الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 21 سبتمبر 2020

الطعن 655 لسنة 85 ق جلسة 4 / 6 / 2015 مكتب فني 66 ق 71 ص 511

 جلسة 4 من يونيو سنة 2015

برئاسة السيد القاضي / أنور جبري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / حمد عبد اللطيف ، محمد طاهر ، نجاح موسى وكمال قرني نواب رئيس المحكمة .

----------

(71)

الطعن رقم 655 لسنة 85 القضائية

(1) نقض " ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام " . دعوى مدنية " نظرها والحكم فيها " . محكمة الإعادة .

صدور حكم في موضوع الدعوى منهِ للخصومة أو مانع من السير فيها . شرط لانفتاح الطعن بالنقض .

 الحكم بعدم جواز نظر الادعاء المدني أمام محكمة الإعادة . لا يعد منهياً للخصومة ولا مانعاً من السير فيها . متى اتصلت بالمحكمة المختصة اتصالاً صحيحاً . أثر ذلك : طعن المدعي بالحق المدني فيه بالنقض . غير جائز . علة ذلك ؟

(2) نقض " ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام " . نيابة عامة . قانون "سريانه" " تطبيقه " .

 طعن النيابة العامة في الحكم الصادر من محكمة الجنايات في غيبة المتهم بجناية بعد سريان القانون 74 لسنة 2007 . غير جائز . علة وأساس ذلك ؟

(3) قضاة " صلاحيتهم " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

نعي النيابة العامة على الحكم بعدم صلاحية الهيئة مصدرته بسبب ما قرره رئيسها قبل جلسة إصداره . غير مقبول . علة ذلك ؟

(4) إثبات " خبرة " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . قضاة " صلاحيتهم ".

نعي النيابة بإفشاء أسرار المداولة بدلالة تسليم أقراص مدمجة وذاكرة إلكترونية متضمنة ملخص للحكم لأمين الجلسة وممثل النيابة . غير مقبول . مادام يستحيل الاطلاع عليها إلَّا باستخدام أجهزة فنية لم تتوافر لمن سلمت إليهم وكانوا تحت سمع وبصر هيئة المحكمة حتي النطق بالحكم واعتبار ذلك من المعارف العامة ولا يتطلب خبرة خاصة أو دعوة أهل الفن .

(5) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

حكم البراءة . لا يشترط أن يتضمن أموراً أو بيانات معينة . المادة 310 إجراءات.

كفاية تشكك القاضي في صحة إسناد التهمة للمتهم للقضاء ببراءته . علة وحد ذلك ؟

مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالبراءة .

(6) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم" بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

كفاية تشكك القاضي في صحة إسناد التهمة للمتهم للقضاء ببراءته . حد ذلك ؟

المحكمة غير ملزمة في حالة القضاء بالبراءة الرد علي كل دليل من أدلة الاتهام . إغفالها لها . مفاده : اطراحها .

تقدير أقوال الشهود . موضوعي .

للمحكمة الأخذ برواية منقولة . متى ثبت صحتها واقتنعت بصدورها عمن نقلت عنه.

الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوي . غير مقبول أمام محكمة النقض .

(7) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل" " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

 المحكمة غير ملزمة بإيراد النص الكامل لأقوال الشاهد . كفاية الحكم إيراد مضمونها .

النعي علي المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد . غير مقبول . علة وشرط ذلك؟

مثال .

(8) إثبات " بوجه عام " "أوراق رسمية " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها "

 استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . مادام سائغاً .

للمحكمة حرية أن تحكم في الدعوي حسب العقيدة التي تكونت لديها وتستمد هذه العقيدة من أي دليل ترتاح إليه . طالما كان مطروحاً أمامها بالجلسة . علة ذلك ؟

القاضي في حِل من الأخذ بالدليل المستمد من أوراق رسمية . حد ذلك ؟

الجدل الموضوعي في وزن عناصر الدعوي واستنباط معتقدها . غير مقبول أمام محكمة النقض .

 مثال .

(9) إثبات " بوجه عام " " قرائن " " شهود ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

العبرة في الإثبات في المواد الجنائية باقتناع قاضي الموضوع بناءً على الأدلة المطروحة عليه. له الأخذ بأي دليل أو قرينة .

لقاضي الموضوع بحث الدلائل والمستندات والموازنة بينها وترجيح شهادة شاهد علي آخر دون بيان أسباب الترجيح . شرط ذلك ؟

للمحكمة سلطة تقدير الأدلة . مناقشة المحكمة شهادة كل شاهد لإثبات عدم كفايتها . غير لازم .

نعي الطاعنة بشأن تساند الحكم في نفي تسليح قوات الشرطة المشاركة في مواجهة التظاهرات إلى أقوال بعض الشهود دون غيرهم . جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوي . غير جائز أمام محكمة النقض .

(10) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم "تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

مطالبة محكمة الموضوع بالأخذ بدليل معين . غير جائز . قضاؤها بالبراءة القائم في جملته على الشك في أدلة وعناصر الدعوى . أثره : عدم حاجتها إلى مناقشة الدليل المستمد من أقوال الشهود .

(11) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . تربح . إضرار عمدي .

كفاية تشكك القاضي في صحة إسناد التهمة للمتهم للقضاء ببراءته . علة وحد ذلك ؟

قضاء الحكم بالبراءة من تهمتي الاشتراك مع موظف عام لتربيح الغير دون حق والإضرار العمدي بالمال العام تأسيساً لعدم اطمئنانه لشهود الإثبات والشك فيها بما له معينه الصحيح من أوراق الدعوي . النعي عليه بالخطأ في الإسناد . غير مقبول .

(12) إثبات " خبرة ". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير آراء الخبراء". نقض " أسباب الطعن . الطعن . ما لا يقبل منها " .

استناد الحكم إلي تقرير خبير في دعوى سابقة تم ضمه للدعوى الحالية . لا يعيبه . علة ذلك ؟

تقدير آراء الخبراء والفصل في الاعتراضات الموجهة لتقاريرهم . موضوعي . علة ذلك؟

الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوي أمام محكمة النقض . غير جائز .

(13) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

الخطأ القانوني في حكم البراءة . لا يعيبه . مادام القاضي عول في تبرئة المتهم علي عدم اطمئنانه لثبوت التهمة في حقه .

النعي علي الحكم استطراده في معرض قضائه بتبرئة المطعون ضده من تهمتي الاشتراك مع موظف عام بتربيح الغير بدون وجه حق والإضرار العمدي بالمال العام إلى أن أمر بيع الغاز بالتعاقد المباشر كان لحالة الضرورة . غير مقبول . علة ذلك ؟

(14) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير في الدليل " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه . تسبيبه غير معيب " .

  تقدير أقوال الشهود . موضوعي.

 للمحكمة الأخذ بأقوال شاهد دون آخر .

  المحكمة غير ملزمة بالرد علي كل دليل من أدلة الاتهام . متي كونت عقيدتها بالبراءة . حد ذلك ؟

 نعي النيابة بعدم بحث المحكمة صوراً أخرى للخطأ المتسبب في إلحاق ضرر جسيم . غير مجد . مادام الحكم سرد وقائع الدعوى وناقش ركن الخطأ مورداً ما يبرر قضاءه بالبراءة .

(15) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه . تسبيبه غير معيب " .

 التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله . ماهيته ؟

 مثال لما لا يعد تناقضاً في الحكم .

(16) جريمة " أنواعها " " الجريمة الوقتية " " الجريمة المستمرة " . دعوي جنائية " انقضاؤها بمضي المدة " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . تقادم . قانون " تفسيره " . استغلال النفوذ .

 التمييز بين الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة . معياره : طبيعة الفعل المادي المكون

للجريمة . ماهية الجريمتين ؟

 جنايتا استعمال النفوذ وتقديم عطية وقبولها وجنحة العلم بالعطية وقبولها . جرائم وقتية .

المادتان 15 ، 17 إجراءات جنائية . مفادهما ؟

تحديد تاريخ وقوع الجريمة . موضوعي .

مثال لتسبيب سائغ للقضاء بانقضاء الدعوي الجنائية عن جنايتي استعمال النفوذ وتقديم عطية وقبولها وجنحة العلم بالعطية وقبولها بمضي المدة .

(17) أمر الإحالة . وصف التهمة . محكمة الموضوع " سلطتها في تعديل وصف التهمة " . دعوي جنائية " حق التصدي " .

إسباغ المحكمة الوصف القانوني للتهمة . شرطه : التقيد بالواقعة المطروحة .

 معاقبة المتهم عن واقعة غير الواردة بأمر الإحالة . غير جائزة . المادة 307 إجراءات .

حق التصدي طبقاً للمادة 11 إجراءات . ماهيته ؟

مثال .

(18) أمر بألَّا وجه . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . دفوع " الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر بألَّا وجه فيها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . نيابة عامة . دعوي جنائية " تحريكها " . استجواب .

استنتاج الأمر بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية من تصرف أو إجراء آخر. جائز . حد ذلك ؟

قضاء الحكم بعدم جواز نظر الدعوي الجنائية لسبق صدور أمر بألَّا وجه لإقامتها استناداً لمجرد تقديم بلاغات ضد المطعون ضده عن تهمة الاشتراك في القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بالقتل العمد والشروع فيه دون استجوابه بتحقيقات النيابة . خطأ في تطبيق القانون . يوجب نقضه وتحديد جلسة لنظر الموضوع . ما دام الطعن لثاني مرة . أساس وعلة ذلك ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- من المقرر أن الطعن بطريق النقض لا ينفتح إلَّا بعد أن يكون قد صدر في موضوع الدعوى حكم منه للخصومة أو مانعاً من السير فيها ، وكان الحكم المطعون فيه والقاضي بعدم جواز نظر الادعاء المدني أمام محكمة الإعادة لا يعد مُنهياً للخصومة أو مانعاً من السير في الدعوى المدنية إذا اتصلت بالمحكمة المختصة اتصالاً صحيحاً ، ذلك بأنه لم يفصل في الدعوى المدنية ، فإن الطعن المقدم من المدعيين بالحقوق المدنية لا يكون جائزاً .

2- لما كان الحكم المطعون فيه وقد صدر غيابياً بالنسبة إلى المطعون ضده .... بتاريخ 29/11/2014 ، وكان قد صدر – من قبل – القانون رقم 74 لسنة 2007 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية وقانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض والمعمول به اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2007 والذى نص في المادة الخامسة منه على إلغاء المادة 33 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 والتي كانت تجيز للنيابة العامة الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر من محكمة الجنايات في غيبة المتهم في جناية ، وكان الأصل في القانون أن الحكم أو القرار أو الأمر يخضع من حيث جواز الطعن فيه للقانون الساري وقت صدوره أخذاً بقاعدة عدم سريان أحكام القوانين إلَّا على ما يقع من تاريخ نفاذها ، وكان الحكم المطعون فيه قد صدر بعد سريان القانون رقم 74 لسنة 2007 الذى أوصد باب الطعن بطريق النقض أمام النيابة العامة في الحكم الصادر من محكمة الجنايات في غيبة المتهم بجناية ، ومن ثم فإن الطعن المقدم من النيابة العامة ضد المحكوم عليه المذكور يكون غير جائز .

        3- لما كان ما تثيره النيابة العامة من صدور الحكم المطعون فيه من هيئة فقدت صلاحية الفصل في الدعوى إذ أعلن رئيس الهيئة التي أصدرته قبل الجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أنه في حالة توافر شروط انطباق المادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية ، فإن المحكمة ستُضمن أسباب حكمها ما كانت ستقضى به في حالة عدم انطباقها ، فإنه لا يدل بذاته على أن المحكمة قد أبدت رأياً يمنعها من القضاء في موضوع الدعوى ؛ إذ ليس فيه ما يفيد أن المحكمة كونت رأياً مستقراً في مصلحة المطعون ضدهم أو ضد مصلحتهم وأنها أصدرت حكمها دون أن تكشف عن اعتناقها لرأي معين في الدعوى قبل الحكم فيها – هذا إلى أن الأصل – أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلَّا ما كان متصلاً بقضاء الحكم ، فإن هذا المنعى بحسب ما ساقته الطاعنة لا يتصل بالحكم المطعون فيه لخلو مدوناته من العبارات التي حملها منعاها ، ومن ثم لا يكون مقبولاً .

4- لما كان ما تثيره النيابة الطاعنة من قالة إفشاء أسرار المداولة بدلالة تسليم الأقراص المدمجة والذاكرة الإلكترونية وكيفية إعدادها – على السياق الذى تضمنه وجه الطعن – مردوداً بأن الثابت لهذه المحكمة – محكمة النقض – من مشاهدة هذه الأقراص وتلك الذاكرة وما تضمنته وحوته أنه يستحيل الاطلاع عليها إلَّا باستخدام أجهزة فنية معدة لذلك ، وهو ما لم يتوافر لدى من سُلمت إليهم ، فضلاً عن كونهم كانوا تحت سمع وبصر هيئة المحكمة حتى النطق بالحكم ، هذا إلى أنه قد أصبح من المعارف العامة التي لا تحتاج إلى خبرة فنية خاصة أن ما حوته هذه الأقراص وتلك الذاكرة يمكن إعدادها بمعرفة الأشخاص العاديين ولا تتطلب خبرة خاصة أو دعوة أهل الفن ، وفوق ذلك فإن ما أثارته الطاعنة لا يعدو أن يكون قولاً مرسلاً عارياً من دليله وليس في الأوراق ما يظاهره أو يسانده ، فإن كافة ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن لا سند له من واقع وقانون .

5- لما كان الأصل على ما جرى به قضاء محكمة النقض أن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية لم تشترط أن يتضمن حكم البراءة أموراً أو بيانات معينة أسوة بأحكام الإدانة ، وأنه يكفي لسلامة الحكم بالبراءة أن تتشكك المحكمة في صحة إسناد التهمة إلى المتهم إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما تطمئن إليه في تقدير الدليل ، مادام أن الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة ، وكان البيّن من مدونات الحكم أنه أحاط بالدعوى وبظروفها وكافة أدلتها وانتهى إلى تبرئة المطعون ضدهم لعدم اطمئنانه إلى أدلة الإثبات المقدمة في الدعوى بعد تشككه فيها للأسباب السائغة التي أوردها ، والتي تكفي لحمل النتيجة التي خلص إليها ، ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم بقالة القصور.

6- لما كان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة بعد أن أوردت أقوال شهود الإثبات واستعرضت أدلة الدعوى وأحاطت بكافة عناصرها عن بصر وبصيرة أسست قضاءها بالبراءة على عدم اطمئنانها إلى صحة إسناد – الاتهام إلى المطعون ضدهم من الأول وحتى الخامس – في تهمة الاشتراك في القتل العمد مع سبق الإصرار والمقترن بالقتل العمد والشروع فيه وانتهت إلى أن ما ساقته النيابة العامة دليلاً على الجُرم المنسوب للمتهمين لا ينهض بذاته دليلاً قاطعاً على إدانتهم وذلك استناداً إلى عناصر سائغة وصحيحة اقتنع به وجدانها ومؤدية إلى النتيجة التي انتهت إليها ، وكان من المقرر أنه يكفي أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي يقضى به بالبراءة إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة ، وكان الحكم قد بيّن أسانيد البراءة بما يحمل قضاءه ، فضلاً عن أن المحكمة غير ملزمة في حالة القضاء بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الاتهام ؛ لأن في إغفال التحدث عنها ما يفيد أنها اطرحتها ولم تر فيها ما تطمئن معه إلى إدانة المتهمين ، وكان تقدير أقوال الشهود متروك لمحكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها بغير معقب وأن القانون لا يمنع المحكمة من الأخذ برواية منقولة متى ثبت صحتها واقتنعت بصدورها عمن نقلت عنه ، فإن سائر ما تخوض فيه الطاعنة حول دلالة أقوال الشهود سواء ما عولت عليه المحكمة أو اطرحته لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها هي إليها ، مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض .

7- من المقرر أنه لا يلزم قانوناً إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد الذى اعتمد عليه الحكم بل يكفي أن يورد مضمونها ولا يقبل النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد ، لأن فيما أوردته منها وعولت عليه ما يعنى أنها اطرحت ما لم تشر إليه منها لما للمحكمة من حرية في تجزئة الدليل والأخذ منه بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ به ما دامت أنها قد أحاطت بأقوال الشاهد ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بتر لفحواها أو مسخ لها بما يحيلها عن معناها أو يحرّفها عن مواضعها ، وإذ كان الحكم قد حصل أقوال الشهود .... و.... و.... و.... و.... في بيان واف ولم يجهل بها أو يحرفها عن مواضعها – على ما يبين من المفردات – فإن ما تنعاه الطاعنة في هذا الصدد يكون في غير محله .

8- لما كان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ، وكان القانون لم يقيد المحكمة بالأدلة التي تستند إليها النيابة العامة وإنما جعل لها أن تحكم في الدعوى حسب العقيدة التي تكونت لديها بكامل حريتها وأن تستمد هذه العقيدة من أي دليل ترتاح إليه طالما كان مطروحاً أمامها بالجلسة ، وأنه لا يصح النعي على المحكمة عدم مناقشتها دليلاً معيناً متى كان قوام الحكم الشك في عناصر الدعوى وأدلتها ، وأن القاضي في حِل من الأخذ بالدليل المستمد من أية ورقة رسمية ، ما دام هذا الدليل غير مقطوع بصحته ويصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي استخلصها القاضي من باقي الأدلة ، فإن المنازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من واقع أوراق الدعوى والتفاتها عما ساقته النيابة العامة من أدلة وقرائن تفيد ثبوت الاتهام لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة ، وهو ما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض .

9- لما كانت العبرة في الإثبات في المواد الجنائية هي باقتناع قاضى الموضوع بناءً على الأدلة المطروحة عليه فيها ، فهو يحكم بما يطمئن إليه من أي عنصر من عناصرها وظروفها المعروضة على بساط البحث ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين ولا بقرينه بذاتها كما أن لقاضي الموضوع بحث ما يقدم له من دلائل ومستندات وموازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح شهادة شاهد على شهادة آخر وليس بلازم أن يبين أسباب هذا الترجيح ، ما دام لم يخرج بأقوال الشاهد عما يؤدي إليه مدلولها ، وأنه للمحكمة السلطة التامة في تقدير الأدلة فلا يجوز مناقشة شهادة كل شاهد على حده لإثبات عدم كفايتها ، فإن سائر ما تثيره الطاعنة بشأن ما تساند إليه الحكم في نفي تسليح قوات الشرطة التي شاركت في مواجهة التظاهرات من أقوال بعض الشهود دون أقوال غيرهم والتفاتها عما ورد بالتسجيلات والأقراص المدمجة معاودة للجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى ، مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .

10- لما كان ما تعيبه الطاعنة على الحكم من قضائه ببراءة المطعون ضده الرابع رئيس جهاز مباحث أمن الدولة مما نسب إليه تأسيساً على أن عمل الجهاز رئاسته يقتصر على جمع المعلومات خلافاً لأقوال كل من .... و.... مردود بأنه من المقرر أنه لا يجوز مطالبة محكمة الموضوع بالأخذ بدليل معين ، كما أن قضاء الحكم - على ما كشف عنه منطقه - قد أقيم في جملته على الشك في أدلة وعناصر الدعوى ، فلم تعد بالحكم حاجة إلى مناقشة الدليل المستمد من أقوال هذين الشاهدين .

11- لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض أدلة الدعوى وملابساتها أسس قضاءه ببراءة المطعون ضده الثامن من تهمتي الاشتراك مع موظف عام لتربيح الغير دون وجه حق والإضرار العمدي بالمال العام على عدم اطمئنان المحكمة لأقوال شهود الإثبات والشك فيها ، وكان من المقـرر أنه يكفي أن يتشكك القاضي في ثبوت الاتهام لكي يقضي بالبراءة ، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه من تقدير الدليل ، ما دام أن الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة ، وإذ كان ما أورده الحكم مفاده أن المحكمة بعد أن محصت الدعوى وأحاطت بظروفها لم تطمئن إلى أدلة الثبوت ورأتها غير صالحة للاستدلال بها على ثبوت الاتهام . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الاطلاع على المفردات أن ما أسنده الحكم إلى شهود الإثبات ومن بينهم .... بخصوص واقعتي الاشتراك مع موظف عام لتربيح الغير دون وجه حق والإضرار العمدى بالمال العام له معينه الصحيح من أوراق الدعوى - على خلاف ما تزعم الطاعنة - فإن النعي بالخطأ في الإسناد يكون لا محل له .

12- من المقرر أنه لا يعيب الحكم استناده إلى تقرير خبير مقدم في دعوى سابقة متى كان مضموماً للدعوى الحالية ومطروحاً بجلسات المرافعة فأصبح ورقة من أوراقها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - يتناضل كل خصم في دلالتها ، كما أنه من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير، شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل ، فإن ما تنعاه الطاعنة في هذا الشأن يكون جدلاً في تقدير أدلة الدعوى مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النفض .

13- لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تستطرد في معرض قضائها ببراءة المطعون ضده الثامن من تهمتي الاشتراك مع موظف عام لتربيح الغير بدون وجه حق والإضرار العمدي بالمال العام إلى أن إسناد الأمر ببيع الغاز بالتعاقد المباشر كان لحالة الضرورة - على خلاف ما تزعمه الطاعنة - ومن ثم فإن نعيها على الحكم في هذا الخصوص على خلاف الواقع ، هذا فضلاً على أنه من المقرر أن الخطأ القانوني في الحكم القاضي بالبراءة لا يعيبه ما دام أن قاضى الموضوع قد عول في تكوين عقيدته بتبرئة المتهم على عدم اطمئنانه إلى ثبوت التهمة في حقه بعد أن ألم بأدلة الدعوى ووزنها ولم يقتنع وجدانه بصحتها ، مما لا يجوز معه مصادرته في اعتقاده ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون فوق أنه جاء على خلاف الواقع ليس بمنتج ، ويكون النعي عليه غير سديد .

14- لما كانت المحكمة قد خلصت إلى تبرئة المطعون ضدهم الأول ومن الثالث حتى السابع من تهمة التسبب خطأ في إلحاق ضرر جسيم تأسيساً على عدم توافر أركان هذه الجريمة في حقهم ، وكان من المقرر أن تقدير أقوال الشهود متروك لمحكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها بغير معقب ، كما أن للمحكمة أن تأخذ بأقوال شاهد دون آخر ، وأنه متى كونت المحكمة عقيدتها ببراءة المتهمين فليس عليها بعد أن اقتنعت بذلك أن تلتزم بالرد على كل دليل من أدلة الاتهام ، ما دام قضاؤها قد بُني على أساس سليم - كالحال في الدعوى المطروحة - وإذ كان الحكم المطعون فيه بعد أن سرد وقائع الدعوى وناقــش ركن الخطأ مورداً في ذلك من الاعتبارات السائغة ما يبرر قضاءه ، فإن مجادلة الطاعنة في أن المحكمة لم تبحث صوراً أخرى للخطأ ملتفته عن أقوال الشهود التي تؤيدها ، يكون لا جدوى منه .

15 - من المقرر أن التناقض الذى يعيب الحكم ويبطله هو الذى يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وكان مفاد ما أورده الحكم من أحداث 25 يناير لم تكن متوقعة وكذا عدم وجود معاينات للنيابة العامة موضحاً بها ما تم إتلافه أو ندب خبراء لفحص التلفيات وسببها لا يتعارض مع ما أثبته في حق المطعون ضده الأول من أنه أمر بقطع الاتصالات عن الهواتف النقالة وكذا أن المعاينات سردت لقطات لإتلاف وإحراق وتدمير دون أدلة أو قرائن قولية أو فنية تؤيد هذا القول ، هذا إلى أن ما ذكرته النيابة الطاعنة - بفرض صحته - لم يكن بذي أثر في منطق الحكم واستدلاله على قضائه .

16- لما كان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة بالنسبة للمطعون ضدهم من الثامن حتى العاشر عن جنايتي استعمال النفوذ وتقديم عطية وقبولها وجنحة العلم بالعطية وقبولها على قوله " إنه استقر في يقين محكمة الإعادة استخلاصاً من الوقائع المطروحة أن المتهم الثاني رجل الأعمال صاحب الحاجة قدم العطية للمتهم الأول .... و... في غضون عامي 97/1998 وقبلوها في ذلك التاريخ مع علمهم بأنها نظير استخدام مقدم العطية لنفوذ المتهم الأول كرئيس للجمهورية لدى سلطة عامة وآية ذلك ما ثبت بالمستندات من أن المساحة المشيد عليها الفيلات الخمس موضوع العطية جاءت ضمن مسطح 143942م2 صدر قرار تخصيص لها من محافظة .... في 20/4/1995 لشركة المتهم الثاني وتحرر بها عقد بيع ابتدائي من المحافظة في 27/4/1995 وسجله المتهم الثاني بالشهر العقاري في 29/1/2000 ، وسبق التسجيل تحصل شركة المتهم الثاني على ترخيص المباني للفيلات الخمس وخلافها برقم .... في 30/11/1995 من إسكان .... وعُدل الترخيص في 28/11/1996 وقد عضد هذا التسلسل الوثائقي لمحكمة الإعادة التداعي المنطقي والواقعي للأحداث ، إذ قرر المتهمون الأول والثالث والرابع بتحقيقات النيابة العامة بتسليم الفيلات الخمس في منتصف التسعينات وصادقهم تقرير اللجنة المنتدبة الذى اطمأنت إليه محكمة الإعادة بإجازة مقولة المتهمين الأول والثالث والرابع في تسلم الفيلات الخمس خلال عامي 97/1998 ميلادياً فيبدأ من هنا احتساب المدة الموجبة للسقوط بالتقادم باعتباره تاريخ تمام الجريمة بوصفها جريمة وقتية فتكتمل مدة العشر سنوات لجنايتي المتهمين الأول والثاني بنهاية عام 2008 ميلادياً وثلاث سنوات لجنحة المتهمين الثالث والرابع بانتهاء العام الميلادي 2001 ، وإذ كان أول إجراء يعد قاطعاً للتقادم جاء عقب اكتمال المدة الموجبة للسقوط وتمثل في سؤال المتهم الأول .... بتحقيقات النيابة العامة في 12/4/2011 بشأن ذلك الاتهام موضوع الجناية المنظورة بما تتوافر معه المدة الموجبة للسقوط بالتقادم بمضي عشر سنوات من تاريخ تمام الجريمة والحاصل في غضون عامي 97 / 1998 للمتهمين الأول والثاني وثلاث سنوات للمتهمين الثالث والرابع ، سيما وأن التحقيقات وما قدم فيها من مستندات وما كشف عنه تقرير اللجنة المنتدبة من محكمة الإعادة لجازم في أن الإنشاءات والتوسعات والتعديلات والملحقات والتشطيبات والتجديدات التي أجريت على الفيلات الخمس لم تنفذها شركة المتهم الثاني رجل الأعمال فلم تقدم النيابة العامة أية مستندات تناصر هذا الأمر ، فضلاً عن أن اللجنة المنتدبة من محكمة الإعادة أثبتت بتقريرها أنها لم تعثر على ثمة مستندات بمقر شركة المتهم الثاني توضح أو تنبئ عن إجرائها لأية إنشاءات أو توسعات أو تعديلات أو ملحقات أو تشطيبات أو تجديدات أو خلافه عقب تقديم عطية الفيلات الخمس منذ عامي 97 / 1998 حتى إيداع التقرير ليُعد تدخلاً متتابعاً سواء من المتهم الثاني شخصياً أو شركته بل إن الواقع والمستندات بالدعوى الجنائية ينطقا بأن المتهمين الأول والثالث والرابع أسندوا لشركة .... أعمال إنشاءات وتوسعات وتعديلات وملحقات وتشطيبات وتجديدات بالفيلات الخمس وهو ما استبان من المقايسات المقدمة من المتهمين والصادرة من تلك الشركة بدءاً من 25/6/2000 بالقيم المالية المطلوبة للأعمال المسندة وذلك حتى 20/1/2011، وما عاصر ذلك من إيصالات برسم الإدارة المالية لشركة .... والتي تبدأ من 30/9/2000 بسداد المتهمين الثالث والرابع مبلغ .... لأعمال منفذة بفيلات .... بخلاف ما كشف عنه أيضاً تقرير اللجنة المنتدبة من محكمة الإعادة عن انشغال ذمة المتهمين الثالث والرابع بمبلغ .... تمثل قيمة باقي أعمال نفذت بالفيلات الخمس من شركة ....، بما لا مفر معه أمام محكمة الإعادة إلَّا سوى الرضوخ لأحكام القانون وما أوجبته قواعد النظام العام في هذا المقام وما أظهره الواقع فتقضى بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة قبل المتهمين .... و.... و.... و.... لما أسندته إليهم النيابة العامة .... ولا ينال من ذلك ما تمسكت به النيابة العامة في مرافعتها الشفوية من أن جريمة استعمال النفوذ جريمة مستمرة حتى استنفاذ نفوذ المرتشي وليس قبول العطية . فلما كان من المقرر قانوناً أن مواصلة الراشي في الاستعمال المتتابع لنفوذ المرتشي يُعد أثراً من أثار تلك الجريمة الوقتية المؤثمة بالمادة 106 مكرراً من قانون العقوبات والتي اكتملت بقبول العطية وصار ذلك هو التاريخ الفعلي لوقوع الجريمة ، وليس تاريخ استنفاذ الراشي نفوذ المرتشي لانحصار وصف الجريمة المستمرة عن الأفعال المؤثمة بالمادة 106 مكرر سالفة البيان .... " . لما كان ذلك ، وكان الفيصل في التمييز بين الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة هو طبيعة الفعل المادي المكون للجريمة كما عرفه القانون سواء كان هذا الفعل إيجاباً أو سلباً ارتكاباً أو تركاً ، فإذا كانت الجريمة تتم وتنتهي بمجرد إتيان الفعل كانت وقتية أما إذا استمرت الحالة الجنائية فترة من الزمن فتكون الجريمة مستمرة طوال هذه الفترة ، والعبرة في الاستمرار هنا هي بتدخل إرادة الجاني في الفعل المعاقب عليه تدخلاً متتابعاً متجدداً ولا عبرة بالزمن الذى يليه والذى تستمر فيه آثاره الجنائية في أعقابه ، وكانت الجريمة متتابعة الأفعال تقوم بسلسلة من الوقائع المتماثلة المتعاقبة يرتكبها المتهم اعتداءً على حق واحد وتنفيذاً لمشروع إجرامي واحد ، وكانت الجرائم التي قضى الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية فيها بمضي المدة هي من الجرائم الوقتية التي تتم وتنتهي بمجرد إتيان الفعل المادي المكون لها ، وكان قانون الإجراءات الجنائية ينص في المادتين 15 ، 17 منه بانقضاء الدعوى الجنائية في مواد الجنايات بمضي عشر سنوات وفي مواد الجنح بمضي ثلاث سنوات من يوم وقوع الجريمة وتنقطع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وكذلك بالأمر الجنائي أو بإجراءات الاستدلال إذا اتخذت في مواجهة المتهم أو إذا أخطر بها بوجه رسمي ، وأن هذا الانقطاع عيني يمتد أثره إلى جميع المتهمين في الدعوى ولو لم يكونوا طرفاً في الإجراءات ، وكان من المقرر أن تحديد تاريخ وقوع الجريمة من الأمور الموضوعية التي تدخل في اختصاص قاضى الموضوع وله مطلق الحرية في بحث كل ظروف الواقعة واستخلاص هذا التاريخ منه ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي أكثر من عشر سنوات بين التاريخ الذى ثبت للمحكمة وقوع الجريمة فيه وحددته وهو خلال عامي 97/1998 وبين تاريخ إجراء أول تحقيق في الدعوى مع المطعون ضده الثامن وهو 12/4/2011 وكذا مضى أكثر من ثلاث سنوات على الواقعة المنسوبة للمطعون ضدهما التاسع والعاشر ، وذلك للأسباب السائغة التي أوردها وكانت الطاعنة لا تمارى في أن ما أثبته الحكم فيما تقدم له معينه الصحيح من أوراق الدعوى ومستنداتها ، فإن الحكم يكون قد طبق القانون على الواقعة تطبيقاً صحيحاً ويكون نعى الطاعنة عليه غير قويم .

17- لما كان ما أشارت إليه الطاعنة من أنه كان يتعين على المحكمة أن تمحص الواقعة بكافة قيودها وأوصافها إذ إنها لم تسبغ الوصف الصحيح عليها وهو جناية تربيح الغير دون وجه حق والاشتراك فيها المؤثمة بالمواد 40 ، 41 ، 115 من قانون العقوبات وتدين المطعون ضدهم عنها بدلاً من القضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة فهو مردود بأن مناط ذلك هو التقيد بالواقعة المطروحة وعندئذ يتعين على المحكمة إعطاء الوصف القانوني لها ، وهي من بعد لا يجوز لها قانوناً أن تحاكم المتهم عن واقعة أخرى غير واردة في أمر الإحالة عملاً بحكم المادة 307 من قانون الإجراءات الجنائية ، وفوق ذلك فإن حق التصدي المنصوص عليه في المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية هو حق خوله المشرع لمحكمة الجنايات أن تستعمله متى رأت ذلك وليس في صيغة المادة المذكورة ما يفيد إيجاب التزام المحكمة به .

 18- لما كان الحكم قد استند فيما تناهي إليه من عدم جواز نظر الدعوى الجنائية قِبل المطعون  ضده .... عن تهمة الاشتراك في القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بالقتل العمد والشروع فيه في الدعوى رقم .... جنايات .... استناداً إلى سبق صدور أمر ضمني بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبله لمجرد تقديم بلاغات ضده في الدعوى رقم .... جنايات .... مع آخرين ثم قصر الإحالة فيها للمحاكمة على المطعون ضدهم من الأول وحتى الخامس دون أن يشمله قرار الإحالة . لما كان ذلك ، وكان الأمر بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية وإن جاز أن يستفاد استنتاجاً من تصرف أو إجراء آخر يدل عليه ، إلَّا أنه لا يصح أن يفترض أو يؤخذ فيه بالظن ، وكان الثابت من أمر الإحالة الصادر في الجناية رقم .... أن كل ما صدر من النيابة العامة في هذا الصدد هو اتهامها للمطعون ضدهم .... و.... و.... و.... و.... " من الأول وحتى الخامس " بارتكاب جريمة – الاشتراك في القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بالقتل العمد والشروع فيه – دون أن تذكر شيئاً عن المطعون ضده الثامن .... وأنهت التحقيقات في هذه الجناية دون سؤاله ، مما يفيد أنها - أي سلطة التحقيق - لم تجابهه بالأدلة والقرائن التي تجمعت لديها حتى يُبدي دفاعه ودفوعه بشأنها ، الأمر الذى يدل على أنها لم تقابل الأدلة التي توفرت لديها في شأنه أو تزنها وتمحصها التمحيص الكافي حتى ترجح مبلغ كفايتها من عدمه لتقديمه للمحاكمة - وهو مناط التصرف في شأن المتهم أو عدم وجود وجه لإقامة الدعوى صريحاً كان أم ضمنياً - الأمر الذى ترى معه هيئة المحكمة - من المفردات المضمومة - ومن جماع كل ما تقدم أنه لا يصح حمل تصرف النيابة حتماً وبطريق اللزوم العقلي على أنه أمر ضمني بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قِبله يحول دون تحريكها بعد ذلك ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه فيما قضى به من عدم جواز نظر الدعوى الجنائية في الجناية رقم .... لسبق صدور أمر ضمني بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية في الدعوى رقم .... جنايات .... بالنسبة للمطعون ضده الثامن .... عن تهمة الاشتراك في القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بالقتل العمد والشروع فيه ، دون باقي الجرائم المنسوبة إليه ، ولما كان الطعن الماثل مقدماً للمرة الثانية ، فإنه يتعين مع نقض الحكم في هذا الشق فقط من الطعن أن يقترن بتحديد جلسة لنظر الموضوع .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهم : 1- .... 2- .... 3- .... 4-.... 5-.... 6-.... 7- .... بأنهم :

1- المتهمون الأربعة الأول :

اشتركوا مع بعض ضباط وأفراد الشرطة في قتل المجني عليه .... عمداً مع سبق الإصرار وكان ذلك بطريق التحريض والمساعدة بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وبعض المتظاهرين من خلال أحداث المظاهرات السلمية التي بدأت اعتباراً من 25 يناير سنة 2011 احتجاجاً علي سوء وتردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية بالبلاد وتعبيراً عن المطالبة بتغيير نظام الحكم واتخذوا فيما بينهم قراراً في لقاء جمعهم قبـل الأحداث بتحريض بعض ضباط وأفـراد الشرطة الذين تقرر اشتراكهم في تأمين تلك المظاهرات في الميادين المختلفة بمحافظات .... و.... و.... و.... و.... و.... و.... و.... و.... و.... على التصدي للمتظاهرين بالقوة والعنف بإطلاق أعيرة نارية وخرطوش عليهم أو استخدام أي وسائـل أخرى لقتل بعضهم ترويعاً للباقين وحملهم على التفرق وساعدوهم على تنفيذ ذلك بأن أمروا بتسليحهم بأسلحة نارية وخرطوش بالمخالفة للقواعد والتعليمات المنظمة لتسليح القوات في مثل هذه الأوقات فقام واحد من قوات الشرطة بإطلاق أعيرة نارية من سلاحه علي المجني عليه سالف الذكر أثناء سيره في المظاهرة قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياته . وقد وقعت هذه الجناية بناءً على هذا التحريض وتلك المساعدة علي النحو المبيَّن وقد اقترنت بهذه الجنايـة وتقدمتها العديد من الجنايـات الأخرى هي أنهم في ذات الزمان والأمكنة سالفة البيان : أ – اشتركوا مع بعض ضباط وأفراد الشرطة في قتل المجني عليهم/ .... وآخرين المبينة أسماؤهم بالتحقيقات في قتل بعض المتظاهرين عـمداً خلال أحداث المظاهرات السلمية المشار إليها سلفاً احتجاجاً على سوء وتردي الأوضاع السياسيـة والاقتصادية والاجتماعية والأمنية بالبلاد وتعبيراً عن المطالبة بتغيير نظام الحكم واتخذوا فيما بينهم قراراً في لقاء جمعهم قبل الأحداث بتحريض بعض ضباط الشرطة الذين تقرر اشتراكهم في تأمين تلك المظاهرات في الميادين المختلفة بمحافظات .... و.... و.... و.... و.... و.... و.... و.... و.... و.... على التصدي للمتظاهرين بالقوة والعنف بإطلاق أعيرة نارية وخرطوش عليهم أو استخدام أي وسائـل أخرى لقتل بعضهم ترويعاً للباقين وحملهم على التفرق وساعدوهم على تنفيذ ذلك بأن أمروا بتسليحهم بأسلحة نارية وخرطوش بالمخالفة للقواعد والتعليمات المنظمة لتسليح القوات في مثل هذه الأحوال فقامت بعض قوات الشرطة بإطـلاق أعيرة نارية من أسلحتهم على المجني عليهم ودهس اثنين منهم بمركبتين حال مشاركتهم في تلك المظاهرات قاصدين من ذلك قتلهم فأحدثوا بهم الإصابـات الموصوفة بتقارير الصفة التشريحية والتقارير الطبية الأخرى والتي أودت بحياتهم حال كون بعضهم أطفالاً وقد وقعت جرائم القتل المذكورة بناءً علي هذا التحريض وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقــات .

ب – اشتركوا مع بعض ضباط وأفـراد الشرطة في الشروع في قتل المجني عليهم .... والآخرين المبينة أسماؤهم بالتحقيقات عمداً مع سبق الإصرار وكان ذلك بطريق التحريض والمساعدة بأن بيتوا النية وعقدوا العزم علي قتل بعض المتظاهرين خلال أحداث المظاهرات السلمية التي بدأت اعتباراً من 25 من ينايـر سنة 2011 احتجاجاً على سوء وتردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية بالبلاد وتعبيراً عن المطالبة بتغيير نظام الحكم واتخذوا فيما بينهم قراراً في لقاء جمعهم قبل الأحداث بتحريض بعض ضباط وأفـراد الشرطة الذين تقرر اشتراكهم في تأمين تلك المظاهرات في الميادين المختلفة بمحافظات .... و.... و.... و.... و.... و.... و.... و.... و.... و.... على التصدي للمتظاهرين بالقوة والعنف بإطـلاق أعيرة نارية وخرطوش عليهم أو استخدام أي وسائـل أخري لقتل بعضهم ترويعاً للباقين وحملهم على التفرق وساعدوهم على تنفيذ ذلك بأن أمدوهم بأسلحة نارية وخرطوش بالمخالفة للقواعد والتعليمات المنظمة لتسليح القوات في مثـل هذه الأحوال فقامت بعض قوات الشرطة بإطلاق أعيرة نارية من أسلحتهم على المجني عليهم ودهس ثلاثة منهم بمركبات أثناء مشاركتهم في المظاهرات قاصدين من ذلك قتلهم فأحدثـوا بهم الإصابات الموصوفة بتقارير الطب الشرعي والتقارير الطبية الأخرى وقد خابت آثـار تلك الجرائم لأسباب لا دخل لإرادة المتهمين فيها وهي مداركـة المجني عليهم بالعلاج وقد وقعت هذه الجرائم بناء علي هذا التحريض وتلك المساعدة علي النحو المبين بالتحقيقات .

2- المتهم الخامس :

اشترك مع بعض ضباط وأفراد الشرطة في قتـل المجني عليه .... عمداً مع سبق الإصرار وكان ذلك بطريقي التحريض والمساعدة بأن بيت النية وعقد العزم على قتله وبعض المتظاهرين من خلال أحداث المظاهرات السلمية التي بدأت اعتباراً من 25 ينايـر سنة 2011 احتجاجاً علي سوء وتردى الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية بالبلاد وتعبيراً عن المطالبة بتغيير نظام الحكم واتخذ والمتهمين الأربعة الأول قراراً في لقاء جمع بينهم قبل الأحداث بتحريض بعض ضباط أفـراد الشرطة الذين تقرر اشتراكهم في تأمين تلك المظاهرات في الميادين المختلفة بـ .... على التصدي بالقوة والعنف بإطلاق أعيرة نارية وخرطوش عليهم أو استخدام أي وسائـل أخرى لقتل بعضهم ترويعاً للباقين وحملهم على التفرق وساعدوهم علي تنفيذ ذلك بأن أمروا بتسليحهم بأسلحة نارية وخرطوش بالمخالقة للقواعد والتعليمات المنظمة لتسليح القوات في مثل هذه الأحوال فقام أحد من قوات الشرطة بإطلاق أعيرة نارية من سلاحه على المجني عليه سالف الذكر أثناء سيره في المظاهرة قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابـة الموصوفة بالتقارير الطبي المرفق والتي أودت بحياته وقد وقعت الجريمة بناء علي هذا التحريض ، وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات .

وقد اقترنت بهذه الجنايـة وتلتها وتقدمها العديد من الجنايـات الأخرى هي أنهم في ذات الزمان والمكان سالف الذكر : أ – اشترك مع بعض ضباط وأفـراد الشرطة في قتل المجني عليهم .... والآخرين المبينة أسماؤهم بالتحقيقات عمداً مع سبق الإصرار وكان ذلك بطريقي التحريض والمساعدة بأن بيت النية وعقد العزم علي قتل بعض المتظاهرين خلال أحداث المظاهرات السلمية المشار إليها سلفاً احتجاجاً على سوء وتردى الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية بالبلاد وتعبيراً عن المطالبة بتغير نظام الحكم واتخذ والمتهمين الأربعة الأول قراراً في لقاء بينهم قبل الإحداث بتحريض بعض ضباط الشرطة الذين تقرر اشتراكهم في تأمين تلك المظاهرات في الميادين المختلفة بـ .... على التصدي للمتظاهرين بالقوة والعنف بإطـلاق أعيرة نارية وخرطوش على المتظاهرين أو استخدام أي وسائـل أخري لقتل بعضهم ترويعاً للباقيــن وحملهم على التفرق وساعدوهم على تنفيذ ذلك بأن أمروا بتسليحهم بأسلحة نارية وخرطوش بالمخالفة للقواعد والتعليمات المنظمة لتسليح القوات في مثل هذه الأحوال فقامت بعض قوات الشرطة بإطـلاق أعيرة نارية من أسلحتهم على المجني عليهم ودهس اثنين منهم بمركبتين حال مشاركتهم في المظاهرات قاصدين من ذلك قتلهم فأحدثوا بهم الإصابات الموصوفة بتقارير الطب الشرعي والتقارير الطبية الأخرى والتي أودت بحياتهم ووقعت جرائم القتل المذكورة بناءً على هذا التحريض وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات.

ب – اشترك مع بعض ضباط وأفراد الشرطة في الشروع في قتل المجني عليهم .... والآخرين المبينة أسمائهم بالتحقيقات عمداً مع سبق الإصرار وكان ذلك بطريقي التحريض والمساعدة بأن بيت النية وعقد العزم على قتل بعض المتظاهرين خلال أحداث المظاهرات السلمية التي بدأت اعتباراً  من 25 ينايـر سنة 2011 احتجاجاً على سوء وتردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية بالبلاد وتعبيراً عن المطالبة بتغيير نظام الحكم واتخذ المتهمون الأربعة الأول قراراً في لقاء جمع بينهم قبل الأحداث بتحريض بعض ضباط وأفراد الشرطة الذين تقرر اشتراكهم في تأمين المظاهرات في الميادين المختلفة بمحافظة .... على التصدي للمتظاهرين بالقوة والعنف بإطلاق أعيرة نارية وخرطوش عليهم أو استخدام أي وسائل أخرى لقتل بعضهم ترويعاً للباقين وحملهم على التفرق وساعدوهم على تنفيذ ذلك بأن أمروا بتسليحهم بأسلحة نارية وخرطوش بالمخالفة للقواعد والتعليمات المنظمة بتسليح القوات في مثل هذه الأحوال فقامت بعض قوات الشرطة بإطلاق أعيرة نارية من أسلحتهم على المجنى عليهم ودهس ثلاثة منهم بمركبات أثناء سيرهم في المظاهرات قاصدين من ذلك قتلهم فأحدثوا بهم الإصابات الموصوفة بتقارير الطب الشرعي والتقارير الطبية الأخرى المرفقة وقد خابت آثار تلك الجرائم لأسباب لا دخل لإرادة المتهمين فيها هي مداركة المجنى عليهم بالعلاج وقد وقعت هذه الجرائم بناءً على هذا التحريض وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات .

3- المتهمون جميعاً عدا الثاني :

وهم موظفون عموميون ( وزير الداخلية - مساعد أول وزير الداخلية للأمن ومدير مصلحة الأمن العام - مساعد أول وزير الداخلية رئيس مباحث جهاز أمن الدولة - مدير أمن القاهرة - مدير أمن الجيزة - مدير أمن السادس من أكتوبر) تسببوا بأخطائهم في إلحاق ضرر جسيم بأموال ومصالح الجهة التي يعملون بها وأموال ومصالح الغير المعهود بها إلى تلك الجهة بأن أهمل المتهم الرابع في جمع المعلومات الصحيحة عن حجم المظاهرات المندلعة في العديد من محافظات الجمهورية بدءاً من 25/1/2011 وحقيقتها كثورة شعبية تعجز قدرات قوات الشرطة وحجمها عن التعامل معها أمنياً ولم يرصد تحركات بعض العناصر الأجنبية وخطتهم في اقتحام بعض السجون لتهريب بعض المساجين أثناء الأحداث وأهمل والمتهمين الأول والثالث والخامس في تقييم الموقف واتخذوا قراراً يتسم بالرعونة وسوء التقدير لآثاره وعواقبه الضارة على وزارة الداخلية ومنشآتها والجهات المعهود بها إلى الوزارة لتأمينها بأن أمروا بالتصدي للمتظاهرين بالقوة والعنف لردعهم وتفريقهم رغم ضخامة أعدادهم وتفوقهم على أعداد قوات الشرطة وحشدوا لذلك غالبية قوات الشرطة وقاموا والمتهمين السادس والسابع بتدعيم القوات المكلفة بتأمين أقسام الشرطة وأماكن تخزين السلاح بها وغيرها من المرافق والمنشآت والممتلكات العامة والخاصة تاركين تلك الأماكن دون التأمين الكافي وتقاعسوا عن تشديد الحراسة على تلك المنشآت في هذه الظروف وأصدر الأول أمراً بقطع خدمات اتصالات الهواتف المحمولة الخاصة بجميع الشركات المصرح لها بالعمل في مصر اعتباراً من يوم 28/1/2011 مما ساهم في انقطاع الاتصال بين القوات وقادتها لتعطيل وعجز وسائل الاتصال الأخرى وأدى إلى إنهاكها وهبوط الروح المعنوية لديها وانسحابها من مواقعها وحودث فراغ أمنى أدى إلى إشاعة الفوضى وتكدير الأمن العام وإلقاء الرعب بين الناس وجعل حياتهم وصحتهم وأمنهم في خطر وإلحاق أضرار بالمرافق العامة والممتلكات الخاصة على النحو المبين بالتحقيقات وترتب عليه حدوث أضرار بمركز البلاد الاقتصادي .

وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

وادعى بعض ورثة المتوفين والمجنى عليهم مدنياً قبل المتهمين .

كما اتهمت النيابة العامة كلاً من : 1 - .... 2- .... 3- .... 4- .... بأنهم:

المتهم الأول :

1- اشترك بطريق الاتفاق مع المتهم .... وزير الداخلية وقتئذ - السابق إحالته للمحاكمة الجنائية بارتكاب جنايات الاشتراك في قتل المتظاهرين عمداً مع سبق الإصرار والمقترنة بها جنايات أخرى - بأن عقدا العزم وبيتا النية على قتل عدد من المتظاهرين في المظاهرات السلمية التي اندلعت في المحافظات سالفة البيان احتجاجاً على تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية في البلاد والمطالبة بإصلاحها عن طريق تنحيته عن رئاسة الدولة وإسقاط نظامه المتسبب في تردي هذه الأوضاع وسمح له باستخدام الأسلحة النارية والمركبات التي تعين قوات الشرطة على تنفيذ الجريمة وتابع عمليات إطلاق ضباط وأفراد الشرطة للأعيرة النارية على هؤلاء المتظاهرين في مواضع قاتلة من أجسامهم ودهس بعضهم بالمركبات ووافق على الاستمرار في الاعتداء عليهم دون أن يتدخل بما يملكه من سلطات وصلاحيات لمنعهم أو وقفهم عن ذلك قاصداً من ذلك إزهاق أرواح عدد من المتظاهرين لحمل الباقين على التفرق وإثنائهم عن مطالبهم وحماية منصبه واستمراره في الحكم ، فأطلق أحد قوات الشرطة أعيرة نارية من سلاحه على المجني عليه .... المشارك في إحدى هذه المظاهرات فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق والتي أودت بحياته ، وقد وقعت الجريمة بناءً على هذا الاتفاق على النحو المبين بالتحقيقات ، وقد اقترنت هذه الجناية وتلتها العديد من الجنايات الأخرى هي أنه في ذات الزمان والأمكنة سالفة البيان :

أ- اشترك بطريق الاتفاق مع المتهم .... وزير الداخلية وقتئذ في قتل المجني عليهم .... والآخرين المبينة أسماؤهم بالتحقيقات عمداً مع سبق الإصرار بأن عقدا العزم وبيتا النية على قتل عدد من المتظاهرين في المظاهرات السلمية التي اندلعت في المحافظات سالفة البيان احتجاجاً على تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية في البلاد والمطالبة بإصلاحها عن طريق تنحيته عن رئاسة الدولة وإسقاط نظامه المتسبب في تردي هذه الأوضاع وسمح له باستخدام الأسلحة النارية والمركبات التي تعين قوات الشرطة على تنفيذ الجريمة ، وتابع عمليات إطلاق ضباط وأفراد الشرطة للأعيرة النارية على هؤلاء المتظاهرين في مواضع قاتلة من أجسامهم ودهس بعضهم بالمركبات ووافق على الاستمرار في الاعتداء عليهم دون أن يتدخل بما يملكه من سلطات وصلاحيات لمنعهم أو وقفهم عن ذلك قاصداً من ذلك إزهاق أرواح عدد من المتظاهرين لحمل الباقين على التفرق وإثنائهم عن مطالبهم وحماية منصبه واستمراره في الحكم فقامت بعض قوات الشرطة بإطلاق بعض الأعيرة النارية من أسلحتهـــم على المجني عليهم ودهس اثنين منهم بمركبتين حال مشاركتهم في تلـــك المظاهرات قاصدين من ذلك قتلهم فأحدثوا بهم الإصابات الموصوفة بتقارير الصفة التشريحية والتقارير الطبية الأخرى والتي أودت بحياتهم حالة كون بعضهم أطفالاً وقد وقعت جرائم القتل المذكورة بناءً على هذا الاتفاق على النحو المبين بالتحقيقات .

ب - اشترك بطريق الاتفاق مع المتهم .... وزير الداخلية وقتئذ في الشروع في قتل المجني عليهم .... والآخرين المبينة أسماؤهم بالتحقيقات عمداً مع سبق الإصرار بأن عقدا العزم وبيتا النية على قتل عدد من المتظاهرين في المظاهرات السلمية التي اندلعت في المحافظات سالفة البيان احتجاجاً على تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية في البلاد والمطالبة بإصلاحها عن طريق تنحيته عن رئاسة الدولة وإسقاط النظام المتسبب في تردي هذه الأوضاع ، وسمح له باستخدام الأسلحة النارية والمركبات التي تعين قوات الشرطة على تنفيذ الجريمة ، وتابع عمليات إطلاق ضباط وأفراد الشرطة للأعيرة النارية على هؤلاء المتظاهرين في مواضع قاتلة من أجسادهم ودهس بعضهم بالمركبات ووافق على الاستمرار في الاعتداء عليهم دون أن يتدخل بما يملكه من سلطات وصلاحيات لمنعهم أو لوقفهم عن ذلك ، قاصداً من ذلك إزهاق أرواح عدد من المتظاهرين لحمل الباقين على التفرق وإثنائهم عن مطالبهم وحماية منصبه واستمراره في الحكم فقامت بعض قوات الشرطة بإطلاق أعيرة نارية من أسلحتهم على المجني عليهم ودهس ثلاثة منهم بمركبات أثناء مشاركتهم في المظاهرات قاصدين من ذلك قتلهم فأحدثوا بهم الإصابات الموصوفة بتقارير الطب الشرعي والتقارير الطبية الأخرى ، حالة كون بعضهم أطفالاً وقد خابت آثار تلك الجرائم لأسباب لا دخل لإرادة المتهمين فيها هي مداركة المجني عليهم بالعلاج وقد وقعت هذه الجرائم بناء على هذا الاتفاق على النحو المبين بالتحقيقات .

 2- بصفته - رئيساً للجمهورية - قَبل وأخذ لنفسه ولنجليه المتهمين الثالث .... والرابع .... العطية المبينة وصفاً وقيمة بالتحقيقات وهي عبارة عن خمس فيلات وملحقات لها بلغت قيمتها 39759500 مليون جنيه ( تسعة وثلاثون مليوناً وسبعمائة وتسعة وخمسون ألفاً وخمسمائة جنيه ) بموجب عقود صورية تم تسجيلها بالشهر العقاري من المتهم الثاني .... مقابل استعمال نفوذه الحقيقي لدى سلطة عامة - محافظة .... - للحصول على قرارات بتخصيص قطع الأراضي المبينة الحدود والمعالم بالتحقيقات والبالغ مساحتها ما يزيد على مليوني متر مربع بالمناطق الأكثر تميزاً بمدينة .... لصالح شركة .... المملوكة للمتهم الثاني على النحو المبين بالتحقيقات . 3- اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع موظف عمومي للحصول لغيره دون وجه حق على منفعة من عمل من أعمال وظيفته بأن اتفق مع المتهم .... - وزير البترول آنذاك - والسابق إحالته للمحاكمة الجنائية عن هذه التهمة على إسناد أمر بيع وتصدير الغاز الطبيعي المصري لدولة .... إلى شركة .... للغاز التي يمثلها ويستحوذ على أغلبية أسهمها المتهم الثاني .... - السابق إحالته للمحاكمة الجنائية عن ذات الجريمة موضوع هذه التهمة - وساعده على ذلك بأن حدد له الشركة في طلب قدمه إليه فوافق بالتعاقد معها بالأمر المباشر ودون اتباع الإجراءات القانونية الصحيحة وبسعر متدن لا يتفق والأسعار العالمية السائدة بقصد تربيحه بغير حق بمنفعة تمثلت في إتمام التعاقد بالشروط التي تحقق مصالحه بالفارق بين السعر المتفق عليه والسعر السائد وقت التعاقد والبالغ قيمته 2003319675 مليار دولار أمريكي ( ملياران وثلاثة ملايين وثلاثمائة وتسعة عشر ألفاً وستمائة وخمسة وسبعون دولاراً أمريكياً) مما رفع من قيمة أسهم شركته فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات .

 4- اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع موظف عمومي في الإضرار بأموال ومصالح الجهة التي يعمل بها بأن اتفق مع المتهم .... - وزير البترول آنذاك - على ارتكاب الجريمة موضوع التهمة السابقة وساعده على تنفيذها مما أضر بأموال ومصالح قطاع البترول بمبلغ 714089997 دولاراً أمريكياً (سبعمائة وأربعة عشر مليوناً وتسعة وثمانين ألفاً وتسعمائة وسبعة وتسعين دولاراً أمريكياً) قيمة الفرق بين سعر كميات الغاز الطبيعي المباعة فعلاً بموجب التعاقد وبين الأسعار العالمية السائدة في ذلك الوقت وقد وقعت الجريمة بناءً على هذا الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات .

المتهم الثاني :-

قدم عطية لموظف عمومي لاستعمال نفوذه الحقيقي للحصول له من سلطة عامة على قرارات بأن نقل ملكية الفيلات الخمس المبينة الحدود والمعالم بالتحقيقات والبالغ قيمتها 39759500 مليون جنيهاً (تسعة وثلاثون مليوناً وسبعمائة وتسعة وخمسون ألفاً وخمسمائة جنيه) بموجب عقود بيع صورية تم تسجيلها بالشهر العقاري إلى المتهمين الأول والثالث والرابع مقابل استعمال المتهم الأول نفوذه لدى محافظة .... للحصول منها على قرارات بتخصيص الأراضي المبينة الحدود والمعالم والمساحة بالتحقيقات لشركة .... المملوكة له بالمناطق الأكثر تميزاً بمدينة ... السياحية على النحو المبين بالتحقيقات .

المتهمان الثالث والرابع :-

قبلا وأخذا عطية لاستعمال موظف عمومي نفوذه الحقيقي للحصول من سلطة عامة على قرارات مع علمهما بسببها بأن قبل كل منهما من المتهم .... تملك فيلتين من الفيلات الأربع وملحقاتها المبينة الحدود والمعالم والمساحة بالتحقيقات والبالغ قيمتها 14039500 مليون جنيه (أربعة عشر مليوناً وتسعة وثلاثون ألفاً وخمسمائة جنيه) مقابل استعمال والدهما المتهم الأول نفوذه لدى محافظة .... للحصول منها على قرارات بتخصيص قطع الأراضي المبينة الحدود والمعالم والمساحة بالتحقيقات لشركة .... المملوكة له بالمناطق الأكثر تميزاً بمدينة .... مع علمهما بذلك على النحو المبين بالتحقيقات .

وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.

والمحكمة المذكورة بعد أن قررت ضم القضية رقم .... للقضية رقم ... للارتباط وليصدر فيها حكم واحد ، قضت حضورياً لجميع المتهمين عدا المتهم الثاني فهو غيابياً. أولاً : بمعاقبة .... بالسجن المؤبد عما أسند إليه من اتهام بالاشتراك في جرائم القتل المقترن بجنايات قتل وشروع في قتل أخرى موضوع الاتهام المسند إليه بأمر الإحالة. ثانياً : بمعاقبة ..... بالسجن المؤبد عما أسند إليه من الاتهام بالاشتراك في جرائم القتل المقترن بجنايات قتل وشروع في قتل أخرى موضوع الاتهام المسند إليه بأمر الإحالة. ثالثاً : بالزام المحكوم عليهما سالفي الذكر بالمصاريف الجنائية. رابعاً : بمصادرة المضبوطات المقدمة موضوع المحاكمة . خامساً : ببراءة كل من .... ، ..... ، .... ، .... ، ..... ، .... مما أسند إلى كل منهم من اتهامات وردت بأمر الإحالة . سادساً : بانقضاء الدعوى الجنائية المقامة قبل كل من .... و.... و..... و.... عما نسب إلى كل منهم في شأن جنايتي استعمال النفوذ وتقديم عطية وجنحة قبولها بمضي المدة المسقطة للدعوى الجنائية . سابعاً : ببراءة .... مما أسند إليه من جناية الاشتراك مع موظف عمومي للحصول لغيره دون وجه حق على منفعة من عمل من أعمال وظيفته وجناية الاشتراك مع موظف عمومي في الإضرار بمصالح وأموال الجهة التي يعمل بها. ثامناً : بإحالة الدعوى المدنية المقامة أمام المحكمة إلى المحكمة المدنية المختصة بلا مصاريف، وذلك عملاً بالمادة 304 فقرة ثانية من قانون الإجراءات الجنائية والمواد 40 ثالثاً ، 45 فقرة أولى، 46 ، 234 فقرة أولى وثانية ، 235 من قانون العقوبات ، ومصادرة المضبوطات عملاً بالمادة 30 من قانون العقوبات ، والمصاريف الجنائية عملاً بالمادة 313 من قانون الإجراءات الجنائية .

فطعن المحكوم عليهما .... و.... كما طعنت النيابة العامة على هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ .

ومحكمة النقض قضت أولاً : بقبول الطعن المقدم من النيابة العامة ضد المطعون ضدهم جميعاً وهم : 1- .... 2- .... 3- .... 4- .... 5- .... 6- .... 7- .... 8- .... 9- .... 10- .... 11- .... شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات .... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى. ثانياً : قبول الطعن المقدم من الطاعنين .... و.... شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة الجنايات لتحكم فيها من جديد دائرة أخري .

ومحكمة الإعادة بهيئة مغايرة قضت أولاً : حضورياً لجميع المتهمين في الجناية رقم ....: 1ـــــــ ببراءة .... و.... و.... و.... و.... عما أسند إلى كل منهم من اتهام الاشتراك في جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بالقتل العمد والشروع فيه . 2ـــــــ ببراءة .... و.... و.... و.... و.... عما أسند إلى كل منهم من اتهام التسبب بخطئهم في الحاق ضرر جسيم بأموال ومصالح جهة عملهم وغيرها بإهمالهم بالصور الواردة بـأمر الإحالة . ثانياً: غيابياً لـــ .... وحضورياً لباقي المتهمين في الجناية رقم .... : 1- بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية المقامة قبل .... بشأن اتهام الاشتراك في جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والمقترن بالقتل العمد والشروع فيه لسبق صدور أمر ضمني بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبله من النيابة العامة يوم .... في الجناية رقم .... . 2- بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة قبل .... و.... و.... و..... بشأن تهم تقديم خمس فيلات كعطية من الثاني للأول ونجليه وقبولها مع علمهم بسببها استعمالاً لنفوذ الأول كرئيس للجمهورية لدى محافظة .... . 3- ببراءة .... عما أسند إليه من اتهامي الاشتراك مع وزير البترول الأسبق في إسناد أمر ببيع وتصدير الغاز الطبيعي المصري لـ .... لشركة .... وتربيح الأخير دون وجه حق والإضرار العمدى بالمال العام . ثالثاً : مع مصادرة كافة المضبوطات في الجنايتين .

فطعنت النيابة العامة – للمرة الثانية - في هذا الحكم بطريق النقض .

وطعن المدعيين بالحقوق المدنية بطريق النقض .... إلخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

أولاً : بالنسبة إلى الطعن المقدم من المدعيين بالحقوق المدنية :

حيث إنه من المقرر أن الطعن بطريق النقض لا ينفتح إلَّا بعد أن يكون قد صدر في موضوع الدعوى حكم منه للخصومة أو مانعاً من السير فيها ، وكان الحكم المطعون فيه والقاضي بعدم جواز نظر الادعاء المدني أمام محكمة الإعادة لا يُعد منهياً للخصومة أو مانعاً من السير في الدعوى المدنية إذا اتصلت بالمحكمة المختصة اتصالاً صحيحاً ، ذلك بأنه لم يفصل في الدعوى المدنية ، فإن الطعن المقدم من المدعيين بالحقوق المدنية لا يكون جائزاً ، مما يتعين معه الحكم بذلك مع مصادرة الكفالة .

ثانياً : بالنسبة إلى الطعن المقدم من النيابة العامة ضد المطعون ضده .... :

حيث إن الحكم المطعون فيه وقد صدر غيابياً بالنسبة إلى المطعون ضده .... بتاريخ 29/11/2014 ، وكان قد صدر – من قبل – القانون رقم 74 لسنة 2007 بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية وقانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض والمعمول به اعتباراً من أول أكتوبر سنة 2007 والذى نص في المادة الخامسة منه على إلغاء المادة 33 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 والتي كانت تجيز للنيابة العامة الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر من محكمة الجنايات في غيبة المتهم في جناية ، وكان الأصل في القانون أن الحكم أو القرار أو الأمر يخضع من حيث جواز الطعن فيه للقانون الساري وقت صدوره أخذاً بقاعدة عدم سريان أحكام القوانين إلَّا على ما يقع من تاريخ نفاذها ، وكان الحكم المطعون فيه قد صدر بعد سريان القانون رقم 74 لسنة 2007 الذى أوصد باب الطعن بطريق النقض أمام النيابة العامة في الحكم الصادر من محكمة الجنايات في غيبة المتهم بجناية ، ومن ثم فإن الطعن المقدم من النيابة العامة ضد المحكوم عليه المذكور ، يكون غير جائز .

ثالثاً : بالنسبة إلى الطعن المقدم من النيابة العامة ضد كل من : 1- .... 2- .... 3 - ..... 4- ..... 5- .... 6- .... 7-.... 8- .... 9- .... 10-.... :

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بتبرئة المطعون ضدهم من الأول وحتى السابع من تهمة الاشتراك في القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بالقتل العمد والشروع فيه والتسبب خطأ في إلحاق ضرر جسيم بأموال الجهة التي يعملون بها وبعدم جواز نظر الدعوى الجنائية بالنسبة للمطعون ضده الثامن .... لسبق صدور أمر ضمني من النيابة العامة بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية عن تهمة الاشتراك في القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بالقتل العمد والشروع فيه ، وبانقضاء الدعوى الجنائية قِبله والمطعون ضدهما التاسع والعاشر بمضي المدة عما نسب لكل منهم من جنايتي استعمال النفوذ وتقديم عطية وقبولها وجنحة قبولها مع العلم بها ، وببراءة المطعون ضده الثامن من جنايتي الاشتراك مع موظف عام للحصول لغيره دون وجه حق على منفعة من أعمال وظيفته والإضرار العمدي بالمال العام ، قد ران عليه البطلان والقصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والخطأ في تطبيق القانون ، ذلك أنه صدر من هيئة فقدت صلاحية الفصل في الدعوى إذ أعلن رئيس الهيئة التي أصدرته قبل الجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أنه في حالة توافر شروط انطباق المادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية فإن المحكمة ستُضمن أسباب حكمها ما كانت ستقضي به في حالة عدم انطباقها ، وبالجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه سلَّم أمينا سر الجلسة وممثل النيابة العامة بها أقراصاً مدمجة وذاكرة الكترونية تحوي منطوق الحكم وملخصاً لأسبابه ظلت في حوزتهم برهة من الزمن قبل النطق به ، وأن هذه الأقراص وتلك الذاكرة حملت أشكالاً توضيحية لا تُعد إلَّا بمعرفة أهل الفن مما ينبئ عن أن المحكمة استعانت بأحدهم في إعدادها قبل النطق بالحكم وأن من أعدها ومن سُلمت إليهم قد اطلعوا على محتواها قبل النطق به مما يعد إفشاءً لسرية المداولة ويبطل الحكم الذى جاء قاصراً - حال قضائه بالبراءة للمطعون ضدهم من الأول وحتى الخامس من تهمة الاشتراك في القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بالقتل العمد والشروع فيه – في بيان واقعة الدعوى وجاء في عبارات عامة معماة وأورد أعداد القتلى والمصابين في عبارات مجملة مجهلة ولم يورد أقوال الشهود .... و.... و.... و.... و.... و.... في بيان مفصل وحصَّلها في عبارة مجهلة لطمس حقيقة الواقع في الدعوى واجتزأ من أقوال الشهود .... و.... و.... و.... و.... ما يحرفها عن معناها إذ قصرها على أنهم شاهدوا آخرين من غير ضباط وأفراد الشرطة قد اعتلوا سطح مبنى الجامعة .... وأطلقوا أعيرة نارية صوب المتظاهرين ملتفتاً عما ورد بأقوالهم في العريضة رقم .... نيابة .... من أن بعضاً من أفراد الشرطة اعتلوا سطح تلك الجامعة وأطلقوا أعيرة نارية وعثورهم على فوراغ الطلقات ، وركن في قضائه بالبراءة على أقوال شهود جاءت شهادتهم استنتاجية ، وأقامت المحكمة قضاءها على تشككها في أدلة الثبوت والقرائن التي ساقتها النيابة العامة في حين أن أقوال بعض الشهود وتلك القرائن تدل على ثبوت تلك التهمة في حقهم ، واستقت المحكمة عقيدتها في القضاء بالبراءة على عقيدة حصَّلتها من أحكام صادرة بالبراءة لبعض من ضباط الشرطة كانوا متهمين في قضايا أخرى لا على عقيدة استقلت هي بتحصيلها بنفسها ، واعتنقت المحكمة صورة لما وقع من أحداث بالميادين العامة أسفرت عن وقائع القتل والإصابة على أنها نجمت عن سلوك شخصي من ضباط وأفراد الشرطة ممن عصوا تعليمات رؤسائهم ومن تحالف معهم من الداخل والخارج رغم أن النيابة الطاعنة ساقت من الأدلة والقرائن وما يقطع بأن الأحداث وقعت نتيجة تدبير مُحكم وخطة ممنهجة ، وقد ركن الحكم في بيان الصورة التي اعتنقها – على السياق المتقدم – إلى أقوال رئيس هيئة الأمن القومي فيما تضمنته من أن عناصر داخلية وخارجية دخلت البلاد وهاجمت السجون وتسببت في قتل وإصابة المجنى عليهم دون أن يفطن الحكم إلى أن ما ورد بكتاب هيئة الأمن القومي لم يذكر شيئاً من ذلك أو يعرض له بقول ونفى تسليح قوات الشرطة التي شاركت في مواجهة التظاهرات بالأسلحة النارية استناداً لأقوال الشهود .... و.... و.... و.... رغم مخالفة أقوالهم لأقوال كل من ... و... من أن تسليح قوات الشرطة التي تؤمن المنشآت العامة والحيوية يكون بالأسلحة النارية وذخائرها ، كما عول الحكم في ذلك على ما قرره .... بالتحقيقات من أن التعليمات يومي 28 ، 29/1/2011 كانت سحب جميع الطلقات الحية من تشكيلات الشرطة قبل خروجها وهو ما يتناقض مع ما قرره بالتحقيقات من أنه تلقى أمراً من مساعد وزير الداخلية لمنطقة .... للتعامل مع المتظاهرين بإطلاق أعيرة خرطوش مطاطي وما ثبت من سجل سير إخطارات النجدة من وجود إشارة بذلك ، واطرح الحكم ما حوته التسجيلات المرئية والأقراص المدمجة من إطلاق بعض أفراد الشرطة لأعيرة نارية صوب المتظاهرين ، واستند في القضاء ببراءة المطعون ضده الرابع على أن عمل جهاز مباحث أمن الدولة رئاسته – آن الواقعة – يقتصر على جمع المعلومات خلافاً للثابت بأقوال كل من .... و.... ، وإذ قضى الحكم بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية قِبل المطعون ضده الثامن في الدعوى رقم .... جنايات .... لسبق صدور أمر ضمني بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية في الدعوى رقم .... جنايات .... تأسيساً على أن قرار النيابة العامة بإحالة الجناية رقم .... جنايات .... دون إحالته مع باقي المتهمين فيها إلى محكمة الجنايات يُعد أمراً بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبله ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، وأقام قضاءه ببراءة المطعون ضده الثامن من تهمتي الاشتراك مع موظف عام لتربيح الغير والإضرار العمدي بالمال العام على مجرد التشكك في إسناد هاتين التهمتين إليه استناداً إلى ما استخلصه من أقوال شهود الإثبات ومن بينهم .... بالتحقيقات من عدم وجود أي دور للمطعون ضده في إسناد أمر بيع الغاز لدولة .... عبر شركة .... المملوكة لــ .... في حين أن هذا الشاهد شهد بأن إسناد أمر تصدير الغاز عن طريق تلك الشركة كان اقتراح المطعون ضده واختياره ، هذا إلى أن ما أورده الحكم من أقوال الشهود في هذا الخصوص يخالف الثابت بالأوراق ، كما استند الحكم أيضاً في قضائه على تقرير اللجنة الثلاثية المودع في الدعوى رقم .... جنايات .... المتهم فيها وزير البترول السابق رغم أنه أقيم على أسس خاطئة في شأن تحديد سعر الغاز ، فضلاً عن أن المحكمة رأت أن في إسناد الأمر ببيع الغاز بالتعاقد المباشر كان لحالة الضرورة رغم عدم توافر تلك الحالة ، وقضت المحكمة ببراءة المطعون ضدهم الأول ومن الثالث حتى السابع من تهمة التسبب خطأ في إلحاق ضرر جسيم بأموال الجهة التي يعملون بها على انتفاء ركن الخطأ في حقهم دون أن تمحص واقعة الدعوى ملتفتة عن صور أخرى تفيد توافر هذا الركن مطرحة لأقوال الشهود التي تؤيدها ، واستندت في تبرئة المطعون ضده الرابع من تلك التهمة على أقوال مستنتجة للشهود لا تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها ، وأن ما أثبته الحكم من أن أحداث 25 يناير لم تكن متوقعة وكذا من عدم وجود معاينات للنيابة العامة موضحاً بها ما تم إتلافه أو ندب خبراء لفحص التلفيات وسببها يتناقض مع ما أثبته الحكم – في موضوعين آخرين منه – من أن المطعون ضده الأول أمر بقطع الاتصالات عن الهواتف النقالة استناداً إلى إدراكه لتلك الأحداث وما تمثله من خطر على الأمن القومي للبلاد ، وكذا أن المعاينات سردت لقطات لإتلاف وإحراق وتدمير دون أدلة أو قرائن قولية أو فنية تؤيد هذا القول ، وقضت المحكمة بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة بالنسبة للمطعون ضدهم من الثامن وحتى العاشر عن جنايتي استعمال النفوذ وتقديم عطية وقبولها وجنحة العلم بالعطية وقبولها متخذة من تاريخ تسليم العطية عامي 97 ، 1998 بداية لاحتساب سقوط الدعوى الجنائية باعتباره تاريخ تمام الجريمة بوصفها جريمة وقتية على حين أنها من الجرائم الوقتية المتتابعة الأفعال ولم تنته الأفعال المكونة لها بالنسبة إلى المطعون ضده الثامن إلَّا عام 2010 وهو ما لا تنقضي معه الدعوى الجنائية فيها ، وقضى الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية عن تلك الجرائم دون أن تقوم المحكمة بما تعين عليها من تمحيص الواقعة بكافة كيوفها وأوصافها ودون أن تسبغ عليها الوصف الصحيح وهو حصول المطعون ضده الثامن لغيره على ربح من أعمال وظيفته بدون وجه حق وذلك بتمكينه للمطعون ضده .... على قرارات بتخصيص قطع أراضي بمحافظة .... والتي لا تبدأ المدة المسقطة للدعوى الجنائية فيها إلَّا من تاريخ انتهاء الخدمة أو زوال صفة المتهم وفقاً لنص الفقرة الثالثة من المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

وحيث إن ما تثيره النيابة العامة من صدور الحكم المطعون فيه من هيئة فقدت صلاحية الفصل في الدعوى إذ أعلن رئيس الهيئة التي أصدرته قبل الجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أنه في حالة توافر شروط انطباق المادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية فإن المحكمة ستُضمن أسباب حكمها ما كانت ستقضى به في حالة عدم انطباقها ، فإنه لا يدل بذاته على أن المحكمة قد أبدت رأياً يمنعها من القضاء في موضوع الدعوى ، إذ ليس فيه ما يفيد أن المحكمة كونت رأياً مستقراً في مصلحة المطعون ضدهم أو ضد مصلحتهم وأنها أصدرت حكمها دون أن تكشف عن اعتناقها لرأي معين في الدعوى قبل الحكم فيها – هذا إلى أن الأصل – أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلَّا ما كان متصلاً بقضاء الحكم ، فإن هذا المنعى بحسب ما ساقته الطاعنة لا يتصل بالحكم المطعون فيه لخلو مدوناته من العبارات التي حملها منعاها ، ومن ثم لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان ما تثيره النيابة الطاعنة من قالة إفشاء أسرار المداولة بدلالة تسليم الأقراص المدمجة والذاكرة الإلكترونية وكيفية إعدادها – على السياق الذى تضمنه وجه الطعن – مردوداً بأن الثابت لهذه المحكمة – محكمة النقض – من مشاهدة هذه الأقراص وتلك الذاكرة وما تضمنته وحوته أنه يستحيل الاطلاع عليها إلَّا باستخدام أجهزة فنية مُعدة لذلك ، وهو ما لم يتوافر لدى من سُلمت إليهم ، فضلاً عن كونهم كانوا تحت سمع وبصر هيئة المحكمة حتى النطق بالحكم هذا إلى أنه قد أصبح من المعارف العامة التي لا تحتاج إلى خبرة فنية خاصة أن ما حوته هذه الأقراص وتلك الذاكرة يمكن إعدادها بمعرفة الأشخاص العاديين ولا تتطلب خبرة خاصة أو دعوة أهل الفن ، وفوق ذلك فإن ما أثارته الطاعنة لا يعدو أن يكون قولاً مرسلاً عارياً من دليله وليس في الأوراق ما يظاهره أو يسانده ، فإن كافة ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن لا سند له من واقع وقانون . لما كان ذلك ، وكان الأصل على ما جرى به قضاء محكمة النقض أن المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية لم تشترط أن يتضمن حكم البراءة أموراً أو بيانات معينة أسوة بأحكام الإدانة ، وأنه يكفي لسلامة الحكم بالبراءة أن تتشكك المحكمة في صحة إسناد التهمة إلى المتهم إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما تطمئن إليه في تقدير الدليل ، ما دام أن الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة ، وكان البيّن من مدونات الحكم أنه أحاط بالدعوى وبظروفها وكافة أدلتها وانتهي إلى تبرئة المطعون ضدهم لعدم اطمئنانه إلى أدلة الإثبات المقدمة في الدعوى بعد تشككه فيها للأسباب السائغة التي أوردها والتي تكفي لحمل النتيجة التي خلص إليها ، ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم بقالة القصور. لما كان ذلك ، وكان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة بعد أن أوردت أقوال شهود الإثبات واستعرضت أدلة الدعوى وأحاطت بكافة عناصرها عن بصر وبصيرة أسست قضاءها بالبراءة على عدم اطمئنانها إلى صحة إسناد – الاتهام إلى المطعون ضدهم من الأول وحتى الخامس – في تهمة الاشتراك في القتل العمد مع سبق الإصرار والمقترن بالقتل العمد والشروع فيه وانتهت إلى أن ما ساقته النيابة العامة دليلاً على الجُرم المنسوب للمتهمين لا ينهض بذاته دليلاً قاطعاً على إدانتهم وذلك استناداً إلى عناصر سائغة وصحيحة اقتنع به وجدانها ومؤدية إلى النتيجة التي انتهت إليها . وكان من المقرر أنه يكفي أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي يقضى به بالبراءة إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة ، وكان الحكم قد بيّن أسانيد البراءة بما يحمل قضاءه ، فضلاً عن أن المحكمة غير ملزمة في حالة القضاء بالبراءة بالرد على كل دليل من أدلة الاتهام ؛ لأن في إغفال التحدث عنها ما يفيد أنها اطرحتها ولم تر فيها ما تطمئن معه إلى إدانة المتهمين ، وكان تقدير أقوال الشهود متروك لمحكمة الموضوع تنزله المنزلة التي راها بغير معقب وأن القانون لا يمنع المحكمة من الأخذ برواية منقولة متى ثبت صحتها واقتنعت بصدورها عمن نقلت عنه ، فإن سائر ما تخوض فيه الطاعنة حول دلالة أقوال الشهود سواء ما عولت عليه المحكمة أو اطرحته لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها هي إليها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يلزم قانوناً إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد الذى اعتمد عليه الحكم بل يكفي أن يورد مضمونها ولا يقبل النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد لأن فيما أوردته منها وعولت عليه ما يعنى أنها اطرحت ما لم تشر إليه منها لما للمحكمة من حرية في تجزئة الدليل والأخذ منه بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ به ما دامت أنها قد أحاطت بأقوال الشاهد ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بتر لفحواها أو مسخ لها بما يحيلها عن معناها أو يحرفها عن مواضعها ، وإذ كان الحكم قد حصل أقوال الشهود .... و.... و.... و.... و.... في بيان واف ولم يجهل بها أو يحرفها عن مواضعها – على ما يبين من المفردات – فإن ما تنعاه الطاعنة في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ، وكان القانون لم يقيد المحكمة بالأدلة التي تستند إليها النيابة العامة وإنما جعل لها أن تحكم في الدعوى حسب العقيدة التي تكونت لديها بكامل حريتها وأن تستمد هذه العقيدة من أي دليل ترتاح إليه طالما كان مطروحاً أمامها بالجلسة ، وأنه لا يصح النعي على المحكمة عدم مناقشتها دليلا معينا متى كان قوام الحكم الشك في عناصر الدعوى وأدلتها ، وأن القاضي في حل من الأخذ بالدليل المستمد من أية ورقة رسمية ، ما دام هذا الدليل غير مقطوع بصحته ويصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي استخلصها القاضي من باقي الأدلة ، فإن المنازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من واقع أوراق الدعوى والتفاتها عما ساقته النيابة العامة من أدلة وقرائن تفيد ثبوت الاتهام لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان المحكمة وهو ما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت العبرة في الإثبات في المواد الجنائية هي باقتناع قاضى الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه فيها فهو يحكم بما يطمئن إليه من أي عنصر من عناصرها وظروفها المعروضة على بساط البحث ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين ولا بقرينه بذاتها كما أن لقاضى الموضوع بحث ما يقدم له من دلائل ومستندات وموازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح شهادة شاهد على شهادة آخر وليس بلازم أن يبين أسباب هذا الترجيح ، ما دام لم يخرج بأقوال الشاهد عما يؤدي إليه مدلولها وأنه للمحكمة السلطة التامة في تقدير الأدلة فلا يجوز مناقشة شهادة كل شاهد على حده لإثبات عدم كفايتها ، فإن سائر ما تثيره الطاعنة بشأن ما تساند إليه الحكم في نفي تسليح قوات الشرطة التي شاركت في مواجهة التظاهرات من أقوال بعض الشهود دون أقوال غيرهم والتفاتها عما ورد بالتسجيلات والأقراص المدمجة معاودة للجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان ما تعيبه الطاعنة على الحكم من قضائه ببراءة المطعون ضده الرابع رئيس جهاز مباحث أمن الدولة مما نسب إليه تأسيساً على أن عمل الجهاز رئاسته ، يقتصر على جمع المعلومات خلافاً لأقوال كل من .... و.... مردود بأنه من المقرر أنه لا يجوز مطالبة محكمة الموضوع بالأخذ بدليل معين ، كما أن قضاء الحكم - على ما كشف عنه منطقه - قد أقيم في جملته على الشك في أدلة وعناصر الدعوى ، فلم تعد بالحكم حاجة إلى مناقشة الدليل المستمد من أقوال هذين الشاهدين. لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض أدلة الدعوى وملابساتها أسس قضاءه ببراءة المطعون ضده الثامن من تهمتي الاشتراك مع موظف عام لتربيح الغير دون وجه حق والإضرار العمدي بالمال العام على عدم اطمئنان المحكمة لأقوال شهود الإثبات والشك فيها ، وكان من المقـرر أنه يكفي أن يتشكك القاضي في ثبوت الاتهام لكى يقضى بالبراءة ، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه من تقدير الدليل ، ما دام أن الظاهر من الحكم أنه أحاط بالدعوى عن بصر وبصيرة ، وإذ كان ما أورده الحكم مفاده أن المحكمة بعد أن محصت الدعوى وأحاطت بظروفها لم تطمئن إلى أدلة الثبوت ورأتها غير صالحة للاستدلال بها على ثبوت الاتهام . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الاطلاع على المفردات أن ما أسنده الحكم إلى شهود الإثبات ومن بينهم .... بخصوص واقعتي الاشتراك مع موظف عام لتربيح الغير دون وجه حق والإضرار العمدى بالمال العام له معينه الصحيح من أوراق الدعوى - على خلاف ما تزعم الطاعنة - فإن النعي بالخطأ في الإسناد يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم استناده إلى تقرير خبير مقدم في دعوى سابقة متى كان مضموماً للدعوى الحالية ومطروحاً بجلسات المرافعة فأصبح ورقة من أوراقها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - يتناضل كل خصم في دلالتها ، كما أنه من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير، شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل ، فإن ما تنعاه الطاعنة في هذا الشأن يكون جدلاً في تقدير أدلة الدعوى مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النفض . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تستطرد في معرض قضائها ببراءة المطعون ضده الثامن من تهمتي الاشتراك مع موظف عام لتربيح الغير بدون وجه حق والإضرار العمدى بالمال العام إلى أن إسناد الأمر ببيع الغاز بالتعاقد المباشر كان لحالة الضرورة - على خلاف ما تزعمه الطاعنة - ومن ثم فإن نعيها على الحكم في هذا الخصوص على خلاف الواقع ، هذا فضلاً على أنه من المقرر أن الخطأ القانوني في الحكم القاضي بالبراءة لا يعيبه ما دام أن قاضى الموضوع قد عول في تكوين عقيدته تبرئة المتهم على عدم اطمئنانه إلى ثبوت التهمة في حقه بعد أن ألم بأدلة الدعوى ووزنها ولم يقتنع وجدانه بصحتها ، مما لا يجوز معه مصادرته في اعتقاده ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون فوق أنه جاء على خلاف الواقع ليس بمنتج ، ويكون النعي عليه غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد خلصت إلى تبرئة المطعون ضدهم الأول ومن الثالث حتى السابع من تهمة التسبب خطأ في إلحاق ضرر جسيم تأسيساً على عدم توافر أركان هذه الجريمة في حقهم ، وكان من المقرر أن تقدير أقوال الشهود متروك لمحكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها بغير معقب ، كما أن للمحكمة أن تأخذ بأقوال شاهد دون آخر وأنه متى كونت المحكمة عقيدتها ببراءة المتهمين فليس عليها بعد أن اقتنعت بذلك أن تلتزم بالرد على كل دليل من أدلة الاتهام ، ما دام قضاءها قد بُني على أساس سليم - كالحال في الدعوى المطروحة - وإذ كان الحكم المطعون فيه بعد أن سرد وقائع الدعوى وناقــش ركن الخطأ مورداً في ذلك من الاعتبارات السائغة ما يبرر قضاءه ، فإن مجادلة الطاعنة في أن المحكمة لم تبحث صوراً أخرى للخطأ ملتفتة عن أقوال الشهود التي تؤيدها ، يكون لا جدوى منه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن التناقض الذى يعيب الحكم ويبطله هو الذى يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وكان مفاد ما أورده الحكم من أحداث 25 يناير لم تكن متوقعة وكذا عدم وجود معاينات للنيابة العامة موضحاً بها ما تم إتلافه أو ندب خبراء لفحص التلفيات وسببها لا يتعارض مع ما أثبته في حق المطعون ضده الأول من أنه أمر بقطع الاتصالات عن الهواتف النقالة وكذا أن المعاينات سردت لقطات لإتلاف وإحراق وتدمير دون أدلة أو قرائن قولية أو فنية تؤيد هذا القول ، هذا إلى أن ما ذكرته النيابة الطاعنة - بفرض صحته - لم يكن بذي أثر في منطق الحكم واستدلاله على قضائه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة بالنسبة للمطعون ضدهم من الثامن حتى العاشر عن جنايتي استعمال النفوذ وتقديم عطية وقبولها وجنحة العلم بالعطية وقبولها على قوله " إنه استقر في يقين محكمة الإعادة استخلاصاً من الوقائع المطروحة أن المتهم الثاني رجل الأعمال صاحب الحاجة قدم العطية للمتهم الأول رئيس الجمهورية ونجليه في غضون عامي 97/1998 وقبلوها في ذلك التاريخ مع علمهم بأنها نظير استخدام مقدم العطية لنفوذ المتهم الأول كرئيس للجمهورية لدى سلطة عامة وآية ذلك ما ثبت بالمستندات من أن المساحة المُشيد عليها الفيلات الخمس موضوع العطية جاءت ضمن مسطح .... صدر قرار تخصيص لها من محافظة .... في 20/4/1995 لشركة المتهم الثاني وتحرر بها عقد بيع ابتدائي من المحافظة في 27/4/1995 وسجله المتهم الثاني بالشهر العقاري في 29/1/2000 ، وسبق التسجيل تحصل شركة المتهم الثاني على ترخيص المباني للفيلات الخمس وخلافها برقم .... في 30/11/1995 من إسكان .... وعُدل الترخيص في 28/11/1996 وقد عضد هذا التسلسل الوثائقي لمحكمة الإعادة التداعي المنطقي والواقعي للأحداث إذ قرر المتهمون الأول والثالث والرابع بتحقيقات النيابة العامة بتسليم الفيلات الخمس في منتصف التسعينات وصادقهم تقرير اللجنة المنتدبة الذى اطمأنت إليه محكمة الإعادة بإجازة مقولة المتهمين الأول والثالث والرابع في تسلم الفيلات الخمس خلال عامي 97/1998 ميلادياً فيبدأ من هنا احتساب المدة الموجبة للسقوط بالتقادم باعتباره تاريخ تمام الجريمة بوصفها جريمة وقتية فتكتمل مدة العشر سنوات لجنايتي المتهمين الأول والثاني بنهاية عام 2008 ميلادياً وثلاث سنوات لجنحة المتهمين الثالث والرابع بانتهاء العام الميلادي 2001 ، وإذ كان أول إجراء يعد قاطعاً للتقادم جاء عقب اكتمال المدة الموجبة للسقوط وتمثل في سؤال المتهم الأول .... بتحقيقات النيابة العامة في 12/4/2011 بشأن ذلك الاتهام موضوع الجناية المنظورة بما تتوافر معه المدة الموجبة للسقوط بالتقادم بمضي عشر سنوات من تاريخ تمام الجريمة والحاصل في غضون عامي 97 / 1998 للمتهمين الأول والثاني وثلاث سنوات للمتهمين الثالث والرابع ، سيما وأن التحقيقات وما قدم فيها من مستندات وما كشف عنه تقرير اللجنة المنتدبة من محكمة الإعادة لجازم في أن الإنشاءات والتوسعات والتعديلات والملحقات والتشطيبات والتجديدات التي أجريت على الفيلات الخمس لم تنفذها شركة المتهم الثاني رجل الأعمال فلم تقدم النيابة العامة أية مستندات تناصر هذا الأمر فضلاً على أن اللجنة المنتدبة من محكمة الإعادة أثبتت بتقريرها أنها لم تعثر على ثمة مستندات بمقر شركة المتهم الثاني توضح أو تنبئ عن إجرائها لأية إنشاءات أو توسعات أو تعديلات أو ملحقات أو تشطيبات أو تجديدات أو خلافه عقب تقديم عطية الفيلات الخمس منذ عامي 97 / 1998 حتى إيداع التقرير ليعُد تدخلاً متتابعاً سواء من المتهم الثاني شخصياً أو شركته بل إن الواقع والمستندات بالدعوى الجنائية ينطقا بأن المتهمين الأول والثالث والرابع أسندوا لشركة .... أعمال إنشاءات وتوسعات وتعديلات وملحقات وتشطيبات وتجديدات بالفيلات الخمس وهو ما استبان من المقايسات المقدمة من المتهمين والصادرة من تلك الشركة بدءاً من 25/6/2000 بالقيم المالية المطلوبة للأعمال المسندة وذلك حتى 20/1/2011، وما عاصر ذلك من إيصالات برسم الإدارة المالية لشركة .... والتي تبدأ من 30/9/2000 بسداد المتهمين الثالث والرابع مبلغ .... لأعمال منفذة بفيلات .... بخلاف ما كشف عنه أيضاً تقرير اللجنة المنتدبة من محكمة الإعادة عن انشغال ذمة المتهمين الثالث والرابع بمبلغ .... تمثل قيمة باقي أعمال نفذت بالفيلات الخمس من شركة ....، بما لا مفر معه أمام محكمة الإعادة إلَّا سوى الرضوخ لأحكام القانون وما أوجبته قواعد النظام العام في هذا المقام وما أظهره الواقع فتقضى بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة قبل المتهمين .... و.... و.... و.... لما أسندته إليهم النيابة العامة ...... ولا ينال من ذلك ما تمسكت به النيابة العامة في مرافعتها الشفوية من أن جريمة استعمال النفوذ جريمة مستمرة حتى استنفاذ نفوذ المرتشي وليس قبول العطية . فلما كان من المقرر قانوناً أن مواصلة الراشي في الاستعمال المتتابع لنفوذ المرتشي يُعد أثراً من أثار تلك الجريمة الوقتية المؤثمة بالمادة 106 مكرراً من قانون العقوبات والتي اكتملت بقبول العطية وصار ذلك هو التاريخ الفعلي لوقوع الجريمة ، وليس تاريخ استنفاذ الراشي نفوذ المرتشي لانحصار وصف الجريمة المستمرة عن الأفعال المؤثمة بالمادة 106 مكرراً سالفة البيان .... " . لما كان ذلك ، وكان الفيصل في التمييز بين الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة هو طبيعة الفعل المادي المكون للجريمة كما عرفه القانون سواء كان هذا الفعل إيجاباً أو سلباً ارتكاباً أو تركاً ، فإذا كانت الجريمة تتم وتنتهي بمجرد إتيان الفعل كانت وقتية أما إذا استمرت الحالة الجنائية فترة من الزمن فتكون الجريمة مستمرة طوال هذه الفترة والعبرة في الاستمرار هنا هي بتدخل إرادة الجاني في الفعل المعاقب عليه تدخلاً متتابعاً متجدداً ولا عبرة بالزمن الذى يليه والذى تستمر فيه آثاره الجنائية في أعقابه ، وكانت الجريمة متتابعة الأفعال تقوم بسلسلة من الوقائع المتماثلة المتعاقبة يرتكبها المتهم اعتداءً على حق واحد وتنفيذاً لمشروع إجرامي واحد ، وكانت الجرائم التي قضى الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية فيها بمضي المدة هي من الجرائم الوقتية التي تتم وتنتهي بمجرد إتيان الفعل المادي المكون لها وكان قانون الإجراءات الجنائية ينص في المادتين 15 ، 17 منه بانقضاء الدعوى الجنائية في مواد الجنايات بمضي عشر سنوات وفي مواد الجنح بمضي ثلاث سنوات من يوم وقوع الجريمة وتنقطع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وكذلك بالأمر الجنائي أو بإجراءات الاستدلال إذا اتخذت في مواجهة المتهم أو إذا أخطر بها بوجه رسمي ، وأن هذا الانقطاع عيني يمتد أثره إلى جميع المتهمين في الدعوى ولو لم يكونوا طرفاً في الإجراءات ، وكان من المقرر أن تحديد تاريخ وقوع الجريمة من الأمور الموضوعية التي تدخل في اختصاص قاضى الموضوع وله مطلق الحرية في بحث كل ظروف الواقعة واستخلاص هذا التاريخ منه ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي أكثر من عشر سنوات بين التاريخ الذى ثبت للمحكمة وقوع الجريمة فيه وحددته وهو خلال عامي 97/1998 وبين تاريخ إجراء أول تحقيق في الدعوى مع المطعون ضده الثامن وهو 12/4/2011 وكذا مضى أكثر من ثلاث سنوات على الواقعة المنسوبة للمطعون ضدهما التاسع والعاشر ، وذلك للأسباب السائغة التي أوردها وكانت الطاعنة لا تمارى في أن ما أثبته الحكم فيما تقدم له معينه الصحيح من أوراق الدعوى ومستنداتها، فإن الحكم يكون قد طبق القانون على الواقعة تطبيقاً صحيحاً ، ويكون نعي الطاعنة عليه غير قويم . وأما ما أشارت إليه الطاعنة من أنه كان يتعين على المحكمة أن تمحص الواقعة بكافة قيودها وأوصافها إذ إنها لم تسبغ الوصف الصحيح عليها وهو جناية تربيح الغير دون وجه حق والاشتراك فيها المؤثمة بالمواد 40 ، 41 ، 115 من قانون العقوبات وتدين المطعون ضدهم عنها بدلاً من القضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة فهو مردود بأن مناط ذلك هو التقيد بالواقعة المطروحة وعندئذ يتعين على المحكمة إعطاء الوصف القانوني لها ، وهي من بعد لا يجوز لها قانوناً أن تحاكم المتهم عن واقعة أخرى غير واردة في أمر الإحالة عملاً بحكم المادة 307 من قانون الإجراءات الجنائية ، وفوق ذلك فإن حق التصدي المنصوص عليه في المادة 11 من قانون الإجراءات الجنائية هو حق خوله المشرع لمحكمة الجنايات أن تستعمله متى رأت ذلك وليس في صيغة المادة المذكورة ما يفيد إيجاب التزام المحكمة به . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد استند فيما تناهي إليه من عدم جواز نظر الدعوى الجنائية قبل المطعون ضده .... عن تهمة الاشتراك في القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بالقتل العمد والشروع فيه في الدعوى رقم .... جنايات .... استناداً إلى سبق صدور أمر ضمني بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قِبله لمجرد تقديم بلاغات ضده في الدعوى رقم .... جنايات .... مع آخرين ثم قصر الإحالة فيها للمحاكمة على المطعون ضدهم من الأول وحتى الخامس دون أن يشمله قرار الإحالة . لما كان ذلك، وكان الأمر بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية وإن جاز أن يستفاد استنتاجاً من تصرف أو إجراء أخر يدل عليه، إلَّا أنه لا يصح أن يفترض أو يؤخذ فيه بالظن ، وكان الثابت من أمر الإحالة الصادر في الجناية رقم .... أن كل ما صدر من النيابة العامة في هذا الصدد هو اتهامها للمطعون ضدهم .... و..... و.... و.... و.... " من الأول وحتى الخامس " بارتكاب جريمة - الاشتراك في القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بالقتل العمد والشروع فيه – دون أن تذكر شيئاً عن المطعون ضده الثامن .... وأنهت التحقيقات في هذه الجناية دون سؤاله ، مما يفيد أنها - أي سلطة التحقيق - لم تجابهه بالأدلة والقرائن التي تجمعت لديها حتى يبدى دفاعه ودفوعه بشأنها ، الأمر الذى يدل على أنها لم تقابل الأدلة التي توفرت لديها في شأنه أو تزنها وتمحصها التمحيص الكافي حتى ترجح مبلغ كفايتها من عدمه لتقديمه للمحاكمة - وهو مناط التصرف في شأن المتهم أو عدم وجود وجه لإقامة الدعوى صريحاً كان أم ضمنياً - الأمر الذي ترى معه هيئة المحكمة - من المفردات المضمومة - ومن جماع كل ما تقدم أنه لا يصح حمل تصرف النيابة حتماً وبطريق اللزوم العقلي على أنه أمر ضمني بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبله يحول دون تحريكها بعد ذلك ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه فيما قضى به من عدم جواز نظر الدعوى الجنائية في الجنائية رقم .... جنايات .... لسبق صدور أمر ضمني بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية في الدعوى رقم ... جنايات .... بالنسبة للمطعون ضده الثامن .... عن تهمة الاشتراك في القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بالقتل العمد والشروع فيه دون باقي الجرائم المنسوبة إليه ، ولما كان الطعن الماثل مقدماً للمرة الثانية ، فإنه يتعين مع نقض الحكم – في هذا الشق فقط من الطعن – أن يقترن بتحديد جلسة لنظر الموضوع ، ورفض الطعن المقدم من النيابة العامة موضوعاً فيما عدا ذلك بالنسبة لباقي المطعون ضدهم وما أسند إليهم من جرائم .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 14734 لسنة 83 ق جلسة 12 / 1 / 2015 مكتب فني 66 ق 8 ص 127

 جلسة 12 من يناير سنة 2015

برئاسة السيد القاضي / عبد المنعم منصور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد خالد عبد العزيز ، مهاد خليفة ، محمود عاكف وياسر جميل نواب رئيس المحكمة.
----------

(8)

الطعن رقم 14734 لسنة 83 القضائية

(1) دستور . محاماة . إجراءات " إجراءات محاكمة ". بطلان . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .

المادتان 67 من الدستور ، 375 إجراءات . مؤداهما ؟

 وجوب استماع المحكمة لمرافعة محامي المتهم وإذا استأجل نظر الدعوى ورأت ألا تجيبه أن تنبهه لرفض طلبه . مخالفة الحكم هذا النظر . يبطل إجراءات المحاكمة ويوجب نقضه والإعادة . علة ذلك ؟

(2) إثبات" شهود " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .

وجوب سؤال المحكمة للشاهد أولاً ثم إبداؤها ما تراه في شهادته . علة ذلك ؟

 وجوب بناء الأحكام الجنائية على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة في الجلسة وتسمع فيه الشهود . مادام سماعهم ممكناً .

قضاء الحكم بإدانة الطاعن استناداً لأقوال شهود الإثبات الغائبين دون سماعهم رغم إصراره على ذلك . إخلال بحقه في الدفاع يوجب نقضه والإعادة .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان البيِّن من محضر جلسة .... أن محامٍ حضر مع الطاعن وطلب سماع شهود الإثبات وندب لجنة ثلاثية من الطب الشرعي وعرض الأوراق على الخبراء، إلَّا أن المحكمة لم تستجب لهذه الطلبات وحجزت الدعوى للحكم لجلسة تالية . لما كان ذلك ، وكانت المادة 67 من الدستور توجب أن يكون لكل متهم بجناية محامٍ يدافع عنه ، وكان من القواعد الأساسية التي يوجبها القانون أن تكون الاستعانة بالمحامي إلزامية لكل متهم بجناية أُحيلت لنظرها أمام محكمة الجنايات حتى يكفل له دفاعا حقيقيًا لا مجرد دفاع شكلي ، تقديرًا بأن الاتهام بجناية أمر له خطره ، ولا تتحقق ثمرة هذا الضمان إلَّا بحضور محامٍ أثناء المحاكمة ليشهد إجراءاتها وليعاون المتهم معاونة إيجابية بكل ما يرى تقديمه من وجوه الدفاع عنه . وحرصًا من الشارع على ضمان فاعليه هذا الضمان الجوهري فرض عقوبة الغرامة في المادة 375 من قانون الإجراءات الجنائية على كل محامٍ منتدبًا كان أم موكلاً من قبل متهم يُحاكم في جناية إذا هو لم يدافع عنه أو يُعين من يقوم مقامه للدفاع عن المتهم ، وذلك فضلاً عن المحاكمة التأديبية إذا اقتضتها الحال ، وأنه متى عهد المتهم إلى محامٍ بمهمة الدفاع عنه فإنه يتعين على المحكمة أن تستمع إلى مرافعته وإذا استأجل نظر الدعوى ورأت المحكمة ألَّا تجيبه إلى طلبه وجب عليها أن تنبهه إلى رفض طلب التأجيل حتى يبدي دفاعه أو يتخذ ما يشاء من إجراءات يمليها عليه واجبه ويراها كفيلة بصون حقوق موكله . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من محضر جلسة المحاكمة الأخيرة أن المحامي الحاضر مع الطاعن قد اقتصر على طلب سماع شهود الإثبات وندب لجنة ثلاثية من الطب الشرعي وعرض الأوراق على الخبراء ولم يترافع عنه أو يقدم أي وجه من وجوه المعاونة له ، وكان إن قررت المحكمة حجز القضية للحكم وانتهت إلى إدانة الطاعن دون أن تنبه المدافع عنه إلى رفض طلبات الدفاع فإن حق المتهم في الاستعانة بمدافع ، وهو أيضًا واجب على المحكمة حين يكون الاتهام بجناية يكون قد قصر عن بلوغ غايته وتعطلت حكمة تقريره بما يُبطل إجراءات المحاكمة ويوجب نقض الحكم المطعون فيه والإعادة .

2- لما كان البيِّن من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أن محكمة الموضوع
عوَّلت على أقوال جميع شهود الإثبات وحصَّلتها وركنت إليها في إدانة الطاعن على الرغم من أن الثابت بمحضر الجلسة أنها اقتصرت على سماع البعض منهم دون البعض الآخر رغم تمسك الدفاع بطلب سماع شهادة الغائب منهم .
لما كان ذلك ، وكان القانون يوجب سؤال الشاهد أولاً وعندئذ يحق للمحكمة أن تبدي ما تراه في شهادته ، وذلك لاحتمال أن تجئ هذه الشهادة التي تسمعها المحكمة ويباح للدفاع مناقشتها بما يقنعها بحقيقة تغاير تلك التي ثبتت في عقيدتها من قبل سماعه ، وكان الأصل في الأحكام الجنائية أنها تُبنى على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة في الجلسة وتسمع فيه الشهود مادام سماعهم ممكنًا ، وكان المدافع عن الطاعن قد تمسك بسماع شهادة الغائبيـــــن من شهود الإثبات ، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى في الدعوى بإدانة الطاعن وركن إلى أقوالهم دون سماعهم رغم إصرار الطاعن على ذلك فإنه يكون مشوبًا أيضًا بعيب الإخلال بحق الدفاع بما يستوجب نقضه والإحالة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : بصفته موظفًا عموميًا " صرافاً بالبنك .... إحدى الشركات المساهمة المملوكة للدولة والخاضعة أمواله لرقابة وإشراف البنك المركزي .... " اختلس مبلغ .... جنيهًا و.... دولار وُجد في حيازته بسبب وظيفته والمودع من عملاء الفرع بالبنك جهة عمله بأن استغل صفة كونه الصراف المختص بإيداع وصرف أي مبالغ مالية من هذه الحسابات بالفرع جهة عمله وأثبت على خلاف الحقيقة بإيصالات السحب النقدي من خزينة ذلك الفرع صرف هؤلاء العملاء لهذه المبالغ المالية وذيَّلها بتوقيعات نسبها لهم زورًا وتمكن بذلك من اختلاس المبلغ المالي سالف البيان واحتباسه لنفسه بنية تملكه حال كونه من الصيارفة ، وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمة تزوير في محررات واستعمالها ارتباطًا لا يقبل التجزئة ذلك أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر ارتكب تزويرًا في محررات إحدى شركات المساهمة المملوكة للدولة بأن أثبت بإيصالات السحب النقدي الخاصة بمطبوعات جهة عمله سحب هذه المبالغ المالية من قبل العملاء المودعين لها على خلاف الحقيقة ومهرها بتوقيعات نسبها زورًا إلى هؤلاء العملاء واستعمل هذه المحررات فيما زُوِّرت من أجله بأن احتفظ بها لدى الفرع جهة عمله لإعمال آثارها وإثبات صحة ما تضمنته سترًا لواقعة اختلاسه للمبلغ المالي سالف البيان .

وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملاً بالمادة 112 الفقرة الأولى والثانية بند " أ- ب “، 118، 118 مكرراً، 119/ب، 119 مكرراً/هــ من قانون العقوبات مع إعمال المواد 17، 30، 32 من ذات القانون بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات وبتغريمه مبلغ.... جنيه ومبلغ .... دولار وإلزامه برد مبلغ .... جنيه ومبلغ .... دولار وبعزله من وظيفته لما أسند إليه ، وبمصادرة المحررات المزورة .

 فقرر المحكوم عليه بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة

حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الاختلاس المرتبط بجريمة التزوير في محررات إحدى شركات المساهمة المملوكة للدولة واستعمالها ، قد شابه البطلان في الإجراءات وإخلال بحق الدفاع ، ذلك أن المحكمة حكمت في الدعوى دون أن تسمع دفاعه بالجلسة والتفتت عن طلبه سماع أقوال شهود الإثبات ، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه .

ومن حيث إنه يبين من محضر جلسة .... أن محامياً حضر مع الطاعن وطلب سماع شهود الإثبات وندب لجنة ثلاثية من الطب الشرعي وعرض الأوراق على الخبراء ، إلَّا أن المحكمة لم تستجب لهذه الطلبات وحجزت الدعوى للحكم لجلسة تالية . لما كان ذلك ، وكانت المادة 67 من الدستور توجب أن يكون لكل متهم بجناية محام يدافع عنه ، وكان من القواعد الأساسية التي يوجبها القانون أن تكون الاستعانة بالمحامي إلزامية لكل متهم بجناية أُحيلت لنظرها أمام محكمة الجنايات حتى يكفل له دفاعا حقيقيًا لا مجرد دفاع شكلي تقديرًا بأن الاتهام بجناية أمر له خطره ، ولا تتحقق ثمرة هذا الضمان إلَّا بحضور محام أثناء المحاكمة ليشهد إجراءاتها وليعاون المتهم معاونة إيجابية بكل ما يرى تقديمه من وجوه الدفاع عنه . وحرصًا من الشارع على ضمان فاعلية هذا الضمان الجوهري فرض عقوبة الغرامة في المادة 375 من قانون الإجراءات الجنائية على كل محام منتدبًا كان أم موكلاً من قبل متهم يُحاكم في جناية إذا هو لم يدافع عنه أو يُعين من يقوم مقامه للدفاع عن المتهم ، وذلك فضلاً عن المحاكمة التأديبية إذا اقتضتها الحال ، وأنه متى عهد المتهم إلى محام بمهمة الدفاع عنه فإنه يتعين على المحكمة أن تستمع إلى مرافعته وإذا استأجل نظر الدعوى ورأت المحكمة ألا تجيبه إلى طلبه وجب عليها أن تنبهه إلى رفض طلب التأجيل حتى يبدي دفاعه أو يتخذ ما يشاء من إجراءات يمليها عليه واجبه ويراها كفيلة بصون حقوق موكله . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من محضر جلسة المحاكمة الأخيرة أن المحامي الحاضر مع الطاعن قد اقتصر على طلب سماع شهود الإثبات وندب لجنة ثلاثية من الطب الشرعي وعرض الأوراق على الخبراء ولم يترافع عنه أو يقدم أي وجه من وجوه المعاونة له ، وكان إن قررت المحكمة حجز القضية للحكم وانتهت إلى إدانة الطاعن دون أن تنبه المدافع عنه إلى رفض طلبات الدفاع فإن حق المتهم في الاستعانة بمدافع ، وهو أيضًا واجب على المحكمة حين يكون الاتهام بجناية يكون قد قصر عن بلوغ غايته وتعطلت حكمة تقريره بما يُبطل إجراءات المحاكمة ويوجب نقض الحكم المطعون فيه والإعادة . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أن محكمة الموضوع عوَّلت على أقوال جميع شهود الإثبات وحصَّلتها وركنت إليها في إدانة الطاعن على الرغم من أن الثابت بمحضر الجلسة أنها اقتصرت على سماع البعض منهم دون البعض الآخر رغم تمسك الدفاع بطلب سماع شهادة الغائب منهم . لما كان ذلك ، وكان القانون يوجب سؤال الشاهد أولاً وعندئذ يحق للمحكمة أن تبدي ما تراه في شهادته، وذلك لاحتمال أن تجئ هذه الشهادة التي تسمعها المحكمة ويباح للدفاع مناقشتها بما يقنعها بحقيقة تغاير تلك التي ثبتت في عقيدتها من قبل سماعه . وكان الأصل في الأحكام الجنائية أنها تُبنى على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة في الجلسة وتسمع فيه الشهود مادام سماعهم ممكنًا ، وكان المدافع عن الطاعن قد تمسك بسماع شهادة الغائبين من شهود الإثبات ، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى في الدعوى بإدانة الطاعن وركن إلى أقوالهم دون سماعهم رغم إصرار الطاعن على ذلك فإنه يكون مشوبًا أيضًا بعيب الإخلال بحق الدفاع بما يستوجب نقضه والإحالة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأحد، 20 سبتمبر 2020

الطعنان 1349 ، 1363 لسنة 52 ق جلسة 11 / 4 / 1984 مكتب فني 35 ج 1 ق 185 ص 980

جلسة 11 من إبريل سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ يحيى العموري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جهدان حسنين عبد الله، ماهر قلادة واصف، حسين علي حسن والحسيني الكناني.

-------------

(185)
الطعنان رقما 1349، 1363 لسنة 52 قضائية

( 1، 2) إيجار "إيجار الأماكن". التأجير المفروش". نظام عام.
(1) حق التأجير المفروش. قصره على المصريين فقط. م 40 و48 ق 49 لسنة 1977 المستأجر الأجنبي ليس له حق تأجير العين المؤجرة مفروشة ولو بموافقة المالك. علة ذلك.
 (2)منع الأجنبي مالكاً أو مستأجراً من التأجير المفروش قاعدة متعلقة بالنظام العام علة ذلك.
(3) نقض "السبب غير المنتج".
صدور حكمين ضد الطاعنة بإخلائها من العين المؤجرة. رفض الطعن في أحدهما أثره. وجوب رفض الطعن في الثاني أياً كان وجه الرأي فيه. علة ذلك. عدم جدوى القضاء لصالحها فيه.

-----------
1 - النص في المادة 18 من القانون رقم 136 سنة 1981 المقابلة للمادة 31 الواردة في الفصل الثالث من القانون رقم 49 سنة 1977 على أنه "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية.... أ.... ب.... ج - إذ ثبت أن المستأجر قد تنازل عن المكان المؤجر أو أجره من الباطن بغير إذن كتابي صريح من المالك للمستأجر الأصلي...." وفي المادة 40 الواردة في الفصل الرابع من القانون رقم 49 لسنة 1977 على أنه لا يجوز للمستأجر في غير المصايف والمشاتي المحددة وفقاً لأحكام هذا القانون أن يؤجر المكان المؤجر له مفروشاً أو خالياً إلا في حالات حددها". يدل على أنه أذن المؤجر بالتأجير من الباطن مفروشاً، أو أجاز القانون ذلك للمستأجر - رغم عدم موافقة المؤجر - لاعتبارات رآها المشرع، فإن النص في المادة 48/ 1 الواردة بالفصل الرابع من القانون المذكور على أنه" لا يفيد من أحكام هذه الفصل سوى الملاك والمستأجرين المصريين" يدل على أن المشرع إنما أراد تحديد جنسية من يرخص له بالتأجير مفروشاً في الحالات سالفة البيان سواءً كان مالكاً أو مستأجراً، وسواءً كانت هذه الرخصة مقررة للمستأجر بنص القانون في الفصل الرابع منه أو بموافقة المؤجر المنصوص عليها في المادة 31 منه المقابلة للمادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 يؤكد صواب ذلك أن نص المادة 48 سوى بين المالك الأجنبي والمستأجر الأجنبي ولا يستساغ عقلاً أن يكون لهذا الأخير أكثر مما للأول إذ علة هذا الحظر أنه ليس للأجنبي مالكاً أو مستأجراً. الاستثمار في تأجير الأماكن مفروشة في تلك الحالات وهو ما أفصحت عنه مناقشة مشروع هذا القانون في مجلس الشعب وما دام الأمر كذلك فإن علة منع المستأجر الأجنبي من التأجير مفروشاً يتوافر في جميع الحالات الواردة بالمادة 40 متقدمة البيان وهي الحالات التي يستمد الحق فيها من القانون مباشرة ولو أجاز هذا التأجير أو أذن به.
2 - إذا كان قصد المشرع من القاعدة القانونية تحقيق مصلحة عامة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية تتعلق بنظام المجتمع الأعلى وتسمو على مصلحة الأفراد فإنها تعتبر من قواعد النظام العام، لا يجوز للأفراد أن يناهضوها باتفاقات فيما بينهم حتى لو حققت لهم هذه الاتفاقات مصالح فردية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر..... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكمين المطعون فيهما وسائر الأوراق تخلص في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 3258 سنة 1979 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على الطاعنة بطلب الحكم بإخلاء شقة النزاع المبينة بصحيفة الدعوى التي أجرها مورثهم للطاعنة بالعقد المؤرخ 2/ 10/ 1972 لاحتجازها إياها وشقة أخرى بمدينة القاهرة كما أقام المطعون ضدهم الدعوى 3523 سنة 1980 مدني جنوب القاهرة الابتدائية للحكم لهم بإخلاء ذات الشقة لأن الطاعنة - وهي أجنبية أجرتها مفروشة أحالت المحكمة الدعويين على التحقيق، وبعد أن سمعت شهود الطرفين حكمت في الدعويين كليتهما بالإخلاء استأنفت الطاعنة في الدعوى الأولى بالاستئناف رقم 2974 سنة 97 قضائية القاهرة، كما استأنفت الحكم في الدعوى الثانية بالاستئناف رقم 4084 سنة 98 قضائية القاهرة. أحالت المحكمة الدعوى الأولى على التحقيق لإثبات ونفي مقتضى الاحتجاز، وبعد أن سمعت شهود الطرفين حكمت بتاريخ 31/ 3/ 1982 في الاستئنافين بالتأييد. طعنت الطاعنة في الحكم 2974/ 97 ق القاهرة. بالطعن رقم 1349/ 52 ق. كما طعنت في الحكم 4084/ 98 ق القاهرة. بالطعن رقم 1363/ 52 ق. قدمت النيابة مذكرة في الطعن الأول أبدت فيها الرأي برفضه كما قدمت مذكرة في الطعن الآخر أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. عرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنهما جديران بالنظر، فحددت جلسة لنظرهما. وفيها قدمت النيابة مذكرة تكميلية أبدت فيها الرأي برفض الطعن الآخر أيضاً. قررت المحكمة ضم الطعنين للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد.

أولاً: عن الطعن رقم 1363 سنة 52 قضائية:

وحيث إن الطعن أقيم على سببين، تنعى الطاعنة بهما على الحكم المطعون فيه، الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول أن الحكم أقام قضاءه بالإخلاء على أن الطاعنة وهي أجنبية - هندية الجنسية - أجرت عين النزاع من باطنها في غير الأحوال التي يجيزها القانون، بالمخالفة لنص المادة 48/ 1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 التي تحظر على الأجانب التأجير مفروشاً، وهذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه غير صائب في القانون، ذلك أن هذه المادة لا يطبق حكمها إلى في الحالات التي أجاز فيها المشرع للمستأجر أن يؤجر العين مفروشة بغير حاجة إلى موافقة المؤجر، وهي الحالات المنصوص عليها في المادة 40 الواردة في الفصل الثالث من القانون المذكور، أما إذا كان التأجير مفروشاً بموافقة المؤجر، فإنه يجوز للمستأجر الأجنبي أن يؤجر العين من باطنه مفروشة لأن الذي يحكم النزاع في هذه الحالة هو نص المادة 31 الواردة في الفصل الثالث من ذات القانون، المقابلة للمادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 هذا إلى أن الطاعنة قد تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن المؤجر قد أذن لها بالتأجير ومن الباطن مفروشاً لأجانب بقبض زيادة الأجرة المقررة قانوناً على هذا النوع من التأجير عن شهر أبريل سنة 1979 بموجب إيصال قدمته مما مؤداه أنه تنازل عن الشرط المانع من التأجير مفروشاً وإذ عرض الحكم عن هذا الدفاع الجوهري الذي قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى ولم يقسط حقه في البحث والتمحيص، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في وجهه الأول غير سديد، ذلك أن النص في المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 المقابلة للمادة 31 في الفصل الثالث من القانون رقم 49 سنة 1977 على أنه: "لا يجوز لمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية: أ.... ب.... ج - إذ ثبت أن المستأجر قد تنازل عن المكان المؤجر أو أجره من الباطن بغير إذن كتابي صريح من المالك للمستأجر الأصلي...." وفي المادة 40 الواردة في الفصل الرابع من القانون رقم 49 لسنة 1977 على أنه "لا يجوز للمستأجر في غير المصايف والمشاتي المحددة وفقاً لأحكام هذا القانون أن يؤجر المكان - المؤجر له مفروشاً أو خالياً إلا في حالات حددها" يدل على أنه إذن المؤجر بالتأجير من الباطن مفروشاً، أو أجاز القانون ذلك للمستأجر - رغم عدم موافقة المؤجر - لاعتبارات رآها المشرع، فإن النص في المادة 48/ 1 الواردة بالفصل الرابع من القانون المذكور على أنه: "لا يفيد من أحكام هذه الفصل سوى الملاك والمستأجرين المصريين" - يدل على أن المشرع إنما أراد تحديد جنسية من يرخص له بالتأجير مفروشاً في الحالات سالفة البيان، سواءً كان مالكاً أو مستأجراً، وسواءً كانت هذه الرخصة مقررة للمستأجر بنص القانون في الفصل الرابع منه أو بموافقة المؤجر المنصوص عليها في المادة 31 منه المقابلة للمادة 18 من القانون رقم 136 سنة 1981، يؤكد صواب ذلك أن نص المادة 48 سوى بين المالك الأجنبي والمستأجر الأجنبي ولا يستساغ عقلاً أن يكون لهذا الأخير أكثر مما للأول، إذ علة هذا الحظر أنه ليس للأجنبي، مالكاً أو مستأجراً. الاستثمار في تأجير الأماكن مفروشة في تلك الحالات وهو ما أفصحت عنه مناقشة مشروع هذا القانون في مجلس الشعب وما دام الأمر كذلك فإن علة منع المستأجر الأجنبي من التأجير مفروشاً تتوافر في جميع الحالات الواردة بالمادة 40 متقدمة البيان، وهي الحالات التي يستمد الحق فيها من القانون مباشر ولو أجاز هذا التأجير أو أذن به وعلى ما سيأتي بيانه، والنعي في وجهه الثاني مردود بأنه إذا كان قصد المشرع من القاعدة القانونية تحقيق مصلحة عامة سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية تتعلق بنظام المجتمع الأعلى وتسمو على مصلحة الأفراد فإنها تعتبر من قواعد النظام العام، لا يجوز للأفراد أن يناهضوها باتفاقات فيما بينهم حتى لو حققت لهم هذه الاتفاقات مصالح فردية، لما كان ذلك وكان قصد المشرع من القاعدة القانونية التي أفرغها في المادة 48/ 1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بمنع غير المصريين من استثمار أموالهم ونشاطهم في التأجير المفروش هو أن يضيق قدر المستطاع من مجال المضاربة في هذا النوع من النشاط حتى تتوفر الأماكن الخالية لطالبي السكنى التزاماً بمقتضيات الصالح العام وترجيحاً لها على ما قد يكون للأفراد من مصالح مغايرة فإن هذه القاعدة تكون من قواعد النظام العام ولا يجوز الاتفاق على ما يخالفها، لما كان ذلك وكان إغفال الحكم الرد على أوجه دفاع أبداها الخصم لا يعد من قبيل القصور في أسباب الحكم الواقعية بحيث يترتب عليه بطلانه، إلا إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهى إليها بحيث لو محصه الحكم لجاز أن يتغير وجه الرأي فيها، وكانت الطاعنة تنعى على الحكم المطعون أنه لم يعرض لمناقشة دفاعها القائم على قبض المؤجر منها زيادة الأجرة المقررة للتأجير من الباطن مفروشاً لأجانب وهي إحدى الحالات المنصوص عليها في المادة 40 من القانون رقم 49 سنة 1977 مما يعد إجازة لهذا التأجير وإذناً لها به، وكان هذا الدفاع يتعارض مع قاعدة قانونية آمرة على ما سبق بيانه، ومن ثم ليس من شأنه أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإنه لا على الحكم إن هو أعرض عنه.

ثانياً: عن الطعن رقم 1349 سنة 52 قضائية:

وحيث إن الطعن الآخر رقم 1349/ 52 ق الخاص بالحكم في دعوى الإخلاء لاحتجاز أكثر من مسكن، فإنه أياً ما كان وجه الرأي فيما أقيم عليه من أسباب تنعى بها الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب فإن الطعن برمته غير مقبول، لأن المحكمة إذ انتهت إلى رفض الطعن على أحد الحكمين الصادرين ضد الطاعنة بإخلاء ذات العين محل النزاع وهي عين واحدة صدر بإخلائها الحكمان المطعون عليهما فإنه لا يجدي الطاعنة نفعاً أن يقضي لصالحها في هذا الطعن إذ ليس من شأن الحكم أن يبقيها في عين النزاع التي لا بقاء لها فيها إلا بالحكم لصالحها في الطعنين كليهما.
ولما تقدم يتعين رفض الطعنين.


الطعن 34 لسنة 52 ق جلسة 17 / 4 / 1984 مكتب فني 35 ج 1 ق 196 ص 1032

جلسة 17 من إبريل سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ محمد جلال الدين رافع، نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: جلال الدين أنسي نائب رئيس المحكمة، هاشم قراعة نائب رئيس المحكمة، مرزوق فكري وواصل علاء الدين.

-------------

(196)
الطعن رقم 34 لسنة 52 القضائية "أحوال شخصية"

 (1)أحوال شخصية. حكم "رأي النيابة العامة".
تفويض النيابة العامة الرأي للمحكمة، بعد تقديم طرفا الخصومة أدلتهما. أثره. اعتبار إبداء للرأي القضية.
 (2)أحوال شخصية "غيبة"، تطليق "التطليق للضرر".
غيبة الزوج عن بيت الزوجية مع الإقامة في بلد واحد، اعتبارها هجراً محققاً لضرر الموجب للتفريق. م 6 قانون 25 لسنة 1929. اختلافها عن الغيبة في حكم المادة 12 من المرسوم بقانون المشار إليه.
(3) محكمة الموضوع "تقدير الأدلة".
لمحكمة الموضوع سلطة تامة في الأخذ بما تطمئن إليه من الأدلة وإطراح ما عداه دون حاجة للرد استقلالاً على ما لم تأخذ به، طالما قام حكمها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق.

--------------
(1) إذا فوضت النيابة الرأي لمحكمة الاستئناف بعد أن قدم طرفاً الخصومة أدلتهما على ثبوت ونفي الهجر كسبب للمضارة المبيحة للتفريق بينهما، فإن النيابة تكون بذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قد أبدت رأيها في القضية، بما مؤداه تفويض الرأي للمحكمة في تقدير أقوال الشهود وسائر الأدلة والترجيح بينها بما يحقق غرض الشارع من وجوب تدخلها وإبداء الرأي في قضايا الأحوال الشخصية.
 (2)المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المقصود بغيبة الزوج عن زوجته في حكم المادة 12 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 أن تكون الغيبة لإقامة الزوج في بلد آخر غير الذي تقيم به زوجته. أما الغيبة كسبب من أسباب الضرر الذي يبيح التطليق طبقاً لنص المادة السادسة من هذا القانون - على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون - غيبة الزوج عن بيت الزوجية مع إقامته في البلد الذي تقيم فيه زوجته، ويكون الضرر في هذه الحالة هجراً قصد به الأذى فيفرق بينهما لأجله.
(3) لمحكمة الموضوع السلطة التامة في الأخذ بما تطمئن إليه من الأدلة وإطراح ما عداه دون حاجة للرد استقلالاً على ما لم تأخذ منها طالما قام حكمها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 161 لسنة 1980 كلي أحوال شخصية بنها ضد الطاعن للحكم بتطليقها عليه طلقة بائنة. وقالت شرحاً لدعواها أنها زوجته بصحيح العقد المؤرخ 5/ 5/ 1963 ودخل بها وعاشرها ثم هجرها مدة تزيد على ثلاث سنين وتزوج بأخرى. وإذ تتضرر من ذلك الهجر لأنها شابة وتخشى على نفسها الفتنة فقد أقامت الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد أن سمعت شهود الطرفين حكمت في 11/ 11/ 1981 بتطليق المطعون عليها على الطاعن طلقة بائنة. أستأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف طنطا "مأمورية بنها" بالاستئناف رقم 40 لسنة 14 ق. وفي 18/ 3/ 1982 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالوجه الثالث من السبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه البطلان لصدوره دون أن تبدي النيابة رأيها في الدعوى طبقاً لأحكام القانون رقم 628 لسنة 1955 مما لا يغني عنه تفويضها الرأي للمحكمة.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه وقد فوضت النيابة الرأي لمحكمة الاستئناف بعد أن قدم طرفا الخصومة أدلتهما على ثبوت ونفي الهجر كسبب للمضارة المبيحة للتفريق بينهما، فإن النيابة تكون بذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قد أبدت رأيها في القضية بما مؤداه تفويض الرأي للمحكمة في تقدير أقوال الشهود وسائر الأدلة والترجيح بينها وبما يحقق غرض الشارع من وجوب تدخلها وإبداء الرأي في قضايا الأحوال الشخصية تطبيقاً لأحكام القانون رقم 628 لسنة 1955 ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجهين الأول والثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن المطعون عليها استندت في طلب الحكم بتطليقها عليه إلى هجره لها، والهجر ليس من ضروب الضرر المبيح للتطليق طلاقاً بائناً طبقاً لنص المادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929 وإنما هو سبب مستقل عنه يكون التطليق استناداً إليه طلاقاً رجعياً ولا يحكم به طبقاً للمادة الثانية عشرة من هذا القانون إلا بعد إعذار المحكمة للزوج بإعادة الزوجة إلى فراشه في الأجل الذي تضربه لذلك وانقضاء الأجل دون إعادتها وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فقضى بتطليق المطعون ضدها عليه بسبب الهجر طلاقاً بائناً ودون اتخاذ ذلك الإجراء فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المقصود بغيبة الزوج عن زوجته في حكم المادة 12 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 أن تكون الغيبة لإقامة الزوج في بلد آخر غير الذي تقيم فيه زوجته أما الغيبة كسبب من أسباب الضرر الذي يبيح التطليق طبقاً لنص المادة السادسة من هذا القانون فهي - على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون - غيبة الزوج عن بيت الزوجية مع إقامته في البلد الذي تقيم فيه زوجته، ويكون الضرر في هذه الحالة هجراً قصد به الأذى فيفرق بينهما لأجله. إذ كان ذلك، وكان حكم محكمة أول درجة المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتطليق المطعون ضدها على الطاعن على سند من أنه أعرض عنها وهجرها رغم إقامتها في بلد واحد بما لا يمكنها البقاء على هذا الحال دون ضرر، وهو ما يشكل حالة من حالات الإضرار التي تبيح التفريق بينهما وفقاً لنص المادة السادسة سالفة البيان فإن الحكم إذ قضى بالتفريق بطلقة بائنة طبقاً لهذه المادة ولم يعمل الإجراءات - المنصوص عليها في المادتين 12، 13 من المرسوم بقانون المشار إليه اللتين يقتصر الحكم فيهما على حالات التطليق للغيبة، لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب. وفي بيان ذلك يقول أنه يشترط في الهجر كسبب للتطليق أن يكون واقعاً من جانب الزوج دون الزوجة، وأنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن الهجر لم يكن من جانبه لأن المطعون عليها هي التي خرجت عن طاعته وتركت منزل الزوجية وقد أغفل الحكم تحقيق هذا الدفاع الجوهري ولم يرد عليه كما لم يبين سبب عدم الاعتداد بقبوله الصلح الذي عرضته المحكمة على الطرفين مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في الأخذ بما تطمئن إليه من الأدلة وإطراح ما عداه دون حاجة للرد استقلالاً على ما لم تأخذ به منها طالما قام حكمها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، وكان يبين من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه بعد أن عرض للمستندات المقدمة في الدعوى وأقوال شهود طرفيها أقام قضاءه بتطليق المطعون عليها على الطاعن على قوله "وحيث إنه... قد استبان للمحكمة من أوراق الدعوى وشاهدي المدعية والشاهد الثاني من شهود المدعى عليه ومن الحكم الصادر في الدعوى 268 لسنة 1978 أحوال نفس طوخ المرفق صورته بحافظة المدعية أن المدعى عليه قد هجر المدعية منذ عام 1977 حتى الآن..... وقد ذكرت المدعية بصحيفة دعواها أنها في ريعان شبابها وتخشى على نفسها الفتنة وأنه آثر عليها أمرآة أخرى ومن ثم فقد ثبت للمحكمة أن المدعى عليه أعرض عن زوجته طوال تلك المدة.... بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما.... ومن ثم تعين.... التدخل لرفع ذلك الضرر عن الزوجة ويتعين لذلك إجابة المدعية إلى طلبها بطلاقها على زوجها المدعى عليه عملاً بالمادة 6 من القانون رقم 250 لسنة 1929". كما أورد الحكم المطعون فيه في معرض تأييده للحكم المستأنف قوله "ومن حيث إن شاهدي المستأنف ضدها قد شهدا بما يفيد هجر المستأنف لها على نحو ما سبق ذكره وتطمئن هذه المحكمة إلى ما شهدا به.... خاصة وأن الشاهد الثاني من شاهدي المستأنف قد أيدهما.... ومن حيث إن الحكم المستأنف صحيح لما ذكرناه ولما ذكرته محكمة أول درجة من أسباب تقرها هذه المحكمة وتأخذ بها ومن ثم يتعين رفض الاستئناف.... وتأييد الحكم المستأنف". وكان هذا الذي أورده الحكم استدلالاً سائغاً مما له أصله الثابت بالأوراق على أن الهجر كان من جانب الطاعن وتضررت منه الزوجة بما يكفي لحمل قضائه بالتفريق بينهما لهذا السبب. لما كان ذلك وكان شرط عجز المحكمة عن الإصلاح بين الزوجين قد تحقق بعدم قبول المطعون عليها للصلح بما يترتب عليه بطريق اللزوم أن يكون قبول الطاعن له دونها غير ذي أثر في الدعوى دون ما حاجة للإشارة إلى ذلك في أسباب الحكم، فإن النعي عليه بالقصور يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 68 لسنة 52 ق جلسة 17 / 4 / 1984 مكتب فني 35 ج 1 ق 197 ص 1037

جلسة 17 من إبريل سنة 1984

برياسة السيد المستشار/ جلال الدين أنسى نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: هاشم قراعة نائب رئيس المحكمة، مرزوق فكري، واصل علاء الدين وحسين محمد حسن.

---------------

(197)
الطعن رقم 68 لسنة 52 القضائية "أحوال شخصية"

أحوال شخصية. "دعوى الزوجية".
النهي عن سماع دعوى الزوجية، بعد وفاة أحد الزوجين عن الفترة من أول سنة 1911 وحتى آخر يوليو سنة 1931، عند عدم ثبوتها بأوراق رسمية أو أوراق مكتوبة بخط المتوفى وعليها إمضاؤه. شرطه إنكار الزوجية من صاحب الشأن. م 99/ 3 من اللائحة الشرعية.

--------------
النهي عن سماع دعوى الزوجية بعد وفاة أحد الزوجين بالنسبة إلى الحوادث الواقعة من أول سنة 1911 وحتى آخر يوليو سنة 1931 ما لم تكن الزوجية ثابتة بأوراق رسمية أو بأوراق مكتوبة كلها بخط المتوفى وعليها إمضاؤه كذلك، لا يكون وفقاً لنص الفقرة الثالثة من المادة 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية - إلا عند إنكار الزوجية من صاحب الشأن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 101 لسنة 1980 كلي أحوال شخصية أسوان للحكم بثبوت وفاة المرحومة...... في 25/ 2/ 1972 وانحصار إرثها الشرعي فيه باعتباره زوجها وفي أولاد أخيها الشقيق المطعون عليهم الأربعة الأوائل تأسيساً على أنه تزوج بالمورثة قبل يوليه 1931 واستمر زواجهما حتى وفاتها وأنهم نازعوه حقه في الإرث. دفع هؤلاء المطعون عليهم وكذا الخامس الذي تدخل في الدعوى منضماً إليهم بعدم سماع الدعوى لعدم ثبوت الزوجية المدعاة بأوراق رسمية أو مكتوبة كلها بخط المتوفاة وعليها إمضاؤها. وقضت المحكمة بقبول تدخل المطعون عليه الخامس وأحالت الدعوى إلى التحقيق وبعد سماعها شاهدي الطاعن حكمت في 25/ 5/ 1981 بعدم سماع الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 22 لسنة 56 ق أحوال شخصية أسيوط مأمورية أسوان وفي 29/ 4/ 82 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم قضى بعدم سماع دعواه بوراثة المتوفاة على سند من أن زواجه بها مذكور وغير ثابت بوثيقة رسمية، مغفلاً الإشارة إلى ما قدمه أمام محكمة الاستئناف من مستندات دالة على إقرار باقي الورثة بذلك الزواج مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن النهي عن سماع دعوى الزوجية بعد وفاة أحد الزوجين بالنسبة إلى الحوادث الواقعة من أول سنة 1911 وحتى آخر يوليه سنة 1931 ما لم تكن الزوجية ثابتة بأوراق رسمية أو بأوراق مكتوبة كلها بخط المتوفى وعليها إمضاؤه كذلك، لا يكون - وفقاً لنص الفقرة الثالثة من المادة 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية - إلا عند إنكار الزوجية من صاحب الشأن، ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن في مقام دحض الدفع بعدم سماع الدعوى قد قدم أمام محكمة الاستئناف إقراراً مؤرخاً في 6/ 12/ 1981 صادراً من المطعون عليهم الأربعة الأوائل ومصدقاً على توقيعاتهم عليه ويتضمن إقرارهم بزواجه من عمتهم المورثة في سنة 1930 وباستمرار هذا الزواج حتى وفاتها في 25/ 8/ 1972 وكذا صورة رسمية من إعلام الوراثة رقم 955 لسنة 1981 محرم بك الصادر في 16/ 12/ 1981 بناءً على طلب أحدهم بثبوت وفاة المورثة في التاريخ المشار إليه وانحصار إرثها في الطاعن باعتباره زوجها وفيهم بوصفهم أبناء أخيها الشقيق، وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل مناقشة هذين المستندين رغم ما قد يكون لهما من دلالة على عدم توافر عناصر الدفع بعدم سماع الدعوى فإنه يكون مشوباً بالقصور مما يوجب نقضه. ولا يغير من ذلك إنكار المطعون عليه الخامس زواج الطعن بالمورثة وتمسكه على هذا الأساس بالدفع المشار إليه إذ أنه غير وارث فلا يعتد شرعاً بذلك الإنكار من جانبه.