، وأوجبت على قلم الكتاب، وإذا لم تختصم من أطراف النزاع، إعلانها بالطعن وبالجلسة المحددة لنظره. وإذ صدر حكم محكمة أول درجة دون اختصامها فإنه يقع باطلاً، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييده رغم بطلانه، فإن البطلان يستطيل إليه، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن مؤدى نصوص المواد 56، 59/ 2، 3، 60 من القانون رقم 49 لسنة 1977 أن الشارع أوجب تمثيل الجهة الإدارية في الطعن على قراراتها بإعلان قلم الكتاب لها بالطعن، وبالجلسة المحددة لنظره حتى تدافع عن هذه القرارات الصادرة للمصلحة العامة، وتكون على بينة من نتيجة الفصل فيها، وخوّل لها معاينة وفحص المباني والمنشآت وتقرير ما يلزم اتخاذه للمحافظة على الأرواح والأموال سواء بالهدم الكلي أو الجزئي أو الترميم، كما لها تنفيذ تلك القرارات على نفقة صاحب الشأن في حالة امتناعه عن تنفيذها في الميعاد المحدد - فإذا طعن ذوو الشأن في هذه القرارات طبقاً للمادة 59 سالفة الذكر فإن اختصام الجهة الإدارية القائمة على شئون التنظيم لتمثل في الطعن أمرا أوجبه القانون لاعتبارات المصلحة العامة - كما أن خصومة الطعن على قرار لجنة المنشآت الآيلة للسقوط والترميم والصيانة موضوع غير قابل للتجزئة لأن الفصل فيه لا يحتمل غير حل واحد بعينه يكون له أثره في حق جميع الخصوم. فيتعين من ثم اختصامهم جميعاً وإلا كان الحكم الصادر فيها باطلاً. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الجهة الإدارية القائمة على شئون التنظيم والصادر عنها قرار اللجنة المطعون فيه لم تختصم في الطعن ولم تمثل فيه، ولم يتول قلم الكتاب إعلانها بالدعوى وبالجلسة المحددة لنظرها، فإن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه إذ فصل في موضوع الدعوى بتأييد القرار المطعون فيه يكون باطلاً، ويستطيل هذا البطلان إلى الحكم المطعون فيه مما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 3710 لسنة 60 ق جلسة 30 / 11 / 1997 مكتب فني 48 ج 2 ق 253 ص 1360

جلسة 30 من نوفمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ طلعت أمين نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عزت البنداري، أحمد خيري نائبي رئيس المحكمة، سامح مصطفى ومصطفى مرزوق.

---------------

(253)
الطعن رقم 3710 لسنة 60 القضائية

(1، 2) عمل "العاملون بالسفن التجارية البحرية". قانون "قانون العمل البحري والتجاري البحري". دعاوي "رسوم الدعاوي".
(1) قانون العمل البحري. هو الأساس في تنظيم علاقات العاملين بالسفن التجارية البحرية. القانون المدني وقانون التجارة البحري والتشريعات المتعلقة بالعمل والتأمينات الاجتماعية مكملة له.
(2) خلو قانون العمل البحري وقانون التجارة البحري من نص بشأن رسوم الدعاوي التي ترفع من الملاحين العاملين بالسفن التجارية. أثره. وجوب الرجوع في هذا الشأن إلى أحكام قانون العمل. مؤداه. إعفاء تلك الدعاوي من الرسوم في جميع درجات التقاضي.
(3) نقض "حالات الطعن" "الأحكام الجائز الطعن فيها" "نقض الحكم للمرة الثانية". استئناف. حكم "تسبيب الحكم الاستئنافي".
الطعن بالنقض للمرة الثانية. اعتباره موجهاً للحكم الجديد الصادر من محكمة الاستئناف ولو التزم بالحكم الناقض. عدم انصراف الطعن بالنقض في هذه الحالة إلى الحكم الناقض.
(4) نقض "أثر النقض والإحالة". حكم "حجية الحكم".
نقض الحكم والإحالة. أثره. التزام محكمة الإحالة بإتباع حكم محكمة النقض في المسألة القانونية التي فصلت فيها. علة ذلك. اكتسابه حجية الشيء المحكوم فيه.
(5) تعويض. مسئولية. محكمة الموضوع "سلطتها بالنسبة للمسئولية". نقض "سلطة محكمة النقض".
تكييف الفعل بأنه خطأ من عدمه. خضوعه لرقابة محكمة النقض. استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية من سلطة محكمة الموضوع متى كان سائغاً.
(6) نقض "أسباب الطعن" "السبب الوارد على غير محل".
النعي على الحكم المطعون فيه فيما لم يكن مطروحاً على محكمة الاستئناف بعد النقض والإحالة ولم يصدر منها قضاء فيه. غير مقبول.

----------------
1 - مفاد نص المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 158 لسنة 1959 في شأن عقد العمل البحري والمادة السادسة منه أن هذا القانون هو الأساس في تنظيم علاقات العاملين بالسفن التجارية البحرية وأن القانون المدني وقانون التجارة البحري والقوانين الملحقة به وكافة التشريعات التي تتعلق بالعمل وبالتأمينات الاجتماعية مكملة لأحكام هذا القانون.
2 - إذ كان قانون عقد العمل البحري وكذلك قانون التجارة البحري الصادر بالأمر العالي المؤرخ 13/ 1/ 1883 قد خلت أحكامهما من نص في شأن رسوم الدعاوي التي ترفع من الملاحين العاملين بالسفن التجارية البحرية بما يتعين معه الرجوع في هذا الشأن إلى أحكام قانون العمل، وكانت المادة السادسة من القانون رقم 137 لسنة 1981 تنص على أن "تعفى من الرسوم القضائية في جميع مراحل التقاضي الدعاوي التي يرفعها العاملون....... عن المنازعات المتعلقة بأحكام هذا القانون....." وكان الطاعن قد أقام دعواه للمطالبة بحقوقه الناشئة عن عقد العمل البحري، ومن ثم فإنها تعفى من الرسوم القضائية في جميع مراحل التقاضي وبالتالي يعفى الطاعن من أداء الكفالة بالتطبيق لنص المادة 254/ 3 من قانون المرافعات.
3 - الطعن بالنقض للمرة الثانية موجه إلى الحكم الجديد الصادر من محكمة الاستئناف وأن التزامها بالحكم الناقض لا يحول دون الطعن على حكمها الجديد بالنقض ولا ينصرف هذا الطعن إلى الحكم الناقض.
4 - مفاد نص الفقرة الثانية من المادة 269 من قانون المرافعات أنه إذا نُقض الحكم وأُحيلت القضية إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه للحكم فيها من جديد بناء على طلب الخصوم فإنه يتحتم على المحكمة التي أُحيلت إليها القضية أن تتبع حكم محكمة النقض في المسألة القانونية التي فصلت فيها هذه المحكمة وما يحرمه القانون بموجب هذه المادة على محكمة الإحالة هو مخالفة رأي محكمة النقض في المسألة التي تكون قد فصلت فيها وأن حكم محكمة النقض يحوز حجية الشيء المحكوم فيه في حدود المسائل التي بتت فيها ويمتنع على محكمة الإحالة عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحجية ويتعين عليها أن تقتصر نظرها على موضوع الدعوى في نطاق ما أشار إليه الحكم الناقض.
5 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه ولئن كان تكييف الفعل المؤسس عليه التعويض بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه هو من مسائل الوقائع التي تخضع فيها محكمة الموضوع لرقابة محكمة النقض إلا أن استخلاص قيام الخطأ أو نفي ثبوته هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدي من وقائع الدعوى.
6 - إن طلب الطاعن أجره عن المدة من 22/ 8/ 1984 حتى تاريخ ثبوت عجزه في 28/ 2/ 1985 لم يكن مطروحاً على محكمة الاستئناف بعد النقض والإحالة ولم يصدر منها قضاءً فيه ومن ثم لا يكون هذا النعي قد صادف محلاً في قضاء الحكم المطعون فيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 118 لسنة 1984 الجيزة الابتدائية على المطعون ضدها "شركة..... للملاحة البحرية" وطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي إليه أجره بواقع خمسمائة دولار شهرياً من تاريخ إصابته حتى تمام الشفاء ومبلغ خمسة آلاف جنيه مصروفات علاج ومبلغ خمسين ألف جنيه تعويضاً عن الإصابة، وقال بياناً لدعواه إنه بتاريخ 26/ 3/ 1984 وأثناء رسو ناقلة البضائع المملوكة للمطعون ضدها والتي يعمل عليها بوظيفة رئيس بحري أُصيب في رأسه ونتج عن ذلك إصابته لانفصال شبكي في عينيه، وإذ فصلته المطعون ضدها من العمل دون مبرر في 22/ 8/ 1984 وامتنعت عن أداء أجره ومصاريف علاجه وباقي مستحقاته فقد أقام دعواه بطلباته السالفة البيان. أدخلت المطعون ضدها الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية خصماً في الدعوى للحكم عليها بما عسى أن يقضي به عليها وبتاريخ 7/ 11/ 1984 ندبت المحكمة الطبيب الشرعي خبيراً في الدعوى وبعد أنم قدم تقريره قضت في 26/ 6/ 1985 بإلزام المطعون ضدها بصرف أجر الطاعن في المدة من 26/ 3/ 1984 حتى إنهاء خدمته في 22/ 8/ 1984 بواقع 350 دولاراً شهرياً، وبأن تؤدي إليه مبلغ 2000 جنيه مصاريف علاجه، وندبت مكتب الخبراء لأداء المأمورية المبينة بمنطوق حكمها، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت في 22/ 1/ 1986 بإلزام الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية أن تؤدي للطاعن مبلغ 5528.925 جنيه قيمة المعاش المستحق له حتى 30/ 11/ 1985 وما يستجد له من معاش شهري بواقع 209 جنيه ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. استأنف كل من الطاعن والمطعون ضدها والهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد استئناف الطاعن برقم 324 لسنة 103 ق كما قيد استئناف المطعون ضدها والهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية برقمي 397، 379 لسنة 103 ق على التوالي وبعد أن ضمنت المحكمة الاستئنافات الثلاثة حكمت في موضوع الاستئناف الأخير بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به إلزام الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية بأداء المعاش والمتجمد منه وبعدم قبول هذا الشق، وفي موضوع الاستئناف رقم 324 لسنة 103 ق بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلب الطاعن للتعويض وبإلزام المطعون ضدها أن تؤدي له مبلغ عشرين ألف جنيه، وفي موضوع الاستئناف رقم 379 لسنة 103 ق برفضه. طعنت المطعون ضدها في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 1201 لسنة 57 ق، وبتاريخ 21/ 11/ 1988 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة، وبعد أن عجل الطاعن السير في الاستئنافين رقمي 324، 397 لسنة 103 ق حكمت المحكمة بتاريخ 20/ 6/ 1990 في موضوع الاستئناف رقم 324 لسنة 103 ق برفضه. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن، وأبدت رأيها في الموضوع برفضه، وقدمت المطعون ضدها مذكرة دفعت فيها بعدم جواز نظر الطعن لسابقة الفصل فيه بالحكم الصادر في الطعن رقم 1201 لسنة 57 ق، وإذ عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة بعدم قبول الطعن أن الإعفاء من المرسوم القضائية طبقاً لنص المادة السادسة من قانون العمل رقم 137 لسنة 1981 قاصر على الدعاوي التي يرفعها العاملون عن المنازعات المتعلقة بأحكام هذا القانون، ولما كان الطاعن قد أقام دعواه استناداً إلى أحكام قانون التجارة البحري دون أحكام قانون العمل المشار إليه، فقد كان يتعين عليه إيداع كفالة الطعن بالنقض خزانة المحكمة قبل إيداع الصحيفة أو خلال الأجل المقرر للطعن إعمالاً لنص المادة 254 من قانون
المرافعات، وإذ لم يودع الكفالة فإن الطعن يكون غير مقبول.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد ذلك أنه لما كان النص المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 158 لسنة 1959 في شأن عقد العمل البحري على أن "تسري أحكام هذا القانون على كل عقد يلتزم شخص بمقتضاه أن يعمل - لقاء أجر - تحت إدارة أو إشراف ربان سفينة تجارية بحرية من سفن جمهورية مصر العربية....." وفي المادة السادسة منه على أن "تسري على الملاحين كافة الأحكام الواردة في القانون المدني وقانون التجارة البحري والقوانين الملحقة به وكافة التشريعات الخاصة التي تتعلق بالعمل وبالتأمينات الاجتماعية وذلك بالقدر الذي لا تتعارض فيه صراحة أو ضمناً مع أحكام هذا القانون والقرارات الصادرة تنفيذاً له...." مفاده أن هذا القانون هو الأساس في تنظيم علاقات العاملين بالسفن التجارية البحرية وأن القانون المدني وقانون التجارة البحري والقوانين الملحقة به وكافة التشريعات التي تتعلق بالعمل وبالتأمينات الاجتماعية مكملة لأحكام هذا القانون، لما كان ذلك، و كان قانون عقد العمل البحري وكذلك قانون التجارة البحري الصادر بالأمر العالي المؤرخ 13/ 1/ 1883 قد خلت أحكامهما من نص في شأن رسوم الدعاوي التي ترفع من الملاحين العاملين بالسفن التجارية البحرية بما يتعين معه الرجوع في هذا الشأن إلى أحكام قانون العمل، وكانت المادة السادسة من القانون رقم 137 لسنة 1981 تنص على أن "تعفى من الرسوم القضائية في جميع مراحل التقاضي الدعاوي التي يرفعها العاملون...... عن المنازعات المتعلقة بأحكام هذا القانون......" وكان الطاعن قد أقام دعواه للمطالبة بحقوقه الناشئة عن عقد العمل البحري، ومن ثم فإنها تعفى من الرسوم القضائية في جميع مراحل التقاضي، وبالتالي يعفى الطاعن من أداء الكفالة بالتطبيق لنص المادة 254/ 3 من قانون المرافعات.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من المطعون ضدها بعدم جواز نظر الطعن لسابقة الفصل فيه بالحكم الصادر في الطعن رقم 1201 لسنة 57 ق أن المطعون ضدها سبق وأن أقامت الطعن رقم 1201 لسنة 57 ق ضد الطاعن عن الحكم الصادر في الاستئنافين رقميّ 379, 324 لسنة 103 ق القاهرة بتاريخ 24/ 3/ 1987 الذي قضى فيهما برفض استئنافها وبإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض التعويض وإلزامها أن تؤدي للطاعن عشرين ألف جنيه, وقضت محكمة النقض بتاريخ 21/ 11/ 1988 بنقض الحكم وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة والتي حكمت بتاريخ 20/ 6/ 1990 في الاستئنافين برفضهما, وأن الطعن الماثل هو بذاته موضوع الطعن السابق رقم 1201 لسنة 57 ق وقد التزمت فيه محكمة الاستئناف بحكم محكمة النقض في المسألة القانونية التي فصل فيها.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد ذلك أن الطعن بالنقض للمرة الثانية موجه إلى الحكم الجديد الصادر من محكمة الاستئناف وإن التزامها بالحكم الناقض لا يحول دون الطعن على حكمها الجديد بالنقض ولا ينصرف هذا الطعن إلى الحكم الناقض.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أُقيم على سبب واحد ينعي به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه من ثلاثة وجوه (أولها) أن الحكم أخضع ضباط ومهندسي وملاحي السفن البحرية لأحكام قانون العمل الفردي وقانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 وانتهى على هذا الأساس إلى تطبيق المادة 68/ 2 من القانون الأخير والتي لا تجيز للمصاب بإصابة عمل التمسك قبل صاحب العمل بأحكام أي قانون آخر إلا إذا كانت الإصابة قد نشأت عن خطأ شخصي من جانبه وأنه خطأ واجب الإثبات, في حين أن قانون التجارة البحري هو وحده الواجب التطبيق على طلب التعويض وأنه طبقاً للمادة 77/ 1 من هذا القانون يستحق تعويضاً عن إصابته (وثانيهما) أن خطأ صاحب العمل الشخصي الذي يرتب مسئوليته الذاتية وفقاً لنص المادة 68/ 2 من القانون رقم 79 لسنة 1975 قد توافر في حق المطعون ضدها لإهمالها في علاج الطاعن وعدم اتخاذها إجراءات الأمن والوقاية على ظهر الناقلة (وثالثهما) أنه يستحق راتبه اعتباراً من 26/ 3/ 1984 تاريخ إصابته حتى تاريخ ثبوت العجز الكلي في 22/ 8/ 1985 وأنه بموجب الحكم الابتدائي حصل من الشركة على أجره من تاريخ الإصابة حتى انتهاء خدمته في 22/ 8/ 1984 فيتبقى له في ذمة المطعون ضدها باقي أجره من 22/ 8/ 1984 حتى تاريخ ثبوت العجز في 28/ 2/ 1985.
وحيث إن النعي في وجهه الأول مردود، ذلك أنه لما كان النص في الفقرة الثانية من المادة 269 من قانون المرافعات على أنه "فإذا كان الحكم قد نقض لغير ذلك من الأسباب تحيل القضية إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه لتحكم فيها من جديد بناء على طلب الخصوم وفي هذه الحالة يتحتم على المحكمة التي أحيلت إليها القضية أن تتبع حكم محكمة النقض في المسألة القانونية التي فصلت فيها" مفاده أنه إذا نقض الحكم وأحيلت القضية إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه للحكم فيها من جديد بناء على طلب الخصوم فإنه يتحتم على المحكمة التي أحيلت إليها القضية أن تتبع حكم محكمة النقض في المسألة القانونية التي فصلت فيها هذه المحكمة، وما يحرمه القانون بموجب هذه المادة على محكمة الإحالة هو مخالفة رأي محكمة النقض في المسألة التي تكون قد فصلت فيها وأن حكم محكمة النقض يحوز حجية الشيء المحكوم فيه في حدود المسائل التي بت فيها، ويمتنع على محكمة الإحالة عند إعادة نظر الدعوى المساس بهذه الحجية ويتعين عليها أن تقتصر نظرها على موضوع الدعوى في نطاق ما أشار إليه الحكم الناقض, لما كان ذلك, وكان الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه تطبيقه أحكام قانون العمل على ملاحي وضباط ومهندسي السفن البحرية وإخضاعهم بالتالي لأحكام قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 بمقولة أن قانون التجارة البحري هو الواجب التطبيق على طلب التعويض عن إصابته, وكانت محكمة النقض قد فصلت في هذه المسألة القانونية بحكمها الصادر بتاريخ 21/ 11/ 1988 في الطعن رقم 1201 لسنة 57 ق والذي سبق أن أقامته المطعون ضدها طعناً على حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر بتاريخ 24/ 3/ 1987 في الدعوى الماثلة وجاء بمدوناته "..... لما كان النص في المادة 88 (ج) من قانون العمل الفردي رقم 91 لسنة 1959 إنه "يستثنى من تطبيق أحكام هذا الفصل ( أ ).... (ب)..... (ج)....... ضباط السفن البحرية ومهندسوها وملاحوها وغيرهم ممن يسري عليهم قانون التجارة البحري" مفاده أن ملاحي وضباط ومهندسي السفن البحرية كانوا من المستثنين من نطاق تطبيق قانون العمل الفردي عليهم وكان القانون رقم 137 لسنة 1981 بإصدار قانون العمل والمعمول به اعتباراً من 7/ 8/ 1981 قد وردت أحكامه خلواً من نص مماثل للمادة 88 من القانون 91 لسنة 1959 المشار إليه مما يدل على رغبة المشرع في إلغاء الاستثناء المقرر فيها بالنسبة إلى ضباط ومهندسي وملاحي السفن البحرية وخضوعهم لأحكام قانون العمل الفردي وبالتالي خضوعهم للقانون رقم 79 لسنة 1975 بإصدار قانون التامين الاجتماعي المعدل بالقانون رقم 25 لسنة 1977 في شأن حقوقهم التأمينية المنصوص عليها فيه عملاً بالفقرة (ب) من المادة الثانية، وكان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الخطأ المعني في الفقرة الثانية من المادة 68 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 - المنطبق على واقعة الدعوى - الذي يجيز للمصاب بإصابة عمل أو للمستحقين عنه التمسك قبل صاحب العمل بأحكام أي قانون آخر إذا نشأت الإصابة عنه, هو خطأ صاحب العمل الشخصي الذي يرتب مسئوليته الذاتية وهو خطأ واجب الإثبات ومن ثم فلا تنطبق في شأنه أحكام المسئولية المفترضة الواردة بالمادة 178 من التقنين المدني ولا تلك الواردة في المادة 77 من قانون التجارة البحري, وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا القضاء وفصل في الدعوى على هذا الأساس, فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله، والنعي في وجهه الثاني غير مقبول، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه ولئن كان تكييف الفعل المؤسس عليه التعويض بأنه أخطأ أو نفي هذا الوصف عنه هو من مسائل الوقائع التي تخضع فيها محكمة الموضوع لرقابة محكمة النقض إلا أن استخلاص قيام الخطأ أو نفي ثبوته هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدي إليه من وقائع الدعوى، لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بانتفاء الخطأ في جانب المطعون ضدها على ما استخلصه من أقوال الطاعن بمحضر الشرطة من أنه أثناء سيره على الناقلة انزلقت قدمه وسقط على سطحها وحدثت إصابته, وهو استخلاص سائغ له مأخذه من الأوراق ويؤدي إلى ما انتهى إليه فإن ما يثيره الطاعن لا يعدو وأن يكون مجادلة موضوعية في تقدير محكمة الموضوع لأدلة الدعوى, مما لا يُقبل إثارته أمام محكمة النقض. والنعي في وجهه الثالث غير مقبول ذلك أن طلب الطاعن أجره عن المدة من 22/ 8/ 1984 حتى تاريخ ثبوت عجزه في 28/ 2/ 1985 لم يكن مطروحاً على محكمة الاستئناف بعد النقض والإحالة ولم يصدر منها قضاء فيه ومن ثم لا يكون هذا النعي قد صادف محلاً في قضاء الحكم المطعون فيه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.