الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 23 أبريل 2020

الطعن 518 لسنة 34 ق جلسة 15 / 6 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 98 ص 493

جلسة 15 من يونيه سنة 1964
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، ومحمد صبري، ومحمد محمد محفوظ، ومحمد عبد المنعم حمزاوي.
-----------------
(98)
الطعن رقم 518 لسنة 34 القضائية
حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع". "ما يوفره". إثبات. "شهود". شهادة.
الشهادة. طبيعتها: تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه.
مناط التكليف فيها: هو القدرة على أدائها. اقتضاؤها فيمن يؤديها العقل والتمييز. لا يمكن أن تقبل من مجنون أو صبي لا يعقل.
-------------
الشهادة في الأصل هي تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه وهي تقتضي بداهة فيمن يؤديها العقل والتمييز، إذ أن مناط التكليف فيها هو القدرة على أدائها. ومن ثم فلا يمكن أن تقبل الشهادة من مجنون أو صبي لا يعقل أو غير ذلك مما يجعل الشخص غير قادر على التمييز - فإذا كان ما أورده الحكم يفيد حداثة سن الطفلة (الشاهدة) واهتزاز إدراكها، وفي الوقت الذي أورى فيه عدم تعويله كثيراً على أقوالها فإنه نوه بأخذه بشهادتها في التحقيقات في خصوص ظروف الحادث والأداة المستعملة فيه ومكانه على الرغم من منازعة الدفاع في قدرتها على التمييز وتمسكه بوجوب دعوتها لمناقشتها في ذلك مما كان يقتضي من المحكمة تحقيق مدى قدرتها على تحمل الشهادة والركون إليها وهو ما يعيبه، ذلك بأنه لا يصح عند الطعن في شاهد بأنه غير مميز الاعتماد على أقواله دون تحقيق هذا الطعن واتضاح عدم صحته. ولا يعصم الحكم ما استطرد إليه من قول بأن اقتصر في التعويل على أقوال هذه الطفلة في نطاق الصورة العامة للحادث إذ أن الواضح من مدونات الحكم انه أخذ في الاعتبار ما أدلت به الشاهدة المذكورة في صدد استعمال الجناة أداة القتل في إطلاق النار على أحد الأشخاص وأن أحد المعتدين كان يجري وهو يحمل بندقية يطلق النار منها - مساندة لما رواه شهود الرؤية - وهذه الشهادة على هذا النحو تعتبر عنصراً من العناصر التي استنبطت منها المحكمة معتقدها في الدعوى وظاهرت بها رواية شهود الرؤية بل إنها اعتمدت عليها من بين ما اعتمدت في ترجيح نوع الأداة التي استعملت في الحادث وقد كانت موضع مجادلة من الدفاع عن الطاعنين واختلف فيها أهل الفن وذلك على الرغم من أن تلك الشهادة كانت في عقيدة الحكم خالية من الضمانة القانونية التي يصح معها الركون إليها مما لا يمكن معه تعيين نصيبها من التأثير على المحكمة عند تكوين عقيدتها في الدعوى. وإذ ما كانت الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، فإن فساد استدلال الحكم بتلك الشهادة يعيبه فضلاً عما تردى فيه من إخلال بحق الدفاع مما يتعين معه نقضه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في يوم 7/ 10/ 1960 بناحية بني حسين مركز أسيوط محافظة أسيوط: أولاً - المتهمان الأول والثاني قتلا عز العرب محمد إبراهيم عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن عقدا العزم المصمم على قتله وأعدا لهذا الغرض سلاحين ناريين "مسدس وبندقية" وترصداه في الطريق الذي أيقنا مروره فيه وما أن ظفرا به حتى أطلق عليه المتهم الأول عيارين ناريين قاصدين من ذلك قتله فحدثت به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ثانياً - المتهم الثاني: أولاً - شرع في قتل سعده عبد الحفيظ عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن عقد العزم المصمم على قتلها بأن انتوى قتلها وما أن ظفر بها أطلق عليها عياراً نارياً قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليها بالعلاج. ثانياً - أحرز بغير ترخيص سلاحين ناريين أحدهما مششخن "مسدس" والثاني غير مششخن "بندقية خرطوش". ثالثاً - أحرز ذخيرة مما تستعمل في السلاحين الناريين سالفي الذكر دون أن يكون مرخصاً له في إحرازهما أو حيازتهما. رابعاً - سرق البندقية المبينة وصفاً وقيمة لعز العرب محمد إبراهيم حالة كونه يحمل سلاحاً نارياً ظاهراً. وطلبت إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 45، 46، 230، 231، 232، 317/ 6 من قانون العقوبات و1 و6 و26/ 1 - 2 - 4 من القانون رقم 394 سنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 سنة 1954 و75 سنة 1958 والجدولين الثاني والثالث المرافقين. فقررت الغرفة ذلك. وقد ادعت حميدة جاد أحمد بحق مدني قدره قرش صاغ واحد على سبيل التعويض قبل المتهمين متضامنين. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضورياً بتاريخ 13 مارس سنة 1963 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 17 و32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة المؤبدة وبمعاقبة المتهم الثاني بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة وبإلزامهما متضامنين بأن يدفعا للمدعية بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه - أنه إذ دانهما بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وإحراز السلاح والذخيرة والسرقة قد انطوى على فساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع - ذلك بأنه أسس قضاءه بإدانتهما على أقوال سعدة عبد الحفيظ دردير - وهي طفلة صغيرة غير مميزة لا يجاوز سنها الأربع السنوات وما نقلته والدتها عنها - وذلك على الرغم من منازعة الدفاع عن الطاعنين في قدرتها على التمييز وإصراره على دعوتها استجلاء لمدى إدراكها ووعيها - وقد التفت الحكم عن هذا الطلب بحجة عدم جدواه بقوله إنه مع عدم تعويله كثيراً على شهادتها فإنه اقتصر على الاستشهاد بأقوالها في التحقيقات في نطاق كيفية وقوع الحادث وظروفه دون واقعة تعرفها على الجناة التي لم تدعيها - وهو ما لا يستقيم به الرد على ذلك الدفاع ويصم استدلال الحكم المطعون فيه بالفساد فضلاً عن إخلاله بحق الدفاع الذي يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مؤداه: "أنه في صبيحة يوم 7 من أكتوبر سنة 1960 خرج المجني عليه من منزله يحمل بندقية الخرطوش المرخص له بحملها متوجهاً إلى منزل عمه في قرية بني حسين وكان حتماً عليه أن يسلك طريقاً يعتبر مغرق السبل في ظاهر البلدة التي كانت تحيط بها مياه الفيضان في ذلك الوقت - ونظراً لمقتل ابن شقيق الطاعن الأول منذ خمسة أشهر سابقة، واتهم في مقتله عم المجني عليه فقد أحكم الطاعنان تدبيرهما طيلة هذه المدة للأخذ بثأر قتيلهما ورأياً أن الوسيلة لارتكاب جرمهما في عزم وروية وهدوء هي الجلوس بجوار إحدى المقاهي التي لم تكن قد فتحت أبوابها بعد - انتظاراً لقدوم المجني عليه الذي كان لا بد من مروره من هذا الطريق وبعد قليل أهل المجني عليه عليهما وقابل صديقه مصطفى محمد عبد الهادي ولبث يتحدث معه بعض الوقت ثم انصرف كل منهما لبعض شأنه ولم يكد يخطو كل منهما بعض خطوات حتى سمع الصديق صوت أعيرة نارية متتابعة فاستدار إلى الخلف ورأى كلاً من الطاعنين وهو ممسك بمسدس ويطلق منه أولهما على المجني عليه عدة أعيرة نارية أوقعته على الأرض وسقطت بندقيته إلى جواره فتناولها الطاعن الثاني من جواره وأطلق منها مقذوفين إلى يمين ويسار تسهيلاً لفرارهما وإرهاباً للأهالي وإظهاراً للفرحة بعد أن أفلحا في الأخذ بثأر قتيلهما ولاذا بالفرار - وقد تبين أن هذه المقذوفات التي أطلقت قد أصابت أيضاً فتاة صغيرة في الرابعة من عمرها وهي سعدة عبد الحفيظ دردير رأت الحادث عند وقوعه ولكنها لم تتعرف على أحد من الطاعنين" وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال شهود الرؤية الثلاثة وشهادة الطفلة سعدة عبد الحفيظ دردير ووالدتها - نقلاً عنها - وباقي شهود الإثبات ومعاينة النيابة العامة والتقارير الطبية الشرعية وما أدلى به مساعد كبير الأطباء الشرعيين بالجلسة - وقد حصل الحكم أقوال الطفلة سعدة في قوله "وقررت سعده عبد الحفيظ دردير في محضر النيابة - وهي طفلة في الرابعة من عمرها أنها كنت تسير بمفردها في الطريق متوجهة إلى منزل جدها حين رأت شخصاً يطلق النار من - مسدس على آخر كان واقعاً على الأرض - كما رأت شخصاً آخر يجري وفى يده بندقية يطلق منها النار وأردفت أنها لم تستطع أن تميز هؤلاء الأشخاص. ولم تستطيع التعرف عليهم وأثبت وكيل النيابة المحقق أنه لم يتمكن من مواصلة سؤالها نظراً لصغر سنها" - ثم عرض إلى ما أثاره الدفاع عن الطاعنين في شأن منازعته في قدرة هذه الشاهدة على التمييز ورد عليه في قوله "وحيث إنه على الرغم من أن المحكمة لا تعول كثيراً على شهادة سعدة عبد الحفيظ دردير ووالدتها إلا فيما تنم عليه من أن الواقعة حصلت فعلاً على النحو الذي ساقه شهود الرؤية إذ أن أقوال هذه الطفلة الصغيرة جاءت صريحة واضحة في أن شخصاً أطلق على آخر مسدسه وأن شخصاً ثانياً حمل بندقيته وأطلق منها أعيرة في الهواء - دالة في أن مكان إصابتها هو نفس المكان الذي حصلت فيه جريمة القتل...." واستطرد الحكم في رده على ما تقدم وعلى ما تمسك به الدفاع من وجوب دعوة هذه الطفلة لتحقيق ما أثاره في شأن عدم قدرتها على التمييز في قوله "وإنما الواقعة التي تستحق الذكر هي أن حدوث إصابة هذه الطفلة في نفس المكان وإدلائها بصورة رغم اهتزازها - لا تتجافى والتصوير الذي ورد على ألسنة شهود الرؤية مصداق لأقوال هؤلاء "الشهود" ومؤيد لرأيهم في غير جدال وفي حدود هذا النطاق الذي تستظهره المحكمة لشهادة هذه الطفلة ووالدتها - يبدو ألا مساغ لمطلب الدفاع من إعادة مناقشتها لأنه لا جدوى من هذه المناقشة بعد أن نفت هذه الطفلة إمكان استعرافها على أحد من المتهمين وبعد إذ بدا أن أقوالها في خصوص التفصيلات لا يمكن أخذها على علاتها إلا في الصورة العامة والتي لا تضيف دليلاً جديداً إلى الاتهام أو تقلل من سداده" - لما كان ذلك، وكان ما خلص إليه الحكم فيما تقدم - غير سديد - ذلك بأن الشهادة في الأصل هي تقرير الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه وهي تقتضي بداهة فيمن يؤديها العقل والتمييز إذ أن مناط التكليف فيها هو القدره على أدائها. ومن ثم فلا يمكن أن تقبل الشهادة من مجنون أو صبي لا يعقل أو غير ذلك مما يجعل الشخص غير قادر على التمييز - وكان ما أورده الحكم يفيد حداثة سن الطفلة واهتزاز إدراكها، وفي الوقت الذي أورى فيه عدم تعويله كثيراً على أقوالها فإنه نوه بأخذه بشهادتها في التحقيقات في خصوص ظروف الحادث والأداة المستعملة فيه ومكانه على الرغم من منازعة الدفاع في قدرتها على التمييز وتمسكه بوجوب دعوتها لمناقشتها في ذلك مما كان يقتضي من المحكمة تحقيق مدى قدرتها على تحمل الشهادة والركون إليها - وهو ما يعيبه، ذلك بأنه لا يصح عند الطعن في شاهد بأنه غير مميز الاعتماد على أقواله دون تحقيق هذا المطعن واتضاح عدم صحته - ولا يعصم الحكم ما استطرد إليه من قول بأن اقتصر في التعويل على أقوال هذه الطفلة في نطاق الصورة العامة للحادث إذ أن الواضح من مدونات الحكم انه أخذ في الاعتبار ما أدلت به الشاهدة المذكورة في صدد استعمال الجناة أداة القتل (المسدس) في إطلاق النار على أحد الأشخاص وأن أحد المعتدين كان يجري وهو يحمل بندقية يطلق النار منها - مساندة لما رواه شهود الرؤية - وهذه الشهادة على هذا النحو تعتبر عنصراً من العناصر التي استنبطت منها المحكمة معتقدها في الدعوى وظاهرت بها رواية شهود الرؤية بل إنها اعتمدت عليها من بين ما اعتمدت في ترجيح نوع الأداة التي استعملت في الحادث وقد كانت موضع مجادلة من الدفاع عن الطاعنين واختلف فيها أهل الفن وذلك على الرغم - أن تلك الشهادة كانت في عقيدة الحكم خالية من الضمانة القانونية التي يصح معها الركون إليها مما لا يمكن معه تعيين نصيبها من التأثير على المحكمة عند تكوين عقيدتها في الدعوى. وإذ ما كانت الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، فإن فساد استدلال الحكم بتلك الشهادة يعيبه فضلاً عما تردى فيه من إخلال بحق الدفاع مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والاحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن مع إلزام المطعون ضده المصاريف المدنية ومقابل أتعاب المحاماة.

الطعن 439 لسنة 34 ق جلسة 22 / 6 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 100 ص 503


جلسة 22 من يونيه سنة 1964
برياسة السيد المستشار/ أديب نصر، وبحضور السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمد محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، ومحمد عبد المنعم حمزاوي.
----------------
(100)
الطعن رقم 439 لسنة 34 القضائية

دعوى جنائية. "تحريكها". تهريب جمركي. جمارك. حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
عدم جواز تحريك الدعوى الجنائية أو مباشرة أي إجراء من إجراءات بدء تسييرها أمام جهات التحقيق أو الحكم قبل صدور طلب كتابي من مدير مصلحة الجمارك أو من ينيبه كتابة بذلك. هذا الطلب من البيانات الجوهرية. على الحكم أن يتضمنه لاتصاله بسلامة تحريك الدعوى الجنائية. إغفاله يترتب عليه البطلان. لا يغني عن النص عليه بالحكم أن يكون ثابتاً بالأوراق، صدور مثل هذا الطلب من جهة الاختصاص.

---------------
مؤدى نص المادة الرابعة من القانون رقم 623 لسنة 1955 بشأن أحكام التهريب الجمركي هو عدم جواز تحريك الدعوى الجنائية أو مباشرة أي إجراء من إجراءات بدء تسييرها أمام جهات التحقيق أو الحكم قبل صدور طلب كتابي من مدير مصلحة الجمارك أو من ينيبه كتابة بذلك، وهذا القيد مستمر العمل به بموجب نص المادة 124 من القانون رقم 66 لسنة 1963 الذي ألغى القانون 623 لسنة 1955. وإذ كان هذا البيان من البيانات الجوهرية التي يجب أن يتضمنها الحكم لاتصاله بسلامة تحريك الدعوى الجنائية فإن إغفاله يترتب عليه بطلان الحكم. ولا يغني عن النص عليه بالحكم أن يكون ثابتاً بالأوراق صدور مثل هذا الطلب من جهة الاختصاص. فإذا كان الحكم المطعون فيه قد خلا من الإشارة إلى أن الدعوى الجنائية أقيمت بطلب كتابي من مدير جمرك القاهرة بناء على تفويضه بذلك من مدير عام مصلحة الجمارك فإنه يكون مشوباً بالبطلان مما يتعين نقضه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في يوم 28/ 9/ 1960 بدائرة مركز منوف: الأول بصفته صاحب مصنع والثاني مديراً مسئولاً عنه أحرزا دخاناً مخلوطاً مع علمهما بذلك. وطلبت معاقبتهما بالمواد 1 و6/ 1 من القانون رقم 74 لسنة 1933 المعدل بالقانونين رقمي 79 لسنة 1944 و86 لسنة 1948 والقرار الوزاري رقم 91 لسنة 1933. ومحكمة منوف الجزئية قضت حضورياً بتاريخ 16/ 1/ 1963 ببراءة المتهمين مما أسند إليهما. فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم. ومحكمة شبين الكوم الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً في 2/ 12/ 1963 عملاً بمواد الاتهام بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع
وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وبتغريم المتهمين ألف قرش عن كل كيلو جرام أو جزء منه من الكمية المضبوطة والمصادرة. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة إحراز دخان مخلوط مع علمهما بذلك - قد شابه البطلان ذلك لأن الدعوى الجنائية رفعت عليهما بناء على طلب كتابي من مصلحة الجمارك ومع ذلك فإن الحكم لم يشر في مدوناته إلى أن الدعوى رفعت بناء على طلب جهة الاختصاص وهو بيان جوهري يترتب على إغفاله البطلان مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن مدير جمرك القاهرة - بموجب تفويض صادر إليه من مدير عام الجمارك - طلب من النيابة العامة بخطاب منه - رفع الدعوى الجنائية ضد محمود أبو عوف الدفراوي لضبط دخان غير مطابق للقرار الوزاري رقم 91 لسنة 1933 بمصنعه - وللحكم عليه بمبلغ 18160 ج لمصلحة الجمارك طبقاً لنص المادة 2 من الدكريتو الصادر في 22 يونيه سنة 1891 المعدل بالقانونين رقمي 72 لسنة 1933 و87 لسنة 1948 ومصادرة الدخان المضبوط - وقد أقامت النيابة العامة الدعوى الجنائية ضد الطاعنين: الأول - بصفته صاحب مصنع. والثاني - مديراً مسئولاً عنه بوصف أنهما أحرزا دخاناً مخلوطاً مع علمهما بذلك وطلبت عقابهما بالمواد 1 و6/ 1 من القانون رقم 74 لسنة 1933 المعدل بالقانونين رقمي 79 لسنة 1944 و86 لسنة 1948 والقرار الوزاري رقم 91 لسنة 1933 - وقضت محكمة منوف الجزئية ببراءة المتهمين (الطاعنين) مما أسند إليهما - واستأنفت النيابة العامة هذا الحكم للخطأ في تطبيق القانون وقضت محكمة شبين الكوم الابتدائية - منعقدة بهيئة استئنافية - حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وتغريم المتهمين ألف قرش عن كل كيلو جرام أو جزء منه من الكمية المضبوطة والمصادرة. لما كان ذلك، وكانت الجريمة التي دين بها الطاعنان من جرائم التهريب الجمركي طبقاً لنص المادة 2 من الدكريتو الصادر في 22 يونيه سنة 1891 المعدل بالقانون رقم 87 لسنة 1948 وكانت المادة الرابعة من القانون رقم 623 لسنة 1955 الخاص بأحكام التهريب الجمركي - الساري على واقعة الدعوى - تنص على أنه "لا يجوز رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ إجراءات في جريمة التهريب إلا بناء على طلب كتابي من مدير مصلحة الجمارك أو من ينيبه كتابة لذلك..." (وهذا القيد مستمر العمل به بموجب نص المادة 124 من القانون رقم 66 لسنة 1963 الذي ألغى القانون رقم 623 لسنة 1955 المذكور). وكان مؤدى هذا النص هو عدم جواز تحريك الدعوى الجنائية أو مباشرة أي إجراء من إجراءات بدء تسييرها أمام جهات التحقيق أو الحكم قبل صدور طلب كتابي من مدير مصلحة الجمارك أو من ينيبه كتابة بذلك. وإذ كان هذا البيان من البيانات الجوهرية التي يجب أن يتضمنها الحكم لاتصاله بسلامة تحريك الدعوى الجنائية فإن إغفاله يترتب عليه بطلان الحكم. ولا يغني عن النص عليه بالحكم أن يكون ثابتاً بالأوراق صدور مثل هذا الطلب من جهة الاختصاص. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا من الإشارة إلى أن الدعوى الجنائية أقيمت بطلب كتابي من مدير جمرك القاهرة بناء على تفويضه بذلك من مدير عام مصلحة الجمارك فإنه يكون مشوباً بالبطلان مما يتعين نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 515 لسنة 34 ق جلسة 30 / 6 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 107 ص 542


جلسة 30 من يونيه سنة 1964
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، ومحمد صبري، ومحمد محمد محفوظ، ومحمد عبد المنعم حمزاوي.
--------------
(107)
الطعن رقم 515 لسنة 34 القضائية

(أ) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تحديد الأشخاص للمسافات. أمر تقديري. ليس من شأن الاختلاف فيه إهدار شهادة الشهود. الأمر في ذلك مرجعه إلى تقدير محكمة الموضوع واطمئنانها إلى الشهادة في مجموعها كعنصر من عناصر أدلة الثبوت المطروحة. مثال.
(ب) جريمة. "أركانها".
سبب الحادث ليس ركناً من أركان الجريمة.

--------------
1 - إن تحديد الأشخاص للمسافات أمر تقديري، وليس من شأن الاختلاف في ذلك إهدار شهادة الشهود، إنما الأمر في ذلك مرجعه إلى تقدير محكمة الموضوع واطمئنانها إلى الشهادة في مجموعها كعنصر من عناصر أدلة الثبوت المطروحة. فإذا كانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما قرره شاهدا الرؤية واستخلصت الإدانة من أقوالهما بما لا تناقض فيه، فإن ما يثيره الطاعنان بشأن اختلاف تقدير الشاهدين لمسافة الإطلاق ينحل إلى جدل في موضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
2 - من المقرر أن سبب الحادث ليس ركناً من أركان الجريمة.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في يوم 19/ 8/ 1961 بدائرة مركز طهطا محافظة سوهاج: أولاً - المتهم الأول قتل عبد الرؤوف السيد درديري عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً من بندقية كان يحملها قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ثانياً - المتهم الثاني شرع في قتل أمين محمد إبراهيم خليل عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً من بندقية كان يحملها قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج. ثالثاً - المتهمان الأول والثاني: أ - أحرزا بغير ترخيص سلاحين ناريين غير مششخنين بندقيتين (رش) ب - أحرزا ذخائر مما تستعمل في السلاحين الناريين سالفي الذكر دون أن يكون مرخصاً لهما بإحرازهما أو حيازتهما. وأحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمواد 45 و46 و234/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1 و6 و26 و1 - 4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 546 لسنة 1954 و75 لسنة 1958 والجدول رقم 2 المرفق. ومحكمة جنايات سوهاج قضت حضورياً بتاريخ 13 مارس سنة 1962 عملاً بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات عن التهمة الأولى المنسوبة إلى الطاعن الأول والمواد 45 و46 و234/ 1 من قانون العقوبات عن التهمة ذاتها المنسوبة إلى المتهم الثاني وبمواد قانون السلاح بالنسبة إلى تهمتي إحراز السلاح والذخيرة المنسوبة إلى كل منهما مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بالنسبة إلى كل من المتهمين بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وبمعاقبة المتهم الثاني بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجرائم القتل العمد والشروع فيه وإحراز السلاح النارى وذخيرته قد انطوى على خطأ في الإسناد وشابه قصور وتناقض في التسبيب وفساد في الاستدلال ذلك بأن الحكم أسند إلى الطاعنين فيما أورده عن واقعة الدعوى وما خلص إليه بالنسبة إلى جريمة إحراز السلاح أن كلاً منهما كان يحمل بندقية خرطوش مع أن أحداً من الشهود لم يشهد بذلك. كما إن ما رد به الحكم على دفاع الطاعنين في شأن عدم تمييز شاهدي الرؤية لنوع السلاح بأن المجني عليه الثاني ليس خبيراً في أنواع السلاح تلك الخبرة غير المستلزمة في جميع الأفراد وأن الشاهدين المذكورين قد أكدا أن البنادق خرطوش - ما رد به من ذلك لا يتفق وأقوال المجني عليه الثاني في التحقيق والتي تليت بالجلسة إذ أن هذا الآخر لم يقل ذلك. كما أن أحداً من الشهود لم يؤكد في أقواله أن البندقيتين المستعملتين كانتا من نوع الخرطوش هذا فضلاً عن قصور الحكم وتناقضه في بيان أي من شاهدي الرؤية أكد ذلك كما أن الحكم أطرح دفاع الطاعنين في خصوص سبب الحادث وقولهما إنه لم يثبت بأنه لهما صبية كانوا يرعون أغناماً في مكان الجريمة بأن رد عليه بقوله - إن الطاعن الثاني اعترف بأنه يملك أغناماً وأن صبية كانت ترعاها وهو ما لا يصلح رداً على دفاعهما لأن ما يسنده الحكم إلى الطاعن الثاني من إقرار في هذا الخصوص لا يفيد أن الأغنام التي كانت ترعاها الصبية هي أغنام أي من الطاعنين. ثم إن ما رد به الحكم على دفاعهما في خصوص ما قرره شاهدا الرؤية عن كيفية ارتكاب الطاعنين للحادث ووقت وقوعه وإمكان الرؤية وتقدير المسافات لا يصلح رداً على دفاعهما لابتنائه على مجرد فروض احتمالية وكان من المتعين الاستعانة بشهادة من مصلحة الأرصاد الجوية لبيان حالة الرؤية في الوقت الذي وقع فيه الحادث كما أن البندقيتين المستعملتين في الحادث لم تكونا تحت بصر المحكمة حتى تتحقق عن طريق أهل الخبرة من مداهما وأخيراً فإن ما رد به الحكم في صدد تقرير الشاهدين لمسافة الإطلاق من أن الأفراد يختلفون في تقدير المسافات على وجه الدقة والتحديد وأن أقوال شاهدي الرؤية مؤيدة بما قرره الطبيب الشرعي من تحديد لهذه المسافة لا يتفق وأقوال الشاهدين في التحقيق إذ أنها تختلف عما ورد بذلك التقرير عن مسافة الإطلاق وقد جاء الحكم قاصراً في تحديد الشاهدين لتلك المسافة على الرغم من وجوب ذلك حتى يبين وجه مطابقتها للتقرير الطبي الشرعي هذا بالإضافة إلى أن أياً من الشاهدين لم يذكر تعذر تحديد المسافة بالنسبة إلى المجني عليه الثاني كما أن الحكم بعد أن أورد رده في خصوص اختلاف الإفراد في تقدير المسافات بما مؤداه أنه افتراض عدم قدرة الشاهدين على تحديد المسافة عاد وسلم بأنهما قدراها تقديراً محدداً يتفق ومؤدى التقرير الطبي الشرعي وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إنه في حوالي الساعة السابعة من مساء يوم 18 من أغسطس سنة 1961 بناحية نجع المخالفة من أعمال بلدة الصفيحة مركز طهطا محافظة سوهاج توجه المجني عليه الثاني أمين محمد إبراهيم خليل وسعد مكاوي السيد درديري إلى زراعة السمسم المملوكة لهما لجنيها وشاهدا بعض الصبية يرعون أغناماً بجوار زراعتهما ولما دخلت الأغنام السمسم قاما من فورهما ونهرا الصبية واعتديا عليهم بالضرب وأبعدوا الأغنام عن الزراعة فرجع الصبية باكين إلى بلدتهم نجع المخالفة والتي تبعد عن الزراعة بحوالي عشرين قصبة وبعد حوالي الربع ساعة عاد الصبية وشرعوا في قذفهما بالحجارة وكان معهما المتهمان كرمي سامي عبد الملاك وإبراهيم سليمان عبد الملاك (الطاعنان) يحمل كل منهما بندقية خرطوش وحضر وقتئذ المجني عليه الأول عبد الرؤوف السيد درديري فأطلق المتهم الأول كرمي سامي عبد الملاك عياراً نارياً من البندقية التي كان يحملها أصابت المجني عليه في جنبه الأيمن كما أطلق المتهم الثاني إبراهيم سليمان عبد الملاك عياراً نارياً من بندقيته أصابت المجني عليه الثاني في فخذه الأيمن ثم فر المتهمان هاربين وتوجه مكاوي السيد درديري إلى بلدة الصفيحة التي تبعد عن مكان الحادث بحوالي مائتي قصبة وأبلغ نائب عمدتها أحمد إبراهيم عبد العال الذي تولى بدوره إبلاغ الحادث" وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الرؤية (المجني عليه الثاني والشاهد الثاني) وباقي شهود الإثبات ومن تقرير الصفة التشريحية وتقرير الطبيب الشرعي وهي أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ثم عرض الحكم إلى ما أثاره الدفاع عن الطاعنين بشأن عدم تمييز شاهدي الرؤية لنوع السلاحين المستعملين في الحادث، ورد عليه في قوله بأن هذا الدفاع مردود بما قرره المجني عليه الثاني بأنه ليس خبيراً في أنواع الأسلحة وهذه الخبرة ليست مستلزمة في جميع الأفراد وقد أكد كل من الشاهدين أن البنادق خرطوش وقد تأيدت أقوالهما بما هو ثابت من تقريري الصفة التشريحية والكشف الطبي الشرعي على ما سلف بيانه. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لهذا الوجه من الطعن أن ما أورده الحكم من إطلاق الطاعنين النار على المجني عليهما من البندقية التي كان يحملها كل منهما له أصل صحيح في التحقيقات، أما ما استطرد إليه الحكم من قول بأن الشاهدين أبديا أن السلاح عبارة عن بندقيتين خرطوش وأن أحد هذين الشاهدين وهو المجني عليه الثاني قرر بأنه ليس خبيراً في السلاح وأنهما أكداً بأن السلاح عبارة عن بندقيتين خرطوش على خلاف ما ورد على لسانهما من عدم تحديدهما نوع السلاح المستعمل في الحادث واقتصارهما على القول بأن السلاح عبارة عن بندقيتين لم يعرف نوعهما. فهو من قبيل التزيد الذي لا أثر له في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها بما لا يقدح في سلامته واستخلاصه بأن كلا الطاعنين كان يحمل بندقية استعملها في ارتكاب الحادث ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الصدد يكون له محل. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم من رد على دفاع الطاعنين في شأن سبب الحادث من أنه لم يثبت أن صبية لهما كانوا يرعون أغناماً في مكان الحادث لا يعيب الحكم بفرض خطأ الحكم فيه ذلك بأن من المقرر أن سبب الحادث ليس ركناً من أركان الجريمة ولا صلة له بجوهر الواقعة التي دين الطاعنان بها ولا يبين من الحكم أن ذلك كان له أي دخل في تكوين عقيدة المحكمة أو ثمة تأثير في قناعها فيما قضت به في الدعوى. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعنان في شأن منازعتهما فيما قرره شاهدا الرؤية من خروجهما من زراعة الذرة مع أنه لم يكن هناك مبرر لذلك فالزراعة كانت تستر من يحتمي بها حينذاك فما يثيرانه من ذلك مردود بأنه دفاع موضوعي لا وجه لمجادلة المحكمة فيما انتهت إليه في شأنه ومع ذلك فقد فنده الحكم في منطق سليم. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض إلى ما نعاه الطاعنان في أقوال شاهدي الرؤية في شأن تقديرهما للمسافة التي انطلقت منها الأعيرة فرد عليه في قوله إن هذا الدفاع مردود بأن الأفراد يختلفون في تقدير المسافات على وجه الدقة والتحديد وقد تأيدت أقوال شاهدا الرؤية من تقرير الطبيب الشرعي الثابت به أن المسافة كانت قريبة بالنسبة للمجني عليه الأول ويتعذر تقديرها بالنسبة للمجني عليه الثاني ومن ثم تطرح المحكمة دفاع المتهمين، وما ذهب إليه الحكم فيما تقدم سائغ ويستقيم به الرد على دفاع الطاعنين إن أن تحديد الأشخاص للمسافات أمر تقديري وليس من شأن الاختلاف في ذلك إهدار شهادة الشهود إنما الأمر في ذلك مرجعه إلى تقدير محكمة الموضوع واطمئنانها إلى الشهادة في مجموعها كعنصر من عناصر أدلة الثبوت المطروحة. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما قرره شاهدا الرؤية واستخلصت الإدانة من أقوالهما بما لا تناقض فيه، فإن ما يثيره الطاعنان ينحل إلى جدل في موضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ومن ثم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين لذلك رفضه موضوعاً.

الطعن 489 لسنة 34 ق جلسة 29 / 6 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 104 ص 528


جلسة 29 من يونيه سنة 1964
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، ومحمد صبري، ومحمد محمد محفوظ، ومحمد عبد المنعم حمزاوي.
--------------
(104)
الطعن رقم 489 لسنة 34 القضائية

(أ) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مسئولية مدنية. "مسئولية تقصيرية". "خطأ. ضرر. علاقة سببية". تعويض.
بيان الحكم أركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر ورابطة سببية. إحاطته بعناصر المسئولية المدنية إحاطة كافية. لا تثريب عليه بعد ذلك إذا لم يبين عناصر الضرر الذي قدر على أساسه مبلغ التعويض المحكوم به.
(ب) تعويض. محكمة الموضوع.
تقدير التعويض من إطلاقات محكمة الموضوع. مثال.

------------
1 - متى كان الحكم قد بين أركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية فإنه يكون قد أحاط بعناصر المسئولية المدنية إحاطة كافية، ولا تثريب عليه بعد ذلك إذا هو لم يبين عناصر الضرر الذي قدر على أساسه مبلغ التعويض المحكوم به.
2 - تقدير التعويض من إطلاقات محكمة الموضوع تقدره حسبما يتبين لها من ظروف الدعوى. فإذا كان يبين من الأسباب التي أسس عليها الحكم المطعون فيه قضاءه بتعديل قيمة التعويض ومن إشارته إلى التقدير الذي قدرته محكمة أول درجة أن المحكمة قدرت التعويض ووزنته بعد أن أحاطت بظروف الدعوى ووجدته مناسباً للضرر الذي وقع نتيجة لخطأ المتهم فلا يقبل من الطاعن مجادلة المحكمة في هذا التقدير.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة "عبد الحكيم محمد أحمد عبد الله" بأنه في يوم 2/ 4/ 1962 بدائرة قسم روض الفرج: تسبب بغير قصد ولا تعمد في قتل فتحي عاطف محمد فتح الله وكان ذلك ناشئاً عن رعونته وإهماله وعدم احتياطه بأن تحرك فجأة بالسيارة قيادته المبينة بالمحضر أثناء نزول المجني عليه منها مما أدى إلى اصطدامها به وسقوطه على الأرض فمرت عليه عجلتها الأمامية اليمنى فحدثت إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياته. وطلبت عقابه بالمادة 238 من قانون العقوبات. وقد ادعى عاطف محمد فتح الله بركات والسيدة نعمات حسن عطوه بحق مدني قبل المتهم وطلبا القضاء لهما قبله ومؤسسة النقل العام لمدينة القاهرة بصفتها مسئولة عن الحقوق المدنية متضامنين بمبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض ومحكمة روض الفرج الجزئية قضت حضورياً بتاريخ 24 يونيه سنة 1963 عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لايقاف التنفيد وإلزامه بأن يدفع للمدعية بالحق المدني متضامناً مع مؤسسة النقل العام بمدينة القاهرة والتي يمثلها المدعى عليه الثاني مبلغ خمسمائة جنيه والمصاريف ومبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. فاستأنف كل من المتهم والمسئولة عن الحقوق المدنية والمدعيين بالحقوق المدنية هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 22 ديسمبر سنة 1963 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المستأنف بالنسبة إلى الدعوى الجنائية وتعديله بالنسبة إلى الدعوى المدنية إلى إلزام المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية بالتضامن بأن يدفعا للمدعيين بالحق المدني مبلغ ألفي جنيه مناصفة بينهما وألزمت المتهم والمسئول بالمصاريف المدنية الاستئنافية وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة. فطعنت الطاعنة والمسئولة عن الحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
حيث إن الطاعن بوصفه مسئولاً عن الحقوق المدنية، ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان تابعه بجريمة القتل الخطأ قد انطوى على خطأ في الإسناد وفساد في الاستدلال ومخالفة للقانون فضلاً عن بطلانه ذلك بأنه قضى بإدانة التابع على أساس أنه لم يقف بالمحطة الوقت الكافي لنزول الركاب، وركن في ذلك الاستخلاص إلى أقوال الشاهدين وليم فؤاد غالي وعيسى حسن عيسى مع أن الثابت من المعاينة وأقوال الشاهد وليم فؤاد غالي أن الحادث وقع قبل وصول السيارة قيادة التابع لمحطة وقوفها - كما ذهب الحكم إلى القول بأن المتهم المذكور أخطأ بعدم وقوفه بالمحطة الوقت الكافي لنزول الركاب في حين أن الحادث وقع نتيجة خطأ المجني عليه الذي ألقى بنفسه من السيارة قبل وصولها إلى محطة الوصول، هذا إلى أن الحكم لم يبين الأسس التي استند إليها في تعديله لمقدار التعويض المدني المقضي به ولم يورد أسباباً يعتمد عليها فيما قضى به واكتفى بالقول بأن الحكم المستأنف قد أدركه الصواب بالنسبة إلى الدعوى الجنائية، وأنه قد خانه التوفيق بالنسبة إلى الدعوى المدنية مما مفاده أنه لم يأخذ بأسباب حكم محكمة أول درجة في خصوص الدعوى المدنية وفي الوقت ذاته لم ينشئ لنفسه أسباباً جديدة. مما ترتب عليه خلو الحكم من الأسباب وبطلانه تبعاً لذلك وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه. وانتهى الطاعن إلى طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مؤقتاً خشية وقوع ضرر يتعذر تداركه.
وحيث إن الحكم الإبتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله: "إن المجني عليه كان يركب في سيارة الأتوبيس خط 129 قيادة المتهم عبد الحكيم محمد أحمد تابع الطاعن وشرع في النزول منها أثناء وقوفها في شارع شبرا بعد وصولها إليه من شارع خلاط لوجود سيارة أخرى أمامها إلا أنها تحركت فجأة فاصطدم جانبها به مما أدى إلى سقوطه على الأرض ومرور عجلة السيارة الأمامية اليمنى فحدثت به عدة إصابات أودت بحياته" وأورد على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال الشاهدين وليم فؤاد غالي وعيسى حسن عيسى ومما تبين من التقرير الطبي الخاص بالمجني عليه ثم خلص الحكم إلى إدانة المتهم ومسئوليته هو والطاعن عن التعويض الذي قدره بمبلغ خمسمائة جنيه. وقد أخذ الحكم المطعون فيه بأسباب حكم محكمة أول درجة بالنسبة إلى الدعوى الجنائية ومبدأ التعويض، إلا أنه عدل مبلغه إلى ألفي جنيه. لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات حكم محكمة أول درجة التي اعتنقها الحكم المطعون فيه أنه لم يؤسس إدانة المتهم وهو تابع الطاعن على أنه لم يقف بالمحطة الوقت الكافي لنزول الركاب وإنما أفصح عن الخطأ الذي أسنده إلى المتهم في قوله: "إن وفاة المجني عليه حدثت نتيجة خطأ وقع من المتهم إذ تحرك بالسيارة قيادته فجأة بعد أن كان المجني عليه قد شرع في النزول منها من بابها الأمامي المجاور له أثناء وقوفها وبعد أن كان الشاهد الأول قد نبهه إلى نزوله هو المجني عليه مما أدى إلى سقوط المجني عليه وحدثت إصابته في حين أنه كان يجب عليه أن ينتظر نزول المجني عليه من السيارة ما دام قد بدأ فعلاً في النزول منها أثناء وقوفها وكان نزوله من الباب الأمامي المجاور له وما دام قد نبهه إلى ذلك الشاهد". لما كان ذلك، وكان ما قاله الحكم فيما تقدم قد استخلصه من الأدلة المطروحة على المحكمة والتي لها أصل ثابت في الأوراق. وكان استخلاصه سائغاً في منطق العقل وكافياً للتدليل على توافر ركن الخطأ في حق المتهم. فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان الحكم قد بين أركان المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية فإنه يكون قد أحاط بعناصر المسئولية المدنية إحاطة كافية ولا تثريب عليه بعد ذلك إذا هو لم يبين عناصر الضرر الذي قدر على أساسه مبلغ التعويض المحكوم به - لما كان ذلك، وكان يبين من الأسباب التي أسس عليها الحكم قضاءه بتعديل قيمة التعويض ومن إشارته إلى التقدير الذي قدرته محكمة أول درجة أن المحكمة قدرت التعويض ووزنته بعد أن أحاطت بظروف الدعوى ووجدته مناسباً للضرر الذي وقع نتيجة لخطأ المتهم. وكان تقدير التعويض من إطلاقات محكمة الموضوع تقدره حسبما يتبين لها من تلك الظروف ومن حقها أن تحيل في أسبابها على أسباب حكم محكمة أول درجة فلا يقبل من الطاعن مجادلة المحكمة في هذا التقدير. لما كان ذلك، وكان طلب الطاعن وقف تنفيذ الحكم فضلاً عن عدم جدواه بعد الفصل في موضوع الطعن فإنه لا أساس له في القانون. لما كان ما تقدم جميعه، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه.

الطعن 486 لسنة 34 ق جلسة 29 / 6 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 103 ص 516


جلسة 29 من يونيه سنة 1964
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، ومحمد صبري، ومحمد محمد محفوظ، ومحمد عبد المنعم حمزاوي.
-------------
(103)
الطعن رقم 486 لسنة 34 القضائية

(أ، ب) مسئولية جنائية. موانع العقاب. "الجنون والعاهة في العقل". محكمة الموضوع. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(أ) المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة في العقل وتنعدم به المسئولية الجنائية قانوناً: هو الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك. سائر الأمراض والأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره وإدراكه لا تعد سبباً لانعدام المسئولية.
(ب) تقدير حالة المتهم العقلية. من الأمور الموضوعية. استقلال محكمة الموضوع بالفصل فيها. ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة.
(ج، د) إثبات. "خبرة". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
(ج) متى تلتزم المحكمة بالالتجاء إلى أهل الخبرة؟ في المسائل الفنية البحتة التي يتعذر عليها أن تشق طريقها فيها.
(د) عدم التزام المحكمة بندب خبير آخر في الدعوى تحديداً لمدى تأثير مرض المتهم على مسئوليته الجنائية. طالما أن الدعوى قد وضحت لها.
(هـ) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التناقض الذي يبطل الحكم: هو الذي من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا شيء فيه باقياً يمكن أن يعتبر قواماً لنتيجة سليمة يصح معه الاعتماد عليها والأخذ بها.
(و) حكم. "تسبيبه. ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل".
تزيد الحكم فيما استطرد إليه. لا يعيبه. طالما أنه لا أثر له في منطقه أو في النتيجة التي انتهى إليها.

------------
1 - من المقرر أن الحالات النفسية ليست في الأصل من حالات موانع العقاب كالجنون والعاهة في العقل اللذين يجعلان الجاني فاقد الشعور والاختيار في عمله وقت ارتكاب الجريمة وفقاً لنص المادة 62 من قانون العقوبات. وقد جرى قضاء محكمة النقض على أن المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة في العقل وتنعدم به المسئولية الجنائية قانوناً هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك أما سائر الأمراض والأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره وإدراكه فلا تعد سبباً لانعدام المسئولية.
2 - الأصل أن تقدير حالة المتهم العقلية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة.
3 - لا تلتزم المحكمة بالالتجاء إلى أهل الخبرة إلا فيما يتعلق بالمسائل الفنية البحتة التي يتعذر عليها أن تشق طريقها فيها.
4 - لا تلتزم المحكمة بندب خبير فني آخر في الدعوى تحديداً لمدى تأثير مرض المتهم على مسئوليته الجنائية طالما أن الدعوى قد وضحت لها.
5 - التناقض الذي يبطل الحكم هو الذي من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا شيء فيه باقياً يمكن أن يعتبر قواماً لنتيجة سليمة يصح معه الاعتماد عليها والأخذ بها.
6 - تزيد الحكم فيما استطرد إليه لا يعيبه طالما أنه لا أثر له في منطقه أو في النتيجة التي انتهى إليها.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في 3 ديسمبر سنة 1961 بندر المحلة الكبرى محافظة الغربية: قتل منير تادرس فام عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنه في المكان والزمان سالفي الذكر: أولاً - قتل بولين نقولا زيتوس عمداً بأن أطلق عليها عياراً نارياً قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. ثانياً - شرع في قتل نادية تادرس فام عمداً بأن أطلق عليها عياراً نارياً قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو تدارك المجني عليها بالعلاج. ثالثاً - شرع في قتل مجدي تادرس فام عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو تدارك المجني عليه بالعلاج. رابعاً - شرع في قتل مجدي إبراهيم إسحاق عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو تدارك المجني عليه بالعلاج الأمر المنطبق على المواد 45/ 1 و46 و234/ 1 من قانون العقوبات. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادة 234/ 2 من قانون العقوبات. فقررت الغرفة ذلك. وقد ادعى زاهر إبراهيم تادرس بصفته وصياً على جيزيل منير تادرس وفخري منير تادرس قاصري القتيلين بحق مدني قبل المتهم وطلب القضاء له قبله بمبلغ سبعة آلاف جنيه إلى الأولى ومبلغ خمسة آلاف جنيه إلى الثاني على سبيل التعويض. كما ادعت آمال منير تادرس ابنة القتيلين (الرشيدة) قبل المتهم أيضاً بمبلغ أربعة آلاف جنيه. وادعى أيضاً متياس فارة نيان ابن المجني عليها بولين نقولا بحق مدني قبل المتهم بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه وذلك على سبيل التعويض. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضورياً بتاريخ 6 من فبراير سنة 1964 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات: أولاً - بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة. ثانياً - إلزامه بأن يدفع لزاهر تادرس بصفته وصياً على القاصرة جيزيل منير تادرس الشهيرة بلوليتا مبلغ خمسة آلاف جنيه. وله أيضاً بصفته وصياً على القاصر مجدي منير تادرس مبلغ ألفين من الجنيهات وأن يدفع لآمال منير تادرس الشهيرة بنينيت مبلغ خمسمائة جنيه وأن يدفع ليناس ميتياس فارتانيان الشهير بهاجوب أوبوبول مبلغ مائتين من الجنيهات وذلك كله على سبيل التعويض المدني لكل منهم مع إلزام المتهم المصروفات المدنية المناسبة لكل مبلغ من المبالغ المذكورة ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة القتل العمد المقترن بجنايات القتل والشروع فيها قد خالف القانون وانطوى على إخلال بحق الدفاع كما شابه قصور وتناقض في التسبيب وفساد في الاستدلال ذلك بأن ما ذهب إليه الحكم من أن الأمراض النفسية لا تؤدي إلى فقدان الشعور أو الإدراك بمقولة إنها لا تعد من أمراض العقل التي يترتب عليها انعدام المسئولية الجنائية يتنافى مع ما هو ثابت علمياً وما أجمع عليه الشراح في بيان مدلول عبارة "عاهة في العقل" التي أشار إليها نص المادة 62 من قانون العقوبات من أنها عبارة عامة تتسع لكل ما يستجد في عالم الطب العقلي أو النفسي من أحوال الاختلال العقلي أو الأمراض النفسية التي تعدم الشعور أو الاختيار، هذا فضلاً عن أن المحكمة بعد أن استجابت في أول الأمر إلى ما طلبه الدفاع من فحص حالة الطاعن النفسية والعقلية وأصدرت قراراً بتحقيقه عادت واكتفت بما جاء خلواً بتقرير الأطباء الثلاثة الذي انتهى إلى عدم إصابة الطاعن بحالة عقلية مرضية أو بنوبات صرعية وأنه يعتبر مسئولاً عما صدر منه في حين أن هذا التقرير جاء خلواً من فحص حالة الطاعن من الناحية النفسية التي أصر الدفاع على وجوب فحصها بواسطة المختصين الفنيين في الأمراض النفسية والتفت الحكم عن هذا الدفاع بحجة أنه سبق فحص حالة الطاعن العقلية وأن هذا الطلب غير منتج قولاً منه بأن الأمراض النفسية لا تؤدي إلى انعدام الشعور أو الاختيار وهو قول يكشف عن فساد استخلاص الحكم لمرامي الدفاع وما أثاره في هذا الخصوص من أن الطاعن مصاب بحالة نفسية شاذة كامنة من شأنها أن تفقده الوعي والسيطرة على إرادته في لحظة ارتكابه الجريمة ولا يتأتى كشف هذه الحالة إلا بواسطة أخصائي في الأمراض النفسية وخصوصاً أن تقرير الأطباء الشرعيين الثلاثة أشار إلى ظواهر نفسية تنم عن إصابته بهذه الحالة فضلاً عن أن ما رد به الحكم على ذلك الدفاع لا يستقيم مع ما هو من أنه لا يجوز للمحكمة أن تحل نفسها محل الخبير الفني في شأن مسألة فنية. هذا إلى أن تقرير الأطباء المذكورين شابه التناقض وجاء مبنياً على الظن والاحتمال في صدد ما انتهى إليه من قول بسلامة إدراك الطاعن وهو ما حدا بالدفاع إلى التمسك بطلب ندب أخصائي في أبحاث علم النفس والتحليل النفسي لفحص حالة الطاعن وقت ارتكاب الحادث لاحتمال إصابته بحالة عقلية غير عادية لم يتسن للأطباء الشرعيين الثلاثة كشفها، كما أن ما استند إليه الحكم علاوة على ما جاء في هذا التقرير من الوقائع التي سردها في تبين حالة الطاعن العقلية هو استدلال غير سليم، ذلك لأن تلك الوقائع وإن كانت تنم عن سلامة تصرفات الطاعن عقب الحادث إلا أنها لا تدل على سلامة حالته العقلية وقت ارتكابه مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مجمله أن الخلاف الذي كان قد نشب بين أسرتي الطاعن وزوجته وتعددت مظاهره قد تطور حتى أفضى إلى تبادل والديهما الضرب وتقديم الشكاوى كل في حق الآخر وأدى إلى إساءة الطاعن معاملة زوجته حتى أنه استولى على مصاغها لكي يمنعها من السفر إلى القاهرة لزيارة ذويها وما أن سمع والداها بذلك حتى قصدا في صباح يوم الحادث إلى المحلة الكبرى ومعهما ابنهما مجدي وابنتهما الصغيرة جيزيل لاصطحاب زوجة الطاعن - ابنتهما - معهم إلى القاهرة. وما أن دخلوا إلى مسكن الطاعن حتى القوه جالساً مرتدياً ملابسه المنزلية بعد أن عاد من عمله الرسمي فقابلهم بجفاء. وما أن أفضت الزوجة بشكواها منه إلى والديها حتى أمرها والدها بارتداء ملابسها لاصطحابها معهم إلى القاهرة فاعترض الطاعن على ذلك وحدثت مناقشة بينه وبين والدها تطورت إلى أن أخرج الطاعن مسدسه الحكومي وشهره في وجه حميه وصوبه نحوه منتوياً أن يتخذ منه ومن باقي أفراد أسرته غرضاً لرصاصه وما كاد صهره يتحداه بأن يطلق النار حتى أمطره وأفراد أسرته بوابل من رصاص مسدسه وبدأ بصهره فأطلق عليه عياراً قاصداً قتله فأصابه في بطنه ونفذ المقذوف من وحشية إليته اليمنى فخر على أرض الصالة مضرجاً بدمائه. ثم عاجل حماته بطلق آخر قاصداً به قتلها فأصابها في بطنها ونفذ من ظهرها وأصاب في الوقت نفسه الطفل مجدي ابنه الذي كانت تحمله وقت إصابتها وما أن وثب نحوه مجدي نجل القتيلين ليمنعه من متابعة إطلاق النار حتى أصابه بطلق ثالث قاصداً قتله، دخل من وحشية فخذه اليسرى ونفذ من أنسية تلك الفخذ ثم دخل بأنسية فخذه اليمنى وخرج من وحشيتهما وقد هرعت زوجته عندما سمعت صوت العيارات من حجرة النوم لترى ما حل بأهلها فتلقاها الطاعن بطلق رابع بنية قتلها نفذ من بطنها وقتل جنيناً في أحشائها في شهره السابع الرحمي فسقطت تتلوى إلى جانب أهلها على أرض الصالة وقد تحاملت والدتها رغم جراحها مسرعة إلى شقة مجاورة في طلب سيارة الإسعاف التي وصلت بعد دقائق وقامت بنقلها هي وباقي المصابين إلى المستشفى الأميري بالمحلة الكبرى، وقد أسرع الطاعن قبل وصول سيارة الإسعاف إلى مقر الشرطة ومعه مسدسه الحكومي المستعمل في الحادث وقدمه لمأمور القسم ومعه بضع عشرة طلقة حية علاوة على طلقة أخرى وأبلغه بأن أفراد أسرة الزوجة أصيبوا بيده من هذا المسدس وكان ذلك بإهمال منه أثناء قيامه بتنظيف المسدس في حضورهم عقب وصولهم إلى مسكنه فطير المأمور نبأ الحادث إلى الجهات المختصة. وفي اليوم التالي توفى والدا الزوجة متأثرين بإصاباتهما بعد أن أدلى كل منهما بأقواله إلى وكيل النيابة المحقق وشفي باقي المصابين من إصاباتهم بعد تداركهم بالعلاج. وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة مستمدة مما حصله من أقوال المجني عليهم والدي زوجته وشقيقيها وزوجته ومما دلت عليه المعاينة. ومن الكشوف الطبية وتقارير الصفة التشريحية، وبعد أن أورد الحكم ما استخلصه من اطلاعه على محضر الجنحة رقم 6527/ 1961 قسم أول طنطا لإثبات النزاع المستمر السابق على الحادث بين والد الطاعن ووالد زوجته وما حصله من أقوال الطاعن في التحقيق في شأن إنكاره تعمد إطلاقه النار على المجني عليهم وأن إصاباتهم وقعت منه نتيجة لإهماله وعدم احتياطه في أثناء محاولته إخراج المشط من المسدس عقب وصولهم إلى مسكنه وما رواه في هذا الشأن من تعليلات مختلفة سبباً لانطلاق المقذوفات من مسدسه وإنكاره في البداية الخلاف بينه وبين أهل زوجته ثم اعترافه به عرض لما أثاره الدفاع من انعدام شعور الطاعن وتمييزه وقت وقوع الحادث لخلل في قواه العقلية وللاضطراب النفسي "القلق العصبي" الذي أصيب به قبل الحادث فاستعرض أسس انعدام المسئولية الجنائية بسبب الخلل في القوى العقلية وحكم القانون فيها طبقاً لنص المادة 62 من قانون العقوبات وما كان عليه هذا النص قبل تعديله ومقارنته بما هو منصوص عليه في هذا الخصوص في التشريع المقارن وما قاله الشراح في هذا الصدد من أنواع الأمراض العقلية التي تعدم الشعور والاختيار والفرق بينها وبين الأمراض النفسية التي لا تنتج الأثر نفسه الذي للأمراض العقلية في انعدام المسئولية الجنائية واستطرد إلى ما استخلصه من التقريرات العلمية في هذا الصدد من تفرقة بين الاضطراب العقلي وغيره من الاضطرابات النفسية التي مردها اختلال الغرائز والعواطف مما لا صلة له بالتمييز والإدراك، وبعد أن استعرض مراحل العمليات النفسية وأثارها أثبت مؤدى ما قاله الأطباء الشرعيين الثلاثة في تقريرهم الذين ندبتهم المحكمة لفحص حالة الطاعن العقلية بناء على طلب الدفاع المؤسس على ما أجروه من تحقيقات وفحص طبي وملاحظاتهم في هذا الخصوص والنتيجة التي انتهوا إليها من أن الطاعن يتمتع بصحة عادية عامة وبسلامة جهازه العصبي وأنه لم تسبق إصابته بمرض عقلي أو نوبات صرعية أو نوبات إيهام في حالة الوعي في الماضي والحاضر ولا توجد عنده أفكار اضطهادية أو هلوسة أو معتقدات هذيانية وأنه يعتبر مسئولاً جنائياً عما صدر منه من أفعال مشيراً إلى الأسانيد والحقائق التي ركن إليها تقرير أولئك الأطباء تدعيماً لما وصلوا إليه من نتيجة عول عليها الحكم وتبناها بالإضافة إلى ما لاحظته المحكمة بنفسها عملاً بحقها الموضوعي من توافر ملكات الوعي لديه أخذاً من أقواله وأفعاله كما تضمنتها الأوراق وأنهى من ذلك إلى أن مسلك الطاعن وأقواله وأفعاله عقب الحادث تفصح عن توافر الملكات الواعية لديه وقت وقوع الحادث وتكشف عن توافر التمييز لديه وعلى قدرته على حسن التفكير وسلامة التدبير العقلي مما يجعله واقعا تحت طائلة المسئولية الجنائية، ثم خلص الحكم من كل أولئك إلى رفض الدفع بانعدام المسئولية الجنائية تأسيساً على ما أثاره الدفاع من إصابة الطاعن بخلل في قواه العقلية، وعرج الحكم بعد ذلك إلى ما تمسك به الدفاع من أن الطاعن مصاب بمرض نفسي وأن تقرير الأطباء الثلاثة قد خلا من بحث حالته النفسية وما أصر عليه من استدعاء خبير نفسي لفحص حالة الطاعن النفسية، ورد عليه بما محصله أن ما يطلبه الدفاع في هذا الخصوص متعين الرفض لعدم توافر شروطه الهامة ومنها أن يكون هذا الطلب منتجاً في الدعوى ثم مضى الحكم إلى استعراض الشواهد المؤيدة لسلامة استخلاصه في هذا الصدد بما مؤداه أنه وإن كان الدفاع قد ذهب إلى أن انعدام المسئولية الجنائية لا يقتصر في خصوص تطبيق المادة 62 من قانون العقوبات على مجرد إصابة المتهم بمرض عقلي بل تشمل إصابته بمرض نفسي أيضاً إذا كان من شأن هذا المرض الأخير أن يفقده الشعور والإدراك وأن بحث هذا المرض النفسي لم يجر ولم يكن من شأنه أن يجرى بمعرفة الأطباء الثلاثة الذين حرروا التقرير الخاص بفحص الحالة العقلية وإنما يتعين أن يكون فحصه على يد خبير نفساني وطلب استدعاء خبير كالأستاذ محمد فتحي، إلا أن المحكمة ترى أن الطلب لا محل لإجابته ولا جدوى من ورائه لمخالفته للمقررات العلمية المجمع عليها في الوقت الحاضر والتي تحصر انعدام المسئولية الجنائية في المرض العقلي وحده دون النفسي وكل ما لهذا المرض النفسي من أثر هو التخفيف من المسئولية الجنائية إلى حد ما وهو عين ما ينادي به الخبير الذي طلب الدفاع استشارته. ثم استطرد الحكم وهو بسبيل رفضه لهذا الطلب إلى مجابهة الحقائق الطبية والواقعية فقال إن المحكمة ترى من مؤدى أقوال الدكتور عادل زكي الأخصائي النفساني بمستشفى طنطا والدكاترة أعضاء القومسيون الطبي في التحقيقات وتقاريرهم في تحديد نوع مرض الطاعن بأنه مرض خارج عن دائرة الأمراض العقلية وتحديد أثره بأنه لا يعدم المسئولية الجنائية ثم أشار الحكم إلى التقرير القانوني في شأن الأمراض النفسية التي لا تفقد الشعور والإدراك كالسيكوباتية والتي لا تعد سبباً لانعدام المسئولية الجنائية في نظر القضاء واختتم الحكم وهو بمعرض رده على الدفاع المتقدم قوله، ولذا لا يكون ثمة محل لما ذهب إليه الدفاع من أن انتفاء المرض العقلي المعدم للشعور لدى المتهم الحالي طبقاً للتقرير الطبي الخاص بفحص حالته العقلية لا يترتب عليه حتماً سلامته من المرض النفسي المعدم للشعور أو الإدراك لا محل ذلك لأنه متى بلغ المرض المبلغ الذي ينعدم به الشعور والإدراك فإنه يخرج من قائمة الأمراض النفسية ويدرج في عداد الأمراض العقلية ومن ثم لا تعول المحكمة على ما نعى به الدفاع على التقرير الطبي سالف الذكر من خلوه من بحث الحالة النفسية المعدمة للشعور لدى المتهم لأن إغفال التقرير لبحث الحالة النفسية ليس إغفالاً لعامل يعتد به القانون في القول بانعدام المسئولية الجنائية. ثم عرض الحكم وهو في معرض تبريره لرفض طلب الدفاع الخاص بالفحص النفساني إلى الناحية الموضوعية للدعوى فأشار إلى أن الطاعن قد استوفى حقوق دفاعه كاملة وأنه حين طلب تأجيل القضية مع التصريح له بتقديم تقرير استشاري أجيب إلى طلبه ثم عاد وأكد هذا الطلب بجلسة أخرى ثم طلب بجلسة تالية الاطلاع على التقرير الطبي العقلي مع التصريح له بتقديم تقرير استشاري فصرح له بذلك مع تأجيل القضية إلى جلسة أخرى وفي هذه الجلسة الأخيرة لم يتقدم الدفاع من جانبه بالتقرير الاستشاري الذي وعد به مراراً وتكراراً على توالي الجلسات ومن ثم يكون عدم تقديم هذا التقرير أمراً لا دخل للمحكمة به وإذا كان الدفاع قد استبدل في جلسة المرافعة الأخيرة بهذا الطلب طلباً آخر هو تأجيل القضية ثانية لفحص الأمراض النفسية للطاعن وإحالته إلى خبير نفساني لإجراء هذا الفحص وكذا مناقشة الطبيب النفساني الدكتور عادل زكي الذي أوقع الكشف النفساني على الطاعن في أوائل سنة 1961 فإن المحكمة لا ترى إجابة هذا الطلب لانعدام الجدوى من ورائه وعدم إنتاجه في الدعوى أو تنوير وجه الحق فيها لأن المرض النفساني الذي يدعيه على فرض ثبوته لا يؤثر في سلامة عقله وإدراكه وبالتالي لا يعدم المسئولية الجنائية عما ارتكبه من أفعال. وخلص الحكم من ذلك إلى القول بثبوت سلامة القوى العقلية للطاعن وإلى توافر مسئوليته الجنائية وقت الحادث عن الأفعال التي ارتكبها. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد المقترنة بجرائم القتل والشروع فيها التي دين بها الطاعن وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها وكان الحكم قد انتهى إلى توافر مسئولية الطاعن الجنائية مستنداً في ذلك إلى الأخذ بما جاء بالتقرير الطبي عن فحص حالة الطاعن من الناحية العقلية وعن مسئوليته عما صدر منه من أفعال وكان ذلك على أساس أن فيصل التفرقة بين المرض العقلي والمرض النفسي إنما هو انعدام الشعور والإدراك الذي هو من خصائص المرض الأول دون الأخير ومن ثم فإن أثر المرض الأول في المسئولية يعدمها بنص القانون في حين أن المرض الثاني لا يؤثر فيها قانوناً وإن كان يجوز اعتباره مسوغاً لتخفيف العقاب. هذا إلى أن المرض النفسي إذا بلغ المرحلة التي بمقتضاها ينعدم به الشعور والإدراك فإنه يخرج من عداد الأمراض النفسية ويندرج في قائمة الأمراض العقلية وهو تقرير سائغ وصحيح في القانون ذلك بأنه من المقرر أن الحالات النفسية ليست في الأصل من حالات موانع العقاب كالجنون والعاهة في العقل اللذين يجعلان الجاني فاقد الشعور والاختيار في عمله وقت ارتكاب الجريمة وفقاً للقانون، ومن ثم فلا محل لمسايرة الطاعن فيما ذهب إليه من أنه إلى جانب الأمراض العقلية التي تعدم الإدراك والتمييز توجد الأمراض التي قد تصيب النفس فتأخذ حكم الاختلال العقلي. ذلك لأن التشريع الجنائي المصري الحالي لا يعرف هذه التفرقة ولم ينص عليها وكل ما في الأمر أن قانون العقوبات قد نص في المادة 62 منه على أنه لا عقاب على من يكون فاقد الشعور أو الاختيار في عمله وقت ارتكاب الفعل إما لجنون أو عاهة في العقل وبالتالي فإن هاتين الحالتين اللتين أشارت إليهما هذه المادة دون غيرهما ورتبت عليهما الإعفاء من العقاب هما اللتان يجعلان المصاب بهما وقت ارتكاب الجريمة فاقداً للشعور أو الإدراك في عمله. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة في العقل وتنعدم به المسئولية الجنائية قانوناً هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك أما سائر الأمراض والأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره وإدراكه فلا تعد سبباً لانعدام المسئولية ولما كانت المحكمة قد مكنت الطاعن من استيفاء حقوق دفاعه كاملة فصرحت له بتقديم تقرير استشاري ولكنه لم يقدمه وأحالته إلى خبراء شئون الأمراض العقلية والعصبية وتم فحصه فعلاً، وكان الحكم قد أثبت أن الطاعن خال من أي مرض عقلي وأنه مسئول عما وقع فيه أخذاً بالتقرير الطبي العقلي الذي اطمئن إليه في حدود سلطته التقديرية، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن ما طلبه الدفاع من إجراء فحص نفساني للطاعن كان مبناه القول بإصابته بقلق عصبي من شأنه أن يعدم مسئوليته الجنائية، وكانت المحكمة قد رفضت هذا الطلب للأسباب السائغة التي أوردتها والتي من شأنها أن تبرر رفضه. لما كان ذلك، وكانت المحكمة غير ملزمة بندب خبير فني آخر في الدعوى تحديداً لمدى تأثير مرض الطاعن. بفرض وجوده. على مسئوليته الجنائية بعد أن وضحت لها الدعوى والأصل أن تقدير حالة المتهم العقلية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة كما هي واقع الحال في الدعوى المطروحة. هي لا تلتزم المحكمة بالالتجاء إلى أهل الخبرة إلا فيما يتعلق بالمسائل الفنية البحتة التي يتعذر عليها أن تشق طريقها فيها، وما دام أن المحكمة قد انتهت في منطق سليم لا مخالفة فيه للقانون إلى أن المرض النفسي الذي يدعيه الطاعن لا أثر له على سلامة عقله وصحة إدراكه، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من دعوى مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم من قالة التناقض بين فقرات التقرير الطبي العقلي الذي عول عليه الحكم تأسيساً على أنه بعد أن أثبت أنه لا يوجد ما يشير إلى إصابة الطاعن بحالة عقلية مرضية أو بنوبات صرعية يتأثر فيها وعيه سواء في الوقت الحاضر أو في الماضي عاد وذكر بأن تصرفاته وكيفية ارتكابه الجريمة وتسليمه نفسه للشرطة بعد ذلك وإن كانت تدعو إلى الشك في أنه لم يكن في حالة عقلية عادية وقت الحادث إلا أنه باستعراض تاريخ الطاعن المرضي ونتيجة فحصه الطبي العقلي لا يسفر عن التوصل إلى ما يشير إلى إصابته بحالة عقلية مرضية أو بنوبات صرعية... إلخ. ما أورده التقرير فيما تقدم لا تناقض فيه. واستناد الحكم إلى الدليل المستمد منه لا يقدح في سلامته ذلك لأن التناقض الذي يبطل الحكم هو الذي من شأنه أن يجعل الدليل متهادماً متساقطاً لا شيء فيه باقياً يمكن أن يعتبر قواماً لنتيجة سليمة يصح معه الاعتماد عليها والأخذ بها. ولما كان التقرير قد خلا من شبهة التناقض الذي يسقطه وكان الحكم قد عول عليه فيما انتهى إليه من الجزم بتوافر المسئولية الجنائية لدى الطاعن وبأنه مسئول عما وقع منه وبين أسانيده التي أقيم عليها والتي أخذ بها وذكر مؤداه بطريقة وافية لا تناقض فيها يبين منها مدى تأييده للقول بتوافر المسئولية الجنائية في حق الطاعن كما اقتنعت بها المحكمة وكانت العبارة التي يستند إليها الطاعن في طعنه من رمى التقرير الطبي بعدم الجزم بحالة الطاعن العقلية وقت ارتكابه الجريمة واستطراده بعد ذلك في نتيجة إلى القطع بمسئوليته عن الحادث لا تفيد المعنى الذي حصله الطاعن منها، ذلك لأن كل ما تفيده تلك العبارة هو أن بادرة الشك التي قد تتبادر إلى الذهن في سلامة قوى الطاعن العقلية نتيجة لوجه الغرابة في الحادث قد أضحت منتفية بعد أن أثبت الفحص الطبي سلامة قواه العقلية وقت الحادث وهو ما قطع به التقرير في صلبه ورتب عليه ما خلص إليه من نتيجة من مسئولية الطاعن جنائياً عما وقع منه ومن ثم يكون استناد الحكم إلى التقرير الطبي كدليل في الدعوى يشهد على توافر مسئولية الطاعن الجنائية لا يعيبه، لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من دعوى خطأ الحكم في الاستدلال بأقوال الطاعن وتصرفاته التي صدرت منه بعد الحادث على سلامة قواه العقلية وقت وقوعه ما يثيره من ذلك مردود بأنه استدلال سليم لا غبار عليه ما دام يبين من الحكم أنه اتخذ من هذه التصرفات وتلك الأقوال بعد الحادث قرينة يعزز بها النتيجة التي انتهى إليها التقرير الطبي عن حالة الطاعن العقلية وكان هذا التقرير كافياً وحده لحمل قضاء الحكم في تقرير توافر مسئولية الطاعن الجنائية عن الحادث وبفرض تزيد الحكم فيما استطرد إليه من ذلك فإنه لا يعيبه طالما أنه لا أثر له في منطقه أو في النتيجة التي انتهى إليها، لما كان ما تقدم كله، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 322 لسنة 34 ق جلسة 23 / 6 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 102 ص 511


جلسة 23 من يونيه سنة 1964
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، ومحمد عبد الوهاب خليل، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، وصبري فرحات.
--------------
(102)
الطعن رقم 322 لسنة 34 القضائية

(أ) تحقيق. "إجراءاته". شهود. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تعرف الشهود على المتهم. ليس من إجراءات التحقيق التي يوجب القانون لها شكلاً خاصاً. اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل المستمد من عملية الاستعراف. عدم جواز مصادرتها في اعتقادها.
(ب، ج) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(ب) لمحكمة الموضوع التعويل على ما تقتنع به من أقوال الشهود في أي مرحلة من مراحل التحقيق المختلفة. لها تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه.
(ج) عدم التزام المحكمة بالإشارة إلى أقوال شهود النفي. ما دامت لم تستند إليها في قضائها. وطالما أن قضاءها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها يتضمن أنها لم تطمئن إلى أقوالهم فأطرحتها.

------------
1 - تعرف الشهود على المتهم ليس من إجراءات التحقيق التي يوجب القانون لها شكلاً خاصاً، فإذا كانت المحكمة قد اطمأنت إلى سلامة الدليل المستمد من عملية الاستعراف فإنه لا يجوز مصادرتها في اعتقادها.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول على ما تقتنع به من أقوال الشهود في أي مرحلة من مراحل التحقيق المختلفة وأن تجزئ أقوال الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
3 - المحكمة غير ملزمة بالإشارة إلى أقوال شهود النفي ما دامت لم تستند إليها في قضائها، وطالما أن قضاءها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها يتضمن أنها لم تطمئن إلى أقوالهم فأطرحتها.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر بأنهم في ليلة 28/ 10/ 1961 بالطريق العمومي الموصل ما بين طوخ وميت كنانة مركز طوخ محافظة القليوبية: سرقوا الموتوسيكل والأشياء الأخرى المبينة الوصف والقيمة بالمحضر والمملوكة لمحمد محمد نصار غنيم الشهير بالحاج علي بطريق الإكراه الواقع عليه بأن استأجروا الموتوسيكل المملوك له واصطحبوه معهم لتوصيلهم إلى عزبة الخواجات وأثناء سيرهم بالطريق أوقفوه وضربوه بأيديهم واستولى المتهمان الأول والثاني على ساعة يده وبطاقته الشخصية ورخصة القيادة والتسيير ومبلغ ستين قرشاً كما اقتادوه بعد ذلك إلى حقل غير مزروع حيث قام المتهم الثالث بإيثاق يديه بحبل من التيل وظل معه حتى فر المتهمان الأول والثاني بالموتوسيكل والأشياء الأخرى وتمكنوا بهذه الوسيلة من السرقة. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمادة 315/ 1 من قانون العقوبات - فقررت الغرفة ذلك. ومحكمة جنايات بنها قضت بتاريخ 11/ 11/ 1962 حضورياً بالنسبة إلى المتهمين الثاني والثالث وغيابياً بالنسبة إلى المتهم الأول عملاً بمادة الاتهام بمعاقبة كل منهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنين. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانهما بجريمة السرقة بإكراه جاء قاصراً في تسبيبه ومشوباً بالبطلان وذلك بأنه حصل واقعة الدعوى، وأورد مضمون ما شهد به المجني عليه وشقيقاه بالجلسة بما مؤداه أن الطاعنين وآخر حكم عليه غيابياً - استأجروا دراجة المجني عليه البخارية لينقلهم بها إلى بلدة معينة، حتى إذا ما بلغوا محل الحادث سرقوا الدراجة وأشياء أخرى كانت معه، دون أن يعني بالرد على ما قال به هؤلاء الشهود في الجلسة ذاتها من أن الجناة اعترضوا المجني عليه في أثناء سيره بالدراجة - بعد أن أنزل واحداً ممن كانوا يصاحبونه - وأنهم كانوا ملثمين - وليس يغني عن هذا الرد تعويل الحكم على قول آخر للمجني عليه بالجلسة مفاده أن الطاعنين وزميلهما هم مرتكبوا الحادث. كما أن الحكم لم يعرض لشهادة شهود النفي المؤيدة لدفاع الطاعنين، ولم يرد على ما أثاره المدافع عنهما من عدم توافر ظرف الإكراه في واقعة الدعوى، أما استخلاصه هذا الظرف تأسيساً على أن المجني عليه قرر في جميع مراحل الدعوى بأن الجناة أوثقوه، فيهدره أنه قرر في تحقيقات النيابة أنهم لم يعتدوا عليه ولم يكونوا يحملون سلاحاً. هذا إلى أن الحكم عول في إدانة الطاعنين على عملية استعراف باطلة لسبق مشاهدة المجني عليه هو وأخواه لهما بمركز الشرطة قبل إجراء عملية العرض، وعلى الرغم من تمسك المدافع عنهما بهذا الدفاع فإن الحكم لم يعرض له بقول، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله: "وحيث إن واقعة الدعوى كما استخلصتها المحكمة من أوراقها ومن الشهود الذين سمعتهم ومما دار بالجلسة توجز في أن المجني عليه محمد محمد نصار غنيم الشهير بالحاج علي كان بمتجره مع أخويه محمد الشهير بحسن ومحمد محمد نصار غنيم حين حضر إليه المتهمون الثلاثة "والطاعنان من بينهم" حوالي الساعة 8 من مساء يوم 17/ 10/ 1961 وطلبوا منه نقلهم إلى عزبة الخواجات بدراجته الميكانيكية (موتوسيكل) فقبل ونقده المتهم الأخير - الطاعن الثاني - المبلغ الذي اتفقوا عليه وهو خمسة وعشرين قرشاً وركب في القفص بينما ركب المتهمان الأول والثاني - الطاعن الأول - خلفه وسار بهم جميعاً في الطريق العام الموصل بين ناحيتي الدير وميت كنانة. وبعد أن جاوز نقطة المرور التي تقع على هذا الطريق بنحو كيلو مترين مقابل عزبة الخواجات استوقفه المتهمون ثم نزلوا وأطفأوا أنوار الدراجة وأوقف المتهم الثالث المحرك ثم ضربه الثلاثة بأيديهم وسرقوا منه كرهاً مبلغ ستين قرشاً وساعة يد وبطاقته الشخصية ورخصتي القيادة الخاصتين به وبالدراجة ثم قاده المتهم الثالث إلى حقل مجاور وأوثق يديه وطلب منه البقاء معه فترة تمكن في خلالها المتهم الأول من قيادة (الموتوسيكل) وفر هارباً به مع المتهم الثاني ثم حل المتهم الثالث وثاق المجني عليه واتفق معه على رد (الموتوسيكل) إن هو نقده مبلغ خمسة جنيهات في مقهى عينه له ببندر شبين القناطر ثم تركه وانصرف وسار المجني عليه على قدميه حتى بلغ نقطة مرور الدير وأبلغ الشرطي إبراهيم الدسوقي عبده بما حدث له فكلفه بإبلاغ الشرطة وأركبه سيارة نقل أقلته إلى طوخ وهناك تقدم ببلاغ للمركز أثبت فيه واقعة السرقة وأنه يستطيع التعرف على مرتكبيها وقد حررت محضراً بالحادث وأبلغت النيابة فتولت التحقيق وفي خلال عرض المتهمين على المجني عليه وأخويه تعرفوا عليهم جميعاً وأنكر المتهمون ما نسب إليهم" ثم أورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة استمدها مما حصله من أقوال المجني عليه وأخوته وشرطي نقطة المرور بالجلسة وبالتحقيقات وهي أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وتتوافر بها كافة العناصر القانونية لجريمة السرقة بإكراه التي دين الطاعنان بها - ثم تناول الحكم دفاع الطاعنين - القائم على أن حالة الضوء بمكان الحادث لم تكن تسمح بالتعرف على الجناة وأن الشهود رأوا الطاعنين في مركز الشرطة قبل عملية العرض، وأن المجني عليه نفى وجود سلاح مع الطاعنين أو أن إكراهاً وقع منهما - فرد عليه - وهو بصدد استخلاص ثبوت الواقعة - بقوله "وحيث إنه لما سلف بيانه تكون الواقعة المسندة للمتهمين قد تكاملت أركانها المادية والمعنوية وتوافرت الأدلة على صحتها بما لا مجال للشك فيه من أقوال شهود الإثبات التي تطمئن إليها المحكمة وقد أصر فيها المجني عليه وفي كافة مراحل الدعوى على أن المتهمين أوثقوه وشلوا مقاومته ولم يفرط لهم فيما سرقوه إلا تحت تأثير الإكراه والتهديد أما تعرف المجني عليه وأخويه على المتهمين فمرده في عقيدة المحكمة هو تواجدهم بحانوت المجني عليه فترة تكفي للتعرف على ملامحهم وشخصياتهم" لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً للطعن أن ما حصله الحكم عن واقعة الدعوى وما استخلصه من أقوال شهود الإثبات - بكل ما حواه من تفصيل سواء فيما يختص بأن مرتكبي الحادث هم الأشخاص ذاتهم الذين صاحبوا المجني عليه بعد استئجارهم الدراجة منه، أو فيما يتعلق بالإكراه الذي وقع عليه - والذي يكفي ما أورده الحكم بشأنه في إثبات توافره على النحو المعرف به قانوناً - له أصل ثابت في تحقيقات النيابة، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول على ما تقتنع به من أقوال الشهود في أي مرحلة من مراحل التحقيق المختلفة، وأن تجزئ أقوال الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم من قصوره في الرد على دفاعهم الموضوعي أو عدم استظهاره توافر ظرف الإكراه يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعنان من أن الحكم لم يعرض لأقوال شهود النفي أو لبطلان عملية الاستعراف، مردوداً بالنسبة إلى الأمر الأول بأن المحكمة غير ملزمة بالإشارة إلى أقوال شهود النفي ما دامت لم تستند إليها في قضائها، ولأن قضاءها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها يتضمن أنها لم تطمئن إلى أقوالهم فأطرحتها، وهو مردود كذلك بالنسبة إلى الأمر الثاني، بأنه لما كان تعرف الشهود على المتهم ليس من إجراءات التحقيق التي يوجب القانون لها شكلاً خاصاً وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى سلامة الدليل المستمد من عملية الاستعراف فإنه لا يجوز مصادرتها في اعتقادها.
وحيث إنه ترتيباً على ما تقدم، فإن الطعن برمته لا يعدو أن يكون جدلاً حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل مما يخرج عن رقابة محكمة النقض فيتعين لذلك رفضه موضوعاً.