الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 23 أبريل 2020

الطعن 1766 لسنة 34 ق جلسة 28 / 12 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 ق 173 ص 8881


جلسة 28 من ديسمبر سنة 1964
برياسة السيد المستشار/ توفيق الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حسين السركي، ومحمد صبري، وقطب فراج، ومحمد عبد المنعم حمزاوي.
----------
(173)
الطعن رقم 1766 لسنة 34 القضائية

(أ) وصف التهمة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". ضرب أفضى إلى الموت. ضرب.
لفت المحكمة نظر الدفاع بالجلسة إلى أن يتناول في مرافعته ما نمت عنه التقارير الطبية من أن الأعراض - لا الإصابات - هي التي أودت بحياة المجني عليه. عدم اعتباره تغييراً لوصف جناية الضرب المفضي إلى الموت. هو مجرد بيان لعناصرها. إنهاء المحكمة إلى عدم قيام رابطة السببية بين فعل المتهم ووفاة المجني عليه واستبعادها تبعاً لذلك وصف الجناية وإسباغها على الواقعة وصف الجنحة المنطبقة على المادة 242/ 1 عقوبات. لا حاجة إلى الإشارة في مدونات حكمها إلى ما أجرته بالجلسة.
(ب) مسئولية جنائية. "علاقة السببية". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
علاقة السببية في المواد الجنائية. طبيعتها: علاقة مادية. تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجاني من الناحية المعنوية بما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً. ثبوت قيام هذه العلاقة. موضوعي.
(جـ) إجراءات المحاكمة. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "إثبات بوجه عام".
المحاكمة الجنائية: العبرة فيها باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه. لا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين إلا إذا قيده القانون بذلك.
(د) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وجوب بناء الأحكام الجنائية على الجزم واليقين.
(هـ) إثبات. "خبرة". محكمة الموضوع. حكم. "تسبيب. تسبيب غير معيب".
تقدير آراء الخبراء من إطلاقات محكمة الموضوع. مثال.

---------------
1 - لما كان ما أجرته المحكمة بالجلسة قد اقتصر على لفت نظر الدفاع إلى أن يتناول في مرافعته أيضاً ما نمت عنه التقارير الطبية من أن الأعراض - لا الإصابات - هي التي أودت بحياة المجني عليه مما لا يعد في حكم القانون تغييراً لوصف جناية الضرب الذي أفضى إلى الموت وإنما هو مجرد بيان لعناصرها. ولما كانت المحكمة قد انتهت - في حدود سلطتها التقديرية - إلى عدم قيام رابطة السببية بين فعل المتهم ووفاة المجني عليه واستبعدت تبعاً لذلك وصف الجناية وأسبغت على الواقعة وصفاً جديداً هو وصف الجنحة المنطبقة على المادة 242/ 1 من قانون العقوبات، فما كانت إذن بحاجة إلى أن تشير في مدونات حكمها إلى ما أجرته بالجلسة من تعديل لعناصر جناية الضرب المفضي إلى الموت.
2 - علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية ما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً. وثبوت قيام هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها، ومتى فصل في شأنها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليها ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه.
3 - العبرة في المحاكمة الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين فقد جعل القانون في سلطته أن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه.
4 - من المقرر أن الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين.
5 - تقدير آراء الخبراء من إطلاقات محكمة الموضوع. ولما كان الحكم المطعون فيه قد استخلص - مما حوته التقارير الطبية المقدمة في الدعوى أنه لا يوجد ثمة ما ينفي حدوث وفاة المجني عليه ذاتياً بسبب مرضه أو بسبب فعله نفسه وما بذله من مجهود لا قبل له به وأنه لا يمكن بحال الجزم بأن الوفاة كانت نتيجة للفعل الذي قارفه المتهم أو أن ذلك الفعل قد ساهم بنصيب فيها، وكانت الطاعنتان لا تنازعان في صحة ما نقله الحكم عن هذه التقارير، فلا يجوز لهما أن تصادرا المحكمة فيما تشككت فيه أو أن تنعيا عليها عدم أخذها بالنتيجة التي أسفرت عنها التقارير الطبية الشرعية ما دامت المحكمة قد داخلتها الريبة في صحة هذه النتيجة.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 7/ 10/ 1960 بناحية بندر شبرا محافظة القليوبية: ضرب حنا بباوى فأحدث به الإصابات الموضحة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للمادة 236/ 1 من قانون العقوبات. فقررت الغرفة ذلك. وقد ادعت السيدتان/ فوزية ناشد عياد وآجية إبراهيم بحق مدني قدره عشرون ألف جنيه قبل المتهم والمهندس حسن جميعي بصفته ممثلاً لشركة النصر لصناعة المواسير ومسئولاً مدنياً على سبيل التعويض. ومحكمة جنايات بنها قضت حضورياً بتاريخ 16/ 11/ 1963 باعتبار الواقعة جنحة ضرب بالمادة 242/ 1 من قانون العقوبات ومعاقبة المتهم بتغريمه عشرة جنيهات ورفض الدعوى المدنية وإلزام رافعيها مصروفاتها ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعنت المدعيتان بالحق المدني في هذا الحكم بطريق النقض.. إلخ.

المحكمة
حيث إن الطاعنتين تنعيان على الحكم المطعون فيه إذ اعتبر الواقعة المسندة إلى المطعون ضده جنحة ضرب منطبقة على المادة 242/ 1 من قانون العقوبات وقضى بتغريمه عشرة جنيهات ورفض الدعوى المدنية قد شابه بطلان في الإجراءات وقصور في التسبيب وخطأ في الإسناد وانطوى على إخلال بحق الدفاع وخطأ في تطبيق القانون وفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول الطاعنتان أن المحكمة التي أصدرت الحكم لم تسمع شهود الإثبات بعد تغير الهيئة واكتفت بشهادتهم التي أدلوا بها أمام الهيئة الأولى، كما أصدرت حكمها على أساس الوصف الذي أحيلت به الدعوى باعتبار الواقعة جنحة ضرب أفضى إلى موت دون أن تفطن إلى أن الهيئة الأولى قد عدلت الوصف بجلسة 3/ 2/ 1963 إلى أن الضرب وما صحبه من انفعال نفساني ومجهود جسماني قد أدى إلى الموت وأغفلت مناقشة الوصف الجديد أو الإشارة إليه ولم تعرض للانفعال النفساني والمجهود الجسماني اللذين صحبا الحادث ومهدا للنوبة القلبية الحادة التي نجمت عنها الوفاة. ثم إن الحكم استند إلى أقوال شهود الإثبات لتأييد ما أورده في بيان واقعة الدعوى من أن المطعون ضده صفع المجني عليه على وجهه في حين أن الثابت من أقوال ثلاثة عشر شاهداً بالتحقيقات وبالجلسة أن الاعتداء لم يقتصر على مجرد الصفع وإنما تعداه إلى الضرب باليدين وبقبضتيهما وإلى طرح المجني عليه أرضاً والاستمرار في ضربه بيديه وركله بقدميه في صدره وظهره حتى أخرجه من المصنع. كما أن ما خلص إليه الحكم من أن وفاة المجني عليه حدثت ذاتياً وتلقائياً دون أن يكون لفعل المتهم دخل في إحداثها يخالف الثابت من تقرير الصفة التشريحية ومن تقريري كبير الأطباء الشرعيين والتي تضمنت أن الحالة المرضية المزمنة المتقدمة بقلب المجني عليه وشرايينه التاجية والأورطى مع الانفعال النفساني والمجهود الجسماني الذين صحبا الحادث مضافاً إليه المجهود الجسماني الذي بذله المجني عليه في السير على قدميه من مكان الحادث إلى قسم شرطة بندر شبرا كل هذه العوامل قد اشتركت في إحداث الوفاة بحيث لا يمكن إخلاء مسئولية الحادث من الإسهام في حدوثها، ثم ما خلص إليه الحكم يخالف ما استقر عليه الفقه والقضاء من مساءلة الجاني عن الضرب الذي يفضي إلى موت ولو لم يكن الضرب هو العامل الوحيد للوفاة، وإنما ساهمت فيه عوامل أخرى سابقة أو لاحقة طالما كان الضرب هو الذي حرك تلك العوامل الأخرى فأدت مجتمعة إلى حدوث الوفاة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إن المجني عليه حنا بباوى حنا كان يعمل بوظيفة رئيس قسم التحسين بمصنع مواسير سيفر الواقع بجهة بندر شبرا من أعمال محافظة القليوبية ويعمل المتهم سيمون نيقولا سيمون - المطعون ضده - مديراً لهذا المصنع وفي يوم 7 أكتوبر سنة 1960 أثناء كان المدير المذكور يتفقد سير العمل في بالمصنع وأثناء مروره بالقسم الذي يعمل به المجني عليه لاحظ تقصيراً من هذا الأخير في عمله حدا به إلى أن يلفت نظره إلى ذلك وأن ينهره فأغلظ له المجني عليه في القول مما أثار غضب المتهم فصفعه على وجهه وأمر بإجراء تحقيق إداري له فخرج المجني عليه على إثر ذلك متجهاً إلى مكتب التحقيقات بالدور العلوي فصعد بضع درجات ثم هبطها وسار مسافة طويلة إلى مبنى قسم شرطة بندر شبرا البعيدة عن المصنع منتوياً تقديم شكوى ضد المدير وما كاد يبلغ باب مركز الشرطة حتى وقع على الأرض وفارق الحياة أمام الشرطي درويش إسماعيل عبده الذي كان يقف أمام باب القسم للحراسة فأبلغ الأخير بالحادث" واستند الحكم في ثبوت الواقعة لديه على هذا النحو إلى أدلة استقاها من أقوال حسن هاشم حسن وأحمد عبد المولى الغفاري ومحمد عفيفي رزق ومحمد حسن يوسف وصابر عطيه البنداري وحسني إبراهيم مذكور وعيد إبراهيم أحمد من عمال المصنع والشرطي درويش إسماعيل عبده وإلى اعتراف المتهم. لما كان ذلك، وكانت المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 113 لسنة 1957 قد خولت للمحكمة الاستغناء عن سماع الشهود إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك، ولما كان يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن محكمة الجنايات بهيئة أخرى سمعت شهود الواقعة ولما أعيد نظرها أمام الهيئة الجديدة بحضور المتهم والمحامين عنه وعن المدعيتين بالحق المدني الطاعنتين - أثبت الدفاع اكتفاءه بتلاوة الشهود كما هي مبينة بالتحقيقات فأمرت المحكمة بتلاوتها وتليت وما دام قد ثبت أن الدفاع عن الطاعنتين قد تنازل صراحة عن سماع شهود الإثبات أمام الهيئة الجديدة فلا يجوز لهما من بعد أن تدفعا ببطلان إجراءات المحاكمة أو تنعيا على الحكم الإخلال بحق الدفاع لاستغنائه عن سماع هؤلاء الشهود. لما كان ذلك، وكان يبين من الرجوع إلى الأوراق أن الدعوى الجنائية رفعت على المطعون ضده بوصف أنه ضرب المجني عليه فأحدث به الإصابات الموضحة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته، وبجلسة 3/ 2/ 1963 لفتت المحكمة نظر الدفاع للمرافعة أيضاً على الوصف الآتي "ضرب عمداً حنا بباوى فأحدث به الأعراض الموضحة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته"، وخلصت المحكمة في حكمها إلى عدم قيام رابطة السببية بين فعل المتهم ووفاة المجني عليه وطبقت في حق المتهم الجنحة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 242 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان ما أجرته المحكمة بجلسة 3/ 2/ 1963 قد اقتصر على لفت نظر الدفاع إلى أن يتناول في مرافعته أيضاً ما نمت عنه التقارير الطبية من أن الأعراض - لا الإصابات - هي التي أودت بحياة المجني عليه مما لا يعد في حكم القانون تغييراً لوصف جناية الضرب الذي أفضى إلى الموت وإنما هو مجرد بيان لعناصرها، ولما كانت المحكمة قد انتهت - في حدود سلطتها التقديرية - إلى عدم قيام رابطة السببية بين فعل المتهم ووفاة المجني عليه واستبعدت تبعاً لذلك وصف الجناية وأسبغت على الواقعة وصفاً جديداً هو وصف الجنحة المنطبقة على المادة 242/ 1 من قانون العقوبات، فما كانت إذن بحاجة إلى أن تشير في مدونات حكمها إلى ما أجرته بالجلسة من تعديل لعناصر جناية الضرب المفضي إلى موت، من ثم فإن ما تثيره الطاعنتان في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه - عند تحصيله لواقعة الدعوى - قد أسند إلى المتهم أنه اعتدى على المجني عليه بأن صفعه على وجهه، واستند في قضائه إلى ما اطمأن إليه من أقوال شهود الواقعة، وأورد مؤدى ما حصله منها بما له سنده من أقوالهم بمحضر جلسة المحاكمة مما ينفي عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد، على أنه بفرض صحة ما تقوله الطاعنتان من مقارفة المتهم لأفعال اعتداء أخرى على المجني عليه خلاف الصفع على الوجه، فإن ذلك ليس من شأنه أن يؤثر في سلامة الحكم مادام قد انتهى في تدليل سائغ وبما له سنده من التقارير الطبية المقدمة في الدعوى إلى عدم قيام رابطة السببية بين ما وقع على المجني عليه من اعتداء - مهما تنوعت صوره وبين الوفاة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد تقرير الصفة التشريحية والتقرير الطبي الاستشاري وتقرير كبير الأطباء الشرعيين ورد الطبيب مقدم التقرير الاستشاري وتعليق كبير الأطباء الشرعيين عليه خلص إلى عدم قيام رابطة السببية بين إصابات المجني عليه ووفاته في قوله: "وحيث إن الذي يخلص للمحكمة من استقراء كافة هذه التقارير إن الأطباء المذكورين قد أكدوا بالإجماع فيما بينهم أن الإصابات التي وجدت بالمجني عليه لا تؤدي بطبيعتها لبساطتها إلى إحداث الوفاة كما أجمعوا على أن المجني عليه كان مصاباً بمرض في القلب عبارة عن تصلب واثيرومامتكلس بالشرايين التاجية وضمور القلب البني وأن هذه الحالة المرضية هي حالة مزمنة وسابقة على الحادث كما أكدوا جميعاً أنه من الممكن أن تفاجئ المريض بهذه الحالة نوبة قلبية في أي وقت تلقائياً، ولكن الخلاف بينهم قد انحصر فيما ذهب إليه كل من الطبيب الذي أجرى الصفة التشريحية وكبير الأطباء الشرعيين من ناحية والطبيب الاستشاري من ناحية أخرى من أن للحادث دخل في حدوث الوفاة.. وأن المحكمة تنتهي من كل ذلك إلى أنه ليس ثمة ما ينفي حدوث الوفاة للمجني عليه ذاتياً وتلقائياً دون أن يكون لما أتاه المتهم دخل فيها... وأن جريمة الضرب المفضي إلى الموت تتطلب علاقة السببية بين الفعل الذي يصدر عن الجاني وبين حدوث وفاة المجني عليه... وأن الفقه والقضاء قد جريا على أنه ينبغي في كل الحالات أن يثبت بوجه قاطع أن الوفاة لم تكن بسبب مرض أو ضعف شيخوخي وحدهما إذ تنتفي في ذلك السببية بغير نزاع بين فعل الجاني والوفاة بل لابد أن تكون الوفاة قد حصلت أصلاً بسبب الاعتداء وأن المرض قد لعب دوراً ثانوياً على الأقل في التعجيل بها. أما إذا كان لهذا أو لذلك الدور الفعلي لا للإصابة في إحداث الوفاة فإنه ينبغي القول بانقطاع السببية بين هذه الأخيرة وبين الوفاة. وبأن العلة في إحداث الوفاة هي المرض الطارئ دون الإصابة أو الإصابة دون المرض الطارئ مسألة موضوعية والشك فيها ينبغي أن يفسر لصالح المتهم طبقاً للقواعد العامة... ولما كان الثابت في كافة التقارير الطبية السابق بيانها أن المجني عليه كان مصاباً بمرض في القلب هو تصلب واثيرومامتكلس بالشرايين التاجية وضمور القلب البني وأن هذا المرض يؤدي ذاتياً إلى الوفاة، كما ثبت من أوراق الدعوى أن المجني عليه بعد مشاحنة مع المتهم خرج من المصنع وصعد بضع درجات إلى الدور العلوي ثم هبطها ثانية وخرج منها متوجهاً إلى قسم الشرطة الذي تفصله عن المصنع مسافة كبيرة فإنه على ضوء ما سلف من آراء طبية مجمع عليها في كل التقارير المقدمة في الدعوى لا يكون ثمة ما يمكن أن ينفي حدوث وفاة المجني عليه ذاتياً بسبب المرض الذي كان مزمناً عنده وسابقاً على وقوع الحادث كما ينفي حدوث الوفاة بسبب فعل المجني عليه نفسه وما بذله من مجهود لا قبل له به وهو يعاني في هذه الحالة المتقدمة من الضعف والمرض الأمر الذي لا يمكن معه بحال الجزم بأن الوفاة كانت نتيجة للفعل الذي قارفه المتهم أو أن ذلك الفعل قد ساهم فيها بنصيب. ولما كانت رابطة السببية - يجب أن تكون ثابتة على وجه اليقين كما سبق البيان وذلك كعنصر من عناصر المسئولية في هذه الجريمة وأن كل شك يلابسها لا بد وأن يفسر لصالح المتهم، فإن المحكمة لا ترى من هذه الظروف والملابسات أن رابطة السببية قد توافر ثبوتها ومن ثم فتكون جناية الضرب المفضي إلى الموت غير متكاملة الأركان ويكون التكليف الصحيح للجزم الذي يجب أن يساءل المتهم عنه هو أنه ضرب لم يتطلب علاجاً مما يدخل في حكم نص المادة 242/ 1 من قانون العقوبات ذلك أن تقرير الصفة التشريحية لم يثبت بالمجني عليه آثاراً تخلفت عن صفع المتهم له وكل ما أثبته من إصابات علله بالسقوط على الأرض. لما كان ما أورده الحكم تدليلاً على انتفاء قيام رابطة السببية بين فعل المتهم ووفاة المجني عليه سائغاً في العقل وسديداً في القانون ويؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه، وكانت علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الضار الذي قارفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية ما يجب أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله إذا ما أتاه عمداً، وكان ثبوت قيام هذه العلاقة من المسائل الموضوعية التي ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها، ومتى فصل في شأنها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليها ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره. لما كان ذلك وكانت العبرة في المحاكمة الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين فقد جعل القانون من سلطته أن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، وكان من المقرر أن الأحكام الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين، ومن المقرر أيضاً أن تقدير آراء الخبراء من إطلاقات محكمة الموضوع. ولما كان الحكم المطعون فيه قد استخلص مما حوته التقارير الطبية المقدمة في الدعوى أنه لا يوجد ثمة ما ينفي حدوث وفاة المجني عليه ذاتياً بسبب مرضه أو بسبب فعله نفسه وما بذله من مجهود لا قبل له به وأنه لا يمكن بحال الجزم بأن الوفاة كانت نتيجة للفعل الذي قارفه المتهم أو أن ذلك الفعل قد ساهم بنصيب فيها، وكانت الطاعنتان لا تنازعان في صحة ما نقله الحكم عن هذه التقارير، فلا يجوز لهما أن تصادرا المحكمة فيما تشككت فيه أو أن تنعيا عليها عدم أخذها بالنتيجة التي أسفرت عنها التقارير الطبية الشرعية ما دامت المحكمة قد داخلها الريبة في صحة هذه النتيجة. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع مصادرة الكفالة وإلزام الطاعنتين المصروفات المدنية.

الأربعاء، 22 أبريل 2020

الطعن 1688 سنة 9 ق جلسة 20 / 11 / 1939 مج عمر الجنائية ج 5 ق 8 ص 11

جلسة 20 نوفمبر سنة 1939
برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: حامد فهمي بك ومحمود المرجوشي باشا ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك المستشارين.
--------------
(8)
القضية رقم 1688 سنة 9 القضائية
(أ) إجراءات. 
تقرير القاضي الملخص. إثبات حصول تلاوته بمحضر الجلسة. الادعاء بعدم حصول التلاوة. سبيله. الطعن بالتزوير.
(المادة 229 تحقيق)
(ب) سب. 
عبارات السب. تحصيلها من أقوال المجني عليه والشهود والمتهم. موضوعي. وجود خلاف بين بعض هذه الأقوال وبعض. لا تأثير له فيما حصّل القاضي وقوعه من عبارات السب.
--------------
1 - متى كان ثابتاً بمحضر جلسة المحاكمة أن القاضي الملخص تلا تقرير الدعوى فإن ذلك لا يقبل معه الادعاء بعدم حصول التلاوة إلا عن طريق الادعاء بالتزوير في المحضر.
2 - إن إدانة المتهم بأنه سب المجني عليه بعبارات معينة دون غيرها من العبارات المدعاة اعتماداً على أقوال المجني عليه وأقوال شهوده وقول المتهم نفسه لا يعيبها أن يكون بين بعض هذه الأقوال وبعض زيادة أو نقص في ألفاظ السب لأن المرجع في تعرّف الحقيقة هو ما يطمئن إليه القاضي من تحصيله لفهم الواقع في الدعوى ولا رقابة عليه في ذلك لمحكمة النقض.

الطعن 1655 سنة 9 ق جلسة 27 / 11 / 1939 مج عمر الجنائية ج 5 ق 12 ص 18

جلسة 27 نوفمبر سنة 1939
برياسة حضرة حامد فهمي بك المستشار وبحضور حضرات: محمود المرجوشي باشا ومحمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك ونجيب مرقس بك المستشارين.
---------------
(12)
القضية رقم 1655 سنة 9 القضائية
دفاع شرعي. 
إباحة استعمال القوّة اللازمة للدفاع عن النفس أو عن المال. مناطها. محاولة المجني عليه حل بقرة المتهم من الساقية ليتمكن هو من إدارتها لري أرضه. اعتداء المتهم عليه. لا يعتبر دفاعاً شرعياً عن حق له.
(المواد 210 و340/ 1 و342/ 1 و3 ع = 246 و387/ 1 و389(
----------------
إن القانون يشترط في الفقرة الأولى من المادة 246 عقوبات لإباحة استعمال القوّة دفاعاً عن النفس أن يكون استعمالها لازماً لدفع كل فعل يعتبر جريمة على النفس منصوصاً عليها في قانون العقوبات، ويشترط في الفقرة الثانية لإباحة استعمال القوّة دفاعاً عن المال أن يكون استعمالها لازماً لرد كل فعل يعتبر جريمة من الجرائم المنصوص عليها في الأبواب: الثاني (الحريق عمداً) والثامن (السرقة والاغتصاب) والثالث عشر (التخريب والتعييب والإتلاف) والرابع عشر (انتهاك حرمة ملك الغير) من الكتاب الثاني، وكذلك في المادة 387 فقرة أولى (الدخول في أرض مهيأة للزرع إلخ) وفي المادة 389 فقرة أولى وثالثة (إتلاف المنقولات ورعي المواشي بأرض الغير) من قانون العقوبات. فإذا كان كل ما وقع من المجني عليه هو أنه حاول حل بقرة المتهم من الساقية ليتمكن من إدارتها لري أطيانه فإن اعتداء المتهم عليه لردّه عن ذلك لا يعتبر دفاعاً شرعياً عن حقه في إدارة الساقية إتماماً لري أرضه، لأن هذا الحق ليس مما تصح المدافعة عنه باستعمال القوّة.

الطعن 411 لسنة 34 ق جلسة 5 / 10 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 ق 108 ص 552


جلسة 5 من أكتوبر سنة 1964
برياسة السيد المستشار/ أديب نصر، وبحضور السادة المستشارين: مختار رضوان، ومحمد عبد الوهاب خليل، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ومحمود عزيز الدين سالم.
-------------
(108)
الطعن رقم 411 لسنة 34 القضائية

سرقة. "سرقة في طريق عمومي". ظروف مشددة.
تشديد العقوبة على السرقات التي تقع في الطرق العمومية. الحكمة منه: تأمين المواصلات. توافر هذه الحكمة سواء وقعت السرقة على المجني عليه من لصوص انقضوا عليه في عرض الطريق أو من لصوص رافقوه منذ البداية.

--------------
الحكمة من تشديد العقوبة على السرقات التي تقع في الطرق العمومية هي تأمين المواصلات، وهذه الحكمة تتوافر سواء وقعت السرقة على المجني عليه من لصوص انقضوا عليه في عرض الطريق أو من لصوص رافقوه منذ البداية.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم في ليلة أول مايو سنة 1961 بدائرة قسم التل الكبير محافظة الإسماعيلية: شرعوا في قتل شعبان أمين أيوب عمداً ومع سبق الإصرار، بأن عقدوا العزم على قتله وأعدوا لذلك سلاحاً "سكيناً" واستدرجوه إلى الطريق العام فلما ظفروا به أمسكه المتهم الثاني من رقبته وطعنه المتهم الأول بالسكين قاصدين من ذلك قتله فحدث به الإصابة الموضحة بالتقرير الطبي الشرعي والتي نفذت إلى التجويف الصدري البلوري وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو مداركة المجني عليه بالعلاج، وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنهم في الزمان والمكان سالفي الذكر سرقوا السيارة والأشياء المبينة وصفاً وقيمة بالمحضر والمملوكة لشعبان أمين يوسف وشعبان إمبابي حالة كون المتهم الأول يحمل سلاحاً "سكيناً" وكان ذلك في الطريق العمومي الموصل بين مدينتي الإسماعيلية والتل الكبير. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالة المتهمين على محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 45 و46 و234/ 3 و315/ 1 من قانون العقوبات. فقررت الغرفة ذلك. ومحكمة جنايات الإسماعيلية قضت حضورياً بتاريخ 18 ديسمبر سنة 1962 عملاً بالمادة 315/ 1 و2 و3 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين الأول والثاني بالأشغال الشاقة المؤبدة والثالث والرابع بالأشغال الشاقة خمس عشرة سنة وذلك بعد أن استبعدت المحكمة في حق المتهمين تهمة الشروع في القتل. فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
من حيث إن الطاعنين من الثاني للأخير، وإن قرروا بالطعن في الميعاد إلا أنهم لم يقدموا أسباباً لطعنهم، ومن ثم يكون الطعن المقدم منهم غير مقبول شكلاً.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الأول قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن الأول على الحكم المطعون فيه هو أنه إذ دانه بجريمة سرقة بإكراه بالطريق العام طبقاً لنص المادة 315 من قانون العقوبات، قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه لما كانت الحكمة من هذا النص هي تأمين المواصلات وتأمين الناس في انتقالهم من بلدة لأخرى، فإنه يجب لانطباقه أن يعترض الجناة المجني عليه في الطريق العام ويأخذون منه المال كرهاً، وهو أمر لم يتوفر في واقعة الدعوى، إذ الثابت منها أن أحداً لم يعترض المجني عليه في طريقه بل كان الجناة يستقلون معه السيارة وقت مقارفتهم الجريمة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مفاده أن الطاعن وباقي الجناة تظاهروا باستئجار سيارة المجني عليه، وما أن سارت بهم ليلاً في الطريق العام بدائرة التل الكبير حتى أمسك واحد منهم برقبة المجني عليه وضربه الطاعن بسكين في صدره لشل مقاومته فحدثت به إصابة أفقدته الوعي، وعلى أثر ذلك تخلصوا منه واستولوا على السيارة وأشياء أخرى، ثم أورد الحكم على ثبوت واقعة لديه هذا النحو أدلة من شأنها أن تؤدي إليها وخلص إلى إدانة الطاعن وباقي الجناة طبقاً لنص المادة 315 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان مسلماً أن الحكمة في تشديد العقوبة على السرقات التي تقع في الطرق العمومية هي تأمين المواصلات، فإنه لا مشاحة كذلك في أن هذه الحكمة تتوافر سواء وقعت السرقة على المجني عليه من لصوص انقضوا عليه في عرض الطريق أو من لصوص رافقوه منذ البداية. ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه حين أعمل المادة 315 من قانون العقوبات بعد إذ ثبت توافر كافة العناصر القانونية للجريمة التي نصت عليها، يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً، ويكون الطعن بالتالي على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 1 لسنة 34 ق جلسة 30 / 11 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 نقابات ق 2 ص 549


جلسة 30 من نوفمبر سنة 1964
برياسة السيد الأستاذ توفيق الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد صبري، وقطب فراج، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ومحمد نور الدين عويس.
------------
(2)
الطعن رقم 1 لسنة 34 صحافة

صحافة. "نقابة الصحفيين". عملية الانتخاب. "انتخاب أعضاء مجلس النقابة والنقيب".
عملية الانتخاب بنقابة الصحفيين تتم على مرحلتين متعاقبتين تباشرهما الجمعية العمومية: (الأول) بانتخاب أعضاء مجلس النقابة. (والثانية) بانتخاب النقيب من بين أعضاء المجلس، وتبدأ بعد إعلان نتيجة المرحلة الأولى.
بدء انعقاد الجمعية العمومية صحيحاً. انصراف بعض الحاضرين من الأعضاء عقب الانتخاب الأول وقبل إجراء الانتخاب الثاني أو امتداد وقت الانتخاب إلى ما بعد منتصف الليل. لا عيب في الانتخاب. ولا بطلان في إجراءات انتخاب النقيب.

---------------
مؤدى نصوص المواد 41، 43 من القانون رقم 185 لسنة 1955 بشأن نقابة الصحفيين و15 من القرار الوزاري رقم 195 لسنة 1955 الخاص باعتماد اللائحة الداخلية لنقابة الصحفيين أن عملية الانتخاب تتم على مرحلتين متعاقبتين تباشرهما الجمعية العمومية الأولى بانتخاب أعضاء مجلس النقابة، والثانية - وتبدأ بعد إعلان نتيجة المرحلة الأولى - بانتخاب النقيب من بين أعضاء مجلس النقابة. فعملية انتخاب النقيب إذن ليست إلا استمرار لعملية انتخاب أعضاء مجلس النقابة. وما دام الطاعن لا ينازع في أن انعقاد الجمعية العمومية قد بدأ صحيحاً متفقاً مع حكم القانون، فإن انصراف بعض الحاضرين من الأعضاء عقب انتخاب أعضاء مجلس النقابة وقبل الانتخاب الخاص بمركز النقيب أو امتداد وقت الانتخاب إلى ما بعد منتصف الليل ليس فيهما ما يعيب الانتخاب أو يبطل إجراءات انتخاب النقيب.


الوقائع
بتاريخ 16 يونيه سنة 1964 طعن الطاعن - بتقرير في قلم كتاب المحكمة على القرار الصادر من الجمعية العمومية للصحفيين في 29 مايو سنة 1964 بانتخاب النقيب وأودع معه في اليوم نفسه تقريرين بأسباب طعنه موقعاً عليهما منه ومن آخرين.

المحكمة
من حيث إن الطعن قد استوفى الأوضاع الشكلية المنصوص عليها في المادة 45 من القانون رقم 185 لسنة 1955 الخاص بنقابة الصحفيين.
وحيث إن مبنى الطعن هو بطلان انتخاب النقيب لإجرائه في غير الموعد المحدد ولعدم تكامل العدد القانوني للجمعية العمومية وقت مباشرة الانتخاب، ذلك بأن انتخاب النقيب إنما تم بعد الساعة الثالثة من صباح يوم 30 مايو سنة 1964 أي بعد أن انتهى اليوم المحدد للانتخاب. وهو يوم 29 مايو سنة 1964 مما ترتب عليه - لتأخر الوقت - انصراف غالبية الأعضاء الذين توافر بهم النصاب القانوني لانعقاد الجمعية العمومية وحرمانهم من ممارسة حقهم في انتخاب النقيب.
وحيث إن المادة 41 من القانون رقم 185 لسنة 1955 الخاص بنقابة الصحفيين نصت "يكون للنقابة مجلس مؤلف من اثنى عشر عضواً مضت على قيدهم بالجدول العام ثلاث سنوات على الأقل تنتخبهم الجمعية العمومية بالاقتراع السري وإذا تساوت الأصوات اقترع بينهم عند الاقتضاء. ومدة العضوية في مجلس النقابة سنتان ويجوز إعادة انتخاب الأعضاء وتنتهي كل سنة عضوية نصف أعضاء المجلس ويقترع في نهاية السنة الأولى بين الأعضاء لإنهاء عضوية ستة منهم". ونصت المادة 43 من هذا القانون "تنتخب الجمعية العمومية كل سنة النقيب من بين أعضاء مجلس النقابة ويكون انتخابه بالاقتراع السري وبالأغلبية المطلقة لأصوات الحاضرين". كما نصت المادة 15 من القرار الوزاري رقم 195 لسنة 1955 الخاص باعتماد اللائحة الداخلية لنقابة الصحفيين: "تبدأ عملية انتخاب النقيب بعد إعلان نتيجة أعضاء المجلس" ومؤدى نصوص هذه المواد أن عملية الانتخاب تتم على مرحلتين متعاقبتين تباشرهما الجمعية العمومية الأولى بانتخاب أعضاء مجلس النقابة، والثانية - وتبدأ بعد إعلان نتيجة المرحلة الأولى - بانتخاب النقيب من بين أعضاء مجلس النقابة، فعملية انتخاب النقيب إذن ليست إلا استمراراً لعملية انتخاب أعضاء مجلس النقابة، وما دام الطاعن لا ينازع في أن انعقاد الجمعية العمومية قد بدأ صحيحاً متفقاً مع حكم القانون، فإن انصراف بعض الحاضرين من الأعضاء بفرض ما يقوله الطاعن - عقب انتخاب - أعضاء مجلس النقابة وقبل الانتخاب الخاص بمركز النقيب أو امتداد وقت الانتخاب إلى ما بعد منتصف الليل ليس فيهما ما يعيب الانتخاب أو يبطل إجراءات انتخاب النقيب. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 727 لسنة 46 ق جلسة 28 / 11 / 1976 مكتب فني 27 ق 209 ص 922


جلسة 28 من نوفمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار جمال صادق المرصفاوي رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أحمد فؤاد جنينة، ويعيش محمد رشدي، وأحمد موسى، وأحمد طاهر خليل.
------------
(209)
الطعن رقم 727 لسنة 46 القضائية

مواد مخدرة. إثبات. "بوجه عام". حكم. تسبيبه. "تسبيب غير معيب".
كفاية الشك في صحة إسناد التهمة إلى المتهم سندا للبراءة، متى أحاطت المحكمة بالدعوى عن بصر وبصيرة. وخلا حكمها من عيوب التسبيب.
إغفال الحكم القاضي ببراءة المتهم من تهمة إحراز مخدر مناقشة الدليل المستمد من كل قطعة أو فئات من المخدر المضبوط لا يعيبه متى أقيم على الشك في صحة واقعة الضبط برئها.

-----------
من المقرر أن حسب محكمة الموضوع أن تتشكك في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي تقضي بالبراءة ما دامت قد احاطت بالدعوى عن بصر وبصيرة وخلا حكمها من عيوب التسبيب - إذ مرجع الأمر في ذلك إلى مبلغ اطمئنانها في تقدير الأدلة - وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد أحاطت بواقعة الدعوى وألمت بأدلة الثبوت فيها، وأن الأسباب التي ساقها الحكم من شأنها أن تؤدى في مجموعها إلى ما رتب عليها من شك في صحة إسناد التهمة إلى المطعون ضده، ومن ثم فإن ما تخوض فيه الطاعنة من مناقشة كل سبب منها على حدة لا يعدو - في حقيقته - أن يكون جدلا موضوعيا حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها هي إليها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما تعيبه الطاعنة على الحكم من أنه لم يدل برأيه في الدليل المستمد من باقي قطعة الحشيش الكبيرة - الذى لم يرسل للتحليل - ومن فئات الحشيش دون الوزن التي وجدت عالقة بشفرة الحلاقة، مردودا بأن قضاء الحكم - على ما كشف عنه منطقه - قد أقيم في جملته على الشك في صحة واقعة الضبط برمتها، فلم تعد بالحكم حاجة - من بعد - إلى مناقشه الدليل المستمد من كل قطعة بعينها أو فئات من الجواهر محل هذا الضبط. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه بدائرة مركز السنبلاوين محافظة الدقهلية: أحرز بقصد الاتجار جواهر مخدرة (أفيونا وحشيشا) في غير الأحوال المصرح بها قانونا وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بقرار الإحالة. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضوريا ببراءة المتهم مما أسند إليه والمصادرة. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض. وبتاريخ 6 مايو سنة 1974 قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه واحالة القضية إلى محكمة جنايات المنصورة لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضوريا (بدائرة أخرى) ببراءة المتهم مما أسند إليه والمصادرة. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.

المحكمة
حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة إحراز جواهر مخدرة بقصد الاتجار، قد شابه قصور وفساد في الاستدلال. ذلك بأنه أسس قضاءه على أنه ليس من المستساغ على حد رواية الشاهدين أن يترك المطعون ضده باب الحجرة - التي كان يجلس فيها محرزا الجواهر المخدرة المضبوطة - وباب مسكنه غير مغلقين ولا أن يقر لشاهدي الإثبات بإحرازه جزءا من هذه الجواهر دون الآخر، هذا إلى ثبوت خلو جيبه - الذى شهدا بضبط قطعة الحشيش الكبيرة فيه - من آثار أية مادة يشتبه فيها واختلاف أوزان الجواهر المرسلة للتحليل عما أثبت بشأنها في شهادة الوزن. في حين أن ترك الأبواب غير مغلقة وصدور الإقرار للشاهدين مقصورا على جزء من الجواهر المضبوطة لا يتنافر - كلاهما - مع مقتضيات العقل والمنطق، ومع أنه لا يلزم بالضرورة - ولو لم يكن المخدر مغلقا - أن تتخلف عنه آثار بالجيب الذى ضبط فيه. وأما اختلاف أوزان الجواهر - المشار إليه في الحكم - فليس من شأنه أن يؤدى إلى التشكيك في أنها هي بذاتها التي ضبطت مع المطعون ضده، ومن ثم فقد كان على المحكمة - وقد ساورها هذا الشك - أن تجرى تحقيقا بشأنه، وأن تستجلى حقيقة الأمر بالنسبة لباقي قطعة الحشيش الكبيرة - التي لم يرسل للتحليل، مع سائر الجواهر المضبوطة، سوى عينة منها لتدلى برأيها في الدليل المستمد منها. كل ذلك بالإضافة إلى أن الحكم قد التفت عن فتات الحشيش دون الوزن التي وجدت عالقة بشفرة الحلاقة المضبوطة مع المطعون ضده فلم يقل كلمته كذلك في الدليل المستمد من هذه الواقعة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض أدلة الثبوت - التي استندت إليها سلطة الاتهام - والتي تنحصر في أقوال رئيس قسم مكافحة المخدرات والشرطي السرى الذى رافقه وقت الضبط وفى شهادة وزن الجواهر المخدرة المضبوطة وتقرير التحليل، أفصح عن عدم اطمئنانه إلى سلامة هذه الأدلة وخلص في أنها محاطة بالشك والريبة لأسباب عددها، حاصلها أنه ليس من المستساغ قول الشاهدين، مع كبر كمية الجواهر التي قيل بضبطها، ان يقبع المطعون ضده - الذى وصفه الشاهدان بأنه من تجار المخدرات الذين سبق ضبطهم في قضايا - في حجرة بمسكنه، وهو يحمل في جيوبه تلك الكمية، تاركا - دون حرص وحذر - بابي الحجرة والمسكن غير مغلقين، ولا أن يقر لهما عندما فوجئ بدخولهما الحجرة إحرازه جزءا من هذه الجواهر، وشفرة الحلاقة الملوثة بالحشيش، دون الجزء الآخر. هذا إلى ما كشف عنه تقرير التحليل من خلو جيبه - الذى شهدا بضبط قطعة الحشيش الكبيرة فيه - من آثار أية مادة يشبه فيها، مع أن هذه القطعة كانت - وفق الثابت بالتحقيق - عارية من أحد جوانبها، وإلى اختلاف الأوزان الواردة بتقرير التحليل عن تلك المثبتة بشهادة الوزن - إذ ورد بالتقرير أن وزن قطعة الأفيون 35 جم، والعينة المأخوذة من قطعة الحشيش الكبيرة 2.98، وقطعة الحشيش الصغيرة 85 جم، بينما أثبت بالشهادة أن وزن قطعة الأفيون 800 ملليجرام، وعينه الحشيش 3.300 جم وقطعة الحشيش الصغيرة جرام واحد - مع أن كل قطعة من هاتين القطعتين وكذلك العينة كانت مغلفة وبالتالي غير معرضة لعوامل الجفاف، ولم يمض بين تحريزها وتحليلها سوى ثمانية عشر يوما فقط. لما كان ذلك. وكان من المقرر أن حسب محكمه الموضوع أن تتشكك في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي تقضي بالبراءة ما دامت قد أحاطت بالدعوى عن بصر وبصيرة وخلا حكمها من عيوب التسبيب - إذ مرجع الأمر في ذلك إلى مبلغ اطمئنانها في تقدير الأدلة - وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد أحاطت بواقعة الدعوى وألمت بأدلة الثبوت فيها، وأن الأسباب التي ساقها الحكم - على النحو المتقدم - من شأنها أن تؤدى في مجموعها إلى ما رتب عليها من شك في صحة إسناد التهمة إلى المطعون ضده، ومن ثم فإن ما تخوض فيه الطاعنة من مناقشة كل سبب منها على حدة لا يعدو - في حقيقته - أن يكون جدلا موضوعيا حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها هي إليها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان ما تعيبه الطاعنة على الحكم من أنه لم يدل برأيه في الدليل المستمد من باقي قطعة الحشيش الكبيرة - الذى لم يرسل للتحليل - ومن فتات الحشيش دون الوزن التي وجدت عالقة بشفرة الحلاقة، مردودا بأن قضاء الحكم - على ما كشف عنه منطقه - قد أقيم في جملته على الشك في صحة واقعة الضبط برمتها، فلم تعد بالحكم حاجة - من بعد - إلى مناقشة الدليل المستمد من كل قطعة بعينها أو فئات من الجواهر محل هذا الضبط. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

الطعن 781 لسنة 46 ق جلسة 29 / 11 / 1976 مكتب فني 27 ق 210 ص 926


جلسة 29 من نوفمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد صلاح الدين الرشيدي، وقصدي إسكندر عزت، واسماعيل محمود حفيظ، وفاروق راتب.
------------
(210)

الطعن رقم 781 لسنة 46 القضائية

استئناف. "نظره والحكم فيه". "سقوطه". إعلان.

سقوط استئناف المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية إذا لم يتقدم للتنفيذ قبل يوم الجلسة. مناطه أن يكون عالما بالجلسة. لا يغني عن هذا العلم علم وكيله.

-----------

لما كانت المادة 412 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه "يسقط الاستئناف المرفوع من المتهم المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية واجبة النفاذ إذا لم يتقدم للتنفيذ قبل الجلسة. ويجب لكى يسأل المحكوم عليه عن عدم تقدمه للتنفيذ قبل الجلسة المحددة لنظر الاستئناف أن يكون عالما بتاريخ هذه الجلسة إما بتوقيعه بنفسه على تقرير الاستئناف بما يفيد هذا العلم أو بإعلانه به ولا يغنى عن اعلانه علم وكيله الذى قرر بالاستئناف نيابة عنه لأن علم الوكيل بالجلسة لا يفيد حتما علم الأصيل الذى لم يكن حاضرا وقت التقرير بالاستئناف.



الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجنحة رقم 836 لسنة 1970 بأنه بدائرة مركز بيلا محافظة كفر الشيخ (أولا) تسبب خطأ في موت...... وكان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم احترازه وعدم مراعاته القوانين واللوائح بأن قاد سيارة بسرعة وبحالة ينجم عنها الخطر ولم ينتبه للطريق فصدم المجنى عليه فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياته. وطلبت عقابه بالمادة 238/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1 و2 و7 و88 و90 من القانون رقم 449 لسنة 1955 وقرار الداخلية. ومحكمة جنح بيلا الجزئية قضت غيابيا عملا بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لإٌيقاف التنفيذ. عارض، وقضى بقبول المعارضة شكلا ورفضها موضوعا وتأييد الحكم المعارض فيه. فاستأنف المتهم هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 1744 لسنة 1973 ومحكمة كفر الشيخ الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت غيابيا بسقوط الاستئناف. عارض، وقضى في معارضته بقبولها وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. وطعن الأستاذ ..... المحامي بصفته وكيلا عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض وقدم تقريرا بالأسباب موقعا عليه من الاستاذ ....... المحامي.


المحكمة
من حيث أن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى برفض معارضته وتأييد الحكم الغيابي الاستئنافي الصادر بسقوط استئنافه لأنه لم يتقدم لتنفيذ العقوبة المقيدة للحرية المحكوم بها عليه على الرغم من أنه لم يعلن بالجلسة المحددة لنظر استئنافه مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث أنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن الحكم الغيابي الاستئنافي بعد أن أثبت في ديباجته أن الطاعن قرر بالاستئناف بواسطة وكيل عنه قضى بسقوط الاستئناف على أساس أنه لم يحضر الجلسة رغم علمه بها من تقريره بالاستئناف وإنه لم يتقدم لتنفيذ العقوبة المقيدة للحرية المحكوم بها عليه أو يسدد الكفالة لوقف التنفيذ قبل جلسة نظر الاستئناف. وقد عارض الطاعن في هذا الحكم وقضى الحكم المطعون فيه بتأييده لأسبابه. لما كان ذلك، وكانت المادة 412 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "يسقط الاستئناف المرفوع من المتهم المحكوم عليه بعقوبة مقيده للحرية واجبة النفاذ إذا لم يتقدم للتنفيذ قبل الجلسة. ويجب لكى يسأل المحكوم عليه عن عدم تقدمه للتنفيذ قبل الجلسة المحددة لنظر الاستئناف أن يكون عالما بتاريخ هذه الجلسة إما بتوقيعه بنفسه على تقرير الاستئناف بما يفيد هذا العلم أو بإعلانه به ولا يغنى عن إعلانه علم وكيله الذى قرر بالاستئناف نيابة عنه لأن علم الوكيل بالجلسة لا يفيد حتما علم الأصيل الذى لم يكن حاضرا وقت التقرير بالاستئناف. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الاستئنافي الذى قضى بسقوط استئناف الطاعن استنادا إلى أنه لم يتقدم للتنفيذ قبل الجلسة واستنادا إلى علمه بتاريخ الجلسة من تقريره بالاستئناف في حين أنه قد أثبت في ديباجته أن تقرير الطاعن بالاستئناف كان بواسطة وكيل عنه ولا يستفاد علمه بتاريخ هذه الجلسة من توقيع وكيله على تقرير الاستئناف، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بما يوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 808 لسنة 46 ق جلسة 12 / 12 / 1976 مكتب فني 27 ق 211 ص 929


جلسة 12 من ديسمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار حسن على المغربي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ يعيش محمد رشدي، وأحمد طاهر خليل، ومحمد وجدى عبد الصمد، ومحمد فاروق راتب.
-------------
(211)
الطعن رقم 808 لسنة 46 القضائية

 (1)مواد مخدرة. قصد جنائي. جريمة. "أركانها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التحقق من علم المتهم بكنه المادة المضبوطة. موضوعي. ما دام سائغا.
(2) مواد مخدرة. جلب. قصد جنائي. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
معنى جلب المخدر في حكم القانون رقم 182 لسنة 1960.
متى يلتزم الحكم بالتحدث عن القصد من جلب المخدر ؟

---------------
1 - لما كان تقصى العلم بحقيقة الجوهر المخدر هو من شؤون محكمة الموضوع، وحسبها في ذلك أن تورد من الوقائع والظروف ما يكفى في الدلالة على توافره بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي، وإذ كانت المحكمة قد استظهرت من ظروف الدعوى وملابساتها - علم الطاعن بكنه الجوهر المخدر المضبوط داخل الأنابيب، وردت - في الوقت ذاته - على دفاعه في هذا الخصوص ردا سائغا في العقل والمنطق، يتحقق به توافر ذلك العلم في حقه - توافر فعليا - فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض.
2 - لما كان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة جلب الجوهر المخدر التي دان الطاعن بها وأقام على ثبوتها في حقه أدلة من شانها أن تؤدى إلى ما رتب عليها، فلا عليه - من بعد - إن هو لم يعرض للتحدث عن قصده من هذا الجلب، لما هو مقرر من أن الجلب - في حكم القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها - الذى يحكم واقعة الدعوى، إنما يمتد إلى كل واقعة يتحقق بها نقل الجواهر المخدر من خارج جمهورية مصر العربية وإدخالها إلى المجال الخاضع لاختصاصها الإقليمي على خلاف الأحكام المنظمة لذلك في هذا القانون - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقريره - إذ الجلب بطبيعته لا يقبل تفاوت القصود، ولا يلزم الحكم بالتحدث عن القصد إلا إذا كان الجوهر المخدر المقول بجلبه لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي أو دفع المتهم بقيام قصد التعاطي لديه أو لدى من نقل لحسابه، وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها يشهد له بذلك.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 12 نوفمبر سنة 1970 بدائرة قسم الميناء محافظة الإسكندرية، جلب جوهرا مخدرا (حشيشا) إلى جمهورية مصر العربية دون الحصول على ترخيص كتابي بذلك من الجهة الإدارية المختصة. وطلبت من مستشار الاحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و2 و3 و33/ أ و36 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 12 من الجدول رقم (1) المرفق، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام والمادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه ثلاثة آلاف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة جلب جوهر مخدر قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، كما أخطأ في القانون. ذلك بأنه ساق للتدليل على علم الطاعن بحقيقة الجوهر المضبوط ما لا يكفى لتوافر هذا العلم في حقه، ورد على دفاعه في هذا الخصوص بما لا يصلح ردا هذا إلى خطئه في معنى الجلب خطأ أدى به إلى إغفال استظهار قصد الاتجار.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أن الطاعن قدم من بيروت إلى ميناء الاسكندرية وأثناء قيام مساعدة مأمور الجمرك بتفتيش أمتعته، عثرت بداخل حقيبة منها على عشرة أنابيب معجون تحوى مخدر الحشيش. وإذ واجهته بذلك، فقد أقر بأنه تسلم عشرين أنبوبة من آخر وسلم عشرا منها إلى طفل من ركاب الباخرة للخروج بها من الجمرك. ولما أنبأت أحد الضباط بهذه الواقعة وتمكن من ضبط الطفل وتولت هي تفتيش حقيبته، عثرت بداخلها على تسع أنابيب معجون قال الطفل إن الطاعن كلفه الخروج بها وتبين أنها تحوى بدورها مخدر الحشيش وأنها من النوع المضبوط ذاته. وبعد أن ساق الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة مستقاة من شهادة مساعدة مأمور الجمرك والضابط المشار إليه ومن اعتراف الطاعن في التحقيق بإحضاره الأنابيب من بيروت وبتسليمه إلى الطفل ما ضبط معه منها، ومن أقوال هذا الطفل وتقرير التحليل والمحضر الذى أسفر عن أن المخدر زنته 588.7 جراما، عرض إلى دفاع الطاعن - القائم على أنه تسلم الأنابيب من آخر في بيروت وهو يجهل ما بداخلها وكان يهدف من الاستعانة بالطفل التخلص من دفع مبلغ كبير من الرسوم الجمركية - ورد عليه بقوله: "وحيث إن دفاع المتهم - الطاعن - مردود بما هو ثابت من التحقيقات أن المتهم إذ سئل في تحقيق النيابة عن المدعو .... الذى زعم أنه سلم إليه هذه الأنابيب لنقلها للإسكندرية قرر أنه جارى البحث عنه والاستدلال على اسمه الحقيقي ومحل إقامته، مما تستظهر منه المحكمة أن هذا الاسم الذى قاله المتهم هو اسم وهمى إذ لا يعقل أن يحمل المتهم التسع عشرة أنبوية التي ضبط بها المخدر الحشيش لينقلها لحساب شخص لا يعرفه معرفة حقيقية ولا يعرف محل إقامته الذى سيسلم فيه هذه الأشياء ويستفاد منه علم المتهم بكنه المخدر الموجود في الأنابيب المذكورة فأراد أن ينسبها لشخص لم يستطع الإرشاد عنه وثبت بإقراره أنه لا وجود له. يضاف إلى ذلك أن التسع عشرة أنبوبة لو كانت بها معجون أسنان أو معجون حلاقة فإنه لا يحصل عليها رسوم جمركية كبيرة كما يدعى المتهم التى تدعوه إلى إعطاء تسع أنابيب منها للطفل للخروج بها من الجمرك الأمر الذى يستفاد منه علم المتهم بكنه المخدر الموجود بهذه الأنابيب وأنه حاول اخراج جزء منها مع الطفل المذكور واستبقى جزء معه حتى لا يلفت النظر بكثرة الأنابيب فيقوم مأمور الجمرك بفتحها فيكشف كنه المخدر الذى بها. هذا علاوة على أن المتهم قرر أن صناعته بحار على البواخر التجارية وهذا الشخص له من الدراية والتجربة ما يدعوه إلى الحرص فلا يستساغ أن يحمل شيئا لينقله لشخص دون أن يعلم كنه ما بداخل الأنابيب المضبوطة وأن بداخلها مخدر "الحشيش". لما كان ذلك، وكان تقصى العلم بحقيقة الجوهر المخدر هو من شئون محكمة الموضوع، وحسبها في ذلك أن تورد من الوقائع والظروف ما يكفى في الدلالة على توافره بما لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي، وإذ كانت المحكمة قد استظهرت من ظروف الدعوى وملابساتها - على النحو المتقدم بيانه - علم الطاعن بكنه الجوهر المخدر المضبوط داخل الأنابيب، وردت - في الوقت ذاته - على دفاعه في هذا الخصوص ردا سائغا في العقل والمنطق، يتحقق به توافر ذلك العلم في حقه - توافر فعليا - فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولا المجادلة في تقديرها أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة جلب الجوهر المخدر التي دان الطاعن بها وأقام على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها، فلا عليه - من بعد - إن هو لم يعرض للتحدث عن قصده من هذا الجلب، لما هو مقرر من أن الجلب - في حكم القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها - الذى يحكم واقعة الدعوى - إنما يمتد إلى كل واقعة يتحقق بها نقل الجواهر المخدرة من خارج جمهورية مصر العربية وإدخالها إلى المجال الخاضع لاختصاصها الإقليمي على خلاف الأحكام المنظمة لذلك في هذا القانون - وهو ما لم يخطئ الحكم في تقريره - إذ الجلب بطبيعته لا يقبل تفاوت القصود، ولا يلزم الحكم بالتحدث عن القصد إلا إذا كان الجوهر المخدر المقول بجلبه لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي أو دفع المتهم بقيام قصد التعاطي لديه أو لدى من نقل لحسابه، وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها يشهد له بذلك - وهو ما لم يتحقق في الدعوى المماثلة - لما كان ما تقدم - فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

الطعن 826 لسنة 46 ق جلسة 13 / 12 / 1976 مكتب فني 27 ق 212 ص 934


جلسة 13 من ديسمبر سنة 1976
برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ قصدي إسكندر عزت، ومحمد صفوت القاضي، ومحمد عبد الحميد صادق، ومحمد على بليغ.
---------------
(212)
الطعن رقم 826 لسنة 46 القضائية

1)،2 ) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(1) حق محكمة الموضوع في تبين حقيقة الواقعة وردها إلى صورتها الصحيحة. التي تستخلصها من جماع الأدلة المطروحة عليها.
 (2)عدم التزام المحكمة بالأخذ بالأدلة المباشرة فقط. حقها في استخلاص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة ولو كانت غير مباشرة. متى كان ذلك لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطق.
(3) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". زنا. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
المادة 276 من قانون العقوبات. بيانها الأدلة التي يقتضيها القانون في حق شريك الزوجة المتهمة بالزنا. عدم اشتراط أدلة خاصة بالزوجة. مرجع الأمر للقواعد العامة. واقتناع القاضي.
 (4)دفاع . "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بتتبع المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي.
(5) محكمة استئنافية ."إجراءات نظرها الدعوى والحكم فيها". إثبات. "شهود".
محكمة ثاني درجة. تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق. لها
أن تجرى من التحقيقات ما ترى لازما لإجرائه.
(6) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات . "شهود".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
(7) إثبات. "شهود". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل" حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تناقض أقوال الشهود. بفرض وقوعه. لا يعيب الحكم. ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم ومن باقي الأدلة استخلاصا سائغا لا تناقض فيه.

---------------
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تتبين حقيقة الواقعة وتردها إلى صورتها الصحيحة التي تستخلصها من جماع الأدلة المطروحة عليها.
2 - المحكمة ليست مطالبة بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة - بل لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة ولو كانت غير مباشرة، متى كان ما حصله الحكم من هذه الأدلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطق.
3 - من المقرر أيضا أن المادة 276 من عقوبات إنما تكلمت في الأدلة التي يقتضيها القانون في حق شريك الزوجة المتهمة بالزنا، أما الزوجة نفسها فلم يشترط القانون بشأنها أدلة خاصة بل ترك الأمر في ذلك للقواعد العامة، بحيث إذا اقتنع القاضي من أي دليل أو قرينة بارتكابها الجريمة فله التقرير بإدانتها وتوقيع العقاب عليها.
4 - المحكمة لا تلتزم بتعقب المتهم في كل جزئية يثيرها في مناحي دفاعه الموضوعي للرد عليها استقلالا إذ في قضائها بالإدانة استنادا إلى الأدلة التي أوردتها ما يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
5 - محكمة الدرجة الثانية وإن كانت تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق إلا أن لها أن تجرى من التحقيقات ما ترى لزوما لإجرائه واستكمال ما كان يجب على محكمة أول درجة إجراؤه، وإذ ما كان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة أول درجة أن المدعى بالحقوق المدنية قد تمسك بسماع شهادة.... إلا أن المحكمة لم تجبه إلى هذا الطلب فعاود التمسك به أمام المحكمة الاستئنافية التي أجابته إلى طلبه واستمعت إلى شاهده فلا جناح عليها في ذلك ولا تثريب عليها إن هي عولت من بعد على شهادته لما هو مقرر من أن القانون قد جعل من سلطة قاضى الموضوع أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلا لحكمه.
6 - وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
7 - التناقض بين أقوال شاهدين - بفرض قيامه - لا يعيب الحكم ما دام استخلص الإدانة من أقوالهما ومن باقي الأدلة التي عولت عليها استخلاصا سائغا لا تناقض فيه.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة في قضية الجنحة رقم 8820 لسنة 1970 كلا من ..... (الطاعنة) و(2)..... بأنهما في يوم 12 من نوفمبر سنة 1970 بدائرة قسم روض الفرج محافظة القاهرة: ارتكبا معا جريمة الزنا حالة كون المتهمة الأولى متزوجة من..... مع علم الثاني بقيام الزوجية، وطلبت عقابهما بالمادتين 274 و275 من قانون العقوبات. وادعى...... مدنيا قبل المتهمين بمبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض والمصاريف والأتعاب. ومحكمة جنح روض الفرج الجزئية قضت حضوريا عملا بالمادة 376 من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 55 و56 من القانون ذاته بحبس كل من المتهمين ثلاثة شهور مع الشغل وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من صيرورة هذا الحكم نهائيا وألزمت المتهمين بأن يدفعا متضامنين للمدعى بالحقوق المدنية مبلغ مائتي جنيه تعويضا عما لحقه من أضرار والمصاريف المدنية المناسبة وثلاثة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة وبلا مصاريف جنائية. فاستأنف المتهمان هذا الحكم وقيد استئنافهما برقم 2800 سنة 1972. ومحكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض وقدم الاستاذ ...... المحامي عنها تقريرا بالأسباب موقعا عليه منه.

المحكمة
من حيث أن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث أن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنة بجريمة الزنا قد شابه قصور في التسبيب وخطأ في الإسناد وفساد في الاستدلال، ذلك بأنه استخلص حصول الوطء بينها وبين المتهم الآخر استخلاصا غير سائغا لا تؤدى إليه ظروف الدعوى وملابساتها، والتفت عما أثاره الدفاع من أن المتهم المذكور يعانى من عجز جنسي لا يستطيع معه إتيان الركن المادي للجريمة، وعول في الإدانة على ما أسنده إلى زوج الطاعنة من قول بأنه عندما دخل مسكنه شاهد المتهم الآخر في الشرفة يرفع سرواله، على خلاف ما أدلى به في التحقيقات الأولى من أنه شاهده يقوم بتثبيت أزرار سرواله، هذا إلى أن المحكمة الاستئنافية سمعت الشاهد...... بناء على طلب المدعى بالحقوق المدنية رغم اعتراض الدفاع على ذلك لعدم ورود اسمه في التحقيقات وعولت على شهادته مع أنها لو عنيت بتمحيصها لتثبيت فسادها كما تساند الحكم إلى أقواله وأقوال الشاهد...... رغم تناقضهما، هذا يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما يخلص أن زوج الطاعنة كان قد خرج من مسكنه في الساعة السادسة من صباح يوم الحادث ليركب القطار الذى ينقله إلى مقر عمله بالزقازيق وإذ لم يلحق به وعاد إلى منزله وجد بابه مغلقا من الداخل بالمزلاج فطرقه، إلا أن زوجة الطاعن لم تفتح له إلا بعد فوات نحو خمس عشرة دقيقة سمع خلالها أصواتا مريبة تنبئ عن تردد زوجته ذهابا وإيابا ولما دخل لاحظ ارتباكها وكانت ترتدى ملابس النوم ورأى السرير مبعثرا وشاهد المتهم الثاني يندفع إلى الشرفة منهمكا في رفع سرواله وإحكام أزراره فقام بضبطه، وقد عرض الحكم المطعون فيه لركن الوطء الواجب توافره في جريمة الزنا التي دان الطاعنة بها، استظهر، مما شهد به المجنى عليه من تواجد المتهم الآخر - الشريك - في الساعة 6 و55 ق من صباح يوم الضبط بمسكنه بعد خروجه لعمله وانفراده بزوجته الطاعنة التي تلكأت في فتح الباب له ومشاهدته له وهو يرفع سرواله في محاولة للاختفاء في الشرفة بمعاونة الطاعنة وما شهد به الشاهد...... من رؤية المتهم الشريك في شرفة مسكن المجنى عليها بملابسه الداخلية وكانت الطاعنة تناوله سرواله وقميصه لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تتبين حقيقة الواقعة وتردها إلى صورتها الصحيحة التي تستخلصها من جماع الأدلة المطروحة عليها وهى ليست مطالبة بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة - بل لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة ولو كانت غير مباشرة - متى كان ما حصله الحكم من هذه الأدلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي، كما أنه من المقرر أيضا أن المادة 276 عقوبات إنما تكلمت في الأدلة التي يقتضيها القانون في حق شريك الزوجة المتهمة بالزنا، أما الزوجة نفسها فلم يشترط القانون بشأنها أدلة خاصة بل ترك الأمر في ذلك للقواعد العامة، بحيث إذا اقتنع القاضي من أي دليل أو قرينة بارتكابها الجريمة فله التقرير بإدانتها وتوقيع العقاب عليها، ولما كانت محكمة الموضوع قد استخلصت من جماع الأدلة المطروحة عليها الصورة الحقيقية لواقعة، وعولت في حصول الوطء بين الطاعنة وشريكها المتهم الآخر على ما ساقته من ظروف وقرائن اطمأنت إليها في حدود سلطتها في تقدير الدليل بما لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي وبأسباب تؤدى إلى النتيجة التي انتهت إليها كما لا تقبل مجادلتها فيه، وكانت المحكمة لا تلتزم بتعقب المتهم في كل جزئية يثيرها في مناحي دفاعه الموضوعي للرد عليها استقلالا إذ في قضائها بالإدانة استنادا إلى الأدلة التي أوردتها ما يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ومن ثم فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه بدعوى القصور في استظهار الركن المادي للجريمة وإغفال الرد على ما أثاره الدفاع من عجز شريك الطاعنة عن إثباته لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان ما استند إليه الحكم من أقوال المجنى عليه من أنه رأى المتهم الآخر في الشرفة يرفع سرواله ويحكم أزراره، له صداه في الأوراق مما ينتفى به عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد، ولما كان من المقرر أن محكمة الدرجة الثانية وإن كانت تحكم في الأصل على مقتضى الأوراق إلا أن لها أن تجرى من التحقيقات ما ترى لزوما لإجرائه واستكمال ما كان يجب على محكمة أول درجة إجراؤه، وإذ ما كان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة أول درجة أن المدعى بالحقوق المدنية قد تمسك بسماع شهادة.... إلا أن المحكمة لم تجبه إلى هذا الطلب، فعاود التمسك به أمام المحكمة الاستئنافية التي أجابته إلى طلبه واستمعت إلى شاهده فلا جناح عليها في ذلك ولا تثريب عليها إن هي عولت من بعد على شهادته لما هو مقرر من أن القانون قد جعل من سلطة قاضى الموضوع أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلا لحكمه، لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع كما وأن التناقض بين أقوال الشاهدين...... و..... - بفرض قيامه - لا يعيب الحكم ما دام استخلص الادانة من أقوالهما ومن باقي الأدلة التي عولت عليها استخلاصا سائغا لا تناقض فيه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون في غير محله مستوجبا للرفض.