الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 26 فبراير 2019

الطعن 7344 لسنة 61 ق جلسة 17 / 1 / 1993 مكتب فني 44 ق 9 ص 86


جلسة 17 من يناير سنة 1993
برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود البنا ومحمد شتا وحسام عبد الرحيم وسمير أنيس نواب رئيس المحكمة.
--------------
(9)

الطعن رقم 7344 لسنة 61 القضائية

 (1)نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب" "ميعاده". 

دخول الطعن في حوزة محكمة النقض. مناطه. التقرير به في الميعاد.
تقديم أسباب الطعن. لا يغني عن التقرير به. ولو قدمت هذه الأسباب في الميعاد
(2) خطف. جريمة "أركانها". إكراه. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". هتك عرض. قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
جريمة خطف أنثى يزيد عمرها على ست عشرة سنة بالتحيل والإكراه المؤثمة بالمادة 290 عقوبات. مناط تحققها؟ 
تقدير توافر ركني التحيل والإكراه. موضوعي. ما دام سائغاً.
(3) هتك عرض. جريمة "أركانها". إكراه. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
ركن القوة في جريمة هتك العرض. توافره بارتكاب الفعل ضد إرادة المجني عليها وبغير رضاها.
رضاء المجني عليها أو عدم رضائها في جريمة هتك العرض. تقديره موضوعي
تحدث الحكم استقلالاً عن ركن القوة في جريمة هتك العرض. غير لازم. ما دام ما أورده من وقائع وظروف كافياً للدلالة على قيامه
(4) نقض "المصلحة في الطعن". عقوبة "العقوبة المبررة". ارتباط. خطف. هتك عرض. إكراه
اعتبار الحكم الجرائم المسندة إلى الطاعن وآخر جريمة واحدة ومعاقبتهما بالعقوبة المقررة للجريمة الأشد عملاً بالمادة 32 عقوبات وهى جريمة الخطف بالتحيل. انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره بشأن جريمة هتك العرض.
 (5)تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". نيابة عامة. استدلالات. مأمورو الضبط القضائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التفتيش الذي تجريه النيابة العامة أو تأذن بإجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه. شرط صحته؟
حق مأمور الضبط القضائي في الاستعانة برجال السلطة العامة. والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه بما وقع بالفعل من جرائم. أساس ذلك؟
عدم اشتراط تحديد فترة زمنية لإجراء التحريات
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش. موضوعي.
 (6)تفتيش "إذن التفتيش". دفوع "الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش. دفاع موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن. رداً عليه
(7) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محضر الجلسة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
الطلب الجازم. ماهيته؟.
مثال.
 (8)نقض "أثر الطعن". محكمة الإعادة "نظرها الدعوى والحكم فيها". 
نقض الحكم. أثره: يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بحالتها قبل صدور الحكم المنقوض دون وسائل الدفاع. أساس ذلك؟
 (9)اشتراك "طرقه". إثبات "بوجه عام". اتفاق. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الاشتراك بالاتفاق يتحقق باتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه. هذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس. جواز الاستدلال عليه بأي دليل مباشر أو بطريق الاستنتاج. أو من فعل لاحق للجريمة.
التدليل على حصول الاشتراك بالاتفاق بأدلة محسوسة. غير لازم. كفاية استخلاص حصوله من وقائع الدعوى وملابستها.
(10) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". بطلان. خطف. هتك عرض. إثبات "بوجه عام" "شهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته؟.
تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم. ما دام استخلاصه سائغاً.
تقدير الأدلة. تستقل به محكمة الموضوع
(11) إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
 (12)إجراءات "إجراءات التحقيق". استجواب. بطلان. اعتراف. إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". 
أخذ الحكم باعتراف الطاعن والمحكوم عليه الآخر بالتحقيقات وأقوال شهود الإثبات دون غيرها من الأدلة. النعي على الحكم بخصوص تلك الأدلة. لا محل له.
 (13)نقض "المصلحة في الطعن". عقوبة "العقوبة المبررة". ارتباط. خطف. سرقة بإكراه.
اعتبار الحكم الجرائم المسندة إلى الطاعن وآخر جريمة واحدة ومعاقبتهما بالعقوبة المقررة للجريمة الأشد عملاً بالمادة 32 عقوبات وهى جريمة الخطف بالتحيل. انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره بشأن جريمة السرقة بالإكراه.

----------------

1 - لما كان التقرير بالطعن كما رسمه القانون هو الذي يترتب عليه دخول الطعن في حوزة محكمة النقض واتصالها به بناء على إفصاح ذوي الشأن عن رغبته فيه، فإن عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة فلا تتصل به محكمة النقض ولا يغني عنه تقديم أسباب له ومن ثم يكون طعنه غير مقبول شكلاً.
2 - جريمة خطف الأنثى التي يبلغ سنها أكثر من ست عشرة سنة كاملة بالتحايل والإكراه المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 290 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 214 لسنة 1980 تتحقق بأبعاد هذه الأنثى عن المكان الذي خطفت منه أياً كان هذا المكان بقصد العبث بها، وذلك عن طريق استعمال طرق احتيالية من شأنها التغرير بالمجني عليها وحملها على مرافقة الجاني لها، أو باستعمال أي وسائل مادية أو أدبية من شأنها سلب إرادتها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر ثبوت الفعل المادي للخطف وتوافر ركن التحيل والإكراه والقصد الجنائي في هذه الجريمة وتساند في قضائه إلى أدلة منتجة من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهى إليه، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه بياناً لواقعة الدعوى ورداً على ما دفع به الطاعن من انتفاء أركان جريمة الخطف - يتحقق به كافة العناصر القانونية لسائر الجرائم التي دان الطاعن بارتكابها كما هي معرفة به في القانون، كما أن تقدير ركن التحيل أو الإكراه أو توافر القصد الجنائي في جريمة الخطف كلها مسائل موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام استدلالها سليماً - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
3 - من المقرر أنه يكفي لتوافر ركن القوة في جريمة هتك العرض أن يكون الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجني عليها وبغير رضائها سواء باستعمال المتهم في سبيل تنفيذ مقصده من وسائل القوة أو التهديد أو غير ذلك مما يؤثر في المجني عليها فيعدم لها الإرادة - ويقعدها عن المقاومة، كما أن من المقرر أن مسألة رضاء المجني عليها أو عدم رضائها في جريمة هتك العرض مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلاً نهائياً وليس محكمة النقض بعد ذلك حق مراقبتها في هذا الشأن طالما أن الأدلة والاعتبارات التي ذكرتها من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهى إليه الحكم، وأنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن ركن القوة في جريمة هتك العرض متى كان فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفى للدلالة على قيامه. وهو الحال في الدعوى المطروحة على ما سلف بيانه - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله
4 - لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه إنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن وآخر جريمة واحدة وعاقبهما بالعقوبة المقررة للجريمة الأشد - وهى جريمة الخطف بالتحيل - فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن جريمة هتك العرض ما دامت المحكمة دانته بالجريمة الأشد وأوقعت عليه عقوبتها عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات
5 - من المقرر أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة العامة أو تأذن بإجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة "جناية أو جنحة" قد وقعت من شخص معين، وأن يكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التحقيق لحرمة مسكنه أو ما يتصل بشخصه في سبيل كشف مبلغ اتصاله بتلك الجريمة، ولا يوجب القانون حتماً أن يكون رجل الضبط القضائي قد أمضى وقتاً طويلاً في هذه التحريات، إذ له أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه من معلومات دون تحديد فترة زمنية لإجراء التحريات. لما كان ذلك، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت على ما سلف بيانه بتوافر مسوغات إصدار هذا الأمر، وردت على الدفع ببطلانه - وهي على بينة من كافة الإجراءات التي سبقته وبني عليها - وأطرحته بما يكفي لإطراحه، فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد
6 - من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على هذا الدفع بما يسوغ وانتهى إلى القول بأن المحكمة تلتفت عن هذا الدفع لأنه غير قائم على ما يسانده، وكان ما رد به الحكم على الدفع سالف الذكر سائغاً لإطراحه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
7 - من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمة ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، وكان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن وإن كان قد طلب لدى مرافعته بجلسة 3/ 11/ 1990 ضم دفتر أحوال القسم يوم 16/ 12/ 1986 إلا أنه لم يعد إلى التحدث عن طلبه في الجلسات اللاحقة واقتصر في ختام مرافعته بجلسة 4/ 3/ 1991 - والتي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه - على طلب البراءة واحتياطياً استعمال الرأفة، ولما كان هذا الطلب بهذا النحو غير جازم ولم يصر عليه الدفاع في ختام مرافعته، فإن ما ينعاه الطاعن من الإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل.
8 - الأصل أن نقض الحكم وإعادة المحاكمة يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بالحالة التي كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوض، فإن هذا الأصل المقرر لا يتناهى إلى وسائل الدفاع التي لا مشاحه في أن ملاك الأمر فيها يرجع أولاً وأخيراً إلى المتهم وحده يختار منها - هو أن المدافع عنه - ما يناسبه ويتسق مع خطته في الدفاع ويدع منها ما قد يرى - من بعد - أنه ليس كذلك ومن هذا القبيل مسلك الطاعن في الدعوى في المحاكمة الأولى ولدى محكمة الإعادة
9 - من المقرر أن الاشتراك بالاتفاق إنما يتحقق باتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية وإذ كان القاضي الجنائي حراً في أن يستمد عقيدته من أي مصدر شاء فإن له - إن لم يقم على هذا الاشتراك دليل مباشر من اعتراف أو شهادة شهود أو غيره - أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه ما دام هذا الاستدلال سائغاً وله من ظروف الدعوى ما يبرره، كما له أن يستدل عليه من فعل لاحق للجريمة يشهد به، وإذ استخلص الحكم المطعون فيه من وقائع الدعوى التي ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق بأسباب مؤدية إلى ما قصده الحكم منها أن اتفاقاً مسبقاً تم بين الطاعن والمحكوم عليه الثاني على خطف المجني عليها بالتحيل والإكراه إلى مسكن الطاعن الأول حيث قام بهتك عرضها بالقوة وقام المحكوم عليه الثاني بالتقاط عدة صور لها وهى في وضع مخل مع الطاعن الأول وراحا يبتزان أموالها عن طريق تهديدها بنشر هذه الصور وفضح أمرها، فإن هذا حسبه ليستقيم قضاؤه، ذلك أنه ليس على المحكمة أن تدلل على حصول الاشتراك بطريق الاتفاق بأدلة محسوسة بل يكفي للقول بقيام الاشتراك أن تستخلص المحكمة حصوله من وقائع الدعوى وملابساتها ما دام في تلك الوقائع ما يسوغ الاعتقاد بوجوده وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره، ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
10 -  من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة والذي من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا شيء فيه باقياً يمكن أن يعتبر قواماً لنتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها، كما لا يعيب الحكم تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه وكانت المحكمة قد بينت - على النحو المار بيانه - واقعة الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤدية إليها بما لا تناقض فيه، ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا في تعويله في قضائه بالإدانة على اعترافات الطاعن والمحكوم عليه الآخر وأقوال المجني عليها بدعوى تضاربها أو تنافرها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه ولا مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض.
11 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم مرجعة إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وكان مؤدى قضاء محكمة الموضوع بإدانة الطاعن والمحكوم عليه الآخر استناداً إلى أقوال المجني عليها وأدلة الثبوت الأخرى التي أوردها هو إطراح ضمني لجميع الاعتبارات التي ساقها لحملها على عدم الأخذ بها، فإن ما يثيره الطاعن بهذا الوجه من الطعن يكون غير مقبول
12 - لما كان ما يثيره الطاعن من بطلان استجوابه والمحكوم عليه الثاني بمحضر الضبط، فإنه مردود بأن الحكم أخذ الطاعن والمحكوم عليه الثاني باعترافاتهما بالتحقيقات وأقوال شهود الإثبات ولم يؤاخذهما بغيره من الأدلة حتى يصح له أن يشكو منها، وكانت أقوال كل من المتهمين - الطاعن والمحكوم عليه الآخر - بمحضر جمع الاستدلالات خارجة عن دائرة استدلال الحكم، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل
13 - لما كان ما يثيره الطاعن من أن الحكم المطعون فيه قد دانه بجريمة السرقة بالإكراه - التي ارتكبها المحكوم عليه الآخر والتي لم تكن محل اتفاقهما أو نتيجة محتملة للخطف كما أن المسروقات التي قيل بسرقتها من حقيبة يد المجني عليها ليس لها قيمة مالية وأن نية تملكها منتفية بدلالة ردها للمجني عليها، فإن ذلك مردود بأن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن والمحكوم عليه الآخر جريمة واحدة وعاقبة بالعقوبة المقررة لأشدها بعد تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات، فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن السرقة بإكراه ما دامت المحكمة قد دانته بجريمة الخطف بالتحيل وأوقعت عليه عقوبتها بوصفها الجريمة الأشد.



الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أولاً: خطفاً بالتحايل أنثى هي..... بأن طلب المتهم الأول من...... الاتصال بها تليفونياً وأوعز إليها إخبارها بأن زوجته في حالة وضع وتطلب مساعدتها فتوجهت إلى مسكنه حيث كان هو والمتهم الثاني في انتظارها وما أن طرقت الباب حتى جذبها الأخير إلى الداخل واحتجزها بالمنزل وقد وقعت جريمة الخطف بناء على هذا الإيهام على النحو المبين بالتحقيقات. ثانياً: هتكا عرض المجني عليها سالفة الذكر بالقوة والتهديد بأن صوب الثاني سلاحاً نارياً (طبنجة) إلى رأسها وأشهر سكيناً في وجهها وقام بتمزيق ملابسها وناولها مشروباً به مادة مخدرة وقام الأول بخلع ملابسها واحتضانها وتقبيلها بوجنتيها رغماً عنها والتقط الثاني لها صوراً مخلة بالآداب العام على النحو المبين بالتحقيقات. ثالثاً: سرقا الأشياء المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق المملوكة للمجني عليها سالفة الذكر بالإكراه بأن قام المتهم الثاني بإشهار سكين في وجهها واستولى على الأشياء سالفة البيان من حقيبة يدها على النحو المبين بالتحقيقات. رابعاً: هددا المجني عليها المذكورة شفهياً بواسطة شقيقتها....... بإفشاء أمور مخلة بالشرف هي عرض الصور المبينة بالتهمة الثانية على أهلية بلدتها وكان ذلك التهديد مصحوباً بطلب المبالغ المبينة بالتحقيقات. خامساً: هددا المجني عليها سالفة الذكر بإفشاء أمر من الأمور تم التحصل عليها بجهاز (كاميرا) بأن قام المتهم الثاني بالتقاط عدة صور فوتوغرافية لها مع المتهم الأول في مكان خاص (حجرة نوم المتهم الأول) وهدداها بتسليم تلك الصورة الفوتوغرافية لزوجها وذلك لحملها على إعطائهما المبالغ النقدية المبينة القدر بالأوراق. وأحالتهما إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت المجني عليها مدنياً قبل المتهمين بمبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 268/ 1، 290/ 1، 309 مكرراً "ب"، 309 مكرراً/ 2، 324/ 1، 327/ 1، 3، بمعاقبة المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وإلزامهما متضامنين بأن يدفعا للمدعية بالحق المدني مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض.

ومحكمة النقض قضت: أولاً: عدم قبول طعن المحكوم عليه..... شكلاً: ثانياً: بقبول طعن ....... شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة له وللمحكوم عليه الآخر وإعادة القضية إلى محكمة جنايات القاهرة لتفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى
ومحكمة الإعادة قضت حضورياً عملاً بالمواد 32، 268/ 1، 290/ 1، 309 مكرراً/ 2، 314/ 1، 327/ 1 - 3 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة عشرة سنوات ومصادرة المضبوطات وإلزامهما متضامنين بأن يؤديا للمدعية بالحق المدني مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية)....... إلخ.



المحكمة
حيث إن المحكوم عليه الثاني....... لئن قدم أسبابه في الميعاد المقرر إلا أنه لم يقرر بالطعن بالنقض، ولما كان التقرير بالطعن كما رسمه القانون هو الذي يترتب عليه دخول الطعن في حوزة محكمة النقض واتصالها به بناء على إفصاح ذوي الشأن عن رغبته فيه، فإن عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة فلا تتصل به محكمة النقض ولا يغني عنه تقديم أسباب له ومن ثم يكون طعنه غير مقبول شكلاً.

ومن حيث إن الطاعن....... ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الخطف بالتحيل والإكراه وهتك العرض بالقوة والسرقة بالإكراه والتهديد المصحوب بطلب مبالغ نقدية والاعتداء على حرمة الحياة الخاصة للمجني عليها قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال كما ران عليه الإخلال بحق الدفاع وانطوى على خطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الحكم المطعون فيه لم يستظهر القصد الجنائي في جناية الخطف وركنها ولم يدلل على توافر التحيل، والتفت عن دفاع الحاضر معه القائم على أساس أن هتك عرض المجني عليها تم برضائها، وقام دفاعه ببطلان الإذن بالضبط والتفتيش على عدم سبقه بتحريات تسوغه وساق تدليلاً على ذلك أن الفارق الزمني بين تحرير محضر التحريات وبين الإذن كان وجيزاً لا يتسع للإجراءات التي اتخذت بيد أن الحكم أخطأ تحصيل الدفع وفهم مراميه. ما أساسه إلى الخطأ في الرد عليه، وأنه دفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بهما وأحال في بيان ذلك وشرحه إلى أسباب الطعن السابق وقد طلب تحقيقاً لدفعه ضم دفتر أحوال قسم مصر الجديدة غير أن المحكمة التفتت عن هذا الطلب وردت على الدفع بما لا يصلح، ولم يدلل الحكم تدليلاً سائغاً على اتفاق الطاعن مع المحكوم عليه الآخر على جريمة الخطف، وأقام قضاءه بالإدانة على أدلة متناقضة متنافرة يستحيل الجمع بينها، كما عول الحكم على أقوال المجني عليها رغم أن الثابت بتلك الأقوال أن المحكوم عليه الآخر أعطاها مخدراً فأفقدها الوعي والإدراك - وأنه من غير المتصور أن يكون المحكوم عليه الآخر ممسكاً بطبنجة وسكين ويعبث بمحتويات حقيبتها، كما عول الحكم المطعون فيه على أقوال الطاعن والمحكوم عليه الآخر بمحضر الاستدلالات رغم بطلان استجوابهما بذلك المحضر، ودان الطاعن عن جريمة السرقة بالإكراه التي ارتكبها المحكوم عليه الثاني مع أنها لم تكن محل اتفاقهما أو نتيجة محتمله للخطف فضلاً عن أن الصور والأوراق التي قالت المجني عليها بسرقتها من حقيبتها ليس لها قيمة مالية وأن نية تملكها منتفية بدلالة ردها لها، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أثبت بياناً للواقعة مما محصله "أن المجني عليها...... تربطها صلة بالمتهم...... وزوجته وفي يوم...... اتصلت بها هاتفياً إحدى السيدات وأبلغتها بأن زوجة المتهم...... في حالة وضع وأنها في حاجة ضرورية لمساعدتها، ولكون المجني عليها تعلم بأن زوجة المتهم في حالة وضع فتوجهت إلى مسكن المتهم فوجدت باب المسكن "موارباً" وقامت بالنداء على من بداخل المسكن فوجئت بالمتهم...... قام بجذبها داخل المسكن وأغلق الباب وهددها بطبنجة وسكين بأن وضعهما صوب رأسها ورقبتها وتمكن بهذه الطريقة بالاتفاق مع المتهم..... من خطفها بالتحايل وإحضارها إلى منزل المتهم الأخير بعيداً عن زوجها ثم قام بالاعتداء عليها بالضرب المبرح وجذب القميص والسترة التي ترتديهما وقام بشد وثاقها بأحد المقاعد وأعد كوبين من الشاي وأجبرها على احتسائها تحت تهديد الطبنجة والسكين اللذين كانا يشهرهما صوب رأسها، ثم شعرت بالدوار وقام باصطحابها إلى غرفة النوم حيث كان يوجد بها المتهم...... الذي قام بخلع سترة البيجامة التي كان يرتديها بناء على طلب المتهم الآخر وقام بهتك عرضها بأن قام باحتضانها وتقبيلها بالقوة بينما قام المتهم...... بتصويرها في هذا الوضع وبعد ذلك قام وهو ما زال ممسكاً بالسكين والطبنجة بفتح حقيبة المجني عليها وأخذ يعبث بمحتوياتها وسرق منها صور وأوراق علاج، ثم قام بإعطائها ملابسها وأوقفاً سيارة لتوصيلها إلى مسكنها وهى ما زالت في حالة دوار، وبعد ذلك اتصل بها تليفونياً المتهم...... وأفهمها بأن المتهم...... يطلب منها مبلغ ألف جنيه حتى لا يقوم ينشر الصور التي التقطت له معها ويفضح أمرها ونظراً لعدم تواجد هذا المبلغ وقتها معها فاصطحبته والمتهم الثاني إلى منزل شقيقتها...... بشارع...... وأحاطتها علماً بما حدث لها وأخذت منها مبلغ ألف جنيه وسلمت هذا المبلغ للمتهمين في يوم...... وتمكن المتهمان بذلك من ابتزاز أموال المجني عليها وبعد ذلك طلبت منه باقي الصور فأبلغها بأن المتهم...... سوف لا يسلمها باقي الصور إلا بعد أن تعطيه باقي المبلغ، واتصل بها المتهم.... يوم...... لدى شقيقتها وطلب منها باقي المبلغ فحددت لهما يوم...... موعداً لتسليمهما باقي المبلغ مقابل أن يسلماها الصور الخاصة بها، وبتاريخ...... توجهت شقيقة المجني عليها لمقابلة المتهمين حسب الموعد المتفق عليه وقدمت لهما مبلغ خمسمائة جنيه فسلماها صورتين فقط وحددا موعداً يوم...... أمام سينما روكسي لكي تعطيهما باقي المبلغ على أن يسلماها باقي الصور وأصل الفيلم المصور وأبلغت المجني عليها وزوجها شرطة مصر الجديدة بالواقعة، وفى الموعد المتفق عليه حضر المتهمان وتقابلا مع شقيقة المجني عليها أمام سينما روكسي، وقامت بتسليم المتهم...... باقي المبلغ المتفق عليه وهو ألفين وخمسمائة جنيه بداخل ورقة إحدى الصحف وسلمها الثلاث صور وأصل الفيلم المصور لها، وتوجه إلى حيث ينتظره المتهم الثاني على بعد حوالي خمسين متراً وتم ضبط المتهمين بمعرفة القوة التي كانت تعد لهما كميناً وأن هذا الضبط كان بناء على تحريات سابقة وإذن من النيابة العامة". ودلل الحكم على هذا الواقعة بما ينتجها من وجوه الأدلة وهى شهادة كل من....، ....، .... ، والنقيب...... ومن اعتراف كل من المتهمين بالتحقيقات. لما كان ذلك، وكانت جريمة خطف الأنثى التي يبلغ سنها أكثر من ست عشرة سنة كاملة بالتحايل والإكراه المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 290 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 214 لسنة 1980 تتحقق بأبعاد هذه الأنثى عن المكان الذي خطفت منه أياً كان هذا المكان بقصد العبث بها، وذلك عن طريق استعمال طرق احتيالية من شأنها التغرير بالمجني عليها وحملها على مرافقة الجاني لها، أو باستعمال أي وسائل مادية أو أدبية من شأنها سلب إرادتها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر ثبوت الفعل المادي للخطف وتوافر ركن التحيل والإكراه والقصد الجنائي في هذه الجريمة وتساند في قضائه إلى أدلة منتجة من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهى إليه، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه بياناً لواقعة الدعوى ورداً على ما دفع به الطاعن من انتفاء أركان جريمة الخطف - يتحقق به كافة العناصر القانونية لسائر الجرائم التي دان الطاعن بارتكابها كما هي معرفة به في القانون، كما أن تقدير ركن التحيل أو الإكراه أو توافر القصد الجنائي في جريمة الخطف كلها مسائل موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام استدلالها سليماً - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي لتوافر ركن القوة في جريمة هتك العرض أن يكون الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجني عليها وبغير رضائها سواء باستعمال المتهم في سبيل تنفيذ مقصده من وسائل القوة أو التهديد أو غير ذلك مما يؤثر في المجني عليها فيعدم لها الإرادة - ويقعدها عن المقاومة، كما أن من المقرر أن مسألة رضاء المجني عليها أو عدم رضائها في جريمة هتك العرض مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلاً نهائياً وليس لمحكمة النقض بعد ذلك حق مراقبتها في هذا الشأن طالما أن الأدلة والاعتبارات التي ذكرتها من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهى إليه الحكم، وأنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن ركن القوة في جريمة هتك العرض متى كان فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه. وهو الحال في الدعوى المطروحة على ما سلف بيانه - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. هذا فضلاً عن أن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن وآخر جريمة واحدة وعاقبهما بالعقوبة المقررة للجريمة الأشد - وهى جريمة الخطف بالتحيل - فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن جريمة هتك العرض ما دامت المحكمة دانته بالجريمة الأشد وأوقعت عليه عقوبتها عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة العامة أو تأذن بإجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة "جناية أو جنحة" قد وقعت من شخص معين، وأن يكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التحقيق لحرمة مسكنه أو ما يتصل بشخصه في سبيل كشف مبلغ اتصاله بتلك الجريمة، ولا يوجب القانون حتماً أن يكون رجل الضبط القضائي قد أمضى وقتاً طويلاً في هذه التحريات، إذ له أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه من معلومات دون تحديد فترة زمنية لإجراء التحريات. لما كان ذلك، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت على ما سلف بيانه بتوافر مسوغات إصدار هذا الأمر، وردت على الدفع ببطلانه - وهى على بينة من كافة الإجراءات التي سبقته وبني عليها - وأطرحته بما يكفى لإطراحه، فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على هذا الدفع بما يسوغ وانتهى إلى القول بأن المحكمة تلتفت عن هذا الدفع لأنه غير قائم على ما يسانده، وكان ما رد به الحكم على الدفع سالف الذكر سائغاً لإطراحه، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمة ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، وكان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن وإن كان قد طلب لدى مرافعته بجلسة 3/ 11/ 1990 ضم دفتر أحوال القسم يوم 16/ 12/ 1986 إلا أنه لم يعد إلى التحدث عن طلبه في الجلسات اللاحقة واقتصر في ختام مرافعته بجلسة 4/ 3/ 1991 - والتي اُختتمت بصدور الحكم المطعون فيه على طلب البراءة واحتياطياً استعمال الرأفة، ولما كان هذا الطلب بهذا النحو غير جازم ولم يصر عليه الدفاع في ختام مرافعته، فإن ما ينعاه الطاعن من الإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل، ولا يغير من ذلك أن يكون المدافع عن الطاعن قد أثار هذا الطلب أمام محكمة الموضوع قبل صدور الحكم المنقوض أو أثاره بمذكرة أسباب طعنه السابق وأشار بصدد مرافعته لدى محكمة الإعادة إلى ما ورد بتلك المذكرة من دفاع ودفوع وقدم صورة منها، لأنه وإن كان الأصل أن نقض الحكم وإعادة المحاكمة يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بالحالة التي كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوض، فإن هذا الأصل المقرر لا يتناهى إلى وسائل الدفاع التي لا مشاحة في أن ملاك الأمر فيها يرجع أولاً وأخيراً إلى المتهم وحده يختار منها - هو أو المدافع عنه - ما يناسبه ويتسق مع خطته في الدفاع ويدع منها ما قد يرى - من بعد - أنه ليس كذلك ومن هذا القبيل مسلك الطاعن في الدعوى في المحاكمة الأولى ولدى محكمة الإعادة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاشتراك بالاتفاق إنما يتحقق بإتحاد نية إطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية وإذ كان القاضي الجنائي حراً في أن يستمد عقيدته من أي مصدر شاء فإن له - إن لم يقم على هذا الاشتراك دليل مباشر من اعتراف أو شهادة شهود أو غيره - أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه ما دام هذا الاستدلال سائغاً وله من ظروف الدعوى ما يبرره، كما له أن يستدل عليه من فعل لاحق للجريمة يشهد به، وإذ استخلص الحكم المطعون فيه من وقائع الدعوى التي ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق بأسباب مؤدية إلى ما قصده الحكم منها أن اتفاقاً مسبقاً تم بين الطاعن والمحكوم عليه الثاني على خطف المجني عليها بالتحيل والإكراه إلى مسكن الطاعن الأول حيث قام بهتك عرضها بالقوة وقام المحكوم عليه الثاني بالتقاط عدة صور لها وهى في وضع مخل مع الطاعن الأول وراحا يبتزان أموالها عن طريق تهديدها بنشر هذه الصور وفضح أمرها، فإن هذا حسبه ليستقيم قضاؤه، ذلك أنه ليس على المحكمة أن تدلل على حصول الاشتراك بطريق الاتفاق بأدلة محسوسة بل يكفي للقول بقيام الاشتراك أن تستخلص المحكمة حصوله من وقائع الدعوى وملابساتها ما دام في تلك الوقائع ما يسوغ الاعتقاد بوجوده وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره، ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفى بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة والذي من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا شيء فيه باقياً يمكن أن يعتبر قواماً لنتيجة سليمة يصح الاعتماد عليها، كما لا يعيب الحكم تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه وكانت المحكمة قد بينت - على النحو المار بيانه - واقعة الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤدية إليها بما لا تناقض فيه، ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا في تعويله في قضائه بالإدانة على اعترافات الطاعن والمحكوم عليه الآخر وأقوال المجني عليها بدعوى تضاربها أو تنافرها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه ولا مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه عول على أقوال المجني عليها مع أن الثابت بتلك الأقوال أن المحكوم عليه الثاني أعطاها مخدراً أفقدها الوعي والإدراك، وأنه من غير المتصور أن يكون - المحكوم عليه الثاني ممسكاً بطبنجة وسكين ويعبث بمحتويات حقيقتها. فإنه من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم مرجعة إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وكان مؤدى قضاء محكمة الموضوع بإدانة الطاعن والمحكوم عليه الآخر استناداً إلى أقوال المجني عليها وأدلة الثبوت الأخرى التي أوردها هو إطراح ضمني لجميع الاعتبارات التي ساقها لحملها على عدم الأخذ بها، فإن ما يثيره الطاعن بهذا الوجه من الطعن يكون غير مقبول. وأما بخصوص ما يثيره الطاعن من بطلان استجوابه والمحكوم عليه الثاني بمحضر الضبط، فإنه مردود بأن الحكم أخذ الطاعن والمحكوم عليه الثاني باعترافاتهما بالتحقيقات وأقوال شهود الإثبات ولم يؤاخذهما بغيره من الأدلة حتى يصح له أن يشكو منها، وكانت أقوال كل من المتهمين - الطاعن والمحكوم عليه الآخر - بمحضر جمع الاستدلالات خارجة عن دائرة استدلال الحكم، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل. وأما بشأن ما يثيره الطاعن من أن الحكم المطعون فيه قد دانه بجريمة السرقة بالإكراه - التي ارتكبها المحكوم عليه الآخر والتي لم تكن محل اتفاقهما أو نتيجة محتملة للخطف كما أن المسروقات التي قيل بسرقتها من حقيبة يد المجني عليها ليس لها قيمة مالية وأن نية تملكها منتفية بدلالة ردها للمجني عليها، فإن ذلك مردود بأن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن والمحكوم عليه الآخر جريمة واحدة وعاقبة بالعقوبة المقررة لأشدها بعد تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات، فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن السرقة بالإكراه ما دامت المحكمة قد دانته بجريمة الخطف بالتحيل وأوقعت عليه عقوبتها بوصفها الجريمة الأشد لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

في الشق العاجل من الدعـوى رقم 62 لسنة 40 ق "منازعة تنفيذ" جلسة 5 / 1 / 2019


باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد العشرون من يناير سنة 2019م، الموافق الرابع عشر من جمادى الأولى سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار / محمد خيرى طه النجار نائب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: سعيد مرعى عمرو والدكتور عادل عمر شريف ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمى إسكندر والدكتور حمدان حسن فهمى ومحمود محمد غنيم   نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ تامر ريمون   الرئيس بهيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع     أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
  في الشق العاجل من الدعـوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 62 لسنة 40 قضائية "منازعة تنفيذ".
المقامة من
1- السيد المستشار رئيس المحكمة الدستورية العليــــا    بصفته
2- القائم بعمل أمين عام المحكمة الدستورية العليـــــــا    بصفته
3- مدير عام الاستحقاقات بالمحكمة الدستورية العليا بصفته
4- مندوب وزارة المالية بالمحكمة الدستورية العليـا       بصفته
ضــــــد
السيد المستشار / عبدالعزيز على عبدالعزيز على حمزة

الإجراءات
      بتاريخ السادس والعشرين من ديسمبر سنة 2018، أودع المدعون بصفتهم صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 21/2/2015 في الطعن رقم 423 لسنة 59 قضائية عليا، والأمر بتنفيذ الحكم بمسودته وبغير إعلان، وفى الموضوع بعدم الاعتداد بالحكم المشار إليه، والاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 24/2/2015 في الدعوى رقم 1 لسنة 37 قضائية "طلبات أعضاء".

      ونُظر الشق العاجل من الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمـــــة
      بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
      حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى عليه وآخرين، كانوا قد استصدروا حكمًا من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 21/2/2015 في الطعن رقم 423 لسنة 59 قضائية عليا، ضد وزير العدل ورئيس هيئة النيابة الإدارية، بأحقيتهم في مساواة رواتبهم وبدلاتهم وكافة مزاياهم المالية بزملائهم من أعضاء المحكمة الدستورية العليا شاغلى ذات الدرجة بذات التاريــخ، وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، وبمراعاة أحكام التقادم الخمسى، وقد أسست المحكمة قضاءها على سند من أن: المادة الأولى من القانون رقم 88 لسنة 1973 ببعض الأحكام الخاصة بأعضاء النيابة الإدارية تنص على أن "تحدد وظائف ومرتبات وبدلات أعضاء النيابة الإدارية وفقًا للجدول الملحق بهذا القانون وتسرى فيما يتعلق بهذه المرتبات والبدلات وكذلك بالمعاشات وبنظامها جميع الأحكام المقررة والتى تقرر في شأن أعضاء النيابة العامة ...."، وينص البند تاسعًا من قواعد تطبيق جدول مرتبات رجال القضاء والنيابة العامة المرفق بقانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972 المعدل بالقانون رقم 11 لسنة 1981 على أنه ".... ولا يجوز أن يقل مرتب وبدلات من يشغل إحدى الوظائف القضائية عن مرتب وبدلات من يليه في الأقدمية في ذات الوظيفة ...". وأضافت المحكمة أن المحكمة الدستورية العليا استعرضت في طلب التفسير رقم 3 لسنة 8 قضائية "تفسير" بجلستها المنعقدة في 3/3/1990 نصوص المواد أرقام (20) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، و(122) من قانون مجلس الدولة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972، والمادة الأولى من القانون رقم 88 لسنة 1973 سالف الذكر، والمادة الأولى من القانون رقم 79 لسنة 1973 ببعض الأحكام الخاصة بأعضاء هيئة قضايا الدولة، وخلصت إلى أن المشرع استهدف بهذه النصوص المساواة في المعاملة المالية بين أعضاء الهيئات القضائية بالمحكمة الدستورية العليا ومجلس الدولة وهيئة النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة، وبين أقرانهم من شاغلى الوظائف المقابلة في القضاء والنيابة العامة، سواء في المخصصات المالية المقررة لهذه الوظائف من مرتبات وبدلات ومزايا أخرى، أو في المعاشات المستحقة لشاغليها بعد انتهاء خدمتهم، وذلك على أساس اعتبار القواعد المنظمة للمخصصات والمعاشات المقررة لوظائف القضاء والنيابة العامة أصلاً يجرى حكمه على المخصصات والمعاشات المستحقة لشاغلى الوظائف المقابلة لها في الهيئات القضائية الأخرى. وعليه فإن ما ينطبق على رجال القضاء والنيابة العامة، ينطبق على سائر أعضاء الهيئات القضائية الأخرى، وانتهت المحكمة الدستورية العليا إلى أن المساواة بين أعضاء الهيئات القضائية في المرتبات والبدلات والمزايا الأخرى أصبح أصلاً ثابتًا ينظم المعاملة المالية لأعضاء تلك الهيئات، ويؤكد ذلك أن المادة الأولى من القانون رقم 11 لسنة 1981 بتعديل بعض أحكام قوانين الهيئات القضائية، التى تم بموجبها تعديل البند تاسعًا من جدول المرتبات الملحق بقانون السلطة القضائية السالف الذكر، لم تجز أن يقل ما يتقاضاه من يشغل إحدى الوظائف القضائية عن مرتب وبدلات من يليه في الأقدمية، سواء في ذات الدرجة أو في الدرجة الأدنى، وذلك لتحقيق العدالة بين رجال القضاء. ولما كانت الزيادات التى تطرأ على الأجر تعتبر جزءًا منه تندرج فيه، وتسرى عليها ما يسرى على الأجر من أحكام، أيًّا كان سبب الزيادة، إذ يجب التفرقة بين مصدر الزيادة أو سندها القانونى من جهة، وبين المال الذى تنتهى إليه الزيادة في المزايا المالية التى يتقاضاهـــــــــــا عضو الهيئة القضائية من جهة أخرى، إذ لا يمكن فصل هذه الزيادة عما يتقاضاه العضو من مرتبات ومزايا مالية، لمجرد أنها منحت تحت مسميات مختلقة، ما دام أن مآلها في النهاية اعتبارها جزءًا من المزايا المالية والبدلات والمرتبات التى يتقاضاها عضو الهيئة القضائية، ومن ثم يستحق زميله الذى يشغل الدرجته ذاتها في الهيئة القضائية التى يعمل بها، أو في أى هيئة قضائية أخرى، أن يتساوى معه في كافة ما يتقاضاه من مخصصات مالية إعمالاً لقاعدة المساواة بين أعضاء الهيئات القضائية في المخصصات المالية، وذلك كله بمراعاة أن مناط إعمال قاعدة المساواة بين أعضاء الهيئات القضائية، يقتضى أن يكون ثمة تماثل في الدرجة الوظيفية وفى تاريخ شغلها، بأن يكون عضو الهيئة القضائية طالب التسوية قد شغل وظيفته القضائية في تاريخ واحد مع من يطلب تسوية حالته به أو في تاريخ سابق عليه، وذلك دون نظر لتاريخ التخرج أو الحصول على المؤهل، اللازم لشغل الوظيفة القضائية. وانتهت المحكمة إلى أن المدعى – وآخرين معه -، أعضاء فنيون بهيئة النيابة الإدارية، تسرى عليهم فيما يتعلق بالمرتبات والبدلات والمعاشات ونظامها ما يسرى على أعضاء النيابة العامة، وفقًا للمادة الأولى من القانون رقم 88 لسنة 1973 ببعض الأحكام الخاصة بأعضاء النيابة الإدارية السالفة الذكر. ولما كان المشرع في القانون رقم 11 لسنة 1981 الخاص بتعديل بعض أحكام قوانين الهيئات القضائية استهدف المساواة بين جميع أعضاء الهيئات القضائية في المرتبات والبدلات وكافة المزايا المالية، فلا يتقاضى الأحدث مخصصات مالية تزيد عما يتقاضاه الأقدم، سواء في الهيئة القضائية التى يعمل بها أو في هيئة قضائية أخرى. فمن ثم فإنهم بذلك يستحقون مساواتهم في المرتب والبدلات وكافة المزايا المالية الأخرى بأقرانهم أعضاء المحكمة الدستورية العليا شاغلى ذات درجاتهم في ذات التاريخ، مع أحقيتهم في صرف الفروق المالية المترتبة على هذه التسوية وذلك بمراعاة أحكام التقادم الخمسي، ومن ثم خلصت المحكمة الإدارية العليا إلى القضاء المتقدم، هذا وقد أوضح المدعى عليه بصحيفة دعواه رقم 1326 لسنة 2018 مدنى كلى حلوان، أنه قام بتاريخ 14/12/2017 بإعلان الصورة التنفيذية للحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا السالف الذكر إلى هيئة النيابة الإدارية لتنفيذ مقتضاه، ولم تقم الهيئة بتنفيذه لعدم وجود بيان المخصصات المالية التى يتقاضها نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا ورئيس وأعضاء هيئة المفوضين بها، فأقام دعواه المشار إليها، مختصمًا فيها كلاًّ من مندوب وزير المالية لدى المحكمة الدستورية العليا، وأمين عام المحكمة الدستورية العليا، ومدير إدارة الاستحقاقات بالمحكمة الدستورية العليا، طالبًا القضاء له "بإلزامهــم بأن يقدموا له بيانًا بالمخصصات المالية – أيًّا كان صورتها أو تسميتها – التى يحصل عليها نظراؤه في الدرجة الوظيفية من أعضاء المحكمة الدستورية العليا.

وأضاف المدعون أن المحكمة الدستورية العليا، سبق لها أن أصدرت حكمًا في القضية رقم 1 لسنة 37 قضائية "طلبات أعضاء"، بجلستها المنعقدة بتاريخ 24/2/2015، قاضية "بعدم الاعتداد بحكم "دائرة طعون رجال القضاء" بمحكمة النقض في الطعن المقيد برقم 383 لسنة 84 قضائية الصادر بجلسة 23/12/2014". وهى الدعوى التى كانت مقامة من عدد من الرؤساء بهيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا، مختصمين فيها السيد المستشار رئيس المحكمة الدستورية العليا وآخرين، طالبين بصفة مستعجلة وقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة النقض آنف الإشارة، وفى الموضوع بعدم الاعتداد بهذا الحكم، وكان الحكم الصادر من محكمة النقض في الطعن رقم 383 لسنة 84 ق، المقضى بعدم الاعتداد به، قد ألزم السيد المستشار رئيس المحكمة الدستورية العليا، بتقديم بيان رسمي عن كافة ما يتقاضاه هو والسادة المستشارون نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا وأعضاء هيئة المفوضين بها، من رواتب أساسية وما يرتبط بها من بدلات وحوافز، وكذلك كافة البدلات الأخرى غير المرتبطة بالراتب الأساسى وبدل عدم جواز الانتداب وغيرها، وكافة المزايا العينية التى يحصلون عليها أو قيمتها المالية، وأسست المحكمة الدستورية العليا، حكمها الصادر في الدعوى رقم 1 لسنة 37 "طلبات أعضاء"، على سند من أن " البين من مطالعة الباب الخامس من دستور سنة 2014 – باب نظام الحكم – انفراد كل سلطة من سلطات الدولة بفصل مستقل، يجمع في مواده كافة الأحكام المتعلقة بهذه السلطة، وقد تم تقسيم كل فصل إلى أفرع، يعالج كل منها أحد التكوينات المؤسسية المنضوية في هذه السلطة، فخصص الفصل الأول للسلطة التشريعية " مجلس النواب " وهو كيان مؤسسى وحيد، وخصص الفصل الثاني للسلطة التنفيذية، وقسمه إلى ثلاثة أفرع هى على الترتيب، رئيس الجمهورية، ثم الحكومة، ثم الإدارة المحلية، وخصص الفصل الثالث للسلطة القضائية، وانقسم هذا الفصل لأفرع ثلاثة، شمل أولها الأحكام العامة المشتركة بين جهتى هذه السلطة، وأفرد ثانيها للقضاء والنيابة العامة، واستقل قضاء مجلس الدولة بثالثها، بينما اختصت المحكمة الدستورية العليا بالفصل الرابع من الباب الخامس من الدستور، الذى انتظمت أحكامه المواد من (191) حتى (195)، والتى نُص فيها على أن المحكمة الدستورية العليا جهة قضائية مستقلة قائمة بذاتها، لها موازنة مستقلة، يناقشها مجلس النواب بكامل عناصرها، وتدرج بعد إقرارها في الموازنة العامة للدولة رقمًا واحدًا، وتقوم الجمعية العامة للمحكمة على شئونها، وتتولى المحكمة الدستورية العليا الفصل في المنازعات المتعلقة بشئون أعضائهـا، وتؤلف المحكمة من رئيس، وعدد كاف من نواب الرئيس، وتؤلف هيئة المفوضين بالمحكمة من رئيس وعدد كاف من الرؤساء بالهيئة والمستشارين والمستشارين المساعدين، وتنشر في الجريدة الرسمية الأحكام والقرارات الصادرة من المحكمة الدستورية العليا، وهى ملزمة للكافة وجميع سلطات الدولة، وتكون لها حجية مطلقة بالنسبة لهم. هذا ويتجلى مما سبق جميعه مقصد المشرع الدستوري في تأكيد استقلال المحكمة الدستورية العليا عن السلطة القضائية بجهتيها، وكذلك الهيئتين القضائيتين اللتين وردتا بالفصل الخامس من الباب الخامس من الدستور، هذا الاستقلال الذى أفصحت عنه القوامة الذاتية للمحكمة الدستورية العليا، والتى انبثقت عنها كافة الأحكام التى وردت بشأنها في الدستور، سواء ما تفردت به عن جهتى القضاء والهيئتين القضائيتين الأخريين، أو ما تماثلت فيه معها. وما أحيل فيه بشأنها إلى حكم ورد في الباب الخاص بالسلطة القضائية، ذلك أن القول بغير ما تقدم، لازمه تناقض أحكام الدستور مع منهجه في شأن استقلال السلطات المكونة لنظام الحكم عن بعضها، دون الإخلال بتكاملها وتوازنها، وهو ما تتنزه عنه نصوص الدستور بالضرورة. واستطردت المحكمة بحكمها المتقدم إلى أن إلزام رئيس المحكمة الدستورية العليا بتقديم بيان رسمى يتضمن ما يخص المستحقات المالية للسادة المستشارين رئيس ونواب رئيس المحكمة ورئيس وأعضاء هيئة المفوضين بها، أيًّا كان مسماها أو طبيعتها، ينطوى بالضرورة على مساس بشأن من أخص شئونهم الوظيفية، وأن التعرض لتلك البيانات والمستحقات على أى نحو كان، أمر تندرج المنازعة حوله - أيًّا كان إسمها أو تكييفها - تحت عباءة الخصومة القضائية في شأن من شئون أعضاء المحكمة الدستورية العليا وهيئة المفوضين بها، والتى ينعقد الاختصاص بالفصل فيها لدائرة طلبات الأعضاء لهذه المحكمة دون سواها طبقًا لنص المادة (192) من الدستور، وهو ما لم يلتزمه الحكم المنازع فيه - في الدعوى المشار إليها - والذى لم يراع قواعد الاختصاص الولائى لجهات القضاء التى انتظمتها نصوص الدستور والقانون، والتى تحرم غير المحكمة الدستورية العليا من ولاية القضاء في شئون أعضائها، فصدر مجاوزًا حدود ولايته ومفتئتًا على الاختصاص الولائي للمحكمة الدستورية العليا، ومن ثم خلصت المحكمة إلى القضاء المتقدم، وقد نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بالعدد رقم (10) مكرر (ه) بتاريخ 11/3/2015. وإذ ارتأى المدعون أن الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا، وما اتخذ من إجراءات من قبل المدعى عليه للبدء في تنفيذه على النحو المتقدم، يمثل عقبة في تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا المار ذكره، أقاموا دعواهم بطلباتهم المتقدمة.


وحيث إن ما اتخذه المدعى عليه من إجراءات - على النحو المشار إليه - في مواجهة المحكمة الدستورية العليا التى يمثلها المدعى الأول بصفته، ومختصمًا فيها باقى المدعين - العاملين بتلك المحكمة التابعين له طبقًا لنص المادة (57) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - بغية إلزامهم بتقديم ما لدى المحكمة من بيانات ومستندات تتعلق بالمخصصات والمستحقات المالية لنواب رئيس المحكمة ورئيس وأعضاء هيئة المفوضين بها، هو في حقيقته بدءًا في إجراءات تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا المشار إليه، تتحقق به الصفة والمصلحة للمدعين في مخاصمته، والمنازعة في تنفيذه، باعتبار هذا الحكم والإجراءات المتخذة في شأن تنفيذه، تُعد عوائق تحول دون تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 24/2/2015 في الطلب رقم 1 لسنة 37 قضائية "طلبات أعضاء"، وعقبة تعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان، بما تمثله من اعتداء على ولاية هذه المحكمة وجمعيتها العامة، ومساسًا بشأن من شئون أعضائها، بعد أن جعلت المادة (191) من الدستور تلك الجمعية هى القوامة على شئون المحكمة وشئون أعضائها، كما أسندت المادة (192) من الدستور، والمادة (16) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، للمحكمة دون غيرها الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بشئون أعضائها والفصل فيها، وهو ما قرره الحكم المشار إليه الصادر من هذه المحكمة، بقضاء قاطع في شأن اعتبار تلك المخصصات والمستحقات المالية والإفصاح عنها والمستندات المتعلقة بها شأن من أخص شئون أعضائها، التى وسد الدستور والقانون لها وحدها دون غيرها ولاية الفصل في المنازعات المتعلقة بها، وهو قضاء يحوز الحجية المطلقة المقررة لأحكام المحكمة الدستورية العليا وقراراتها بمقتضى نص المادة (195) من الدستور، وذلك في مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، ويكون ملزمًا لهم، فوق كون ما يمثله ذلك من تعارض مع الحقوق الثابتة لنواب رئيس المحكمة الدستورية العليا، ورئيس وأعضاء هيئة المفوضين بها، والتى يكون معها للمدعين بعد أن اُتخذت إجراءات التنفيذ قبلهم، المنازعة في تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا المشار إليه، والذى تستند إليه هذه الإجراءات، فضلاً عما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من جواز إقامة منازعة بعدم الاعتداد بحكم صدر من محكمة لا ولاية لها في المسـألة التى قضت فيها قبل إعلان السند التنفيذي بغية توقى آثاره. لما كان ذلك، وكان جوهر النزاع في منازعة التنفيذ إنما يتوجه أساسًا إلى قوة التنفيذ المشمول بها الحكم في ذاته، بهدف إهدار حجيته في هذا الشأن، فإذا ما كانت آثارها في مجال التنفيذ غير قابلة للتجزئة، كما هو الشأن في الدعوى المعروضة، التى تبتغى إجراءات التنفيذ فيها إلزام المحكمة بالإفصاح عن البيانات المتعلقة بمرتبات وبدلات وكافة المخصصات المالية لنواب رئيس المحكمة ورئيس وأعضاء هيئة المفوضين بها، وتقديم المستندات المتعلقة بذلك، وهو أثر لا يتجزأ، كما أن تنفيذ الحكم في مواجهة المحكمة الدستورية العليا يستنفد غايته كاملة بإجابة المدعى عليه إلى طلبه، ومن ثم فقد بات التعرض للحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 21/2/2015 في الطعن رقم 423 لسنة 59 قضائية، بجميع أجزائه، أمرًا لازمًا، ومطروحًا حكمًا على هذه المحكمة، للارتباط الذى لا يقبل الفصل أو التجزئة بين ما تضمنه من قضاء على النحو السالف بيانه، وذلك في مجال التنفيذ، وصولاً إلى تحقيق الغاية من منازعة التنفيذ المعروضة، وهى إزالة العقبات التى تحول دون تنفيذ حكم هذه المحكمة المار ذكره، خاصة في ضوء الحجية المطلقة المقررة لأحكام هذه المحكمة والتي تخولها رخصة قصر خصومة التنفيذ على من استوفى الشروط القانونية لانعقادها قبله، دون من يشاركه مركزه القانوني، ولو في الخصومة ذاتها، ومأخوذًا في الاعتبار أن الحجية المطلقة لأحكامها تمتد لمن خوصم في الدعوى الصادر فيها الحكم، ومن لم تتم مخاصمته فيها، الأمر الذى تتوافر معه للدعوى المعروضة شروط قبولها، مما يتعين معه القضاء بقبولها شكلاً.


وحيث إنه عن طلب وقف تنفيذ الحكم موضوع الدعوى المعروضة فإنه يشترط لقبوله، أن يتحقـق ركنان: أولهما: ركن الجدية، بأن يكون الحكم المطلوب وقف تنفيذه - بحسب الظاهر - مرجحًا عدم الاعتداد به عند الفصل في موضوع الدعوى، وثانيهما: ركن الاستعجال، بأن يترتب على تنفيذ الحكم نتائج يتعذر تداركها.

      وحيث إنه عن ركن الجدية فإن الدستور في مقام تحديده للسلطـات العامة في الدولة أفرد الفصل الثالث من الباب الخامس للسلطة القضائية، مسندًا توليها بصريح نص المادة (184) منه للمحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، التابعة لجهات القضاء، التى ضمن هذا الفصل، والفصل الرابع، والفرع الأول والثالث من الفصل الثامن منه، تحديدًا لتلك الجهات على سبيل الحصر، في جهة القضاء العادي (القضاء العادي والنيابة العامة)، وجهة القضاء الإداري (مجلس الدولة)، والمحكمة الدستورية العليا، والقضاء العسكرى واللجنة القضائية لضباط وأفراد القوات المسلحة، كما تولى المشرع الدستوري توزيع ولاية القضاء بين تلك الجهات، فعين لكل منها اختصاصها، شاملاً اختصاصًا حصريًّا لجهة القضاء العادي، والمحكمة الدستورية العليا، دون غيرهما بالفصل في المنازعات المتعلقة بشئون أعضائهما المقرر بالمادتين (188، 192) منه، باعتبارهما صاحبتي الاختصاص الأصيل والوحيد، بنظر هذه المنازعات والفصل فيها، لتنفرد كل جهة منهما بهذه الولاية دون غيرها، وتضطلع بها، إلى جوار مجلس الدولة صاحب الولاية العامة بنظر المنازعات الإدارية طبقًا لنص المادة (190) من الدستور. وقد أتى هذا التنظيم تقديرًا من المشرع الدستوري لأهمية ذلك، وارتباطه باستقلال تلك الجهات، الذى حرص الدستور على توكيده بالمواد (94، 184، 185، 186، 188، 190، 191)، وهو الأمر الوثيق الصلة بالوظيفة القضائية الموكلة لكل منهما، وضمان اضطلاعها بمهامها الدستورية في إقامة العدل، الذى اعتبرته المادة (4) من الدستور أساسًا لبناء المجتمع، وصيانة وحدته الوطنية، وليغدو مجاوزة أى من الجهات القضائية لاختصاصها الذى قرره لها الدستور والقانون، على أى وجه من الوجوه، والاعتداء على اختصاص أى من الجهات الأخرى، أيًّا كانت صورته، والذى يعد تخومًا لا يجوز لها تجاوزها، انتهاكًا منها لأحكام الدستور والقانون، ينحدر بعملها إلى مرتبة العدم، ليغدو محض واقعة مادية، فلا يكون له حجية في مواجهة جهة القضاء صاحبة الاختصاص، وليضحى تقرير ذلك في مكنة الجهة صاحبة الولاية، لا تشاركها فيه جهة أو سلطة أخرى، بوصفه حقًّا نابعًا من اختصاصها الأصيل الموكل إليها بمقتضى أحكام الدستور والقانون، وناشئًا عنه، وداخلاً في مضمونه ومحتواه، باعتباره أحد أدواتها لرد العدوان على اختصاصها، وإقامة أحكام الدستور والقانون، وكفالة احترامها والالتزام بها وصونها.

      لما كان ما تقدم، وكان البين من مطالعة الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 423 لسنة 59 قضائية عليا، وكذا الدعوى رقم 1326 لسنة 2018 مدنى كلى حلوان، إنهما يستهدفان إلزام المحكمة التي يمثلها المدعى الأول والعاملون بها، بتقديم بيان رسمي يتضمن ما يخص المستحقات المالية والمزايا العينية المقررة لنواب رئيس المحكمة الدستورية العليا، ورئيس وأعضـاء هيئة المفوضين بها، أيًّا كان اسم تلك المستحقات والمزايا أو طبيعتها، وكان الإلزام بتقديم هذا البيان، يعتبر في حقيقته إلزامًا بالإقرار بما في الذمة للسادة المستشارين نواب رئيس المحكمة ورئيس وأعضـاء هيئة المفوضين بها، والذى يفتقد لسنده القانونى السليم، كما ينطوى بالضرورة - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على مساس بشأن من أخص شئونهم الوظيفية، باعتبار أن البيان المطلوب، علاوة على أنه لا شراكة فيه على وجه الإطلاق بين المدعى الأول    والسادة المستشارين نواب رئيس المحكمة ورئيس وأعضاء هيئة المفوضين بها، وبين المدعى عليه، فإنه يعد وعاء تفرغ فيه المستحقات المالية لأعضاء المحكمة الدستورية العليا وهيئة المفوضين بها التى قررها القانون، وتلك التى تقررها الجمعية العامة للمحكمة، وفقًا لاختصاصها الحصرى المعقود لها بمقتضى نص المادة (191) من الدستور، ونص المادة (8) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، باعتبارها القائمة على شئون المحكمة، الذى ناط بها النظر في المسائل المتعلقة بجميع الشئون الخاصة بأعضاء المحكمة، والتى تصدر قراراتها منضبطة بالموازنة المالية المستقلة للمحكمة، بعد إقرارها من السلطة التشريعية، وفقًا لنص المادة (191) من الدستور سالفة الذكر، التى نصت على استقلال ميزانية المحكمة واعتبارها رقمًا واحدًا. وتأكيدًا على ذلك الاستقلال نصت المادة (56) من قانون المحكمة الدستورية العليا على أن تباشر الجمعية العامة للمحكمة السلطات المخولة لوزير المالية في القوانين واللوائح بشأن تنفيذ موازنة المحكمة. ولا مشاحة في أن قرارات الجمعية العامة للمحكمة، والمحررات التى تُثبت فيها هذه القرارات، والتعرض لتلك البيانات والمستحقات على أى نحو كان - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أمر تندرج المنازعة حوله – أيًّا كان اسمها أو تكييفها – تحت عباءة الخصومة القضائية في شأن من شئون أعضاء المحكمة الدستورية العليا وهيئة المفوضين بها، والتى ينعقد الاختصاص بالفصل فيها لهذه المحكمة دون غيرها. وهو ما أثبته الحكم الصادر من هذه المحكمة بجلسة 24/2/2015 في الطلب رقم 1 لسنة 37 قضائية "طلبات أعضاء"، والذى تضمن منطوقه وأسبابه - المكملة له والمرتبطة به ارتباطًا لا يقبل الفصل أو التجزئة - قضاءً قطعيًّا حاسمًا باعتبار البيانات الخاصة بالمستحقات والمخصصات المالية لنواب رئيس المحكمة الدستورية العليا ورئيس وأعضاء هيئة المفوضين بها شأنًا من أخص شئونهم الوظيفية، وأن الإلزام بالإفصاح عنها، وتقديم المستندات المتعلقة بها، يُعد منازعة في شئون أعضاء هذه المحكمة وهيئة المفوضين بها، ينعقد الاختصاص بنظرها والفصل فيها للمحكمة الدستورية العليا وحدها دون غيرها، وأن التعرض لها ممن لا ولاية له يحول دون الاعتداد بهذا الحكم أمامها، باعتبارها جهة القضاء المختصة ولائيًّا بنظر تلك المسألة، وهو ما لا تصححه قوة الأمر المقضي به، وهو قضاء يحوز الحجية المطلقة المقررة لأحكام هذه المحكمة وقراراتها في مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، بما فيها محاكم السلطة القضائية، ويكون ملزمًا لهم، طبقًا لأحكام الدستور، على النحو السالف بيانه. متى كان ذلك، وكان الحكم المطلوب وقف تنفيذه، وما اتخذ من إجراءات تنفيذًا له على النحو المتقدم، لم تتقيد بما تضمنه قضاء هذه المحكمة السالف الذكر، بل عمدت إلى إهداره، وعدم الالتزام بقواعد توزيع الاختصاص الولائي بين جهات القضاء التى انتظمتها نصوص الدستور والقانون، والتي تحرم غير هذه المحكمة من ولاية القضاء في شئون أعضائها، ليكون التوجه بما قضى به، وبإجراءات تنفيذه قبل المحكمة الدستورية العليا، مجاوزة لتخوم الولاية التى حددها الدستور وقانون المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، والتى لا تملك أى جهة من جهات القضاء الفكاك منها، وليضحى حكم المحكمة الإدارية العليا سالف الذكر، وإجراءات التنفيذ التى اتخذها المدعى عليه استنادًا إليه، عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، تحول دون ترتيب آثاره كاملة،    وهو ما يتوافر به ركن الجدية في الشق العاجل من الدعوى المعروضة.
      وحيث إنه عن ركن الاستعجال فإنه لما كان تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 21/2/2015 في الطعن رقم 423 لسنة 59 قضائية، وإجراءات التنفيذ التى ارتكنت إليه على ما تقدم بيانه، يمثل انتهاكًا لأحكام الدستور والقانون السالف ذكرها، واعتداءً مباشرًا على استقلال المحكمة الدستورية العليا، والحقوق الثابتة لنواب رئيس المحكمة ورئيس وأعضاء هيئة المفوضين بها، فمن ثم يكون ذلك الركن متوافرًا في الدعوى المعروضة.
      وحيث إنه متى كان ما تقدم، فإن القضاء بوقف تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 21/2/2015 في الطعن رقم 423 لسنة 59 قضائية يكون لازمًا، إعمالاً للسلطة المخولة لهذه المحكمة بموجب نص المادة (192) من الدستور، وحكم المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979.
      وحيث إن المادة (286) من قانون المرافعات المدنية والتجارية تنص على أنه "يجوز للمحكمة في المواد المستعجلة .... أن تأمر بتنفيذ الحكم بموجب مسودته بغير إعلانه".
فلهـذه الأسبـاب
      حكمت المحكمة: أولاً: بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 21/2/2015 في الطعن رقم 423 لسنة 59 قضائية عليا، وأمرت بتنفيذ الحكم بموجب مسودته وبغير إعلان.
ثانيًا: إحالة الدعوى إلى هيئة المفوضين، لتحضير الموضوع طبقًا للقانون.

الطلب رقم 6 لسنة 39 ق "طلبات أعضاء" جلسة 5 / 1 / 2019

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من يناير سنة 2019م، الموافق التاسع والعشرين من ربيع الآخر سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: سعيد مرعى عمرو ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار وطارق عبدالعليم أبو العطا  نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع          أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
  في الطلب المقيد بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 6 لسنة 39 قضائية "طلبات أعضاء".
المقام من
فتنة سيد إبراهيم
أرملة المرحوم المستشار الدكتور/ محمد فتحى محمد نجيب محمد على، رئيس المحكمة الدستورية العليا الأسبق.
ضــــــد
1- رئيس المحكمة الدستورية العليا
2- وزيــر الماليـــة
3- رئيس الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى
الإجراءات
      بتاريخ الحادى عشر من ديسمبر سنة 2017، أودعت الطالبة، صحيفة هذا الطلب قلم كتاب المحكمة، طالبة الحكم :-
أولًا: بإعادة تسوية المعاش المستحق لمورثها عن الأجر الأساسى، على أساس آخر مربوط الدرجة التى كان يشغلها في تاريخ وفاته في 8/8/2003، أو آخر مرتب كان يتقاضاه في التاريخ المشار إليه، مضافًا إليه الزيادات والعلاوات الخاصة أيهما أصلح له، دون التقيد بحد أقصى معين، مع مــــا يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية.
ثانيًا: بإعادة تسوية المعاش المستحق لمورث الطالبة عن الأجر المتغير على أساس أحكام القرارات الوزارية، أرقام 554 لسنة 2007، 359 لسنة 2008، 346 لسنة 2009، 102 لسنة 2012، 74 لسنة 2013 المشار إليها، مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية.
ثالثًا: بإعادة تسوية مكافأة نهاية الخدمة، المستحقة لمورث الطالبة، على أساس آخر أجر أساسى كان يتقاضاه عند بلوغه سن الستين أو في تاريخ وفاته أيهما أصلح، مضافًا إليه الزيادات والعلاوات الخاصة، دون التقيد بحد أقصى معين.
رابعًا: بإعادة حساب تعويض الدفعة الواحدة، على أساس 15% من الأجر السنوي عن كل سنة من السنوات الزائدة على ست وثلاثين سنة.
خامسًا: بصرف الفروق المالية والزيادات المترتبة على كل ما تقدم.
      وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الطلب بالنسبة للمدعى عليهما الأول والثاني، لرفعه على غير ذى صفة، كما أودعت الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي مذكرة، طلبت في ختامها أصليًّا: الحكم برفض الطلب، واحتياطيًّا: بسقوط المستحقات المالية الناتجة عما قد يحكم به للطالبة بالتقادم الخمسي.
وبعد تحضير الطلب، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظر الطلب على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم.
المحكمــــة
      بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الطلب وسائر الأوراق – في أنه بتاريخ 4/9/2001، عُين مورث الطالبة، رئيسًا للمحكمة الدستورية العليا، بعد تدرجه في مختلف المناصب القضائية، إلى أن توفى إلى رحمة الله تعالى بتاريخ 8/8/2003، وقامت الهيئة القومية للتأمين والمعاشات بتسوية معاشه عن الأجر الأساسى والأجر المتغير، عن مدة خدمته في الاشتراك في المعاش، والتى بلغت 46 سنة وشهرين، بالإضافة إلى مستحقاته عن مبلغ الادخار، ومكافأة نهاية الخدمة، وتعويض الدفعة الواحدة، ولما كانت تسوية المعاش قد تمت بالمخالفة للقانون، وما تواتر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا، وقضاء محكمة النقض، فقد تظلمت إلى لجنة فض المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكام قانون التأمين الاجتماعى ابتغاء إعادة ربط معاشه الشهرى عن الأجرين الأساسى، والمتغير، وتعويض الدفعة الواحدة، والمكافأة على أساس 100% من أجر الاشتراك الأخير وفقًا لأحكام القانون، إلا أن الهيئة لم تجبها إلى طلبهــا، مما دعاها إلى إقامة الطلب رقم 2 لسنة 26 قضائية "طلبات أعضاء" أمام المحكمة الدستورية العليا، تأسيسًا على أن تسوية معاش الأجر الأساسى، ينبغي أن يتم على الأساس المقرر لمعاش من كان يشغل منصب وزير أو على أساس آخر مرتب كان يتقاضاه، شاملًا العلاوات الخاصة بحد أقصى 100% من أجر الاشتراك الأخير، أيهما أصلح، وكذلك يتم تسوية معاش الأجر المتغير على أساس آخر آجر متغير، أو طبقًا للقواعد العامة، بحد أقصى 100% من أجر الاشتراك وما يترتب على ذلك من آثار.
وبجلسة 12/6/2005، قضت المحكمة الدستورية العليا :
أولًا : بأحقية مورث الطالبة في إعادة تسوية معاشه عن الأجر الأساسى اعتبارًا من تاريخ وفاته في 8/8/2003 على أساس آخر مرتب أساسى كان يتقاضاه أيهما أصلح له على أن يربط بحد أقصى 100% من أجر الاشتراك الأخير، شاملًا العلاوات الخاصة، وتضاف للمعاش الزيادات المقررة قانونًا، على التفصيل الوارد بأسباب الحكم، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ثانيًا : بأحقية مورث الطالبة في إعادة تسوية معاشه عن الأجر المتغير اعتبارًا من 8/8/2003، طبقًا لنص المادة (31) من قانون التأمين الاجتماعى على أساس آخر أجر متغير كان يتقاضاه، أو طبقًا للقواعد العامة أيهما أفضل، على ألا يزيد المعاش على 80% من أجر التسوية، فإن قل عن 50% من هذا الأجر، رُفع إلى ذلك القدر شريطة ألا تتجاوز قيمة المعاش 100% من أجر الاشتراك عن هذا الأجر، على التفصيل الوارد بأسباب الحكم .
ثالثًا : أحقية مورث الطالبة في تسوية مكافأة نهاية الخدمة على أساس آخر أجر أساسى كان يتقاضاه شاملًا العلاوات الخاصة، على التفصيل الوارد بأسباب الحكم.
رابعًا : أحقية مورث الطالبة في تسوية تعويض الدفعة الواحـدة على أساس 15% من الأجر السنوى عن كل سنة من السنوات الزائدة، في مدة الاشتراك في التأمين على ست وثلاثين سنة .
      وإذ لم ترتض الطالبة التسوية التأمينية التى تمت في شأن مورثها، تقدمت بتاريخ 2/7/2017، بطلب إلى لجنة فض المنازعات بالهيئة القومية للتأمين، طبقًا لنص المادة (157) من قانون التأمين الاجتماعى، لإعادة تسوية معاش مورثها عن الأجر الأساسى وباقى مستحقاته التأمينية، وفقًا للأسس الواردة بهذا الطلب، وإذ لم تجبها الهيئة إلى طلباتها، أقامت طلبها المعروض.
      وفى ضوء الأحكام الحديثة التى أصدرتها المحكمة الدستورية العليا، وكذا محكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا، والتى أرست من خلالها مبدأ جديدًا في شأن إعادة تسوية معاشات القضاة وأعضاء الهيئات القضائية دون التقيد بالحد الأقصى المقرر بقانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، فمن ثم، يحق للطالبة إعادة تسوية المعاش المستحق لمورثها - مجددًا - عن الأجرين الأساسى والمتغير، وكافة المستحقـات التأمينية الأخـرى، وفقًا لما استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا بالنسبة لرئيس المحكمة الدستورية العليا ونوابه، وهو ما يصدق كذلك على المحكمة الإدارية العليا بالنسبة لرئيس مجلس الدولة ونوابه، وكذا قضاء محكمة النقض بالنسبة لرئيس محكمة النقض ونوابه.
      وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الطلب لرفعه على غير ذى صفة بالنسبة للمدعى عليهما الأول والثانى، فهو مردود بالنسبة لكليهما؛ ذلك أن الطالبة بصفتها أرملة المستشار المستحق للمعاش الذى كان يشغل وظيفة رئيس المحكمة الدستورية العليا، تقدمت بطلب إعادة تسوية معاشه بتاريخ 2/7/2017، وإذ كانت المستندات المتعلقة بتسوية المعاش تحت يد هذه المحكمة، فإن اختصام رئيسها في هذه الدعوى يكون في محله، كما إنه إعمالًا لنص البند (1) من الفقرة الثالثة من المادة (20) من قانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 فإن الخزانة العامة تتحمل تمويل الفروق المالية الناشئة عن إعادة تسوية المعاش، ومن ثم يضحى اختصام المدعى عليه الثانى بصفته متعينًا، الأمر الذى يتعين معه الالتفات عن هذا الدفع.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى بسقوط الحق في المطالبة بالمستحقات المالية الناتجة عما قد يحكم به بالنسبة للحقوق الدورية المتجددة، بالتقادم الخمسى المقرر بنص الفقرة الأولى من المادة (375) من القانون المدنى، والذى ينصب في حقيقته على المعاش المستحق عن الأجرين الأساسى والمتغير، ولما كان المعاش المقرر لهذين الأجرين يستحق شهريًّا، ويحق لصاحب المعاش تسويته عند كل استحقاق، ومن ثم يُعد من الحقوق الدورية المتجددة التى تتقادم السنوات الخمس طبقًا لنص الفقرة الأولى من المادة (375) من القانون المدنى، الأمر الذى يترتب عليه سقوط حق الطالبة في صرف الفروق المالية المترتبة على إعادة تسوية معاشه عن الأجرين الأساسى والمتغير فيما زاد على السنوات الخمس السابقة على تقديم هذا الطلب، وهو ما يتعين القضاء به.
وحيث إن مكافأة نهاية الخدمة، وتعويض الدفعة الواحدة، إنما يصرف كل منهما لمرة واحدة متى تحققت شروطهما، ومن ثم فإنهما لا يدخلان في عداد الحقوق الدورية المتجددة التى ينطبق في شأنها نص المادة (375) من القانون المدنى، ولا تخضع - من ثم - الفروق المالية الناشئة عن إعادة تسوية مستحقات الطالبة عنهما للتقادم الخمسى المقرر بهذا النص، مما يتعين معه الالتفات عن الدفع المشار إليه في هذا الخصوص.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى بسقوط المستحقات المالية عن مكافأة نهاية الخدمة وتعويض الدفعة الواحدة بالتقادم الطويل، لمرور خمس عشرة سنة من تاريخ الاستحقاق، فإنه مردود؛ ذلك أن المادة (374) من القانون المدنى تنص على أن "يتقادم الالتزام بانقضاء خمس عشرة سنة..."، وتنص المادة (381/1) من هذا القانون على أن "(1) لا يبدأ سريان التقادم فيما لم يرد فيه نص خاص إلا من اليوم الذى يصبح فيه الدين مستحق الأداء ..."، وتنص المادة (383) من القانون المذكور على أن "ينقطع التقادم بالمطالبة القضائية ولو رفعت الدعوى إلى محكمة غير مختصة، ............ وبأى عمل يقوم به الدائن للتمسك بحقه أثناء السير في إحدى الدعاوى". وحاصل هذه النصوص أن المشرع وضع قاعدة عامة بشأن تقادم الديون، بمقتضاها تتقادم بانقضاء خمس عشرة سنة من اليوم الذى يصبح فيه الدين مستحق الأداء، ما لم يرد على تلك المدة سبب من أسباب الانقطاع، التى عينها نص المادة (383) من القانون المدنى، والتى من بينها المطالبة القضائية. متى كان ذلك، وكان الثابت أن المستشار مورث الطالبة توفى بتاريخ 8/8/2003، وبتاريخ 22/6/2004، تقدم ورثته بالطلب رقم 2 لسنة 26 قضائية "طلبات أعضاء"، والذى قُضى فيه بجلسة 12/6/2005، بأحقيتهم في إعادة تسوية الحقوق التأمينية لمورثهم على النحو السالف بيانه، وذلك قبل انقضاء مدة خمس عشرة سنة من تاريخ الاستحقاق، وهو إجراء قاطع لمدة التقادم الطويل، وبتاريخ 2/7/2017، تقدمت الطالبة بتظلم إلى لجنة فض المنازعات بالهيئة القومية للتأمين الاجتماعى لإعادة تسوية مستحقاتها التأمينية، انتهت فيه اللجنة إلى رفض التظلم، فأقامت الطلب المعروض بتاريخ 11/12/2017، ضمنته طلباتها المتقدمة، وذلك قبل انقضاء مدة التقادم المقررة بمقتضى نص المادة (374) من القانون المدنى، الأمر الذى يضحى معه دفع الهيئة المار ذكره في غير محله حقيقًا بالرفض.
وحيث إنه عن الطلب المتعلق بإعادة تسوية معاش الأجر الأساسى للمرحوم المستشار مورث الطالبة، فإن المادة (14) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصـادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أن "تسرى الأحكام الخاصة بتقاعد مستشاري محكمة النقض على أعضاء المحكمة" وتنص المادة (70) من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 على أن "وفى جميع حالات انتهاء الخدمة يسوى معاش القاضى أو مكافأته على أساس آخر مربوط الوظيفة التى كان يشغلها أو آخر مرتب كان يتقاضاه أيهما أصلح له...."، وتنص المادة الرابعة من القانون رقم 79 لسنة 1975 بإصدار قانون التأمين الاجتماعى في فقرتها الأولى على أن "يستمر العمل بالمزايا المقررة في القوانين والأنظمة الوظيفية للمعاملين بكادرات خاصة".
وحيث إنه إذا كان من واجب القاضى نحو الدولة والمجتمع أن يُحسن الاضطلاع برسالته السامية التى تُلقى على كاهله أضخم الأعباء والمسئوليات وأن يلتزم في حياته ومسلكه – سواء في ذلك أثناء وجوده بالخدمة أو بعد تركها – النهج الذي يحفظ للقضاء هيبته ومكانته، فإن من واجب الدولة نحو القاضى أن تهيئ له أسباب الحياة الكريمة والمستوى اللائق الذى يعينه على النهوض بواجبه المقدس في ثقة واطمئنان، وأن تهيئ له كذلك معاشًا ومزايا تأمينية تكفل له المعيشة في المستوى ذاته الذى كان يعيش فيه أثناء وجوده بالخدمة، فالمزايا التأمينية بالنسبة لجميع أصحاب المعاشات - وبخاصة رجال القضاء – ضرورة اجتماعية بقدر ما هى ضرورة اقتصادية، وأن غايتها أن تؤمن المشمولين بها في مستقبل أيامهم عند تقاعدهم أو عجزهم أو مرضهم، من أجل ذلك خص المشرع القاضى بمعاملة تأمينية خاصة، ليكون الأصل في تسوية المعاش المستحق له، على أساس آخر مربوط الوظيفة التى يشغلها، أو آخر مرتب كان يتقاضاه أيهما أصلح له ودون حد أقصى، تطبيقًا لنص المادة (70) من قانون السلطة القضائية والذى جاء خلوًا من تحديد حد أقصى للمعاش المستحق للقاضى – وهو النص الذى ينظم تسوية المعاش المستحق لكل من رئيس المحكمة الدستورية العليا ونوابه وتحديد مستحقاتهم التأمينية، وذلك بحكم الإحالة المقررة بالمادة (14) من قانون المحكمة الدستورية العليا، ولا يسري عند تسوية المعاش المستحق لرئيس المحكمة الدستورية العليا ونوابه الحد الأقصى المنصوص عليه بالمادة (20) من قانون التأمين الاجتماعى، نزولًا على ما قررته المادة الرابعة من القانون رقم 79 لسنة 1975 السالف الذكر .
وحيث إن البادى من استقراء النظم المقارنة، أنها حرصت على تقرير معاملة مالية وتأمينية خاصة لرجال القضاء تتفق وما تمليه عليهم مناصبهم وأسلوب حياتهم من تكاليف وأعباء جسام، حيث نص البند الخامس من الباب الثامن والعشرين من قانون السلطة القضائية بالولايات المتحدة الأمريكية على أن "كل قاض يعمل بأى محكمة من المحاكم الأمريكية، ........، بعد بلوغه (70) عامًا يجوز له الاستقالة من منصبه والحصول على الراتب نفسه الذى كان يتقاضاه بموجب القانون وقت الاستقالة"، كما نص قانون المعاملة المالية للقضاة بجمهورية جنوب أفريقيا على استحقاق قضاة المحكمة الدستورية والمحكمة العليا بعد التقاعد معاشًا يساوى الراتب السنوى الذى كان يتقاضاه كل منهم في أعلى منصب شغله خلال مدة خدمته الفعلية التى يجب ألا تقل عن عشرين سنة.
وحيث إن الحق في المعاش – إذا توافر أصل استحقاقه وفقًا للقانون – ينهض التزامًا على الجهة التى تقرر عليها. وهو ما تؤكده قوانين التأمين الاجتماعى – على تعاقبها – إذ يتبين منها أن المعاش الذى تتوافر – بالتطبيق لأحكامها – شروط اقتضائه، عند انتهاء خدمة المؤمن عليه وفقًا للنظم المعمول بها، يعتبر التزامًا مترتبًا بنص القانون في ذمة الجهة المدينة. وإذا كان الدستور قد خطا بمادته السابعة عشرة خطوة أبعد في اتجاه دعم التأمين الاجتماعى، حين ناط بالدولة، أن تكفل لمواطنيها خدمات التأمين الاجتماعى بما في ذلك تقرير معاش لمواجهة بطالتهم أو عجزهم عن العمل أو شيخوختهم في الحدود التى بينها القانون، وكذا اعتباره أموال التأمينات والمعاشات أموالًا خاصة، وجعلها وعوائدها حقًّا للمستفيدين منها لتعود ثمرتها عليهم دون غيرهم، بما يكفل لكل مواطن المعاملة الإنسانية التى لا تُمتهن فيها آدميته، والتى توفر لحريته الشخصية مناخها الملائم، ولضمانة الحق في الحياة أهم روافدها، وللحقوق التى يمليها التضامن بين أفراد الجماعة التى يعيش في محيطها، مقوماتها، بما يؤكد انتماءه إليها، وتلك هى الأسس الجوهرية التى لا يقوم المجتمع بدونها، والتى تعتبر المادة (8) من الدستور الحالي مدخلًا إليها.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة جـرى على أن مؤدى نصى المادتين (2، 14) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، ونص الفقرة الأولى من المادة الرابعة من القانون رقم 79 لسنة 1975 بإصدار قانون التأمين الاجتماعى ونصوص المواد (19، 20، 31) من ذلك القانون، والمادة (70) من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972 المعدل بالقانون رقم 17 لسنة 1976، وقرار المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 3/3/1990، في طلب التفسير رقم 3 لسنة 8 قضائية، وجوب تسوية معاش الأجر الأساسى لرئيس المحكمة الدستورية العليا ومن في حكمه من أعضائها على أساس آخر مربوط الوظيفة التى كان يشغلها أو آخر مرتب أساسى كان يتقاضاه أيهما أصلح له.
وحيث إن الثابت بالأوراق أن المرحوم المستشار مورث الطالبة ينطبق في شأنه حكم المادة (70) من قانون السلطة القضائية، بما مؤداه أحقيته في تسوية معاشه عن الأجر الأساسي وفقًا لآخر مربوط الدرجة التى يشغلها أو آخر مرتب كان يتقاضاه عند بلوغه سن الستين أيهما أصلح له دون التقيد بأى حد أقصى، نزولًا على حكم المادتين (70 /1) من قانون السلطة القضائية، والرابعة من القانون رقم 79 لسنة 1975 بإصدار قانون التأمين الاجتماعي، وما جرى عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا ومحكمة النقض، ويدخل في هذا المرتب العلاوات الخاصة شاملة العلاوات التى لم تكن قد ضمت للمرتب الأساسى عند بلوغ سن الستين، والزيادات التى طرأت على المرتب الأساسي عند بلوغ السن المشار إليه، وإذ قامت الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى بتسوية معاش المرحوم المستشار مورث الطالبة على غير ذلك الأساس، فتكون تلك التسوية قد تمت بالمخالفة لحكم القانون، ويتعين القضاء بإلزامها بإعادة تسوية معاشه على النحو المشار إليه، بما يترتب على ذلك من آثار أخصها صرف الفروق المالية المستحقة له عن السنوات الخمس السابقة على تقديم الطلب المعروض
وحيث إنه عن طلب إعادة تسوية معاش المستشار مورث الطالبة عن الأجر المتغير فإن المادة (18 مكررًا) من قانون التأمين الاجتماعي الصـادر بالقانون رقـم 79 لسنة 1975 تنص على أن "يُستحق المعاش عن الأجر المتغير أيًّا كانت مدة اشتراك المؤمن عليه عن هذا الأجر وذلك متى توافرت في شأنه إحدى حالات استحقاق المعاش عن الأجر الأساسى".
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن أصل الحق في المعاش عن الأجر المتغير كان قد تقرر بمقتضى القانون رقم 47 لسنة 1984 بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 امتدادًا للحماية التأمينية لتشمل أجر المؤمن عليه بمختلف عناصره، وكان ما تغياه المشرع بذلك هو أن يوفر للمؤمن عليه معاشًا مناسبًا مقاربًا لما كان يحصل عليه من أجر أثناء خدمته، يفي باحتياجاته الضرورية بعد بلوغ سن التقاعد التى يتحقق عندها الخطر المؤمن منه، حيث اُستهلت المذكرة الإيضاحية لمشروع القانـون رقم 47 لسنة 1984 بالقول "حرصت الدولة منذ بدء تقريرها لنظام التأمين الاجتماعي على تحقيق وظيفة التأمينات الاجتماعية في ضمان الدخل المناسب لما كان يحصل عليه المؤمن عليه خلال فترة عمله، وإلى تجميع مدخراته بما يكفل حصوله على مبلغ من دفعة واحدة يواجه به احتياجاته والتزاماته الاجتماعية التي لم يستطع أجره الدوري وتبعًا لذلك معاشه الوفاء بها"
وحيث إن البند ثانيًا من الجدول رقم (1) والمرافق لقرار وزير المالية رقم 554 لسنة 2007 بشأن القواعد المنفذة لقانون التأمين الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 يقضى بأن يكون الحد الأقصى لأجر الاشتراك المتغير 6000 جنيه سنويًّا، 9000 جنيهًا سنويًّا للمؤمن عليه الذى يشغل منصب وزير ومن يعامل معاملة هذا المنصب من حيث المرتب والمعاش، وقد عمل بهذا القرار اعتبارًا من 1/10/2007، أول الشهر التالى لتاريخ نشره، طبقًا لنص المادة (269) من هذا القرار، وقضت المادة (1) من قرار وزير المالية رقم 359 لسنة 2008 بتعديل بعض أحكام قرار وزير المالية رقم 554 لسنة 2007 المشار إليه بأنه اعتبارًا من 1/7/2008، يكون الحد الأقصى لأجر الاشتراك المتغير 7500 جنيه سنويًّا و12000 جنيه سنويًّا للمؤمن عليه الذى يشغل منصب وزير ومن يعامل معاملة هذا المنصب من حيث المرتب والمعاش، وقضت المادة (2) من هذا القرار بأن يلغى كل حكم يخالف أحكامه، كما نصت المادة (3) منه على أن يعمل به من 1/7/2008، وقضت المادة الأولى من قرار وزير المالية رقم 346 لسنة 2009 بتعديل بعض أحكام قرار وزير المالية رقم 554 لسنة 2007 السالف الذكر بأنه اعتبارًا من 1/7/2009، يكون الحد الأقصى لأجر الاشتراك المتغير 9000 جنيه سنويًّا و18000 جنيه سنويًّا للمؤمن عليه الذى يشغل منصب وزير ومن يعامل معاملة هذا المنصب من حيث المرتب والمعاش، وقضت المادتان الثانية والثالثة من هذا القرار بأن يلغى كل حكم يخالف أحكام هذا القرار، ويعمل به اعتبارًا من 1/7/2009، وقضت المادة (1) من قرار وزير المالية رقم 364 لسنة 2010 بأنه "اعتبارًا من 1/7/2010 يكون الحد الأقصى لأجر الاشتراك المتغير 10800 جنيه سنويًّا و18000 جنيه سنويًّا للمؤمن عليه الذى يشغل منصب وزير ومن يعامل معاملة هذا المنصب من حيث المرتب والمعاش"، ونصت المادة (2) من هذا القرار على أن "يلغى كل حكم يخالف أحكام هذا القرار"، وقد عمل بهذا القرار اعتبارًا من 1/7/2010 طبقًا لنص المادة (3) من هذا القرار، ونصت المادة الأولى من قرار وزير المالية رقم 188 لسنة 2011 بتعديل بعض أحكام قرار وزير المالية رقم 554 لسنة 2007 المشار إليه على أن (يستبدل بعبارة "10800 جنيه" الواردة بالبند ثانيًا من الجدول رقم (1) المرافق لقرار وزير المالية رقم 554 لسنة 2007 المشار إليه عبارة "12600 جنيه")، وقد عمل بأحكام هذا القرار اعتبارًا من 1/7/2011 طبقًا لنص المادة الثانية من القرار المذكور، كما قضت المادة الأولى من قرار وزير التأمينات والشئون الاجتماعية رقم 102 لسنة 2012 بتعديل بعض أحكام قرار وزير المالية رقم 554 لسنة 2007 السالف البيان بأنه اعتبارًا من 1/7/2012 يكون الحد الأقصى لأجر الاشتراك المتغير بواقع 14400 جنيه سنويًّا، 21600 جنيه للمؤمن عليه الذى يشغل منصب وزير ومن يعامل معاملة هذا المنصب من حيث المرتب والمعاش، ويزاد الحد الأقصى المشار إليه بنسبة (15%) سنويًّا منه في بداية كل سنة ميلادية، ونصت المادة الثانية من هذا القرار على أن " يعمل به اعتبارًا من 1/7/2012، ويلغى كل حكم يخالف أحكام هذا القرار"
وأخيرًا قضت المادة الأولى من قرار وزير التضامن الاجتماعى رقم 74 لسنة 2013 بتعديل بعض أحكام قرار وزير المالية رقم 554 لسنة 2007 المشار إليه بأنه اعتبارًا من 1/1/2014 يكون الحد الأقصى لأجر الاشتراك المتغير بواقع 19080 جنيهًا سنويًّا، ويزاد الحد الأقصى في بداية كل سنة ميلادية بنسبة 15% من الحد الأقصى لهذا الأجر في نهاية السنة السابقة، وفى تحديد الحد الأقصى السنوي يراعى جبر الحد الأقصى الشهري إلى أقرب 10 جنيهات.
ويكون الحد الأقصى لأجر الاشتراك المتغير لمن يشغل منصب وزير ومن يعامل معاملة هذا المنصب من حيث المرتب والمعـاش 24840 جنيهًا سنويًّا، أو الحد الأقصى المشار إليه بالفقرة السابقة أيهما أكبر، ونصت المادة الثانية على أن " يُنشر هذا القرار في الوقائع المصرية ويُعمل به من 1/1/2014".
وحيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة، ومحكمة النقض والمحكمة الدستورية العليا قد استقر على أحقية أعضاء الهيئات القضائية، في تقاضى الحقوق التأمينية المقررة لهم، سواء في ذلك المعاش المستحق عن الأجر الأساسى أو عن الأجر المتغير، وذلك وفقًا للقواعد والأحكام المنظمة لذلك، والتى من بينها تلك المتعلقة بتحديد الحد الأقصى لأجر الاشتراك المتغير، والذى صدرت بشأنه العديد من القرارات منها القرار رقم 554 لسنة 2007 المشار إليه الذى حدد الحد الأقصى لأجر الاشتراك المتغير بـ 9000 جنيه سنويًّا، وذلك بالنسبة للمؤمن عليه الذى يشغل منصب وزير ومن يعامل معاملة هذا المنصب من حيث المرتب والمعاش، ثم أعقبه القرار رقم 359 لسنة 2008 المشار إليه الذى جعل الحد الأقصى لأجر الاشتراك المتغير بالنسبة لهذه الفئة 12000 جنيه سنويًّا اعتبارًا من 1/7/2008، ثم القرار رقم 346 لسنة 2009 السالف الذكر، الذى رفع الحد الأقصى للأجر المذكور إلى 18000 جنيه سنويًّا اعتبارًا من 1/7/2009، وقد أبقى القرار رقم 364 لسنة 2010، الذى عمل به اعتبارًا من 1/7/2010، والقرار رقم 188 لسنة 2011، المعمول به اعتبارًا من 1/7/2011، الحد الأقصى المذكور دون تغيير، ثم صدر القرار رقم 102 لسنة 2012 السالف البيان، الذى رفع الحد المشار إليه إلى 21600 جنيه سنويًّا اعتبارًا من 1/7/2012 على أن يزاد سنويًّا بنسبة 15% منه في بداية كل سنة ميلادية – ولقد سار قرار وزير التضامن الاجتماعى رقم 74 لسنة 2013 في الاتجاه ذاته حيث رفع الحد الأقصى لأجر الاشتراك المتغير ليصبح 24840 جنيهًا سنويًّا لمن يشغل منصب وزير ومن يعامل معاملة هذا المنصب من حيث المرتب والمعاش، وذلك رعاية من المشرع لهذه الطبقة من أصحاب المعاشات، وتكريمًا لهم بتوفير معاش مناسب يفى باحتياجاتهم في الحياة { حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 17149 لسنة 59 ق عليا بجلسة 9/11/2013، وحكم محكمة النقض الصادر بجلسة 13/5/2014 في الطعن رقم 222 لسنة 84 قضائية رجال قضاء} وأحكام المحكمة الدستورية العليا الصادرة في طلبات الأعضاء أرقام 2 لسنة 34 قضائية بجلسة 18/5/2014 و1 لسنة 32 قضائية و5 و6 لسنة 35 قضائية بجلسة 1/6/2014
      وحيث إن المادة (14) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أن "تسرى الأحكام الخاصة بتقاعد مستشارى محكمة النقض على أعضاء المحكمة" ولازم ذلك أن اكتمال تسوية المعاش عن الأجرين الأساسى والمتغير على وجهه الصحيح قانونًا بالنسبة لرئيس المحكمة الدستورية العليا ونوابه لا يتحقق إلا بعد التثبت من أن ربط المعاش المقرر لهم لا يقل عن نظرائهم من رؤساء محكمة النقض ونوابهم، وذلك تحقيقًا للعلة من النص السالف الذكر، وهو ما يتعين أن تلتزم به الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى.
      وحيث إنه متى كان ذلك، وكان المستشار مورث الطالبة قد شغل وظيفة رئيس المحكمة الدستورية العليا، ومن ثم فإنه يعامل معاملة الوزير من حيث المعاش المستحق له عن الأجرين الأساسى والمتغير، وفقًا لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة، وتبعًا لذلك يسرى في شأنه فيما يتعلق بمعاش الأجر المتغير ما ورد بالقرارات أرقام 554 لسنة 2007، 359 لسنة 2008، 346 لسنة 2009، 102 لسنة 2012، 74 لسنة 2013، بصرف النظر عن كونه قد توفى قبل التاريخ المحدد لكل منها، بحسبان هذه التواريخ وفقًا لما جرى عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا ومحكمة النقض لا تتعلق إلا بالتنفيذ وإعمال الأثر الفورى المباشر للقرارات المذكورة، وليس بتحديد فئة المخاطبين بأحكامهما، وأن القول بسريان أحكام هذه القرارات على من بلغ السن المذكورة بعد التاريخ المحدد بكل منها دون من سلفه، قول يعوزه الدليل ويجافى المنطق والقانون، ويؤدى إلى اختلاف المعاملة التأمينية بين أصحاب المعاشات الذين توفوا قبل بلوغهم السن المذكورة قبل تلك التواريخ، وبين أولئك الذين بلغوها بعدها، وذلك رغم اتحاد مراكزهما القانونية، وإنهما من أصحاب المعاشات الذين هم في أمس الحاجة إلى تحسين مستوى معيشتهم ومساعدتهم على مسايرة مجريات الحياة، ومثل هذا الاختلاف والمغايرة بين أصحاب المراكز القانونية الواحدة في قوانين المعاشات أمر غير جائز قانونًا منعًا للغبن ودرءًا للضرر {قضاء مستقر للمحكمة الإدارية العليا، ومنها الحكم الصادر في الطعن رقم 33179 لسنة 55 ق. عليا بجلسة 2/6/2012 وحكم محكمة النقض الصادر بجلسة 13/5/2014 في الطعن رقم 222 لسنة 84 قضائية رجال قضاء، وحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 1/8/2015 في الطلب رقم 2 لسنة 37 قضائية "طلبات أعضاء"}.
      متى كان ذلك، وكانت الهيئة المطعون ضدها قد قامت بتسوية معاش المستشار مورث الطالبة عن الأجر المتغير على خلاف ما سلف بيانه، فإن هذه التسوية تكون مخالفة لحكم القانون، الأمر الذى يتعين معه القضاء بأحقية المستشار مورث المدعية في طلب إعادة تسوية معاشه عن الأجر المتغير على أساس أحكام القرارات أرقام 554 لسنة 2007، 359 لسنة 2008، 346 لسنة 2009، 102 لسنة 2012، 74 لسنة 2013 إلى جانب سائر القواعد والأحكام المقررة أصلا في هذا الشأن، وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، عن السنوات الخمس السابقة على تقديم الطلب المعروض.
      وحيث إنه عن مكافأة نهاية الخدمة فإنه وفقًا للبند السابع من المادة (12) من القانون رقم 47 لسنة 1984 والذى ينص على أنه " لا تسرى الأحكام المنصوص عليها في قوانين خاصة في شأن حساب المكافأة " فإنه يتعين تسويتها وفقًا للقواعد التى تضمنتها المادة (30) من قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه والتي جرى نصها على أن " يستحق المؤمن عليه مكافأة متى توافرت إحدى حالات استحقاق المعاش أو تعويض الدفعة الواحدة، وتحسب المكافأة بواقع أجر شهر عن كل سنة من سنوات مدة الاشتراك في نظام المكافأة، ويقدر أجر حساب المكافأة بأجر حساب معاش الأجر الأساسي....."، متى كان ذلك وكان معاش المستشار مورث المدعية وعلى ما سلف بيانه يسوى على أساس آخر أجر أساسي كان يتقاضاه شاملًا العلاوات الخاصة، ومن ثم يتعين تسوية مكافأة نهاية الخدمة المستحقة له على أساس آخر أجر أساسي كان يتقاضاه مضافًا إليه العلاوات الخاصة دون التقيد بحد أقصى.
      وحيث إنه عن طلب إعادة حساب تعويض الدفعة الواحدة عن مدة الاشتراك الزائدة، فإن قانون السلطة القضائية قد خلا من أى أحكام تنظم هذا التعويض، ومن ثم فلا مناص من إعمال حكم المادة (26) من قانون التأمين الاجتماعي والتي تنص على أنه " إذا زادت مدة الاشتراك في التأمين على ست وثلاثين سنة أو القدر المطلوب لاستحقاق الحد الأقصى للمعاش الذى يتحمل به الصندوق أيهما أكبر، استحق المؤمن عليه تعويضًا من دفعة واحدة يقدر بواقع 15% من الأجر السنوي عن كل سنة من السنوات الزائدة " .
      وحيث إن الثابت بالأوراق أن مدة الاشتراك في التأمين للمستشار مورث الطالبة قد تجاوزت الستة والثلاثين عامًا، فمن ثم يتعين حساب تعويض الدفعة الواحدة المستحقة له طوعًا لحكم المادة (26) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975.
فلهذه الأسباب
      حكمت المحكمة :
أولًا :- بأحقية المستشار مورث الطالبة في إعادة تسوية معاشه عن الأجر الأساسي على أساس آخر مربوط الدرجة التي كان يشغلها أو آخر مرتب كان يتقاضاه عند وفاته مضافًا إليه العلاوات الخاصة أيهما أصلح له دون التقيد بحد أقصى.
ثانيًا :- بأحقية المستشار مورث الطالبة في إعادة تسوية معاشه عن الأجر المتغير على أساس أحكام قرارات وزير المالية أرقام 554 لسنة 2007، 359 لسنة 2008، 346 لسنة 2009، وقرار وزير التأمينات والشئون الاجتماعية رقم 102 لسنة 2012، وقرار وزير التضامن الاجتماعي رقم 74 لسنة 2013.
ثالثًا :- بسقوط الحق في المطالبة بالفروق المالية الناشئة عن إعادة تسوية المعاش المستحق عن الأجرين الأساسي والمتغير فيما جاوز السنوات الخمس السابقة على تقديم هذا الطلب.
رابعًا :- بأحقية المستشار مورث الطالبة في إعادة حساب مكافأة نهاية الخدمة المقررة لتكون على أساس آخر أجر أساسي كان يتقاضاه عند وفاته مضافًا إليه العلاوات الخاصة دون التقيد بحد أقصى، مع صرف الفروق المالية المترتبة على ذلك.
خامسًا :- بأحقية المستشار مورث الطالبة في حساب تعويض الدفعة الواحدة عن المدة الزائدة بنسبة 15% من الأجر السنوي عن كل سنة من السـنوات الزائدة على ست وثلاثين سنة، مع صرف الفروق المالية المترتبة على ذلك