الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 26 مايو 2016

حجية أحكام المحكمة الدستورية برفض الدعوى

الطعن 79 لسنة 35 قضائية  "دستورية " جلسة 5/3/2016
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من مارس سنة 2016م، الموافق الخامس والعشرين من جمادى الأولى سنة 1437ه
برئاسة السيد المستشار/ عدلي محمود منصور رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: عبد الوهاب عبد الرازق والسيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعي عمرو والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمي إسكندر والدكتور محمد عماد النجار نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عبد العزيز محمد سالمان رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 79 لسنة 35 قضائية "دستورية".

الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعى عليها السادسة كانت قد أقامت ضد المدعي الدعوى رقم 114 لسنة 2012 أسرة سيدي سالم، بطلب الحكم بإلزامه بأن يسلم لها أعيان الجهاز الخاصة بها والموضحة وصفًا وقيمة بقائمة أعيان جهازها الموقع عليها منه، وعند تعذر التسليم دفع قيمتها بمبلغ مقداره خمسة وتسعون ألف جنيه، فقضت تلك المحكمة بجلسة 30 يناير 2013، بإلزام المدعي بتسليم أعيان الجهاز المذكورة، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. لم يرتض المدعي هذا القضاء، فطعن عليه أمام محكمة الاستئناف مأمورية استئناف كفر الشيخ وقيد برقم 914 لسنة 46ق أسرة طالبا إلغاء الحكم المستأنف والقضاء برفض الدعوى، وأمام تلك المحكمة دفع المدعي بعدم دستورية القانون رقم 10 لسنة 2004 لمخالفته نص المادة (195) من دستور سنة 1971، فصرحت له محكمة الموضوع بإقامة الدعوى الدستورية، فأقام الدعوى الماثلة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
وحيث إن المدعي نعى على قانون إنشاء محاكم الأسرة الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2004، بعدم الدستورية لعدم عرضه على مجلس الشورى رغم كونه من القوانين المكملة للدستور، بالمخالفة لنص المادة (195) من دستور سنة 1971، كما نعى على نص المادة (14) من القانون ذاته أنها تحظر الطعن بالنقض على الأحكام الصادرة من محاكم الأسرة، بالمخالفة لنص الفقرة (5) من المادة (14) من الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية المصدق عليها بقرار رئيس الجمهورية رقم 537 لسنة 1981. كما نعى على مجمل أحكامه - دون تعيين لنص بذاته - إيجابه إشراك عنصرين غير قضائيين في تشكيل محكمة الأسرة، وعدم إنشاء محاكم أسرة استئنافية، وإسناده الاختصاص بنظر استئناف أحكام محاكم الأسرة إلى محاكم الاستئناف العادية، كما نعى على هذا القانون أنه أوجب لقبول الدعوى أمام محكمة الأسرة أن يتقدم المدعي بطلب تسوية قبل رفع دعواه، فضلاً عن مخالفته لأحكام الشريعة الإسلامية برفع سن الحضانة عن الحدود الشرعية، ولعدم توحيد إجراءات التقاضي أمام قاض واحد وهو ما رأى فيه انتهاكًا لنصوص دستور سنة 1971 أرقام (2 و40 و41 و68 و151 و165 و166 و167 و188 و195). 
وحيث إنه عما نعى به المدعي من عدم دستورية قانون إنشاء محاكم الأسرة الصادر بالقانون رقم 10 لسنة 2004، لعدم عرضه على مجلس الشورى رغم كونه من القوانين المكملة للدستور، فمردود: بأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الفصل فيما يدعى به أمامها من تعارض بين نص تشريعي وقاعدة موضوعية في الدستور، سواء بتقرير قيام المخالفة المدعى بها أو بنفيها، إنما يعد قضاء في موضوعها منطويا لزوما على استيفاء النص المطعون عليه للأوضاع الشكلية التي تطلبها الدستور، ومانعا من العودة إلى بحثها مرة أخرى، ذلك أن العيوب الشكلية، وبالنظر إلى طبيعتها لا يتصور أن يكون بحثها تاليا للخوض في المطاعن الموضوعية، ولكنها تتقدمها، ويتعين على هذه المحكمة بالتالي أن تتحراها بلوغًا لغاية الأمر فيها، ولو كان نطاق الطعن المعروض عليها محددا في إطار المطاعن الموضوعية دون سواها. ومن ثم تفرض العيوب الشكلية ذاتها على المحكمة دوما؛ إذ يستحيل عليها أن تتجاهلها عند مواجهتها لأي مطاعن موضوعية
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت هذه المحكمة سبق أن عرض عليها بعض نصوص القانون ذاته فقضت برفض الطعن بعدم دستورية نص المادة (14) منه، في القضية رقم 24 لسنة 23 قضائية "دستورية" بجلسة 6 إبريل 2014، كما قضت برفض الطعن على نص الفقرة الأولى من المادة (2)، في القضية رقم 56 لسنة 27 قضائية "دستورية" بجلسة 11 إبريل 2015، كما قضت برفض الطعن على نص المادتين (2, 9) منه في القضية رقم 177 لسنة 27 قضائية "دستورية" بجلسة 9 مايو 2015، فإن قضاء المحكمة الدستورية العليا - وقد صدر في شأن مطاعن موضوعية - يكون متضمنًا لزوما تحققها من استيفاء نصوص هذا القانون لأوضاعه الشكلية، إذ لو كان الدليل قد قام على تخلفها، لامتنع عليها أن تفصل في اتفاقه أو مخالفته لأحكام الدستور الموضوعية، ومن ثم فإن الادعاء بصدور هذا القانون على خلاف الأوضاع الشكلية التي تطلبها نص المادة (195) من دستور سنة 1971 الذي صدر في ظله، يكون قائما على غير أساس حريا بالالتفات عنه
وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن ولايتها في الدعاوى الدستورية لا تقوم إلا باتصالها بالدعوى اتصالاً مطابقًا للأوضاع المقررة في المادة (29) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979, وذلك إما بإحالة الأوراق إليها من إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، وإما برفعها من أحد الخصوم بمناسبة دعوى موضوعية دفع فيها بعدم دستورية نص تشريعي وقدرت محكمة الموضوع جدية دفعه وصرحت له برفع الدعوى الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا، وهذه الأوضاع الإجرائية تتعلق بالنظام العام باعتبارها شكلاً جوهريا في التقاضي تغيا به المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية بالإجراءات التي رسمها. متى كان ما تقدم، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة 3/5/2013, أمام محكمة الاستئناف في الدعوى الموضوعية التي أثير فيها الدفع، أن المدعي دفع بعدم دستورية القانون رقم 10 لسنة 2004، المشار إليه لمخالفته نص المادة (195) من الدستور، وهو ما انصب عليه تصريح محكمة الموضوع دون غيره، وهو عيب إجرائي يعود إلى كيفية إصدار هذا القانون دون أن يستطيل إلى أحكامه الموضوعية، إلا أن المدعي بعد أن أقام دعواه أضاف عيوبا موضوعية تتعلق بنصوص معينة في هذا القانون كانت في غيبة عن محكمة الموضوع وقت أن صرحت بإقامة الدعوى الدستورية، ومن ثم فإن ما أثاره من عيوب موضوعية لا تعدو أن تكون دعوى دستورية مباشرة أقيمت من المدعي دون تصريح من محكمة الموضوع بالمخالفة للقواعد الإجرائية المنظمة للتداعي أمام المحكمة الدستورية العليا، ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبولها
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

انتفاء مصلحة المدعي المدني في النعي بوقف وانقطاع مدة انقضاء الدعوى الجنائية

الطعن 151 لسنة 34 قضائية  "دستورية " جلسة 5/3/2016
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من مارس سنة 2016م، الموافق الخامس والعشرين من جمادى الأولى سنة 1437ه
برئاسة السيد المستشار/ عدلي محمود منصور رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفي علي جبالي ومحمد خيري طه النجار وسعيد مرعي عمرو والدكتور عادل عمر شريف ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عبد العزيز محمد سالمان رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 151 لسنة 34 قضائية "دستورية".

الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعي كان قد أقام ضد المدعى عليه الخامس، بطريق الادعاء المباشر، الدعوى رقم 2248 لسنة 2004 أمام محكمة جنح قصر النيل؛ بطلب الحكم بمعاقبته بمقتضى المادتين 336 و337 من قانون العقوبات، وبإلزامه بأن يؤدي إليه تعويضا مؤقتًا مقداره 2001 جنيه، لإصداره للمدعي شيكًا بمبلغ 81500 دولار، مسحوبا على المصرف العربي الدولي "فرع القاهرة"، دون رصيد قائم وقابل للسحب مع علمه بذلك، وبجلسة 21/4/2004 قضت المحكمة غيابيا بحبسه ثلاث سنوات مع الشغل، وألزمته أن يؤدي للمدعي 2001 جنيه على سبيل التعويض المؤقت، فطعن المدعى عليه الخامس على هذا الحكم بطريق المعارضة, وبجلسة 11/7/2012 دفع المدعي بعدم دستورية نصي المادتين (16) و(17) من قانون الإجراءات الجنائية الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950. وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع وصرحت للمدعي بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
وحيث إن المادة (16) من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن: "لا يوقف سريان المدة التي تسقط بها الدعوى الجنائية لأي سبب كان". 
وتنص المادة (17) من القانون ذاته على أن: "تنقطع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وكذلك بالأمر الجنائي أو بإجراءات الاستدلال إذا اتخذت في مواجهة المتهم أو إذا أُخطر بها بوجه رسمي، وتسري المدة من جديد ابتداء من يوم الانقطاع
وإذا تعددت الإجراءات التي تقطع المدة، فإن سريان المدة يبدأ من تاريخ آخر إجراء". 
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية، وهي شرط لقبولها، مناطها - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازما للفصل في الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع، وكان من المقرر أن المصلحة الشخصية المباشرة لا تعتبر متحققة بالضرورة بناء على مخالفة النص التشريعي المطعون فيه للدستور، بل يتعين أن يكون هذا النص - بتطبيقه على المدعي - قد أخل بأحد الحقوق التي كفلها الدستور على نحو ألحق به ضررا مباشرا، وبذلك يكون شرط المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية مرتبطًا بالخصم الذي أثار المسألة الدستورية، وليس بهذه المسألة في ذاتها منظورا إليها بصفة مجردة، وبالتالي لا تقوم هذه المصلحة إلا بتوافر شرطين يحددان معا مفهومها؛ أولهما: أن يقيم المدعي – في الحدود التي اختصم فيها النص المطعون عليه - الدليل على أن ضررا واقعيا قد لحق به، وليس ضررا متوهما أو نظريا أو مجهلاً، ثانيهما: أن يكون مرد الأمر في هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون عليه، بما مؤداه قيام علاقة سببية بينهما تُحتم أن يكون الضرر المدعى به ناشئًا عن هذا النص ومترتبا عليه؛ فإذا لم يكن هذا النص قد طُبق أصلاً على من ادعى مخالفته للدستور أو كان من غير المخاطبين بأحكامه أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، دلّ ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى عما كان عليه عند رفعها
وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن المشرع الجنائي، وإن خول المدعي بالحقوق المدنية في بعض الجرائم التي يجوز فيها الادعاء المباشر سلطة تحريك الدعوى العمومية الناشئة عن الفعل المخالف للقانون، إلا أن هذه السلطة تقف عند مجرد تحريك الدعوى الجنائية، أما مباشرة هذه الدعوى فمنوطة بالنيابة العامة وحدها باعتبارها نائبا قانونيا عن المجتمع، ويقتصر دور المدعي بالحقوق المدنية على دعواه المدنية؛ فيباشر بالنسبة لها ما يباشره كل خصم في الدعوى المدنية التي يقيمها، أما الشق الجنائي من الدعوى فلا علاقة له به؛ إذ لا يعد طرفًا من أطراف الخصومة الجنائية التي انعقدت بين النيابة العامة والمتهم، وتنحصر طلباته - باعتباره مدعيا بالحقوق المدنية - في طلب تعويضه عن الأضرار التي لحقته من جراء الجريمة التي اقترفها المتهم في الدعوى الموضوعية، فهو لا يملك استعمال حقوق الدعوى الجنائية أو التحدث عن الوصف الذي يراه حولها، وإنما يدخل فيها بصفته مضرورا من الجريمة التي وقعت، طالبا تعويضه مدنيا عن الضرر الذي لحق به، فدعواه مدنية بحتة ولا علاقة لها بالدعوى الجنائية إلا تبعيتها لها
وحيث إن المادة (259) من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن: "تنقضي الدعوى المدنية بمضي المدة المقررة في القانون المدني، ومع ذلك لا تنقضي بالتقادم الدعوى المدنية الناشئة عن الجرائم المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة (15) من هذا القانون والتي تقع بعد تاريخ العمل به
وإذا انقضت الدعوى الجنائية بعد رفعها لسبب من الأسباب الخاصة بها، فلا تأثير لذلك في سير الدعوى المدنية المرفوعة معها". 
وحيث إن مفاد هذا النص - وفقًا لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – أن لكل من الدعوى الجنائية والدعوى المدنية أسباب انقضاء خاصة بها، فأسباب انقضاء الدعوى الجنائية مقصورة عليها وحدها ولا تأثير لها على انقضاء الدعوى المدنية التي تنقضي كأصل عام بمضي المدة المقررة في القانون المدني
وحيث إن الدفع المبدي من المدعى عليه الخامس – المدعى عليه في الدعوى الجنائية – بانقضاء الدعوى بمضي المدة عملاً بحكم المادة (15) من قانون الإجراءات الجنائية والتي تقضي بانقضاء الدعوى الجنائية في مواد الجنح بمضي ثلاث سنوات من يوم وقوع الجريمة، ليس له من صلة بالدعوى المدنية فلا تسقط تبعا لها، ولا تأثير لهذا الانقضاء على سير الدعوى المدنية المرفوعة معها، إذ المقرر - وفقًا لما تقدم - أن التقادم في الدعوى الجنائية يسقط حق الدولة في العقاب، أما حق المدعي بالحقوق المدنية في التعويض فيظل قائما لا ينقضي إلا بانقضاء المدة المقررة لانقضاء الحقوق في القانون المدني على النحو الذي قررته المادة (172) منه، ومن ثم فإن المركز القانوني للمدعي، باعتباره مدعيا بالحق المدني - وهو ليس طرفًا من أطراف الدعوى الجنائية لن يتغير حتى ولو قُضي بعدم دستورية النصين المطعون فيهما؛ اللذين ينظمان وقف وانقطاع سريان المدة التي تسقط بها الدعوى الجنائية، وبالتالي لا يكون للمدعي ثمة مصلحة في الطعن بعدم دستوريتهما؛ مما يتعين معه القضاء بعدم قبول هذه الدعوى
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

المنازعة في رسوم رفض الدعوى منازعة في اصل الالتزام

الطعن 148 لسنة 33 قضائية  "دستورية " جلسة 5/3/2016
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من مارس سنة 2016م، الموافق الخامس والعشرين من جمادى الأولى سنة 1437ه
برئاسة السيد المستشار/ عدلي محمود منصور رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفي علي جبالي ومحمد خيري طه النجار وسعيد مرعي عمرو والدكتور عادل عمر شريف ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمي إسكندر نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عبد العزيز محمد سالمان رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 148 لسنة 33 قضائية "دستورية".

الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعي كان قد أقام الدعوى رقم 634 لسنة 2009، أمام محكمة مركز الإسماعيلية الجزئية بتاريخ 29/12/2009, طلبا للحكم بندب خبير تكون مأموريته فرز وتجنيب حصته في العقارات الموضحة الحدود والمعالم بصدر تلك الصحيفة، فقضت تلك المحكمة بجلسة 27/3/2010, برفض الدعوى، وإلزام المدعي بالمصاريف، وبناء على ذلك الحكم، أصدر قاضي الدعوى أمر تقدير الرسوم القضائية المستحقة عنها، وذلك بموجب المطالبة رقم 135 لسنة 2009/ 2010؛ فتظلم المدعي من تلك المطالبة بموجب صحيفة أودعها قلم كتاب تلك المحكمة بتاريخ 10/1/2011, طلب في ختامها إلغاء أمر تقدير الرسوم المشار إليه، لكون الحكم الموضوعي القاضي بالرفض لم يفصل في موضوع المنازعة، ولم يحكم للمتظلم، ولا لخصومه، كما أن هذا الأمر جاء متعسفًا مشوبا بالمغالاة، لتجاوزه الرسوم التي سددها عند إقامة الدعوى. وأثناء نظر تلك الدعوى، دفع المدعي بعدم دستورية المادتين (1, 9) من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية بعد تعديله بالقانون رقم 126 لسنة 2009؛ وذلك لمخالفتهما نصوص المواد (2, 34, 40, 68) من دستور سنة 1971، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، فأقام الدعوى الماثلة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
وحيث إن المادة (1) من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية، المعدل بالقانون رقم 66 لسنة 1964, والقانون رقم 126 لسنة 2009، قد نصت على أن "يفرض في الدعاوى، معلومة القيمة، رسم نسبي حسب الفئات الآتية
2% لغاية 250 جنيها
3% فيما زاد على 250 جنيها حتى 2000 جنيه
4% فيما زاد على 2000 جنيه حتى 4000 جنيه
5% فيما زاد على 4000 جنيه
ويفرض في الدعاوى مجهولة القيمة رسم ثابت كالآتي
- عشرة جنيهات في المنازعات التي تطرح على القضاء المستعجل
- خمسة جنيهات في الدعاوى الجزئية
- خمسة عشر جنيها في الدعاوى الكلية الابتدائية
- خمسون جنيها في دعاوى شهر الإفلاس أو طلب الصلح الواقي من الإفلاس
ويشمل هذا الرسم الإجراءات القضائية حتى إنهاء التفليسة أو إجراءات الصلح الواقي من الإفلاس، ولا يدخل ضمن هذه الرسوم مصاريف النشر في الصحف واللصق عن حكم الإفلاس والإجراءات الأخرى في التفليسة، ويكون تقدير الرسم في الحالتين طبقًا للقواعد المبينة في المادتين (75, 76) من هذا القانون". 
وتنص المادة (9) من القانون ذاته على أن: "لا تحصل الرسوم النسبية على أكثر من ألف جنيه في الدعاوى التي لا تزيد قيمتها على أربعين ألف جنيه
ولا تحصل الرسوم النسبية على أكثر من ألفي جنيه في الدعاوى التي تزيد قيمتها على أربعين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه
ولا تحصل الرسوم النسبية على أكثر من خمسة آلاف جنيه في الدعاوى التي تزيد قيمتها على مائة ألف جنيه ولا تجاوز مليون جنيه
ولا تحصل الرسوم النسبية على أكثر من عشرة آلاف جنيه في الدعاوى التي تزيد قيمتها على مليون جنيه
وفي جميع الأحوال، يسري الرسم على أساس ما حكم به". 
وحيث إن المستفاد من هذين النصين أن المشرع بما له من سلطة تقديرية في فرض رسم على أداء خدمة معينة، قد تدخل في مجال التقاضي، وفرض رسما على الدعاوى القضائية عوضا عما تتكبده الدولة من نفقات لتسيير مرفق العدالة. وقد ورد أساس الإلزام بأداء هذا الرسم لكل من يطلب الخدمة في المادة (1) التي جعلت فقرتها الأولى هذا الرسم نسبيّا بالنسبة للدعاوى معلومة القيمة، في حين ربطت فقرتها الثانية رسما ثابتًا على الدعاوى مجهولة القيمة؛ ثم بينت المادة (9) قواعد تحصيل الرسوم النسبية وتسويتها؛ وجاء ذلك جميعه في إطار تنظيم تشريعي متكامل لقواعد تقدير الرسوم القضائية، وتحديد الملتزم بأدائها
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة، وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية؛ مناطها أن يقوم ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسألة الدستورية لازما للفصل في الطلبات الموضوعية المطروحة أمام محكمة الموضوع. إذ كان ذلك، وكان المدعي يبتغي من دعواه الموضوعية إلغاء أمر تقدير الرسوم النسبية الصادر ضده بعد القضاء برفض دعوى الفرز والتجنيب التي أقامها أمام محكمة الموضوع، وهي الرسوم التي تم الحكم بها طبقًا لنص الفقرة الأولى من المادة (1) من القانون رقم 90 لسنة 1944 المشار إليه؛ وكان المدعي يهدف من دعواه الماثلة إلى القضاء بعدم دستورية ذلك النص لإسقاط أصل الالتزام بسداد الرسم الذي قرره، على النحو الذي تتحقق به مصلحة الطاعن في دعوى الموضوع؛ وكان نص الفقرة الثانية من المادة ذاتها لا ينطبق على دعوى الموضوع لكونه متعلقًا بالدعاوى مجهولة القيمة المقرر عنها رسم قضائي ثابت؛ كما أن نص المادة (9) من القانون ذاته لا صلة له بأصل الحق في سداد الرسم، الذي ينازع المدعي في أصل فرضه، وقيمته الباهظة؛ وهي مطاعن لا تنصب - في واقع الأمر - على هذا النص، وإنما توجه إلى الفقرة الأولى من المادة (1) سالفة الذكر، ومن ثم، فإن الفصل في دستوريته لا يعود على المدعي بفائدة في دعواه الموضوعية لعدم مساسه بأصل الالتزام بالسداد؛ الأمر الذي تنتفي معه مصلحة المدعي في الطعن على نص الفقرة الثانية من المادة ذاتها، والمادة (9) من القانون رقم 90 لسنة 1944 المشار إليه
وحيث إنه بالنسبة لنص الفقرة الأولى من المادة (1) من القانون رقم 90 لسنة 1944 المشار إليه، فقد سبق لهذه المحكمة أن حسمت المسألة المتعلقة بدستوريته بحكمها الصادر في القضية رقم 33 لسنة 22 قضائية "دستورية"، حيث قضت فيها بجلسة 9 يونيو سنة 2002، برفض الدعوى الدستورية، وقد نشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية، العدد (25 تابع) بتاريخ 20/6/2002؛ وكان مقتضى نص المادة (195) من الدستور، والمادتين (48, 49) من قانون هذه المحكمة أن تكون لأحكامها وقراراتها حجية مطلقة، لا يقتصر أثرها على الخصومة في الدعاوى التي صدرت فيها، وإنما ينصرف هذا الأثر إلى الكافة، وتلتزم به جميع جهات القضاء سواء كانت هذه الأحكام قد انتهت إلى عدم دستورية النص التشريعي المطعون فيه، أم إلى دستوريته، ورفض الدعوى. ومن ثم، فإنه يمتنع - والحال كذلك - إعادة المجادلة في دستورية النص المطعون فيه مرة أخرى، وتضحى الدعوى قبل ذلك النص غير مقبولة
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة وألزمت المدعي المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.



الاغفال التشريعي لتنظيم الاجازة الخاصة

الطعن 47 لسنة 31 قضائية  "دستورية " جلسة 5/3/2016

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من مارس سنة 2016م، الموافق الخامس والعشرين من جمادى الأولى سنة 1437ه.
برئاسة السيد المستشار/ عدلي محمود منصور رئيس المحكمة.
وعضوية السادة المستشارين: عبد الوهاب عبد الرازق والسيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعي عمرو ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عبد العزيز محمد سالمان رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 47 لسنة 31 قضائية "دستورية".
الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعي كان قد التحق بالعمل بمؤسسة الأهرام في 1/6/1998، وحصل على إجازة بدون مرتب لمدة عام اعتبارا من 1/1/2004, ثم تجددت هذه الإجازة بناء على طلبه حتى 30/6/2008، حيث تم التنبيه عليه بضرورة الانتظام في العمل اعتبارا من 1/7/2008, إلا أنه تغيب عن العمل دون إذن أو عذر مقبول، فأنذرته المؤسسة بتاريخ 16, 26/7/2008 بضرورة الانتظام في العمل وإلا فسيتم إنهاء خدمته، وأخطرت نقابة الصحفيين بعزمها على إنهاء خدمة المذكور، وإزاء استمراره في الانقطاع عن العمل، أقامت المؤسسة الدعوى رقم 8339 لسنة 2008 عمال كلي شمال القاهرة طلبا للحكم بفصل المدعي من الخدمة إعمالاً لنص المادة (69/ 4) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، كما أقام المدعي الدعوى رقم 8423 لسنة 2008 عمال كلي شمال القاهرة طلبا للحكم بإلزام مؤسسة الأهرام بتجديد الإجازة الممنوحة له لمدة سنة قابلة للتجديد، وقررت المحكمة ضم الدعويين للارتباط، وأثناء نظرهما دفع الحاضر عن المدعي بجلسة 26/11/2008 بعدم دستورية نص المادة (69) وما بعدها من قانون العمل، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت برفع الدعوى الدستورية فقد أقام المدعي دعواه الماثلة.
المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم اختصاص المحكمة الدستورية العليا بنظر الدعوى الماثلة، فمردود أولاً: بأن المدعي كشف عن أنه لا يتوخى بدعواه هذه، غير مجرد الحكم بعدم دستورية نص المادة (69) المطعون عليها، فيما لم يتضمنه من تنظيم الإجازة الخاصة، ليكون إبطالها مؤديا بالضرورة - ودون تدخل تشريعي - إلى مساواته بالعاملين المدنيين في الدولة الذين يمنحون الإجازة الخاصة دون قيد. ومردود ثانيا: بأن الدستور، وإن خول السلطة التشريعية أصلاً اختصاص إقرار النصوص القانونية، باعتبار أن ذلك مما يدخل في نطاق الدائرة الطبيعية لنشاطها، إلا أن إقرار هذه النصوص لا يعصمها من الخضوع للرقابة القضائية التي تباشرها المحكمة الدستورية العليا في شأن دستوريتها، وهي رقابة غايتها إبطال ما يكون منها مخالفًا للدستور، ولا سيما ما كان منها متصلاً بالحقوق التي أهدرتها ضمنًا، سواء كان إخلالها بها مقصودا ابتداء، أم كان قد وقع عرضا.
وحيث إن الثابت من مطالعة نص المادة (69) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 يتبين أنه يتعلق بتحديد الحالات التي يجوز فيها فصل العامل، وقد ورد هذا النص ضمن أحكام الفصل الثاني من الباب الخامس من قانون العمل تحت عنوان "التحقيق مع العمال ومساءلتهم" بينما وردت أحكام الإجازات في الباب الرابع من الكتاب الثاني من ذلك القانون.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها قيام علاقة منطقية بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازما للفصل في الطلبات المطروحة على محكمة الموضوع، ولا تتحقق المصلحة الشخصية المباشرة إلا باجتماع شرطين، أولهما: أن يقيم المدعي - وفي الحدود التي اختصم فيها النص التشريعي المطعون عليه - الدليل على أن ضررا واقعيا قد لحق به، ويتعين أن يكون هذا الضرر مباشرا مستقلا بعناصره، ممكنًا إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية. ثانيهما: أن يكون مرد هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون عليه، فإذا كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، دلّ ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة في مخاصمته، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الحالة لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه عند رفعها.
وحيث إن الدفع المبدى من المدعي بعدم الدستورية أمام محكمة الموضوع انصب على نص المادة (69) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 باعتباره النص الذي تطلب مؤسسة الأهرام فصل المدعي من العمل استنادا إلى البند الرابع منه، لانقطاعه عن العمل بعد انتهاء مدة الإجازة الخاصة السابق منحها له لرعاية والده المريض، إلا أن مناعيه في صحيفة دعواه الدستورية خلت من أية مثالب دستورية توجه إلى هذا النص سوى خلوه من تنظيم الإجازة الخاصة، والتي قد يكون موضعها - إذا تضمنها ذلك القانون - الباب الرابع من الكتاب الثاني الوارد تحت عنوان "الإجازات" وهو ما لم يكن محل طعن المدعي، ومن ثم فإن ما يتصوره المدعي من إخلال هذا النص بحقوقه لا يعود إليه، مما تنتفي معه مصلحة المدعي في الطعن عليه، ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول هذا الشق من الدعوى.
وحيث إنه عن الدفع بعدم الدستورية عن المواد التالية للمادة (69) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، فإن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المادة (30) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 توجب أن يتضمن القرار الصادر بالإحالة أو صحيفة الدعوى المرفوعة إليها، بيان النص التشريعي المطعون بعدم دستوريته والنص الدستوري المدعى مخالفته، وأوجه المخالفة، باعتبار أن هذه البيانات تعد من البيانات الجوهرية التي تنبئ عن جدية الدعوى بما يمكن معها تحديد موضوعها، وإلا كان هذا القرار أو تلك الصحيفة منطويين على التجهيل بالمسائل الدستورية التي تدعى هذه المحكمة للفصل فيها.
متى كان ما تقدم وكان ما ورد بدفع المدعي أمام محكمة الموضوع، وردده بصحيفة دعواه الدستورية من الطعن بعدم الدستورية على المواد التالية للمادة (69) قد جاء دون تحديد لهذه المواد وأوجه الطعن عليها، ومن ثم يكون هذا الدفع وتلك الصحيفة منطويين على التجهيل بالمسألة الدستورية التي تدعى هذه المحكمة للفصل فيها مما يتعين معه القضاء بعدم قبول هذا الشق من الدعوى أيضا.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.


الأربعاء، 25 مايو 2016

دستورية الولاية التعليمة على الطفل للحاضن

الطعن 6 لسنة 34 قضائية "دستورية". جلسة 5/3/2016
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من مارس سنة 2016م، الموافق الخامس والعشرين من جمادى الأولى سنة 1437ه
برئاسة السيد المستشار/ عدلي محمود منصور رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: عبد الوهاب عبد الرازق والسيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعي عمرو والدكتور عادل عمر شريف ومحمود محمد غنيم وحاتم حمد بجاتو نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عبد العزيز محمد سالمان رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 6 لسنة 34 قضائية "دستورية".
الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعي كان قد تزوج بالمدعى عليها السادسة، ورزق منها على فراش الزوجية بالصغيرة "روان" من مواليد 11/4/2002، والصغيرة "ريناد" من مواليد 21/4/2004, وانفصلا نتيجة لخلافات زوجية شجرت بينهما، مع احتفاظها بحضانة الصغيرتين، وتقرر لها نفقة زوجية بمبلغ خمسين جنيها شهريا، ونفقة للصغيرتين بمبلغ ثمانين جنيها شهريا. وإزاء إصرارها على إلحاقهما بمدرسة الفرنسيسكان الخاصة، التي تفوق مصروفاتها مقدرته المالية، فقد وجه إليها إنذارا على يد محضر، بالتزامه بسداد الرسوم الدراسية المقررة للمدارس الحكومية دون غيرها من رسوم المدارس الخاصة، فلم تستجب، كما حاول سحب ملفي الصغيرتين إلا أن إدارة تلك المدرسة رفضت تسليمه إياهما إلا بموافقة والدتهما الحاضنة لهما، فأقام الدعوى رقم 8 لسنة 2010 أسرة، أمام محكمة بندر أول أسيوط، طلبا للحكم بنقل ملفي الصغيرتين إلى إحدى المدارس الحكومية، وبجلسة 27/11/2010, قضت المحكمة برفض الدعوى، على سند من أن الفقرة الثانية من المادة (54) من قانون الطفل المشار إليه بعد استبدالها بالقانون رقم 126 لسنة 2008، تجعل الولاية التعليمية للحاضن. فطعن المدعي على ذلك الحكم بالاستئناف رقم 43 لسنة 86ق، أمام محكمة الأسرة باستئناف أسيوط، وحال نظره، دفع بعدم دستورية النص التشريعي المشار إليه، وإذ قدرت المحكمة جدية ذلك الدفع، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقام دعواه الماثلة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
وحيث إن المادة (54) من قانون الطفل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1996، تنص في فقرتها الأولى على أن: "التعليم حق لجميع الأطفال في مدارس الدولة بالمجان". وتنص فقرتها الثانية المستبدلة بالمادة الأولى من القانون رقم 126 لسنة 2008 على أن: "وتكون الولاية التعليمية على الطفل للحاضن، وعند الخلاف على ما يحقق مصلحة الطفل الفضلى، يرفع أي من ذوي الشأن الأمر إلى رئيس محكمة الأسرة، بصفته قاضيا للأمور الوقتية، ليصدر قراره بأمر على عريضة، مراعيا مدى يسار ولي الأمر، وذلك دون المساس بحق الحاضن في الولاية التعليمية". 
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يكو ن ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسائل الدستورية التي تدعى هذه المحكمة للفصل فيها، لازما للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكانت رحى النزاع الموضوعي تدور حول مدى أحقية الحاضنة في اختيار دور التعليم لأبنائها، دون من له الولاية على النفس، ومن ثم فإن الفصل في دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (54) من قانون الطفل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1996 المستبدلة بنص المادة الأولى من القانون رقم 126 لسنة 2008 يعد أمرا لازما للفصل في الدعوى الموضوعية، وتتوافر للمدعي مصلحة شخصية ومباشرة في الطعن عليه، ويتحدد نطاق الدعوى الدستورية فيما تضمنه صدر تلك الفقرة من أنه: "وتكون الولاية التعليمية على الطفل للحاضن"، دون سائر ما تضمنه ذلك النص من أحكام أخرى
وحيث إن المدعي ينعي على النص المطعون فيه – محددا نطاقًا على النحو المتقدم - مخالفته مبادئ الشريعة الإسلامية، حال كونها المصدر الرئيسي للتشريع، وذلك على سند من أن المقرر فقها وقضاء أن الحضانة ولاية تربية ورعاية للصغير في أول مراحل حياته، التي يعجز خلالها عن القيام بشئون نفسه، وعدم إدراكه لما ينفعه وما يضره، فتكون الحاضنة من النساء هي الأصبر عليه والأقدر على القيام بشئونه خلال هذه الفترة. بينما الولاية على النفس وصيانتها، ويدخل فيها الولاية التعليمية، تثبت للولي، فيكون له اختيار دور ونوع التعليم التي تتناسب وقدرات الصغير، وتتناسب أيضا مصروفاتها ويسار الولي. وإذ انتزع المشرع بموجب النص المطعون فيه، ودون مبرر، الولاية التعليمية من الولي، وأسندها إلى الحاضن، فإنه يكون قد وقع في حومة مخالفة أحكام المادة الثانية من الدستور
وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن الرقابة الدستورية على القوانين من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، بحسبانه مستودع القيم التي تقوم عليها الجماعة، وتعبيرا عن إرادة الشعب منذ صدوره. وتستهدف هذه الرقابة أصلاً صون الدستور القائم، وحمايته من الخروج على أحكامه، لكون نصوصه تمثل دائما القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التي يتعين التزامها ومراعاتها، وإهدار ما يخالفها من التشريعات، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة. متى كان ذلك، وكان المطعن الذي وجهه المدعي إلى النص التشريعي المطعون فيه، بمخالفته مبادئ الشريعة الإسلامية، يندرج تحت المطاعن الموضوعية، التي تقوم في مبناها على مخالفة نص تشريعي لقاعدة في الدستور من حيث محتواها الموضوعي
ومن ثم، فإن المحكمة تباشر رقابتها القضائية على دستورية النص التشريعي المطعون عليه في ضوء أحكام الدستور الصادر سنة 2014، باعتباره الوثيقة الدستورية السارية، وهي أحكام ليس فيها ما يخالف ما أورده المدعي بشأن المبادئ الدستورية الحاكمة للنص المطعون عليه في دستور سنة 1971 والإعلان الدستوري الصادر في 30/3/2011, فالثابت أن نص المادة الثانية في كليهما من أن "مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع"، هي ذاتها ما ورد النص عليه في المادة الثانية من الدستور القائم
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن حكم المادة الثانية من دستور سنة 1971 - منذ تعديلها في 22 من مايو سنة 1980، والذي رددته الدساتير المتعاقبة حتى دستور سنة 2014 - يدل على أن الدستور – واعتبارا من تاريخ العمل بهذا التعديل - قد أتى بقيد على السلطة التشريعية، يلزمها فيما تقره من النصوص القانونية، بألا تناقض أحكامها مبادئ الشريعة الإسلامية في أصولها الثابتة - مصدرا وتأويلاً - والتي يمتنع الاجتهاد فيها، ولا يجوز الخروج عليها، أو الالتواء بها عن معناها. ولا كذلك الأحكام الظنية غير المقطوع بثبوتها أو بدلالتها أو بهما معا، ذلك أن دائرة الاجتهاد تنحصر فيها ولا تمتد لسواها، وهي بطبيعتها متطورة تتغير بتغير الزمان والمكان لضمان مرونتها وحيويتها. وإذا كان الاجتهاد في الأحكام الظنية، وربطها بمصالح الناس عن طريق الأدلة الشرعية – النقلية منها والعقلية – حقا لأهل الاجتهاد، فأولى أن يكون هذا الحق مقررا لولي الأمر، ذلك أن الشريعة الإسلامية لا تضفي قدسية على آراء أحد من الفقهاء في شأن من شئونها، ولا تحول دون مراجعتها وتقييمها، وإبدال غيرها بها، بمراعاة المصلحة الحقيقية التي لا تناقض المقاصد العليا للشريعة. فالآراء الاجتهادية لا تجاوز حجيتها قدر اقتناع أصحابها بها، ولا يساغ بالتالي اعتبارها شرعا مقررا لا يجوز نقضه، وإلا كان ذلك نهيا عن التأمل والتبصر في دين الله تعالى، وإنكارا لحقيقة أن الخطأ محتمل في كل اجتهاد. ومن ثم، صح القول بأن اجتهاد أحد الفقهاء ليس بالضرورة أحق بالإتباع من اجتهاد غيره، وربما كان أضعف الآراء سندا، أكثر ملاءمة للأوضاع المتغيرة، ولو كان مخالفًا لأقوال استقر عليها العمل زمنًا. وعلى ذلك، ينظر ولي الأمر في كل مسألة بخصوصها بما يناسبها، وبمراعاة أن يكون الاجتهاد دوما واقعا في إطار الأصول الكلية للشريعة، لا يجاوزها، ملتزما ضوابطها الثابتة، متحريا مناهج الاستدلال على الأحكام العملية والقواعد الضابطة لفروعها، كافلاً صون المقاصد الكلية للشريعة، بما تقوم عليه من حفاظ على الدين والنفس والعقل والعرض والمال، مستلهما في ذلك كله حقيقة أن المصالح المعتبرة هي تلك التي تكون مناسبة لمقاصد الشريعة ومتلاقية معها
ومن ثم، كان حريا بولي الأمر، عند الخيار بين أمرين، مراعاة أيسرهما، ما لم يكن إثما. وكان واجبا كذلك ألا يشرع حكما يضيق على الناس أو يرهقهم في أمرهم عسرا، وإلا كان مصادما لقوله تعالى في الآية (6) من سورة المائدة: "ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج". 
وحيث إن القرآن الكريم والسنة المشرفة قد خليا من نص قطعي الثبوت والدلالة يقرر حكما فاصلاً في شأن من تكون له الولاية التعليمية على الطفل المحضون، وهو ما أكده اختلاف الفقهاء في هذا الشأن، وكشفت عنه مناقشات مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف: إذ ارتأى البعض أن تكون الولاية التعليمية للحاضن عند انفصام عرى الزوجية، بينما ذهب رأي ثانٍ إلى أن تلك الولاية تكون للأم الحاضنة حتى بلوغ الصغير سن السابعة، وبعدها تكون الولاية التعليمية للأب باعتباره الولي على النفس، ورأى فريق ثالث أن تكون الولاية التعليمية للأب، إلا إذا تعسف في استعمال الحق، فتنتقل تلك الولاية للحاضنة. ورأى فريق رابع أنه عند الخلاف على نوعية التعليم، يتم تخيير الصغير لاختيار ما يناسبه. وذهب رأي خامس إلى أن الولاية التعليمية على الصغير تكون للأب، فإن اختلفت معه الأم في نوع التعليم، فصل القاضي في هذا الخلاف، مع مراعاة ألا يجبر أحد الوالدين على قبول نوع من التعليم فيه مساس بدين الصغير أو أخلاقه أو يبعد عن مسكن الصغير. وأخيرا، اتجه فريق سادس إلى أن الولاية التعليمية على الطفل وإن كانت للأب، إلا أنها ليست مطلقة؛ إذ عليه إشراك الأم وجوبا في اختيار نوع التعليم والمدرسة التي يريد إلحاق ابنهما بها، في ضوء ما يحقق مصلحة المحضون، ويفصل القضاء فيما يثور بين الأب والأم من خلاف في هذا الشأن. وفي ضوء ما تقدم، فقد دل الفقهاء باختلافهم حول مسألة من تكون له الولاية التعليمية على الطفل المحضون، أنها من المسائل الاجتهادية التي تتباين الآراء حولها، لكل وجهة يعتد فيها بما يراه أكفل لتحقيق نفع ومصلحة الطفل
متى كان ذلك، وكانت آراء الفقهاء قد تباينت في شأن من تكون له الولاية التعليمية على الطفل المحضون، فكان على ولي الأمر إعمال حكم العقل في هذه المسألة، توصلاً لقاعدة عملية يقتضيها عدل الله ورحمته بعباده، وتسعها الشريعة الإسلامية التي لا تضفي قدسية على آراء أحد الفقهاء في شأن من شئونها، ولا تحول دون مراجعتها وتقييمها، بمراعاة المصلحة الحقيقية التي تكفل صون المقاصد الكلية للشريعة، بما تقوم عليه من حفاظ على الدين والنفس والعقل والعرض والمال، مستلهما في ذلك كله حقيقة أن المصالح المعتبرة هي تلك التي تكون مناسبة لمقاصد الشريعة ومتلاقية معها
وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن الصغير تثبت له منذ ولادته ثلاث ولايات، أولاها: ولاية التربية (الحضانة)، وثانيتها: الولاية على النفس، وثالثتها: الولاية على المال. وتثبت الولايتان الأخيرتان – كأصل عام - للعصبة من الرجال، والأصل في الولاية على النفس أنها ولاية إشراف على شئون الصغير، من صيانة وحفظ وتهذيب. أما ولاية التربية – وتعرف بالحضانة – فغايتها الاهتمام بالصغير وضمان رعايته والقيام على شئونه في الفترة الأولى من حياته التي لا يستغنى فيها عن النساء ممن لهن الحق في تربيته شرعا. والأصل فيها ومدار أحكامها مصلحة الصغير، وهي تتحقق بأن تضمه الحاضنة إلى جناحها، باعتبارها أحفظ عليه وأحرص على توجيهه، وأقدر على صيانته، ولأن انتزاعه منها - وهي أشفق عليه وأكثر معرفة بما يلزمه وأوفر صبرا - مضرة به إبان هذه الفترة الدقيقة التي لا يستقل فيها بأموره. وتكون الولاية على النفس - ولاية الإشراف - للأب أو لغيره من العصبات، وذلك إلى أن تنتهي مدة الحضانة، فتصير الرعاية الكاملة على الصغير لولي النفس، يهيمن عليها وحده
وحيث إن المشرع قد تغيا بأحكام النص المطعون فيه - وعلى ما كشفت عنه مناقشات مجلس الشعب - من إسناد الولاية التعليمية على الطفل للحاضن، مواجهة ضرورة اجتماعية كشف عنها الواقع العملي، وامتلأت بها أضابير النيابات والمحاكم، نتيجة الخلافات التي تثور في شأن تعليم الأبناء، بين الحاضن والقائم بالولاية على النفس، خاصة بعد انفصام عرى الزوجية، إذ يتعمد بعض ذوي النفوس الضعيفة من الآباء أو غيرهم ممن لهم الولاية على النفس – نكاية في الحاضنة، أو لإرغامها على التنازل عن بعض أو كل حقوقها أو حقوق الأبناء الشرعية - عدم تقديم طلب لإلحاق الطفل بأي من دور التعليم رغم بلوغه سن التعليم، أو سحب ملفه التعليمي من الدار التي كان يتعلم فيها، وتقديمه إلى أخرى أقل مستوى أو تختلف نوعا أو تبعد مسافة عن مسكن حضانته، بما قد يضر بمستقبله التعليمي، خاصة إن تم انتزاعه من دار تعليم تتوافق وقدراته ومستواه، ورفاق دراسة ومدرسين تآلف معهم. فكان لزاما على المشرع التدخل لحماية هذه الفئة من الأطفال، حفاظًا على مستقبلهم التعليمي، والذي يستطيل أثره بالضرورة، إن عاجلاً أو آجلاً إلى المجتمع. فأسند بموجب النص المطعون فيه الولاية التعليمية على الطفل للحاضن، باعتباره القائم على تربيته ورعايته، والأدرى بميوله واستعداده. وفي الوقت ذاته لم يحرم ولي النفس من المشاركة في الولاية التعليمية عليه؛ إذ الأصل أن يسعى مع الحاضن إلى ما يحقق مصلحة الطفل الفضلى، فإن حدث خلاف بينهما في هذا الشأن، أو تعمد الحاضن إرهاقه بمصاريف تعليم تفوق قدرته المالية، فقد وفر له ذلك النص وسيلة قضائية سريعة، من قاض متخصص في شئون الأسرة، باستصدار أمر على عريضة في شأن المسألة المتنازع فيها، بما يحقق المصلحة الفضلى للطفل، وبمراعاة مدى يسار ولي الأمر، وهو ما يتوافق وقول الله عز وجل في الآية (233) من سورة البقرة "لا تُكلَّفُ َنْفس إلاَّ وسعها، لا تُضار والِدٌة بِوَلدِها ولا مولُود لَّه بِوَلدِه". ويقتصر أثر الأمر الصادر من القاضي في هذا الشأن على المسألة محل الخلاف. ومن ثم، فقد توافقت الوسيلة التي أوجدها المشرع بموجب النص المطعون فيه، مع الغاية التي سعى إليها، متمثلة في حماية مصلحة الطفل الفضلى في التعليم، وهي من مقاصد الشريعة الإسلامية، لما فيها من حفاظ على عقل ونفس الطفل، وحفاظ على المال بالنسبة لولي الأمر الملزم بالإنفاق. الأمر الذي يكون معه النعي بمخالفة هذا النص للشريعة الإسلامية على غير سند صحيح، جديرا بالرفض
وحيث إن النص المطعون فيه لا يخالف أيا من نصوص الدستور الأخرى
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة: برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.