برياسة السيد المستشار/ عادل يونس نائب رئيس المحكمة, وبحضور السادة
المستشارين: حسين صفوت السركي, ومحمد صبري, وقطب فراج, ومحمد عبد المنعم حمزاوي.
----------
خطأ . مسئولية "مسئولية جنائية ".
تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائيا أو مدنيا . موضوعي . مثال
. في إصابة خطأ . شرط توافر حالة حصول الحادث نتيجة حادث قهري. ألا يكون للجاني يد
في حصول العذر أو في قدرته منعه . مثال
من المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً أو مدنياً
مما يتعلق بموضوع الدعوى. ولما كان الحكم بعد أن دلل على خطأ الطاعن المتمثل في
محاولته اجتياز سيارة أمامية بانحرافه إلى حافة الجسر في أقصى اليسار وفي طريق ضيق
سبق أن مر منه ولا يسمح بمرور سيارتين بغير حذر بالغ، مما أدى إلى انقلاب السيارة
- استظهر رابطة السببية بين هذا الخطأ والنتيجة التي حدثت ورد على ما أثاره الطاعن
من دفاع موضوعي بما يفنده. وكان ما أورده الحكم من تدليل سائغ على ثبوت نسبة الخطأ
إلى الطاعن وحصول الحادث نتيجة لهذا الخطأ ينتفي به في حد ذاته القول بحصول الحادث
نتيجة حادث قهري وهو انهيار جزء من الجسر فجأة، ذلك أنه يشترط لتوافر هذه الحالة
ألا يكون للجاني يد في حصول العذر أو في قدرته منعه. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن
لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول واقعة الدعوى والتصوير الذي اطمأنت المحكمة
إليه ومناقشة أدلة الثبوت ومبلغ اقتناع المحكمة بها مما لا يقبل إثارته أمام محكمة
النقض.
----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 21/8/1961 بدائرة مركز أبو
المطامير: أولا - تسبب بغير قصد ولا تعمد في قتل ...... خطأ وكان ذلك ناشئا عن
إهماله وعدم احتياطه بأن سبق بسيارته سيارة أخرى دون التأكد من أن حالة الطريق
تسمح بذلك فسقط بها في ترعة مجاورة ومعه المجني عليه مما أدى إلى إصابته بالإصابات
المبينة بالكشف الطبي والتي أودت بحياته. ثانيا - تسبب بغير قصد ولا تعمد في إصابة
....... و....... و...... و...... و...... وكان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم احتياطه
بأن سبق بسيارته سيارة أخرى دون التأكد من أن حالة الطريق تسمح بذلك وسقط بها في
ترعة مجاورة ومعه المجني عليهم مما أدى إلى إصابتهم بالإصابات المبينة بالكشف
الطبي. ثالثا: سبق بسيارته سيارة أخرى دون التأكد من أن حالة الطريق تسمح بذلك.
وطلبت عقابه بالمادتين 238 و244 من قانون العقوبات والمواد 1 و2 و88 من القانون
رقم 449 لسنة 1955 والمادة 3 من قرار وزير الداخلية. ومحكمة أبو المطامير الجزئية
قضت حضوريا بتاريخ 28 نوفمبر سنة 1963 عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32 من
قانون العقوبات بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وكفالة 200 قرش لوقف التنفيذ.
فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة دمنهور الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت
حضوريا بتاريخ 29 إبريل سنة 1964 بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد
الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
-----------
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم
المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي القتل والإصابة الخطأ قد شابه قصور في التسبيب
ذلك بأنه لم يبين وجه خطأ الطاعن ولم يستظهر قيام رابطة السببية بين هذا الخطأ على
فرض وقوعه وبين النتيجة التي حدثت كما سكت عن دفاع الطاعن من أن مجرد مرور سيارته
على يسار سيارة أخرى أو قطيع من الغنم في طريق زراعي يسمح بذلك لا يشكل أي خطأ كما
أن انهيار جزء من هذا الطريق فجأة وهو حادث قهري من شأنه أن يجعل رابطة السببية
غير قائمة مع أهمية هذا الدفاع في درء المسئولية عنه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة
الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي القتل والإصابة الخطأ التي
دين بها الطاعن وأورد على ثبوتها لديه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها
مستقاة من أقوال الشهود ومن التقارير الطبية وتقرير المهندس الفني ومن المعاينة
وخلص من ذلك إلى إدانة الطاعن في قوله إن الخطأ وافر الثبوت في حق المتهم مما أجمع
عليه الشهود من أنه أراد أن يعبر الطريق من على يسار سيارة نقل كانت أمامه فانحرف
بسيارته فسقطت العربة بما عليها من العمال ومما أوردته المعاينة من أن السيارة
انقلبت على الجانب الأيسر ومما أشار إليه تقرير المهندس الفني من أن سبب انقلاب
السيارة هو أن عجلاتها اليسرى كانت على حافة الجسر وهو تراب لا يقوى على حمولة
السيارة فانخفض التراب من تحت عجلات السيارة لأنه هش ومما ثبت أيضاً من المعاينة
من أن الطريق في مكان الحادث ضيق وعرضه لا يتجاوز أربعة أمتار ونصف الأمر الذي
يجعل مرور سيارتين في وقت واحد أمراً بالغ الخطورة وهو ما يجب أن يتم في غاية من
الحيطة والحذر وهو عين ما قرره المتهم إذ ذكر أن الطريق لا يتسع لمرور السيارتين
وإن كان قد أدعى أنه أراد أن يتفادى بعض الماشية فانحرفت السيارة إلا أن الشهود
جميعاً قد كذبوه وقرروا أن سبب الحادث هو أنه أراد أن يمر من السيارة النقل وما
كان المتهم بحاجة لأن ينحرف لأقصى اليسار ليتفادى الماشية إذ كان يستطيع أن يقف
بالسيارة حتى تخلي الماشية الطريق خصوصاً وأن المتهم قد أقر بأنه سبق له المرور من
هذا الطريق وبالتالي فهو يعلمه جيداً فضلاً عن أن الثابت من تقرير السيد المهندس
الفني أن السيارة وزنها ثقيل وهي فارغة وبديهي أن حمولتها تكون في غابة الثقل وهي
مكدسة بالعمال الأمر الذي لا يغيب على السائق العادي والذي يدعوه ألا يحاول أن
يسير بسيارته على حافة الطريق وانتهى الحكم من ذلك إلى أن هذا الخطأ قد أدى إلى
إصابة المجني عليهم بالإصابات التي أوردها والتي أودت بحياة أحدهم. لما كان ذلك,
وكان الحكم قد أقام الحجة على معرفة الطاعن لما أستند إليه بما استخلصه من عناصر
الدعوى في منطق سليم, وكان من المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه
جنائياً أو مدنياً مما يتعلق بموضوع الدعوى, وكان الحكم بعد أن دلل على خطأ الطاعن
المتمثل في محاولته اجتياز سيارة أمامية بانحرافه إلى حافة الجسر في أقصى اليسار
وفي طريق ضيق سبق أن مر منه ولا يسمح بمرور سيارتين بغير حذر بالغ مما أدى إلى
انقلاب السيارة, استظهر رابطة السببية بين هذا الخطأ والنتيجة التي حدثت ورد على
ما أثاره الطاعن من دفاع موضوعي بما يفنده. لما كان ذلك, وكان ما أورده الحكم من
تدليل سائغ على ثبوت نسبة الخطأ إلى الطاعن وحصول الحادث نتيجة لهذا الخطأ ينتفي
به في حد ذاته القول بحصول الحادث نتيجة حادث قهري وهو انهيار جزء من الجسر فجأة,
ذلك أنه يشترط لتوافر هذه الحالة ألا يكون للجاني يد في حصول العذر أو في قدرته
منعه. لما كان ما تقدم, فإن ما يثيره الطاعن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول
واقعة الدعوى والتصوير الذي اطمأنت المحكمة إليه ومناقشة أدلة الثبوت ومبلغ اقتناع
المحكمة بها مما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض. ومن ثم يكون الطعن برمته على
غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق