الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 1 مارس 2019

الطعن 1618 لسنة 54 ق جلسة 4 / 2 / 1993 مكتب فني 44 ج 1 ق 79 ص 471


جلسة 4 من فبراير سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ عبد الحميد الشافعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بكر غالي، محمد محمد محمود نائبي رئيس المحكمة، عبد الملك نصار وعلي شلتوت.
-----------------
(79)
الطعن رقم 1618 لسنة 54 القضائية

 (1)إثبات. تزوير
الأوراق الرسمية. اقتصار حجيتها على البيانات التي قام بها الموظف العام في حدود مهمته أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره. مجال إنكارها هو الطعن بالتزوير. البيانات الأخرى الخارجة عن هذه الحدود أو ما تعلق بمدى صحة ما ورد على لسان ذوي الشأن من بيانات أو إقرارات. المرجع في إثبات حقيقتها إلى القواعد العامة في الإثبات. المادة 11 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968.
(2) دعوى "صحيفة افتتاح الدعوى". إثبات. تزوير.
صحيفة افتتاح الدعوى التي يحررها المدعي ويوقع عليها هو أو محاميه قبل تقديمها إلى قلم الكتاب. لا تعتبر ورقة رسمية. جواز الطعن عليها بالإنكار. مؤدى ذلك. لا تلحقها الرسمية إلا بتداخل الموظف المختص وفي حدود البيانات التي قام بها أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره.

--------------
1 - النص في المادة 11 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 - المقابلة للمادة 391 من القانون المدني - يدل وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن حجية الورقة الرسمية تقتصر على ما ورد بها من بيانات قام بها الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة في حدود مهمته أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره وهي البيانات التي لا يجوز إنكارها إلا عن طريق الطعن بالتزوير لما في إنكارها من مساس بالأمانة والثقة المتوافرين فيها، ولا تمتد هذه الحجية إلى البيانات الأخرى الخارجة عن هذه الحدود أو ما تعلق بمدى صحة ما ورد على لسان ذوي الشأن من بيانات أو إقرارات ولأن إثباتها في ورقة رسمية - أو عرفية تداخل في تحريرها موظف عمومي - لا يعطيها قوة خاصة في ذاتها بالنسبة لحقيقة وقوعها فيرجع في تحقيق أمر صحتها أو عدم صحتها إلى القواعد العامة في الإثبات.
2 - إذ كانت بيانات صحيفة الدعوى التي يحررها المدعي ويوقع عليها هو أو محاميه - في الحالات التي يتطلب القانون توقيع الأخير عليها - هي ورقة عرفية لا يستلزم القانون تحريرها أمام الموظف المختص بالمحكمة المرفوع إليها الدعوى ومن ثم فلا تعد هذه الصحيفة قبل تقديمها إلى قلم الكتاب ورقة رسمية فيجوز الطعن على ما ورد بها من بيانات وما تحمله من توقيعات بالإنكار وفقاً لنص المادة 30 من قانون الإثبات المشار إليه ولا تلحق الرسمية صحيفة الدعوى إلا بتداخل الموظف المختص وفي حدود البيانات التي قام بها أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم الثلاثة الأول أقاموا الدعوى رقم 741 لسنة 1972 مدني طنطا الابتدائية على مورث الطاعنين بطلب الحكم بطرده من الأطيان الزراعية المبينة الحدود والمعالم بالصحيفة والبالغ مساحتها 12 س، 12 ط، 1 ف لوضعه اليد عليها دون سند كما قامت المطعون ضدها الرابعة عن نفسها وبصفتها وصية على شقيقيها المطعون ضدهما الثالث والأخير الدعوى رقم 485 لسنة 1976 مدني طنطا الابتدائية على مورث الطاعنين بذات الطلبات. ضمت المحكمة الدعوى الثانية إلى الأولى للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد ثم ندبت فيهما خبيراً، وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 24 من فبراير سنة 1983 بطرد الطاعنين من أرض النزاع مع إلزام المطعون ضدهم بأن يؤدوا لهم مبلغ 250 جنيه. استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 362 سنة 33 ق. وبتاريخ 26 من مارس سنة 1984 قضت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف إلى إلغاء ما قضى به من إلزام المطعون ضدهم بأن يؤدوا للطاعنين مبلغ 250 جنيه وتأييده فيما عدا ذلك. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت لنظره جلسة وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا في دفاعهم أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بعدم جواز الاحتجاج عليهم بما ورد بصورة صحيفة الدعوى المقدمة من المطعون ضدهم من إقرار منسوب لمورثهم باستئجاره أطيان النزاع لعدم ثبوت صدورها منه أو من وكيل يملك حق الإقرار عنه غير أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفاع بمقولة أن الصحيفة اكتسبت صفة المحرر الرسمي بعد أن باشر المحضر إجراءات إعلانها والتوقيع عليها بما لا يجوز معه جحد البيانات الواردة بها إلا بالطعن عليها بالتزوير وهو ما رتب عليه الحكم قوله أنهم يحاجون بإقرار مورثهم بها باستئجاره أرض النزاع بما ينفي ادعائه وهم من بعده تملكها بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية هذا في حين أن حجية تلك الورقة قاصرة على البيانات التي حررها المحضر في حدود مهمته عند إجراء الإعلان دون جميع البيانات الأخرى المنسوبة لذوي الشأن والتي يقوم الخصوم أو وكلائهم بتحريرها وتخضع في أمر صحتها من عدمه للقواعد العامة في الإثبات بما يكفي معه إنكار ما ورد بها من إقرار منسوب لمورثهم دون ما حاجة للطعن عليها بالتزوير وإذ لم يفطن الحكم المطعون فيه إلى ما تقدم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وهو ما حجبه عن تحقيق دفاع الطاعنين السالف الإشارة إليه بما يعيبه بالقصور ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في المادة 11 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 - المقابلة للمادة 391 من القانون المدني - على أن "المحررات الرسمية حجة على الناس كافة بما دون فيها من أمور قام بها محررها في حدود مهمته أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره ما لم يتبين تزويرها بالطرق المقررة قانوناً" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن حجية الورقة الرسمية تقتصر على ما ورد بها من بيانات قام بها الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة في حدود مهمته أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره وهي البيانات التي لا يجوز إنكارها إلا عن طريق الطعن بالتزوير لما في إنكارها من مساس بالأمانة والثقة المتوافرين فيها، ولا تمتد هذه الحجية إلى البيانات الأخرى الخارجة عن هذه الحدود أو ما تعلق بمدى صحة ما ورد على لسان ذوي الشأن من بيانات أو إقرارات ولأن إثباتها في ورقة رسمية - أو عرفية تداخل في تحريرها موظف عمومي - لا يعطيها قوة خاصة في ذاتها بالنسبة لحقيقة وقوعها، فيرجع في تحقيق أمر صحتها أو عدم صحتها إلى القواعد العامة في الإثبات وإذ كانت بيانات صحيفة افتتاح الدعوى التي يحررها المدعي ويوقع عليها هو أو محاميه - في الحالات التي يتطلب القانون توقيع الأخير عليها - هي ورقة عرفية لا يستلزم القانون تحريرها أمام الموظف المختص بالمحكمة المرفوع إليها الدعوى ومن ثم فلا تعد هذه الصحيفة قبل تقديمها إلى قلم الكتاب ورقة رسمية فيجوز الطعن على ما ورد بها من بيانات وما تحمله من توقيعات بالإنكار وفقاً لنص المادة 30 من قانون الإثبات المشار إليه، ولا تلحق الرسمية صحيفة الدعوى إلا بتداخل الموظف المختص وفي حدود البيانات التي قام بها أو وقعت من ذوي الشأن في حضوره، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر بأن أسبغ الحجية الرسمية على كافة بيانات صحيفة الدعوى المقدمة من المطعون ضدهم والمنسوبة لمورث الطاعنين والتي يقر فيها الأخير باستئجاره أرض النزاع، ورتب على ذلك أنه لا يجوز لمورث الطاعنين وهم من بعده جحد إقراره المشار إليه إلا بالطعن بالتزوير دون الإنكار وأيد الحكم الابتدائي القاضي بطردهم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وإذ حجبه هذا الخطأ عن تحقيق دفاع الطاعنين بشأن عدم صدور تلك الصحيفة من مورثهم أو من وكيل عنه يملك حق الإقرار عنه، وتملكهم الأرض بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية، وهو دفاع جوهري - لو صح - لتغير به وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون معيباً كذلك بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 228 لسنة 62 ق جلسة 11 / 2 / 1993 مكتب فني 44 ج 1 ق 94 ص 572

جلسة 11 من فبراير سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ عبد الحميد الشافعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بكر غالى، عبد العال السمان، محمد محمد محمود نواب رئيس المحكمة وعلي شلتوت.
--------------
(94)
الطعن رقم 228 لسنة 62 القضائية
 (1)دعوى "الطلبات في الدعوى". استئناف "الطلبات الجديدة: ما لا يعد كذلك". تعويض.
طلب التعويض عن كافة الأضرار نتيجة وفاة المورث أمام محكمة أول درجة. إبداؤه في صحيفة الاستئناف شاملاً التعويض عن الضرر المادي الموروث. لا يعد طلباً جديداً. علة ذلك.
(2) دعوى "الطلبات في الدعوى". حكم "إصدار الحكم: إغفال الفصل في بعض الطلبات".
إغفال الفصل في طلب موضوعي. سبيل تداركه. الرجوع إلى ذات المحكمة للفصل فيه. م 193 مرافعات.
 (3)استئناف "نطاق الاستئناف: الأثر الناقل للاستئناف".
الاستئناف لا ينقل إلى محكمة الدرجة الثانية إلا ما فصلت فيه محكمة أول درجة ورفع عنه الاستئناف.
 (4)التزام "أوصاف الالتزام: التضامن". تضامن. حكم "الطعن في الحكم". "نقض "أثر نقض الحكم".
نقض الحكم الصادر في التزام بالتضامن. أثره. نقضه بالنسبة للخصم الآخر ولو لم يطعن فيه.
-------------
1 - إذ كان الثابت بالأوراق أن المطعون ضدهما الأول والثاني طلبا الحكم بمبلغ خمسين ألف جنيه عن جميع الأضرار نتيجة وفاة مورثتهما ومن ثم فإن طلبهما في صحيفة الاستئناف أن يشمل هذا التعويض الضرر المادي الذي لحق مورثتهما لا يعتبر طلباً جديداً لاندراجه في عموم طلب التعويض عن كافة الأضرار
2 - مفاد نص المادة 193 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الطلب الذي تغفله المحكمة يظل باقياً على حاله ومعلقاً أمامها ويكون السبيل إلى الفصل فيه هو الرجوع إلى ذات المحكمة لتستدرك ما فاتها الفصل فيه.
3 - الاستئناف لا ينقل إلى محكمة الدرجة الثانية إلا ما تكون محكمة أول درجة قد فصلت فيه ورفع عنه الاستئناف.
4 - إذ كان التزام المطعون ضده الثالث مع الطاعن قبل المطعون ضدهما الأول والثاني هو التزام بالتضامن فإن نقض الحكم لصالح الطاعن يستتبع نقضه بالنسبة للمطعون ضده الثالث ولو لم يطعن فيه.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهما الأول والثاني أقاما الدعوى رقم 1775 سنة 1984 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على الطاعن والمطعون ضده الثالث بطلب الحكم بأن يؤديا لهما خمسين ألف جنيه عما أصابهما من أضرار من جراء فقد مورثهما، وقالا بياناً لذلك إنه بتاريخ 19/ 2/ 1982 تسبب المطعون ضده الثالث..... - تابع الطاعن - بخطئه في وفاة والدتهما أثناء قيادته السيارة المملوكة للطاعن وحرر عن ذلك محضر الجنحة 137 سنة 1982 عسكرية شرق وقضى فيه بإدانته بحكم بات وإذ لحق بهما أضرار نتيجة فقد مورثتهما يقدرانه بالمبلغ المطالب به فقد أقاما الدعوى، بتاريخ 26/ 2/ 1987 حكمت المحكمة بإلزام الطاعن والمطعون ضده الثالث بأن يؤديا للمطعون ضدهما الأول والثاني أربعة آلاف جنيه تعويضاً أدبياً عن موت مورثتهما، استأنف المطعون ضدهما الأول والثاني هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 4667 لسنة 104 ق كما استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم 5010 سنة 104 ق، ضمت المحكمة الاستئناف الأول إلى الأخير وبتاريخ 13/ 12/ 1991 حكمت المحكمة بإلزام الطاعن والمطعون ضده الثالث متضامنين بأن يدفعا للمطعون ضدهما الأول والثاني مبلغ ستة آلاف جنيه تعويضاً أدبياً وموروثاً طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن طلب المطعون ضدها الأول والثاني تعويضاً عما لحق مورثتهما من ضرر مادي لأول مرة أمام محكمة الاستئناف غير جائز إعمالاً للمادة 235 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن الثابت بالأوراق أن المطعون ضدهما الأول والثاني طلبا الحكم بمبلغ خمسين ألف جنيه عن جميع الأضرار نتيجة وفاة مورثتهما ومن ثم فإن طلبهما في صحيفة الاستئناف أن يشتمل هذا التعويض الضرر المادي الذي لحق مورثهما لا يعتبر طلباً جديداً لاندراجه في عموم طلب التعويض عن كافة الأضرار ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن محكمة الدرجة الأولى أغفلت الفصل في طلب التعويض الموروث وإذ قضت محكمة الاستئناف للمطعون ضدهما الأول والثاني بهذا التعويض لأول مرة بالمخالفة لنص المادة 193 من قانون المرافعات فإن حكمها يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن مفاد نص المادة 193 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الطلب الذي تغفله الحكمة يظل باقياً على حاله ومعلقاً أمامها ويكون السبيل إلى الفصل فيه هو الرجوع إلى ذات المحكمة لتستدرك ما فاتها الفصل فيه، وأن الاستئناف لا ينقل إلى محكمة الدرجة الثانية إلا ما تكون محكمة أول درجة قد فصلت فيه ورفع عنه الاستئناف، لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي قد خلا سواء في أسبابه أو منطوقه من الحكم في طلب التعويض الموروث فإنه يكون قد أغفل الفصل في هذا الطلب، ولا سبيل للمطعون ضدهما الأول والثاني للفصل فيه إلا بالرجوع إلى ذات المحكمة لتستدرك ما فاتها ومن ثم فلا يجوز لمحكمة الاستئناف أن تعرض لطلب التعويض الموروث أو تفصل فيه وعليها أن تقف عند حد القضاء بعدم جواز الاستئناف بالنسبة لهذا الطلب وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وتصدى للحكم في طلب التعويض الموروث الذي أغفلته محكمة الدرجة الأولى يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه نقضاً جزئياً في خصوص ما قضى به من إلزام الطاعن بمبلغ 2000 جنيه تعويض مادي موروث ورفض الطعن فيما عدا ذلك.
وحيث إن التزام المطعون ضده الثالث...... مع الطاعن قبل المطعون ضدهما الأول والثاني هو التزام بالتضامن فإن نقض الحكم لصالح الطاعن يستتبع نقضه بالنسبة للمطعون ضده الثالث ولو لم يطعن فيه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين الحكم في موضوع الاستئناف رقم 4667 لسنة 104 ق القاهرة بعدم جواز الاستئناف بالنسبة لطلب التعويض المادي الموروث.

الطعن 1514 لسنة 62 ق جلسة 11 / 3 / 1993 مكتب فني 44 ج 1 ق 133 ص 811


جلسة 11 من مارس سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد طيطة، محمد بدر الدين المتناوي، شكري جمعه حسين، نواب رئيس المحكمة وفتيحة قره.
--------------
(133)

الطعن رقم 1514 لسنة 62 القضائية

إيجار "إيجار الأماكن: حظر احتجاز أكثر من مسكن". حكم "عيوب التدليل: الفساد في الاستدلال: ما يعد قصوراً" محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة".

حظر احتجاز الشخص مالكاً أو مستأجراً أكثر من مسكن في البلد الواحد دون مقتضى. مناطه. انفراد الشخص بالسيطرة المادية والقانونية على المسكنين. م 8/ 1 ق 49 لسنة 1977. مجرد إقامته في المسكن أو تحرير عقد إيجار باسمه. عدم كفايته لاعتباره محتجزاً. استقلال آخرون من ذويه فعلياً بالمسكن. أثره. توافر المقتضى وانتفاء الاحتجاز. المقصود بالمقتضى. حاجة المستأجر الاجتماعية أو الصحية أو العائلية. جواز إعداده مسكن آخر لأفراد أسرته أو ذويه الملزم بسكناهم. تقديره. من سلطة قاضي الموضوع دون معقب متى أقام قضاء على أسباب سائغة. التزام محكمة الموضوع باستظهاره حال نظر دعوى الإخلاء لاحتجاز أكثر من مسكن وإلا كان حكمها قاصراً "مثال في إيجار لاستدلال فاسد على انتفاء المقتضى لاحتجاز الطاعنة لأكثر من مسكن".

--------------

النص في الفقرة الأولى من المادة الثامنة من القانون 49 لسنة 1977 على أنه لا يجوز للشخص أن يحتجز في البلد الواحد أكثر من مسكن دون مقتضى "يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع قد حظر على كل من المالك أو المستأجر أن يحتفظ بأكثر من مسكن في البلد الواحد دون مبرر مشروع يقتضيه، الاحتجاز هو انفراد المستأجر بالسيطرة المادية والقانونية على المسكنين ومن ثم فإن مجرد إقامة الشخص في المسكن أو أن يحرر عقد الإيجار باسمه لا يكفي لاعتباره محتجزاً إذا ما أعد المسكن لانتفاع آخرين من ذويه أو استقلوا فعلاً بسكناه، فعندئذٍ ينتفي الاحتجاز ويتوافر المقتضى الذي يبيح للشخص احتجاز أكثر من مسكن في المدينة الواحدة طبقاً للفقرة الأولى من المادة الثامنة سالفة الذكر، والمقتضى وفقاً لما يستفاد من النص وكلمته هو السبب المبرر الذي ينتج من حاجة المستأجر للاستعمال الشخصي، وقد تكون هذه الحاجة أو الضرورة اجتماعية أو عائلية أو صحية، إذ قد يعد المستأجر المسكن الآخر لأفراد أسرته "أو ذويه، الملزم بسكناهم، وأن أمر تقدير المقتضى لحجز أكثر من مسكن في البلد الواحد يخضع لمطلق سلطان قاضي الموضوع يستخلصه من ظروف الدعوى وملابساتها ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض طالما ركن في تقديراته إلى أسباب سائغة تؤدي إلى ما انتهى إليه في قضائه.... ويتعين على محكمة الموضوع عند نظر دعوى الإخلاء لاحتجاز أكثر من مسكن أن تستظهر عدم توافر المقتضى لاحتجاز المسكن المطلوب إخلاؤه وإلا كان حكمها معيباً بالقصور في البيان، لما كان ذلك وكانت الطاعنة قد تمسكت في دفاعها بأنه قد توافر لديها المقتضى لاحتجاز مسكن آخر لضآلة مساحة المسكنين إذ يكون كل مسكن من حجرة وصالة ولكثرة أفراد أسرتها المكونة من زوجها وبناتها الخمس، فضلاً عن قرب أحد المسكنين لمقر عملها ومدارس بناتها وحاجة زوجها لمسكن مستقل يعد فيه أعماله، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهي إلى الحكم بالإخلاء لتوافر الاحتجاز المحظور قانوناً وعدم توافر المقتضى على سند من أن "المقتضى الذي تقدره المحكمة لتبرير احتجاز أكثر من مسكن في البلد الواحد هو أمر منوط بالمستأجر ومن ثم فإن ما تثيره المستأنفة (الطاعنة) بشأن توافر مقتضى لزوجها وهو غير مستأجر كتبرير للاحتجاز يكون في غير محله لأن زوجها ليس مستأجراً شقة النزاع وأما ما تبديه بشأن كثرة أفراد الأسرة باعتباره مقتضى يبرر احتجازها لمسكن آخر غير شقة التداعي فلا ترى المحكمة أنه يمثل مقتضى في مفهوم نص المادة الثامنة من القانون 49 لسنة 1977 إذ خلت الأوراق من بيان بشأن حالة هؤلاء الأبناء كي تعمل المحكمة سلطتها التقديرية في تبرير الاحتجاز لهم "في حين أن المقتضى يتوافر إذا ما دعت الحاجة والضرورة الاجتماعية أو العائلية إلى أن يحتجز المستأجر لمسكن آخر باسمه ليعده لانتفاع آخرين من ذويه كالزوج والزوجة والأولاد - والوالدين والإخوة وغيرهم من أفراد أسرته ولا يلزم أن يكون الأخير مستأجراً مما يعيب الحكم المطعون فيه بالفساد في الاستدلال في هذا الشق، كما أن كثرة أفراد الأسرة وصغر مساحة المسكنين قد يتوافر معه المقتضى في جميع الأحوال دون ما حاجة لتقديم بيان حالة عنهم، ومن ثم فإن ما قرره الحكم المطعون فيه في هذا الشأن لا يعد كافياً للرد على دفاع الطاعنة مما يعيبه أيضاً بالقصور في التسبب.



المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنة الدعوى رقم 584 لسنة 1985 الجيزة الابتدائية بطلب الحكم بإنهاء العلاقة الإيجارية لشقة النزاع المبينة بالأوراق مع التسليم، وقال بيان دعواه إنه قضى لصالح الأخيرة بثبوت تلك العلاقة بينهما وإلزامه بتحرير عقد إيجار لها بموجب الحكم النهائي الصادر في الاستئناف رقم 414 لسنة 100 ق القاهرة، وإذا احتجز شقة أخرى في ذات البلد (محافظة الجيزة) دون مقتضى بالمخالفة للحظر الوارد في نص المادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1977 فأقام دعواه، ومحكمة أول درجة بعد أن ندبت خبيراً في الدعوى وقدم تقريره، قضت بإنهاء العلاقة مع التسليم استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 11078 لسنة 107 ق القاهرة وبتاريخ 9/ 1/ 1992 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وأمرت المحكمة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وحددت جلسة لنظر الطعن، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وبجلسة المرافعة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفساد الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إن المحكمة المطعون في حكمها إذ لم توضح على وجه التحديد ما إذا كان انتفاء المبرر أو المقتضى كان بالنسبة لاحتجاز شقة النزاع أم الشقة الأخرى التي تمتلكها الطاعنة في تاريخ لاحق، ولم تحقق دفاع الطاعنة الجوهري في هذا الخصوص المؤيد بالمستندات ومن ضمنها شهادات الميلاد بناتها الخمس - من وجود مقتضيات احتجازها شقة النزاع والشقة الأخرى والمتمثل في صالة مساحة كل منها (غرفة وصالة) وكثرة عدد أفراد الأسرة المكونة منها وزوجها وبناتها الخمس، فضلاً عن قرب الأخيرة من مقر عمل الطاعنة وزوجها ومدارس بناتها وحاجة زوجها لمقر مستقل يمارس فيه عمله - بمقولة أن كثرة عدد أفراد الأسرة لا يشكل مقتض في مفهوم المادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1977، وقد خلت الأوراق من بيان حالة أبناء الطاعنة، وانتهت إلى أن مبررات الاحتجاز التي ساقتها الطاعنة لا يتوافر بها مقتضى الاحتجاز مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة الثامنة من القانون 49 لسنة 1977 على أنه "لا يجوز للشخص أن يحتجز في البلد الواحد أكثر من مسكن دون مقتضى" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع قد حظر على كل من المالك أو المستأجر أن يحتفظ بأكثر من مسكن في البلد الواحد دون مبرر مشروع يقتضيه ومناط الاحتجاز هو انفراد المستأجر بالسيطرة المادية والقانونية على المسكنين ومن ثم فإن مجرد إقامة الشخص في المسكن أو أن يحرر عقد الإيجار باسمه لا يكفي لاعتباره محتجزاً إذا ما أعد المسكن لانتفاع آخرين من ذويه أو استقلوا فعلاً بسكناه فعندئذٍ ينتفي الاحتجاز، ويتوافر المقتض الذي يبيح للشخص احتجاز أكثر من مسكن في المدينة الواحدة طبقاً للفقرة الأولى من المادة الثامنة سالفة الذكر والمقتض وفقاً لما يستفاد من النص وحكمته هو السبب المبرر الذي ينبع من حاجة المستأجر للاستعمال الشخصي، وقد يكون هذه الحاجة أو الضرورة اجتماعية أو عائلية أو صحية، إذا قد يعد المستأجر المسكن الآخر لأفراد أسرته أو ذويه الملزم بسكناهم - وأن أمر تقدير المقتضى لحجز أكثر من مسكن في البلد الواحد يخضع لمطلق سلطان قاضي الموضوع يستخلصه من ظروف الدعوى وملابساتها ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض طالما ركن في تقديراته إلى أسباب سائغة تؤدي إلى ما انتهى إليه في قضائه.... ويتعين على محكمة الموضوع عند نظر الدعوى الإخلاء لاحتجاز أكثر من مسكن أن تستظهر عدم توافر المقتضى لاحتجاز المسكن المطلوب إخلاؤه وإلا كان حكمها معيباً بالقصور في البيان، لما كان ذلك وكانت الطاعنة قد تمسكت في دفاعها بأنه قد توافر لديها المقتضى لاحتجاز مسكن آخر لضآلة مساحة المسكنين إذ يتكون كل مسكن من حجرة وصالة ولكثره أفراد أسرتها المكونة من زوجها وبناتها الخمس، فضلاً عن قرب أحد المسكنين لمقر عملها ومدارس بناتها وحاجة زوجها لمسكن مستقل يعد فيه أعماله، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى الحكم بالإخلاء لتوافر الاحتجاز المحظور قانوناً وعدم توافر المقتضى على سند من أن المقتضى الذي تقدره المحكمة لتبرير احتجاز أكثر من مسكن في البلد الواحد هو أمر منوط بالمستأجر ومن ثم فإن ما تثيره المستأنفة (الطاعنة) بشأن توافر مقتضى لزوجها وهو غير مستأجر كتبرير للاحتجاز يكون في غير محله لأن زوجها ليس مستأجراً شقة النزاع وأما ما تبديه بشأن كثرة أفراد الأسرة باعتباره مقتضى يبرر احتجازها لمسكن آخر غير شقة التداعي فلا ترى المحكمة أنه يمثل مقتضى في مفهوم نص المادة الثامنة من القانون 49 لسنة 1977 إذ خلت الأوراق من بيان بشأن حالة هؤلاء الأبناء كي تعمل المحكمة سلطتها التقديرية في تبرير الاحتجاز لهم. "في حين أن المقتضى يتوافر إذا ما دعت الحاجة والضرورة الاجتماعية أو العائلية إلى أن يحتجز المستأجر لمسكن آخر باسمه ليعده لانتفاع آخرين من ذويه كالزوج والزوجة والأولاد والوالدين والإخوة وغيرهم من أفراد أسرته ولا يلزم أن يكون الأخير مستأجراً مما يعيب الحكم المطعون فيه بالفساد في الاستدلال في هذا الشق كما أن كثرة أفراد الأسرة وصغر مساحة المسكنين قد يتوافر معه المقتضى في جميع الأحوال دون ما حاجة لتقديم بيان حالة عنهم، ومن ثم فإن ما قرره الحكم المطعون فيه في هذا الشأن لا يعد كافياً للرد على دفاع الطاعنة مما يعيبه أيضاً بالقصور في التسبيب بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي الأوجه.

الطعنان 297 ، 1102 لسنة 62 ق جلسة 28 / 3 / 1993 مكتب فني 44 ج 1 ق 140 ص 848


جلسة 28 من مارس سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ جرجس اسحق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم الطويلة نائب رئيس المحكمة، أحمد خيري، محمد عبد المنعم وحسين نعمان.
-------------
(140)
الطعنان رقما 297، 1102 لسنة 62 القضائية

 (1)استئناف "الاستئناف الفرعي". دعوى "ترك الخصومة". نظام عام.
الاستئناف الفرعي. زواله بزوال الاستئناف الأصلي. مؤدى ذلك. م 237/ 2 مرافعات. الحكم بقبول ترك الخصومة في الاستئناف الأصلي يستتبع القضاء ببطلان الاستئناف الفرعي. م 239 مرافعات. وجوب تعرض المحكمة لذلك من تلقاء نفسها لتعلقه بالنظام العام. (مثال).
(2) حكم. نقض "المصلحة في الطعن، السبب غير المنتج". 
النعي الذي لا يحقق سوى مصلحة نظرية للطاعن. غير منتج
(3) حكم. "حجبه الحكم الجنائي" قوة الأمر المقضي.
حجية الحكم الجنائي أمام المحكمة المدنية. مناطها. فصله فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله. التزام المحكمة المدنية بهذه الأمور في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها. عدم امتداد هذه الحجية إلى الأسباب التي لم تكن ضرورية للحكم بالإدانة أو بالبراءة. (مثال).

--------------
1 - مؤدى نص الفقرة الثانية من المادة 237 من قانون المرافعات يدل على أن الاستئناف الفرعي يرتكز على الاستئناف الأصلي لا من حيث نشوئه فحسب وإنما في بقائه أيضاً وأن كل عارض بعرض الاستئناف الأصلي بعد قيام الاستئناف الفرعي يكون من شأنه التأثير في قيام الاستئناف الأصلي - يؤثر بالتالي في الاستئناف الفرعي. الحكم بقبول ترك الخصومة في الاستئناف الأصلي يستتبع الحكم ببطلان الاستئناف الفرعي وهو ما نصت عليه المادة 239 من قانون المرافعات، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الحكم الابتدائي قضى بإلزام الطاعنين في الطعنين بأن يردا للمطعون عليهما الأول والثانية المبلغ موضوع النزاع وقد استأنف الأخير هذا الحكم بالاستئناف رقم 294 لسنة 47 ق واستأنفه البنك الأهلي بالاستئناف رقم 476 لسنة 47 ق، كما استأنفه البنك المركزي بعد الميعاد بالاستئناف الفرعي رقم 1098 لسنة 47 ق، وإذ كان هذا الأخير لم يوجه ثمة طلبات إلى البنك الأهلي، كما لم يوجه استئنافه الفرعي لطلبات هذا الأخير، بل اتفقت طلباتهما على طلب رفض الدعوى، وكان المطعون عليهما الأول والثانية قررا بعد فوات ميعاد الطعن في الحكم الابتدائي بترك الخصومة في الاستئناف الأصلي رقم 294 لسنة 47 ق المقام منهما وقضى الحكم المطعون فيه بقبول ترك الخصومة في هذا الاستئناف فإن ذلك يستتبع حتماً وبقوة القانون بطلان الاستئناف الفرعي وهو ما يتعين على محكمة الاستئناف أن تعرض له وتقضى به من تلقاء نفسها لاتصاله بالنظام العام للتقاضي.
2 - إذ كانت الأسباب التي يقوم عليها الطعن بالنقض الماثل تدور حول ما يدعيه الطاعن بعدم الفصل بحكم بات في قضية الجناية وبطلان إعلان صحيفة الدعوى وطلبه اعتبار الدعوى كأن لم تكن وعدم استحقاق المطعون عليهما للمبلغ المودع بالبنك إلا بعد تسوية النزاع في شأنه، وكان النعي على الحكم المطعون فيه بهذه الأسباب لا يرتب للبنك الطاعن سوى مصلحة نظرية بحتة إذ لو صحت تلك الأسباب واقتضت نقض الحكم فإنه لا تعود على الطاعن من هذا النقض أية فائدة طالما أن محكمة الاستئناف سوف تقضي بعد إحالة القضية إليها ببطلان الاستئناف الفرعي فيكون النعي بأسباب الطعن وأياً كان وجه الرأي فيها غير منتج ويتعين لذلك الحكم بعدم قبول الطعن.
3 - المقرر أن مناط حجية الحكم الصادر في الدعوى الجنائية أمام المحكمة المدنية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحكمة المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تعتبرها وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية - المتصلة بها وتقتصر هذه الحجية على منطوق الحكم الصادر بالإدانة أو البراءة وعلى أسبابه المؤدية إليه بالنسبة لما كان موضوع المحاكمة دون أن تلحق الحجية الأسباب التي لم تكن ضرورية للحكم بهذه البراءة أو الإدانة.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليهما الأول والثانية في كلا الطعنين تقدما إلى السيد رئيس محكمة الإسكندرية الابتدائية بطلب استصدار أمر أداء ضد البنكين الطاعنين بطلب الحكم بإلزام البنك الطاعن في الطعن الأول - البنك الأهلي المصري - بأن يرد لهما مبلغ 230000 جنيه ومبلغ 80000 دولار أمريكي، وبإلزام البنك الطاعن في الطعن الثاني - البنك المركزي المصري - بأن يرد لهما مبلغ 59265 دولاراً أمريكياً والفوائد، وقالا بياناً لذلك إن البنك الأهلي المصري قدم بلاغاً لقسم حماية الأموال العامة باشتراك المطعون عليه الأول مع غيره من موظفي البنك الأهلي فرع الجامعة بالإسكندرية في الاستيلاء على أموال البنك والتي بلغت 2731044 جنيهاً، منها 230000 جنيهاً أضيفت لحساب زوجته المطعون عيها الثانية، ومبلغ 59364 دولاراً أمريكياً أضافها لحسابه، ومبلغ 80000 دولاراً أمريكياً استولى عليها بدون حق وإزاء ذلك فقد طلب المطعون عليه الأول إلى مدير البنك الأهلي فرع الجامعة - تجميد مبلغ 230000 جنيه من حساب المطعون عليها الثانية، كما أودع مبلغ 80000 دولاراً أمريكياً بالبنك الأهلي ومبلغ 59365 دولاراً بالبنك المركزي المصري على ذمة الفصل في القضية وبتاريخ 1/ 3/ 1988 حكمت محكمة الجنايات ببراءة المطعون عليه الأول مما أسند إليه، ومن ثم فقد أضحى من حق المطعون عليهما الأول والثانية استرداد ما أودع على ذمة هذه الجناية، وإذ امتنع رئيس المحكمة عن إصدار الأمر فقد حدد جلسة لنظر الموضوع حيث قيدت الدعوى ضد الطاعنين برقم 1284 سنة 1989 مدني الإسكندرية الابتدائية. وبتاريخ 14/ 2/ 1991 حكمت المحكمة بإلزام الطاعن في الطعن الأول برد مبلغ 230000 جنيهاً، 80000 دولاراً أمريكياً للمطعون عليهما الأول والثانية وبرفض الدفع المبدى من الطاعن في الطعن الثاني باعتبار الدعوى كأن لم تكن وبإلزامه بأن يرد للمطعون عليهما الأولين مبلغ 59365 دولاراً أمريكياً وبرفض ما عدا ذلك من طلبات استأنف المطعون عليهما الأول والثانية هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 294 لسنة 47 ق، وأيضاً استأنفه البنك الأهلي المصري بالاستئناف رقم 476 لسنة 47 ق لدى ذات المحكمة كما أقام الطاعن في الطعن الثاني - البنك المركزي - استئنافاً فرعياً برقم 1098 لسنة 47 ق، وبتاريخ 29/ 7/ 1991 تنازل المطعون عليهما الأول والثانية عن استئنافهما رقم 294 لسنة 47 ق. وبتاريخ 23/ 12/ 1991 حكمت المحكمة بإثبات ترك المستأنفين في الاستئناف رقم 294 لسنة 47 ق للخصومة وفي الاستئنافين الآخرين برفضهما وبتأييد الحكم المستأنف. طعن كل من الطاعنين في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة في كل من الطعنين أبدت في أولاهما الرأي بنقض الحكم في الطعن رقم 297 لسنة 62 ق، ودفعت في الثانية بعدم جواز الطعن رقم 1102 لسنة 62 ق، وعرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنهما جدير بالنظر وحددت جلسة لنظرهما وفيها قررت ضم الطعن الثاني للأول والتزمت النيابة رأيها في الطعنين.
أولاً: الطعن رقم 1102 لسنة 62 ق
حيث إن النص في الفقرة الثانية من المادة 237 من قانون المرافعات على أنه "إذا رفع الاستئناف المقابل بعد مضي ميعاد الاستئناف أو بعد قبول الحكم قبل رفع الاستئناف الأصلي اعتبر استئنافاً فرعياً يتبع الاستئناف الأصلي ويزول بزواله" يدل على أن الاستئناف الفرعي يرتكز على الاستئناف الأصلي لا من حيث نشوئه فحسب وإنما في بقائه أيضاً وأن كل عارض يعرض للاستئناف الأصلي بعد قيام الاستئناف الفرعي يكون من شأنه التأثير في قيام الاستئناف الأصلي يؤثر بالتالي في الاستئناف الفرعي وترتيباً على ما تقدم فإن الحكم بقبول ترك الخصومة في الاستئناف الأصلي يستتبع الحكم ببطلان الاستئناف الفرعي وهو ما نصت عليه المادة 239 من قانون المرافعات لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الحكم الابتدائي قضى بإلزام الطاعنين في الطعنين بأن يردا للمطعون عليهما الأول والثانية المبلغ موضوع النزاع وقد استأنف الأخيران هذا الحكم بالاستئناف رقم 294 لسنة 47 ق، واستأنفه البنك الأهلي بالاستئناف رقم 476 لسنة 47 ق، كما استأنفه البنك المركزي بعد الميعاد لاستئناف الفرعي رقم 1098 لسنة 47 ق، وإذ كان هذا الأخير لم يوجه ثمة طلبات إلى البنك الأهلي كما لم يوجه استئنافه الفرعي لطلبات هذا الأخير، بل اتفقت طلباتهما على طلب رفض الدعوى وكان المطعون عليهما الأول والثانية قررا بعد فوات ميعاد الطعن في الحكم الابتدائي بترك الخصومة في الاستئناف الأصلي رقم 294 لسنة 47 ق المقام منهما وقضى الحكم المطعون فيه بقبول ترك الخصومة في هذا الاستئناف فإن ذلك يستتبع حتماً وبقوة القانون بطلان الاستئناف الفرعي وهو ما يتعين على محكمة الاستئناف أن تعرض له وتقضي به من تلقاء نفسها لاتصاله بالنظام العام للتقاضي. لما كان ما تقدم وكانت الأسباب التي يقوم عليها الطعن بالنقض الماثل تدور حول ما يدعيه الطاعن بعدم الفصل بحكم بات في قضية النيابة وبطلان إعلان صحيفة الدعوى وطلبه اعتبار الدعوى كأن لم تكن وعدم استحقاق المطعون عليهما للمبلغ المودع بالبنك إلا بعد تسوية النزاع في شأنه، وكان النعي على الحكم المطعون فيه بهذه الأسباب لا يرتب للبنك الطاعن سوى مصلحة نظرية بحتة إذ لو صحت تلك الأسباب واقتضت نقض الحكم فإنه لا تعود على الطاعن من هذا النقض أية فائدة طالما أن محكمة الاستئناف سوف تقضي بعد إحالة القضية إليها ببطلان الاستئناف الفرعي فيكون النعي بأسباب الطعن وأياً كان وجه الرأي فيها غير منتج ويتعين لذلك الحكم بعدم قبول الطعن.
ثانياً: الطعن رقم 297 لسنة 62 ق
حيث إن هذا الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضى بإلزامه بأن يرد للمطعون عليهما المبالغ موضوع النزاع استناداً إلى حجية الحكم الصادر في قضية النيابة رقم 3145 لسنة 87 باب شرق الإسكندرية الذي قضى ببراءة المطعون عليه الأول من الاتهام المسند إليه فيها في حين أن هذا الحكم استند في قضائه بالبراءة إلى الشك في صحة الاتهام المنسوب للمطعون عليه الأول ولم يفصل صراحة أو ضمناً في النزاع القائم بين الطرفين حول إضافة هذه المبالغ لحساب المطعون عليهما وتعاملهما عليها وهي واقعة لم يبحثها الحكم الجنائي ولم يفصل فيها كما لم يعرض الحكم المطعون فيه للمستندات التي قدمها للتدليل على دفاعه الجوهري في هذا الخصوص، هذا فضلاً عن أن المطعون عليها الثانية لم تكن خصماً في الدعوى الجنائية فلا يكون لهذا الحكم أية حجية قبلها في النزاع المطروح، وإذ أقام الحكم قضاءه رغم هذا استناداً إلى حجية الحكم الجنائي فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن المقرر أن مناط حجية الحكم الصادر في الدعوى الجنائية أمام المحكمة المدنية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحكمة المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تعتبرها وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها وتقتصر هذه الحجية على منطوق الحكم الصادر بالإدانة أو البراءة وعلى أسبابه المؤدية إليه بالنسبة لما كان موضوع المحاكمة دون أن تلحق الحجية الأسباب التي لم تكن ضرورية للحكم بهذه البراءة أو الإدانة ولما كان الثابت من الحكم الجنائي الصادر في القضية رقم 3145 لسنة 1987 جنايات باب شرق الإسكندرية أن النيابة العامة أسندت للمطعون عليه الأول وآخرين - ليس من بينهم المطعون عليها الثانية - تهمة الاستيلاء على أموال البنك الطاعن واشتراكه مع بعض موظفيه في الإضرار عمداً بهذه الأموال بأن قاموا بصرفها وآخرين لحسابهم من أموال البنك دون حق، وحكمت محكمة الجنايات بتاريخ 1/ 3/ 1988 ببراءة المطعون عليه الأول مما نسب إليه على سند من أنه لم يثبت أن المذكور قدم أي مستند من المستندات التي حررت بشأن إضافة هذه المبالغ، وأنه كان بإمكان أحد موظفي البنك أن يستعمل أوعية حسابات المطعون عليه الأول وآخرين بالإضافة والخصم في غفلة من باقي الموظفين، وأنه بذلك تكون قد خلت من دليل على اشتراك المطعون عليه المذكور في ارتكاب الجرائم المسندة إليه، وأن الاتهام المسند إليه غير قائم على دليل ومحوط بالشك. لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم الجنائي بشأن عدم مساهمة المطعون عليهما الأولين أو علمهما بالتعامل على المبالغ المضافة لا ينفي إضافة مبالغ في حساب المطعون عليهما بدون وجه حق من جانب موظفي البنك ثم حصول تعامل بشأنها من جانب المطعون عليهما الأولين أو غيرهما ولم يفصل الحكم الجنائي فيما إذا كانت المبالغ التي صارت تجميدها أو إيداعها على ذمة الفصل في النزاع مملوكة للبنك الطاعن من عدمه ولم يكن للحكم الجنائي أن يفصل في هذه المسألة إذ لم يكن مسألة مشتركة بين الدعويين الجنائية والمدنية وبالتالي فلم يكن الفصل فيها لازماً للفصل في الدعوى الجنائية، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بأحقية المطعون عليهما الأول والثانية في استرداد المبالغ محل النزاع استناداً إلى حجية الحكم الجنائي رغم انتفاء هذه الحجية ورغم أن المطعون عليها الثانية لم تكن خصماً في الدعوى الجنائية في حجبه عن تحصيل دفاع الطاعن وما قدمه للتدليل عليه من مستندات والتفت عن تناول هذا الدفاع الجوهري بما يقتضيه من البحث فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 4335 لسنة 62 ق جلسة 29 / 3 / 1993 مكتب فني 44 ج 1 ق 143 ص 869


جلسة 29 من مارس سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ عبد الحميد أحمد سليمان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ يحيى إبراهيم عارف، الهام نجيب نوار نائبي رئيس المحكمة، سيد محمود يوسف وأحمد محمود كامل.
-------------
(143)
الطعن رقم 4335 لسنة 62 القضائية

إيجار "إيجار الأماكن: الجدك".
حق المالك في الحالات التي يجوز فيها للمستأجر بيع العين المؤجرة بالجدك أو التنازل عن حق الانتفاع بالعين المؤجرة في الحصول على 50% من ثمن البيع أو مقابل التنازل وفي شراء العين متى أنذر المستأجر برغبته في الشراء وأودع نصف الثمن خزينة المحكمة المختصة الكائن في دائرتها العقار. لا يحول دونه عدم إخطاره رسمياً بالثمن المعروض عليه قانوناً. تصرف المستأجر بالمخالفة لذلك. بطلانه مطلقاً. لا محل لقصر أعمال النص المذكور على البيوع الاختيارية وشموله البيوع الجبرية. علة ذلك
"مثال في إيجار بشأن إيداع زوجة المالك 50% من ثمن البيع خزينة محكمة غير مختصة".

-------------------
المقرر في قضاء محكمة النقض أن النص في المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير الأماكن - على أن يحق للمالك عند قيام المستأجر في الحالات التي يجوز فيها بيع المتجر أو المصنع أو التنازل عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية أو المؤجرة لغير أغراض السكنى الحصول على 50% من ثمن البيع أو مقابل التنازل بحسب الأحوال بعد خصم قيمة المنقولات التي بالعين وعلى المستأجر قبل إبرام الاتفاق إعلان المالك على يد محضر بالثمن المعروض ويكون للمالك الحق في الشراء إذا أبدى رغبته في ذلك وأودع الثمن مخصوماً منه نسبة الـ 50% المشار إليها خزانة المحكمة الجزئية الواقع في دائرتها العقار إيداعاً مشروطاًٍ بالتنازل عن عقد الإيجار وتسليم العين وذلك خلال شهر من تاريخ الإعلان وبانقضاء ذلك الأجل يجوز للمستأجر أن يبيع لغير المالك مع إلزام المشتري بأن يؤدي للمالك مباشرة نسبة الـ 50% المشار إليها. والنص في المادة 25 من ذات القانون على أن يقع باطلاً بطلاناً مطلقاً كل شرط أو تعاقد يتم بالمخالفة لأحكام هذا القانون أو القوانين السابقة له المنظمة للعلاقة بين المالك والمستأجر..... يدل على أن المشرع استحدث حلاً عادلاً عند تنازل المستأجر عن المكان المؤجر إليه تنازلاً نافذاً في حق المؤجر وذلك بهدف تحقيق التوازن بين حق كل من المؤجر والمستأجر في الانتفاع بالعين المؤجرة وهو ما أورده بصراحة في عنوان البند الخامس الذي احتوى على المادة 20 سالفة البيان عندما ذكر أنه "في شأن تحقيق التوازن في العلاقات الإيجارية. فأعطى للمالك الحق في أن يقتسم مع المستأجر الأصلي قيمة ما يجنيه هذا الأخير من منفعة نتيجة تصرفه ببيع المتجر المقام في العين المؤجرة له أو التنازل عنها في الحالات التي يجيز فيها القانون ذلك التصرف ونص على أحقية المالك بأن يتقاضى نسبة 50% من ثمن البيع أو مقابل التنازل بحسب الأحوال كما أعطى له أيضاً الحق في أن يودع نصف الثمن الذي اتفق عليه المتعاقدان خزانة المحكمة المختصة مخصوماً منه قيمة ما بها من منقولات إيداعاً مشروطاً بالتنازل للمالك عن عقد الإيجار وتسليم العين إليه وعلى أن يقوم بإبداء رغبته في ذلك خلال شهر من تاريخ إعلان المستأجر له بالثمن المعروض عليه لشراء العين، مما مقتضاه أنه متى اتبع المالك هذه الإجراءات غير متجاوز الميعاد الذي حدده القانون فإنه يحق له شراء العين دون حاجة إلى قبول المستأجر بالبيع له، ويظل الميعاد مفتوحاً للمالك طالما لم يخطره المستأجر بالثمن المعروض عليه بالطريق الذي رسمه القانون بإعلان على يد محضر، وذلك فإنه يحق للمالك إذا علم بمقدار الثمن الذي تم به البيع أياً كانت وسيلته في ذلك قبل أن يخطره به المستأجر بوجه رسمي بإبداء رغبته في الشراء وإيداع الثمن خزينة المحكمة المختصة غير معتبر بميعاد معين طالما أن الميعاد المنصوص عليه قانوناً لم يكن قد بدأ في السريان كما لا يحول دون حقه في شراء العين ما وصفه المشرع من جزاء لبطلان تصرف المستأجر بطلاناً مطلقاً متى تم التعاقد بالمخالفة لأحكام القانون، ذلك أن حق المالك في الشراء ينشأ قبل إتمام التعاقد على البيع بين المستأجر والغير - إذ يلزم المستأجر وفقاً لصريح النص بإخطار المالك بالثمن المعروض عليه قبل إبرام البيع، مما مفاده أن حقه في شراء العين منبت الصلة بعقد البيع اللاحق الذي قد يتم بين طرفيه والذي صرح المشرع ببطلانه بطلاناً مطلقاً وهذا الحق الذي المقرر للمالك لم يقصره المشرع على البيوع الاختيارية، وإنما يشمل البيوع الجبرية، أي سواء تم البيع بإرادة المستأجر واختياره أو رغماً عنه ذلك أنه إذا كان لدائن هذا المستأجر التنفيذ على أمواله وممتلكاته جبراً عنه وبالمزاد العلني استيفاء لدينهم فإنه ليس لهم أن يستوفوا من محصلة هذا البيع - أكثر مما لمدينهم من حقوق ولا ينال من ذلك أن المشرع قد رسم إجراءات معينة لحصول المالك على الحق المخول له بالمادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 على النحو السالف البيان، إذ أن هذه الإجراءات ليس من شأنها التأثير على أصل الحق المقرر له في استيفاء نصف ثمن البيع أو مقابل التنازل إنما هي تتعلق بكيفية أداء هذا الحق وهو أمر يمكن تحقيقه حتى في حالة البيع بالمزاد العلني وذلك بأن يتم بإخطاره بمكان وزمان هذا البيع حتى يمكنه الاشتراك في المزاد واسترداد منفعة العين المؤجرة إذا ما رغب في ذلك وإلا اقتصر حقه على الحصول على النسبة المقررة له قانوناً، هذا إلى أن القول بأن قصر حكم المادة 20 المشار إليها على حالات البيع الاختياري التي تتم بإرادة المستأجر دون البيع الجبري من شأنه أن يفتح باب التحايل على أحكام القانون بما يستهدف أغماط حق المالك، كما أنه يجعل المستأجر المماطل الذي يتقاعس عن سداد ديونه في وضع أفضل من غيره وهو أمر لا يمكن التسليم به لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن المالك لم يبد رغبته في شراء عين النزاع بإيداع 50% من ثمن البيع خزينة المحكمة المختصة في المحكمة الجزئية التي يوجد في دائرتها العقار - محكمة طنطا الجزئية - رغم تدخله في الدعوى وإبداء طلبات فيها وأن زوجته المرحومة مورثة المطعون ضدهم الثمانية الأول أودعت بتاريخ 17/ 4/ 1984 50% من الثمن الذي رسى عليه المزاد خزينة محكمة عابدين الجزئية مشترطة تسليمها العين المؤجرة وقامت بإخطار المصفي بذلك لتسليمها هذه العين ولما كانت هي غير مالكة لعين النزاع بل مستأجرة لها وأودعت الثمن محكمة غير مختصة ومن ثم فلا ينطبق عليها نص المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وألزم المشتري الراسي عليه المزاد بتسليمها عين النزاع خالية فإنه يكون قد خالف القانون.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مورثة المطعون ضدهم من الأولى إلى الثامنة المرحومة (........) أقامت على الطاعن الأول والمطعون ضده التاسع الدعوى رقم 127 لسنة 1982 تجاري أمام محكمة طنطا الابتدائية بطلب الحكم ببطلان عقد الشركة المؤرخ 11/ 10/ 1979 والتصفية وتعيينها مصفية وتوزيع ناتج التصفية بنسبة الحصص المقررة بالعقد، وقالت بياناً لدعواها أنه بموجب عقد شركة تضامن غير مسجل كونت مع الطاعن والمطعون ضده التاسع شركة نشاطها تقديم المشروبات والمأكولات باسم (كافتريا مرمر) مدتها خمس سنوات ورأس مالها قدره 1000 جنيه دفعت نصفه ودفع شريكها النصف الآخر وإذ لم يسجل هذا العقد ولم يشهر قانوناً فقد أقامت الدعوى حكمت المحكمة ببطلان عقد الشركة وتصفيتها وتعيين المطعون ضده العاشر خبير الجدول مصفياً لها. وبعد أن قدم المصفي تقريره طلب مالك العقار وزوج المدعية ومورث المطعون ضدهم الثمانية الأول قبول تدخله فقضت المحكمة بانتهاء الدعوى ورفض طلب التدخل استأنف المطعون ضدهم عدا التاسع والعاشر هذا الحكم بالاستئناف رقم 40 لسنة 35 ق. ت طنطا وبتاريخ 18/ 5/ 1989 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة التي حكمت فيها برفض طلبات الخصم المتدخل وبرفض الدفع بصورية عقد البيع بالمزاد العلني الذي أسفرت عنه التصفية وإنهاء إجراءات التصفية - استأنف المطعون ضدهم الثمانية الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 159 لسنة 40 ق. ت. طنطا وبتاريخ 20/ 2/ 1992 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلبات الخصم المتدخل الموضوعية وبانتهاء عقد الإيجار المبرم عن عين النزاع في 1/ 8/ 1979 بين الخصم المتدخل والشركة المصفاة طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم المطعون فيه إذ انتهى في قضائه إلى أن وفاء مورثة المطعون ضدهم الثمانية الأول المرحومة..... لنسبة 50% من الثمن الراسي به المزاد بإيداعه بخزينة محكمة عابدين التابع لها محل إقامة المطعون ضده الخبير المصفي مبرئ لذمة المالك مع أن نص المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 يتطلب أن يقوم المالك نفسه في حالة إبداء رغبته في الشراء إعلان ذلك بإيداع 50% من ثمن المبيع خزينة المحكمة المختصة وهي المحكمة التي يقع بدائرتها العقار - محكمة طنطا الجزئية - ولما كان المالك لم يقم بذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد - ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النص في المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 - في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير الأماكن - "على أن يحق للمالك عند قيام المستأجر في الحالات التي يجوز له فيها بيع المتجر أو المصنع أو التنازل عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية أو المؤجرة لغير أغراض السكنى الحصول على 50% من ثمن البيع أو مقابل التنازل بحسب الأحوال بعد خصم قيمة المنقولات التي بالعين وعلى المستأجر قبل إبرام الاتفاق إعلان المالك على يد محضر بالثمن المعروض ويكون للمالك الحق في الشراء إذا أبدى رغبته في ذلك وأودع الثمن مخصوماً منه نسبة الـ 50% المشار إليها خزانة المحكمة الجزئية الواقع في دائرتها العقار إيداعاً مشروطاًٍ بالتنازل عن عقد الإيجار وتسليم العين وذلك خلال شهر من تاريخ الإعلان وبانقضاء ذلك الأجل يجوز للمستأجر أن يبيع لغير المالك مع إلزام المشتري بأن يؤدي للمالك مباشرة نسبة الـ 50% المشار إليها". والنص في المادة 25 من ذات القانون على "أن يقع باطلاً بطلاناً مطلقاً كل شرط أو تعاقد يتم بالمخالفة لأحكام هذا القانون أو القوانين السابقة له المنظمة للعلاقة بين المالك والمستأجر..." يدل على أن المشرع استحدث حلاً عادلاً عند تنازل المستأجر عن المكان المؤجر إليه تنازلاً نافذاً في حق المؤجر وذلك بهدف تحقيق التوازن بين حق كل من المؤجر والمستأجر في الانتفاع بالعين المؤجرة وهو ما أورده صراحة في عنوان البند الخامس الذي احتوى على المادة 20 سالفة البيان عندما ذكر أنه "في شأن تحقيق التوازن في العلاقات الإيجارية" فأعطى للمالك الحق في أن يقتسم مع المستأجر الأصلي قيمة ما يجنيه هذا الأخير من منفعة نتيجة تصرفه ببيع المتجر المقام في العين المؤجرة له أو التنازل عنها في الحالات التي يجيز فيها القانون ذلك التصرف ونص على أحقية المالك بأن يتقاضى نسبة 50% من ثمن البيع أو مقابل التنازل بحسب الأحوال كما أعطى له أيضاً الحق في أن يودع نصف الثمن الذي اتفق عليه المتعاقدان خزانة المحكمة المختصة مخصوماً منه قيمة ما بها من منقولات إيداعاً مشروطاً بالتنازل للمالك عن عقد الإيجار وتسليم العين إليه، على أن يقوم بإبداء رغبته في ذلك خلال شهر من تاريخ إعلان المستأجر له بالثمن المعروض عليه لشراء العين، مما مقتضاه أنه متى اتبع المالك هذه الإجراءات غير متجاوز الميعاد الذي حدده القانون فإنه يحق له شراء العين دون حاجة إلى قبول المستأجر بالبيع له، ويظل الميعاد مفتوحاً للمالك طالما لم يخطره المستأجر بالثمن المعروض عليه بالطريق الذي رسمه القانون بإعلان على يد محضر، ولذلك فإنه يحق للمالك إذا علم بمقدار الثمن الذي تم به البيع أياً كانت وسيلته في ذلك قبل أن يخطره به المستأجر بوجه رسمي بإبداء رغبته في الشراء وإيداع الثمن خزينة المحكمة المختصة غير معتبر بميعاد معين، طالما أن الميعاد المنصوص عليه قانوناً لم يكن قد بدأ في السريان كما لا يحول دون حقه في شراء العين ما وصفه المشرع من جزاء لبطلان تصرف المستأجر بطلاناً مطلقاً متى تم التعاقد بالمخالفة لأحكام القانون، ذلك أن حق المالك في الشراء ينشأ قبل إتمام التعاقد على البيع بين المستأجر والغير إذ يلزم المستأجر وفقاً لصريح النص بإخطار المالك بالثمن المعروض عليه قبل إبرام البيع، مما مفاده أن حقه في شراء العين منبت الصلة بعقد البيع اللاحق والذي قد يتم بين طرفيه والذي صرح المشرع ببطلانه بطلاناً مطلقاً وهذا الحق المقرر للمالك لم يقصره المشرع على البيوع الاختيارية، وإنما يشمل البيوع الجبرية، أي سواء تم البيع بإرادة المستأجر واختياره أو رغماً عنه، ذلك أنه إذا كان لدائن هذا المستأجر التنفيذ على أمواله وممتلكاته جبراً عنه وبالمزاد العلني استيفاء لدينهم فإنه ليس لهم أن يستوفوا من محصلة هذا البيع أكثر مما لمدينهم من حقوق ولا ينال من ذلك أن المشرع قد رسم إجراءات معينة لحصول المالك على الحق المخول له بالمادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 على النحو سالف البيان، إذ أن هذه الإجراءات ليس من شأنها التأثير على أصل الحق المقرر له في استيفاء نصف ثمن البيع أو مقابل التنازل، إنما هي تتعلق بكيفية أداء هذا الحق، وهو أمر يمكن تحقيقه حتى في حالة البيع بالمزاد العلني، وذلك بأن يتم إخطاره بمكان وزمان هذا البيع حتى يمكنه الاشتراك في المزاد واسترداد منفعة العين المؤجرة إذا ما رغب في ذلك، وإلا اقتصر حقه على الحصول على النسبة المقررة له قانوناً، هذا إلى أن القول بأن قصر حكم المادة 20 المشار إليها على حالات البيع الاختياري التي تتم بإرادة المستأجر دون البيع الجبري من شأنه أن يفتح باب التحايل على أحكام القانون بما يستهدف أغماط حق المالك، كما أنه يجعل المستأجر المماطل الذي يتقاعد عن سداد ديونه في وضع أفضل من غيره وهو أمر لا يمكن التسليم به لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن المالك المرحوم (........) لم يبد رغبته في شراء عين النزاع بإيداع 50% من ثمن البيع خزينة المحكمة المختصة في المحكمة الجزئية التي يوجد في دائرتها العقار - محكمة طنطا الجزئية - رغم تدخله في الدعوى وإبداء طلبات فيها وأن زوجته المرحومة مورثة المطعون ضدهم الثمانية الأول - أودعت بتاريخ 17/ 4/ 1984 50% من الثمن الذي رسى عليه المزاد خزينة محكمة عابدين الجزئية مشترطة تسليمها العين المؤجرة وقامت بإخطار المصفي بذلك لتسليمها هذه العين ولما كانت هي غير مالكة لعين النزاع بل مستأجرة لها وأودعت الثمن محكمة غير مختصة ومن ثم فلا ينطبق عليها نص المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وألزم المشتري الراسي عليه المزاد بتسليمها عين النزاع خالية فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه دون ما حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 6051 لسنة 62 ق جلسة 13 / 6 / 1993 مكتب فني 44 ج 2 ق 242 ص 648

جلسة 13 من يونيه سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ محمد فتحي الجمهودي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم الطويلة نائب رئيس المحكمة، أحمد علي خيري، محمد عبد المنعم إبراهيم وسعيد فوده.
--------------
(242)
الطعن رقم 6051 لسنة 62 القضائية
(1) نقض "أثر نقض الحكم" "الطعن بالنقض للمرة الثانية". استئناف "أثر نقض الحكم أمام محكمة الإحالة".
نقض الحكم المطعون فيه والإحالة. مؤداه. وجوب التزام محكمة الاستئناف في قضائها بالمسألة القانونية التي فصل فيها حكم النقض. مخالفة ذلك. أثره. تصدي محكمة النقض للفصل في الموضوع عند نقض الحكم للمرة الثانية م 269/ 4 مرافعات
(2، 3) مسئولية "مسئولية تقصيرية". ري
(2) المسئولية التقصيرية. أركانها. الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما
(3) حرية الحكومة في إدارة المرافق العامة ومنها الري والصرف. لا يمنع القضاء من تقرير مسئوليتها عن الضرر الذي يصيب الغير نتيجة إهمالها أو تقصيرها
--------------
1 - النص في الفقرة الثانية من المادة 269 من قانون المرافعات يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أنه وإن كان نقض الحكم المطعون فيه نقضاً كلياً وإعادة القضية إلى المحكمة التي أصدرته يقتضي زواله ومحو حجيته فتعود الخصومة والخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل إصدار الحكم المنقوض، بحيث يكون لهم أن يسلكوا أمام هذه المحكمة من مسالك الطلب والدفع والدفاع ما كان من ذلك قبل إصداره، ويكون لمحكمة الإحالة أن تقيم حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى الذي تحصله مما تقدم لها من دفاع وعلى أسس قانونية أخرى غير التي جاءت بالحكم المطعون فيه واستوجبت نقضه، إلا أن ذلك مشروط بألا تخالف محكمة الإحالة قاعدة قانونية قررتها محكمة النقض في حكمها الناقض متى كانت قد طرحت عليها وأدلت برأيها فيها عن قصد وبصر فاكتسب حكمها قوة الشيء المحكوم فيه في حدود هذه المسألة التي بتت فيها ويمتنع على محكمة الإحالة عند معاودتها نظر الدعوى - المساس بهذه الحجية، لما كان ذلك وكان الثابت من حكم محكمة النقض الصادر بتاريخ 11/ 1/ 1983 في الطعن رقم 1160 لسنة 47 ق أنه نقضت الحكم الاستئنافي الأول الصادر بتاريخ 22/ 5/ 1977 الذي قضى برفض الاستئناف رقم 30 لسنة 52 ق أسيوط وفي الاستئناف رقم 27 لسنة 52 ق أسيوط بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعنين بأن يؤديا للمطعون عليه مبلغ 1768.500 مليمجـ وجاء في أسباب الحكم الناقض "......" وإذ كانت محكمة النقض بذلك قد فصلت في هذا الحكم في مسألة قانونية هي فساد الاستدلال بتقرير ذلك الخبير لقصوره عن إيضاح الخطأ وعلاقة السببية بينه وبين الضرر على النحو السالف بيانه فإنه كان يتحتم على محكمة الاستئناف التي أحيلت إليها القضية أن تتبعه في هذه المسألة القانونية التي فصلت فيها المحكمة عملاً بالفقرة الثانية من المادة 269 مرافعات وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الطاعنين بالتعويض على سند من ذات التقرير وعلى أساس ذات ما وصفه بأنه خطأ نسب لهما فإنه يكون قد خالف القانون
2 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المسئولية التقصيرية لا تقوم إلا بتوافر أركانها الثلاثة من خطأ ثابت في جانب المسئول إلى ضرر واقع في حق المضرور وعلاقة سببية تربط بينهما بحيث يثبت أن هذا الضرر قد نشأ عن ذلك الخطأ ونتيجة لحدوثه
3 - من المقرر أن حرية الحكومة في إدارة المرافق العامة ومنها مرفق الري والصرف لا يمنع القضاء من تقرير مسئوليتها عن الضرر الذي قد يصيب الغير متى كان ذلك راجعاً إلى إهمالها أو تقصيرها في هذا الصدد.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه ومورثه المرحوم....... أقاما الدعوى رقم 483 لسنة 1973 مدني أسيوط الابتدائية ضد الطاعنين بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا لهما - طبقاً لطلباتهما الختامية - مبلغ 3694.500 مليمجـ تعويضاً عن الأضرار التي لحقتهما وقالا بياناً لذلك إن وزارة الري قامت سنة 1966 بحفر تركة "ودكو" دون اتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية الأراضي التي يمر بها مجرى الترعة فنتج عن ذلك تسرب المياه إلى أرضهما الزراعية البالغ مساحتها 20 س 6 ط 25 ف فأصبحت غير صالحة للزراعة وامتنع مستأجروها عن سداد أجرتها ومقدارها 466.216 مليمجـ سنوياً مما ترتب عليه حرمانهما من ريعها في المدة من سنة 1967 إلى نهاية سنة 1975 فأقاما الدعوى، بتاريخ 19/ 11/ 1973 ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن قدم تقريره بتاريخ 24/ 1/ 1976 حكمت في 6/ 12/ 1976 بإلزام المدعى عليهما (الطاعنين) أن يؤديا للمدعين (المطعون عليه وآخرين) مبلغ 1265.900 مليمجـ. استأنف المدعون هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 27 لسنة 52 ق كما استأنفه الطاعنان بالاستئناف رقم 30 سنة 52 ق أسيوط، وبتاريخ 22/ 5/ 1977 حكمت المحكمة برفض الاستئناف رقم 30 لسنة 52 ق وفي الاستئناف رقم 27 سنة 52 ق بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعنين بأن يؤديا للمطعون عليه مبلغ 1768.500 مليمجـ. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 1160 سنة 47 ق وبتاريخ 11 يناير 1983 نقضت محكمة النقض الحكم للقصور في التسبيب ومخالفة القانون وأحالت القضية إلى محكمة استئناف أسيوط وإذ عجلت الدعوى أمامها وبعد أن ندبت خبيراً فيها وقدم تقريره حكمت بتاريخ 27/ 2/ 1992 في موضوع الاستئناف رقم 30 سنة 52 ق أسيوط برفضه وفي موضوع الاستئناف رقم 27 سنة 52 ق بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنين بأن يدفعا للمطعون عليه مبلغ 1768.500 مليمجـ. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض - للمرة الثانية - وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولان إن الفقرة الثانية من المادة 269 من قانون المرافعات تحتم على المحكمة التي أحيلت إليها القضية بعد النقض أن تتبع حكم محكمة النقض في المسألة القانونية التي فصلت فيها المحكمة وقد تمسكا أمام محكمة الاستئناف بأن الضرر الذي لحق المطعون عليه ليس وليد خطأ وقع منهما في إنشاء مجرى الترعة، غير أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر وقضى بإلزام الطاعنين بالتعويض المحكوم به على سند من تقرير الخبير الذي ندبته محكمة أول درجة في حين أن محكمة النقض سبق أن فصلت في هذه المسألة القانونية بحكمها الصادر في الطعن رقم 1160 سنة 47 ق الذي قطع بفساد هذا التقرير لقصوره عن بيان وجه الخطأ المنسوب لهما أو استجلاء علاقة السببية بينه وبين الضرر المدعى، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي صحيح - ذلك أن النص في الفقرة الثانية من المادة 269 من قانون المرافعات على أنه "فإذا كان الحكم قد نقض لغير ذلك من الأسباب تحيل القضية إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه لتحكم فيها من جديد بناء على طلب الخصوم وفي هذه الحالة يتحتم على المحكمة التي أحيلت إليها القضية أن تتبع حكم محكمة النقض في المسألة القانونية التي فصلت فيها المحكمة" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أنه وإن كان نقض الحكم المطعون فيه نقضاً كلياً وإعادة القضية إلى المحكمة التي أصدرته يقتضي زواله ومحو حجيته فتعود الخصومة والخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل إصدار الحكم المنقوض، بحيث يكون لهم أن يسلكوا أمام هذه المحكمة من مسالك الطلب والدفع والدفاع ما كان من ذلك قبل إصداره، ويكون لمحكمة الإحالة أن تقيم حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى الذي تحصله مما تقدم لها من دفاع وعلى أسس قانونية أخرى غير التي جاءت بالحكم المطعون فيه واستوجبت نقضه، إلا أن ذلك مشروط بألا تخالف محكمة الإحالة قاعدة قانونية قررتها محكمة النقض في حكمها الناقض متى كانت قد طرحت عليها وأدلت برأيها فيها عن قصد وبصر فاكتسب حكمها قوة الشيء المحكوم فيه في حدود هذه المسألة التي بتت فيها ويمتنع على محكمة الإحالة عند معاودتها نظر الدعوى - المساس بهذه الحجية، لما كان ذلك وكان الثابت من حكم محكمة النقض الصادر بتاريخ 11/ 1/ 1983 في الطعن رقم 1160 لسنة 47 ق أنها نقضت الحكم الاستئنافي الأول الصادر بتاريخ 22/ 5/ 1977 الذي قضى برفض الاستئناف رقم 30 لسنة 52 ق أسيوط وفي الاستئناف رقم 27 لسنة 52 ق أسيوط بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعنين بأن يؤديا للمطعون عليه مبلغ 1768.500 وجاء في أسباب الحكم الناقض "لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه - قد أقام قضاءه بمسئولية الحكومة - على ما جاء بتقرير الخبير من أن الضرر كان نتيجة لإنشاء ترعة "ودكو" وكان البين من تقرير الخبير أنه وإن أثبت أن أرض النزاع منخفضة عن الأرض المجاورة لها بما يتراوح بين متر ونصف وثلاثة أمتار إلا أنه لم يعرض لبحث مدى العلاقة بين إنشاء الترعة وبين ما أصاب الأرض من ضرر وهل كان ذلك بسبب عدم توخي الدقة في إنشاء الترعة أو عدم مراعاة الطرق الفنية للصرف أو كان ذلك لأسباباً أخرى مما ورد بدفاع الطاعنين وتأيد بالمعاينة من انخفاض مستوى الأرض أصلاً عما يجاورها واستمرار غمرها نتيجة ذلك بالمياه من قبل إنشاء ترعة "ودكو" وبعد إنشاء مصرف البسيوني - وإذ أيد الحكم المطعون فيه الحكم المستأنف في أخذه بتقرير الخبير رغم قصوره في بيان وجه الخطأ المنسوب للحكومة أو استجلاء علاقة السببية بينه وبين الضرر المقول بحدوثه، وقصوره وبالتالي عن مواجهة دفاع الطاعنين أو الرد عليه مع كونه دفاعاً جوهرياً من شأنه لو صح تغيير وجه الرأي في الدعوى، وإذ أضاف الحكم إلى أسباب تأييده قالة أن الحكومة لم تراع القواعد الهندسية للصرف دون أن يبين المصدر الذي استقى منه ذلك فإنه يكون فضلاً عن إخلاله بحق الدفاع قد وقع معيباً بالقصور في التسبيب ومخالفة القانون" وكانت محكمة النقض بذلك قد فصلت في هذا الحكم في مسألة قانونية هي فساد الاستدلال بتقرير ذلك الخبير لقصوره عن إيضاح الخطأ وعلاقة السببية بينه وبين الضرر على النحو السالف بيانه فإنه كان يتحتم على محكمة الاستئناف التي أحيلت إليها القضية أن تتبعه في هذه المسألة القانونية التي فصلت فيها المحكمة عملاً بالفقرة الثانية من المادة 269 مرافعات وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الطاعنين بالتعويض على سند من ذات التقرير وعلى أساس ذات ما وصفه بأنه خطأ نسب لهما فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن الطعن للمرة الثانية فإنه يتعين الحكم في الموضوع عملاً بالمادة 269/ 4 من قانون المرافعات
وحيث إن من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المسئولية التقصيرية لا تقوم إلا بتوافر أركانها الثلاثة من خطأ ثابت في جانب المسئول إلى ضرر واقع في حق المضرور وعلاقة سببية تربط بينهما بحيث يثبت أن هذا الضرر قد نشأ عن ذلك الخطأ ونتيجة لحدوثه وكان من المقرر أيضاً أن حرية الحكومة في إدارة المرافق العامة ومنها مرفق الري والصرف لا يمنع القضاء من تقرير مسئوليتها عن الضرر الذي قد يصيب الغير متى كان ذلك راجعاً إلى إهمالها أو تقصيرها في هذا الصدد - لما كان ذلك وكان الثابت من تقرير الخبير الذي ندبته محكمة استئناف أسيوط بحكمها الصادر بجلسة 11/ 6/ 1985 المودع في 1/ 1/ 1989 والذي تطمئن إليه هذه المحكمة لكفاية الأبحاث التي أجراها الخبير وسلامة الأسس التي أقيم عليه أن إنشاء ترعة "ودكو" لم يكن سبباً في غمر أرض المطعون عليه بالمياه في فترة المطالبة وأنه لا يوجد عيب فني في تصميم وتنفيذ الترعة ولا يوجد علاقة بين إنشاء الترعة وما أصاب المطعون عليه من ضرر وأن السبب في ذلك إنما هو انصراف مياه أرض الجيران إلى أرض التداعي في فترة المناوبات نتيجة لانخفاض تلك الأطيان عن الأراضي المجاورة لها ولا مسئولية على الطاعنين ومن ثم يكون الخطأ غير ثابت في حقهما وتكون الدعوى على غير أساس من القانون والواقع وإذ خالف الحكم المستأنف هذا النظر وقضى بإلزام الطاعنين بالتعويض يكون قد أخطأ في القانون ويتعين القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى. لما كان ذلك - ولما تقدم - تقضي المحكمة في موضوع الاستئناف رقم 27 سنة 52 ق أسيوط برفضه - وفي موضوع الاستئناف رقم 30 سنة 52 ق أسيوط بإلغاء الحكم المستأنف رقم 483 سنة 1973 مدني أسيوط الابتدائية - وبرفض الدعوى.