الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

‏إظهار الرسائل ذات التسميات احكام الدستورية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات احكام الدستورية. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 6 يونيو 2024

الطعن رقم 6 لسنة 44 ق الدستورية العليا " منازعة تنفيذ " جلسة 4 / 5 / 2024

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع مــــن مايو سنة 2024م، الموافق الخامس والعشرين من شوال سنة 1445هـ.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني نواب رئيس المحكمة وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 6 لسنة 44 قضائية منازعة تنفيذ

المقامة من
خالد أحمد مختار السيد
ضد
1- رئيس الجمهوريــة
2- رئيس مجلس الوزراء
3- رئيس مجلس النواب
4- وزير العـدل
5- النائـب العـام
6- رئيس محكمة استئناف القاهرة
7- رئيس محكمــــة النقــض
8- نقيب المحاميــــن

------------------

" الإجراءات "

بتاريخ السابع عشر مـن أبريل سنة 2022، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بالاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 160 لسنة 33 قضائية دستورية، في ضوء الحكم الصادر في الدعوى رقم 21 لسنة 42 قضائية دستورية، وعدم الاعتداد بجميع الإجراءات التأديبية المتخذة ضده في الدعوى رقم 55 لسنة 2020 تأديب محامين.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر جلسة 6/ 1/ 2024، وفيها قدم المدعي حافظتي مستندات ومذكرة بتعديل طلباته، بإضافة طلب عدم الاعتداد بقرار مجلس التأديب الابتدائي الصادر بجلسة 8/ 5/ 2022، بشطب اسمه من جـدول نقابة المحامين نهائيًّا، وبتلك الجلسة قررت المحكمة تأجيل نظر الدعوى لجلسة 3/ 2/ 2024، وكلفت المدعي الإعلان بالطلبات المعدلة وتقديم ما تم في الطعن رقم 130 لسنة 92 قضائية تأديب محامين، وبالجلسة الأخيرة قررت المحكمة تأجيل نظر الدعوى لجلسة 9/ 3/ 2024، ليقدم المدعي القرار الصادر من لجنة تأديب المحامين في الدعوى رقم 55 لسنة 2020 المعدل بقرار مجلس التأديب الاستئنافي في الطعن رقم 130 لسنة 92 قضائية تأديب محامين، وبتلك الجلسة قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
---------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصـل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعي - محام - أُحيل إلى مجلس تأديب المحامين في الدعوى رقم 55 لسنة 2020 تأديب محامين، بناء على التحقيق الذي أُجري معه بمعرفة النقابة العامة، التي طلبت من النيابة العامة تقديم المدعي إلى مجلس تأديب المحامين المنصوص عليه في المادة (107) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، لمحاكمته تأديبيًّا عما نُسب إليه، فأقام المدعي دعواه، طالبًا عدم الاعتداد بجميع الإجراءات التأديبية المتخذة ضده.
وحيث إن المدعي حدد في صحيفة دعواه المعروضة طلباته بالاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في الدعوى رقم 160 لسنة 33 قضائية دستورية، في ضوء الحكم الصادر في الدعوى رقم 21 لسنة 42 قضائية دستورية، وعدم الاعتداد بجميع الإجراءات التأديبية المتخذة ضده، ثم عدل طلباته إلى عدم الاعتداد بالقرار الصادر من مجلس تأديب المحامين بجلسة 8/ 5/ 2022، في الدعوى رقم 55 لسنة 2020 تأديب محامين، المعدل بقرار مجلس التأديب الاستئنافي بجلسة 23/ 1/ 2024، في الطعن رقم 130 لسنة 92 قضائية تأديب محامين، وهي طلبات مترتبة على الطلب الأصلي ومتصلة به اتصالًا لا يقبل التجزئة؛ ومن ثم فهي مقبولة، إعمالاً للمادتين (123 و124) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا، قد جرى على أن قوام منازعة التنفيذ أن يكون تنفيذ الحكم القضائي لم يتم وفقًا لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق تحول قانونًا- بمضمونها أو أبعادها- دون اكتمال مداه، وتعطل - تبعًا لذلك - أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها، بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان؛ ومن ثم تكــــون عوائــــق التنفيذ القانونية هي ذاتهــــا موضوع منازعة التنفيذ التي تتوخى فــــي غايتهــــا النهائيــــة إنهــــاء الآثــــار القانونية المصاحبة لتلك العوائــــق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها؛ لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صاـدر بعدم دستورية نص تشريعي، كانت حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي احتواها، والآثار المتولدة عنها، هي التي تحدد شكل التنفيذ وتبلور صورته الإجمالية، وتعين - كذلك - ما يكون لازمًا لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا - وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - لإزاحة عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الكافة، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق
- سواء كانت تشريعًا أو حكمًا قضائيًّا أو قرارًا إداريًّا أو عملًا ماديًّا - بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها، حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام، وربطها منطقيًّا بها أمرًا ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعة التنفيـذ لا تُعد طريقًا للطعن فـي الأحكـام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى، تأسيسًا على أن قراءته لنص المادتين (107 و116) من قانون المحاماة، في ضوء حكم المحكمة الدستورية العليا المنازع في تنفيذه، مؤداه جواز تشكيل مجلس تأديب يصلح للفصل في دعوى تأديب المحامين من تشكيل قضائي خالص؛ ومن ثم لا يكون الحكم الصادر عن التشكيل المشار إليه عائقًا في تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى الدستورية المشار إليها، فضلاً عن أن حقيقة طلبات المدعي تنحل طعنًا على تشكيل مجلس تأديب المحامين، الأمر الذي يخرج الفصل فيه عن ولاية المحكمة الدستورية العليا؛ فإن ذلك الدفع غير سديد، ذلك أن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 2/ 3/ 2019، في الدعوى رقم 160 لسنة 33 قضائية دستورية بعدم دستورية ما تضمنه نص المادتين (107 و116) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، من أن يشترك في مجلس تأديب المحامين بدرجتيه، أعضاء من مجلس نقابة المحامين الذي طلب رفع الدعوى التأديبية. ونُشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية بعددها رقم (10) مكرر (ب) بتاريخ 11/ 3/ 2019، وإذ صدر ضد المدعي قرار من مجلس تأديب المحامين، المشكل طبقًا لنص المادة (107) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، في الدعوى التأديبية رقم 55 لسنة 2020 بجلسة 8/ 5/ 2022، بمحو اسمه من جداول نقابات المحامين نهائيًّا، ثم عدل بقرار مجلس التأديب الاستئنافي المنعقد بجلسة 23/ 1/ 2024، إلى مجازاته بعقوبة الإنذار، وكان القراران الصادران من مجلسي تأديب المحامين الابتدائي والاستئنافي، المنصوص عليهما في المادتين (107 و116) من قانون المحاماة، قد التفتا عن إعمال مقتضى الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 160 لسنة 33 قضائية دستورية، إذ جاء تشكيلهما مخالفًا لنص المادتين المشار إليهما، وهو قضاء يخرج عن المسار الذي كان يجب أن يخوض فيه القراران التأديبيان المشار إليهما، إعمالًا لأثر الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 160 لسنة 33 قضائية دستورية، ومقتضى ذلك ولازمه بطلان تشكيل مجلسي التأديب الابتدائي والاستئنافي، اللذين قضيا في الدعوى التأديبية المشار إليها؛ ومن ثم فإن قراريهما يُعدان عقبة تحول دون تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 2/ 3/ 2019، في الدعوى رقم 160 لسنة 33 قضائية دستورية على وجهه الصحيح، وتبعًا لما تقدم، يغدو متعينًا القضاء بالاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، وعدم الاعتداد بقراري مجلسي تأديب المحامين الابتدائي والاستئنافي المار بيانهما.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بالاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 2/ 3/ 2019، في الدعوى رقم 160 لسنة 33 قضائية دستورية، وعدم الاعتداد بقرار مجلس تأديب المحامين الابتدائي الصادر بجلسة 8/ 5/ 2022، في الدعوى التأديبية رقم 55 لسنة 2020 تأديب محامين، المعدل بقرار مجلس تأديب المحامين الاستئنافي الصادر بجلسة 23/ 1/ 2024، في الاستئناف رقم 130 لسنة 92 قضائية تأديب محامين، وألزمت المدعى عليهم المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

الطعن رقم 21 لسنة 36 ق دستورية عليا "دستورية" جلسة 4 / 5 / 2024

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع مـن مايو سنة 2024م، الموافق الخامس والعشرين من شوال سنة 1445هـ.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني نواب رئيس المحكمة وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 21 لسنة 36 قضائية دستورية، بعد أن أحالت المحكمة الإدارية العليا بحكمها الصادر بجلسة 1/ 7/ 2012، ملف الطعن رقم 17741 لسنة 51 قضائية عليا

المقام من
فوزية أحمد السيد
ضد
رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي

-----------------
" الإجـراءات "
بتاريخ الحادي عشر من فبراير سنة 2014، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الطعن رقـم 17741 لسنة 51 قضائية عليا، بعد أن قضت المحكمة الإداريــة العليــا بجلستهــا المعقودة في 1/ 7/ 2012، بوقف الفصــل فــي الطعــن وإحالــة الأوراق إلى المحكمــة الدستورية العليا؛ للفصل فــي دستوريـة ما تضمنه البند (2) من الفقرة الثالثة من المادة (105) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 المعدل بالقانون رقم 25 لسنة 1977، من اشتراط أن يكون الزواج بالمؤمن عليه أو صاحب المعاش قد استمر مدة لا تقل عن عشرين عامًا لاستحقاق المطلقة المعاش.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها، ونفاذًا لقرار المحكمة الصادر بجلسة 2/ 1/ 2016، أودعت تقريرًا تكميليًّا بالرأي.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدمت الهيئة المدعى عليها مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

---------------
" المحكمـة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - في أن المدعية أقامت أمام محكمة القضاء الإداري بأسيوط، الدعوى رقم 1438 لسنة 11 قضائية، ضد الهيئة المدعى عليها، طالبة الحكم بأحقيتها في صرف المعاش المستحق لها عن مطلقها الذي توفي بتاريخ 19/ 10/ 1995، باعتبارها من ورثته الشرعيين، مع صرف المتجمد من هذا المعاش، والاستمرار في الصرف حتى يسقط عنها الحق قانونًا، وقالت بيانًا لدعواها، إنها تزوجت من محمد أحمد بدران بموجب عقد زواج مؤرخ 1/ 4/ 1992، وظلت ترعاه في مرضه حتى فوجئت بطلاقه لها طلقة بائنة على الإبراء، بإشهاد طلاق مؤرخ 7/ 10/ 1995، وتوفي زوجها بعد طلاقها باثني عشر يومًا. وإذ تقدمت المدعية إلى الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي لصرف معاشها، فرفض طلبها؛ فتظلمت المدعية، ورفض تظلمها؛ فأقامت دعواها. وبجلسة 27/ 4/ 2005، حكمت المحكمة برفض الدعوى. طعنت المدعية على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 17741 لسنة 51 قضائية عليا، وإذ تراءى للمحكمة أن البند (2) من الفقرة الثالثة من المادة (105) من قانون التأمين الاجتماعي مشوبة بعوار دستوري، فيما تضمنته لاستحقاق المطلقة معاشًا عن مطلقها أن يكون قد مضى على زواجها به، سواء كان مؤمنًا عليه أو صاحب معاش، مدة لا تقل عن عشرين عامًا، لتقيم بذلك تفرقة تحكمية بين المطلقات، أساسها عدد سنين الزواج، حال توافر باقي شروط استحقاق المعاش الأخرى، رغم حاجة المطلقة لمصدر للإنفاق على نفسها، أيًّا كان عدد سنوات الزواج، لا سيما إذا كان الطلاق قد تم رغم إرادتها، مما يتنافى مع القيم العليا التي أعلتها الدساتير، ويخالف مبدأ المساواة؛ فقضت بوقف الدعوى، وإحالة الأوراق إلى هذه المحكمة للفصل في دستورية ما تضمنه البند (2) من الفقرة الثالثة من المادة (105) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 المعدل بالقانون رقم 25 لسنة 1977، من اشتراطها أن يكون الزواج بالمؤمن عليه أو صاحب المعاش قد استمر مدة لا تقل عن عشرين عامًا لاستحقاق المطلقة المعاش.
وحيث إن المادة (105) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 وتعديلاته، مقروءة في ضوء حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في الدعوى رقم 123 لسنة 19 قضائية دستورية، تنص على أنه يشترط لاستحقاق الأرملة أو المطلقة أن يكون الزواج موثقًا أو ثابتًا بحكم قضائي نهائي، ولوزير التأمينات بقرار يصدره تحديد مستندات أخرى لإثبات الزواج في بعض الحالات التي يتعذر فيها الإثبات بالوسائل سالفة الذكر.
ويشترط بالنسبة للمطلقة ما يأتي:
1- أن يكون قد طلقها رغم إرادتها.
2- أن يكون زواجها بالمؤمن عليه أو صاحب المعاش قد استمر مدة لا تقل عن عشرين سنة.
3- ألا تكون بعد طلاقها من المؤمن عليه أو صاحب المعاش قد تزوجت من غيره.
4- ألا يكون لديها دخل من أي نوع يعادل قيمة استحقاقها في المعاش أو يزيد عليه فإذا كان الدخل يقل عما تستحقه من معاش يربط لها معاش بمقدار الفرق، على أنه إذا كانت قيمة كل من الدخل والمعاش تقل عن ثلاثين جنيهًا فيربط لها من المعاش بالقدر الذي لا يجاوز معه قيمة الدخل والمعاش معًا هذا الحد، وفى جميع الأحوال يرد الباقي على الأرملة في حالة وجودها وإذا لم توجد فيرد على الأولاد.
وحيث إن المصلحة في الدعوى الدستورية، وهي شرط لقبولها، مناطها - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها، المطروحة على محكمة الموضوع، ويستوى في شأن توافر المصلحة أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة، والمحكمة الدستورية العليا هي وحدها التي تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعوى للتثبت من شروط قبولها، بما مؤداه أن الإحالة من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا لا تفيد بذاتها توافر المصلحة، بل يتعين أن يكون الحكم في المطاعن الدستورية لازمًا للفصل في النزاع المثار أمام محكمة الموضوع.
متى كان ذلك، وكانت رحى الخصومة الموضوعية تدور حول طلب المدعية صرف معاش عن مطلقها، وكان الشرط الذي تضمنه البند رقم (2) من الفقرة الثالثة من المادة (105) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، المعدل بالقانون رقم 25 لسنة 1977، بوجوب استمرار الزواج بالمؤمن عليه أو صاحب المعاش مدة لا تقل عن عشرين سنة، هو ما يحول دون إجابتها إلى طلبها في الدعوى الموضوعية، لافتقادها الشرط السالف البيان؛ ومن ثم يكون للقضاء في دستورية هذا النص أثره وانعكاسه الأكيد على النزاع الموضوعي، ويتحدد نطاق هذه الدعوى فيما تضمنه البند رقم (2) من الفقرة الثالثة من المادة (105) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 المعدل بالقانون رقم 25 لسنة 1977، من اشتراط أن يكون الزواج بالمؤمن عليه أو صاحب المعاش قد استمر مدة لا تقل عن عشرين سنة لاستحقاق المطلقة المعاش. ولا ينال من توافر المصلحة في الدعوى المعروضة إلغاء النص المحال بالقانون رقم 117 لسنة 2015، والذي ألغى حالة المطلقة من بين حالات استحقاق المعاش عن مطلقها المؤمن عليه أو صاحب المعاش، وما تلاه من إلغاء قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه، بموجب القانون رقم 148 لسنة 2019، بإصدار قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات، إذ إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل في تطبيق القاعدة القانونية هو سريانها على الوقائع التي تتم خلال الفترة من تاريخ العمل بها حتى تاريخ إلغائها، فإذا أحل المشرع محلها قاعدة أخرى، فإن القاعدة الجديدة تسري من الوقت المحدد لنفاذها، ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها، وبذلك يتحدد النطاق الزمني لسريان كل من القاعدتين، فما نشأ من المراكز القانونية في ظل العمل بالقاعدة القانونية القديمة، وجرت آثارها خلال فترة نفاذها، يظل محكومًا بها وحدها. متى كان ذلك، وكان النزاع المردد أمام محكمة الموضوع نشأ في ظل العمل بأحكام النص التشريعي المحال، وجرت آثاره خلال فترة نفاذ ذلك النص، قبل استبداله؛ فمن ثم فإنه يظل محكومًا به وحده.
وحيث إن من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن الرقابة على دستورية القوانين، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، بحسبانه مستودع القيم التي ينبغي أن تقوم عليها الجماعة، وتعبيرًا عن إرادة الشعب منذ صدوره، ذلك أن الرقابة إنما تستهدف أصلاً صون الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه، إذ إن نصوص هذا الدستور تمثل دائمًا القواعد والأصول التي يقوم عليها النظام العام في المجتمع، بحسبانها أسمى القواعد الآمرة التي تعلو ما دونها من تشريعات؛ ومن ثم يتعين التزامها، ومراعاتها، وإهدار ما يخالفها من تشريعات - أيًّا كان تاريخ العمل بها- لضمان اتساقها والمفاهيم التي أتى بها، فلا تتفرق هذه القواعد في مضامينها بين نظم مختلفة يناقض بعضها البعض بما يحول دون جريانها وفق المقاييس الموضوعية ذاتها التي تطلبها الدستور القائم كشرط لمشروعيتها الدستورية.
متى كان ذلك، وكان النص المحال قد استمر العمل بأحكامه بعد صدور الدستور الحالي حتى ألغي بالقانون رقم 117 لسنة 2015، وكانت المناعي التي أثارها حكم الإحالة على النص المحال تندرج تحت المطاعن الموضوعية التي تقوم في مبناها على مخالفة نص تشريعي لقاعدة في الدستور، من حيث محتواها الموضوعي؛ ومن ثم تباشر المحكمة رقابتها القضائية على دستورية النص المحال في ضوء أحكام الدستور القائم.
وحيث إن الدساتير المصرية على تعاقبها قد حرصت على النص على التضامن الاجتماعي، باعتباره ركيزة أساسية لبناء المجتمع، وواحدًا من الضمانات الجوهرية التي ينبغي أن ينعم بها أفراده، وهو ما أكدت عليه المادة (8) من الدستور القائم، التي ألزمت الدولة بتوفير سبل التضامن والتكافل الاجتماعي، بما يضمن الحياة الكريمة لجميع المواطنين، على النحو الذي ينظمه القانون. وفي سبيل تحقيق ذلك، ألزمت المادة (17) من الدستور الدولة بكفالة توفير خدمات التأمين الاجتماعي، وحق كل مواطن في الضمان الاجتماعي، إذا لم يكن متمتعًا بنظام التأمين الاجتماعي، بما يضمن له ولأسرته الحياة الكريمة، وتأمينه ضد مخاطر حالات العجز عن العمل والشيخوخة والبطالة، باعتبار أن مظلة التأمين الاجتماعي التي يحدد المشرع نطاقها - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - هي التي تكفل بمداها واقعًا أفضل، يؤمن المواطن في غده، وينهض بموجبات التضامن الاجتماعي التي يقوم عليها المجتمع، بما مؤداه: أن المزايا التأمينية هي - في حقيقتها - ضرورة اجتماعية بقدر ما هي ضرورة اقتصادية، وأن غايتها أن تؤمن المشمولين بها في مستقبل أيامهم عند تقاعدهم أو عجزهم أو مرضهم، وأن تكفل الحقوق المتفرعة عنها لأسرهم بعد وفاتهم، وهي معانٍ استلهمها الدستور القائم بربطه الرفاهية والنمو الاقتصادي بالعدالة الاجتماعية، حين أكد في المادة (27) منه أن النظام الاقتصادي يهدف إلى تحقيق الرخاء في البلاد من خلال التنمية المستدامة، والعدالة الاجتماعية، بما يكفل رفع معدل النمو الحقيقي للاقتصاد القومي، ورفع مستوى المعيشة، وزيادة فرص العمل وتقليل معدلات البطالة، والقضاء على الفقر.
وحيث إن الدستور وإن جعل بمقتضى نص المادة (17) منه توفير خدمات التأمين والضمان الاجتماعي التزامًا دستوريًّا على عاتق الدولة، ليكون الوفاء بها، بحسب الأصل، من خلالها، بيد أن التزامها في هذا الشأن بأن تكفل لمواطنيها ظروفًا أفضل في مجال التأمين والضمان الاجتماعي، لا يعني أن تنفرد وحدها بصون متطلباتها، ولا أن تتحمل دون غيرها بأعبائها، وإلا كان ذلك تقويضًا لركائز التضامن الاجتماعي التي يقوم عليها المجتمع.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدستور وقد ناط بالدولة أن تكفل لمواطنيها خدماتهم التأمينية والاجتماعية، أضفى حماية خاصة لأموال التأمينات والمعاشات، بحسبانها، وعوائدها، حقًّا للمستفيدين منها، وإن اعتبر أموالها أموالًا خاصة، إلا أنها تتمتع بجميع أوجه وأشكال الحماية المقررة للأموال العامة.
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدولة القانونية، طبقًا لنص المادة (94) من الدستور الحالي، هي التي تتوافر لكل مواطن في كنفها الضمانة الأولية لحماية حقوقه وحرياته، وتنظيم السلطة وممارستها في إطار من المشروعية، وهى ضمانة يدعمها القضاء من خلال استقلاله وحصانته، لتصبح القاعدة القانونية محورًا لكل تنظيم، وحدًّا لكل سلطة ورادعًا ضد العدوان عليها، وكان الأصل في كل تنظيم تشريعي أن يكون منطويًا على تقسيم أو تصنيف من خلال الأعباء التي يلقيها على البعض أو المزايا التي يمنحها لفئة دون غيرها، ويتعين دومًا لضمان اتفاق هذا التنظيم مع الدستور، أن تتوافر علاقة منطقية بين الأغراض المشروعة التي اعتنقها المشرع في موضوع محدد، وفاء بمصلحة عامة لها اعتبارها، والوسائل التي اتخذها طريقًا لبلوغها، فلا تنفصل النصوص القانونية التي تنظم بها هذا الموضوع عن أهدافها، بل يجب أن تُعد مدخلًا إليها.
وحيث إن الدستور قد اعتمد بمقتضى نص المادة (٤) منه مبدأ المساواة، باعتباره إلى جانب مبدأي العدل وتكافؤ الفرص، أساسًا لبناء المجتمع وصون وحدته الوطنية، وتأكيدًا لذلك حرص الدستور في المادة (٥٣) منه على كفالة تحقيق المساواة لجميع المواطنين أمام القانون، وفي الحقوق والحريات والواجبات العامة، دون تمييز بينهم لأي سبب، إلا أن ذلك لا يعني - وفقًا لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - أن تُعامَل فئاتهم على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها؛ ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية؛ ومن ثمَّ لا ينطوي على مخالفة لنص المادتين ( ٤ و٥٣) من الدستور، بما مؤداه: أن التمييز المنهي عنه بموجبهما هو ذلك الذي يكون تحكميًّا، وأساس ذلك أن كل تنظيم تشريعي لا يعتبر مقصودًا لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها، تعكس مشروعيتها إطارًا للمصلحة العامة التي يسعى المشرع إلى تحقيقها من وراء هذا التنظيم.
وحيث إن النص المحال وقد قرر للمطلقة استحقاقًا في معاش مطلقها، وفقًا لضوابط أوردها، وشروط حددها، يلزم توافرها جميعًا، بالرغم من انفصام عرى الزوجية؛ فقد كان ذلك مراعاة لفئة من المطلقات، ارتأى المشرع بما له من سلطة تقديرية، أنها أمضت سنين عديدة في رعاية مطلقها قبل أن تنفصم عرى الزوجية بينهما، وبعد أن بلغت - في غالب الأحوال - سنًا لا يتيسر معه أن تجد من يكفل لها الحياة الكريمة، وبهذه المثابة، فإن عناصر مركزها القانوني - قبل العمل بقانون الضمان الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 2010، الذي كفل للمطلقة الحصول على معاش الضمان الاجتماعي وفقًا للمادة (4) منه - تتكافأ مع المركز القانوني لأرملة صاحب المعاش أو المؤمن عليه، على نحو ما يستصحب من أحكام الفقرة الأولى من المادة (105) والمادة (113) من قانون التأمين الاجتماعي والجدول رقم (3) الملحق به، ويكون النص المحال محققًا في الوقت ذاته التضامن الاجتماعي الذي اعتبره الدستور بمقتضى المادة (8) منه أساسًا لبناء المجتمع، وجعل تحقيقه واجبًا على الدولة، وداخلًا بما قرره من أحكام في إطار سلطة المشرع في تنظيم الحق في التأمين والضمان الاجتماعي، وبيان قواعد تحديد المرتبات والمعاشات طبقًا لنص المادة (128) من الدستور، دون المساس بأصل الحق أو جوهره، بحسبانه القيد العام الضابط لسلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق والحريات الذي قررته المادة (92) من الدستور.
وحيث إن المشرع - فضلًا عما تقدم - قد أجرى موازنة بين تقرير معاش محدد لفئة محددة من المطلقات، وحماية باقي المستحقين، وبحسبان التوسع في دائرة المطلقات المستفيدات من معاش مطلقيهن، فيه تضييق وانتقاص من حقوق باقي المستحقين؛ الأمر الذي يغدو معه النعي على النص المحال - محددًا نطاقًا على نحو ما سلف - بمخالفة مبادئ العدالة الاجتماعية والتضامن الاجتماعي والمساواة لا سند له، خليقًا برفضه.
وحيث إن النص المحال لا يتعارض مع أحكام الدستور من أوجه أخرى؛ الأمر الذي يتعين معه القضاء برفض الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى.

الثلاثاء، 4 يونيو 2024

الطعن رقم 26 لسنة 45 ق دستورية عليا " تنازع " جلسة 4 / 5 / 2024

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من مايو سنة 2024م، الموافق الخامس والعشرين من شوال سنة 1445ه.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني نواب رئيس المحكمة وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 26 لسنة 45 قضائية تنازع

المقامة من
1- محمود جميل فتحي سليمان
2- أم إبراهيم محمد عبد العزيز البرناوي
ضد
1- محافظ القليوبية
2- رئيس قسم الأملاك بمحافظة القليوبية
3- رئيس قسم الأملاك بالوحدة المحلية لمركز ومدينة شبين القناطر
4- ناصر محمود عبد النبي حسن الور

------------

" الإجراءات "
بتاريخ السابع عشر من سبتمبر سنة 2023، أودع المدعيان صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبين الفصل في التنازع السلبي، وتحديد المحكمة المختصة بنظر الدعاوى أرقام: 29 لسنة 2011 مدني كلي حكومة الخانكة و183 لسنة 2021 مدني كلي حكومة بنها و6043 لسنة 16 قضائية قضاء إداري القليوبية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وبعد حجز الدعوى للحكم، قدم المدعيان طلبًا لفتح باب المرافعة فيها، أرفقا به صورًا طبق الأصل من الأحكام المدعى تنازعها.
--------------

" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعيين أقاما أمام محكمة الخانكة الكلية، الدعوى رقم 29 لسنة 2011 مدني كلي حكومة، ضد المدعى عليهم الثلاثة الأولين، طالبين الحكم، أولًا: بندب خبير في الدعوى لتحديد سعر الأرض محل التداعي، ثانيًا: بتحديد سعر متر الأرض طبقًا لما يسفر عنه تقرير الخبير؛ وذلك على سند من القول بأنهما يضعان اليد على تلك الأرض المملوكة للدولة ملكية خاصة، وتقدما بطلب إلى الجهة الإدارية لشرائها، فأصدرت تلك الجهة قرارًا بتحديد ثمن المتر الواحد على نحو مغالى فيه، فأقاما دعواهما بطلباتهما السالفة الذكر. وبجلسة 19/ 8/ 2014، قضت المحكمة بعدم اختصاصها ولائيًّا بنظر الدعوى، وإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص، وقيدت الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري بالقليوبية - الدائرة 35 (عقود وتراخيص) - برقم 6043 لسنة 16 قضائية. وبجلسة 22/ 4/ 2021، قضت المحكمة بعدم اختصاصها ولائيًّا بنظر الدعوى، وإحالتها إلى محكمة شمال بنها الابتدائية للاختصاص، فقيدت الدعوى أمام تلك المحكمة برقم 183 لسنة 2021 مدني كلي حكومة، وبجلسة 17/ 6/ 2023، قضت المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بعدم الاختصاص الولائي، في الدعوى رقم 29 لسنة 2011 مدني كلي حكومة الخانكة. وإذ ارتأى المدعيان أن جهتي القضاء العادي والإداري قد تسلبتا عن اختصاصهما بنظر خصومة الموضوع، فأقاما الدعوى المعروضة؛ بغية تعيين جهة القضاء المختصة بنظر النزاع.
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المادة (192) من الدستور، والبند ثانيًا من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، قد أسندا لها - دون غيرها - الفصل في تنازع الاختصاص بتعيين الجهة المختصة من بين جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، وذلك إذا رفعت الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين منها ولم تتخل أحدهما عن نظرها أو تخلت كلتاهما عنها. ويتعين على كل ذي شأن - عملًا بنص الفقرة الثانية من المادة (31) من قانون هذه المحكمة - أن يبين في الطلب موضوع النزاع وجهات القضاء التي نظرته وما اتخذته كل منها في شأنه. وضمانًا لإنباء المحكمة الدستورية العليا - بما لا تجهيل فيه - بأبعاد النزاع، تعريفًا به، ووقوفًا على ماهيته، فقد حتم المشرع في المادة (34) من قانونها أن يرفق بطلب تحديد جهة القضاء المختصة صورة رسمية من الحكمين اللذين وقع في شأنهما التنازع، وأن يقدما معًا عند رفع الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا، باعتبار أن ذلك يُعد إجراءً جوهريًّا، تغيا مصلحة عامة؛ حتى ينتظم التداعي في المسائل التي حددها قانون هذه المحكمة وفقًا لأحكامه.
وحيث جرى قضاء هذه المحكمة على أن المقصود بالصورة الرسمية المنصوص عليها في المادة (34) من قانونها المشار إليه، هي الصورة الرسمية كما حددها قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية، وذلك بأن تكون صورة تنفيذية لكل من الأحكام التي يثار تنازعها أو تناقضها، أو تكون صورة رسمية من المحاكم ذاتها التي أصدرت هذه الأحكام.
وحيث كان ما تقدم، وكان الثابت بالأوراق أن المدعيين أرفقا بصحيفة دعواهما المعروضة صورة طبق الأصل من حكم محكمة الخانكة الكلية الصادر بجلسة 19/ 8/ 2014، في الدعوى رقم 29 لسنة 2011 مدني كلي حكومة، وحكم محكمة القضاء الإداري بالقليوبية، الدائرة 35 ( عقود وتراخيص) الصادر بجلسة 22/ 4/ 2021، في الدعوى رقم 6043 لسنة 16 قضائية، وكلتا الصورتين ممهورة بخاتم تقرأ بصمته وزارة العدل - محكمة شمال بنها الابتدائية؛ ومن ثم لا تُعد كلتاهما من الصور الرسمية، ولا ينال من ذلك تقديم المدعيين صورًا طبق الأصل من الأحكام المشار إليها بعد حجز هذه الدعوى للحكم، إذ لم تقدم عند إيداع صحيفتها قلم كتاب هذه المحكمة، على نحو ما أوجبته المادة (34) من قانونها المار ذكره، الأمر الذي تفتقد معه الدعوى المعروضة أحد شرائط قبولها، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

الطعن رقم 112 لسنة 21 ق دستورية عليا "دستورية" جلسة 4 / 5 / 2024

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الرابع من مايو سنة 2024م، الموافق الخامس والعشرين من شوال سنة 1445ه.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني نواب رئيس المحكمة وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 112 لسنة 21 قضائية دستورية

المقامة من
ورثة/ عمر طوسون عبد الواحد سعداوي، وهم:
1- محمد عمر طوسون عبد الواحد
2- أحمد عمر طوسون عبد الواحد
3- سامية عمر طوسون عبد الواحد
4- بهيجة عبد الظاهر أفندي مصطفى
ضد
1- رئيس الجمهورية
2- رئيس مجلس الشعب (النواب حاليًّا)
3- رئيس مجلس الوزراء
4- وزير العدل
5- وزير المالية، بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب على المبيعات
6- رئيس مصلحة الضرائب على المبيعات
7- مدير الإدارة العامة لمنطقة جنوب القاهرة بمصلحة الضرائب على المبيعات
8- مدير الإدارة العامة لمنطقة غرب القاهرة بمصلحة الضرائب على المبيعات
9- مدير إدارة التهرب الضريبي
10- رئيس مأمورية وسط البلد بمصلحة الضرائب على المبيعات
11- رئيس مأمورية قصر النيل والأزبكية بمصلحة الضرائب على المبيعات

-----------------

" الإجراءات "
بتاريخ العشرين من يونيو سنة 1999، أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبين الحكم بعدم دستورية قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، والمواد (1 في شأن تعريف المكلف والضريبة الإضافية و3/ 4، 5) و(18) من القانون ذاته، والمادتين (4/ 1 و26) من لائحته التنفيذية الصادرة بقرار وزير المالية رقم 161 لسنة 1991، والقانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات، والمادة (7) منه، وقرار رئيس الجمهورية رقم 39 لسنة 1994.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرتين، طلبت في ثانيتهما الحكم، أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بطلباتها السابقة، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

----------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن مورث المدعين أقام أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية الدعوى رقم 8718 لسنة 1997 مدني كلي، ضد المدعى عليهم من الخامس حتى الأخير، طلبًا للحكم: أولًا: ببراءة ذمته المالية من مطالبة مصلحة الضرائب على المبيعات له بمبلغ 39135,12 جنيهًا قيمة ضريبة المبيعات عن الفترة من 13/ 12/ 1994 حتى 31/ 12/ 1995. ثانيًا: باسترداد ما قام بسداده لحساب مصلحة الضرائب على المبيعات خلال الفترة من 1/ 1/ 1996 حتى 10/ 7/ 1997، تاريخ رفع الدعوى، والبالغ مقداره 25074,74 جنيهًا، بالإضافة إلى ما يستجد منها بعد رفع الدعوى من ضرائب أخرى من دون وجه حق. ثالثًا ورابعًا: شطب قيده من سجل مصلحة الضرائب على المبيعات؛ لكون مهنته غير خاضعة للضريبة، ولكونه غير مكلف بتحصيلها وتوريدها. خامسًا: التصريح له برفع دعوى بعدم دستورية قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، والمواد (1/ 6) و(3 / 4، 5) و(18) من القانون ذاته، والمادتين (4/ 1 و26) من لائحته التنفيذية الصادرة بقرار وزير المالية رقم 161 لسنة 1991، والمادة (7) من القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات، وقرار رئيس الجمهورية رقم 39 لسنة 1994. سادسًا: التصريح له بتقديم طلب إلى المحكمة الدستورية العليا لتفسير نص المادة (7) من القانون رقم 2 لسنة 1997.
وذلك على سند من القول بأنه يمتهن مهنة خبير مثمن، وقد طالبته مصلحة الضرائب على المبيعات في عام 1995 بتسجيل اسمه لدى المصلحة وسداد الضريبة المستحقة عليه، لكون نشاط الوساطة في بيع العقارات والسيارات يُعد من الأنشطة الخاضعة للضريبة العامة على المبيعات، طبقًا لأحكام القرار الجمهوري رقم 39 لسنة 1994 المعدل للجدول رقم (2) المحدد للخدمات الخاضعة لهذه الضريبة، المرفق بقانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، وأن مهنته من المهن الحرة غير التجارية الخاضعة لأحكام قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 157 لسنة 1981 وتعديلاته، وهي تختلف عن نشاطي الوساطة والسمسرة المعدودين من المهن التجارية التي تخضع لأحكام قانون الضريبة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991.
وعلى أثر وفاة مورث المدعين تم تصحيح شكل الدعوى الموضوعية، وطلب المدعون الحكم بالطلبات الواردة بصحيفة دعوى مورثهم، ومن بينها تمسكهم بالدفع بعدم دستورية النصوص التشريعية الواردة بصحيفة الدعوى الموضوعية، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت للمدعين بإقامة الدعوى الدستورية، فأقاموا الدعوى المعروضة.
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد استقر على أن المشرع لم يجعل الدعوى الأصلية سبيلًا إلى الطعن بعدم الدستورية، وأن مناط ولايتها في الرقابة على دستورية القوانين واللوائح هو اتصالها بالدعوى اتصالًا مطابقًا للأوضاع المقررة في المادة (29) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، وذلك إما بإحالة الأوراق إليها من إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي للفصل في المسألة الدستورية، وإما برفعها من أحد الخصوم بمناسبة نظر دعوى موضوعية دفع فيها الخصم بعدم دستورية نص تشريعي، وقدرت محكمة الموضوع جديته وصرحت له برفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، خلال أجل لا يجاوز الأشهر الثلاثة، وهذه الأوضاع والإجراءات تتعلق بالنظام العام باعتبارها شكلًا جوهريًّا في التقاضي تغيَّا به المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية.
متى كان ما تقدم، وكان الطعن بعدم دستورية كامل أحكام القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 لم يتضمنه الدفع المبدى أمام محكمة الموضوع، مما ينحل معه ذلك الطعن إلى دعوى أصلية أقيمت بالمخالفة للأوضاع والإجراءات المقررة قانونًا، وتغدو معه الدعوى في هذا الشق منها غير مقبولة.
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المادة (30) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 توجب أن يتضمن القرار الصادر بالإحالة أو صحيفة الدعوى المرفوعة إليها بيان النص التشريعي المطعون بعدم دستوريته والنص الدستوري المدعى بمخالفته، وأوجه المخالفة، باعتبار أن هذه البيانات تعد من البيانات الجوهرية التي تنبئ عن جدية الدعوى بما يمكن معها تحديد موضوعها وإلا كان هذا القرار أو تلك الصحيفة منطويين على التجهيل بالمسائل الدستورية التي تُدعى هذه المحكمة للفصل فيها.
متى كان ما تقدم، وكان ما أثاره المدعون بصحيفة دعواهم المعروضة من طعن بعدم دستورية كامل أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، لم يتضمن تحديدًا للنصوص التشريعية المطعون بعدم دستوريتها وأوجه مخالفتها للدستور - فيما عدا ما ورد من مناعٍ على نصوص بعينها -؛ ومن ثم يكون ذلك الطعن قد انطوى على تجهيل بالمسألة الدستورية التي تُدعى هذه المحكمة للفصل فيها، مما تصبح معه الدعوى في هذا الشق منها - أيضًا - غير مقبولة.
وحيث إن المدعين ينعون على النصوص المطعون فيها مخالفتها لأحكام المواد (2 و4 و8 و38 و40 و108 و119 و187) من دستور سنة 1971 المقابلة للمواد (2 و4 و9 و27 و38 و53 و156 و225) من دستور سنة 2014، على سند من أن القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات، لم يقصد سوى إضفاء شرعية دستورية على القرارات الجمهورية التي صدرت طبقًا للقانون المعَّدل، وأن فرض هذه الضريبة تم بأثر رجعي، ومن شأن ذلك الإخلال بمبدأ العدالة الاجتماعية التي يقوم عليها النظام الضريبي، والإخلال بمبدأي تكافؤ الفرص والمساواة، من خلال التفرقة غير المبررة بين الخدمات التي تُحمّل بضريبة المبيعات ومثيلاتها التي لا تُحمَّل بها؛ لعدم بلوغ حد التسجيل لدى مأمورية الضرائب، مما أوجد تمييزًا بين المواطنين الذين يتعاملون في خدمة واحدة، كما فرض قانون الضريبة العامة على المبيعات على المكلف تحصيل تلك الضريبة دون توفير وسائل قانونية تمكنه من ذلك، مما أخل بعدالة توزيع الأعباء والتكاليف العامة، فضلًا عن تعارض الضريبة الإضافية التي قررها قانون الضريبة العامة على المبيعات مع أحكام الشريعة الإسلامية، وما نص عليه هذا القانون من تخويل رئيس الجمهورية إصدار قرارات بإنشاء ضريبة عامة دون التقيد في ذلك بمدة محددة.
وحيث إن الفقرة الأولى من المادة (18) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 تنص على أنه على كل منتج صناعي بلغ أو جاوز إجمالي قيمة مبيعاته من السلع الصناعية المنتجة محليًّا الخاضعة للضريبة والمعفاة منها خلال الاثنى عشر شهرًا السابقة على تاريخ العمل بهذا القانون 54 ألف جنيه، وكذلك على مورد الخدمة الخاضعة للضريبة وفقًا لأحكام هذا القانون إذا بلغ أو جاوز المقابل الذي حصل عليه نظير الخدمات التي قدمها في خلال تلك المدة هذا المبلغ، أن يتقدم إلى المصلحة بطلب لتسجيل اسمه وبياناته على النموذج المعد لهذا الغرض وذلك خلال المدة التي يحددها الوزير.
وحيث إن المادة (7) من القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 تنص على أنه اعتبارًا من 14/ 2/ 1994:
يضاف إلى الجدول رقم (2) المرافق للقانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه البندان الآتيان:
16- خدمة الوساطة لبيع العقارات قيمة الخدمة (10٪)
17- خدمة الوساطة لبيع السيارات قيمة الخدمة (10٪)
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مناط المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية - وهي شرط لقبولها - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وقوامها أن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في مسألة كلية أو فرعية تدور حولها الخصومة بأكملها أو في شق منها في الدعوى الموضوعية.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق لها أن حسمت المسألة الدستورية المتعلقة بنص المادة (1) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 والمادة (26) من اللائحة التنفيذية لقانون الضريبة العامة على المبيعات الصادرة بقرار وزير المالية رقم 161 لسنة 1991 فيما نصتا عليه من فرض الضريبة الإضافية، بحكميها الصادر أولهما بجلسة 31/ 7/ 2005، في الدعوى رقم 90 لسنة 21 قضائية دستورية، والآخر بجلسة 1/ 7/ 2007، في الدعوى رقم 70 لسنة 22 قضائية دستورية اللذين قضيا برفض كلتا الدعويين، وإذ نُشر أولهما بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 34 (تابع) بتاريخ 25/ 8/ 2005، ونُشر الآخر بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 27 (مكرر) بتاريخ 19/ 7/ 2007، وكان مقتضى نص المادة (195) من الدستور القائم والمادتين (48 و49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون للأحكام والقرارات الصادرة من هذه المحكمة حجية مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة باعتباره قولًا فصلًا لا يقبل تأويلًا ولا تعقيبًا من أية جهة كانت، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه على هذه المحكمة من جديد لمراجعته، الأمر الذي تغدو معه الدعوى المعروضة بالنسبة إلى هذين النصين غير مقبولة.
وحيث إنه عن الطعن على نص المادتين (1 في شأن تعريف المكلف والضريبة الإضافية) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، والبند (1) من المادة (4) من الفصل الثاني من لائحته التنفيذية الصادرة بقرار وزير المالية رقم 161 لسنة 1991؛ فمردود بأن النصين المطعون فيهما اقتصرا على مجرد التعريف بالمكلف ولم يتضمنا حكمًا موضوعيًّا، إذ ورد هذا الحكم في نص المادة (5) من ذلك القانون الذي حدد الالتزامات التي تقع على عاتق المكلف، وتتمثل في تحصيل الضريبة والإقرار عنها وتوريدها إلى مصلحة الضرائب في المواعيد المنصوص عليها في القانون؛ ومن ثم فإن الفصل في دستورية تعريف المقصود بالمكلف في النصين المطعون فيهما لا يرتب انعكاسًا على الطلبات في الدعوى الموضوعية، الأمر الذي تنتفي معه مصلحة المدعين في الطعن على هذين النصين، مما لزامه القضاء بعدم قبول الدعوى في هذا الشق منها أيضًا.
وحيث إنه عن الطعن على نص الفقرتين الرابعة والخامسة من المادة ( 3 ) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، ونصوص قرار رئيس الجمهورية رقم 39 لسنة 1994؛ فمردود بأنه بموجب المادتين (11 و12) من القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 ألغيت الفقرتان الثالثة والرابعة من المادة الثالثة من القانون المار ذكره منذ تاريخ العمل بالقانون المعَّدل السالف البيان، وسقطت - تبعًا لذلك - الفقرة الخامسة منها، كما أُلغي ما صدر عن رئيس الجمهورية من قرارات استنادًا إليهما منذ تاريخ العمل بكل منها، بما في ذلك قرار رئيس الجمهورية السالف الذكر، فإنه لم تعد ثمة آثار قانونية قائمة يمكن أن تكون النصوص المطعون فيها قد رتبتها خلال فترة العمل بها بعد أن تم إلغاؤها بأثر رجعي، لتغدو مصلحة المدعين ترتيبًا على ذلك في الطعن عليها منتفية، بما يستوجب - أيضًا - القضاء بعدم قبول الدعوى في هذا الشق منها.
وحيث إن المدعين يبتغون من دعواهم الموضوعية الحكم ببراءة ذمتهم من مطالبة مصلحة الضرائب على المبيعات بمقابل الضرائب على المبيعات، عن الفترة من 13/ 12/ 1994 حتى 31/ 12/ 1995، وأحقيتهم في استرداد ما تم سداده لحساب المصلحة في الفترة من 1/ 1/ 1996 حتى 10/ 7/ 1997، فإن مصلحتهم في الدعوى المعروضة تتحقق في الطعن على نص الفقرة الأولى من المادة (18) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، وذلك في مجال سريانه على مورد الخدمة، ونص المادة (7) من القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، وبهذين النصين يتحدد نطاق الدعوى المعروضة. ولا ينال من ذلك إلغاء قانون الضريبة العامة على المبيعات المشار إليه، بموجب نص المادة الثانية من القانون رقم 67 لسنة 2016 بإصدار قانون الضريبة على القيمة المضافة؛ إذ إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إلغاء المشرع لقاعدة قانونية بذاتها لا يحول دون الطعن عليها من قبل من طُبقت عليه خلال فترة نفاذها، وترتبت بمقتضاها آثار قانونية بالنسبة إليه تتحقق بإبطالها مصلحته الشخصية المباشرة؛ ذلك أن الأصل في تطبيق القاعدة القانونية هو سريانها على الوقائع التي تتم خلال الفترة من تاريخ العمل بها حتى إلغائها، فإذا استُعيض عنها بقاعدة قانونية جديدة سرت القاعدة الجديدة من الوقت المحدد لنفاذها، ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها، وبذلك يتحدد النطاق الزمني لسريان كل من القاعدتين، فما نشأ من المراكز القانونية في ظل القاعدة القانونية القديمة وجرت آثارها خلال فترة نفاذها يظل محكومًا بها وحدها. متى كان ذلك، وكانت رحى النزاع الموضوعي بين المدعين ومصلحة الضرائب على المبيعات تدور حول أحقية الجهة المذكورة في مطالبتهم بهذه الضريبة عن نشاط مورثهم خلال الفترات الضريبية من 12/ 1994 حتى 12/ 1997؛ ومن ثم يظل المدعون مخاطبين بالنصين المطعون فيهما، وتتوافر لهم بذلك مصلحة شخصية مباشرة في الفصل في دستوريتهما.
كما لا ينال من ذلك - أيضًا - أن المحكمة الدستورية العليا سبق أن باشرت رقابتها القضائية على دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (18) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 وقضت بجلسة 6/ 8/ 2022، برفض الدعوى رقم 88 لسنة 33 قضائية دستورية، المقامة طعنًا على دستورية ذلك النص. وقد نُشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بالعدد 31 مكرر(ج) بتاريخ 9/ 8/ 2022، إذ إن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة منها في الدعاوى الدستورية يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التي كانت مثارًا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة فصلًا حاسمًا بقضائها، ولا تمتد إلى غير تلك النصوص حتى لو تطابقت في مضمونها. كما أن قوة الأمر المقضي لا تلحق سوى منطوق الحكم وما يتصل بهذا المنطوق من الأسباب اتصالًا حتميًّا بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها.
متى كان ما تقدم، وكان ما فصلت فيه هذه المحكمة في الدعوى المار ذكرها ينحصر في مجال سريان النص المطعون فيه على المنتج الصناعي، ومن ثم فلا تثريب على هذه المحكمة من إعمال رقابتها القضائية على دستورية النص ذاته في نطاق إعماله على مؤدي الخدمة.
وحيث إن الرقابة الدستورية على القوانين، من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، بحسبانه مستودع القيم التي ينبغي أن تقوم عليها الجماعة، وتعبر عن إرادة الشعب منذ صدوره؛ ذلك أن هذه الرقابة إنما تستهدف - أصلًا - صون الدستور القائم وحمايته من الخروج على أحكامه، بحسبان نصوص هذا الدستور تمثل دائمًا القواعد والأصول التي يقوم عليها النظام العام في المجتمع، وتشكل أسمى القواعد الآمرة التي تعلو على ما دونها من تشريعات؛ ومن ثم يتعين التزامها ومراعاتها، وإهدار ما يخالفها من تشريعات - أيًّا كان تاريخ العمل بها - لضمان اتساقها والمفاهيم التي أتي بها، فلا تتفرق هذه القواعد في مضامينها بين نظم مختلفة يناقض بعضها البعض، بما يحول دون جريانها وفق المقاييس الموضوعية ذاتها التي تطلبها الدستور القائم شرطًا لمشروعيتها الدستورية. متى كان ما تقدم، وكان قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، قد استمر العمل بأحكامه إلى أن تم إلغاؤه بموجب المادة الثانية من القانون رقم 67 لسنة 2016، بإصدار قانون الضريبة على القيمة المضافة، في ظل العمل بأحكام الدستور الحالي الصادر عام 2014، وكانت المناعي التي وجهها المدعون إلى النصين المطعون فيهما، تندرج ضمن المطاعن الموضوعية التي تقوم في مبناها على مخالفته لقاعدة في الدستور، من حيث محتواها الموضوعي، ومن ثم تباشر هذه المحكمة رقابتها على دستورية النصين المطعون فيهما، في ضوء أحكام الدستور الصادر سنة 2014.
وحيث إن الدستور الحالي قد حرص في المادة (4) منه على النص على مبدأ تكافؤ الفرص، باعتباره من الركائز الأساسية التي يقوم عليها بناء المجتمع، والحفاظ على وحدته الوطنية، ومن أجل ذلك جعل الدستور بمقتضى نص المادة (9) منه، تحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين دون تمييز التزامًا دستوريًّا على عاتق الدولة، لا تستطيع منه فكاكًا. وقوام هذا المبدأ - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الفرص التي كفلها الدستور للمواطنين فيما بينهم تفترض تكافؤها، وتتدخل الدولة إيجابيًّا لضمان عدالة توزيعها بين من يتزاحمون عليها، ومن ثم ضرورة ترتيبهم فيما بينهم على ضوء قواعد يمليها التبصر والاعتدال؛ وهو ما يعني أن موضوعية شروط النفاذ إليها، مناطها تلك العلاقة المنطقية التي تربطها بأهدافها، فلا تنفصل عنها.
وحيث إن الدستور الحالي قد اعتمد - كذلك - بمقتضى نص المادة (4) منه مبدأ المساواة، باعتباره - إلى جانب مبدأي العدل وتكافؤ الفرص - أساسًا لبناء المجتمع وصيانة وحدته الوطنية، وتأكيدًا لذلك حرص الدستور في المادة (53) منه على كفالة تحقيق المساواة لجميع المواطنين أمام القانون، في الحقوق والحريات والواجبات العامة، دون تمييز بينهم لأي سبب، إلا أن ذلك لا يعني - وفقا لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - أن تعامل فئاتهم على ما بينها من تفاوت في مراكزها القانونية معاملة قانونية متكافئة، كذلك لا يقوم هذا المبدأ على معارضة صور التمييز جميعها؛ ذلك أن من بينها ما يستند إلى أسس موضوعية ومن ثم
لا ينطوي على مخالفة لنص المادتين (4 و53) المشار إليهما، بما مؤداه أن التمييز المنهي عنه بموجبهما هو ذلك الذي يكون تحكُّميًّا، وأساس ذلك أن كل تنظيم تشريعي لا يعتبر مقصودًا لذاته، بل لتحقيق أغراض بعينها تعكس مشروعيتها إطارًا للمصلحة العامة التي يسعى المشرع إلى تحقيقها من وراء هذا التنظيم، فإذا كان النص المطعون عليه - بما انطوى عليه من تمييز - مصادمًا لهذه الأغراض، بحيث يستحيل منطقًا ربطه بها أو اعتباره مدخلًا إليها، فإن التمييز يكون تحكُّميًّا وغير مستند إلى أسس موضوعية؛ ومن ثم مجافيًا لمبدأ المساواة.
وحيث إن من المقرر - أيضًا - في قضاء هذه المحكمة أن الأصل في كل تنظيم تشريعي أن يكون منطويًا على تقسيم أو تصنيف أو تمييز من خلال الأعباء التي يلقيها على البعض، أو عن طريق المزايا أو الحقوق التي يكفلها لفئة دون غيرها، إلا أن اتفاق هذا التنظيم مع أحكام الدستور يفترض ألا تنفصل النصوص القانونية التي نظم بها المشرع موضوعًا محددًا عن أهدافها؛ ليكون اتصال الأغراض التي توخاها بالوسائل المؤدية لها منطقيًّا، وليس واهيًا بما يخل بالأسس الموضوعية التي يقوم عليها التمييز المبرر دستوريًّا.
وحيث إن الأصل في الضريبة العامة على المبيعات - بحسبانها من الضرائب غير المباشرة - أن يتحمل المستهلك عبئها، غير أنه لتعذر تحصيلها من جموع المستهلكين من خلال أجهزة مصلحة الضرائب، توجه المشرع إلى تحديد ملتزم آخر بها، هو المكلف الذي يقوم بتحصيل الضريبة من مشتري السلعة أو متلقي الخدمة، وتوريد حصيلتها إلى الخزانة العامة بما يحقق الغرض المقصود منها، والحصول على غلتها لمواجهة الإنفاق العام.
وحيث إن المشرع في مجال إنفاذ الغايات التي سعى إليها قانون الضريبة العامة على المبيعات، اتخذ من التسجيل، عند بلوغ أو مجاوزة إجمالي قيمة الخدمات الموردة الحد الذي أورده النص المطعون فيه، وسيلة لحصر المجتمع الضريبي من ملزمين بأداء الضريبة، ومسجلين مكلفين بتحصيلها وتوريد حصيلتها، مُقَدَّرًا افتقار من لم يبلغ إجمالي قيمة الخدمات الموردة ذلك الحد أدوات تحصيل هذه الضريبة، واعتوازه الإمكانات الفنية والبشرية والمالية للتحصيل، ولازم ذلك تعريض هذه الفئة من موردي الخدمة للمساءلة القانونية حال إخلالهم بالالتزامات الناشئة عن التسجيل لدى مصلحة الضرائب.
وحيث إنه عن النعي على نص المادة (18) من قانون الضريبة على المبيعات - في نطاقه المتقدم بيانه - إخلاله بمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص بين موردي الخدمة الذين بلغوا حد التسجيل، ونظرائهم ممن لم يبلغوه؛ فإنه مردود، بأن مورد الخدمة الذي بلغ أو جاوز إجمالي مقابل ما أداه من خدمات حد التسجيل، يستفيد مما يتيحه هذا التسجيل من مزية خصم ما سبق تحميله من هذه الضريبة على تأدية خدمة خاضعة لها، على ما جرى به نص المادة (23 مكررًا) من قانون الضريبة العامة على المبيعات المضافة بالقانون رقم 9 لسنة 2005؛ ومن ثم فإن التسجيل الإجباري وفقًا للنص المطعون فيه، وما فرضه من أعباء على المسجل، وبما يؤدي إليه من خصم الضرائب التي سبق سدادها، على النحو المتقدم بيانه، إنما فرض لمواجهة تداعيات الازدواج الضريبي، واستهدف تنظيم المجتمع الضريبي وانضباطه، وإقامة التوازن بين مصالح الأطراف المختلفة، وقد أقره المشرع بقواعد عادلة مجردة في أثرها ومضمونها، ولا تقيم في مجال تطبيقها تمييزًا بين المخاطبين بأحكامها ممن بلغوا حد التسجيل المقرر قانونًا. كما أن الأهداف التي توخاها المشرع من تقرير هذا النص - من تحصيل الضريبة على مختلف الخدمات الخاضعة للضريبة العامة على المبيعات، باعتبارها أحد مصادر إيرادات الدولة - تتصل اتصالًا منطقيًّا ووثيقًا بالتنظيم الذي أتى به النص المطعون فيه؛ ومن ثم فإن قالة مناقضته لمبدأي تكافؤ الفرص والمساواة، بما يخالف المواد (4 و9 و53) من الدستور، تكون لغوًا.
وحيث إن ما ينعاه المدعون على النص المطعون فيه من إخلاله بمبدأ العدالة الاجتماعية؛ فإنه مردود بما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أن الضريبة بكل صورها، تمثل في جوهرها عبئًا ماليًّا على المكلفين بها، شأنها في ذلك شأن غيرها من الأعباء التي انتظمها نص المادة (38) من الدستور، ومن ثم يتعين
- بالنظر إلى وطأتها وخطورة تكلفتها - أن يكون العدل من منظور اجتماعي مهيمنًا عليها بمختلف صورها، محددًا الشروط الموضوعية لاقتضائها، نائيًا عن التمييز بينها دون مسوغ، فذلك وحده ضمان خضوعها لشرط الحماية القانونية المتكافئة التي كفلها الدستور للمواطنين جميعًا في شأن الحقوق عينها، فلا تحكمها إلا مقاييس موحدة لا تتفرق بها ضوابطها؛ ومن ثم كان منطقيًّا أن يلزم المشرع الدستوري الدولة بالارتقاء بالنظام الضريبي، وتبني النظم الحديثة التي تحقق الكفاءة واليسر والإحكام في تحصيل الضرائب، ونص في المادة (38) من الدستور على أن يحدد القانون طرق وأدوات تحصيل الضرائب والرسوم، وصولًا إلى تحديد المال المتخذ وعاء لها، والملتزمين بها أداء، والمكلفين بها تحصيلًا وتوريدًا.
وحيث إن الأصل في سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية ما لم يقيدها الدستور بضوابط معينة، وكان جوهر السلطة التقديرية يتمثل في المفاضلة التي يجريها المشرع بين البدائل المختلفة، لاختيار ما يقدر أنه أنسبها لمصلحة الجماعة، وأكثرها ملاءمة للوفاء بمتطلباتها في خصوص الموضوع الذي يتناوله بالتنظيم.
متى كان ما تقدم، وكان المشرع قد فرض بموجب ذلك النص المطعون فيه أحكام التسجيل الإجباري، إلا أنه أجاز إلغاء هذا التسجيل في حال فقد أحد شروطه التي يتطلبها القانون، وحال تقديم المسجل لخدمات أقل من حد التسجيل، وكذا في حال توقفه كليًّا عن مزاولة النشاط أو تصفية نشاطه، وذلك على النحو المنصوص عليه في المواد (9 و18 و22) من قانون الضريبة العامة على المبيعات، وفي الفصلين الخامس والسادس من لائحته التنفيذية. ومن جانب آخر، فقد أقام توازنًا بين حقوق المسجل والتزاماته، على نحو ما قررته المادة (23 مكررًا) من القانون ذاته، السالف بيان حكمها، وبهذه المثابة يكون المشرع قد انتهج مبدأً راعى فيه مصلحة المسجل، ولم يجاوز موازين القسط والاعتدال، وذلك كله بمراعاة أن الضريبة العامة على المبيعات، بحسبانها ضريبة غير مباشرة، يقوم المسجل بتوريدها، بعد تحصيلها من متلقي الخدمة، الذي يتحمل - وحده - بعبئها؛ ومن ثم فإن ما قرره المشرع بالنص المطعون فيه يكون قد التزم بالضوابط الدستورية الحاكمة لسلطته التقديرية في مجال فرض الضريبة، التي أوردتها المادة (38) من الدستور، سواء ما يتعلق منها بتنمية موارد الدولة المالية، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والتنمية الاقتصادية، محققًا التوازن بين مصالح الأطراف المختلفة، متخيرًا من بين البدائل أنسبها وأكفلها لتحقيق الأغراض التي يتوخاها لحصر المكلفين بتحصيل الضريبة من المستفيدين من الخدمة والإقرار عنها وتوريدها للمصلحة، وأكثرها ملاءمة لمعالجة المشكلات العملية التي تكتنف عمليات تحصيل الضريبة من المتلقين للخدمة مباشرة، ليضحى الادعاء بإخلال ذلك النص المطعون فيه لمبدأ العدالة الاجتماعية التي يؤسس عليها النظام الضريبي على النحو المنصوص عليه في المادة (38) من الدستور في غير محله، حقيقًا بالرفض.
وحيث إن الدستور القائم قد أعلى من شأن الضرائب العامة، وقدر أهميتها، بالنظر إلى خطورة الآثار التي ترتبها، وبوجه خاص من ناحية جذبها أو طردها لعوامل الإنتاج أو تقييد تدفقها، وما يتصل بها من مظاهر الانكماش أو الانتعاش الاقتصادي وتأثيرها بالتالي على فرص الاستثمار والادخار والعمل؛ لذا قد استحدث الدستور حكمًا لم تسبقه إليه الدساتير المتعاقبة، إدراكًا للآثار الجسيمة التي تحدثها الرجعية في مجال فرض الضرائب العامة؛ إذ نص في الفقرة الثانية من مادته الخامسة والعشرين بعد المائتين على أنه ولا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ومع ذلك يجوز في غير المواد الجنائية والضريبية، النص في القانون على خلاف ذلك بموافقة أغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب مما مفاده حظر سريان القوانين الضريبية بأثر رجعي حظرًا مطلقًا، على أن يكون سريانها - في جميع الأحوال - بأثر فوري ومباشر من تاريخ العمل بها.
متى كان ما تقدم، وكان المشرع قد فرض بموجب نص المادة (7) من القانون رقم 2 لسنة 1997 - المطعون فيه - الضريبة على المبيعات على خدمة الوساطة لبيع العقارات والسيارات، وقرر بصدر هذا النص سريانها بأثر رجعي اعتبارًا من 14/ 2/ 1994، ليصير تقريره على هذا النحو بعيدًا عن الموازين الدستورية لفرض الضريبة التي أوردها الدستور القائم؛ الأمر الذي يضحى معه صدر نص المادة (7) من القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 مخالفًا لأحكام المادة (225/ 2) من الدستور الحالي، مما يستوجب القضاء بعدم دستوريته.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 يسري بأثر فوري مباشر من تاريخ العمل به في 29/ 1/ 1997، وكان المشرع في نص المادة (7) من القانون المار ذكره قد حدد النشاط الخاضع للضريبة، وهو أعمال الوساطة لبيع العقارات والسيارات، كما عين وعاء الضريبة وسعرها المحدد بفئة مقدارها 10٪ من قيمة الخدمة، والتزم في ذلك القوالب الشكلية والأسس الموضوعية التي ينبغي أن تكون قوامًا لها من زاوية دستورية؛ فإن فرضها في هذا الإطار وحده يكون متفقًا مع أحكام الدستور. ولا ينال من ذلك ما نعاه المدعون على هذا النص من مخالفته للعدالة الاجتماعية، فإن ذلك مردود بأن المشرع يتوخى بالضريبة التي يفرضها أمرين، يكون أحدهما أصلًا مقصودًا منها ابتداء، ويتمثل في الحصول على غلتها لتعود إلى الدولة وحدها، تصبها في خزانتها العامة لتعينها على مواجهة نفقاتها. ويكون ثانيهما مطلوبًا منها بصفة عرضية جانبية أو غير مباشرة، كاشفًا عن طبيعتها التنظيمية، دالًّا على التدخل بها لتغيير بعض الأوضاع القائمة، وبوجه خاص من خلال تشجيع مزاولة بعض الأنشطة أو تقييد مباشرتها أو حمل المكلفين بها - عن طريق عبئها - على التخلي عن نشاطهم، وذلك كله في إطار أحكام الدستور الضابطة لها، وهو ما لم يخرج عليه النص المطعون فيه، في حدود نطاقه المتقدم، ولا يتنافى في ذلك مع مبدأ العدالة الاجتماعية، الأمر الذي يضحى معه ما ينعاه المدعون في هذا الشأن في غير محله حقيقًا بالرفض.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
أولًا: بعدم دستورية ما تضمنه صدر المادة (7) من القانون رقم 2 لسنة 1997 بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 من العمل بأحكامها اعتبارًا من 14/ 2/ 1994.
ثانيًا: برفض ما عدا ذلك من طلبات، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.