الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 5 فبراير 2013

عدم دستورية سريان أحكام قانون الأحكام العسكرية على أفراد الشرطة المدنية

قضية 133 لسنة 26 ق المحكمة الدستورية العليا "دستورية"
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد ، الرابع من نوفمبر سنة 2012م ، الموافق التاسع عشر من ذى الحجة سنة 1433 ه .
برئاسة السيد المستشار / ماهر البحيرى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : عدلى محمود منصور وأنور رشاد العاصى وعبد الوهاب عبد الرازق والدكتور / حنفى على جبالى ومحمد خيرى طه ورجب عبد الحكيم سليم نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور / محمد عماد النجار رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 133 لسنة 26 قضائية " دستورية " .بعد أن أحالت المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة ملف الطعنين رقمى 3003 لسنة 44 ، 669 لسنة 48 قضائية "عليا " .
المقام أولهما من
طارق عبد العزيز السيد
والمقام ثانيهما من
جمال عطية محمد بصفته وليًا طبيعيًا على نجله أحمد
ضد
وزير الداخلية
----------------
الإجراءات
فى الأول من شهر يونيو سنة 2004، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الطعنين رقمى 3003 لسنة 44 و669 لسنة 48 قضائية " عليا"، بعد أن أصدرت المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة بجلسة 28/2/2004 حكمها بوقف نظر الطعنين وإحالة أوراقهما إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى دستورية المادة (99) من قانون هيئة الشرطة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 109 لسنة 1971، والنصوص الأخرى المرتبطة به، وقرارى وزير الداخلية رقمى 1050 لسنة 1973، 444 لسنة 1983 .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرتين، طلبت فيهما الحكم أصليًا : بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًا : برفضها .
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها .
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع حسبما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق تتحصل فى أنه سبق أن أُحيل كل من أمينى الشرطة / طارق عبد العزيز السيد وأحمد جمال عطية، إلى المحاكمة العسكرية بوزارة الداخلية، لما نسب إلى الأول من الإهمال فى إطاعة الأوامر والتعليمات العسكرية، ولما نسب إلى الثانى من إغفاله إثبات اسم أحد أقاربه ضمن الأفراد الواجب ذكرهم بكراسة الالتحاق بمعهد أمناء الشرطة حال كونه محكومًا عليه فى جناية مخدرات، فقضت المحكمة العسكرية بمعاقبة الأول بالحبس لمدة خمسة وأربعين يومًا، ومعاقبة الثانى بالرفت من الخدمة، فأقام الأول طعنًا أمام المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية بمجلس الدولة قُضى فيه بعدم الاختصاص الولائى، فطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 3003 لسنة 44 قضائية " عليا " . كما أقام الثانى الطعن رقم 669 لسنة 48 قضائية " عليا " مباشرة أمام المحكمة ذاتها، والتى قررت ضم الطعنين وأصدرت فيهما حكم الإحالة المنوه عنه بصدر هذا الحكم، والذى تضمن أن سريان أحكام قانون الأحكام العسكرية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1966 على طوائف هيئة الشرطة من غير الضباط، بغض النظر عما إذا كانوا حال قيادة قوة نظامية من عدمه، يخالف حكم المادة (184) من الدستور والتى تنص على أن الشرطة هيئة مدنية نظامية، كما أن إخضاع باقى أفراد هيئة الشرطة من غير الضباط لأحكام قانون الأحكام العسكرية فى كل ما يتعلق بخدمتهم، أوجد تفرقة بين الطائفتين بالمخالفة لنص المادة (40) من الدستور، فضلاً عن أن تخويل المشرع العادى وزير الداخلية تحديد الجهات التى تتولى الاختصاصات المنصوص عليها فى قانون الأحكام العسكرية وإصداره القرارين رقمى 1050 لسنة 1973، 444 لسنة 1983 بلائحة الجزاءات وتنظيم وتشكيل القضاء العسكرى بوزارة الداخلية يخالف حكم المادة (167) من الدستور . وإذ خلصت المحكمة إلى أن المادة (99) من قانون هيئة الشرطة وقرارى وزير الداخلية رقمى 1050 لسنة 1973، 444 لسنة 1983، تثير شبهة مخالفتها لأحكام المواد (40، 167، 183، 184) من الدستور، فقد أحالت الأوراق إلى هذه المحكمة عملاً بنص المادة (29/أ) من قانونها، وذلك للفصل فى دستوريتها .
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى الماثلة تأسيسًا على أن النزاع المطروح أمام محكمة الموضوع سبق للمحكمة العسكرية حسمه، بحكم بات حاز قوة الأمر المقضى، ومن ثم يتعين الإمساك عن معاودة إثارة النزاع من جديد، بحسبان حجية الأحكام تسمو على اعتبارات النظام العام، وتبعًا لذلك تنتفى المصلحة فى هذه الدعوى .
وحيث إن هذا الدفع مردود بأن الدعوى الماثلة تطرح المسألة المتعلقة بدستورية ما قضى به النص المحال من خضوع أمناء الشرطة فى كل ما يتعلق بخدمتهم ومن بينها مساءلتهم عما يُنسب إليهم من جرائم انضباطية لقانون الأحكام العسكرية، وهو ما يمتد ليشمل كامل التنظيم المقرر بذلك النص وما يتضمنه من قواعد وإجراءات تتعلق بمساءلة هؤلاء ومحاكمتهم أمام المحاكم العسكرية، وما أسبغ بمقتضاه على الأحكام الصادرة من تلك المحاكم من حجية، وصيرورتها باتة وغير قابلة للطعن عليها أمام أية جهة، وهذه القواعد والإجراءات تمثل المسألة الدستورية التى رأت محكمة الموضوع طرحها على هذه المحكمة لتقول كلمتها فى شأن اتفاقها مع أحكام الدستور، ومن ثم يغدو الدفع بعدم قبول الدعوى لسبق حسم النزاع الموضوعى بحكم بات يرتكن فى حجيته لتلك الأحكام فى غير محله جديرًا بالالتفات عنه .

وحيث إن المادة (99) من قانون هيئة الشرطة الصادر بالقرار بقانون رقم 109 لسنة 1971 قبل استبدالها بالقانون رقم 25 لسنة 2012 كانت تنص على أن " يخضع الضباط بالنسبة إلى الأعمال المتعلقة بقيادة قوة نظامية لقانون الأحكام العسكرية .
كما يخضع للقانون المذكور أمناء ومساعدو الشرطة وضباط الصف والجنود ورجال الخفر النظاميين فى كل ما يتعلق بخدمتهم .
وتُوقع المحاكم العسكرية الجزاءات المقررة فى هذا القانون أو فى قانون الأحكام العسكرية
ويُحدد وزير الداخلية بقرار منه بعد أخذ رأى المجلس الأعلى للشرطة جهات وزارة الداخلية التى تتولى الاختصاصات المنصوص عليها فى القانون المذكور للجهات المبينة فيه، كما يصدر القرارات المنظمة لإنشاء السجون العسكرية الخاصة بأعضاء هيئة الشرطة " .
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر فى المسائل الدستورية، لازمًا للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع . متى كان ما تقدم، وكان الطاعنان قد حُوكما عما نُسب إليهما من جرائم انضباطية أمام المحاكم العسكرية بهيئة الشرطة، نزولاً على حكم المادة (99) من قانون هيئة الشرطة، وقرارى وزير الداخلية رقمى 1050 لسنة 1973، 444 لسنة 1983، وكانت الفقرة الرابعة من المادة (99) من قانون هيئة الشرطة التى تخول وزير الداخلية سلطة إصدار قرار بتحديد الجهات التى تتولى الاختصاصات المنصوص عليها فى قانون الأحكام العسكرية، وإصدار القرارات المنظمة لإنشاء السجن العسكرية الخاصة بأعضاء هيئة الشرطة، تمثل الأساس التشريعى لقواعد وإجراءات مساءلة أفراد هيئة الشرطة أمام المحاكم العسكرية، ومن ثم فإن المصلحة الشخصية المباشرة فى هذه الدعوى تكون متوافرة، وينحصر نطاقها فى الفقرة الرابعة من النص المحال .
وحيث إن حكم الإحالة ينعى على النص المحال أنه فيما تضمنه من تخويل المشرع العادى لوزير الداخلية تحديد جهات وزارة الداخلية التى تتولى الاختصاصات المنصوص عليها فى قانون الأحكام العسكرية، وإصدار وزير الداخلية قراريه رقمى 1050 لسنة 1973 بلائحة جزاءات أفراد هيئة الشرطة، وتحديد جهات وزارة الداخلية التى تتولى الاختصاصات المنصوص عليها فى قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 وبتنظيم السجون العسكرية، 444 لسنة 1983 بإعادة تنظيم الإدارة العامة للقضاء العسكرى، يخالف أحكام المواد (167، 183، 184) من دستور سنة 1971 .
وحيث إنه ولئن كان نص المادة (99) من قانون هيئة الشرطة ( النص المحال )، قد تم استبداله بنص بالمادة الأولى من القانون رقم 25 لسنة 2012 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 109 لسنة 1971 فى شأن هيئة الشرطة اعتبارًا من تاريخ العمل به فى الحادى والعشرين من شهر يونيو سنة 2012، حيث استبدل المشرع مجالس التأديب بالمحاكم العسكرية بهيئة الشرطة، إلا أن إلغاء المشرع لقاعدة قانونية بذاتها، لا يحول دون الطعن عليها بعدم الدستورية من قبل من طُبقت عليه خلال فترة نفاذها وترتبت بمقتضاها آثار قانونية بالنسبة إليه تتحقق بإبطالها مصلحته الشخصية المباشرة، ذلك أن الأصل فى القاعدة القانونية، هو سريانها على الوقائع التى تتم فى ظلها وحتى إلغائها، فإذا أُلغيت هذه القاعدة، وحلت محلها قاعدة قانونية أخرى، فإن القاعدة الجديدة تسرى من الوقت المحدد لنفاذها، ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها، وبذلك يتحدد النطاق الزمنى لسريان كل من القاعدتين، فما نشأ مكتملاً فى ظل القاعدة القانونية القديمة من المراكز القانونية وجرت آثارها خلال فترة نفاذها، يظل خاضعًا لحكمها وحدها .
وحيث إن الرقابة على دستورية القوانين واللوائح التى تباشرها المحكمة الدستورية العليا بمقتضى قانونها، إنما تقوم بحسب الأصل على مدى اتفاق أو مخالفة النصوص التشريعية المطعون فيها لأحكام الدستور القائم وقت الفصل فى الدعوى، أى مقابلة تلك النصوص من الناحية الموضوعية بالنصوص الدستورية القائمة وقت الحكم فى الدعوى الدستورية، ومن ثم فإن بحث دستورية النص المحال فى الدعوى المعروضة يتعين أن يتم وفقًا للأحكام الواردة فى الإعلان الدستورى الصادر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتاريخ 30/3/2011 .

وحيث إن الدستور لا يُعتبر مجرد إطار شكلى أو تنظيم إجرائى لقواعد مباشرة السلطة وصور توزيعها، وإنما يتضمن أصلاً قِيَمًا وحقوقًا لها مضامين موضوعية كفل الدستور حمايتها، وحرص على أن يرد كل عدوان عليها من خلال حق التقاضى حتى يظل محتواها نقيًا كاملاً، فلا تفقد قيمتها أو تنحدر أهميتها، ولا تنفصل هذه القيم وتلك الحقوق عن الديمقراطية المُحدد معناها وفق أكثر أشكالها تطورًا، ولكنها تقارنها، وتقيم أساسها، وتكفل إنفاذ مفاهيمها .
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه لا يجوز للسلطة التشريعية فى ممارستها لاختصاصاتها فى مجال إقرار القوانين أن تتخلى بنفسها عنها إهمالاً من جانبها لنص المادة (86) من الدستور، المقابلة للمادة (33) من الإعلان الدستورى، الذى يعهد إليها أصلاً بالمهام التشريعية، ولا تخول السلطة التنفيذية مباشرتها إلا استثناء، وفى الحدود الضيقة التى بينتها نصوص الدستور حصرًا .

وحيث إن المادة (21) من الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس سنة 2011 تنص على أن " التقاضى حق مصون ومكفول للناس كافة، لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى " وتنص المادة (46) على أن " السلطة القضائية مستقلة، وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ……… "، وتنص المادة (50) على أن " يحدد القانون الهيئات القضائية واختصاصاتها، ويُنظم طريقة تشكيلها، ويبين شروط وإجراءات تعيين أعضائها ونقلهم "، وتنص المادة (51) على أن " ينظم القانون القضاء العسكرى ويبين اختصاصاته فى حدود المبادئ الدستورية" وهذه المواد تقابل المواد ( 68، 165، 167، 183، من دستور 1971 ) .

وحيث إنه لما كان ما تقدم؛ وكان الإعلان الدستورى قد خول السلطة التشريعية بقانون يصدر منها إنشاء المحاكم العسكرية وتنظيمها وتحديد اختصاصاتها وبيان القواعد والإجراءات التى تُتبع أمامها، والضمانات التى تكفل بتكاملها مفهومًا للعدالة يتفق بوجه عام مع المقاييس المعاصرة المعمول بها فى الدول المتحضرة، كما نص الإعلان ذاته فى المادة (9) من عدم جواز حجز المواطن أو حبسه فى غير الأماكن الخاضعة للقوانين الصادرة بتنظيم السجون. وإذ تسلب المشرع بالنص المحال من اختصاصاته السالف بيانها، وفوض وزير الداخلية فى إصدار قرار بتحديد جهات الوزارة التى تتولى الاختصاصات المنصوص عليها فى قانون الأحكام العسكرية، وإنشاء السجون العسكرية الخاصة بأفراد هيئة الشرطة، ومن ثم يغدو نص الفقرة الرابعة من المادة (99) من قانون هيئة الشرطة، مخالفًا لأحكام المواد (9، 21، 50، 51 ) من الإعلان الدستورى .

وحيث إن الخوض فى دستورية بعض النصوص القانونية، يفترض ابتداء انتفاء ارتباطها ارتباطًا لا يقبل التجزئة بنصوص أبطلتها هذه المحكمة لمخالفتها أحكام الدستور، فإذا كان ارتباطها بها قائمًا، فإن الحكم بسقوطها يكون مقدمًا على الفصل فى دستوريتها، إذ لا محل للخوض فى اتفاقها أو مخالفتها للدستور بعد انغلاق مجال عملها، ترتيبًا على زوال النصوص القانونية التى كانت تستند إليها .

وحيث إن باقى فقرات نص المادة (99) من قانون هيئة الشرطة، وقد انتظمت القواعد التى نيط بجهات وزارة الداخلية المنصوص عليها بالفقرة الرابعة من المادة ذاتها تطبيقها، ومن ثم فإن هذه الفقرات جميعها ترتبط ارتباطًا لا يقبل التجزئة بنص الفقرة الرابعة من ذلك النص، ومن ثم فإن إبطال هذه المحكمة لنص تلك الفقرة يترتب عليه بالضرورة سقوط باقى فقرات ذلك النص .

وحيث إن المادة (99) من قانون هيئة الشرطة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 109 لسنة 1971 ( النص المحال ) قبل استبدالها بالقانون رقم 25 لسنة 2012 تعد الأساس التشريعى الذى قام عليه قرارا وزير الداخلية رقما 1050 لسنة 1973 بلائحة جزاءات أفراد هيئة الشرطة وبتحديد جهات وزارة الداخلية التى تتولى الاختصاصات المنصوص عليها فى قانون الأحكام العسكرية وبتنظيم السجون العسكرية، و444 لسنة 1983 بإعادة تنظيم الإدارة العامة للقضاء العسكرى السالفى الذكر، فإن هذين القرارين يسقطان لزومًا تبعًا للقضاء بعدم دستورية الفقرة الرابعة من المادة (99) المشار إليها، إذ لا يتصور بدونها وجود لهما .

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الرابعة من المادة (99) من قانون هيئة الشرطة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 109 لسنة 1971، قبل استبداله بالقانون رقم 25 لسنة 2012 وسقوط باقى فقراته وقرارى وزير الداخلية رقمى 1050 لسنة 1973، 444 لسنة 1983

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق