الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 25 أغسطس 2020

الطعن 425 لسنة 54 ق جلسة 14/ 1 / 1985 مكتب فني 36 ق 7 ص 66

جلسة 14 من يناير سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ يعيش رشدي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد الصوفي ومسعد الساعي وأحمد سعفان وعادل عبد الحميد.

-----------

(7)
الطعن رقم 425 لسنة 54 القضائية

(1) تهريب جمركي. مسئولية جنائية "المسئولية المفترضة". قصد جنائي حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
جريمة التهريب الجمركي. عمدية. يتطلب القصد الجنائي فيها اتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب الواقعة الإجرامية مع علمه بعناصرها.
عدم صحة القول بالمسئولية المفترضة إلا إذا نص عليها الشارع صراحة. أو كان استخلاصها سائغا من نصوص القانون. إذ الأصل ثبوت القصد ثبوتا فعليا.
عدم مساءلة الشخص شريكا كان أو فاعلا إلا بقيامه بالفعل أو الامتناع المحرم قانوناً. افتراض المسئولية استثناء. قصره في الحدود التي نص عليها القانون فحسب.
 (2)حكم "بيانات حكم الإدانة" "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب معيب". إثبات "بوجه عام" "أوراق". تهريب جمركي.
تجهيل الحكم. لأدلة الثبوت في الدعوى. يعيبه.
تساند الحكم في قضائه بالإدانة إلى ان الطاعن قدم فواتير ومستندات مزورة إلى الجمارك لإثبات أن الأجهزة المستوردة بمواصفات معينه. ووضعه علامة ورقية مزورة لتأييد ذلك. دون التدليل على علم الطاعن بالتزوير. وبانه هو الذي وضع العلامة. يعيبه.
 (3)نقض "اثر الطعن" "الحكم في الطعن".
عدم امتداد أثر الطعن بالنقض للمتهم المحكوم عليه الآخر. وإن كان وجه الطعن يتصل به - إذا لم يكن يجوز له الطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه الذى قضى بنقضه.

---------------

1 - لما كانت جريمة التهريب الجمركي جريمة عمدية يتطلب القصد الجنائي فيها اتجاه ارادة الجاني الى ارتكاب الواقعة الاجرامية مع علمه بعناصرها، والأصل ان القصد الجنائي من اركان الجريمة فيجب أن يكون ثبوته فعليا، ولا يصح القول بالمسئولية المفترضة الا اذا نص عليها الشارع صراحة، أو كان استخلاصها سائغا عن طريق استقراء نصوص القانون وتفسيرها بما يتفق وصحيح القواعد والأصول المقررة في هذا الشأن، اذ من المقرر في التشريعات الجنائية الحديثة أن الانسان لا يسأل بصفته فاعلا أو شريكا الا عما يكون لنشاطه دخل في وقوعه من الاعمال التي نص القانون على تجريمها سواء أكان ذلك بالقيام بالفعل أو الامتناع الذى يجرمه القانون، ولا مجال للمسئولية المفترضة في العقاب الا استثناء وفى الحدود التي نص عليها القانون، ويجب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عبارتها فوق ما تحتمل.
2 - من المقرر أنه يجب الا يجهل الحكم ادلة الثبوت في الدعوى بل عليه أن يبينها بوضوح بأن يورد مؤداها في بيان مفصل يتحقق به الغرض الذى قصده الشارع من تسبيب الأحكام وتتمكن معه محكمة النقض من اعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقا صحيحا وكان الحكم قد تساند في قضائه كذلك الى أن الطاعن قدم فواتير ومستندات مزورة الى رجال الجمارك تثبت على خلاف الحقيقة أن الأجهزة المستوردة مقاس 16 بوصة كما وضع علامة ورقية مزورة على هذه الاجهزة تثبت انها بهذا المقاس دون ان يدلل على علم الطاعن بهذا التزوير ودون ان يفصح عن سنده في ان الطاعن هو الذى وضع العلامة الورقية المذكورة على الاجهزة المستوردة، فانه يكون معيبا بما يوجب نقضه.
3 - لما كان وجه الطعن وان اتصل بالمتهم المحكوم عليه الآخر الا انه لم يكن يجوز له الطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه الذى قضى بنقضه لأنه صدر حضوريا اعتباريا بالنسبة له وقد عارض فيه بالفعل ولم يفصل في معارضته بعد حسبما جاء بمذكرة ادارة نيابة النقض الجنائي المرفقة، وبالتالي فان أثر الطعن في الحكم المنقوض لا يمتد اليه ولا يفيد من نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما: اولا: هربا البضائع المبينة الوصف والقيمة بالمحضر من الضرائب الجمركية المستحقة عليها بقصد الاتجار فيها وذلك بطرق غير مشروعه بأن ادخلا الى البلاد التلفزيونات الأجنبية المضبوطة ماركة ناشونال بمستندات مصطنعة ووضعا عليها علامات كاذبه تفيد على غير الحقيقة أنها مقاس 16 بوصة المسموح باستيراده وذلك بهدف التخلص من اداء الضرائب الجمركية المستحقة عليها وبالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة. ثانيا: حازا بقصد الاتجار البضائع الاجنبية المضبوطة سالفة الذكر المهربة من الضرائب الجمركية المستحقة عليها مع علمهما بأنها مهربة. ثالثا: استوردا أجهزة التلفزيونات المضبوطة سالفة الذكر والمحظور استيرادها بغير موافقة الجهة المختصة. رابعا: اشتركا في اتفاق جنائى الغرض منه ارتكاب جنح التهريب والحيازة والاستيراد بدون ترخيص للبضائع الاجنبية المهربة سالفة الذكر بأن اتحدت ارادتهما على ادخال هذه البضائع الى البلاد وتهريبها بالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة. وطلبت عقابهما بالمواد 5، 13، 15، 121، 122، 124، 124 مكررا من قانون الجمارك رقم 63 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1981 والمادتين 1، 15 من القانون رقم 118 لسنة 1975 في شأن الاستيراد والتصدير والقرارين 1036 لسنة 1978، 297 لسنة 1979 الصادرين من وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية والمادة 48 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح الجرائم المالية بالقاهرة قضت حضوريا: أولا: برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وبرفض الدفع ببطلان القرار الوزاري 297 لسنة 1979 وبرفض الدفع ببطلان التفتيش وقرار النيابة في 28/ 6/ 1981. ثانيا: بحبس كل متهم ثلاث سنوات مع الشغل وبغرامة عشرين ألف جنيه لكل عما أسند اليهما مع الزامهما متضامنين بأن يؤديها لمصلحة الجمارك تعويضا جمركيا يعادل مثلى قيمة البضاعة الممنوعة وقدره ثمان مائة وسبعة وثمانون الف ومائتين وخمسون جنيها وأمرت بكفالة عشرين الف جنيه لكل لوقف التنفيذ. فاستأنف المحكوم عليهما ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا للأول وحضوريا اعتباريا للثاني بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس كل من المتهمين سنتين مع الشغل والتأييد فيما عدا ذلك.
فطعن المحكوم عليه الاول في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث ان مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه اذ دانه بجرائم تهريب بضائع أجنبية (اجهزة تليفزيون ابيض واسود) وحيازتها بقصد الاتجار واستيرادها بغير موافقة الجهة المختصة مع لزوم ذلك قد شابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب، ذلك بأنه على الرغم مما قدمه الطاعن من حجج تنفى عنه ركن العلم بان الاجهزة المستوردة هي مقاس 17 بوصه المقيد استيراده - بفرض التسليم بهذا المقاس تمشيا مع منطق الحكم - من ذلك أن مصانع شركة ناشونال المصدرة كانت قد توقفت عن انتاج ذلك المقاس منذ أكثر من خمسة أشهر سابقة على التعاقد الذى أنصب على أجهزة مقاس 16 بوصة وفقا للعقد المودع من مندوب تلك الشركة ملف الدعوى، وان الطاعن لم يحضر عملية شحن الأجهزة من اليابان وأنه قام بدفع جميع الضرائب المستحقة عليها واكثر لان الضريبة المقررة على الجهاز مقاس 16 بوصة المسموح باستيراده والتي سددها الطاعن بالفعل تزيد عن تلك المقررة على الجهاز مقاس 17 بوصة رغم هذا كله فان الحكم استدل على ثبوت ذلك العلم بما لا ينتجه ولم يدلل على توافره بما يكفى لحمل قضائه اذ أنه أنشأ قرينة لم ينص عليها القانون هي افتراض علم الطاعن بحقيقة المقاس - الذى اثار خلافا بين المتخصصين من أهل الفن - لمجرد كون الطاعن من العاملين في مجال التجارة ومن ذوى الخبرة فيها، كما استند الحكم الى أن الطاعن قدم فواتير ومستندات مزورة الى رجال الجمارك على اساس ان الاجهزة 16 بوصة كما وضع علامة ورقية على هذه الأجهزة تثبت انها بهذا المقاس وذلك على خلاف الحقيقة تخلصا من سداد بعض الضرائب والرسوم الجمركية، دون ان يفصح الحكم عن ماهية تلك الفواتير والمستندات المزورة والدليل على تزويرها وعلى وضع علامة مخالفة للحقيقة على الاجهزة والمسئول عن هذا وذاك ودور الطاعن في ذلك كله وسند الحكم في استحقاق فرق الضرائب والرسوم الجمركية الذى استخلص قصد الطاعن في التهرب من سداده، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث ان الحكم الابتدائي - المأخوذ بأسبابه بالحكم المطعون فيه - بين واقعة الدعوى بما موجزه أن شخصا انهى الى مدير عام مصلحة الجمارك أن مؤسسة بغداد المملوكة للطاعن والمتهم المحكوم عليه الآخر قد استوردت كمية كبيرة من أجهزة التلفزيون ماركة ناشيونال ابيض واسود وقد تم الافراج عن كمية منها بناء على الكتالوج والمستندات المقدمة من الجهة المستوردة والتي تفيد ان الاجهزة مقاس 16 بوصه وبعد سداد الضرائب والرسوم الجمركية المستحقة بيد ان المبلغ حصل على الكتالوج الحقيقي من الشركة المنتجة والذى يفيد أن الأجهزة المفرج عنها مقاس 17 بوصة المقيد استيراده، وإذ أبانت التحريات صحة ما تضمنه البلاغ فقد تم ضبط بعض الاجهزة المفرج عنها بعد استئذان النيابة العامة وشكلت لجنة من كلية المهندسة بجامعة القاهرة لفحص الاجهزة المضبوط فقدمت تقريرها الذى انتهت فيه الى انها مقاس 17 بوصة كما عرضت على مدير ادارة الجودة للصناعات الكهربائية والالكترونية بوزارة الصناعة ومدير مركز الخدمة بشركة النصر للأجهزة الكهربائية والالكترونية "فيلبس" ورئيس القسم الإلكتروني بقسم الشاشات بشركة النصر للتليفزيون فأفادوا بأنها مقاس 17 بوصة، وقد انكر الطاعن ما اسند اليه وأضاف انه استورد الاجهزة على انها مقاس 16 بوصة وافرج عن كمية منها عقب معاينتها وسداده الرسوم الجمركية المستحقة عليها وان الشركة المنتجة ارسلت اليه الكتالوج - الذى قدمه الى مصلحة الجمارك - بطريق البريد، وقدم تقريرين استشاريين أحدهما من رئيس مجلس ادارة هيئة المواصلات السابق والآخر من رئيس جهاز التليفزيون السابق وكتابا من مركز الخدمة بجامعة الاسكندرية وكلها تفيد أن الأجهزة المضبوطة مقاس 16 بوصة، واذ سئل مندوب الشركة المنتجة بالقاهرة قرر أن الطاعن تعاقد مع الشركة على شراء الاجهزة مقاس 16 بوصة وان الاجهزة المضبوطة هي من هذا المقاس لان الشركة توقفت عن انتاج الجهاز مقاس 17 بوصة وقدم صورة ضوئية من طلب شراء الاجهزة الموقع من الطاعن في 14 من سبتمبر سنة 1980 والذى انصب على اجهزة مقاس 16 بوصه، وقد جاءت أقوال المستشار الاقتصادي للشركة المنتجة بالقاهرة مطابقة لأقوال مندوبها واضاف ان الشركة توقفت عن انتاج الجهاز مقاس 17 بوصة منذ يونيه سنة 1980 وبعد أن افصح الحكم عن اطمئنانه الى أن الاجهزة المستوردة هو مقاس 17 بوصة أخذا بما جاء بتقرير كلية الهندسة بجامعة القاهرة وأقوال الخبراء المنتدبين السالف ذكرهم الذين ابدوا الرأي بذلك، خلص الى تسبيب قضائه بالإدانة بقوله: "وحيث انه عن الاسناد وكان الثابت ان المتهمين - الطاعن والمتهم المحكوم عليه الآخر - وهما من العاملين في مجال التجارة ومن ذوى الخبرة فيها ويعلمان وفقا لما قرراه بالتحقيقات بان التليفزيون 17 بوصه محظور استيراده ومع ذلك اقدما على ادخاله الى البلاد وتقديم فواتير ومستندات الى رجال الجمارك على اساس أنه 16 على خلاف الحقيقة ووضعا علامة ورقية على الأجهزة تثبت انها على خلاف الحقيقة مقاس 16 بوصة ومن ثم تكون قد توافرت قبلهما الجريمة المؤثمة بالمواد 15، 121، 122، 124 مكرر من قانون الجمارك رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون 75 لسنة 1980 ولا ينال من ذلك ان الرسالة التالية لم تدخل حدود الدائرة الجمركية أو لم يفرج عنها جمركيا فالثابت ان مستنداتها قد قدمت لجمارك بور سعيد ووردت الى المنطقة الحرة على هذا الاساس مما تتوافر معه الجريمة المؤثمة بالمواد سالفة الذكر بالنسبة للتهمتين الأولى والثانية ويتعين تبعا لذلك القضاء بمعاقبتهما بالعقوبة المنصوص عليها في المادة 122 من القانون 66 لسنة 1963 والمادة 124 مكرر من ذلك القانون المضافة بالقانون 75 لسنة 1980، وحيث انه بالنسبة للتهمة الثالثة وهى استيراد اجهزة التليفزيون المضبوطة والمحظور استيرادها بغير موافقة الجهة المختصة فانه ولما كان ذلك كذلك وقد جرى نص المادة الاولى من القانون 118 لسنة 1975 في شأن الاستيراد والتصدير على ان يكون استيراد احتياجات البلاد السلعية عن طريق القطاعين العامة والخاص وذلك وفق أحكام الخطة العامة للدولة وفى حدود الموازنة النقدية السلعية وقد اناط هذا القانون بحسب مواده لوزير التجارة اصدار القرارات اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون وعلى هذا الاساس صدر قرار وكيل أول الوزارة رقم 297 لسنة 1979 استنادا الى التفويض الصادر له بموجب القرار الوزاري 1036 مكرر لسنة 1978 بإضافة جهاز التليفزيون 17 بوصة ابيض واسود الى القائمة رقم 2 بالقرار الوزاري 1036 لسنة 1978 والتي توجب ان يتقدم المستورد بطلبه الى لجنة ترشيد الاستيراد وذلك رغبة في حماية الانتاج المحلى من هذه السلعة من المنافسة الاجنبية ومن ثم فان استيراد هذه السلعة قد منع منعا مطلقا، أما وقد اقدم المتهمان على استيرادها حالة كونها ممنوعة ومن ثم تتوافر بشأنها العقوبة المقررة بنص المادة 15 من القانون 118 لسنة 1975 وتقضى المحكمة بإدانتهما بمقتضى تلك المادة. وحيث انه بالترتيب على ما تقدم وكان المتهمان قد أتيا فعلا واحدا هو استيراد اجهزة التليفزيون 17 المحظور استيرادها بمستندات مزورة تثبت على خلاف الحقيقة انها مقاس 16 المسموح باستيرادها وتهربا من سداد بعض الضرائب والرسوم الجمركية حالة كونها اكثر قدرا في مقاس 17 عن 16 ومن ثم فان هذا الفعل نتج عنه وصفان في القانون مما يطبق عليه الفقرة الاولى من المادة 32 عقوبات.. وحيث انه وبتطبيق ما سلف بيانه وكان المتهمان قد ارتكبا نشاطا اجراميا واحدا نشأت عنه اوصاف قانونية متعددة وكانت الجريمة المقررة في القانون 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون 75 لسنة 1980 أشد من تلك المقررة في القانون 118 لسنة 1975 ومن ثم فان المحكمة تقضى بتوقيع العقوبة المقررة بالقانون الاول دون هذا الاخير. لما كان ذلك، وكانت جريمة التهريب الجمركي جريمة عمدية يتطلب القصد الجنائي فيها اتجاه ارادة الجاني الى ارتكاب الواقعة الاجرامية مع علمه بعناصرها، والأصل أن القصد الجنائي من ارتكاب الجريمة فيجب أن يكون ثبوته فعليا، ولا يصح القول بالمسئولية الفرضية الا اذا نص عليها الشارع صراحة، أو كان استخلاصها سائغا عن طريق استقراء نصوص القانون وتفسيرها بما يتفق وصحيح القواعد والأصول المقررة في هذا الشأن، اذ من المقرر في التشريعات الجنائية الحديثة أن الانسان لا يسأل بصفته فاعلا أو شريكا الا عما يكون لنشاطه دخل في وقوعه من الاعمال التي نص القانون على تجريمها سواء أكان ذلك بالقيام بالفعل أو الامتناع الذى يجرمه القانون، ولا مجال للمسئولية المفترضة في العقاب الا استثناء وفى الحدود التي نص عليها القانون، ويجب التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة في ذلك وعدم تحميل عبارتها فوق ما تحتمل، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أخذ بأسباب الحكم الابتدائي رغم أنه لم يورد الظروف التي استخلص منها ثبوت القصد الجنائي لدى الطاعن أو يدلل على ذلك تدليلا سائغا، وانما اطلق القول بان الطاعن من العاملين في مجال التجارة ومن ذوى الخبرة فيها مع ما في ذلك من انشاء قرينة لا اصل لها في القانون مبناها افتراض على الطاعن بحقيقة مقاس الاجهزة المستوردة - التي استدعى الوقوف عليها الاستعانة بالعديد من أهل الفن على النحو السالف بيانه - لمجرد كون الطاعن من العاملين في مجال التجارة ومن ذوى الخبرة فيها، لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب الا يجهل الحكم أدلة الثبوت في الدعوى بل عليه أن يبينها بوضوح بأن يورد مؤداها في بيان مفصل يتحقق به الغرض الذى قصده الشارع من تسبيب الأحكام وتتمكن معه محكمة النقض من اعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقا صحيحا وكان الحكم قد تساند في قضائه كذلك الى ان الطاعن قدم فواتير ومستندات مزورة الى رجال الجمارك تثبت على خلاف الحقيقة أن الأجهزة المستوردة مقاس 16 بوصة كما وضع علامة ورقية مزورة على هذه الاجهزة تثبت انها بهذا المقاس دون ان يدلل على علم الطاعن بهذا التزوير ودون ان يفصح عن سنده في ان الطاعن هو الذى وضع العلامة الورقية المذكورة على الأجهزة المستوردة، فانه يكون معيبا بما يوجب نقضه والاحالة بغير حاجة الى بحث أوجه الطعن الاخرى. وأنه وأن كان وجه الطعن يتصل بالمتهم المحكوم عليه الآخر الا انه لم يكن يجوز له الطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه الذى قضى بنقضه لأنه صدر حضوريا اعتباريا بالنسبة له وقد عارض فيه بالفعل ولم يفصل في معارضته بعد حسبما جاء بمذكره ادارة نيابة النقض الجنائي المؤرخة.... المرفقة، وبالتالي فان أثر الطعن في الحكم المنقوض لا يمتد اليه ولا يفيد من نقضه.


الطعن 8106 لسنة 54 ق جلسة 7/ 1 / 1985 مكتب فني 36 ق 6 ص 63

جلسة 7 من يناير سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ يعيش رشدي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد الصوفي ومسعد الساعي واحمد سعفان وعادل عبد الحميد.

----------------

(6)
الطعن رقم 8106 لسنة 54 القضائية

حكم "بيانات حكم الادانة" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". اثبات "خبرة" "بوجه عام".
إقامة الحكم على دليل دون إيراد مضمونه. يعيبه.
استناد حكم الإدانة إلى تقرير الخبير. دون ان يعرض لأسانيد التقرير أو يرد على طلب مناقشة الخبير في أسس تقريره. قصور.

----------------
لما كان من المقرر أنه يجب ايراد الادلة التي تستند اليها المحكمة وبيان مؤداها في الحكم بيانا كافيا فلا يكفى مجرد الاشارة اليها بل ينبغي سرد مضمون الدليل وذكر مؤداه بطريقة وافيه يبين منها مدى تأييده الواقعة كما اقتنعت بها المحكمة ومبلغ اتفاقه مع باقي الادلة التي أقرها الحكم حتى يتضح وجه استدلاله بها، وكان استناد الحكم الى تقرير الخبير دون ان يعنى بذكر حاصل الوقائع التي تضمنها اكتفاء بما نقله عنه من ان الارض تم تجريفها لمجرد انخفاضها عن الطريق الواقع في الجهة القبلية منها ودون ان يعرض للأسانيد التي اقيم عليها هذا التقرير أو يرد على طلب الطاعن مناقشة الخبير في أسس تقريره، لا يكفى في بيان أسباب الحكم الصادر بالعقوبة لخلوه مما يكشف عن وجه استشهاد المحكمة بهذا الدليل الذى استنبط منه معتقده في الدعوى، فان الحكم المطعون فيه يكون معيبا بالقصور في التسبيب.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قام بتجريف أرض زراعية بدون ترخيص. وطلبت عقابه بالمواد 1، 106 مكرراً 1، 2، 4، 5، 107/ 2 من القانون رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 59 لسنة 1978 ومحكمة جنح مستعجل قضت غيابيا بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة مائة جنيه وغرامة مائتي جنيه. فاستأنف المحكوم عليه، ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا في موضوع الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فقرر الأستاذ/ ... المحامي نيابة عن المحكوم عليه الطعن في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث أن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه اذ دانه بجريمة تجريف أرض زراعية بدون ترخيص من وزارة الزراعة قد شابه قصور في التسبيب ذلك بانه عول في ادنته على تقرير الخبير الذى ذهب الى ان الارض تم تجريفها لمجرد انه رآها منخفضة عن الطريق بغير الاستناد الى دليل على حصول التجريف بالفعل وعلى ان الارض كانت اصلا في مستوى الطريق ورغم ما أثير في اعتراضات الطاعن على هذا التقرير من أن انخفاض منسوب الارض عن الطريق لا يرجع الى تجريفها وانما الى حالتها الطبيعية وأن هناك أراضي مجاورة متساوية مع ارض الطاعن في الارتفاع وأخرى منخفضة عنها مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث أن الحكم المطعون فيه بعد أن ألمح الى الحكم الصادر بندب الخبير عرض الى تقرير الخبير المقدم في الدعوى بقوله: "وحيث باشر الخبير مأموريته وانتهى الى وضع تقرير جاء فيه ان الارض موضوع الجنحة قد تم تجريفها لعمق 2 متر وذلك لانخفاضها بهذا القدر عن الطريق الواقع في الجهة القبلية منها ومساحتها 12 قيراطا". ثم بعد أن حصل الحكم دفاع الطاعن وطلباته ومن بينها مناقشة الخبير في اسس تقريره واعماله، اقام قضاءه بإدانة الطاعن على قوله ان المحكمة "تطمئن الى صحة هذا التقرير الأمر الذي يتوافر معه اقتناعها بصحة ثبوت التهمة". لما كان ذلك وكان من المقرر أنه يجب ايراد الادلة التي تستند اليها المحكمة وبيان مؤداها في الحكم بيانا كافيا فلا يكفى مجرد الاشارة اليها بل ينبغي سرد مضمون الدليل وذكر مؤداه بطريقة وافيه يبين منها مدى تأييده الواقعة كما اقتنعت به المحكمة ومبلغ اتفاقه مع باقي الادلة التي أقرها الحكم حتى يتضح وجه استدلاله بها، وكان استناد الحكم الى تقرير الخبير دون ان يعنى بذكر حاصل الوقائع التي تضمنها اكتفاء بما نقله عنه من ان الارض تم تجريفها لمجرد انخفاضها عن الطريق الواقع في الجهة القبلية منها ودون ان يعرض للأسانيد التي اقيم عليها هذا التقرير أو يرد على طلب الطاعن مناقشة الخبير في اسس تقريره، لا يكفى في بيان أسباب الحكم الصادر بالعقوبة لخلوه مما يكشف عن وجه استشهاد المحكمة بهذا الدليل الذى استنبط منه معتقده في الدعوى، فان الحكم المطعون فيه يكون معيبا بالقصور في التسبيب ومن ثم يتعين نقضه والاحالة بغير حاجة الى بحث اوجه الطعن الاخرى.

الطعن 3269 لسنة 54 ق جلسة 7/ 1 / 1985 مكتب فني 36 ق 5 ص 58

جلسة 7 من يناير سنة 1985

برياسة السيد المستشار/ يعيش رشدي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: مسعد الساعي وأحمد سعفان ومحمود البارودي وعادل عبد الحميد.

--------------

(5)
الطعن رقم 3269 لسنة 54 القضائية

(1) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". اثبات "شهود". نقض "اسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع أن تأخذ بقول للشاهد في التحقيق الابتدائي وإن خالف قول آخر له بالجلسة. لها ان تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه. ما دام له مأخذه من الأوراق.
- الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(2) مواد مخدرة. جريمة. عقوبة. نقض "اسباب الطعن. ما يقبل منها". قصد جنائي.
الأفيون هو المادة التي يفرزها نبات الخشخاش.
زراعة نباتات الخشخاش بجميع أصنافه ومسمياته في أي طور من أطوار نموها مؤثمة قانونا بالمادة 28 من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960. وفى حالة توافر قصد الإتجار معاقب عليها بالمادتين 34 ب، 42/ 1 من القانون المذكور.

---------------
1 - لما كان للمحكمة ان تأخذ بقول للشاهد في التحقيق الابتدائي وان خالف قولا آخر له بالجلسة، ولها ان تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن اليه طالما ان هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق. واذ كان أي من الطاعنين لا يماري في ان ما اورده الحكم المطعون فيه على لسان كل من الضابط وشيخ الناحية بتحقيق النيابة من ان زراعة نبات الخشخاش المضبوطة تقع كلها في ناحية المعابدة التابعة لمركز ابنوب له معينه الصحيح من تلك التحقيقات، فان ما يثيره الطاعن بصدد عدول شيخ الناحية عن أقواله بالجلسة ونعيهما على الحكم فيما انتهى اليه من اختصاص نيابة ابنوب بالتحقيق لا يعدو ان يكون جدلا موضوعيا في تقدير الادلة واخذ المحكمة بما تطمئن اليه منها مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب طالما كان استخلاصها سائغا - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا يجوز منازعتها في شأنه امام محكمة النقض.
2 - ولئن كان الافيون هو المادة التي يفرزها نبات الخشخاش ويتحصل عليها عادة بطريقة تخديش ثماره، الا ان زراعة نباتات الخشخاش بجميع اصنافه ومسمياته في أي طور من اطوار نموها مؤثمة بمقتضى المادة 28 من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل والبند (2) من الجدول رقم (5) الملحق، معاقب عليها - في حالة توافر قصد الاتجار - بمقتضى المادتين 34 (ب) و42/ 1 من هذا القانون، ومن ثم فان ما يقوله الطاعنان من ان زراعة نباتات الخشخاش غير مؤثمة الا اذا استخرج منها الافيون بعد خدش ثمارها يكون غير سديد، واذ انتهى الحكم الى ادانتهما بوصف انهما زرعا نبات الخشخاش بقصد الاتجار فانه يكون قد طبق القانون تطبيقا صحيحا.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما زرعا نبات الخشخاش وكان ذلك بقصد الاتجار وفى غير الاحوال المصرح بها قانونا. وأحالتهما الى محكمة الجنايات لمحاكمتها طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضوريا بجلسة 25 ديسمبر سنة 1983 عملا بالمواد 28، 34/ ب، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 2 من الجدول رقم 5 الملحق بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وبتغريم كل منهما ثلاثة آلاف جنيه والمصادرة.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

حيث ان مبنى الطعن هو ان الحكم المطعون فيه اذ دان الطاعنين بجريمة زراعة نبات الخشخاش بقصد الاتجار قد ران عليه البطلان وانطوى على قصور في التسبيب وخطأ في القانون. ذلك بانه استند في قضائه على التحقيقات التي اجراها وكيل نيابة ابنوب بالرغم من بطلانها لوقوع الزراعة في قرية بنى شقير الخارجة عن دائرة اختصاصه المكاني والتابعة لمركز منفلوط حسبما جاء بشهادة شيخ بلدة المعابدة في احدى الجلسات السابقة على جلسة المرافعة الاخيرة التي لم يفطن اليها الحكم في رده على الدفع بالبطلان المشار اليه والتي ايدت أقوال دلال المساحة في هذا الشأن. هذا الى ان زراعة نباتات الخشخاش غير مؤثمة الا اذا استخرج منها الافيون بعد خدش ثمارها وهو ما لم يعن الحكم باستظهاره، وكل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث ان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة زراعية نبات الخشخاش بقصد الاتجار التي دان الطاعنين بها، وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال ضابط الادارة العامة لمكافحة المخدرات وشيخ ناحية المعابدة ومعاينة النيابة العامة وتقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي، وهى ادلة سائغة من شأنها ان تؤدى الى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل شهادة شاهدي الاثبات في قوله: "فقد شهد الضابط الرائد.. بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات عن واقعة الدعوى امام النيابة العامة بما مؤداه انه اثناء سيره على رأس قوة من رجال الشرطة في نهار يوم 20 فبراير سنة 1978 بناحية المعابدة مركز ابنوب قد أبصرا أربع قطع من أرض زراعية بأشجار الخشخاش مزروعة بغير ترخيص فقام بالضبط. وشهد.. شيخ ناحية المعابدة مركز ابنوب عن واقعة الدعوى امام النيابة العامة بما مؤداه انه قد أبصر بالواقعة وحاصلها ان المتهم.. وان المتهم.. (الطاعن الأول) قد زرع بقصد الاتجار دون ترخيص اشجار الخشخاش المضبوطة في نهار يوم 20 فبراير سنة 1978 بقطعة أرض زراعية مسطحها 5 ط بناحية المعابدة مركز ابنوب وان المتهم.. (الطاعن الثاني) قد زرع بقصد الاتجار دون ترخيص اشجار الخشخاش المضبوطة في نهار يوم 20 فبراير سنة 1978 بقطعة من ارض زراعية مسطحها 9 ط بناحية المعابدة مركز ابنوب. ثم عرض الحكم للدفع ببطلان التحقيقات ورد عليه في قوله: وحيث ان المدافعين عن المتهمين.. (الطاعنين) في جلسة المحاكمة طلبا الحكم لهما بالبراءة تأسيسا على دفع يتحصل في ان تحقيقات النيابة العامة جاءت باطلة على سند من القول بان عضوا النيابة العامة المختص بدائرة مركز ابنوب تجاوز في اجرائه للتحقيق اختصاصه المكاني لأن الواقعة وقعت في دائرة مركز منفلوط.. وحيث ان المحكمة تطمئن كل الاطمئنان الى أدلة الاثبات سالفة البيان وتأخذ منها ان تحقيقات النيابة العامة جاءت صحيحة في ذات الاختصاص المكاني لعضو النيابة العامة المختص بدائرة مركز ابنوب". لما كان ذلك؛ وكان للمحكمة ان تأخذ بقول للشاهد في التحقيق الابتدائي وان خالف قولا آخر له بالجلسة، ولها أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن اليه طالما ان هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق. واذ كان أي من الطاعنين لا يماري في ان ما اورده الحكم المطعون فيه على لسان كل من الضابط وشيخ الناحية بتحقيق النيابة من ان زراعة نبات الخشخاش المضبوطة تقع كلها في ناحية المعابدة التابعة لمركز ابنوب له معينه الصحيح من تلك التحقيقات، فان ما يثيره الطاعنان بصدد عدول شيخ الناحية عن أقواله بالجلسة ونعيهما على الحكم فيما انتهى اليه من اختصاص نيابة ابنوب بالتحقيق لا يعدو ان يكون جدلا موضوعيا في تقدير الادلة واخذ المحكمة بما تطمئن اليه منها مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب طالما كان استخلاصها سائغا - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا يجوز منازعتها في شأنه امام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد نقل عن تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي ان "جميع المضبوطات عبارة عن نبات الخشخاش المنتج للأفيون". ولئن كان الافيون هو المادة التي يفرزها نبات الخشخاش ويتحصل عليها عادة بطريقة تخديش ثماره، الا ان زراعة نباتات الخشخاش بجميع اصنافه ومسمياته في أي طور من اطوار نموها مؤثمة بمقتضى المادة 28 من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل والبند (2) من الجدول رقم (5) الملحق، معاقب عليها - في حالة توافر قصد الاتجار - بمقتضى المادتين 34 (ب) و42/ 1 من هذا القانون، ومن ثم فان ما يقوله الطاعنان من ان زراعة نباتات الخشخاش غير مؤثمة الا اذا استخرج منها الافيون بعد خدش ثمارها يكون غير سديد، واذ انتهى الحكم الى ادانتهما بوصف انهما زرعا نبات الخشخاش بقصد الاتجار فانه يكون قد طبق القانون تطبيقا صحيحا لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا..


الطعن 1696 لسنة 85 ق جلسة 2 / 12 / 2015 مكتب فني 66 ق 123 ص 817

 جلسة 2 من ديسمبر سنة 2015

برئاسة السيد القاضي / مجدي أبو العلا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / قدري عبد الله ، بهاء محمد إبراهيم ، أبو الحسين فتحي وشعبان محمود نواب رئيس المحكمة .

------------

(123)

الطعن رقم 1696 لسنة 85 القضائية

(1) إثبات " إقرار " " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

لمحكمة الموضوع أن تورد في حكمها من الأدلة ما يكفي لتبرير اقتناعها . مادامت قد اطمأنت إليها واعتمدت عليها في تكوين عقيدتها .

إيراد الحكم مؤدى إقرار الطاعنين في بيان واف بما يحقق مراد الشارع في المادة 310 إجراءات . لا قصور .

(2) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

لمحكمة الموضوع سلطة تقدير الأدلة وتجزئة أقوال الشاهد والمواءمة بين ما أخذته عنه وبين ما أخذته من قول شهود آخرين . جمع مؤدى الدليل المستمد منها في إسناد واحد ونسبتها لهم جميعًا . لا عيب . حد ذلك ؟

(3) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها "

وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .

أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها . غير جائز أمام محكمة النقض .

مثال .

(4) إثبات " بوجه عام " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

النعي علي المحكمة استنادها إلى أدلة مستمدة من دعاوى غير منظورة أمامها . غير مقبول . حد ذلك ؟

(5) إثبات " بوجه عام " " قرائن " . فاعل أصلى . اشتراك . قانون " تفسيره " . جريمة " أركانها " . قصد جنائي . مساهمة جنائية . مسئولية جنائية . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

الفاعل الأصلي في مفهوم المادة 39 عقوبات . ماهيته ؟

الفاعل مع غيره . هو بالضرورة شريك . أثر ذلك : وجوب أن يتوافر لديه ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة في الجريمة .

تحقق قصد المساهمة في الجريمة أو نية التدخل فيها إذا وقعت نتيجة اتفاق ولو نشأ لحظة تنفيذها .

القصد الجنائي . أمر باطني يضمره الجاني وتدل عليه الأعمال المادية المحسوسة التي تصدر عنه .

للقاضي الجنائي أن يستمد عقيدته عن طريق الاستنتاج والقرائن التي تقوم لديه . حد ذلك ؟

تدليل الحكم بالأدلة المباشرة والقرائن على توافر قصد المساهمة للطاعنين من وجود صلة واحدة بينهم ومعيتهم في الزمان والمكان وأن كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها واعتبارهم فاعلين أصليين ومتضامنين في المسئولية الجنائية . صحيح .

مثال .

(6) عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " " العقوبة المبررة " . نقض " المصلحة في الطعن".

نعي الطاعنين على الحكم لإدانته لهم ببعض الجرائم . غير مجد . مادام دانهم بجريمة القبض دون وجه حق المصحوب بتعذيبات بدنية وعاقبهم بعقوبتها بوصفها الأشد إعمالاً للمادة 32 عقوبات .

(7) إثبات " بوجه عام " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه . تسبيب غير معيب".

الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم . ماهيته ؟

سكوت الحكم عن ذكر مصدر الدليل . لا يضيع أثره . ما دام له أصل ثابت في الأوراق .

مثال لما لا يعد خطأ من الحكم في الإسناد .

(8) عفو . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

          مثال لتسبيب سائغ لاطراح الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بالعفو الشامل عملاً بنصوص القرار بقانون 89 لسنة 2012 .

(9) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدفع بعدم الدستورية " . دفوع " الدفع بعدم الدستورية " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

تقدير جدية الدفع بعدم الدستورية ووقف نظر الدعوى المنظورة وتحديد ميعاد لرفع الدعوى بعدم الدستورية . موضوعي . أساس ذلك ؟

مثال لتسبيب سائغ لاطراح الدفع بعدم الدستورية .

(10) استدلالات . دفوع " الدفع بعدم جدية التحريات " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

اطراح الحكم الدفع بعدم جدية التحريات استناداً لاطمئنان المحكمة لصحة إجراءات التحريات وجديتها . كاف .

(11) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

مثال لتسبيب سائغ لاطراح الدفع بعدم الاعتداد بشهادة المجني عليه لمرضه النفسي . (12) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه . تسبيب غير معيب "

التناقض الذي يعيب الحكم . ماهيته ؟

مثال لما لا يعد تناقضاً في الحكم .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تورد في حكمها من مؤدى الأدلة ما يكفي لتبرير اقتناعها بالإدانة ، ما دامت قد اطمأنت إلى هذه الأدلة واعتمدت عليها في تكوين عقيدتها ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى إقرار الطاعنين الثاني والرابع في الجناية رقم .... لسنة .... جنايات .... ، في بيان وافٍ يكفي للتدليل على الصورة التي اعتنقتها المحكمة واستقرت في وجدانها ، بما يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، فإن النعي على الحكم بالقصور – في هذا الشأن – يكون لا محل له .

2- من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تقدير الأدلة ، ولها أن تجزئ أقوال الشاهد الواحد وأن توائم بين ما أخذته عنه بالقدر الذي رواه وبين ما أخذته من قول شهود آخرين ، وأن تجمع بين هذه الأقوال وتورد مؤداها جملة وتنسبه إليهم جميعاً ، ما دام ما أخذته به من شهادتهم ينصب على واقعة واحدة لا يوجد فيها خلاف فيما نقلته عنهم ، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق هذا النظر وجمع في إسناد واحد مؤدي الدليل المستمد من أقوال الشاهدين العاشر والحادي عشر – واللذان تطابقت أقوالهما فيما حصَّله الحكم واستند عليه منها – على ما يبين من المفردات المضمومة – فلا بأس عليه إن هو أورد مؤدي شهادتهم جملة ثم أسندها إليهم تفادياً للتكرار الذي لا موجب له ، فإن النعي على الحكم بهذا الوجه يكون غير سديد .

3- من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها لأقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة ، فإن ما أثاره الطاعنون في خصوص – أقوال الشاهدين الخامس والسادس– للنيل من القوة التدليلية لتلك الأقوال ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل ، وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لا تجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض .

4- لما كان لا تثريب على المحكمة إن هي استندت إلى أدلة مستمدة من دعاوى غير منظورة أمامها ، طالما أن هذه الأدلة قد طرحت على بــساط البحث بجلسات المحاكمة – تحت نظر الخصوم – كالحال في الدعوى الماثلة – فإن النعي على الحكم في هذا الصدد ، يكون في غير محله .

5- لما كانت المادة 39 من قانون العقوبات قد نصت على أنه يعد فاعلاً للجريمة " أولاً " من يرتكبها وحده أو مع غيره ، " ثانياً " من تدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أفعال ، فيأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها ، والبيّن من نص هذه المادة في صريح لفظه وواضح دلالته ومن الأعمال التحضيرية المصاحبة له ، ومن المصدر التشريعي الذي يستمد منه وهو المادة 39 من القانون الهندي أن الفاعل إما أن ينفرد بجريمته أو يسهم معه غيره في ارتكابها ، فإذا أسهم فإما أن يصدق على فعله وحده وصف الجريمة التامة ، وإما أن يأتي عمداً عملاً تنفيذاً فيها إذا كانت الجريمة تتركب من جملة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً لخطة تنفيذها ، وحينئذ يكون فاعلاً مع غيره إذا صحت لديه نية التدخل في ارتكابها ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها عرف أو لم يعرف ، اعتباراً بأن الفاعل مع غيره هو بالضــرورة شــريك يــجــب أن يــتوافر لديه - على الأقل – ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة في الجريمة ويتحقق حتماً قصد المساهمة في الجريمة أو نية التدخل فيها إذا وقعت نتيجة لاتفاق بين المساهمين ولو لم ينشأ إلَّا لحظة تنفيذ الجريمة تحقيقاً لقصد مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة المعينة ، أو أسهم فعلاً بدور في تنفيذه بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة – وإن لم يبلغ دوره على مسرحها حد الشروع – ولما كان القصد أمراً باطنياً يضمره الجاني وتدل عليه بطريق مباشر أو غير مباشر الأعمال المادية المحسوسة التي تصدر عنه ، وإذ كان القاضي الجنائي – فيما عدا الأحوال الاستثنائية التي قيده القانون فيها بنوع معين من الأدلة – حراً في أن يستمد عقيدته من أي مصدر شاء ، فإن له إذا لم يقم على توافر هذا القصد دليل مباشر - من اعتراف أو شهادة شهود أو غيره – أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه ، كما أن له أن يستنتج حصوله من فعل لاحق للجريمة يشهد به ، وكان الحكم – المطعون فيه – قد أثبت في حق الطاعنين وجود صلة واحدة بينهم هي انتمائهم إلى جماعة واحدة تعتنق فكراً واحداً ، ومعيتهم في الزمان والمكان بتواجدهم معاً وقت القبض على المجني عليه ، وإدخاله لمقر شركة .... للسياحة وما أعقب ذلك من تقييد لحريته في الحركة بمنعه من مغادرة مقر الشركة ، وهو ما ينطوي في ذاته على معنى القبض قانوناً واحتجازه لمدة ثلاثة أيام وما صاحب ذلك من تعذيبات بدنية بقيام الطاعنين الأول والثاني بالتعدي عليه بالضرب ، وصعقه بالتيار الكهربائي ، وتقييد يديه وقدميه على مرأى ومسمع من الطاعن الثالث دفعت الأخير له بأنه ضابط .... واستجوابه له والطاعن الخامس وهو على هذه الحالة ، وقيام الطاعن الرابع بإذاعة خبر القبض عليه – المجني عليه – من المنصة المواجهة لمكان ارتكاب الواقعة ، وإحضار الطاعن السادس للصحفيين الأجانب لتصويره ، وتواجد الطاعن السابع بمكان ارتكاب الواقعة وروايته – في وقت لاحق – لتفاصيل واقعة القبض على المجني عليه وما تعرض له من صنوف التعذيب في أحد برامج التلفاز ، واستدل الحكم من ذلك بالأدلة المباشرة التي اطمأن إليها والاستنتاج من القرائن التي صحت لديه في الأوراق – بما لا يخرج عن الاقتضاء العقلي – على توافر قصد المساهمة – لدى الطاعنين – في ارتكاب جريمة القبض على المجني عليه بدون وجه حق وتعذيبه بتعذيبات بدنيه وأن كل منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها ، وأن ما بدر من كل منهم - من أفعال وأقوال إنما كان إسهاماً منه بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي تكونت لديهم فجأة وقت القبض عليه ، وهي أدلة وقرائن سائغة ، وكافية بذاتها للتدليل على قصد التدخل في ارتكاب الجريمة ، فإن الحكم إذ خلص إلى تضامنهم في المسئولية الجنائية باعتبارهم فاعلين أصليين ، يكون قد اقترن بالصواب .

6- من المقرر أنه لا مصلحة للطاعنين فيما يثيرونه بشأن باقي الجرائم التي دانهم الحكم بها ، ما دام أن المحكمة قد اعتبرت الجرائم المسندة إلى الطاعنين جريمة واحدة وأعملت في حقهم المادة 32 من قانون العقوبات وأوقعت عليهم العقوبة المقررة لأشدها وهي جريمة القبض بدون وجه حق المصحوب بتعذيبات بدنية .

7- من المقرر أن الخطـأ في الإسناد هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها ، وكان ما يثيره الطاعنون من خطأ الحكم إذ نسب للشاهد الثاني أنه أخبر المجني عليه بأسماء مرتكبي الواقعة ، ونسب للشاهد التاسع أنه شاهد الطاعنين الثاني والرابع بـمـقر الشركة - سالفة الذكر – فإنه - على فرض صحته – غير ذي بال في جوهر الواقعة التي اعتنقها الحكم ، ولم يكن له أثر في منطقه وسلامة استدلاله على مقارفة الطاعنين للجريمة المؤثمة بنص المادة 282/2 من قانون العقوبات التي دانهم بها ، وأوقع عليهم عقوبتها بوصفها الجريمة ذات العقوبة الأشد ، وكان البيّن من المفردات المضمومة أن ما أورده الحكم من أقوال شاهد الإثبات الرابع من دخول كل من الطاعنين الثاني والرابع والخامس والسابع لمقر شركة .... للسياحة ، وأن الطاعن الثاني رفض تسليمه مقر الشركة ، وما أسنده للشاهد التاسع من أن الطاعن الرابع شكَّل لجان من شباب الإخوان على مداخل ميدان .... قامت بالقبض على بعض الأشخاص بدعوى أنهم من عناصر الشرطة له سنده من أقوال الشاهدين بتحقيقات النيابة ، كما أن ما أورده من أقوال الشاهدة السابعة من دخول الطاعنين الأول والخامس – وآخرين – لمقر الشركة المذكورة له أصله من أقوالها أمام المحكمة ، ولا تثريب على الحكم إذ هو لم يفصح عن مصدر هذه الأقوال ؛ لما هو مقرر من أن سكوت الحكم عن ذكر مصدر الدليل لا يضيع أثره ما دام له أصل ثابت في الأوراق ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد تكون غير مقبولة .

8- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعنين بانقضاء الدعوى بالعفو الشامل عملاً بنصوص القرار بقانون قم 89 لسنة 2012 واطرحه في قوله : " .... مردود بأنه دفع قانوني ظاهر البطلان ، إذ إن الثابت من مطالعة القانون السالف ذكره أنه صدر بتاريخ 8/10/2012 ونصت المادة الثانية منه على أن ينشر النائب العام والمدعي العام العسكري كل فيما يخصه في جريدة الوقائع الرسمية وجريدتين واسعتي الانتشار خلال شهر من تاريخ نفاذ هذا القانون كشفاً بأسماء من شملهم العفو تطبيقاً للمادة السابقة ، ونصت الفقرة الأولى من المادة الثالثة منه على أن يكون لمن أغفل اسمه أن يتقدم بتظلم بغير رسوم للنائب العام أو المدعي العام العسكري بحسب الأحوال خلال شهر من تاريخ نشر الأسماء المشمولة بالعفو .... ، وكان الثابت بتحقيقات الدعوى الراهنة أن النيابة العامة بدأت في مباشرتها بتاريخ 22/5/2012 وقد خلت الأوراق من أي تظلم من أي من المتهمين لإغفال اسمه من العفو الصادر من النائب العام ، ومن ثم يكون هذا الدفع على غير سند صحيح من الواقع والقانون يتعين رفضه . " وهذا الذي أورده الحكم سائغ وكافٍ في اطراح الدفع ويتفق وصحيح القانون ، ومن ثم فإن تعييب الحكم في هذا الصدد يضحى غير قويم .

9- لما كان القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا المعمول به وقت نظر الدعوى نص في المادة 29 منه أن تتولى المحكمة الرقابة على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالي .... " ب " إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر الدعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي ، أجلت نظر الدعوى وحددت لمن آثار الدفع ميعاداً لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا ، فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن .... " ، وكان مفاد هذا النص أن محكمة الموضوع وحدها هي الجهة المختصة بتقدير جدية الدفع بعدم الدستورية ، وأن الأمر بوقف الدعوى المنظورة أمامها وتحديد ميعاد لرفع الدعوى بعدم الدستورية جوازي لها ومتروك لمطلق تقديرها ، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة في حدود سلطتها التقديرية رأت أن دفع الطاعنين بعدم الدستورية غير جدي ، ولا محل لوقف الدعوى المنظورة أمامها لرفع الدعوى بعدم الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن يكون على غير سند .

10- لما كان الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع بعدم جدية التحريات استناداً إلى اطمئنان المحكمة إلى صحة الإجراءات والتحريات التي أجراها الشاهد الخامس عشر وجديتها وهو ما يعد كافياً للرد على الدفع ، فإن النعي على الحكم في هذا المنحى يكون لا محل له .

11- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعنين بعدم التعويل على شهادة المجني عليه لمرضه النفسي واطرحه في قوله : " ... فمردود عليه .... قول مرسل عار من الدليل على صحته ويفتقر إلى الدليل الذي يؤيده إضافة إلى أن المحكمة تطمئن إلى شهادة المجني عليه لصدورها عن إرادة حرة سليمة وجاءت مسترسلة ومطابقة لباقي أدلة الدعوى القولية والمادية ، ومن ثم رفض ذلك الدفع . " وهو من الحكم رد سائغ وكافٍ في اطراح الدفع ، فإن النعي على الحكم في هذا المقام ، يكون في غير محله .

12- لما كان التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ، ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وكان لا تعارض بين ما أورده الحكم في مدوناته من تعرض المجني عليه لصنوف التعذيب وبين ما أورده في مقام الرد على الدفع بخلو تقرير الطب الشرعي من وجود إصابات من أنه لا يلزم أن تؤدي التعذيبات البدنية إلى إصابة المجني عليه ، كما أنه لا تناقض بين ما أورده الحكم في صورة الواقعة من قيام الطاعنين بالاستيلاء على مقر الشركة – آنفة الذكر- وإحكام السيطرة عليها ، وبين ما أورده في مقام الرد على الدفع ببطلان التسجيلات من أنها تمت في مكان مطروق للكافة سيما وأن الحكم أسند إلى الطاعن السادس وآخر قيامهما بدعوة رجال الصحافة والإعلام إلى مقر الشركة المذكورة لتصوير المجني عليه عقب القبض عليه واحتجازه ، فإن تعييب الحكم لهذا السبب يكون لا محل له .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

 اتهمت النيابـة العامـة الطاعنين بأنـهم :

المتهمون جميعاً :-

أولاً : قبضوا وآخرون مجهولون على المجني عليه / .... واحتجزوه لعدة أيام بدون أمر أحد الحكام المختصين وفي غير الأحوال التي تصرح فيها القوانين واللوائح بذلك ، وعذبوه بالتعذيبات البدنية ، بأن استوقفه المجهولون ، وشلوا مقاومته ، وتعدوا عليه بالضرب ، فافقدوه وعيه ، واقتادوه عنوة إلى مقر مكتب " .... للسياحة " ، الذي أعدوه سلفاً لإدارة عملياتهم ، واحتجزوه بداخله ، وقام المتهم الأول بتقييد يديه من خلاف برباط أعده لذلك ، وصفعه على وجهه ، وطرحه أرضاً ، وجثم بركبتيه على صدره ، وتعدى عليه بالضرب بعصا خشبية ، وصعقه بالكهرباء بأن أوصل تياراً كهربائياً بجسده ، ثم ضغط على عضوه الذكري بقوة لإيلامه ، وقام المتهم الثاني بالضغط على وجهه بقدمه وصعقه أيضاً بالكهرباء على غرار ما فعله الأول ، محدثين ما به من الإصابات الموصوفة بالأوراق حال تواجد باقي المتهمين على مسرح الجريمة شادين من أزرهم على النحو المبين بالتحقيقات .

ثانياً : هتكوا وآخرون مجهولون عرض المجني عليه / .... بالقوة بأن أمسك المتهم الأول بعضوه الذكري ، وضغط عليه بقوة على النحو المبين بوصف التهمة الأولى بينما تواجد باقي المتهمين على مسرح الجريمة يشدون من أزره على النحو المبين بالتحقيقات.

ثالثاً : أذاعوا وآخرون مجهولون عمداً أخباراً وإشاعات كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام ، وإلقاء الرعب بين الناس وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة ، بأن روجوا بين جموع المتظاهرين السلميين وأمام وسائل الإعلام المختلفة أن المجني عليه يعمل ضابط شرطة بـــ .... ، ويحمل البطاقة ساالدالة على وظيفته ، وأنه كان مندساً بين المتظاهرين بميدان .... لجمع معلومات عنهم للنيل منهم بقصد تأجيج مشاعر الغضب ضد جهاز الشرطة ، وذلك كله على خلاف الحقيقة ، حيث كشفت التحقيقات أن المجني عليه يعمل محامياً وليس من رجال الشرطة .

رابعاً : دخلوا عقاراً في حيازة آخر " مكتب .... للسياحة " الكائن بالعقار .... ميدان .... ومنعوا حيازة صاحبه بالقوة بقصد ارتكاب جريمة فيه وذلك باقتحامه ، ودخوله والسيطرة عليه ، بأن هددوا صاحبه ، ورفضوا الاستجابة لطلبه بالخروج منه ، ومكثوا فيه بقصد ارتكاب الجرائم موضوع التهم السابقة فيه ، حال كونهم أكثر من شخصين ، وكان أحدهم حاملاً أداة مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص " عصا خشبية " على النحو المبين بالتحقيقات .

خامساً : أحرزوا وحازوا بواسطة المتهم الأول أداة مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص "عصا خشبية " دون أن يوجد لحملها أو إحرازها أو حيازتها مسوغ قانوني ، أو مبرر من الضرورة الحرفية أو المهنية .

 

 

 

 

 

 

وأحالتـهم إلى محكمة الجنايات لمعـاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحـالة .

والمحكمة المـذكورة قضت حضورياً لكل من الأول حتى السابع وغيابياً للثامن عملاً بالمواد 32 ، 39 ، 102 مكرراً/1 ، 368/1 ، 280 ، 282 ، 369 عقوبات ، والمادتين 1/1 ، 25 مكرراً/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم 7 من الجدول رقم 1 الملحق به ، مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات ، أولاً : بمعاقبة كل من .... ، و.... ، و.... وشهرته "...." ، و.... بالسجن المشدد لمدة خمس عشرة سنة ، و.... ، و.... ، و.... ، و.... بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات . ثانياً : بإلزامهم بأن يؤدوا للمدعي بالحق المدني / .... مبلغ مائة ألف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .

فطعن المحكوم عليهم من الأول وحتى السابع في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

من حيث إن ما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم القبض والحجز بدون وجه حق المصحوب بتعذيبات بدنية ، وهتك العرض بالقوة ، وإذاعة أخبار من شأنها تكدير الأمن العام ، ودخول عقار في حيازة الغير بقصد منع حيازته بالقوة وارتكاب جريمة فيه ، وإحراز أداة مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص بغير مسوغ قد شابه القصور ، والتناقض في التسبيب ، والخطأ في الإسناد ، وانطوى على إخلال بحق الدفاع ؛ ذلك أنه عول على إقرار الطاعنين الثاني والرابع في القضية رقم .... لسنة .... جنايات .... ، دون أن يورد مؤداهما في بيان وافٍ ، ولم يورد مؤدى شهادة كل من الشاهدين العاشر والحادي عشر على حده ، بل جمع بينهما بإسنادٍ واحد رغم اختلاف شهادة كل منهما ، وعول على أقوال الشاهدين الخامس والسادس رغم ما ساقه الدفاع عن الطاعنين من شواهد لعدم صدقها ، واستند في قضائه إلى أدلة مستمدة من دعاوى غير منظورة أمام المحكمة التي أصدرته ، وساءل الحكم الطاعنين باعتبارهم فاعلين أصليين للجرائم التي دانهم بها ، دون أن يدلل على ذلك بما يسوغ ، وعول على أقوال شهود الإثبات الثاني والرابع والسابعة والتاسع ، وأسند للشاهد الثاني قولاً بأنه أخبر المجني عليه بأسماء مرتكبي الواقعة ، كما أسند للرابع قولاً بأن الطاعنين الثاني والرابع والخامس والسابع دخلوا مقر شركة .... للسياحة ، وأن الطاعن الثاني رفض تسليمه مقر الشركة ، وأسند للشاهدة السابعة قولاً بأنه خلال أحداث الثورة شاهدت دخول الأول والخامس – وآخرين – لمقر الشركة المذكورة ، وأسند للشاهد التاسع قولاً بأن الطاعن الرابع شكل لجان من شباب الإخوان على مداخل ميدان .... قامت بالقبض على بعض الأشخاص بدعوى أنهم من عناصر الشرطة ، وأنه شاهد الطاعنين الثاني والرابع داخل مقر الشركة – آنفة الذكر – هو ما ليس له أصل من أقوالهم بالأوراق ، كما أن المدافع عن الطاعنين دفع بانقضاء الدعوى الجنائية لتوافر موجبات الإعفاء المقرر بمقتضى القرار بقانون رقم 89 لسنة 2012 ، وبعدم دستورية نصوص القانون المذكور مما تضمنه من قيد زمني على المتهم لإثبات انطباق القانون عليه ، وسلب لسلطة محكمة الموضوع من إعمال رقابتها في هذا الشأن ، كما دفع بعدم جدية التحريات ، وبعدم الاعتداد بشهادة المجني عليه ؛ لكونه يعاني من مرض نفسي ، بيد أن الحكم المطعون فيه رد على الدفعين الأول والثاني بما لا يصلح رداً ، واطرح الدفعين الثالث والرابع بما لا يسوغ اطراحهما ، وأورد الحكم في مدوناته تعرض المجني عليه لصنوف التعذيب البدني ، ثم عاد في مقام الرد على الدفع بخلو تقرير الطب الشرعي من الاصابات ، وأورد أنه لا يلزم أن تؤدي التعذيبات البدنية إلى إصابة المجني عليه ، كما أورد الحكم في صورة الواقعة قيام الطاعنين بالاستيلاء على مقر الشركة – آنفة البيان – وإحكام السيطرة عليها ، ثم عاد في مقام الرد على الدفع ببطلان التسجيلات وأورد أنها تمت في مكان مطروق للكافة ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

        ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تورد في حكمها من مؤدى الأدلة ما يكفي لتبرير اقتناعها بالإدانة ، ما دامت قد اطمأنت إلى هذه الأدلة واعتمدت عليها في تكوين عقيدتها ، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى إقرار الطاعنين الثاني والرابع في الجناية رقم .... لسنة .... جنايات .... ، في بيان وافٍ يكفي للتدليل على الصورة التي اعتنقتها المحكمة واستقرت في وجدانها ، بما يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، فإن النعي على الحكم بالقصور – في هذا الشأن – يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تقدير الأدلة ، ولها أن تجزئ أقوال الشاهد الواحد وأن توائم بين ما أخذته عنه بالقدر الذي رواه وبين ما أخذته من قول شهود آخرين ، وأن تجمع بين هذه الأقوال وتورد مؤداها جملة وتنسبه إليهم جميعاً ، ما دام ما أخذته به من شهادتهم ينصب على واقعة واحدة لا يوجد فيها خلاف فيما نقلته عنهم ، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق هذا النظر وجمع في إسناد واحد مؤدي الدليل المستمد من أقوال الشاهدين العاشر والحادي عشر ، واللذان تطابقت أقوالهما فيما حصله الحكم واستند عليه منها – على ما يبين من المفردات المضمومة – فلا بأس عليه إن هو أورد مؤدي شهادتهم جملة ثم أسندها إليهم تفادياً للتكرار الذي لا موجب له ، فإن النعي على الحكم بهذا الوجه ، يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها لأقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة ، فإن ما أثاره الطاعنون في خصوص – أقوال الشاهدين الخامس والسادس – للنيل من القوة التدليلية لتلك الأقوال ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل ، وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لا تجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان لا تثريب على المحكمة إن هي استندت إلى أدلة مستمدة من دعاوى غير منظورة أمامها ، طالما أن هذه الأدلة قد طرحت على بــساط البحث بجلسات المحاكمة – تحت نظر الخصوم – كالحال في الدعوى الماثلة – فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكانت المادة 39 من قانون العقوبات قد نصت على أنه يعد فاعلاً للجريمة " أولاً " من يرتكبها وحده أو مع غيره ، " ثانياً " من تدخل في ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أفعال ، فيأتي عمداً عملاً من الأعمال المكونة لها ، والبيّن من نص هذه المادة في صريح لفظه وواضح دلالته ومن الأعمال التحضيرية المصاحبة له ، ومن المصدر التشريعي الذي يستمد منه وهو المادة 39 من القانون الهندي أن الفاعل إما أن ينفرد بجريمته أو يسهم معه غيره في ارتكابها ، فإذا أسهم فإما أن يصدق على فعله وحده وصف الجريمة التامة ، وإما أن يأتي عمداً عملاً تنفيذاً فيها إذا كانت الجريمة تتركب من جملة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً لخطة تنفيذها ، وحينئذ يكون فاعلاً مع غيره إذا صحت لديه نية التدخل في ارتكابها ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها عرف أو لم يعرف – اعتباراً بأن الفاعل مع غيره هو بالــضــرورة شــريك يـجـب أن يـتوافر لديه على الأقل – ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة في الجريمة ويتحقق حتماً قصد المساهمة في الجريمة أو نية التدخل فيها إذا وقعت نتيجة لاتفاق بين المساهمين ولو لم ينشأ إلَّا لحظة تنفيذ الجريمة تحقيقاً لقصد مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة المعينة ، أو أسهم فعلاً بدور في تنفيذه بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة – وإن لم يبلغ دوره على مسرحها حد الشروع – ولما كان القصد أمراً باطنياً يضمره الجاني وتدل عليه بطريق مباشر أو غير مباشر الأعمال المادية المحسوسة التي تصدر عنه ، وإذ كان القاضي الجنائي – فيما عدا الأحوال الاستثنائية التي قيده القانون فيها بنوع معين من الأدلة – حراً في أن يستمد عقيدته من أي مصدر شاء ، فإن له إذا لم يقم على توافر هذا القصد دليل مباشر - من اعتراف أو شهادة شهود أو غيره – أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه ، كما أن له أن يستنتج حصوله من فعل لاحق للجريمة يشهد به ، وكان الحكم – المطعون فيه – قد أثبت في حق الطاعنين وجود صلة واحدة بينهم هي انتمائهم إلى جماعة واحدة تعتنق فكراً واحداً ، ومعيتهم في الزمان والمكان بتواجدهم معاً وقت القبض على المجني عليه ، وإدخاله لمقر شركة .... للسياحة وما أعقب ذلك من تقييد لحريته في الحركة بمنعه من مغادرة مقر الشركة ، وهو ما ينطوي في ذاته على معنى القبض قانوناً واحتجازه لمدة ثلاثة أيام وما صاحب ذلك من تعذيبات بدنية بقيام الطاعنين الأول والثاني بالتعدي عليه بالضرب ، وصعقه بالتيار الكهربائي ، وتقييد يديه وقدميه على مرأى ومسمع من الطاعن الثالث دفعت الأخير له بأنه ضابط .... واستجوابه له والطاعن الخامس وهو على هذه الحالة ، وقيام الطاعن الرابع بإذاعة خبر القبض عليه – المجني عليه – من المنصة المواجهة لمكان ارتكاب الواقعة ، وإحضار الطاعن السادس للصحفيين الأجانب لتصويره ، وتواجد الطاعن السابع بمكان ارتكاب الواقعة وروايته – في وقت لاحق – لتفاصيل واقعة القبض على المجني عليه وما تعرض له من صنوف التعذيب في أحد برامج التلفاز ، واستدل الحكم من ذلك بالأدلة المباشرة التي اطمأن إليها والاستنتاج من القرائن التي صحت لديه في الأوراق – بما لا يخرج عن الاقتضاء العقلي – على توافر قصد المساهمة – لدى الطاعنين – في ارتكاب جريمة القبض على المجني عليه بدون وجه حق وتعذيبه بتعذيبات بدنيه وأن كل منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها ، وأن ما بدر من كل منهم - من أفعال وأقوال – إنما كان إسهاماً منه بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي تكونت لديهم فجأة وقت القبض عليه ، وهي أدلة وقرائن سائغة ، وكافية بذاتها للتدليل على قصد التدخل في ارتكاب الجريمة ، فإن الحكم إذ خلص إلى تضامنهم في المسئولية الجنائية باعتبارهم فاعلين أصليين يكون قد اقترن بالصواب ، هذا إلى أنه لا مصلحة للطاعنين فيما يثيرونه بشأن باقي الجرائم التي دانهم الحكم بها ما دام أن المحكمة قد اعتبرت الجرائم المسندة إلى الطاعنين جريمة واحدة وأعملت في حقهم المادة 32 من قانون العقوبات وأوقعت عليهم العقوبة المقررة لأشدها وهي جريمة القبض بدون وجه حق المصحوب بتعذيبات بدنية . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الخطـأ في الإسناد هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها ، وكان ما يثيره الطاعنون من خطأ الحكم إذ نسب للشاهد الثاني أنه أخبر المجني عليه بأسماء مرتكبي الواقعة ، ونسب للشاهد التاسع أنه شاهد الطاعنين الثاني والرابع بـمـقر الشركة - سالفة الذكر – فإنه - على فرض صحته – غير ذي بال في جوهر الواقعة التي اعتنقها الحكم ، ولم يكن له أثر في منطقه وسلامة استدلاله على مقارفة الطاعنين للجريمة المؤثمة بنص المادة 282/2 من قانون العقوبات التي دانهم بها ، وأوقع عليهم عقوبتها بوصفها الجريمة ذات العقوبة الأشد ، وكان البيّن من المفردات المضمومة أن ما أورده الحكم من أقوال شاهد الإثبات الرابع من دخول كل من الطاعنين الثاني والرابع والخامس والسابع لمقر شركة .... للسياحة ، وأن الطاعن الثاني رفض تسليمه مقر الشركة ، وما أسنده للشاهد التاسع من أن الطاعن الرابع شكَّل لجان من شباب الإخوان على مداخل ميدان .... قامت بالقبض على بعض الأشخاص بدعوى أنهم من عناصر الشرطة له سنده من أقوال الشاهدين بتحقيقات النيابة ، كما أن ما أورده من أقوال الشاهدة السابعة من دخول الطاعنين الأول والخامس – وآخرين – لمقر الشركة المذكورة له أصله من أقوالها أمام المحكمة ، ولا تثريب على الحكم إذ هو لم يفصح عن مصدر هذه الأقوال ؛ لما هو مقرر من أن سكوت الحكم عن ذكر مصدر الدليل لا يضيع أثره ما دام له أصل ثابت في الأوراق ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد تكون غير مقبولة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعنين بانقضاء الدعوى بالعفو الشامل عملاً بنصوص القرار بقانون قم 89 لسنة 2012 واطرحه في قوله : " .... مردود بأنه دفع قانوني ظاهر البطلان ، إذ إن الثابت من مطالعة القانون السالف ذكره أنه صدر بتاريخ 8/10/2012 ونصت المادة الثانية منه على أن ينشر النائب العام والمدعي العام العسكري كل فيما يخصه في جريدة الوقائع الرسمية وجريدتين واسعتي الانتشار خلال شهر من تاريخ نفاذ هذا القانون كشفاً بأسماء من شملهم العفو تطبيقاً للمادة السابقة ، ونصت الفقرة الأولى من المادة الثالثة منه على أن يكون لمن أغفل اسمه أن يتقدم بتظلم بغير رسوم للنائب العام أو المدعي العام العسكري بحسب الأحوال خلال شهر من تاريخ نشر الأسماء المشمولة بالعفو .... وكان الثابت بتحقيقات الدعوى الراهنة أن النيابة العامة بدأت في مباشرتها بتاريخ 22/5/2012 وقد خلت الأوراق من أي تظلم من أي من المتهمين لإغفال اسمه من العفو الصادر من النائب العام ، ومن ثم يكون هذا الدفع على غير سند صحيح من الواقع والقانون يتعين رفضه . " وهذا الذي أورده الحكم سائغ وكافٍ في اطراح الدفع ويتفق وصحيح القانون ، ومن ثم فإن تعييب الحكم في هذا الصدد يضحى غير قويم . لما كان ذلك ، وكان القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا المعمول به وقت نظر الدعوى نص في المادة 29 منه أن تتولى المحكمة الرقابة على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالي .... " ب " إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر الدعوى أمام أحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي ، أجلت نظر الدعوى وحددت لمن آثار الدفع ميعاداً لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا ، فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن " ... وكان مفاد هذا النص أن محكمة الموضوع وحدها هي الجهة المختصة بتقدير جدية الدفع بعدم الدستورية ، وأن الأمر بوقف الدعوى المنظورة أمامها وتحديد ميعاد لرفع الدعوى بعدم الدستورية جوازي لها ومتروك لمطلق تقديرها ، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة في حدود سلطتها التقديرية رأت أن دفع الطاعنين بعدم الدستورية غير جدي ، ولا محل لوقف الدعوى المنظورة أمامها لرفع الدعوى بعدم الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن يكون على غير سند . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع بعدم جدية التحريات استناداً إلى اطمئنان المحكمة إلى صحة الإجراءات والتحريات التي أجراها الشاهد الخامس عشر وجديتها وهو ما يعد كافياً للرد على الدفع ، فإن النعي على الحكم في هذا المنحى يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعنين بعدم التعويل على شهادة المجني عليه لمرضه النفسي واطرحه في قوله : " ... فمردود عليه .... قول مرسل عار من الدليل على صحته ويفتقر إلى الدليل الذي يؤيده إضافة إلى أن المحكمة تطمئن إلى شهادة المجني عليه لصدورها عن إرادة حرة سليمة وجاءت مسترسلة ومطابقة لباقي أدلة الدعوى القولية والمادية ، ومن ثم رفض ذلك الدفع . " وهو من الحكم رد سائغ وكافٍ في اطراح الدفع ، فإن النعي على الحكم في هذا المقام ، يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ، ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وكان لا تعارض بين ما أورده الحكم في مدوناته من تعرض المجني عليه لصنوف التعذيب وبين ما أورده في مقام الرد على الدفع بخلو تقرير الطب الشرعي من وجود إصابات من أنه لا يلزم أن تؤدي التعذيبات البدنية إلى إصابة المجني عليه ، كما أنه لا تناقض بين ما أورده الحكم في صورة الواقعة من قيام الطاعنين بالاستيلاء على مقر الشركة – آنفة الذكر- وإحكام السيطرة عليها ، وبين ما أورده في مقام الرد على الدفع ببطلان التسجيلات من أنها تمت في مكان مطروق للكافة سيما وأن الحكم أسند إلى الطاعن السادس وآخر قيامهما بدعوة رجال الصحافة والإعلام إلى مقر الشركة المذكورة لتصوير المجني عليه عقب القبض عليه واحتجازه ، فإن تعييب الحكم لهذا السبب يكون لا محل له . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ