الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 29 أغسطس 2014

الطعن 8569 لسنة 66 ق جلسة 8 / 7 / 1997 مكتب فني 48 ج 2 ق 205 ص 1089

جلسة 8 من يوليه سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ علي بدوى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ د. فتحي المصري نائب رئيس المحكمة، محمد برهام عجيز، عبد الله عمر وسيد الشيمي.

---------------

(205)
الطعن رقم 8569 لسنة 66 القضائية

(1 - 5) قضاة. "أسباب عدم الصلاحية". دعوى "دعوى المخاصمة". دفوع. نقض "أحكام محكمة النقض".
(1) عدم قيام سبب من أسباب رد القضاة أو تنحيتهم. أثره. المضي في نظر الدعوى.
(2) دعوى المخاصمة. فصل المحكمة في تعلق أوجه المخاصمة بالدعوى وجواز قبولها. أساسه. ما يرد في تقرير المخاصمة والمستندات المودعة معه والأدلة التي يرتكن إليها المخاصم. عدم جواز إبداء أسباب جديدة أو تقديم مستندات أخرى. م 495, 496 مرافعات.
(3) إقامة الدفع بعدم قبول دعوى المخاصمة على واقعة لا سند لها في الأوراق. أثره.
(4) أحكام محكمة النقض. عدم جواز تعييبها بأي وجه من الوجوه. وجوب احترامها فيما خلصت إليه أخطأت أم أصابت. علة ذلك.
(5) الأصل عدم مسئولية القاضي عما يصدر منه من تصرفات أثناء عمله. علة ذلك. الاستثناء. حالاته. م 494 مرافعات. الخطأ المهني الجسيم. ماهيته. تحصيل القاضي لفهم الواقع في الدعوى وتقديره للأدلة والمستندات فيها واستنباطه الحلول القانونية للمسألة المطروحة عليه ولو بالمخالفة لأحكام القضاء أو إجماع الفقهاء. خروجه عن دائرة الخطأ.
(6) نقض "أسباب الطعن: السبب الجديد".
التمسك بدلالة مستند لم يعرض على محكمة الموضوع. اعتباره من الأسباب الجديدة. عدم جواز إبدائه لأول مرة أمام محكمة النقض.
(7 - 9) قضاة "مخاصمة". مسئولية. محكمة المخاصمة.
(7) الأصل عدم خضوع القاضي قي نطاق عمله للمساءلة القانونية. الاستثناء. وروده على سبيل الحصر. م 494 مرافعات. مناطه.
(8) الغش والتدليس كسبب من أسباب المخاصمة. ماهيتهما.
(9) تقدير جسامة الخطأ واستظهار قصد الانحراف. من سلطة محكمة المخاصمة ما دامت أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
(10 - 12) دعوى "تكييف الدعوى". حكم "تسبيبه". نقض "سلطة محكمة النقض".
(10) تكييف الدعوى وإعطائها وصفها الحق. العبرة فيه بحقيقة المقصود من الطلبات المقدمة فيها وليس بالألفاظ التي تصاغ فيها هذه الطلبات.
(11) تسبيب الحكم. الغاية منه.
(12) لمحكمة النقض سلطة تحصيل الواقع في الدعوى وتكييفه على مقتضى القاعدة القانونية التي أخذت بها. عدم تقيدها في ذلك بالترتيب الوارد في صحيفة طعن المخاصم أو الألفاظ التي تصاغ بها عبارات الطعن.
(13) تنفيذ "وقف التنفيذ". نقض.
وقف التنفيذ. جوازي لمحكمة النقض. لا وجه لإلزامها بالفصل في طلبه استقلالاً عن الموضوع. م 251 مرافعات.
(14) تعويض "التعويض عن دعوى المخاصمة". مخاصمة. مسئولية.
طلب التعويض عن دعوى المخاصمة لدى محكمة المخاصمة. خضوعه للقاعدة العامة التي استنها المشرع لمساءلة من انحرف عن استعمال حق التقاضي.

-----------------
1 - لما كان ما أثاره وكيل المخاصم بشأن صلاحية الدائرة بتشكيلها الحالي لنظر الدعوى, لا يقوم به سبب من أسباب عدم الصلاحية المنصوص عليها في المادة 146 من قانون المرافعات والتي تجعل القاضي ممنوعاً من نظر الدعوى ولو لم يرده أحد الخصوم, إذ الجوهري أن يكون قد كشف عن اقتناعه برأي معين في الدعوى قبل الحكم فيها بما يتعارض مع ما يشترط فيه من خلو الذهن عن موضوع الدعوى. لما كان ذلك وكان المخاصم لم يتخذ الإجراءات التي نصت عليها المادة 153 من قانون المرافعات في شأن رد القضاة وكان تنحي القاضي عن نظر الدعوى من تلقاء نفسة بالتطبيق لنص المادة 150 من القانون المذكور مرده إلى ما يعتمل في ضميره وما يستشعره وجدانه دون رقيب عليه في ذلك. ومن ثم فلا جناح على المحكمة بتشكيلها الحالي إذا مضت في نظر الدعوى بعد, إذ لم يقم في حقها سبب من أسباب عدم الصلاحية ولو لم يتخذ المخاصم إجراءات الرد في مواجهة أحد أعضائها أو يستشعر أحدهم حرجاً في نظرها.
2 - لما كان النص في المادتين 495, 496 من قانون المرافعات مؤداه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الفصل في دعوى المخاصمة وهي في مرحلتها الأولى - مرحلة الفصل في تعلق أوجه المخاصمة بالدعوى وجواز قبولها - لا يكون إلا على أساس ما يرد في تقرير المخاصمة والمستندات المشفوعة به والأدلة التي يرتكن إليها المخاصم, وأنه لا يجوز للمخاصم في هذه المرحلة أن يبدي أسباباً جديدة أو أن يقدم أوراقاً ومستندات غير التي أودعها مع التقرير, فإن تقديم وكيل المخاصم شهادة برفع دعوى مخاصمة جديدة وطلب ضمها لهذه الدعوى يكون مخالفاً للقانون.
3 - النص في المادتين 495, 496/ 2 من قانون المرافعات مؤداه أن دعوى المخاصمة التي ترفع ضد أحد مستشاري محكمة النقض تكون بتقرير يودع قلم كتاب هذه المحكمة يوقعه المخاصم أو من يوكله في ذلك توكيلاً خاصاً وإذ كانت الدعوى قد رفعت بتقرير موقع من الأستاذ..... المحامي بصفته وكيلاً عن المخاصم وقد خلت الأوراق مما يدحض حصول هذا التوقيع أمام الموظف المختص بقلم كتاب محكمة النقض, وكان الأصل في الإجراءات أنها روعيت فإن الدفع يكون على غير أساس.
4 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة 272 من قانون المرافعات يدل على أن أحكام محكمة النقض لا يجوز تعيبها بأي وجه من الوجوه وهي واجبة الاحترام فيما خلصت إليه أخطأت أم أصابت باعتبار أن محكمة النقض هي قمة السلطة القضائية في سلم ترتيب المحاكم ومرحلة النقض هي خاتمة المطاف في مراحل التقاضي وأحكامها باتة لا سبيل إلى الطعن فيها.
5 - الأصل هو عدم مسئولية القاضي عما يصدر منه من تصرف أثناء عملة لأنه يستعمل في ذلك حقاً خوّله له القانون وترك له سلطة التقدير فيه ولكن المشرع رأى أن يقرر مسئوليته على سبيل الاستثناء إذا انحرف عن واجبات وظيفته وأساء استعمالها فنص في المادة 494 من القانون سالف الذكر على أحوال معينه أوردها على سبيل الحصر ومن بينها إذا وقع منه خطأ مهني جسيم وهو الخطأ الذي يرتكبه القاضي لوقوعه في غلط فاضح ما كان ليساق إليه لو اهتم بواجباته الاهتمام العادي أو لإهماله في عمله إهمالاً مفرطاً مما وصفته المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات السابق بالخطأ الفاحش الذي ينبغي أن يتردى فيه بحيث لا يفرق هذا الخطأ في جسامته عن الغش سوى كونه أوتي بحسن نية فيخرج عن دائرة هذا الخطأ تحصيل القاضي لفهم الواقع في الدعوى وتقديره للأدلة والمستندات فيها وكل رأي أو تطبيق قانوني يخلص إليه بعد إمعان النظر والاجتهاد في استنباط الحلول القانونية للمسألة المطروحة عليه ولو خالف في ذلك أحكام القضاء وإجماع الفقهاء.
6 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن التمسك بدلالة مستند لم يعرض على محكمة الموضوع يعتبر من الأسباب الجديدة التي لا يجوز التحدي بها لأول مرة أمام محكمة النقض.
7 - الأصل في التشريع أن القاضي غير خاضع في نطاق عمله للمساءلة القانونية لأنه يستعمل في ذلك حقاً خوّله له القانون وترك له سلطة التقديرية فيه ولكن المشرع رأى أن يقرر مسئوليته على سبيل الاستثناء إذا انحرف عن واجبات وظيفته وأساء استعمالها وحصرها في نطاق ضيق محكم بالنص على أسبابها في المادة 494 من قانون المرافعات وقد وازن المشرع بهذا التشريع بين حق القاضي في توفير الضمانات له فلا يتحسب في قضائه إلا وجه الحق ولا يهتز وجدانه من مظنة النيل منه أو يستنفد الجهد في الرد على من ظن الجور به وآثر الكيد له، وبين حق المتقاضي في الاطمئنان بأن قاضيه مقيد بالعدل في حكمه فإن جنح عنه لم تغلق الأبواب في وجهه فله أن ينزله منزلة الخصومة يدين بها قضائه ويبطل أثره، وهذا كله يجد حده الطبيعي في أن القضاء ولاية تقدير وأمانة تقرير وأن مجرد الخلاف أو الخطأ لا يسقط بهما منطق العدل وإنما يسقطه الجوار والانحراف في القصد.
8 - الشارع عدّ من أسباب المخاصمة الغش والتدليس ويقصد به انحراف القاضي في عمله عما يقتضيه واجب القانون قاصداً هذا الانحراف إيثاراً لأخذ الخصوم أو نكاية في آخر أو تحقيقاً لمصلحة خاصة للقاضي.
9 - لمحكمة المخاصمة السلطة التامة في تقدير جسامة الخطأ واستظهار قصد الانحراف طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة كافية لحمله.
10 - العبرة في تكييف الدعوى وإنزال الوصف الصحيح في القانون على وقائعها بحقيقة المقصود من الطلبات المقدمة فيها وليس بالألفاظ التي تصاغ فيها هذه الطلبات.
11 - النص في المادة 178 من قانون المرافعات المعدل بالقانون رقم 13 لسنة 1973 مؤداه أن الغاية الأساسية من تسبيب الحكم هي توفير الرقابة على عمل القاضي والتحقيق من حسن استيعابه لوقائع النزاع ودفاع طرفيه والوقوف على أسباب قضاء المحكمة فيه.
12 - لمحكمة النقض أن تحصل فهم الواقع في الدعوى من الأوراق والمستندات ثم تكيف هذا الواقع على مقتضى القاعدة القانونية التي أخذت بها غير في مقيدة في ذلك بالترتيب الوارد في صحيفة طعن المخاصم أو الألفاظ التي يصيغ بها عباراته.
13 - وقف التنفيذ طبقاً للمادة 251 من قانون المرافعات أمر جوازي لمحكمة النقض ولا وجه لإلزامها بالفصل في طلبه استقلالاً عن الموضوع.
14 - النص في المادة 499 من قانون المرافعات يدل على أن طلب التعويض عن دعوى المخاصمة لدى محكمة المخاصمة يخضع للقاعدة العامة التي استنها المشرع لمسائلة من انحراف عن استعمال حق التقاضي.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الأستاذ/ ......... المحامي وآخرين كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 591 لسنة 1993 كلي أحوال شخصية الجيزة ضد المخاصم وزوجته للحكم بالتفريق بينهما تأسيسا على أنه ولد لأسرة مسلمة ويشغل وظيفة أستاذ مساعد الدراسات الإسلامية والبلاغة بقسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة القاهرة وقد نشر كتباً وأبحاثاً ومقالات تتضمن كفراً صريحاً فيكون مرتداً مما يتعين معه التفريق بينه وبين زوجته وبتاريخ 27/ 1/ 1994 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى. استأنف المدعون هذا الحكم بالاستئناف رقم 287 لسنة 111 ق القاهرة وبتاريخ 14/ 6/ 1995 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف والتفريق بين المخاصم وزوجته فطعنا في هذا الحكم بطريق النقض بالطعنين رقميّ 475 و481 لسنة 65 ق أحوال شخصية، وطعنت فيه النيابة العامة بالطعن رقم 478 لسنة 65 ق أحوال شخصية. وبتاريخ 5/ 8/ 1996 قضت محكمة النقض برفض الطعون الثلاثة. رفع المخاصم دعوى المخاصمة الماثلة مخاصماً فيها رئيس وأعضاء دائرة الأحوال الشخصية بمحكمة النقض التي أصدرت هذا الحكم طالباً الحكم بتعلق أوجه المخاصمة بالدعوى وجواز قبولها وببطلان الحكم المذكور وإلزام السادة المستشارين المخاصمين بأن يؤدوا إليه مبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض المؤقت. أودع المخاصمون مذكرتين بالرد دفعوا في إحداهما بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني وطلبوا إلزام المخاصم بأن يؤدي لكل منهم جنيهاً واحداً على سبيل التعويض المؤقت، وإذ عرضت الدعوى على هذه الدائرة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظرها. وبجلسة 27/ 5/ 1997 قرر الحاضر عن المخاصم أن انسحاب رئيس الدائرة وعضو اليمين غير كاف لصلاحية الدائرة بنظر الدعوى لاحتمال سبق المداولة وتبادل الرأي فيها، وقدم شهادة من قلم كتاب هذه المحكمة مؤرخة 26/ 5/ 1997 برفع المخاصم دعوى المخاصمة رقم 2718 لسنة 67 ق ضد المخاصمين عن ذات الحكم محل المخاصمة الماثلة وطلب ضمها لهذه الدعوى. قدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم جواز المخاصمة.
وحيث إنه فيما أثاره وكيل المخاصم بشأن صلاحية الدائرة بتشكيلها الحالي لنظر الدعوى فإنه لا يقوم به سبب من أسباب عدم الصلاحية المنصوص عليها في المادة 146 من قانون المرافعات والتي تجعل القاضي ممنوعاً من نظر الدعوى ولو لم يرده أحد الخصوم, إذ الجوهري أن يكون قد كشف عن اقتناعه برأي معين في الدعوى قبل الحكم فيها بما يتعارض مع ما يشترط فيه من خلو الذهن عن موضوع الدعوى. لما كان ذلك، وكان المخاصم لم يتخذ الإجراءات التي نصت عليها المادة 153 من قانون المرافعات في شأن رد القضاة وكان تنحى القاضي عن نظر الدعوى من تلقاء نفسه بالتطبيق لنص المادة 150 من القانون المذكور مرده إلى ما يعتمل في ضميره وما يستشعره وجدانه دون رقيب عليه في ذلك. ومن ثم فلا جناح على المحكمة بتشكيلها الحالي إذا مضت في نظر الدعوى بعد, إذ لم يقم في حقها بسبب من أسباب عدم الصلاحية ولو لم يتخذ المخاصم إجراءات الرد في مواجهة أحد أعضائها أو يستشعر أحدهم حرجاً في نظرها. وفي خصوص تقديم وكيل المخاصم شهادة برفع دعوى مخاصمة جديدة وطلب ضمها لهذه الدعوى، فإنه لما كان مؤدى نص المادتين 495, 496 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الفصل في دعوى المخاصمة وهي في مرحلتها الأولى - مرحلة الفصل في تعلق أوجه المخاصمة بالدعوى وجواز قبولها - لا يكون إلا على أساس ما يرد في تقرير المخاصمة والمستندات المشفوعة به والأدلة التي يرتكن إليها المخاصم, وأنه لا يجوز للمخاصم في هذه المرحلة أن يبدي أسباباً جديدة أو أن يقدم أوراقاً ومستندات غير التي أودعها مع التقرير, فإن تقديم الشهادة سالفة البيان وضم الدعوى المبينة بها لهذه الدعوى يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من المخاصمين بعدم قبول الدعوى من أن تقرير المخاصمة لم يوقعه المخاصم أو وكيله أمام الموظف بقلم كتاب محكمة النقض.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأنه لما كان مؤدى نص المادتين 495, 496/ 2 من قانون المرافعات أن دعوى المخاصمة التي ترفع ضد أحد مستشاري محكمة النقض تكون بتقرير يودع قلم كتاب هذه المحكمة يوقعه المخاصم أو من يوكله في ذلك توكيلاً خاصاً وإذ كانت الدعوى قد رفعت بتقرير موقع من الأستاذ/ .... المحامي بصفته وكيلاً عن المخاصم وقد خلت الأوراق مما يدحض حصول هذا التوقيع أمام الموظف المختص بقلم كتاب محكمة النقض, وكان الأصل في الإجراءات أنها روعيت فإن الدفع يكون على غير أساس.
وحيث إن دعوى المخاصمة تقوم على سببين حاصل أولهما أن الحكم محل المخاصمة صدر من المخاصمين عن خطأ مهني جسيم من أربعة وجوه وفي بيان الأول والثالث والرابع منها يقول المخاصم أن الحكم محل المخاصمة عدل في قضائه عن ثلاثة مبادئ سبق أن قررتها محكمة النقض واستقر عليها قضاؤها دون إحالة الدعوى إلى الهيئة المختصة بالمخالفة لنص الفقرتين الثانية والثالثة من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية، وأن الحكم عابه التناقض إذ أيد حكم محكمة الاستئناف في قضائه بالتفريق بين المخاصم وزوجته بعد أن انتهى إلى ثبوت ردته دون استتابة باعتبار أن الاستتابة لا تؤثر في القضاء بالتفريق رغم أنها ضرورة لاستكمال توافر الردة فهي مسألة أولية للقضاء بالتفريق، وخرج الحكم عن ولايته عند نظر الطعن لأول مرة وخاض في الموضوع في غير الحالات التي يجيز فيها القانون ذلك وأورد أسباباً لقضائه لا تؤدي إلى ما انتهي إليه وتعرض لما أورده المخاصم بشأن تقسيم الأحاديث النبوية من ناحية ورودها وأورد بالنسبة لأحاديث الآحاد شروطاً غير صحيحة وخلط الحكم بين جريمة الردة وجريمة البغي ولم يرد على ما نعاه المخاصم من إغفال محكمة الاستئناف الرد على تقريريّ مجلسي كلية الآداب جامعة القاهرة وقسم اللغة العربية بها المتضمنين الإشادة بكتاباته التي عوّل عليها الحكم في قضائه بالردة بما يشكل خطأ مهنياً جسيماً.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة 272 من قانون المرافعات على أنه "لا يجوز الطعن في أحكام محكمة النقض بأي طريق من طرق الطعن" يدل على أن أحكام النقض لا يجوز تعيبها بأي وجه من الوجوه وهي واجبة الاحترام فيما خلصت إليه أخطأت أم أصابت باعتبار أن محكمة النقض هي قمة السلطة القضائية في سلم ترتيب المحاكم ومرحلة النقض هي خاتمة المطاف في مراحل التقاضي وأحكامها باتة لا سبيل إلى الطعن فيها، وكان الأصل هو عدم مسئولية القاضي عما يصدر منه من تصرف أثناء عمله لأنه يستعمل في ذلك حقاً خوله له القانون وترك له سلطة التقدير فيه ولكن المشرع رأى أن يقرر مسئوليته على سبيل الاستثناء إذ انحرف عن واجبات وظيفته وأساء استعمالها فنص في المادة 494 من القانون سالف الذكر على أحوال معينة أوردها على سبيل الحصر ومن بينها إذا وقع منه خطأ مهني جسيم وهو الخطأ الذي يرتكبه القاضي لوقوعه في غلط فاضح ما كان ليساق غليه لو اهتم بواجباته الاهتمام العادي أو لإهماله في عمله إهمالاً مفرطاً مما وصفته المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات السابق بالخطأ الفاحش الذي ينبغي أن يتردى فيه بحيث لا يفرق هذا الخطأ في جسامته عن الغش سوى كونه أوتي بحسن نية فيخرج عن دائرة هذا الخطأ تحصيل القاضي لفهم الواقع في الدعوى وتقديره وللأدلة والمستندات فيها وكل رأي أو تطبيق قانوني يخلص إليه بعد إمعان النظر والاجتهاد في استنباط الحلول القانونية للمسألة المطروحة عليه ولو خالف في ذلك أحكام القضاء أو إجماع الفقهاء. لما كان ذلك. وكان البيّن من الاطلاع على الحكم محل النعي أن المخاصمين لم يتعرضوا للفصل في موضوع المدعي ولم يتناولوا من الحكم المطعون فيه إلا ما تناولته أسباب الطعن في معرض قيامهم بإرساء حكم القانون حسبما ارتأوه صواباً على الوقائع كما أثبتتها محكمة الموضوع، فإن ما ينعاه المخاصم بهذه الأوجه من السبب الأول على حكم محكمة النقض الصادر بتاريخ 5/ 8/ 1966 لا يعتبر - أياً كان وجه الرأي فيه - خطأ مهنياً جسيماً مما يندرج ضمن أسباب المخاصمة المنصوص عليها تحديداً وحصراً في المادة 494 سالفة الذكر ومن ثم فإن النعي بهذه الوجوه يكون غير مقبول.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثاني من السبب الأول أن الحكم محل المخاصمة أغفل الرد على رأي مفتي الديار المصرية بوجوب استتابة المرتد قبل التفريق بينه بين زوجته، وإقرار المخاصم الموثق بالسفارة المصرية بهولندا بأنه مسلم وينطق بالشهادتين رغم أنه دفاع متعلق بالنظام العام.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن التمسك بدلالة مستند لم يعرض على محكمة الموضوع يعتبر من الأسباب الجديدة التي لا يجوز التحدي بها لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت الأوراق قد خلت مما يدل على سبق عرض المخاصم على محكمة الموضوع كتاب دار الإفتاء المؤرخ 6/ 3/ 1996 وإقراره الموثق بالسفارة المصرية بهولندا المؤرخ 3/ 3/ 1996 وكان هذا الدفاع غير متعلق بالنظام العام فإن التمسك بالدلالة المستمدة من هذين المستندين يعتبر من الأسباب الجديدة التي لا يجوز التحدي بها لأول مرة أمام محكمة النقض ومن ثم يكون الحكم محل المخاصمة مبرأ من أي خطأ ويكون النعي بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن المخاصم ينعي بالسبب على الحكم محل المخاصمة قصد النكاية وسوء النية وفي بيان ذلك يقول إنه بالإضافة إلى الأخطاء المهنية الجسيمة المبيّنة بأوجه النعي السالف بيانها فإن المخاصمين قد ترسموا في قضائهم خطة المطعون ضدهم في مذكرة دفاعهم وأغفلوا الترتيب الذي أورده المخاصم في صحيفة طعنه بما يكشف عن ربط فكري بينهم وبين المطعون ضدهم أكده قرار ضم طلب وقف التنفيذ إلى الموضوع بالمخالفة لنص المادة 251 من قانون المرافعات، واستخدموا ألفاظاً غير التي استخدمها دفاع المخاصم في عرض أوجه طعنه وهو ما يستدل منه على أن النية والحكم كانا مبيتين ضد المخاصم منذ البداية وأن الأسباب سطرت للدفاع عن وجهة النظر المسبقة مما يحق معه مخاصمتهم.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن الأصل في التشريع أن القاضي غير خاضع في نطاق عمله للمساءلة القانونية لأنه يستعمل في ذلك حقاً خوّله له القانون وترك له سلطة التقدير فيه ولكن المشرع رأى أن يقرر مسئوليته على سبيل الاستثناء إذا انحرف عن واجبات وظيفته وأساء استعمالها وحصرها في نطاق ضيق محكم بالنص على أسبابها في المادة 494 من قانون المرافعات وقد وازن المشرع بهذا التشريع بين حق القاضي في توفير الضمانات له فلا يتحسب في قضائه إلا وجه الحق ولا يهتز وجدانه من مظنة النيل منه أو يستنفد الجهد في الرد على من ظن الجور به وآثر الكيد له، وبين حق المتقاضي في الاطمئنان بأن قاضيه مقيد بالعدل في حكمه فإن جنح عنه لم تغلق الأبواب في وجهه فله أن ينزله منزلة الخصومة يدين بها قضائه ويبطل أثره. وهذا كله يجد حده الطبيعي في أن القضاء ولاية تقدير وأمانة تقرير وأن مجرد الخلاف أو الخطأ لا يسقط بهما منطق العدل وإنما يسقطه الجوار والانحراف في القصد. لما كان ذلك، وكان الشارع قد عدّ من أسباب المخاصمة الغش والتدليس ويقصد به انحراف القاضي في عمله عما يقتضيه واجب القانون قاصداًً هذا الانحراف إيثاراً لأحد الخصوم أو نكاية في آخر أو تحقيقا لمصلحة خاصة للقاضي، وكان لمحكمة المخاصمة السلطة التامة في تقدير جسامة الخطأ واستظهار قصد الانحراف طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة كافية لحمله، وكانت هذه المحكمة قد استعرضت في الرد على السبب الأول من سببيّ المخاصمة أوجه المخاصمة وأدلتها وانتهت في حدود سلطتها التقديرية إلى أن ما نسبه المخاصم فيها إلى المخاصمين لا يعتبر خطأً مهنياً جسيماً ولا ينهض دليلاً على توافر إحدى حالات المخاصمة، وكان ما ينعاه المخاصم على المخاصمين إغفالهم في قضائهم الترتيب الذي أورده في طعنه واستخدم ألفاظاً غير التي استخدمها وضم طلب وقف التنفيذ إلى الموضوع بالمخالفة لنص المادة 251 من القانون سالف الذكر بما يتوافر به سوء النية وقصد النكاية بالمخاصم غير صحيح، ذلك أن العبرة في تكييف الدعوى وإنزال الوصف الصحيح في القانون على وقائعها بحقيقة المقصود من الطلبات المقدمة فيها وليس بالألفاظ التي تصاغ فيها هذه الطلبات وأن مؤدى نص المادة 178 من قانون المرافعات المعدل بالقانون رقم 13 لسنة 1973 مؤداه أن الغاية الأساسية من تسبيب الحكم هي توفير الرقابة على عمل القاضي والتحقق من حسن استيعابه لوقائع النزاع ودفاع طرفيه والوقوف على أسباب قضاءه المحكمة فيه وأن لمحكمة النقض أن تحصل فهم الواقع في الدعوى من الأوراق والمستندات ثم تكيف هذا الواقع على مقتضى القاعدة القانونية التي أخذت بها غير مقيدة في ذلك بالترتيب الوارد في صحيفة طعن المخاصم أو الألفاظ التي يصيغ بها عباراته؛ لما كان ذلك، وكان وقف التنفيذ طبقاً للمادة 251 من قانون المرافعات أمر جوازياً لمحكمة النقض ولا وجه لإلزامها بالفصل في طلبه استقلالاً عن الموضوع وكانت الأوراق قد خلت من دليل أو مما يستظهر منه توافر الانحراف عن العدالة عن قصد وبسوء نية إيثاراً لأحد الخصوم أو نكاية في آخر أو تحقيقاً لمصلحة خاصة للمخاصمين فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين القضاء بعدم جواز المخاصمة وبتغريم المخاصم ألف جنيه عملاً بنص المادة 499 من القانون المذكور.
وحيث إنه عن التعويض المؤقت بناء على طلب المخاصمين فإن النص في المادة 499 من قانون المرافعات على أنه "إذا قضت المحكمة بعدم جواز المخاصمة أو برفضها حكم على الطالب بغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد على ألف جنيه وبمصادرة الكفالة مع التعويضات إن كان له وجه" يدل على أن طلب التعويض عن دعوى المخاصمة لدى محكمة المخاصمة يخضع للقاعدة العامة التي استنها المشرع لمساءلة من انحراف عن استعمال حق التقاضي؛ لما كان ذلك، وكان الثابت من تقرير المخاصمة أن المخاصم وهو يباشر حقه في المخاصمة قد انحرف عن السلوك المألوف للشخص العادي وحاد بهذا الحق عما وضع له بما رمى به المخاصمين بسوء نية وقصد النكاية وجسامة الخطأ مقترناً بسوء القصد وبأن أسباب الحكم سطرت للدفاع عن هذه النية وذلك الحكم المبيتين ضد المخاصم منذ البداية بما يتوافر به الخطأ التقصيري في حقه وإذ ترتب على هذا الخطأ ضرر أدبي لحق المتخاصمين يتمثل في الألم النفسي الذي أصابهم من جراء هذه الأمور التي نسبها إليهم المخاصم وهي أمور تجافي الحقيقة وتمس اعتبارهم وتنال من حيدتهم ومكانتهم في القضاء، فإنه يتعين القضاء لهم بالتعويض المطلوب.

الطعن 5208 لسنة 66 ق جلسة 8 / 7 / 1997 مكتب فني 48 ج 2 ق 204 ص 1083

جلسة 8 من يوليه سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمود شوقي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود الخضيري، أحمد الزواوي نائبي رئيس المحكمة، عبد الباسط أبو سريع ومندور شرف الدين.

---------------

(204 )
الطعن رقم 5208 لسنة 66 القضائية

(3 - 1) التزام "انقضاء الالتزام: الوفاء". هبه "الرجوع في الهبة". عقد. أحوال شخصية "الخطبة: هدايا الخطبة: المهر". إثبات "طرق الإثبات: الكتابة: البينة (عدم جواز الإثبات بالبينة )". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير العذر المبيح للرجوع في الهبة". حكم "عيوب التدليل: القصور: مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه".

 (1)هدايا الخطبة. من قبيل الهبات. حق الخاطب في استردادها. خضوعه لأحكام الرجوع في الهبة المقررة في القانون المدني.
 (2)
الرجوع في الهبة في حالة عدم قبول الموهوب له. شرطه. استناد الواهب إلى عذر يقبله القاضي وانتفاء المانع من الرجوع. سلطة محكمة الموضوع في تقدير العذر الذي يبيح للواهب الرجوع في الهبة متى أوردت في حكمها الأسباب السائغة الكافية لحمل قضائها. مثال بشأن صحة حكم باسترداد الشبكة لعدول الخطيبة عن الخطبة دون مسوغ.
 (3)
تسليم الخاطب مخطوبته - قبل العقد - مالاً محسوباً على المهر. تصرف قانوني يخضع في إثباته للقواعد العامة. تمسك الطاعن بعدم جواز إثبات دفع مبلغ المهر إلا بالكتابة. القضاء بجواز إثبات هذا التسليم بشهادة الشهود باعتباره واقعه مادية. مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه.

--------------
1 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الخطبة وإن كانت تمهيداً للزواج، وهو من مسائل الأحوال الشخصية، إلا أن الهدايا التي يقدمها أحد الخاطبين للآخر - ومنها الشبكة - إبان فترة الخطبة، ولا تعتبر من هذه المسائل لأنها ليست ركناً من أركان الزواج ولا شرطاً من شروط صحته، إذ يتم الزواج صحيحاً بدونها، ولا يتوقف عليها، ومن ثم يكون النزاع بشأن تلك الهدايا بعيداً عن المساس بعقد الزواج وما هو متعلق به ويخرج ذلك عن نطاق الأحوال الشخصية وتعتبر هذه الهدايا من قبيل الهبات، ويسري عليها ما يسري على الهبة من أحكام في القانون المدني وقد أورد هذا القانون أحكام الهبة باعتبارها عقداً مالياً كسائر العقود وأستمد أحكامها الموضوعية من أحكام الشريعة، ومن ثم فإن حق الخطاب في استرداد تلك الهدايا يخضع لأحكام الرجوع في الهبة الواردة في القانون المدني في المادة 500 وما بعدها.
2 - إذ كان يشترط للرجوع في الهبة - في حالة عدم قبول الموهوب له - أن يستند الواهب إلى عذر يقبله القاضي, وألا يوجد مانع من موانع الرجوع, وهذا العذر الذي يبيح للواهب الرجوع في الهبة من المسائل التقديرية التي تخضع لسلطة محكمة الموضوع ما دامت قد أوردت في حكمها الأسباب السائغة التي تكفي لحمل قضائها سواء في قبول ذلك العذر أو عدم قبوله, لما كان ذلك, وكانت محكمة الموضوع قد أعملت هذه المادة - 500 من القانون المدني - وانتهت إلى أحقية المطعون ضده في استرداد الشبكة التي قدمها لمخطوبته لما رأته - في حدود سلطتها التقديرية - وللأسباب السائغة التي أوردتها من أن العدول عن الخطبة كان بسبب إعراض الخطيبة وأبيها دون مسوغ عن السير في إتمام الزواج ومن توافر العذر المقبول الذي يبرر رجوع المطعون ضده في هبته فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
3 - لما كان الثابت بالأوراق أن الطاعن قد تمسك في المذكرة المقدمة منه لمحكمة الدرجة الأولى بتاريخ 12/ 6/ 1994 بعدم جواز إثبات دفع مبلغ المهر إلا بالكتابة عملاً بنص المادة 60 من قانون الإثبات وكان من المقرر أن تسليم الخاطب مخطوبته قبل العقد مالاً محسوباً على المهر يعتبر تصرفاً قانونياً يخضع في إثباته للقواعد العامة في الإثبات، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بجواز إثبات تسليم الخاطب لولي مخطوبته مبلغ المهر ومقدار عشرة آلاف جنيه بشهادة الشهود على سند من أن التسليم يعد واقعة مادية وليس تصرفاً قانونياً وأتخذ من أقوال الشهود في التحقيق الذي أجرته المحكمة عماداً لقضائه برد المهر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن - عن نفسه وبصفته ولياً طبيعياً على ابنته - ابتداءً الدعوى 393 لسنة 1993 أحوال شخصية مصر القديمة الجزئية وانتهى فيها إلى طلب الحكم بإلزامه برد الشبكة والمهر والهدايا المبيّنة بصحيفة الدعوى أو دفع قيمتها ومقدارها مبلغ سبعة عشر ألف جنيه ذلك أنه كان قد خطب ابنة الطاعن وقد لها الحلي الذهبية التي يُطلق عليها "الشبكة" وقيمتها 5000 جنيه وبعث لها بهدايا قيمتها 2000 جنيه كما سلم والدها مبلغ عشرة آلاف جنيه مهراً وإذ فوجئ بهما يعلنان عن رغبتهما في عدم إتمام الزواج ويمتنعان عن رد الشبكة والهدايا وما أداه من مهر فقد أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان وبتاريخ 7/ 2/ 1994 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة السويس الابتدائية حيث قيدت برقم 126 لسنة 1994. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد أن استمعت إلى شهود الطرفين حكمت بتاريخ 28/ 11/ 1995 بإلزام الطاعن برد الشبكة أو دفع قيمتها البالغة خمسة آلاف جنيه ورد المهر البالغ عشرة آلاف جنيه. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف 22 لسنة 19 ق الإسماعيلية "مأمورية السويس" وبتاريخ 10/ 4/ 1996 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون في الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه انتهي إلى تقرير أحقية المطعون ضده في استرداد الشبكة اكتفاءً بالقول بأن العدول عن الخطبة كان من جانب الخطيبة رغم أن لها العدول لأن الخطبة عقد غير لازم ومجرد العدول عنها لا يعتبر في حد ذاته عذراً مقبولاًً للرجوع في الهبة مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك بأن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الخطبة وإن كانت تمهيداً للزواج، وهو من مسائل الأحوال الشخصية، وإلا أن الهدايا التي يقدمها أحد الخاطبين للآخر - ومنها الشبكة - إبان فترة الخطبة، لا تعتبر من هذه المسائل لأنها ليست ركناً من أركان الزواج ولا شرطاً من شروط صحته، إذ يتم الزواج صحيحاً بدونها، ولا يتوقف عليها، ومن ثم يكون النزاع بشأن تلك الهدايا بعيداً عن المساس بعقد الزواج وما هو متعلق به ويخرج ذلك عن نطاق الأحوال الشخصية وتعتبر هذه الهدايا من قبيل الهبات، ويسري عليها ما يسري على الهبة من أحكام في القانون المدني وقد أورد هذا القانون أحكام الهبة باعتبارها عقداً مالياً كسائر العقود واستمد أحكامها الموضوعية من أحكام الشريعة الإسلامية، ومن ثم فإن حق الخطاب في استرداد تلك الهدايا يخضع لأحكام الرجوع في الهبة الواردة في القانون المدني في المادة 500 وما بعدها وإذ كان يشترط للرجوع في الهبة - في حالة عدم قبول الموهوب له - أن يستند الواهب إلى عذر يقبله القاضي وألا يوجد مانع من موانع الرجوع, وهذا العذر الذي يبيح للواهب الرجوع في الهبة من المسائل التقديرية التي تخضع لسلطة محكمة الموضوع ما دامت قد أوردت في حكمها الأسباب التي تكفي لحمل قضائها سواء في قبول ذلك العذر أو عدم قبوله, لما كان ذلك, وكانت محكمة الموضوع قد أعملت هذه المادة وانتهت إلى أحقية المطعون ضده في استرداد الشبكة التي قدمها لمخطوبته لما رأته - في حدود سلطتها التقديرية - وللأسباب السائغة التي أوردتها من أن العدول عن الخطبة كان بسبب إعراض الخطيبة وأبيها دون مسوغ عن السير في إتمام الزواج ومن توافر العذر المقبول الذي يبرر رجوع المطعون ضده في هبته فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إن ما ينعاه الطاعن بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ذلك أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بعدم جواز إثبات ادعاء المطعون ضده دفع مبلغ المهر إلا بالكتابة طبقاً لنص المادة 60 من قانون الإثبات إلا أن الحكم المطعون فيه خالف قواعد الإثبات وقضى بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ذلك بشهادة الشهود على سند أن تسليم المهر واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات ثم اتخذ من نتيجة التحقيق الذي أجرته المحكمة أساساً لقضائه بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه لما كان الثابت بالأوراق أن الطاعن قد تمسك في المذكرة المقدمة منه لمحكمة الدرجة الأولى بتاريخ 12/ 6/ 1994 بعدم جواز إثبات دفع مبلغ المهر إلا بالكتابة عملاً بنص المادة 60 من قانون الإثبات وكان من المقرر أن تسليم الخاطب مخطوبته قبل العقد مالاً محسوباً على المهر يعتبر تصرفاً قانونياً يخضع في إثباته للقواعد العامة في الإثبات، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بجواز إثبات تسليم الخاطب لولي مخطوبته مبلغ المهر ومقداره عشرة آلاف جنيه بشهادة الشهود على سند من أن التسليم يعد واقعة مادية وليس تصرفاً قانونياً وأتخذ من أقوال الشهود في التحقيق الذي أجرته المحكمة عماداً لقضائه برد المهر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث السبب الباقي من الطعن
.

الطعنان 503 و 516 لسنة 57 ق جلسة 8/ 7/ 1997 مكتب فني 48 ج 2 ق 203 ص 1075

جلسة 8 من يوليه سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمود شوقي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود الخضيري، أحمد الزواوي، سعيد شعله نواب رئيس المحكمة ومندور شرف الدين.

-------------

(203)
الطعنان رقما 503 و516 لسنة 57 القضائية

(1،2 ) حكم "الطعن في الحكم". نقض "الصفة في الطعن" "الخصوم في الطعن". استئناف. دعوى "الصفة في الدعوى". نظام عام.
(1)
وجوب رفع الطعن من المحكوم عليه بذات الصفة التي كان متصفاً بها في ذات الخصومة التي صدر بها الحكم المطعون فيه.
(2)
شروط قبول الطعن. تعلقها بالنظام العام. التزام المحكمة بالتحقق من توافرها من تلقاء نفسها
.
(5 - 3)
حراسة "حراسة إدارية". اختصاص "الاختصاص الولائي". إثبات "طرق الإثبات: الأوراق العرفية: إثبات التاريخ" دعوى "الصفة في الدعوى". دفوع "الدفع بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة". حكم "الطعن في الحكم". نقض "الصفة في الطعن" "الخصوم في الطعن". استئناف. بيع. عقد "انحلال العقد: الفسخ القضائي".
 (3)
محكمة القيم. اختصاص بالفصل في دعاوي فرض الحراسة. مؤدى ذلك. عدم اختصاصها بالدعاوي المتعلقة بالأموال التي لا تشملها الحراسة. الاعتداد بالتصرف الصادر من الخاضع إلى الغير. شرطه. أن يكون التصرف قد نفذ أو أن يكون ثابت التاريخ قبل صدور قرار المنع من التصرف أو صدور الحكم بفرض الحراسة.
 (4)
الحكم الصادر من محكمة أول درجة بفسخ عقد البيع الابتدائي المتعلق بالمال محل النزاع. اعتباره في حكم التصرف الثابت التاريخ في معنى المادة 15 إثبات. فرض الحراسة على المشتري - المحكوم عليه - أثناء نظر الاستئناف واختصام المدعي العام الاشتراكي فيه. لا يؤثر في بقاء حق المشتري في التقاضي بالنسبة لهذا المال وتحقق صفته في الطعن. الدفع بعدم قبول طعنه بالنقض لرفعه من غير ذي صفة. لا أساس له.
 (5)
النزاع الخاص بما لا تشمله الحراسة من الأموال. اختصاص المحاكم العادية بنظره. "مثال بشأن حكم بفسخ عقد بيع ابتدائي قبل فرض الحراسة على المشتري المستأنف
".
(6)
عقد "انحلال العقد: الفسخ القضائي". محكمة الموضوع "سلطتها بشأن الفسخ القضائي". بيع. عقد "انحلال العقد: الفسخ القضائي".
تقدير كفاية أسباب الفسخ أو عدم كفايتها ونفي التقصير عن طالب الفسخ أو إثباته من سلطة محكمة الموضوع متى أُقيم على أسباب سائغة. مثال بشأن عدم قبول نعي على حكم بفسخ عقد بيع.
(7)
نقض "أسباب الطعن: السبب الجديد".
دفاع لم يسبق به أمام محكمة الموضوع. سبب جديد لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.

-------------
1 - يلزم لصحة الطعن رفعه من المحكوم عليه بذات الصفة التي كان متصفاً بها في ذات الخصومة التي صدر بها الحكم المطعون فيه.
2 - لما كانت شروط قبول الطعن تتعلق بالنظام العام فيجب على المحكمة التحقق من توافرها من تلقاء نفسها.
3 - إذ كانت المادة 34 من القانون رقم 95 لسنة 1980 بإصدار قانون حماية القيم من العيب تنص على أن "تختص محكمة القيم دون غيرها بما يأتي أولاً:....... ثانياًً: كافة اختصاصات المحكمة المنصوص عليها في القانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب المقررة بالقانون المذكور......" وكانت هذه المحكمة تختص وفقاً للمادة العاشرة من القانون الأخير بالفصل في دعاوي فرض الحراسة ومن ثم يخرج عن اختصاصها الدعوى المتعلقة بالأموال التي تشملها الحراسة، وكانت المادة 18 من ذات القانون تنص على أنه "...... وكذلك لا تشمل الحراسة أي مال تصرف فيه الخاضع إلى الغير ولو لم يكن قد سجل متى كان هذا التصرف قد نفذ أو كان ثابت التاريخ قبل منع التصرف في المال....."، يدل على أن المشرع اشترط للاعتداد بالتصرف الصادر من الخاضع في هذه الحالة توافر أحد أمرين، أن يكون التصرف قد نفذ أو أن يكون ثابت التاريخ وذلك قبل صدور قرار المنع من التصرف أو حكم فرض الحراسة.
4 - لما كان الطاعن (المشتري) هو المحكوم عليه ابتدائياً وقام باستئناف الحكم وأثناء نظره فرضت الحراسة ومثل المدعي الاشتراكي بعد تعجيل الاستئناف من الانقطاع.... وكان الثابت من الأوراق أن محكمة أول درجة حكمت بتاريخ 18/ 3/ 1983 بفسخ عقد البيع الابتدائي المتعلق بالمال محل النزاع وكان هذا القضاء في حكم التصرف الثابت التاريخ - وفقاً للمادة 15 من قانون الإثبات - وكانت الحراسة قد فرضت بتاريخ 18/ 8/ 1984 أي في تاريخ لاحق على الحكم الابتدائي بفسخ العقد - ومن ثم فإن المال محله بمنأى عن نطاق الحكم المذكور ويظل للطاعن حق التقاضي بالنسبة له وتكون له بالتالي صفة في الطعن ولا يؤثر في ذلك اختصام المدعي العام الاشتراكي في الاستئناف ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة على غير أساس.
5 - لما كان الثابت بالأوراق أن المطعون ضدها باعت حصتها في المال الشائع للطاعن بتاريخ 22/ 9/ 1980 وأقامت عليه الدعوى بطلب الفسخ لعدم سداده باقي الثمن وقضى فيها بطلباته واستأنف الطاعن هذا الحكم قبل فرض الحراسة عليه، وكانت هذه المحكمة قد انتهت - على ما سلف بيانه - إلى أن المال محل النزاع الماثل ليس من بين الأموال التي تشملها الحراسة إعمالاً لحكم المادة 18 من القانون رقم 34 لسنة 1971 وبالتالي تختص المحاكم العادية بنظر النزاع الخاص به.
6 - من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تقدير كفاية أسباب الفسخ أو عدم كفايتها، ونفي التقصير عن طالب الفسخ أو إثباته هو من شأن محكمة الموضوع ولا دخل لمحكمة النقض فيه متى أقيم على أسباب سائغة، لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع قد اعتبرت أن التقصير من جانب المشتري دون البائعة إذ اتفق في عقد البيع موضوع النزاع على سداد باقي الثمن على دفعتين الأولى بعد شهرين من تاريخ العقد والباقي بعد التسجيل ولم يقدم الطاعن ما يفيد الوفاء بشيء من باقي الثمن فلا يكون ثمة تقصير من جانب المطعون ضدها (البائعة)، وكان هذا الذي ذكره الحكم سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق وكافياً لحمل قضائه، فإن النعي بالسببين يكون جدلاً فيما تستقل بتقديره محكمة الموضوع وتنحسر عنه رقابة محكمة النقض ويكون غير مقبول.
7 - إن ما ينعاه الطاعن بالسببين يقوم على دفاع لم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع ومن ثم يعتبر سبباً جديداً لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها في الطعنين أقامت الدعوى 5842 لسنة 1983 مدني الجيزة الابتدائية على الطاعن في الطعن 503 لسنة 57 ق بطلب الحكم بفسخ عقد البيع العرفي المؤرخ 22/ 9/ 1980 بالنسبة لنصيبها ومقداره 3 ط 1ف شائعاً في مساحة 12 ط 3 ف ذلك أن الطاعن أخل بالتزامه بسداد باقي الثمن - ومحكمة أول درجة حكمت في 18/ 3/ 1984 بالطلبات - استأنف المحكوم عليه هذا الحكم بالاستئناف 5635 لسنة 101 ق القاهرة - وأثناء نظر الاستئناف قرر الحاضر عنه بزوال صفته بفرض الحراسة على أمواله وقضت المحكمة بانقطاع سير الخصومة - ثم قامت المطعون ضدها بتعجيل الدعوى مختصمة المدعي العام الاشتراكي - الطاعن في الطعن 516 سنة 57 ق - الذي دفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الاستئناف إعمالاً لحكم المادة 34 من القانون رقم 95 لسنة 1980، بتاريخ 12/ 2/ 1986 قضت المحكمة برفض الدفع ثم قضت بتاريخ 17/ 12/ 1986 بالتأييد، طعن الخاضع للحراسة في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن 503 لسنة 57 ق، وطعن المدعي العام الاشتراكي بصفته بالطعن 516 لسنة 57 ق، وقدمت النيابة مذكرة في كل من الطعنين ودفعت في الطعن 503 لسنة 57 ق بعدم قبوله لرفعه من غير ذي صفة وأبدت فيهما الرأي بنقض الحكم وعُرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظرهما وفيها قررت ضمهما ليصدر فيهما حكم واحد والتزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى دفع النيابة العامة عدم قبول الطعن رقم 503 لسنة 57 ق المقام من الخاضع للحراسة لرفعه من غير ذي صفة أنه قضى في الاستئناف بانقطاع سير الخصومة لزوال صفته وصدر الحكم المطعون فيه ضد المدعي العام الاشتراكي بصفته حارساً على أمواله فلا يكون الطاعن بشخصه طرفاً في الحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد، ذلك أنه ولئن كان يلزم لصحة الطعن رفعه من المحكوم عليه بذات الصفة التي كان متصفاً بها في ذات الخصومة التي صدر بها الحكم المطعون ضده. إلا أنه لما كانت شروط قبول الطعن تتعلق بالنظام العام فيجب على المحكمة التحقق من توافرها من تلقاء نفسها، لما كان ذلك، وكان الطاعن هو المحكوم عليه ابتدائياً وقام باستئناف الحكم وأثناء نظره فرضت عليه الحراسة ومثل المدعي العام الاشتراكي بعد تعجيل الاستئناف من الانقطاع وكانت المادة 34 من القانون رقم 95 لسنة 1980 بإصدار قانون حماية القيم من العيب تنص على أن "تختص محكمة القيم دون غيرها بما يأتي أولاً:.... ثانياً: كافة اختصاصات المحكمة المنصوص عليها في القانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة وتأمين سلامة الشعب المقررة بالقانون المذكور....." وكانت هذه المحكمة تختص وفقاً للمادة العاشرة من القانون الأخير بالفصل في دعاوي فرض الحراسة ومن ثم يخرج عن اختصاصها الدعاوي المتعلقة بالأموال التي لا تشملها الحراسة، وكانت المادة 18 من ذات القانون تنص على أنه "..... وكذلك لا تشمل الحراسة أي مال تصرف فيه الخاضع إلى الغير ولو لم يكن قد سجل متى كان هذا التصرف قد نفذ أو كان ثابت التاريخ قبل منع التصرف في المال..."، يدل على أن المشرع اشترط للاعتداد بالتصرف الصادر من الخاضع في هذه الحالة توافر أحد أمرين، أن يكون التصرف قد نفذ أو أن يكون ثابت التاريخ وذلك قبل صدور قرار المنع من التصرف أو حكم فرض الحراسة. متى كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن محكمة أول درجة حكمت بتاريخ 18/ 3/ 1984 بفسخ عقد البيع الابتدائي المتعلق بالمال محل النزاع وكان هذا القضاء في حكم التصرف الثابت التاريخ - وفقاً للمادة 15 من قانون الإثبات - وكانت الحراسة قد فُرضت بتاريخ 18/ 8/ 1984 - أي في تاريخ لاحق على الحكم الابتدائي بفسخ العقد - ومن ثم فإن المال محله بمنأى عن نطاق الحكم المذكور ويظل للطاعن حق التقاضي بالنسبة له وتكون له بالتالي صفة في الطعن ولا يؤثر في ذلك اختصام المدعي العام الاشتراكي في الاستئناف ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة على غير أساس ويتعين لذلك رفضه.
وحيث إن الطعنين استوفياً أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه بالطعن 516 لسنة 57 ق والسبب الأول من الطعن 503 لسنة 57 ق مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم أخطأ برفض الدفع بعدم اختصاص القضاء العادي ولائياً بنظر النزاع لانعقاد الاختصاص به لمحكمة القيم لأنه من المنازعات الناشئة عن فرض الحراسة التي كانت تختص بها المحكمة المشكلة وفقاً للمادة العاشرة من القانون رقم 34 لسنة 1971، ولأن المطعون ضدها من ذوي الشأن الذين عنتهم المادة 22 من القانون سالف الذكر وجعلت لهم الحق في التظلم من فرض الحراسة إلى محكمة القيم وأن الحكم لصالحهم في هذا النزاع يخرج العقار من أموال الخاضع للحراسة الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان الثابت بالأوراق أن المطعون ضدها باعتا حصتها في المال الشائع للطاعن بتاريخ 22/ 9/ 1980 وأقامت عليه الدعوى بطلب الفسخ لعدم سداده باقي الثمن وقضى فيها بطلباتها واستأنف الطاعن هذا الحكم قبل فرض الحراسة عليه، وكانت هذه المحكمة قد انتهت - على ما سلف بيانه - إلى أن المال محل النزاع الماثل ليس من بين الأموال التي تشملها الحراسة إعمالاً لحكم المادة 18 من القانون رقم 34 لسنة 1971 وبالتالي تختص المحاكم العادية بنظر النزاع الخاص به، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد وافق صحيح القانون ويكون النعي عليه على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسببين الثاني والرابع من الطعن 503 لسنة 57 ق مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ذلك أن الطاعن تمسك في دفاعه بأنه يشترط للحكم بالفسخ في العقود الملزمة للجانبين أن يكون المتعاقد طالب الفسخ قد نفذ التزامه أو مستعد لذلك، وإذ لم تنفذ المطعون ضدها التزامها بنقل الملكية للطاعن فإن من حقه عدم الوفاء بكامل الثمن، وإذ رفض الحكم هذا الدفاع على سند من عدم تقديمه ما يفيد الوفاء بشيء من باقي الثمن فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تقدير كفاية أسباب الفسخ أو عدم كفايتها، ونفي التقصير عن طالب الفسخ أو إثباته هو من شأن محكمة الموضوع ولا دخل لمحكمة النقض فيه متى أقيم على أسباب سائغة، لما كان ذلك وكانت محكمة الموضوع قد اعتبرت أن التقصير من جانب المشتري دون البائعة إذ اتفق في عقد البيع موضوع النزاع على سداد باقي الثمن على دفعتين الأولى بعد شهرين من تاريخ العقد والباقي بعد التسجيل ولم يقدم الطاعن ما يفيد الوفاء بشيء من باقي الثمن فلا يكون ثمة تقصير من جانب المطعون ضدها (البائعة)، وكان هذا الذي ذكره الحكم سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق وكافياً لحمل قضائه، فإن النعي بالسببين يكون جدلاً فيما تستقل بتقديره محكمة الموضوع وتنحسر عنه رقابة محكمة النقض ويكون غير مقبول.
وحيث إن حاصل النعي بالسببين الثالث والخامس من الطعن 503 لسنة 57 ق مخالفة القانون لبطلان إعادة الإعلان أمام محكمة أول درجة لاختلاف ميعاد الحضور المثبت في رول القاضي عنه في محضر الجلسة، ولتأييد الحكم المطعون فيه حكم محكمة أول درجة بانفراد المطعون ضدها بمساحة 3 ط 1ف من مجموع المساحة المبيعة وما يوازيها من الثمن رغم خلو الأوراق من أن هذه المساحة هي حصتها في القدر المبيع الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن ما ينعاه الطاعن بالسببين يقوم على دفاع لم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع ومن ثم فإنه يعتبر سبباً جديداً لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن لما تقدم يتعين رفض الطعنين

الطعن 3859 لسنة 60 ق جلسة 10 / 7 / 1997 مكتب فني 48 ج 2 ق 207 ص 1107

جلسة 10 من يوليه سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم زغو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حماد الشافعي، إبراهيم الضهيري، مصطفى جمال الدين نواب رئيس المحكمة وجرجس عدلي.

-------------

(207)
الطعن رقم 3859 لسنة 60 القضائية

(1) هيئات. دعوى "الصفة في الدعوى". محاماة. شركات.
الإدارة القانونية بالهيئة العامة أو المؤسسة العامة أو الوحدة الاقتصادية. اختصاصها بالمرافعة ومباشرة الدعاوي والمنازعات المتعلقة بها أمام المحاكم. الاستثناء. ما يرى مجلس الإدارة وبناء على اقتراح إدارتها القانونية إحالته إلى هيئة قضايا الدولة أو إلى محامٍٍٍ خاص. لا يغير من ذلك ما نصت عليه المادة 12 من قرار وزير العدل رقم 569 لسنة 1977. علة ذلك.
(2) نقض "صحيفة الطعن بالنقض" "التوقيع على صحيفة الطعن". محاماة.
توقيع المحامي على صحيفة الطعن. ليس له وضع معين. م 253 مرافعات. الأصل افتراض صدور التوقيع ممن نسب إليه حتى يثبت العكس.
(3) استئناف "التوقيع على صحيفة الاستئناف". محاماة. شركات.
مخالفة قرار وزير العدل رقم 569 لسنة 1977 بتنظيم العمل بالإدارات القانونية للهيئات العامة ووحدات القطاع العام. لا يترتب عليه البطلان. التوقيع على صحيفة الاستئناف من أحد أعضاء الإدارة القانونية بالشركة الطاعنة. لا خطأ.

----------------
1 - النص في المادة الأولى والثالثة من القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الاختصاص بالمرافعة ومباشرة الدعاوي والمنازعات المتعلقة بها أمام المحاكم منوط بالإدارة القانونية في الجهة المنشأة فيها إلا ما يرى مجلس إدارة الهيئة العامة أو المؤسسة العامة أو الوحدة الاقتصادية وبناء على اقتراح إدارتها القانونية إحالته إلى هيئة قضايا الدولة لمباشرته أو إلى محامٍ خاص ولا يغير من ذلك ما نصت عليه المادة 12 من قرار وزير العدل رقم 569 لسنة 1977 بلائحة تنظيم العمل في الإدارات القانونية بالهيئات العامة وشركات القطاع العام من أن "يعرض مدير الإدارة القانونية على رئيس مجلس الإدارة الهيئة أو الشركة التي يعمل بها الدعاوي التي ترفع عليها من أحد أعضاء الإدارة القانونية أو منها ضد أحدهم وذلك لتقرير إحالتها إلى إدارة قضايا الحكومة لمباشرتها" فهو لا يعدو كونه إجراءً تنظيمياً لا يترتب بطلان على مخالفته.
2 - المادة 253 من قانون المرافعات لم تتطلب وضعاً معيناً في توقيع المحامي على صحيفة الطعن يكشف عن اسمه بوضوح وكان الأصل بالنسبة للتوقيع هو افتراض صدوره مما نسب إليه حتى يثبت العكس. وكان الثابت من صحيفة الطعن أنها صدرت من الأستاذ..... المفوض من مجلس إدارة الشركة الطاعنة في مباشرة الطعن بموجب التوكيل الصادر له من رئيس مجلس الإدارة والممثل القانوني لها فإن التوقيع المذيل به صحيفة الطعن أسفل عبارة وكيل الشركة الطاعنة فإنه يكون منسوباً إليه ومفترضاً صدوره منه.
3 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يترتب على مخالفة قرار وزير العدل رقم 569 لسنة 1977 بلائحة تنظيم العمل بالإدارات القانونية للهيئات العامة ووحدات القطاع العام وعلى نحو ما سلف بيانه أي بطلان. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى في قضائه إلى عدم قبول الاستئناف المرفوع من الطاعنة لأنه لم يرفع من هيئة قضايا الدولة وأنه أُقيم بصحيفة موقع عليها من أحد أعضاء الإدارة القانونية بها فإن يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 434 سنة 1989 عمال جنوب القاهرة على الطاعنة - شركة المحلات الصناعية للحرير والقطن - وطلبت الحكم بإلزامها بأن تؤدي لها مبلغ 739.850 جنيهاً وما يستجد بواقع مبلغ 33.330 جنيهاً شهرياً اعتباراً من 1/ 4/ 1989 وقالت بياناً لها إنه حكم لها في الدعوى رقم 1502 سنة 1987 عمال جنوب القاهرة بأحقيتها في الترقية لوظيفة مدير إدارة قانونية بالدرجة الأولى اعتباراً من 1/ 4/ 1984 مع ما يترتب على ذلك من آثار وبذلك تستحق الفرق بين بدل التمثيل والضيافة المقررين لمن يشغل هذه الوظيفة وبين بدل التمثيل وبدل التخصيص اللذين كانت تحصل عليهما في المدة من 1/ 4/ 1984 وحتى 31/ 3/ 1989 وما يستجد بواقع 33.333 جنيهاً شهرياً، ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 30/ 6/ 1989 بأحقية المطعون ضدها في بدل التمثيل وبدل التفرغ المقررين للدرجة الأولى اعتباراً من 1/ 4/ 1984 وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 1057 سنة 106 ق القاهرة، دفعت المطعون ضدها بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة وبتاريخ 20/ 6/ 1990 حكمت المحكمة بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن وفي الموضوع بنقضه. كما دفعت المطعون ضدها بعدم قبول الطعن لعدم توقيع صحيفته من أحد أعضاء هيئة قضايا الدولة وتوقيعها من محامٍ ذو مكتب خاص، بتوقيع غير مقروء. عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدي من النيابة أن التوكيل الصادر للمحامي المقرر بالطعن صادر من رئيس مجلس الإدارة دون أن يكون هناك تفويض له من مجلس إدارة الشركة الطاعنة بمباشرة هذا الطعن.
وحيث إن هذا الدفع غير صحيح، وذلك أن الثابت بالأوراق أن مجلس إدارة الشركة الطاعنة قد فوض بتاريخ 15/ 8/ 1990 المحامي الذي قرر بالطعن في مباشرة الطعن بالنقض على الحكم الصادر في الاستئناف رقم 1507 لسنة 106 ق القاهرة - موضوع الطعن - مما يكون معه الدفع على غير أساس.
وحيث إن حاصل الدفع المبدي من المطعون ضدها بعدم قبول الطعن وبطلان صحيفته أنها موقعة من محامٍ ذو مكتب خاص كانت الشركة قد تعاقدت معه لمباشرة بعض الدعاوي بناء على اقتراح الإدارة القانونية إعمالاً لنص المادة 3 من القانون رقم 47 لسنة 1973 في حين أنه منذ صدور قرار وزير العدل رقم 569 لسنة 1977 بلائحة تنظيم العمل في الإدارات القانونية بالهيئات العامة وشركات القطاع العام والصادرة بناء على التفويض التشريعي المنصوص عليه بالمادة الثامنة من القانون سالف البيان يتعين أن يعرض مدير الإدارة القانونية على رئيس مجلس الإدارة في الهيئة أو الشركة التي يعمل بها الدعاوي التي ترفع عليها من أعضاء الإدارة القانونية أو منها ضد أحدهم لتقرير إحالتها إلى هيئة قضايا الدولة لمباشرتها ومن ثم لا يجوز أن ينوب عنها في تلك الدعاوي سوى أحد أعضاء الهيئة المذكورة ولا يجوز أن ينوب عنها محام خاص وإذ كان الطعن قد رفع من محام ذو مكتب خاص وتم التوقيع على الصحيفة بتوقيع غير مقروء ومن ثم يكون الطعن غير مقبول لرفعه من غير ذي صفة فضلاً عن بطلان صحيفته.
وحيث إن هذا الدفع مردود في وجهه الأول ذلك أنه لما كان النص في المادة الأولى من القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات والوحدات التابعة لها على أن "الإدارات القانونية في المؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات الاقتصادية أجهزة معاونة للجهات المنشأة فيها وتقوم بأداء الأعمال القانونية اللازمة لحسن سير الإنتاج.... وتتولى الإدارة القانونية في الجهة المنشأة ممارسة الاختصاصات التالية: - أولاً المرافعة ومباشرة الدعاوي والمنازعات أمام المحاكم وهيئات التحكيم ولدى الجهات الإدارية ذات الاختصاص القضائي ومتابعة تنفيذ الأحكام....." والنص في المادة الثالثة من ذات القانون على أن "...... كما يجوز لمجلس إدارة الهيئة أو المؤسسة العامة أو الوحدة التابعة لها بناء على اقتراح إدارتها القانونية إحالة بعض الدعاوي والمنازعات التي تكون المؤسسة أو الهيئة أو إحدى الوحدات الاقتصادية التابعة لها طرفاً فيها إدارة قضايا الحكومة لمباشرتها, أو التعاقد مع مكاتب المحامين الخاصة لمباشرة بعض الدعاوي والمنازعات بسبب أهميتها" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الاختصاص بالمرافعة ومباشرة الدعاوي والمنازعات المتعلقة بها أمام المحاكم منوط بالإدارة القانونية في الجهة المنشأة فيها إلا ما يرى مجلس إدارة الهيئة العامة أو المؤسسة العامة أو الوحدة الاقتصادية وبناء على اقتراح إدارتها القانونية إحالته إلى هيئة قضايا الدولة لمباشرته أو إلى محام خاص. ولا يغير من ذلك ما نصت عليه المادة 12 من قرار وزير العدل رقم 569 لسنة 1977 بلائحة تنظيم العمل في الإدارات القانونية بالهيئات العامة وشركات القطاع العام من أن "يعرض مدير الإدارة القانونية على رئيس مجلس الإدارة الهيئة أو الشركة التي يعمل بها الدعاوي التي ترفع عليها من أحد أعضاء الإدارة القانونية أو منها ضد أحدهم وذلك لتقرير إحالتها إلى إدارة قضايا الحكومة بمباشرتها" فهو لا يعدو كونه إجراءً تنظيمياً لا يترتب بطلان على مخالفته، والدفع مردود في مواجهة الثاني ذلك أن المادة 253 من قانون المرافعات لم تتطلب وضعاً معيناً في توقيع المحامي على صحيفة الطعن يكشف عن اسمه بوضوح وكان الأصل بالنسبة للتوقيع هو افتراض صدوره مما نسب إليه حتى يثبت العكس. وكان الثابت من صحيفة الطعن أنها صدرت من الأستاذ/ ..... المفوض من مجلس إدارة الشركة الطاعنة في مباشرة الطعن بموجب التوكيل الصادر له من رئيس مجلس الإدارة والممثل القانوني لها فإن التوقيع المذيلة به صحيفة الطعن أسفل عبارة "وكيل الشركة الطاعنة" فإنه يكون منسوباً إليه ومفترضاً صدوره منه بما يكون الدفع برمته على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفى بيان ذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة تأسيساً على أن صحيفة الاستئناف لم توقع من أعضاء هيئة قضايا الدولة المنوط بها وحدها مباشرة الدعاوي التي تُرفع من أحد أعضاء الإدارات القانونية على الجهة المنشأة بها أو من الجهات التي يعملون بها عليهم وأن صحيفة الاستئناف موقعة من أحد أعضاء الإدارة القانونية بالشركة وهو ما لا يجوز في حين أن الأصل أن الاختصاص بالمرافعة ومباشرة الدعاوي منوط بتلك الإدارات القانونية وأن إحالة الدعاوي التي ترفع من أعضاء الإدارات القانونية على الجهات التي يعملون بها أو منها عليهم أمراً جوازياً لمجلس إدارة الشركة بناء على اقتراح من الإدارة القانونية بما يكون معه الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يترتب على مخالفة قرار وزير العدل رقم 569 لسنة 1977 بلائحة تنظيم العمل بالإدارات القانونية للهيئات العامة ووحدات القطاع العام - وعلى نحو ما سلف بيانه أي بطلان. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه وقد انتهى في قضائه إلى عدم قبول الاستئناف المرفوع من الطاعنة لأنه لم يرفع من هيئة قضايا الدولة وانه أُقيم بصحيفة موقع عليها من أحد أعضاء الإدارة القانونية بها فإن يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن على أن يكون مع النقض الإحالة.

الطعن 2375 لسنة 59 ق جلسة 10 / 7 / 1997 مكتب فني 48 ج 2 ق 206 ص 1102

جلسة 10 من يوليه سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم زغو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حماد الشافعي، إبراهيم الضهيري، مصطفى جمال الدين نواب رئيس المحكمة وجرجس عدلي.

-----------------

(206)
الطعن رقم 2375 لسنة 59 القضائية

(1) عمل "بنك التنمية والائتمان الزراعي" "سلطة جهة العمل".
مجلس إدارة البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي هو السلطة العليا المهيمنة على شئون البنك وتصريف أموره. مؤداه. اختصاصه بوضع اللوائح الداخلية المتعلقة بنظام العاملين بالبنك الرئيسي والبنوك التابعة له. المادتان 1، 11 ق 117 لسنة 1976.
(2) عمل "العاملون ببنك التنمية والائتمان الزراعي". "ترقية". "الترقية للوظائف الإشرافية".
ترقية العاملين ببنوك التنمية والائتمان الزراعي. خضوعها لنظاميّ الاختيار والأقدمية. الترقية للوظائف الإشرافية تمامها بالاختيار بنسبة 100% وبالنسبة لباقي الوظائف تكون بالأقدمية بنسبة 25% وبالاختيار بنسبة 75%. المفاضلة بين المرشحين في نطاق الترقية بالاختيار أساسها الكفاية بحصول العامل على مرتبة جيد جداً في الثلاث سنوات الأخيرة. لجهة العمل قصر تقارير الكفاية على السنتين الأخيرتين مع التقيد بالأقدمية في ذات مرتبة الكفاية.

----------------
1 - مؤدى نص المادتين 1، 11 من القانون رقم 117 لسنة 1976 في شأن البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي أن تحول المؤسسة المصرية العامة للائتمان الزراعي والتعاوني إلى هيئة عامة قابضة لها شخصية اعتبارية مستقلة تسمى البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي وأن تتبع بنوك التسليف الزراعي والتعاوني بالمحافظات والمنشأة وفقاً لأحكام القانون رقم 105 لسنة 1964 البنك الرئيسي وتسمى بنوك التنمية الزراعية وتتولي تحقيق أغراض البنك الرئيسي في النطاق الذي يحدد لها ويكون مجلس إدارة البنك الرئيس هو السلطة العليا المهيمنة على شئون وتصريف أموره ويكون له جميع السلطات اللازمة للقيام بالأعمال التي تقتضيها أغراض البنك ومنها الموافقة على مشروعات اللوائح المتعلقة بنظام العاملين بالبنك الرئيسي أو البنوك التابعة له ومرتباتهم وأجورهم والمكافآت والمزايا والبدلات الخاصة وتحديد فئات بدل السفر لهم في الداخل والخارج وكان مجلس إدارة البنك الرئيسي قد أصدر بموجب هذه السلطة قراراً بلائحة نظام العاملين بالبنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي والبنوك التابعة والصادرة في 23/ 3/ 1985.
2 - مفاد نص المادتين 60، 61 من لائحة نظام العاملين بالبنك الرئيسي للتنمية والائتمان التابعة له والصادرة في 23/ 3/ 1985 أن ترقيات العاملين ببنوك التنمية والائتمان الزراعي تخضع لنظاميّ الترقية بالاختيار والأقدمية وتتم الترقية للوظائف الإشرافية بالاختيار بنسبة 100% وباقي الوظائف تكون الترقية بالأقدمية بنسبة 25% وبالاختيار بنسبة 75% وأنه في نطاق الترقية بالاختيار تكون المفاضلة بين المرشحين على أساس الكفاية والتي حددتها اللائحة بحصول العامل على تقارير كفاية بمرتبة جيد جداً على الأقل في الثلاث سنوات الأخيرة ويجوز للسلطة المختصة قصرها على السنتين الأخيرتين وذلك مع التقيد بالأقدمية في ذات مرتبة الكفاية. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن من تمت ترقيتهم للدرجة المطالب بها قد استوفوا شرط الكفاية وأنهم أقدم من المطعون ضده في الدرجة السابقة وبالتالي فلا يستحق الترقية في التاريخ المطالب به وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 1108 لسنة 1988 عمال دمنهور الابتدائية على الطاعن - بنك التنمية والائتمان الزراعي بالبحيرة - بطلب الحكم بأحقيته في الترقية إلى الدرجة الثالثة ج اعتباراً من 2/ 5/ 1985 وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، وقال بياناً لها إنه من العاملين بالبنك والذي أجرى حركة ترقيات في 2/ 5/ 1985 لو تشمله وقام بترقية من هم أحدث منه فأقام الدعوى بطلباته سالفة البيان. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 19/ 11/ 1988 للمطعون ضده بطلباته. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 163 لسنة 44 ق الإسكندرية - مأمورية دمنهور - وبتاريخ 12/ 4/ 1989 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إنه طبقاً للائحة البنك الصادرة نفاذاً للقانون رقم 117 لسنة 1976 فإن الترقية تتم بالاختيار على أساس آخر تقريرين سابقين على حركة الترقيات مع التقيد بالأقدمية وإذ كانت أقدمية المقارن به تسبق أقدمية المطعون ضده فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضائه بترقيته تأسيساً على أنه أفضل من المقارن به في تقرير الكفاية في السنة السابقة عن السنتين الأخيرتين ولم يتقيد بالأقدمية في ذات مرتبة الكفاية يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن مؤدى نص المادتين 1، 11 من القانون رقم 117 لسنة 1976 في شأن البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي أن تحول المؤسسة المصرية العامة للائتمان الزراعي والتعاوني إلى هيئة عامة قابضة لها شخصية اعتبارية مستقلة تسمى البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي، وأن تتبع بنوك التسليف الزراعي والتعاوني بالمحافظات والمنشأة وفقاً لأحكام القانون رقم 105 لسنة 1964 البنك الرئيسي وتسمى بنوك التنمية الزراعية وتتولي تحقيق أغراض البنك الرئيسي في النطاق الذي يحدده لها ويكون مجلس إدارة البنك الرئيسي هو السلطة العليا المهيمنة على شئون وتصريف أموره ويكون له جميع السلطات اللازمة للقيام بالأعمال التي تقتضيها أغراض البنك ومنها الموافقة على مشروعات اللوائح الداخلية المتعلقة بالشئون المالية والإدارات وإصدار اللوائح المتعلقة بنظام العاملين بالبنك الرئيسي أو البنوك التابعة له ومرتباتهم وأجورهم والمكافآت والمزايا والبدلات الخاصة وتحديد فئات بدل السفر لهم في الداخل والخارج وكان مجلس إدارة البنك الرئيسي قد أصدر بموجب هذه السلطة قراراًً بلائحة نظام العاملين بالبنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي والبنوك التابعة له والصادرة في 23/ 3/ 1985 وقد نصت المادة 60 منها على أنه: - "تكون الترقية إلى وظيفة خالية وممولة بالمجموعة النوعية التي ينتمي إليها العامل. وتكون الترقية إلى وظيفة أعلى من الوظيفة التي تسبقها مباشرة في سلم ترتيب الوظائف بالربط الأدنى. ويشترط للترقية أن يكون العامل مستوفياً لشروط شغل الوظيفة المرقى إليها طبقاً لبطاقات وصف الوظائف..... بالإضافة إلى توافر القواعد والضوابط والمعايير الخاصة بالترقية وفقاً لأحكام هذا النظام وما تقرره السلطة المختصة من ضوابط ومعايير تكميلية بما يتفق مع أهمية الوظيفة المطلوب شغلها ومسئولياتها وواجباتها وكفاءة المرشح لشغلها......" كما نصت المادة 61 من ذات اللائحة على أنه: - تكون الترقية إلى وظائف المجموعات النوعية المختلفة بالاختيار، والجدارة هي الأساس في الاختيار لجميع الوظائف الإشرافية. ويجوز بموافقة مجلس إدارة البنك الرئيسي تحديد نسب معينة لا تزيد عن 25% من الوظائف الخالية للترقية بالأقدمية، وفقاً للقواعد التي يقررها من غير الوظائف الإشرافية والوظائف المقررة لها بدل تمثيل. ويشترط للترقية بالاختيار أن تكون درجة كفاية العامل في الثلاث سنوات الأخيرة بمرتبة جيد جداً على الأقل ويجوز للسلطة المختصة قصرها على السنتين الأخيرتين فقط، مع التقيد بالأقدمية في ذات مرتبة الأولوية إذا توافرت في أكثر من عامل شروط شغل الوظيفة والصلاحية والضوابط والمعايير التي تضعها السلطة المختصة......" مما مفاده أن ترقيات العاملين ببنوك التنمية والائتمان الزراعي تخضع لنظامي الترقية بالاختيار والأقدمية وتتم الترقية للوظائف الإشرافية بالاختيار بنسبة 100% وباقي الوظائف تكون الترقية بالأقدمية بنسبة 25% وبالاختيار بنسبة 75% وأنه في نطاق الترقية بالاختيار تكون المفاضلة بين المرشحين على أساس الكفاية والتي حددتها اللائحة بحصول العامل على تقارير الكفاية بمرتبة جيد جداً على الأقل في الثلاث سنوات الأخيرة ويجوز للسلطة المختصة قصرها على السنتين الأخيرتين وذلك مع التقيد بالأقدمية في ذات مرتبة الكفاية. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن من تمت ترقيتهم للدرجة المطالب بها قد استوفوا شرط الكفاية وأنهم أقدم من المطعون ضده في الدرجة السابقة وبالتالي فلا يستحق الترقية في التاريخ المطالب به وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين القضاء في موضوع الاستئناف رقم 163 لسنة 44 ق الإسكندرية "مأمورية دمنهور" بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى.

الطعن 4338 لسنة 61 ق جلسة 12 / 7 / 1997 مكتب فني 48 ج 2 ق 208 ص 1114

جلسة 12 من يوليه سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ د. رفعت محمد عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد العزيز محمد, محمد درويش، عبد المنعم دسوقي نواب رئيس المحكمة وأحمد الحسيني.

----------------

(208)
الطعن رقم 4338 لسنة 61 القضائية

(1 -3) ملكية. محكمة الموضوع "سلطتها بالنسبة لتقدير التعسف والغلو في استعمال المالك لحقه".
(1) الأصل. عدم جواز حرمان مالك الشيء من حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه. الاستثناء. الأحوال التي يقررها القانون. المادتان 802، 805 مدني.
(2) استعمال المالك لحقه دون انحراف عن السلوك المألوف للشخص العادي. خلوه من نية الأضرار بالغير في إحدى الصور التي أوردتها المادة الخامسة من القانون المدني. أثره. عدم اعتباره مسيئاً في هذا الاستعمال. لا وجه للاعتداد بالاعتبارات الإنسانية المجردة.
(3) تقدير التعسف والغلو في استعمال المالك لحقه. استقلال محكمة الموضوع به. شرطه. إقامة قضائها على أسباب سائغة كافية لحمله ومؤدية إلى النتيجة التي انتهت إليها.
(4) تقادم "التقادم المكسب: التقادم الخمسي". حيازة "الحيازة المكسبة للملكية". ملكية "أسباب كسب الملكية: وضع اليد المكسب للملكية".
اكتساب ملكية العقار بالتقادم الخمسي م 969 مدني. شرطه. وضع اليد عليه مدة خمس سنوات متتالية بحسن نية وبسبب صحيح. السبب الصحيح. ماهيته.
(5) ملكية. عقد.
الأصل عدم نفاذ العقود إلا في حق عاقديها. عدم التزام صاحب الحق بما يصدر عن غيره من تصرفات بشأنها. الوضع الظاهر. قاعدة واجبة الإعمال متى توافرت موجبات إعمالها واستوفت شرائط تطبيقها. مؤداها. اعتبار التصرف المبرم بعوض بين صاحب الوضع الظاهر والغير حسن النية نافذاًً في مواجهة صاحب الحق متى أسهم الأخير بخطئه - سلباً أو إيجاباً - في ظهور المتصرف على الحق بمظهر صاحبه.
(6) مساجد "شروط المسجدية".
ثبوت المسجدية للمكان. شرطه. إنشاء بناء على أرض مملوكة للغير دون رضاه وإقامة مسجد أسفل هذا البناء. مؤداه. عدم ثبوت المسجدية له.

----------------
1 - النص في المادة 802 من القانون المدني على أن "لمالك الشيء وحده في حدود القانون حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه" وفي المادة 805 منه على أنه: - "لا يجوز أن يحرم أحد من ملكه إلا في الأحوال التي يقررها القانون...." مفاده أنه لا يجوز حرمان مالك الشيء من حق استعمال واستغلال والتصرف في ملكه إلا في الأحوال التي يقررها القانون.
2 - المقرر وفقاً لما ورد بالمادة الرابعة من القانون المدني أن من استعمل حقه استعمالاً مشروعاً لا يكون مسئولاً عما ينشأ عن ذلك من ضرر بغيره وأن ما أوردته المادة الخامسة من قيد على هذا الأصل - إعمالاًً لقاعدة إساءة استعمال الحق - متمثلاً في أحد معايير ثلاثة يجمع بينها ضابط مشترك هو نية الإضرار سواء في صورة تعمد الإساءة إلى الغير دون نفع يعود على صاحب الحق من الاستعمال، أو في صورة استهانة بما يحيق بذلك الغير من ضرر جسيم تحقيقاً لنفع يسير يجنيه صاحب الحق، أو إذا كانت المصالح التي يرمي الأخير إلى تحقيقها غير مشروعة وهو ما ينأى بتلك القاعدة عن الاعتبارات الإنسانية المجردة، وعلى ذلك فإنه لا يسوغ اعتبار استعمال المالك لحقه دون انحراف عن السلوك المألوف للشخص العادي الذي يخلو من نية الإضرار بالغير في إحدى صوره السابقة مسيئاً.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تقدير التعسف والغلو في استعمال المالك لحقه هو من إطلاقات محكمة الموضوع متروك لتقديرها تستخلصه من ظروف الدعوى وملابساتها دون معقب شريطة أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة كافية لحمله ومؤدية إلى النتيجة التي انتهت إليها.
4 - مؤدى نص المادة 969 من القانون المدني أن ملكية العقار تكتسب بوضع اليد عليه مدة خمس سنوات متتالية متى كانت الحيازة مقترنة بحسن النية ومستندة في ذات الوقت إلى سبب صحيح والسبب الصحيح هو العقد الصادر من غير مالك بشرط أن يكون مسجلاً.
5 - المقرر أن الأصل أن العقود لا تنفذ إلا في حق عاقديها وأن صاحب الحق لا يلتزم بما صدر من غيره من تصرفات بشأنها إلا أنه باستقراء نصوص القانون المدني يبين أن المشرع قد أعتد في عدة تطبيقات هامة بالوضع الظاهر لاعتبارات توجبها العدالة وحماية حركة التعامل في المجتمع وتنضبط جميعاً مع وحدة علتها واتساق الحكم المشترك فيها بما يحول ووصفها بالاستثناء وتصبح قاعدة واجبة الإعمال متى توافرت واجبات إعمالها واستوفت شرائط تطبيقها ومؤداها أنه إذا كان صاحب الحق قد أسهم بخطئه - سلباً أو إيجاباً - في ظهور المتصرف على الحق بمظهر صاحبه مما يدفع بالغير حسن النية إلى التعاقد معه للشواهد المحيطة بهذا المركز والتي من شأنها أن تولد الاعتقاد الشائع بمطابقة هذا المظهر بالحقيقة مقتضاه نفاذ التصرف المبرم بعوض من صاحب الوضع الظاهر والغير حسن النية في مواجهة صاحب الحق.
6 - إذ خلصت المحكمة إلى أن المستأنف عليه الأول قد أقام البناء على الأرض المملوكة للمستأنف عليهم أولاً وثانياً بدون رضاهم، وأقيمت الدعوى منهم خلال ميعاد السنة من تاريخ علمهم بإقامة البناء فإن طلبهم إزالة البناء على نفقة المستأنف الأول يضحى سديداً ويمتنع بالتالي التمسك في مواجهتهم بقاعدة التعسف في استعمال حق الملكية لتخلف شروط إعمال أحكامهم. ومتى كان الحكم المستأنف قد انتهى صحيحاً إلى إجابة المستأنف عليهم أولاً وثانياً إلى طلبهم إزالة البناء على نفقة المستأنف الأول فإنه يتعين تأييده ولا ينال من هذا القضاء إنشاء المستأنف الأول مسجداً أسفل البناء لعدم ثبوت المسجدية له وفقاً لأرجح الأقوال في مذهب أبى حنيفة لعدم خلوصه لله تعالى وانقطاع حق العباد عنه.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة الأولى أقامت الدعوى رقم 1818 لسنة 1979 مدني الجيزة الابتدائية على المطعون ضده الأول بطلب الحكم بصفة مستعجلة بإيقاف أعمال البناء التي يجريها على قطعة الأرض المبيّنة بالصحيفة وفي الموضوع بإزالة ما يكون قد تم عليها من مباني بمصاريف على عاتقة, وقالت بياناً لذلك إنها وزوجها - مورث باقي الطاعنين - يمتلكان قطعة أرض فضاء مساحتها 1436.30 م2 بموجب المحرر المشهر برقم 3567 في 20/ 12/ 1967 توثيق الجيزة وقد تحدد نصيب كل منهما بواقع 755 م2 بموجب عقد القسمة المشهر برقم 2213 في 10/ 7/ 1969 وإذ نمى إلى علمها أن المطعون ضده الأول قد وضع يده على قطعة الأرض سالفة البيان فقد حررت ضده المحضر رقم 1473 لسنة 1977 إداري العجوزة وفيه أصدرت النيابة العامة قراراً بتمكينها منها وكف منازعة المطعون ضده الأول لها إلا أنه عاود الاعتداء وشرع في إقامة البناء عليها فأقامت الدعوى. وبتاريخ 23/ 12/ 1979 حكمت المحكمة في الشق المستعجل بوقف أعمال البناء على الأرض محل النزاع وقبل الفصل في الموضوع بندب خبير في الدعوى لبيان مالك الأرض محل النزاع وواضع اليد عليها وسنده وما أُقيم عليها من بناء وتاريخ إنشائه وما إذا كان الباني يعلم أن الأرض مملوكة للطاعنة الأولى وأنه أقام البناء دون رضها وقيمة كل من الأرض والبناء المقام عليها, وبعد أن أودع الخبير تقريره الأول تدخل مورث باقي الطاعنين منضماً إلى زوجته - الطاعنة الأولى - كما تدخل المطعون ضدهم من الثالث إلى الأخيرة - عدا الرابع والسابع والحادي عشر والثاني عشر والرابع عشر والسابع عشر والتاسع عشر والثلاثين والثاني والثلاثين والرابع والثلاثين - أنضمامياً إلى جانب المطعون ضده الأول في طلب رفض الدعوى، وبتاريخ 13/ 11/ 1985 قضت المحكمة بقبول تدخل مورث الطاعنين من الثاني إلى الثالثة خصماً منضماً إلى الطاعنة الأولى، وبقبول تدخل الخصوم المنضمين للمطعون ضده الأول شكلاً ورفضه موضوعاً وفي الموضوع الدعوى بإزالة البناء المقام على قطعة الأرض المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى بمصروفات على عاتق المطعون ضده الأول. استأنف الأخير هذا الحكم بالاستئناف رقم 7533 لسنة 102 ق القاهرة، كما استأنفه الخصوم المتدخلين إلى جانبه - عدا الخامس والسابع والسابع عشر والثانية والعشرين والحادي والثلاثين والرابع والثلاثين والخامسة والثلاثين - بالاستئناف رقم 8049 لسنة 102 ق القاهرة طلباً للقضاء بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، وبعد أن حددت المحكمة جلسة في الاستئنافين لاستجواب الخصوم حكمت بتاريخ 12/ 6/ 1991 بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال لسببين حاصلهما أن الحكم رفض تطبيق أحكام المادة 924 من القانون المدني برغم توافر شروطها وثبوت أن المطعون ضده الأول أقام بناء على الأرض المملوكة لهم بدون رضاهم وبسوء نية وأعمل قاعدة المالك الظاهر برغم تخلف شرطي إعمالها ذلك أنهم لم يسهموا بخطئهم سلباً أو إيجاباً في ظهور المطعون ضده الأول بمظهر مالك الأرض محل النزاع ولم يتوانوا أو يقصروا في المطالبة بملكهم بل سارعوا إلى تقديم بلاغ إلى النيابة العامة فور اعتداء المطعون ضده الأول على حيازتهم قيد برقم 1473 لسنة 1977 إداري العجوزة وفيه أمرت النيابة بتمكينهم من الأرض محل النزاع وكف منازعة المطعون ضده المذكور لهم فيها وإذ عاود التعدي على حيازتهم فقد أقاموا الدعوى رقم 2312 لسنة 1979 مدني الجيزة الابتدائية بطلب استرداد حيازتهم لها وقضى فيها برد الحيازة ومنع تعرض المطعون ضده الأول لهم وإذ كرر التعدي للمرة الثالثة وشرع في إقامة البناء على أرضهم فقد استصدروا قراراً من محافظ الجيزة بإيقاف تلك الأعمال وأقاموا الدعوى محل الحكم المطعون فيه ومتضمنة شقاً مستعجلاً بوقف أعمال البناء مع طلب إزالته لإقامته بسوء نية وذلك بمصاريف على عاتقه، كما أن المتعاقدين مع المطعون ضده الأول لم يكونوا حسنى النية لأنهم لم يتخذوا الحيطة اللازمة في مثل هذه الظروف للوقف على سند ملكية المتصرف إليهم وحقيقة وضع يده برغم الإجراءات العديدة التي اتخذوها ضده، هذا إلى أن الحكم ذهب إلى أن حيازتهم للوحدات إنما تستند إلى التملك بسبب صحيح ودون أن تتوافر شروطه لعدم تسجيل كل منهم لعقده، وقد قرن الحكم الأثر المترتب على تطبيقه لقاعدة المالك الظاهر بنظرة إساءة استعمال الحق بعد أن استخلص بما لا سند له من الأوراق عدم تناسب المصلحة التي تعود على صاحب الحق - الطاعنين - وما يعود على مشتري الوحدات السكنية من المالك الظاهر - المطعون ضده الأول - من ضرر مع أنه لا مجال لإعمال حكمها لعدم توافر نيتهم في الإضرار بإحدى الصور التي عددتها المادة الخامسة من القانون المدني وقصور الحكم المطعون فيه في استظهار ما يخالف ذلك مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن النص في المادة 802 من القانون المدني على أن "لمالك الشيء وحده في حدود القانون حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه" وفي المادة 805 منه على أنه "لا يجوز أن يحرم أحد من ملكه إلا في الأحوال التي يقررها القانون...." مفاده أنه لا يجوز حرمان مالك الشيء من حق استعمال واستغلال والتصرف في ملكه إلا في الأحوال التي يقررها القانون وكان من المقرر وفقاً لما ورد بالمادة الرابعة من ذات القانون المدني أن من استعمل حقه استعمالاً مشروعاً لا يكون مسئولاً عما ينشأ عن ذلك من ضرر بغيره وأن ما أوردته المادة الخامسة من قيد على أن الأصل - إعمالاً لقاعدة إساءة استعمال الحق- متمثلاً في أحد معايير ثلاثة يجمع بينها ضابط مشترك هو نية الإضرار سواء في صورة تعمد الإساءة إلى الغير دون نفع يعود على صاحب الحق من الاستعمال، أو في صورة استهانة بما يحيق بذلك الغير من ضرر جسيم تحقيقاً لنفع يسير يجنيه صاحب الحق، أو إذا كانت المصالح التي يرمي الأخير إلى تحقيقها غير مشروعة وهو ما ينأى بتلك القاعدة عن الاعتبارات الإنسانية المجردة وعلى ذلك فإنه لا يسوغ اعتبار استعمال المالك لحقه دون انحراف عن السلوك المألوف للشخص العادي الذي يخلو من نية الإضرار بالغير في إحدى صوره السابقة مسيئاً، وكان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تقدير التعسف والغلو في استعمال المالك لحقه هو من إطلاقات محكمة الموضوع متروك لتقديرها تستخلصه من ظروف الدعوى وملابساتها دون معقب شريطة أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة كافية لحمله ومؤدية إلى النتيجة التي انتهت إليها. وكان مؤدى نص المادة 969 من القانون المدني أن ملكية العقار تكتسب بوضع اليد عليه مدة خمس سنوات متتالية متى كانت الحيازة مقترنة بحسن النية ومستندة في ذات الوقت إلى سبب صحيح والسبب الصحيح هو العقد الصادر من غير مالك بشرط أن يكون مسجلاً وكان من المقرر أيضاً أن الأصل أن العقود لا تنفذ إلا في حق عاقديها وأن صاحب الحق لا يلتزم بما صدر من غيره من تصرفات بشأنها إلا أنه باستقراء نصوص القانون المدني يبين أن المشرع قد أعتد في عدة تطبيقات هامة بالوضع الظاهر لاعتبارات توجبها العدالة وحماية حركة التعامل في المجتمع وتنضبط جميعاً مع وحدة علتها واتساق الحكم المشترك فيها بما يحول ووصفها بالاستثناء وتصبح قاعدة واجبة الإعمال متى توافرت واجبات إعمالها واستوفت شرائط تطبيقها ومؤداها أنه إذا كان صاحب الحق قد أسهم بخطئه - سلباً أو إيجاباً - في ظهور المتصرف على الحق بمظهر صاحبه مما يدفع بالغير حسن النية إلى التعاقد معه للشواهد المحيطة بهذا المركز والتي من شأنها أن تولد الاعتقاد الشائع بمطابقة هذا المظهر بالحقيقة، مقتضاه نفاذ التصرف المبرم بعوض من صاحب الوضع الظاهر الغير حسن النية في مواجهة صاحب الحق. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد واجه طلب الطاعنين إزالة البناء المقام على الأرض ملكهم استناداً للحق المقرر بالمادة 924/ 1 من القانون المدني كأثر لقيام المطعون ضده الأول بالبناء عليها دون رضاهم وبسوء نية، وأطرحه لما يتسم به هذا الطلب من تعسف في استعمال حقهم في ملكية الأرض مغلباً عليه حق المطعون ضده الأول وباقي المطعون ضدهم من الثالث حتى الأخير من بعده - مشترو الوحدات السكنية للمبنى المقام على تلك الأرض - على سند من توافر مظاهر المالك الظاهر للمطعون ضده الأول وتحقق حسن النية في مشتري تلك الوحدات منه وإلى أن حيازة كل منهم لوحدته إنما تستند إلى سبب صحيح وذلك دون أن يعرض لمدى توافر موجبات إعمال كل من قاعدتي إساءة استعمال الحق والمالك الظاهر وكذلك الحق في اكتساب ملكية العقار بوضع اليد عليه مدة خمس سنوات مع تحقق السبب الصحيح واستيفاء شرائط كل منها على نحو ما سلف بيانه فإنه يكون معيباً بالقصور المبطل بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم وكان الثابت من تقرير خبير الدعوى رقم 2312 لسنة 1979 مدني الجيزة الابتدائية المرفوعة من المستأنف عليها الأولى ومورث المستأنف عليهم ثانياً في الاستئناف رقم 7533 لسنة 102 ق القاهرة المرفق صورته بالأوراق ومن تقارير الخبراء المنتدبين من محكمة أول درجة في الدعوى الحالية والتي تطمئن إليها هذه المحكمة أن قطعة الأرض محل النزاع مملوكة للمستأنف عليها الأولى ومورث المستأنف عليهم ثانياً بموجب العقد المسجل رقم 3567 بتاريخ 30/ 12/ 1967 تم قسمته مناصفة بينهما بموجب عقد القسمة المشهر تحت رقم2213 لسنة 1969 الجيزة وأنه ما أن تمكن المستأنف الأول من التعدي على هذه ووضع يده عليها في بداية سنة 1977 حتى استطاع المستأنف عليهم أولاً وثانياً بتاريخ 22/ 7/ 1977 استعادتها منه تنفيذاً لقرار النيابة العامة بتمكينهم منها في المحضر رقم 1473 لسنة 1977 إداري العجوزة ثم عاود المستأنف الأول وضع يده عليها في 29/ 4/ 1978 تنفيذاً للحكم الصادر في الدعوى رقم 3216 لسنة 1977 مستعجل الجيزة ضد...... نجل مالكي الأرض والقاضي بعدم الاعتداد بقرار النيابة العامة سالف الذكر وبتمكينه منها الأمر الذي دعاهم إلى إقامة الدعوى رقم 2312 لسنة 1979 مدني الجيزة الابتدائية بطلب استرداد حيازتهم لها حتى إجابتهم المحكمة إلى طلبهم والذي تأيد استئنافياً بالحكم الصادر في الاستئناف رقم 7014 لسنة 98 ق القهارة وبرفض الطعن بالنقض المقام من المستأنف الأول عن ذلك الحكم في الطعن رقم 633 لسنة 53 ق وبتاريخ 4/ 3/ 1983، وكان الثابت أيضاً من الأوراق أن المستأنف عليها الأولى فور علمها بشروع الأخير في إقامة بناء على الأرض ملكها وزوجها في 29/ 6/ 1978 رفعت الدعوى رقم 1818 لسنة 1979 مدني الجيزة الابتدائية المستأنف حكمها وأودعت صحيفتها في 25/ 3/ 1979 - قبل مرور عام على الشروع في البناء - بطلب الحكم بصفة مستعجلة بإيقاف أعمال البناء وفي الموضوع بإزالة ما يكون قد تم منها بمصاريف على عاتق المستأنف الأول وانضم مورث المستأنف عليهم ثانياً لها في طلباتها فقضت المحكمة في 23/ 12/ 1979 بإجابتهما إلى طلبهما في الشق المستعجل بإيقاف أعمال البناء إلا أن المستأنف الأول ما لبث أن أقام الإشكال رقم 5 لسنة 1980 مستعجل الجيزة طلباً وقف تنفيذ ذلك الشق فقضت المحكمة في 20/ 4/ 1980 برفضه والاستمرار في التنفيذ كما استأنف الحكم المستشكل في تنفيذه بالاستئناف رقم 5686 لسنة 76 ق القاهرة فحكمت المحكمة بتأييده في 31/ 3/ 1981 وقد تزامن ذلك كله مع التجاء المستأنف عليها الأولى ومورث المستأنف عليهم ثانياً إلى مصلحة الشهر العقاري "إدارة مكافحة اغتصاب الأراضي" بشكاوي ضد المستأنف الأول لوقف ما قد يصدر من تصرفات على أرض النزاع فوجهت المصلحة إلى كل منهما كتابها المؤرخ 14/ 6/ 1980 بموافقة وكيل الوزاره الأمين العام المساعد على تعلية الشكوى على مراجع المأمورية والمساحة والتنويه بأن المباني المقامة على قطعة الأرض المملوكة لهما مقامة من الغير ولا يجوز التصرف فيها دون مصادقة من أصحاب الأرض لإقامتها بطريق التعدي وذلك وفقاً للصورة المرفقة بالأوراق، كما ثبت من الحكم الصادر في الجناية رقم 946 لسنة 1981 الدقي المقيدة برقم 34 لسنة 81 كلي الجيزة المقامة من النيابة العامة ضد المستأنف الأول بتهمة اشتراكه مع آخرين في تزوير محرر رسمي هو دفتر الجرد الخاص بمأمورية ضرائب مباني الدقي - عن المدة من سنة 1950 حتى 1959 - ودفتر الحصر العام عن المدة من 1960 وما بعدها واستعمال تلك المحررات وقد قضت المحكمة بتاريخ 29/ 11/ 1986 بحبسه مع الشغل لمدة سنة واحدة، وقد أصبح هذا الحكم باتاً بعدم قبول محكمة النقض للطعن المقام منه على هذا الحكم والمقيد تحت رقم 1522 لسنة 57 ق بتاريخ 21/ 12/ 1987 ومما تقدم جمعيه فإنه يستقر في يقين المحكمة ويطمئن وجدانها إلى أن البناء الذي أقامه المستأنف الأول على الأرض محل النزاع قد تم بسوء نية ودون رضاء المالكين لها - المستأنف عليهم أولاً وثانياً - وأن مسلك الأخيرين العلني بالزود عن ملكهم بالالتجاء إلى النيابة العامة والحصول منها على قرار بتمكينهم منها واستلام الأرض في 22/ 7/ 1977 منه ثم إعادة استلامها منه مرة أخرى إثر القضاء باسترداد حيازتهم لها ليقطع بأنهم لم يساهموا سلباً أو إيجاباً في ظهور المستأنف الأول بمظهر المالك أو صاحب الحق في إقامة البناء والتصرف في وحداته وذلك بجانب الدعاوي العديدة المردود بينهم وبين المذكور والسابق إيرادها؛ لما كان ذلك، وكان الثابت من تقرير خبير الدعوى أمام محكمة أول درجة - ..... - أنه عند انتقاله يوم 27/ 10/ 1980 لمعاينة العقار بحضور المستأنف الأول تبين له أن البناء المقام على أرض النزاع مكّون من خمس أدوار بالأرضي ومسجد وجراچ بالبدروم وبكل دور 6 شقق وأن الدور الأول يتم شغل شققه على النحو التالي عدد 3 شقق تستغلها الشركة الاستثمارية وعدد 2 شقة للجمعية التعاونية لهيئة الإسكان والشقة الأخيرة مؤجرة لهيئة الدعاية والتلفزيون، وقد قدم المستأنف الأول للخبير عقود إيجار عدد 30 شقة تمثل جميع شقق الأدوار الخمس العلوية تم تأجيرها بتاريخ واحد هو الخامس من مارس سنة 1980 عدا الشقق أرقام 1- 2 - 3 فقد حررت عقود إيجارها بتاريخ الأول من يناير سنة 1980 لصالح الشركة العربية الدولية التي يمتلكها المستأنف الأول وأن هناك عدد 4 شقق منها مؤجرة بأسماء أولاده "...... و...... و...... و......" وقد أطلع الخبير على هذه العقود وأعادها إلى المستأنف الأول بعد أن أثبت أسماء من حررت لهم، وكان البيّن من مراجعة هذه الأسماء أنه ليس من بينهم من تدخل أمام محكمة أول درجة منضماً للمستأنف الأول في طلباته برفض الدعوى بادعاء امتلاكه إحدى شقق البناء أو ممن أقاموا الاستئناف رقم 8049 لسنة 102 ق أو ممن اختصم في الاستئناف المقام من المستأنف الأول وآخر رقم 7533 لسنة 102 ق مما يقطع بأن شغلهم لشقق البناء قد تم - على فرض صحته - بعد تاريخ انتقال الخبير لمعاينة العقار يوم 27/ 10/ 1980 وأن ما قد صدر من تصرفات من المستأنف الأول إليهم - أياًً كانت طبيعتها - جاءت بعد هذا التاريخ الأمر الذي يؤكد تاريخ صدور أحكام الصحة والنفاذ المقدمة من البعض منهم المرفقة بحوافظ المستندات المودعة ملف الدعوى أمام محكمة أول درجة والأخرى المقدمة من المستأنف الأول أيضاً والتي انتهت صلحاً بين طرفيها مما يثير الريبة والشك في حقيقة هذه التصرفات والتي جاءت جميعها في تاريخ لاحق لموافقة وكيل الوزارة الأمين العام المساعد للشهر العقاري على تعلية شكوى المستأنف عليهم أولاً وثانياً - وعلى نحو ما سلف بيانه - على مراجع المأمورية والمساحة بأنه لا يجوز التصرف في المبني المقام على أرض النزاع دون مصادقة من أصحاب الأرض، وينفي عنهم بالتالي حُسن النية الواجب توافرها فيهم كأثر لتمسكهم بشراء شقق المبني من مالك ظاهر الذي يتطلب حيطة الرجل العادي وحرصه على ماله بأن يتخذ من إجراءات البحث والتحري ما يطمئنه على ملكية البائع للشيء المبيع ويتخلف بموجبه شرط إعمال قاعدة المالك الظاهر في حقهم، ومتى انتهت المحكمة على نحو ما سلف إلى أن المستأنف الأول قد أقام البناء على الأرض المملوكة للمستأنف عليهم أولاً وثانياً بسوء نية وبدون رضاهم فإن التمسك بوجوب تطبيق أحكام المادة 925/ 1 من القانون المدني بدلاً من المادة 924/ 1 منه المطلوب إعمال حكمها في الدعوى يكون على غير أساس، كما وأن تمسك المستأنف الأول في الاستئناف رقم 7533 لسنة 102 ق والمستأنفون في الاستئناف الآخر بأن طلب المستأنف عليهم أولاً وثانياً أمام خبير الدعوى بتاريخ 8/ 10/ 1984 بتقدير قيمة الأرض بأعلى سعر يتضمن إقرار منهم بقبول الإيجاب الصادر منهم بتملك الأرض كما ينطوي على عدولهم عن طلب الإزالة، هو دفاع في غير محله ذلك أن ما جاء أمام لجنة خبراء الدعوى في تقريرهم المؤرخ 23/ 3/ 1985 أمام محكمة أول درجة من عبارات على لسان المستأنف عليها الأولى ومورث المستأنف عليهم ثانياً بمحضر الأعمال يوم 8/ 10/ 1984 ليس من شأنه أن يؤدي إلى المعنى الذي رتبه هؤلاء المستأنفون من نتائج بالنظر لظروف وملابسات المهمة التي أسندت إلى هؤلاء الخبراء من المحكمة، وهذا إلى أنه غير صحيح ما ذهب إليه المستأنفون في الاستئناف رقم 8049 لسنة 102 ق من عدم جواز نظر طلب إزالة البناء في مواجهتهم لعدم اختصامهم في الدعوى المبتدأة خلال سنة من تاريخ علم المستأنف عليهم أولاً وثانياً بإقامة البناء ذلك أنه لا يقبل التمسك بهذا الدفاع إلا ممن أقام البناء على أرض مملوكة للغير بدون رضاه، وهو ما سبق أن تحققت المحكمة من توافره في حق المستأنف الأول الذي أقام البناء على نحو ما سلف بيانه. لما كان ذلك، وكان أياً من المستأنف عليهم من الثالث وحتى الرابع والثلاثين لم يدع أن لديه عقداً مسجلاً عن الشقة التي يدعي ملكيتها بالتقادم الخمسي وفقاً لأحكام المادة 929 من القانون المدني فإن استنادهم غلي السبب الصحيح يكون في غير محله، وإذ خلصت المحكمة على نحو ما توضح آنفاً إلى أن المستأنف عليه الأول قد أقام البناء على الأرض المملوكة للمستأنف عليهم أولاً وثانياً بدون رضاهم، وأًُقيمت الدعوى منهم خلال ميعاد السنة من تاريخ علمهم بإقامة البناء فإن طلبهم إزالة البناء على نفقة المستأنف الأول يضحي سديداً ويمتنع بالتالي التمسك في مواجهتهم بقاعدة التعسف في استعمال حق الملكية لتخلف شروط إعمال أحكامها. ومتى كان الحكم المستأنف قد انتهى صحيحاً إلى إجابة المستأنف عليهم الأول وثانياً في طلبهم إزالة البناء على نفقة المستأنف الأول فإنه يتعين تأييده ولا ينال من هذا القضاء إنشاء المستأنف الأول مسجداً أسفل البناء لعدم ثبوت المسجدية له وفقاً لأرجح الأقوال في مذهب أبي حنيفة لعدم خلوصه لله تعالي وانقطاع حق العباد عنه.