الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 27 أغسطس 2023

الطعن 268 لسنة 47 ق جلسة 27 / 1 / 1981 مكتب فني 32 ج 1 ق 70 ص 355

جلسة 27 من يناير سنة 1981

برئاسة السيد/ المستشار نائب رئيس المحكمة محمد صدقي العصار، وعضوية السادة المستشارين: عبد الحميد المنفلوطي، يحيى العموري، منير عبد المجيد ومحمد إبراهيم خليل.

---------------

(70)
الطعن رقم 268 لسنة 47 القضائية

(1) مسئولية "مسئولية عقدية" "مسئولية تقصيرية".
المسئولية العقدية والمسئولية التقصيرية. نطاق كل منهما. إخلال المتعاقد الذي يكون جريمة أو يعد غشاً أو خطأ جسيماً. وجوب إعمال أحكام المسئولية التقصيرية.
(2) مسئولية "مسئولية حارس البناء". إيجار "التزامات المؤجر".
مسئولية حارس البناء على تهدمه قبل الغير - تقصيرية. مادة 177/ 1 مدني. مسئوليته قبل المستأجرين - تعاقدية.

------------------
1 - إذ خص المشرع المسئولية العقدية والمسئولية التقصيرية كلاً منهما بأحكام تستقل بها عن الأخرى وجعل لكل من المسئوليتين في تقنينه موضوعاً منفصلاً عن المسئولية الأخرى، فقد أفصح بذلك عن رغبته في إقامة نطاق محدد لأحكام كل من المسئوليتين، فإذا قامت علاقة تعاقدية محددة بأطرافها ونطاقها وكان الضرر الذي أصاب أحد المتعاقدين قد وقع بسبب إخلال الطرف الآخر بتنفيذ العقد، فإنه يتعين الأخذ بأحكام العقد وبما هو مقرر في القانون بشأنه؛ باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هي التي تضبط كل علاقة بين الطرفين بسبب العقد، سواء عند تنفيذه تنفيذاً صحيحاً أو عند الإخلال بتنفيذه، ولا يجوز الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية التي لا يرتبط المضرور فيها بعلاقة عقدية سابقة، لما يترتب على الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية في مقام العلاقة العقدية من إهدار لنصوص العقد المتعلقة بالمسئولية عند عدم تنفيذه بما يخل بالقوة الملزمة له، وذلك ما لم يثبت ضد أحد الطرفين المتعاقدين أن الفعل الذي ارتكبه وأدى إلى الإضرار بالطرف الآخر يكون جريمة أو يعد غشاً أو خطأ جسيماً مما تتحقق معه المسئولية التقصيرية تأسيساً على أنه أخل بالتزام قانوني؛ إذ يمتنع عليه أن يرتكب مثل هذا الفعل في جميع الحالات سواء كانت متعاقداً أو غير متعاقد.
2 - إ ن المشرع قد جاء بنص المادة 177/ 1 من القانون المدني الخاص بمسئولية حارس البناء ضمن النصوص المتعلقة بالمسئولية عن العمل غير المشروع لحماية غير المتعاقدين في حالة تهدم البناء أو جزء منه، أما من يربطه بحارس البناء عقد إيجار، فإن أحكام هذا العقد ونصوص القانون المدني التي تنظم أحكام عقد الإيجار تكون هي وحدها الواجبة التطبيق لتحديد مسئولية المؤجر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر؛ والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم...... مدني جنوب القاهرة الابتدائية ضد الطاعنة ومحافظ القاهرة بطلب إلزامهما متضامنين بملغ عشرة آلاف جنيه، وقالت بياناً للدعوى إنها وزوجها المرحوم........ استأجرا شقة بالطابق الثالث من العقار المبين بالصحيفة والمملوك لمورث الطاعنة التي آلت إليها حراسته، وبتاريخ 31 يناير سنة 1974 انهارت غرف الجهة القبلية لهذا العقار مما أدى إلى وفاة زوجها وإصابتها وتلف منقولاتها، وإذ أصيبت من جراء ذلك بضرر مادي وأدبي تقدر التعويض عنه بمبلغ عشرة آلاف جنيه، فقد أقامت الدعوى بطلباتها سالفة البيان. وقد صححت المطعون عليها بعد ذلك شكل الدعوى بأن اختصمت فيها ملاك العقار وطلبت إلزامهم متضامنين مع محافظ القاهرة بأن يدفعوا لها من مالهم الخاص ومن تركة مورثهم التعويض المطلوب، وبتاريخ 8 ديسمبر سنة 1975 حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليهم عدا محافظ القاهرة بأن يدفعوا للمدعية "المطعون عليها" مبلغ 3500 جنيه. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم....... طالبة بطلانه وإلغائه ورفض الدعوى، كما استأنفته المطعون عليها بالاستئناف رقم....... طالبة تعديله إلى إلزام الطاعنة عن نفسها وبصفتها حارسة بأن تدفع لها مبلغ عشرة آلاف جنيه، وبتاريخ 30 ديسمبر سنة 1976 حكمت المحكمة ببطلان الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنة بصفتها حارسة على العقار بأن تؤدي للمطعون عليها مبلغ أربعة آلاف جنيه. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة بالسببين الأول والثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بمسئوليتها عن وفاة زوج المطعون عليها وعن إصابتها وفقد وتلف منقولاتها نتيجة لتهدم جزء من العقار على ما تقضي به المادة 177/ 1 من القانون المدني من مسئولية حارس البناء مسئولية تقصيرية مفترضة، في حين أن الصحيح في القانون هو وجوب إعمال قواعد المسئولية العقدية لقيام علاقة عقدية بين الطاعنة ومن أصيبوا من تهدم بعض مباني العقار لاستئجارهم وحدات سكنية فيه، مما لا يجوز معه تطبيق أحكام المسئولية التقصيرية في أية صورة من صورها، وقد ترتب على هذا الخطأ أن الحكم حجب نفسه عن بحث العلاقة الإيجارية التي تربط الطاعنة بالمطعون عليها ومدى تطبيق أحكام المسئولية العقدية عليها مما يجعله، فوق مخالفته للقانون، معيباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن المشرع إذ خص المشرع المسئولية العقدية والمسئولية التقصيرية كلاً منهما بأحكام تستقل بها عن الأخرى وجعل لكل من المسئوليتين في تقنينه موضعاً منفصلاً عن المسئولية الأخرى، فقد أفصح بذلك عن رغبته في إقامة نطاق محدد لأحكام كل من المسئوليتين، فإذا قامت علاقة تعاقدية محددة بأطرافها ونطاقها, وكان الضرر الذي أصاب أحد المتعاقدين قد وقع بسبب إخلال الطرف الآخر بتنفيذ العقد، فإنه يتعين الأخذ بأحكام العقد وبما هو مقرر في القانون بشأنه؛ باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هي التي تضبط كل علاقة بين الطرفين بسبب العقد، سواء عند تنفيذه تنفيذاً صحيحاً أو عند الإخلال بتنفيذه، ولا يجوز الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية التي لا يرتبط المضرور فيها بعلاقة عقدية سابقة، لما يترتب على الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية في مقام العلاقة العقدية من إهدار لنصوص العقد المتعلقة بالمسئولية عند عدم تنفيذه بما يخل بالقوة الملزمة له، وذلك ما لم يثبت ضد أحد الطرفين المتعاقدين أن الفعل الذي ارتكبه وأدى إلى الإضرار بالطرف الآخر يكون جريمة أو يعد غشاً أو خطأ جسيماً مما تتحقق معه المسئولية التقصيرية تأسيساً على أنه أخل بالتزام قانوني, إذ يمتنع عليه أن يرتكب مثل هذا الفعل في جميع الحالات سواء كانت متعاقداً أو غير متعاقد، ولا أدل على ذلك من أن المشرع قد جاء بنص المادة 177/ 1 من القانون المدني الخاصة بمسئولية حارس البناء ضمن النصوص المتعلقة بالمسئولية عن العمل غير المشروع لحماية غير المتعاقدين في حالة تهدم البناء أو جزء منه، أما من يربطه بحارس البناء عقد إيجار، فإن أحكام هذا العقد ونصوص القانون المدني التي تنظم أحكام عقد الإيجار تكون هي وحدها الواجبة التطبيق لتحديد مسئولية المؤجر. لما كان ذلك, وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون عليها أقامت الدعوى أمام محكمة أول درة تأسيساً على قيام علاقة إيجارية تربطها بالطاعنة لأنها وزوجها كانا يستأجران شقة بالعقار المنهار والمملوك لمورث الطاعنة التي آلت إليها حراسته، وقد أقرت الطاعنة تلك العلاقة التعاقدية واتخذت منها أساساً لهذا الطعن، وعلى ذلك فقد أطلق الحكم للمطعون عليها الحق في الرجوع على الطاعنة بدعوى المسئولية المفترضة المبينة بالمادة 177/ 1 من القانون المدني بوصف الطاعنة حارسة للبناء، وتأسيساً على أن المطعون عليها قد أصابها ضرر من تهدم جزء منه، ولم يورد الحكم ما يفيد أن الفعل المنسوب للطاعنة وأدى إلى الإضرار بالمطعون عليها يكوّن جريمة أو يعد غشاً أو خطأ جسيماً بما تتحقق به المسئولية التقصيرية، والتفت عن بحث العلاقة الإيجارية السابق الإشارة إليها ونطاقها ومدى تطبيق أحكام المسئولية العقدية عليها، فإن الحكم يكون قد خالف صحيح القانون، وإذ حجب الحكم نفسه بهذه المخالفة عن بحث دفاع الطاعنة المؤسس على أن مسئوليتها تعاقدية وإنزال حكم القانون عليه، فإنه يكون فوق مخالفته للقانون قد شابه القصور في التسبيب بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق