برياسة السيد المستشار/ محمد صبري، وعضوية السادة المستشارين: عبد
المنعم حمزاوي، ونور الدين عويس، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل.
--------------
- 1 عمل. جريمة. ارتباط. حكم.
"تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق
القانون". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الارتباط بين الجرائم".
محكمة النقض. "سلطتها".
مناط تطبيق المادة 32/ 2 من قانون العقوبات؟
مناط تطبيق المادة 32/2 من قانون العقوبات أن تكون الجرائم قد
انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض فتكونت منها مجتمعة
الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم الوارد في الفقرة الثانية من المادة 32
المذكورة.
- 2 عمل. جريمة. ارتباط. حكم.
"تسبيبه. تسبيب معيب". نقض. "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق
القانون". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الارتباط بين الجرائم".
محكمة النقض. "سلطتها".
تقدير قيام الارتباط بين الجرائم الأصل فيه أنه موضوعي. متى يخضع
لرقابة محكمة النقض؟ لا ارتباط بين جريمة عدم إنشاء صاحب العمل ملفا لكل من عماله
وبين جريمة عدم منحه هؤلاء العمال أجازات المواسم والأعياد. المادتان 62/ 1، 69/ 1
من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959.
جرى قضاء محكمة النقض على أنه وإن كان الأصل أن تقدير قيام الارتباط
بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع - إلا أنه متى
كانت وقائع الدعوى كما أوردها الحكم لا تتفق قانوناً مع ما انتهى إليه من قيام
الارتباط بينها، فإن ذلك يكون من الأخطاء القانونية في تكييف علاقة الارتباط التي
تحددت عناصره في الحكم والتي يستوجب تدخل محكمة النقض لإنزال حكم القانون الصحيح
عليها. ولما كان ما أورده الحكم المطعون فيه عن قيام الارتباط الذي لا يقبل
التجزئة بين جريمة عدم إنشاء صاحب العمل ملفاً لكل عامل يتضمن البيانات المقررة،
وجريمة عدم منح صاحب العمل لعماله أجازات المواسم والأعياد، لا يحمل قضاءه، ذلك أن
سياق نص المادتين 62/1 و69/1 من القانون رقم 91 لسنة 1959 في شأن قانون العمل يدل
على أن إخلال صاحب العمل بواجب إمساك ملف خاص بكل عامل وإثبات البيانات التي أشارت
إليها المادة 69/1 فيه أمر مستقل تماماً ولا علاقة له بقعوده عن منح عماله أجازات
الأعياد، وبالتالي لا يكون هناك ثمة ارتباط بين هاتين الجريمتين في مفهوم ما نصت
عليه الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات على الوجه المشار إليه فيما
سلف، الأمر الذي يشكل خطأ في التكييف القانوني للوقائع كما أثبتها الحكم مما
يستوجب نقضه وتصحيحه.
----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 26 يوليو سنة 1966 بدائرة
قسم الأزبكية محافظة القاهرة (أولا) - لم يقم بتحرير عقد عمل باللغة العربية من
نسختين لكل عامل (ثانيا) لم يقم بإنشاء ملف لكل عامل يتضمن البيانات المقررة
(ثالثا) لم يقم بمنح العمال أجازات المواسم والأعياد الرسمية - وطلبت عقابه بمواد
القانون رقم 91 لسنة 1959 ومحكمة الأزبكية الجزئية قضت غيابيا عملا بمواد الاتهام
بتغريم المتهم مائتي قرش عن كل من عماله الثمانية عشر عن كل من التهم الثلاث.
فعارض, وقضي في معارضته بقبولها شكلا وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي
المعارض فيه. فاستأنف, ومحكمة القاهرة الابتدائية- بهيئة استئنافية- قضت حضوريا
بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بالنسبة إلي التهمة
الأولي بقصرها علي التعدد بتسعة عمال وبتعديل الحكم بالنسبة إلي التهمتين الثانية
والثالثة بتغريم المتهم عنهما 200 قرش تتعدد بعدد العمال الثمانية عشر. فطعنت
النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
----------
المحكمة
حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون
ضده بجريمتي عدم إنشاء إضبارة (ملف) لكل عامل وعدم منح عماله إجازات المواسم
والأعياد يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه أعمل في حقه حكم المادة 32/2 من
قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة واحدة تأسيساً على أن الأجازات التي يحصل عليها
العامل عنصر من عناصر الملف الخاص به في حين أن التزام صاحب العمل بمنع العامل
إجازات الأعياد وفقاً للمادة 62/1 من القانون 91 لسنة 1959 مستقل تماماً عن
التزامه المنصوص عليه في المادة 69 من ذلك القانون بإنشاء ملف خاص لكل عامل بما
مؤداه أنه ليس ثمة ارتباط بين الجريمتين في مفهوم المادة 32/2 من قانون العقوبات.
وحيث إن الدعوى الجنائية رفعت على المطعون ضده لأنه في يوم 26/7/1967
بدائرة قسم الأزبكية 1- لم يقم بتحرير عقد عمل من نسختين لكل عامل. 2- لم يقم
بإنشاء إضبارة لكل عامل. 3- لم يقم بمنح العمال إجازات المواسم والأعياد الرسمية
وطلبت النيابة معاقبته بالمواد 42 و43 و58 و59 و215 و231 من القانون رقم 91 لسنة
1959، ومحكمة أول درجة قضت غيابياً بتغريمه مائتي قرش عن كل من عماله الثمانية عشر
عن كل من التهم الثلاث. فعارض في هذا الحكم وقضت المحكمة بقبول المعارضة شكلاً
ورفضها موضوعاً. فاستأنف وقضت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع
بتعديل الحكم المستأنف بالنسبة للتهمة الأولى بقصرها على التعدد بتسع عمال،
وبتعديل الحكم بالنسبة للتهمتين الثانية والثالثة بتغريم المتهم عنهما مائتي قرش
تتعدد بقدر عدد العمال الثمانية عشر. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن
بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها
وأورد على ثبوتها أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، انتهى إلى تطبيق
المادة 32/2 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهمتين الثانية والثالثة المسندتين إليه
في قوله "إن الملف الخاص بكل عامل أو إضبارته يجب أن تتضمن وفق القانون إجازاته
التي حصل عليها، فعدم إنشاء ملف يتضمن كل هذه البيانات يجعل التهمة الثالثة عنصراً
من عناصر التهمة الثانية ويتعين تطبيق المادة 32 في شأنها". لما كان ذلك،
وكان مناط تطبيق المادة 32/2 من قانون العقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة
جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض فتكونت منها مجتمعة الوحدة الإجرامية
التي عناها الشارع بالحكم الوارد في الفقرة الثانية من المادة 32 المذكورة، وكان
قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه وإن كان الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين
الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع - إلا أنه متى كانت
وقائع الدعوى كما أوردها الحكم لا تتفق قانوناً مع ما انتهى إليه من قيام الارتباط
بينها، فإن ذلك يكون من الأخطاء القانونية في تكييف علاقة الارتباط التي تحددت
عناصره في الحكم والتي تستوجب تدخل محكمة النقض لإنزال حكم القانون الصحيح عليها.
ولما كان ما أورده الحكم المطعون فيه عن قيام الارتباط الذي لا يقبل التجزئة بين
الجريمتين الثانية والثالثة سالفتي الذكر لا يحمل قضاءه، ذلك بأن المادة 62/1 من
القانون رقم 91 لسنة 1951 بإصدار قانون العمل المعدلة بالقرار بقانون رقم 159 لسنة
1961 إذ نصت على أنه "لكل عامل الحق في إجازة بأجر كامل في الأعياد التي يصدر
بتحديدها قرار من وزير العمل على ألا تزيد على عشرة أيام في السنة" ونصت
المادة 69/1 منه على أنه "على صاحب العمل أن ينشئ إضبارة (ملف) خاصة لكل عامل
يذكر فيه اسمه وصناعته أو مهنته وسنه ومحل إقامته وحالته الاجتماعية (وضعه
العائلي) وتاريخ ابتداء خدمته وأجره مع بيان ما يدخل عليه من تطورات والجزاءات
التي وقعت عليه وبيان ما يحصل عليه من إجازات اعتيادية أو مرضية وتاريخ انتهاء
الخدمة وأسباب ذلك". فقد دلتا على أن إخلال صاحب العمل بواجب إمساك ملف خاص
بكل عامل وإثبات البيانات التي أشارت إليها المادة 69/1 فيه أمر مستقل تماماً ولا
علاقة له بقعوده عن منح عماله إجازات الأعياد، وبالتالي لا يكون هناك ثمت ارتباط
بين هاتين الجريمتين في مفهوم ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون
العقوبات على الوجه المشار إليه فيما سلف، الأمر الذي يشكل خطأ في التكييف
القانوني للوقائع كما أثبتها الحكم مما يستوجب نقضه وتصحيحه بالقضاء بتأييد الحكم
المستأنف فيما قضى به بالنسبة للتهمتين الثانية والثالثة المسندتين إلى المطعون
ضده.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق